كاتب الموضوع :
همسة تفاؤل
المنتدى :
الروايات المغلقة
رد: زيديني عشقا / بقلمي همسة تفاؤل (الفصل الثالث)
الفصل الرابع
انزلت ملابس صلاتي ... كم تريحني و تنزل السكينة الى قلبي ... قبلت المصحف الشريف واعدته الى مكانه ... الطمأنينة تملأ روحي من بضع صفحات منه ... وكم لازمني في السنوات الماضية ... لم اجد الراحة والسكنى الا به ...
افتقد طفلاي هشام واحمد فأنا لم أرهما منذ عودتي من الخارج
اتجهت لغرفتهما لأجدها فارغة ، هل هما عند عمتي ، عدت لغرفتي لأرتدي حجابي فمن المؤكد أن معاذ موجود وكم يقلقني ذلك
" هل انت بابا "
رباه ... أحان الوقت ... رباه ... لا تدعه يؤذي طفلي كما أذاني ... رباه ... لا تجعله ينفيه خارج قلبه كما نفاني ... رباه أعني على الصبر ...
اتجهت اليهما احتضنت هشام بين أضلاعي أداري به دمعة تمردت ، جذبت بيدي احمد لأحتويهما بين ذراعي
لم انظر خلفي ... فقط أخذت طفلاي وغادرت ، قبل أن يستعيد معاذ وعيه ...
************
" هل انت بابا "
فور خروج هذه الكلمات من ذاك الطفل حتى انزلقت الكأس من يدي ، انتفضت من حرارة الشاي على ساقي ، أمي تصرخ أمامي ولا اعرف ما السبب كل ما يدور حولي هي تلك تحتضن الطفلين الى صدرها وتغادر ، التفت الى أمي سائلا ودقات قلبي تسارعت لحد الجنون " من هذان يا أمي "
لم تعي سؤالي وهي تكرر نفس الاسئلة " يا الهي ... هل انت بخير ... هل احترقت "
كررت عليها " أمي اخبريني من هما ؟"
نظرت مستغربة واعادت نظرها الى ساقي " من تقصد "
فليرحم احد الجنون داخلي " امي من هما الصغيران ؟ "
الأن جن جنوني من تهرب عينيها فأعدت السؤال " من هما ؟ "
الصمت ملأ المكان لتجيب بصوت خافت " انهم ابناء بتول هشام واحمد "
عاد الصمت لمحيطنا بعد جملتها ، لأردف " كيف ذلك ... هل هي متزوجة "
الصمت مرة اخرى ، ليخفت صوتها اكثر " نعم ... تزوجت بعد ثلاث سنوات من مغادرتك "
الصمت ينتشر اكثر واكثر الى روحي بعد كل جملة ، زفرت أنفاسي بعمق وأنا خائف مما سأنطقه " كم عمر ابنها الاكبر "
الأن عيناها التقت بعيناي " ست سنوات ، انه يشبهك اليس كذلك "
الصمت تغلغل لخلايا جسمي حتى النخاع ... تجمدت الكلمات ... ماذا أقول ... تجمدت الأحاسيس ... هل اغضب أم أفرح ...
نظرت لأمي أوجه لها كل هذه الأسئلة ، فما كان منها الا ان وقفت " لا تسألني و لا توجه اللوم الى أي احد منا فأنت من تسببت بكل هذا ... قبل سبع سنوات غادرت المنزل وتخليت عنا جميعا بخيارك ولم تتصل بنا الا بعد سنتين ... وماذا ايضا ... نعم ... عندما حاولت اخبارك بوجود ابن لك رفضت سماع اي شيء عنها ... رفضت بشدة لدرجة تهديدي بعدم الاتصال مرة اخرى " تهدج صوتها بأخر كلمات قالتها لتوليني ظهرها وتغادر
جسدي تحرك بثقل الصدمة لأخرج للهواء النقي ...شهيق ... زفير ... علني اتخلص من الثقل الذي تسرب لجسدي وعقلي
ابن في السادسة لا اعرف عنه شيئا ... لم أكن موجودا لأكبر في أذنه ... لم أشهد أولى نظراته ... ضحكاته وكلماته ... أولى خطواته ... ما اسمه ... ومن سماه ... لا اذكر إن قالت أمي اسمه ... هل يشبهني حقا ... كيف هو ... أهو هادئ أم مشاكس ...
رفعت رأسي الى السماء مناشدا من يرفع الألغاز وينير طريقي ... احتاج لمن يجيب تساؤلاتي
وكأن دعائي الصامت أجيب ، فتح الباب الجانبي للمنزل وخرج ذاك من سمي ابني ، توقف امامي كما فعل سابقا ، اقتربت بخطوات هادئة خوفا من تلاشيه
نزلت على ركبتي ومددت يدي له
" تعال "
وجه عيناه ليدي الممدودة
" تعال"
ازال عيناه عن يدي ونظر لعيناي مباشرة
" تعال "
اخذت نفسا عميقا من اصطدام الجسد الصغير بجسدي ، لم أرد اخراج النفس الذي ادخلته لصدري لكي لا تخرج رائحته الطفولية مختلطة بعطر الياسمين الشذي
بصوت متحشرج " ما اسمك "
بصوت طفولي " هشام ، هل انت بابا "
خرج تأوه متألم ... أكنت انا مصدره " نعم أنا والدك يا صغيري "
احتضنته اكثر الى صدري ، لعلي أطفأ بعضا مما في داخلي
**********
منذ أن غادرنا طارق وهي في مزاج جيد وتخلت عن صمتها ربما لأنها قابلت شخصا مؤلوفا لها ... شخص قريب منها
لا أعلم ماهية المشاعر التي أحسست بها عند رؤيتها تحتضن طارق بحميمية ، والنار التي اشتعلت داخلي تنبأ بشيء واحد ، أن رحيق لي وحدي ولن تكون لغيري أبدا ... ابدا
لذا علي البدأ بكسب ودها ولا أظنها صعبة فهي بريئة ونقية جدا ولن يكون هناك صعوبة في امتلاكها ففي النهاية نحن زوجان
قاطع أفكاري دخولها وتوقفت نبضات قلبي ككل مرة أراها فهي رقيقة جدا لدرجة تتطلب مني احتضانها بشدة لكي أخفف من رقتها
جلست مقابلي فوجهت لها الكلام لبدأ أول محاولات التقرب " ما رأيك بالخروج للتمشي فأنت منذ وصلتي الى المنزل لم تغادريه ابدا "
نظرت الي ووجهت ابتسامة قاتلة " نعم أود ذلك "
اتسعت ابتسامتي لتحقيق اول خطوة لتقربي منها " اذهبي لتجهيز نفسك وسنتناول الطعام في الخارج ايضا "
*********
عائدة من العمل بفكر مشغول وعلي تنفيذ ما أخطط له ، يجب أن يقبل الجميع به
براء في السجن وأنا هنا لا أنام الليل من التفكير به وبحاله ولا أستطيع التواصل معه فهو ليس سوى ابن عمتي ، لو لم تحدث تلك المشكلة لكنا الأن نحضر لزفافنا الذي تم تحديد موعده نهاية هذا الأسبوع ... نهاية هذا الأسبوع لولا انعطاف الأحداث و المشاكل غير المتوقعة لكنت الأن عروسا مغرقة حتى اذنيها في مواعيد مراكز التجميل والاستجمام والكثير من الأقنعة للبشرة و مستحضرات باهظة الثمن لأجلك حبيبي ، لكن لا شيء يكتمل الا بإذنه الواحد الأحد
دخلت المنزل وتوجهت الى الدرج دون أن ألاحظ أي شيء ، تهادى الى مسمعي صوت محبب يخاطبني " فليهنأ "
توقفت في منتصف صعودي والتفت اليه مبتسمة " ومن هذا "
تعالت تقاسيم وجهه ابتسامة خبيثة " من تفكرين به و جعلكي لا تنتبهين الى وجودي حتى "
اتسعت ابتسامتي " اذن فليهنأ حقا "
قهقه بصوت مرتفع " وأنا تعيس الحظ لا أجد من يفكر بي ، ولم ينتبه أحد لا لغيابي ولا عودتي "
نزلت الدرجات ووقفت أمامه واضعة يدا على الأخرى " بل أنتبهت لعدم عودتك البارحة للمنزل ... فأين كنت "
تركني ومشى ناحية غرفة الجلوس قائلا " ذهبت لرؤية رحيق "
لحقت به متفاجئة "أحقا ذهبت لها "
أومئ بموافقة ، فأكملت " كيف هي ... هل هي جيدة ... وكيف فارس معها "
قاطعني " توقفي ... توقفي كل هذه أسئلة "
وجهت له ابتسامة معتذرة " أسفة ... من شوقي لها "
ابتسم " انها على ما يرام وفارس يهتم بها جدا "
تنهدت بارتياح " هذا جيد كنت قلقة جدا عليها ... لكن ألم تخبرك عن دراستها "
تابع مبتسما " بلا ، سوف تكمل دراستها في الفصل القادم عند عودتهم والاستقرار هنا "
امتلأ قلبي فرحا بهذا الخبر ...
تغيرت نظرات طارق وهو ينظر لي " وانت كيف حالك "
تلاشت الابتسامة عن شفتاي " انا جيدة ماذا سأكون غير ذلك "
عاود القول " أتخفين ألمك عني يا شهد ... لقد رأيت الألم في عينيكي وانت واقفة على الدرج قبل قليل "
أنزلت عيني الى يداي التي تستقر في حضني " لقد وصل فستان الزفاف البارحة "
أمسك بيداي واقترب مني محتضنا كتفاي " لا تقلقي صغيرتي كل شيء سيكون بخير وبراء سيخرج قريبا ويكون بيننا ولن يسلمك أحد له سواي ... أنا من سيضع يدك بيده ... أعدك "
وضعت رأسي على كتفه " لو لم أطلب تأخير عقد قراننا حتى موعد الزفاف لكنت الأن زوجته وأستطيع الاطمئنان عليه ... اريد أن اطلب منك أمرا عدني بتنفيذه "
***********
انظر لهاتفي الجديد انه من احدث طراز و باهظ الثمن ، اشتراه لي فارس لأتواصل معه ومع عائلتي خلال وجودي في الغربة سيخفف هذا الهاتف قليلا من الشوق لهم ولكنه لن يوصلني للأقرب الى قلبي
أخذني فارس الى أماكن رائعة وتمشينا في حديقة مبهرة الجمال ثم تناولنا العشاء في مطعم على ضفة النهر وكان ذلك ساحرا و رومنسيا جدا
هل يحاول أن يكسب قلبي ويستميلني اليه ، هو زوجي وله الحق بذلك أثق بفارس كما يثق به أخي براء وحتى طارق وثق به ، ان كان يحاول انجاح زواجنا فلن أمنعه ولكن قبل أن أسلمه قلبي يجب أن أتأكد من جاهزية قلبه لي ، فلن أقبل أن أكون مجرد زوجة فرضت عليه وتعايش معها
استحق رجلا يحبني لنفسي لذا سامحني يا فارس فلن أتجاوب معك حتى أتسلل لقبك وان أضمن تجاوز حصون قبلك ... عندها فقط سأسلمك قلبي وروحي ونفسي ... عندها فقط
***********
كان من المفترض أن يكون هذا الأسبوع هو الأسعد ... احضر فيه لزواجي من محبوبتي الشكولاتة الحقيقية خاصتي وليست تلك التي اصبر نفسي بها ...
كانت ستكون ملكي في نهاية هذا الاسبوع ، سأملأ عيناي من تأملها بفستان ابيض
اتأمل عيناها وشعرها بلون الشكولاتة وبشرتها القمحية ... أتأمل نضج حبيبتي ... فأنا لم أتأملها منذ كانت في الثالثة عشر ... احترمت دوما التزامها الديني ولم اتخطى حدودا وضعت بيننا
لكن حبيبتي الشوق زاد والبعد زاد ايضا ... فمتى اللقاء ... عديني ألا تكوني يوما لغيري مهما طال البعد والزمن ... صفيني باﻻنانية هذا لا يهم ... هل وجدتي يوما عاشقا غير أناني ... لا تقولي كن عاشقا مضحيا سامحيني حبيبتي فأنا أناني بحبك فلا تقتليني ببعدك ... فقلبي صحراء قاحلة بدونك ... والموت مرفأي بعد بحر حبك ... الموت مرفأي ...
***********
ابنة الخامسة عشر خرجت من المشفى بعد ثلاثة أشهر من حادث مؤسف على قول الصحف سيارة انقلبت على جانب الشارع بسبب محاولة السائق تفادي شاحنة مسرعة بالاتجاه الأخر ، ولكنه كان تعيس الحظ اذ أودى الحادث بحياته هو وزوجته وابنه الصغير ولم ينجو من العائلة المنكوبة الا ابنتهم ذات الخامسة عشر ربيعا والتي ما زالت حتى الأن في غيبوبة ...
هذا ما قرأته في صحيفة يعود تاريخها لثلاث أشهر سابقة ، كان عليها التأقلم مع استيقاظها يتيمة
لكن مع هذا الألم ينتشر ويتغذى على شرايينها واوردتها
لكنها استطاعت بعد بضعة اشهر الصمود و الوقوف مجددا لتحيا ، لولا دعم عمها و زوجته لما نجحت ... عادت لتبتسم وتكمل طريقها للحياة للأمل ، ما زال موجودا ألم الفقد لكنها تعايشت معه
ما لم تستطع التعايش معه هو قلبها المغفل الذي بدأ ينبض لابن عمها المغرور الذي لم ينظر لها نظرتين متتاليتين ابدا ... وبدأت الأحلام الوردية والقلوب تخرج من عينيها عند رؤيته
ابنة الخامسة عشر أمست اليوم ابنة السادسة عشر وحبها الوليد كبر أكثر واكثر ليتكلل في ليلة أخبرها عمها عن رغبة ابن عمها في الزواج منها ، لتتفتح الورود على خديها ، ليأخذ ذاك الإجابة التي ينتظرها
فستان زفاف أبيض جميل ... كأميرة من احدى قصص الخيال وبضع زهرات بيضاء تزين شعري الغجري ... و فارسي يرتدي حلة سوداء تليق به ... ألن احصل ايضا على حصان ابيض ...
حبيبي المغرور أخذني لعالم أخر ... أنساني كل ما قبله ... السعادة تملأ قلبي الصغير ... تحققت احلامي الوردية ... لم أقل له يوما أني أحبه كنت أنتظره أن يقولها أولا لأقول له وأنا ايضا وأعانقه لنعيش في عالمنا الوردي
ما لم أتوقعه أن أسمعه يقول " يكفي ذلك لم أعد أحتمل زواجي بطفلة حمقاء مدللة ... خلصوني منها ... فأنا لدي أحلام لم أحققها وليس من بينها رعاية طفلة لأخر يوم في حياتي "
**********
قراءة ممتعة
نلتقي مجددا
تقبلوا خالص حبي
|