كاتب الموضوع :
simpleness
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: ذات مُقيّدة حوّل عُنُقِ امْرَأة / بقلمي
بسم الله الرحمن الرحيم
تَوكلتُ على الله
الجزء الثامن و الثلاثون
ماضٍ
عَقلْهُ يُفْتَرض أن يُنَصّب تَركيزهُ على الشَّاشة أمامه..ليُراجِع المادَّة التي سيُحاضِرُها غَداً..لكنَّ العَين تأبى البقاء مَسْجُونة خلف قضبان هذا الجهاز الأخْرَق..فهي تُعانِد لتَتَلَصَّص بهُدوء مَشْدوه لِلَوْحَة الجَمـال السالب لُبْ أصغر خَلِيَّة في جَسَده..حتى الآن لم يَنْجَح في فَك شيفرة استسلامه الكُلي لها،هُو ذو الشَّخْصِيَّة المُتوازنة دَوْماً..رُغْمَ ما قد يُهاج من ظُروف و ما قد يُسْتَعَر من أحداث،سَلِسٌ في انتقاء ردَّات فعله و لا تُسَيّره عواطف أو مشاعر رَقيقة..الجِديَّة لا تَسْقُط عَباءتها عن كتفيه أمام الآخرين..فهو استثنائه الأوْحَد عائلته و أصحابه فقط..و لم يعتقد و لو لوَهْلَة أنَّ أُنْثى هَشَّة ستُشْعِل غَوْغاء في روحه لتُحيله رَجُلاً لا يعرف بأي الطُرق يَقف فَوْقَ هذه الأرض..و لا كيف يَجْتَر الأنفاس بلا بَعْثَرَة حينما يُناديه طَرَفُها النَّاعِس..،هي كانت تُمارس عَمَلها باندماج على عَكْسِه المَسْحور لسكناتها..تُضيف المُكَوّنات بدِقَّة للوعاء المُحْتَضِن العشاء.. تَرتدي بنطال من الـ"جينز" الفاتــح،قَصيرٌ حتى أعلى رُكبتيها بشبرٍ واحد،و من الأعلى ارْتدت بَلوزة سوداء واسعة تطول من الخلف لترتفع عند بطنها،كاشِفة عن ذراعيها و جزء من نحرها الخالي من حُلي..غادرت الفُرن للمنضدة القَريبة تُواصل تقطيع الخضروات للسلطة التي ستعدَّها..و رأسُها مُنْخَفِض لما بين يديها تَسَلَّلَت خصلاتها المُمَوَّجة بنعومة لتَتَساقَط غَيْثاً رَقيقاً داعَب أهْدابها المُتَصافقة،حَرَّكت رأسها بِخفَّة تُريد إبْعاد تَشتيتها لَكنَّ أنامِلَ دِفئٌ أَدْمَنته حَدَّ الإنتشاء التَقَطَتْها تُعيدها لمَخْدَعِها خلف أُذنها المُحْتَكِرَها بتَمَلُّك قِرط ألْماسي كانَ هَدِيَّة منه..ابْتسامة بلَحن ضِحكة سَكَنَت شفتيها العاريتين من مساحيق و هي تهمس مع إلتفاف ذراعه حَوْلَ خصْرها،:ما صار لك ساعة من قابلت شغلك و رديت رجعت ! شهالتحضير ؟!
أَوْدَعَ قُبْلة تَفَرَّعت مشاعرها بين خصلاتها ثُمَّ أَجابَ بهَمْسٍ يَتَدَثَّرُ وَلَهاً،:في حضرتش كل شي ينلغي،انسى نفسي و اللي بين ايديني
نَطَقَت تُداري خَجَلَها المُلْتَهِم باحمرار وجنتيها و المُوْدِع ارْتعاشة بين أطرافها،:اووف ماشاء الله صرت شاعر !
مالت شفتاه بابتسامة مُشاكِسة و ذراعه الأُخْرى شاركت أُختها الإلتفاف و هو يُعَقّب بصوت أَلْبَسَهُ ثِقة يعلم إلى أي مَدى تُثير حَنَقها،:يا عُمري أنا مافي شي في الدنيا ما اعرف له،و لا شي مُسْتَحيل على فيصل
انْتَظَر منها استنكار يَتَمَلْمَل بقهر لكنَّ الصَّمتُ ما اصْطَدَم بمسمعه المُتَأهّب..عُقْدة خَفيفة سَكَنت ما بين حاجبيه و هو يُقَدّم كتفه للأمام مائلاً برأسه ينظر لجانب وجهها مُتسائِلاً باستغراب،:غَريبة ما علقتين ؟!
زَمَّت شفتيها بملل قَبْلَ أن تُرخيهما و عيناه تتأملان ملامحها المُنتَبِهة لتقطيعها و هي تُجيب،:لأن خلاص قررت ما ارد عليك "واحَتا السّحر ارتفعتا إليه لتتعلق أنفاسه بأهدابهما و هي تُواصِل" اكتشفت إنَّ غرورك هذا ماله حل،مرض مرض الله لا يبلانا
الْتَقَطَ شفته السُفلى بأسنانه و حَدَقَتَاه تتسعان بشَر مُصْطَنع..هَمَس و يدهُ ارْتَفَعت تُعاقِب خَدَّها،:جنــانو اللحين أنا مَريض ! "ضَعَّف من ألمه لها مُرْدِفاً بسؤال اسْتَشَفَّت خَبَثه" تبين تشوفين شنو يقدر يسوي المريض ؟!
انْكَمَشَت ملامحها مُبْصِرة الخَبَث المُعْتَلي ملامحه و شفتيه بابتسامة مائِلة..رفعت يدها تُمْسِك معصمه مُجيبة بنبرة مُتَراجِعة أضْحكته،:خـلاص آسفة
حَرَّرَ خَدَّها و قدماه تخطوان للخلف حيث على مقعد الطاولة الصغيرة اسْتَقَرَّ جَسَده وهو يقول بثقة كانت حَقيقية هذه المَرَّة،:كالعادة ما تقدرين تواجهيني..ضعيفة قدامي
اعتَلى حاجبها صهوة استنكاره لتُعَقّب و هي تقترب واضعة الطَّبق وسط الطاولة،:مو كأنَّ مُصْطَلَح ضعيفة ما يناسب ؟! "عادت للفُرن تُطفئ ناره مُرْدِفة و هي تواصل عملها" بالعكس ما احس نفسي ضعيفة قدامك "أفْرَغت الطَعام في طَبَق كَبير و حديثها الهادئ لم ينقطع" قُربك مني يعطيني قوَّة "اسْتدارت إليه ليَجْتَرِع بصره ملامحها الغارقة بمشاعر بشكلٍ و بآخر أرْضَت غُروره..خطواتها تَقَدَّمت ببطئ هامسةً لهُ بصوتُ رَفرف إليه مُحَمَّلاُ بحُب لم يَقِف نُمُوّه وسط جَواها و العَين تُسْقيه خَمْراً مُصَفَّى" حبك قوّتي اللي فقدتها
أَخفضت الطَبق و مُباشَرة بدأت تغرف لهُ في صحنه و بصرها قد غادر وجهه مُسْتَقِلَّاً قِطار قلبها المُنْطَلِق بها نَحو مدائن عِشق لم تعتقد ليوم أنَّها سترتديه ليُجَمّلها..وُجوده حَوْلها أيْقَظَ بُذور الرَبيع الغافية بين قُضْبان جَليد شتاؤه لا ينحني للشمس..كان يرفض الذوبان عن روحها،يتكتل فوقها ليضرم بثقله حاجات شَتَّى ساقتها إلى جُنون حمداً لله كان أحْمَد مُسْتَقبِله..لطالما تَساءلت لو أنَّ غَيره ذاك الذي لجأت إليه،كيف سيكون حالُها ؟ هُو قد يستغل سذاجتها أبْشَع استغلال ليُحيلها مُراهِقة فاقدة..و بالمعنى الكامل فاقِدة..لكُل شيء هي فاقِدة..لكنَّ الله كان بها رحيماً و في جميع الأحوال رؤوفا..جَعَل لها أحْمَد المَعْبَر للخلاص،استطاع أن يُزيح و لو قَليلاً من التَراكُمات الخاوية من منطق على حد قوله من عقلها..كان لها سَنَداً في مُواجهتها لرياح البؤس المُنطَلِقة من سماء والديها و مُحَمَّد..الأموات بأرواح تتنفس..و بعد إنقطاع علاقتهما لم تنسلخ تماماً عن ضعفها و لكنَّها استطاعت أن تحتفظ بهِ في جوفها،بدلاً من أن تُعْلِنه صراحةً للذين تَلمح وسط عَدساتِهم الأمَل..،و أتـــى فَيْصل.. و كان الفَيْصل بينها و بين الرَّمادية الخانقة حياتها..أتاها فوق جواد السعادة حاملاً راية وَعْدٍ لا يُخْلَف..وعدٌ التمستهُ من أفعاله،و طَرُبِت بهِ مسامعها من هَمساته..وَعْدٌ لاحَ لها من بين سواد عينيه،يُبَشّرها بالابتسامة و لا غيرها..و ها هي فعلاً في كُل دقيقة لها معه تستبدل رداءً أبْهى من سابقه..رداءُ ابتساماتٍ تُجَدّد خلاياها و تنقّحها من شوائب أسْقمتها ذات ماضٍ..هي مَدينة إليه،مَدينة للحُب الذي أنْبتهُ وسط أرْض روحها القَحِطة،و مَدينة لكُل إحساس صادق أحياهُ ارْتعاشة لَذيذة بين أوصالِها..هُو قوَّتها التي ينتعلها قلْبها ليُواصل ولادة النَبضات مُكَفّراً عن ذَنب الحياة التي أجْبرتهُ على إجهاضها حينما كانت الوِحدة قُيود عَيْشها..،أنْهَت عملها الذي تباطئ بسبب انشداه حواسها لبَوْح نفسها..و قَبْلَ أن تَجلُس تَلَقَّفت يداه ذراعيها يَجُرَّها ناحيته حتى أرْفعها ليُسكِن جَسدها النَحيل فوق فخذيه..تَسَلَّق بصرها الهواء عابِراً من خلف ارتباك الأهداب صدره لتلتقي باللتان تُزَعْزعان ثَباتها..اضطَّربت أنفاسها من نظراته المُنهَمِكة في احتلال حُصونها الأنثوية،قَرَّبها إليه حتى شَطَب المسافة بينهما،باتت تَتَنَفَّسُه و هَو يَتَنَفَّسُها،تحتضن بكَفّي وَلَهها وجهه مُسْتَشْعِراً من أناملها حَديثٌ يُسْتَعصى عليه عُبور الحناجر عند اعتلاء الروح ذَروة مشاعرها..هُو كَفّه كان لها مَسارٌ آخر،اخْتارت الغَرق وسط مَوْجِها العَذب..أحَلَّ عُقْدة شعرها ليتناثر غَيثاً على إثْرهِ غادرت زَفْرته المُرْتَعشة صدره المأهول بشوق لا ينضب و إن كانت بين ذراعيه و قلبه،شَدَّ بحنان على عُنُقِها من الخَلف قَبْل أن يُسنَد جبينه بجبينها القَريب،هامِساً و الحروف تَطَيَّبت بعشقٍ حَلال،:يا روحــي..تدرين شنو سوا فيني كلامش ؟! "مَرَّر ظاهِر أنامله على جانب وجنتها يرسم مشاعره المُتَقِدة و هو يُرْدِف" أنا اذا شفت الحُب في عيونش اضيع بينهم،شلون اذا سمعته ؟!
أبْعَدَها عنه قليلاً يُتيح للعينان اللّقاء و هو يُكْمِل بصدق هامِس ارْتَشَفَتْهُ بسَكَر،:والله والله إنّي كنت أظن الحُب قصص تافهة يتبادلها الناس..عُمري ما توقعت إن أنثى تقدر تمتلكني بكل ما فيني،تسَيّر نبض قلبي بنظرات عيونها "رَفَعَ كتفه بخفَّة يُتَرجِم حاله" يضيع الكلام قدام وجودها
دَقَّاتها أصابَها وابلٌ من مَطَرٍ أغْرَقَها بنشوة ناشراً أجنحة بَرْدٍ مُنْعِش تناقض مع الحَرارة النَّافثها جلدها المُلْتَصِق بنيران حُبّه..أحْنَت رأسها مُرْخِية شفتيها على المنطقة الفاصلة بين عينيه و بمَلَقٍ تعانق مَعَ رِقَّة مُتناهية قَبَّلتها،و ببطئ شَديد زَحَفَت لمُقَدّمة أنفه..خَدّه الأيمن ثُمَّ الأيسر.. وهُناك فوق ذقنه غَرَقت في قُبْلة طـالت ثوانيها قَبْل أن ترتفع قليلاً راسمة آثار شفتيها عند زاوية فمه..قُبْلة أرق من سابقتها..حَلَّقت عدستيها لعدستيه المُنْتَبذَتان سفَرٌ أسْكَنَهُ روحها،هَمَسَت و كلماتها اتَّخَذت ذاكرة مسامعه مَباتاً لها،:أحــبك أحــبك و أحبك..لآخر نفس بظل أحــبك
,،
حاضر
و هل للحياة أبوابٌ تَعبُر بنا إلى السَّماء ؟ حيثُ الذهاب بلا عَوْدة..ازرعي بين جنباتكِ هذه الأبواب عَلَّنا يا حياة نَذْكُركِ بحَسَنة..مَللنا من عَلْقَمٍ يَجْري فينا مَجْرى الدمِ في الوريد،مَللنا من نهرٍ آسِن تَجْتَرِعُه حناجرنا قِسْراً،نختنق من نتانته و تنمو بين أحشائِنا أسقامٌ نَموت و لا تُعالَج..ضُقنا من سواد حُزْنٍ ألبستيه أرْواحنا بدمٍ بارد،خَبيث..و كأنّكِ تَهْوَين إبصار أوْجاعنا،أصْبحنا عُراة من فَرح و الكَمَدُ سَماءنا المَبْنية بيدي الأسـى،لا سُحُب غَيث تسكُنها و لا شمسٌ بين رَحمها يغفو الأمل..حتى القَمَر تَوارى عنَّا،يَخشى أن يَغْتال بُؤسنا جماله..،و كأنَّ البُكاء رَفَع رايته،انْسَحَب من أرض مُقْلتيها رافضاَ الخَوض في حَربٍ يعلم أنَّهُ سيخرج منها خاسِراً بلا دُموع..فهي ستستنزف كنزهُ الأثْمَن،و هل يَمْلكُ البُكاء ما هو أعَزُّ من قطرة دَمع مالحة ؟أسْفل السَرير كان يَقْبَع جَسَدها المَقْتولة حَواسه،تَلْتَحِف عَباءتها الفاقدة جُزْءاً من قماشها من وَحْشية يَدين قَذرتين أنساها الشَيطان مُراقَبة عيني الذي لا ينام..ساقاها مُرْتفعتان دُرْعَ حماية من شُرور قد لا تزال تَقبع في نفسه،و بأطراف أناملها المُتَشَبّعة ببردَ هَلَع تمسك العباءة،تشدها بوَهْن تستر ما كَشَفتهُ الحياة عنوة أمام أعين القَدَر..ذاك القَدَر الواقف على أعتاب البلاء و القاصد أرْضَ شُؤمٍ لها نَبْتٌ مُر هُو لُعابها الذي تزدرده..خصلاتها انْحَنت تبكي بغوغاء حول وجنتيها تُهاجر تلك التي بَقيت مَعْقودة،و كأنًّ المَوت كَفَّنَها،لا دَمعٌ فوق الوَجنتين و لا شهقات تقتطع أنْفاسها..فحتى النَّفَس لم يُسْمَع لهُ دوي اضطراب..،كانت الغُرفة مُظْلمة بوِحشة عدا من ضوء خافت يتسلل من مصباحان في الزاوية اليُسرى و اليُمنى من سقفها..عيناها تَقعان رَهْن اتساعٍ فَزِع و الحَدَقتان تُبْصِران كيف تَقتات الحياة على رَماد عَيشها،تَتَلذذ بهِ تستعيد مَذاق انكسارها في تلك الليلة،انكسار طُفولتها و تَهشيم ملامح البراءة التي صَرَخت بخوف من دمٍ نَهَشَ سَلامَ أبيها،ذلك السلام المُلَوّن روحها ببهجة أمـان تَوَقَّفَ عن طرق بابها مُذ أصْبَحَت الرمال غطاءً و وسادة لجسده البارد..و هي ظَلَّت تتوسد الأحلام عَلَّها تظفر بلُقيا تُسقيها أمَناً لا خوفٌ بعده..،هي لم تعد تُنْصِت لصوت قلبها،مسامعها صُمَّت من صَرخة نَجْدة الى الآن تَتَردد وسط خَواء روحها،تُقَلّب عينيها ذات اليمين و تُبْصِر بها ذات الشمال،تُنَبّش عن ثُقْبٍ قد يتسلل من خلاله ضوءُ بَقاء ينقذها من مَوت مُحْتَم..مَوتٌ يجْترع أُنوثتها المُغْتصَبة و يَلطُم ابتساماتها مُوْدِعاً مكانها ملامح بؤس قاتم..لم تَعد قادِرة على جَر الأنفاس و الإعياء نال من طاقتها،تشعر بحبال تقترب منها لتُعْدِم صَحْوَتها بإغماء ثالث هُو نَجاتها من الواقع..،أصوات من الخارج تصلها،لم تستطع ترجمة معانيها فالعَقل بل و كُل ما فيها اسْتسلم لقبضة اللاوعي..ها هي تتلاشى..من بين فراغات الحياة تتلاشى..فمن ذا الذي يلتقط شتاتها ليُعيدها لسابق عَهدها ؟ و إن كان العَهد مَثْلوماً بسيف اليُتم..،
،
شَدَّ بكلتا يديه على قَميصه جهة عُنُقِه و هو يدفعهُ للحائط بقوَّة صارخاً،:انـــت شنـــو ! الى هالدرجة ما عندك سيطرة على نفسك يا حـيــ... ؟!اتركك ساعة معاها ارجع لك مسوي بلوة من بلاويك !
نَطَق يُبَرر لنفسه و كفَّاه تحاولان إبعاد قبضتيه القاسيتين عنه،:محد قالك تتركها معاي،تدري فيني ما اقدر اسيطر على نفسي
جَذَبَهُ لهُ ثُمَّ و بقوَّة دفعهُ ليرتطم ظهره بالحائِط مثيراً وَجعاً جعله يتأوَّه،:مَــــرض هذا مرض عالج نفسك يالمريض "شَدَّهُ ثُمَّ ألقاه بلامح مُتَقَزّزة للأرض و وهو يُرْدف" إنت طينتك قذرة
اتَكأ بباطن يده على الأرض ليرفع جسده ناطِقاً بابتسامة تَميل سُخرية على شفتيه،:اللي يسمع حجيك بيقول إنت أنظف مني..اثنينا نفس الشي بس الفرق إنّك تسوي بلوتك برضا الطرف الثاني "غَمزَ لهُ و الخَبَث يتراشق من عينيه" صح و لا لا ؟
تَراجَعَ عنهُ مُشيحاً وجهه و هو يَشتم بهمس قاطِعاً غُرفة الجُلوس بمشي ثابت الخطوات..عيناه تعلقتا بباب الغُرفة المُغلَق قَبْلَ أن يرتفع صوته،:يعني الأوراق مو عندها..مثل ما توقعت
نَطَق ذاك و هو يقف و يداه تُزر أزرار قميصه المفتوح،:جذابة أكيد،لازم بتنكر عشان لا تعطينا إياهم
احْتَدَّت ملامحه و لسانه أفْرَغَ كلماته تلطم استيعاب هذا الأرْعن،:تتوقع إنها بتتنازل عن شرفها عشان لا تقول لك عن مكان الأوراق ؟! ما هي مجنونة تفقد أعز ما تملك عشان جم ورقة
أرخى كفَّيه على خاصرته مُعَقّباً باستنكار،:ياخي كاميرا الشارع ما صَوَّرت غير سيَّارتها ذيك الحزَّة،هذا غير إنها ظَلَّت واقفة لأكثر من عشر دقايق في الطريق اللي مقابل البنك..فمن بيكون غيرها اللي اخذهم !
و عَيْناه تُسْبِران أغوار ظلام تلك الدقائق أجاب بهمس فحيحي،:اللي اخذ سلاحي "نظر إليه مُواصِلاً بثقة" الرجال اللي صادفته يوم رحت البنك..مافي غيره اللي اخذهم..و للمرة العاشرة اقول لك هالبنت مُستحيل تقدر تفك الخزنة
تساءل و هو يخطو مُقْترباً منه و الاستغراب بادٍ على محياه،:زيــن شلون قدر ياخذهم،الخزنة محد يعرف يفتحها انت نفسك يوم حاولت ذيك الليلة ما عرفت لها ! "نَشَرَ التَعَجُّب ذراعيه تطارداُ مع ارتفاع حاجبيه ليُرْدِف بصوت عالٍ" شهالعبقرية اللي خلته يفتح وحده من أأمن الخزنات في العالم !
أجابَ و قدماه تعبران المسافة على يساره،:مو عَبقرية "اسْتدار إليه عندما توقف أمام باب الغُرفة ليُكْمِل و ابتسامة مَكْر تَعلو شفتيه" الواضح إن صاحبنا خضع لتدريبات..و مو أي تدريبات
اسْتَشَفَّ مقصده جَيّداً و عقله بدأ يُشاركه الشُكوك..فرُبما يَكون فعلاً مَرسول من شُرطة بَرْلين،و من غيرهم يَتَتَبَّع ظلال الخَليَّة مُنذ أعوامٍ هاهي تخلع رداء الثلاثون مُسْتَعِدَّة لثوب الأربعون المُحاك بخيوط أشَدُّ مَتانة و أكْثَرُ حَذر ؟ تساءل و هو يرى يده المُمسكة بالمقبض،:شبتسوي ؟
أجاب ببساطة،:بنرجعها مكان اللي اخذناها
دَلَفَ للداخل ليصطدم بذُبول رَبيع يَنحني عَبْداً بين يدي الخَريف الجالد يَنَعِها بسوط مَوته..اقْتَرَب من مكان جُلوسها مُنادياً بهدوء،:يا بنية..قومي
لا مُجيب..صوته جال يبحث عن أُذنين ينحشر فيهما ثُمَّ عاد و اسْتَقَرَّ في مسمعه..وكأنَّهُ الحَيُّ الوحيد في هذه الغُرفة..خَطى حَتى تَقَلَّصَت المسافة بينهما و أصْبَحَ واقفاً و من أسْفَلِه يَذوي بقاءها،يَضْمَحِل بلا رجعة..،قابَلَت ساقاه بَصَرها المَعمي من حياة،رفعت رأسها ببطئ أحالها كائناً آلياً إن طَرِقَ صدره سَيَنْعَقُ الفراغ و لاغيره،فالروح قد حَلَّقت تَحمي نفسها من اغْتصابٍ وَحشي..ناظرتهُ من خلف نافِذة اللاوجود،توشوش لهُ بأهدابها عن مأساتها و ترسم بتَخَبّط عدستيها لَوْحَة فَقْدِها..الدُّجَى غَفى أسْفَل عينيها و فوق وجنتيها جَفَّت دُموع الرَجاء و قلّة الحيلة..شفتان مُطْبَقَتَان لم تتوسطهما ثغرة تُطالب بالبقاء..،ناداها من جديد يُريد اخْتراق وعيها،:قومـي بنرجعش لأهلش..خلاص مانبي الأوراق
بالبُطئ نفسه أخْفَضَت رأسها،كلماته ما إن تصل لها حتى تَطالها الحرارة المُشْتَعِلة من جسدها فتحترق بلا مَعنى تسطره فوق صفحات عقلها المُتَنَجّسة..،هُو لم يقف عند هذا الحد،انحنى لها مُلْتَقِطاً ذراعها بكفّه القويَّة و بسهولة اسْتطاع أن يجذب جسدها الرَخوي الذي انْزاحت العباءة عنه ليختنق بصره من منظرها المُثير للشفقة..ملابسها المُقَطَّعة تكشف عن أجزاء من جسدها المَوسومة عليه آثار الفاجِعة..لعن رفيقه في داخله و يده الأخرى التقطت عباءتها ليسترها،و كأنَّهُ بهذا الفِعل يُكَفّر عن ذنوبٍ لا تقبل إلا التَوبة..جَرَّها للخارج و من الشقَّة للشارع..و هُناك قابَلَ ذاك المَريض أمام السيَّارة..رَمَقَهُ بأسْهُمٍ لم تجرح فؤاده المَيّت قبْلَ أن يفتح الباب ليُسكِن أسمال جسدها المقعد الخلفي..نَطَق بدم بـارد و هو يستدير قاصِداً بابا السائق،:بنتركها عند بداية شارع بيتهم،ما بنقدر نواصل لداخل..أكيــد أهلها يدورون عليها
استقلّا السيَّارة و الصَمتُ ينحشر بينهما،و تلك في الخلف تُصارع الوَعي بيدين كان الضعف أساورهما الباهتة..تُراقِب الطَريق و الحواس مُصْمَتة..قَلْبُها مُثْقَل يَكاد يحفر صدرها مُطالباً بخروج لينشر نبضاته زَعيقاً بهِ تَقُص على الليل حكاية أوْجاعه،تُشارك القَمر بعضاً من شهقات أخْنَقتها و هَدَّدتها بالإنقطاع..كانت مَيّتة و من أسْفَلها تناثر الوُجود مَبتور الشَرَف..،كانت الساعة تقف على أعتاب الثانية و النصف حينما تَرَكوها عند الشارع المؤدي لشقتها هي و والدتها..بَقِيَت جامِدة في مكانها لثوانٍ،عيناها مُصَنَّمتان على قدميها الحافيتين عَلَّها تُخبرانها بالخطوة التالية..و كأنَّهما استجابتا إليها..فهما بدأت تزحفان مُخَلّفتان بصَماتٍ نَحَتت الظُلم الناحِر ذَّاتها..تَمَّ القضاء و فعلياً على مــلاك..،مَشَت بتَخَبُّط مُتَعَكّزة على نسمات الليل المُشْفِقة على حالها الرَثّ،تَعَثَّرت قدماها مَرَّتان و ثلاث و الرُّوح قد تَعَثَّرت ألفا..تَمشي و عيناها تَعْقدان صداقة مع الأرض تبحث عن موضع لقبرها،فجسدها جاهز لِدَفْنٍ يفصلهُ عن نظرة افتجاع تبتلع سواد عيني والدتها..فلا غُسل يُطَهّر ما تَخَثَّر من نجاسة عليه،و لا كفن لهُ القدرة على سَتر عُريها..،أضواءٌ شَديدة الإشعاع تجانست مع الظلام الساكن أرضها الصديقة..تَجاوزتها دون أن تلتفت لمصدرها مع ارتفاع نداء أَعْدَمَ مَشْهَدَهَا البالي نبرته المَبْحُوحة،:يُمَّـــه ملاك
,،
تَشُن حَرْباً على صَفحة دفتر ملاحظاتِها الصَغير،تُضْرِم بين حناياها البيضاء خُطوطٌ لَمَست تَخَبُّط ذَّاتها..بدلاً من أن تُعيد قراءة ما دَوَّنَتْهُ أثناء المُحاضرة المُقامة عن الأمراض الوراثية ها هي تُصْبِغ الكلمات بلون أرجواني باهت..يُنافِس بُهوت وجهها..،فكرها لم يترك دقائقهما التي اقتطعها بأمره الغريب "وقت الصلاة دخل ورحي صلي لا تأخرينها" ! حيرة ها هي تتقلقل في داخلها ابتداءً من صلاته و نهايةً بهذا الأمر..هي سعيدة،و جـداً سعيدة لهذهِ الهِداية التي دَعَت بها إليه في كُل سُجودٍ لها،لكنَّ فُضُولٌ عارم يبحث عن السبب،لا تظن بأنَّ اعتداله جاء من فراغ..لا شك بأنَّ شيئاً و شيئاً كبيراً ذاك الذي أزاحَ الغشاوة عن قلبه..،يد مَطْوية فوق شفتيها و الأخرى لم تَكُف عن حربها،هي قَلَبت الصفحة باحِثة عن أُخرى نَقيَّة لتُبصِق أفكارها التائهة وسطها..،لماذا عاد ؟! بل لماذا اخْتَفَى،أكانَ اختفائه صُدْفَة ؟ ليلة الحُلم الفاحِش المُنَجّس خيالها كان اختفائه..فهي عندما ذهبت إلى غُرفته ليكون مَلْجَأها من سِهام أُخته ارتَطَمَ الخلاء ببصرها..لم يَكُن هُناك،و لم يبقَ لهُ و لو نَفَس ! نَهَبَ عن أرواحهم ملابسه،ذكرياته و حاجياته البسيطة..أعْلَنها صراحة بأنَّهُ لن يعود فهو أخبرَ عَمَّها بقراره ! اذاً لماذا عاد الآن ؟ و مع والدها هُنا في دُبْلن !انْتَبَهت لصوت سارة التي يَبدو أنَّها أنَهت حديثها مع زَوجها..تَرَكَت القَلم أخيراً و هي تراها تتوجَّه لماكينة القهوة قائِلة و الإستياء لَحْنُها،:و الله صعب تكونين امْرأة عامِلة و عندش بيبي يرضع "زَفَرت و الضيق احْتَكَر ملامحها لتُواصِل و هي تضع الكوب في مكانه بعد غسله" المسكينة اللحين اسبوع بتظل تشرب حليب صناعي
اسْتدارت لتقترب من الفاصل الخشبي المُعتليه منضدة ليُصَيّر الزاوية مَطبخ مُصَغَّر..وضعت فوقه الكُوب ثُمَّ عادت للماكينة تضع كوبها مع تَعقيب نُور،:ما تعودتين على هالوضع ؟ من أيَّام ما حمود صغير كان هذا وضعش
التفتت لها لتُجيب بحاجبان أرْخاهما الحَرد،:بس عالأقل كان يرضع مني أكثر..دوامي ما كان ضغط مثل اللحين
أرْفَعَت كَتفيها و هي تَقول،:بعد شتسوين ؟! هذا شغلش و انتِ كنتِ تدرين بتكون ظروفش بهالشكل ما دام اخترتين تصيرين دكتورة
تَقَدَّمت لتجلس أمامها و الفاصل بينهما قائلةً و هي تُخْفِض الكُوب بحَنَق،:ندمت لأني وافقت على السفرة و شكلي ببدي اندم لأني درست طب
حاجبها اعتلى بحدَّة مُصْطَنَعة و هي تنطق بدِفاع،:يله عاد ما ارضى على الطب لا تشوهين سمعته
ارْتَشَفَت من كوبها،بَلَّلت شفتيها ثُمَّ عَقَّبت مُوَضّحة،:ما اشوه سمعته،بس اذا الوحده مثلي ما تقاوم فراق عيالها و زوجها و تخاف تقصر لا تتعب نفسها و تدرس طب
حاجبها شارك أخاه الارتفاع ليَنثُران إمارات الاستنكار على وجهها،:حسستيني إنش محرومة من شوفتهم ! هذا وانتِ دوامش طبيعي ما تاخذين آخر ليل الا في الشديد القوي،لو كنتِ مكاني شبتسوين ؟!
بَسَطَت باطن كَفَّها أمام وجه نُور و هي تُعَقّب بسُخرية،:ماني مجنونة نفسش،أي واحد اعتذر اخذتين مكانه،ابني لش بيت في المستشفى واجد احسن
وَضَّحت و رأسها يَميل بقلَّة حيلة تَرْجَمِتها ابتسامة بائِسة،:احسن من قعدة البيت،امي ما بتقابلني طول الوقت و ابوي دائماً مشغول و فيصل مابين البنك و بنته..واللحين زود جُود راحت بيت زوجها..قعدة البيت كل الا بتسويه إنها بتزيد تعبي
أرْخَت جفنيها تُخفي ولادة دَمعة وسط مُقْلَتيها عن سارة التي أوْجَسَتها آخر كلماتها..امتَدَّت يدها مُعانِقة ذراع نُور المُرْتَخِية على المنضدة و هي تتساءل،:انتِ شنو فيش ؟ من الصبح وجهش مقلوب و أغلب الوقت سرحانة،غير إن البارحة نمتين عند عمي ! شصاير ؟!
مَرَّرت لسانها على شفتيها و نَبضاتها يعتريها جُنون أرْجَعها لأيَّامٍ مَضَت كانت فيها مُراهِقة،تُصاب بدُوار الحُب و ترتعش أطرافها اسْتسلاماً لمشاعرها المُتَدَفّقة باسمه..يعلو صوت نبضاتها و يُحْقَن جلدها باحمرار فَظَيع..فقط لأنَّها تتحدث عنهُ لسارة،تحكي عن عشقها النَّقي له،المُصْمَت وسط قلبها عن مَسْمَعه..،داعبت أطراف فَوَّهة الكُوب تُنْثِر ارْتباكها الذي لم يخفَ عن صديقتها..رَفعت عينيها ناطِقة بنرة خافِتة،:تدرين من اللي جاي مع ابوي ؟
تساءلت بعُقدة خفيفة،:من ؟!
بهَمْس يَكاد يتلاشى،:طـــلال
اتْسَعَت حدقتاها و عَدَم التَصديق نَشَر أجنحته فوق ملامحها..تَرَكَت كُوبها لتقترب بجسدها من نُور مُتسائِلة بشك،:شفتيه ؟
هَزَّت رأسها تُؤكد قَبْلَ أن تُكْمِل،:و كلَّمته بعد
عَلَّى التَعَجُّب حاجبيها و من عينيها تطايرت أسئلة تفتقر نُور لأجوبتها،:شنو اللي جابه اهني ؟!
رفعت يدها تمس صدغها بحيرة تكالبت عليها حتى نَحَتَت ضيقاً بين أضلاعها،:مادري "أغمضت للحظات و هي تُحَرّك رأسها بتَيه " مــادري،يعني ابوي قال إنه جاي عشان شغل للشركة،هو ليش جاي معاه ؟!
نَطَقَت بفكرة تراءت لها،:يمكن عشان الشغل بعد
تصافَقَت أهدابها و هي تَجْتَرِع فكرتها تُحاول أن تستسيغ حقيقتها..عَقَّبت بعدم اقتناع،:معقولة خواته رضوا إنه يستلم الشغل في الشركة ؟! "صَمَتت لوَهْلة و بصرها تَسَلَّقَ الماضي يسترجع بعضاً من أحداثه لتُكْمِل" يا ليت والله "ابْتسامة حَنان خــالص لم تستغربها سارة شَدَّت شفتيها الصغيرتين و هي تُرْدِف بهمس ودّي و العَين قد أغْرَقَتها مشاعر انْدَثَرت و لكن لم تَمُت" يا ليت فعلاً اشتغل،يمكن يلقى نفسه و يكَوّن له حياة
تساءَلت من جديد،:قلتين إن كلمتيه،شنو قلتون ؟
ارْتَجَفَت أصَابعها فَوْقَ الكُوب و نَفَسٌ اخْتَنَقَ بوجع بين ضلعيها..ازدردت ريقها و قَشَعيرة مُلْهِبة طالت من جانب جسدها حتى تَفَرَّعت من أطرافها و هي مُذَيَّلة بشذرات من اعتقادها بكَونِهُ كابوس فعلاً..أَرْخَت أصابعها تاركِة الكوب لترفعهم ناحية رأسها..ثَبَّتَتَ أطرافهم على صدغيها مع اسْتنشاقِها لنَفَسٍ عَميـــق هُو مُعينها للاعتراف المَسْجون لعامان خلف قُضبان الازدراء و الحَرَج..زَفَرت بارتعاش مع إلتقاء باطن يديها لتستقر بهما على شفتيها راسِمة صورة رَجاء لسارة،و كأنَّها تُطالبها بأن لا تحتقرها بعد الذي سَتُفْصِح عنه..أن تلتمس لها ألفَ عُذْرٍ و عُذر،فُرُبَّما كان عَقلها الباطن حينها لا يزال يحتفظ بأُمنية لقاءهما و امْتِزَاجَهُما،امْتِزَاجُ الرَّجُل بأُنْثاه..تَصَدَّعت ملامحها و أطْياف بُكاء رَفْرَفت على موسيقاها الكَئيبة أهْدابها..أخْفَضَت يديها و بالتوالي احْتَضَنَت بذراعيها جسدها،تحمي نفسها من نتانة قد تُلَوّثها من جديد..هَمَسَت بتَرَدُّد،:تذكرين الكابوس اللي قلت لش عنه ؟
أجابت بانشداه لها و عيناها مُتَعَلّقتان بأحوالها المُتَقَلّبة،:ايــه اذكره،اللي استفرغتين يوم تذكرتيه
هَزَّت رأسها بالإيجاب ثُمَّ أكمَلَت بصوت مُهْتَرِئ و بصرها يَهْرُب من ملاحقة عدستي سارة،:الغريب إنّي أذكر منه تفاصيل تحسّسني إنَّه حقيقة !
مالَ رأسها بخفَّة و استفسارها يُحاول سَبْر هذا الكابوس المُسَيْطِر على حواس رفيقتها،:شنو هالتفاصيل اللي تذكرينها و اللي تخليش تنهارين بهالشكل ؟!
ضَمَّت شفتيها للداخل و ذقنها نال منهُ اهتزاز يُصارِع رَغْبَة الاستفراغ..تصافقت أهْدابها و العَينان تغيبان وسط دَوَّامة ضاعت بين ظُلماتها و لم تَجِد بَرَّ الأمان..،
،
،:نُــور لحظــ
قاطَعتهُ بوَجْس يُثِير المشاعر و يداها تحتضنان وجهه،:اششش "مَرَّرت إبهاميها بنعومة على شفتيه و هي تُرْدِف بذات النَّبْرة" خلاص حَبيبي مو وقت الكلام "عَبَرت صدرها تنهيـدة أفْرَغت حُمولة أعوام من الشَوق الطارق أبواب اللّقاء ثُمَّ أكملت" خلني اضيع بين أنفاسِك "أحاطت عُنُقِه بذراعيها تَشدّه إليها و ترفع نفسها لطوله المُمَيَّز حتى مَسَّ طَرف أنفها أنفه" ابي استشعر كل لحظة إنت فيها لي و أنا لك
اسْتَسلمت لإغماضٍ حَلَّقَ بها فوق سَحابة احْتَضَنت روحها هي و طلال..حَبيب عُمرها،حَبيب الطُفولة و الصَّبا..ها هي و أخيراً أُنثاه،لهُ وحده و لها وحدها..،مال رأسها بخفَّة قاصدة جانب عُنُقِه حيث هُناك مَرَّغت أنْفَها بسَكَرٍ قَبْلَ أن تقترب شفتيها من طرف أُذنه هامِسة بهَيام،:تدري ريحتك هذي تنسيني نفسي،تزلزلني "طَبَعَت قُبْلة لم تَعلم أنَّها أحْرقته و أيْقَظَت الشيطان داخله" دوم كنت أتمنى إنها تلزق فيني..رحيتك و ريحة البَحر حبيبك
أزاحت جفنيها عن غَيهباتٍ هي جَليَّة و جداً في عينيها..جَليَّة للحدّ الذي يُوْقِن المُجْتَرِع تَخَبّط عدستيها أنَّ الوعي غائب عنها..نَظَرت إليه لتَميل شفتيها بابتسامة نَشْوة و هي تُبْصِر الخَدَر الغافي فوق أهدابِه..ارْتَعَشت من مَلْمس كفّه الباردة لعُنُقِها لتتمازج ارْتعاشاته بهذيانها..كفّه الأخرى الْتَقَطَت أناملها خصلاتها المَنشورة على جانب وجنتها..و بخفَّة أزاحها ليبان لهُ وجهها الرَقيق بكامل قَمْره،و هي التي بانت لهُ بكامل مفاتنها المُحَرَّمة..،أخْفَضَ رأسهُ مُتَّبِعاً طَريق قَذَعٌ سَيُصَيّرهُ عَبْدٌ يتَخَضَّب بتُراب التَوْبات،عبْدٌ ينامُ اللّيل و عينهُ ساهِرة خَجْلى من عيني رَبُّ أنْساهُ الشيطان مُراقَبتَهُ في كُلّ وقتٍ و حين..بأنْفاس لاهِثة اقْتَرَب من مَوْضِع الغَرَق،عيناه لا تران غَيرهما،حجمهما الصَغير و لونهما الزَّهري،مَسَّ بإبهامه طرف السُّفْلَى منهما لتنال منهُ قَشْعَريرة رَغَّبَتهُ بالمَزيد..أسْقَط ما قد ارْتَفَع من أسْوار بينهما،و ألْغى سَيْطرة حُصون حرمتهُ من الامتزاج معها بـ"حلال" الله..نَسَفَ كُلَّ شيء و أعْدَم َالماضي البريء المُتَوّج علاقتهما..أَنْهَى كُل ذلك بقُبْلة..قَبْلة جَرَّتهما للرَّذيلة !
،
بسرعة ارتفعت يديها تُكْبِح ما غادر جَوْفها بتقزُّز،لكنَّ حجمهما الصَغير لم يستوعب هذا السيل الذي طال ملابسها..تَحَرَّكت بخطوات سَريعة تنتعل الارتجاف و من خلفها سارة تُشاركها الرَّجفة،فما سَمِعَته نَمَّلَ أطرافها و أوْقَفَ عقلها عن استيعاب أيُّ شيء..،انحنت نُور للزبالة تُفرِغ فيها دُموعها قبْلَ استفراغها،َبكت و النَّحيب اختنَقَ صوته خلف هَوْجاء تَقَزُّزِها..دُمُوعها اعْتَلى زَعيقها فوق خَدّيها اللذان تُقْسِم أنَّهما تشتعلان كُلَّما غَدَرَ بها طيفُ الكابوس و قُبْلاته..إلهـي لا مناص من هذا الذَّنب،أشْعُر بهِ يَنْحَرَنِي،يُكَبّل أنْفاسي فوق قارعة المَوت..أذْوي بلا قُدْرة كُلَّما تَمَكَّنت مني أحداثه القَذِرة،الحَرام..إلهي إلى طريق التوبة دُلَّني..،اسْتَنَدت بذارعها على حافَّة الزبالة بإعياء و النَّحيب بدأ يُشاركهما الوجود..احْتضنتها سارة الجالسة فوق رُكبتيها خلفها و هي تَمَسَّكَت بها بيدي الضّعف..رَفَعَت ساحة فَيضها العَشواء عن جَواب يُسْكِن ضَميرها،تساءلت و الرَّجاءُ لسانها ولا غَيره،:قولي إنَّه كابـ ــوس سارة..قولـ ـــي
هَزَّت رأسها بسرعة لتَنطق بصوت مُتَهَدّل الأطراف،خاوٍ من يَقين يُشْفي عُلَلَ هذا الموقف المُبْهَم،:ايـــ ايــه اي..كابوس..هذا كابوس أكيد "أكَّدت و هي تُريد من يُؤكّد لها" أكيـــد كابوس
,،
يتبع
|