كاتب الموضوع :
همسة تفاؤل
المنتدى :
الروايات المغلقة
رد: زيديني عشقا / بقلمي همسة تفاؤل (الفصل الثالث)
الفصل الثالث
قصاصة ورقية تحمل جملة واحدة فقط
" كن سعيدا لأجلي "
هي فقط ما اعطاني اياه براء بعد زواجي من فارس ارسلها لي مع خالي
قصاصة احتفظ بها لست سنوات مضت عندما غادر لإكمال دراسته العليا كم كنت سعيدة وقتها لأنه سيحقق حلمه اخيرا ،حلمه المشترك مع صديقه معاذ دخلا الطب معا واتفقا على اكمال مسيرتهما في دراسة الطب والتغلغل فيه اكثر ، وكم آلمني تخليه عن حلمه ومغادرة معاذ لأكمال الحلم وحده
لذا كنت سعيدة جدا عندما اخبرني عن نيته في ملاحقه حلمه بعد سنة فقط
لذا كتبت له هذه القصاصة واعطيتها له قبل مغادرته وكان بها من المعاني ما يتعدى تلك الكلمات الثلاث
شقيقي الحبيب اعدتها لي اليوم لتذكرني بكل الامال التي كانت في عيني وعينيك في يوم سفرك
سامحني لأني خذلتك ، سامحني على صمتي وغياب الابتسامة ، هذه القصاصة كانت قسما بيننا للسعادة وانا حنثت به لا تقلق يا أخي اعدك بأن أرمي كل شيء خلفي لأبدأ من جديد لأجلك فقط
*************
دخلت الى المنزل بعد يوم عمل متعب لأقف جامدا لهذه الملاك التي تقف أمامي تنظر من النافذة بإبتسامة متأملة ارجوكي يا ملاكي لا تلتفتي لي وتغادري وتحرميني النظر
" مرحبا "
هل بدأت أهلوس من التعب أم حقا التفتت لي الملاك ولم تهرب ... كلمتني هل الملائكة تتكلم ...صوتها الملائكي أضاع نبضة أو اثنين من نبضات قلبي
تنحنحت قائلا " مرحبا"
بدأ التوتر ينتشر في الجو وظهر على محياها الخجل و وجنتيها تفتحت بهما الورود ، تذكرني بقصة من طفولتي عن امرأة اسمت ابنتها بياض الثلج عندما ذكرتها نقطة دم حمراء على الثلج الابيض ببشرة ابنتها البيضاء و خديها الحمراوين
أخرجتني من أفكاري بصوت متردد " كيف حالك تبدو متعبا "
لقد لاحظت ذلك " لا ، انا بخير لا تقلقي "
عادت تقول " هل انت جائع "
لا ، هذا الجواب الحقيقي لكن لساني نطق بغير ذلك " نعم ، انا جائع جدا لم اتناول شيئا اليوم "
ارتسمت ابتسامة طفيفة على وجهها " لقد طهوت الغداء اليوم لم يعجبني الطعام الذي طهته الخادمة هل تريد القليل أم احضر لك من طعام الخادمة "
اكملت كلامها بكثير من التردد وهل هناك عاقل يرفض مثل هذا الطلب
لم استطع منع نفسي من السؤال " هل ستتناولين الغداء معي "
نظرت لعيني مباشرة " هل لديك مانع "
أجبتها فورا " لا ، انا سعيد جدا بذلك "
اضافت قبل مغادرتها " حسنا اذن ، اذهب للاغتسال بينما أحضر المائدة "
و ادارت ظهرها وذهبت ، هل حقا دار بيننا حديث وسنتناول الغداء معا
اغتسلت وبدلت ملابسي بأخرى مريحة اكثر وعدت سريعا لغرفة الطعام وكانت تنتظرني هناك
جلست مقابلا لها متحدثا بأي شيء حتى لا تشعر بالملل و تغادر مسرعة " يبدو الطعام شهيا لم اظن انك تستطيعين الطهو "
فور خروج الكلام من فمي ندمت عليه منذ متى امتلك فما كبيرا هكذا ، لكنها اجابتني لتزيل بعض التوتر " لقد تعلمت الطهو حديثا ارجو ان يعجبك "
تذوقت القليل " انه لذيذ حقا "
معالم الارتياح بانت على وجهها انها حقا رقيقة ومقروءة جدا لا تستطيع اخفاء مشاعرها
انهيت الوجبة بعد عناء شديد لأنه ثاني غداء خلال اقل من ساعتين ، ولم أرد جرحها بعدم اكمالي لوجبتي سأعاني لباقي اليوم من عسر الهضم ،ليكن غرامة اول حديث بيننا
***********
انظر للاصفاد ملتفة حول يدي ، من كان يعلم انه بدلا من مشارط الطب سيكون هناك اصفاد السجن
اخبروني ان المحامي ينتظرني لذا ها انا أقاد له
وصلنا الى غرفة الزيارة وأزالو الاصفاد لألتفت الى المحامي الجالس بإنتظاري وعلت وجهي عندها ابتسامة حقيقية لأخذه بالأحضان طارق سارق الحلوى اصبح مدافع عن القانون
" طارق كيف حالك "
رد لي الابتسامة " انا بخير أخبرني انت عن أحوالك "
التفت حولي " هذه احوالي "
نظر مباشرة الى عيني " لا تكن متشائما هكذا ستخرج من هنا "
تنهدت " كيف ذلك "
ابتسم " بالطبع بفضلي ما دمت محاميك فلا تقلق "
ضحكت " انت حقا لم تتغير "
تحولت نظرته الى الجدية " لننظر الى الامر من نظرة قانونية بغض النظر عما حدث مع رحيق فنحن لن ندرجه في القضية ، عداوتكما طويلة منذ الصغر وهو كان في منزلك اي انه هو المعتدي أما انت فكنت تدافع عن نفسك لذا سنلعب بهذه البطاقة ، ما يعرقل قضيتنا هو نفوذ والده السياسي فقد تدخل وأجل القضية حتى معرفة ما سيؤول اليه حال ابنه لذا فالقانون لن ينفعنا الأن فهو في صف والد جابر لكن ما ان تعرف حالته الصحية لنأمل وقتها من احالة القضية لقاض عادل "
أجبته غاضبا " ليته يموت "
نهرني "اغضب كما تشاء منه لكن اخفي غضبك فنحن نحتاج اليك بحالة ذهنية هادئة ، الغضب هي نقطة ضدنا فأحذره "
اخرجت انفاسي الغاضبة " ماذا ستفعل الأن "
أجابني بابتسامة لطيفة " سأسافر للإطمئنان على رحيق فأنا لم أرها منذ الحادثة اريد معرفة احوالها وهل تأقلمت مع وضعها الجديد ام لا "
تغلغل الفرح الى قلبي من ذكر صغيرتي " اوصل لها تحياتي وحبي و لا تقلقها علي بل طمئنها ، انا اثق بفارس انه سيحميها لذا لا تثقل عليه بالوصايا "
وقف " حسنا لن اثقل عليه ، سأغادر الأن وزيارتي التالية ستكون بعد عودتي من السفر ، انتبه لنفسك "
اوقفته قبل مغادرته قائلا " لا تتلاعب باعصاب فارس فهو لا يعلم انك شقيقها بالرضاعة "
التفت مغادرا وعلى شفاهه ابتسامة خبث
***********
طالت جلستنا تبادلنا الأحاديث والأخبار والاعتذارات من ناحيتي كم أصبو للغفران عن أخطائي ، أمسح دمعات والدتي من احتضنتني في رحمها تسعة أشهر وفي أحضانها خمس وعشرين عاما و حرمتها بأنانيتي من سبع سنوات
أولتني ظهرها وغادرت بعد أن تأملت محياي طويلا ومسحت بيديها على وجهي لتحضر لي الشاي بالنعناع تعلم ما أحب تماما ، لم تشك أن ذوقي تغير بل كأنها كانت موقنة بشوقي للشاي الذي كانت تعده بيديها لي يوميا
سمعت صوت الباب يفتح وتزايدت نبضات قلبي ، هل عاد أبي ، كيف اللقاء به يا ترى
لكن كل أفكاري واختلاجاتي تبعثرت من تلك الأنثى التي تقف جامدة أمامي ، هناك شيء مؤلوف فيها ... نعم العينان سوداء حالكة كعيني جنية
وجهت الحديث اليها ساخرا "ألم تتعلمي رد السلام بعد "
أعادت لي نفس النبرة الساخرة " وألم تتعلم اللباقة بعد "
تلك الجنية نمى لها لسان حاد " أنا لبق مع من يستحق اللباقة فقط "
ما زالت تتكلم بنفس الثقة " لا أظن ذلك فالطبع يغلب التطبع "
حسنا ليس فقط شكلها الخارجي قد نضج بل ولسانها " منذ متى تعلمت الرد "
بنفس الثقة " منذ أن حللت عن كاهلي "
واكملت بتحدي وابتسامة ساخرة " ولا تحلم بأن أعود تلك المطيعة ، فأنا تغيرت جدا ولا تأثير لك علي "
تفاجأت من القوة في كلماتها " لقد عدت الأن وهي فقط بضعة أيام وسأعيدك قطة وديعة "
عادت للتحدي " لا... بتول الحمقاء قد ماتت وولدت أخرى لا تستطيع السيطرة عليها ، أخرى ستنتقم للأولى "
بدأت معالم الغضب تظهر على وجهي " صدقيني لقد عدت وسأقطع لك لسانك الذي نمى في غيابي "
ابتسمت في وجهي قبل ان تصعد الدرج وهي تردد على مسمعي " صدقني انا أعدتك اليوم للمنزل يا معاذ ، ولتحتمل نار انتقامي فلن ارحمك "
جمدتني مكاني بكلماتها ماذا تعني بأنها أعادتني ، وجهت هذا السؤال لأمي التي على ما يبدو شهدت المواجهة بيننا ، فتجمدت ملامحها وألقت علي نظرة نارية لائمة وقالت " نعم ، قرار عودتك كان بيدها منذ أول يوم غادرت فيه "
الصدمة فقط شعوري " كيف ذلك ولماذا "
ما زال وجهها جامدا " كان قرار والدك بأنك لن تعود يوما الى المنزل الا إن رغبت هي فقط "
قلت مسرعا "اتعنين أني بقيت منفيا طيلة تلك السنوات لأنها من رفضت عودتي "
بنبرة عاتبة " انت من تسببت لنفسك بكل هذا ، ولا لوم على بتول ، لا تحاول ابدا اظهارها مخطئة ، حتى انا ما كنت لأرضى بعودتك دون موافقتها "
تأجج الغضب في صدري ... دوما كانت رغباتها مجابة لدى ابي وأمي حتى نفي ابنهم الوحيد وعودته كانت بيدها ... فلنرى يا بتول من المنتصر في النهاية
************
لا أعلم كيف صعدت الدرج بذلك الهدوء لو كان بيدي لأجتزته ركضا
ما أن أغلقت باب غرفتي حتى انهرت أرضا ... اسندت ظهري للباب ... رفعت عيني للسقف ... رباه أعطني القوة لأحصل على حقي منه ... ما اريده فقط أن يعترف أنه أخطأ بحقي ... سبع سنوات مضت ولم يفكر للحظة بأنثى محطمة خلفه ... سبع سنوات من الواضح انه لم يعترف بعد بخطأه بحقي ... سبع سنوات وما زال يظن أنه المتأثر الوحيد
لكني أقسم أن اجعلك تعرف مدى خطأك ، أقسم أن احصل منك على الاعتذار الذي استحقه ، أقسم لك انك ستعتذر ولتتحمل ما سيأتيك مني يا معاذ ...
***********
رنين الهاتف اوقف تسلسل أفكاري ، فتناولته بهدوء دون النظر اليه ليأتيني صوت مألوف
"فارس ، مرحبا بك يا نسيب "
عرفته من حسه الكوميدي " طارق اهلا بك ألم تنضج بعد "
تعالت ضحكاته " احترمني يا رجل فأنا اكبر منك "
ابتسمت " لا ... اظن ان والدك اخطأ بتسجيل التاريخ في شهادة الميلاد "
التفت الى الرقم فوجته رقما محلي " طارق من اين تتكلم "
اجاب بثقته المعهودة " من الفندق طبعا ، هل انت متفرغ "
رددت مسرعا " من أجلك طبعا متفرغ "
التقيته في الفندق وبعد السلام والسؤال عن الاحوال سألته " كيف براء "
عدل جلسته " انه جيد لكن السجن يستنزفه "
انزلت يدي على الطاولة مسترخيا " لا تقلق لن تصل قضيته للمحاكم لذا فلا حاجة لنا بك "
ابتسم بمكر " يسعدني الا تصل الى المحاكم فلا أمل لنا بها ... لكن اخبرني ماذا تقصد "
ارتشفت من فنجان القهوة ونظرت اليه بمكر مماثل " سأجعلهم يتنازلون عن القضية بمحض ارادتهم "
عدل جلسته مرة اخرى ونظر الى فنجان القهوة بتركيز " هذا حسن جدا ، لكن لا تورط نفسك معهم "
اكمل كلامه بعد فترة صمت " كيف اخبار ابنة عمتي اريد رؤيتها والاطمئنان عليها "
شعور من الضيق تغلغل في دمي من طلبه رؤيتها ، هل يحمل لها مشاعر خاصة ، لقد عاشا في منزل واحد طيلة حياتهما فهل تبادله ايضا المشاعر
ادخلته الى المنزل واتجهت للداخل لأعلمها بوجوده لكي تتحجب وتستعد للقاءه ، وما حدث بعدها شلني تماما فزوجتي ظهرت لنا بفستان ابيض رقيق يظهر مدى نعومتها ، وما أن وقعت عينيها على طارق حتى ارتمت بين ذراعيه المفتوحة لاستقبالها ، وبالمقابل احاطها هو بتملكية من حقي انا وحدي
كبت غضبي واشتدت قبضتاي مما ارى ، لكن يجب أن أهدأ حتى افهم الوضع اولا ، فأنا لم أكن يوما متسرعا
التفت لي طارق وهو مبتسم بخبث " لا تتسرع و تلكمني فأنا شقيقها بالرضاعة "
ارتخت قبضتاي وتوجه غضبي لخبثه المتعمد " انت لن تنضج ابدا "
اخرجت وجهها المحمر من البكاء من صدره ، كم اتمنى أن أحتضنها لصدري كما فعل طارق ، كم اتمنى أن يكون صدري هو ملجأها عند الألم
نطقت "أنا أسفة لاندفاعي هكذا ، فأنا لم أعلم بجهلك لعلاقتنا "
تنحنحت فما زال صوتها يثير الاعاصير داخلي " الخطأ ليس خطأك "
تشتعل الغيرة في صدري من جلوسها بجانبه هكذا فأنا لم احصل بعد على هذا الحق
" اذن اخبراني كيف اصبحتما شقيقين بالرضاعة "
ابتسم طارق " ولدتني امي في نفس الفترة مع ولادة عمتي مريم التي ولد طفلها ميتا وكان ثالث طفل يولد ميتا لذلك طلبت منها امي ارضاعي لأكون ابنها ايضا ، اما رحيق قد ماتت والدتها وهي تلدها لذلك قامت عمتي مريم ايضا بارضاعها فقد كانت مرضعة لطفلها البالغ من العمر عام واحد "
اجبت بتفاجأ " اي ان هناك اخ اخر ايضا "
اجابتني رحيق " نعم هناك منير يكبرني بعام واحد فقط وشقيقتان انهم ابناء خالتي مريم "
اردف طارق بخبث " انصحك بشيء واحد لا تجعل منير يقترب من رحيق فهو يفسد اخلاقها "
قالت بصوت معاتب " طارق ... توقف لا دخل لك بمنير فهو صديقي الصدوق "
انظر لشجارهم ومداعباتهم
" صديقي الصدوق ...انا لا اعلم ماذا يفعل بك هذا المنير فأنت تنقلبين عند رؤيته من الرقة والهدوء الى المشاغبة والصخب "
هل حقا تستطيع هذه الملاك ان تكون مشاغبة وصاخبة ... لكني لا احبذ رؤية هذا المنير فيبدو ان له مكانة كبيرة لديها ... كنت فقط برجل واحد بحياتها الأن اشعر بزحمة من الرجال في حياة زوجتي كل يريد مشاركتي بها ...
*********
سعيدة بوجود شخص اعرفه بجواري الأن ، طارق هنا سيخبرني عن احوال براء فأنا لا اعرف عنه أي شيء ، فقد كنت مختبئة في صومعتي طيلة الشهر الماضي
" طارق كيف هو براء "
صمت قليلا والتفت لفارس قبل ان يجيبني " إنه بخير ، ويرسل تحياته لكي "
متلهفة للمزيد "حقا "
أمسك يدي بيديه " نعم هو بخير وسيخرج قريبا انها مسألة وقت فقط صغيرتي "
شددت على يديه " أرجوك لا تكذب علي "
شد على يدي بدوره " لا اكذب يا صغيرتي لكن صبرا الأمر يحتاج لبعض الوقت "
ركزت النظر في عينيه لأتأكد من صدقه " اتمنى ذلك من كل قلبي فقد اشتقت له كثيرا "
كشر في وجهي " لكن افهميني لماذا لم تلتحقي بالجامعة حتى الأن انت في فصل التخرج فلم يبق الكثير ، فلماذا اهملتي دراستك "
تدخل فارس في الحديث ايضا " ماذا... لماذا لم تخبريني عن دراستك وقد ابتدأ الفصل الدراسي منذ فترة ولم تلتحقي به "
انزلت نظري الى يدي من تأنيبهما لي " لم اكن في حالة نفسية جيدة لكي التفت الى الدراسة ... لذا اود تأجيل هذا الفصل "
أجابني فارس وقد لحظت الضيق في كلامه بسبب حديثي السابق " حسنا سأقدم لكي اوراق اعتذار للجامعة ... وربما ذلك افضل لأننا سنعود قريبا الى الوطن عندها لن يكون هناك مشكلة ولن تضطري لتغيير الجامعة "
اشرق وجهي من السعادة بهذا الخبر فقد مللت الغربة " هل حقا سنعود "
ابتسم في وجهي بعد أن تبادل مع طارق نظرة غريبة لم اهتم لها "نعم انا اقوم بتصفية اعمالي هنا الأن لنقل الادارة لشخص موثوق ... بعدها سنعود "
تدخل طارق " اذن سأتولى تقديم اعتذار للجامعة فور عودتي فهذا اسهل "
وقف طارق قائلا " سأغادر الأن فطائرتي ستنطلق في المساء "
احتضنته لأخر مرة قبل مغادرته " ارجوك تعال دائما لزيارتي وأطل المكوث ... ليس زيارة خاطفة هكذا "
بادلني الاحتضان " انتبهي لنفسك صغيرتي "
رافقه فارس لإيصاله الى الفندق ومن ثم المطار وبقيت وحيدة مرة اخرى ...
***********
تحية عادية وسؤال عن الأحوال هو كل شيء ما تلقيته من أبي ... غياب سبع سنوات وتلقاني بهذا البرود كم اتمنى أن أنهال عليه مقبلا يداه لكن هالة من الهيبة تحيط به منعتني ...
وجه سؤالا كأنه يستقبل ضيف عادي " هل أكملت دراستك "
بشيء من الفخر أجبته " نعم أنا الأن حامل لدكتوراه في الطب البشري "
كلمتان فقط ما تلقيته بعد اعلاني " هذا جيد "
عدلت جلستي بغير راحة " كيف انت يا أبي وكيف صحتك "
نظر الي نظرة مطولة " هل تهمك "
أجبته مجفلا "طبعا تهمني فأنت أبي "
هز رأسه بأسى " نعم ... أنا والدك الذي خذلته ربيتك منذ صغرك على المكارم وما لقيت منك الا الجحود "
تملكني الحزن " ألن تسامحني في يوم "
نظر لي بجبروته المعهود " سأسامحك عندما تحصل على الغفران منها ... من بتول ...إن لم تفعل ذلك فأعلم أني لن أسامحك ابدا "
الغضب ... الغضب ...يسيطر علي ، بتول دائما في المنتصف تقف بيني وبين كل شيء
" أبي أرجوك لا تدع مشاكلي مع بتول تؤثر علينا ... فأنت أبي قبل أن تكون عمها "
وقف ناظرا إلي نظرة غاضبة " لا تتفوه بكلمة واحدة عن ابنة أخي ... إنها من داوت جروح تركها ابني من صلبي في داخلي ... خذلان من تربيتي هذا ما اعطاني اياه ابني يا معاذ "
والتفت تاركا لي ... اشتعل من الغضب تجاه تلك ... بتول ... بتول ... كل شيء يدور حولها منذ آتت لتعيش معنا
عادت أمي للجلوس بجانبي وتبادل الأحاديث ... تبخر كل غضبي من ابتسامتها
أثناء استغراقنا في ذكريات الماضي صمتت أمي عن رواية قصة من طفولتي واتجهت عيناها للأمام ، فما كان مني الا النظر لأرى ما الذي لفت انتباهها فإذا بزوج من العيون السوداء تنظر لي بإستغراب
نقلت نظري بينهما طفلان الأكبر يبدو في الخامسة والثاني لا يتعدى عمره العامين
لينطق اكبرهما بما جعل كأس الشاي يسقط من يدي
" هل أنت بابا "
************
قراءة ممتعة
أودعكم للقاء في يوم الأربعاء المقبل بأذن الله
تقبلوا خالص حبي
|