لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-01-16, 04:30 PM   المشاركة رقم: 76
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2014
العضوية: 271387
المشاركات: 11,112
الجنس أنثى
معدل التقييم: bluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 13814

االدولة
البلدJordan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
bluemay غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عالم خيال المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: ابنة السماء..

 
دعوه لزيارة موضوعي

ولا يهمك معذورة عزيزتي

وبإنتظارك اكيد


ميشو شكلي رح كمل السراب اول ... ﻷنه مسكرة نهائيا معي .

 
 

 

عرض البوم صور bluemay   رد مع اقتباس
قديم 18-01-16, 04:32 PM   المشاركة رقم: 77
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
اميرة القلم


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273354
المشاركات: 4,068
الجنس أنثى
معدل التقييم: برد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسي
نقاط التقييم: 4345

االدولة
البلدLibya
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
برد المشاعر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عالم خيال المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: ابنة السماء..

 

المهم إنك بخير خيال ومنتظرة بشوق وأكيد مافي حل يجمع كين وججي إلا لو طلعوا من الأكاشي بسهولها وقوانينها وشكل الجاي أكثر حماس بخروجهم وربي يصبر كين على هالعنيدة ‏

 
 

 

عرض البوم صور برد المشاعر   رد مع اقتباس
قديم 18-01-16, 04:36 PM   المشاركة رقم: 78
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Dec 2015
العضوية: 307841
المشاركات: 179
الجنس أنثى
معدل التقييم: عالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 460

االدولة
البلدAland Islands
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عالم خيال غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عالم خيال المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: ابنة السماء..

 

الفصل السابع عشر {موقفٌ حاسم}


مضت الأيام والأسابيع بأسرع مما توقع الجميع، ومرّ شهرٌ كامل منذ عادت ججي من رحلتها إلى القبائل الموالية لهم سابقاً.. ورغم أن رجال القبيلة كانوا يطيعون كل أمرٍ من زعيمهم دون كثير مناقشة، لكنها تكاد ترى الشماتة في أعينهم واضحة وضوح الشمس.. لم تتمكن ججي طوال ذلك الشهر من كسب أي حلفاء رغم كثرة الرسل الذين أرسلتهم لجوانب السهول، ورغم أن قبيلة طاغار كانت موالية لها نوعاً ما، لكنها من القبائل التي تلتزم جانب الحياد في كل أمر ولا تتدخل في أي صراعات داخلية ما لم تمسّها بشكل مباشر..
ومع مرور الأيام، كانت ججي تزداد عصبية وحنقاً وتكبت ثوراتها بأقصى ما تملك.. لم تكن تخشى على حياتها، ولم تكن تخاف الموت.. كل ما تتمناه ألا تفشل فتؤكد نظرة الرجال إليها، وتؤكد سخريتهم من أبيها.. كانت تريد أن تنجح بأي وسيلة كانت، لكنها لم تعثر على الوسيلة الملائمة رغم تفكيرها العميق ورغم إلحاحها الشديد على كين ومينار.. والأخير، بالذات، بدا هادئاً جداً في تلك الأوقات.. كان هدوؤه ذلك يثير غيظها أكثر فأكثر، لكنها حاولت ألا تبدو يائسة كثيراً أمامه ولو لإجباره على معاونتها بأي شكل من الأشكال.. وإزاء تصرفه ذلك، سأله كين في صباح أحد الأيام "لمَ تبدو لي لا مبالياً بكل ما يجري؟.. ججي تشتكي كثيراً من هدوئك وعدم اكتراثك بهذا الأمر.."
تساءل مينار "وهل عليّ أن أثور وأصرخ غضباً؟.."
قال كين باعتراض "لا.. لكن شهران قد مرا بالفعل منذ تولّت ججي الزعامة.. وهي لم تتقدم بأي أمر.. بعد شهر واحد، ستكون حياتها مهددة بالخطر باجتماع رجال القبيلة كلهم ضدها.. فكيف يمكننا أن نمنع هذا قبل وقوعه؟.."
فقال مينار بهدوء "لا أريد التدخل الآن، لأنني أريد لجام أن يثبت نفسه بنفسه، لا باعتماده علينا.. لو تدخلت في أمره الآن، فسأضطر للتدخل طوال الوقت ولسنوات قادمة أيضاً.. يجب على جام أن يصبح أقوى في منصبه هذا، وأن يستحقه.. لذلك لا سبيل أمامنا إلا الصبر والانتظار.."
غمغم كين "أأنت واثق أنها ستجد وسيلة لهذا؟"
قال مينار بابتسامة "واثق من ذلك.. أتظن جام سيستسلم حقاً؟.."
لم يجب كين وهما يفاجآن بججي التي اقتحمت الخيمة هاتفة "لقد حدث هجوم على رجلين من رجالنا جنوباً.."
نظرا إليها وهي تقول بانفعال "إنها قبيلة (وهَـج) كالعادة.. وقد استولت على بعض ماشيتنا وطردت الرجلين من تلك المراعي التي تفصل بيننا وبينها.."
علق كين قائلاً "وما سبب انفعالك؟"
قالت هاتفة "ألم تفهم بعد؟.. هذه ستكون وسيلتي للتصرف واتخاذ موقف حاسم من تلك القبيلة.. لو أثبتّ نفسي كزعيمٍ اليوم، فربما تكون هذه هي النقطة التي ستقلب الأمور لصالحي.."
علق مينار قائلاً "ربما.. لكن لا تعلق آمالك على هذا كثيراً.. لن يمكنك حل خلاف دام لسنوات في يوم واحد.."
قالت بحزم "لكني سأفعل بالتأكيد.."
واندفعت مغادرة، فأسرع كين يلحقها قائلاً "ما الذي تنوي فعله تلك الحمقاء؟"
أسرعت ججي تمتطي ظهر الغبراء، فلحقها كين وهو يقول "ليس من المفترض أن يتدخل الزعيم بشكل مباشر في مثل هذه النزاعات.. لا تقللي من شأنك بهذه الطريقة.."
قالت بحزم "لن أتحدث مع رجال القبيلة.. بل سأتحدث مع زعيمهم وأطالبه بإنهاء هذه المناوشات التي لا معنى لها.."
جذبت لجام الغبراء لتبتعد، فصاح كين قبل أن تفعل "على الأقل، خذي معك عدداً من الرجال.. لن ينظر لك الزعيم باحترام إن رآك وحيدة.."
غمغمت ججي "معك حق.."
ونظرت إليه مضيفة "فليلحق بي أربعة من الرجال.. سأسبقهم وأنتظرهم قرب مخيم قبيلة (وهج).."
لكزت الغبراء منطلقة في طريقها دون أن تعبأ باعتراض كين.. كانت تفكر بالطريقة التي يمكنها أن تقلب الأمور فيها لصالحها خلال شهر واحد.. أو بالأدق، خلال ثلاثة أسابيع.. فعند انقضاء تلك الأسابيع، سيبدأ العد التنازلي بين رجال القبيلة وشبابها لمن يتغلب عليها ويفوز بقلبها وبزعامة هذه القبيلة.. ولن ينصت أحدٌ عندها لأي أمر منها أو يأخذ بعين الاعتبار ما يمكنها فعله للقبيلة.. لذلك، فكل يوم يمضي هو يومٌ يقرّبها من الفشل وبالتالي الموت..
بعد سيرٍ قصير، وجدت أن كين والبقية قد لحقوا بها وأحد الرجال يقول بغضب واضح "كان علينا أن نصحب معنا عدداً أكبر من الرجال ونجهز عتادنا لهذه المواجهة.. لابد أن معركة ستندلع بيننا وبين قبيلة (وهج) فهم بتصرفهم هذا يقلّلون من شأننا.."
علق آخر بضيق "ما عادت القبائل الأخرى تحسب لنا أي حساب بعد كل ما جرى.."
شعرت ججي أن في قوله تلميحاً ضمنياً لأمر زعامتها عليهم، فقالت بحزم "لن تدور معركة بيننا وبينهم.. سنحلّ الأمور بدون اللجوء للقتال، ولن نضعف أمام أي كائن كان.."
لكن الأمور لم تكن بالبساطة التي حسبتها.. فعند وصولها لموضع الخلاف، وجدت خمسة من رجال قبيلة (وهج) قد عسكروا في جانب السهول ومعهم الماشية المسلوبة، لكنهم كانوا مسلحين كعادة الأكاشي وقد تعاملوا معها بكل استهانة عندما اقتربت منهم.. لم تترجل ججي من على ظهر الغبراء وهي تقترب منهم قائلة بصرامة "أعيدوا لنا الماشية التي سرقتموها.. مهما كان الخلاف بيننا وبينكم قائماً، فهذا لا يعني أن تتطاولوا على ما نملكه من ماشية دون وجه حق.."
نظر الرجال لبعضهم البعض بسخرية واضحة، ثم قال أحدهم "وما الذي يمنعنا من ذلك؟.. هذه المراعي تخصنا، ولا نسمح لماشية قبيلة أخرى بالاقتراب منها.. وقد حذرنا رجال قبيلتكم سابقاً بأننا سنستولي على أي ماشية تقترب من هذه المراعي.. لذا لا يحق لكم المطالبة بها الآن.."
قالت بحدة "هذا ليس مسوّغاً كافياً لما فعلتموه.. من الذي قرر أن تكون هذه المنطقة لكم؟.. لقد كانت ضمن حدود قبيلتنا وقد استمر رجالنا في استخدام مراعيها لسنوات طوال.. فما الذي يجعلكم تثيرون هذا الأمر الآن؟"
قال أحدهم باستهانة "قرر زعيمنا إنهاء هذا الخلاف الآن وبحسم.. فإن كان لديكم أي اعتراض، تحدثوا إليه.. لكن أشك أن يقابلكم دون وجود زعيمكم معكم.."
قالت ججي بصرامة أكبر "ومن الذي تراه أمامك؟.. أنا الزعيم، فهل تستهين بي؟"
تبادل الرجال النظرات الساخرة وآخر يقول بهزء "آه.. نسينا أن رجال قبيلتكم قد خضعوا لامرأة.. ظننا لوهلة عند رؤيتك قادمة أنك مجرد رجل قبيح الشكل.."
تقدم أحد رجال ججي صائحاً وقد فاض به الكيل "أتجرؤ على ما تقوله أيها السفيه؟.. سنلقنكم درساً لن تنسوه هذه المرة.."
استوقفته ججي بيدها وهي تقول "هذا الحديث لن يؤدي لشيء.. فلنذهب للحديث مع زعيمهم.. هؤلاء الرجال لن يصمتوا حتى يصعّدوا الصراع بيننا وبينهم لآخر مدى.."
جذبت لجام الغبراء لتديرها ولكزتها منطلقة نحو موقع قبيلة (وهج)، فيما قال الرجل بعصبية وهو يلحق بها مع البقية "بهذه الطريقة نحن ندفعهم للتهاون بنا أكثر فأكثر.. عليك أن تتخذ موقفاً حازماً معهم يا جام.."
قالت ججي "سأفعل ذلك.. لكن ليس مع هؤلاء الشرذمة، بل مع زعيمهم الذي يتبعون أوامره.."
كانت ججي عازمة على إحراز نقطة لصالحها بعد مضيّ شهر كامل دون أن تتقدم في أمرٍ يفيد في تثبيت زعامتها على القبيلة، ولم تتوقع بتاتاً ما سيلاقيها عند اقترابها من مخيم تلك القبيلة.. فقبل أن تصل لموقع القبيلة بالفعل، وصل لسمعها أصواتُ ضربٍ عالية وقوية دفعتها لإيقاف الغبراء وهي تنصت للصوت بدهشة واضحة.. كان الصوت يصاحبه دويٌ وضجة عالية أثارت انتباهها بشدة فيما اقترب منها كين بحصانه وهو يقول بصدمة "أتسمعين هذا؟.. إن القبيلة تتعرض لهجوم.."
قالت ججي بحيرة "الصوت أعلى من أن يكون مجرد هجوم.."
نظر لها كين معلقاً "ليس إن كان الهجوم يتم بواسطة المدافع.."
نظرت ججي لموقع المخيم البعيد بصدمة واستنكار متسائلة "أتظن أنه.....؟"
غمغم كين "أغلب الظن أنه كذلك.."
عندها قالت بتوتر "علينا رؤية ما يجري هناك.."
فقال أحد الرجال قلقاً "لا.. علينا الابتعاد.. لا شأن لنا بما يجري لهم، ولا نريد الانغماس في حربٍ لا تخصنا.."
لكن ججي لم تستمع له وهي تلكز الغبراء منطلقة نحو مخيم قبيلة (وهج) التي بدت لهم من بعيد.. ومع تقلص المسافة بينهم وبين المخيم، استطاعوا رؤية الدخان المتصاعد من جوانبه والنيران التي اشتعلت في بعض الخيام.. حثّت ججي فرسها على الإسراع نحو المخيم حتى استطاعت رؤية جماعة من النساء والأطفال هربوا من المخيم على الأقدام مبتعدين عن موقع الهجوم قدر الإمكان، فاقتربت منهم ججي متسائلة "ما الذي يجري؟.. من الذي يهجم على قبيلتكم؟"
نظروا لها بدهشة وتوتر كبيرين، ثم انبرت إحدى النساء لتقول "إنهم جنود الملك العربي.. هناك سفينتان قريبتان من الشاطئ تمطران المخيم بنيرانها.. ورجالنا عاجزون عن الوصول إليها.."
فقالت ججي "وأين زعيم القبيلة؟.. أريد الحديث معه.."
قالت المرأة بقلق "إنه مع بقية الرجال وسط المخيم.. لم يخرج أحدهم بعد.."
أدارت ججي لجام الغبراء قائلة لأحد رجالها "عد للمخيم وأحضر العرادات مع السهام.. اصطحب معك عشرين رجلاً وعودوا إليّ بأسرع ما يمكن.."
تساءل كين مقطباً "ما الذي تنوين فعله يا ججي؟"
قالت بجدية "ما يجب فعله في مثل هذه الأوقات.. سأساعد القبيلة على التخلص من أعدائها.."
وأشارت للرجل قائلة "انطلق ونفذ ما طلبته منك بسرعة.."
لم يتردد الرجل وهو يدير حصانه وينطلق عائداً للقبيلة، بينما قال كين باعتراض "جنونك هذا سيودي بنا يا ججي.. لقد أتينا لفضّ خلاف بين القبيلتين، لا للانغماس في معركة جديدة قد تجردنا مما نملكه من أسلحة ورجال.."
قالت ججي بحزم "لكني لن أتراجع لأي سبب الآن.. لا يمكنني أن أرى مأساة كالتي حدثت لنا تتكرر من جديد دون أن أتدخل.."
ونظرت لبقية الرجال حولها مضيفة "قد لا تكون الأمور بيننا وبين قبيلة (وهج) على ما يرام.. لكن هذا عدونا المشترك، فما الذي يمنع أن نتضافر معاً للقضاء عليه؟.. قد يزيل هذا العداء القائم بين قبيلتينا.."
هز الرجال رؤوسهم موافقينها الرأي، فالتفتت ججي إلى كين قائلة "لنقم بدورة سريعة حول المخيم لنصل للشاطئ.. علينا إيجاد أفضل وأأمن موقع لهجومنا هذا.."
تبعها البقية دون تردد وكين يغمغم مردداً "هذا جنون.."

************************

لم يتأخر الرجال في إحضار العرادات من موقع القبيلة، فيما اختارت ججي بمعاونة كين أفضل موقع لصد هجوم السفن العربية التي وقفت على مبعدة من الشاطئ كما هي العادة.. لم يتوقف هجوم السفن أغلب الوقت وهي تقصف المخيم بغزارة، فيما حاول رجال تلك القبيلة إنقاذ من يمكن إنقاذه والابتعاد بهم عن موضع الهجوم..
تخلت ججي عن مراقبة عملية صد هجوم السفن مولّية أمرها لكين، وانطلقت مع خمس رجال للمخيم الذي اشتعلت النيران الحارقة في أجزاء كبيرة منه.. لم تتردد في التوغل في جوانب المخيم مع رجالها تاركين الخيول خارجه وهم يعاونون في إنقاذ العوائل التي حاصرتها النيران والخيام المتهدمة.. ومع عملها ذاك، عادت لججي ذكريات تلك الليلة التي بدأت بهجوم مثل هذا وانتهت بالتهامها قلب أبيها.. لكنها سرعان ما نفضت مثل تلك الأفكار وانطلقت بحثاً عن الزعيم بعد أن تولى رجالها إنقاذ أفراد القبيلة في ذلك الموقع..
ولما اقتربت منه بعد أن دلها عليه أحد الرجال، وجدته ينظر إليها باستنكار لهيئتها وللسيف الذي تحمله وقال "من أنتِ؟"
أسرعت تقول "أنا جام زعيم قبيلة (أبناء الذئاب).. وأطلب منك ألا تخاطبني كبقية النساء.."
نظر لها الزعيم باستنكار أشد فيما قال أحد الرجال قربه بحنق "هل أتيت لإثارة المشاكل معنا؟"
دوّى انفجار جديد في موضع غير بعيد عنهم، ومع الغبار الذي تطاير في المكان صاحت ججي "لستُ هنا إلا لمد يد العون لكم قبل أن يقضي الجنود على مخيمكم كاملاً.."
قال الرجل بحدة "لسنا بحاجة لعونكم.. فغادروا المخيم قبل أن تثيروا غضبنا بالفعل.."
استوقفه الزعيم قائلاً "مهلاً.. ما الذي يمكنكم فعله لنا حقاً؟.. لقد سمعنا أن الجنود قد طردوكم من مخيمكم سابقاً.."
قالت ججي "وقد استعدناه منهم وأغرقنا سفنهم بمدافعها بالفعل.."
نظر لها الزعيم بصمت وسط الصياح الذي تعالى من موقع الانفجار الأخير، ثم نظر لذلك الموضع قائلاً "لو تمكنتم من تخليصنا من هذا الهجوم وإنقاذ حياة أفراد القبيلة، فسنكون شاكرين لكم حقاً.."
قال الرجل القريب محتداً "ما الذي تقوله يا زعيم؟"
ابتسمت ججي قائلة "عملية صد الهجوم جارية بالفعل.. أخرجوا من يمكنكم إخراجه من المخيم وليبتعدوا عنه قدر الإمكان.. سيشهد الجنود خسارة جديدة هذا اليوم وأتمنى أن يندموا على هذا أشد الندم.."
صمت الزعيم مراقباً ابتسامتها الواثقة، ثم استدار إلى رجاله مصدراً أوامره بإخلاء المخيم وإنقاذ من سقطت الخيام على رأسه، ولم تتردد ججي في معاونتهم بكل ما تملك مع من حضر من رجالها..
في تلك الأثناء، كان كين يواجه صعوبة في تنفيذ أمر ججي بحرق السفينتين وإغراقهما.. فبدون خطة مسبقة وعمل منظم، يبقى إطلاق السهام المشتعلة رداً ضعيفاً على مدافع السفن المتأهبة للضرب بالفعل وبحارتها مستنفرون بهذا الشكل، خاصة وهم في وضح النهار الذي سيتكفل بكشف موقعهم بسهولة وتعريضهم لخطر قصف المدافع..
عندها اتخذ كين التصرف الوحيد الذي قد يجنّبهم خسارة تامة ضد تلك السفن، فطلب من عدد من الرجال سحب عرادتين معهم والتمركز في الجهة الأخرى للمخيم.. وقال للرجال قبل مغادرتهم "سنركز هجومنا الآن على إحدى السفينتين.. لكننا لن نستطيع البقاء في هذا الموقع طويلاً.. عليكم إتمام تلك المهمة وقصف السفينة من جهتكم قبل أن تتمكن من الرد علينا.. ولا تنسوا تجهيز السهام بمزيج القطران والخمر كما فعلنا بالمرة السابقة وبكميات كافية قبل بدء الهجوم بالفعل.."
أسرع الرجال للابتعاد ساحبين العرادتين بالأحصنة مع عدد ملائم من السهام والجرات الفخارية الصغيرة مع برميل صغير للقطران وآخر للخمر، بينما قال أحد الرجال لكين "لا يزال القصف مستمراً على المخيم ويكاد يمحى عن وجه الأرض.. أتعتقد أننا سنجد الوقت الكافي للرد عليهم؟"
قال كين بتوتر "هذا ما يجب أن نفعله منذ الآن.. أسرعوا.."
بدأ الرجال بتجهيز عدد من الجرات بمزيج القطران والخمر، وتغطية فوهتها بالقماش كما فعلوا في المرة السابقة.. ولما حصلوا على كمية كافية، انفصل نصف الرجال لبدء الهجوم فيما بقي النصف الآخر لإعداد كمية أخرى من تلك القنابل البسيطة.. بدأ الرجال هجومهم على السفينة الأقرب وفق تعليمات كين، وتكاثفت السهم المشتعلة نحو أشرعة السفينة والجوانب الأضعف فيها حيث لا يمكن لبحارتها إطفاء النيران قبل أن تصل لخشب السفينة بالفعل.. وعند سقوط السهم على جانب السفينة تبدأ الشعلة بالتوهج بقوة والقطران ينسكب من الجرة على مساحة واسعة حوله فيلتصق بالأخشاب والنار تشتعل فيه بسرعة كبيرة..
بقي كين يراقب الوضع للحظات ملاحظاً أن الإطلاق قد توقف لبعض الوقت من تلك السفينة وجنودها منشغلون بإطفاء النيران، وهو يتحسر على عدم امتلاكه لمرقاب من الذي يستخدمه الجنود عادة، عندها سيكون من الأسهل عليه معرفة الوقت الملائم للتراجع قبل أن يكتشف الجنود موقعهم ويديروا المدافع نحوهم..
استغرق الهجوم وقتاً قصيراً، عندما بدأت النيران تشتعل في الأشرعة بقوة وتسارع وتبدأ بالتهاوي نحو سطح السفينة، في الوقت ذاته التي بدأت النيران تلتهم عدة أجزاء من السفينة ذاتها.. عندها صاح كين برفاقه "اسحبوا العرادات وتراجعوا بسرعة.."
أسرع يمتطي حصانه، والرجال يعودون للأحصنة ويبدؤون جذب العرادات مبتعدين عن هذا الموقع، عندما فوجئ الجميع بطلقة مدفع تسقط وسط الموقع مفجرة الصخور ومدمرة اثنتين من العرادات الثلاث التي يملكونها.. كان الانفجار قوياً وعنيفاً أسقط أغلب الرجال عن أحصنتهم وقضى على بعض الأحصنة، فيما سقط كين وتدحرج أرضاً لمسافة قبل أن يحاول النهوض لاهثاً بألم والحجارة تتساقط من حوله..
تلفت في الموقع حيث بدأ دخان الانفجار ينقشع، وصاح بالرجال "من يقدر على الرحيل فليغادر بأسرع ما يمكن.. لن تكون هذه هي الهجمة الوحيدة التي سيحاول الجنود بها التخلص منا.."
بدأ الرجال يتراجعون للخلف، فلاحظ كين أن اثنان منهما قد أصيبا إصابات متفاوتة، لكن لم يقتل أحدهم لحسن الحظ.. تراجع كين بدوره مسرعاً وهو يمسك يده اليمنى بألم وهو موقن أنها كسرت أثناء سقوطه.. لكن لم يكن الوقت ملائماً للعناية بها وقذيفة أخرى تصيب الموقع السابق وتكاد تخلّف في الرجال إصابات جديدة لولا اختباؤهم خلف صخور ضخمة قريبة..
بعد طلقة أخرى، صمت الموقع تماماً بحيث تجرأ كين ومن معه لمغادرة مخبئهم خلف الصخور لرؤية ما جرى.. فلم يجدوا إلا عرادة واحدة سليمة من بين الثلاث التي يملكونها.. وعند الأفق، لاحظوا أن السفينة التي كفّت عن قصفهم تتلقى نيراناً مشتعلة من الجهة الأخرى من المخيم حيث تمركز بقية الرجال بآخر عرادتين..
لف كين ذراعه المكسورة كيفما اتفق، ثم نظر لبقية الرجال قائلاً "علينا إتمام مهمتنا بالعرادة الوحيدة الباقية معنا.. سنحاول تدمير السفينة الثانية المنشغلة بهجوم المخيم قبل أن تقضي عليه بشكل نهائي.."
لم يعارضه أحد الرجال بكلمة وهم يتجاوزون إصاباتهم لتنفيذ أوامره.. وخلال وقت قصير، كانت السفينة الأولى التي تعرضت لهجوم من الجانبين قد اشتعلت بشكل يصعب السيطرة عليه وبدأت تغرق وسط الخليج، فيما بدأت السفينة الثانية بالتراجع مع اشتعال النار في مؤخرتها بشكل بالغ.. ومع تراجعها وابتعادها متوغلة في الخليج، توقف القصف الذي كان مستمراً حتى تلك اللحظة على المخيم.. ورغم توقف القصف، استغرق رجال القبيلة بعض الوقت لإطفاء النيران التي اشتعلت في جوانبه وإنقاذ كل من احتاج المعاونة من أفراد القبيلة..
وبعد ساعات طويلة، استقرت الأمور في المخيم بشكل تام، إن تغاضينا عن ملامح الدمار والحريق التي شوهت ملامحه بشكل شبه كامل.. وفي جانب المخيم، وقفت ججي تراقب الأفق حيث اختفت سفينة الجيش العربي متسائلة في سرها إن كان ذلك انسحاباً مؤقتاً أم أن قائد السفينة قد فضّل السلامة والتراجع بدل الاستمرار في هذه المعركة التي قد تتسبب بخسارة السفينة ومن عليها من جنود.. بينما جلس كين قريباً وأحد الرجال يعتني بذراعه المكسورة بشكل بسيط وججي تعلق "كان عليكم الانسحاب من ذلك الموقع بأسرع ما يمكن.. لكن خانك تقديرك هذه المرة يا كين.."
غمغم كين "لحسن الحظ أن أحداً من الرجال لم يقتل في هذا الهجوم.."
ابتسمت ججي معلقة "لحسن الحظ أنك لازلت تحتفظ برأسك فوق عنقك.. وهذه معجزة حقاً بعد كل ما جرى لك معنا.."
لاحظت اقتراب زعيم قبيلة (وهج) ورجاله منها.. فتقدمت ججي لملاقاته وسمعته يقول فور وصوله إليها "كيف تمكنتِ من دحر هجوم الجيش العربي بهذه السهولة؟.. وباستخدام آلات بسيطة كهذه؟"
قالت بابتسامة جانبية "ليس الأمر صعباً لهذه الدرجة.. ما وجهناه في قبيلتنا قبل شهرين كان أسوأ من هذا بكثير.."
زفر الزعيم وهو ينظر لججي بصمت، ثم قال "نحن شاكرون لك ما فعلته لقبيلتنا، وهو أمرٌ لم نتوقعه من قبيلة معادية لنا.. سيظل هذا ديناً علينا مدى الحياة.."
أسرعت ججي تقول "نحن لا نحمل ديوناً من أحد.. لذلك لا تفكر بهذا الأمر طويلاً.."
فقال الزعيم "عندها، لا يسعني إلا أن أتناسى العداء الذي طال بيننا لسنواتٍ خَلَتْ، وأطلب إقامة حلفٍ مع قبيلة (أبناء الذئاب).. وهو أمرٌ سيشرف قبيلتنا بالتأكيد.."
نظرت له ججي بصمت ودهشة لفترة طويلة وقد أخذت بهذا التغيير في الأحداث.. للمرة الأولى تشعر أنها سعيدة لأنها لم تأخذ بنصائح رجال قبيلتها الذين طالبوها بعدم التدخل في أمور هذه القبيلة، وفضّلت الاعتماد على حدسها وحدها.. وها هو حدسها قد آتى ثماره بأسرع مما توقعت..
وإزاء صمتها، خفض الزعيم وجهه مضيفاً "قد أتفهم ترددكِ لقبول هذا العرض، بعد كل ما كان بيننا.. لكني جادٌ في طلبي هذا، ولن تجدي منا إلا العون في كل ما ستمر به قبيلتك.."
ابتسمت ججي معلقة "ربما من الخير لك أن تخاطبني كرجل منذ الآن فصاعداً ولا تستهين بزعيم قبيلتنا.."
ومدت يدها للزعيم بثقة، فابتسم بدوره مغمغماً "كما تشاء.. يا جام.."
وصافحها دون تردد، موثّقاً بذلك الحلف الأول الذي تحصل عليه ججي كزعيمة لقبيلة (أبناء الذئاب)، وراسماً في داخلها بعض الأمل في الحصول على المزيد من الحلفاء بما يؤمن للقبيلة الدعم اللازم لمواجهة أي عداءٍ من أي قبيلة أخرى..
وعند عودتها للمخيم، أسرعت ججي تبلغ كبار رجال القبيلة بما جرى وبالحلف الذي أنشأته مع زعيم قبيلة (وهج).. فما كان رد الرجال على هذا الخبر إلا الصدمة الظاهرة على وجوههم وسادر يقول باستنكار "قبيلة (وهج)؟.. كيف حدث هذا؟.. وبعد كل ما كان بيننا من عداوات وثأرٍ ونزاعٍ دام لسنوات!!.."
قالت ججي بابتسامة "كل هذا تبخر عندما وجدوا من يعينهم على عدونا المشترك وينقذ القبيلة من الإبادة.. بخطوة بسيطة كهذه، أثبتنا قدراتنا لبقية القبائل، وكسبنا حليفاً جديداً.."
غمغم شيتار "هذا رائع.. رائعٌ بالفعل بعد أن خسرنا حلفاءنا السابقين جميعهم.."
فقالت ججي بحزم "سيعودون إلينا.. أنا واثقة أننا نستطيع أن نكسبهم من جديد.. لن يطول الوقت قبل أن تستعيد قبيلة (أبناء الذئاب) مكانتها بين القبائل.."
واتسعت ابتسامتها بثقة ولهفة لتحقق هذه الأمنية.. والتي لم تبدُ لها بعيدة المنال في هذا الوقت..

************************

في اليوم التالي، اتخذت ججي موقفاً حازماً دون أن تعبأ لاعتراض كبار رجال القبيلة.. اختارت بعض الرجال ممن تثق بهم، وحمّلتهم برسائل إلى بعض القبائل التي تعرضت لهجوم بحري من جيش الملك فارس.. كان فحوى الرسالة يعرض على تلك القبائل مد يد العون في التخلص من أعدائها واستعادة مخيماتها التي تخلّت عنها تلك القبائل، مقابل إقامة حلفٍ بينها وبين قبيلة (أبناء الذئاب) في مواجهة أي خطر مشترك..
أعلن سادر ومن معه عن رفضهم هذا بوضوح، حيث أن أغلب تلك القبائل كانت معادية لهم سابقاً مثل قبيلة (المخلب الأسود) لكن ججي عارضت هذا الرأي قائلة "لقد كانت قبيلة (وهج) معادية لنا سابقاً، لكنها عادت لرشدها وأقامت حلفاً معنا دون تردد عندما عاونّاها على التخلص من الهجوم البحري.. ألا تعتقدون أنها فرصة ملائمة للحصول على بعض الحلفاء بالوسيلة ذاتها؟.."
لكن نظرة الاعتراض ظلت واضحة على الوجوه حتى بعد رحيل الرسل الذين أرسلتهم ججي لجوانب متفرقة من السهول.. طال الوقت لما يقارب العشرة أيام قبل أن يعود الرسول الأول حاملاً رفضاً صريحاً واستهزاءً واضحاً بالقبيلة وزعيمها.. قطبت ججي وهي تستمع للرسالة بينما قال سادر بحنق "هذا ما توقعته.. لا تسير الأمور كما تحب لها يا جام.. أنت تصغّر من شأننا أكثر فأكثر بين القبائل.."
لم تعلق ججي على هذا الوضع وهي ترجو أن يعود الرسل الباقون بردٍ مختلف.. لكن في كل مرة، يعود أحدهم بردٍ مشابه إنما بصيغة مختلفة.. بدا لججي أن زعماء تلك القبائل يحاولون التشبث بما بقي لهم من كبرياء دون أن يذعن أحدهم لعرضها خشية أن يعيّر باستعانته بامرأة في التخلص من عدوه.. كان هذا أمراً مفهوماً، لكنه لم يقدم أي حلول لا لججي الساعية خلف حلفاء قبل أن تنتهي المهلة أمامها، ولا لتلك القبائل التي لم تتمكن من التخلص من أعدائها بأي وسيلة كانت..
ومع عودة الرسول الأخير، فقدت ججي الأمل في حصول أي تغيير وزفرت بشدة وهي جالسة في خيمة مينار مغمغمة بحنق "هؤلاء الزعماء.. أيخشى أحدهم على سمعته ويرضى بالمهانة التي يعيش بها رجاله لكيلا يقال إنه استعان بقبيلة معادية تتزعمها امرأة؟"
علق كين قائلاً "ألم تفعلي الأمر ذاته عندما عرضت عليك الهرب بعد عودتك من رحلتك الأخيرة؟.."
قالت بتبرير "الأمر مختلف في الحالتين.."
ثم نظرت لمينار الصامت مضيفة "ألا ترى هذا معي يا مينار؟.. لمَ أنت صامت هكذا؟"
قال مينار وهو يمسد لحيته الخفيفة بيده "ألا تلاحظون أن أمر هذا الهجوم الذي يقوم به الملك العربي غريب؟"
تعجب كين من انشغال مينار بالتفكير في ذلك الأمر الآن، فتساءل "ماذا تعني؟"
أجاب مينار "لقد قام بفتح عدة جبهات أمام جيشه، وبذا اضطر لتقسيم أسطوله وجنوده لما يقارب تسعة أجزاء، عوضاً عن تركيز هجومه على جانب واحد.. أي شخص يقوم بهذا التصرف لا يمكن وصفه بالحكمة والخبرة الحربية بتاتاً.. وهو أمرٌ يخالف ما يُعرف به الملك العربي.."
علق كين "أنا أرى ذلك أيضاً.. أتظن أنه يحاول استنزاف قبائل الأكاشي قبل أن يهجم هجمة شاملة عليهم؟"
قال مينار بتفكير "لا أظن ذلك.. ربما كان يريد تشتيت انتباههم.. إنه لم يرسل مدداً لجنوده الذين هزموا في تلك المواقع، ولم يحاول مساندتهم بسفن وفرق أخرى من الجنود بتاتاً.."
قالت ججي باهتمام "لو كان يريد تشتيت انتباهنا، أهذا يعني أنه سيقوم بهجومٍ قريب في موضع آخر؟.. لكننا لا نرى جواسيس في هذه الأنحاء كما حدث عندما حاول جيشه الوصول للسهول منذ ست سنوات.."
أجاب مينار "في المرة السابقة، كان وجود الجواسيس عاملاً دافعاً للأكاشي لاتخاذ الحيطة والحذر.. ربما كان يرغب بتفادي هذه النقطة هذه المرة.."
تساءلت ججي بحيرة "لكن كيف لنا أن نعرف ما يهدف له؟.. لا يمكننا أن نرسل الرجال عشوائياً بحثاً عنه على طول سواحل الخليج.."
غمغم مينار "وهل سيأتي عبر الخليج حقاً؟"
علقت ججي "لا شك بذلك.. فقد باءت محاولته السابقة للعبور عبر الجبال بالفشل الذريع.. فما الوسيلة التي يملكها غير هذه؟"
سمعوا صوت باب الخيمة يفتح، ورأوا تبريق يقترب منهم قائلاً "لقد كنت أبحث عنك يا جام.."
وأضاف مشيراً لرجل خلفه "هذا رسولٌ من قبيلة (المخلب الأسود) إليك.. وقد أصرّ على إبلاغك برسالته شخصياً.."
لاحظت ججي ذلك الرجل الذي كان يقف خلف تبريق، وقد اقترب منها وهي تقول "ألم يرفض زعيم قبيلتكم الحلف بيننا بشكل صريح؟.. ما الذي أراده بإرسالك إلينا؟"
قال الرجل بتردد "لستُ مرسلاً من زعيم قبيلتنا.. بل من ديجار، وهو أحد أهم الرجال في قبيلتنا بعد الزعيم.."
تساءلت ججي باهتمام "وما فحوى رسالته هذه؟"
أجاب الرجل "ديجار يعلم أن الزعيم قد رفض الحلف مع قبيلة (أبناء الذئاب) بإصرار، لكن ديجار كان يخالفه الرأي ذاك بشدة.. وهو يعرض عليك عرضاً يتمنى أن ينال اهتمامك.."
كانت ججي تستمع إليه باهتمام وشيء من الأمل بالفعل وهو يضيف "إنه يعرض عليكم القدوم لمعاونة قبيلتنا على التخلص من غزو الجيش العربي الذي لم نتمكن من التخلص منه بأي وسيلة من الوسائل.. والمقابل سيكون إقامة حلفٍ مع قبيلتكم بكل تأكيد.."
تساءلت ججي "كيف سيفعل ذلك مادام الزعيم رافضاً لمثل هذا الحلف؟"
أجاب الرجل بحزم "سيُقام الحلف حتى لو اضطرّ ديجار لتغيير الزعيم.."
قطبت ججي وهي تغمغم "هل سيلجأ لهذا الحل في سبيل التحالف معنا؟.. هذا لا يطمئنني بتاتاً.."
أسرع الرجل يقول "لم يكن هدف ديجار إثارة ارتيابك بهذا القول.. لكنه، وكثير من رجال قبيلتنا، قد سئموا من تخاذل الزعيم وتفضيله الحفاظ على ممتلكاته وخوفه من الهزيمة.. لقد مرّت عدة شهور منذ أرغمنا على مغادرة مخيمنا، والزعيم متهاون في اتخاذ قرار حاسم بهذا الشأن.. لذلك لا ينتوي رجال القبيلة الصمت على ما يجري وقتاً أطول، سواءً تدخلت أم لم تفعل.."
نظرت له ججي بصمت مقدّرة عواقب قبولها أو رفضها لهذا العرض.. قد يتم اتهامها أنها قد عاونت على التخلص من زعيم قبيلة (المخلب الأسود) وهذا سيورثها عداءً أشد من بقية القبائل.. لكنها فرصة لا تعوض لكسب حليف جديد، ولربما يغري هذا قبائل أخرى بالانضمام إليها وطلب معونتها في مثل هذه الأوقات المضطربة..
أخيراً، قالت ججي "لقد اتخذت قراري.. ستساندكم قبيلتنا في التخلص من الغزو، مقابل إقامة عهدٍ وحلفٍ بيننا وبينكم.."
غمغم تبريق "أأنت جاد؟"
أجابت بسرعة "جادٌ طبعاً.. لكن هذا القرار لا يعني أنني سأستفرد برأيي فيه.. يجب أن أناقش سادر وبقية الرجال قبل أن أعطي موافقتي النهائية.."
هز الرجل رأسه موافقاً، ثم غادر الخيمة فيما قال تبريق لججي "هذا غير منطقي يا جام.. كيف تتخذ تصرفاً مثل هذا بعد كل من فقدناهم من الرجال؟.. لا نريد أن نفقد المزيد منهم لأجل قبيلة أخرى معادية لنا بالفعل.. أتظن أن زعيمهم سيرضى بتدخلنا رغماً عنه؟.. أم أن رجاله سيقبلون بك بعد أن تعاون ديجار للتخلص من زعيمهم؟"
قالت بحزم "لا يمكنني أن أتخلى عن هذه الفرصة لمثل هذه المخاوف.. أم أنك تملك رأياً آخر يا تبريق؟.. أنت تعلم أن فرصتي تتناقص مع كل يوم يمضي، فلا تحاول إقناعي بالعدول عما سأفعله لأنك لن تستطيع معاونتي بشيء عندما يقرر رجال القبيلة تنحيتي.."
صمت تبريق دون اعتراض مقرّاً برأي ججي، فيما التفتت ججي إلى كين قائلة بشيء من الحماس "عندما نصل لمخيم القبيلة، عليك أن تأخذ فكرة شاملة عن الموقع والجنود المعسكرين فيه.. سأعتمد عليك مرة أخرى في الحصول على طريقة سريعة للخلاص من الأعداء يا كين.."
قال كين بضيق "لا تفرطي في الاعتماد عليّ يا ججي.. كما أخبرتك، قد يكون ما تمكنا من تحقيقه بخططي السابقة مجرد حظ.. أنا لا أملك خبرة كافية لضمان النتائج.. ولا تنسي أن ذراعي اليمنى مكسورة.."
قالت بحزم "لقد اكتسبت بعض الخبرة بالفعل في المرتين السابقتين.. فما الذي يمنع أن نعتمد عليك بعدها؟.. ثم إنك لن تخوض أي قتال معنا، كل ما أريده هو معاونتي في التخطيط للهجوم والفوز على أعدائنا بأقل خسائر ممكنة.."
علق تبريق بدوره "أظن أن ما يقوله كين صحيح.. علينا اللجوء لرجال أكبر خبرة وحصافة في مثل هذه المعارك.."
وأشار إلى مينار القريب، لكن الأخير قال وهو ينفث دخان غليونه "يمكنكم أن تقصوني من هذه المهمة.."
نظروا له بدهشة، فقال "أنا لا أنوي الانضمام إليكم هذه المرة.."
قالت ججي باعتراض "لمَ؟.. أأنت مريض؟"
هز رأسه نفياً وقال "لا.. أفضل عدم المشاركة هذه المرة دون سبب.. فلا تحاول الإلحاح يا جام.."
تبادل الثلاثة نظرات الدهشة، فيما غمغم مينار "من الذي يرغب بالقيام بهذه الرحلة في هذا الجو البارد؟.. أفضل قضاء أيامي في خيمتي الدافئة عن التخييم في العراء والتعرض لبرودة السهول التي لم تخفت بعد.."
لم يكن قوله مقنعاً، لكن ججي لم تعارض هذه المرة وهي تقف قائلة "لا بأس.. سأذهب وأعود منتصراً بالتأكيد.. ولن يعجزني شيء عن نيل هذا النجاح أبداً.."

************************

بعد رحيل ججي ومن معها من الرجال نحو مخيم قبيلة (المخلب الأسود)، تركت خلفها سادر لقيادة القبيلة أثناء غيابها كالعادة.. وتخلف أيضاً مينار عن هذه الرحلة لسبب لم تفهمه تينا، فسألته عن ذلك عندما ذهبت لخيمته حاملة بعض الطعام كما اعتادت بين وقت وآخر.. لكن مينار لم يجاوبها إلا بالصمت، فسألته بشيء من الإلحاح "ما الذي يعنيه صمتك هذا؟.. أنا لا أفهمك حقاً.. وكأنك لا تهتم بما قد يجري لججي أثناء غيابها ولا احتمال فشلها دون أن تكون موجوداً لمعاونتها.."
فقال مينار "وهل أنت واثقة أن الفشل سيكون حليفهم بدوني؟"
أجابت "لا.. لكني أتعجب من تخلفك هذه المرة.."
ودمدمت وهي تضع الطعام جانباً "لم أعد أفهمك منذ عاونت ججي على المطالبة بالزعامة لنفسها.. وكأنك شخصٌ آخر لا يمتلك أي عقلٍ أو حكمة لتبرير تصرفاته الغريبة.. وهذا ما يدهشني.."
قال مينار معلقاً "وهل جانبت الصواب في أي أمر؟"
قالت باعتراض "نجاح مخططك لا يعني أنه أمرٌ مقبول.. فما الذي تهدف إليه حقاً من كل ما جرى؟"
أجاب مينار بهدوء "لا شيء يا تينا.. تسير الأيام ويسير عمري معها دون أي معنى.. الآن، بعد هذا العمر، وبعد أن فقدت العديد من الرجال ممن كنت أحترمهم وأعتز بصداقتهم، لم يعد هناك ما يثير اهتمامي ويدفعني للسعي خلفه.."
قالت بضيق "لا تصف نفسك بهذه الصورة.. لولا وجودك قرب ججي، لربما فقدت حياتها في أوقاتٍ كثيرة.. ربما كنت أستهجن ما صنعتماه بها أنت وأبي، لكنها بفضلك أصبحت أقوى، وأشجع من أي فتاة قد يراها الأكاشي.."
فقال مينار بهدوء "ججي هي ابنتي التي لا أرضى بأن يصيبها مكروه مهما حدث.. لذلك ليس عليك أن تقلقي لأمرها في الوقت الحالي يا تينا.."
نظرت له تينا بعينين متسعتين وصدمة ظاهرة، ثم قالت بدهشة "أأنت.....؟!.. كيف يمكن ذلك؟!.."
قال مينار بابتسامة صغيرة "أنا كذلك منذ البدء.. لذا لا تندهشي لهذا كثيراً يا فتاتي.."
صمتت تينا للحظات محاولة استيعاب ما دار بذهنها، ثم غمغمت "سيقتلك أبي لو كان موجوداً.."
ضحك مينار معلقاً "لا أشك بذلك.. لكني أثق بأنه كان يعلم منذ البدء.."
نظرت تينا من الباب المفتوح مضيفة "لا أظن ججي ستسعد بفكرة كهذه منك أنت بالذات.."
اتسعت ابتسامة مينار قائلاً "ربما.."
سادهما الصمت وتينا تفكر بحال ججي منذ غادرت المخيم، بل منذ أصبحت زعيمة له بين ليلة وضحاها.. هل سيبقى لها بعض الحظ لتحتفظ بهذا المنصب، وبقلبها مدة أطول؟.. أم أنها قد استنفذت كل حظ تملكه منذ كانت في الخامسة من عمرها وحتى الآن؟..
عندما عادت تينا لخيمتها، بعد أن تناولت عشاءها مع مينار، لاحظت وجود إحدى جاراتها في الخيمة جالسة بانتظارها.. فتقدمت منها تينا قائلة "لم أتوقع قدومك بحثاً عني هذه الليلة أيضاً.."
قالت المرأة التي لم تكن تتجاوز الثلاثين من العمر وهي تحمل رضيعة بين يديها "أتيت للحديث معك.. أو لنقل الحقيقة، أتيت هرباً من ضجيج الأطفال في الخيمة.. يمكنني الحصول على بعض الهدوء هنا، ويمكن للصغيرة أن تنام باطمئنان طالما هي بعيدة عن إخوتها.."
ابتسمت تينا وهي تجلس بدورها قرب النار وتتسامر مع المرأة التي كانت تزورها بشكل يومي منذ بعض الوقت.. رغم فارق السن، لكن تلك المرأة البسيطة والمرحة كانت تساعد تينا على شغل بضع ساعات من الليل بحديثها اللطيف وإبعاد ذهن تينا عن الأفكار الكئيبة التي تعاودها كلما وجدت نفسها وحيدة بلا عمل..
وعندما نهضت المرأة عازمة على العودة لخيمتها، التفتت إلى تينا قائلة "ما رأيك بقضاء الليل في خيمتي عوض البقاء وحيدة هنا؟.. زوجي أيضاً رحل مع الزعيم، لذا ليس عليك أن تحملي أي همّ إلا الإزعاج الذي قد يصيبك من صياح الأطفال الذي لا يكاد يتوقف ليل نهار.."
قالت تينا "لا أظن ذلك.. أرتاح أكثر بالبقاء في خيمتي.."
فقالت المرأة وهي تتأمل الخيمة الخالية "أشعر بالأسى لرؤيتك وحيدة بعد رحيل زوجك مع جام هذه المرة.. لذا لا يسعني إلا أن آتي للاطمئنان عليك كل ليلة.."
قالت تينا بابتسامة "لا تقلقي لأمري.. يمكنني تدبر أموري جيداً.."
ابتسمت المرأة بدورها للحظة، ثم مالت نحو تينا مضيفة "لأكن صريحة معك.. لقد طلب مني تبريق أن أطمئن عليك كل ليلة قبل أن أخلد للنوم.. إنه يخشى من بقائك وحيدة في المخيم، ويقلق لأمرك عندما لا يكون موجوداً.. لذا رجاني أن أبقى قريبة منك في حال احتجتِ أي مساعدة مني.."
خفضت تينا بصرها بصمت وحيرتها من تصرفات تبريق تزداد، ثم غمغمت "لا تقلقي.. أنا آسفة لأن تبريق أولاك مهمة ثقيلة كهذه.. لذا ليس عليك أن تقلقي لشأني بعد الآن.."
وضعت المرأة يدها على كتف تينا مضيفة "من قال إنها مهمة ثقيلة؟.. هذه الساعات التي أقضيها معك أفضل عندي من بقائي وحيدة في خيمتي.."
ثم لوحت بإصبعها لتينا مضيفة "لا تأتِ بذكر ما قلته لك لزوجك، وإلا قتلني في تلك اللحظة.."
ابتسمت تينا بصمت وهي ترى المرأة تغادر.. لمَ على تبريق أن يقلق لأمرها بهذه الصورة؟.. نساء الأكاشي معتادات على غياب أزواجهن وآبائهن لفترات طويلة في المعارك وفي غيرها من الرحلات التي يقومون بها لمقايضة بضائعهم وشراء بضائع أخرى بين فترة وأخرى.. فلمَ يعاملها تبريق بطريقة مختلفة؟.. لمَ يحاول أن يثبت لها أنه يختلف عن بقية الأكاشي بهذه الطريقة الواضحة؟.. أيحاول إشعارها بالذنب لرفضها السابق له؟.. أم أنه يحاول استمالتها بهذه الوسائل؟..
تلفتت حولها في الخيمة الخالية التي بدت لها في تلك اللحظة أكثر كآبة ووحشة من المعتاد.. ثم انطوت جانباً على فراشها وهي تغمض عينيها محاولة إبعاد تبريق عن تفكيرها.. إنه لن يخدعها بتصرفاته تلك.. لا يمكن أن يستميلها ببضع كلمات.. كل ما عليها فعله أن تحاول جادة إزاحته من عقلها في الأيام القادمة..

************************

 
 

 

عرض البوم صور عالم خيال   رد مع اقتباس
قديم 18-01-16, 04:37 PM   المشاركة رقم: 79
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Dec 2015
العضوية: 307841
المشاركات: 179
الجنس أنثى
معدل التقييم: عالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 460

االدولة
البلدAland Islands
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عالم خيال غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عالم خيال المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: ابنة السماء..

 

شاكرة لكما سؤالكما عني..
وأتمنى أن تستمتعا بأحداث هذا الفصل..

 
 

 

عرض البوم صور عالم خيال   رد مع اقتباس
قديم 18-01-16, 04:37 PM   المشاركة رقم: 80
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
اميرة القلم


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273354
المشاركات: 4,068
الجنس أنثى
معدل التقييم: برد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسي
نقاط التقييم: 4345

االدولة
البلدLibya
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
برد المشاعر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عالم خيال المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay مشاهدة المشاركة
   ولا يهمك معذورة عزيزتي

وبإنتظارك اكيد


ميشو شكلي رح كمل السراب اول ... نه مسكرة نهائيا معي .

ميمي إنتي لازم تغيريها من حبك وهم أم سراب لحب بلا نهاية هههه ‏

بس حرام تطلعي بطل ثاني وتطيري آلك ‏‏>‏‏> فيس حزين ‏

 
 

 

عرض البوم صور برد المشاعر   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
السماء.., ابنة
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 04:33 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية