كاتب الموضوع :
simpleness
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: ذات مُقيّدة حوّل عُنُقِ امْرَأة / بقلمي
بسم الله الرحمن الرحيم
تَوكلتُ على الله
،
الجزء التاسع و العشرون
جاءها الصُبح بنسماته المُغدَقة بفيض حَنان تَشعُر روحها بانتعاش لذيذ من وَقع لمساته الرَقيقة..خَدَرُ النُعاس استعصى عليها انتشاله من بين أطرافها و هي التي وَقعَت كُل حَواسَها رَهن خَدَره المُحَمَّل بدفئ أوزعتهُ على أرضها سَحابته السَمحة التي تُسَيّرها رياح ابتسامة باتت خلاياها ترتعش منها غَصباً كُلَّما رأتها تَغفو على شفتيه..و ها هي تَراها من انعكاس المِرآة،أخفضت رأسها بخَجَل هو عَقَد صُلحه مع مدئانها الأنثوية و هي التي كانت لا تُظهره خشية انهيار سفوح كبرياءها..،أرخت الفوطة الصغيرة على كتفها فاسحة المجال لخصلاتها الباقي فيها ماء استعصى على خيوطها تُلامس جانب وجنتيها و عُنُقها،مَرَّرت لسانها على شفتيها و هي تستمع لسؤاله و صوته الهادئ يصلها عن قُرب لوقوفه على يمينها،:بتتغدين عندها ؟
تناولت إحدى الفرش الخاصة بمساحيق التجميل و هي تُجيب بعينان تعلقتا على العُلبة التي التقطتها يدها الأخرى،:مادري للحين "ابتسامة ناعمة ارتسمت على شفتيها" بس اكيد امها ما بتخليني اطلع بدون غدا "رفعت عينيها و هي تستدير إليه تُقابل عينيه مُتسائلة" عادي يعني لو تغديت عندهم ؟
زادت ابتسامته المُحتكرة شفتيه و كَفُّه بمُسايرة ارتفعت لوجنتها الصافية ليمسَّها بخفَّة بطرف سَبَّباته و إبهامه مُجيباً بهمس مبحوح،:أكيد عــادي
استدار هو و هي أفرغت زَفرة هامسة تَعَلَّقت بأذيالِها مشاعر مُتَخبّطة،تَبِعَتهُ عيناها حيثُ استقرَّ عند حاسوبه المَحمول المَركون فوق الطاولة الجانبية مُنذُ البارحة بعد أن أنهى عمله قبل النوم..ارتجفت نبضة وسط قلبها مُسترجعة ما سَكَبهُ من أحاسيس تتعرف عليها للتو و تخشى أن تَظَل تنتظرها و تشتاق لانعقادها بعروقِها..تَيَقَّنت فَجراً أنَّها "تَحتَاجُه" و من هذه الكلمة تتفرع احتياجات شَتَّى تَشعر و كأنَّ لها ثُقوب تُختَزل من خلالها قواها..و عَجباً أنَّها تفقد هذه القوَّة كُلَّما احتدمت مشاعرها به لتستعيدها بجمالية أكبر..،خائفة هي من استمرارية تَخَبطها بين أمواجه النقيَّة،تخافُ كَسراً جديداً،لا حيلة لها لعقد رِباط ثقة يُنتَزع قِسراً من بين أضلاعها..كما انتُزعت فحَوى رسائل ذاك من ذاكرة قلبها المُتَهَضّم،أخفَضَ الأسى جفنيها و رائحة تَصدُّعات أحلام باغتت أنفاسها،تحتاج فعلاً كما قال ذاك أن تتخلص من الرسائل..و لكن هل سيقوى قلبها على دثر ما رقصت على ألحان حروفه نبضاتها ؟
،:حنيـن تبين شي قبل لا أروح ؟
رَمَشَت بخفَّة مُنتبهة لسؤاله،رفعت بصرها إليه و هو واقف قٌرب الباب و على كتفه حقيبة حاسوبه المحمول،تساءلت بتردد و أناملها تعبث بشُعيرات الفرشاة،:يصير بعد ما اطلع من عند صديقتي اروح بيت ابوي ؟
أجابها بذات الابتسامة،:اي يصير اخذي راحتش بس عاد بشرط
تساءلت بفضول،:شنــو ؟
،:اعزمش على العشا
حَرَّكت رأسها بنعومة هامسةً بابتسامة صغيرة،:اوكــي
,،
ماضٍ
ارتوى قَلْبُها من نسيم البحر و الروح تنهل بلا شَبَع من رائحته المتسللة من بين تراقصات أمواجه..كان الجو أقرب للبرودة،على الرغم من انقضاء أشهر الشتاء..أمام البحر تجلس بميلان على الرمال ناحتة أطرافها لتُغدق حديث نفسها المُنعَمة بهذا السُكون،من خلفها "الشاليه" الكبير المحجوز بإسم عائلتها لقضاء بضعة أيامٍ فيه قبل انتهاء العُطلة..،عيناها تطوفان على الإبداع المُتجلي أمامها و الجارف حواسها لشعورٍ عذب تعشقه،الشمسُ اقتربت من موضع ابتلاعها هُناك حيث تلتقي مع البحر ليكوّنا بامتزاجهما الرقيق لوحة كم تَمنَّت عدد سنوات عمرها السبعة عشر أن تُبصِر سِحرها و رأسها مُرتَخٍ على صدره،أُذناها تُطرَبان بدقاته المُتهدهدة على أوتار أنفاسه..،أغمضت عينيها و خَجَلٌ عارم يُستكان فوق صفحة وجهها الناعم،فخيالها المُراهق أودى بها إلى تَمنيات تُلهِب شعورها المعقود اضطرابه بذكره..،أنهت عمل جفنيها لتُبصِر عدستاها الشُعاع القوي الملتوي بخيوط زهرية رقيقة تسلب اللُّب،رَمَشَت بخفَّة مُحرّكة عينيها للجهة اليُسرى ليستقبل قلبها من كان قبل لحظات سَيّد خيالها،باغتتها رعشة لذيذة تُسيطر على أطرافها كُلَّما أقبل عليها،و كأن بين أصابعه تستقر عصاة سحرية بها هو يتلاعب بسكون روحها ليُصيّره ضجيج لا يهدأ يتردد على إثره صدى هِتافات نبضاتها المُنادية باستحكامه لمملكتها العاشقة..،استنشقت نفس عميق و هي تراه يقترب منها بهدوء و بخطوات غير مستقيمة ،زَفرت بارتجاف بعينان تتأملان طَلَّته المميزة،على الرغم من فوضويته إلا أنَّها تجعله مُختلفاً عن غيره،بنطاله الأزرق الفاتح مرفوع حتى أسفل رُكبتيه ليسهل عليه المشي في البحر،مالت شفتاها بابتسامة و هي ترى قميصه الأسود،شعره نامت بين خصلاته الناعمة بضع قطرات ماء لامست أعلى جبينه و الأخرى مُبعثرة بعفوية تُرغّب أناملها في العبث بها..،تَوَقَّف أمامها حاجباً عنها ضوء الشمس يُظلّلها بطوله الفارع مُفرِغاً عليها فيض نظرات جواها يعلم يَقيناً أنَّها لها وحدها،لا لغيرها..،رَفَعَت كفَّها لرأسها تُعيد ما تلصص من خصلات أسفل حجابها..هَمَس و ابتسامة خفيفة على شفتيه،:يصير اقعد ؟
اعتدلت في جلوسها رافعة رُكبتيها مُحيطةً ذراعيها بساقيها،أجابته و هي تُخفِض بصرها بنفس همسه،:يصيــر
موسيقى البحر ترتفع أمامها و من الخلف تصلها غوغاء أهلها و ضحكاتهم..أصابعها مُتشابكة أسفل رُكبتيها تُحيك بهما خيوط رداء يَستر فضائح فِكرها السابح في سماء لا تعرف نجومها سوى مسير الحُب..ضَمَّت شفتيها للداخل مُحاولة السيطرة على اضطراب أنفاسها و شعورها بنظراته الصامتة عليها بدأ يستل ثباتها،فهي قريباً و قريباً جداً تأكدت بأن وطيس الحرب المُحتدمة في روحها ليست إلا أهازيج قلبها المُعلِن نصره،فهي تيقنت أن ما ينمو ناحيته في جوفها هو حُب بَريىء تَرجو أن لا يُلَوَّث و لو بهذا الجلوس..تصافقت أهدابها بخفَّة و صوته الهامس يصلها عن يسارها مكان جلوسه باستنكار مُضحِك،:ليش مستحية ! أول مرة تشوفيني ؟!
التفتت إليه و حرارة تشعر بها تشتعل في وجهها،عَقَّبت ببصر مُنخفض تنظر لأصابعها التي بدأت بنثر توترها بين الرمال،:مــوو مستحية عااادي
بتأكيد قال،:بــلى مستحية "رفع يده يُشير لوجهها مُردِفاً" حتى وجهش صار أحمر
رفعت عينيها للمسافة التي بينهما الكافية لجلوس شخص بالغ لتقول مُحاولة تغيير الموضوع و رأسها يُشير لقميصه،:يعني متى بتعرف تزرر قميصك ؟!
عُقدة خفيفة بانت بين حاجبيه من سؤالها الساخر،أخفض رأسه و هو يلتقط طرف قميصه عند صدره و من الأسفل،ابتسم عندما رأى كُل زرار يقبع في غير مكانه،أعاد بصره إليها لتلتقي عيناه بعينيها الضاحكتين و هو يقول،:تصدقين ما انتبهت !
رفعت أحد حاجبيها مواصلة سُخريتها،:اللحين اذا تزوجت و جاك ولد و قال لك بابا تعال لبسني القميص بتقول له ما اعرف ؟ فَشــلة !
