لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-01-16, 12:18 AM   المشاركة رقم: 86
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قاريء مميز


البيانات
التسجيل: Dec 2014
العضوية: 285617
المشاركات: 759
الجنس أنثى
معدل التقييم: مملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1593

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
مملكة الغيوم غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عالم خيال المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: ابنة السماء..

 

السلام عليكم ورحمة الله
معذرة عزيزتى خيال على التقصير فى الردود كان جهازى عامل اضراب والردود كانت بتنمسح لانه كان بيعمل رفرش كل ثانيه لكن استمتعت بالقراءة والحمد لله قدرت ارد على حلقة اليوم
جيجى اراها تتقدم بسرعه دون تفكير وجرا وراها كين ومينار ولا تراعى انها دخلت حروب كثيره مما ارهق الرجال وخسارت المعدات وكل تفكيرها بينحسر فى تثبيت اقدامها فى الزعامه
كين منساق وراها لحمايتها لانه بيخاف من تهورها
مينار يثق بجيجى لانها صنع يديه واعتقد انهبيكن لها مشاعر الابوه
تينا اما انها غبيه او عميه لان مشاعر تبريق واضحه زى الشمس تبريق حاله نادره من الاكاش احسه اكاشى متحضر بيراعى المراءة ويحترمها
سلمت يداكى عزيزتى وتشجعى ونزلى روايتك التاريخيه وكل تجربه تثقلك اكتر وتعرفك ذوق القارء ومواطن الخلل فى العمل المقدم من النقد
دمتى بود ولكى منى كل الحب

 
 

 

عرض البوم صور مملكة الغيوم   رد مع اقتباس
قديم 19-01-16, 10:06 AM   المشاركة رقم: 87
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Dec 2015
العضوية: 307841
المشاركات: 179
الجنس أنثى
معدل التقييم: عالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 460

االدولة
البلدAland Islands
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عالم خيال غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عالم خيال المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: ابنة السماء..

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
لا تقصير منك يا عزيزتي مملكة الغيوم ولا يمكنني أن أستاء منك
يكفي أنك من شجعني بشدة على نشر روايتي الثانية هنا..
المهم أنك تمكنت من متابعة الرواية معنا فصلاً بفصل

ربما كانت ججي متهورة، لكن هي في السابق لم تحلم قط بأن تكون زعيمة فعلاً
كل ما يهم ججي بالفعل، أن تثبت لقبيلتها وللآخرين أن ما صنعه بها قادور لم يكن هباءً
بهمها ألا يسخر منه أحد، وألا يحقر من شأنه شخص بعد موته
ولن يكون هذا لو فشلت بأن تصبح زعيمة قومها
الحروب المجهدة وخسارة البشر والمعدات كما تصفينها هي أمور معتادة بين الأكاشي
ومن طبيعة حياتهم اليومية
فقط الاختلاف كان في هوية العدو، ولأن العدو يملك معدات وجنود أكثر وأحسن تطويراً، هذا ما يقلب ميزان القوى بين الكفتين ويجعل خسارة الأكاشي أكبر من المعتاد
لكن أن تسعى ججي لاستعادة حق قبيلتها والقبائل المجاورة لها لا يمكن وصفه بأنها أنانية وأنها تسعى فقط لتثبيت موقعها في القبيلة

تينا بالطبع متعامية عن الصفات التي يملكها تبريق، لكن هل ستلين؟..
تبريق، وربما الكثير غيره، مختلف عن طبيعة الأكاشي القاسية
لكن في مجتمع ينبذ اللين واللطف خاصة مع النساء، من الصعب أن يُظهر أي رجل تلك الصفات فيه أمام الآخرين

سنرى بقية الأحداث مع الفصل الجديد.. وأتمنى أن تعجبك التطوارت القادمة

 
 

 

عرض البوم صور عالم خيال   رد مع اقتباس
قديم 19-01-16, 10:17 AM   المشاركة رقم: 88
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Dec 2015
العضوية: 307841
المشاركات: 179
الجنس أنثى
معدل التقييم: عالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 460

االدولة
البلدAland Islands
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عالم خيال غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عالم خيال المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: ابنة السماء..

 

الفصل الثامن عشر {مجرد بداية}


غابت ججي عن المخيم ما يقارب الأسبوعين، وعند عودتها مع مجموعة الرجال الذين اصطحبتهم معها لمخيم قبيلة (المخلب الأسود)، كانت أصداء ما جرى في تلك المعركة، والفوز االساحق الذي نالته بالتعاون مع تلك القبيلة، قد سبقتها للمخيم واستحوذت على اهتمام أفراد القبيلة كبيرهم وصغيرهم.. فرغم أن ججي قد اصطحبت عدداً قليلاً من الرجال لا يتجاوز المئة، لكنها بالتعاون مع قبيلة (المخلب الأسود) قد تمكنت من التخلص من الجنود الذين عسكروا في مخيم القبيلة، ومن السفن التي تخلّت عن حذرها السابق واقتربت من الشاطئ الذي يخلو من أي صخور حادة أو معوقات تهدد سيرها.. وما لا يعلمه رجال تلك القبيلة التي دهشت بخطة ججي للتغلب على أعدائهم، أن كين كان المسؤول عنها مستغلاً تضاريس الموقع المحيط بالمخيم لمعاونتهم في الحصول على فوز سريع وساحق..
وعندما سارت ججي وسط مخيم قبيلتها على ظهر الغبراء، ومن خلفها الرجال يتقدمهم كين الذي يلازمها كالعادة، استطاعت أن ترى الأعين التي ترمقها باهتمام يمتزج بشيء من الحماس، وبدأ الصبية يتراكضون قرب الموكب الذي تتقدمه وهم يتصايحون "لقد عاد جام البطل.. لقد عاد جام البطل.."
ارتسمت ابتسامة جانبية على شفتي ججي ممتزجة بتعجب كبير، فهي لم تتوقع أن ترى ذلك الحبور في أعين أفراد قبيلتها رغم نجاحها في المعركة الثالثة التي خاضتها ضد جنود الملك العربي.. تقدمت نحو ساحة المخيم حيث تجمهر رجال القبيلة حول مجلس كبارها، وهناك ترجلت عن ظهر الفرس وهي تتقدم من الرجال الذين وقفوا لقدومها مما زاد تعجبها أكثر.. وسمعت سادر يقول "أصداء فوزك قد بلغتنا قبل قدومك يا جام.. وهو أمرٌ لم نتوقعه بصراحة مع العدد الضئيل الذي اصطحبته معك من الرجال.."
علقت ججي "لكن ذلك الفوز قد منحنا أكثر من فائدة.. فقبيلة (المخلب الأسود) قد انحازت إلينا، وهناك عدة قبائل قد أرسلت تطلب إقامة حلفٍ معنا.."
فقال سادر "بالفعل، وصلنا عدد من رسل تلك القبائل.. قد تكون بعض تلك القبائل ضعيفة بين الأكاشي، لكن هذا لا يلغي أنك نجحت في تعويض قبيلتنا ممن خسرتهم من الحلفاء السابقين.."
دارت ججي ببصرها في الوجوه، فلم تجد أي لمحة من سخرية أو استهانة بما فعلته، فتشجعت لتقول بصوت جهوري يصل للجميع "الآن، ترون أنني قد أنجزت وعدي لكم وحصلت على الحلفاء الذين تحتاجهم القبيلة لتجاوز أي أزمة تمر بها.. فهل أنتم مستمرون بالخضوع لي أم أن الشكوك لا تزال تساوركم في تمكّني من هذا المنصب؟"
تبادل كبار القبيلة النظرات الصامتة، والتي جذبت اهتمام بقية أفراد القبيلة بالفعل.. فبكلمة واحدة، يمكن لكبار القبيلة أن يعلنوا بدء سباق الزعامة الذي سينتهي بقتل ججي وتنصيب الزعيم الجديد.. أو يمكنهم أن يقرّوا لججي زعامتها على القبيلة وبذلك يضعون حداً لمن قد تساوره الرغبة بمنازلة ججي وإزاحتها..
ومن بين الصمت الذي خيّم على الموقع، سمعت ججي صيحة من جانب المخيم "جام زعيمنا.. وهو قد استحق الزعامة بالفعل.."
كان الصياح بصوت امرأة كبيرة في العمر، والتي حاولت التطاول ليراها البقية وهي تصيح "ما الذي تريدونه أكثر من كل ما فعله؟.. لقد أصبحت القبائل ترجوه إقامة حلف معها، وهو قد أظهر مهارة فائقة في التخلص من أعدائنا بشكل يثير الإعجاب.."
وعادت تصيح بحماس "جام زعيمنا ولا نريد غيره....."
تقافز الفتية القريبين هاتفين معها "جام زعيمنا.. جام زعيمنا..."
وسرعان ما انضمّ إليها الكثير من النساء الذين ترددوا في البدء خشية إغضاب الرجال.. لكن مع حماسهن بدأ بعض الرجال في إظهار موافقتهم على الأمر، والهتاف مع الجماعة المتحمسة.. بينما بقي الأغلبية صامتين بانتظار رأي كبار القبيلة دون أن يبدو الاستنكار والاعتراض على وجوههم..
تقدم سادر قائلاً "لقد كنتُ أكنّ احتراماً عميقاً لقادور، وأوافقه على كل آرائه التي لم تجانب الصواب يوماً.. اعتراضي الوحيد كان في ما يخصك أنت، وكل رجال القبيلة يشاركونني في ذلك الرأي بالتأكيد.."
نظرت له ججي بقلق، فأضاف سادر متطلعاً لمن حوله من الرجال "لكن الآن تساورني بعض الشكوك في رأيي ذاك رغم تعصبي السابق له.. وأنا أرى أن جام قد خالف كل توقعاتنا بالفعل.."
ونظر لججي مجدداً قائلاً "أنتَ لم تتمكن من قيادة الرجال بنجاح في المعركة التي خضناها ضد الجنود فقط، لكنك ساعدت عدداً من القبائل على التخلص منهم، وكسبتهم كحلفاء لنا بشكل لم نتوقعه رغم كل المعوقات التي واجهتك.."
قالت ججي بشيء من الراحة "أهذا يعني أنكم تقبلون بي زعيماً حتى بعد انتهاء مهلة الثلاثة أشهر؟"
أجاب شيتار الذي اقترب منهما "لقد تناقشنا في هذا الأمر بالفعل.. ولا يمكننا أن ننكر ما حققته حتى الآن.. لقد استحققت الزعامة في الوقت الحالي يا جام.. لذلك نحتاج الآن لسببٍ أكبر من كونك امرأة لإزاحتك.."
اتسعت ابتسامة ججي وهي ترى الحماس وتسمع الهتاف من حولها.. قد يكون رجال القبيلة قد ركعوا عند قدميها مقسمين لها بالولاء من قبل، لكن لم ترَ في وجوههم أي تقبل لها ولزعامتها.. أما الآن، فالأمر يختلف بالتأكيد.. فالتفتت للجموع حولها وقالت بصوت عالٍ "أعدكم أن أكون عند حسن ظنكم بي.. ولن أخيّب أملكم فيّ أبداً.. سأقود القبيلة لتنال ما تستحقه من هيبة واحترام وسط الأكاشي، ولن يستهين بنا شخصٌ بعد الآن أبداً.."
تزايد حماس أفراد القبيلة واحتفاؤهم بها، مما أبهج ججي أكثر فأكثر بشكل لم تتصوره.. ولما اجتمعت بمينار الذي تخلّف عن مصاحبتها هذه المرة، رأى ملامح السعادة في وجه ججي وهي تقول له "من كان يصدق أن يهتف رجال القبيلة ونساؤها لي بهذه الطريقة؟.. لقد شككت لوهلة أن هذا لن يحدث أبداً مهما بذلت من جهد.. لكن هذه المواجهة الأخيرة مع الجنود في مخيم قبيلة (المخلب الأسود) قد آتت ثمارها بالفعل.."
ربت مينار على كتفها وهو يقول "لهذا السبب بالذات رفضت الذهاب معك.. خشيت أن يُنسب نجاحك إليّ، نظراً للخبرة التي أملكها مقارنة بما تملكه أنت وبقية الرجال الذين رافقوك.. أما الآن، فنجاحك في هذه المعركة خير دليل على استحقاقك لقيادة هذه القبيلة.. ولا أظن أحداً سيفكر بعد الآن في إزاحتك.."
اختلج قلب ججي بسعادة وهي تغمغم "أتمنى ذلك.."
لوّح مينار بإصبعه مضيفاً "في الوقت الحالي على الأقل.. إن لم تستمر في نجاحاتك هذه، فقد يغيّر الرجال رأيهم في أي لحظة.."
قالت ججي "لا تقلق.. سأبذل جهدي ولن أتهاون أبداً.."
صمت مينار للحظة، ثم قال "هناك أمرٌ آخر.."
ونظر لوجهها الذي غزته علامات الاستفهام، مضيفاً "لقد وردتنا أنباء عن موت طاغار.."
لم يكن الأمر صادماً بالنظر لعمر طاغار، لكنه صدم ججي لأنها أحبت ذلك الرجل بصدق.. فغزاها الوجوم وهي تصمت محاولة تذكر ما دار بينها وبينه من حوار في آخر مرة رأته فيها.. ثم سمعت مينار يقول "سمعت أن من تولى زعامة القبيلة من بعده رجل يسمّى هاكين.. ويقال إن رجال القبيلة قد انتخبوه زعيماً بالإجماع.. فهو كان يد طاغار اليمنى، ويتحلى بحكمته وقدراته ذاتها.."
تساءلت ججي بتعجب "ألا يتنافس رجال القبيلة على زعامتها كما يحدث عادة؟"
أجاب مينار "يبدو أن أموراً كثيرة قد أفلح طاغار بتغييرها بين رجال قبيلته بالفعل.. لقد كان رجلاً ذا تأثيرٍ عظيم على رجاله، وعلى بقية زعماء ورجال القبائل الأخرى.. لذلك كان يحظى باحترام ومحبة الجميع.. لكن من يدري إن كان خلفاؤه من الزعماء سيحذون حذوه أم يعودون لعهدهم القديم؟.."
غمغمت ججي "أتظن أن هاكين ذاك سيقبل باستمرار الحلف مع قبيلتنا أم أنه سينقلب عدواً لنا؟"
قال مينار "سيتضح ذلك الأمر عندما يرسل رسوله إلينا.. ولابد أنه فاعل.."

************************

عند عودة تبريق مصاحباً لججي بعد المعركة الأخيرة، توقف للحظة يراقب الوضع وسط الساحة.. كان باستطاعته رؤية الاحتفاء على وجوه أفراد القبيلة بوضوح، وهذا أراحه نوعاً ما رغم تذمر ججي طوال الأيام الماضية من قلقها لهذا الأمر وخشيتها من عناد رجال قبيلتها متمثلين في كبار القبيلة..
لا يدري تبريق سبب عدم اعتراضه على زعامة ججي للقبيلة، ربما لأنه لم يكن يهتم بأمر الزعامة هذه، أو لأنه لا يرى ضيراً من أن تتولى ججي بالذات هذا الأمر.. وربما، في الحقيقة، كان ذلك وفاءً منه لقادور الذي يكن له كل احترام وتقدير ويثق بآرائه وخياراته دائماً..
استدار تبريق عائداً لخيمته دون أن يشارك فيما يجري وسط الساحة بعد أن أدرك أن ججي قد أصبحت في أمانٍ ولو جزئي لوقت طويل.. ولدى اقترابه من الخيمة، لاحظ تينا التي وقفت متوترة أمامها بصمت.. لم يستطع لومها على التوتر البادي في ملامحها، هل كانت قلقة على ججي وما قد يجري لها؟.. لكنه وجدها تحدق بوجهه بصمت دون أن تعير ما يجري وسط الساحة اهتماماً، فلم يملك نفسه أن سأل "أهناك ما جرى أثناء غيابي؟"
هزت رأسها نفياً وهي تنظر له بثبات مما زاده حيرة، فقال "إذن ما الأمر؟.. أأنت قلقة على جام؟"
غمغمت تينا "مما أراه فإنها قد تمكنت من زعامة القبيلة.. ولذا لا أظن حياتها بخطر في الوقت الحالي.."
ورفعت بصرها إليه من جديد مما أشعره أن تساؤلات كثيرة تدور بذهنها في الوقت الحالي.. لكنه فضّل الصمت وانتظار أن تبادره هي بالحديث، فدخل الخيمة ملقياً الجراب الذي يضع فيه أغراضه جانباً.. أما تينا، فقد وقفت في موقعها للحظات تنظر لما يجري حول ججي بصمت وهي سارحة في أفكارها.. في البدء، شعرت براحة كبيرة عندما رأت تبريق يتقدم مع ججي والرجال من وسط المخيم.. كانت تراودها أفكار عديدة عن موته في هذه الرحلة، لذا غمرها ارتياح لرؤيته، لكن سرعان ما استنكرت الأمر في نفسها وهي تشدّ على يديها.. أهي سعيدة لرؤيته حقاً؟.. هل كانت تنتظر عودته كما يخيّل لها؟.. استنكرت الأمر بشدة في البداية وهي تحاول تجاهل تلك الأوقات التي قضتها في الأيام السابقة تفكر بحياتها مع تبريق..
رغم أنها حاولت جاهدة في الأيام الماضية إبعاده عن ذهنها، لكنها كانت تفكر به بصورة أو بأخرى، خاصة بعد ما أخبرتها به جارتها اللطيفة.. والآن، مع مشاعرها التي دهشت لها لدى رؤيته، فإنها تجاوزت استنكارها بصعوبة مع اقترابه منها، وفضّلت للمرة الأولى مواجهة مشاعرها ومحاولة تبيّنها وهي تنظر في وجهه بصمت.. حاولت معرفة ما دفعها للبقاء معه طوال الشهور الماضية رغم أنه سيطلق سراحها لو طلبت ذلك منه.. لمَ احتفظت بصمتها ولم تطلب ذلك بالفعل؟.. لمَ فضلت البقاء معه وممارسة حياتها البسيطة التي تخلو من أي عاطفة تدفعها للاستمرار؟..
ورغم أنها حاولت مواجهة مشاعرها بشكل صريح في هذه اللحظات، لكنها لم تتمكن من إدراك ماهية تلك المشاعر حقاً.. هل اعتادت على وجودها معه؟.. أم أنها قد استمرأت اعتمادها عليه ولطفه الذي لا يخفيه إلا صمته الدائم؟.. أهي حياة مجردة من أي عاطفة حقاً؟.. أم أنها قد بدأت تميل إليه بالفعل كما لمست لوهلة عندما رفعت بصرها إليه متأملة ملامحه؟..
ضايقتها تلك المشاعر أكثر من أي شيء آخر وهي تزفر.. ما الذي قلب أفكارها بهذه الصورة في هذه الفترة الوجيزة؟.. لقد عاملها بشيء من الصلافة وسخر منها مرات ومرات قبل زواجه بها بالفعل، لكنه تغير بعد الزواج تماماً.. إنه يعاملها بلطف رغم أنه لا يطيل الحديث معها بل يتجنبها بشكل واضح.. وقد شعرت عدة مرات أنه حريص عليها ويخشى من أن يصيبها أي مكروه.. فهل هذا كان ما تحتاج إليه لتميل مشاعرها نحوه؟.. أهذا هو الحب حقاً؟.. فما الذي كانت تشعر به تجاه كين؟.. وكيف لذلك الحب الذي كانت تظنه عظيماً أن يتبخر خلال أشهر معدودة؟..
متى ستدرك تينا ما يريده قلبها حقاً لترتاح من هذا التفكير المتواصل الذي يتعبها ويؤلمها مرات ومرات؟..

************************

مضت عشرة أيام ونيف على القبيلة قضتها ججي منشغلة بأمور زعامتها الجديدة، والتي لم يتسنّ لها القيام بها في الشهور السابقة بسبب انشغالها بكسب القبائل الأخرى كحلفاء لها.. بدأت تهتم بأمور العوائل التي قضت الشهور السابقة موزعة بين الخيام بعد أن فقدت كل ما تملكه، وحاولت مع بعض الرجال تعويضها بكل ما يمكن ليعود إليها جزءٌ مما خسرته في الحرب السابقة دون ذنب.. كما أنها حاولت الاستفادة من الأسلحة والبنادق التي خلّفها الجنود في المخيم بعد القضاء عليهم، وأرسلت عدة رجال لبعض المدن محاولة بيعها ومقايضتها ببعض الماشية والعدة اللازمة لتعويض ما فقدته في السابق..
في جانب آخر حاول كين، رغم إصابة ذراعه، صنع المزيد من العرادات التي أثبتت فعاليتها في المعارك التي خاضوها مع سفن الملك العربي.. لم يتبقَ معهم من العرادات السابقة إلا اثنتين، فحاول كين مع عدد من الرجال صنع المزيد منها وتعويض السهام التي خسروها في المعارك السابقة احتياطاً لأي هجوم آخر من الجيش العربي.. فرغم الهدوء الذي ساد السهول في الأيام الماضية، لكن كين كان واثقاً أن ذلك لم يكن إعلاناً بهزيمة الملك العربي وتراجعه عن غزو السهول بشكل مطلق.. لابد أن يحاول من جديد، مهما تأخر ذلك، ولابد أن ينتقم للهزيمة التي أذاقه الأكاشي إياها قبل أن يخفت صداها الذي تناقلته الألسن في الجهات الأربع بكل تأكيد..
ورغم انشغال ججي أغلب الأوقات بأعمال القبيلة، كان توترها يتضاعف كل يوم وهي تنهض فجراً وتجول في المناطق القريبة من المخيم كعادتها وهي تبحث عند الأفق عن أي لمحة للرسول الذي يتوقع أن يصلهم من قبيلة (طاغار).. فبعد كل ما جرى، كانت تخشى أن تفقد حلف قبيلة قوية كتلك القبيلة، فتحذو باقي القبائل حذوها دون تردد وتعود ججي من حيث بدأت..
ولما كاد صبر ججي ينفذ، ورادوتها رغبة قوية في الرحيل بنفسها لقبيلة (طاغار)، فوجئت عند انتصاف أحد الأيام برسول من قبيلة (طاغار) يصل إليهم حاملاً رسالة من زعيمها هاكين.. جلست ججي بشيء من التوتر ونفاذ صبر وسط كبار القبيلة في خيمتها، بينما وقف الرسول قريباً منهم وهو يقول "أحمل إلى جام، زعيم القبيلة، وإلى قبيلة (أبناء الذئاب) رسالة من زعيم قبيلتنا هاكين.. بعد موت طاغار، فقد وقع على كاهل هاكين تسيير أمور القبيلة، واختيار الحلفاء الذين سيضمّهم إليه من بقية القبائل.. وكما تعلمون، فإن أغلب القبائل القوية تسعى للحصول على حظوة لدى قبيلتنا لما نملكه من قوة وتأثير في السهول.."
شعرت ججي بنفاذ صبر وهي تستمع لقوله، فقالت وهي تميل للأمام واضعة يديها على ركبتيها "هلا أخبرتني ما أرسلك به هاكين بالضبط؟.. أرجو ألا يكون قد أرسلك للاعتذار عن الحلف القائم بيننا وبين الزعيم السابق.."
غمغم شيتار "تحلّ ببعض الصبر يا جام.."
ابتسم الرسول قائلاً "أغلب كبار القبيلة ممن يشكلون مجلس الزعامة قد أعلنوا رفضهم لإقامة حلف مع قبيلتكم لعدة اعتبارات.."
أسرعت ججي تقول بشيء من الحنق "وما هي تلك الاعتبارات التي قد تفرض عليهم ذلك؟"
أجاب الرسول "السبب الأول هو لاعتراضهم عليك أنت بالذات.. والسبب الثاني والأهم هو خشية خسارة حلفائنا من القبائل الأخرى ممن يكنون عداءً لقبيلتك واعتراضاً لتولّيك أنت بالذات زعامة القبيلة.."
فقالت ججي بحنق "زعامتي لهذه القبيلة خاصٌ بقبيلتي ورجالها.. ولا شأن لآخرين للتدخل في الأمر.."
أسرع الرسول يقول "هذه هي نظرة مجلس الزعامة للأمر.. لكن هاكين عارضهم في هذا وفضّل إتمام الحلف السابق بين القبيلتين كما فعل طاغار قبل موته.."
شعرت ججي براحة شديدة وهي تسمع ذلك وخفتت حدتها متسائلة بلهفة "حقاً؟"
هز الرسول رأسه إيجاباً وأضاف "لقد أبلغ الرجال أن هذه كانت رغبة طاغار، وأن الزعيم السابق قد صارحه بأنه يتمنى لو استطاع أن يقدم لك عوناً أكبر، لكن أموراً كثيرة تحكم قبيلتنا وتمنعه من ذلك.. وهذا إن دلّ على شيء فإنه يدلّ على أن طاغار كان مسانداً لزعامتك، وهاكين سيحذو حذوه بالتأكيد.."
ابتسمت ججي براحة كبيرة وهي تنظر لمن حولها من كبار القبيلة، فيما قال شيتار بهدوء "عرض هاكين لا يُعتدّ به ما لم يوافقه رجال قبيلته في ذلك.."
نظرت ججي للرسول بشيء من القلق، فأسرع يقول "لم يرسلني هاكين إلا بعد أن تأكد من موافقة البقية على رأيه ذاك.. وقد استغرقه ذلك بعض الوقت.."
فقالت ججي براحة "هذا إذن كان سبب تأخيره في إرسالك؟.. لقد ساورني الشك للحظة أنه سيتجاهل قبيلتنا تماماً.."
علق الرسول بابتسامة "لا أظنه يستطيع ذلك أبداً وسط الظروف الحالية.."

************************

عندما حملت ججي تلك الأخبار إلى مينار وكين، حيث وجدتهما في جانب المخيم يعتنيان بحصانيهما، كانت السعادة واضحة على ملامحها وهي تقول "أرأيت؟.. لقد استطعت كسب هاكين زعيم قبيلة طاغار حليفاً لنا رغم أنني لم أره قط.. يبدو أنني قد أصبحت محل ثقة الكثيرين في سهول الأكاشي، بالنظر لعدد القبائل التي طلبت إقامة حلف معنا خلال الشهر الماضي.."
علق كين القريب "وهل تثقين في وعد رجال القبيلة بعدم إزاحتك حقاً؟"
أجاب مينار عنها "بل إنني أثق بذلك الآن.. لقد وعدها سادر وكبار رجال القبيلة ألا يحدث ذلك في وقت قريب.. وأنا أثق أن بقية الرجال لن يقوموا بمخالفة وعدهم ذاك رغم كل شيء.."
اتسعت ابتسامة ججي وهي تمسح عنق حصان مينار قائلة "هذا رائع.. لقد استتبت الأمور لي في اللحظات الأخيرة.. لا أظنني كنت سأسعد بمقاتلة رجال قبيلتي وأن أضطر لقتل من أتغلب عليهم.. وطبعاً لا تعجبني فكرة أن يلتهم قلبي أحدهم.."
فقال مينار بابتسامة "ربما آن الأوان لكي تستقر الأمور في القبيلة.. ولكي تولي اهتمامك لأمورٍ أقل عنفاً وأكثر أهمية.."
قالت ججي "بالفعل.. مازلنا بحاجة لتعويض الموارد والماشية التي فقدناها في المعارك الأخيرة.. كما أننا نعاني نقصاً مريعاً في الأسلحة والعتاد.. ربما عليّ محاولة إرسال بعض الرجال للمدن الشمالية محاولاً استمالة التجار لبيعنا الأسلحة.."
ظل مينار يستمع لها بصمت، ثم قال "وماذا عنك أنت؟"
أجابت "لقد انشغلت بأشياء كثيرة في الآونة الأخيرة عن تدريباتي اليومية.. لذلك أشعر ببعض الوهن في جسدي، وما عادت ذراعاي بالقوة السابقة نفسها.."
ثم قالت لمينار باهتمام "هل تشاركني التمرين لبعض الوقت؟.. لقد مضى دهرٌ منذ فعلنا ذلك.."
قال مينار "لم يكن هذا مغزى سؤالي يا جام.. قصدتُ ماذا تنوي فعله بحياتك.. هل تنوي البقاء وحيداً بقية حياتك؟"
جذب ذلك التساؤل اهتمام كين الذي وقف قريباً بصمت وهو يعتني بحصانه، فنظر لعلامات الحيرة التي غلبت وجه ججي وهي تتساءل "ماذا تعني؟.. أملك الكثير من الرجال الذين أثق بهم حولي، مثلك أنت ومثل كين وتبريق.."
ثم قالت باهتمام "أتعني أن ذلك لا يكفيني في هذه المرحلة؟.. ربما كنتَ محقاً.. عليّ وضع ثقتي في عدد أكبر من الرجال.. من يدري متى قد أحتاج إليهم في الأيام القادمة.."
لم يعلق كين على هذا الأمر، وقد أدرك أن ججي بطبيعة الحال ستسيء فهم سؤال مينار.. لكن ما تعجب له كان طرح مينار لهذا الموضوع.. فما الذي دفعه لذلك؟..
زفر مينار مغمغماً "من أسوأ ما يمكن أن لا يتمتع زعيم القبيلة بالفطنة لفهم ما يقال له دون شرح.."
ارتفع حاجبا ججي بدهشة وقد غزاها بعض الاستياء لنقده لها، بينما نظر لها مينار قائلاً "ما عنيت أن أسألك عنه هو حياتك أنت.. هل ستظل وحيداً هكذا دون زواج؟"
أُخذت ججي بهذا القول للحظة، ثم علقت باستنكار "زواج؟.. أهذا ما تسألني عنه حقاً يا مينار؟"
أجاب مينار "طبعاً.. وهل من المقبول أن يظل زعيم القبيلة دون زواج؟.. أم أنك لا تعتبر نفسك بشرياً؟"
قالت ججي باستنكار أشد "كيف يمكنني التفكير بذلك؟.. أتظن أن رجال القبيلة سيقبلون بزعامتي عندما يرونني خاضعاً لرجل آخر؟.. هذا ما لا يقبله العقل أبداً.."
فقال مينار وهو يجذب لجام حصانه "بل ما لا يقبله العقل أن لا تسعى للاستقرار بعد أن استقرت لك الأمور في القبيلة.. فكر في قولي هذا جيداً قبل أن تجيب إجابة قاطعة يا جام.."
نظرت ججي لمينار بصدمة وهو يبتعد بصمت عائداً بالحصان للسياج الذي يضمّ بقية الأحصنة، ثم قالت باستنكار بعد رحيله "لابد أنه قد خَرِف أخيراً.. كنت أعلم أن يوماً كهذا سيأتي.."
قال كين معلقاً "لمَ؟.. لأنه نصحك بالواقع دون مجاملة؟"
قالت باعتراض "الواقع؟.. الواقع أنني أعتبر نفسي رجلاً، وجميع من حولي يرونني كذلك.. مينار أيضاً لم يرني كفتاة قط.. فكيف يطلب مني الزواج الآن؟.."
قال كين "لأن هذا هو التصرف الطبيعي.. الرجال والنساء جميعاً يخضعون لهذا الأمر باختلاف أفكارهم.."
قالت بعناد "لماذا؟.. لا أفهم حقاً أهمية هذا الأمر خاصة لمن هم مثلي.."
علق كين قائلاً "ومن هم مثلك يا ججي؟.. أنا لم أرَ شبيهاً لك في السهول قط.."
لم تعلق وهي صامتة باستياء، فيما قال كين بإلحاح "هذا أغرب شيء سمعته منك في حياتي.. لمَ تستنكرين هذا الأمر لنفسك؟.. ألا تعتقدين أن رفضك هذا الأمر سيجعل الآخرين يعتبرونك شاذة عن نهج الطبيعة؟.."
نظرت له باستياء مغمغمة "أأصبحت الآن من مؤيدي هذا الفكرة؟"
ثم أضافت مشيحة بوجهها "كما قلت لك.. الأمر لا يلائمني أنا، ولا يهمني ما قد يظنني به الآخرون.. ثم من سيفكر بالزواج بشخص مثلي؟.. لا ينظر الرجال لي بهذه النظرة بتاتاً.."
فقال كين متفحصاً ملامحها "ليس كلهم حتماً.."
أسرعت تقول "إن كنت تعني براد اللعين فهذا أمرٌ آخر.. إنه لم يرغب بالزواج بي إلا للاستيلاء على القبيلة وكل ما تملكه ظناً منه أنني أضعف من أن أقاومه.."
واجهها كين قائلاً "ليس براد الوحيد بالتأكيد.. وليس الجميع ينظر لك بهذه الدونيّة والاحتقار كما فعل هو.. ألم يدُر بذهنك قط أن ترينني وأنا قربك دائماً؟.."
ساد الصمت ججي وهي تنظر له بعينين متسعتين وصدمة ظاهرة.. لم تتوقع منه هذا القول قط، ولم تتوقع أن يتحدث فيه رغم طول صداقتهما وحديثهما بشكل صريح في كل الأمور.. أمسك كين كتفها مضيفاً "ألا تعلمين لمَ أصرّ على مناداتك باسم ججي؟.. رغم إلحاحك السابق، لم أستخدم اسم جام يوماً معك، ولم أخاطبك كرجل بتاتاً.. ألم يدُر في ذهنك أي تساؤل عن مغزى ذلك؟"
قالت بدهشة متعاظمة "لا.. كل ما ظننته أنك ترفض مخاطبتي كرجل لأنك لا تريد الاقتناع بأنني أقوى منك.. ألم يكن هذا هو السبب؟"
نظر كين في عينيها بصمت للحظات، ثم قال "لا.. لا يمكنني مخاطبة الفتاة التي أحبها كما أخاطب رجلاً.. ولا يمكنني الاعتراف بذلك أبداً.."
ظلت ججي تنظر إليه بدهشة متعاظمة وصمت تام، بينما راقب كين انفعالاتها وفي داخله أملٌ أن تستجيب لهذا الاعتراف كما يحب ويتمنى.. لكن قبل أن تكتمل أمنيته، فاجأته ججي بضحكة عالية لم يتوقعها.. قضَت عدة لحظات في الضحك دون توقف وهو ينظر لها بصمت ووجوم ظاهرين، ثم قالت بعد أن تمالكت نفسها وخفتت ضحكاتها "أنت تمزح.. أليس كذلك؟.. هذه مزحة مضحكة جداً.."
غمغم كين بوجوم "لم أمزح في أي كلمة قلتها الآن.."
نظرت له بحيرة للحظة، ثم قالت "لابد أنك كنت تمزح دون شك.. لا يمكنك أن تكون جاداً.."
ثبت كين نظراته في عينيها وهو يقول "وماذا إن لم أكن أفعل؟.."
أجابت بسرعة "عندها سأقول لك أنك واهمٌ بالتأكيد.."
غمرته الدهشة لهذا التعليق وهي تدير بصرها جانباً وتضيف "لابد أنك كذلك.. كيف يمكنك أن تحب رجلاً متجاهلاً كل تلك الفتيات في القبيلة؟.."
قال كين بصوتٍ عالٍ "أنتِ لستِ رجلاً يا ججي.. متى ستقتنعين بهذا؟.."
نظرت له ججي بغضب واضح، ثم قالت له "يبدو أنك مصرٌّ على إثارة غضبي بمزاحك هذا.. لقد تجاوزت الحد هذه المرة.."
واستدارت مضيفة "راجع نفسك جيداً.. ولابد أن تكتشف أن ما تشعر به لا يعدُّ حباً بأي شكل من الأشكال.."
فقال كين قبل أن تبتعد "كنتُ سأفعل هذا لو كان حبي لك وليد البارحة.. لكن لا يمكنني التشكيك في مشاعري بعد كل تلك السنوات.."
رمقته ججي بصمت، ثم غادرت دون تعليق.. بينما همس كين بغير تصديق "لا يمكنها أن تكون جادة بهذا القول.. أهي حقاً تستنكر حبي هذا لأنها (رجل)؟.. أي سخرية هذه؟.."
أسند جبينه لقبضته وهو يغمغم بكدرٍ شديد "تباً لي.. لماذا لم أمسك لساني كما أفعل عادة؟.. لمَ كان عليّ أن أتفوه بما تفوهت به؟.. لابد أنها ستنفر مني الآن وتشعر بالضيق لوجودي.. فما الذي عليّ فعله لأعيد ما بيننا كما كان قبل تلك اللحظة المجنونة التي قررت فيها مصارحتها بمشاعري؟.."

************************

تلك الليلة، ظلت ججي جالسة في خيمتها وحيدة تنظر بصمت للنار التي تأكل الأخشاب المقدمة لها.. لقد حاولت تفادي اللقاء بكين ما بقي من ذلك النهار، ولاحظت أنه لم يقم بزيارتها في خيمتها بدوره.. كانت تريد الحصول على بعض الوقت للتفكير فيما سمعته منه، والذي سبب لها صدمة شديدة لم تتوقعها.. لم تكن تشعر بضيق لمشاعره تلك، فهي تشعر بتآلف كبير معه وبأنه الصديق المقرب الوحيد الذي تشعر بالراحة والاطمئنان معه، لكن أن يتطور الأمر للحب من جهته؟ هذا أمرٌ لم تتوقعه بتاتاً.. لماذا تجاهل كين إصرارها على كونها رجلاً طوال تلك السنوات؟.. لمَ لا يزال يراها كفتاة بعد كل ذلك الوقت؟.. أهي حقاً فشلت في إقناعه بأنها لا تختلف عن الرجال في شيء؟..
زفرت وهي تحاول إقصاء تلك المشاعر التي سببت لها توتراً كبيراً.. عليها أن تتناسى ذلك، وتتناسى كل ما دار بينهما من حوار هذا اليوم.. وإلا، فلن تقدر على مواجهة كين بعينيها ولن تقدر على أن تحتفظ بصداقته التي تحتل موقعاً كبيراً في حياتها.. هي بالتأكيد لا تريد أن تخسره، ولو تجاهلته فلربما فضّل الرحيل عن القبيلة التي لا يربطه بها شيء، وهذا أمرٌ لا تريد أن يحدث بتاتاً..
في الجانب الآخر، لا يدري كين كيف قضى ليلته تلك وسط هواجسه ومشاعر الندم التي غمرته.. وفي اليوم التالي غادر خيمته بتردد وهو يشعر بشيء من التهيّب لمقابلة ججي في هذا اليوم.. يخشى أن يرى في عينيها ضيقاً منه أو كرهاً لمشاعره، وهذا ما قد يورثه حنقاً على نفسه لأنه باح لها بمشاعره في الليلة الماضية.. لقد امتنع عن التصريح بحبه لها طوال السنوات الماضية لأنه كان يثق من النتيجة.. كان ينتظر أن يجد تغييراً في شخصيتها أو يرى في عينيها مشاعر موجهة نحوه.. ولما لمْ يحدث ذلك طوال تلك السنوات، فضّل الصمت على ما يكنّه في صدره لها لأنه يدرك تمام الإدراك أنها ستصدّه بكل وضوح.. ولكنه هدم كل هذا بلحظة صراحة واحدة..
وعندما رأى ججي وهي تضع سرجها على ظهر الغبراء، سار نحوها بصمت محاولاً ألا يلاقي عينيها بعينيه لئلا يرى فيهما ما يكره.. لكنه سمعها تقول له بلهجة عادية "ما الأمر أيها الكسول؟.. لقد انتظرتك لوقت طويل، وشككت عندها أنك غارقٌ في النوم كعادتك.. ولو لمْ تأتِ الآن لغادرت بدونك.."
رفع كين بصره إليها بدهشة ليراها تنظر إليه بابتسامتها الهازئة التي تلاقيه بها كلما تأخر في النهوض كعادته.. لم يبدُ عليها أي تردد أو وجل لمقابلته، ولم تُظهر أي انفعال لما جرى بينهما البارحة.. أهذا يعني أنها واثقة أنه لم يكن جاداً بأي كلمة قالها؟.. أهذا يعني أنها تستهين بمشاعره حقاً لهذه الدرجة؟..
ورغم أنه كان يخشى أن تتعامل معه ججي بشيء من التهيّب أو تظهر ضيقها منه، لكن تصرفها بشكل عاديٍّ كما جرى الآن لم يورثه أي راحة أو سرورٍ في نفسه..

************************

مع ذوبان الثلج في جوانب عديدة من السهول، إلا بضع مواقع من المناطق الشمالية التي يستمر فيها الشتاء لوقت أطول، بدأ الربيع يعلن عن نفسه بشكل أكبر وأوضح مع اللون الأخضر الذي ساد المكان والزهور البرية التي بدأت تتفتح في عدة مواقع بألوان زاهية وكثافة غير عادية.. فتجد تجمعات من اللون الأبيض في جانب يقابلها تمركز للزهور الحمراء الزاهية في جانب آخر، وجوانب غزاها اللون البنفجسي الذي يتماوج مع اللون الزهري في لوحة بديعة تشتاق لها العين كل سنة..
بدأت القبيلة مع تباشير الربيع استعداداتها للانتقال للمخيم الصيفي الواقع شمال السهول، حيث تستفيد من المراعي التي ازدهرت بعد الشتاء الطويل.. ورغم أن الانتقال لن يتم إلا بعد شهر على الأقل، لكن العديد من العوائل قد بدأت استعداداتها له بالفعل..
وفي يوم من الأيام، عندما عادت ججي من الرحلة القصيرة التي تقوم بها برفقة كين، كما تفعل في كل صباح عندما لا تشغلها أمور القبيلة، فوجئت بارتباك واضح وشيء من اللغط يدور في مخيم قبيلتها.. أسرعت تترجل عن الغبراء بقفزة واحدة تاركة لجامها لكين، وتقدمت من وسط المخيم بخطوات واسعة وقوية وشيء من القلق يعتريها لرؤية تجمّع الرجال في ذلك الموقع.. انزاح الرجال جانباً لرؤيتها سامحين لها الاقتراب من وسط الحلقة، حيث وقف سادر ومن معه من الرجال محتقني الوجوه وهم يستمعون لرجل غريب لا ينتمي لقبيلتهم.. أسرعت ججي لتقف قربهم وهي تتساءل "ما الذي جرى هنا؟"
قال سادر بغضب مكتوم "أخبارٌ سيئة جداً.. يبدو أن المصائب لن تنتهي حتى تقضي علينا جميعاً.."
تساءلت بإلحاح "أخبرني بما جرى.. من هذا الرجل؟"
سمعت الرجل يقول مجيباً تساؤلها "أنا سوتير من قبيلة (جروان).. أرسلني الزعيم لإبلاغ القبائل القريبة بأن جيشاً عظيماً يتبع الملك العربي قد ظهر في السهول، وقطع جانباً منها دون أن يدرك وجوده أحد.. ونوايا مثل هذا الجيش واضحة كما قد لا يخفى عليكم.."
لم يكن ذلك النبأ غريباً، فقد كانوا يتوقعونه بشكل ما، ورغم ذلك أثار صدمة في الجموع التي تحلقت حول الرجل باهتمام شديد.. لكن ما أثار انتباه ججي هو السؤال الذي طرحته على الرجل "قبيلة (جروان) تقع في الجانب الشرقي من السهول، وهي بعيدة عن الخليج.. هجوم الملك الذي تتابع علينا منذ عدة أشهر كان يتم عبر الخليج، فكيف عرفتم بأمر ذلك الجيش قبل الجميع؟.. وأين تتمركز سفن الملك العربي؟"
قال سوتير "جيش الملك العربي قد جاء بواسطة السفن بالفعل، لكنه لم يصل إلى السهول عبر الخليج.."
نظرت إليه ججي وبقية الرجال بدهشة وسوتير يضيف "لقد استخدم النهر الذي يقطع السلسلة الجبلية الشرقية، وحمل جنوده وعتاده على السفن حتى وصل للسهول دون عناء اجتياز تلك الجبال الشاهقة.. وكانت قبيلتنا هي الأقرب من ذلك الموقع، لذلك كنا أول من لاحظ قدومه.. لكن للأسف لم يحدث ذلك قبل أن يكتمل وصول الجيش للسهول، وقبل أن يقطع جزءاً من الجانب الشرقي بالفعل.."
اتسعت عينا ججي بصدمة وقالت باعتراض "كيف حدث ذلك؟.. لقد أيقن الجميع أن هجوم الملك العربي التالي سيكون عبر الخليج، لأنه دأب على الهجوم علينا عبره ومحاولة إضعافنا والتمكن من موقعٍ آمن لإنزال قواته.. فكيف تمكن من تجاوز الجبال عبر الأنهار التي تقطعها؟.. كيف فعل هذا بغفلة من الجميع؟"
قال كين القريب "ألا يدلك هذا أن تلك الهجمات ما كانت إلا تمويهاً وشغلاً للأكاشي عما يجري في ذلك الموقع من الجبال؟"
نظرت له ججي محاولة استيعاب الأمر، بينما قال سادر لسوتير "أريد معرفة كل ما تعرفونه عن هذا الجيش.."
أجاب سوتير "سأخبركم بكل ما أعرفه.. لكنني يجب أن أنطلق في طريقي للقبائل الأخرى لأحذرها.. فلا يمكننا انتظار لحظة واحدة وهذا الجيش يهددنا بهذه الصورة.."
هزت ججي رأسها موافقة، فيما قال شيتار القريب "أهي الحرب إذاً؟"
قالت ججي زافرة "يبدو ألا مناص من ذلك.. لن تتوقف هذه الحرب حتى يقتنع الملك العربي أن هذه السهول لن تكون تحت ملكه في يوم من الأيام.. ولن نكف عن المحاولة مهما قدّمنا من دمائنا ورجالنا في سبيل إقناعه بذلك.."

************************

تطورت الأمور بعدها بأسرع مما يتوقع الجميع.. كانت الهجمات التي نالت قبائل الأكاشي القريبة من الساحل، والخسائر الجمّة التي لا يمكن لأحد تجاهلها أو نكرانها، قد شحذت عزيمة وكراهية الأكاشي نحو الجيش العربي.. وبدا أن العديد من تلك القبائل قد وجدتها فرصة ملائمة للانتقام لكل ما خسرته في تلك الهجمات.. لذلك لم يكن صعباً على هاكين استقدام أغلب زعماء القبائل في اجتماع كبير لم تشهد السهول مثله قط..
عدد القبائل الكبيرة ذات التأثير في السهول لا يقل عن خمسة عشر قبيلة، بالإضافة لما يوازي عشرون قبيلة صغيرة تتبع القبائل الأخرى المحالفة لها رغم أنها مستقلة عنها بزعيمها ومخيمها ومواردها الخاصة.. لذا انضم لهذا الاجتماع الزعماء الخمسة عشر دون أن يتخلف منهم أحد، بينما حضر بعض زعماء القبائل الأقل شأناً مصاحبين حلفاءهم لمعرفة ما سيجري في السهول مما قد يؤثر في حياة القبائل كلها.. وقد تم الاجتماع في موقع متوسط بعيداً عن مخيم أي قبيلة ودام عدة أيام قبل أن ينطلق الزعماء عائدين لقبائلهم وقد توحد رأيهم على أمرٍ واحد..
عادت ججي بعد بضع أيام لقبيلتها التي كانت تترقب نتيجة ذلك الاجتماع الاستثنائي وأي أخبار قد تكون وصلت للزعماء عن تحركات الجيش العربي.. وفور وصولها، شقت طريقها بين الجموع التي تجمهرت وسط ساحة المخيم، وسط نظرات التساؤل من الرجال والنساء على حد سواء.. فسمعت سؤال إحدى النسوة من كبار السن وهي تقول بصوت قلق "أحقٌ ما سمعناه عن اقتراب الجيش العربي من مخيم قبيلة (جروان) واضطرارهم للتخلي عن ذلك الموقع لتفادي الاصطدام مع الغزاة؟.. هل سيصل الجيش لموقعنا هذا؟.."
ربتت ججي على كتفها معلقة "ستعرفين كل شيء بعد قليل.."
وصلت لوسط الساحة، فاعتلت صندوقاً خشبياً لترفع نفسها ليراها الجميع، وتأملت العيون التي تعلقت بها بمزيج القلق والتوتر.. ثم قالت بصوت جهوري ليصل للجموع الصامتة حولها "كما يعلم الجميع، ها هو جيش الملك العربي قد اقتحم سهولنا رغم مقاومتنا له طوال سنوات.. ها هو يعلن بكل جرأة أنه لا يعبأ بنا ولا بالهزائم السابقة التي أذقناها لجنوده.. ومع هذا التعدي السافر على سهولنا وعلى قبائلنا، قرر زعماء القبائل جميعهم مواجهته بكل ما يملكونه.. قررنا تناسي كل خلاف وعداءٍ بيننا حتى نقضي على عدونا المشترك.."
ودارت ببصرها بينهم مضيفة "ونحن، أبناء الذئاب، لا يمكننا التخلي عن المشاركة في هذه الحرب.. لا يمكننا الصمت ونحن نرى إخوتنا الأكاشي يحاربون عدواً أذاقنا الهزيمة سابقاً وقتل الكثير من رجالنا وشبابنا ونسائنا في هجومه الغادر.. لا يمكننا ألا نشارك ونرد الصاع صاعين لهذا الملك ولجيوشه التي تسخر منا ومن قوانا كشعبٍ لا يعرف الهزيمة.. فهل ستكونون معي في هذا؟"
تعالت صيحات الاستحسان والموافقة من الرجال حولها، فصاحت ججي "أريد من كل رجل وشاب قادر على القتال اللحاق بي.. سننطلق بعد يومين فور أن نتم إعداداتنا لهذه الحرب.. ولن نحظى براحة أو هدوء حتى نتخلص من هذا الغزو الذي يستشري في سهولنا التي لم يفلح أي غازٍ قبلها في السيطرة ولو على جزء منها.. نحن الأكاشي.. لا نخضع، ولا نتهاون، ولا نرحم من يسخر منا ويسلبنا ما هو حقٌ لنا.."
في جانب الموقع، وقف كين يستمع لصيحات الحماس من الرجال المحيطين بججي، ومال على مينار القريب قائلاً "ألا ترى أن الأمور تتعقد أكثر من اللازم؟.. أليست هناك وسيلة أخرى لحل هذه الأزمة دون الاشتباك في حرب مع الملك فارس؟"
أجاب مينار قائلاً "ما الذي بظنك نستطيع فعله في ظل هذا الهجوم السافر من الملك العربي على سهولنا؟.."
وزفر دخان غليونه وهو يغمغم "كم رجلاً سيموت قبل أن يحقق الأكاشي نصرهم على هذا الملك الذي يسوقه طمعه ليطالب بأرضٍ ليست ملكه ويشرد شعباً ليس خاضعاً له؟.. تباً للملوك وأهوائهم.."
وفي تلك الليلة، اجتمعت تينا بججي قائلة بقلق شديد "هل عزمتم على الرحيل لقتال الملك العربي؟.. ألم نكتفِ بتلك الحروب والمعارك التي أنهكت القبيلة كاملة؟"
قلبت ججي كفيها مجيبة "وكيف يمكننا تفادي ذلك؟.. كل القبائل قد اجتمعت على ذلك، وسنجتمع في جيش واحد لمواجهته قبل أن يغزو هذه السهول بالكامل.."
قالت تينا بحنق "لكن هذا يعني أن نصفكم لن يعود بالتأكيد.. أما من وسيلة للتفاهم مع الملك وردعه دون قتال؟.."
قطبت ججي قائلة بضيق "كيف نتفاهم مع الملك وهو يهددنا بجيوشه؟.. سيظننا خائفين منه، وسيحاول السيطرة علينا عندها ويضمّنا لمملكته.. فهل هذا ما تريدينه؟"
صاحت تينا "وهل ما تريدينه أنت سفك الدماء وقتل رجال القبيلة دون داعٍ؟.. أهذا ما سيطمئنك فعلاً؟"
صمتت ججي رغماً عنها وهي ترى جسد تينا الذي بدأ بالارتجاف، فيما شدّت تينا قبضتيها وهي تضيف بصوت متهدج "يكفي من فقدناه حتى الآن.. يكفي أننا لا نكاد نخلع ثوب الحداد عنا أبداً.. متى سنحصل على بعض الهدوء والراحة أخيراً؟"
قالت ججي برفق "هل تخشين على زوجك؟"
أخفت تينا وجهها بين يديها بصمت دون أن تكف عن الارتجاف، فربتت ججي على كتفها وهي تقول "يمكنني أن أمنعه من الرحيل معنا، لكنه سيرفض ذلك بكل تأكيد.. وأنا لا أريد أن أقلل من شأنه وسط رجال القبيلة.. كل ما يمكنك فعله أن تأملي بأن نعود منتصرين من هذه الحرب بأقل خسائر ممكنة.."
همست تينا بصوت متهدج "وهل تكفي الأماني لتحقيق أي شيء؟!"

************************

لم يطُل برجال القبيلة للاستعداد بكل ما يملكونه للمعركة الوشيكة.. ولم يتوانَ فردٌ منهم عن بذل كل ما يملكه من خيل وماشية، بالإضافة للسيوف والدروع وكافة أدوات القتال اللازمة.. وخلال أيام قلائل، كان الجميع قد أعدّ العدة للرحيل نحو الموقع المتفق عليه للّقاء بين قبائل الأكاشي، في موقع يعترض طريق الجيش العربي لصدّه قبل أن يتوغل أكثر فأكثر في سهولهم..
وفي الليلة التي سبقت الرحيل، لم تنم تينا قط رغم تظاهرها بذلك.. أقلقت أفكار عديدة نومها وباتت ليلتها مسهدة مضطربة لأمر المعركة الكبيرة التي سيواجهها رجال الأكاشي عما قريب.. رغماً عنها، لم تعتدْ قط مثل تلك المعارك والحروب الدائمة بين الأكاشي، ورغماً عنها تشعر بتوجس كبير عندما تسمع عن بوادر حرب بين القبائل لسببٍ أو لآخر.. فكيف لا تقلق لهذه الحرب التي لمْ يرَ الأكاشي مثلها منذ سبع سنوات؟.. كانت صغيرة في ذلك الوقت ولا تذكر من تلك الحرب أي أمر، كل ما تذكره هي الاحتفالات التي أقامتها القبيلة فرحاً بالنصر لعدة أيام بعدها.. كما تذكر بكاء العديد من النسوة والأطفال مع عودة الرجال للقبيلة حزناً على من فقدوه في تلك الحرب.. فكم رجلاً سيفقد الأكاشي هذه المرة؟.. وكم منهم سيعود لأهله سالماً؟..
نهضت من فراشها قرب الفجر بعد أن أدركت أنها قد غفت لوقت قصير، ولما تلفتت حولها في الخيمة أدركت أن تبريق قد غادر بالفعل.. فهل رحل بالفعل دون أن يعلمها برحيله؟..
ظلت مطرقة بشيء من الكآبة، ثم نهضت وجلست قرب النيران التي يبدو أن تبريق أشعلها قبل مغادرة الخيمة لتضفي بعض الدفء على المكان.. دفنت تينا وجهها بين ذراعيها وهي تستمع للضجيج الواضح خارج الخيمة، دون أن تحاول الخروج والفرجة على ما يجري كما تفعل النساء عادة.. ظلت على صمتها حتى سمعت خطوات تقترب من الخيمة ودلف شخص المكان، ثم سمعت صوت ججي التي قالت بقلق واضح "هل أنت على ما يرام يا تينا؟"
رفعت تينا بصرها ونظرت لأختها التي اقتربت منها يتبعها تبريق الصامت وإن لاحظت تساؤلاً يبدو في عينيه.. ولدى رؤيتها له، سارعت تينا لخفض بصرها مغمغمة "لا شيء.. يقلقني أمر هذه الحرب الوشيكة ونتائجها على القبيلة.."
فقالت ججي "لا تقلقي.. لن نعود قبل أن ندحر هذا الغزو ونعيد الجنود جثثاً لموطنهم.."
لم يكن هذا ليطمئنها بحال، فيما أضافت ججي "لقد أتيت للاطمئنان عليك ووداعك قبل رحيلي.. سنرحل حالاً، ولا أدري متى سنتمكن من العودة للمخيم.. لقد أوصيت سادر بك وبأن يهتم لأمرك حتى عودتنا، فلا تترددي من التوجه إليه إن احتجت لأي أمر.."
لم تعلق تينا على قولها.. فما تحتاجه الآن هو الشعور بالأمان، فكيف لسادر أو غيره أن يقدم لها هذا؟..
بعد أن استمر صمتها، ربتت ججي على كتفها، ثم نهضت مغادرة قائلة لتبريق "لا تتأخر عن اللحاق بنا يا تبريق.."
رفعت تينا بصرها على الفور لترى تبريق الذي وقف للحظة وسط الخيمة قبل أن يقول "كوني بخير يا تينا.."
لم يجد منها رداً رغم ملامح القلق على وجهها، ولما استدار مغادراً استوقفته تينا هاتفة "هل ستعود؟"
توقف تبريق واستدار بدهشة نحو تينا التي وقفت بتوتر كبير ووجه مضطرب، وإزاء صمته قالت بإلحاح "أريد وعداً منك بأنك ستعود يا تبريق.. فهل ستفعل ذلك؟"
راودته فكرة أن طلبها هذا منبعه الخشية على نفسها من البقاء وحيدة دون سند، وهذا أشد قسوة على نساء الأكاشي من الزواج غير المتكافئ، فقال بتردد "هل تخشين على نفسك إن قضيت نحبي؟"
واجهته بعينيها الزرقاوين وشفتيها المضطربتين، ثم قالت وهي تخفض وجهها حتى انسدل شعرها مخفياً ملامحها "لستُ أخشى على نفسي، لكني أخشى عليك أنت.. أعلمُ تمام العلم أنني لم أتمكن من رد لطفك وعنايتك بي طوال الشهور الماضية، ولست أندم على شيء قدر ندمي على ما آذيتك به طوال ذلك الوقت.."
ونظرت له بعينيها الدامعتين قائلة "لكن لو لمْ تعُد، فسيزداد ندمي لأنني لم أتدارك الأمر قبل فوات الأوان.. وأنا لا أريد ذلك.. لا أريد ذلك.."
سالت دموعها رغماً عنها على خديها بشكل أدهشها هي نفسها، وهذا جعل مشاعرها تتداعى أكثر فأكثر.. كانت واثقة أنه لن يعود هذه المرة، لكن كيف لها أن تصمت وتستسلم لفكرة كهذه؟.. كيف لها أن تهدأ وهي تشعر أنها قد تراه للمرة الأخيرة في حياتها؟.. والأسوأ من هذا أنها لم تدرك مشاعرها هذه إلا بعد فوات الأوان..
وجدته يقترب منها بخطوات سريعة فضمّها إليه بقوة صدمتها شيئاً ما، لكن دموعها انهمرت بتزايد وهي تبكي محاولة خنق صوتها لئلا يزعجه بكاؤها كما تخشى عادة.. فسمعته يهمس "سأعود يا تينا.. حتماً سأعود لك.. فهل ستنتظرينني؟"
ولم يكن وعده ذاك ليهدئ بكاءها وقلقها الذي يزداد بمرور اللحظات..

************************

 
 

 

عرض البوم صور عالم خيال   رد مع اقتباس
قديم 19-01-16, 06:17 PM   المشاركة رقم: 89
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
اميرة القلم


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273354
المشاركات: 4,068
الجنس أنثى
معدل التقييم: برد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسي
نقاط التقييم: 4345

االدولة
البلدLibya
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
برد المشاعر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عالم خيال المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: ابنة السماء..

 

فصل مليء بالمشاعر بالحزن بالتوتر وبالترقب فهل سيشارك كين من أجل ججي أيضا وهل سينتصروا هل سيرجع تبريق كما وعد ؟؟ تشائم سابقا وحدث العكس فأخاف أن أتفائل في هذه الحرب ويهزموا فيها / سلمت أناملك خيال وفي انتظار القادم بشوق

 
 

 

عرض البوم صور برد المشاعر   رد مع اقتباس
قديم 20-01-16, 02:15 AM   المشاركة رقم: 90
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قاريء مميز


البيانات
التسجيل: Dec 2014
العضوية: 285617
المشاركات: 759
الجنس أنثى
معدل التقييم: مملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1593

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
مملكة الغيوم غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عالم خيال المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: ابنة السماء..

 

سلمت يداكى خيال
بداية الفصل انتصار ساحق لجام على العدو وعلى رجال القبيله وتراكض الصبيه حول موكبها وهتاف النساء جام زعيمنا ولا نريد غيره حماس وفرحة رجال القبيله بانتصارها واعترافهم بها ك زعيم للقبيله كسب كبير وخطوه ساحقه لجيجى
اعتراف كين بحبه لجيجى وطلب مينار منها الاستقرار اعتقد بعد ان يستتب لهم الامر حيكون له تكرار
اجتماع القبائل على الاتحاد لردع الملك فارس خطوه تستحق الثناء لان الاتحاد قوة ولو كل قبيله دافعت متفرقه حيهزمو وحيتغلب عليهم
تينا واخيرا التفتت لتبريق اتمنى انك متكونيش هادمة لذات وتموتيه فى الحرب ههههههههه انا بحب النهايات السعيده وخصوصا فى الحكايات الخياليه وقصص الابطال
تمتعت بالفصل سلمت يداكى دمتى بخير ولكى منى كل الحب

 
 

 

عرض البوم صور مملكة الغيوم   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
السماء.., ابنة
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 04:35 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية