كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل الثالث )
هل كان هذا هو السبب في ارغامه لها على النظر إليه ؟ لأنه كان يعرف أنها كانت تتجنب ذلك ؟
قال بصوته الجذاب الرقيق ما جعلها تصرف بأسنانها : " انك لست بحاجة إلى النظارات ، فنحن جالسان في الظل . هذا إلى أنني أريد أن ارى عينيك اللتين ما زالتا رائعتي الجمال "
لم تهتم لاطرائه هذا ، اجابته بحدة : " لا يمكنني تصور سبب تصرفك هذا " واغتصبت ابتسامة قصيرة للنادل الذي أقبل عليها بالعصير الذي طلبه كريس والذي يتوافق مع السمك المقلي الذي كان أحضره معه من مطعم قريب .
قال لها : " انك تدهشينني فمنذ أربع سنوات كانت مخيلتك عجيبة في خصوبتها " وألقى عليها نظرة باردة ذات معنى ما توهج له وجهها غضباً . فقالت بحدة : " إنني لم أتخيل الأشياء التي قالتها لي جوليا . فعقلي ليس من ذلك النوع " .
قال بلطف وهو يسكب العصير في كوبها :" ربما معك حق " وأخذت تراقبه برهة وهي تتساءل عما إذا كان بإمكانها ان تتركه وتبتعد عنه . بينما كان هو يتابع قائلاً : " ولكن مخيلتك كانت من القوة بحيث سمحت لك بأن تصدقي ذلك أو بعضه على الأقل . وساعدتك على أن تزيدي زخارف إلى ما قيل لك ، إلى أن جعلتك كالأطفال تتصورين أشياء لم تكن موجودة .. كل تلك المخاوف التي تكمن في الزوايا المظلمة " وهز رأسه الأسود الشعر ، الذي سقطت خصلة منه فوق حاجبيه المرفوعين ، ولم تعرف انجيلا ما إذا كانت نظرة التعنيف واللوم التي ظهرت في عينيه مصطنعة أم لا ، ثم تساءلت عما يجعلها تهتم لذلك .
قالت : " ليس ثمة فائدة من التنقيب في الماضي سواء سمحت لمخيلتي بتخيل تلك الأمور أم لا . ذلك أن زواجنا قد انتهى .. انتهى منذ أربع سنوات " قالت ذلك وهه تشعر بالفزع لاهتزاز صوتها وتردده شاعرة بالخوف من النظر إليه لأنها كانت تعلم أن عينيه الثاقبتين ستريان الكثير في عينيها . فهكذا هما دوما . لم يكن عليه منذ سنوات إلا أن يحدق في أعماق عينيها بنظرة واحدة ليعرف أنها وقعت في غرامه بذلك الشكل العميق العاجز . أترى نظرات العشق والهيام تلك التي كان يراها في عينيها قد أوحت إليه باستغلالها ؟ هل كان ذلك حقاً ؟ وهل كان نصف اللوم يقع عليها هي أيضاً مثله ؟ فتتقدم بكامل إرادتها لكي تكون الضحية كما لم يحدث قط في التاريخ ؟
هزت رأسها دون وعي ، وهي ترفع يدها ترتب خصلات شعرها الحريرية البنية اللون التي كانت تتطاير حول وجهها . بينما قال هو بعنف : " لا تظني أنني قد اعتبرت زواجنا منتهياً لمجرد مغادرتك المنزل . فإن كونك كنت طفلة خصبة المخيلة لم يغير من الأمر شيئاً "
واجهته قائلة وقد توتر فكها : " انك تحيرني ، فأنا لم أسمع منك كلمة واحدة منذ أربع سنوات . إلى متى كنت تنتظر ؟ أربعين سنة أخرى ؟ كنت تعتبر أن زواجنا لا يمكن أن ينتهي ، ومع ذلك لم تفعل شيئاً لا شيء مطلقاً "
ذلك عدا عن بثه جواسيسه حولها لمراقبتها . استحال الازدراء في عينيها إلى عنف قاتم .. ولكن الدهشة مالبثت ان تملكتها وهي تراه يبتسم ، وهو يقول : " ان الجو أكثر حرارة من أن يسمح بالقتال ، إن كل نيتي هي أن أساعدك على رؤية الأمور بشكل أكثر وضوحاً "
***
ولكنها لم تشأ ذلك .. وسرعان ما أوقفت تسلسل أفكارها . ان الحق معه ، فالجو كان اكثر حرارة من أن يسمح لهما بالحدة والانفعال ، وكذلك لم يكن ثمة فائدة من ذلك . كما أن الجو هنا ، تحت هذه المظلة الملونة ونسائم البحر تهب عليهما ، كان بارداً رائعاً . وكان يمكن أن يكون مريحاً جداً لولا قوة كريس على جعلها واعية إلى حضوره طيلة الوقت .
مال إلى المائدة مستنداً بساعديه السمراوين عليها وهو يسألها قائلاً : " والآن ، أخبريني عن عملك في انكلترا "
شعرت بغصة في حلقها ، واهتزت يدها وهي ترشف العصير ، وقالت : " ربما يدخل الملل في نفسك " وسكتت فجأة وقد ساورتها فكرة مفاجئة في أن عملها الذي لا يخرج عن مساعدة كيفن في إدارة الفندق ، هو عمل رتيب مممل حقاً ، لا يقارن بتلك الإمبراطورية التجارية التي ترسل السفن عبر المحيط إلى أنحاء العالم حاملة ثروات اسبانيا الزراعية والصناعية من زيتون وزيت زيتون ، وفاكهة ولوز ، وجلود وسجاد وغير ذلك .
قال : " أخبريني إذن ، عن الأشياء التي لا تدخل الملل إلى نفسي ، جربي هذه أولاً " وغرز الشوكة في قطعة سمك ووضعها في فمها وهو يتابع قائلاً : " حدثيني كيف تعرفت إلى ذلك الرجل البدين الذي تظنين انك ستتزوجينه "
فوجئت بما وضعه في فمها ، وما أن استعادت أنفاسها حتى قالت له بكبرياء : " إن توم ليس بديناً ، ولا أدري كيف جاءتك هذه الفكرة عنه "
قال وهو يدس قطعة أخرى من السمك في فمها : " لقد رأيت صورته . أنني لست أعمى انني لا اصدق أبداً أن من الممكن أن تفكري في اتخاذه زوجاً بدلاً مني "
كانت غطرسته تلك غير المعقولة وتقديره البالغ لنفسه .. والذي جعله يعتبر أن عليها ان تحتقر أي رجل سواه .. كل هذا جعلها تشعر نحوه بالرثاء تقريباً .
منعت نفسها بعنف من ان تبعد تلك الخصلة العنيدة من شعره الأسود عن جبينه وهي تفكر في ان اخباره بأن المظهر الخارجي للرجل لا يعني شيئاً وأن ما بداخل الأنسان هو المهم اخباره بذلك سينقص من قدرها .
ذلك أن زواجهما قد انتهى سواء قرر هو ذلك أم لا . وعندما يتم الطلاق ستتزوج من توم . وهكذا ستتصرف بالنسبة لهذا الأمر ، كأمرأة ناضجة وتجيب على سؤاله بطريقة مهذبة فقالت : " يوجد مركز للعب الغولف ملحق بالمجمع حيث أعمل . وكان توم عضواً فيه منذ افتتاحه ولكنه لم يتعود على الاستراحه والتحدث إلى الآخرين بعد اللعب او الاشتراك في نشاطات النادي الا بعد وفاة والدته منذ حوالي السنة ،حيث بدأ يحضر الاجتماعات ،وهكذا تقابلنا اذا كان يهمك حقاً أن تعلم كما قلت . لقد كنت في النادي ذات يوم حيث كنت اعمل بديلة لموظفة لم تحضر إلى العمل ،وهكذا أخذنا نتحدث معاً "
ومع أن توم لم يتكلم كثيراً في ذلك الحين ، فقد بدت عليه الوحدة وكان قد طلق زوجته منذ فترة ، كما أن امه قد توفت حديثاً فأصبح منزله خاوياً ، وشعرت هي بالعطف عليه لأنها كانت تدرك معنى الشعور بالوحدة .
|