استدار للبحر مُرخياً ساقيه أمامه و من خلف ظهره يستقر باطن يداه على الرمال،قال ببساطة و هو يتأمل المجال من حوله،:عــادي امه تلبسه
مَدَّدت ساقيها مُغيرة جلوسها كجلوسه،مال برأسه ناحيتها و وجهه أصبح ملاذاً لأشعة الشمس،نطق بسؤال أراد بهِ الظفر بردة فعل مُعيَّنة و عيناه مُتعلقتان بجانب وجهها،:و لا انتِ بعد ما تعرفين تزررين القميص ؟
أجابت بتلقائية،:بلى اعــرفــ ـ
تلعثمت عند آخر حرف بعد أن استقبل عقلها ما اجتذبتهُ خلاياها من إشارات هو كان مُرسلها،قشعريرة اخترقت بنصلها عظامها لتنحت كلماته وسط نُخاعها،بَلَّلت شفتيها بتوتر قبل أن تزدرد ريقها،الحرارة عادت أضعاف ناشرة لهيبها بين طبقات جلدها المُضطربة،قبضت كفَّها على الرمل مُترجمة قوتها التي أحنتها كلماته الطارقة باب قلبها..لم تستطع الالتفات إليه فعُنقها وقع رهينة قيود التَصَلَّب كما ذوت عضلات بطنها من الانقباضات المُفاجئة..أَيُصارحها بحُبٍ ضَجُرت خلجاتها من شكٍ انعقد بوجعٍ في خاطرها يهمس لها بأنهُ تعَلُّق بطفلة رَبَت أمام عينيه ؟ هل هي الآن امْرَأة في نظره ؟ امْرَأة أحاك في عقله قَرانهما الأبدي و اختار و هو مُدثر على وسادته أسماء أبناءهما..اذاً نَسِيَ الطفلة التي صالت و جالت وسط حظنه ؟ تهفو إليه كُلَّما عانقها شوقها لحديثه و لَعبه،كانت تُسيّره على هواها و هو يستجيب بابتسامة بلا كلل،كان ذات زمن ابنها و هي جدته العجوز،و تحت شجرة منزلهم كان الذئب و هي ذات الرداء الأحمر،و في الذاكرة قَبَعت صورتها بفستان العيد الأبيض يدها الصغيرة غافية وسط كفّه و كلمات والدها المُخالطها ضحكة تتردد في مسامعها
،:ماشاء الله كأنكم معاريس !
تذكر أنَّها مالت بخجل تُخفي وجهها الذي ابتلعهُ احمرار طفيف خلف ساقه قبل أن ترفع رأسها لتُحفَر ابتسامته الواسعة وسط عدستيها..هو حتى أصبح مريضها الأول حسب قوله،و هي طبيبته التي لطالما عالجته بأساليبها الطفولية..عُقدة خفيفة بعثرت السكون بين حاجبيها..استدارت إليه بتردد،كان مُشيحاً وجهه للبحر و عدستاه ألبسهما المَغيب لوناً تُختَزل لسحره أنفاسها،أخفضت بصرها لذقنه تبحث عن جُرحٍ عمره تجاوز الاثنى عشر عاماً،لكن أثره لم ينحنِ للزمن و بَقي بُغرزاته الأربع غافياً أسفل شفتيه،كُلَّما سألته عن علاجها لهذا الجرح كان جوابه ضحكة طويلة لا تعرف سببها ! كانت ابنة الرابعة و ذاكرتها لا تسعفها لتذكر الحدث بتفاصيله،لم يُطبَع في باطن عقلها سوى منظر الدماء و هي تجري بغزارة أرعبت قلبها الصغير..،
،:تجين لداخل البحر ؟
انتبهت لصوته و بهدوء انتشلت حواسها من صندوق الذكريات الجميل بألوانه الزاهية..حتى الآن،رفعت عينيها لعينيه مُتسائلة،:وياك ؟
هَزَّ رأسه بإيجاب صامت،أفصحت عن سؤال آخر،:بروحنا ؟
أعاد الكرَّة بالصمت نفسه،مال رأسها و خيوط سُخرية تَلَقَّفت ملامحها لتقول،:لا والله ! و شلون بنروح بروحنا ؟!
رفع كتفه بلا مُبالاة مُجيباً،:عادي بعتبر نفسي خاطفش،احنا نستانس و هم يدورون عليش
أنهى جُملته بابتسامة مائلة على مُنحَدر الخباثة،بها هو يُؤَكّد لها أنَّ بموافقتها سيقوم بهذا الجنون..همست لهُ بما في خاطرها،:مجنــون
استدار بكامل جسده فجأة مُتحركاً جهتها شاطباً المسافة بينهما..فَزَّت هي بخوف لتقف مُبتعدة عنه،تراجعت للخلف و يدها ترتفع بتهديد خرجت كلماته من بين أسنانها،:بلا جنون لا والله اشتكي عليك عند ابوي
اعتلت ضحكته مُثيرةً جَلبة قهر في صدرها،تعشق جنونه لا شك في ذلك،لكنها تكره كيف يُسيطر هذا الجنون حتى على دينه و مبادئه،هي مُتيقنة لو أنَّها قَبلت بعرضه سيتلقف جسدها بذراعيه ليلتحمان بين الأمواج ضارباً الحرام بعرض الحائط ! هذه إحدى عيوبه التي رفض عقلها و فِكرها غض البصر عنها،و لو بُحَّ صوت قلبها..،
صوت أرجحة الأمواج شَكَّل مع زقزقة طيور النورس لحناً ينثر استرخاءً بين العروق..همسه شارك اللحن و عيناه تطوفان على ملامحها المُتسيدها غضب زادها جمالاً في عينيه،:خَـــوَّافة
استقرَّ ظاهر يُمناها على خصرها ناطقة باستفسار حانق،:متى بتعقل ؟ شيبت و انت ما عقلت !
التقطت أسنانه زاوية شفته السُفلية و يده ارتفعت لوجهه ماسَّاً شعيرات لحيته التي نالت الرمادية من ثلاث منها،عانقت نظراته نظراتها المعقودة بجديَّة،هو يعلم و هي تعلم أن العُمر بريئاً من شَيبه،فالقهر كانت لهُ سطوته باصقاً عليه رماده الخانق..،ابتسم لها ليقول بمُسايرة،:الجنون ما يعرف عمر "تساءل" ها بتجين ؟
بتصميم قالت،:أكيد لا مابجي،"رفعت ذراعها تنظر للساعة مُردِفة" و اصلاً صار وقت الصلاة
هَزَّ رأسه بتفهم مُعَقّباً و هو يستدير ليعود لجلوسه الأولي،:على راحتش
زَفَرت حَنقها برجفة و هي تتأمله من الخلف،أمال الأسى شفتاها، فعيبه الثاني وجعه يفوق الأول أضعافاً و أضعاف،خنجر يطعن قلبها مُسَيّلاً دماء هي ليست إلا بُكاء على ذنوبٍ تُكبله..استهتاره بصلاته لا تدرِ كيف ستُمحيه من قاموس حياته..،
,،
حاضر
ساعات الفَجر السابقة
الصوتُ آتٍ من خلفه..بمسامعه المُتشربة تدريباتاً قَسرية حاول بها أن يُسبِر نبرات أغواره..هو بالتأكيد رَجُل،لكن ثخانة النَبرة تَرمز لهُ بعُمرٍ لا يَقل عن الثلاثون عاماً..اذا صحَّت نتائج تدريبات آستور ! كان مصباحه اليدوي مُوَجَّه ضَوؤه للمكتب وسط انحشار الظلام في الغرفة،حتى أنَّ الستائر الناجية بغرابة من الحَريق أحجبت التماع القَمر سوى من بضع رفيف ضوء تسلَّلَ من أسفلها مُجابِهاً هذا الليل المُتربّع فوق سواده حقائق يرجو أنَّها قد شارفت على التَعري أمامه..، تلقائيا ارتفع إبهامه بخفَّة غالقاً الضوء و حواسه تستشعر خطوات هذا الداخل المُقتربة منه..استدار بكامل جسده ليُواجهه تحت عباءة الظلام دون أن يتقدم خطوة..ذاك تَوَقَّف عن اقترابه،و هو قدَّر المسافة بينهما و التي يعتقد أنَّها لا تتجاوز الثلاث خطوات..ثوانٍ و ابتسامة بميلان سنين عُمره العوجاء طالت شفتيه و صوت الزناد يرتفع قاطعاً حبل السكون المُلتف بغرابة حول عُنقيهما..لو أنَّهُ هَرَب فقط لَرُبما لن يرسم حول شخصيته المُبهمة شُكوك لن تَبرح عَقله إلا بعد أن يَلقى أجوبتها..هو اعتقد فَور دخوله و كلماته الحـادة أنَّهُ سيواجه هُجوم،فالمكان يبدو مثلما تَيَقَّن ضحية لمؤامرة أسفاً أن مَنبتها بعيد عن أرضه..لو أنَّ هذا الداخل ادَّعى شخصيةً غير التي هو عليها لرُبما اقتنعت نفسه الهاوية للراحة،لكن النَفْس لا تُريد الشفاء من داءٍ تختنق منه الدماء تَعباً سَرمدياً..فعليه أن يرتدي الإرهاق و يتدثر بالوجع قبل أن يتحلل في بحرٍ من ضياع..تَرَدَّدَ سؤال في جوفه،ما الخطوة التالية مُحَمَّد؟ لا يدرِ هل سيتلقى تهديد أم أنَّ الذي أمامه غير مُتعاقد مع أساليب المُفاوضة..القتل قَراره و لا تَراجُع عنه..،مع نَبضاته بدأ عدّه التنازلي مُبتَدِئاً من العشرة..بعد أن اعتاد بصره على الظلام أصبح قادِراً على تمييز الواقف قُبالته و الذي بان لهُ رسم جسده المُمسك بالسلاح باحترافية أيقنته باقتراب هَلاكه تحت أنقاض هذا المصرف المَذبوح ائتمانه بأيدٍ اقتاتت على الاحتيال..وَصَل بعدّه للثانية الرابعة و خطواته الماسَّة الأرض بهمس تَحَرَّكت يساراً ..أنهى ثوانيه مُجتَذِباً جَسَدَه بسرعة خاطفة للأمام جهة هذا الداخل و بالتوالي وَطَأ بباطن يده بقوَّة مرفقه من الداخل مُربِكاً توازن ذراعه التي استجابت استقامتها للألم الذي اخترق عضلاته مُواصِلاً المسير لمفاصل يده التي انحسرت أصابعها عن السلاح..هُو بحركة سريعة مَرَّرَ ذراعه في الهواء مُعتمداً على بصره المُلاحق خيال السلاح المُستسلم لجاذبية الأرض الراغبة باحتضان دويّ سُقوطه لكن كفه الواسعة التقطته بالتزامن مع حَركة قدماه اللتان تجاوزتا المسافة القصيرة الفاصلة بين مكان وقوفهما و باب المكتب..ذاك لَحِقه بعد أن استوعب الوضع و لسانه بدأ بإطلاق شتائمه بالسرعة نفسها لجَريه..مَدَّ يَده يُناشد التقاطاً لقميصه من الخلف لكن مُحَمَّد كان مثل سَهمٍ مُنطلق بسرعة تَتَزايد كُلَّما تَوَسَّع الفراغ أمام حواسه،و هو الذي خارت قواه لأشهر تحت أشعة الشمس المُستَلَّة راحته مُبصِقة مكانها تعَب أنهك عضلاته المحكوم عليها بالركض لمائة متر ثلاث مرات كُل يوم !استمر ذاك بالجَري،بكفَّان مَقبوضتان بتصميم هَدفه الظَفر بهذا الغَريب المُلتَفّة حول وجوده قُيودٌ من أسرار لها أنياب خَفِيَّة قد تقتطع ما تم إنمائه من لَحمٍ نَتن فوق جُلودهم..تلك الجُلود المُصطبغة بسوادٍ تُصَيّره الخباثة بياض مسموم يتراءى للأعيان براءة نَقيَّة تستولي على المشاعر بدمٍ بارد..لتستحكم على البؤرة التي تُدَر منه عاطفة البَشَر..،
مُحَمَّد..ذاك الذي خَطَّط أن يكون ذهابه للمصرف سيراً على الأقدام حتى لا تكون لوحة سيارته مَصيدة له.. و ليكون الفِرار الذي تَوقعه أسهل..واصل طريقه و سُرعته لم تنخفض،برشاقة يُباغته ذات اليمين و ذات الشمال،يُمارس "تكنيكـ"ـه الخاص كمن يَجعل مُطارده كمن يلحق بخيط الغَسق، لا هو الذي يَنتهي إليه فيَمسَّه، و لا هو الذي يَكف عن البحث عنه..،عيناه بتركيز تلتقطان زوايا الطريق و أزقته،على جانبه الأيمن متاجر و مصارف و محلات مُتنوعة،و على يُسراه تَطوف السيارات القليلة في هذا الفجر الحامل على أكتافه فَحوى أجوبة لأسئلة سيسطرها على مكتبه عند عودته..،خَفَّفَ سُرعته عندما وَجَد ضالَّته و بخفَّة دَلفَ إلى أحد الأزقة الضيقة مُفرِغاً زفراته المشحونة من إشارات سلبية اجتذبتها نفسه من ذاك المصرف و دخيله..انحنى مُستنداً بكفيه على رُكبتيه مُستنشِقاً أنفاس عَميقة تُعيد تجديد مَسير نبضاته المُضطربة،لو أنَّهُ أخطأ و تَحركاته غَرَقت في بحرٍ من ثقة شائبة لأصبح مع مطلع الغد حَديث العامّة مع استهلال أهم الصُحف بعناوين يتفنن كُتاَّبها في صفَّ حُروفها للفت أكبر عدد من الأنظار "قتيل المَصرف المُرمَد ! "ضَعَّفَ من انحنائه ناقلاً ذاته لموضع التَذَلُّل حيث تتحرر النفس من كبريائها و يُنهَب من الحواس تَشتتها لتذوب انشداهاً في سجدة شُكر للواحد الأحد،عادته التي لم و لن يتركها بعد كُل موقف يَكون فيه هو و الموت خطان مُتقابلان حكمة الإله تجعلهما لا يتقابلان..،اعتدل واقفاً بعدما ذَرفَ غيث شُكره..بَسَطَ يده مُخفِضاً بصره للسلاح الصغير نسبياً،قَلَبَهُ للجهة الأُخرى و هو يَزم شفتيه بأفكارٍ تحتاج لجُرعة راحة لتنفجر..،بحركة سريعة فَتَح أزرار قميصه الأسود كاشِفاً عن بلوزته الخضراء الداكنة أسفله،خَلعه بيده الحُرَّة ثُمَّ رفع البلوزة حاشراً السلاح بين بنطاله و خاصرته..رفع يده لشعره مُواصلاً مُسلسله المَحفوظ في ذاكرة القَمر رغم اختلاف الأزمان و الأراضي،و بأصابعه بعثر خصلاته مُزعزعاً تصفيفته الأنيقة..و بهدوء يُناقض ضجيجه قبل دقائق تَقدم خارِجاً من الزقاق يَمشي بخطوات واثقة،بظهر مُستقيم و رأس مَرفوع يُتيح لعينيه تأمل صَمت الطريق أمامه..مَشى مُتناسياً ذاك الذي قد يكون قطع المنطقة ذهاباً و إياباً باحثاً عنه،تحرَّرَ من هَربه و تجاهل ملمس السلاح لخاصرته..و عند أقرب زبالة ألقى بقميصه المُتشبع بعرق تلك اللحظات المُعَقَّدة..،
,،
الوقت الحالي
الثامنة و الرُبع صباحاً
ارتفع سَقفُ السماء مانحاً الشَمس طَريقها بعد أن ابتلع النجوم تَبجيلاً لعظمة ضوؤها المُنعَكس ظَلاماً على أرواحٍ كان الأســى سُقياها..نَحيبٌ طويــل ذَوت منهُ حَنجرتها و دَمعٌ مثل حد سكين نَحَت جِراح دَمٍ شفاف على وجنتيها المَنبوذة فيهما الحياة..على قارعة الزمن وَقَفت رافعة يد رجاها تُناشد الساعات أن اجترعيني و عودي بي إلى رَحم السنين ليلدني الماضي طفل أُحادث ابنتي بلُغة برائتها،أُشاركها تَخبُّط النظر بعجائب الدُنيا و ألتحف معها تحت غطاء الراحة،حيث النَوم يكون لُعبتنا،نومٌ نَقي لم تخدش صفاؤه آلامٌ قَسرية..،على سِرير جود بات جسدها الليل كُلَّه..بَياتٌ يخلو من استلقاءٍ بهِ يُعاد ترتيب عضلاتها وعظامها الواقعة تحت رحمة الصدمة،رافعة ساقيها حتى لامست رُكبتيها ذقنها المُهترئ من ارتعاشات..،كانت تتحرك برتم يُسيّره الضَجَر للأمام و للخلف تُعيد إحياء اهتزازت مَهد افتقرَ منهُ حضنها..هذا الحُضن الذي خُلِقَ قالباً يتسع لجسد ابنتها الضئيل ليرثه بعد أن تنتهي أعمال رَحمها المُخَلَّد نَزفُه إلى الحين الذي لا تَعلمُه..يبكي دَماً على ثَمَرة خُطِفَت من أرضه عَبثاً،لشن هُجومٍ مُضاد مَبني على أساس ركَيك مَنبعهُ الكبرياء المقيت..إلى الحين الذي قد تُضَمَّد انكسارتها و تُستَرجع أنفاسها المنهوبة براحتي الفَقد..،الدقائق تَمضي تحت أنظارها المُصَوبَّة للساعة المُعَلَّقة..حركة العَقرب تشعر بها تنعقد وجعاً بدموعها حاجبَين عنها الرؤية،ذراعاها تُحيطان بساقيها و الكفَّان لازلا يعيشان انقباضهما،عباءتها لم تسقط عن جسدها السابح في حُمم تَكاد تَجزم أنَّ روحها اختنقت من رائحة كيّه لجلدها الخَمري..ليصبح الخَمرَ عَلقماً لا يستسيغه لسانه المغرور..،خــواءٌ مُوحش يتسرب إلى دواخلها،مُبصِقاً شعور أليم اسمهُ الوِحدة..نعم تَشعر بالوحدة و الغُربة رداء خانق يُحيط بروحها..غَريـبة هي عن كائن احتواه جَوفها،و اخترقت نبصاته حُجيرات قلبها..كيف لها أن تُقابلها و هي التي هُجّرت ظُلماً عن وطنها ؟ بأي اللُغات ستُحادثها..بلُغة الحِرمان ؟ أم بلُغة الأمومة المَسلوبة ؟ أسينطُق لسانها مُعترفاً بجُرم والدها ؟ سيقول أن الذي احتواك لخمسةِ أعوام كان الذي شَوَّه فِطرتي..و سَرق أحاسيسٍ هي إكليل من زَهرٍ أبيض يُحيط برأس كُل أنثى..،بأي الوَجوه سأقابلكِ أخبريني ؟!
،:جــنان
تَصافق وَهن لأهداب عينها اليُسرى نَتَجَ عنها تَحرير لدمعة أُخرى أبت أن تَسكن قنوات دمعها دون أن تُشارك أخواتها العَويل..حَرَّك البؤس عدستيها لتصطدم الرؤية بوجه نُـور التي للتو تنتبه لوجودها..نُور التي نَسَت ما نَفثتهُ بقسوة على قلب عبدالله عندما استقبلت الخبر فور عودتها من المشفى،و كأن لَوحة جنـان المرسومة على مقصلة الإعدام كفيلة بمَحو ساعاتها الماضية التي قضتها تعض أصابعها نَدماً على ماضٍ بعيد لم تظفر من سنواته سوى الانكسار و الألم..وماضٍ أقرب ألبسها رداءه المُبهَم،هامساً لها بتشويش عن ارتباط عوامل الماضي البعيد بنتائج القريب..لكنَّها تُشيح بمسامعها خشية اختراق رصاصة الحقيقة ضميرها لتُصيره أشلاء يُحال تَجميعها..،
هي اقتربت من جنان حاطَّة بيدها على كَتفها المَحنيه أثقال تكالبت مابين وَجعٍ،انكسار و أسـى..بيدها الأخرى احتضنت بَلل وجنتها و ازِعةً نظرات تُريد بها الامتزاج مع نظراتها المَسلوبة الفَرح..نَطَقت هامسِةً بحنان تَقَوَّسَ لهُ فَمها و ارتعشت منهُ شفتيها الذابلتين،:جنان يا عُمري بس وقفي دموع،من جيت للحين هذا حالش
اقتربت جود تُشاركهما السَرير مُعَقّبة،:و من قبل لا تجين،صار لها ساعات و هي على هالحال "أكملت بابتسامة و بنبرة رقيقة أرادت بها أن تجذب انتباه قلب جنان" تبين تقابلين جَنـى وانتِ بهالحالة ؟
شهقة مَبحوحة معدومة الصوت غادرت صدرها المُتشعبة فيه تَحَطُّمات شهقات..نبضاتها أصابها وابلٌ من صَيبٍ بعد قَحطٍ أودى بينعها و أحالهُ إصفرار أشبه بالسُقم،بَلَّلَت شفتيها و تصافق الأهداب أجَّجَتهُ رياح الاسم الذي نطقته جُود..أنفاسها ازدردت ثقلٌ صَعَّب مسيرها من رئتيها لأنفها حتى تعالى صوت تَنشقها..نَطَقت و الحُروف تلذع لسانها المُر،:جَنــى !
أكَّدَت نور و أناملها تتشرب فيض عينيها،:أي جَنى،اسم بنتش جَنى و مشتــاقة لشوفتش
استنشقت نَفَس عَميق يُعينها على احتواء اضطراب حَواسها لهذا الحديث،فهذا الكَم الهائل من الاعترافات المُغدَقة بمشاعر تَوق تُعانق عُنقي الأم و ابنتها قُدرتها المشروخة لا تقوى على حَمله..،أحلَّت عُقدة ذراعيها فاتحةً المجال لساقيها لتخفضان في جلوسٍ مُتأهب لسماع المَزيد و لو إعوَجَّ كاهل قلبها..بظاهر يديها مسحت دمعها الغافي وسط عينيها و المُتسلل حتى وجنتيها،تساءلت ببحَّة مجروحة و عدستاها تتحركان بتخبط على وجهي نور و جود،:تعرفني ؟
احتضنت جود ذراعها مُجيبة بشقاوة بها تُزيح الأتربة عن جراح جنان عَلَّ التِئاماً مُستحيلاً يَعقدها،:قولي الا حافظتش،تعرف كل صغيرة و كبيرة عنش و ما ترضى احد يقول شي مو زين في حقش
أكملت نـور و هي تُعانق ذراعها الأخرى،:ما تنام الا بعد ما تتأمل صورتش و من تقوم من النوم أول وجه تصبح عليه وجهش
ضَمَّت شفتيها للداخل تُخفي فصل الارتعاش الواصل لذروته،لكن الدمع كان لهُ كلمته الكُبرى ناشِراً أجنحته الضخمة على سفوحها القاحلة..أخفض اليأس رأسها تَطارادً مع إعتلاء البُكاء..لتبدأ سنين نَوحٍ جَديدة،سنون لها بدايات لَهيب لَوعات و منتصفها شتاءٌ سُحبه لا تُفرِغ سوى جليد الغَصَّات المُلتفة حول عُنُقِها..لتنتهي بتصدعات لا يُمحى أثرها،تُنحَت في ذاكرة القلب لتستفيق مع ارتفاع أي نبضة..،قالت جود باستنكار،:جنــان احنا قاعدين نقول هالكلام عشان تفرحين مو عشان تصيحين مرة ثانية !
أمال الضعف رأسها و كتفها أرفعهُ الضياع،:مو ذنبـ ـي،هالكلام يحزني أكثر مما يفرحني،كل هاللي تذكرونه انا انحرمت منه "شَهقة اقتطعت مسير حروفها ناشِرةً القهَر فوق سماءِ ملامحها المَبهوتة،أردفت بتقطع مَرير"خَمـ ـس سنين مو شويه جود خَمس سنين انحرمت من إحساسي كأم "أصابعها تَخللت خصلاتها عند أعلى رأسها ضاغطةً مُحاولة امتصاص أفكارها الجارفة روحها لغَرقٍ قاتل،أكملت بأسف أوجع قلبيهما" ما حملتها على صدري أول ما ولدتها،ما شفتها أول مرة انقلبت،أول مرة حبت و مشت،مادري شنو أول كلمة نطقتها،شنو تحب شنو تكره "واجهتهما بعينيها المذبوحتين لتقول" بدل ما يكون ذكر بنتي مرتبط بساعدتي اخوكم خلاه سبب لتعاستي
مشاعر نور الواقفة على مُنحَدر الانفجار أسرعت بها لاحتضان جسد جنان المسلوب رداء سعادته كما هي تقول و كما هم يعلمون..شَدَّت من ذراعيها تجتذب ما قد غفى من إشارات سلبية بين حناياه..هَمسَت لها مُستلَّة ضيقها،:حبيبتي احنا ما نطلب منش تنسين او تسامحين فيصل،ابداً ما بنكون انانيين و اتأكدي احنا واقفين في صفش مهما صار "ابتعدت عنها تسمح لعينيهما بالإلتقاء مُواصلة بابتسامة ناعمة" بس لا تواصلين الحرمان بحرمان،الحمد لله بنتش اللحين قريبة منش،صحيح ما يتعوض اللي راح بس اللحين تقدرين تسوين كل اللي تبين لها،عيشي الأمومة لحظة بلحظة و لا تتركين الماضي يصير عائق بينكم،انتِ محتاجة بنتش،و جنى بعد تحتاجش "ضَغطَت على كتفها بقوَّة و من عينيها أطلقت سهام تشجيع" صيـري قَويَّــة عشانها
بَصرها ينتقل مسكيناً بين عيني نـور،مادةً يَدُ روحها تطلب عَوناً لتمزيق عباءة الضعف التي ألبسها إياها فيصل،مُحاكة بخيوط ذُل لها مَلمس قاسٍ يُعجِب كبريائه الأحمق..هي تُريد هذه القوَّة التي يتكلمون عنها،تَقَرَّحت يداها بَحثاً عنها مُنذُ أن قَطَع حَبل الوِصال بينهما،أسفاً أنَّها عثرت عليها بين كفي أحمد غافية،ارتدتها بزهو و فَخر لاستقامتها بعد نبذه..لكن عَودة واحدة كَسَرت عُنُقِها المُعتاد على مُحادثة الأرض..فالسَمـاء لم تَكن دارها أبداً..،
حَرَّكت عينيها جهة جُـود التي نطقت،:اتصلت لعمتي خبرتها،شوي و هي جاية ويا علي،قلت لها تجيب حقش ملابس
أيَّدتها نور و هي تقول،:ايـــي قومي حبيبتي تسبحي على ماتجي امش عشان تغيرين ملابسش و تقابلين جَنى بأحلى طلة
هَزَّت رأسها باستجابة و هي تقف بتعب وَضحَ من انحناء جسدها و ذُبول ملامحها..خَلعَت عباءتها كاشفة عن ملابسها البسيطة،بنطال "جينز" أزرق فاتح و قميص بيجي من الشيفون الثقيل بأزرار ذهبية أنيقة..تَركتها على السرير ثُمَّ خَطَت بخفَّة جهَة المرآة..اقتربت حتى التصق بطنها بطرف التسريحة،بباطن أناملها لامست بشرتها الغائبة خلف ستارٍ من إصفرار يُثير الشفقة..قابلت عيناها المُتخذ الانتفاخ و الاحمرار حيزاً كبير فوق جفنيهما..بتنهيدة مُشبَّعة ضَجَر قالت،:اعتقد حتى مكياج خفيف يبي لي لا اصدم البنت
عَقَبَّت جود،:اللي تبينه سويه بس اللحين دخلي تسبحي عشان تجي عمتي انتِ مخلصة
تراجعت عن المرآة لتستدير مُتوجهة لدورة المياه..فور إغلاقها للباب التفتت جُود لنور التي غَطَّت وجهها بتعب نصفه نُعاس زافرةً إرهاقها و هي تقول،:وضعها صعب "أخفضت يديها مُردفة" الله يهديك يا فيصل
،:نـور
نَظرت لها مُهمهمة لتنطق جود بهمس مُتردد،:جنان قالت كلام و هي مو في وعيها
عُقدة عدم فهم بانت بين حاجبيها مُتسائلة،:كلام شنو ؟ ما فهمت !
ألقت نظرة جهة دورة المياه ثُمَّ استدارت لها و هي تقترب مُجيبة،:كلام عن المُشكلة اللي بينهم "انكمشت ملامحها بقلق مُردفة" شكله الشي كبيــر نور
تساءلت باستفسار،:امي و ابوي كانوا موجودين يوم تتكلم ؟
هَزَّت رأسها بالإيجاب لتقول،:كلنا كنا موجودين بس ما كان الموقف يسمح ان نتكلم في هالموضوع و لا حتى حالتها كانت تسمح
بتفكير قالت،:و لا اتوقع انهم يتكلمون،على الأقل خلال هالفترة " وبحدَّة مُحَذّرة أكملت" و انتِ بعد لا تجيبين طاري الموضوع و لا انا ابي اعرف شي عنه
باعتراض،:بس نــو
قاطعتها و هي تستلقي على السرير،:خلاااص جود قلت مابي اعرف،خليني اغط شوي على ما تطلع من الحمام
زَمَّت جود شفتيها بقهر و هي ترى كيف تجاهلتها و أغمضت عينيها..أرخت شفتيها و عيناها تنحفضان لأصابعها بشرود..فأحمد ذاك الذي نطقت جنان باسمه أعادها لهاتفها فوق تسريحة غُرفة نومهما هي و علي،تلك الليلة التي قرأت فيها المُحادثة..،
يتبع
|