كاتب الموضوع :
منى لطفي
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: جوازة.. نت!!... رواية بقلمي/ منى لطفي...
في الصباح الباكر إستقلت منة ووالدتها القطار في طريق عودتهما، وأرسلت منة رسالة قصيرة الى سيف تبلغه فيها بركوبهما القطار كما طلب منها، ثم أغلقت هاتفها، رافضة التحدث اليه، فقد آن الأوان لسيف عبدالهادي بأن يعلم بعض الأمور الهامة عن منة عبدالعظيم وأوّلها..... أن لا يحاصرها كمحاصرة الدجاجة بغرض الإمساك بها!، وطالما قد حُدّد معاد الفرح، فلا بد لهما من إرساء قواعد للتعامل في حياتهما المقبلة، كي لا يصطدما في أول حياتهما سوية، غيرته القويـَّة مع...عنادهـا الشديييد!!..
كان سيف في انتظارهما في محطة وصول القطار، تفاجئت منة بوجوده، بعد أن تبادل السلام والتحية معهما ، قام بوضع حقيبتيهما في حقيبة سيارته ثم فتح الباب الأمامي لأم منة والتي قالت متطلعة الى منة بابتسامة:
- لا.. دا.. مكان مراتك هي اللي تقعد جنبك، أنا هقعد ورا،...لتسارع منة بالركوب في الخلف وهى تقول:
- بقولك ايه يا ماما، انت رجليكي وجعاكي، اركبي يا ماما اركبي، بلا.. مراتك،... حماتَك.. هي اللي تقعد قودام!!، ناظرة اليه بتحد جعله يكتم لعنة كادت تفلت من بين شفتيه، صعدت أم منة الى السيارة، ونظرت الى سيف الذي يكاد يستشيط غيظا ولكن كبت غيظه بابتسامة مرسومة مزيفة، وصعد هو الآخر الى مقعد السائق، وانطلق سيف محركا السيارة باتجاه منزل منة...
لم تلتفت منة اليه طوال الطريق، وكانت لا.. تشارك في الحديث الدائر بينه وبين والدتها الا اذا وجّه أحدهما اليها سؤالا، فقد تذرّعت برغبتها بالنوم، وألقت برأسها الى مسند المقعد خلفها، مغمضة عينيها، لترحل بالفعل في سبات عميق، فهي لم تذق النوم بالأمس، حيث خاصم النوم جفنيها، وظلت ساهرة تفكّر في حياتها المقبلة مع سيف، وكيف تُحِد من غيرته الجنونية وحب التملك القوي لديه، بينما طالعها سيف في مرآة السيارة الخلفية بنظرات متوعدة لتجاهلها له منذ مكالمتهما الهاتفية آخر مرة!!....
شعرت منة بشيء يداعب بشرتها الحليبية، فأزاحته بيدها جانبا وهي تأفف من تلك الحشرة المزعجة التي أقلقت نومها!، ليعود ذاك الشيء لمضايقتها ثانية وبإلحاح مستفز!،..... رمشت منة بعينيها وهى تتذمر قائلة باعتراض واهن أضعف من مقاومة ذاك المتواجد بالقرب منها مطالعا إياها وكأنها الأميرة النائمة متلهفا لإيقاظها بقبلة!، همست بصوت ضعيف:
- يوووه، هش.. هش،... لتدغدغ أذنيها ضحكة رجولية خشنة، فتحت منة عينيها دهشة، ليقعا على عينين في لون الليل البهيم يطالعانها بشغف جعل الدم يسيل في أوردتها كالعسل الدافيء، ولم تلبث أن انتبهت لتواجدها في سيارة سيف القابع امامها يداعبها بعينيه، اعتدلت في جلستها ونظرت حولها قبل أن تستفسر وعيناها تفتشان هنا وهناك عن والدتها:
- ايه دا.. احنا وصلنا البيت؟،...، ثم طالعته بإتهام يموُر في عينيها اللوزتيْن وتابعت بلهجة لوْم:
- ما صحتنيش ليه؟،... انتبهت الى المنديل الورقي الذي يحمله بيده فضيّقت عينيها مواصلة هجومها:
- آه، كان حلو انك تضايقني رايح جاي بالمنديل على وشّي صح؟، كان عجبك الموضوع مش كدا؟...
أجابها سيف وهو على وضعه المائل ناحيتها حيث كان نصف جسده داخل السيارة والنصف الآخر خارجها، فهو لم يستطع ايقاف نفسه وهو يراها تغط في سبات عميق، فساعد والدتها على الصعود الى أعلى قائلا لها أنه سيلحق بها جالبا حقائبهما بعد أن يوقظ منة، فانصرفت امها بهزة من رأسها مشددة عليه أنه سيتناول معهم طعام الغذاء....
أجاب سيف غامزا اياها بخبث:
- ما هو يا كدا، يا اما كنت هصحيكي تمام زي الاميرة النائمة!، وعلشان احنا في الشارع ما عملتهاش... أي نعم الشارع هادي ومحدش موجود دلوقتي لكن بردو، دا بدل ما تشكريني انى طلعت محترم وما انتهزتش الفرصة؟!، أجابت ساخرة بشُكر مزيّف:
- طاب يا سي... محترم!، ممكن تبعد بقه علشان أنزل؟!...، أجاب سيف ببراءة مزيفة:
- ما تنزلي، هو انا حايشك؟، ما انا بعيد أهو...، انا جيت جنبك؟، ولا هي تلاكيك وخلاص؟!..، مش فاهم أنا والله؟!..
سكتت منة ناظرة اليه بنصف عين وهي ترغي وتزبد بداخلها، ثم قالت بهدوء مصطنع من بين أسنانها المطبقة بقوة:
- هنزل، بس ابعد انت بس شوية، انا تخينة يا سيدي ... قُلت ايه؟، مش عارفة أنزل من النص شبر دا؟،مشيرة الى المساحة الضيقة التى لا تمرر عصفورا بجانبه، ...أطلق سيف ضحكة عميقة، وانتصب واقفا وهو يقول:
- ماشي يا منة هانم، اتفضلي يا دبدوبة التخينة!..، ما ان أفسح لها حتى خرجت مسرعة من السيارة، واعتدلت أمامه واقفة قائلة بحنق:
- ولما أنا دبدوبة التخينة اتجوزتني ليه؟، لم تترك له مجالا للرد وهمّت بالسير لتلتف يده حول معصمها جاذب إياها لتقف أمامه ووجهه على بعد بوصات قليلة منها وأجاب ونظراته تشيع الفوضى في جميع حواسها:
- علشان بحبك وبموت فيكي، تخينة بقه ... رفيّعة،.. طويلة .. قصيّرة،... مش مهم!، المهم إنك منة حبيبتي وخلاص!!، إضطربت من نظراته المغازلة وابهامه الذي يداعب ظهر يدها مثيرا فيها أحاسيس شتى، وأجابت محاولة الهرب بنظراتها من أسر عينيه المشتعلتين:
- طيب، ممكن بقه أمشي؟، ماما اكيد مستغربة دلوقتي أحنا ليه ماحصلنهاش؟، قال سيف بابتسامة جانبية وهو مستمر في مداعبته ليدها الناعمة كيد مولود صغير:
- لا.. مامتك عارفة ان ورانا مشوار هنعمله الأول، على فكرة انا معزوم ع الغدا عندكم انهرده....
قطبت منة بحيرة سائلة:
- تشرّف، انما.. مشوار ايه؟!، وفين المشوار دا؟، أجاب سيف وهو يبتعد عنها ليفتح باب السيارة الامامي داعيا ايّاها للجلوس بجواره:
- هتعرفي دلوقتي، ممكن تدخلي بقه علشان نلحق مشوارنا، انا انهرده واخده اليوم كله أجازة علشان نخلص المُهِّمة دي!!..
انطلق سيف بالسيارة وبعد قليل أعادت منة سؤالها لسيف عن وجهتهما عندما أجابها بتلقائية:
- رايحين نشوف الشقة.. علشان ننزل نختار العفش!...
صمتت منة قليلا لتستوعب عبارته، ثم سألت بدهشة:
- شقة ايه؟،...، أجابها سيف وهو يلقي إليها بنظرة خاطفة قبل أن يعيد انتباهه الى الطريق:
- شقتنا يا مُنايا..هتكون شقة ايه يعني؟، شهقت منة واجابت:
- إيه؟، شقتنا!!... نروح نشوف شقتنا أنا وانت بس؟!!، وماما وافقت؟!،... قطب سيف واجاب بابتسامة حائرة وهو يسترق اليها النظر:
- آه وافقت!، ولعلمك أنا أخدت إذن عمي الأول كمان وهو موافق!، مستغربة ليه مش فاهم أنا!!!....،... أجابت منة بامتعاض واضح ولكن بجدية شديدة:
- علشان مينفعش!، سيف... ممكن تروّحني؟، أنا مش هشوف شقق معاك لوحدنا....
أوقف سيف سيارته فجأة لدرجة أن عجلاتها قد أصدرت صريرا عال وهو يضغط على مكابح السيارة بشدة حتى كادت منة أن تضرب برأسها في الزجاج الأمامي ولكن أنقذها حزام الأمان، نظرت اليه منة باستنكار تام وهمّت بالصراخ فيه عندما أوقفها تعبير وجهه السوداوي وهو يطالعها بنظرات غضب ناري يتصاعد بقوة بين فحم عينيه المشتعل وقال بصوت كالفحيح بينما ينفث نارا من فمه:
- نعم؟، سمّعيني تاني كدا؟، وكرر عبراتها التي أشعلت نيران غضبه :
- مش عاوزة تشوفي شقتك معايا لوحدنا؟....، لم يترك لها الفرصة للاجابة وبدلا من ذلك تابع بغضب شرس:
- ليه أن شاء الله؟، شايفاني أيه قودامك؟، باباكي ومامتك لو ما كانوش واثقين فيا ما كانوش وافقوا عليّا زوج لبنتهم من الأساس!!، عموما ولا يهمك يا منة...، وكما أوقف السيارة بغتة، أدار المحرك منطلقا بها بسرعة عالية ضاغطا بقوة على دواسة البنزين مما جعلها تتمسك بمقعدها جيدا وهى تختلس اليه النظرات برهبة، فهذا الوجه من سيف لم تختبره سابقا، كان سيف عاقدا لحاجبيه بقوة، ويعتلي وجهه تعبير غضب أسود لا يريد أيّ كان اختباره، عضّت منة طرف لسانها وقد شعرت بالذنب لإغضابه، ولكنها شعرت بالخجل والرهبة لانفرادهما تماما في منزله، وحاولت الحديث بتردد وخشيّة:
- سيف... سيف أرجوك ما تزعلش منّي، أنا..أنا.. ما كانش قصدي اللي فهمته..أنا...،.... لتقاطعها يده التي رفعها أمامها، آمراً اياها بالسكوت، وتحدث من دون أن يعيرها إلتفاتة وبجمود تام:
- خلاص يا منة... اقفلي ع الموضوع دا...، أجابت منة برجاء وقد بدأت الدموع تترقرق في مقلتيها :
- لأ.. مش خلاص يا سيف، مش عاوزاك تزعل مني، أنا...أنا.... آسفة يا سيف... آسفة، ليتهدج صوتها وقد غلبتها دموعها التي انهمرت كالسيل على وجنتيها المرمريتين، وهي تشهق بغصات بكاء حار جعلت سيف يرنو اليها بنظره، ليراها منهارة في نوبة بكاء حاد، أطلق شتيمة من بين أسنانه، ثم ألقى بنظره في المرآة الجانبية، قبل أن يعطي أشارة أنتظار، ليقف بالسيارة تماما الى جانب الطريق..
التفت اليها وقال عاقدا جبينه آمرا اياها بالتوقف عن البكاء:
- ممكن تبطلي عياط؟!، ، ثم باستخفاف وسخرية غير مقصودة تابع:
- مافيش حاجه حصلت للعياط دا كله!...، رفعت منة عينين سابحتين في بركة من الدموع وقالت بصوت متقطع من بين شهقات بكائها العنيفة وهى تمسح عينيها بظهر يدها فغدت كالطفلة الحزينة بعينيها الدامعتين:
- انت... انت ... زعلان منّي، وأنا ..أنا آسفة..، ما اقصدش المعنى اللي جِه في بالك والله!..بس ...أنا ..كنـ...كنت...، ،زمجر سيف حانقا وأحلّ حزام الأمان الخاص بالسائق وسط لعنة مكبوتة انطلقت بهمس منخفض من بين شفتيه المطبقتين ليجذبها بقوة بين أحضانه وهو يحل حزام الأمان الخاص بها ، وقد احتواها بقوة بين ذراعيه لتنخرط في نحيب حار يقطع نياط القلب بينما سيف يهدهدها مربتا على ظهرها وهو يهمس لها بكلمات صغيرة أن تكف عن البكاء، بعد فترة بدأت نوبة البكاء التي أصابت منة بالانحسار وان كانت لا تزال شهقاتها تنتابها بين لحظة وأخرى، انتظر سيف الى أن هدأت تماما ثم خاطبها بخفوت قائلا:
- خلاص .. هديتي؟،، لتوميء برأسها ايجابا، تناول سيف محرمة ورقية من صندوق المحارم أمامه، وناولها اياها ، تناولتها منة ومسحت وجهها الغارق في دموع الألم لإغضابها سيف، قالت منة وهى تطالعه بتوسل أن يفهمها:
- انا....آسفة يا سيف، ما قصدتش خالص المعنى اللي جِه في بالك انى مش واثقة فيك، كل الحكاية إني...، وأسدلت جفنيها خفرا متابعة:
- إني... مكسوفة،.. مش اكتر...،.. همّت ابتسامة حانية بشق طريقها الى وجه سيف، عندما انتبه فقال بعتاب وقد فارقه غضبه من هذه الطفلة القابعة أمامه في ثوب إمرأة فاتنة :
- وهي دي أول مرة نكون فيها لوحدنا؟، ما انا كل ما بزورك بقعد معاكي لوحدنا!!، قالت منة وهى تهرب بنظراتها جانبا قاضمة بأسنانها شفتها السفلى بتوتر كعادتها:
- بس.... بيكون ماما وبابا موجودين، لكن.....مش بنكون لوحدنا كدا...خالص...،، نهرها سيف بصوت أجش بينما عيناه تراقبان فمها المضطرب وأسنانها الصغيرة التي لا تزال تقضم شفتها المكتنزة:
- قلت لك 100 مرة قبل كدا بطّلي الحركة بتاعتك دي،.. رفعت عينيها بدهشة ناظرة إليه بحيرة وتساؤل عن مقصده بنظرات أخذت بقلبه، لم يمهلها الكلام فقد فرغ صبره ومال عليها متناولاً فمها في قبلة حارة عميقة وقد أثاره منظر شفتها السفلى المنتفخة من كثرة قضمها لها بأسنانها اللؤلؤية!!.....
تركها بعد فترة طويلة وهى تعبّ من الهواء، بينما احتضنها بشدة راغبا في دفنها بين أضلعه كي لا تبتعد عنه ثانية واحده، وتحدث بهمس أجش:
- أنا عايزك تكوني متأكده من حاجه واحده...، أبعدها عنه قليلا ناظرا الى عينيها الذابلتين لكثرة الدموع التي ذرفتها، بينما شفتيها متورّمتيْن تحملان أثر قبلاته اللاهبة لها وكأنه قد دمغهما بصك ملكيته الخاصة ، وتابع بهمس جاد:
- أنا مش ممكن أأذيكي، وهحميكي حتى من نفسي!، عهد عليّا يا مُنايا انى عمري ما هكون سبب لحزن يدخل قلبك ، أو دمعة أسف تنزل من عينيكي...، ابتسمت منة وهمست له بحب قبل أن تلقي بنفسها بين أحضانه الدافئة:
- وأنا مصدقاك، وواثقة فيك، وهمشي وراك وأنا مغمضة من غير خوف ولا قلق،.... ليحتويها بين ذراعيه وهو يسأل بمزح خفيف:
- أعتبر دا وعد؟....،... ابتسمت منة وأجابت دافنة وجهها في صدره العريض مستنشقة رائحة العطر الرجولي الخاص به الممتزج برائحته الخاصة والذي يداعب أحاسيسها بعبيره المثير الجذاب:
- وعد!!....
لتعلم خطأ وعدها ذلك بعد مدة قليلة ما أن دخلا منزل سيف لمعاينته!!،،،.. حيث أرهقها بالركض خلفها بين غُرف المنزل المختلفة، وهي تصرخ ضحكا وخوفا بينما يلاحقها من مكان الى مكان متوعدا إيّاها ما أن تقع في قبضته!!...
وقفت منة حول طاولة الطعام المستديرة وقد خلعت حجابها بناءا على طلبه ما ان دخلا الشقة كي تحرر شعرها قليلا فهي ترتدي الحجاب منذ ما يزيد عن ست ساعات، وقفت واضعة يديها حول خصرها تطالع سيف بنظرات حنق مفتعل، بينما يقف سيف على الناحية الأخرى من الطاولة يطالعها بنظرات خبث وابتسامة مكر تزين ثغره وسمعها تقول بنزق:
- بقولك ايه.... انا شفت الشقة كويس أووي، كفاية بقه..، خلينا نمشي!!، قال سيف بمكر وهو يحاورها محاولا التقدم اليها من ناحية اليمين لتتأهب متخذة وضع الاستعداد للفرار من الناحية الأخرى:
- لسّه أهم أوضة ما شوفتهاش....أوضة النوم !!، وانقض عليها لتطلق صرخة عالية وهى تهرب منه مجيبة:
- لا.. يا باش مهندس...شكرا، مين قالك إني هنام في أوضة؟، أنا هنام في الصالة حضرتك....، وركضت وسط صرخاتها الضاحكة، وهو يحاول الامساك بها، ركضت منة حيث غرفة الجلوس وقذفت حذائها الصيفي المسطّح جانبا من قدميها الصغيرتين، لتقفز فوق الآرائك المنتشرة بصورة عشوائية، ولم يكن سيف بأقل منها جنونا،فقام بنزع حذائه هو الآخرملاحقا لها بلا هوادة، حتى عثرت أثناء ركضها لتقع من فوق احدى الارائك على السجادة السمكية المفروشة فوق الآرض الخشبية، وهدأت واستكانت تماما!!، ما جعل سيف قلبه يقرع بخوف، وهو يتقدم منها وقد هوت على وجهها،..
قال وهو يمد يدا خائفة مزيحا الشعر المحيط بوجهها رافعا اياها قليلا مديرا لها ناحيته رافعا كتفها بذراعه وهو يناديها بقلق واضح:
- منة..، منة حبيبتي، طرق وجهها بخفة بأصابعه مواصلا ندائها بصوت أعلى قليلا ولكن بإلحاح قوي هذه المرة وهو يناشد عينيها المسبلتين أمامه بالنظر اليه:
- منة .. ردي عليا.. منة...، لتباغته بفتح عينيها فجأة والنظر اليه هاتفة بابتسامة مشاغبة:
- عاوووو!!، كاد سيف أن يخنقها قهرا وغيظا بينما احاطها بذراعه الآخر مكررا بنزق من بين أسنانه:
- عاوووو؟!، ضحكت منة وقالت وهى تعتدل في جلستها الشبه راقدة بين ذراعيه وسط ضحكتها العريضة الساخرة:
- عليك واحد....، قال سيف متمتما من بينى أسنانه وهو يشد عليها مقربا اياها منه:
- عليّا واحد!!، طيب....أنا بقه هورّيكي أزاي هيبقى عليكي إنتي.. واحد .. اتنين.. تلاته... أربعه!!!، قالت بضحك صاخب وهى تحاول الفكاك من أسر ذراعيه الفولاذيتين مديرة رأسها من جهة لأخرى:
- لا لا لا ..، سماح يا أهل السماح، عيّل وغلط، وانت الكبير يا كبير...،
أجاب سيف محاولا تقبيلها بينما تهرب من محاولاته باستبسال قوي:
- لا مين اللي قال كبير؟، أنا معاكي صغير وأعيَل منك كمان، ليقتنص شفتيها في قبلة حارة أودعها كل ما يعتمل في قلبه من مشاعر جيّاشة خاصة بها وحدها...
في وقت لاحق وأثناء تناولهما طعام الغذاء الذي ذهب سيف لشرائه بينما انشغلت منة بترتيب الفوضى التي أشاعاها أثناء لهوهما بالركض وراء بعضهما، وكان قد اعتذر لوالدتها عن تناول الغذاء لرغبته في دعوة منة لتناول الغذاء بالخارج، فقبلت والدتها اعتذاره ببهجة لكرم زوج ابنتها الواضح الذي لا تمر مناسبة الا وقد أحضر هدية لمنة أو دعاها لتناول الطعام خارجا، ولهث لسانها بالدعاء الى الله أن يحفظ عليهما سعادتهما وأن يتمم لهما زيجتهما على خير...
نظر اليها سيف في جلستهما المريحة على الأرض وصناديق البيتزا المفتوحة تفوح منها رائحتها الشهيّة بينما يتناولان قطع البيتزا الساخنة بشهيّة قوية، قال سيف باهتمام:
- ايه رأيك ننزل بكرة نشوف العفش؟... ابتعلت منة لقمتها وقالت وهى تنظر اليه بطبيعية بينما تمسح باصبعها فتات الطعام حول فمها:
- بكرة مش هينفع... خليها كمان يومين..، بكرة نشوى عاوزاني معاها..
قطب سيف ووضع باقي قطعة البيتزا في صندوقها الكرتوني أمامه وقال سائلا:
- نشوى عاوزاكي معاها؟، في حاجه ولا ايه؟، رفعت منة كتفيها علامة الجهل وأجابت ببراءة :
- معرفش، لكن قبل ما أسافر اسكندرية قالت لي انها عاوزاني في موضوع ووعدتها إني اول ما أرجع هفضى لها، وامبارح كلمتني ولما عرفت انى راجعه انهرده رتبت معايا معاد لبكرة...
سأل سيف بغموض وقد فقد شهيته للطعام تماما:
- هيبقى معاكى ايناس وسحر طبعا!!،
أجابت منة نافية ما جعل تقطيب سيف يشتد:
- لأ... انت عارف ان علاقة ايناس وسحر مع نشوى عادية، هي عاوزاني لوحدي!!..
أجاب سيف بحسم:
- منة أنا مش عاجبني الموضوع دا، من الآخر قلقان، انت شايفة طريقة نشوى متحررة أوي ازاي،.. أنا مش مرتاح لصداقتك معاها..
لم ترغب منة بالشجار مجددا وبدلا من ذلك حاولت تغيير الموضوع قائلة:
- ما تقلقش يا سيدي قال يا خبر بفلوس...، صحيح ما قلتلكش ان ايناس كلمت باباها ومامتها وهينزلوا في خلال أيام بعد ما أخدوا اجازة من المستشفى اللي هما شاغلين فيها في الخليج علشان احمد يتقدم لها رسمي؟، أشرقت أسارير سيف وعلّق قائلا:
- بجد؟، ممتاز...، بس غريبة أحمد ما قاليش يعني؟!،
لتطلق منة ضحكة مستمتعه وهى تقول ملاعبة حاجبيها بشقاوة محببة:
- لأنه لسه ميعرفش، ايناس لسه عارفة امبارح بس وانا أول واحده قالت لي، تقريبا هتلاقيها بلّغت هي أحمد انهرده وبما انك ما روحتش الشغل فماتعرفش....
انتبه سيف لرغبتها في تغيير موضوع نشوى فسايرها قائلا:
- احمد انسان ممتاز.. ايناس مش هتلاقي زيّه، ثم أكمل بغرور وثقة وهى يغمزها ضاحكا:
- تمام زيي كدا، انت كمان مش هتلاقي زيي، ولسبب بسيط جدا اني مش هديكي الفرصة انك توربي لا شمال ولا يمين!!...،نظرت اليه منة بسخط مفتعل وقالت وهى تقف:
- هه.... يا عم الغرور ارحمنا شوية، ياللا حضرتك تعالى ننضف مكاننا علشان تروحني، ولا انت خاطفني انهرده..
وقف سيف بجوارها ومال عليها قاضما شحمة أذنها بأسنانه المصفوفة بانتظام متقن:
- يا ريت بصراحه، نفسي أخطفك في مكان ما حدش يعرف لا يوصلك ولا يلمحك فيه حتى..
نظرت اليه منة مصطنعة الخوف قائلة:
- يا ماماااااا!!، وركضت وهى تحمل صندوقي البيتزا يلحقها سيف بأكواب المياه الغازية...
************************************************
|