كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
رد: 1072 - الأمل الأخير – ديانا هاملتون ( الفصل التاسع )
الفصل التاسع
قالت بلهجة حاسمة وهي تنقر بأصابعها على المكتب : " كلا ، ليس لدّي شيء لأجلك ، ولن يكون قبل أسبوعين على الأقل "
استدارت انجيلا إلى الخلف في كرسيها الخشبي أمام مكتب خالتها ، وهي تقابل العينين الرماديتين الباردتين بآهة خفيفة ثم تقول : " لم كل هذا ؟ لقد كنت دوماً تشكين من عدم وجود موظفين مؤقتين ، درجة أولى ، لديك ما يكفي من العملاء ، هل هجرك كل زبائنك ؟ "
ذلك أن المفروض عليها – في هذه الحالة –أن تسجل أسمها في وكالة أخرى للوقت الحالي إلى أن تزدهر الأحوال . ولكن وكالة خالتها تبدو ناجحة تماماً ، وانجيلا بحاجة إلى العمل ونظرت نحو المكتب في انتظار شيء من الإيضاح .
مرور السنين لم يلطف من طباع خالتها ، ولم يكن الناظر يلمس دفئاً في ملامحها ، كما كان صوتها فظاً تقريباً وهي تقول : " إنك بحاجة إلى إجازة من العمل . هذه هي المسألة ، فأنت لم تأخذي عطلة منذ التحقت عندي في العمل في حزيران (يونيو) " وتكلمت في هاتف المكتب تطلب صينية شاي ، لتعود فتقول : " هل نظرت إلى نفسك مؤخراً ؟ انك تبدين كالأموات "
فقالت انجيلا : " هذا هراء . ان صحتي جيدة تماماً ، هذا إلى أن كثرة العمل لا تضر أحداً "
فقالت بإبتسامة ضئيلة : " أوافقك على ذلك . ثم ان حياتي هي البرهان على صحة هذا " وفي هذه اللحظة دخلت السكرتيرة تحمل صينية الشاي المطلوبة ، وما أن وضعتها على المكتب وخرجت ، حتى عادت خالتها تكمل كلامها قائلة : " ولكنني لا أقيد مشاعري برجل إلى حد الألم ، فإن لي من احترامي لنفسي وتعقلي ما يمنعني من ذلك "
فقالت انجيلا بهدوء : " إنك قوية الأعصاب " ولكنها كانت تغلي في داخلها غلياناً وهي تسكب الشاي . ما الذي تعرفه عن الحب والمشاعر ؟ انها لم تحب أحداً ولا شيئاً قط في حياتها ، ما عدا وكالتها التي ابتدأت بها منذ الصغر.
وقالت خالتها : " ان بإمكاني في سني هذا أن أقول ما يجول في نفسي "
ما هذه الومضة من الهزل التي بدت في تلك العينين الرماديتين ؟ لم تكن انجيلا متأكدة مما رأت تماماً وهي تناول خالتها فنجان الشاي . بينما كانت هذه تتابع قائلة : " في رأيي أنك في طريقك إلى الإصابة بانهيار عصبي " وقبل أن تفتح انجيلا فمها لتسخر من هذا الرأي ، سارعت هذه تقول : " إذا كنا سنتابع الخطة التي اتفقنا عليها ، فأنا أريدك قوية معافاة ، فلا تسقطي فريسة لأي مرض أو فيروس في هذا الشتاء . ان كوخي فارغ الآن ، واسبوعان تمضينهما فيه ، لا تقومين بشيء سوى الاسترخاء وتناول الطعام الجيد ، هذا إلى الهواء الطلق هناك ، كل هذا سيفيدك . ألا تظنين ذلك ؟ انك تبدين وكأنك لم تأكلي وجبة كاملة منذ شهور . بإمكانك ان تأخذي سيارتي ، وسأتدبر نفسي تماماً في سيارة أجرة" .
ولكن اسبوعين لا تفعل فيهما شيئاً سوى التفكير ، كان بمثابة كابوس بالنسبة إلى انجيلا ، إنها لن تذهب . وقالت بتوتر : " إن اسبوعين دون مكسب ليس هذا ما أريد ، وأشكرك على كل حال . انك تعرفين كم أتعب في توفير المال "
فأجابت : " إذن ، فعليك أن توافقيني على أن قضاءك شهور الشتاء عاطلة عن العمل بسبب أمراض البرد والإرهاق ، لن يساعدك على توسيع حسابك في المصرف . بجانب هذا ، فليس منا من يتوقع انضمامك إلي شريكة في العمل غداً ، ذلك أن تعلمك سير العمل سيأخذ منك وقتاً . انك حالياً تتعلمين كيفية التعامل مع العملاء المنتظمين . هل أتابع كلامي ؟ " ولم يكن هذا ضرورياً .
فهي حال عودتها من اسبانيا استقالت من عملها ولم يكن ذلك لأنها شعرت بنفسها غير قادرة على مواجهة توم ، فهي ليست جبانة إلى هذا الحد ، ولكنها كانت بحاجة إلى عمل أكثر أهمية تستطيع معه أن تزيد من مكاسبها . ذلك أن مستقبلها قد يمتد أمامها فارغاً خاوياً ، ولكن بإمكانها أن تجعله مريحاً مادياً قدر امكانها .
ولم يكن سهلاً عليها طلب العون من خالتها ، وهي التي لم توافق قط على زواجها من كريس كما أنها لم تكن تخفي ذلك ، وقد ساندتها في بداية تحطم زواجها ذاك ، في إنهاء تعلمها ومهنتها ، ثم تدبرت لها أمر وظيفتها تلك . ولكنها غضبت وانتابتها الشكوك عندما أعلنت انجيلا انها ستطلب الطلاق من كريس شخصياً . إلا أن انجيلا تنازلت عن كبريائها إذ ما الفائدة من أن تكون لها خالة في وضع يمكنها فيه مد يد العون لها ، ثم لا تمنحها وظيفة في وكالتها ؟ وهذا ما كان .
ووافقت الخالة على ذلك . ولكنها سألتها عما يمنعها ،إذا هي جمعت من أجرها الذي ستقبضه ، وبعد أن تتعلم سير العمل ، سألتها عما يمنعها من أن تدخل شريكة معها في الوكالة !
وبدت هذه ومازالت فكرة حسنة ، وهكذا أخذت توفر للمستقبل كل قرش تحصل عليه ، ونظرت إلى ساعتها قائلة : " حسناً "
وتنهدت انجيلا وهي تعلم أن ليس بإمكانها معارضة خالتها . وهي على كل حال ، لا تتوقع أن تبدأ بالعمل قبل اسبوعين .
وقالت : " كما تشائين ، إذا كنت تصرين على ذلك ولكنني لا أحب الذهاب إلى الكوخ في هذا الوقت من السنة "
فقالت : " هذا يعني أنك أكثر غباء مما كنت أظن . فإن الجو سيكون رائعاً هناك على الشاطئ في شهر تشرين الأول ( أكتوبر ) هذا . كما أن الكوخ ذو تدفئة مركزية كما تعلمين "
ولم يكن من العسير على انجيلا التعود على قيادة سيارة خالتها ، ولا الوصول بها إلى الكوخ في تلك القرية الساحلية وعلى المقعد بجانبها خريطة ممتازة للطرق .
ولكن المشكلة الحقيقية هي كيفية احتمال اسبوعين لا يشغلها فيهما سوى أسفها على كريس الذي يملأ عقلها وقلبها حزناً وألماً .
ولكن قد تكون خالتها على حق ، فيساعدها الهواء النقي على النووم . ذلك أنها لم تستطع النوم جيداً ، ولا الأكل منذ تركت جونيز في اليوم الذي تلا تلك النزهة المشؤومة بين الجبال .
|