لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-06-16, 06:39 PM   المشاركة رقم: 776
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: Aug 2015
العضوية: 300973
المشاركات: 633
الجنس أنثى
معدل التقييم: simpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 475

االدولة
البلدBahrain
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
simpleness غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : simpleness المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: ذات مُقيّدة حوّل عُنُقِ امْرَأة / بقلمي

 

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

مَسـاء السَّعادة جميعاً
عَساكم بَخير يارب

الجُزء مثل ما ذكرت بيكون اليوم ان شاء الله..و كالعادة بينزل بعد مُنْتَصف الليل
حالياً حَجْمه مُناسب و جِداً لجزء..بس باقي أحْداث لازم تنذكر..ان شاء الله بعد هالإنتظار يُكون قَد المَقام..،

طَبعاً خَبَّرتكم إنَّ في أخطاء غَفَلت عَنها و يبيلها تَصْحيح

أَوَّلاً شُكْراً للجَميلة سَمااااء على التَنْبيه..في الجزء الحادي عَشَر،ذَكَرت اسم والد حُور إبْراهيم مع إنَّه لازم يكون سُلْطان..بس مادري شلون عَقْلي غَيّر الإسم=(
حالياً بيثبت الإسم على سُلْطان

ثانياً شُكْراً للغالية غُرْبـــه على التَنْبيه..في الجزء الأرْبعون في موقف الماضي بين طَلال و نُور..و بالتحديد هالجُزْئية

"هَزَّت رأسها مَرَّات مُتتالية تَحكي تَخَبّطها قَبْلَ أن تتَحَرّر من جلوسها مُتَوَجّهة لجنان دون أن تُلْقي بنصف نظرة للذي زَلْزل كَيانها..مَشَت مُبْتَعِدة مع شَقيقتها بصَمْت مُوْحِش أَيْقَظَ خَوْفَها،ذلك الجُلوس المُنْزوي قد تُوَبَّخ عليه لمَرّات إن فُضِحَ أمْرُه"

اهني جُود و ليس جِنان


ثالثاً بعد في الجزء نفسه..في الموقف اللي جمع بين جنان و محمد و عَلي

":من هالمشهد الدرامي تأكَّدت إننا رجعنا مثل قَبِل "بابْتسامة واسِعة طالت عينيه" الحمــد لله"

كان لازم أوَضّح إن هالجُمْلة قيلت من قِبَل عَلي

،

عُذْراً اذا مُمكن سَببت لكم تَيه من هالأخطاء..و اذا حسيتون في شي غلط في أي جزء خَبروني..يمكن أكون غَفَلت أو إن الشيء مو غلط بس يحتاج لتوضيح



*اسْتَرْجعوا فَقْد ذَّات الجزء الثَّامن عَشَر عشان لا تتوهون في الجزء القادم



نَلْتَقي ان شاء الله

سلمتن



،

 
 

 

عرض البوم صور simpleness   رد مع اقتباس
قديم 05-06-16, 01:39 AM   المشاركة رقم: 777
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: Aug 2015
العضوية: 300973
المشاركات: 633
الجنس أنثى
معدل التقييم: simpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 475

االدولة
البلدBahrain
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
simpleness غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : simpleness المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: ذات مُقيّدة حوّل عُنُقِ امْرَأة / بقلمي

 

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

صَباح الفَرج جَميلاتي

عُذْراً على التأخير..حبيت أوضح شيئين قبل لا ينزل الفصل
بنبدأ الأحداث من الصَّباح قبل موقف حَنين و بَسَّام اللي كان نهاية الجزء السَّابق..،
و كذلك شيء ثاني..اضطريت اقتطع بعض المواقف و احذف الأخرى..فاذا حسيتيون بضياع في أحد المواقف أو حسيتون في شي ناقص فهو مَقْصود..بنسترجعها الفصل الجاي بإذن الله..،



دقايق و ينزل الفصل





،

 
 

 

عرض البوم صور simpleness   رد مع اقتباس
قديم 05-06-16, 01:44 AM   المشاركة رقم: 778
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: Aug 2015
العضوية: 300973
المشاركات: 633
الجنس أنثى
معدل التقييم: simpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 475

االدولة
البلدBahrain
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
simpleness غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : simpleness المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: ذات مُقيّدة حوّل عُنُقِ امْرَأة / بقلمي

 

بسم الله الرحمن الرحيم

تَوَكَّلتُ على الله

الجزء الحادي و الأرْبَعون

الفَصْل الأوَّل


عُقْدة رَبْطة العُنُق الأُرْجوانية كانت مُتَسَامِحة مَعه،سَلِسة و مُسْتَجيبة لتَوْجِيهات أَصابعه الرَّشيقة،فهي كما باقي العُقَد تَنْحَني إليه باسْتسلام دون أن تُطيـل في مُحاولاتها المُهْتَرئة لزَعْزَعة اتّزان شَخْصِيته..عَداها هي،الفَريدة في كُل شيء،و المُنْتَبِذة لها مَسْكَناً مُنْزوي بين حُجْرات قَلْبه،لتَكون الطَّفْرة التي خَسَرت خَلاياه أمام حُكْمها حتى تَمَلَّكَته..،لا زال مُرْتَبِطاً بها،و نَبْضُه تُسَيّرهُ إلْتواء أَهْدابها المُحَصّنة عَيْنا القَمَر النَّاعستين..كالقَمَر هُما تُرْبِكان يَحْموم لَيْلٍ ابْتَلَع رَفيف نُجوم باهِتة..و لكنَّهُ خَلَعَ تاج سُكونه تَبْجيلاً لإبْداع خالقٍ تَجَلَّى في عَيْنيها..عَيْني السَّهَر و السُّهاد المُنتَشية منهُ دَقَّات ذاكَ المَريض بها..،طَوى يَاقة قَميصه الأبْيَض و بَصَرُهُ مُنْشَدِهاً لحَديث نَفْسه المُتَآمِرة على قَلْبه..الليلة سَيَشْطُب بقَلَمِ النّسيان على وُجودها..سيُمْحي بَقايا ماضٍ بُحَّت ذكْرياته و هي تَزْعَق بين صَفَحات فُؤادٍ نَقَّحَ قاموسه من الإعْتذار..يَشْعُر و كأنَّ الأَحْداث تَسير باتّجاه قافِلته لتُسانده و تَرْفَع راية النِسيان التي أَخاطَها بشرايينه لعَلَّهُ يَنْسى و يَغْفو شَوْقِه الأَعْزَل،ذلك الشَّوق الخالي الوِفاض،المُقْتات على رغيف هَمْسٍ و احْتِضان..، زَفَرَ تَناقُضاتِه السائِرة في نفسه مَسْرى السَّحاب الثّقال،هُطولها نَحيبٌ على ماضٍ لا يَعُود،و إن حاكى حاضره ليُصَيّره نسخة منه فهو سينتهي خاسِراً،فمحْور الماضي قد فارَقته،و باقْفرار الحاضر منها تَسْتَحيل المُحاكاة..لا طريق لديك فَيْصل،كُل الطُّرق لا تُؤدي إليها..تلك الجِنان التي عانَقَت روحها روحك و لم يَكن بينكما أحد،لم يَكن هنالك أحمد و لا ياسَمين..كُنتما أنتما فقط،مُمتزجان برقة و مشاعر بيضاء سناها يُضيء ليالي سَهَرَكما بخفوت شاعري..،أغْلَق زِرار كُمّه الأيْسَر و عقله بدأ يَسْتَرْجِع الطَّريق الوحيد الذي يَرْجو أن يبيعه النسيان بلا ثَمَنٍ عَصي على الروح..ياسمين،الأنثى التي أبْدَت و بوضوح تَعَلُّق قلبها به،على الرغم من أنَّهُ لم يَكُن يراها سوى واحدة من طالباته لا أكثر،فجنان أعْمَتهُ عن أي أنْثى غيرها..نَثَرت بين عـروقه عطْرها ليُسْكَر جَواه مع كل ضَخّة دماء جَديدة..،واصل إغلاق زرار الكُم الأيْمن..هُو في الليلة الماضية قابَلَ والد ياسمين في المطعم الذي اصطحب جَنى إليه بعد أن اسْتَنْزَفَت أكثر من نصف طاقتها في اللعب،لا يدري هل كانت صُدْفة أم أنَّ القَدَر أراد أن يُؤكّد لهُ أنَّ طريق خلاصه يقبع بين جُنبات ابنة هذا الرجل..هو كان سيصبر ليومان ثُم يُحادثه،لكن هذا اللقاء دفعه لطلب رقم زوجته لتُحادثها والدته..و جاءهُ رد لم يَتَوقعه عقله..فهو أجابَهُ و ضِحْكة فَرِحة تُدَثّر صوته"ما يحتاج الرقم،باجر تقدرون تشرفونا في البيت" شَدَّ على يده و عيناه تَبْعثان فوْجاً من نظرات مُنتَشِية فَخْراً ليَهْمس"من فترة كنت انتظرك تكلمني،والله اني ما بحصل واحد احسن منك يكون زوج لبنتي"تَعَثَّرَت الإبْتسامة على شَفَتيه و رمْشٌ هَتَفَ بتصافُق مَبْهوت..هذه هي النهاية إذاً؟! نهاية أَرْض جِنانه..سَتُدَمَّر حَتْماً الآن..سيأتي اليَباب مَكَانها ناشِراً جَناحين من رَماد لا يعرفان أَلْوان الرَّبيع اليَانعة..لن يَتَرَدَّد اسمُ الجِنان مُجَدَّداً بين أَضلاعه..و لن يَجْرُأ على تَلَقّف سنابك ذِكْرها ليَغيب هائماً بطَيْفها..فالحَرام ستتعاقد معه الخِيانة..حَرامٌ ذاك الذي يمنعه من النَّومَ و خَيالُها يُرَبَّت على جِفْنيه..و الآن عندما سينعقد اسمه باسم تلك سَيَكون خائِن إن مَرَّ ذِكْرها على مَسْمَعه و تاهت نَبْضاته شَوْقاً لها..،ارْتَدى ساعته المُشيرة للسابعة و عَشْرُ دقائق صَباحاً،فَوْرَ اسْتِيقاظه قَصَد غُرفة والديه يُريد مُحادثة والدته بالموضوع،و التي يَعْلَم أنَّها ستُواجهه برفض ساحِق..لكنَّهُ وَجَدها تَسْتَحِم فعاد أَدراجه ليَتَجَهَّز لعَمَلِه..،هي بمُهْلة اليَومان لم تَكُن مُوافقة..فكيف إن عَلِمَت أنَّ أهل الفَتاة ينتظرون قُدومها مَسَاءً ؟!دَعَك صِدْغه بسَبَّابته و هو يَمس شفته السُّفلى بأسْنانه..هُو في وَرْطة يَرْجو أن يَنْفذ من بين خُيوطها المُتشابكة بسَلام..يَرْجو أن تَتَفَهَّمهُ والدته..فما دامت الأُمور قد نَحَت هذا المَنْحى فلن يَتَراجع،فخير البر عاجله..و هو لن يَتَخلَّى عن حَبْلِ الخَلاص المَمدود إليه،سَيَتَمَسَّك به و إن كان جاهِلاً إلى أين ستَنوء بهِ خَارطته..،اسْتَدار بعد أن أَغْرَق جَسده بالعِطر كما اعْتاد..تَقَدَّم من سَريره ليَتناول معطفه الرَّسمي الكُحْلي الفاتح،طَرْقُ الباب و مُناداتها جعلاه يَتَراجع بالْتِفات ناطِقاً،:دخلي يُمَّه
كان الباب مَرْدوداً،دفعته بخفَّة لتَدْخُل مع تَقَدُّمه جهتها و هي تَتَساءل،:آمر حبيبي كنت تبيني ؟
تَوَقَّفَ أمامها ثُمَّ انْحَنى لاثِماً جَبينها العَطِر،مِسْكُ الأمومة المُتَغَذّية عليه نَفْسه التي تَعود طِفْلة تَحْبو تحت ظِل عَيْنيها كُلَّما تَكَاشَفا على غَفْلة من ناس..،رَفَعَ رأسه هامِساً،:ما يآمر عليش عَدو "ابْتَسَم لها بخفَّة مُرْدِفاً" نَعيماً
أجابَتهُ و ابْتسامة حَنانها تُجَمّل شَفَتيها الصَّغيرتين،كما شَفَتي نُور،:حبيبي تسلم
نَاداها و بَصَرُه يُوْزِع على الأرْضِيَّة ارْتباكاً عَلَّها تَجْتَذبهُ فيَتَحَرَّر،:يُمَّـــه
بانْتباه تَجَلَّى على مَلامحها،:قَول حبيبي اسْمعك
تَصَافَقَت أَهْدابه أوْتاراً اضطْرَبَت من عَزْفٍ مُزْعِج..أَرْخَى جِفْنيه مُغْمِضاً للحظات ثُمَّ رَفَعهما عاقِداً نظراته بنظراتها المُنْتَظِرة كلماته..بَلَّلَ شَفَتيه مع انْحِشار يُمْناه في جَيب بنطاله يُواري ارْتِجافها..ما بكَ فَيْصَل ؟ ألِئنَّ ما رَسَمَهُ عَقْلُك وُثّقَ بالحقيقة بعدما كان قَذَعُ يَتَطاير بشَعْواء بين روحك و قَلْبك ؟ أم لأن فراقها أصْبَحَ واقعاً،و الإمْتزاج مع أُنْثى غَيْرها حَدُّ السَّيف الذي سَيَنْحر آخِر نَبْض يَحْتَضِن حُبّها ؟ نِسْيانها جَذْوة،عليه أن يَحْترق بلهيبها حتى يَتَبَرأ من قَيْدها..،ازْدَرَدَ ريقه بصُعوبة من غَصَّةٌ غَريبة عارَضَته..نَطَقَ و بَحَّتهُ قد تَعاظمت مُثيرة قَلَق والدته التي لاحظت الرياح الهَوجاء المُلْتَبِسة ملامحه،:البارحة قابلت أبو ياسمين..طلبت منه رقم زوجته بسـ "طَوى سَبّابته ماسَّا أنفه بظاهرها و هو يُكْمِل" بس هو فاجأني و قال لي إنَّ يرحبون فينا في بيتهم " و ألْقى طامَّته" الليــلة
زَمَّ شَفَتيه مَعَ تَخَبُّط عَدَستاه على وجْهها،و هُناك عند عُقْدة حاجبيها تَوَقَّفتا تَجْتَرِعان اسْتنكارها الذي انْعَكَسَ تَصَدُّعاً على ملامحه..نَطَقَت تُحاول أن تَسْتَوعب،: إنت قلت بعد يومين بتخليني اكلم امها..اللحين جاي تقول لي اتفقت مع ابوها اروح اخطبها الليلة !
مالَ رأسه بخفَّة يُتَرْجِم قِلَّة حيلته،:شسوي يُمَّه..ما عرفت اقول لا و ابوها كان متحمس و مستانس
تَساءلت..كما تفعل دائماً تَساءلت عَلَّها تَظْفر بجواب نَقي..لا يَشُوبه كَذِبٌ ولا كبْرياء،:و إنت جاهز إنّي اخطبها لك الليلة ؟
طَلَبَ الإسْتعانة من ابْتسامة الثِقَّة لتَتَرَبَّع على شفتيه لكنَّها رَفَضته،تَرَكته وَحيداً يُحاول شَدَّ شفتيه بارْتباك..يَحكي عُبوساً لا ابْتسام..بهمسٍ يَكادُ أن يَنْجلي بين اخْتلاجات الرُّوح،:ايــه..جاهز
ارْتَخَت ملامحها و انْطَوى البُرود بين عَيْنيها..صَمْتٌ ذاك الذي جاسَ بإزْعاج بَيْنهما،صَمْتٌ ينفث تَوَتُّراً ليَجْري سُمَّاً وسط عُروقه..فَتَحَ فمه يُريد أن يُقْنعها لكنَّ تَحَرّكها المُفاجئ أَصْمَته..اسْتدار يَتَتَبَّع خطواتها التي اتَّجهت لسريره..تَلَقَّفت الصَّورة المُسْتَقِرَّة فوق الدرج بجانبه ناطِقة بحدَّة صَفَعته،:تقول لي جاهز..زين هذي شنو ؟"أشارت للصورة و صَوْتها يَعْلو يُنَبّش عن جَواب" هذي شنو فيصل ؟ ليش موجودة عندك ؟!
غادرت يُمْناه جَيْبه بصَدْمة و فَمَه قد فُغِرَ لتَتَطاير الحُروف هارِبة من بَوْح تَكَوَّن في صَدْره مثل أجَمَة أَخْنَقَت أَنْفاسه..أَطْبَقهُ و بَصَرهُ يتَعَثَّر بالهواء..أجابَ مُتَفَرّساً سِرْج التَبْرير ليَفُر من شُكوكها..شُكوك أُمومتها،:هذي عشان جَنى لأنــ
قاطَعته و هي تقترب منه،:جَنى و خلاص الْتَقَت مع أمها..هذي هي بين أحْضانها،حقيقة أجْمَل من الصُّورة..ماله داعي تبقى عندك فيصل"تَرَكَت الصُّورة و هي تَهز رأسها مُضيفة" ما عليه..ماعليه بنقول حجّتك جَنى
جَنَحت لتَخْطو باتّجاه غُرْفة الملابس و هو من خَلْفِها يُناديها برَجاء أن لا تَفْضحي سُتْري أمّي..لا تهتكي كبريائي المُشيح وجهه عن عِشقها..لا تَخْبريني أنَّ جَوى أُمومتك يَعْلمُ بتَيه روحي بين أَراضي جنانها..رَجَوْتُكِ أمَّاه..،لَحِقَها ليَراها قد شَرَّعت أبْواب خزانة الملابس..تُشير لملابسها المُتعانِقة مع ملابسه..و بتساؤل يَجْلده..يُوْخِز ذَّاته المِرْفال،:ثيابها ليش للحين مَعَلّقة بين ثيابك ؟ شتبي في ثيابها جَنى ؟ "و هي تَدُق ناقُوس اشْتياقه" حتى ريحتها اختفت منهم..انتظرتك تتخلص منهم بعد رجعتك بس ماشفت منك تصرف
أَمالَ الخُسْران جَسَده مع ارْتفاع يَده ماسَّاً بباطنها جَبينه الواقِع رَهْن عَرَقِ ارْتباك..لم تَكتفِ فهي قد تَجاوزتهُ قاصِدة حاجياتها المَصْفوفة على التَسْريحة بجانب حاجياته البَسيطة..عُطورها،مساحيق التَجْميل و فُرْشاة شَعْرها التي خانته و لم تَحْتفظ و لو بنصف مَوْجٍ عَذْب يَرْوي بهِ عَطَشَ قَلْبه..و هي تُشير لكُل شيء،:إنت فيصل للحين مو قادر تفصل نفسك عنها..للحين تدورها بين بقاياها..تحاول غصب تحييها بين ساعات يومك..شلون تبي ترتبط بغيرها !
واجَهتهُ و هو حَبيساً خَلْف قُضبان ذَنْبه المَوْسوم بالكْبرياء..لا زال عَبْداً مُذْنباً مُلَوّثاً بحُبّهِ لها..لم يَسْتَطِع الفرار لنَهْرِ التَوْبة..كيف الفِرار لغير شُرْبِها و عَذْبُ لقائها هُو الغُفْران ؟ نَطَقَ و هو يَرْفَع يديه يُطالب بتَهْدِأتِها،:اسمعيني يُمَّه..خليني اشرح
جَلَسَت على المَقْعَد مُعَقّبة،:قُـوول..تحجّى و أوْجع قلبي بكلامك اللي عيونك تفضحه و تقول إنّه جذب..ما هو كلام قلبك
انْحَنى جالِساً على رُكْبَتيه..طَأطأ رأسه يَحْجب عن عَيْني تَفَحُّصِها حَقيقته الغارِقة وَجْهه..هُوَ مُحْرَج أمام أَهَم امْرأة في حياته..لا يُريدها أن تَقْرأ قَصائد الشَّجَن المَسْطورة فوق صَفْحة مُقْلتيه..هي لا يَجب أن تَسْتَشْعِر ضَياع عَدَستيه و تَخَبّطهما بَحْثاً عنها في مُسْتَوْدَع الماضي المَهْجورة.. لا يُريدها أن تَسْمَع صَرير أبواب قلبه المُتَصَدّعة من أنَّات شَوْق..،بوَجْسٍ مَبْحوح،:يُمَّــه
هَمَسَت آمِرة بمَلَق،:طالعني
اسْتَجاب لها بتَرَدُّد رافِعاً رأسه لها..احْتَدَمَت دَقَّات قَلْبه المُنْطَوي على نفسه بحَذَر..فهو لم يَعْتَد على البَوح..و لكنَّ صَمْته أَثْقَل كاهل والدته..نَحَت بين أَضْلاعِها ألَمهُ المُبْكَم حتى أَمْسَت تَتَوَجَّع لوَجَعه بلا تَفسير..،نَطَق لاطِماً وَجْه كبْريائه،:احبْـــــها يُمَّه..للحين احبْــها
تَصَدَّعت ملامحها القابع بينها بضع تَجاعيد زَمَن و هي تَلْمَح عنائه..تساءلت تُطالب بَجواب،:و ليش ما ترجعها و تريح قلبك
أَجاب مثل طَفْلٍ يَشْكو على من آذوه و سَلبوا لُعْبته ،:لأنها عَوَّرتني "الْتَقَطَ كَفّها الرَّاجِفة ليَسوق باطنها إلى صَدْره،هُناك فوق الذي يَنْحَب بصَمْت" واجد عَوَّرتني يُمَّه..كلما اذكر يزيد جرح قلبي
عاَنَقت خَدّه بعَطْف هامِسةً،:يا بعد عمري سلامة قلبك..تعال يُمَّه "شَدَّتهُ إليها مُوَسّدة رأسه صدرها مُرْدِفة بحَشْرَجة بُكاء وُلِدت من رَحْم حال ابنها المَكْسور و الذي تُبْصره للمرَّة الأولى" لا تكتم في قلبك حبيبي..قول لي خلني اداوي جرحك
اسْتجاب مُطْلِقاً سَراح كلماته النَّاحبة لخمسة أَعْوام،:أوْجَعتني مَرَّة و مرّتين و ثلاث..و الرَّابعة يوم قالتها لي "بغَصَّة أَجَّجتها الذكرى" مابي البيبي لأنَّه منك..لأنك ابوه مابيه
شَدَّدت من احْتضان رأسه و هي تَشْعُر بصوته المَبْحوح بحَرْقة يَمْرق فُؤادها..يَمْتَشِق أَنْفاسَها بقَسْوة تُضْرم نيراناً تَشْتَعل بين كُل شَهيقٍ و زَفير..،عَبَرت دَمْعتها محجرها المُحْمَر..هي تَعْلم جيّداً أنَّ قرار جنان للتخَلُّص من جنينهما عَصَفَ بأبُوَّته،و لا زالت ذّكراه تُؤرق رُجولته..،
أَكْمَل يَسْرد على مَسْمَعيها حكاية جُرْحِه و معها كانت الجُدْران و باسْتنكار تَجْتَرِع المَرارة المُدَثّرة كلماته..فهي التي قَد شَهِدَت على هَمْسٍ أُنْثوي ناعِس سَكَبَتْهُ جِنان برِقَّة وسط أُذْنِه..كانت العَيْنُ التي احْتَفَظت بمشاهِدهما الحمَيمية..تلك القُبْلات و الضّحكات المُرْتَشِفة خَمْراً حلال !،:ابي انساها،ابي انام و أوْعى و عقلي ما يعرفها.. قلبي نَسى هَواها..ابي ابدا من جديد بعيد عنها..ابدا مع امْرأة غيرها تملي عيوني و قلبي
نَطَقَت تَكْشف لهُ أسْوأ الأَحْوال،:و اذا ما نسيتها ؟ بتستأثم بالبنية ؟
مالت شَفتاه بابْتسامة مُرْهَقة حَدَّ الرَّغبة بالبُكاء..هَمَسَ و لَحْنُ رَجاء اسْتَشَفَّته حُواسها رافَقَ كلماته،:ان شاء الله بنسى..قلبي مو حكر عليها



ماضٍ

،:لن تهرب الآن،عليك تنفيذ الأوامر أولاً

مَرَّرَ لسانه على شَفَتَيْه مع انْعِقاد أَغْصان الجَليد بملامحه..زَحَفَت فُوَّهة السّلاح حتى اسْتَقَرَّت عند صِدْغِه الأيْمَن مع تَحَرُّك تِلك النّاطِقة..فهي تَوَقَّفت بجانبه تَنْفث نَظَرات ماكِرة لم يَلْتَفِت لها و لم يُعِرْها أَدْنى اهْتِمام..،رَفَعَت يَدَها الحُرَّة قاصِدةً وَجْنَتَهُ و بنُعومة بالِغة لاَمَست شُعيْرات لِحيته الخَفيفة هامِسَةً بلَحْنٍ تَكَلَّلَ بالإعْجاب،:لا أَنْكُر أنَّ وَسامتك سَحَرتني
أَشاحَ وجهه عن لَمْسَاتِها الشَيْطانية،المُباغِتة الغِشاء المُصْمِت النَّفْسِ الأمَّارةَ بالسُّوء..تَقَدَّمت خُطْوة لتُقابِله بابْتِسامة مائِلة مُتَعَلّقَة بشَفَتيها المَطْليتين بلون أَحْمَر باهِت يَبْعَث الكآبة..أكْمَلَت و السّلاح ينخفض بالقُرب من فَمه،:و اعْتَرف أنَّني لا زُلت أتمنى أن أقضي ليلة معك
اشْتَدَّ غَبَشُ عَيْنيه و حَوْلَهما أسْبَلَت خُطوط الإشْتداد ذراعيها حتى تَهَدَّلت أَجْفانه بارْتخاءٍ لا مُبالي..يَعْلَمُ مَدى شَكاسة مَقاصِدها،بل هُو يَسْتَطيع أن يَجْتَرِع قَذَعُ أَهْوائها من هَمَساتها المائل لَحنُها بإغراء يُثير الإشْمئزاز..تُريد أن تُسْقطه في أُخْقُوق الحَرام،أن تَجْرف حَسناته لتَغْرس بُذور ذَنبٍ مَكانها..سُخْرية أَرْفَعت زاوية فَمَه..فَلْتَحْلُم هذه العَجوز ! تساءَلت و هي تَجْلُس على المَقْعَد أمامه،:ألا تُريد أن تَسْتَقِر هُنا في روسيا..بَلدك ؟
حَوَّر السُّخرية لابْتسامة ثِقة و هو يُجيب و عيناه تُحارِبان بشَجاعة شَكُّ عَيْنيها،:بَرْلين أَغْنتني عنها
أَرْخَت ساق فَوْق الاُخْرى قبْل أن تُخْفِض السّلاح وسط حُضْنها مُعَقّبة،:هذا واضح..أنت تتحدث الألمانية بطلاقة..و كأنَّك نسيت الرُّوسية
مال رأسه بخفَّة مع اعْتلاء حاجبه..إنَّها تَتَصَيَد ثَغْرة من خلالها تُوْلِج اتّهاماتها وشُكوكها لتُجْبره على الإعْتراف..لكنَّهُ تَعَلَّم جَيّداً تحت يدي آسْتور كيف يُحيك بَيتَ العَنْكبوت ليَصْطَد لمُحاولات نَبْشهم..،بَلَّلَ شفتيه اللتان استعارتا ابْتسامة واسِعة ليُنَقّح بها البُرود الذي أجَّجَ شُكوكها..و بروسية مُتَمَكّنة،:انا اعيش في ألمانيا..يجب أن أتعايش مع هذه البلد،و البداية هي اللغة
مَرَّغت عَيْنيها على وجهه بوُضوح و هو بهدوء يُسْنِد ظهره للمَقْعد المُحْتَضِن جَسَدَهُ المُقَيَّد..يَنْتَظِر شَكَّاً جديداً تَغْزِلَهُ بمسامعه..و كما تَوَقَّع فهي نَطَقت بكلمات تَلَحَّفَت بالإسْتنكار،:إنَّها المَرَّة الأولى التي أُقابل فيها روسي ذو بَشْرة سَمْراء !
لم يَسْمَح لشَوْكِها أن يَمَس ثِقَته المَبْنية بيدي فَقْد،أجابَ و تلك الإبْتسامة لا زالت تُعينه،:جدي لوالدتي كان لاتيني..فلا تستغربي لَوْني "أَرْدَفَ بالأسْبانية و حاجبه ارْتَفَع لتنبعث من أسْفَله نَظَرات بارِدة مَسَّت اشْتعال ظُنونها" أنا مَزيج من الأعْراق
قَوَّست شَفَتيها بتقييم و هي تُخْفِض ساقَها المَرْفوعة..تناولت السّلاح،مَرَّرت باطن كَفَّها عليه ببطئٍ و احْتِراز،و كَأنَّها تَراه للمرة الأُولى،تتعرَّف على انْحناءاته و تقيس مَدى خُطورته..رَفَعَتهُ أمام وَجْهه مع اسْتقرار عَيْنيها المُتَكَحّلتين بعينيه ناطِقةً بسُؤال عاشِر،:هل تستطيع أن تتعرف على نوع هذا السلاح ؟
ببرود أَلْقى نَظْرة عليه ثُمَّ هَمَسَ بهدوء،:لا..لا أستطيع
أَرْفَعَ الإسْتنكار حاجبيها و هي تُعَقّب بعدم اقْتناع،:هذا غَريب ! فأنت من سُكَّان ألْمانيا فكيف لا تتعرف عليه !
وَضَّحَ بمَنْطقية،:لا أعتقد أنَّهُ شيء غَريب..فليس شَرْطاً أنَّ يكون لدى جَميع سُكَّان ألْمانيا خبرة في الأسلحة
،أَعْلم أنَّه ليس شَرْطاً و لَكــن "اقْتَرَبَت منه مُقَلّصة المَسافة بَيْنهما لتُرْدِف بهَمْس خَبيث" و لكن من يُحاول التَنبيش من خلفي لا بُد أنَّهُ خَبير في الأسلحة..أليس ذلك صَحيح ؟
زَمْهَرير ذاك الذي انْحَشَر وَسَط حَنْجَرته و تكالب بحدَّة حَوْل مُقْلتيه..و بهَمْسٍ لهُ شذرات جَليدية،:لا أعرف عن ماذا تتحدثين
و كأنَّها اجْتَذّبت بَعْضاً من شتائه الكَئيب لتُوْزِعَهُ على ملامحها التي تَدَثَّرت بالبُرود..أَطْلَقت كلماتها الرَّافضة نِقاشاً،:أخْبرني من أنت و ماذا تُريد و سأطْلق سراحك
مالت شَفتاه بابْتسامة كَلَّلَها بالبَراءة و هو يُعَقّب،:ديميتري موريس..اعتقدت أنّكِ قد حفظتي اسمي!
اقْتَرَبَت أكْثَر و ذلك السّلاح الصَّامت عَلا مُتَّخِذاً جَبينه هَدَفاً له..أَلْصَقَت فوَّهته ضاغِطةً بقوَّة أَرادت أن تَرى ألَماً بين طَيَّات ملامحه السَّاكنة..و بفَحيح ضَعَّف من ابْتسامته،:إما أن تعترف أو أن أُفْرغ هذا السلاح في رأسك
ثانية..اثنتان..ثلاث..و في الرَّابعة مَرَقَ الصَّمْتُ شَهْقة مَصْدومة فَرَّت من حَلْق العَجوز بقَسْوة كادت أن تَجْرحه..فَيَدُ هذا الشَّاب قد أحاطت بالسّلاح بأضْعاف قوَّتها المَهْزوزة..و في ثوانٍ لَوى ذراعها خلف ظَهْرِها يُجْبرها على مُواجهة الجهة المُعاكِسة،و هو من ورائها يَهْمُس بثقة،:لا أعْتَقد أنَّ هذا السّلاح يُريد رأسي
دَفَعَها لتَجْتَذِبها أَرْضٌ مَسيكة استَعْصى عليها اجْتِراع صَدْمَتها..اسْتَقَرَّت بباطن يديها المُرْتَعشتين فَوْقها..جَسَدُها مائل باسْتسلام..وفَمُها فاغِر تَذوي منهُ الكَلِمات..هي مُتَأكّدة أنَّ رجالها أوْثَقُوه بشدَّة،من جَميع الجِهات حاصَروه،يُسْتحال أن تُفَك العُقْدة من أي أحد يُحاول إنْقاذه،كيف اذاً هو المُقَيَّد أحَلَّها !ظِلَّهُ الضَّخم غَشاها حتى اسْتَحْوَذَ على أَنْفاسِها..رَفَعَت رأسها ببطئ الجُبَناء ليَتَّضِح لِسَواد عَيْنيه بُهوت ملامحها و الذُّعر النَّاعِق غُراباً بين حَواسِها..ازْدَرَدت ريقها و هي تُبْصره كيف يَقِف بطُوله الفارِع مُحاصِراً جَسَدها الهَزيل و الذي ذَرَّف على الخَمْسون..بخَواء مُوْحِش ارْتَفَع صَوْتُه،:إيّاكِ و العَبَث معي
عَيْناهُ مَوَثَّقَتان على حَواسِها،حتى أنَّها لوَهْلة ظَنَّتهُ لا يَرْمِش..زَحَفَت يَدَها ببطئ شَديد قاصِدة جانب خِصْرها و هو مُواصِلاً بَصْقَ كَلِماته،:أَعْطَيتكِ مُهْلة مُنذُ أن نَطقتي بسؤالكِ الثاني..لكنّكِ واصلتي تحقيقاتك الفاشِلة
عَقَّبَت و كلماتها مُحَمَّلة فوق هَوْدَجٍ من قَهَر،:ثقتك لا تُطاق أيَّها الشاب..تتحدث و كأنَّك الأهم و الأقوى
حاجبهُ الأيْسَر اتَّخَذّ مَسير الغُرور ليَعْلو مُثيراً اسْتفزازها،:لأنَّها الحقيقة..أنا الأهم
بدِقَّة أجْفَلَتها أَطْلَقَ على جهاز المُناداة الذي كانت قد تناولتهُ سِرَّاً من أسْفَل ملابسها..تَابعت بنظرات مُتَخَبّطة كيف اسْتَقَرَّ الجهاز عند زاوية الغُرْفة و هو قُطَعُ متناثِرة و ذاك أكْمَل ليَصْفَع ضعفها،:و الأَقوى
تَراجعت للخلف زاحِفة حتى وَصَلت للحائط..اسْتَنَدَت إليه لثوانٍ قَبْلَ أن تَتَخذهُ مُعيناً يُساعدها على الوُقوف..نَطَقت بسُؤال كَوى صَبْرها،:من طَرِفَ من أنتَ مَرْسول ؟
رياح نافِجة تَحْتضَن لَيْلٌ شَتْوي يَتيمٌ من قَمَر كان صَوْته..،:مَرْسولٌ من ذَّاتــي
اقْتَرَبَت بخطوات حَذِرة و لسانها لم يَتَخَلَّ عن أسْئلته،:من الواضح أنَّك تَبْحَث عن شيء ما..ماذا تريد تَحديداً ؟
شَخَرَ بسُخْرية مع انْخفاض ذراعه المُسَيْطِرة يدها على السّلاح..أجاب و هو يُقَلّب بَصَره على الغُرْفة الفَقيرة من أثاث،:أنا لا أبْحَث عن شيء بل الأشياء تبحث عني
جُمْلته هذه صَيَّرَتها بُرْكان انْفَجَر باصِقاً حُمَمه للقضاء على ثقته اللاسِعة..هي تَحَرَّكت و الحِقْد يُسَيّرها،و في لحظات كانت قَد تَلَقَّفت سكين صَغيرة من خلف ظهرها لتُلْقِيها عليه سَهْماً مَسْنون اسْتجابتهُ السَّريعة لم تَجْعله يَفُر منها..فقمَّتها الحادَّة لامَست جانب عُنُقِه مُخَلّفة جرحاً طَفيفاً تناثرت منهُ بضع قَطرات اصْطَبَغت بها تَسْميته المَنْحوتة بلَهَب فوق جلْده..اسْتَغَلَّت انْشغاله بتَقليب جِرْحه مُجْتَذِبة ذراعها للخلف بقوَّة لتَعود بها ناحية وجهه لتَلْكُمه..لكنَّهُ عادَ و صَدَمها باسْتجابته الخارِقة..سَيْطَر بقَبْضَتِهِ على ذراعها ثمَّ لَواها للحد الذي جَعَلَ عظامها تَتَفرقع مع ارْتفاع تأَوُّهاتها..هُوَ ألْجَمَ طُرقُ دفاعها و جَلَدَ دَهاءَها الذي لطالما تَبَخْتَرت به..إلهي من هذا الرَّجُل ! قَرَّب فَمه من أُذنها ليُفْرغ من سَحابة جَليده آخر كلامته،:أُكَرّر..إيّاكِ و العَبث مَعي
ثَمَّ أَتْبَعها بضَرْبة مَدْروسة خلف عُنُقِها أَفْقَدَتها الوَعي..تَراجع للباب و هو يَحْشر السّلاح أَسْفَل ملابسه عند خاصرته،فَتَحَهُ بَعْد أن ارْتَدى قُفَّازيه حتى لا يُخَلّف بصماته..خَرَجَ بهدوء بعد أن تأَكَّدَ من خُلو المكان من أَحَدِهم،تَحَرَّك بهُدوء و بخُطوات هامِسة مُتَجاوِزاً المَمَر المُظْلِم عَدا من ضّوْءٍ أبْيَض رَهيف..فَوْر ابْتعاه اسْتَقَلَّ السَّلالم قاصِداً غُرْفة نَوْمِها..و هُناك عند ذلك السَّرير انْحَنى مُواجِهاً الذي لَمَحَهُ قَبْلَ ساعات..الشق المَحْفور وسط بطنان الخَشَب..مَسَّه بأصابعه المُتَدَثّرة،تَحَسَّسَهُ بعناية يتَعَرَّف على مفتاحه..بخفَّة ضَغَط للداخل ليَبْرز لهُ الخَشَب كما درج مَفْتوح..سَحَبَهُ ليَتَّضِح ما بداخله..كما تَوَقَّع،مَجْموعة من الأوراق المُرَتَّبة بعناية..تناولها قَبْلَ أن يُغْلِق الدرج المَخفي ببراعة..كانت مُرَتَّبة حَسَب التواريخ و مُحْتواها قوائم دَخْل اعتيادية..و لكن الغير اعتيادي أنَّ كُل قائمة لشَركة تختلف عن الاُخرى،و صافي الدَّخل يتجاوز المَلْيون في كُل واحِدة ! بانَت ابْتسامة السُّخرية المُحْتَكِرة شَفَتيه و هو يَهْمس،:حتى الغبي بيفهم شنو هذا..وين الحُكومة عنهم !
وَقَفَ و هو يَحْشر الأوراق مع السّلاح مع تَحَرُّك عَدَستاه بتَفَحُّص على الأرْجاء..اقْتَرَب من المنْضَدة المحْتَوية حاجياتها..بدأ يَبْحث بين قوارير العطر و مُسْتحضراتها التَجْميلية..اسْتَقَرَّت أصابعه على إحداهن..كانت شَفَّافة و ذات غطاء دائري أَصْفَر..رَفَعها و هو يُضَيّق عَيْنيه بتَرْكيز..رَجَّها بقوَّة قَبْل أن يُسْكنها ليتَفَحَّص مَسير السَّائل في جَوْفِها..ثوانٍ و فَتَحها و هو يَتناول وِشاحاً كان يَرْتاح فوق المَقْعَد المُقابل المرآة..أَفْرَغ مُحْتوى القارورة فيه ثُمَّ بَدأ بمَسْح كُل ما لامستهُ يده أثناء بَحثه الأوَّل..حيث أنَّهُ تَحَرَّز أن يَرْتدي قُفَّازاته حتى لا تَكون دليلاً ضده حينما تعثر عليه و هو يُفَتّش..و هذا الزَّيت و الذي يَبْدو أنَّه خُصّص لشَعْرها المُقْبِل على الإنْقراض قد ساعدهُ لإخْفاء هَوِيّته المَكْتومة بين بَصَمات أَصابعه..،تَرَكَ الغُرْفة بعد أن تَخَلَّصَ من آثاره و مُباشرة تَوَجَّه للأسْفَل حَيْثُ من الباب الخَلْفي غادَرَ بحَذَر المَنْزل الصَّاخب من سُكون..خَطَى بثقة نَحْوَ السُّور الحَجَري و اللَّيْلُ من فَوْقِه قَد أَخاطَ رِداءً من سَواد تَتَزَيَّن بهِ سَماء سَرْمَدية مُرَصَّعة بالنُّجوم،عَلَّها تُجابِه غَبَشَ عَيْنَيه..تَشَبَّثَت أصابعه بالأطْراف النَّافِرة من الحجارة المُتَلاصِقة ببعْثَرة،و بالتوالي حَشَرَ مُقَدِّمة قَدَميه بين الفَراغات الفاصِلة بين الواحِدة و الأُخْرى،و بثبات بدأ يَتَسَلَّق السُّور،يَنْقل يديه و قَدَميه من مَوْضِع إلى آخر برشاقة اكْتَسَبَها من ماضٍ كان فيه مُتَدَرّب يَحْفُر الأرْض بيدين مُقَيَّدتين،و يَتَقَلْقَل جَسَدَهُ بين أمْواج بحْرٍ آسِن ليَنْجو برئتين مُلَوَّثتين قد صُدأت أنْفاسَهما من اغْتراب،فلأعوام لم تَرْتشفان عَسَلَ لقاء نَقي..،دَقيقة و كان يَقْفز من أعْلى السُّور إلى الأرْض مُسْتَقِرّاً بقدميه فوقها..،اسْتَقام واقِفاً و هو يَمس بعَفوية خاصرته جهة أدِلَّته..مَشى بخطوات حَذِرة دون أن يُلْقي نَظْرة للوراء..فهو خلال ثوانٍ انْسَلَخَ عن الأحداث التي جَرَت،و كأنَّ شيئاً لم يَكُن..رَشَّحَ حَواسِه من انْفعالات الساعات الماضية..و إن كانت انفعالات تَتَجَلَّد بشتاء مُقْتِم..هو كعادته فَصَلَ ذَّاته عن بُؤرة الإحساس فقط ليَعَيش..على الرَّغم أنَّ المَوت أشْهى أحْلامه،لكنَّهُ أَقْسَم أن يَصْبُر للحين الذي يَشاء اللهُ أن يُوَسَّد جَسَدَهُ الثَّرى..،اسْتَقَلَّ سَيَّارته المَرْكونة قَريباً..كانت مُظَلَّلة و يُسْتحال النَظَر لما داخلها بالعين المُجَرَّدة..أخْرَجَ السّلاح و الأوراق و دون أن يُطيل النَّظَر فيهم أخْفاهم في درج السَيَّارة..ثَوانٍ و حَرَّكها و هو يَرْفع الهاتف لأُذنه ينتظر الجواب الذي جاءهُ بلَهْفة،:موهاميـــد أهذا أنت ؟
أجابهُ ببرود،:نعم..و من غيري !
وَصَلتهُ زَفْرة ارْتياح قبل أن يتساءل ليطمئن،:كيف حالك ؟ لقد قلقت عليك كثيراً
و هو يُشير للسَّاعة و كأنَّهُ يراه،:هذا واضح..فأنتَ أجبت مُباشرة دلالة على أنَّك لم تنم بعد ! إنَّها الثَّانية و النُّصف عندكم في بَرْلين
أكَّدَ،:نعم إنَّها كذلك..لكنني قلقت عليك،خَشيت أن يُصِبْك أذى،حينها لن أُسامح نفسي و لنـ
أكْمَل عنهُ بنصف ابْتسامة مُحِبَّة تاهَ نصفها بين غَيْهَبات الحياة،:و لن يُسامحك هاينز
آسْتور على الجِهة الأُخْرى أَفْرَغَ حُزَم قَلَقِه المُسْتَعِرة وَسَط صَدْره..فهو الذي أَقْحَمَ مُحَمَّد في هذه المَتاهة المَجْهولة البداية و النهاية..هو بشكلٍ و بآخر أَنْقَذه من التَحَلّل بين جُدْران سُجون بَرْلين..لكنَّهُ في الوقت نَفسه ساقَهُ لمَقْصَلة الإعدام..تلك المَقْصَلة التي تُعْدَم فَوْقَها الذَّات و الرُّوح باقِية،تَتَلَوى بعذابٍ أَبَدي..،هَمَسَ،:أعذرني..لكنَّكَ تعلم أنَّ سفري لموسكو مَعك سيُعَقّد الخطَّة أكْثَر
عَقَّب جارِفاً التأنيب عن أَرْضه،:انتهى الأمْرُ على خَير..لا تُفَكّر به
،:و ماذا وَجدت ؟
أَجاب ليَرْسِم ابْتسامة النَّصر على وجه آسْتور،:كما تَوَقَّعت..غَسيل أمْوال و سلاح وُولثر
،:وَجَّدتها هُناك في المكان الذي أَخْبرتني عنه في الرّسالة ؟
أكَّدَ،:نعم..في الدرج المَحْفور وسط السرير
عَقَّبَ بحماس،:اذاً لدينا عَملٌ جَديد
حَرّك كتفه،:نعم كما يَتَّضِح لدينا عَملٌ جديد في هذا الخُصوص
بخَبَثٍ اعْتادت أن تَلْتقطه مسامع مُحَمَّد،:لكن قبل ذلك علينا أن نُعيد رَسْم ملامحك



حاضر

تَساءَلت و هي تُرَتّب الأطْباق فوق الطَّاولة،:شنو رايك ؟
أَجاب بضحكة،:ما عندي راي،مو مهم رايي من الأساس..ولدش رجَّال فاهم عاقل،و هذي حياته و هو أعلم فيها،و بنت عمته خلاص ما بينه و بينها نَصيب
أَسْنَدَت جذْعها للمَقْعد الخَشَبي و هي تَمس صدْغَها و الإرْهاق النَّفْسي مَنْحوت حَوْلَ عَيْنيها..و بصَوْت أَخْفَضَهُ الهَم،:صَراحة ناصر هو اعترف لي..اعترف إنَّه للحين يحبها
عَقَّبَ بثِقة،:ادري فيه
عُقْدة اسْتغراب طالت ما بين حاجبيها مُتسائلة،:شدراك ؟
بمُشاكِسة يُحاول بها تَلْطيف أَجْواء الكآبة العابِرة سَماء زَوْجته،:ترى أنا بعد أبوه،لا تظنين بس إنتِ أمه يعني بس إنتِ تقدرين تعرفين اللي في قلبه
مالَ رأسَها بخفَّة و ضِحْكة قَصيرة لازمت صوتها و هي تُعَقّب،:ما ظنيت،بس قلت يمكن هو بعد كلمك
وَضَّحَ،:ولدش ما يتكلم..بس هالشي واضح في تصرفاته،تكفي نظراته لها أكْبر دليل إنها بعدها في قلبه
قَطَّبت جَبينها مع احْتلال الضيق فُؤادها،:زين ناصر ما يصير جذي..يحبها و ياخذ غيرها
بمَنْطقية حاول بها إزالة الغشاوة عن عَيْنيها،:شالفايدة يحبها و كل واحد شايل في قلبه على الثاني ؟ إنتِ تقولين إنه مَجْروح منها..و هي شفناها شكثر عانت من أفعاله..فخلاص عيشتهم مع بعض مستحيلة..الحُب مو أساس العيشة يا ليلى،اذا ما كان في تقدير و احترام و تفاهم بينهم هذا انتحار مو حياة
بتنهيدة أَفْرَغت أَسْمال قَلَق،:و إنت الصادق،مو حياة..زين عادي يعني اروح اخطبها وإنت مو اهني ؟
ضَحَك،:لو أنا اهني شكنت بسوي ؟ هذي خطبة نسوان،وجودي مو مهم..اذا ان شاء الله وافقوا بيجي دورنا احنا الرجال
تَساءلت،:و نُور ؟ يعني هي بعد مواهني و احنا بنروح من غيـ
قاطعها،:يا ليلى لا تعقدين الأُمور..نور لو بتكون معاكم بتقعد ساكتة ما بتقدم و لا بتأخر..اهم شي إنتِ أمه و شوفي من تبينه يكون وياش
عَدَّدت،:أكيد جُود و وحدة من خواتي "و بتردد تَساءلت" ناصر يصير اقول لأختك ؟ يعني هي عمته الوحيدة و عيب علي اروح و هي مو وياي
ببساطة أجاب،:أكيد يصير..قلت لش لا تعقدين الأمور..و أم محمد بالعكس بتستانس اذا سمعت بالخبر " وهو يَدق ناقوس تَوَجُّساتها" ما بيصير نفس ما إنتِ متخيلة
زَفرَت بارْتياح بانت أطْيافه على وجْهها الذي اسْتَبْشَر،:خلاص بكلمها و بكلم جُود و الله يسهل
أَكَّدَ على دُعائها،:ان شاء الله بتتسهل..بس إنت لا تحاتين،استأذنش اللحين عندي شغل
بابْتسامة امْتنان اسْتَشْعَرها مَسْمَعه،:في حفظ الله

،

يتبع

 
 

 

عرض البوم صور simpleness   رد مع اقتباس
قديم 05-06-16, 01:50 AM   المشاركة رقم: 779
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: Aug 2015
العضوية: 300973
المشاركات: 633
الجنس أنثى
معدل التقييم: simpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 475

االدولة
البلدBahrain
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
simpleness غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : simpleness المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: ذات مُقيّدة حوّل عُنُقِ امْرَأة / بقلمي

 

على الجِهة الأُخْرى..في دُبْلن،و فَوْقَ أريكة شِقَّته..أَغْلَقَ الهاتف و ابْتسامة مُحِبَّة مُكَلَّلة بزَهْرِ نَقاء طَيَّبت شَفَتيه..كَعادتها تُراكِم القَلَق في قَلْبها و تُعَسّر على نَبْضاتها المَضي براحة و رَخاء..تَحْرُم نَفْسَها التَلَذُّذ بمَذاق اللحظة مُتَعَلّقة بكلمة مُهْتَرِئة وُلِدت من رَحْم وساوس شَيْطان..تُرَدّدها لتقتنع بأنَّ السوء حاصِلٌ لا مَحالاة "ماذا لو " ! و هُنا يَبْدأ عَمَله ليُنَقّح حَواسها من هذا العَذاب..نعم فالقَلَقُ عَذابٌ خَبيث يَجْري فينا مَجْرى الدّمِ في الوَريد..يُلَوّث سَعاداتِنا و يُشَوّه ساعات الفَرح..فبالقَلَق تُصْبِح الحَياة مَبْتورة الأفْراح..تَتَعَكَّز على الوَهْم تنتظر مأساةٌ تَحِل لتَبيعها الحُزْن الذي تَوَقْعَته الرُّوح..،أَخْفَضَ الهاتف على الأريكة جانبه مع اقْتراب طَلال القادِم من المَطْبخ..في يده كُوبٌ يَرْتَفِع منهُ بُخار و اليَد الأُخْرى مُمْسِكة بقطعة خُبز يبدو أنَّهُ دَهنها بالجُبْن..تَقَلَّصَت ابْتسامته و عُقْدة مُنْزَعِجة بانت بين حاجبيه..نَطَقَ بأمْر،:اترك اللي في ايدك و قوم تجهز خل نمشي
للتو اسْتكان جَسَدَهُ على الأريكة أمامه..تَسَاءل بعَدَم اسْتيعاب و مَلامح مُلْتَحِفة بآثار النُّوم،:نمشي ويــن!
و هو يَسْتَفْسِر الوَقْت من ساعة مِعْصَمه،:بعد نص ساعة تنتهي مُحاضرة نُور..لازم نروح لها
عَقَّب و هو يَرْفع يَديه ليُريه طعامه،:زيــن يُوعان..خلني آكل أوَّل،حتى ريوق ما تريقت
ببرود تَشَبَّعت منهُ نَفْس طَلال حَرَّكَ عينيه عنه..ثوانٍ فَقط ثُم عاد ليَنْظُر إليه و هو يَرْتَشف من كُوبه..تساءل باسْتنكار بدا بين عَيْنيه لَيْلاً لا يَعْرف المَسير لوَضَحِ النَّهار،:مستغرب بُرودك..ما كأني الصّبح قايل لك إنها رفضتك !
أخْفَضَ كُوب الشَّاي فوق الطَّاولة و هو يُتَمْتم و بجانبه تَرَك قُطْعة الخُبز التي لم يتناول منها سوى قَضمة صَغيرة..بان صَوْته لناصر،:استغفر الله..سدَّة نفس
أَرْفَعَ التَعَجُّب حاجبيه مُعَقّبّاً بذات الإسْتنكار،:سَدَّة نَفْس من شنو ! إنت حتى مو مهتم للموضوع
بَعَثَ لهُ نظرات حادَّة مُحَمَّلة بقَهَرٍ مُغَبَّر صال و جَال وسط صَدْره حتى أَسْقَم القَلْب..نَطَق مُفْرِجاً عن كلماته التائهة،:يعني شتبيني اسوي ؟ احط ايدي على خدي و أنوح عشان ترضى ! يعني هي أكيد بترفضني..مادري شنو كنت إنت متوقع "أكْمَل بسُخْرية لاذِعة" كنت تظنها بتاخذك بالأحضان لأنّك خطبتها لخال طَليقها ؟!
أَجاب يُوَضّح لهُ الأمَر من جَديد،:خَبّرتك إنّي قلت لها إنت اللي خطبتها مني
مال رأسه بخفَّة و هو يُرْجعه للخلف مُعَقّباً بسُخْرية تَجَلَّت على ملامحه و في صَوْته،:لااا ! يعني اذا قلت لها جذي بيتغير الوَضْع ؟
تَجاهل سُخْريته الغارِقة في بَحْرٍ من مَرارة لينطق بحَزْم شَديد لا يَقْبَل الرَّفض،:اسمعني عدل يا طلال..بكلمها مرَّة و مرتين وثلاث و إنت بعد بتكلمها..بيّن لها شكثر إنت تبيها و تتمناها..ابي بنتي ترجع مثل قبل..ترجع لها بسمتها و سعادتها..ابيها ترتاح و تنسى اللي صار "عَقَدَ عَيْني وَعْده بعَيْني انكساره مُضيفاً"صدقني اذا قدرت تقتلع من ذاكرتها أحداث ذيك الليلة..بسامحك
بخُفوت غادَرَ صَوْتُه حَنْجَرته..مثل طَيْرٍ يَنْعى مَوْتُ أحْلامه بتَغْريدٍ حَزين،:لا تحَمّلني فوق طاقتي..يمكن ما اقدر اسوي كل هذا
رياح ثِقة رَبيعيَّة تُبَشّر بيَنَعِ حَياة عانَقَت ملامحه،:بلى تقدر..الإنسان اللي يبي يسترجع سعادته يقدر يصَيّر المُسْتَحيل حَقيقة..و نُور سعادتك،لو كَلّفك الأمر نفسك و صحّتك ما بتستسلم و بترَجّعها
مالت شفتيه من ابْتسامة أَسَى حَلَّقت من بين أكْوام ماضٍ ساعاتُهُ اقْتَلَعت رُوحه من جَسده الرُّجولي لتُقَلّص عُمْرها..حَيثُ بين أَذْرُع الزَّمَن بَكى طِفْلاً سَرَقوا منهُ عَروس عَيْشه..هَمَسَ بخُذْلان صَهَر حَبْلُ الضَّمير المُرْتَبِط بفُؤاد ناصِر،:يوم جيتك قبل ست سنوات ما عرفت إنها سعادتي !
عَقَّبَ يَرْسم لرُوحه المَعْلولة طَريق القَدَر،:حتى لو وافقت عليك كانت بتكون لعبدالله..كانت مكتوبة لعبدالله وقتها
مَكْتوبة..المَكْتوب ! تلك الكَلِمة التي اسْتَعْصى على عَقْله الطُّفولي أن يَجْتَرِعها..كان ابْنَ العاشِرة عندما الْتَقَطَتها مسامعه للمَرَّة الأولى..كان يَتَساءَل بعَيْني غار فيهما الدَّمْعُ حتى اصْطَبَغَ بياضهما بالأحْمَر الدَّامي "ليش أمي ماتت ؟" كان الرَّدُ من إحدى أخواته بارِداً،لم يَحْمِل مَعهُ حُروفاً من حَنان تَتَشَرَّب فَيْضه المالح "هذا المَكْتوب..لو تبينا بعد نعترض على أمر الله !" صَرَخَ حينها و تَعَفَّر جَسَده بين أَحْضان أرْض صَلْبة..بين ذراعيها يَقْبعُ الشّتاء لا دفئُ رَبيع عَطِر..بَكَى و من قَلْبِه زاغَ الأَمان قاصِداً مَسير الغِياب ذاك الذي سافَرت إليه رُوح والدته النَقيَّة..شَهقاته صُمَّت بأيْدٍ قاسِية،و نَحيبهُ تَحَجَّر وسط حَلْقِه يَخْتَبِئ من زَمْجَرة أخوات تَرْتَدين عباءات عَدو حاقد..هَمْسُهُ المُرْتَعِش تَعَثَّر في الهواء دون أن يَصِل لمسامعهن "ابـ ـي أمي..لا يَكْتبون..خل تيي أمـ ـي ابيها " لم يَكْن يَدْري مَن حينها ذاك الذي كان يَكْتُب..قالوا أنَّهُ الله،لكنَّهُ لم يُصَدّق كَذِبَهم..فوالدته أَخْبَرته أنَّ الله يُحبّه..فكيف يُبْكي الحَبيب حَبيبه ؟ مَضَت السّنون و نَفْسِه المُتَخَبّطة لم تَعْتَنق الإيمان بذلك المَكْتوب..هُو لم يَفْهَمه جَيَّداً و كأنَّ غَشاءٌ سَميكٌ حالَ بينه وبين تَصْديقه..لكنَّ الزَّمَنَ أراد أن يَعْقِد نِيَّته به..في تلك الليلة التي اشْتَعَلت فيها أَوْداجُه..و انْكَوى قَلْبُه حتى اخْتَنَقت نَبْضاته ليَنْثُر رَماده وَسَط بَحرٍ لطالما حَمَل فَوْقَ كاهله أَعبائه..جاءهُ رائد يُزيح عنه كَمَداً سَرْمَدي صَعَّب عليه الذَّوبان بين جُزَيئات سَعادة تَكاد تَشُح من أَرْضه..اَخْبَرهُ لَيْلتها و القَمَرُ من فَوْقِهما تَوارى خَلْفَ سُحُبٍ مُعْتِمة"مَكْتوبة لعبد الله..ما هي مَكْتوبة لك" لم يَكْن مثل طِفل..بل كانَ فعلاً طفْلٌ في الخامِسة و الثَّلاثون..تَشَرَّب ماءَ عَيْنه برسْغه و هو يَهْمُس بتساؤل تَقَطَّعت حُروفه من نَصْل شَهْقات "ليش المكتـ ـوب على طول ضـ ـدي !" لَحْظَتها زَجَرهُ رائد و أنَّبَهُ على قَوْله..فكيف يَجْرُأ على قَوْل ذلك ! "الله أعْلم باللي خير لك طَلال..اصْبر يمكنها خِيــرة" و بَدأت قافلته مَسيرها المَحْفوف بالعَثَرات..فهو لم يَكُن ذلكَ الرَّجُل المُؤمِن..لم يَغْفو و أهْدابُ جِفْنيه آياتٌ بيّنات تُهْديه نَوْماً يَخْلو من كَوابيس..هُوَ لم يَجْثو مُهَيّئاً جَسَدهُ لسُجودٍ يَعْبِر بهِ إلى خالقه..كان عَبْداً ذو نَفْسٍ ضَعيفة..هَشَّمَتها الحياة و لم يُرَقّعها الإيمان..فَمن خلال فَجوات نَفْسِه عَبَرَ الشَّيطان ليَعْقِد روحُه بالحَرام..كانَ شَرَّاً ذك الذي اسْتَعَرتلط الليْلة،و لكنَّهُ كان خِيرة هَمَسَت لهُ بابْتسامة إنَّ الله يُحِبُّ التَّوابين و يُحِبُّ المَتَطَهّرين،ليَخْلَع ثَوب نَجاسَته و يَنْسَلِخ عن سُوء نَفْسِه و فِعاله فالله خَيْرُ الغافرين..كانت خيرة تَيَقَّنَ منها قَلْبه بالمَكْتوب و وُسِمَت رُوحه بالصَّبر لحُكِم رَبَّه..فمَعَ تَلْويح كُل غَسَق يُبْصِر بين النَّسائم صِدقُ وَعْد فإنَّكَ بأعْيُننَا ..،وَقَفَ بَعْدَ أن أفْرَغ بَلايا ذَّاته مُتَخَلّصاً من نَتانتها..هَمَس و هي يَخطو لغُرْفته،:عَشر دقايق و بكون جاهز



نَحَت قُيودَ الفَزَع عن كاحليها و انْحَنَت راجِفة تَلْتَقِط خباياها،أحلامها المَنْثورة عُنْوة..أَسْرار الليل المُفْضوحة أمام ناظريه..الْتَقَطَت الأظْرُف المُتَوَسّدة الأرْضيَّة الخَشَبيَّة بأصابع تَخَتَّمت بالبَعْثَرة،تُريد أن تُخْفي عن مَعْرِفَتِه كلمات انْعَقَدت إكْليل أُنوثة فوق رأسِها..أن تُغْمِض عيناه عن حُروفٍ عَزَفَت موسيقى زَهْرية غَفَت على هَدْهَدَتِها أهْدابُ أَحْلامها..لكنَّ يَدُ قَسْوَته المَوْلودة حَديثاً كَبَّلت معصمها،نال من ذقنها اهْتزاز إثر مَيَلان شَفَتيها المُحَذّرَتين بالبُكاء..مُقْلتاها اشْتعلاتا بدَمْعٍ شَوَّش رؤيتها.. و صَوْتُهُ المَأهُول بشَعْب اسْتنكار مَرَقَ مَسْمَعَيْهَا،:شنـــو هذا ؟!
فاضت سَحابتاها المَغْشِيَّتان،فَغَرَت فاهها تَنْجو من اخْتناق شَهْقة وسط حَلْقِها و هي تَرى يَدَهُ تَلْتَقِط إحْداهن،كانت الأولى..رَبيعها الأوَّل..و الولادة الأولى لزُهور الحُب البَريئ..اغْتَصَب الظَّرف الزَّهري مُقْتَلِعاً تلك الوَرَقة من جُذورها،فَتَحَها بلا اسْتئذان و بَصَرهُ انْعَقَدَ بالبَوْح النَّاحِت غَضَباً بين ملامحه..تناثَرَ وَدَقُها المالح فَوْقَ خَدَّيْها مُحْدِثاً ضَجيجَاً صُمَّت حَواسه عنه..شاهَدتهُ من خَلفَ أَسْوار الدَّمع و هو يَقرأ..أَبْصَرتهُ يَبْتَلِع الكَلِمات بأنيابِ قَسْوته،يَلُوكها بحَنَق ثُمَّ يَبْصقها بعد أن يَمْتَص جَمَالها..ذلك الجَمال الذي زاد ألوان حياتها أَلَقاً،ها هو اليَوم يَنْتَعِل سَواداً كَئيباً يُنْذِر بانْتحار علاقتهما..،قَلَّب الوَرَقة مَرَّات مُتَتالية و كأنَّهُ يَبْحَث عن شيء..الظَّرف كذلك و بقيَّة الرَّسائل،نَبَّشها و قَطَع نُمو زَهرها باقْتلاعها من أَرْض الماضي النَقيَّة..نعم كانت نقيَّة لم تَشبها شائبة و لم تتلوث بافْتضاح..،رَجْفة انْعَقَدت بعمودها الفَقَري مُصَلّبة ظهرها لالتقاء عينا غضبه بعيني رُعْبها..تَساءَل بهَمْسٍ كانت الرّقة ببُعد السَّماء عنه و هو يَرْفع تلك الأولى أمام وجهها،:ممكن اعرف من هذا ؟!
ضَمَّت شَفتيها بوُجوم و حَنْجَرتها تَقَلْقَلَت وسط حَلقها بتَيه،تَبْحَث عن صَوْت قد يَجُر بضع كلماتٍ لتَصُفَّها جَواباً يُرْضيه..إلا أنَّ رضاهُ مُحال يا حَنين..،تَصافقت أَهْدابها و صوتهُ يَعود بعُلو مُفْزِع،:اتحَجـّــي،من هذا ؟ من هذا اللي هـــايــم فيش !
اسْتعانت بجفْنَيها،سَتَرت بهما أُجَاجها المُشْتَعِل بلا انْطفاء وسط تلك الغارقتين..ارْتَجَفَت بلا حيلة من صَوْتِه البَلْقَع من حَنان و يَدَهُ الصَّلْبة امْتَدَّت واسِمة آثار أصابعها فوق جلد ذراعها الرقيق،المُخْتَبئ خلف عَباءة طَغى على سوادها سواد الشَّر النافِذ من مساماته..،:للمرة الثالثة اسأل من هذا..جاوبي،رسمي لي أعذار يمكن اصدقها..جاااوبـــي
حَرَّكت رأسَها بخفَّة يَساراً،تُناشد كَتِفها المُرْتَعش عُصْفوراً أن خَبّئني بين جنحيك،احجب عنّي شعاعه المُعْتِم على الرَّغم من ضوئه،مُعْتِمٌ من غَضَب..،تَنَشَّقت و صَدْرُها تَعْبرهُ قَوافل شَهْقات،و من بين ثَغْرة صغيرة خَرَجَ صَوْتُها مُنْكَمِشاً،:مـ ـ مـا ادرري..والله مـ ـادري
قَبَضَ على ذِقْنها لتُغادر حَنْجَرَتها آه مَقْطوعة النهاية،تَخَبَّطَت تائِهة بين جُدْران الهواء المُتَصَدّعة تَوَتُّراً..و من بَيْن أسْنانه انْسَلَّ هَمْسٌ لاذِع،رَسَمَ فَوْق حُجْرات قلبها الإتّجاه الأوَّل لخارِطة الوَجَع،:ما تدرين ؟ و هو يدري عن كل تفصيل صغَير في حياتش ! "شَدَّ على ذقْنها بقَسْوة لا تُشْبهه مُرْدِفاً بأمر قسْري" طالعيني
اسْتجابت لأمْره السادي مُلْتَفِتة ناحِية عَيْنيه المُهاجمتين جَهْلها ببصر مُنْخَفِض مع انْحسار الغِطاء عن رأسِها..لا جَواب لديها،فذلك الهائِم فيها على حد قَوْله لا تعرفه،و ظُنونها التي غُزِلت حَوْل راشِد دَحَضها بثِقة..لا جواب لدي بَسَّام..صَدّق بُكائي و قِلَّة حيلتي..،تساءل من جديد و صَبْرهُ لاحَ لها فُتاته المَنثور عند قارعة وجهه،:حَنيـــن من عند من هذي الرسايل ؟ بدون جذب تحجّي
مَرَّرت لسانها على شفتيها تُحيي المَوْضع العابرة منهُ الكَلِمات،أَنْهَت مُهِمَّة جفْنيها ليَرْتَفِعان مثل سَحابَتان قَرَّرَتا الإسْتسلام لتُريان الأرْض انْكسار شُعاع شَمْسٍ حَزينة..نَبَتت وسط يُمناها دَمْعة انْعَكَس فيها وَجْهُ حَقيقته..ذلك الوَجْه المُتَألّم أَضْعاف ألمها،لكن لم تُبْصِر هي سوى شُروره المُصْطَنَعة..،هَمَست ببحَّة أَرْهَقَها الضَّياع،:والله مادري..صدقني،ظنيته راشد بس أنكَر"اسْتَنْشَقَت نَفَس عَميق و عيناها تَهْرُبان من سَطْوة نظراته لتُرْدِف" توقعته يجذب،لكن حاولت اعرف اذا كان في أحـد غيـر بس ما قـ
عَدا شَهْقة نَبْض لم يَزْعَق شيءٌ آخر وَسَط روحِها..كُل مافيها تَجَمَّد،تَصَلَّب و غابت الحَرَكة عَنه،حتى عَيْناها وَقعتا رَهْن اتْساع لم يَخْترقه تصافق أَهْداب،قوَّتها اضْمَحَلَّت و كُل ما اخْتَزَن من قُدْرة بين عَضَلاتها قد انسَلَّ منها بلا حيلة..أتاها بقَسْوة و لكنَّهُ وَجَّه تلك القَسْوة بسَوْط رقّته،فكيف لرَجُلٍ أن يُوْجِع بسيف رقّته ؟! باغَتتها رَعْشة أعادت الحياة لمملكتها و هي تَشْعُر بمُعانَقَة يده لوجهها،و امْتلاك ذراعه لخصْرها النَّحيل..،غابَت خلف إغْماض مُسْتَسْلِمة لغَزو المَشاعر،غَزْو قَبيلة شَفتيه..غَزْو قُبْلته..،تلك القُبْلة جاءت على غَفْلة من شِجار،جاءت مُفاجِئة للحد الذي أَنْساها كيف تَسْتَجيب بدايةً..لكنَّها ها هي الآن تُقابِل أفْعاله بأفعال و يُمْناها تَرْتفع مُلامِسةً عُنُقِه بنُعومة بالِغة تَهْواها رُجُولته..،هي تَناست غَضبه و نيرانه التي أرْمَدتها و زَرَعت في نَفْسِها الخَوف..تناست كما عَوَّدها و ذابت بين مَوْج ذراعيه و نَهْر قُبْلته العَذْبة..أشاحت قَلْبها عن أَلَم لتَمْتَزِج جُل حَواسها معه..هو بَسَّام،ذاك الذي فَتَحَ لها أَبْواب تُسافِر بها لسَماء شاهِقة العُلو..كما تُحِب !تَراجَعَ عَنْها بعد أن شارفت أَنْفاسَهما على الإنقطاع،أَطْبَقت شَفَتيها المُتَوَهّجَتان بحرارة و بَصَرُها مَشْدوه للكَلمات المُنْطَلِقة من بؤرة قُبْلاته،:هذا اللي تبينه صح ؟
زَمَّت شَفَتيها و ضَيقٌ يَجْهَل مَقْصَده وَتَّر ما اسْترخى من ملامحها قبل ثوانٍ..تَسَلَّقت عَدَستيها وَجْهه حتى اسْتَقَرَّتا عند بَوَّابتيه المُسَيْطِر عليهما غَبَشُ خُذْلان..! واصَلَ حَديثه المُبْهَم الإسْتهلال،:هَدفش الإشباع مو أي شي ثاني
شَدَّ ذراعه حَوْل خُصْرِها ليَجْذبها إليه أكْثَر و يَرْتَطِم صدرها بصَدْره..مالت زاوية فَمَه بسُخْرية عندما اسْتنَشْق الإرْتباك المَحشور بين أنْفاسها..و بوَجْسٍ لاذِع و عيناه تَجْرُفان أراضي عَيْنيها المَغْرورتين،:أنا..بسَّام..موجود في حياتش فقط لإشْباع رغباتش الجنـ
قاطَعتهُ بشَهْقة عَنيفة و هي تَدْفعهُ من صدْره عنها..تَدْفَع عن مَسامعها سُمَّ كَلماته..اتّساع مَحجراها ذَوَت منهُ ابْتسامة سُخْريته..كان اتّساعٌ مأهولاً بالدَّمعات..تَنَشَّقَت بصُعوبة لاطِمة قَلْبه الصَّارخ تأنيباً لفعلته..لكن لا حل لديه،لا خيارات أمامه تستطيع مُجابَهة هذه الحَنين،المُنْتَشية غُروراً أسْكَنَهُ إحْدى زوايا حياتها المَنْبوذة..،ارْتَفَعت منها كَلِمة مُنْهَكة،افْتَرَقت بدايتها عن نهايتها..،:اسـ ـكت
تلك "اسكت" اجْترعتها مسامعه ليُتَرْجمها عقله بالمُقابل بـ"اكمل" ليُواصِل بصْقَ حَديثه المُتَخَثّر وسَط روحها،:تصيرين غَزال رَقيق..حِمْل وَديع في حضني لأني أرضي أُنوثتش..و أغَذّي غرورش "ناشَدَ رأسه اليُمنى و اليسار يَرْسم أسَفَه و هو يُرْدِف" موجود في حياتش بس عشان ألّبّي رغباتش الأنانية "و بُسخرية" أما شي ثاني،فأنا اعرفه بالصدفة أووو.. بالصَدمة
عَلا صَوْتُها المُخْتَرِقَتَهُ بَحَّة نَحيب لتدحض اتّهاماته،:انــــت قلت لي مابي اعرف شي عن ماضيش..انت اللي قــ ـلت ليش اللحين قاعد تلومني !
ناَفَس صوته عُلو نَبْرَتها مُجيباً و هو يتحرر من جلوسه،:لأنَّه مو ماضي..قاعد ألومش لأن اللي يصير مو ماضي..الماضي ينتسى و يندفن بين السنين و محد يذكره " أشار إليها مُؤكّداً و هو يُكْمِل" لكن انتِ بعدش متمسكة فيه،اشوفه ملتحم مع حياتش..مو قاعد اشوف أي نسيان
زَحَفت للخلف و فَيْضُها اخْتار مَخْدَعاً لهُ فوق الأرْضية الخَشبية المُسْتَقْبِلة انْخفاض وَجْهها..تَراجعت للحائط القَريب مُسْتَنِدة كَمَن يَحْتَمي من هُجوم أَعْداء..كانت اتْهاماته عَدُوَّها المُحاصِر مدينة كبْريائها..لا تُريد لأَحَد أن يُؤَكّد لها امْتزاجها بالماضي..ذوبانها بين سنين الرَّسائل و انْعِقاد قَلْبها بنَبْضة شُعور لَذيذ تَرْفُض بَيْعه للزَّمن ليَعْتَمِر قُلُنْسوة "الماضي"..،ببطئ مُرْتَعِش ارْتَفَعت كَفَّاها لتستقران فوق أُذنها،تَحْجِب مدافع كلماته عن مسْمَعَيْها..هُو اقْتَرَب من مكان انْطوائها،يُشاهِد بقلبه ضعفها المُتَدَثّر بخرْقة بالية تُسَمَّى الكبْرياء..يَعْتَقدهُ البَعْض قوَّة و إنّما هُو هاوية تَنْتَحِر عندها الحياة..،احْنى ظَهْره قَليلاً ليتسنَّى لهُ رؤية ملامحها جيَّداً،نَقَلَ بصره بين عيْنيها المُغْمَضتين بقوَّة تُشير إلى رَفْضها للبَوْح المَسْجون في صدره..هَمَسَ بلَحْن سُؤال مَسَّ أَوْتار التأنيب المُتَهَدّلة في نَفْسِها،:بشنو كنتِ تفكرين يوم جبتين الرسايل اهني ؟ "اسْتقام في وقوفه ماسَّاً صدغه يُتَرْجِم اسْتنكاره لفعلتها و هو يُرْدِف" شي حسَّاس مثل هذا ما كان يصير انا اشوفه! "و بنفاذ صَبْر نُحِت بين حاجبيه" ما يصير زوجش ينصدم كل مرَّة بعلاقاتش السَّابقة
تَلقَّفَ تَوَتُّر ملامحه بكَفَّيه مع اقْتران زَفْرة مُتْعَبة بالهواء،فَرَّت من صدره المُتَّخِم بالتنهيدات..هي ضَعَّفت من انْطوائها و تَنَشُّقِها سَلَكَ طَريق الهُدوء و كأنَّه يعلم أنَّ كلماته الأخيرة سَتَعْصِف به للحد الذي سيَنْحَر أَنْفاسَها..،أَزاح يديه عن وجهه،اسْتَقَرَّ بهما حَوْل عُنُقِه..زَمَّ شفتيه للحظات،مالَ رأسه بخفَّة مع تَسَلّق يُمْناه رأسه قابِضة بأصابعها على خصلاته..و بصَوْت تَبَنَّى من الشتاء لسعة جَليده،:اخْتاري..يا أنا حاضرش و مستقبلش..يا الماضي..الزَّمن اللي عَكَّر لحظاتنا من أول يوم لين هالثانية



قَدْ نُلام إذا سَرَقَ المَرَضُ ألْوانَنا و قَبِلْنا عَيْشاً رَماديا..قَدْ نُلام حينما تَنْفث الآلامُ حُمَمَها و نَرْفَع راية اسْتسْلامنا بعَينٍ تَسْكُب الدَّمْع لا تَرْتَشِف الأمَل..و قَدْ نُلام و نُلام و نُلام..إذا أمَتْنا الرُّوح بأيْدينا و النَّفَسُ لا زالَ يُحَلّق في جَوْفها..طَيْرٌ يَهْفو لِهِجْرة تَنْقِلَهُ من سَماء دُّلْسة،ابْتسامَتُها تُظْهِر أَنْيابَ لَيْثٍ خَبيث..إلى سَماء تَتَسَرْبَل ببياضِ فَجْرٍ تُناغيه مَغازِلُ شَمْسٌ لامِعة،تُهْدي الطَّيْرَ إلى أرْضِ الأمَل و البَقاء..،ميريل..شابَّة في الثانية و الثَّلاثون،إحْدى مُحاربات سَرَطان الثَّدي..أَخْبَروها بحُزْنٍ بَليغ و ملامح مُتَوَشّحة بالسَّواد اسْتعداداُ لموتٍ تَوَقَّعَتهُ النَّفْس الجَبانة،بأنَّها سَتَعيش لأرْبَعةِ أَشْهُر فَقَط..و هاهي قَريباً سَتُكْمِل السَّنة الثالثة مُنذُ تَلَقّيها الخَبَر..،كانت اليُوم الأيْقونة لهذا المَحْضَر الذي يُناقش العامل النَّفْسي و دَوْره لمُحاربة السَّرَطان..،كانت مُتأنّقة ببساطة..تَتَحَدَّث بانْتعاش و حَماس أَفْصَحَت عنهُ كلماتها الواثِقة..ابْتسامة كما إشْراقة شَمْس رَبيعية..و فَوْق وَجْنَتيها نَبَتَ زَهْرٌ أحْمَر يَضجُّ بالحياة..و في عَيْنَيها تَلْمَحُ بَريقٌ خاطِف يَهْتف بَعَزم..سَأعيش ! بفَخْر سَرَدت تَفاصيل رحْلَتها للتَغَلُّب على خُبْث المَرَض..هي لم تَعْتَكِف فَوْق سَريرٍ بَياضهُ الباهِت يُجَمّد العُروق و لا بين أدْوية رائحتها تَخْنِق الفَرَح المَغْروس بين أَضْلاعٍ مُتَمَسّكة بالحياة..كانت قد اشْتَرَكت قَبْل عامين في نادٍ صحّي على إثْره استَرَدَّت رَشاقَتها أيَّامُ مُراهَقتها..أَصْبَحت أكْثَرُ شَباباً و ازْدادَ ألَقها..،هي لم تَكْتَفِ و عَرَّجت على دُور الأزْياء في مَنْطِقتها تَعْرض مَوْهِبَتها في التَصْميم،زَرَعت و حَصَدَت..فالشَّهْرُ القادم سيَنْطَلق أوَّل مَعْرض خاص بها لبَيْع تَصاميمها..بل ثِمارها التي أَجْنَتها من مَعْركة شَجاعتها..، إلى جانب أنَّها سَتُلْقي غَداً الكَلِمة الخاصة لأوْلياء الأمور في حَفْل تَفَوُّق صَغيرتها..،الجَميع هُنا اتَّفَقَ على ضرورة تَفْعيل الطُب النَّفْسي للتَصَدّي لهذا المَرض..فالدراسات أثْبَتت أنَّ العامل النَّفْسي هو أحَد الأسْلِحة الفَتَّاكة لمُحاربته..كُلَّما زادت الإبْتسامة و زاد الإيمان بالشفاء ضَعُفَ المَرض و أَصْبَحَ أكْثَرُ هَشاشة..و هُنا يُسْتطاع تَدْميره بسهولة..،كذلك سارة التي أعاد لها لقائها مع عائلتها الصَّغيرة حَيَوِيَّتها اقْتَرَحت أن يَتم عَقْد دَوْرات تَوْعَوية و إرْشادية لأهْل المُحارِب..فالبَعْض و إن كان يَحْمل بين كَفّيه قُوَّة ثَمينة يأتي أقرباؤه و بقَبْضة اليأس يَنْهَبونها منه..لذلك يَجب تَحْصين جَميع الأطْراف لتَكون النَتائج ناجِحة..،أمَّا هي..فلم تنبس ببنت شَفة،مُنْطَوية في مَقْعَدِها..مُسْتَمِعة على غَيْر العادة..تُقَلّب عَيْنَيها على الوُجوه المُتَحَدّثة وَسط قاعة المُؤتمرات الواسِعة التابِعة للفندق..و على الرَّغم من صَمْتِها هذا إلا أنَّها كانت تَتَوَشَّح بابْتسامة رَقيقة،صَدَعَت قَلْبَها بمَلَق و غَفَت مِثْلَ حُلْم فَوْقَ شَفَتيها الصَّغيرتين..بطَريقة أو بأخْرى كانت تُقارِن بينها و بين هذه المُحارِبة..ميريل الجَميلة..لوَهْلة شَعَرت بسُخْف حُزْنِها اذا ما وَضعناه فوق كفَّة الميزان إلى جانب ما عانتهُ ميريل..ستَخْسَرُ حَتْماً..فهي لا زالت و بفضل الله بصحَّة و عافية..في كَنف والديها تَعيش بلا فَقْدٍ أو احْتياج..فكيف تَنْحَني للأسَى و تَسْمَح لأصابعه السَّوداء أن تَطْمس فَرَحها ؟! فالتبكي اذا عاثَ النَّوحُ في صَدْرها..و لتَشْكو لله..لوالديها..فيصل،جُود و سارة..فلْتَتَرَشَّح من البُؤس و لتَخْلَع ثَوْب الكآبة ثُمَّ تَقِف..برُوح تَتَطَلَّع للأفْضَل و بابتسامة تأمْل خَيْرا..فليس عَدْلاً أن تَتَمَرَّغ في وَحْل الحُزْن إلى الأبَد..،انْتهت المُحاضرة بعد أن أبْدى الجَميع رأيه في نقاش ودّي جَمَعَ أطْيافاً من البَشَر..جنسيات و أعْراق و ديانات مُخْتَلِفة جَمَعتها الإنْسانية..،غادَرت القاعة مع سارة التي كانت تُحادث زَوْجَها..أنْهَت الإتصال مع اقْترابهما من المَصْعَد..تَساءلت هي،:بتتغدين وياهم ؟
بابْتسامة واسِعة و صَوْت مُفْعَم بالحماس،:ايــــه بنتغدا مع بعض..تعالي ويانا نُوور
هَزَّت رأسها نافِية و الإبْتسامة لم تُفارق مَحْياها،:لا حبيبتي انتو خذوا راحتكم..و انا بكلم بابا اذا مو مشغول بتغدا عنده
،:على راحتش "أشارت للمصعد الذي فُتِح بابه" بتركبين الغُرْفة ؟ انا بروح اخذ لي جم غَرَض
و هي تُناولها دَفْترها الصَّغير،:لا ما بروح..بس اخذي هذا رجعيه فوق "لَوَّحت لها و هي تَبْتَعد للباب لتَخْرُج" يله اشوفش بعدين
تَجاوزت الباب الزُجاجي فاصِلة جَسَدها عن هُدوء المَبْنى لتَنْخَرِط مع ضَجيج المَدينة القابِع سُكون لَذيذ بين صَخَبِه..احْتَضَنت جَسَدَها و هي تَرْفَعُ رأسَها للسَّماء مُبْصِرة بعَيْن ضائقة تَزاحُم الغُيوم بجَمالية ساحِرة وَسَطها..كما يُقَال،مُلَبَّدة بالغُيوم الشَّهية كقَزَع قُطْن بيْضاء..كان الجَو يَحْمل بين نَسَماته بضع هَبَّات بارِدة تُرْعِش عِظامها..تَشْعُر و كأنَّ الهَواء يَعْبر أنْفَها ليَتَجَمَّد وَسَط رئتيها..،تَلَفَّتَت و هي تَخْطو بهُدوء..الأَغْلَب كان يَرْتَدي ملابس ربيعية أو صَيْفية بالأحرى..على عَكْسها هي المُتَدَثّرة بمعْطَف صُوفي..مَسَّت طَرف شَفتها السُّفلية بأسنانها قَبْل أن تَفُر منها ضِحكة قَصيرة..فهذا الجَو في بلدها شِتــاء ! واصَلَت امْتزاجها مع النَّاس و الأجْواء للحد الذي أَنْساها قَرارها لمُحادَثة والدها..مِثْل مَصْل تَخْدير كان حَديث ميريل..تَعْلَم أنَّ مَفْعوله سيَنْتهي بعد فَتْرة و لكنَّها لم تَحْرُم نَفْسها من الاسْتمتاع بالشُّعور الذي وَلَّده بين عُروقها..الإسْترخاء عانَقَ أطْرافها مُنَقّحاً حَواسها من أي تَشَنُّجات تَوَتُّر..مَحَّصَت فِكْرها و جَواها من آثار الخَبَر الذي صَفَعها بهِ والدَها..تَناست جُمْلته "فكري يا بنتي لا تتسرعين" و حَشَرَت إصْبعيها وَسَط أُذنيها حتى لا يَتَرَدّد صَوْتُها المَصْدوم " يُبــه مابيــه..مابي خالـ ـه" تَجَرَّدَت من كُل عُسْر و أَبْقَت رُوحها الضَئيلة تَتَغذى على الرَّاحة.. ولو لساعة..،مضَت دقائق عَديدة لم تنتبه لها و هي لا زالت مُواصِلة خُطواتها..أَخيراً جَذَب نَظراتها النَّهر المُلْتَوي كأَفْعى على يمينها..اقْتَرَبت حتى حَطَّت قَدَمَيها على الجِسْر و الأشْجار تَحُفَّها من الجانبين..و كأنَّها تَتَغنى مُرَحّبة بقُدومها..أَغْمَضَت مُسْتَنشِقة بعُمْق عُطور البتلَّات المُرَفْرِفة بنعومة..اَوْراق الشَّجَر..التُرْبَة النَقيَّة..تَمَوُّجات النَّهْر الشَّفاف و هَدير الحَمام الأبْيَض..هي اسْتَنْشَقت الحياة في نَفَس..،
هَمْسٌ خافِت لَهُ بَحَّة مسائية لَذيذة،:مَساء الخيـــر
ثوانٍ بَسيطة اسْتعارتها لتُهَدّأ نَبْضَها المَلْهوف و من ثُمَّ،:أهليـــن
سَحَابَتان بأهْداب طَويلة كانا جِفْناها..ارْتَفَعا كاشفان عَدَستيها المُنْتَشيتان بوُضوح..لم تَنْظُر إليه و تَقَدَّمت بهدوء نَحو السُّور..تَمَسَّكت بهِ بكَفَّيها الصَّغيرتين و انطْلَقَت في رحْلة تَأمُّل ساكِنة..و هو بالهُدوء ذَّاته اقْتَرَب تارِكاً مَسافة بَيْنهما..أَرْخى ذراعيه فَوْقَ السُّور و اسْتَقَلَّ القِطار ذَّاته..،



تُراقِب المَجال بعُيون فارِغة..بُحَّت من دَمْعٍ آسِن أَشْعَلَ وَخْزاً مُؤلماً وَسَطها..لم تَعْتَرِض عندما أتَتَها والدتها لتُخْبِرها بانتقالَهما المُفاجئ لمَنْزِل أخاها..هي لو بَشَّروها بالمَقْبَرة لحَفَرَت قَبْرَها بيَديها..و إن تَطَلَّب الأَمْرُ أن تَحْفُر بجُلَّ حَواسِها..،لم تَلْتَفِت لحَجْم الغُرْفة و وسْعها،البَياض المُتَحَلّية بهِ الجُدْران كانت تُبْصِرْهُ سَوادُ مُدْلَهِم لا تَمْرَقَهُ أَلْوانُ حَياة..،كانت الأضْواء صَفْراء خافِتة..لو كانت رُوحها طَبيعية لأبْدَت إنْزِعاجَها من كآبتها..لكنَّها لم تَكُن تَرى سُوى الظَّلام و لا غَيْره..يَحْموم شَديد الإعْتام ذاك الذي كان يَغْشي عالَمَها..،وَسَط السَّرير كانت تَجْلُس،حتى الآن لم تَتَخْلَّ عن جُلوسها مُذ أن وَقَعت الواقِعة..مُحْتَضِنة ساقيها لصَدْرَها لا تَرْسُم الأمان بل تُري الحَياة خَسارَتَها..فهي بلا رُوح تَجْلُس،وَجْهُها قَدْ تَصَلَّبَ من شُعور..لا تَجاعيد ابْتسامة و لا تَهَدُّل ملامح من عُبُوس..خَدَّيها قد نَهَبَ الدَّمْعُ نَضارَتهما و حَوْلَ أنْفها اسْتَقَرَّ احْمرار باهِت يُثير الإسْتعطاف..كانت لَوْحة انْكسار مُشَوَّهة المَلامح..فالنَّاظِر يَبْحَث و يُنَبّش عن نهاية لكَمَدِها و لكنَّ مُحاولاته تَبوء بالفَشل..فهو انْكسار أَبَدي،يُسْتَحال انتهاؤه..،كانت تَرْتَدي مَنامة سَوْداء..حِداداً على ذَبْح عُذْريَتها..شَعْرها مَرْفوع بإهمال و بضع خُصْلات ذابِلة تَدَلَّت لتُناغي جانب وجهها و عُنُقِها..عَلَّها تَرْتَشِف منها عَذْبَ ماء..و لكن لم يُواجهها سَوى قَحَطٌ زادها ذُبولاً..،طَرْقُ الباب لم يُحَرّك فيها ساكِناً..أَتْبَعهُ صَوْتُ حُور الرَّقيق،:يصير ادْخل ؟
كما تَوَقَّعَت..لا َجَواب أو رَفَّة رِمْش تُؤكّد لهم أنَّها بخير..غادَرَت صَدْرها تَنهيدة مَكْتومة قَبْل أن تُشَرّع الباب لتَدْخُل..تَقَدَّمت دون أن تُغْلِقه و بجانبها فَوْقَ السَّرير جَلَست مُتسائِلة،:حَبيبتي ملاك ما تبين تاكلين؟
شَفَتان مُطْبَقَتان و ضُمُورٌ للوُجود غَشَى حَواسها..نَطَقَت حُور برجاء حَشْرَجَ صَوْتَها،:مَلاك أرجـ ـوش بس ردّي علي..حتى لو ماتبين سَمْعيني صوتش
أنْهَت جُمْلَة رَجاءَها ثُمَّ قَلَّبَت بَصَرَها على وَجْهها تَبْحَث عن حَراكٍ يُطَمئنها..أَخْفَضَت جفْنيها بقلّة حيلة بعد أن لم يَصَلُها سوى شَذرات جَليد لاسِعة..تَحَرَّكت تُريد أن تَبْتَعِد..
،:مابي شي..ابي انام
بسُرْعة عادت أنْظارَها إليها..و كأنَّها تُريد أن تتأكَّد أن الصَّوت كان منها..على الرّغم من أنَّ الخَواء المَعْقود بنَبْرَتها كان الدليل على أنَّهُ رُفِع من حَنْجَرَتِها المأهولة بالغَصَّات..ابْتسامة راحة غَفَت على شَفَتيها و هي تَقُول بود،:حبيبتي نامي ارْتاحي..و اذا بغيتين شي كلنا برا تحت أمرش
ابْتَعَدَت بعد أن طَبَعت آثار شَفَتيها بحَنان على خَدَّها القَريب..غادَرت الغُرْفة مُغْلِقة الباب من خَلْفها و مُباشَرة تَوَجَّهت إلى حَيْثُ يَجْلس زَوْجَها و والدته التي تَساءلت و القَلَقُ عَباءَتها الغاشِية حَواسها،:ها بشري ؟
هَزَّت رأسها بأسَى و هي تُلْقي بجَسَدها على الأريكة بجانب يُوسف كمن يُلْقي حِمْلاً أَثْقَل كاهله،:بالغصب تحجَّت..تقول ماتبي شي،تبي تنام
نَطَقَت تُصَبّر فُؤاد أم اضْمَحَّل بعد أن اقتَطَعت منهُ حُجْرة صَيَّرتها مَهْداً يَحْفَظ صَغيرتها،:الحمدلله..الحمد لله،عالأقل تحجَّت
بتَرَدُّد اقْتَرَحت حُور و هي تَعْبَث بأصابعها،:عمتي..اذا طَوَّل وضعها جذي احس لازم نشوف دكتورة نَفْسيَّة ما يصـ
أرْجَفتها زَمْجَرة يُوسف المُعْتَرِضة،:لااا..دكتورة نفسيَّة لا..أختي بتصير زينة ان شاء الله..الدكتورة بتزيد تعبها تعب و بتعقّدها
ابْتَلَعَت كلماتها دون أن تُضيف حَرْف آخر..فهي تَعْلم جَيَّداً كيف شَوَّهت ألْسنة الأطبّاء قَلْبه و عَبَثَت أدْويتهم بعَقْله..و رَفْضه هذا لن تَسْتغربه أبداً..فهي كانت الشَّاهِدة لثلاث سنوات على تَخَبُّطه..و اَسَفاً أنَّ خَلاصه يَقْبَع بين ما ذُكِر..،رَنينُ الجَرَس تَداخل مع جُلوسهم..وَقَفَ يُوسف مُنْسَلِخاً عن التَوَتُّر الذي أجَّجَتهُ فِكْرة زَوْجَته..تَوَجَّهَ مُباشَرة للباب..فَتَحَهُ ليَتَّضح لهُ رَجُلاً غَريـباً نصف ملامحه لم تَكُن واضِحة إثْر إخْفاضه لرأسه..يَقِفُ باسْتقامة و يَداه مَحْفوظتان في جيبيه..،عُقْدة قَرَّبت ما بين حاجبيه و هو يَراه على هذا السُّكون..تَساءل باستفسار،:خير أخوي شبَغيت ؟
رَفَع رأسه بهُدوء ريح مُبْهَمة الإتّجاه زَعْزعَت تَوَجُّس يُوسف..بنِصْف ابْتسامة لَوْنُها الشُّحوب نَطَقَ وصَوْته قَدْ اجْتَرَعَهُ الغُموض،:بغيـت الوالدة




يتبع


 
 

 

عرض البوم صور simpleness   رد مع اقتباس
قديم 05-06-16, 01:59 AM   المشاركة رقم: 780
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: Aug 2015
العضوية: 300973
المشاركات: 633
الجنس أنثى
معدل التقييم: simpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 475

االدولة
البلدBahrain
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
simpleness غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : simpleness المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: ذات مُقيّدة حوّل عُنُقِ امْرَأة / بقلمي

 

أَنْهَت اسْتِحْمامها السَّريع بعد أن قَضَت ساعة كامِلة تُمارِس تمارينها البَسيطة التي اعْتادت أن تُغَذّي عضَلاتها بها كما نَصَحَها..و مَن غَيْرُه ذاك الذي لا يَتَنازَل عن وَقْتِه الرّياضي..هو الذي أنْبَت هذه السَّاعة وَسَط روتينها اليَوْمي..،خَرَجت من دَوْرة المياه و هي تَمْتَص بِمَنْشَفة صَغيرة قَطَرات الماء الغافية بين مَوْج خصْلاتها..و جَسَدُها الطَّري مُنْكَمِش أَسْفَل رداء الإسْتحمام القَصير..،قَصَدَت المَقْعَد أمام مرآتها لتَجْلُس و بَصَرُها يُعانِق عَقارب السَّاعة المُنْعَكِسة في المرآة..كانت تَقْتَرِب من الثامنة و النّصف،اذاً فلقد مَضت قُرابة الثلاث ساعات مُنذُ أن قَدِمَ فَيْصل لتُرافقه جَنى..لا تَدْري لماذا هو مُسْتَعْجِل اليَوم ! حَرَّكت عَدَستيها تستقبل وجنتيها المُنْتَبِذَتان احْمرار رَقيق يُضْفي عليهما سِحْراً تنتشي منهُ نُجوم الليل السَّاهِرة بالقُرب من نافِذَتها..أَرْخَت المنشفة وسط حضْنها لتَتَمايل بنُعومة خصلاتها مُقَبّلة أَرْض عُنُقِها و نَحْرِها ذات الرّمال الذَّهِبية..تَناولت عُلْبة التَرْطيب الخاصَّة ببشرة وجهها مع الْتِفاف حَبْلُ أَفْكارها حَوْل ذِكْر ذاكَ المَغْرور..أَتى عند الخامسة و النصف يُطالِب بابْنته و بين عَيْنيه تَطايرت رياح واثِقة تَهْمِس لها بأنَّكِ لا تستطيعين الرَفضَ جِنان ! و فعلاً هي لا تستطيع..فابْتسامة ابْنتها الفَرِحة تُقَيّد حُروف الرَّفض التي تُحاول أن تَنْعَقِد كَلِمة وسط مَسْمعيه..لن تُفَصّل ثَوباً من القَسْوة و تَرْتَديه من أجْلِ جَلْده..كما فَعَل و لا زال يَفْعل..،طَبْطَبت على خَدَّيْها بخفّة قَبْل أن تَنْتَقِل لترطيب ساقيها..رَفعت اليُمْنى قَليلاً ليَنْحَسِر الرّداء عَنْها و يَتَجَلَّى الجِرح الذي فَصَل حَنانه عن قَلْبه،اقْتَلَعَهُ و نَهَشَهُ بعُنف،كما تنهش البَهيمة فَريستها..أَخْفَضتها ماسَّةً الأثَر المَنحوت بأطْراف أناملها..كُلَّما تَدَثَّرت برداء الاٍستحمام تَغْتَصِب اسْترخائها الذّكرى و تُعاود نَثْرَ الأَلَم بين عُروقِها..أَفْرى جِلْدَها مُسْتَبيحاً دمائها دون أن تَرْمِش عَينُ حُبّه..شَعَرت و كأنَّهُ عَدوٌ تَحامل لسَنوات عليها و تَشَرَّب في الخَلاء حِقْداً عَبَّرَ عنهُ بطَعْنٍ تَطَلَّبَ من الغُرَز خَمْساً ليُصْمِت زَعيق دمائه..،مَسَحت عليه بباطن إبْهامها،تُناغي زَعَله..تَطْمَئن على وَجَعِه و انْكِساره..نعم كان انْكسار و تَحَطُّمٌ مُدْوي ذاك الذي اسْتَعَرَ بين تنهيدات روحها..بفعلتهِ بَصَمَ على وثيقة تعاقده مع القَسْوة المَحْشوة بضَغينة دُرَّت من ثمار الكبرياء..تعترف أنَّها بغبائها و سَذاجتها مَسَّت كبريائه العَتيد..و هي كانت ستَتَفَهم غضبه و عقابه أيْضاَ..لكن ليس هكذا فَيْصَل..ليس هذه العقابات يا من كُنتُ أُناديك حَبيبي و تَلْطُمَني بالإجْحاف..يا من أَذْبَل أُنوثتي التي بُحَّ يَنَعها و هي تنتظر منكَ الْتفات و احْتضان بعد ليلةٍ مُتْعَبة..و كأنَّك ابْتَعت القَسْوة و الْتَبستها حتى أصْبَحَتْ أنت..فيصل،روحك مُرادِفة للقَسْوة..،تَصَافَقت أَهْدابها و بَدت مثل طُبُول حَرْب تُنْذِر ببدأ المَعْرَكة..مَعْرَكة الدُّموع..تَنَشَّقَت لتُزْفِر بثِقل ثُمَّ تهمس،:بدون دموع جنان..بدون دموع
تُحادِث ذَّاتها و كأنَّها ليست هي..و إنما أُنْثى أُخْرى تُسْنِدها أَثْناء جِهادها للإنْتصار على لواعِج حُب أَحْرَقت فَرَحَها حتى اَرْمَدته..طَمَسَت ملامحه البَهيَّة و أيْتَمَت ابْتساماته بعد أن أوْصَدَت أبواباً كانت تَسْتَقبِل ضِحْكات تَضِجُّ بالحياة..،شَدَّت على مَوْضِع الجِرح مع إقْحام جِفْنيها البَوَّابة العابِرة منها قَطَراتها المالِحة..هَمَسَت تَتَرَجَّى ذاكرتها و هي تَضْغَط بقوَّة فوقه،:مابي اتذكر..مابـــي
لكنَّ الذّكرى كانت تَبْتَسِم لها بلُؤم..فهي اشْتاقت أن تَزورها و تَعْصِف بمشاعرها التي تَثَبَّط جُنونها لأيَّام،أن تَصْفَع سُكونها و تُطْعمها مَرارة الماضي حتى لا تُسْهِب في التَلَذُذ بحُلو حاضِرها..ومَضات مُزْعِجة اخْتَرَقَت السَّواد الغاشي بَصَرها..و من خلف جِفْنيها تَجَسَّدَ المَوْقِف أمامها..بمشاعره..بتَعَبِهِ و بوَجَعِهِ..،

،

لا تَدْري كم ساعة مَرَّت تُلَوّح لها و هي لم تَشْعُر،و لا تدري ماذا حَلَّ بالعالم حَوْلِها..إعْياءٌ تَلَبَّسَ حَوَاسَها للحد الذي أَفْقَدَها القُدْردة على التَنَفُّس بانتظام..شَهيقها يَصْطَدِم ببعْثَرة زَفيرها..و الشَّهَقات قد تَكَوَّمت صَخْراً بنتوءات سامَّة جَلَّطَت الدَماء العابِرة قَلْبَها..،عَدَستيها تَطْفوان بين أَسْراب الدَّمع الغارِق صَفْحة مُقْلتيها المُرْتَدِية ثَوْبَ بُكاء قُرْمزي،يُتَرْجِم ما أُصْمِتَ من ألَم في جَوْفِها..تَطْفوان بلا هُدى تَبْحثان عن مُنْقِذٍ يَنْتَشِلَهما من بَحْر الصَّدْمة المُتلاطمة أَحْداثه بسُرْعة خيالية أَشْعرتها و كأنَّها تَتَخَبَّط بين جُدْران كابوس أَسْوَد..،كانت مُلْقاة عنْدَ نهاية السَّرير،تَكاد أن تَلْتَهِم ضعفها الأرَض و تُضْرم ألماً آخر بين حَناياها..جَسَدها المُرْتَعِش اخْتَبَأ أسْفَل رداء الإسْتحمام المُرْتَشِف بقايا جَريمته الشَّنعاء..و كأنَّهُ أَقْسَم أن يُسْكِن آثار جَريمته بين خُيوطه البيضاء لتَكون دَليلٌ يَشْهَد على فِعْلته في مَحْكَمة الحَياة..،بصُعوبة خالَطَها ارْتجاف حَرَّكت يَدها قاصِدة الدَّار المَثْلومة..كانت مُسْتَلْقِية على جانبها الأيْسَر بانْطواء جَنين..لكنَّها كانت جَنيناً مَحْروماً من دِفئ رَحم يَحْميها من لَظى دُنْيا ظالِمة..،وَصَلت للدار و هُناك مَسَّت بحَذَرٍ مُتَرَدّد جِرْحها لتَتَساقَط دُموعها بضَجَّة فوق خَدَّيها الباهتين..أنَينها ارْتَفَع للألم السَّاحق الذي أنْفَرَ عُروقها..كان جرحها سَماء تَنْزفُ دَماً نَجِساً لا عَذْبَ مَطَر..رعْدٌ و بَرق ذاك الذي كان يُرْعِش أطْرافها لا قُبْلة فَجْر حانِية..،تَحَسَّست لُزوجة الدَّم ثم رَفَعَت يَدها أمام وجهها تُحاول أن تُبْصِرهُ من خلف غِشاءها الشَّفاف..تَقَوَّسَت شَفَتاها المُتَعَرّجتان بشَفَقة على حالِها..فيدها قد اصْطَبَغَت بالأحْمَر القاني حتى أُطْمِسَ لَوْنها الحَقيقي..عادت و كَرَّرت فعلتها و كأنَّها بِمَسَّها إليه تَتَشَرَّب نَزْفه..،مَرَّت دقائق لم تَحْسِبها و هي على حالِها..عَيْناها لم تَكُفَّان عن ولادة الدَّمعات و وجنتيها باتا مَخْدعاً للهيبها..الشَّهقات قد أَعْلَنت اسْتسلامها و قَبَعَت غَصَّة مَحْنِيَّة الرأس بين قَلْبِها و روحها..باتت لا تَشْعُر بساقها و العَرَقُ بدأ بشَد رِحاله لعُبور مَدائن جَسَدِها..أَغْمَضت عَيْنيها بوَهْن ثُمَّ عادت مُبْصِرة المَجال حَوْلَها و هو يَحوم ببعْثَرة..دُوارٌ أثار في نَفْسِها رَغْبة الإسْتفراغ شَعَرت بهِ يَحْكُم عقْدته حَوْلَ حَواسِها..لكنَّ طاقَتَها المَسْلوبة لم تُعِنْها لتَفْريغ ما في جَوْفِها..،يَدٌ صَلْبة مات فيها الحَنان و دُفِن على غَفْلة منها بدأت بفَك عُقْدة رداءها المُرْتَخِية..تَعْلَمُ أنَّها يَده،اسْتَشْعَرت الخواء القابِع بين خُطوطها..لمسَاتها كانت أَشْبَه بأرْضٍ رَبيعية دُمّرَت حتى باتت يَباباً مُقْفَر إلا من شَوْك..أغْمضَت بإنْزِعاج و هي تَنْكَمِش مُسْتجيبة للبرودة التي حاصَرَت عُري جَسَدِها..تَلَقَّفتها ذراعيه ليَسْتُرَها بملابس لا تدري حينها كيف كان شكلها أو لَوْنها..تَذْكُر أنَّ جَسَدها المُنْهَك ذَوى بين ذراعيه ،و في تلك السيَّارة غَفى رأسُها فَوْقَ كَتِفه،و أنْفُها قد الْتَصَق بعُنُقِه تَتَنَفَّس رائحته الباردة،المُثيرة مَشاعرها دَوْماً..صَوْتان لم يُفارِقان أُذْنيها حتى الآن..صَوْته الضائع بين مَتاهات بَحَّة مُرْهَقة ،:أسْرِع أَرْجـــووك
و هَمْسُها النائح ذاك الذي تَلَوَّت لانْكساره شَرايين قَلْبه و أوْرِدَته،:عَوَّرتني فيـ ـصل

,

كانت قد تَرَكت المَقْعد و أَسْرَعت لغُرْفة ملابسها لتَتَحَرَّر من هذا الرّداء المُجَدّد أوْجاعها..هي حاولت و لكن فَشَلت في كَبْح دُموع عَيْنيها..لا تُريد أن تَضْعَف مُجَدّداً،عليها أن تَقْتَلع الذّكرى من جذورها..لا داعٍ لأن تَبْقى روحَها حَبيسة خَلْف قُضْبان ذّكرى كَئيبة..حتى الجِرح حَوَّرهُ الزَّمن أَثَرٌ باهِت نَسِيَ تَخَثُّر الدم بين فَتَحاته..عَلَيها أن تَنْسِف ما جَرى و تُنَحّي آهات الوَجَع عن حَنْجَرَتها،و قَبْلَها عليها أن تَحْفر وَسَط روحِها قَبْراً يَسَع يَنابيع عَيْنها المالِحة..و من ثمَّ تَرْفَع أُمْنية بأن ليتَ الزَّمان يُصَيّر الكلام أَبْكَماً لا يَمْرَقُ القَلْب..فجُمْلَتِه تلك لا زالت تنتشر بشَعْواء بين مَسْمَعيها "عشان اذا جربتين تروحين للخيانة الألم يحذرش" فهي بَقِيت فَتْرة لا تستطيع أن تَطأ الأرض بقدمها..و كُلَّما حاولت،اصْطَدَّ لها الأَلَمُ بلا رَحْمة..و كأنَّهُ يُعين فَيْصل في حَرْب قَسْوته..،ارْتَدَت على عَجَل بنطال من "الجينز"..أزْرَق فاتــح يَضيق مُبْرِزاً رَسْمَ ساقيها الجَذَّابتين..و أَلْحَقَتهُ بقَميص أَحْمَر ذو قِماش خَفيف،يَطول من الخَلْف حتى أَسْفَل ردفيها بقليل..و له كُمَّان يَرْتفعان بنعومة عند مِرْفقيها..،تَرَكَت غُرْفَتَها بعد أن رفعت خصلاتها بخفَّة ليتناثر بعضها بتَمَوُّج رَقيق ماسَّاً جوانب وجهها الذي لم تَنْسَ أن تَسْتُر فضائحه..اتَّجَهت مُباشَرة لغُرْفَة والديها..طَرَقَت الباب ثُمَّ دَخَلَت بعد أن أتاها الإذن..تَقَدَّمت تارِكة الباب نُصْف مُغْلَق من ورائها..فالقادم لن يَسْتَطيع أن يَلْمح من ينحشر داخلها..، بانت لها ملامح الغُرْفة الهادئة لتُبْصِر والدتها تَتَزَيَّن أمام المرآة..نَطَقت ببحَّة و هي تُشاكِسها،:الله الله شهالجمال أم محمد..صرتين أصغر مني
لم تَنْتَبِه لتَجَمُّد يَد والدتها المُمْسِكة بأحْمر الشفاه و اتّساعَ حَدَقتيها بصَدْمة..واصَلت تَقَدُّمها حتى وَقَفت خلْفَها مُتسائلة و هي تتناول أحد عُطورها،:وين رايحة ماما ؟ شكلش مَعزومة
رَمَشَت بارْتباك و هي تُغْلِق أحْمَر الشفاه لتنتقل يديها للحاجيات المَصْفوفة أمامها تَمسَّها ببعثرة و هي تستمع لتساؤلات ابْنتها،:أحد من جيرانا عازمينش ؟
هَزَّت رأسها بسُرْعة و هي تُناظرها تَسْتَنشق من العِطْر،:ايــه اي بيت جيرانا إلـ
قاطَعها حَديث جُود التي كانت تَدخل الغُرْفة و رأسها مُنْخَفِض بانْتباه لحقيبتها تَبْحث عن شيء ما،:يله عمّتي أمي تقول هي جاهزة بس تنتظرنا نمر عليها "تأفأفت بملل و هي تُرْدِف" وين اختفى مفتاح السيَّارة ! "أكْمَلت مع رَفْعها لرأسِها" عمّتي يصيــ
بَتَرَت سُؤالها عندما أَبْصَرت وجه جِنان المُبْتَسِم باٍسْتغراب..فَغَرَت فاهها بعَدَم اسْتيعاب و قَلَقٌ ساحِق قَيَّدَ صَوْتَها..نَطَقَت جِنان بضحكة مُحادثة والدتها،:خلاص يُمَّه نسيتيني و صرتين تاخذين وياش بنت أخوش و زوجة ولدش للعزايم
حاوَلت والدتها أن تَبْتَسِم لكنَّها خَسَرَت أمام يد الإرْتباك القابضة على حواسها..جُود تلك بَحَثَت عن صَوْتها لتتساءل،:ليش إنتِ اهني ؟ مو قلتين بتروحين لنَدى ؟
أجابت و هي التي بدأ يَغْزو قَلْبها شَكٌّ يَهْمس لها بوُجود شيء غَريب،:غَيَّرت رايي..قلت بقعد في البيت "نَقَلَت بَصَرها بينهما لتُرْدِف بسؤال لَحْنهُ الإسْتنكار" انتوا شفيكم ؟ ليش تغيرت وجوهكم فجأة !
تَحَرَّرت والدتها من جُلوسها عَلَّها تَتَخَلَّص من تَخَبُّطها..إلهي لم تَكُن تُريد أن تَعيش هذا المَوْقِف،لا تستطيع أن تَكون شاهِدة على اخْتناق الدَّمْعة وَسْط عين ابْنتها..لا تُريد أن تَراها تُشيح بوَجْهها عن أعْينهم تُخْفي ملامحها المَلْطومة..لا تَقْوى على اجْتراع أنين نَبْض صَغيرتها الطارِق باب قَلْب أُمومتها بغَصَّة..،
،:ماما !
مَسَحت على جانب وجهها و هي تُغْمِض للحظات و من صَدْرها ارْتَفَعت تَنْهيدة غامِضة أَوْجَست جِنان التي احْتَضَنت قارورة العِطر بقوَّة،و كأنَّها شَعرت بخَطَر ما تُخْفيانه عنها..،نَطَقَت بحَذَر و هي تُراقِب عَيْني ابْنَتها المُتَعَلّقتين بعَيْنيها،:يُمَّه احنا رايحين "نَفَس عَميــق" رايحين نخطب لفيـــصل








~ انْتَهَى





،




الحمد لله تم على خير..اعذروني إذا كان الجزء أو الفصل بالأحرى قَصير..بس أحداثه مُهِمَّة جِدَّاً فهي عبارة عن نَقْلة..أتمنى فعلاً تستمتعون بقراءته

يوم السَّبت ان شاء الله ابْدأ امتحاناتي الفاينل..دعواتكم
و ان شاء الله بلْتَقيكم في العيد على خير

و مبارك عليكم الشَّهر..الله يتَقبَّل صيامكم و أعمالكم..و مَشْروكين في الدُّعاء ان شاء الله


كُونوا بألف خير




*نسْأَلُكُم الدُّعاء










،

 
 

 

عرض البوم صور simpleness   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مُقيّدة, امْرَأة, بقلمي, حوّل, عُنُقِ
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 08:13 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية