كاتب الموضوع :
سلافه الشرقاوي
المنتدى :
سلاسل روائع عبق الرومانسية
رد: "فرصة اخيرة " الجزء الثاني من سلسلة (حكايا القلوب) جديد وحصرى .. الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الجزء الثاني
فركت كفيها بتوتر من تحت الطاولة الملتفين حولها في جلسة نصف دائرية تجمعها بزوجها والزوجيين الاخريين ما عدا الغائبة التي تجري احدى لقائتها الصحفية ، كم تشعر بالعتب عليها لأنها لم تخبرها بعودتها وخاصة حين فاجأهم هشام بظهوره منذ قليل ليخبرهم ان هنادي حضرت تبع جريدتها لتغطي الخبر اعلاميا .
ابتسمت بلباقة وهي تستمع الى الحديث الدائر بين زوجها وابن خالها الذي يثرثر مع محمود بأخوية و يقص عليه آخر اخبار كريم وتحسنه الملحوظ في الفترة الأخيرة .
ابتسم محمود : بارك الله لك فيه هو واخوته .
ضحك هشام : رزقك الله بالذرية الصالحة يا دكتور ، وجعل كل ما تفعله بميزان حسناتك وحسنات خالتي .
تظللت عينا محمود بشجن ليتمتم : رحمها الله.
التفت إليها هشام ليسالها بمرح : كيف حال دراستك يا ديدي ؟!
عبس محمود بعدم فهم وردد وهو يرمقها بطرف عينه : دراستك ؟!
رفت بعينيها سريعا ليتابع سائلا : ألم تقدمي للماجستير كما كنت تنوين ؟!
هتف محمود بدهشة : ماجيستير ،التفت اليها مبتسما - لم تخبريني عن هذا الأمر ؟!
تمتمت من بين أسنانها : لأني تراجعت عنه ، كان ماضيا وولى
__ حقا ، ظننته أحد أحلامك ، علق هشام فأجابت بحدة - الإنسان يغير أحلامه عندما يعلم إنها لا تلائمه !!
همس محمود من بين اسنانه : من الجيد أن ينتبه الإنسان إلى ما يلائمه ، والاجمل ان يتأقلم مع ما يقتنع بأنه مناسب له .
رفعت عيناها الى زوجها تريد أن تسبر اغوار تفكيره لعلها تفهم ما يريد من وراء حديثه ، فيخفض عينيه عنها في حين أكد هشام على حديثه وهو يقول بجدية : بل الجيد فعلا ان يثق الإنسان في اختياراته ويؤمن بنصيبه الذي رزقه الله به .
ازدردت لعابها بتوتر غلف قلبها وهي تراقب ملامح محمود الجامدة والصمت يخيم عليهم قليلا قبل ان يقتحم جلستهم عودة ماهر ومنة اللذان اختفيا منذ بدا وقت الطعام
نهض هشام مرحبا بأخيها في حفاوة وفي ظل دهشة ماهر لوجوده، سأله ماهر بمرح : متى وصلت أرض الوطن ؟!
__ منذ يومين .. لم نسترح فيهما على الإطلاق ، واتى تكليف هنادي بتغطية ذاك الحفل مع وصول دعوة محمود .
صافحه ماهر بترحيب : نورت مصر والحفل يا ابن العمة
ابتسم هشام باتساع ليحنو رأسه جانبا فينظر الى منه الواقفة من خلف ماهر فلا يظهر منها إلا طرف وشاحها ، ضحك بخفة وهمس بمشاكسه : ابتعد يا غليظ لأرحب بصغيرتي المستحية .
انطلقت ضحكة محمود ليحتقن وجه منة بقوة وخاصة حينما عبس ماهر وهو يردد بغلظة : المستحية
ضحك هشام بمرح وهو يدفعه بلطف لتظهر منة بوضوح من امامه فينظر إليها مليا ويهتف بحبور : كبرت يا صغيرتي .
توترت منة بوقفتها في حين قال محمود من بين ضحكاته : توقف يا هشام ولا تخجلها أكثر من ذلك .
ابتسم هشام بحنو : هي تعلم انها ستظل صغيرتي الى الابد ، حتى عندما ستصبحين اما وتلدين الكثير من الاطفال ستظلين صغيرتي المستحية .
احتقن وجهها بقوة وهي تبحث عن وجوده من حولها ، تشعر بالخجل يذيبها فتتلمس مرفقه القريب بأناملها ،التفت في حده اليها قبل ان يهتف بضيق : تعالى يا منة واجلسي .
توقف امام ابن عمته وملامحه تشي بالصرامة ليجلسها بجانب شقيقته ، التي تمتمت معتذرة وهي تنهض وتهمس لنظرات زوجها المتسائلة انها ستذهب الى غرفة استراحة السيدات - جلس بجانبها ليعلو صوت هشام يسال بود : كيف تعيشين مع هذا الغليظ ؟!
ابتسم محمود بمكر في حين احتقنت اذني ماهر بقوة لتهمس هي : ماهر ليس غليظا .
رفع هشام حاجبيه بدهشة ليكتم محمود ضحكته على ماهر الذي التفت ينظر اليها وابتسامته تتشكل اخيرا على ثغره فتتبع هي بصوت اوضح قليلا : انه يراعيني على اكمل وجه ، حفظه الله لي.
قهقه محمود بقوة حينما اطلق هشام صافرة قصيرة من بين شفتيه : اوووه ، بدلتها يا ابن الخال ، صغيرتي كانت تستحي من خيالها.
ابتسم ماهر بعبث وهو يهمس بخفوت يعلم انها الوحيدة التي ستسمعه : والى الان تستحي من خيالها وتضن علي بحبها .
التفتت تنظر اليه ووجنتيها موردتين وانفاسها متلاحقة ، تأملت ملامحه العابثة قليلا ، وهمست له بخفوت ماثل نبرته وابتسامه عابثة تماثل ابتسامته : بيننا اتفاق يا ابن العم .
لمعت عيناه بوميض قوي قبل ان تقطع هي حديثهم وتهتف تلك المرة بمرح : بارك لي يا اخي .
التفت محمود اليها بحماس : مبرو ك يا حبيبتي ، علام ؟!
__ هل سنرزق بمنصوري جديد ؟! سال هشام بمرح .
تلونت ملامحها بالخجل وهزت راسها نافية لتتبع لأخيها : لقد سمح لي ماهر بالعمل واوصى بي الى صاحب مدرسة يعرفه ، وسأعمل من الاسبوع القادم .
التفت محمود بدهشة ليرمق ماهر وامتنانا فياضا يغشي عينيه : حقا ؟! انه لخبر مفرح .
احتضن كفيها بين يديه وهو يهمس : مبارك يا حبيبتي .
__ مبارك يا منة ، وفقك الله يا صغيرة .
تمتمت برد لائق ليتبع هشام ساخرا : تغيرت يا ماهر .
رمش ماهر بعينيه قبل ان يبتسم بغموض : كثيرا .
__ اين الاستاذة يا هشام ؟!
سال محمود لينهض هشام واقفا بعد ان نظر الى ساعته : اعتقد ان وقت اللقاءات الصحفية انتهى ، سأذهب لاتي بها فهي لا تعلم مكان تواجدنا .
***
__ هل تشاجرت مع عاصم الليلة ؟!
رفعت راسها بكبر : وسأتشاجر معه كل ليلة .
ابتسم بحنو ليقترب منها بجلسته ويمسك يدها يضغط عليها برفق : لماذا يا جميلة ؟!
زمت شفتيها بقوة لتهتف بحدة : ولماذا لم تتدخل حينما رأيتني اتشاجر معه ؟!
زفر بقوة : لأني عندما اقف في المنتصف بينكما ، هو يصمت وينتظر مني ان احد كلماتك ، وانت تتخذين صمته ضعفا وتزيدين من حدة كلماتك ، فتدفعيني دفعا لان اوقفك واعتذر منه ، فتغضبين مني وتصبح مشاجرتك معي انا ، وانا لا اريد ان نتشاجر الليلة ، فنفسد فرحة احمد وولاء .
عبست باستنكار : ابنتك لا تهتم ، انظر اليها تركتنا وذهبت لتجلس على طاولتهم وكان ليس لديها اهل .
نفخ بضيق : كم مرة اخبرتك ان تخرجي الصغار من حربك الشعواء على عاصم ؟! كم مرة اخبرتك ان تتوقفي عن تلك الحرب ،فمن غاضبة انت من اجلها سامحت وغفرت وانتهى الامر .
__ نعم انا غاضبة ، ولكني ايضا خائفة ، خائفة من جينات عاصم التي صممت انت ان تعاني منها ابنتك .
__ جميلة ، انت تعلمين ان تشكيك بأحمد ليس صحيحا فالولد مختلف اختلافا جذريا عن ابيه .
نظرت اليه قبل ان تعود وتنظر الى احمد قليلا : بل هذا الولد سر ابيه ، هذا بالأخص يحمل كل مساوئ عاصم ولكنه يغلف نفسه بغلاف فاخر ولامع ، يخدعكم كلكم به .
همس مستغفرا ليربت على كفها : كفاك هواجس يا جميلة ، وانظري الى سعادة ابنتك وفرحتها بوجودها الى جوار زوجها ، بل تذكري ما فعله منذ قليل ، وانه امر ليس سهلا على رجلا شرقيا ان يفعله ، لقد خصها بالشكر امام العالم كله ، لم يهتم بنظرات احدا ، بل كان جُل همه ان يراها سعيدة .
اقترب بجلسته منه : الا يفكرك بأحد ؟!
ابتسمت برقة وملامحها تنفرج اخيرا بابتسامة لتلتفت اليه : وتشبك اصابعها في اصابعه : لن يكون ابدا مثلك يا وجدي .
سحبت نفسا عميقا : بل لا يوجد من يماثلك ولن يوجد ، حتى ولديك ، اتيا لا يملكان رهف مشاعرك ورقة احساسك .
حرك راسه بغرور مثله جيدا : لابد ان اكون مرهفا ، فانا جراح مخ واعصاب يا صغيرتي .
ضحكت بانطلاق : بل اعظم وامهر جراحين المخ والاعصاب .
تصاعدت الموسيقى من حولهما فينتبها للأوركسترا الذي بدا عزفه للتو بموسيقى كلاسيكيه هادئة ، فيداعب راحتها بأطراف اصابعه : هلا رقصت معي يا صغيرتي ؟!
أومأت براسها : بكل سرور يا مولاي .
***
|