كاتب الموضوع :
همسة تفاؤل
المنتدى :
الروايات المغلقة
رد: زيديني عشقا / بقلمي همسة تفاؤل
البارت الثاني
" اتريد شيئا اخر سيد فارس "
تنهدت قائلا " لا فقط قم بإنهاء طباعة هذه المعاملة وسلمها لي في الغد و ارسل في طلب سليم اريده في مكتبي بأقرب وقت "
" لكن سليم ليس موجودا في مكتبه الان "
تكلمت بقلة صبر " اذا اخبره بأن يأتي إلي فور عودته ، غادر الان "
التفت مساعدي وغادر المكتب بعد ان قال جملة رتيبة لم اسمعها لأني دخلت بعالم أخر عالم زوجتي الصامتة و صديقي براء
انقلب عالمي قبل شهر عندما رن هاتفي لأسمع على الطرف الاخر صوت براء يطلب مساعدتي كل ما قاله على الهاتف " فارس اسمعني جيدا انا بحاجة لمساعدتك لقد وقعت بمشكلة كبيرة ولا يوجد من اعتمد عليه ، انا احتاجك يا صديقي "
لم يكن بحاجة لقول اكثر من هذا لأنطلق عائدا الى الوطن
وحال وصولي الى المطار امسكت هاتفي لأطلب رقم براء ، رن الهاتف طويلا حتى سمعت صوت اخر
وهو ليس صوت صديقي
" من معي "
أجبته " بل من انت فهذا هاتف براء "
" هل انت من اقاربه "
لم افكر ابدا ان انكر ذلك خوفا من ان يمتنع عن اخباري ما به براء
"نعم انا من اقاربه ارجوك اخبرني هل هو بخير "
" لا تقلق ... هلا اتيت لقسم الشرطة الان "
كان علي ان اتمالك نفسي و ألا افترض اي شيء حتى اقابل براء استفسرت عن موقع القسم وذهبت فورا في سيارتي التي لحسن الحظ جلبها السائق في الوقت المناسب
سمح لي برؤية براء بعد ان اجريت بضع اتصالات مع أناس ذوي شأن وما فهمته خلال فترة انتظاري انه مسجون بتهمة القتل
دخلت اليه واحتضنني فور رؤيتي وهو يردد
" الحمد لله الحمد لله على مجيئك "
بادلته بنفس اللهفة " هل شككت لحظة أني لن أتي عندما تطلبني "
اجابني بسرعة واندفاع " لا ابدا "
جلسنا بعدها متقابلين " اذا اخبرني لما انت هنا و بجريمة قتل انا لا اصدق ان بمقدورك فعل هذا
، فأخبرني الحقيقة "
لم يسرني ابدا ما رأيته على وجهه " بل صدق فأنا قتلت جابر "
قاطعته " جابر يا الهي الم تتخلص منه ومن عداوته منذ زمن بعيد "
تنهد " هذا صحيح لكن هو على ما يبدو لا يزال يحمل في قلبه العداء لي حتى الان "
" اخبرني كل شيء من البداية "
رأيت التردد على وجهه وكأن ما سيقوله هو اصعب شيء فعله على الاطلاق " حسنا ... القصة بدأت عند عودتي الى المنزل مبكرا بعد ان انهيت عملي ، وجدت قفل الباب مكسورا وتجمدت للحظة عندما سمعت صراخا مكتوما من الداخل فركضت مسرعا فإذا بي اجده وهو يحاول ... وهو يحاول الاعتداء على صغيرتي رحيق فلم اتمالك نفسي وضربته بقسوة كان بودي لو امزقه إربا إربا ذلك الوغد يريد إيذائي عن طريق أختي أغلى ما أملك"
صدمني ما باح به صديقي ليبدأ قلبي بالغليان لأنطق بغيظ " الوغد ... لكن هذا دفاع عن النفس وايضا في منزلك أي أن الامر سهل "
ازدادت علامات الحزن والقهر على وجهه " ليس سهلا فأنت تعرف من والده إنه مسؤول كبير في الدولة لذا فبقائي هنا سيطول ، كما أن ذاك الوغد ما زال فيه روح فكما أخبرني الضابط أنه ينازع على الحياة في العناية المركزة "
ازداد غضبي " وهل يعني إن كان والده مسؤولا أنه يستطيع أن يخطأ كما يشاء "
بدا متلهفا وهناك ما يجول في داخله " ارجوك فارس اسمعني جيدا قبل أن تنتهي الزيارة اريد ان أطمئن على شقيقتي وانا هنا "
اخرجت نفسا حارا من شدة غضبي وانفعالي
" شقيقتك أمنة في بيت خالك ابي طارق لا تقلق عليها "
أجابني بحزن آلم قلبي " لا ليست أمنة ... إن تعافى جابر فسوف يحاول إنهاء ما بدأه لذلك احتاج لمساعدتك "
أرخيت يدي على الطاولة الفاصلة بيننا " طبعا سأفعل أي شيء سيضمن بقاءك مطمئنا "
ليصدمني بقوله " أريد منك ان تتزوج من رحيق "
" لماذا أنا "
ما لن استطيع انكاره هي علامات الأمل في عينيه " لأنك الوحيد القادر على حمايتها من بطش جابر ووالده ... فأنت تملك نفوذ كبير لكونك من أكبر رجال الأعمال في المنطقة وفي العالم "
" انت تظلم رحيق بالزواج هكذا وهي لم تذنب شيئا "
أجابني مسرعا لينفي قولي " لا ... انا اعرف مصلحة شقيقتي وصدقني لن اظلمها ابدا فهي روحي ... فما رأيك هل توافق "
أخرجت تنهيدة استسلام " ما دمت تريد ذلك فأنا لن أخذلك ورحيق أمانة في عنقي ليوم الدين "
سارعني القول " اريد منك ان تخرجها من البلاد بعد زواجكم ... لا اريدها ان تراني هكذا "
هكذا تم الأمر واصبحت رحيق زوجتي ، لأول مرة منذ سنوات طويلة هناك في اوراقي الثبوتية يوجد قريب لي ليس بصلة الدم انما بالزواج
************
ها انا الأن أقف أمام منزلي ، لم أكن يوما أعلم بأني سأحن للحجارة
كما هو لم يتغير عليه شيء فقط بعض التعديلات الجمالية وأشجار الحديقة قد كبرت وهذا المدخل الرائع لم أعهده هكذا ، يغطيه الياسمين برائحته المنعشة وعلى أطرافه أزهار متنوعة الجوري والقرنفل وأخرى لا اذكر أسمائها وعلى مد نظري في طرف الحديقة أحواض من النعنع والريحان وصلني القليل من عبقها ورائحتها النفاذة
تسارعت نبضات قلبي عندما اقتربت من بوابة المنزل الداخلية
وتوقفت للحظات عندما فتح الباب و رأيت من خلفه عينان دامعتان الشوق فيهما يوازي العتاب
يا الهي جنتي تقف أمامي بعد غياب طويل ... رحماك يا الله أخطأت فهل من مسامح
انكببت عليها معانقا ومقبلا كل ما وقعت شفتاي عليه رأسها ... جبينها ... وجنتاها ... كتفاها ... يداها ... واخيرا قدماها ... شهقاتي تتعالى لم امسك دموعا انهمرت بغزارة علها تطفىء أخطائي ، أبكي كطفل عند قدميها ... كطفل وقع أرضا ينتظر أمه لتواسيه وتخرج الألم من داخله ، ولم تخذلني نزلت لي من علياءها واحتضنتني قبلتني كأنها وجدت نبع ماء بعد عطش
لتحيط يداي جسدها واقربها اكثر عل روحي وروحها تجدان السكنى ...
************
ليت لدي بعض الشكولاتة فهي ونيسي الدائم في ليالي الأرق و الوحدة .
وليالي الأن مؤرقة دون ونيس ، وحيد في زنزانة مظلمة مع وجوه غريبة منها الطيب ومنها الخبيث
ونيسي الان ذكرياتي مع الشكولاتة ، ازدادت ابتسامتي وانا اذكر تحولي من محب بسيط الى مهووس بالشكولاتة حصل ذلك منذ عشرين عاما مضت
كنت في الثانية عشر من عمري نزلت من غرفتي غاضبا واتجهت الى خالي الذي رباني انا ورحيق مع ابنه طارق الذي يكبرني بثلاث سنوات بعد موت والدي وانا اردد " خالي جد حلا لطارق فهو يأخذ حلوياتي دائما "
التفت الي خالي ومن ثم التفت الى طارق يؤنبه " طارق كم مرة علي ان اقول لك لا تأخذ ما ليس لك بدون اذن "
ارتبك طارق " حسنا لن افعل ذلك مرة اخرى "
لكن أنا كنت جامدا في مكاني من تلك العينان المعلقة بي ، عينان بلون الشوكولاتة توجه نظراتها إلي و شعر قصير كثيف بلون الشكولاتة و أنهيت هذه اللوحة ببقايا الشكولاتة الخاصة بي على اطراف فمها و يديها تمسحها بفستانها الوردي الذي قامت بتلطيخه الأن
أخرجني صوت خالي من دوامتي قائلا " براء لما لا تجيبني "
تنحنحت قائلا " خالي من هذه الشكولاتة التي في احضانك "
تعالت ضحكات خالي وطارق وايضا ضحكت الشكولاتة الجميلة معهم تقلدهم
بعد أن هدأ من نوبة ضحكه قال لي " هل أعجبتك هذه الشكولاتة يا براء "
لم انطق ... فقط هززت رأسي موافقا
قال مبتسما " انها ابنتي شهد ستعيش معنا منذ اليوم "
قلت متسرعا " خالي هل ستزوجني بها عندما أكبر "
اتسعت ابتسامة خالي " انها لك حافظ عليها يا براء "
نعم هي لي شهدي أنا ، كانت في الثالثة من عمرها راقبتها وهي تكبر يوما بعد يوم و سنة بعد سنة الى ان بلغت صباها وحرمت من رؤية شعرها القصير اكثر ما اتمناه ان تحافظ عليه قصيرا فأنا أحبه هكذا
نعم كبرت شهدي وازدادت عيناها فتنة ومكرا لم اعلم حتى الأن سبب النظرة المتلاعبة في عينيها لكن ما اعلمه اني ازداد احتراقا بحبها
**********
اغلقت باب المكتب لنحظى ببعض الخصوصية ، اختلي بصديقتي لأشكو لها ما يؤرق مضجعي ، التفت الى بتول وكانت قد خلعت حجابها و وضعته بجانبها ، فقلدتها لأتخلص من حرارة الجو أو ربما حرارة التوتر ، أمعنت النظر اليها راودني سؤال الجميع دوما عن كيف اجتمعنا معا ، بتول بسواد عيناها و شعرها الغجري ، وأنا بعيناي بلون الشكولاتة وشعري القصير الحاد الاطراف يصل الى بداية كتفي وقد تألق بلون الشكولاتة ايضا ، انه كثيف جدا لطالما قال لي الجميع بأنه يتوجب علي اطالته ، تسربت ابتسامة الى شفتي
لن أقصه لطالما داعب شعري بيديه وردد على مسمعي أنه يعشقه قصيرا ، كان ذلك قبل ان اغطيه عنه ، أخرجتني بتول من أفكاري
" من الذي زرع هذه الابتسامة على ثغرك "
تنهدت بآلم " وهل هناك غيره "
انتقلت معالم الآلم لعينيها ايضا " اصبري ... فإن الله مع الصابرين "
تلألأت الدموع في عيني " لو اني وافقت من البداية على زواجنا لكنا الآن متزوجين من سنين "
" لا... انت فكرت به قبل ان تفكري بنفسك لذا لا تندمي ، فهو بسبب تأخير الزواج استطاع اكمال تعليمه العالي و أخذ دكتوراه في الطب البشري "
ابتسمت اليها بعينان دامعتان " وهو حتى الأن لم يكشف خطة الهاتف "
بادلتني الابتسامة صديقتي وشريكتي في خطة الهاتف فهي كانت دائما الطرف الأخر
قبل ست سنوات عندما اعلن براء أنه لن يكمل دراسته العليا واكتفى بشهادة الطب ، لم أستطع تقبل الأمر فأنا أكثر من يعلم بمدى عشقه للدراسة وحلم الدكتوراه في الطب البشري ، حلمه الذي كبر معه ، لذا لم استطع الصمت وأنا أرى قراره المتسرع الذي وبالصدفة كان متزامنا مع وصول خبر تقدم خاطب لي ، هل يريد مني تصديق أن هذا القرار نابع من قلبه ...تخليه عن حلمه
فكانت تلك أول مرة استعمل خطة الهاتف السرية ، انتظرت موعد عودته واتجهت الى الحديقة الخلفية بالقرب من الملحق الخاص بطارق وبراء وحالما ظهر أدرت وجهي في الاتجاه المعاكس ، وكنت أهاتف بتول وأقول لها " لا لن أوافق على خاطبي ذاك فهو لا يحمل شهادة جامعية حتى وأنت تعلمين جيدا أني لا أريد الزواج إلا من حامل لشهادة دكتوراه ... نعم أعلم أني سطحية بهذا الأمر لكن هو حلم الطفولة أريد فارس أحلامي بشهادة عليا "
وقاطع كلامي بتنحنح مغتاظ من خلفي ، فأغلقت الهاتف والتفت إليه محرجة ، تلاقت عينانا للحظات قبل أن أجري للداخل وقلبي يقرع كطبول الحرب
ونجحت خطتي ... فحبيبي براء بريء جدا على خدع النساء ، بالرغم من حدة ذكاءه الا أنه في مثل هذه الأمور يتوقف عقله عن العمل ، اضافة الى عدم علمه بأني عرفت بقراره ، وهكذا ابتدأت معه خطوة الألف ميل
************
قراءة ممتعة صديقاتي
نلتقي مجددا
تقبلوا خالص حبي
|