لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-12-15, 03:33 PM   المشاركة رقم: 371
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Sep 2014
العضوية: 277449
المشاركات: 12,423
الجنس أنثى
معدل التقييم: همس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 17240

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
همس الريح غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : simpleness المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: ذات مُقيّدة حوّل عُنُقِ امْرَأة / بقلمي

 
دعوه لزيارة موضوعي

شفت اسمك يا الغاليه و جيت اربع ربع ..
في انتظارك يا جميله
لاننا اشتقنا و اشتقنا و اشتقنا

 
 

 

عرض البوم صور همس الريح   رد مع اقتباس
قديم 11-12-15, 09:50 PM   المشاركة رقم: 372
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Nov 2015
العضوية: 306797
المشاركات: 8
الجنس أنثى
معدل التقييم: وداد الخالدي عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 12

االدولة
البلدIraq
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
وداد الخالدي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : simpleness المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: ذات مُقيّدة حوّل عُنُقِ امْرَأة / بقلمي

 

بصراحة طريقتك في الكتابه رائعة جدا واستخدامك للمفردات اكثر رووووووووووعة انا مثلك كنت اكتب روايات لكن للاسف تركت هوايتي التي احبها لانني تزوجت وانشغلت بأولادي اتمني لكِ التوفيق والاستمرار تحياتي لكِ يامبدعة

 
 

 

عرض البوم صور وداد الخالدي   رد مع اقتباس
قديم 11-12-15, 10:52 PM   المشاركة رقم: 373
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Sep 2014
العضوية: 277449
المشاركات: 12,423
الجنس أنثى
معدل التقييم: همس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 17240

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
همس الريح غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : simpleness المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: ذات مُقيّدة حوّل عُنُقِ امْرَأة / بقلمي

 
دعوه لزيارة موضوعي

حبيبتي وداد
اكتبي و اخطفي لحظات من الزمن لهوايتك ..

 
 

 

عرض البوم صور همس الريح   رد مع اقتباس
قديم 11-12-15, 11:51 PM   المشاركة رقم: 374
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: Aug 2015
العضوية: 300973
المشاركات: 633
الجنس أنثى
معدل التقييم: simpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 475

االدولة
البلدBahrain
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
simpleness غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : simpleness المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: ذات مُقيّدة حوّل عُنُقِ امْرَأة / بقلمي

 

بسم الله الرحمن الرحيم

تَوكلتُ على الله


،



الجزء السابع و العشرون

الليلة الماضية


استعارت رداء الليل مُتَوَشّحَةً بعباءة السماء..احتفظت عند القمر بما سَكَبتهُ الساعات الماضية،و التمست من النجوم بضع بريق ارتشفتهُ عدستاها الخوايتان من أمل..لاذت إلى حضنه الدافىء حيثُ بين شيب شعره استكان حنانٌ لَوَّحَ لها ذات ماضٍ ذكراه تَيهٌ و وحدة ترتطم بجدار الروح فازغة سُكون الفرح السابح في جوفها،هي امتزجت بما نما من حروفه وسط بياض الكُتب النائمة أسفل وسادتها،تلتمس من اصفرار أطراف أوراقها شُعاع حُلمٍ يُباغت سُهادِها..لم تعلم أن القدر ستبتلع أرضه البحار و سَتُنْبِت من حشائشها جسورَ وصال تُهدهد روحها إلى أن تَتَلقفها يَدُ حنانه..،أتَتهُ على غفلة من ضياع،تبحث عن سؤال اطمئنان يُذيب ما تَخَثَّر من جليد حول ذاتها،أرادت أن تُبصِر انعكاس ابتسامتها في عدستيه الوارثتي الأبوَّة فِطرةً و العطفُ على الأنثى شمسٌ تصطبغ بشعاعها حدقتيه..استنطبت كُل ما افتقرت منهُ حياتها المُعوجة من رعدٍ أضاع طريق السماء عاكِساً مَجراها من بَوحه و التصاق حروفه،وحدة القلب حاجتها لتبرير هذا التنويم الذي أوزعتهُ على حواسها كلماته الناقعة في سُكَّر لم يكتمل نقاؤه،لم تنسَ ذلك اليوم الذي اعتزل قَلمَه مَسير غزله و عشقه المسفوح على بياض الكُتب،تَكفيراً لذنبٍ أجرمه دَفعَها للاحتماء أسفل مَظلّته المُحَرَّمة على أرضها المُراهقة..،تأنَّقت ببساطة تبرز ملامحها الذابلة من طوفان عشق أبى أن لا تنجلي آثاره..الجسد انطوى أسفل خيوطٍ من الأرجوان تضيق حتى أعلى رُكبتيها،كاشفة عن ذراعيها المُحاط رسغ يُمناها بإسوارة ناعمة تَتدلى من رفعها لكفها الماسَّة أناملها جانب عُنُقِها،تَسييراً لقافلة الأفكار المارَّة على صحراء قلبها..عيناها مُتَسَمّرَتان في طبقها المأكول أقل من رُبعه،و بقاياه وقعت رهينة للشوكة الحائرة في يدها،أهدابها لم يَزرهن تصافق يقطع طريق تَصَوراتها و خيالاتها النابتة من جذور غيرة أودعتها ياسمين قِسراً بين تُراب أرضها المُخَضَّب بدماء الفراق..،
،:جنـان
باغت قافلتها صوته،رَمَشت بخفَّة ثُمَّ رفعت الشَوكة لفمها تتناول قطعة دجاج غارقة في الجُبْن كغرقها في جُبنِها المُقَيّد لسانها من الاعتراف..،اجترعت اللقمة قبل أن تَنطَق ببحة اكتسحت نبرتها،:نعــم
تَرَك ملعقته في الطبق قبل أن يدفعهُ بخفَّة و هو يتساءل،:في شنو شاردة ؟
حاولت عضلاتها أن تَتَعاضد لشد طرف شفتيها كَشفاً عن زَيفُ ابتسامة تآكلَ جَمالها من صديد ارتعاشات،أجابت و هي تُخفِض رأسها لتَستَتر مُقلتاها خلف تمويجات شعرها الحاجبة عنه قراءة تخبطها،:و لا شي،مو شاردة في شي
هَمَهم و هو يَتراجع للخلف ليستند و بين عينيه تطوف إمارات عدم الاقتناع..فالأنثى التي أمامه عايشها عدد نصف عمرها،شَهِدَ مقطوعات ارتباكها العازفتها أهدابها عند اشتداد الموقف،فهو قضى أعواماً يُسبِر أغوار ذاتها اللاطمة خَدَّها يَدُ الحياة السقيمة و بالكاد استطاع أن يفهم ردَّات فعلها اتجاهه،عيناها الناظرتان لهُ بعدستي الإلتجاء،حيثُ الأمان المَغزى،يَعلم و جيداً أين هُو في قلبها،أين يستقر وجهه،و بأي الطُرق تمتزج روحه مع روحها،تعشقه عِشقاً كان يَخشى أن يُناقض عِشقه،حضنهُ كان مَثواها مُنذ أن سايرها لسانه ناطقاً بالموافقة المُرتَدية عباءة مصيره الذي رَسمهُ أمام عينيها قبل الغَرق..و لكنها رفضت الرضوخ لرسمٍ نادراً ما تَخطئ خطوطه حَواسه..فهو كان و بعينين مُغمضتين يثق بأن ذَبحُ ذاك ألقاها عند أعتابه،مثلما ألقتها صدود أهلها عند كلماته..،
اجترعت لُقمة أخرى سَريعاً قبل أن تقف بهروب تَيَقَّنت منهُ حواسه المشدوهة إلى سَكناتها..تساءلت و في يدها طبقها و كأس الماء الفارغ من شدَّة توترها،:خَلَّصت ؟
هَزَّ رأسه رافِعاً الطَبَق إليها لتتناوله من يده دون أن تَتَكاشف مع نظراته الناحتة لَوماً وسط ضميرها..دلفت للمطبخ لينحسر الحِجاب الذي ألبستهُ مدامعها،فالخَدُّ بات لا يُمسي إلا على غَيثُ عينيها المالح..افلتت يديها الأطباق في المغسلة قبل أن تَتَسَلَّق جَبَلُ الأسى حيثُ عند قِمَّته المشروخة استكان ظاهرها تَثبيطاً لعزم شهقات تَكاد تَكسر قيود الصمت المُكَبّلة بها نحيبها عندما التقت أحمد قبل ساعتان،لكن صداً تكالب فوقها مُتَغَذِياً على قوَّة حلقاتها واحدة واحدة..ليكون الإنهيار مُفجِعاً و سافِكاً لحصونها الواهية...،
،:مُمكن نتكلم
جفناها سارعا لاحتضان بؤبؤيها الجَزعين من نبرته القاصدة قلبها المُذنب..حَمَدَت الله سِرّاً أن ظهرها يُقابله،و أن الدَمع لم تلتقطه أنظاره التي لم تعِ أنَّها أبصرت مَعنوياً بُكاءها..،بكَفيَّها أزاحت البلل عن وجهها،أرجعت خصلاتها خلف أُذنيها و هي تُمَرّر لسانها على شفتيها تُزيح بقايا ما انسكب..رَشَّحت صوتها قبل أن تستدير إليه و خاطرٌ واحد ارتدتهُ خلاياها لتَتَصدَّى لهجومه القريب،نَطَقت بخفوت حاولت أن تُوازن نبرتها و عيناها تُلازمان الفراغ،:انا ابي اكلمك قبل
اقترب من مكان وقوفها..ذراعيها معقودتان بقلة تماسك على صدرها،الأهداب لم يتنازلن عن ألماس مُقلتيها ليبقى غافياً فوق التواءهما الرقيق..احمرار التف عند قِمَّة أنفها يُعاكس بُهوت مُصفَر اجتذبت خيوطه مغازل خديها..قدماه توقفتا تاركاً خطوة تفصل بينهما..باطن يُمناه استقرَّ على حد المغسلة خلفها،و الأخرى استراحت على خصره،بتساؤل ينضح اهتمام،:شنو بتقولين ؟ اسمعش
خَطُّ ارتباك زَمَّ شفتيها قبل أن تُرخيهما بزَفرة حَملت لهُ معاني الاضطراب الذي تعيشه دواخلها..أجابتهُ و العينُ في العين،:زوجتك قبل جم يوم جتني البنك
عُقدة استنكار قَرَّبت ما بين حاجبيه و من بين شفتيه ارتفعَ هَمسٌ مُتَعَجّب،:أنفال ؟ ليــش !
بسبَّابتها مَسَّت الطَرف السُفلي من وجنتها و هي تقول،:تعرف سوالف الضرة،انا ماعندي مشكلة تبي تجي تكلمني بس مو في شغلي،انحرجت قدام الموظفين و صارت لي مُشكلة مع المُدير و
هَمسُهُ انحرف مع تَيَّار أفكاره الجارَّهُ إلى بؤرة الغرق،:فيــصل
تَصَدُّع أحكم قَبضته على عضلات فكّها مُروراً بوجنتيها حتى صدغيها اللذان تَفَرَّعت من بين مساماتهما أبخرةَ نيران التهمت جواها حتى بات أنفُها يختنق من نتانة ما التوى إثمُه..،ازدردت ريقها المُتَحَجّر من تَراشق سِهام تأنيبه المُنطَلِقة من قوسٍ مَضى على تأهبه للقتال قُرابة الثلاثة أعوام..تحديداً مع دقة الساعة التي شَهِدت رجائها..،و عينيها تُبصران صدره المُساير سمفونية أنفاسه المُثقَلة،صوتٌ كافح حتى استعار بضع قوَّة،:ايـــه فيــصــ ـ
فَغرت فاهها تُناشد ذرات الهواء للنجاةِ من التهام الاختناق لأنفاسها المنحورة فوق سيف ذِكره..التوت عَضَلَة في بطنها ساهمت في تأجيج رَغبة الاستفراغ الحائمة بالقُرب من حَلقِها و ضحكته الساخرة المائلة فوق مُنحَدَر الخَيبة زَعزعت طبلة أُذنها..اقترب هامسِاً بألم أعادها لتلك السَّاعة حيثُ عُمِيَت بصيرتها عن ألمِ مُستَقبل ناح في عينيه،:حتى نطقش لإسمه يأثر فيش ؟!
التقطت عدستيها الغائبتين خلف سماءٍ من ضباب عدستيه العاكستين وَجَعُه،برجـاء نادتهُ تُطالب تَكفيراً لذنبٍ قَطَع أوردته و شرايينه حتى سالت دماؤه في قلبه و هي التي ذّوت حُروف اعترافها به فوق لسانها القاحل من يَنعِ شجاعة،:أحمــد لا تصير ضدي
تَركت كَفّه خصره سابِلاً ذراعه بقلّة حيلة و كتفه أرفعهُ النَدَم ناطِقاً بعينين لم تُفارِقان ذوي ملامحها،:ما كنت ابي اصير ضدش،بس انتِ اللي ارغمتيني
تَنَشَّقَت بصعوبة و فَمُها زاحمَهُ جَيشُ ارتعاشات أمالهُ للأسفل تطارُداً مع اعتلاء البُكاء..،رأسهُ التفت لليمين و اليسار على أرجوحة يأسِه المُحَرّكتها رياح عِشقٍ أبى أن لا يُغادر وَطن زوجته..أفصَحَ لسانه عن لَومه الذي أجبرَها على عَضّ أصابع ندمها مرة و عشرة،:حَذَرتش يا جنان حَذَرتش ألف مرَّة بس ما سمعتين كلامي "يده تركت استنادها من خلفها لتُشارك أختها الإسبال مُردِفاً و الأسـى من فوقه سَحابة تُمطِره بأوجاعها" و أنا للأسف طاوعتش
لسانها تَعَلَّقَ بصهوة خيلها الأعوج،:لأنــي أحبك أحمد
أصابعه أزاحت نظارته حمايةً لها من ذوبانٍ مُشفِق للذي تَحَطَّم وسط محاجره..الألمُ اقتات على شفتيه راسماً خَيبةُ ابتسامة أسعرت غَفوتها الطويلة،سُبات انطوت بسببه في جُحر جنونها..ارتَدَّت خطواتها من ثقل انكساراته المُتَسَلّلة بوجع من عينيه السابرتين أغوار قلبها الخائن..،أعلم أنكِ تُحبينني،و إنما تَعشقيني،بل أنتِ قد ترثين قلمي لتَخُطين بنبضاتكِ غَزلاً هائم لي وحدي..فكُنتُ الثلاثة اللذين ساقوا لقلبكِ الظمأ،التبستهم،تقمصتُ ذواتهم حتى باتت ذاتي مَنسية،تجانست مع محاليلهم التي أودعتها حاجتكِ الغاشية عينيك في عروقي..أصبحتُ اللا أنا و أمسيتُ هُم ضميرٌ تَبَنَّتهُ حواسي ليعود عَلي إن ضاع عنكِ الطريق يوماً..،و أسفاً أن يَقيني عانق قِمَّة صدقه لامِحاً بمنظاره الدقيق تَكالبُ عِشق ذاك في روحك،من بين خلجاتك يصلني رفيف حروف اسمه تَتَصافق على جُدران جَواكِ ناشِرةً أجنحة النَوح و الاشتياق..ألم يَلتمس لَيْلُ عينيكِ ضوء قمري النافذ من مشكاتي المُعتنقة أنوثتكِ السادية ؟ ارتويتِ من أغدرة كلماتي،و أحكتِ بحروفي ظفائر أمل تَتَسَلَّقين بها سماء أحلامكِ الخالية من وجودي،فكُل ذلك نَسَفتهُ عودته،فحاسَّتي الحاذقة كانت تتنبأ لنهايتي بالخُسران،و ها أنا اليوم الفارس المُضحّي أسقط من فوق بُرجي العاجي المَبني بأنامل وَهمك مهزوماً على يد فارسك المُهاجر..،
ارتداها و كأنهُ بها يُكبِح سيله العلقم..نَطَقَ و النَبرة استحوذت عليها سُخرية ناقعة في المرارة،:ادري تحبيني،تحبين الشخصيات الا لعبتهم في حياتش
تَحَرَّرَت من قيود الصمت قاصدةً بلهفتها النادمة إليه،تَلَقَّفَت بكفيها ذراعه جارةً حروفها من قبضة الغَصَّات،:أحمد أرجوك أرجــ ـوك افهمني
دَنى منها مُقَرّباً رأسه ناحية وجهها السابح في بَوحه،بتساؤل غَرَضَهُ صهر حديد ضميرها،:افهم شنو جنان ؟ شنو ! قولي لي
انتظر جواب و عيناه تجولان أرضها الرطبة، و لكن لم يصطدم بالسَمع سوى رَعدُ الشهقات..زَمَّ شفتيه قبل أن يستنشق نفساً يُعينه على إطلاق رصاصاته،:لا تحسبين لاني ساكت يعني مادري بشي،تراني اشوف و احس،من رجع فيصل و حالش انقلب ،حتى شوفة ماقمنا نشوف بعض،مو هذا اللي نسيتيه ؟ يعني اللحين لازم ما يأثر على مجرى حياتش صح ولا لا ؟
عدستاها غابتا خلف جفنيها الراجفين من وجع اللحظة،و كفّاها انتبذا قِمَّة الرجاء ليرتفعان بالتصاق عند شفتيها الذاويتين من جفاف،:لا أحمد صدقني ما راح يأثر مــ
قاطعها بتأكيد،:يعني يأثر ! "تراجع للخلف مُردفاً بابتسامة جانبية " انتِ كنتِ تدرين اني بكلمش بهالموضوع،فتحججتين بموقف أنفال عشان تفلتين من العقاب،على العموم لا تنتظرين اني اهاوشها أو ألومها "كفّه أمسكت بباب المطبخ مُكمِلاً" أنا من غير شي متعاطف مع وضعها شلون بعد ما عرفت ان اللي اخذتها عليها للحين عايشة على ذكرى طليقها !



اليوم
ساعات الفَجِر الأولى


اجترعتها غَيهبات الليل الحائكة خيوط نَهرٍ من سواد تَلتَف حَول قلبِها خانِقةً النبضات مانعةً لهفتها من مُعانقة الأمل..قَمَرٌ و صَمت،سَماءٌ و بَحرٌ من نجوم بَكَت محاجرها لموت ربيع عُمرِ أُنثى عاشرت الحُلم فَكان الواقعُ جَلَّادها،لاعبت نَسيم الهوى فكان الذَبحُ هاويتها..طِفلٌ و ابتسامة،ظَهرٌ إذا ما جارت الدُنيا ببلواها على فَرِحها،سَقفُ دِفئٍ و نومٌ يتدثر الراحة و يَتَوسَّد الأمان..هذه كانت لَوحة طفولتها..رَسمتها بِزَهو مُخَيلتها البريئة و الجَوى امتَصَّت جُدرانه عَبَقَها الحالم..لكن الألم ارتدى ثَوب إصراره سافِكاً ألوانها مُصَيّراً زَهرها الأحمر دماء ضياعٍ و خَوف..فكَيف للعَين أن تُناشد أجفانها و الذَبحُ جَيشاً يَحوم في سمائها المثقوبة ؟ ثقبٌ تُستَفرَغ منه ابتساماتِها و تنتحر عنده أفراحها..،أنفاسها تَرتطم بخواء الدفئ بعد أن قَيَّد البَردُ أطرافها،زاوية المَسبح الداخلي تَلَقفت شتاتها و بين تَصَدُعات الجدار انحشرت ارتجافاتها،يَرتفع النَفَس حاملاً مَعَهُ فُتات روحها،زَفيرٌ تَتَكَسَّر منهُ أضلاعها الذاوية من قُدرة،فهي قريباً ستَستوي حُطاماً بهِ هُو يَعزف موسيقى نَعيها..،ذراعيها الغائبتان خَلفَ رداء الاستحمام ضَعَّفا من احتضان ساقَيها المرفوعتين لصدرها المُلتاع من الأســى،عيناها مُتَصَنَّمتان على جَسده المُلقى بِبُعد نصف متر عنها..الدَمعُ احتَكَر وِسعَهما ناثِراً أمطاره على وجنتيها المَبهوتَتين..قَبضةُ ارتعاشات استحوذت على ذقنها و شفتيها المُفتَقرتين للحياة،و اصطكاك أسنانها الحاد يُسابق الثواني في شق طريق الزَمَن،عَلَّ مُستَقبَلاً يحمل في رَحمِه نَقاء عَيش..،مَضت ساعة مُنذ أن عايشتها الصَحوة بعد إغماءٍ كان نَتاج قَبضة حَديدية قَيَّدت أنفاسها..لا تدرِ كيف غابت خلف ضباب اللاوعي و كيف استسلمت خلاياها للسكون بعد أن مُرّغت بتراب الصَدمة و الخوف..،زادت من انطوائِها و علامات الإفاقة تَلوح على جسده و ملامحه المعقودة،،ضمَّت شفتيها للداخل تحتضن شَهقة تُناشد فِراراً من حَنجرتها المجروحة،ارتفع صَوت تَنَشُّقِها المسجون و هي ترى كيف استَقَرّ باطن يده على الأرضية الرُخامية ليستند عليها رافعاً جسده و الأخرى استكانت فَوق رأسه تُمَسّد جانبه من ألم واضحٌ على وجهه..فَتحَ عينيه بعد أن استوى جالساً على رُكبتيه،يَده غادرت رأسه حتى فخذه،عدم الاستيعاب ألان ملامحه و عيناه ببطئ تَتَحركان على المكان و استغراب يُسَيّرعَدستيه..أخفض بصَره و عُقدة خَفيفة بانت بين حاجبيه و عَقله يُجاهد ذاكرته لعَصر الأحداث الماضية التي أتت بهِ إلى هُنا..كان قد عاد للمنزل في تمام العاشرة و النصف و عَطَشٌ ساحق يُباغت خلجاته،رَفعَ عينيه و هو يستذكر خطواته التي اتجهت للمطَبخ ساعتها ليصطدم قَلبه بسَهمٌ مُلتوي عَبَر نياطه بقَسوة..طيرٌ على عتبات الضُعف تَذوي أجنحته في الزاوية،بقايا قطرات يتضح جَفافها بين خصلاتها المُمَوجة،رجفة هَلَع انتقلت لخلاياه التي تَفَرَّقت بشعواء فَزِعة من صورتها المَحنية انكساراً..،اتساع ابتلع ارتخاء أجفانه و فَوَّهة صَدمة عَبَرت ما بين شفتيه بها هُو يَلتمس بضع ذرات هَواء تلتقط معها ما تناثر من لقاح الشك فوق صدره..تَتَبَّعت عيناه خَطٌّ أصبح كَحد السيف الناظر لعُنُقِه بتهديدٍ يُنذِر بالنَحر،على وجنتها اليُسرى بُصِق طامِساً لونها الباهت..واصل مسير نظره إلى عُنُقِها المحشور بين طَيَّاته العَبِقة بُقَعٌ جَفَّت بعد أن شَهِدَت تَعذيباً غابت أحداثه القاسية عن ذاكرته المعلولة..،حَبوٌ مَخطوف الأنفاس كان مَطيته لها،ارتطم صدره المُضطرم بنيران جُنون أطلاله نالت من نعومة زوجته بساقيها المرفوعتين،كَفّه بارتجاف سيقَت إلى قارعتها المُتَصَدّعة الملامح،عُبوس تَلَقَّفت خيوطه أطراف وجهه الغارق في ألمه و بصره يُلطَم بإشاحة وجهها المَريرة،كَيف مالت شفتيها باهتزازت وَجَع و عيناها احتواهما إغماض أحجَبَ عَنهُ بَلَلُ الدَمع،رأسُها يَكاد يخترق الزاوية من شِدَّة إبعادها له حتى لا تُلَوَّث مساماتها من لمسته..،واجهه جانب عُنُقِها لتُفتَح أغوار جِراح بغزارة الجِرح المُستَقِر في بدايته،تُقَطَّر منهُ الدماء و يُقَطَّر منهُ إكسير حياتها..مال رأسه على مُنحَدَر الأسف هامِساً بصوت أنهكتهُ البَحَّة،:حــ ــور
رَجفة شَديدة ارتَدَّت منهُ كفه المُلامِسة أطرافها جلدها الساخن،صوتها غادر صَومعة البُكاء غارِساً سَهم غَصَّاته في مسامعه،:لا تلمــ ـسـ ـني
عاكَسَ طَلبَها الوَهَن و ارتفعت كَفّه الأخرى تُشارك أختها احتضان ملامحها المسقومة،ابتلَّت راحتيه بعنفوان دموعها،وارتعاشاتها غَفَت بضُعف بين خطوطهما،و كانت الشهقات السكَّين التي بَتَرتهما..هَمَسَ لها و عيناه أشبعهما النَدَم المُبهَم أساسُه،:حـور حــوور أنـ ـا جَرحتش ؟!
جفناها سَلَّما المُهمة لعدستيها اللتان بعِتاب مَحني قابلا عَدستيه المُتَخبطتين بتَيه،أخفضتهما تُرسل إشارات أدلَّة تدحض شُكوكه حيثُ على قميصه شُيّعَت دمائِها..،لَحِق نظراتها ليلتوي عِرقه في قلبه زارعاً أشواك تأنيب تُمارس عِقاباً على ذاته الواهية المُسَوّلة جُنون لنَفسِه المُتَغذية على القَسوة،و أسَفاً كانت حمامته الأرض المُتراشقة عليها نيازكه المُدَمّرة..،
قَرَّب وجهه ناحية هَديرها الناحب و يداه تُحكمِان قبضتهما الراجفة حول وجهها الذي دَفَنهُ وَسَط صَحراء صدره لتَكُن دموعها سُقياه،صوت البُكاء ارتفع و الجَسَد استعان ببقايا قوَّته يُناشد ابتعاداً عن حُضن يُنحَر الأمان بين طَيَّاته و الشِتاء مَوسمه الأزلي ينفث شذرات جليده على روحها المُطالِبة برحيق وَطن..،أخفض رأسه يُخَبئ ملامحه المَغشيها تُراب ضَياع في عُنُقِها،مُخَضّباً عَثراته بدمائها المُمتَزِج بها عَبيرٌ على مشارف المَوت..فإجرامه لم يَكُف عن تَكفين آمالِها و حَشرِها قَسَراً في قَبر الوَحشة و الذَبحُ البطيء..بتَعَبها المركون على مَحمَلِ كَتِفِها الأعوج هَمَست لترتطم حُروفها ببؤرة قلبه المَضنية،:اذبحني و خَلّصني بس لا تعــ ـذبني
رَفَعَ رأسه بعد أن رَسَم خرائط بؤسها بحبر عُروقها على وجنته،التقطت عيناه سُفوح بَصَرِها الغارقة من خَرير سُحبَها السَوداء،بإبهامه مَسَح على الدَم الغافي أسفل ذقنها هامِساً و محاجره تَضيق من ثِقل دَمعة،:آســـف "زَمَّ شفتيه و رياح قِلَّة الحيلة تُمَيّل رأسه مُردِفاً" والله ما اذكر شي،مادري ليش سويت هالشي !
تَراجعت عَنهُ بنفور أسقمه و يدها البالية من طاقة أبعدت كفيه الحارقتين،وَجَّهت نَظرة للمشرط المُلقى على يمينها و المُتَلوّن بدمائها ثُمَّ أعادت أنظارها إليه تَلطُم جواه بسُخريتها الضَجِرة..هَمست لهُ و هي تُشيح وجهها عن ملامحه التائهة،:مابي اشوفك يُوسف
اقترب ناطِقاً و غياب اللون عن وجهها يُقلِقه،:خلينا نروح المُستشفى
عادت لتستقر في زاويتها لتقول و عيناها على كُل شيء عداه،:مابيك يوسف ابي امي
،:حــ
قاطعته بحدَّة ارتدت غَصَّة البُكاء،:ابـــي أمي ابيــهــ ــا
استسلمت لقيود البُكاء مُخفِضةً رأسها تُخفي مآسيها بين رُكبتيها راسِمةً لوحة وَجَع ستَبقى كابوساً يُلازم ذَّاته..أيُّ حُب ذاك يا يُوسف الذي تُلاحقه ؟ وأيُّ امْرأة تلك التي تحتضن بين أُنوثتها مفاتيح خلاصك ؟ أفي العشق تُهدى الدماء باقةً بدل الزُهور ؟ و إكليل البُكاء تاجُ الذُل ترفعهُ يداك فوق رأس أُنثاك ؟ قُل لي يُوسُف،انطق و صارح ذَّاتك المَنسية في تلك الغُرفة المشؤومة،حيثُ انتُهِكت البراءة و ذُبِحَت الأحلام..قُل لي كيف استطاعت يداك أن تَلوي بِتلاّتها اليانعة مُصَيّرها أشواك تَصحو على إثرها جراحها ؟! قُل لي أَثَوبٌ من بياض ألبستها أم رداءٌ بُلِيَت أطرافه من رماد نيران أُشعِلَت بحطب الماضي ؟ أعَبدٌ أنت لذِكرى أحالتكَ يَتيماً لا يَملُك سوى رَغيف انتحار و سؤالُ طِفلٍ اقترب الشَيب من السَكن بين خصلات عُمره و الجواب لا زال عَصِيّاً ؟! أخبرني..هل لا تزال الذَّات رَهنَ امْرأة عَرَّيتها من الأمان ؟ فإن كان الجواب نَعم فسَلامٌ على روحك التي ستُرفع و الذَّات في سَماء الماضي مُعَلَّقة...،
وَقَف و هُو يُخرِج هاتفه من جيبه مُلَبيَّاً رجاءها على الرغم من اقتناعه بأنَّ الوقت مُتأخر جداً للاتصال..طلب رقم والدتها قبل أن يرفعه لأُذنه و ظهره لها..،ابتسامة أسـى شَدَّت من شفتيه كانت نَتاج كلماتها المُرتفعة من بين شفتيها المدفونتين في رُكبتيها،:قول لها طحت من المسبح



اليوم
الساعة الحاليَّة


عُقدة استغراب استكانت بين حاجبيها ناطِقةً،:بس اللي كلمتني عطتني اسم هالبنك !
تساءل مُستَفسِراً،:شنـو اسمها اللي كلمتش ؟
ضَمَّت شفتيها للداخل مُبعِدةً عينيها للفراغ تُحاول أن تَستذكر اسمٌ قد تَكون تلك نَطقته،زَفَرت عندما تأكدت بخلو المُكالمة من اسمها،مَسَّت صدغها بسَبَّابتها و هي ترفع عينيها للموظف و الحرج يلتبسهما،فَتحَت فمها لتُجيبه لكن صَوتاً قاطعها من الخلف،:آنسة مـــلاك
استدارت للصوت المألوف لتُبصِر فتاة عشرينية تَفوقها طٌولاً،شَعر مُستَرسل على كَتِفَيها اصْطُبِغَت خصلاته بلون بُني فاتح جداً،عدسات خضراء فاتحة،أحمر شفاه باهت و العين يُحاوطها كحل داكن طريقة مَدّه على جفنيها أنفرتها..تساءلت للتأكد،:انتِ اللي كلمتيني ؟
ابتسمت لها و هي تقترب مُجيبةً،:اي نعم أنا "أشارت بيدها جهة المصاعد مُردِفَةً" تفضلي على مكتبي
بادلتها الابتسامة بخفَّة و رياح مُشوشة بدأت تلتف خيوطها حول حواسها،تَقدمتها للمصاعد القريبة لتُشاركان الشاب الواقف الانتظار..،

،

قبل دقائق


رَمى رقم الإنتظار في الزبالة و الذي سَحبهُ من الآلة عند دخوله المَصرف حتى لا يُثير الشُبهة،ضاقت نَفسه من المُهمة البلهاء التي أجبره آستور على الخَوض فيها،أيُّ غَباء هذا الذي أتى به إلى هُنا باحثاً عن امْرأة لا يعرف عنها شيء سِوى ملامحها قبل أكثر من عُشرون عاماً! استحقر نفسه و هو يجوب بعينيه على وجوه النساء المتواجدات في القاعة الرئيسية،فالتي ستنتبه له ستتأكد انهُ رَجُل يفتقر للاحترام و الأدب،فهي لا تَدرِ أنَّ خَلف هذا الإزار الذي يَرتديه غَصباً مَغزلة آستور هو سَيّد خيوطها..،اتجه للمصاعد فرُبما في الطوابق الأخرى يجد ضالَّته،تَوقف و يديه في جيب بنطاله بعد أن ضغط على الزر..كان رأسه مُنخَفِضاً ينظر لحذائه بوقفة انتظار رجولية،قبل أن يرفعه للصوت المُقترب،امرأتان إحداهما تبدو موظفة و الأخرى بجانبها كانت تَتَكلم..أبعد عينيه لحذائه من جديد و الحديث يصله،:بس الموظف قال لي إنَّ هذا مو رقم البنك ؟
قالت مُوَضّحة و أصابعها تُرجع خصلاتها خلف أُذنِها،:هذا رقم مكتبي الخاص،و هالموظف مادري متى بيحفظه،على طول اذا يجوني عُملاء يقول لهم هذا مو رقم البنك،بعضهم يطلعون يعتقدون إن جوا المكان الغلط
رَفَعَ عينيه بعفوية مع اتسـاع ابتسامة ملاك التي قالت،:والله حتى انا كنت بطلع توقعت غلطانة
تلك المسافة التي سَلَبت لُبّه بين الفَمُ و العين ها هو أمامها يَقف فاغِراً فَمَه و اللاحواس يُسَيّر نظراته على ملامحٍ هي تَوأم لتلك المُحتَضِنتها الصورة..أُنثى بابتسامة طِفلة هو آتٍ اليوم و مِرسالهُ نَهب الابتسامة ليُودِع مكانها جِراح مُبهَمَة العُمَق،لا يدرِ أيُّ البحار هو سيستعير لشن حَرب الغرق عليها..،تَقَلَّصت الفَوَّهة بين شفتيه و عيناه تَتَبعان دخولهما للمصعد باستيعاب لا زال مُعَلَّق على سطوح تلك البَسمة..،استقرتا في المَصعد و حديثهما لا زال مُتواصل،ضغطت الموظفة على زر الطابق الأخير ثُمَّ وَجَّهت السؤال له،:لو سمحت اخوي بتدخل ؟
بَلَّل شفتيه هازَّاً رأسه بالإيجاب ثُمَّ دخل ليترك إصبعها الزر حتى ينغلق المصعد..رفع عينيه لأرقام الطوابق،مدَّ يده ضاغطاً على الطابق الأخير تضليلاً لأي شُكوك ثُمَّ انزوى عند بداية المَصعد و رأسِه عاد لانخفاضه مُتَأمّلاً خارِطةً أفكاره المرسومة بأنامل المُستقبل المُظلَمة وجوه قَمَرِه،إذاً هذه التي ستصطدم حياتها بشقاء حياته و قَطعاً سيُورثها هذا الشقاء أضعافاً،أيُّ الطُرق سيقصد ليُواجهها ؟ و أيُّ إلتواء ماكر ذاك الذي سيرتدي قلنسوته ؟! قد يَهديها حُبَّاً ذات ماضٍ نَحر أُخريات و ألبسهن رداء الانكسار..و قد يَهديها أماناً لا يَعرفه و لا يربطهما أيُّ شيء سوى حَرفٌ ابتدأهُ اسمه،فهو الفقير المُغتَرب عن موطن الأمان و هاهي هذه بذنبٍ يجهله ستكون قَرينته في الغُربة ! لم يَكُن مُنتَبهاً لدخول الناس و خروجهم من المصعد،فعقله أذابتهُ محاليل أفكاره المُقتاتة على سُمّ اقترب من السَطو على عروقه..،
،:اخوي وصلت لطابقك
التفت للصوت،كانت الموظفة نَفسها،حَرَّك عينيه لتلك الغريبة القريبة،جفناها كانا يحجبان عنه عدستيها و اللتان قد تَحملان في صندوقهما العاكس أجوبة بها هُو يَفك شيفرة اللُغز المُحَيّر الذي ألقاه آستور فوق عَتبات عقله..أخفض عيناه و هو يشكرها بهمس ثُمَّ تَبِعهما للخارج بخطوات بطيئة،دلفتا لأحد المكاتب و قبل أن تغلق الموظفة الباب وَجَّهت لهُ ابتسامة ضاقت منها عيناها بخباثة تُوازي خباثة آستور..وَقَف مَذهولاً أمام الباب المُغلَق،لكن ثوانٍ و سُخرية تَلَقَّفت شفتيه،فالبطبع وجود هذه مع تلك مُخَطط كاذب من آستور الحاذق..،عـاد للطابق الأرضي بعد أن انتهت مُهمته،فهو قد قابلها و هذه كانت الخطوة الأولى و إلى الآن لم يتم إعلامه بالخطوة التالية..أخرج هاتفه و هو يواصل سيره لباب الخروج..جاءهُ الرد و هو يحجب عيناه بنظارته عن أشعة الشمس البارزة بقوَّة،:كيف هي ؟
تجاهل سؤاله ناطِقاً،:انا آتٍ الآن أرجو ان تخبرني بالتفاصيل
جاءهُ الصوت مُستَنكِراً،:هل خرجت من المصرف ؟
تَباطأت خطواته و عُقدة الاستغراب تلتبس ملامحه،قال بهدوء،:نعم خرجت
نَطَق بحدَّة،:لم تنتهِ مُهمتك،بقي الجزء الأهم
كان الوقوف حذاؤه و لسانه أفصح عن عدم فهمه،:ماذا تقصد،ماذا هُناك ؟
خَرَجت كلماته مُغَلَّفة بمَكر،:كُن بَطَلها
أنهى جُملته ليرتفع صوت مُزعج اختلطت به صرخات فَزَع كان مَبعثها المصرف القابع خلفه..استدار بصدمة و الهاتف يترك أُذنه بذهول مُبصِراً الخروج العَنيف للمتواجدين في المبنى،رَفَع عيناه لأعلاه و رمادية مُتكاثِفة ارتفعت من زواياه ألفتت نَظَره،ضَغَط على الهاتف بقوَّة حتى أبيَضَّت يده و قَهَرٌ حانق أحمَرَّ لهُ وجهه،هَمَس من بين أسنانه و قدماه بسرعة خارقة لَبَّتا إشارات عقله،:الله ياخذك يا آستــور




يتبع

 
 

 

عرض البوم صور simpleness   رد مع اقتباس
قديم 12-12-15, 12:33 AM   المشاركة رقم: 375
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: Aug 2015
العضوية: 300973
المشاركات: 633
الجنس أنثى
معدل التقييم: simpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 475

االدولة
البلدBahrain
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
simpleness غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : simpleness المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: ذات مُقيّدة حوّل عُنُقِ امْرَأة / بقلمي

 

حتى لا تُلقي عليهن خطوط شك هُن بها يرسمن لَوحة شائكة يَعرضنها أمام كُل من يرتاد الجامعة وافقت أن تُرافقهن للإفطار..مرَّة أولى قد تَتَكرر فقط من أجل أن تُمحي ما قد نما في نفوسهن..،ارتشفت من كوب الحليب الأبيض المُذَهَّب الأطراف و أُّذناها تلتقطان كلماتهن المُفعَمة بنشاط يتَخَلَّلَهُ فَرح انقطعت زيارته مُنذ أعوامٍ هَزَمَها المَلل لعدّها حتى أمسى الفَرَحُ غَريباً ذو وجه مُريب يسترق النَظر عليها من خلف قُضبان الحياة..،انتبهت من هَواجسها لصوت إحداهن مُتسائلةً،رفعت عينيها المُنحني فوق جفنيهما كُحل أسود يلتوي عند نهايته تنظر لوجهها و شفتاها المَطليتان بلون خوخي مالتا جانباً كَشفاً عن إبتسامة زَيف تتقنها..،:و انتِ دكتورة فاتن ليش درستين علم نفس ؟
استقرَّ كوعها على الطاولة ليستريح باطن يُمناها فوق وجنتها مُجيبة بصوت ناعم بهِ بَحَّة صمت،:و من قال اني دارسة علم نفس ؟!
قالت أخـرى بتوضيح،:محد قال بس لأنش تدرسين مادة قريبة من علم النفس
حَرَّكت عدستيها بخفَّة لها مُجيبةً و الابتسامة لا زالت تُواصل عملها،:عندي ماستر و دكتوراه في تخصص آيدينتتي لوجيك،بس أنا أساساً خريجة بكالوريوس أدب إنجليزي
عَقَّبت الأولى و معالم التَعَجُّب المُخالطِها إعجاب تتضح على وجهها،:ماشاء الله،و انا طول الوقت اعتقد انش دارسة علم نفس
تناولت بأناملها الكوب لترفعهُ قُرب شفتيها قائلةً قبل أن ترتشف،:مُطَّلِعة بشكل بسيط على علم النفس بس كدراسة ما فَكّرت فيه
تساءلت ثالثة باهتمام تَجَلَّى في عينيها،:زيـن عن شنو يتكلم التخصص و المادة اللي تدرسيها ؟! اشوف الطلاب حابين المادة و درجاتهم ممتازة فيها
تَراجعت للخلف مُسنِدة ظهرها للمقعد ذو القماش الماروني الناعم المُتناسق مع الطاولات الرمادية،عَقَدت ذراعيها على صدرها مُجيبةً بهدوء و أنظارها عليهن،:بشكل مُبَسَّط طبعاً ما بدخل في التفاصيل،التخصص نقدر نقول عبارة عن علم خاص للتطوير و التجديد و التثقيف المُنصَب حول الذات،يبدأ باكتشاف الذات و معرفتها و فَهم أسرارها،يقوم بدراسات و تجارب علمية،مثال كيف ذات شخص واحد تقدر تأثر على مُجتمع بأكمله و بالتالي يتَوَسَّع التأثير للعالم،و شلون يقدر الإنسان يوظف إمكانيات ذاته الواضحة و الخفيَّة لصالح البشرية و منفعتها "اتسعت ابتسامتها الرقيقة مُردِفَةً" و مادَّتي هي تقريباً الأساس،اكتشاف الذَّات و توجيهها،بس يعني مو بشكل مُفَصَّل
نَطَقَت الأولى و الانشداه يغزو حواسها،:صـراحة اندمجت،حسيت التخصص جميل "استدارت لصديقاتها مُواصِلةً بضحكة" شكلي بقترح التخصص على بنتي للحين متحيرة شنو تدرس
عَقَّبت فاتن،:ترى التخصص ينفع حتى لمثل هالمواقف،هالحيرة اللي تواجه الشخص عند اتخاذ قرار مُهم مثل الدراسة،لو كانت فاهمة ذاتها مئة بالمئة ما كانت بتتحير
قالت بملامح تُسَلّم عليها ذكريات تَعَبٍ مضى،:والله تصدقين حتى أولادي اللي أكبر منها كانوا متحيرين شنو يدرسون بعد ما تخرجوا من الثانوية،تعبت معاهم لين ما استقروا على تخصص " وبابتسامة فخورة أكملت" الحمد لله اللحين واحد مُهندس مدني و الثاني باقي له سنة و يصير مُحاسب
بِرقَّة قالت و طَيفٌ من حَنين باغتَ بَصَرها،:الله يخليهم و يوفقهم
الثانية مُضيفةً،:لا انا ولدي قصة ثانية،طول عمره يقول هو يبي يصير طيَّار لدرجة أنا و ابوه كنا مجهزين نفسنا و شايلين له على جنب مبلغ عشان الدراسة،و بعد ما تخرج صدمنا انه يبي يدرس رياضيات
قالت الثالثة بضحكة،:مسكيــن شكله من حبه لش درس مثلش
بحُب نَطَقَت،:حبيبي الله يخليه لي و اشوفه رافع راسي
،:استأذن اللحين
استدرن الثلاث لها،كانت واقفة و فوق كَتِفها تستقر حقيبتها البُنيَّة،عيناها أخفتهما نظارتها السوداء و الابتسامة التي كانت تتربع فوق شفتيها لم تجدن لها أثر..بصوت بانت فيه حشرجة أثارت استغرابهن،:باقي ربع ساعة على محاضرتي لازم امشي،استمتع معاكم مع السلامة
فَور ابتعادها تساءلت الثانية باستغراب،:شفيها ؟! فجأة انقلب وجهها !
ردَّت الأولى و عيناها على باب المطعم الذي خرجت،:والله مادري،غريبة هالمراة !

،

أغلقت باب السيارة ليُحيطها هدوءها الخانق بعد تلك الضجة في المطعم و حديثهن المَرِح،أسندت رأسها للمقعد و هي ترمي حقيبتها على الآخر..مالت برأسها و استقرَّت عينيها من خلف النظَّارة على الخارج حيثُ الحَركة مُستمرة،لم يتوقف الزمن و لم تهدأ الخطوات من أجل الضيق الذي بدأ يكتنف صدرها،ضيقٌ يُنادي على رِفاقه لعَقد اجتماع تنكيل و إرهاب على شعبها المَسجون في صومعة اليُتم المَنحوت ثَلاثاً على حُجيرات قلبها التي باتت حُجرته الرابعة تنتظر يُتمها على قارعة القَلق المُستل الراحة من حياتها..،حديثهن أعادها لتلك الليلة المُسَجَّلة أحداثها في ذاكرة القَمر،ذلك الصُراخ و الفَزع المُنتشر في العروق،رائحة الدماء و عَبرات البُكاء،بكلماتهن أرجعوها للوراء عند شجرة البُرتقال الذي أصبح مُحَرَّماً عليها،تكره لونه،رائحته و طعمه..اسمه فقط يرسم في مُخيلتها البشاعة التي بدأت تُرافق نَومها مُنذُ ارتفاع راياتها المُلطَّخة بالخيانة..،ابتسمت بسخرية على نفسها ودمعة حائرة تهرب من عينيها،تتصيد كل الخيوط المقطوعة،تعقدها جميعاً باحتراف إجرامي لتصل في النهاية إلى المقصلة حيث تَنْتَحِر هناك في كل ساعة من الليل،و الناس نِيام و الدموع حرّة طليقة لا مجال لاختبائها..،



ارتوى الدَمعُ من بؤسها الغافي فوق أهدابِها مُتَراكِماً في صفحة مُقلتيها المُرتشفتان بقسوة احمرار مؤلم رَدَع خيوط النوم الحائمة في سماء جفنيها..صُخورٌ من ضيق استَقَرَّت فَوقَ صدرها المُنتَحِب على وقع خطوات غَصَّاتها الجارحة حنجرتها..خَدٌّ على الوسادة و خَدٌّ صَيَّرَهُ الإعياء مَهبَطاً لكفّ والدتها المُحتَفِظة بدفئٍ لم تُردعه قساوة الزمن التي باتت روحها تخشى من شرورها البازغة من خلف سماء رمادية لا شمس لها..،وَجههُ المُناشِد دمعاً لم يبرح الفراغ أمامها و غَفى خلف جفنيها ليُؤرِقها كُلَّما اتخذت النَوم مَلاذاً لها..كيف احتضنها،لَطَّخَ وجهه بدمائها..لمسة كفّه الباردة الناقلة لها ارتعاشاته الهامسة بالندم..كيف يستطيع أن يَعقِد القسوة بالرِقَّة في ذاته ؟..حيناً يُقيد أُنوثتها بالأولى و حيناً ينثر عليها عَبَق الثانية..هو كان و لا يزال منبع التعقيد الذي لا ينضب..،
،:حـور حبيبتي خليني اجيب لش لُقمة تاكلينها تعوضين هالدم اللي نزف
انكمشت ملامحها و رغبة بالاستفراغ تحوم بالقُرب من حلقِها،هَمَست ببحَّة تعاظمت منذ الساعات الماضية،:مو مشتهية يُمه،اذا اكلت برجعه
بضَجَر قالت و ألم ابنتها يتضاعف في صدرها،:بس ما يصير يا بعد عُمري،زوجش يقول حتى مو متعشية البارحة
أغمَضَت عينيها بقوَّة من ذِكره الجارَّها لقسوته الغازية روحها قبل جسدها الذي أصبحَ مَداساً لجُنونه..فَتَحتهما لتَجيبها و التعب أنهكَ صوتها،:ما عليه ماما اذا اشتهيت بقول لش
صَوتٌ رخيم آتٍ من الخلف زاد من انطواء جَسدِها تحت الغطاء،:سلامات سلامات ما تشوف شر الحور
ازدردت ريقها الذي اصطدم بهروب نبضة فَرَّت بهلع من قلبها عندما انعكس وجهه على عدستيها الغائبتين أسفل بحرٍ من أشجان..بَلَّلَت شفتيها و هي تُخفِض بصرها تُرسل تأملات مُتَخَبّطة لغطاء سريرها البيجي و صوته يصلها،:شلونش اللحين ؟
هَمَسَت بخفوت،:الحمد لله
هَزَّ رأسه،:الحمد لله زين زين "رفع ذراعه ليَحُط باطن يده على كتفها الغافي أسفل الغطاء مُردِفاً بابتسامة لم تخترق قلبها" تعالي بابا
أرجعت كَتِفَها بنفور ارتدَّت منهُ يَدُه،تَصافقت رموشها بطريقة سريعة و لمعان حاد يتطافر من عينيها المنهارتين بين يدي مياه مالحة لها وَخزٌ مُوجِع،استدارت تحشر جسدها في حضن والدتها هامِسةً تبريراً لصدّها،:ابي انام
ابتسم يُداري حَرجه من حركتها قائلاً و هو يقف،:ما عليه اخذي راحتش حبيبتي
و استدار خارِجاً من غُرفتِها لينخفض رأس زوجته بعد خروجه مُرسِلةً نظرات تأنيب لابنتها التي بدأت بخط أبوذيات أســاها السرمدي..هَمَست لها و التنهيدات لحنها،:انسي يا بنتي انسي مثلي عشان تعيشين
تَلَقَّفت أناملها بارتجاف ردائها المُشَبَّع برائحتها الفطرية دافِنةً وجهها الموشومة عليه إمارات الذبح و تَحَطُّم الآمال في صدرها ذو الأشرعة المُوَجّهة سفينتها دائماً لبرّ الأمان..مَرَّغت ملامحها فيه تُعيد رسمها بألوانٍ تخلو من رمادية كئيبة أحالتها عَجوز تقف على باب قَبرِها المحفور بيد رياح يتسيَّدها رَجُلان عَبَرا خطَّ حياتها من أجل إيداع أصنافٍ من جِراح تُوزِع خللاً في جينات تُربتها الحالمة بربيعٍ لا ينتهي..و لكن الحُلم أمسـى فُتاتاً من ثِقْلِ أقدامٍ لا تَرحم..،



مَكتَبٌ واسع ذو جُدران بيضاء ناصِعة هي مُستراح لأشعة الشمس المُخترقة النوافذ المُنتشرة على الجانب الأيمن منه..إطلالته كانت على مبانٍ أُخرى بعضها يَفوق المَصرف حَجماً..استدارت عن النافذة الوسطى مَتوجهة بخطوات ثابتة للمقعد المُلتصق بالمكتب تنتظر قُدوم الموظفة التي نَسيت بعض الأوراق..،نَظَرت لساعة معصمها،كانت تفصلها دقيقتان عن العاشرة،هي أخبرت المُديرة بأنَّها لن تتأخر أكثر من نصف ساعة،و ها هي نصف ساعة مَرَّت و إلى الآن لم تعلم لمَ هي هُنا ؟!استدارت بفَجأة لجهة الباب و صوت سُقوط مُدوي أفزع هدوء حواسها..وَقَفَت بعد أن تركت حقيبتها على المقعد،ظَلَّت في مكانها تنظر بتردد للباب تُناقِش فكرة خروجها لرؤية ما سقط ورائه..بَلَّلت شفتيها و خَطَت خطوة بيدين مُتشابكتين،و مع إكتمال خطوتها الثانية ارتفع صوت جرس الإنذار ليجعلها تَرتد للخلف بهلع ضعف ما تَقَدَّمَته،تَمَسَّكت بالمقعد و اتسـاع مشدوه التهم عينيها و أصوات صُراخ تصلها من الخارج اختلطت معها رائحة انقبض لها قلبها..ازدردت ريقها الذي جُفَّ من الموقف الغريب و بدأت بإعادة خطواتها و لكن بسرعة حتى وصلت للباب،أمسكت المقبض لتفتحه و ترتفع مع إنفتاحه شَهقة حَمَلت معها نصف أنفاسها..غَطَّت فمها بيديها اللتان صَيَّرتهما الصدمة حائط يمتص شهقاتها اللاهثة..تَجَمَّعت الدموع في عينيها مثل سرب حمام يتجمع على ما نُثِر من حبوب و اللهيب يَكاد يلطم وجنتيها المشدودتين من الخَوف..النيـران تَمَكَّنت من الأرض و باتت بأطرافها تتسلق الجُدران مُبتلعة الجهات مانعةً إياها من هروبٍ تنجو به بنفسها..تَراجعت للخلف و عدم التصديق حذاؤها،يديها انخفضتا بارتعاش و نَفَسَها بدأ يُنازِع في صدرها،استدارت حَول نفسها بتَيه تُناشد الأرض لتبتلعها أو سماءٍ تخترق شمسها السقف لتُنقِذها من حَريقٍ لا مَنجى منه..اصطدم كَتِفَها الأيمن بالحائط لتَميل عليه بإعياء قَضى على قوَّتِها التي لم تعتقد يوماً انَّها ستُواجه موقفاً مُفزِع كهذا،هَمَست و الدمعات خالطتها النيران،:يُمَّــه
أخفت ملامحها الذائبة خَوفاً و وحدة بيديها مُستسلمةً لسيل دمعات تُنافِس الحريق في السلخ..ليتهُ كابوس تنقلب جانباً فتستيقظ منه،أو أنَّ صوت مُنبّه هاتفها يرتفع ليُوقظها لتجد نفسها على السرير لم تذهب بعد للمصرف،و الأجمل أن يكون صوت والدتها يُناديها من المطبخ.. لكن صوت تآكل الخَشب المُمتزج مع الضجَّة القادمة من الأسفل يَصرُّون على قتل هذه الآمال الواهية..،أبعدت يديها و بعينين مُغمَضتين مَسَحت بظاهرهما وجنتيها و هي تستنشق نفس مُتَقطّع بهِ تتقوى،فَتَحتهما و هي مُتأهبة لرؤية الحريق قد قَضى على باب المكتب،رَفَعت جفنيها لينكشف أمامها وجهٌ رُجولي لسواد عينيه فَزَعٌ أكبر من فَزعِ النيران..،

،

دوماً كان يَجري عَكس التيَّار،هو ليس انعكاساً للآخرين أبداً،بل العكس لهم،إن كانت الأرض اختيارهم كانت السماء مُفَضَّلته،و إن وَجَّهوا بوصلتهم غَرباً هو يُوجّهها شمالاً حيث الفِرار و النجاة..و ها هو يُعاكسهم،هم خارجون يهربون من التهام نيران و هو قدماه تحملانه لموتٍ فرصة وقوعه مُحتَملة،و جــداً..،استقَلَّ السلالم الناجية من سطوة النيران،كان يتخطى العتبتان بركوبٍ سريع أسَاسُه خَوف على أُنثى لا يَدرِ أيُّ قذارة هي نَقيَّة منها أوصلتها إليه..،ثوانٍ و كان أمام باب المكتب الذي دخلتهُ مع الموظفة،كان مفتوحٌ كاشفاً له عن جسدها المائل بنياحٍ أجَّجَهُ الهَلَع..اصطكت أسنانه لتحتك بحدَّة مُصدِراً صوتاً يُثير الاشمئزاز مُتَرجِماً حنقه على آستـور الحقير..،التفت يساراً حيث مساحة تستوعب جسده لم يصبها من النيران إلا الشيء القليل..تَقَدَّم بلا تَردد مُلقياً اللهب ظهره و عيناه على الأرض يُتابع خطواته..مُتَيقن هو أنَّ هذا الحَريق افتعلهُ آستــور لسبب آخر غير المُهمَّة التي تَحَجَّجَ بها..لا شكَّ بأنَّ سرَّاً لُقِي حتفه تخطيطاً ممن هم فوق آستــور لدرء خيوط فضيحةٍ ما..،تَمَسَّك بطرف الباب جاذِباً جسده للداخل حيثُ استقرَّت قدماه بثبات على الأرضية قُبالتِها في اللحظة التي مَسَحت وجنتيها بطريقة تُثير قريحة العَطف لو كان عَطفهُ يتنفس..،التقت عيناه بعينيها الميتتين مُستَقبِلاً عناوين الصدمة فيهما..زَمَّ شفتيه من تَكالُب الخوف على ملامحها،انتبه لتراجعها البطيئ للخلف و كيف أنَّ جسدها التصق أكثر بالحائط..نَطَقَ بلا مُقدمات،:تعالي خل نطلع
حَرَّكت رأسها رافِضةً طلبه و ضياعها المُسَيّر ردات فعلها..اقترب خطوة مُستَعيناً ببقايا الرِقَّة المُنتحرة في ذاته لتتدثر بها ملامحه التي أفزعتها..نَطَق بهدوء يُحاول إقناعها،:تعالي خل نطلع النار بدت تقرب من المكتب
تابع بصرها المُتَلقف بتَخَبط ما يستعر خلفُه و كأنَّها تُقيس مدى الخطورة لتُقرر بالمضي معه أم البقاء..ببطئ شديد أعادت أنظارها إليه و بدأت بالتقدم جهته بالبطئ نفسه..استدار هو يطمئن على الوضع..كانت النيران قد سيطرت على الجهة التي أتى منها و باتت المساحة بالكاد تتحمل جسد طفل في الرابعة..التفت بُسرعة جهة النوافذ،توجَّه لها بخطوات واسعة تحت أنظار ملاك العائمة في بحر اللاوعي..لا أفكار تُشغِل عقلها و لا صدى أصوات تتصادم في جوفها..و كأنها كائن هُلامي بلا قلب و الشعور مُضمَحِل..،خَلَع إحدى الستائر من النافذة ثُمَّ عاد ليقف أمام ملاك،زَفَر و الارتباك يُقَيّد عضلاته،و في داخله ترتفع شتائم بحق آستـور الذي ألقاه في هذا الموقف المُعَقَّد..،بتردد قال لها،:بــضطر احملش لان المساحة ماتستوعب حتى شخص واحد "صَمت يُراقب ردَّة فعلها و لكن لم يُجبه سوى أغصان الجمود التي نَمَت حول حواسها،واصل مُوضّحا"و انتِ خطواتش بتكون بطيئة فما بقدر اسحبش وراي و مـ
قَطَع كلماته بعد أن وَجَد أن لا فائدة من حديثه فهي قد اختنقت من تُراب الصدمة..اقترب منها،خطوة،خطوتان،ثلاث..و في الرابعة تَوَقَّف،أغمَضَ عينيه و ارتعاشة غـريبة عانقت فقرات ظهره و أنفاسَها الساخنة تصطدم بعُنُقِه مُزعزعةً عِرق يكاد يخترقه..أمسك بمعصمها ليجرّها خلفه و يده الأخرى تَجُر الستارة..وَقَف عند الباب لا يفصل بينه و بين النيران سوى سانتيمتر واحد قريباً سيندثر..،قابلها ببطئ مُبعِداً بصره عن ملامحها القريبة..ازدرد ريقه بصعوبة مُجتَرِعاً ارتباكه،دَقَّات قلبه يشعر بها رصاصات في أُذنه،مسامات صدغه تكاد تختنق من فرط استفراغها للعَرق،ذراعه اليُمنى بارتجاف امتدت،أغمضَ عينيه عندما أحاطت خِصرها الذي بان لهُ نحوله المُحَرّم عليه اكتشاف أسرار اعوجاجه،جَذبها إليه حتى اصطدم صدرها بصدره،ارتفعت أنفاسه بعلو شَقَّ الصمت مُشاركِاً تَغيظ النيران عَزفَ لحن المأساة المُرمَدة..رفعها بخفَّة هامِساً لها،:نزلي راسش و تمسكي فيني بقوَّة
تأفأف بسأم عندما لم يجد منها استجابة،نَظَر لها ليصطدم بعينيها الشاخصتين في الفَراغ،استغفر في داخله و هو يرفعَ يده لرأسها من الخلف ليخفضه بخفَّة إلى كَتِفه،رَفعَ الستارة و ألقاها فوقهما مُمسكاً بطرفها من الأعلى بيده الأخرى..واجه النيران بظهره،يد مُتَمسّكة بملاك و يد تمسك بالستارة،زَفَر بارتعاش قَبل أن يهمس برجـاء،:يـــا الله
و انطلقَ مُسرِعاً بين الحائط و اللهب و بين صدره و ذراعه تغفو أُنثى حُكِم عليهما بالإعدام كعقوبة لذنبٍ هما بريئان منه..يعلم أنَّ القضية مَخفية عنه و لا يدرِ ما دور هذه فيها،لكنهُ تَيقَّن بعيناه اللتان استنبطتا الخَوف البريء في مُقلتيها،مسامعه التي زارها نَعي أنفاسها المُرتَعشة و ذراعِه هذه التي احتضنت جسدها المُرتخي بوَهن مُستَضعَف،أنَّ ذاتها لا تعرف الشر و الظُلم سَجَّانها..مثله تماماً..،وَصَل للطابق الثاني حيثُ على عتبات سُلّمه سقطت اللوحات التي كانت تسكن الجدران لتلتهمها النيران،لن يستطع المرور،لو كان وحده لقفز مُتجاوزها،لكن الفتاة معه و مع وجود الستارة لا يمكنه القفز..،التفت يبحث عن مَخرج آخر وهو يشتم في داخله مُهندس المبنى الذي وضع مخرج طوارئ واحد فقط و في الطابق السُفلي ! التقطت عيناه من بين اللهب أحد المكاتب المُغلق بابه و النيران لم تُضرره بعد..اقترب بُسرعة بعد أن التصق بالحائط ليَمُر،اضطر أن يترك الستارة ليفتح الباب،دَخل و بُسرعة أغلقَه بأنفاس صَيَّرها الضغط جَيشٌ من اختناقات تحوم حول حلقه..هَمَس لملاك و ذراعه تترك خِصرها،:بننتظر اهني أكيد قريب بيوصلون الإطفاء
اتسعت عيناه و هو يشعر بانسلال جسدها من بين ذراعه باتجاه الأرض و كأنَّها قد غابت عن الوعي،أبعدها عنه ليتضح أمامه وجهها و عيناها المُغمضتين،كانت بالفعل غائبة عن الوَعي..رفع يده يضرب خدّها بخفَّة مُنادياً،:يا بنية اصحي،يا بنت
تأفأف بقلّة حيلة و هو يرى لونها المخطوف،قد يكون اختناق..التفت للباب و صوت عالٍ يأتيه من خلفه..رَكَّز جيداً و تَبيَّن لهُ أنهم رجال الإطفاء..بسرعة خارقة حمل جسدها للزاوية،تَركَها هُناك و بالسرعة نفسها وقف متوجهاً لباب دورة المياه،دخل و مع إغلاقه له انفتح باب المكتب كاشِفاً عن دخول رجال الإطفاء..،



قَلَّبت القرار عشرون مرَّة فوق مقلاة عقلها،مَزجته مع تحذيرات عقلها و رَشَحتهُ من شوائب قلبها المُجرم،وضَعَت أحمد و ما أهداهُ لها من خَير طوال الخمسة عشر عاماً نُصبَ عينيها مُشيحةً وجهها عن ذاك الذي نَبَذها من الغلطة الأولى..،رَفَعت يدها بعد أن نَحت عنها التَردد،فإن وقعت تحت قُيوده ستُمسي بلا أصابع من فرط ندمها..طَرَقَت الباب طرقتان مُتتاليتان بهما شيء من التصميم..أغمَضت عينيها و في داخلها تُؤنّب نبضاتها التي استولى صوته على هدوءها..،دخلت بعد إذنه ببصر مرفوع و لكن ليس عليه بالطبع..سمعت همسه المُستغرب،:جنــان !
اقتربت من المكتب بهدوء ثُمَّ توقفت حتى أصبحت على يمينه..مَدَّت لهُ الورقة التي في يدها بصمت و هو تناولها منها باستغراب مُستنكِر وجودها..ارتفع حاجبه و هو يقرأ ما فيها،نظرَ لها مُتسائلاً ببرود،:شنــو هذا ؟!
تحمحمت قبل أن تُجيب،:اعتقد واضح شنو هذا،طلب استقالة
بذات البرود قال،:الطلب مَرفوض
عُقدة استكانت بين حاجبيها و هي تقول،:و ليش مرفوض ؟ لو سمحت إستاذ وقّع على الطلب
رفع يده الأخرى و ببطئ قسم الورقة إلى نصفين أمام ناظريها،بقهر قالت،:ليـــش تشقها ؟!
أرجعَ ظهره للخلف ليتسند على المقعد مُجيباً بحدَّة،:لأني مُستحيل اوافقش على هالجنون "بجدية واصل" جنان اتمنى تفصلين بين حياتش الخاصة و الشغل،من الغباء انش تخسرين نفسش منصب عشان الأشياء اللي بينا
تَوَشَّحت برداء عنادها و هي تقول،:خلاص ما دام مو موافق من باجر ما بتشوف وجهي في البنك لين ما بعدين بتضطر تفنشني
و استدارت خارِجةً تحت أنظاره الساخرة..أغلقت الباب من خلفها و هي مُتوقعة أن يلحق بها،ا ولكن أمنياتها البلهاء اصطدمت بالباب الذي أغلقته،ابتعدت عن المكتب مع رنين هاتفها في حقيبتها،أخرجته..كان رقماً غير مُسَجَّل،أجابت بهدوء،:الـو
،:السلام جنان،أنا أنفال زوجة أحمد
استَقَلَّت المصعد مُجيبةً من طرف أنفها،:نعم شتبين باقي شي تبين بعد تقولينه ؟
بجديَّة أجابت،:جنـان لازم نتقابل و نتكلم بعقلانية،حابَّة اعتذر لش عن اللي سويته و ابي اتناقش معاش
زَفَرت و هي تدعك جبينها بحيرة،هي أيضاً تشعر بأنها في حاجة للحديث معها لتضعان النقاط على الحروف،فلعب الأطفال هذا لا ينفع..وصلها صوتها المُستفسر،:ها موافقة ؟
خَرجت من المصعد و هي تتساءل،:وين ؟
أجابت بصوت بدا لجنان حماسه،:في بالي مطعم بس اول بتأكد اذا في مجال لحجز طاولة للعشا،بعد عشر دقايق بكلمش
باستسلام قالت،:اوكي على راحتش



مساءً

ارتشفت من خَمْر المَساء وازِعةً سُكوناً بارداً في صدرها تَجَمَّدت منهُ ألسنة النيران القابعة فيه..استعانت برياضتها المُفَضَّلة،بها هي تُرَشّح باطنها من عُلل الحياة المُعوَجة المسير،قدماها مُسترخيتان على فخذيها بشكل عكسي و ذراعاها يستقر ظاهر رسغهما أعلى رُكبتيها في جلوسٍ صامت أنغامه الهادئة أنفاسها المُستطرب القمر بدقَّة مقطوعاتها..،وَسَط شُرفتِها استكانت و عيناها مُلتزمتان الصمت نَفْسه مُتحررتان من تَلوُّث بصري قد ينثر أتربة حارقة تُثير دمعاتها المَحكوم عليها بإعدامٍ أُطلِقَ حُكمُه بعد تحقيق سرّي استمر لأعوام بينها و بين ذاتها التي أقسمت أن لا تنحني لسعير الرياح..،خيوط إنزعاج تَلَقَّفت ملامحها و جسدها المُستقيم مال يميناً من قُبلته القَويَّة على وجنتها اليُسرى،ارتفع صوت ضائق من بين شفتيها و بصرها يصطدم بما كانت هاربة منه،نطقت بقهر،:جم مرة اقول لك لا تزعجني !
التفتت تُقابله و الغضب يشد رحاله بين عينيها،ابتسم لها بمُشاكسة قبل أن يَسرق من ثغرها قُبلة يقتات عليها أثناء فترة غيابه القصيرة،حَرَّر شفتيها بضحكة بعد أن تَلَقَّى ضربة بقبضتها على صدره،فَتَحت فمَها لتبدأ ماراثون شتائمها لكن إبهامه الذي لامسه تَصَدَّى لحروفها قائلاً بهمس و ابتسامته لا زالت عَبقاً على شفتيه،:جاي اسلم بس فاضطريت أزعجش،آسف
التمس سؤال عينيها ليُجيب و هو يقترب و إبهامه ينثر تخديراً على شفتها السُفلى بتحريك رقيـق كرقَّة همسه،:رايح البحر
حاجبها اعتلى قمَّة سُخريته ناطِقةً و هي تبتعد عن كهرباء لمساته،:أول مرة اشوف حداق بس اثنين !
اتسعت ابتسامته و هو يقف بعد أن كان جالساً القرفصاء خلفها،بتوضيح عَقَّبَ،:ما بنروح نحدق هالمرة
حَرَّكت كتفها و هي تقف تُقابله و بتساؤل ساخر،:يعني بس بتروحون تتأملون البحر يالعشاق ! "حَلَّت ربطة شعرها المُثَبَّت عند قمَّة رأسها لتنتثر الخصلات على أوتار الليل المُتَأهبة لمقطوعة الفجر الساحرة،مُردِفَةً بغرور يَكاد تتفجر منهُ أوداجها" انت بنقول ميت فيني و عاشقني بس هذاك صديقك المجنون عاشق من ؟
قَرص خدَّها لترتفع أصابعها لكفّه بتوجُّع قائلةً بملامح مُنكمشة ألماً،:رااائد يألم
بضحكة،:قللي شوي من هالغرور "تَرَكَ خدَّها و هو يواصل و عيناه تتأملان الاحمرار الذي تركته أصابعه و لسانه لم يتنازل عن همسه" و بعدين مو شرط اللي يروح البحر عاشق،هذا انتِ تروحينه يعني انتِ عاشقة ؟!
أُطْبِقَت الشفاه على الأخرى بقَيدِ تَلَعْثُم تَعَثَّرت على إثره حروفها،ارتخى حاجباها و النبضات باغتها اشتداد لضربته صدى يُحدِث غَوغاء يُستعصى السيطرة عليها،ازدردت ريقها مُستَطعِمة مرارة الفكرة التي يرمي بها إليها،ارتفعت من حنجرتها ضِحكة مَحنِية الفَرح لتَعَكُّزِها على ليل الحُزن الهاوي مدائنها المُغتَصبة البراءة..هَرَبت من حديث عينيه،تلك الكلمات المُتراشقة من بين أهدابه تهفو إلى صَيدٍ غنيمٍ لأرضِها حيثُ التُراب تَلَطَّخ بيد الظُلمِ و اللاإنسانية،تَعلمُ يقيناً أن زَهراً نَقِيَّاً يُريد أن يُسقي به أرضها،و لكنَّ دَماً لم تقف الأزمنة سُدوداً امام هيجانه يُخَضّب غَيث سَحابه الأبيض..،تَلَبَّست عَناوين السُخرية مُديرةً ظهرها لتستتر خلف جُدرانها المبنية بأنامل قَرَّحتها الوحدة ناطِقةً،:روح روح بديت تخورها
تساءل و هو يتراجع للخلف و ابتسامته تتراجع منها المُشاكسة استسلاماً لاحتلال الشفقة،:تبين شي ؟
خَرَج هَمسُهَا مُتَدَثر بعباءة تنهيداتها المُرتعشة و العَين اغتالتها سيوف الدمع،:سلامتك

،

،:وَعــد !

تَلَفَّظَ لسانه الإسم بتَعجُّب نصفه غارق في السُخرية قبل أن يتراجع رأسه للخلف لإعتلاء ضِحكته الرجولية الشاقَّة صَمت الليل الغافي على ألحان أمواج البَحر الحُرَّة..ذاكَ بضيق تساءل و هو يَراه غارقاً في ضحكته اللامُبرر لها،:شنـو اللي يضحك ؟! ما اعتقد الاسم يضحك !
أخفَضَ رأسه تَطارداً مع ارتفاع يُمناه ماسَّاً بظاهرها أنفه مُحاولاً السيطرة على ضحكته..أجابهُ و هو يُحَرّك ظهره مُعتَدِلاً في إستلقائه على ظهر مركبه البحري الخاص،:لا ما يضحك،بس صـراحة اختارت الاسم بعنايــة "أرجع ذراعه اليُسرى خَلفَ رأسه مُردِفاً" خلاص يعني صارت الآنسة وَعد،اتوقع ما بتكون زوجها و هي بهذي الشخصية
هَمهم بالإيجاب و هو يَستلقي بالطريقة نفسها إلا أنَّ عيناه تجاوزتا حُدود البحر لخيط السماء..سَمَع سؤاله،:ما تخاف يكشفونك ؟ هذا غير إنك تُعتَبر رَجُل قانون
هَمَسَ بحُب،:عـادي كل شي يهون لأجلها
التفت ينظر لصديقه بعد أن انهى جُملته بابتسامة مائلة و هو يعي أنَّ نظرة ساخرة ستُقابله من عينيه..نَطَق باستهزاء يُقَلّده،:كل شي يهون لأجلها "أردف بنبرته الطبيعة "اي اذا بعدين سجنوك قول كل شي يهون
نَطَق و الصِدق يَنطُق من ملامحه،:احبــها و الله احبها
حاجبهُ الأيسر اعتلى مُنحَدر سهامه التي يَخشى رائد صحَّتها قائلاً ببرود،:انت تحب شكلها دلعها و مياعتها،انجذاب فطري لا غير بين رَجُل و امْرأة "واصل بثقة و عيناه في عينيه"لأن مافيها شي ينحب لا أسلوب و لا شخصية و لا لسان يعرف الأدب لا و بعد أكبر منك !
جَذَب القَهر جَسَدهُ للأمام مُتَحَرّراً من استلقائه ناطِقاً بحدَّة و سبّابته ترتفع بتحذير،:ما اسمح لك تغلط عليها،و بعدين كلها ثلاث سنين اللي بينا ماله داعي كل مرة تذكرني انها أكبر مني
أشَاح عينيه بعيداً عن وجه صديقه الأبله العاشق امْرأة حَواسه اليَقظة تَحذر من ذاتها المُشَوشة،هَمَس لهُ،:غَبــي
رَنا لهُ بطرف عينه رامياً عليه السِهام نفسها،:ما عليه أكون غبي و لا أكون مجنون
أغمَض عينيه بملل و صوت مُتَبرم يرتفع من بين شفتيه،:اوهــوو عاد اللحين ما بيسكت
أعادها بتأكيد،:اي لأنك مجنون و مادري متى بتعقل
رَفَعَ ظهره و قدماه تركتا الاسترخاء مُلامستان الأرض مُعَقّباً ببرود،:ياخي عاجبني الجنون ما يناسبني غيره
تساءل و نبرته يَشبوها استغراب طَغى على ملامحه المعقودة،:انا مادري وين كان عقلك يوم وافقته ؟!
أمالت السُخرية شفتاه مُجيباً،:انت قلتها مجنون يعني من الأساس مافيني عقل
أطلَق كلماته بتحذير قد يُعيده عن قراره،:لا تتسرع صدقني بتندم
وَقَف ليتضح طوله لرفيق دربه البَحر المُشتاق لبَوح جسده المُسترخي بين أمواجه..يُمناه أمسكت بطرف بلوزته عند جهة اليسار من الأسفل و اليُسرى كذلك عند جهة اليمين بطريقة عكسية رافعاً إياها ليخلعها بعد أن راودتهُ قُيود اختناق،تَقَدَّم من طرف المَركب مُتَأهباً للغرق مُلقِياً ظهره لرائد الذي بدأ بصره بشد رحاله على آثار ظهره المُتَوشحة بسرّ لا يَعلمه سوى الله،هو و صديقه و ذاك المجنون الآخر..،وَصَلهُ هَمسُه مائلاً مع رياح الماضي الكئيب،:ندمت و انتهيت،و أكثر من مرة بعد لين ما صرت ما اعرف الندم
تَلَفَظَ بكلماته الساكنة وَجعاً في قلب رفيقه ثُمَّ انحنى مُلقياً بجسد في قعر البحر المُتلاطم الأمواج،أخرج رأسه بعد أن استكان بين حبيباته و بدأ سباحته الرشيقة غير آبه بتلاطم الأمواج و كأنهُ يَثِق بأن البَحر لن يَخونه و يبتلع جسده كما ابتلعت الحياة ذَّاته...،




يتبع


 
 

 

عرض البوم صور simpleness   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مُقيّدة, امْرَأة, بقلمي, حوّل, عُنُقِ
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 06:17 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية