لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

قصص من وحي قلم الاعضاء قصص من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-12-15, 06:00 PM   المشاركة رقم: 121
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متميزة الابداع


البيانات
التسجيل: Jun 2015
العضوية: 296904
المشاركات: 655
الجنس أنثى
معدل التقييم: امال العيد عضو جوهرة التقييمامال العيد عضو جوهرة التقييمامال العيد عضو جوهرة التقييمامال العيد عضو جوهرة التقييمامال العيد عضو جوهرة التقييمامال العيد عضو جوهرة التقييمامال العيد عضو جوهرة التقييمامال العيد عضو جوهرة التقييمامال العيد عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1266

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
امال العيد غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عمر الغياب المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أزهرت بهطولك

 

مساء الخير للجميع

همس أنا جيت ✋

 
 

 

عرض البوم صور امال العيد   رد مع اقتباس
قديم 02-12-15, 06:12 PM   المشاركة رقم: 122
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Feb 2014
العضوية: 264541
المشاركات: 403
الجنس أنثى
معدل التقييم: عمر الغياب عضو سيصبح مشهورا قريبا جداعمر الغياب عضو سيصبح مشهورا قريبا جداعمر الغياب عضو سيصبح مشهورا قريبا جداعمر الغياب عضو سيصبح مشهورا قريبا جداعمر الغياب عضو سيصبح مشهورا قريبا جداعمر الغياب عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 586

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عمر الغياب غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عمر الغياب المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أزهرت بهطولك

 

مساء / صباح الخير: كُن من الأشخاص اللذين لديهم قُدرة وعزيمة
ولا يُعيقهم شيء، حتى ظروفهم يُحيلونها بقدرتهم إلى دوافع
وأينما يُنبتهم الله يُزهرون.

مساء الخير: أهل أزهـرتُ بهطولك.
مساء ما يليق إلا بكم.

مساء غياب الاسبوعان.. قد اعطت نتيجة هائلة ما شاء الله تبارك الله
كتابة 45 صفحة.. الاحداث كما ذكرت طويلة وعميقة وبِها من التفاصيل الدقيقة

لذلك الرجاء ثم الرجاء.. القراءة بالتركيز ومن ثم تعليق بتركيز اجمل لكي تحيا أزهـرتٌ بهطولك
وتبقى كالنبته اليانعة تنبتُ في قلوبهم زهر الاقحوان وصوت الحنين يشدو " شكر لكل من تقدم هٌنا ووضع رده سواء بالمواقع ثلاث، أو بالتواصل الاجتماعي.. "

***

أنوه بالموعد الجديد: كلّ بعد اسبوعان يتم تنزيل جُزء طويل | انيق بحضوره
لذلك أود النقاش معاً في طرح هذه الرسالة السامية، وبشارة سارة، تم وضع خطة استراتجية لإكمال ووضع نهاية أزهـرتُ بهطولك على نهاية السنة الهجرية.. أي المتبقي منذ اليوم هو عشرة أشهر ونختمها على خير كما بدأنا بِها من بداية سنة 2015 مَ..

***

كلّ يوم الخميس على تمام ساعة:
10:30 مَ | بالتوقيت السـعُودية

***

لي عودة قريبة لأجل الردود الأنيقة ()’
أرى حضوركم غداً كما الموعد المذكور ..

***

استودعتكم الله التي لا تضيع ودائعه .,

 
 

 

عرض البوم صور عمر الغياب   رد مع اقتباس
قديم 02-12-15, 06:40 PM   المشاركة رقم: 123
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متميزة الابداع


البيانات
التسجيل: Jun 2015
العضوية: 296904
المشاركات: 655
الجنس أنثى
معدل التقييم: امال العيد عضو جوهرة التقييمامال العيد عضو جوهرة التقييمامال العيد عضو جوهرة التقييمامال العيد عضو جوهرة التقييمامال العيد عضو جوهرة التقييمامال العيد عضو جوهرة التقييمامال العيد عضو جوهرة التقييمامال العيد عضو جوهرة التقييمامال العيد عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1266

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
امال العيد غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عمر الغياب المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر الغياب مشاهدة المشاركة
   مساء / صباح الخير: كُن من الأشخاص اللذين لديهم قُدرة وعزيمة
ولا يُعيقهم شيء، حتى ظروفهم يُحيلونها بقدرتهم إلى دوافع
وأينما يُنبتهم الله يُزهرون.

مساء الخير: أهل أزهـرتُ بهطولك.
مساء ما يليق إلا بكم.

مساء غياب الاسبوعان.. قد اعطت نتيجة هائلة ما شاء الله تبارك الله
كتابة 45 صفحة.. الاحداث كما ذكرت طويلة وعميقة وبِها من التفاصيل الدقيقة

لذلك الرجاء ثم الرجاء.. القراءة بالتركيز ومن ثم تعليق بتركيز اجمل لكي تحيا أزهـرتٌ بهطولك
وتبقى كالنبته اليانعة تنبتُ في قلوبهم زهر الاقحوان وصوت الحنين يشدو " شكر لكل من تقدم هٌنا ووضع رده سواء بالمواقع ثلاث، أو بالتواصل الاجتماعي.. "

***

أنوه بالموعد الجديد: كلّ بعد اسبوعان يتم تنزيل جُزء طويل | انيق بحضوره
لذلك أود النقاش معاً في طرح هذه الرسالة السامية، وبشارة سارة، تم وضع خطة استراتجية لإكمال ووضع نهاية أزهـرتُ بهطولك على نهاية السنة الهجرية.. أي المتبقي منذ اليوم هو عشرة أشهر ونختمها على خير كما بدأنا بِها من بداية سنة 2015 مَ..

***

كلّ يوم الخميس على تمام ساعة:
10:30 مَ | بالتوقيت السـعُودية

***

لي عودة قريبة لأجل الردود الأنيقة ()’
أرى حضوركم غداً كما الموعد المذكور ..

***

استودعتكم الله التي لا تضيع ودائعه .,

يسسسسسسسعد مساك 💓 يا جميلةة

ما شاء الله تبارك الله بإذن الله نختمها سواءَ على خير 😙😌

والمووعد حلو تاخذي راحتك في الكتابة والتدقيق ويكون طويل البارت ونستمتع فيه

أما التركيز إن شاء الله نركز في التعليق والقراءة ونبدع لك في التوقعات

ربي يحفظك ونلتقي غدا بإذن الله

 
 

 

عرض البوم صور امال العيد   رد مع اقتباس
قديم 02-12-15, 08:21 PM   المشاركة رقم: 124
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Sep 2014
العضوية: 277449
المشاركات: 12,423
الجنس أنثى
معدل التقييم: همس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 17240

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
همس الريح غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عمر الغياب المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أزهرت بهطولك

 
دعوه لزيارة موضوعي

يسعد مساكي يا الغااااااليه
حماااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااس
ابشري بالردود الزييينه و الهذرة الواااااجده

 
 

 

عرض البوم صور همس الريح   رد مع اقتباس
قديم 03-12-15, 10:20 PM   المشاركة رقم: 125
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Feb 2014
العضوية: 264541
المشاركات: 403
الجنس أنثى
معدل التقييم: عمر الغياب عضو سيصبح مشهورا قريبا جداعمر الغياب عضو سيصبح مشهورا قريبا جداعمر الغياب عضو سيصبح مشهورا قريبا جداعمر الغياب عضو سيصبح مشهورا قريبا جداعمر الغياب عضو سيصبح مشهورا قريبا جداعمر الغياب عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 586

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عمر الغياب غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عمر الغياب المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أزهرت بهطولك

 



الفصل الثاني


***

لا نعلم أين الخيرة وحكمة الرب..
نحنُ البشر خاطئون وتائبون !؟
كم من خطيئة والله يقول : وأنا عند حسن الظن عبدي بي
وكأن السماء تفتح أبوابها السبع
كَنُ متفائلاً أيها الانسان

***

" كنتُ مخطئة حينما ظننتُ أن الحديث لا ينجلي إلا في الليل،
ومضى عمرٌ بين حنايا الأسى "




(6)



لحظات الصمت فقطاعهما صوت أمُي " عمر يا وليدي ما عليك فيها... تعرف المهير.. "
أحمر وجهي لأسمع بأن أنفاس عُمر ويكتم الضحكة " وش شروطك؟! ترى الفارس ينشرا يا المهره.. "
لأصمت وبقهر " عميــــــــر اضحك وش وراك انت.. "
ليضحك قائلاً " عميمه لا تتهربين.. وش هي شروطك؟! "
لأفكر فيما قاله وابتسم " ابي اسكن قريب من بيت امُي.. وش بعد يا المهره ما ابيه يمنع سالفة اني اكمل تعليمي. وزيد عليها بسافر انا وامي لمصر علاج عشان روماتيزم اللي برجولها... وابي اسكن مع اهله مابي بيت بروحي.... ايه وبلغه اني خلاص كذا يكفي... "

ليقهقه بصوت عالٍ وأجد أمُي تغطي عينيها بطرف طرحتها دانتيل البيضاء وتقهقه لأصرخ عليه مهدده " يمين بالله يا عمير ان ما عقلت انت وبرودك.. مثل ما قلت ان وافق على هالشروط يدل البيت.. "
ويردف بصوت هادئ " عميمه وش دعوة على هالشروط.. كلها حلوه واضمن لك انه موافق.. خويي واعرفه.. هالله الله بالسنع يا عميميه.. وتجهزي عقب صلاة العصر الا هم على وصول... "
لأبتسم " عُمر لحظة في شرط بيني وبينه.. ان وافق بكون له، وان رفض يفتح الله... "
عمر " المهره، مهو وقت عنادك.. تراك اكبر حنون لا تخربينها الحين.... وبعدين وش اللي تكلمين رجال؟! ما عندنا هالهرج.. "
بصوت متزن " أجل اسمع العلم.. اساساً ما بغيت كذا مير انت اللي جبتها قل له... ولا اقول لك خلاص هونت..."

قطعت الاحرف وصداع ضرب رأسي بشدة.. لأتوجع وتردف أمُي " المهير بسم الله عليك يمه.. وش فيك... وش زينك ؟! لا تقولين ما اكلتي مثل عادتك.. لا اهتميتِ فيني تنسين نفسك الله يهديك بس.... استغفر الله العظيم... قومي عن وجهي... قومي المطبخ وجهزي لك قرصان ولبن.. يلا يا مهير... "
عمر بعتاب " الحين صدق تعبانه من قلة الجوع والا من شيء ثاني!؟ "
لأفهم النظرة في عين والدتي وأبتسم بـ ارهاق " طيب يُمَه قايمه يا عيوني... وانت عمير باشا وش اللي تلف وتدور عليه؟! "
لـ يصدم قلبي بصراحته " شوفي يا المهره ان كان في قلبك ذرة حُب للفياض فـ زين انك ترجعين له، وأنا اشوفه رأي زين وطيب.. وإذا قلبك عيا يشوفه فـ الاولى تكونين من نصيب غيره... بس هاه لا جاء وقت الجد مهو تهونين... "

ما الذي تريده أي صبية مثلي يا عمر في هذا العالم...
ألا تفهم انكسار قلب عمتك
لما تقسو وتنثر الملح على الجُرح
وكأنما تفتحُ أبوب الجروح الخمس
سنين تجر بعضها كلاهما تحكي
بأن المهره لم تكن كالسابق..
اعتزلت مجلس الذكر اليومي " المصلى بمسجد الحي " وتذكيرهن
بأن الله قريب ومنصف
داعية إلى الله.. لكن ابى التعليم إلى أن أوقع على مستندات
أن أنافق معهن.. لكن لستُ من يبيع دينه من أجل مخابث دنيوية
ابيعُ مبادئي واخلاقي بالسبب شروط
لا ترضي الله ولا رسوله عليه أفضل الصلاة والتسليم..

عمر بهدوء " عميمه أن كان ودك ترجعين للمدرسة وللمصلى ترى ما يمنع بالعكس بـ يزيد تمسكه فيك.. انتي عيني من الله خير.. أبي الفارس الثقيل يطيح على هواه... "
لأسمع صوت ضحكته ويضرب يده بيد سعود " عمير وش سالفة سعود؟! وش عندكم... وبعدين يا القاطع وينك ما تسير علي.. والا عشان خويك بتجي بكره.. "
عمر " العذر والسموحة طال عمرك.. ابد تعرفين القضايا تشيب الرأس... وباكر من صلاة الجمعة وأنا عندك.. "
لأخذ طرحتي الزيتية وأضعها حول رأسي " أبوي للحين ما جاء من المستشفى.. ولا دقيت عليه ما يرد، وهذا هو نايف راح ولا دق... والله قلبي قارصني شف وش اللي صاير وبلغني.. "
عمر " لا تخافين نامي وريحي.. طلبتك نامي.. أكيد ميمتي بتأخذ دواء وترتاح... وحكاية الأرق بطليها ولا تشيلين هموم ربك يدبرها، ايه لا تفكرين الا بنفسك... محتاجة شيء تراني بشوفة.. "
ابتسمت في وجه أمي لأردف " خيرك سابق.. ما يحتاج ملابسي اللي بالكبت مليانه.. ولا تصر يا عمير.. "
أبتسم بخبث " واللي يقول لك روحي لغرفتك في شيء لك خاص.. "
نظرتُ لأمي لأجدها قد خلدت للنوم بسبب الادوية.. وأقف واسحب اللحاف لتغطية جسدها لأميل وأقبل الوجنتين من ثم الجبين وصولاً للكتفين " نوم العوافي يا جنتي... "

ضُممت الخطوات على رؤوس الاقدام.. أغلقت الانوار من ثم الباب بهدوء.. وأضع الهاتف مجدداً على إذني اليسره.. " ايه وش عندك يا عمير؟! "
تقدمت وعبرت الممرات حتى أوصل لباب غرفتي.. فتحتُ الانوار لأجد علبة كبيرة موضوعة فوق السرير " عمُر لا تقولها... "
ابتسم بنبرة خبث واللؤم " اممممم شف في البداية ما رضيت الهدية.. مير الفارس شاريك يا المهره.. خصوصاً امه سحابة تعرفينها وما تجهلينها.. "

لما تصاب قدمي بالخدر، لا استطيع أن أمشي.. وقلبي
وجعٌ يُكَبر مع فراقه.. الفياض لما أشعر بتلك الوحدة الرمادية
يالله.. الجرح ينزف من جديد
أخذتُ نفساً عميق لأزفره براحة كبيرة.. لأجر خطاي،
وبغصة " مين قال له انه بقبل هداياه.. مين يا عُمر؟! "
عمر نظر لعينين سعود وبصوت هادئ جداً " اذكري الله.. يخي خطيب ويبي يهديك وش فيها؟! "
بصوت الانكسار " عمــــــــــــــر لا تعلب علي.. وقل له من الحين ما اقدر اقبل هداياه .. "
عمر بأسلوب مقنع " أقول لا يكثر يا عميمه وتعوذي من ابليس اقلها هدية متواضعة اذكر فيها خطيبتي وش العيب؟! "
وأنا بعنين متسعة.. " منقود يا ولد.. وراك كذا صاير؟ ما تغار انت!! "
ليقهقه " وش غيرته؟! مهو بيصير زوجك.. بغيت ابلغك ترى الفارس مستعجل.. واحم وبكره جاي المأذون.. "
لأصرخ " نعــــــــم وش قلت؟ وش هالثقة؟ انت قلته انه خاطب... وبس يعني خطبة لا تخليني أهون صدق.. "
وبغضب " عميمه قايله لك الامور هذه جدية ما فيه مزوح.. لأخر مرة أقول لك.. تبين الفياض وإلا لا؟! "

لأغمض عيني وفي داخلي " أوجعتني يا الفياض لجلهم، ومع ذلك ضحكت بوسط حضنهم.. ايه لا تنكر انك قدرت تعيش حياتك مع انثى ثانيه تأقلمت... والله أدري انه شعور طبيعي وأن الله يرزق لزوجين الألفة والمودة.. وما انكر انها رحمة من ربي... مير وش أسوي وتقول أبالغ في حزني.. الله عليك يا موجعني.. الله أكبر.. الله يعوضني بالفارس.. انتهى وانت قفلت باب قلبي.. الله يرزقك باللي تعوضك.. الله يرزقك يا الفياض... آه يارب... "
عمر بصوت بعيد " عميمه وينك؟! "
لأصحى وابتسم " زين.. وعلى فكره الخالة سحابة لها سنين عنا من يوم ما جانا السيول الكبيرة وانتقلنا لأرض ثانية... أكيد ما تجهل هالسالفة.. "
عمر " راحت عن بالي.. يلا أستأذنك.. وراي كم قضية انتهي وعقبها أرجع... عارف كالعادة بتنشغلين بتقديمات وخرابيطكم يا النسوان.. "
المهره بملل " عمير تراني مليت من زنك.. يخي طبخ هوايتن فيني.. أنت وش تبي؟؟؟ "
عمر " أبيك ترتاحين... واخواتي من بعد صلاة الفجر وهم عندك ببلغهم الحين.. "
المهره " عميــر اختك ريما عروس وش اللي تخرج الحين؟ خلها ترتاح... ما منهم قصور.. "
عمر " عميمه قلت لك ارتاحي... يمين بالله لو وصلني خبر انك مسوية شيء... تصرفي ما يعجبك.. "
لأفتح عيني " ياربي طيب.. ولا عاد تلوي ذراعي بتهديدك انت سامع.. "
ليكتم ضحكته " يصير خير.. مع سلامه.. "
لأبتسم " بحفظ الله.. "
سرتُ في طريقي نحو السرير لأجلس على طرفه.. تأملت العلب الثلاث مغفلة بجمالية باللون التفيني والنحاس..



لأضع يدي حول الطرحة وأنزعها بهدوء فتحت ليلي الطويل وأبتسم لأغمض عيناي وأرجع لعُمر الصبا " مهــــــــــــــــره اهربي عنه، والله ذابحك اهربي يا بنت.. "
لأضحك وأخذ أنفاس سريعة بسبب الركض وكان خلفي عمر ذو نظرات الغاضبة " وقفــــي.. "
الفياض بغمزة " مالك دخل في مهرتي وخر عنها.. استح على وجهك عمتك هذه.. "
المهره بحزن خبيث " ايه يا الفياض.. قله يفكني ذبحني يعني وش؟ وش فيها؟ لا خذيت وحده من اوراقه!!.. وبعدين عندك درزن أوراق مستسخر فيني على ورقة يا بخيل.. عُمـــــــــــــر بخيل.. عُمـــــــــــــر بخيل.. "

وصرتُ في هذا العُمر أبكي وأشدو باللحن الصغر وأضحك بوجع " عُمــــــــر بخيل.. عُمــــــــر بخيل لا يا المهره ما بخل عليك.. هو اللي صبرك في فجعتك من رفض الفياض.. هو اللي سندك على كتفه والله ما أنكر اني تعبت وطحت طيحة كبيرة عقب الرفض... ويوم بغيت تجدد العهد والمواثيق.. اللي قاهرني أخوي غازي ما كأنه اخته ما كأن ابوك يا عُمر حس بقيمتي الله بلاه بزواج الحريم... اللي ما تدري عنه يا عُمر أبوك كل سنة يجدد بزواج ويطلق.. يا خوفي الله يأخذ بحوبتهن وتجي في اخواتك.. الله يستر عليهن يارب.. "


لأرفع يدي وابتهل " يارب.. يارب.. كن عطوفا ورحيما، وعوضهن خيراً.. كانت تجي لي اتصالات.. أخوك مقصر معنا.. اخوك بخيل.. أخوك ما يخاف الله.. أخوك ما يكمل السنة الا وهو مطلق.. آه وبعدين يا غازي؟! وبعدين لين متى؟! حتى حرمتك المسكينة هي الوحيدة اللي سلمت من شر طلاقك أم عُمر.. عواطف سلمت منك يا غازي.. ودي اجلس معك جلسة تخاف الله فيها وفي بناتك... يارب لا تسخط علينا.. يارب.. "


مسحت دموعي وأنا أتذكر غضب عُمر " المهــــــــــــره كم مرة قايل لك اغراضي لا تتعبثين فيها، ما توبين من شقاوتك.. هذه اوراق للمعلم طالب منا كل يوم نكتب... ابي اصير محامي كبير... وانصر المظلوم .."
لأضحك بخبث " الله أكبر.. انت أصلاً تخرج من سادس ابتدئي عقب تكلم.. بعدين مين قال لك، انا بعد بصير داعية كبيرة... "
لأدس خصلات ناعمة وأشد طرحتي البيضاء، ليبتسم عمر " والله لو مهو طرحة في رأسك كان صارت علوم.. بعدين تعالي.. وش مجلسك مع الفياض.. وانت خير يا ابو الشاب عرفنا انك تحبها.. يلا انقلع مناك لا اشوفك صوب عمتي.. وانتِ هيه استحي وش اللي تلعبين معه؟! تراك كبرتي ولازم تتغطين عنه.. "
لأنظر له بقهر وحقد " اصلاً انا من يوم عمري خمس سنين وانا اقلد امي وما انزل طرحة عن راسي... وبعدين هاه انا ما اسوي شيء غلط... "

وارتباك الاهداب لأنظر لعيني الفياض الممتلئة حب " مهو صح الفياض.. "
أبتسم بغمزة " الا صحيح.. اقول وش رأيك؟ تأخذين أوراق عمير وترمينها في البير.. "
لأضحك بشقاوة، وأشد الفستان ذو الأزهار الربيعية باللون الزهري وأركض وبصياح " فياضوه امسك عمير برمي اوراقه.... "
وبالفعل وبتهور شديد لأرمي أوراقه ويبتلعه البئر بكل مأساوية، لأنظر للخلف وأجد عمر يصرخ " المهـــــــــــــــــــره يا تبن .. كله بسببك يا فياض.. جنيت على نفسك"
الفياض بضحكة كبيرة " تعوذ من شيطان يخي مجرد اوراق، ولا تكدر خاطرك انا بجيب لك من ركو اوراقهم اصلية... المهره اهربي ارجعي للبيت... "
لكن عمر لم يصمت بل أفعاله هي من تتحدث.. ركل بقدمه على بطن الفياض ليضحك بشدة.. ومن خوفي منه بقيت عاجزة عن المشي وبدأ الدمع يلمع في العينين " والله عمير ما عاد اعودها.. يعني انت دائم جدي يخي نغير جوك شوي... بعدين هاه فياااااضوه الحقني.. يمــــــــــــــــــــــه.. "
ليمسك بي ويرفع جسدي الهزيل " تبين ارميك في البير.. انطقي.. تبين تجربين صح.. "

ويقاطعنا صياح غازي " عميـــــــــــــــــــــــــــــــر.. يا كلب عمتك تبي ترميها في البير انهبلت.. هدها يا ولد وتعال هنا.. اقول لك تعال....! "
ليرميني أرضاً بغضب.. ويذهب نحو أخي غازي الأكبر... واجد بأن العمة منيره واقفة بالقرب منه لأنسى الوجع، وأقف وأضحك بشدة لأركض وأحتضن عبائتها.. " عميمه مع مين جيتي؟! وأبوي وينه؟! الله بتسكنين عندنا.. وجدتي وصايف ليه ما جات معك؟ "
غازي " المهره يكفي لعب.. كم مرة قلت لك مافي لعب مع العيال.. ما تفهمين الكلام انتي؟! "

لأتجاهل كلام أخي، وأنظر في عيني العمة منيرة وكأن الحزن يشتد بها " وش فيك عميمه؟ انتي تبكين!؟ يعني هو صح ان أبوك الزاهد قاسي معك.. أساسا لو جدتي وصايف اللي هي أم أبوي... أي صح ام أبوي يعني جدتي.. لو انها أخذت جدي الغانم كان هي سعيدة الحين... بس هي خذت رجال ثاني عقب جدي واسمه الزاهد... انا سمعت من أمي انه عشان ثار وقصة انتقام بس ما فهمت شيء.. بعدين عميمه انتي بتأخذين واحد يعني يلقبونه أبو رعد اكيد انه طيب.... عميمه انتِ معي"
لتنظر لي نظرة عميقة ممتلئة حزن.. ليصرخ غازي بغضب " المهـــــــــــــره.. عمرك ما تعدا 12 السنة ولسانك هـ طول انقلعي للبيت.. يلا... "
وأنا بغضب لأبكي " والله ما راح اروح... لين اعرف وش قصة عمتي.. وليه ساكته؟! هي ما تبي هذاك رجال صح عميمه.."

وراح غازي أمسك بي من رقبتي وبغضب " أنا وش قلت لك... "
حتى يأتي كلاً من الفياض وعمر... ويمسكان به وقد اختنقت بشدة ضغطه حتى دفعته العمه منيره " يخي خاف الله.. انت وراك كذا.. قاسي ومتجبر.. يعني عندك مال دنيا تتكبر علينا... ترى بيجي لك يوم وتفلس تسمع يا غازي تفلس.. تبي تذبح أختك انهبلت.. ساكته بشوف وش آخر خبالك.. قم والله يا علومك يا مسود الوجه عند ابوك يعلمك السنع... وش يعني إذا رفضت هاه ما ترد.. قايله لكم ما ابيه.. افهم عاد... "
حتى يتحدث غازي بغضب " فهيد تبن تنسينه... واحد حافي منتف وش تبين فيه؟! لكن أبو رعد الله مكرم عليه وبجيك رعد ويكثر خيركم.. اهجدي بس يا عمة.. مهو يعني اكبر مني 15 سنة تقلبين علي... ومهير يبي مين يمحطها بالعقال لين تقول التوبة.... يلا انقلعي للبيت واياني اياك اشوفك منزله طرحة عن راسك حشيت رجولك حش.... "
حتى تتزوج العمة منيرة من أبو رعد.. وفهد الحب الوفي لم تستطيع حاولت بقدر قوتها، لكن أباها كان به قسوة وظالم... حتى تتزوج من أبو رعد الخائن.. وتزوجت الجدة وصايف من رجلٌ يدعى الزاهد ابن مسفر الزاهد... بعد طلاقها من جدي الغانم..
كم خانت تقاليد قبيلتها ومبادئها، وأسرتها.. نعم يا جدتي قد قمتِ بخيانة جدي الغانم..
حتى أردف " يا أم الغازي انتِ طالق... طالق.. طالق.. ونفس عافتك "
لم تدرك جدتي وصايف بأنها كانت تحب جدي الغانم... لكن قد تزوجت بالزاهد حتى يذيقها الله من نفس الكأس وتتجرع منه... انجبت رعد... أتعلمون بأنه يصبح عمي من الجدة وصايف.. وعماتي ثلاث انقطعت اخبارهم منذ سنين..
وسر مدفون في دفاتر قديمة آكل عليه الدهر...


لأستيقظُ من ذكريات الماضي... وأنزلت رأسي للعلب المغلفة بإتقان.. بانت ملامح الخوف بوجهي..
لما يا الفارس واثق بموافقتي
لما؟
أكنت تعلم منذ زمن ام ماذا ؟!
ارتعشت احاول أن اظل متزنة كما عادتي
لكن الضعفُ يتمكن مني ذكرت الله وانزع شريطة الحريرية بلون التفيني المائل للرماد، لأفتح الغلاف بـ اناقة وأجد العلبة باللون النحاس لأضحك بداخلي " مبين من اختياره للألوان عنده ذوق.. وشوله ما عنده دام انه اختارني... "
لأضحك بشدة وتدمع عيناي من أثر المشاعر الهائجة كبحرٌ في يوم عاصف.. والامطار تهطل بشدة، والرياح كصوت الخوف وهروب الناس منها...
" وش بتطلع هالعلبة صغيرة؟! "

لأجد قلادة ماسية ناعمة، سحرني جمالها الأخاذ للعقل وأبتسم... لأغلق طقم الماسي... وانتقل للعلبة والتي أكبر منها حجماً... فتحتها لأجد الكعب الأنيق باللون السكر.. لأرى " الله أكبر... وعارف مقاس رجولي بعد... ما انت هين يا الفارس لا يكون تخمينك اكيد مبلغك عمير عني تفاصيل... والله يا حق من اكوفنك يا عمير صبرك علي بس، بنشوف نهايتها.. "


أخذت نفس عميق وأكتمه لأزفره من ثم فتحت عيني لأفتح العلبة الكبيرة.. لأشهق من جماله وأردف " مجرم والله انه مجرم.... حرام ما راح البس الابيض... أساساً الحين أدق على عمير.. وأقول له هونت... مهيــــر وش هالخبال؟ على هالكبر وتخافين من الابيض... بس لا هذا كأنه اللون السكري.. يمه وشلون عرف انه اعشق هاللون؟! انا بديت اخاف منك يا الفارس، وشلون؟! بس وش مدريني عنك يمكن ارفضك... إلا إذا وافقت على شروطي بكون حلالك... "

أخذتُ الفستان الطويل يصل لأسفل ساقي، دانتيل فرنسي ناعم من الصدر، لألف الفستان وأجد ظهره مفتوح وأصرخ بغضب " تخسي وتهبى ما البس لك هالفستان الماصخ.. وش قالوا لك فاسختن الحيا مرة وحدة.. "
لأجده قد وضع بذات العلبة الكبيرة مغلفة "بكيس شفاف" وكأنما رأيتُ غطاء ساتر للظهر الفستان لأبتسم " اقسم بالله هبلت فيني يا ولد الخيال.. وش ذا الخبال يا المهره.. ما كأنك شفتي خير؟! "

لأرمي الفستان بغضب وكبرياء انثى مجروحة بطعن الغدر والخيانة " ايه احس فياض للحين انت في بالي.. خلاص ارحمني عاد... أبوي للحين ما وصل.. ونايف ما اتصل... وش فيهم؟ يارب سلم يارب... "

ابتعدت عن الفوضى لأجلس بالأريكة الفردية واسحب هاتفي لأتصل على نايف لأجده مشغول...
لأرى باب غرفتي قد انفتح ويطل علي أبي.. لأقف واجده واقفاً وجه الحزن الكظيم " يُبَـه.. وش صار؟ وشلونه؟ "

أبو غازي بحزن " وراك تسألين عنه؟ وبتكونين حرم الفارس.. ما يجوز وانا أبوك.. وتجهزي.. عقب العشاء انتي مع رجلك... وما فيه اعتراض يا المهره... جاك الفياض ابن عمك ورفضتيه، وعقبها جاك ولد امير ولد الخيال... له صيته بالمجالس... وما ظنك تجهلين انه سحابه بنت مطر صديقة ورفيقة الممشى مع أمك... "
لأبلع ريقي، وأنظر لثوب أبي من ثم رفعت عيني ليلتقي بعينه وتدمع عيناي بحزن كبير " يُبـــه.. لا يكون زعلان مني... انت شايل بخاطرك علي.. والله يبه فعوله كسرتني.. يا يبه كأنك تجهل تعبي يوم جاني رفض منه... اللي يقهر زود يا ابوي أخذ بنت......... "

لتدور الأرض حولي وأسقط أرضاً... عندها جلس أبي بجانب رأسي ودموعه تتساقط من عينيه قائلاً " المهره يا ابوك.. لا تفجعين قلبي.. ما تأكلين كله من اهمالك بنفسك.. اصحي.. والله اني عتبان عليتس بس.. اصحي يا نظر عيني.. يا المهره الحيا اصحي انفداك اصحي... يا ابوك ما عاد فيني حيل... يكفي عمتك ماتت مظلومة.. ايه عمتك منيره ماتت مظلومة ومقهورة من أبوي.. اصحي جعلني ما انحرم من شوفتك... يا المهر الحيا اصحي.... الفياض إن شاء الله انه بخير... ترى زواجك بكره.. وش بقول الفارس عنا... ما يوكل بنته عيش... هاه.. "

لأفتح عيني وأبتسم له بدلال " أساساً انا طيبه بس ادلع عليك... يعني ما استاهل افرح يُبَه محتاجة ابكي يُبَه ضمني.. يبه شكل عمتي وانا صغيرة.. والله ثم والله ما يغيب عن بالي.. وأخوي غازي يُبَه لازم تشوف له حل... ريما تكرهه ابوها يُبَه وهي مقبله على حياة جديدة مع ياسر!! يا خوفي انه تغث قلب ولد اختي... شف لك حل مع غازي.. ما ينسكت عنه الحال... يُبَه.. ترى كثير تجي لي اتصالات ودعاوي من حريم يقال انهم طليقات ولدك غازي... ما بغيت اصدمك بس لازم تشوف لك حل... "

ليستغفر أبي بصوت مسموع " وانتِ على بالك ساكت له.. ما تشوفينه ما اعطيه وجه وغاضبن عليه.. الله يهديه بس.. اخذتي دواك.. طبعاً لا عنيدة بكل شيء... وبعدين تبين تموتين علي.. ترى هالدلع يمكن ما تحصلينه عند زوجك... قومي تسنعي واكلي لك لقمة.. ادري كل خميس تسوين قرصان ولبن.. قومي اكلي منه وتعوذي من ابليس واعوانه.. يلا بارك الله فيك... ومبروك "
ويقبل رأسي.. لأتراجع بخجل كبير " يُبَه، وش دعوة... بعدين أنا باقي ما وافقت.. "
ابتسم أبو غازي " ما يحتاج.. دام انه فتحتي هداياه معناه انك موافقة.. ونظرة عيونك تكفي عشان افهم عليك.. "
لأبلع ريقي ينظر لعيني لم تكن كأي نظرة بل حملت في داخلها الكثير من العتب وكأنه يوبخني " يُبَه.. يعني انت ما سمعت شروطي.. ايه يبه أنا لي شروط.. "

لأبتسم بهدوء متزن " ايه تبين تسافرين مع أمُك مصر وبيتن قريب منها وش بعد يا الغازي وتبين تكملين تعليمك اللي اعتذرتِ عنه عشان تجلسين قرب امك... كل هذا اعرفه.. وكل هذا وصل لـ الفارس.. هو من زمان تقدم لك عقب زواج الفياض بسنتين... وأنا رفضت بسبب نقله كان بالأحساء.. واهله هناك... والحين انتقل عشان شغله الأساسي هنا... ايه له قصر كبير... ينافس قصر يقال له بيت أبو حاتم... ويقولون انه توه متزوج بنيه صغيرة... عسى الله يهديه بس بعد هالعمر يتزوج... يا بنتي هذا فهد اللي كان متقدم لعمتك منيرة.. لكن من بعد ما تقدم لها مسفر أبو رعد.. الزاهد أبو عمتك منيره رفض الله يهديه وقال ما لك إلا تأخذين مسفر أبو رعد..
كان يكره منيره عشان جدتك وصايف كانت تحب أبوي الغانم.. عاف الحريم كلهم.... وعقبها توفى بمرض شديد الله يجيرنا منه... عمتك منيره عرفت انها توفت وعندها ولد اسمه رعد... لكن مختفي ايه.. لك ولد عم اسمه رعد... ما يندرا عنه... حتى عمر قايل له يدور لي عنهم.... مير ما لهم أرض... الله يعين ويسهل الأمور... صلي لك ركعتين بجوف الليل، وادعي وتطلبي من الله، وعسى الله يوفقك يارب... "

لأخجل من كلامه " يعني يُبه هو خاطبني من زمان.. ليه ما بلغتني وقتها؟! طيب وكان موافق على هالشروط !؟ "
أبتسم أبي وقبل الخدين " أيه موافق.. يلا قومي تعشي ومثل ما قلت لك ونامي بدري.. وهالله الله بنفسك.. دام انه ولد الخيال ما قصر.. وجاب معه بعد تقديمات لليل.. مبين انك ما شفتي خيره الله يستر عليه.. "
وبضيق " يُبَه، وش دعوة عاد وراه مكلف على نفسه، واحنا بعد مبين علينا عيال نعمة وبخيرنا... ليه تبطر كله؟! "
ليمسك يدي بشدة " المهره.. هذا كرم ولد الخيال.. قايل لك.. كريم.. كريم بالحيل والله يا انه من بعد ما الفياض انه دعيت يكون من نصيبك، وربي ما خيب دعائي.. وعشان تسذا قومي.. تجهزي نفسك.. وخليك من بربرة نسوان... يلا اسلم عليك"




***



بدأت أرى ما يدور حولي من أمور بكل وضوح.. وكان رجال الأمن منتشرين في كل مكان يستحيل أن اخرج من هنا.. وتلك المجموعة أخرى من رجال الامن يمشون في طريقهم... فإذا اصرخ.. ليأتي احدهم ويسمع صوت صراخي " خرجوني من هنا... ما صارت فك اقول لك..."
رجل الامن " انت من اول ما وصلت هنا.. وكله قرقر اسكت واهجد والا سجن الانفرادي يفتح لك باب ثاني.. "
لأبصق عليه حتى اتت على عينيه والوجه الغاضب " يمين بالله ان ما خرجتني من هنا وانت والكلاب اللي معك.. اقسم بالله لا اقلبها فوق تحت.. انقلع وكلمه يفتح هالزفت..."
وبعد زمن ليس بالقليل فتحتُ باب الزنزانة.. أخذت امشي وما أن وصلت باب المكتب حتى أرى واقفاً عند مكتبه ينتظرني.. اقتربت منه وكانت لهجتي شديدة وقد بان الغضب علي " يومين حابسني.. خير إن شاء الله قاتل لك احد لا سمح الله.. "
سكت وهو ينظر إلي بصمت.. أخذت ارمقه ببعض من الحقد والاستهزاء...
أجابني رجل الامن بكل هدوء وبنبرة تستفز أذني" منور المكتب... حياك يا سطام تفضل.. تبي قهوة والا شاي.. "
لأردف " بدفعك الثمن غالي.. تذكر كلامي زين.. "

ليجيب بنفس الهدوء والوتيرة " اهجد و انثبر بمكانك وبدل اليومين اربع ايام... تعال وقع هنا.. ما تتعرض لأي رجل عسكري وتغلط عليه بالكلام.. "
لأمشي نحوه فإذا بكتفه يصطدم بكتفي وأكملت طريقي... ليتجاهل ما جرى.. وجدت الملف على طاولة خشبية لأميل وأوقع سريعاً... حتى أخرج.. من هذا المركز اللعين.. لأخذ هاتفي واتصل على أخي عُمر عله يجيب..

لأجد اتصالات عديدة من ياسر.. لأضغط على زر الاتصال وأضعه بإذني
ثواني حتى يجيب " أبو الغازي وينك الله يهديك... لك يوم غايب مالك لا حس ولا خبر ؟! "
لأبلع ريقي " وش صار؟ الجوهرة فيها شيء.. انطــــق.. "
وبهدوء يزفر " لها يومين طلق معها.. يعني احتمال أي وقت تلد.. وما على لسانها الا انت... "

لم أظنّ يوماً أني سأبلغ من العُمر عتياً، وأصبح اباً وشيخاً، وأبكي في يوم شتاء قارص، وأظنّ أن هذا البكاء بداخلي سيمر، كـ أي وجع / ألمٌ آخر تمنحنا إياه الحياة وتجبرنا على حمله معنا... أن يكون لي طفلٌ يخلق في صدري غيمة بيضاء تهطل وتزهر قلبي وترفع بِـ لِين..
لأبتسم " ياسر تعال لمركز الشرطة.. "

وبصوت ياسر القلق " عسى ما شر؟ وش اللي موديك هناك؟! "
لأجيبه بصمت ثقيل من ثم زفرة عميقة " تعال وانت ساكت... والا اقول انثبر بمكانك وطمني عليها ربع ساعة اجي لك في أي تاكسي سلام.. "


***
في تلك الاثناء.. كنتُ للتو قد استيقظتُ من وجع الطلق والآلام المخاض.. لم أكن أعلم بأن الولادة حياةٌ ام موت..

لم أكن أعلم أن هذا الدمع هو الملوحة التي استحال عمري ثامن والعشرون...
تصوري تعب الأم تفاصيل العمر.. تصوري تعب قلبي أن أجمع عمرنا بطفلة تكون كالغيم الذي يمطر في صدري تمنحني كلّ شيء..
وحدهم الأمهات لن يشعروا بالأسى بل وقلوبهم ترقص على صوت المطر...
تعب يخرج من أسفل ظهري.. من قلبي وصدري
أن أجعل من شعور الأم شيئا يحكى
أن مكانة الأم عظيمة

" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : "جاء رجلٌ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال : يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟، قال: (أمك) ، قال: ثم من؟ قال: (أمك) ، قال: ثم من؟ قال: (أمك) ، قال: ثم من؟ قال: (أبوك) متفق عليه . "

لأهمس بتعب " يُمَــــــــــــــــه.. ما اقدر اتحمل الوجع اكثر من كذا.. تعبت.. "
أم ياسر الأم الحنون " بسم الله عليك يمه.. هذا هي الدكتورة على وصول.. جايه تكشف عليك.. شدي حيلك وأنا أمك.. "
لأبكي بوجع قاسي " يُمَــــه.. ما عاد يمدي بولد والله بولد.. الاوجاع تذبحني يُمَـــه، وينه سطام؟ وينه؟! يعني ما يعرف اني تعبانه.. "
ليدخل ياسر وابتسم في وجهي " هذا هو سطام مسافة الطريق ويكون عندك... تحملي ام الغازي.. "
وما أن رأيته حتى اضحك بوجع " اقول ياسر... اششش بس.. انفداك يُمَه شوفوا دكتورة، وراه طولت.. آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه يــــــارب.. "
أم ياسر تقترب مني وتأخذ قطعة منديل وتمسح بِه الحبيبات المتلألئة " اهِدي يا قلبي.. كله شوي وتجي دكتورة... "
لأحتضنها " يُمَه سامحيني ان ضايقتك بيوم... "

لتقبل الجبين ثم العينين التي تبكي بوجع من ألم المخاض " يا أمك وشوله هالكلام اللي ما منه سنع.. من يومك رضيه والدينك.. واللي يرضي ربي بِـ يوفقه.. ايه كذا اضحكي جعلني ما انحرم.. "
ياسر ابتسم " هالله الله.. وهذا هي شيخة المزاين نوره تقصد لك كلام مصفصف... بشوف دكتورة تأخرت كثير... "


وأدار ظهره وخرج من الجناح.. وما كاد يخرج من الباب إلا وطبيبة في وجـهه.. حتى خرج ياسر وكـأنه لم يرى طبيبة وأكمل طريقه للخارج.. بينما طبيبة اتت وابتسمت بوجه التعب
لأردف " ابي اولد.... ما اقدر.. "
طبيبة زينه " إن شاء الله.. حاولي تأخذين نفس عميق.. أدري صعب وثقيل بس حاولي.. بنشوف رحم.. يلا يا الجوهرة ساعديني... ويا خاله إذا ما عليك أمر تنتظرين شوي بالخارج.. "
لأتمسك بـ أمُي " لا ابيها قربي.. "
لتبتسم أمي وتميل لتقبل وجنتي " مأجورة يمه.. لا تخافين بجلس عند أخوك ياسر... وعقبها ارجع لك.. "
وحتى افترقت يد أمُي عن يدي...

بضع دقائق حتى اقتربت مني وضمَمْتُ قلبي بين يدي حتى صار باطن كفي هو أمنية...
ما دامت الطبيبة عيناها تبتسمان، وما دام قلبي بين أصابعي..
طبيبة زينه " بنقل لك على غرفة الولادة.. خذي أنفاس عميقة يا الجوهرة.. "
وأنا أخذ نفس عميق بتعب لأزفره بوجع كبير... عيناي تدمع.. لتمسك طرحتي السوداء وتلفها على وجهي المرهق.. وتضع الخمار حتى تغطي بِه وجهي، وتحجب الرؤية بفعل عيني المغمضة..


***
وجدته قريب... ليقف عندي ويمسك يدي " بسم الله عليك.. وش وش صار لك؟! "
لأبتسم له بقلب صابر رغم الوجع لأكتمه " أنا بخير.. انت ادعي لي ربي يسهلها علي... "
بوده أي يخبرني بأنك القريبة من القلب للحد الذي أن يبكي دون أن يحضن حزني سواه..
آه يا سطام.. أه من عشقٌ
أنت الذي لمستُ أرض الحزن بيدك، واعتصر قلبك خوفاً وطمعاً وبكيتُ كثيراً
لم كنت أعلم بأنك تحبني حبٌ مفضوح بين زاوية عينك والهدب الناعس..
أنا الصبية التي رقصت بفعل رضاك علي.. وكأنما تخشى الخوف
بكيتٌ كثيراً حينما عرفت أن الليل يُطوى

أنا الصبية التي تتغنج لوحدك أنت يا سطام
آوه من العشق وصبابة قلبي...
أنت وحدك الروح وساكنه
أنت نور أبصره لأبتسم والحياة تزهر بك
أنا التي تحبك كثيراً، وتخاف من فقدك
أخاف عليك أن تؤذيني الحياة
أخاف على قلبي أن يبكي وكثيراً
ما أدعو الله أن يحفظك، وتبقى لي...

لأسير فوق سرير المتحرك نحو باب غرفة العمليات / الولادة...
وجدته قريباً مني يود الدخول معي لأهمس له " سطام مهو وقتك والله.. وش اللي تدخل معي؟! أبي أمُي بس... "
سطام بغضب " وش الممنوع؟ بجي معك.. لا تكثرين هرج... "
حتى يقاطع حديثنا ويأتي ياسر ليمسك كتف سطام " اقول هيه استح على وجهك.. عارفين انك تحبها ما ترضى عليها من نسمة الهوى.. انثبر بمكانك هذا ناقص بعد... "
سطام رفع حاجبه الايسر " خـــــير زوجتي وش الكلام اللي ماله امه داعي... وخر عن طريقي بس... "
ومن مناوشتهم دخلت لغرفة العمليات... حتى أسمع صوت أمُي من بعيد " استودعتك الله.. الله يسهلها عليك يا الجوهرة الله يسهـلــهـ....... "




***



يوم الجمعة
8:30 صَ


أشرقت الشمس بعد ليل طويل، وراحت الطيور تغرد هنا وهناك.. ولكل شخص فيها حكاية مغايرة عن الآخر..
كنتُ حينها مستلقية على سرير أفكر برجوع إلى منزل أبي.. لا يعقل انه أبي... وانا أبنته زهرة ابنة فاتنته وحفيدة منيرة والزاهد...

يا ذاكرتي العتيقة انني أتذكر باطن يدك ورائحة الحناء التي تزكم أنفي
جدتي الحبيبة وصديقة درب الجارة أم سند..
جدتي يا حنين.. رغم حينها لا ابلغ الا اربع سنوات..

وبينما لا يزال ضوء الشمس يعكس وينير تلك السماء الجميلة... الضوء الذي يخترق الشباك.. لأقف
وأخطو اتأمل الحديقة الخلفية.. وأبكي.. وملامح وجهي الحزين حتى فتحت ليلى باب حجرتي وابتسامتها الرقيقة لا تفارق وجهها..

وقلت " ليلى.. أبي اخرج من هنا.. ابي ارجع لبيتنا... ابي ارجع لأبوي.. انا بنته.. حرام يسوي فيني كذا... ابي ارجع البيت.. مابي اجلس هنا ثانية وحده... حاولت اتأقلم بس والله ما قدرت.... البيت كبير لا لا هذا قصر كبير.. ساعات لا جيت ابي اجي عندك اضيع.. اللي اعرفه بس صالة الطعام اللي مطلة على درج طويل... ابي ارجع تكفين... "

وضممتُ يدي لأخبي ملامح الوجه الحزين وأبكي بوجع كبير.. حتى اقتربت مني ووقفت بجانبي وتضع رأسي بصدرها وتضمني ضمة كبيرة واسعة.. وتهمس بأذني " إذا تبين تشوفين أبوك مافي مشكلة.. لكن صعبة ترجعين له الحين... اممممم انتي قد قلتي لي.. ان عندك جدتك بس ذكريني وش اسمها؟ "

لأجيب بنبرة غلب عليها الحُزن انني باقية وحيدة بعدها
اعتدتُ عليها وعلى الجارة أم سند.. كانت قبيلتي وأمُي وثالث والديني
كنتُ لها الأجمل والاغلى.. وعالمها الذي لم تخرج يوماً عنه...
كنتُ نورها الذي اعتادت عليه... كانت تخشى أن تتمرد كي لا تغادر المنزل
كنتُ أتذكر معاملة جدي الزاهد لها.. خذلت وخسرت أجمل وطن...

لأبتسم " تدرين يا ليلى ان جارتنا خالتي ام سند... قالت يا زهره عندك عائلة كبيرة بس اختفت من عشرين سنة... ما لهم أرض.. حكت لي كثير عن جدتي منيرة... ولها ثلاث اخوات واخو واحد.. بس نسيت اسمائهم.. "
ليلى " قلتي لي منيره الزاهد.. أكيد ابوي يعرف... بـ سأله ويمكن تلتقين في عمك وعماتك.. تعالي الحين عشان نفطر مع بعض.. وإلا اجيب لك الفطور هنا... "
ظليت أنظر إلى ليلى بصمت وكأني أفكر في أمر ما.. ثم أدارت ظهري.. لـ اتأمل من الجديد للحديقة.. لتسقط عيني على العصفورة تقف أمام نافذتي لأبتسم وأمد يدي اليمنه وبفرحة " ليلى من يكون هالعصفور.؟ "
اقتربت مني ليلى وابتسمت بوجه الفرح " هذا عصفور فهودي.. ولد حاتم الله يهديه.. "

ليضيق صدري، واجتياح البرد.. وكأنما وقفتُ بمنتصف الطريق لتطيل النظر إلى عيناي الذابلة كالياسمينة
أن أموت وحيدة
أن أخاف الظلام.. وأموت مبكراً
قل لي أيها الغياب كيف أخشى الغائب
قل لي ماهي الحياة
أن احيا بدون أن ألتقي بـ عيناك

وأسمعُ صوت ليلى من بعيد ينادي " زهـــــــوره.. يا حبيبتي تسمعيني.. قولي مين خذا عقلك؟! "
لتدمع عيني وأشهق من الخوف الساكن بي.. " آه يارب.. ابي ارجع بيتنا مستحيل اجلس كذا.. اجلس في جهنم أبوي ولا اعيش العذاب هنا.. ايه للمرة ثانية اخوك يجي هنا وانا اسكت من صدمة.. "
لأبتعد واشد خطواتي... لأصل وافتح الباب الموارب لغرفة تبديل الملابس، لأجد العباءة معلقة، سحبتها لأرتديها من ثم أخذت الطرحة لأضعها فوق رأسي.. لأغطي شعري.. ومن خلفي ليلى
تهمس " زهوره حبيبتي.. هِدي يا عيوني.. انا اللي بأخذك بنفسي "
لأرد لها وبينما أمشي في طريقي غادرت الحجرة، وأركض لأنزل من السلالم بسرعة وكأنما شياطين تلاحقني وأهربُ منها.. حتى وصلت ليصطدم جسدي بصدره الضخم لأتراجع وأظل واقفة باقية
وانصدمت من حضوره..

أبو حاتم " زهرة وراك طايرة كذا؟ على وين؟! تعالي اجلسي في صالة ابي اعرف اخبارك؟ "
وقفت أمامه وعيناي مملوءتان بالحقد والغضب " أنت ليه أخذتني؟ ما هو حرام عليك... حرام.."
لأجهشُ بالبكاء وأسقط أمام عيناه... وهو اقترب مني بعد سماعه نبرة صوتي خشي أن يفقدني كما جدتي منيرة
ليردف بنبرة يبعث بها الاطمئنان " اذكري الله... يا ليلى تعالي... يا بنتي افهمي ما أخذتك الا عشان وصية جدتك منيرة احفظك واصونك.. لأن جدك الزاهد كان قاسي وأبوك رعد الله يهديه... ما خاف الله قاسي على امه... وصدقيني من يجي اللي يستاهلك أنا بنفسي بزوجك إياه.. هاه وش تبين بعد... "
وبصدمة " يعني انت أخذتني عشان وصية جدتي منيرة.. "

أما هو فقد جلس على المقعد لـ يشير بأن أجلس بجانبه... لأتقدم لكن تعثرت بفعل عباءتي وسقطتُ أرضاً.. لتتقدم ليلى إلي وتمسكني مقشعرة البدن ويداي ترتجفان مما حصل للتو...
مسكتني ليلى من يدي ولم اعد اوقف من الحركة.. وما أن رفعت بصري لأرى ليلى الابنة البارة والصبية الجميلة وكأنما تشبه زهر الياسمين بحديقتي لأهمس بغصة " أبي أرجع لبيتنا أبي أشوف أبوي... ابيه... "
وأغمض عيناي حتى اسبحُ بالهواء... وكأن الأرض قريبة...
الخوف والفقد يتآكل قلبي صغير... وصوت من بعيد " زهـــــــــــــــــــــــره "




***



بينما تم نقل جثة أم غسان للمستشفى وتم إسعافها في اللحظات الاخيرة، وسبحان الله رب ضرة نافعة...
بفعل السم والدخان والبيت الذي احترق... لأكتشف بأنها قد نطقت بثقل الحروف.. بكاء غفران وفرحتها التي لا تضاهيها فرحة عظيمة.. وكأنما رقصت على وتر حساس..

لكن ما كان بالحسبان بأن طفلتان قد توفيا بفعل الحريق واستنشاقهن للدخان..
لم تصدق غفران المسكينة بمنظر لينا ونور فالحزن كان ظاهر عليها " استهدي بالله يا بنتي.. قولي إنا لله وإنا إليه راجعون... كرري هالكلمة يا غفران.. "
لتبكي.. بينما استيقظت منال ام نور المسكينة لم تصدق ما رأته أمام عينيها.. أخذت تناديهما وتناجيهما لعله يجبيانها ولكن لا روح فيهما.. راحت طفلتان بريئتان لا ذنب لهما.. لم تتحمل أي امرأة تتعرض إلى الغدر من نفسها.. هذا جزءًا من قلبها وكأن الله يعاقبها دنيوياً قبل الآخرة.. ستصاب بالجنون، وهذا ما حصل معها فعلاً..

أم نور " لا لا.. نـــــــــــــور.. لينـــــــــا.. اصحوا.. اقول لكم اصحوا.... "
اوانا الخالة نسايم.. وقفت بقربها لأضع يدي حول كتف منال " استهدي بالله.. الله ارحم والطف.. اهِدي.. "
وأجد رجال الشرطة واقفين عند الباب " مين فيكم منال؟! تخرج الحين.. "
لتأتي له الطبيبة " نعم.. "
نظر لها بتقييم " نادي لي منال... في تحقيق معها.. خلها تخرج.. "
الطبيبة " الحرمة تعبانه.. مصدومة.. فقدت بناتها.. في ايش تحقق معها؟! "

أجابها بكل هدوء ونبرة يستفز سامعها " لو سمحتي هي مطلوبة للتحقيق رجاء تخرج.. وإلا أخذتها بالقوة.. "
الطبيبة " استغفر الله العظيم.. انتظر هنا وانا ابلغها تجي.. "


***
لتدخل الطبيبة، رفعتُ نظري لها لأجدها تقول " اخت منال.. واحد عسكري طالبك شخصياُ بالاسم.. ينتظرك بالخارج.. "
نظرتُ لمنال والتي تحتضن رأس نور وتقبلها ببكاء " يمه سامحوني.. انا والله ندمانة ليت ما حرقت المخزن.. "
وترمق نظرة للينا وتقبلها من عينيها " يُمَه لينا اصحي.. مهو كلكم ترحون وتخلوني بروحي.. اصحوا.. أنا أمكم وشلون تخلوني بروحي؟ اصحوا... أبيكم حولي... "
ظلت تذرف الدموع حسرة على ما رأت، وبعد أن ذاقت مرارة الحزن... حتى أمسكت بها الخالة نسايم لتخرجان سويا..

وبقيت واقفة بقرب نور ولينا.. وأبكي واضم الوجه الطفولي.. والحزن يشيب بِه الرأس، وانطلقت هنا صرخة مدوية من منال وبكائها المكلوم.. حتى تأتي الغصة بقلبي.. وأبلع ريقي... لأخرج من تلك الغرفة
وكان والدي أبي يكبلها بيديه وصاح بغضب كبير " يا الفاجرة.. تقتلين بناتي وأم عيالي.. ما تخافين الله انتي... هــــــــــــاه ما تخافينه... والله ما ارحمك.. ومالك غير سجون يا بنت الــ................. "
لأقاطعه وأمسك بكتفه " يُبَه هِدي.. أنا بخير وأمُي بخير... بس.. "
لأبلع ريقي " لينا ونور ..... "
لـ يقاطعني لم يبال بي وكأنه لم يراني.. حتى أنه لم يلتفت إلي.. كان وجـهه محمرا.. والغضب ظاهر عليه..
لأصيح " يُبـــــــه.. اقول لك لينا ونور الله عطاك عمُرهم... عظم الله أجرك في اخواتي.. عظم الله اجرك في بنتين ماتوا بسبب إهمالك يبه.. لو انك عندنا و اهتميت فينا ما كان اللي صار فينا كذا... "
هنا أمسك أبي يدي قائلاً " وش؟ وش قلتي يا غفران؟.. نور ولينا!!.. وش صار لهم؟! انــــــــطقي.. "
لأصرخ بغضب " ايه يُبه ماتوا عسى الله يهديك.. قلت لك لا عاد تسافر وتخلينا حريم بدون رجال يا يبه.. "
ظل أبي صامت بعدما سمع مني.. كان مذهول تماماً يود لو بمقدوره تكذيب كلماتي فلا يريد أن يصدق.. إلى أن أمسكت بيد أبي وقطعتُ حاجز صمته " يبه.. قوي نفسك... انت عارف انه هذا ابتلاء وعقاب من ربي... عشان ينبهك ان ممكن تفقدنا في أي لحظة... الموت له رهبته يا أبوي.. خاف الله فينا.. تكفى.. أمُي محتاجة وقفتك جنبها... أنت تدري ان كنت بفقد أمُي بعد... يبه تدري انها نطقت بس بثقل والله العظيم نطقت.. بس ماتوا أخواتي ما قدرت افرح والا ابكي... "
ليضمني في حضنه الكبير.. ويسقط شماغه ويبكي رأيتُ أبي يبكي لأهمس بوجع " يٌبه.. احنا بمستشفى.. يبه شوف العسكري خذا منال... والله رحمتها يبه تجننت المسكينة.. "




***



سكتت وعلمت بأن والدي لم يملك خيار آخر... أما العمة حنين فقد أيقنت بأن غافر ظالم.. بات كل يوم يقترب منها ويرسل عليها الرسائل على الهاتف واتصالات.. لم تعد تفقه شيئاً.. ساعات تعذره، وساعات تكره اسمه.. بل أصبحت تعرف ماذا يدور بعقلها.. وبعد حين همت بالانصراف...
أبي يردف " حنين.. ترى يوم الاحد موعدك بالمحكمة بإذن الله.. هو مهو راضي يطلقك.. لكن مالك الا تخلعين.. "
التفت إلى أخيها ووضعت يدها على مكان النبض وبصدمة " اخلعه يا أبو الغيث.. انت ترضاها علي على هالكبر وأدخل محاكم.. وليه؟ عشانه!.. أنا أبيه يطلق بروحه... والله ما ارجع له وطلاق بـ يطلق وهو ما يشوف درب.. نفس عافته يطلق وشف له مع مرته الثانية.. "

من ثم غادرت ساحة المنزل.. لتدخل إلى حجرتي وتستلقي على سريري وأنا صبية.. تفكر فيما قال لها أبي.. تفكر في كلمة " خلع " وحلقت بعيداً في سماء لا تخلق فيها إلى غيمة بيضاء تضم بها صدرها...
لأتبع خطواتها وأجلس بجانبها " عميمه حنين.. "
نظرت لعيني... والقميص باللون القمح " شوفي عميمه ما لك حق ترفضين.. دام انه ما يبي يطلقك تخلعينه.. وترتاحين.. انتي بنفسك ترتاحين... معذبك وفوقها متزوج عليك وانتِ مهو مقصره معه... لين هنا ويكفي.. تعلمينه ان الله حق.. وأنا معك نروح أنا وأنتِ وأبوي وحتى سلطان.. تصدقين بكلمه وهو يتصرف بدون ما تخلعينه.. "

لتجلس وتسند رأسها على الوسائد الريش.. " تهقين سلطان يقنعه.. "
لأبتسم للوجه العمة حنين " أفا عليك.. بلاك ما عرفتي سلطان زين.. ثواني بس وأكلمه.. اروح اجيب جوالي... "
هنا قمت من على سريري وقفت، وأخطو للكمدينو لأمسك بالهاتف لأدسه بإذني لأتصل على سلطان..
حتى يجيب بضيق " نعم وش بغيتي يا ضياء؟ وش عندك؟ "
ويضيق صدري لأجيبه بقهر كبير " مهو أنا اللي أبيك... لكن عمتك حنين تبي منك وقفة رجال.. ايه لأن خالي غافر زودها بالحيل... متزوج عليها وتبي تطلق منه.. "
سلطان " وإذا تزوج من حقه يصكها برابعة بعد، وش الجديد في الموضوع؟! "
وبرودة أعصابه تحرقني كورقة وتصبح كالرماد " اللي ابيه يا اخ سلطان... "
ليصرخ بغضب " ماني أخوك.. فهمي العقل درج اللي بمخك... وخير يا طير تزوج الله محلل له اربع.. كم محلله؟ اربـــــــــــــع!! تحرمونه ليه؟ "
لأصرخ بنبرة غاضبة والوجه قد احمر " سلطــــــــــــــــــــــــان.. يخي افهم.. تزوج عليها بدون ما يعطيها خبر.. وبصدفة عرفت من العقد.. اللي بغيت اقوله.. إذا تعز عمتك قوم وتلحلح عشانها.. سلام.. "

لأغلق الهاتف بوجهـه وأرميه على الحائط بقهر لأعض باطن كفي " شفتي اسلوبه زفت معي.. اكرهه جلافته وبروده.. مالت عليه هذا زوج بالله ينتخي فيه... "
لتقف العمة حنين وتضمني لصدرها " بسم الله عليك.. اهِدي.. كلكم غلطانين.. ايه لا تناظريني كذا "
وهي تمسك بوجهي المصدوم " وش غلطت فيه؟ هو مثل أخوي حتى الغيث احن منه القاسي... "
لتضحك العمة حنين وتغمز لي " طيب يا ضياء روقي ما يسوى عليك والله... الحين قومي خذي لك شور وتوضئ وصلي لك ركعتين... وحطي من الاشياء اللي عطته لك أم هادي... "
لأجيب بضيق " عاجبك حاله كذا.. والله كرهته صدق... "
العمة حنين وهي تمسح على شعري الكستنائي " تعوذي من الشيطان.. وش اللي تكرهينه زوجك هذا.. قولي انك متضايقة منه... الله يفكك هالبلاء.. تعالي بس استريحي ونامي.. "
لأبتسم " اشتقت للغيث، وش رأيك نكلمه سكايبي.. "
العمة حنين ابتسمت " ايه والله.. صدقتي دقي عليه.. "
لأنظر للهاتف " انظري مبين انكسر جوالي... بس اخبر عندي لاب القديم.. قولي عساه يشتغل معي.. "
لأذهب إلى المنضدة وافتح دولابي صغير باللون البياض.. لأجد حقيبة لاب توب.. وأخذه واضعه على سريري لتجلس العمة حنين بجانبي... فتحته واضغط على زر التشغيل لأبتسم " والله فتح معي.. لي حول اربع سنين ما اشتغل عليه... "
العمة حنين " اكيد انه بـ يشتغل دام انه مهو عطلان.. "
لأنظر لعينيها الناعسة " صدقتي يا عميمه.. بغيت أقول لك.. بتحضرين زواج بنت غازي الغازي الغانم.. ودي احضر وما ودي.. "
العمة حنين " قصدك شريك أبوك بالمصنع.. الا بحضر أنا وأمك.. هالعرب ناس أجاويد وتنشري قربهم.. "
وبعد ربع ساعة لـ يشتغل نظام ويندوز وافتح برنامج سكايبي لأدخل عليه واضع البيانات المطلوبة.. حتى فتح معي... لأجد الغيث متصل، واضغط على زر الاتصال...
وبضع من زمن حتى يجيب " حي الله ضياء... وشلونكم عساكم طيبين..؟ "
لأبتسم " الغيث ياويلي عليك وراك كذا مسمر؟! لا يكون تغيير الجو بس... "
ليضحك الغيث " يا زينك ويا زين سوالفك... ابد مثل ما قلتي تغيير جو.. ودنيا ثلوج .. جليد وأنا أخوك يا زينك يا الرياض.... "
العمة حنين " خانت حيلي.. كيفك يا أبو عبدالله؟ وكيف اجواء لندن معك؟ عساك تأقلمت وتكيفت مع الوضع.. "
لأبتسم " هلا والله عميمه حنين.. وش دعوة عاد، وش هالقطاعة... من أخذك خالي غافر وما نشوفك ابد الا في سنة مره... "
ليحزن قلبها واصرخ " هي بخير... انت وش عليك الحين... قل لي وشلون جامعتهم عساها حلوة.. وكيف الماجستير معك؟ "
الغيث " حمد لله على كل حال.. أموري طيبة يارب لك الحمد.. انتم بشرونا عنكم وشلون ميمتي وأمُي وأبوي؟ "
العمة حنين " كلهم بخير، خصوصاً امك متلهفة على شوفتك.. قومي ضياء كلميها خلي تجي تشوف ولدها.. "
الغيث " وتكدر خاطرها وتبكي.. وتخمخم في ثوبي... والله ان دمعتها تكسرني.. كلميها وبلغيها لا تبكي إذا تعزني.. "
لأقف وابتسم وبصياح " أبشر ما طلبت إلا عزك... "

ورحت أركض باتجاههم.. وكلما اقتربت سمعت صوت أمُي تناقش والدي..
وبفرحة " يُمَه... البشارة "
لتصرخ بغضب " وش له تجرين.. وراك أنتِ ما تسمعين الكلام؟! وش عندك هاتي الاخبار الحلوة.. "
لأبتسم وبضحكة كبير تعلو ثغري " احم اخوي الغيث يكلمك في الكومبيوتر.. بس آها يقول لا تبكي إذا هي تعزني.. "
لتدمع عينيها تلقائياً وتمسحها بفرحة " يبشر بعد قلبي هو.. وينه هاتيه هنا... "
لتأتي العمة حنين وتضعه حولهم " ها شف هالعائلة الكريمة مجتمعة عشانك.. "
لتصرخ بفرحة " واخزياه وش ذا يا حنين طفي ابليس هذا.. وينه ولدي؟! "
ضحك الغيث " فديتك يُمَه وشلونك يا نظر عيني.. عساك تأكلين بس؟ "
أبي يجيبه قائلاً " أيه يا الغيث توصى في أمك.. ما تآكل ابد... انت بشرنا عن علومك.. "
ليبتسم من ثم بضيق " الحمد لله الامور طيبة يارب لك الحمد.. يُمه أفا تبين اتضايق يعني.. وراه ما تأكلين.. هذاني بخير.. "
هديل الام " وش خيره؟ وراك مسمر كذا؟! وبعدين انت ما تآكل صح.. نحفت يا روح أمك .."
الغيث " لا وش دعوه.. الا متنان يُمه.. تراني آكل.. انفداك اهتمي بنفسك.. وأنا بهتم بعد.. يلا ما اطول عليكم.. وراي بحوث وكذا.. لا تنسوني من دعواتكم.. "
أم الغيث " الله يحفظك ويستر عليك.. "




***



4:15 مَ

كنتُ اسير بسيارتي.. تأملت الطريق، من ثم القي نظرة على والدتي وابتسم لها.. نتبادل حديث المساء " يا ام الفارس.. اسمعي البيت إهداء لك... "
لتردف أختي المشاغبة مشاعل " ايه علينا بالحيل.. يمه هو المقصد لست الحسن والدلال المهره.. صراحة يا الفارس والله مبين انها كشخة من الاسم.. "
أمُي بوعيد " مشاعل وأنا امك قري ولا تفشلينا عند عرب الغانم.. بعدين دام امها المزنه بتطلع مثلها وازين بعد.. والله يا وليدي يا زين ما اخترت.. جعل اللي جابها بطنها الجنة.. "
لتضحك مشاعل " هالله الله.. راح سوقي من الحين... شف يا الفارس لا تتغير علينا بعد ما تأخذها.. ودي اشوف المزن اللي تحكين عنها دوم يُمَه.. والله ليت عشت معكم أيام زمان.. "
لأهمس " اهجدي بمكانك.. وراك طايرة، ويمه انفداك اسمعي القصيد الزين... "
سحابه " اسلم صلى الله على النبي.. "
لتضحك مشاعل وتقترب جسدها بيني وبين والدتي " يُمه فديتك قولي الله يستر عليك.. وبعدين يمه..... "
لتقاطعها وتضربها على رأسها لتتوجع مشاعل " وش فيها؟ يا ذكر الله... انا اقول تسنعي يا مشاعل.. واسلم يا الفارس.. هات قصيدك.. "
كنتُ اضع يدي على المقود وابتسم " والعمر اللي جمعنا عُمر عابر هو أكيد أنه جرحنا !
بس عادي ، أنا صابر وأنتَ صابر مو قلت لك نشبه بعضنا ؟ "
لتبتسم والدتي " صح بدنه وصح من قايلها.. "
مشاعل " هالله الله.. ولبدر عبدالمحسن.. شوف يا اخوي دام أن ربي فتح عليك وأنعم الله برزقه.. تأخذني لنمسا هذا طبعاً بعد.. ما تسافر شهر عسل وكذا... "
لأضحك وأنظر لها من المرآه الامامية.. " أقول لا يكثر بس.. أكثر وحده تهياط.. قبل كم سنة وانتِ في روما.. ما شبعتي من السفر... وهالمرة مافي سفر إلا لمن تتخرجين بمعدل حلو.. سامعة يا مشاعل.. مهو جايبه لي ثلاث من خمس.. "
مشاعل " الحين انت ما تبي زواج تفرحنا وتفرح قلب جدتي... حرام عليك.. "
لأجيب بابتسامة " الا بتفرحون إن شاء الله.. بالنسبة للزواج أنا مقرر عقب شهر.. "
لـ تقاطعني بصدمة كبيرة " نعـــــــــم وش اللي شهر؟! خاف الله وش تبيها تجهز عروسك؟! هذا وانت باقي ما شفتها.. ظاهر بتأخذها معك من اليوم.. يُمَه منكم يا رجال ما منكم أمان.. "

لأضحك على غضبها الطفولي " أقول.. لا يكثر.. يا كثر خرابيطكم.. المهم.. لا اوصيك يا مشاعل.. "
مشاعل " الحين هو بتشوفها؟!! والا لا... حرام تروح كشختك كذا.. "
وبينما كان الصمت سيد الموقف.. وقفتُ سيارتي أمام عتبة الباب الحديدي ولم يكن مغلقاً.. إلا ولاحظت مجموعة رجال.. وأحدهم متكأ على ركبتيه.. " انفداك يُمَه وصلنا.. "
لأترجل.. رحت متجهاً لأفتح باب والدتي لـ أمسك بباطن يدها واساعدها على السير ووقفت على رجليها لكي تخرج من السيارة.. وحتى أكمل طريقي.. حتى يقترب منا عمر وهو مرحب " يا مرحبا بكم.. حي الله يا خالة سحابة.. اقلطوا من مدخل مجالس الحريم.. "

وابتسمت في وجه رجل " الله يبقيك يا عمير.. وشلون صحتك يا المحامي؟ "
وضع عمر يده بيدي وصافحني من ثم احتضن الشوق الطويل وسمرة الشباب " بخير جعلك بخير.. انت بشرني عن علومك يا الفارس.. اقلط ولا نحكي في الشوارع "
لأضحك " أي والله صدقت.. إلا بسألك.. وشلونه ولد عم أبوك؟ اظن اسمه الفياض.. سمعت انه اطلق على نفسه بالرصاص عساه طيب.. "
عُمر " أبد والله يا الفارس.. جات له طلقة رصاص بالخطأ.. وللحين نايم ما صحى.. "
لأبتسم " إن شاء الله آخر طيحات.. ولو انه بغيت يحضر.. بس مأجور.. "
عُمر " ايه.. تعال دام المأذون وصل قبلك.. "
لندخل سويا ونعبر الباب الموارب.. لندخل مجالس رجال " والله يا أخوك بعد تعرف المشوار.. ساعة ماهي هينة والولدة الله يطول لي بعمرها.. تكره سرعة لذلك ماشي على ثمانين.. "
عُمر " الله يخليها لك يارب... وحياك الله من جديد.. "



***

بينما بمجالس الحريم..
استقبالهن كان جميل وعفوي ومحبب للقلب... لـ أتعرف على وهج والديم وريما....
وهج " أيه وكيف دراسة معك يا مشاعل؟! "
مشاعل " يرحم امك لا تغثيني بـ هالطاري.. توه الاخ الفارس وصاني.. هو أنا بسأل وش تخصص المهره؟ وكم عمرها؟ وش بعد ايه بس خلاص.. "
لتضحك ريما " يا زينك يا شعوله.. أبد عمتي المهره قريب وتدخل اثنين وثلاثين يعني عقب ثلاث شهور.. وش بعد وهي تخرجت بكالوريوس عقيدة.. وما شاء الله على طول توظفت بالمدرسة بس الله ما راد تكمل.. لأنه فيه مشرفات شارطين عليها شروط بايخة مثل وجهيهم الودره يا من ودي اصفقهم على هالجدار.. "
مشاعل " الله فكها من المشاكل وربي يعوضها.. ايه وينها عروستنا؟ "



***
في الطابق العلوي..
تأملت ملامحي جيداُ.. ما كان العُمر عمر يا المهره
ولا الحياة لها أنفاس وربيع أزهاري تنبتُ في قلبي أزهار الياسمين..
بشرتي البيضاء.. ولون العناب يحتضن ثغري.. العنين الناعسة وعدسةُ باللون الزيتي والرماد..
الوحيدة والتي اشبه فيها عينُ جدتي الوصايف.. غريبة وعجيبة..
تزينت بِـ احمر الشفاه، ورسمة الأيلنر الفرنسية... ووضع الكحل الابيض ودعج العينين لبروزها.. كنتُ راضيه عن ذلك.. ختاماً بالبلاشر باللون الخوخ، لأبعد طرحة زيتية، واسرح شعري

لأجد دخول وهج ومعها ديم وريما... " خير إن شاء الله ثلاثي المرح... "
وهج بصدمة " يُمَه.. عميمه ليه كذا؟ مكياجك ناعم بالحيل... "
لأمسك المنديل وبتهور " اساساُ بمسحه.. مهو شرط يشوفني.. أنا كنت رافضة بس قلت عشان خالتي سحابة تستاهل من يتزين لها.. "
ريما ودمها الحار الذي يشتعل " اششش ولي يعافيك عميمه اجلسي... زين اللي جبت عدتي.. ديوم بعدي انتي جيبي شنطتي.. جلسنا نضبط في تقديمات ونبخر المجالس ونسينا العروس.. امحق ملكة.. "
حينها ضحكت " نعم حرم ياسر.. خير ماني خبله احط مكياجك ثقيل.. اساساُ ما اطيقه.. "
وهج " حرام عميمه.. هالفستان يخبل.. راح تلبسينه، وتلبسين طقم اللي جابه لك.. يختي بتكونين زوجته من حقه يشوفك بـ احسن طلة.. "
ديما " ايه استهدي بالله.. ودام شعرك مغطيته بطرحتك.. هو انتِ اخذتي شور.. ولا بعد مزيته ياربي عميمه.. وش ذا... "
وبغضب " خـــــــير ومن هو عشان اتزين له.. هو صح بـ يكون زوجي ما قلنا لا.. بس وش فيه لبسي هذا مهو حلو.. "
ريما تتسع عينيها بصدمة " نعــــــــــــم.. تبي تخرعين رجلك.. لابسه فستان اسود هو صح حلو... بس ما يجي حول الفستان اللي جابه.. رجاء عميمه.. تعوذي من ابليس.. والله انك مزيونه الله لا يضرك بس هالفتسان ما يليق في هالمناسبة.. "
لأخذ نفس عميق واجيب " مابي فستانه ماصخ والله ما البسه.. لو انه الملك.. خـــــــير.. "
لتكتم ضحكتها ديما " شوفي عميمه الحق ما ينزعل منه.. لا بسه اخص فستان عندك.. وخير ست ريوم وش اللي الفستان حلو عليها !!! والله هيلق ما عليه.. دوم تلبسين اجمل.. وش معنى اليوم؟ "
لأجلس على كرسي وأنظر لديم " يخي تعبت من صباح وانا ادور شيء مناسب.. أخوك عمير قليل الخاتمة.. البارحة بلغني، ولا كملها أبوي جهزي عمرك بـ تروحين معه اليوم.. بنات فيني ضيقة والله ابي ابكي... ما يصير خلاص بكتمها في قلبي.. "
لتحتضني وهج وتمسح على صدري " بسم الله عليك من الضيقة.. عميمه هذا كله عشان كذا جاء كل شيء بسرعة.. انتِ مو قادرة تستوعبين أنك بتأخذين غير الفياض انسيه طلبتك عميمه.. ادري صعب بس حرام الفارس ماله ذنب.. فكري زين.. مهو تقولين استخرتِ في الصباح وجات لك راحة كبيرة.. معناه إن شاء الله خير... قومي معي وخليك مثل دوم المهره القوية الشامخة اللي ما تهزها ريح ولا عابر جريح .. "
لتضحك ديما ببرود " قويـــــــــة وهيج، وش اللي عابر جريح؟! كفك ريوم.. "
ريما " ديم خير إن شاء الله وراك قالبه على وهج.. ووووه فديت حرم النايف.. تصدقون لايقين على بعض وحده كاتبة وثاني مهندس ولد حمدان... "
لتضيق ملامح وهج وترمقها بشرار " أقول اسكتي بس، وإذا ما عليك امر ديم روحي عند الحريم باشري بالقهوة.. وأنا وريما بنجلس عند عميمه نتزين لها ونضبط الوضع... "
ديما " أوكيه.. "

ظل الاثنان يتبادلان الحديث والضحك... وهج أمسكت تزين شعري بتسريحة ناعمة.. واسترخيت جالسة على الكرسي وأغلقت عيني ورحت أحلق في عالم الأحلام... حلقتُ بعيداً عن الواقع... بحلم منزل صغير تحيط بِه الأشجار الياسمين من كل مكان.. وجندول مياه صغير خلف ذلك المنزل.. واقفة وذاك الغائب قريب من حبيبته وزوجته، ويده لا يفارق بطنها لا بد أن تكون طفلة قاربت وتبصر نور الحياة...

بينما ريما وضعت بعض الظل الجناح الطائر حتى أبرزت عيناي... مع مهارة وتعلمها وشغفها لحبها للمساحيق التجميل ...

وخلال نصف ساعة... أجد هاتفي يرن برنين متواصل.... لأفتح عيني ورأيتُ رسالة من رقم مجهول....
" المهره... ارفضي.. سامعة ارفضي... والله لا اقلب لك الليلة بدل الفرح حزن كبير... سامعة.. ارفضي الفارس يا المهره.. تراني خويه... وأخو الفياض بعد.. وعزوته "

لأرمي الهاتف وبخوف كبير " منهو هذا اللي يهددني.. وكأنه يعرفني... يقول.. يقول انه خوي الفياض وأخوه.. "
ظليت أنظر لهما بوجه اصفر شاحب.. لتركض وهج نحو الطاولة البيضاء وتسكب بعض الماء في الكوب.. لتأتي وتقف عند رأسي، ودوخة قوية تداهم رأسي وبرجفة " مين اللي يكتب كذا.. ؟ "
ريما " عميمه قولي لا إله إلا الله... أكيد واحد غلطان.. والا طيش شباب "
لأصرخ بوجه غاضب متعب " لا.. هذا يعرفني شخصياً هذا اكيد قاصد.. يكون الفياض.. بس هو تعبان.. لا لا اكيد احد ثاني غير.. ايه اكيد احد غيره.. بس منو يكون... ؟ "
وهج " عميمه جوالك يرن... "

نظرتُ لشاشة الهاتف وأجد نفس الرقم يتصل ورنين متواصل... حتى اصابعي أصحبت باردة كقطعة الثلج..
كم مرة شعرت أن روحي مُعلقة بين الأرض والسماء
ولم يشعر بي أحد..
وكم مرة بكيت كثيراً في حين كنتُ انتظر منك رسالة
واحدة..
واحدة فقط فارغة..
كان علي أن اكون قوية وأنا من داخلي هشة وجداً
وكم مرة تمنيت أن أرتمي بحضنك وأصوم عن الحديث
وعن الحياة والحب والفقد والاحتياج عن كل شيء

لما يا الفياض تجرحني بجرح غائراُ
غاضبة منك مجدداً..
لأنك رجُّل تحاسبني على كل شيء
ولأن ردك دائماً " سامحيني ان رفضتك وجرحت كبريائك.. "

غاضبة لأنك علقتُ بك منذ طفولتي آمالي كلها بين يديك
وأماني منذ كنتُ صبية تتغنج بين يديك...
تتعثر واسقط ارضاً لأجدك كتفٌ استند عليه
غريباً امرنا... غريب...


حينها صاحت علي ريما " ردي وشوفي مين... عميمه معي... "
استنعت بالله لأردف وبهمس ضائع " الو.. "
لأسمع في طرف ثاني ضحكة يملؤها الخبث والمكر " وشلونك يا المهره.. ارفضيه بهدوء.. وبدون شوشرة.. والا تصرفي ما راح يعجبك... "




***


نهاية الجُزء السادس من الفصل الثاني...
عذراً على التأخير.. كانت من أجل التدقيق..
أتمنى أجد ردود تحفزني للكتابة.. نقطة على سطر
نأمل بوضع تقيميات ولايكات ، وجميع ما يحبه قلب عبيرهُ ..
وتواصل الاجتماعي شجعوني فيه...
موعدنا القادم بإذن الله.. بعد اسبوعان في نفس الوقت..

***

همسة محبة / " لا زال في العُمر فسحة لفرحة، وسَلام وخبيئة صالحة تفتح لكَ أبواب النور..
لا زال في الحياةِ مُتّسع لتحيا من جديد لتوقد قنديل الضياء في النفوس الُعتِمة ..
- وعِند الله يجد كُلّ ذي قلب قلبه .. "


***

عمر الغياب / عَـبير

 
 

 

عرض البوم صور عمر الغياب   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لزهرة, بهطولك
facebook




جديد مواضيع قسم قصص من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 01:26 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية