كاتب الموضوع :
منى لطفي
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: جوازة.. نت!!... رواية بقلمي/ منى لطفي...
الحلقة الثامنة:
نظرت نشوى الى الوجوه التي تطالعها هي ومنة بدهشة وتساؤل، وقالت برجاء وتوسل حتى انها كادت تبكي:
- منة أبوس إيدك اقعدي بس وانا هفهمك ، الناس بتبص علينا..
زفرت منة بحنق وجلست قائلة بحدة مفرطة:
- هي الناس هتبص وبس؟!، دا لسه الناس هتتفرج وتتكلم وتضحك كمان!!، انت اتجننت؟!، عريس مين دا ان شاء الله اللي انت فرحانة بيه اوي؟..
أجابت نشوى باستعطاف:
- مدحت!، اسمه مدحت... وعلشان خاطري اهدي وأنا هفهمك..
أجابت منة بحنق شديد:
- تفهميني ايه بس؟!، حد عاقل يا ربي يقول كدا؟، واحد تتعرفي عليه من الفيس بوك وعاوزة تتجوزيه؟، فين العقل في دا؟...
أجابت نشوى مقطبة:
- أنا مش فاهمه ايه وجه الغرابة في اللي بقوله؟، اتعرفت على مدحت عن طريق الفيس، زي ما كنت ممكن اتعرف عليه في الكلية او الشغل او النادي، الفيس دا سبب...، ايه اللي منرفزك كدا عاوزة افهم؟..
نظرت اليها منة بغير تصديق وكررت سؤالها:
- ايه اللي منرفزني؟، تابعت ساخرة بقوة:
- لا ابدا عادي، ثم تحدثت محتدة بجدية شديدة:
- علشان يا هانم لو كنت قابلتيه لأي سبب من الاسباب اللي انت قلتي عليها دي.. كان هيبقى سبب طبيعي وعادي وهتعرفيه الاول وتشوفي الحاجات اللي شدتك ليه، من الآخر مافيش حد فيكم هيرسم نفسه قودام التاني، لكن الفيس دا يا هانم عامل تمام زي غرام التليفونات بتاع زمان، لما كان الولد بيعلق البنت بمعاكسة تليفون!، الفيس مش هيخليكي تشوفيه على حقيقته، هيرسم لك احلى صورة عنه، ويعيّشك في دنيا تانية خالص، تقدري تقوليلي هتعملي ايه لما تطصدمي بالواقع؟!، لما تكتشفي أن كل كلامه ليكي دا كان وهم، وانه كان بيقولك الحاجه اللي انت نفسك تسمعيها؟!، انت ما شكّتيش ولو 1% ان كلامه مش صح؟، دا الفيس دا معروف انه الواحد يقدر يرسم له حياة تانية ويقابل بشر بـوِشّ غير وشّه الحقيقي، اذا كان الاسم بتاعه ع الفيس بيبقى مش حقيقي!، يعني مثلا ممكن يكون قاعد في اودة فوق سطوح ويقولك انا ساكن في فيلا في الرحاب مثلا؟، ممكن يكون عاطل ويقولك دكتور، ممكن يكون من غير أهل ويقولك أبويا عمدة ..، انت هبلة أوي كدا؟، أد كدا رغبتك انك تهربي من الحياة الباردة اللي انت عايشاها مع اهلك تخليكي ترمي نفسك في النار بإيديكي؟!..
أجابت نشوى بمرارة تقطر من بين أحرف كلماتها:
- تصدقي لو قلت لك مش فارقة؟، قاطعت منة التي همت بالكلام وقالت:
- اسمعيني يا منة..، انا فكرت في اللي انت قلتيه دا، بس انا اعرف مدحت من شهرين واكتر، الموضوع ابتدى اننا فانز في جروب ميكس، وبوستاته شدتني، وبعدين أترفع أدمنز في الجروب ، وكان بيعمل بوست ثابت اسمه حياتي، البوست دا كل مرة بيناقش موقف من حياتنا اليومية، واحيانا بيعرضوا مشاكل، اللي حصل انى كنت مخنوقة وباعت له قلت له انا عاوزة اتكلم وبس، وفعلا اتكلمت معاه، طبعا كله شات، كنت عاوزة أفضفض وبس، سمعني وقاللي كلام ريحني، ومن هنا شوية بشوية علاقتنا ابتدت تقوى، انا عرفت انه خريج تجارة انجليش ومعاه كورسات كتير في الكمبيوتر ولغات كمان، وبيشتغل في شركة استيراد وتصدير بس عاوز يسافر برّه، علشان يشتغل ويحضر دراسات عليا، عجبني طموحه ، وفي نفس الوقت انسان متفهم اوي، انا ما حاستش انه كداب بصراحه، وبعدين تقدري تقولي انها مقامرة يا صابت.. يا خابت!، لو صابت يبقى أنا الكسبانة...
قاطعتها منة بسخرية:
- ولو خابت يا فالحة؟، ... نظرت اليها نشوى بحزن وأجابت بابتسامة أسى تلون شفتيها الكرزتين:
- عادي يا منة.... مش هخسر كتير، ما انا خسرت في حياتي كتير لغاية ما خلاص اتعودت على طعم الخسارة...
نظرت اليها منة بأسى وقالت:
- بس للأسف يا نشوى، الخسارة المرة دي هتكون أكبر من أي خسارة تانية!، المرة دي لو خسرتِ.... هتخسري نفسك!!..
شردت نشوى في كلام منة التي سألت ببرود:
- والاستاذ هيتقدم لأهلك امتى ان شاء الله؟....
أجابت نشوى بصوت منخفض:
- هنتقابل انهرده ونحدد!!...
أومأت منة برأسها ثم ما لبثت فجأة وهي تصيح بذهول:
- تتـ....ايه؟، تتقابلوا؟، انت اتجننت اكيد؟،،
حركت نشوى يدها أمام منة وهى تقول بتوسل:
- وطي صوتك أبوس ايدك، ايه بس اللي مضايقك؟، هنتقابل عادي، وفي مكان عام، مش هينفع نتكلم ونتفق لا.. فون ولا.. شات!...
هزت منة رأسها وقالت بجدية مفتعلة وهي تشيح بنظرها بعيدا:
- آه فعلا، مش هينفع لا فون ولا شات!!،...ثم سلّطت نظراتها على نشوى وقالت بابتسامة صفراء:
- وانت يا نشوى ما شوفتيهوش قبل كدا؟
أجابت نشوى باضطراب وهى تتحاشى النظر الى منة فهي تعلم أن منة على شفا ارتكاب جريمة فيها:
- لا.... شوفته!،.....، لعبت بأصابعها مشبكة اياهم تارة ومفلتة لهم أخرى وتابعت:
- اتكلمنا.. كام..( كاميرا ).. كذا مرة!!...
كادت منة أن تصرخ ولكنها سارعت بوضع يدها على فمها، ونظرت الى نشوى قليلا وهى تهز قدمها بعصبية شديدة قائلة بحدة:
- ماشي يا نشوى .... انا مش هقولك حاجه، اظن انك كبيرة كفاية وعارفة مصلحة نفسك كويس، انا هقوم...،
امسكت نشوى بيد منة ما ان وقفت الاخيرة ونظرت اليها برجاء حار قائلة وهي تقضم شفتها في توتر واضطراب ملحوظ:
- لا يا منة علشان خاطري ما تسيبينيش، أنا...أنا اتفقت انا ومدحت اننا نتقابل هنا انهرده وهو زمانه على وصول، مش هقدر اكون لوحدي، عاوزاكي معايا، علشان كدا اديته المعاد هنا!!...
ارتمت منة جالسة الى مقعدها بذهول وقالت بدهشة حادة وغير تصديق لما سمعته:
- انت... انتِ بتقولي ايه؟، اللي اسمه مدحت دا... جاي دلوقتي؟، أومأت نشوى ايجابا، وما إن همت منة بالكلام حتى قاطعها رنين هاتفها المحمول فرفعته ليطالعها اسم سيف يزين الشاشة، اغمضت عينيها قليلا ثم فتحتهما مستنشقة نفسا عميقا، محاولة التماسك كي تستطيع الاجابة على سيف بهدوء، فتحت الخط وبعد السلام بادرها سيف قائلا:
- انت لسه مع نشوى يا منون؟، أجابت منة:
- ايوة يا سيف، احنا بنتغدى دلوقتي، وشوية كدا وهنروّح....
