لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-01-16, 11:09 AM   المشاركة رقم: 91
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Dec 2015
العضوية: 307841
المشاركات: 179
الجنس أنثى
معدل التقييم: عالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 460

االدولة
البلدAland Islands
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عالم خيال غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عالم خيال المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: ابنة السماء..

 

دعي التشاؤم والتفاؤل جانباً يا برد المشاعر
واستمتعي بأحداث الرواية مهما كان مسارها
فهذا هو المقصود
استمتع بقراءة تعليقك يا عزيزتي
ولي عودة بالفصل الجديد

*****

فوز ججي (أو جام) ليس سهلاً، والاحتفاظ بهذا الفوز أيضاً لن يكون بذاك السهولة
ولكن ما يشغل القبيلة الآن هو أكبر من مجرد منصب الزعامة
بل هو متعلق بحياتهم وحريتهم ذاتها
حب كين وججي سيظل بين شد وجذب لوقت طويل
بسبب قوة ججي التي لا تجعلها تستسلم لحب كين لها
وضعف كين عن إقناعها بهذا الحب، أو تركها ونسيان ذاك الحب تماماً
أنا أيضاً أحب النهايات السعيدة عند القراءة، لكن عند الكتابة تستبد بي رغبة خبيثة بإثارة حنقكم قليلاً ^^
سنرى إن كانت نهاية هذه الرواية ستنال إعجابك أيضاً أم لا..

 
 

 

عرض البوم صور عالم خيال   رد مع اقتباس
قديم 20-01-16, 11:14 AM   المشاركة رقم: 92
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Dec 2015
العضوية: 307841
المشاركات: 179
الجنس أنثى
معدل التقييم: عالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 460

االدولة
البلدAland Islands
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عالم خيال غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عالم خيال المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: ابنة السماء..

 

الفصل التاسع عشر {نزالٌ فردي}


عندما وصلت قبيلة (أبناء الذئاب) برجالها وعتادهم والماشية التي اصطحبوها معهم لطعامهم، استطاعوا رؤية المعسكر الكبير الذي أقامته قبيلة (طاغار) وهي الأولى في الوصول للموقع المتفق عليه.. أشرفت ججي على المعسكر من فوق تلة عالية وهي تراقب الموقع وتتأمل رجال قبيلتها الذين ساروا نحوه تمهيداً لنصب الخيم اللازمة لإقامتهم في جانب منه.. بعد بعض الوقت قضته صامتة، لاحظت اقتراب كين منها بحصانه قائلاً "هل تذكرين جوانب الخطة التي وضعناها قبل مغادرتنا القبيلة؟"
أجابت بابتسامة "لا تقلق.. سيتم الأمر كما خططتَ له بشكل تام.."
ثم أضافت متطلعة إلى يده اليمنى التي لم يفك رباطها بعد "هل ستكون بخير؟.. ربما من الأفضل بقاؤك في المخيم عندما تندلع المعركة بيننا وبين جيش العدو.. لن تكون قادراً على المشاركة بيد واحدة.."
فقال كين "لن أشارك بشكل مباشر بالطبع.. سأكون مع العرادات في الموقع المحدد لها وأشرف على عمل الرجال أثناء المعركة.."
هزت ججي رأسها موافقة، ثم قالت متطلعة للموقع أمامها "أتظن أن هذا سيكون كافياً لتغلبنا على أعدائنا؟.. لا يمكننا جرّ المعركة طويلاً، فهذا لن يكون في صالحنا أبداً.."
أسرع كين يقول "سيكون كافياً لقلب موازين المعركة في لحظة حاسمة، لو استطعنا أن نختار التوقيت الملائم لذلك.."
غمغمت "أتمنى ذلك.."
قال كين عندها "الأفضل أن تنفردي بخطتك هذه مع هاكين يا ججي.. لا تعرضيها أمام القادة كلهم.."
نظرت إليه بدهشة متسائلة "لمَ؟.."
أجاب "خطة منك أنت بالذات جديرة بأن تُرفض جملة وتفصيلاً.. خاصة أن أغلبهم لم يتعاملوا معك بشكل مسبق ولا يخفون رفضهم لك لكونك امرأة.."
علقت بضيق "أتظن أن بعضهم لا يزال على جهله القديم؟.. ألم أثبت نفسي أمامهم بعد؟"
قال كين "الأفضل أن تناقشيها مع هاكين، ويقوم هو بعرضها لهم.. هذا أدعى لأن تلقى قبولاً لديهم.."
قالت بشيء من العناد "بهذا يُنسب الفضل إلى هاكين، وأخرج أنا بلا نتيجة ولا فائدة من هذه الحرب.."
قطب كين معلقاً "لماذا تتشبثين بعنادك هذا رغم أن الخطة ليست خطتك في الأساس؟.."
نظرت له بحنق قائلة "هل تنوي إذلالي بخططك هذه؟"
قال كين بسرعة "لا.. لكن قصدت أن هوية صاحب تلك الخطط ليس مهماً، لا أنا ولا أنتِ ولا حتى هاكين.. المهم هو نجاح هذه الحرب ورحيل الملك فارس.. أليس كذلك؟"
زفرت ججي متطلعة للأمام، ثم غمغمت "معك حق.. سأفعل ما تطلبه مني فور وصولنا للمعسكر وقبل اجتماع القادة.."
في تلك الليلة، وبعد اجتماع قبيلة (أبناء الذئاب) مع قبيلة (طاغار)، والتي احتفظت بذلك الاسم حتى بعد موت زعيمها السابق، فإن ججي سارعت فور استقرار الأمور للقاء بشكل منفرد مع هاكين وشرح الخطة أمامه كاملة.. لم يكن هاكين يكبر تبريق في العمر كثيراً، بملامح هادئة إن تغاضينا عن حاجبيه الكثيفين ونظرة عينيه الحادة، ورغم عمره وكونه زعيم قبيلة قوية، لكنه كان على شيء من الضعف الجسدي مع طوله الفارع ودون أي عضلات بارزة.. لكنه كان يتحلى بحكمة طاغار وثقته ذاتها، وقد قابلها بترحاب فوجئت له عندما رأته لأول مرة في اجتماع الزعماء.. كانت تأمل أن تحصل على موافقته قبل قدوم بقية زعماء القبائل الأخرى، لكن نظرة عينيه أثناء عرضها للخطة لم تكن مشجعة كثيراً وهو يلتزم الصمت حتى بعد أن فرغت من عرضها أمامه..
ولما طال صمته وهو يحدق في الأرض مفكراً، تساءلت ججي "لا تبدو لي راضياً عن هذه الفكرة التي عرضتها أمامك.. فما رأيك؟.. يمكننا أن نقوم بتعديل أي جزء لا يناسب وضعنا هذا، مع الاحتفاظ بالفكرة العامة.."
قال هاكين بحيرة "هذا صعبٌ جداً.. خطة مثل هذه قد تزعزع الأكاشي وتخلخل صفوفهم قبل بدء الحرب بالفعل.. ما الذي سنفعله لو انكسرت عزيمة رجالنا قبل بدء المعركة؟"
قالت ججي بابتسامة "أنت تمزح.. أليس كذلك؟.. كيف تريدني أن أصدق أن عزيمة الأكاشي تنكسر لأمرٍ تافهٍ كهذا؟.. هذا يخالف المنطق.."
قال هاكين عاقداً ذراعيه على صدره "لكن المعركة التي نحن بصددها أكبر من المنطق الذي عشنا عليه طوال حياتنا.. لم يسبق للأكاشي أن واجه جيشاً بضخامة هذا الجيش، وهذا كفيل بإيقاع الرجال في فخ الذعر والتردد لأدنى حادث يقع قبلها.. وهذا ما لا نريده.."
قالت ججي "لذلك سيكون هذا الأمر داعماً لنا في هذه الحرب.. المواجهة المباشرة كما يفعل الأكاشي عادة لا تفيدنا الآن، فعدد جيش العدو يزيد علينا بثلاثة أضعاف، إن لم نأخذ بالاعتبار العتاد والأسلحة التي يملكها ولا نملك مثها.. علينا اتخاذ خطة بارعة لتجاوز فارق العدد والعتاد، ولكن لا يمكننا أن نفصح عن مثل هذه الخطة أمام الرجال جميعاً وإلا وصل خبرها لأعدائنا رغماً عنا.. أنت أدرى مني بهذه الأمور بالتأكيد يا هاكين.."
ظل هاكين صامتاً يردد الأمر في ذهنه، ثم نظر لججي قائلاً "لا يمكنني الرفض الآن.. على الأقل، سأحاول عرضها على بقية الزعماء والحصول على موافقتهم عليها.. لكن لو تم رفضها، فلن أجبرهم على الموافقة بأي حال.."
علقت ججي "سيكون الأمر صعباً بالتأكيد، لكن لو لم تقتنع بهذا الأمر أنت، فسيكون إقناعهم بها أصعب بمراحل.. أرجوك أن تفكر بالأمر ملياً وتقلّب جوانب الخطة وموقفنا من المعركة الوشيكة جيداً.. هذه قد تكون المعركة الفاصلة في تاريخ الأكاشي، وسيقع اللوم علينا لما سيجري فيها.."
هز هاكين رأسه مغمغماً "سأفعل ذلك بالتأكيد.."
تراجعت ججي بظهرها وهي تصمت بتوتر بالغ.. ليت الأمر مقتصرٌ على خطة قد يقبل بها بقية الزعماء ببعض الإلحاح، لكن تنفيذ تلك الخطة، وخوض تلك المعركة، أصعب وأقسى بمراحل من بضع كلمات..

************************

مضت عدة أيام قبل أن يجتمع أغلب زعماء الأكاشي المشاركين في هذه الحرب مع قبائلهم.. امتد المعسكر لمسافة كبيرة وسط السهول وضجّ المكان بأصوات الخيول والماشية وبصوت الأسلحة التي يتم سنّها وإعدادها للحرب الوشيكة.. فيما توالت أنباءٌ عن تقدم جيش الملك العربي من هذا الموقع بحيث توقع أغلب الزعماء أن يتم اللقاء خلال أسبوعٍ واحد على الأكثر..
رغم أن هذه ليست المعركة الأولى التي يخوضها الأكاشي ضد الجيش العربي، لكن التوتر بدا واضحاً في الوجوه لحجم المعركة التي لم يروا مثلها قط.. كان أكبر تلاقٍ للجيوش شهدته السهول منذ سبع سنوات بعد المعركة التي خاضها الأكاشي بقيادة قادور وثلاثة زعماء فيما عرف باسم (الليلة البيضاء).. لكن هذا الجيش الذي كونته قبائل الأكاشي العشر كان يفوق ذلك الجيش بمراحل، كما كان جيش الملك العربي يوازي أربعة أضعاف جيشه السابق الذي هزم شر هزيمة على هذه السهول..
ومع اكتمال عدد جيش الأكاشي، توالت اللقاءات التي قام بها زعماء القبائل لمناقشة جوانب المعركة الوشيكة ومحاولة التوصل لاتفاق بين الزعماء الذين لم تجمعهم كلمة واحدة بعد.. ورغم أن كين لم يتمكن من حضور أي من تلك الاجتماعات، لكن ججي كانت تحرص على أن تبلغه بكل ما دار فيها لمعرفة رأيه ورأي مينار بذلك وتقرير أي تعديل يحتاجون القيام به في الخطة التي وضعها كين سابقاً.. كانت خطته رغم بساطتها قد لاقت معارضة من بعض الزعماء، ولا تدري ججي أكانت معارضتهم تلك نابعة من عدم اقتناعهم بالخطة أم أن الأمر يتعلق برفضهم الانصياع للبقية واعتزازهم بآرائهم حتى لو جانبت الصواب..
كان هاكين بهدوئه وحكمته قادراً على امتصاص جدالاتهم وغضبهم، لكن وقتاً طويلاً قد ضاع من تلك الاجتماعات في محاولة التوصل لحلٍ يرضي جميع الأطراف.. فمِن الزعماء مَن يصرّ على القيام بهجوم مباشر وقوي، ومنهم من يرفض ذلك بشدة.. مِن الزعماء مَن يصرّ على البقاء في المقدمة ومنهم من يفضّل وضع رجاله في المؤخرة حتى لو سبب حنق البقية.. كان اختلاف آرائهم يسبب ضيقاً وحنقاً شديداً لججي التي التزمت الصمت أغلب الأوقات في تلك الاجتماعات.. لكن صمتها ذلك لم يدُم أياماً طويلة وهي تسمع اعتراضاً واضحاً من جيدار الزعيم الجديد لقبيلة الأرقط على وجودها وطلبه إبعادها من المعسكر والمعركة كاملة.. ورغم أن هاكين قد عارض هذه الفكرة بوضوح، لكن ججي لم تطِق صبراً لتقول بحنق "ما الأسباب التي تملكها لمثل هذا الطلب؟.. قبيلتي ستساند في هذه الحرب بكل قوة، ولا يحق لك إبعادنا عنها.. نحن الأقرب لمسار جيش الملك، وخسارة الأكاشي في هذه الواقعة تعني أن مخيمنا سيتعرض لهجوم آخر من الجيش الذي سيتقدم أكثر في السهول.."
قال جيدار بصلافة "لسنا بحاجة لعون قبيلة تُولّي أمرها لامرأة.. هذا يدلّنا أنهم ليسوا بالقوة التي قد تعيننا في هذه الحرب، لذا الاستغناء عنهم لن يضيرنا في شيء.."
فقالت ججي بابتسامة ساخرة "هذه المرأة قد جردتكم من زعيمكم السابق كما أذكر.."
نهض جيدار واقفاً وهو يستل سيفه صائحاً بحنق "أيتها اللعينة.. أتظنين أننا سنغفر لك ذلك؟"
أوقفه هاكين قائلاً بصرامة "لسنا هنا لتصفية الخلافات يا جيدار.."
لكن ججي قالت بحدة "لا يحق لك الانتقام لزعيمكم المقتول.. هو من استهان بقبيلتنا وبزعيمها، واختطفني منتوياً إذلالي وقتلي.. لذا استحق القتل بهذه الصورة.."
فصاح جيدار بعصبية "وتجرؤين على قول ذلك بكل صفاقة؟.. لا يمكن أن أرضى بأن تذلّنا امرأة، حتى لو كنتِ زعيمة قومك.. لن يهدأ لي بال وأنت معنا في هذه المعركة.."
قال هاكين بحدة "كف عن هذا الجدال يا جيدار.."
لكن جيدار دفعه جانباً وتقدم من ججي التي قفزت واقفة مستلة سيفها بدورها.. وقالت بحدة "هل تنوي قتلي انتقاماً لزعيمكم الغادر؟.. كان عليكم أن تخجلوا من مجرد ذكر تلك الحادثة، فهي أمرٌ لا يشرف قبيلتكم بأي حال.."
هوى جيدار بسيفه نحو ججي التي تلقت الضربة بسيفها، فرنّ صدى الضربة في الخيمة كلها، فيما صاح هاكين بغضب "لو كنتما تريدان التقاتل، فافعلا هذا خارجاً.. هل تنويان قتلنا جميعاً بسيفيكما؟"
تراجعت ججي خطوة، ونظرت لجيدار الحانق قائلة "لا أمانع ذلك.. لو كان هذا سيطفئ غضب قبيلتكم ويقنعكم بأنكم قد نلتم الانتقام الذي تسعون إليه.."
قال جيدار بصرامة "انتقامنا سيتحقق بقتلك أنت.."
وقف هاكين بينهما قائلاً لجيدار بصرامة "وهذا ما لا يمكن أن يتم هنا وفي هذه الظروف.. أتريد أن تشعلها حرباً بين الأكاشي وعدونا على مسير أيام منا؟.."
نظر له جيدار مقطباً، فيما أضاف هاكين منقلاً بصره بينه وبين ججي "فليكن هذا نزالاً فردياً دون أن يقتل طرف الطرف الآخر.."
قال جيدار مقطباً "وما الذي سنستفيده إن لم يقتل الفائز الخاسر؟"
أجاب هاكين "يكفي الإذلال الذي سيحصل عليه الخاسر عندما يخسر أمام رجاله وأمام بقية القبائل.. أظن ذلك سيكون كافياً لتحقيق انتقامك يا جيدار لو كنت أنت الفائز.. أليس كذلك؟"
نظر جيدار إلى ججي التي لم تظهر معارضة للأمر، ثم قال بابتسامة ساخرة "هذا سيكون كافياً.. أنا واثق أن قبيلة (أبناء الذئاب) لن تسمح ببقاء هذه المرأة على زعامتها عندما أهزمها شر هزيمة أمام الجميع.."
فقالت ججي "شريطة أن تكف عن فكرة الانتقام هذه حتى لو كنت الخاسر يا جيدار.."
زمجر جيدار بحنق "أنا لن أخسر أمام امرأة.."
فقال هاكين بنفاذ صبر "مادمنا قد اتفقنا فلننته من هذا الأمر.. سيتم النزال في ساحة المعسكر، وسيشهده الجميع بطبيعة الحال.. لذا، فليكن نزالاً عادلاً.."
غمغم جيدار بسخرية وهو يغادر "لا يمكن أن يكون هذا النزال عادلاً لها بالنظر لما هي عليه.."
لم تعلق ججي مغادرة خلفه بصمت وهي تقبض على سيفها بقوة..

************************

في ذلك الوقت، كان كين عائداً للمعسكر بعد جولة متفحصة قام بها حول هذا الموقع من السهول.. كان عليه اختيار أفضل موقع يناسب وضع العرادات التي جاؤوا بها معهم، واستغلالها أفضل استغلال في هذه المعركة حسب الخطة التي شرحها لججي سابقاً.. وفور عودته للمخيم، لاحظ تدافع بعض الرجال من ذلك الموقع نحو قلب المعسكر.. فاستوقف أحدهم متسائلاً بدهشة "ما الذي يجري؟.. هل استدعاكم أحد القادة؟"
قال الرجل بعجلة "لا.. لكن يشاع أن نزالاً فردياً سيتم بين زعيم قبيلة (الأرقط) وزعيم قبيلة (أبناء الذئاب).. ونحن ذاهبون للفرجة على هذا النزال.."
ارتفع حاجبا كين بدهشة وصدمة، فيما ابتعد الرجل بسرعة وآخر يقول له "النتيجة محسومة سلفاً بالفعل.. لكن لا يضيرنا أن نتفرج على ما سيجري.."
ترجل كين من على ظهر الحصان بقفزة سريعة واندفع بدوره خلفهم نحو قلب المعسكر، ليرى دائرة كبيرة من الأكاشي تحيط بالساحة التي تتوسطها خيمة القادة.. دفع كين نفسه بين الرجال بشيء من العسر حتى وصل لقلب الدائرة، وهناك استطاع أن يرى جيدار الذي وقف متأهباً بسيفه العريض والذي يفوق سيوف الأكاشي حجماً، بينما وقفت ججي في الجانب الآخر تستعد لهذا النزال.. خلعت معطفها الثقيل لتصبح حركتها أخف وأسهل، وربطت ذراعيها بقطعة قماشية طويلة لتتفادى تشنج عضلاتها لهذا المجهود المفاجئ، مما قد يعطلها عن مواجهة غريمها..
أسرع كين إليها قائلاً بحنق "ما الذي يجري يا ججي في مثل هذا الوقت؟.."
قالت وهي منشغلة بعملها "زعيم قبيلة (الأرقط) مصرٌ على الانتقام لمقتل براد.. ولا أستطيع التنصل من هذا الأمر.."
فقال كين بضيق "أهذا وقتٌ مناسبٌ لتصفية الخلافات؟.. ماذا لو تسبب بجرحك؟"
قالت بابتسامة "الأهم من ذلك أن هاكين قد منعه من قتلي.. وهذا سيكون في صالحي بالتأكيد.."
نظر كين إلى جيدار الذي وقف في موقعه مسترخياً بانتظارها، فلم يفتْه رؤية جسده العريض بشيء من الطول وذراعاه الضخمان بعضلاتهما البارزة.. فقارن مظهره القوي بمظهر ججي الأضعف بالتأكيد، ثم قال لججي "عليك ألا تهجمي عليه بشكل مباشر يا ججي.. عليك استخدام الحيلة معه واستغلال نقاط ضعفه للنيل منه بأسرع ما يمكن.."
قالت ججي مقطبة "هذا سيظهرني بمظهر الضعيف أمام الآخرين.. وسأكون محل سخرية الجميع.."
اعترض كين قائلاً "أنت ضعيفة بالفعل مقارنة برجل مثله.. إنه يفوقك حجماً وقوة بالتأكيد، والهجوم المباشر لن يكون في صالحك.. كما أن عليك إنهاء هذا النزال بأسرع ما يمكن.. كلما طال نزالك معه، كلما أضعف هذا موقفك أكثر فأكثر.."
ربتت ججي على كتفه قائلة "لا تقلق لأمري.."
وتقدمت من جيدار فيما تراجع كين خطوات وهو ينظر للموقع الذي يحيطه الرجال من جميع الاتجاهات.. وجود هذه الجماعة من الرجال على مسافة قريبة من موقع النزال ليس في صالح ججي بالتأكيد، فهي بحاجة لمساحة أوسع كي تتمكن من تفادي ضربات غريمها والحركة بحرية.. أما جيدار الأقوى والأكثر ثقة، فليس بحاجة لمثل هذه المساحة لأنه سيكون المهاجم بدون أي تردد، ويكفيه موقعٌ محدود لتوجيه ضرباته القوية نحو ججي..
وقف الإثنان مقابل بعضهما البعض بتحفز بينما تعالت بضع صيحات تشجيعية لجيدار من وسط الحضور.. أما أغلب رجال قبيلة ججي فقد التزموا بالصمت وهم يراقبون ما يجري باستياء.. أدركت ججي أن رجالها يخشون ضعفها ويثقون بعدم قدرتها على التغلب على غريمها، ولذلك شعرت أنهم لن يترددوا في التخلي عنها لحظة سقوطها أمام جيدار.. لكنها لم تكن لتسمح بذلك.. لم تكن لتسمح لرجل يمتلك كل ما تفتقر إليه دون أن يبذل جهداً للحصول عليه، وفوق ذلك يصبغ تصرفاته بالكِبَر والصلافة التي تتعمد إهانتها لمجرد أنها امرأة، لم تكن لتسمح لرجل مثله بإذلالها أمام رجالها.. لذا كانت عازمة على الحصول على هذا الفوز بأي وسيلة كانت..
لاحظ كين في تلك اللحظة أن ججي الواثقة من نفسها دائماً تمسك سيفها بيديها الاثنتين عوضاً عن يد واحدة كما اعتادت دائماً.. وهذا دلّه على خشيتها من فارق القوة بينهما وأن يتمكن جيدار من تجريدها من سيفها بضربة واحدة.. وبدل الاندفاع في هجوم عشوائي، وقفت ججي في موقعها بانتظار غريمها الذي رفع سيفاً يفوق ما تملكه حجماً، واندفع نحوها موجهاً لها ضربة قوية بيد واحدة.. حاولت ججي تلقي ضربته تلك بسيفها دون أن تتفاداها خشية أن تظهر بمظهر الضعيف، فتلاقى السيفان في ضربة وصل صداها لموقع بعيد في المخيم بينما شعرت ججي بسيفها يكاد يطير من قبضتيها المشدودتان عليه، وتشنجت أصابعها بقوة من عنف الضربة.. لكنها ثبتت قدر ما تستطيع وهي ترى جيدار يوجه لها ضربة أخرى سريعة، ثم تبعتها ضربات أخرى متلاحقة فتصدّ ججي ما تقدر عليه وتتفادى أغلب هجومه رغماً عنها..
كان جيدار يعتمد على قوة ساعديه مقارنة بها، وحجم سيفه العريض مقارنة بسيفها، مما جعل ججي تخشى أن ينكسر سيفها لقوة تلك الضربات.. واضطرت في مرات عديدة للتراجع عدة خطوات وهي تصدّ ضرباته دون أن تتمكن من إصابته بأي ضربة من جهتها.. ومن الجمهور، بدأت تسمع صفير تشجيع وبعض الضحكات من رجال القبائل الأخرى الذين يتوقعون منها الهزيمة، عندها عزمت ججي على نيل هذا النصر ولو بالحيلة.. تخلت عن فكرة إثبات قوتها وفضّلت إثبات مهارتها وقدراتها مقارنة بهجوم جيدار المباشر..
وعندما هوى جيدار نحوها بضربة جانبية وهو يضحك ضحكة ساخرة، تفادت ججي الضربة وسارعت لدفع سيفها نحو سيفه قبل أن يتمكن من إيقاف اندفاع سيفه الثقيل.. فضربت سيفه ضربة قوية في اندفاعته محاولة أن تجبر جيدار على إفلاته وبذلك تحرز نصراً سريعاً عليه، لكن قبضة جيدار كانت أقوى من توقعاتها وهو يزمجر ويدير السيف ليضربها من جديد.. لم تيأس ججي وهي توجه ضرباتها إلى نصل سيفه بعد كل تلويح منه بالسيف، فيتعالى صوت التقاء السيفين وججي تستنفر قواها محاولة استغلال ثقل سيفه لتزيد من اندفاعته بعيداً عن صاحبه.. ورغم فشلها في كل مرة، لكنها استمرت في تفادي ضرباته واستخدام تلك الطريقة مغيرة أسلوبها وقوة ضرباتها في كل مرة..
صاح جيدار بحنق وهو عاجز عن إصابتها رغم محاولاته "ألن تكفي عن هذا العبث وتواجهيني بجدية؟.."
قالت ججي وهي تتفادى ضربة جديدة منه "أنا أواجهك بكل جدية بالفعل، لكن لا أفعل ذلك بغباء كما تفعل أنت.."
زمجر جيدار بحنق، ورفع سيفه عالياً مغيراً اتجاهه، وهوى نحو رأسها بأقوى ما يملك.. لم تخشَ ججي الضربة لوجود تلك الخوذة على رأسها، لكن لو أصابتها تلك الضربة القوية فلاشك أن تفقدها الوعي أو تسقطها أرضاً على الأقل.. انتظرت ججي للحظة وهي ترى السيف الحاد يهوي نحوها دون تردد، ولما اقترب النصل منها تراجعت بجسدها ليهوي النصل بقوة نحو الأسفل، عندها لم تتردد ججي في ضرب النصل بسيفها لتدفعه نحو الأرض بقوة أكبر حتى انغرز فيها، ثم وضعت قدمها على النصل الحاد قبل أن يسحبه جيدار وضغطت عليه بقوة وهي تديره جانباً مما أجبر جيدار على إفلات السيف بعد أن آلمته قبضته التي كانت متعبة بالفعل بعد كل تلك الضربات.. فأسرعت ججي لرفع سيفه بقدمها ورميه بعيداً عن متناول يده وهي تضع سيفها عند عنقه قائلة "والآن.. ما رأيك؟"
نظر لها جيدار بشيء من الصدمة وكثير من الحنق، فيما تعالى مزيج الصفير من الجموع المحيطة بهما مع صيحات حانقة من رجال جيدار الذين ساءهم فوزها عليه.. ولكن جيدار لم يستسلم وهو يمسك نصل سيفها بيدٍ دون أن يعبأ بحدته ويقول بغضب "أتظنين أنني سأتراجع بعد عرضك الساخر هذا؟.. أنت تستهينين بي دون شك.."
تدخل هاكين في تلك اللحظة قائلاً "كفى يا جيدار.. لقد كان بيننا وعدٌ وعليك أن تفيَ به.."
صاح جيدار "محال.. لن أتناسى ثأرنا من هذه المرأة مطلقاً.."
كاد الموقع أن يشتعل بين الأكاشي، ورجال جيدار قد وضعوا أيديهم على سيوفهم فيما أسرع رجال ججي لسحب سيوفهم بتحفز واضح، لكن توقف كل شيء مع صيحة آتية من جانب المعسكر.. انفضّت الدائرة التي كانت تحيط بججي وجيدار ليظهر من خلفها خمس رجال من الأكاشي يسوقون ثلاثة رجال غريبي الهيئة.. كان منظر أولئك الرجال كفيلاً بشغل الجموع وجذب اهتمام جيدار وبقية الزعماء عن المبارزة التي كادت تشعل معركة بين قبائل الأكاشي المتواجدة في المعسكر، ولذا فقد تنهدت ججي براحة وهي ترجع خطوة فيما تقدم الأكاشي بالرجال من هاكين وأحدهم يقول "لقد عثرنا على هؤلاء الجواسيس في موقع قريب من المعسكر.. ولا نعلم منذ متى كانوا يراقبوننا.."
التقت الأبصار عند الرجال الثلاثة وأحدهم يقول شاحباً "لسنا جواسيس.. نحن عابروا سبيل.."
قال هاكين بجفاء "هذه دعواكم في كل مرة.. ولا يخيب ظننا فيكم في كل مرة أيضاً.."
وقال للرجال "اصطحبوهم لخيمة القادة.. سأقوم باستجوابهم بنفسي.."
دفع الرجال الجواسيس الثلاثة نحو الخيمة الكبيرة التي يجري القادة اجتماعاتهم فيها، فيما التفت هاكين إلى جيدار وججي مضيفاً "لا أظن الوقت أصبح ملائماً للعبث الذي تقومان به.. كفا عن هذه الخلافات فما نواجهه أهم بكثير.."
لم يعارض جيدار وهو يعيد سيفه لغمده، بينما تراجعت ججي وهي تعيد سيفها للغمد المعلق في حزامها.. وتقدمت من هاكين قائلة بخفوت "ألا ترى أن الوقت ملائم الآن لتنفيذ ما اتفقنا عليه؟.. هؤلاء الجواسيس سيفيدوننا بكثير في المعركة الوشيكة بالتأكيد.."
غمغم هاكين "أفهم ما تعنيه.. لكن هذا سيتسبب بخسارة فرصتنا للحصول على معلومات عن جيش الأعداء من هؤلاء الجواسيس.."
فقالت ججي "لكن قد لا تواتينا فرصة أخرى لتنفيذ تلك الخطة.. نحن بحاجة إليهم، ولما قد نحققه لو شهدوا هذا الأمر بأنفسهم.."
هز هاكين رأسه قائلاً "أنا معك في ذلك.. اسبقني للخيمة فيما أنهي بقية الترتيبات، ثم سنقوم باستجواب الجواسيس والحصول على ما يمكننا الحصول عليه من معلومات منهم.."
هزت ججي رأسها موافقة وعادت لخيمة القادة حيث سبقها جيدار وعدد من الزعماء.. وبعد غياب قصير، عاد هاكين للخيمة ليقف أمام الجواسيس الذين تم تقييد أيديهم بإحكام وقال "أين وصل جيش الملك؟.. أهو قريب منا؟"
قال أحد الجواسيس "لا نعلم عن هذا شيئاً.. إنما نحن....."
فقال هاكين "جرت العادة على قتل الجواسيس دون سؤال، لكن هذه المرة نحن بحاجة إليكم ولما تملكونه من معلومات.. فلو قررتم عدم التعاون معنا، عندها لا نملك أي سبب للاحتفاظ بكم أحياء.."
تبادل الجواسيس النظرات الصامتة، فيما عاد هاكين يسأل بصرامة "أنا لا أطيق الكاذبين.. ومن سيكذب عليّ سأقوم بقطع لسانه دون تردد.. هل فهمتم؟"
صمت الجواسيس بقلق وتردد واضحين، عندما تعالى صوت جهوري من مدخل الخيمة قائلاً "ما الذي جرى؟"
التفت هاكين مع بقية الزعماء لزعيم قبيلة (الغربان) المسمى ستراك والذي دخل الخيمة بطوله الفارع وجسده العريض واضعاً يده على سيفه الضخم المعلق في حزامه العريض.. فأجاب هاكين مشيراً للجواسيس أمامه "لقد تم القبض على هؤلاء الجواسيس في موقع قريب من المعسكر.."
قطب ستراك قائلاً "ولمَ لا يزالون أحياء حتى الآن؟.. ألم تأمر رجالك بقتلهم فور العثور عليهم؟"
قال هاكين بهدوء "لا.. لقد طلبت إحضارهم حتى أقوم باستجوابهم.. أريد معرفة كل ما يمكنني معرفته عن جيش الملك العربي.."
ونظر للجواسيس المرتعبين مضيفاً "ويمكنني الحصول عليه ببعض الضغط.."
ارتجف الجواسيس للهجة هاكين، بينما صاح ستراك "هذا غير مقبولٍ بتاتاً.. المفترض أن تقتلهم لئلا تمنحهم الفرصة للهرب وحمل أخبار معسكرنا إليهم.."
فقال هاكين "لن أسمح لهم بالهرب بالطبع.. فلمَ القلق؟"
قال ستراك بغيظ "أنت دائماً تتعامل مع الأمور الحساسة ببرود شديد.. وهذا يثير أعصابي بالفعل.."
وتقدم من الجواسيس مستلاً سيفه وهو يضيف "هل يجب أن أنجز الأمور كلها بنفسي دائماً؟"
صاح به هاكين "مهلاً يا ستراك.."
لكن ستراك لم يتردد وهو يرفع سيفه نحو الجواسيس الذين اتسعت أعينهم برعب واضح.. لكن سيف ستراك الذي طوّحه بقوة قد ارتطم بسيف ججي التي اعترضت طريقه وهي تقول "اهدأ يا ستراك.. لا يمكنك الاستفراد برأيك في هذا الأمر.."
استنفر ستراك قواه ليدفع سيفه بقوة طرحت ججي جانباً وهي التي لا توازيه في القوة مع ضخامة جسده، لكن هاكين اندفع ليواجه ستراك الثائر وهو يصيح "توقف يا ستراك.."
صاح ستراك بحنق وغضب "من الذي يستفرد برأيه هنا يا هاكين؟.. أنت تجبرني على إطاعتك رغم أنفي، وفوق هذا أحضرت هذه المرأة لتشاركنا هذه المعركة رغماً عنا.. أنت تدرك أن رجالي ورجال باقي القبائل نكفي في هذه الحرب دون الاضطرار للاستعانة بهذه المرأة وقبيلتها الخانعة.."
قال هاكين بغضب "وهل هذا وقت إثارة المشاكل؟.. سنطيع كل ما تطلبه، لكن كفّ عن هذا الانفعال الأحمق.."
خفض ستراك سيفه وهو يزفر بقوة، ثم قال بلهجة آمرة "في البدء، تخلص من هذه المرأة ومن رجالها.. نحن لسنا بحاجة لهم في هذه الحرب.."
تراجع هاكين خطوة وقال "عدنا لهذا من جديد؟.. هذا ما لا يمكنني فعله.. نحن بحاجة لكل رجل، والاستغناء عن قبيلة قوية مثل قبيلة (أبناء الذئاب) مرفوضٌ تماماً.."
نظر له ستراك بغضب شديد، ثم قال بحنق "حقاً؟.. أنت لا تمنحني أي خيار إذاً.."
وأعاد سيفه لغمده مضيفاً "أنا أنسحب من هذه الحرب التي يهان فيها رجالي بالقتال بجوار امرأة.. مثل هذه الحرب لا يرتجى منها مادمنا نحتاج لمثلها للفوز.."
وغادر بخطوات واسعة، فصاح هاكين "مهلاً يا ستراك.. هل ستفعل هذا حقاً؟.. أنت تجردنا من ثلث جيشنا بسبب غضبك الأحمق هذا.."
قال ستراك بجفاء "غضبي الأحمق هذا لن يهدأ مادامت هذه المرأة في هذا المعسكر.. عندما تقرر طردها منه، أرسل من يستدعيني وسأعود إليكم على الفور.. حتى ذلك الوقت، لا تأمل أن نعاونكم في هذه الحرب بتاتاً.."
صاح هاكين "مهلاً.. لا يمكنك أن تكون جاداً يا ستراك.."
لكن ستراك غادر دون أن يستدير وهو يصيح بأحد رجاله "أخبر الرجال جميعاً أن يجمعوا عتادهم ويستعدوا للرحيل فوراً.. ليست بنا حاجة للبقاء في هذا المعسكر.."
أسرع الرجل يطيعه دون نقاش، بينما وقف هاكين يراقبه بغير تصديق فيما اقتربت ججي منه قائلة بضيق "لمَ عليه أن يكون مندفعاً بهذه الطريقة في وقتٍ حساسٍ مثل هذا؟"
نظر لها هاكين بصمت والصدمة واضحة في ملامحه، بينما بقي الجواسيس في موقعهم وهم يتبادلون النظرات بصمت وانفعال واضح.. وبعد بعض الصمت، قال هاكين "هذه خسارة لا يمكننا تعويضها.."
واستدار إلى الجواسيس مضيفاً "لكني سأضمن تعويضها بكل ما يمكنني الحصول عليه من معلومات منكم.."
لم يعترض أحد الزعماء ممن بقي في المعسكر أو يتدخل في استجواب هاكين للجواسيس.. لكن هاكين لم يستخدم العنف معهم واكتفى باستخدام التهديد وبعزلهم عن بعضهم البعض أثناء الاستجواب.. وبعد عدة ساعات، نادى هاكين أحد رجاله قائلاً "احبسوا هؤلاء الجواسيس في جانب المعسكر وحاذر من أن يهرب أحدهم.. سأستكمل استجوابهم غداً.. وسأحصل على ما أريده من معلومات بالتأكيد.."
أسرع الرجل مع رفيقٍ له بجذب السجناء مغادرين الخيمة، فيما التفت هاكين إلى بقية الزعماء الذين حضروا الاستجواب قائلاً "يبدو أننا لن نستطيع إجبارهم على الإفصاح عن كل ما يملكونه من معلومات.."
علق جيدار قائلاً "كان عليك استخدام القوة.."
فقال هاكين "استخدام القوة سيعطل خططنا الأخرى.. لذا ليس علينا سوى الانتظار.."
في تلك الأثناء تم اقتياد السجناء لجانب المخيم وتقييد أيديهم بحبلٍ غليظ وطويل نوعاً ما في عمودٍ خشبي يرفع خيمة قريبة.. وفي ذلك الجانب، تمكن الجواسيس من رؤية البلبلة الواضحة التي حدثت في المعسكر وأن يشهدوا انسحاب ما لا يقل عن عشرين ألفاً من الأكاشي، من أصل ستين ألفاً تجمعوا في ذلك الموقع، والذين يكوّنون قبيلة (الغربان) والقبائل الموالية لها والتي فضّلت الانسحاب معها.. وقف عدد كبير من الأكاشي يراقبون انسحاب تلك القبائل والقلق واضحٌ على الوجوه، بينما همس أحد الجواسيس لرفاقه بعيداً عن مسمع الحارس الذي يراقبهم "هذه أخبار هامة.. يجب علينا أن نحملها للملك فارس بأسرع ما يمكننا.. هذا يقلب الأمور لصالحنا بشكل تام.."
قال رفيقه بتوتر "كيف يمكننا فعل ذلك؟.. من المحال أن نهرب من معسكر الأكاشي.."
قال رفيقهم بإصرار "يجب أن نفعل هذا الليلة.. أنسيتم أنهم ينتوون استجوابنا غداً؟.. لن يبقى أحدنا حياً بعد ذلك الاستجواب.. لذلك، فرصتنا الوحيدة هي في الهرب هذه الليلة.."
صمت رفاقه بغير اقتناع، بينما دمدم الأول بإصرار "تلك فرصتنا الوحيدة بالتأكيد.."

************************

في تلك الليلة، وبعد أن هدأ المعسكر بشكل تام من حولهم، بقي الجواسيس منتبهي الحواس وهم يتلفتون حولهم بتوتر شديد في الموقع الذي تم سجنهم فيه.. بينما جلس الحارس قريباً منهم مع أحد رفاقه وهو يسرف في شرب الخمر من وعاء فخاري ذي فوهة ضيقة.. ظل الجواسيس صامتون يراقبون الموقف، ثم همس أحدهم بعيداً عن مسامع الحارس ورفيقه "يبدو أن الحظ حليفنا.. مع إسرافه في الشرب، سيفقد الحارس وعيه بالتأكيد.. عندها، قد نتمكن من الهرب ببعض الحظ.."
تساءل أحد رفاقه بتوتر "كيف؟.. ونحن وسط معسكر الأكاشي؟"
قال الأول بضيق "لا تحمّلهم أكبر من قدرهم بالفعل.. معسكر الأكاشي ليس منيعاً كما قد تتصور.."
قال الثاني "ليست المناعة ما أخشاه، بل وحشيتهم في التعامل مع الهاربين من سجنائهم.."
سمعوا الحارس يصيح بهم بلسانٍ ثقيل "كفوا عن التهامس.. وإلا قطعت ألسنتكم هذه.."
ساد الصمت بين الجواسيس بشيء من القلق، بينما نهض الرجل الثاني قائلاً للحارس "يبدو أنك تسرف في الشراب هذه الليلة.. هل نسيت أنك مناوبٌ لحراسة هؤلاء؟"
وحاول سحب الوعاء مضيفاً "أعطني إياها.. يجب أن تكفّ مادمت قادراً على ذلك.."
قال الحارس بحنق "أنت تريد الاستيلاء على ما بقي في الوعاء.. لكني لن أسمح لك بذلك.."
لوّح الرجل بيده حانقاً وهو يغادر، بينما غمغم الحارس وهو يصبّ لنفسه المزيد من الشراب "تريدون مني البقاء في العراء في ليلة قارسة مثل هذه دون أن أجد ما يدفئ أوصالي؟.."
احتفظ الجواسيس بصمتهم وهم يراقبون الحارس الذي استمر في استنزاف ما في الوعاء من خمر حتى سقطت رأسه على صدره بعد أقل من ساعة.. علا شخيره في الموقع والجواسيس يتلفتون حولهم في توتر.. وأخيراً، تجرأ أحدهم للاقتراب من الحارس مستغلاً طول الحبل الذي يقيده، فقام بسحب خنجر الحارس بخفة وهو يراقب ملامحه خشية إيقاظه، بينما تلفت رفيقاه حولهما وأحدهما يهمس "أنت مجنون.."
لم يعلق الأول وهو يسحب الخنجر حتى استخرجه كاملاً من حزام الحارس، عندها تراجع نحو رفيقيه بسرعة وهو ينطوي على نفسه مخفياً الخنجر بين يديه.. ثم بحركة سريعة قام بقطع الحبل الذي يقيّد يدي زميله القريب منه وهو يهمس "علينا الرحيل بسرعة قبل أن ينتبه الأكاشي لهروبنا.."
سقطت قيود يدي الرجل، فأسرع يتناول الخنجر ويحرر رفاقه الآخرين.. وعندما اطمأنوا لخلوّ الموقع من أي رجل قد يلحظ هربهم، استدار الجواسيس الثلاثة وبدؤوا التسلل بين الخيام ونحو أقرب طريق يقودهم للخيول التي استلبها الأكاشي منهم.. كان التوتر قد بلغ منهم مبلغه، وخوفهم من ردة فعل الأكاشي على هروبهم تفوق الكلمات.. وخلفهم، فتح الحارس عينيه ورمقهم بنظرة صامتة حتى ابتعدوا، عندها نفض ملامح النوم البادية عليه وهو يصيح بأعلى ما يملك "الجواسيس هربوا.. أمسكوهم.."
ارتجفت أعماق الجواسيس لذلك الصياح الذي وصل لسمعهم بوضوح، فصاح أولهم "لنسرع.."
مدوا سيقانهم بالركض السريع نحو الخيول التي تبدوا لهم على شيء من المبعدة، بينما لاحظ آخرهم أن عدداً من الأكاشي قد بدؤوا يلحقون بهم من جوانب المخيم القريبة.. عندها توقف فجأة واستدار مواجهاً الملاحقين وهو يرفع الخنجر الذي سلبه من الحارس صائحاً برفاقه "أكملوا هروبكم ولا تتوقفوا.."
صاح أحد الرجال "ما الذي تنوي فعله يا مجنون؟"
قال الجاسوس الأخير "يجب أن أمنعهم من قتلنا جميعاً.. يحب أن يصل أحدنا إلى الملك فارس ويخبره بما نحمله من أنباء.. لا تتوقفوا حتى تتمّوا مهمتكم يا رجال.."
تردد الجاسوسان لوهلة، لكن صيحة من رفيقهما قد أعادت إليهما صوابهما وهما يستديران محاولين الوصول للخيول قبل اقتراب الأكاشي منهما.. بينما وقف الثالث رافعاً الخنجر الصغير بشحوب واضح وهو يتمتم "اللعنة.. أنا مقضيّ عليّ في كل الأحوال.."
رأى رجلين من الأكاشي يقتربان منه ركضاً، ورفع أحدهم سيفه هامّاً بضربه، لكن الجاسوس تفادى الضربة بشيء من الصعوبة وهو يندفع نحو غريمه محاولاً طعنه بالخنجر.. لكن ضربة أخرى أصابته من الخلف من الرجل الثاني ألقته أرضاً والدماء تنزف من ظهره بغزارة..
تأمل الرجلان الجاسوس الذي سقط أرضاً والأول يدفع سيفه في عنقه ليقضي عليه في الحال.. ثم نظرا للجاسوسين الآخرين الذين كانا قد تمكنا من الهرب بحصانيهما من المعسكر مثيرين سحابة من الغبار خلفهما.. لم يحاول رجلي الأكاشي اللحاق بهما وأحدهما يقول لرفيقه "لقد هربا أخيراً.. لنذهب لإخبار هاكين بالأمر.."
وغادرا بصمت ودون انفعال لكل ما جرى تلك الليلة..

************************

 
 

 

عرض البوم صور عالم خيال   رد مع اقتباس
قديم 21-01-16, 12:03 AM   المشاركة رقم: 93
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قاريء مميز


البيانات
التسجيل: Dec 2014
العضوية: 285617
المشاركات: 759
الجنس أنثى
معدل التقييم: مملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1593

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
مملكة الغيوم غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عالم خيال المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: ابنة السماء..

 

السلام عليكم ورحمة الله
تجمع الاكاش للحرب ضدد الملك فارس وهم بين مؤيد لوجود جام وبين معارض والمعارضين كثر
النزال بين جام وبين زعيم قبيلة الارقط جيدار لم تحسمها القوة ولكن حسمتها الزكاء
يبدو ان كين هو ايقونة حظ جىجى فهى لاتنجح الا باتباع نصائحه
الزعىم هاكين يبدو انه هو من خطط لهرب الاسرى مع جام حتى يعرف موقع ثغرات العدو
سلمت يداكى خيال فصل حماسى منتظره الباقى دمتى بخير ولكى منى كل الحب

 
 

 

عرض البوم صور مملكة الغيوم   رد مع اقتباس
قديم 21-01-16, 04:50 AM   المشاركة رقم: 94
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
اميرة القلم


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273354
المشاركات: 4,068
الجنس أنثى
معدل التقييم: برد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسي
نقاط التقييم: 4345

االدولة
البلدLibya
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
برد المشاعر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عالم خيال المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: ابنة السماء..

 

سلمت أناملك خيال فصل ممتع ورائع ‏

ججي مهما فعلت وسعت يرفضون الاعتراف بها وبتفوقها عليهم ونهايتها مكيدة تحاك ضدها بفك الأسرى ولم يهتموا حتى لعواقب الأمر فهل ستكون هذه المعركة نهاية عهد زعامة ججي أو تقع أسيرة ‏؟؟ خيالي واسع هههه ‏
أم أنها ستتبث نفسها مجددا ‏؟ ‏
كلما تذكرت كلامك خيال عن إن حب كين ليس بغبي يولد داخلي الأمل لنهاية مرضية ‏

التشاؤم والتفاؤل والترقب والتوتر والخوف أمور ضرورية أثناء القراءة وبالنسبة لي تمثل الحماس المطلق وأشعر بها جميعها وأنا أقرأ كل فصل من فصول روايتك وهنا تكمن روعتها ‏

 
 

 

عرض البوم صور برد المشاعر   رد مع اقتباس
قديم 21-01-16, 04:55 AM   المشاركة رقم: 95
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
اميرة القلم


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273354
المشاركات: 4,068
الجنس أنثى
معدل التقييم: برد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسي
نقاط التقييم: 4345

االدولة
البلدLibya
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
برد المشاعر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عالم خيال المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مملكة الغيوم مشاهدة المشاركة
   السلام عليكم ورحمة الله
تجمع الاكاش للحرب ضدد الملك فارس وهم بين مؤيد لوجود جام وبين معارض والمعارضين كثر
النزال بين جام وبين زعيم قبيلة الارقط جيدار لم تحسمها القوة ولكن حسمتها الزكاء
يبدو ان كين هو ايقونة حظ جىجى فهى لاتنجح الا باتباع نصائحه
الزعىم هاكين يبدو انه هو من خطط لهرب الاسرى مع جام حتى يعرف موقع ثغرات العدو
سلمت يداكى خيال فصل حماسى منتظره الباقى دمتى بخير ولكى منى كل الحب

غيومة تعتقدي هروبهم مدبر من ججي وهاكين ‏؟؟ ما جت في بالي يا ذكية‏

 
 

 

عرض البوم صور برد المشاعر   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
السماء.., ابنة
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 04:31 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية