بسم الله الرحمن الرحيم
الجزء الثالث.
-
وقد ألقاك في سفرٍ
وقد القاكَ في غُربه ,
كلانا عاشَ مشتاقًا
وعاند في الهوى قلبه !
*فاروق جويدة
-
-
فرنسا – باريس
الثانية مساءً
انزلت كوبَ القهوةِ وسألت الخادمة
: الم تستيقظ دارين ؟
ابتسمت الخادمة وانحنت اليها
: استيقظت منذ وقت , ولا تريد ان تراكِ
ابتسمت ابتسامةً جانبية
: هذه الفتاة تُذنب وتعلمُ انّها مذنبة
نهضت من مكانها وصعدت الى غرفة دارين
طرقت الباب بخفّة
لتختبئ دارين فورًا تحت لحافها وتتظاهر بالنّوم
دخلت وجْد ومن خلفها الخادمة
قالت وجْد بزفرة
: اذًا دارين نائمة منذ مساء الأمس ؟
أجابتها الخادمة وهي تحبسُ ضحكتها
: نعم سيّدتي
التفتت اليها وجْد وعقدت حاجبيها
: اخشى ان تكون مريضة !
: ربَما سيّدتي
اقتربت منها وجلست بجانبها
مسحت على شعرها ونادتها برفق
: دارين , دارين قومي وش فيك
حبست دارين انفاسها
لتبتسم وجْد
رفعت كوب الماء
وسكبته على وجه دارين ببطء
لتشهق دارين وتعتدل في جلستها
صرخت بفزعٍ وهي تمسح وجهها
ابتسمت وجْد وهي تنظرُ اليها
قالت دارين غاضبة
: عساك سالمة !
رفعت احدَ حاجبيها
: طيّبة الحمد لله ما فيني شي
تأفّفت دارين , وتعكّر مزاجها
قالت وجْد بحدّة
: ولا مرّة منعتك تطلعين من البيت , ولا مرّة
لم تجبها دارين , لتتابع وجْد
: وطلعتي امس بدون علمي وبدون ما تعطين خبر لأحد وفوقها ما تردّين على اتصالاتي , هذا تصرّف غير مسؤول , كنت في وسط ناس وخلّيتني اقلق وانحاس عشان اتطمّن عليك
قالت بزفرة
: وجْد ماني بيبي , انتي بعمري كنتي بديتي تسافرين لحالك
نهضت وجد وقالت بحزم
: لا تقارنين بيني وبينك , انا عطيتك حرّيتك وما قيّدت مصاريفك , احترمي حدودي عشان لا افرض عليك اكبر منها , انا لي اسم ووزن بدنيا الأعمال , وياما شركات ومنافسين خسروا قدّامي , وحقد الكبار والواصلين يخوّف , وش اسوّي بنفسي اذا آذوني فيك ؟
قالت دارين متذمّرة متمرّدة
: ما راح احبس نفسي عشان خاطرك
رفعت وجْد صوتها بحدّة
: انا نذرت عمري كلّه لك , وللحين احميك , وانتي ما تبين تفكرين بنفسك حتّى بس لأنّ هالتفكير بسببي ؟
اشارت اليها باصبعها بحزم
: راح نسافر دبي نهاية الاسبوع , غير طلعتنا للمطار ما لك طلعة , وفي دبي ما راح تاخذين غير دروس الفروسية وفي البيت بدون طلعة
قالت دارين بصدمة
: وجْد !
تجاهلتها وخرجت من الغرفة
نظرت الى الخدم وقالت بحزمٍ وصرامة
: ان خرجت دارين من المنزل ستطردون جميعًا , ثقوا تمامًا بذلك , كونوا اذكى منها ولا تتركوها تغريكم بشيء لتفلت منكم
تركتهم واتّجهت الى غرفتها لتستعد
,
,
ايطاليا – روما
قال بسرعة
: انّه وائل صديق والدك , وهو الذي قتل والديك , عرفت ذلك صدفةً والآن يلاحقوني يريدون قتلي
انزلق الهاتفُ من بين اصابعها
ظلّت عينيها تنظرُ الى الفراغ
ارتفعَ صدرها وهبط باضطراب
وهي تبحثُ عن نفس
فتحت فمها وتحوّلت ملامحها الى طفلةٍ خائفة
تبكي دون دموع
تنشجُ دون صوت
اقترب منها رجلٌ من المارّة بقلق
: يا آنسة هل انتِ بخير
لم تتحرّك
هزّها برفق
لتلتفت اليه
قالت ترجوه بالعربية
: انا قاعدة ولا احلم ؟
عقد حاجبيه
: لا افهم ما تقولين
ضعفت ركبتيها
لتسقط ارضًا
مرّت ثوانٍ
قبل ان تغطي وجهها بكفّيها المرتجفين
وكطفلةٍ بكت بأنين
تكوّمت على نفسها , تعانق جسدها الباكي
تمسّد على قلبها المتمزّق داخلها
نزل الرّجل الى مستواها متأثّرًا
امسك بيدها وقال برجاء
: لا تبكي ارجوكِ , كل شيء سيصبح على ما يرام
انقلبت موازينها جميعها في لحظةٌ لم تعلم انّها ستأتي
لم يهيئها احدٌ لهذا
قُلبت حياتها وانهارت على رأسها الصغير
تأوّهت وهي تتذكر طفولتها
في حجر وائل
وعلى صدر ابيها
وبرائحة امّها
حتّى عمّها عارف رغم قلّة ما تراه
كانت تحبّه لاسم " عمْ " الذي تناديه به
رزان , خالاتها , جدّتها لأمّها
حياتها بأكملها
اضاعت ذاتها في ولادتها
وللتوِّ ادركت انها اضاعتها
للتوِّ علمت انّها نفيت من الحياةِ منذ ساعتها الأولى فيها
اجتمعوا على رأس طفلةٍ صغيرةٍ بحجم الكفِّ ودمروها
الى اين ستذهب
لمن ستلجئ
حملُ الأرض على ظهرها يثقل حركتها
يشلّ قلبها الباكي
كانَ همًّا واصبحا اثنان
نهضت من مكانها تتخبّط
اتّصلت برزان
التي اجابتها فورًا وهي تهتف
: غِنا , غِنا وينك فيه , ردّي علي وينك , انتي بخير ؟
قالت اسم القريةِ بضعفٍ شديد
ثمّ قالت
: لا تطولين
قالتها وسقطت مغشيًّا عليها
ليحملها الرّجل ويتلقف الهاتف
قال بسرعة
: مرحبًا
صرخت رزان
: ماذا حدث ؟
: ارجوكِ اسرعي , كانت تبكي بشدّة ثم فقدت وعيها
: ارجوك اعتنِ بها , سآتي حالًا
,
,
فرنسا – باريس
الثالثة مساءً
فتح لها السائق الباب
نزلت ونزلت رويدة معها
سارتا ودلفتا الى المطعم
انزلت نظّارتها
والتفتت الى رويدة
: وين كانت الطاولة ؟
اشارت الى جهةِ اليمين
: تفضّلي
سارتا معًا , وتوقّفتا امامَ طاولةٍ طويلة , حولها اثني عشرةَ مقعد
نهضوا جميعًا وحيّوها
ابتسمت وجلست يمينَ المقعد المتصدّرِ للطاولة
ورويدة بجانبها
قالت سيّدةٌ انيقة , شعرها اشقرٌ قصير , عينيها زرقاوتان صافيتان
وابتسامتها جميلة
: تشرفنا آنسة وجْد , سمعت عنّج هواي وسعيدة بلقائج
ابتسمت وجْد بامتنان , واذنيها طربتا للكنتها العراقية الصافية
: اهلًا وسهلًا مدام ديالا , صدّقيني سعيدة بلقائك
قال فهد المقابل لوجْد , مبتسمًا
: مدام ديالا وجْد تحب العراقيين كثير
ابتسمت ديالا بلطف
: حبيبتي والعراقيين يحبّوج , لو ظلْ بالعراق دولة قائمة ما اتردّد دقيقة اعرض عليج زيارتها
ابتسمت وجْد بهدوء ولم تعلّق
قال رجلٌ فرنسي
: الم يصِل السيّد ضاري بعد ؟
حبست وجْد تأفّفها , رفعت رأسها لتجد فهد يضحك خفية
ابتسمت رغمًا عنها
اقترب النادل من وجْد وسألها بالفرنسيّة
: سيّدتي بمَ نضيّفك ؟
قالت رويدة
: كوب عصيرِ جزرٍ من فضلك
كتب في دفتره الصغير , ثمّ سأل رويدة
: وانتِ ؟
: لا شيء , شكرًا
مرّ وقتٌ يسير ليصِل السيّد ضاري
نهض فهد , ورجلٌ سعودي آخر
حيّوه بحفاوة
ابتسم وصافحهما بمرحٍ شبابيّ
قال فهد
: وش فيك تأخّرت ؟
قال بشيءٍ من الضيق
: ما عليك – القى نظرةً سريعة الى الطاولة , ثمّ قال بخفوت – الناس عازقين !
اشارَ الآخر مبتسمًا
: اجلس اجلس بس
جلس وانتبه لوجْد
ابتسم , لتجبرَ نفسها على الابتسام
ثمّ التفتت الى رويدة لتتنفّس بعمق
ابتسمت رويدة رغمًا عنها
في صدرِ الطاولة , رجلُ أعمالٍ اماراتي
وضع الملفّ امامه وقال بالانجليزيّة
: يسعدني قبولكم لدعوتي , سعيدٌ بلقائكم
ردّوا ردودًا متفرّقة
ثمّ بدأ حديثهم حولَ العمل
لأوّل مرّة تتملّل وجْد في جلسةِ عملٍ مهمّة
كانت تشعرُ ان عقلها ليس خاليًا ولا مستعدًّا لتقبّل حديثهم
فكّرت في امورٍ عديدة
وخطرت شقيقتها على بالها
هل قست عليها ؟
رفعت رأسها ليصطدم نظرها بضاري
الذي كانَ هو الآخر شاردًا في كوبِ الماء الذي امامه
التفتت الى فهد
كان يستمعُ باهتمام
ابتسمت بمكر
بمكرٍ ومرحٍ لا يظهرانِ الّا مع فهد
ليسا من طبيعتها اصلًا !
اخرجت هاتفها واتّصلت به
اتّصلت بهاتفه الخاص بأصدقائه وعائلته
الذي له نغمةٌ رنّانة ومزعجة !
ضجّ المكان بصوتِ هاتفه
ليحمرّ احراجًا
التفتوا اليه جميعًا منزعجين
اخرج هاتفه وصُدم حين رأى اسمها
اغلق الخط , وقال بهدوء
: المعذرة
ارسل لها رسالةً قبل ان يقفل الهاتف
" مردودة يا بومة "
ضحكت بهمس
اقترب ضاري وسأله بحيرة
: وجْد ما غيرها ؟
همهم ايجابًا
ليسأله ضاري باستغراب
: بينكم علاقة ؟
رمقه فهد بنظرةٍ جانبية
ولم يجبه
مرّ الوقت بطيئًا ثقيلًا
لينتهوا من حديثهم
ويصلَ طعامهم
نظرت الى اللحمِ في طبقها
عادت بظهرها الى الوراء بصمت
نهضت رويدة فورًا وقالت
: من فضلك , هلّا غيّرت الطّبق ؟ السيّدة لم تطلب اللحم
اقتربَ النادلُ معتذرًا
: ماذا طلبت السيّدة ؟
: " سوشي "
قال ضاري الذي كان وجهه مشمئزًّا من الطّعام الذي أمامه
: السوشي هنا , اخطأت في الأطباق
غيّرها معتذرًا ومحرجًا
ظلّ ضاري ينظرُ اليها باشمئزاز
وهي تنظرُ اليه بازدراء
حمحم فهد , وقال مبتسمًا
: ان اشتهاه اكله وان كرهه تركه
استغفر ضاري وتمتم
: الله يكرم النعمة
بمتعةٍ حشرت قطعةً بين العصيِّ الخاصّة , وغمستها في سائلٍ اسود
ضحك فهد رغمًا عنه
بعد ثوانٍ نظرت وجْد الى هاتفها الذي رنّ باسمِ دارين
اخفت ابتسامتها وأجابت بحزم
: نعم
رفع الثلاثة رؤوسهم ناحيتها
قالت دارين بدلال
: وجْد قلبي
قالت وهي تستندُ الى الخلف
: شتبين
رجتها دارين
: آخر مرّة في الحياة
قالت وجْد دونَ ان تلين نبرتها ابدًا
: اها ؟
ابتسم فهد وقال بخفوت
: دارين ؟
هزّت رأسها ايجابًا
قالت دارين تمثّل البكاء
: تعبت نفسيتي اليوم من جلسة البيت , احس الجدران تطيح عليّ
قالت وجْد ببرود
: ماهي مشكلة
قالت دارين متذمّرة
: لا تصيرين مستبدّة
قالت وجْد بنبرتها الميّتة
: عندي شغل الحين
اغلقت الخط دون ان تسمع جوابها
ضحك فهد وقال
: وش مسوية
بهدوءٍ قالت
: بعدين
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثامنة مساءً
زفر وهو يمسكُ بيدها برجاء
: ميلاف
التفتت اليه بصمت
قال بحزن
: خوّفتيني والله
قال عبد الله وهو يجلس بجانبها
: وش صار لها ؟
بضيقٍ أجابه
: كنّا نتكلّم وقلت لها شي , المشكلة انها ما شهقت ولا بكت ولا صرخت , ظلّت تطالعني كذا
أدار عبد الله وجهها ناحيته
بحنوٍّ مسح على وجنتها
قال بخفوت
: تطلعين ترتاحين ؟
نهضت دون ان تتكلّم
وصعدت الى غرفتها
قال عبد الله
: غيث خلّك هنا , ما ندري وش يصير بعد شوي
قال غيث محرجًا
: يا رجّال انتم عرسان وش اسوّي قاعد هنا
قال عبد الله ساخرًا بمرح
: وانت خلّيت فيها عرسان , خرشت المرة ورجّعتها
ضحك غيث , يخفي وجعًا من جسده , ووجعًا من نظرةِ شقيقته
,
اقفلت الباب وغيّرت ثيابها
اظلمت الغرفةَ تمامًا
ثمّ استلقت في مكانها وغطّت جسدها كاملًا
عادت كلماته تطرقُ سمعها بحدّة
" سرطان رئة من الدرجة الثالثة , تضخّم عضلة القلب في مرحلة متقدّمة , ما في علاج غير المسكّنات , ما بقي من العمر شي "
فوضى ملأت رأسها
كثرٌ يصرخون في اذنها
جميعهم يردّدون كلمات شقيقها
تكوّمت على نفسها وأغمضت عينيها بقوّة لتمنع اصواتهم
لكنّها لم تمتنع !
صرخت بآهٍ لفظتها من قلبها
وأتبعتها بأخرى تمزّق روحها
لم تملك سوى آهاتٍ متحسرة
تنعى بها شقيقها الوحيد
شقيقها الذي يجلس في الأسفل
وقد يتلاشى في ايّة لحظة !
بكت بوجعٍ وأنّت باسمه بضعف
: غيييث , غيييث
سمعت طرقاتٍ قويّة على باب الغرفة
كان صوتُ غيث المدوِ في عقلها يطغى على صوتِ الباب
بكت , وقلبها يلهج برجاء
" ياربِّ لا تأخذه منّي , اتركه لي يارب وان كان مريضًا , حرمني من نفسه عشرةَ اعوامٍ وهو آخر ما بقي من عائلتي , لا تأخذه الى جوارك ياربِّ وتترك فؤادي فارغًا من دونه "
كسرا الباب ودخلا الى الغرفة
اسرع اليها غيث بفزع
واضاء عبد الله الغرفة ثمّ اسرعَ اليها
رفعها غيث وهزّها بقوّة
: ميلاف
عانقته متشبّثةً به , بانهيار تام
صرخت برجاء
: لا تـــــروح , لا تـخـــلـــيني غيييث
قال غيث بغضبٍ جمٍّ من نفسه
: يا جعل غيث ما يربح اللي قال لك
تمسّكت به اكثر وهي ترجوه
: لا تخلّيني تكفى , لا تخلّيني يا اخوي
بكى بضعفٍ هو الآخر
وعبد الله ينظرُ اليهما بحيرةٍ كبيرة !
,
,
ايطاليا – روما
السادسة مساءً
دخل وهمس بالسلام
ثمّ قال متسائلًا
: ما قامت للحين !
زفرت وهي تعتدل بجلستها
: لا , الطبيب خايف لا تدخل بغيبوبة عصبيّة
عقد حاجبيه وجلس على المقعد الآخر
: لا ان شالله , غنا قويّة
قالت بنبرةٍ لأوّل مرّةٍ يسمعها منها
بنبرةٍ ضعيفةٍ باكية
وهي تمسك بكفِّ غنا وتقبله
: ما ظل فيها قوّة , يا روحي يا غنا ليته فينـ...
وضع طرفي سبابته ووسطاه على شفتيها بخفّة
وهمس
: ششش , بسم الله عليك وعليها , ربّي قادر يشافيها ويحفظك بدون ما يحط علّتها فيك
ولأوّلِ مرّة ايضًا
تريح رأسها الى كتفه , رجته بهمس
: بتقوم سالمة صح ؟
مسح على شعرها بحنوْ
: بتقوم ان شاء الله , ادعي , كثر ما تحبّينها ادعي لها
مسح دمعتها وقبّل جبينها
ثمّ أخرج مصحفًا من جيبه ومدّه اليها
: اقري
نظرت الى المصحف لثوانٍ
ثمّ قالت وهي تشيحُ بوجهها عنه
: ما اقدر
عقد حاجبيه استغرابًا
: ليه !
باختناقٍ أجابته
: مستحية من ربّي
ابتسم رغمًا عنه , وفتح المصحف ليتلو بخفوت
دخلت الممرضة بعد قليل
اقتربت لتقيس ضغط الدّم والحرارة
سألتها رزان
: هل ارتفع ضغطها ؟
بقلقٍ قالت
: لا يزالُ منخفضًا , لكنّه افضل بقليل من لحظةِ وصولها , افزعتنا واستنفرت الأطبّاء حين وصلت
تمسّكت رزان بكفّها وتنفّست بارتباك
شعرت بحركةٍ بسيطة من كفّها
فورًا هتفت
: لقد حرّكت كفّها
نظرت الممرضة الى الأجهزة , ولاحظت تغيّرًا بسيطًا
قالت على عجل
: هلّا خرجتما
نهضا وخرجا , ودخلا طبيبانِ من بعدهما
حارت رزان الى اينَ تتّجه
لكنّها رفعت كفّيها برجاء
: يارب , ادري انّك تسمعني وتعرفني , ادري انّك رحيم مثل ما نقرأ في كل صلاة...
حرّكها حمد برفقٍ باتّجاه القبلة
ليتهدّج صوتها وتتابع , وهي تخفض رأسها رغمًا عنها
: يارب مو رحمة فيني , ارحم ذي اليتيمة اللي خبّطتها الدنيا وهي ما تدري عن شي , قوّمها سالمة يارب , احفظها وشافيها...
لم تستطع متابعة مناجاتها
غطّت وجهها بكفّيها المرتجفين
وهي تتنفّس بعمقٍ حتّى لا تبكي
عانقها حمد وهمس
: بسيطة ان شاء الله , بسيطة يا روحي , الحين يبشرونا انها بخير
,
,
فرنسا – باريس
الثامنة مساءً
نظرَ الى ساعته , ثمّ اليها وابتسم
: وجْد حرام عليك البنت تنتظرك
ببرودٍ وهي تتابع سيرها قالت
: خلها , عشان لمّا تفكّر تطوّل لسانها المرّة الجاية تفكر الف مرة قبلها
رفع كتفيه ببساطة
: انا ما الومها , دارين غير عمرها الصغير مقارنةً فيك , فهي عاشت بدلال وعاملتيها كأنها طفلتك , كلما كبرت سنة تعاملك معها يصير وكأنها اصغر
التفتت اليه بنصف نظرةٍ حانقة
ليضحك ويتابع
: لا جد لاحظي نفسك , محاوطتها بالخدم والحرّاس , ما تخطي خطوة الا بعلمك واذنك , تتحكّمين باختياراتها , تفرضين عليها اشياء تتعلّمها وتلتزم فيها , وجْد انتي عشتي حرّة وسيّدة قراراتك , بس ما عطيتي دارين ذي الميزة
قالت بهدوء
: انا ما عشت حرّة فهد , انا عشت ملك لدارين , ما اخطي خطوة الّا عشان خاطر دارين , تحسبني ما اتعب ؟ ما املْ من الشغل ؟ من السفريات والتدقيق والتركيز ! , اتعب طبعًا , لكنّي ولا مرّة فكرت بتفكيرها انّي ما اجبر نفسي عشانها ولا اتعب نفسي عشانها
برفقٍ قال
: قلت لك هي تُعتبر طفلة , طفلة انتي اللي كوّنتيها بهالشكل , لا تستغربين انانيّتها لأنّك زرعتيها فيها بدون علمك , لا تستغربين تمرّدها لأنّك تفرضين عليها قيود وأوامر تخنقها
التفتت اليه بذهول
: متى فرضت عليها !
: تكفين وجْد كفاية السفر اللي كل اسبوع شايلتها معاك , شتّتي البنت ! حتّى دراسة ما درست مثل الخلق , مدرسينها يوصلون لعندها واختباراتها توصل لعندها
: ماهي ميزة بنظرك ؟
هزّ رأسه نفيًا
: حضرتكم مانتوا استرقراطيين ولا من سلالة نادرة عشان تعطين هالميزة لأختك , اتحداك الحين , دارين عندها صديقات ؟
صمتت لثوانٍ , ثمّ قالت
: لا
بسخريةٍ قال
: يا شيخة طيري , وفوقها تبي منها الطّاعة المطلقة
قالت بعصبيّةٍ خفيفة
: خير انت ! بدال ما تناصرني
رفع كفّيه بصراحة
: انا مع الحق , دارين طوّلت لسانها ايه , بس انتي السّبب
تأفّفت والتفتت الى النهر تنظرُ اليه
بعد دقائق اقتربت رويدة التي تسير على مسافةٍ منهما
: مس وجْد , مس دارين اتّصلت مرّة ثانية
زفرت وقالت
: جيبي الجوّال
أجابتها ببرود
: نعم مس دارين
قالت ببحّة
: ارجعي للبيت
توقّفت وجْد عن السّير , وقالت بقلق
: دارين شفيه صوتك ؟
سعلت ثمّ قالت
: من العصر وانا اسبح وآكل ايس كريم
قالت وجْد بصدمة
: مجنونة ! بذا البرد ؟
: ما انتبهت انّي بردانة الّا قبل شوي , ارتفعت حرارتي
قالت وجْد بحنوْ
: الحين راجعة
أغلقت الهاتف
ليقول فهد بقلق
: وش فيه ؟
التفتت الى رويدة
: قولي لفريد يجيب السيّارة هنا
نظرت الى فهد وقالت بزفرة
: من العصر جالسة برّى تسبح وتاكل آيس كريم , وحرارتها ارتفعت
قال فهد بأسف
: سلامتها والله , طمنيني عليها لا تنسين
هزّت رأسها ايجابًا
مرّت ثوانٍ , لتقف السيّارةُ أمامها , وينزل السائق مسرعًا ليفتح لها الباب
ودّعها فهد مشيرًا بكفّه
وابتعدت السيّارة من أمامه
استند الى سورٍ مطلٍّ على النهر
مرّت دقائق ليرنّ هاتفه
أخرجه وأجاب بهدوء
: هلا ضاري
سأله ضاري بنبرةٍ ميّزها فهد فورًا
: وينك
: على النهر
: خلّك مكانك
اغلق الهاتف وجلسَ على مقعدٍ خشبي
مرّت عشرُ دقائق , لتقف سيّارةٌ ضخمة , ترجّل منها السائق وفتح الباب الخلفي
لينزل ضاري
اقترب وجلس بجانبِ فهد
دون ان ينظرَ اليه فهد سأله
: شفيك متضايق
بضيقٍ قال
: ماني متضايق
ابتسم فهد ولم يعلّق
صمتا لبعض الوقت , قبل ان ينهض فهد ويسأله
: ذرة ؟
: جيب
اقترب فهد من كشكٍ صغير , ليطلب حبّتا ذرَةٍ مشوية
ثمّ عاد الى ضاري
مدّ اليه الكيس الورقي وجلسَ بجانبه
بدأ ضاري يأكل , وقال
: بالله مو عيب رجّال طولْ بعرض يتعامل كأنّه عصفور
قال فهد
: عيب
: بالله مو شي مستفز كل شي حولك يضيّق عليك
: مستفز
: ما ودّه الواحد يذبح عمره ويفتك ؟
: ودّه
صمتا لثوانٍ
ثمّ التفت ضاري الى فهد مستدركًا وسأله
: وش علاقتك بوجْد الطّير ؟
تأفّف فهد وقال
: يا ذي الوجد الطّير اللي لحست مخك , وش تبي من بنت الناس ؟
رفعَ كتفيه ببساطة
: ما ابي شي , بس استغربت من الميانة اللي بينكم
ابتسم فهد بمحبّةٍ وقال
: انا ووجْد اصدقاء مقرّبين
رفع ضاري حاجبيه وقال
: ظنّيتها محافظة
قال فهد وهو يقضم من الذرة
: وجْد محافظة من ناحية المبدأ والعُرف , مو من ناحية دينية , هي يا دوب تعرف الصلوات الخمس واسم نبيها واركان الاسلام
بذهولٍ سأله
: ليه طيّب !
بهدوءٍ أجابه
: محّد ربّاها
قال ضاري بشرود
: حلوة بنت الّذينَ
التفت اليه فهد ساخرًا
: ما كانوا يجذبونك السمر , على اساس انك دايمون ولّا براد بيت
هزّ رأسه نفيًا وقال
: سمارها مختلف , لونها يجذب , ولون عيونها يـ....
قاطعه فهد بجديّةٍ حادّة
: ضاري لا تمدْ عينك لوجْد , لأنها قبل ما تكسر نظرتك انا بفقع عينك سمعت
ضحك ضاري ببرودٍ وقال
: شدعوة بقرّب منها ومدام رشا مدركة الوضع
تجاهله فهد
وقد انتابه القلق من نبرته !
,
,
ايطاليا – روما
السابعة مساءً
قالت بلهفة
: هل انت متأكد انّها بخير ؟
ابتسم بهدوء
: متأكّد , لا زالت مرهقة , ولا زال ضغط دمها لم يعتدل تمامًا , لكنّها ليست في خطر , تحتاج فقط الى الراحة والغذاء السليم
هزّت رأسها بامتنان , ليتمنّى لهم الشفاء ويبتعد
دخلت حينها وحمد من خلفها
اقتربت منها وقالت بحنوْ
: الحمد لله على السلامة
انحنت وقبّلت رأسها
قالت غِنا ببحّة عميقة
: الله يسلمج
قال حمد مبتسمًا
: خوفتينا عليج يا معودة
لم تضحك , ولم تبتسم لتقليده " المعوّق " كما تسميه , للهجتها
قبّلت رزان كفّها , ثمّ سألتها
: حاسّة بشي ؟
قالت بعد سعلةٍ خفيفة
: ابي اكلمج بموضوع
مسحت رزان على جبينها
: ارتاحي الحين
قالت بالحاح
: ضروري
قال حمد
: اجل انا بروح اجيب لكم أكل
قالت رزان منبهة
: اسأل الدكتور وش تجيب لغِنا
هزّ رأسه ايجابًا وخرج
التفتت اليها ونظرت اليها متسائلة
قالت غِنا بتعب
: وائل , وائـ...
حينها فتح الباب ودخل وائل
اقترب وهو يهتف
: غِنا شصار لج يبه , وين كنتي ؟ شوصّلج لهالحال
سعلت بشدّة , واحمرّت عينيها اختناقًا
لتنهض رزان بسرعة وتقول
: عمْ وائل لازم نتركها ترتاح , ما تتحمّل
ربتَ على ساقها وقال
: قدّامج العافية يبه , ما عليج شر , بردْ ازورج وقت ثاني
ودّعهنّ وخرج
لتجلسَ رزان وتمسك بيدها , سألتها بتوتّر
: غِنا وش فيه وائل , وش سوّى
تشبّثت برزان , وقالت بصعوبة
: مافيا , ذبح امّي وابوي
رزان سريعةُ البديهة , لم تسعفها بديهتها
استغرقت ثوانٍ لتستوعب ما قالته غِنا
فُتحت عينيها على اتّساعهما تدريجيًا
قبل ان تُصعق وتشهق بلا تصديق
هتفت
: من قال لك ! متأكدة ؟ يا بنت ذا كلام كبير
تنفّست بصعوبة وهي تقول
: مارليينو يشتغل تحته , وما ادري شلون عرف وقاعد يلاحقونه بيذبحونه , وما بيطولون عشان يعرفون انّه قال لي
نهضت رزان تجوب الغرفة بجنون
وضعت كفّيها على رأسها تكادُ تفقد عقلها
ثمّ التفتت الى غِنا وقالت
: الحين نحجز لك امّا للكويت لعمامك او للسعودية لخوالي
قالت بغضبٍ متعب
: والله وعزّة جلال الله ما اشرد منّه
اقتربت منها رزان ترجوها
: غِنا هذا مافيا ! ذبح ابوك صديق عمره , بيخاف منّك يعني ؟
تنفّست بقوّةٍ ثمّ قالت
: ولا انا خايفة منّه , بس اوقف على ريلي بطلع له وبلاحقه وبخليه مثل الفار الخايف
صرخت رزان
: ما بتقدرين , اذا هو من كبار رجال الأمن هنا , ومافيا ومحد يدري عنّه , انتي...
قاطعتها غِنا
: وانا ابوي من كبار رجال الأمن هني , وانا خليفته والكل يشهد لي بهالشي , ان ما خلّيته يوقف على ريل وحدة ما اطلع بنت يـ...
صمتت , ثمّ ضحكت ساخرةً من نفسها
,
,
فرنسا – باريس
التاسعة مساءً
اقتربت من سريرِ شقيقتها , خلعت صندلها البيتي الدافئ
واستلقت بجانبها بردائها الناعم
مسحت على شعرها وقالت بخفوت
: ما خفّيتي شوي
بتعبٍ أجابتها
: حلقي ملتهب
مسّت جبينها , ثمّ قالت بزفرة
: وحرارتك مرتفعة
ابتسمت وهي تعانق شقيقتها , وقالت
: قولي لي قصّة
ابتسمت وجْد وداعبت خصلات شعرها , وقالت
: وش قصّته
: لمّا رحتي مع بابا لتركيا
زفرت , وصمتت لثوانٍ
ثمّ قالت
: كان عمري اثنعش سنة , يعني قبل وفاته بسنة واشهر , رحنا لحالنا وبلشْ فيني
غرقت عينيها بالدمعِ وابتسمت بوجع
: مشّاني في كل شبر باسطنبول , وما كنت اتفرّج وبس , كنت اشتري كل شي تطيح عيني عليه , وابوي يضحك ويشتريه وبكل مرّة يقول آخر شغله نشتريها
صمتت لثوانٍ , ثمّ باختناقٍ تابعت
: استانسنا يومين , واليوم الثالث كان عنده اجتماع , اخذني معاه لأنّه خاف علي اظل بالفندق لحالي , خلّاني عند السكرتيره , وطفشت وانا اطالع بالنّاس الداخلة والطّالعة , قمت غافلتها ودخلت قاعة الاجتماع
ضحكت لتنفرَ دمعتيها , وتابعت
: ابوي اشّر لي اطلع وعييت , جيت جلست جنبه وشتّت تركيزه وتركيز اللي معاه , بعد شوي قمت اتفلسف واتدخّل واداخل معاهم , كأنّي شريكة لهم
انفجرت دارين ضحكًا , ثمّ قالت
: اتخيل ابوي عصّب عليك
هزّت رأسها نافية , وقالت بحنين
: اكثر شي اثّر فيني انّه ما هاوشني , لا قّدامهم ولا من وراهم , بالعكس شجعني وساعدني ودعّم رأيي , وبنهاية الاجتماع قال لهم لا تستهينون بالآنسة وجْد , هذه وريثتي الأولى وهي اللي بتمسك كل شغلي من بعدي
همست دارين
: الله يرحمه ويغفر له
قالت وجْد وهي تريحُ رأسها الى الخلف وتغمض عينيها بتعب
: الله يرحمه ويغفر له
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
السجون العامّة
الرابعة مساءً
خرجَ من البوّابةِ الكبيرة , والعسكري من خلفه يقول
: الحمد لله على السلامة
اومأ بصمت , وحمل حقيبته
رفعَ رأسه الى السماء
كأنّه يكذّبُ عينيه
هل حقًّا هذا شكلُ السماء بعدَ خمسةَ عشر عامًا !
هل حقًّا يراها بامتدادها
سمع خطواتٍ متلهّفةً قريبة
التفت اليها وابتسمَ بهدوء
عانقه مراهقٌ متحمّس , وهتف
: الحمد لله على السلامة خالي
ربتَ على كتفه وقال بنبرته الثقيلة
: الله يسلمك وافي
التفت الى الآخر , الذي يشبهه كثيرًا
شابٌّ في بداية الثلاثين
والذي يحملُ نظرته ونبرته
اقترب وقال
: الحمد على سلامتك يا عمْ
عانقه وقال
: الله يسلمك فايز , الله يسلمك حبيبي
قال وافي وهو يمسك بيده
: كلّهم متجمّعين وينتظرونك
تنفّس برجفةٍ خفيفة
ثمّ قال برجاء
: ما ودّي اشوف احد والله
قال فايز بزفرة
: والله قلت لهم اجّلوا اجتماعكم , لكنّهم اصّروا يشوفونك اليوم , اذا تبي رأيي شوفهم عشان تخلص وترتاح
هزّ رأسه بزفرة
حمل وافي حقيبته , وسارَ الاثنان بجانبه الى السّيارة
كانَ يشعرُ انّ قدميه تتعثّر في سيرها
ليست ذاتُ الشوارع التي عهدها
ولا السّيارات
ولا الوجوه
ولا حتّى هواءُ المدينة
تغيّرت الرياض !
تغيّرت كثيرًا , عن خمسة عشر عامٍ مضت
فتح له وافي الباب الأمامي للسيّارة
ليركبَ بصمت
نظرَ بريبةٍ الى ما حوله
أخرج وافي هاتفه من جيبه
هاتفًا لا يشبه الهواتف التي يعرفها !
كان يشير بالهاتف اليه وهو يقولُ ضاحكًا
: هذا خالي خــالـــد
قرّب الهاتف ليتّضح خاله أكثر , وتابع
: ركبنا السّيارة ويبيلنا ساعة تقريبًا ونوصل لكم , خالي اشّر لهم
نظرَ اليه ببلاهة
وبابتسامةٍ صفراء , وهو لا يفهمُ ما يريده ابنُ اخته
لوّح بيده دونَ فهم
ليقول وافي بضحكة
: وهذه تلويحة يده الشريفة
قال فايز متضايقًا
: وافي قفّل واركب
ركب الى السيّارة وانشغل لثوانٍ
ثمّ قال
: ارسلته للقروب , بيستانسون ان شافوك
لم يعلّق خالد
مرّت ثوانٍ , ليضحك وافي ويقول
: شوف شوف بدوا يرسلون
فتح المقطع الصّوتي الأوّل
كان صوتُ رجلٍ كبير , يقول بمحبّة
" اسفرت وانورت يا خالد , الحمد لله على السلامة "
قال خالد وقد عقد حاجبيه
: فايز هذا ابوك ؟
ابتسم فايز وهزّ رأسه ايجابًا
فتح وافي المقطع الآخر , لأمرأةٍ عجوز , تقولُ بصوتٍ باكٍ
" يسجل ؟
اجابتها فتاةٌ بهمس
: يسجل يمّه قولي
قالت بحبٍّ كبير
: الحمد لله على سلامتك يا امّي , الحمد لله على سلامتك يا حبيبي , الله يصبرني ذي الساعة عشان توصل لنا سالم "
بتأثّرٍ قال
: امّي
فتح وافي المقطع الثالث , وكان هتافًا لنساءٍ عدّة
كما يسمى " غضرفة " او " زغاريد "
ضحكَ الثلاثةُ بخفّة
قال وافي بحماس
: اسمع ذا
فتحه , ليأتي صوتُ امرأة هادئ , فيه بحّةٌ خفيفة
صوتٌ يمتاز عن بقيةِ الأصوات
" خالد حبيبي الحمد لله اللي طلّعك سالم , واسأله ان يقرْ عيوننا بشوفتك ولا يرينا فيك بأس بعد اليوم , كلّنا منتظرينك بكل حبْ ولهفة "
قال خالد وقد دمعت عينيه
: زينة
قال وافي مفتخرًا
: امّي
فتحَ بعدها وافي مقطعًا مرئيًا , لمجموعةِ اطفال قد لبسوا وتزيّنوا , يهتفون بأصواتٍ متفرّقة
: الحمد لله على سلامتك " عمّي/خالي " خالد
ووافي يشير اليهم ويعرّفهم اليه بأسمائهم واسماء آبائهم او امهاتهم
كان يشعرُ بالدوار من كلِّ ما يراه
كلُّ شيءٍ يبدو ثقيلًا عليه
الا يفهم هؤلاء ابدًا انّه قد عاش في الظلام خمسةَ عشر عامًا !
لا يتحمّل النور الساطع الآن , يجب ان يفتح عينيه تدريجيًّا !
,
,
الى الملتقى
-
" لَا تَدْرِيْ لَعَلَّ الله يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا "
سُبحانك اللهم وبحمدك , أشهد انّ لا اله الّا انت , استغفركَ وأتوبُ اليك.