بعد أن علم منها اسم المطعم قال بينما يحاور أحدى السيارات المارة بجانبه:
- لا حبيبتي...، انا جنب المطعم اللي انتو فيه، استنيني ما تمشيش مع نشوى، انا هفوت عليكي أوصّلك وبالمرة فيه حاجه عاوز اقولك عليها!!..
فتحت منة عينيها على وسعهما هلعا وقالت بينما تطالع نشوى بذهول واضح:
- إنت ايه؟، اعاد سيف حديثه فحاولت منة التنصّل من العودة برفقته قائلة بضحكة وهمية:
- لا أصلك مش عارف، احتمال نلف شوية على المحلات، فيه مول فتح جديد جنبنا هنا عاوزين نشوفه!!..
كادت منة تبكي وهى تتحدث لسيف بينما تطالع نشوى في غيظ وقهر، أجابها سيف ضاحكا ما جعل الدم يهرب من وجنتيها:
- ولا يهمك حبيبتي، هاجيلك ولفِّي انت وصاحبتك براحتكم وانا هستناكي في أي كافيه هناك، خمس دقايق بالكتير وهكون عندك!!..، وأغلق سيف الهاتف تاركا منة تطالع في محمولها وقد ارتسم الوجوم على ملامحها، قالت نشوى في تساؤل :
- فيه ايه يا منة؟، سيف عاوز ييجي ولا ايه؟..، لتطالعها منة بدهشة مجيبة بحيرة وخوف مما هو آت:
- سيف جاي، خمس دقايق ويبقى هنا، يعني هيشوف ....، لتقاطعها نشوى هاتفة:
- مدحت!!، انتبهت منة لترى نشوى وهي تشير بيدها ، فاستدارت مستفهمة لمن تشير له نشوى خلفها، فطالعتها قامة طويلة، اقتربت شيئا فشيئا حتى وقفت بجوار طاولتهما ومال صاحبها عليها قائلا بابتسامة مرسومة:
- ازيك يا نشوى، وقفت نشوى مصافحة اياه، بينما منة نقلت نظراتها بينهما وهي تقول في سرها:
- احلوّت!....
نظرت نشوى الى منة وقالت وهى تقوم بالتعارف بينهما مشيرة الى مدحت:
- منة ..أقدم لك مدحت، ثم اشارت الى منة قائلة:
- منة صاحبتي وأكتر من أختي كمان!!، مد مدحت يده مصافحا وهو يقول بابتسامة:
- تشرفنا يا آنسة منة..
نظرت منة الى يده الممدودة ثم رفعت نظراتها اليه قائلة ببرود:
- شكرا، بس آسفة... ما بسلّمشِ..
أعاد مدحت يده بينما تكلمت نشوى محاولة اضفاء المرح الى صوتها لإزاحة موقف منة البارد جانبا من ذهن مدحت:
- بس انت جاي في معادك تمام، الواحد يظبط عليك ساعته بقه بعد كدا؟!...
أشار مدحت لها بالجلوس بينما لم تكن منة قد قامت للترحيب به من البداية بل مكثت جالسة في مكانها وعيناها زائغتان بين مدخل المطعم وساعتها وهي تتحين الفرصة للاستئذان والانصراف، فهي لن تستطيع الجلوس برفقتهما، أما نشوى فهي من رتب الموعد مع هذا الـ.... مدحت دون الرجوع اليها وبالتالي هي غير مُجبرة على الجلوس معهما!!...
كان مدحت يوجه الحديث الى منة الشاردة، فكررت نشوى كلام مدحت وهي تحاول جذب انتباه منة:
- منة.. مدحت بيسألك .. تحبي تشربي ايه؟،..انتبهت منة وقالت بينما نظرها مثبت على المدخل:
- ها...، لا مالوش لزوم شكرا، انا هضطر أقوم...، لتبتر عبارتها ما ان طالعتها هيئة سيف وهو يتلفت يمينا ويسارا يجوب المطعم مفتشا عنها بين الرواد بعينيه، همست في سرها بوجل:
- جالك الموت يا تارك الصلاة!!، ياللا... هي بايظة بايظة....، لتصطدم عيناها بعيني سيف الذي سار باتجاهها وابتسامة عريضة ترتسم على وجهه بدأت تخبو ما ان اقترب من طاولتهما ولاحظ وجود رجل غريب برفقتهما حتى غابت كليّة ليحل بدلا منها تقطيبة عميقة ونظرات.....شكٍّ وريبة!!...
**************************************************
|