كاتب الموضوع :
simpleness
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: ذات مُقيّدة حوّل عُنُقِ امْرَأة / بقلمي
بسم الله الرحمن الرحيم
تَوكلتُ على الله
الجزء الخامس و الثلاثون
ماضٍ
أشِعَّة الشَّمْس المُتَحَرّرة من سُجن غُيوم مَلَبَّدة انعشتها و دفعتها لاقتناء باقة من زَهرٍ تجانست ألْوَانُه بين نقاءٍ أبيض و رِقَّة أرجوانية سَلَبَت لُبَّها..فهي عاشِقة للورد و لا تُهديه إلا لمن كان لهُ النَصيب بالفوز بحُجرة من حُجرات قلبها..و هو كان القَلب ذَّاته..،ذراع مُرتخية على فخذه و الأخرى كانت أصابع يدها تعبث بأزرار قميصه الأسود..جسدها مُسترخٍ فوق مقعد مكتبه الذي اتكئ على طرفه جسده القَريب منها..هَمَسَت بمُشاكَسة و عيناها تُعانقان عينيه بغياب لَذيذ،:ترى بديت أغار من الأسود من كثر ماتحبه
هَمَس ببحَّة هي نَسيمٌ يُأرْجِح وريقات غصنها فَتِيَّة العِشق،:و انا شقول..اللي صرت أغار من النبض لأنه اقرب مني لقلبش
ارتفع حاجباها بالتطارد مع اعتلاء البسمة شفتيها..هَمَسَت بضحكة داعبت حنجرتها،:ياربــي مادري شلون تصف هالحجي
التقط كفّها العابثة و قَرَّبها من فمه ناطِقاً بشقاوة تعشقها وهو يغمز بعينه،:احاول اقلد العشاق و كلامهم
أتبع جُملته بقُبلة أودَعَ رِقَّتها بين خطوط يدها تحت أنظارها الوالِهة..أخفضها و هو ينحني بخفَّة و كفّه الأخرى تحتضن ذقنها لتهمس هي باستنكار،:فيصل شبتسوي لا يدخل أحد !
أغمضت عينيها مُستسلمة لفوضى المشاعر التي أحدثتها قُبلته العَميقة..ارتفعت يدها لخدّه تَطلب ابتعاداً ينقذها من حَرج قَريب..فالمكان أبداً لا يَصلُح لهذه الحَميمية..قد يُغافلهما دُخول أحد طلابه أو حتى أحد زُملائه..إلهي لا تستطيع أن تتخيل الموقف حتى..بصعوبة استطاعت أن تَتَحَرّر من جنونه لتتراجع قليلاً مُلتَقِطة بضع أنفاس لينطق هُو باستنكار ضائق،:ليــش عاد !
وَجَّهت لهُ نظرات مؤنبة و لسانها نَطَق بتوبيخ،:فيصل عيـــب..فرضاً دخل علينا أحد،احنا مو في بيتنا عشان ناخذ راحتنا لهالدرجة
بَلّلَ شفتيه قبل أن يقول و الخباثة تنضح من عينيه،:ايــه سوي روحش المؤدبة البريئة "تَلَقَّف وجنتها بإصبعيه يقرصها و هو يُردِف بعين ضائِقة" مادري من اللي تسوي لي حَركات و ترمي علي جم نظرة عشان اقرب منها
فَرَّت من حنجرتها شَهقة أتبعتها كلماتها الحانقة و هي تنفر يده،:فيصــلووه يالجذاب..محد غيرك اللي يحب يتلزق ياللي ما تستحي
تَراجعت للخلف بحاجبين معقودين و هي تعقد ذراعيها فوق صدرها الذي انخفض بقوَّة مُفرجاً عن زفيـر تَشَبَّع قهراً من كلماته و قهقهته المُرتفعة بانتصار..،
،:دكتور
انقطعت ضحكته قبل أن يستدير للصوت القادم من الخلف..ابتسم بخفَّة عندما رآها تقف قُرب الباب تستأذن الدخول..نَطَق بنبرة ودّية اعتاد أن يُحادث بها طلّابه،:تفضلي ياسمين..بغيتين شي؟
نَقَلَت بصرها بينه و بين جنان التي ارتدت عُقدة حاجبيها شُعوراً آخر وَلَّدته نظرات هذه الفتاة التي نَطَقت بنبرة لم يلتفت لها فيصل و لكن جنان اجترعت مقصدها جيّداً،:سوري دكتور دقيت الباب بس شكلكم ما سمعتوني
مَسَّ أنفه بظاهر سبَّابته و هو يرنو بعينيه لجنان ناطِقاً بضحكة قصيرة،:لا عـادي..آمري شنو تبين ؟
أجابت بنبرة سِيقَ جليدها لقلب جنان الذي بدأت تغزله خُيوط من تَوَجُّس،:لا مو شي مُهم..بخبرك وقت المحاضرة
هَزَّ رأسه بتفهم و هو يهمس لها قبل أن تُغادر،:تمام
انتظرها حتى أغلقت الباب و استدار لجنان يُريد أن يُواصل مُشاكسته لكنَّ نظرة الشُرود التي كانت تطفو وسط عينيها عَقَّدت حاجبيه باستغراب أفصح عنهُ لسانه،:شنو فيه ؟
هي و التي لا زالت عينيها مُتَعلقتان بطيف ياسمين ذو الرائحة المُبهَمة أجابت بصوت أغرَقهُ القلق،:مادري "صمتت للحظة و هي تَعود ببصرها إليه قبل أن تُردِف بضيق هاجمها فجأة بوحشة" مادري بس ما ارتحت لهالبنت
,،
حاضر
خصلاته تَحَرَّرت من دَعكِه الشَديد حتى تناثر بِبعثرة عَفوية..كُل خِصلة تُراقب جِزئاً مُعَيناً من المَجال..أخفض المنشفة الصغيرة و هو يُمَرّرها فوق شعر لحيته النابت حَديثاً و عيناه يَغفو بَصرهما على المَوْضِع المُنْعَكِس في المرآة،تُعيدان إحياء المَوقف الغير إعتيادي،و الذي لم يُداعِب خياله أبــداً..فهو ظَنَّها كباقي الإناث المُتَقَلْقِلة أجْسادَهُن وسط طُرقات بَرْلِين..لكنَّها فاجأته بل لَطَمت وَعيه تُوقِظ غَفوته الطَويــلة..و بفم فاغر تَصُرخ في وجهه،أنا لَسْتُ هُن ! مَرَّرَ لسانه فوق شفتيه ليَعْقِبها بابتسامة أرفعت زاوية شفته اليُمنى،رفع يده ماسَّا خَدّه أسفل عينه اليُسرى بسانتيمترات قليلة،حيثُ امتزج إخضرارٌ باهت بزُرقة لَيلكية كالتي اصْطَبَغَت بها أظافرها..اتسعت ابتسامته و عقله غادره مُحَلّقاً حَول تلك الساعة..،
،
،:تتزوجيني ؟
انْحَسَرت كَفُّها عن مقبض الباب و تَصَلُّب مُوجِع اختَرَق جانب عُنُقِها..رَفَعت رأسها تُبصِر المكان أمامها و كأنَّها تبحث من كُل جُزيء مَركون و إن كان الهواء عن تَفسير للكلمة التي نَطَقَ بها..اضطَّرَبَ الغطاء المُخفِي زينتها من ثِقْلِ أنفاس عَبَرت صدرها المُتَخم بويلاتٍ و ويلاتٍ من قَهَر..تَراجعت خطوة للخلف قبل أن تستدير لتُقابل جسده المُستقيم في وقوفه..تَقَدَّمت بخطوات رَتِيبة على إثرها ارتفع صوت كَعب حذاءها المَكتوم يُشارك صدى زعيق نبضاتها الصام أّذنها..تَوَقَّفت أمامه و خطوتان مُبْهَمَتَان الوِصال انحشرت بينهما..،كان يُتابع تَحَرُّكاتها بدِقَّة يُحاول أن يصطاد جَواب من سكناتها البادي عليها تَخَبُّط واضح..أجْبَرَ نفسه على إخفاء ابتسامة أجَّجتها هذه التَحَرُّكات التي اعتقدها وَليدة من رحم خَجَل عانقها بعد أن نَطَقَ بكلمته..،ناظَرت اليُمنى حَيثُ اصطَّفت المَركبات بأحجامها و ألوانها المُتفاوتة..التفتت عاقِدة أنظارها باليُسرى جهة الباب المؤدي للقاعة..لا أحد يقف هُناك غَير رَجُل الأمن..و هُنا بينهما هما الإثنان لم يقف سوى الهواء ينتظر المشهد التالي..،واصلت رحلة بَصَرها مُنْخَفِضة به ليدها القابضة على الحقيبة المُستطيلة الشَكل..مَرَّرت أنامل يُسراها على قماشها الأسود المَطفي حتى استَقَرَّت بها فوق القطعة الصَلَّبة الفضيَّة المُحيطة بها كإطار يحتضن نهايات القماش..رفعت رأسها بحركة أبطأتها الفِكرة التي اجترعت حواسها..لم تُطِل التَفكير فالغَيظ قد انفجر مُشْعِلاً نيراناً عَبَرت عُروقها حتى ألهبت عضلاتها الباذلة كُل جهدها لتهوي بالحقيبة فوق وجهه مُتبعتها بهمس تَكوَّمت فيه معاني الحقد كُلّه،:وَقِـــح
انحنى مُنطَوياً على نفسه و ألم الضربة أرجعه خطوتان مُبعثرتان للخلف..ارتفع صدرها مُفْصِحاً عن استنشاقها العَميق للهواء إثر شفاء غَليلها من الآه التي ارتفعت من حنجرته..كان واضِعاً يده فوق خدّه و الأُخرى مَقبوضة و كأنَّهُ يمنع نفسه من شيء ما..هل يُفَكّر في ردّ الضَّربة ؟! اصطدم ريقها بحلقها فزعاً من النظرة التي وَجَّهها إليها وهو يُخفِض يده بالتطارد مع استقامة غُصنه مُتَجَرّداً من انحنائه المُتَألّم..بصعوبة استطاعت أن تبتلع ريقها و ارتجافات خَوف بدأت تحدو من أطرافها..و لتُخفي فضيحة ضعفها رفعت يدها أمامه شاهِرة سَبَّابتها في وجهه لينطق لسانها بتهديد تعتقد أنَّهُ أضحكه بدل أن يُخيفه ! ،:والله..والله اذا طلعت في وجهي مرة ثانية بقول لأمي
و تأكيداً لاعتقاداتها ارتسمت ابتسامة مائلة على شفتيه امتَدَّت خطوطها للانتفاخ البسيط الذي بدأ ينمو أسفل عينه..حاجبه الأيسر ارتفع مُفسِحاً المجال لِغَبَشَ عينه أن يبتلع سُكونها المُهتَرئ..و بلحنٍ ساخر نَطَق،:قبل شوي هددتيني بالشرطة ؟ اللحين امش !
تَراجعت للخلف مُتجاهلة سُخريته و التي ليس لديها لها جواب..فهي نَطَقت بإسم والدتها تهديداً يَمُر مُرور سَحابة صيفية لن تُمطِر أبداً..فهي اكتفت من رعودها المُحَذّرة قبل أيَّام..و لن تكون غَبية لتُخبِرها بموضوع هذا الأرعن..،
،:مَلاك لحظة خلينا نتفاهم
تَوَقَّفت أمام باب السيَّارة و هي تُلقيه ظهرها..زَفَرت قِلَّة صَبرها و الجُنون هذا بدأ يُحيك قُيوداً من ضيق أحكمت قبضتها حَول عُنُقِها،تُعاند رفرفة النَفَسَ..هَمَسَت و الرَّجاء يُدَثّر نبرتها،:و اللي يرحم والديك اتركني في حالي
،:محَمَّــد !
كلاهما استدار للصوت المُباغِت للصمت حَولهما..هي استدارت مُنشَدِهة للإسم الذي نُطِق..و هو كانت استدارته مُرتَبِكة للشخص المُنادي..أجاب بصوت ألبسَهُ بُروده المُعتاد،:هلا عبدالله
اقترب عبدالله و عيناه تُفرِغان نظرات استغراب عُقدَ معها شَكٌّ أوْجَسَ قلب مَلاك..قد يُفهم وقوفهما خَطَأً..،تساءل وهو يقف أمام مُحَمَّد البــارد تماماً،:شعندك ؟ من هذي ؟
مال رأسه بخفَّة و يُمناه ارتفعت يدعك صدغه بأطراف أنامله و هو يُجيبه،:سيَّارتها كانت فيها مُشكلة ما تشتغل،زين كنت واقف اهني و حليت المُشكلة
عَقَّبَ عبدالله وهو يُرخي كفّه في جيب ثوبه بابتسامة استنشق مُحَمَّد رائحتها المُبَطَّنة،:لاا ! زيــن والله كنت مار
أومَأ لهُ مُحَمَّد برأسه زامَّاَ شفتيه بنصف ابتسامة قبل أن يلتفت لملاك التي أثار وقوفها استغرابه..لماذا لم تستغل الوضع و تهرب منه ؟! قابلها مُبصِراً استنادها للسيَّارة..ذراعاها تحتضنان أداة دفاعها لصدرها و الصَّمتُ حَليفها في هذه اللحظات..،أخرج من جيبه بطاقة سوداء صغيرة مَدَّها إليها و هو ينطق بنبرة عَفوية،:أختي أي مُشكلة تواجهش في الطريق كلمي الكراج
أفرغت غَضَبَها بين خيوط قماش الحقيبة المسكينة،فأظافرها اخترقته مُحدِثة ثُقوب صغيــرة لو عادت لها بعد عُمرٍ من زَمَن ستتذَكَّر هذه اللحظة..اذاً لا خلاص من الذِكرى ! كانت تُقَرّر لتَجَاهُل طلبه الخَبيث لكن صوت ذاك الآخر عاد يُؤَيّده،:ايــه اختي أي مُشكلة اتأكدي إن هالكراج بيحلونها..اخذي الكرت تستفيدين
نَقَلت بصرها بين عينيه الجامدة عَدستهما ذوات غَيهَباتٍ لا تُفنى..الانتظار جَليَّة راياته بينهما..و ريحٌ من صدق تراها تُعاني في تَحريك أجنحة هُدُبه الساكِنة..سايَرت المَوقف و في قرارة نفسها ستُقطّعها إرباً إربا بعد أن تختلي بنفسها..بهدوء حَرَّرت الحقيبة من عقابها مادَّة كَفَّها مُلتَقطة بأصابعها التي حاولت أن تُخفي زينة أظافرها أسفل كُم عباءتها البطاقة الباهت سوادها أمام سواد عينيه..و كأنَّ تلك الالتقاطة كانت العاصفة التي شاركت الريح لتُهَدهد أهدابه كاشِفة عن اصطفاقة رِضا عَبَّر عنها بابتسامة قبل أن يتراجع مُفِسِحاً المجال لها لتسترد اتزانها..،كانت ثوانٍ فقط قبل أن تتجازوهما مُخَلّفة صوت احتكاك العَجلات المُزعج بالأرض الأسفلتية..مُباشرة بعد أن غادرت السيَّارة بَوَّابة الفُندق نَطَقَ عبدالله مُتسائِلاً،:ماتبي تصور مع أخوك و أهلك ؟
خَطَى وهو يَطوي سَبَّابته ماسَّاً أنفه بظاهرها مُجيباً،:بــلى هذاني رايح
واصلا المَشي بصمت للداخل و قبل أن يفترقا عند باب القاعة الداخلية نَطَق عبدالله بصوت يسبح بالثِقَّة،:يعني طلعت هذي اللي شاغلة بالك !
،
ابتعد عن المرآة و جُملة عبدالله اتخذت مُنحنى آخر في عقله و ألفُ سؤال و سؤال بدأ بشد رحاله لرسم علامات استفهام بين متاهات مُخّه..و بين روحه ها هو يَبحث عن كُتَل جَليد أفرغتها سُحب بَرلين المُقتاتة على الفَقد..سُحبَاً أطعمتهُ جوعاً اسمهُ الغُربة..أتخمتهُ حتى أصبَحَ كَمن يَجُرُّ الأنفاس فوق جَبَلٍ على قِمَّتهِ يقبع اللقاء..و أتـى اللقاء و لم يَكُن مُلتَحِماً بحرارة الشَوق التي أدفَأتهُ لليالٍ فيما مَضى..،تَقَدَّم مُلتَقطاً سترته القطنية،أدخل رأسه في فتحتها و الذاكرة تعود بهِ للقاء المَيَّت الذي واجهتهُ به والدته..و إن بُثَّت الحياة بعده بينهما إلا أنَّ خَواءً مُوحِش لا زال يَحوم ناشِراً أجنحته فوق سماءهم حاجِباً شمساً أبت أن تَرَشّح أرواحهم من فقدٍ مُغرِض..،عاد للمرآة يُرَتّب بعثرة خصلاته التي تَعَرَّت من ثقل ماء و الفِكر سار لتلك..أُنثى حياته الجديدة..لماذا يشعر أنَّ الجليد ينحني لشمسها ؟ شيءٌ خارق يقتَرب بوجْس من ذَّاته المَنسية..يُوشوش لها باقترابٍ مُبهَم لهُ ألوان تُناقض ما أغرقهُ من رمادية..أهي يَقظة تُعانق غَفوته الطَويلة ؟أم بياتٌ لم يَزوره رَبيعٌ بَعد ؟..راقب تَيه عدستيه و سؤالٌ لا مرئي تطايرت حُروفه مُحدِثة ضَجيج وسط روحه المُتَوَجّسة..اذاً..أهيَ الرَّبِيع ؟!
,،
ماضٍ
أنتِ بَحرٌ لم تَزرهُ رمالي..و مَوْجِكِ العُذري أرضٌ يَنعاء تزاحمت في سماءها سُحبُ غَيثٍ تَهوى مَسَّ بتلات جمالكِ علَّ ألوان حياة تصبغ شفافيتها الباهتة..،تساءلت حُروفي المُتَكِئة فوق صَخْر شاطئكِ الأثيري هل أنتِ أُنثى كباقي الإناث ؟ أم أنَّ الاُنوثة كانت لكِ أنتِ و هُنَّ نجومكِ ؟ أم انتبذتي لنفسكِ وَصفاً جَديداً،يُحَلّق بكِ بعيداً عن أترابكِ ؟ ها أنا هُنا و الليل أمامي يَتَعَكَّز على قمره يُشاركاني الإنتظار..جميعنا ينتظر إجابة لهذا السِحر الذي أوهبكِ إيَّاه الخالق..و ما بين غَسَقٍ و شفق يرتفع مني دُعاء بأنَّ تُبلى ذَّاتي بسحركِ الآسِر..،
تَنبيه:الأَعْيَاد حَمَامِيَ الزَّاجِل،أُرْسِل لكِ فَوْقَ أَجْنِحَتِهَا بَوْحَ قلبي،عيـد فِطر مُبارك
فَمٌ فاغِر و شِفة سُفلِيَّة رَقيقة هَدَّلها الذُهول..بل العَسَل المُغرِق الحُروف..أطبقت شفتيها و أنفها يستنشق نَفَسها المُتَبَعثِر من الكَم الهائل من هذا الجَمال..هَمَسَت حَنين و خَجَلٌ فَرِح رَسم ابتسامته على شفتيها الصغيرتين،:جَميـل الكلام صح ؟
أجابت بصوتها الناعم و كَفُّها تستقر بذوبان على خَدّها،:ياختي هالكلام أكثر من جميـــل "قَرَّبت الورقة من عينيها مُردِفة بتَيه" والله مادري شقول و شعبّر ! "حَرَّكتها في الهواء مُواصلة و التَعَجُّب يسكن ملامحها" مَعقولة راشد الجِلف عنده هالإبداع كله ؟! مَعقــوولة ! "رَمَشت مرتان مُتتاليتان تُناشد استيعاب لتهمس مُنهِية حديثها" ما اصدق !
مَسَّت طَرف شفتها السُفلية بأسنانها قَبلَ أن تُعَقّب و الضِحكة الخَجولة لم تنحسر عن وجهها،:أنا بعد مستغربة..أبداً ما يناسب راشد
نَطَقت و هي تتلقف الورقة من جديد،:خليني خليني اقرا مرة ثانية اغرق في الجمااال
ضَحَكت و هي تُقَرَّب رأسها منها تُشاركِها القراءة و مع احتضان عينها لأي كلمة ينبعث احمرار طَفيف وسط ملامحها الرقيقة..،مَلاك و التي كانت تُقَلّب ظَرف الرسالة بين راحتيها نَطَقت بصوت بــارد قَلَصَ ابتسامة حَنين،:و ليـش متأكدين إن الرسايل من راشد ؟ "أخفضت الظرف فوق فخذيها مُردِفة" لا الظرف عليه اسمه و لا الرسالة نفسها !
أجابت حُور المُندمجة في القراءة،:لأنَّ حَنين و راشد من يوم هم صغار مَسميين لبعض..يعني أكيد هو اللي بيرسلهم
عَقَّبت بتلقائية واثِقة أغاظت حَنين،:مو شرط !
نَطَقَت بنبرة بدا لملاك حجم حَنَقَها فالأُنثى المُدَلَّلة لا تقبل بأي فِكرة تَشرخ مرآة أحلامها،:بـلى شَرط
لم تَعقب كلمتها الحادَّة بحَديث و فَضَّلت أن تصمت لدقائق تُنفِر إشارات التَوَتُّر التي بدأت بالزحف إليهما..على الرغم من فُتور العلاقة بينها و بين حَنين إلا أنَّها تستغرب من أريحيتها بعرض الرسائل أمامها ؟ تعتقد أنَّ موضوع حَسَّاس كهذا بين الصديقات يَكون سِر و لا يُكشَف إلا للقريبات منهن..و لكن يبدو أنَّ الأُنثى المُدَلَّلة تثق بها بطريقة أو بأخرى ! و كما يتضح لها أنَّ كلماتها الأخيرة أيقظت الشك في صدرها..فهاهي تُراقبها بصمت و كأنَّها تنتظر منها مُواصلة..و هي لَبَّت طلبها مُتَقَلّدة بحنكتها التحليلية،:انتِ تقولين إن الأسلوب ما يناسب شخصية راشد..و بعد اذكر إنش قلتين من قبل إنه من بين أولاد خالش و أعمامش هو الوحيد اللي ما يسلم و يحاول يتجنبش..فما اتوقع واحد مثل هذا بيطلع منه هالكلام المُؤثّر "عَقَدت ذراعيها فوق صدرها مُواصِلة بتفكير" إلا اذا كانت تصرفاته ستار لرسايله !
وقفت حُور بعد أن طوت الرسالة لتقترب من ملاك الجالسة فوق مقعد غُرفة نومها الواسِعة..فهي دَعَت حنين و ملاك ليُشاركانها مساء العيد الثاني..انحنت مُتناولة الظرف لتَقول مُعَلّقة و عيناها تَعودان لحَنين الشَّارِدة،:يا ربــــي يا ملاك،تحبين تتخذين دور المُحقق و المحلل..يعني واضحة ما يبي لها تفكير..صح حَنين ؟
انتبهت حَنين من غَفْلتها مُتسائلة بضياع،:شنو ؟
أعادت حُور سؤالها بطريقة أُخرى،:مافي غير راشد اللي بيرسل الرسايل صح ؟
هَزَّت رأسها مُؤكدة لتُجيب و هي تُرجِع خصلاتها المُصَفَّفة بعناية خلف أُذنها،:ايـــه صح "أكملت ببراءة أرخت ملامح مَلاك بسُخرية " بابا كله يقول حَنين ما بياخذها غير راشد و لد صديق عمري
عَقَّبت بلحنِ مُتَمَلمل من هذه البَراءة الخانقة سنوات عُمرها الثمانيةَ عَشَر و كأنَّها تُحادِث طِفلة ترفض الرضوخ للواقع،:مو كل شي يقوله بابا لازم هو الصَح "دَثَّرت صوتها بجديَّة لا تُناسب عمرها" و بعدين غلط تنجرفين مع هالرسايل..اصلاً ماله داعي يرسلهم
عُقدة استنكار بانت بين حاجبيها الخفيفين لتتساءل و هي تتجاهل نَصيحتها،:شتقصدين يعني بابا غلطان ؟
زَفَرت بضَجَر و هي تُشيح بوجهها عن الإثنتان و لسانها ينطق بكلماتٍ لم تعلم أنَّ المُستقبل نَهبها للطم روح حَنين الغافِلة،:خلاص ابوش وانتوا الصح..بس بعدين اذا انصدمتين لا تقولين ليش محد نبهني !
,،
حاضِر
لم يستطع أن يُواصل يَومه و الشَوق يُكَبّل راحاته بعيداً عنها..لذلك اضطَّرَ أن يُحادث جنان يستأذنها لتُرافقِه إلى المنزل تُشاركه الباقي من اليوم بعد أن وعدها أنَّهُ سيُعيدها مساءً..،فوق فخذيه تستقر برُكبتيها حتى تستطيع أن تُقابل وجهه بوجهها الصغير..ذراعاها تُحيطان بعُنِقِه بطريقة تَمَلُكيَّة يعشقها..أشار لخدّه و هو على جُلوسه المُسترخي،:اهني بعد
استجابت لهُ بضِحكة شَقيَّة مُقتَرِبةً لتطبع قبلة قَويَّة فوق خدَّه و قبل أن تبتعد أشار للخد الثاني باستمتاع أجبَر لسان جُود على النُطق و هي التي عاهدت والدتها بان تَكون امْرأة هادئة و رزينة،:بسّكم عاد صار لكم ساعة طايحين بوس في بعض
بَعثَر آخر قُبلاته بين ملامح صغيرته قبل أن يجلسها وسط حضنه مُعَقّباً ببرود مُستَفَز،:والله كيفنا أنا و بنتي "ارتفع حاجبه باستنكار مُردِفاً" و بعدين انتِ مو قبل جم يوم كنتِ ذايبة من الخَجل ؟ شصار اللحين ؟
أرخت شفتيها بضيق و هي تُجيبه بصدق أضحكه،:ياخي تمللت و أنا امثل دور البنت الخجولة اللي ماكلين عشاها..مو متعودة على هالأسلوب البايخ
ابتسمَ مُعَقّباً و هو يعبث بشعر جَنى،:زين لا تمثلين،خليش طبيعية
كَشِفَت عن تنهيدة طويــلة أتبعتها بكلمات ألبستها لحن أسـى ارتفعت على إثره ضحكة فيصل المَبحوحة،:ايـــه خوك حكم القوي على الضعيف،هذي تعليمات امي القسرية
تساءل مُستفسر،:متى بتروحون شهر العسل ؟
أجابت و جسدها يَميل جانباً بملل،:مادري،ولد عمتك ما قال شي،حتى ما قالي وين بنروح
أنهت جُملتها مع دخول والدتهما التي نَطَقَت بأمر وَجَّهتهُ لجُود،:قومي ساعدي الخدَّامة في تجهيز الغدا "التفتت لجَنى مُواصِلة بحنان" ماما جَنى روحي انتِ بعد ساعدي عمووه
وقفت جُود و هي تَمد ذراعها لجَنى بعد أن تَركت حضن والدها لتتمسَّك بيدها و هي تنطق بنبرة مُلتوية،:امشي حبيبتي ما يبونا نسمع الأسرار
تجاهلتها والدتها و اقتربت من فيصل تُشاركه الجُلوس..نَطَقَ بتساؤل و ابتسامته لا زالت تسكن شفتيه،:إلا يُمَّه ابوي ما بيتغدا ويانا ؟
أجابته بهدوء،:لا والله من الصبح قبل لا يطلع قال لي ما بيجي يتغدا
أفصَحَ عن سؤال آخر و كأنَّهُ يهرب من الحَديث المُقَرْقِع في صدر والدته،:و نور شخبارها ؟ وصلت ايرلندا ؟
أطلقت نَظرة حـادَّة وَسَّعت ابتسامته و هي تُجيب،:اي من البارحة المغرب وصلت واعتقد قلت لك وحتى إنّك كلمتها "فتَحَ فمه يُريد أن يُفصح عن سؤال آخر لكنَّها قاطعته بجديَّة نالت من ملامحها" فيصل مو قاعدة امزح وياك..ارجوك خلني اتكلم بهدوء
تَخَلَّى عن استرخائه مُتَقَدّماً بجسده مُتَكئاً بمرفقيه فوق فخذيه..شَبَكَ أصابع كَفّيه و الحديث الذي تَنوي حَشره وسط مسامعه قد تشابكت حُروفه في عقله مُنذُ أيَّام..رفعَ بصره إليها هامِساً،:تفضلي يُمَّه
عَقَدَت ذراعيها فوق صدرها مع ارتفاع سؤالها الذي شَدَّ شفتيه بسُخرية،:ما تفكر تخطب بنت عمتك مرَّة ثانية ؟
أجاب ببساطة،:أبــداً
ارتفعَ حاجبها و هي تصطبغ بسُخريته ذاتها،و كأنَّها تُحاربه بالسيف نفسه،:و ليـش ؟ مو انت بعدك تحبها !
ارتعاشة مُباغتة ارتطمت بعضلات فكّه قبل أن تنطلق مُرهِبة سُكون أهدابه..تَراجع للخلف مُسنِداً ظهره للأريكة و هو يُجيب بعينان فَضَّلتا الابتعاد عن عَدستي والدته الدقيقتان،:من قال إنّي أحبها !
أجابتهُ بثقة أوزعت انقباضات في معدته،:كلك يقول إنك بعدك تحبها،بس لسانك رافض ينطقها
عُقدة ذراعيه كانت الجَواب لها..نَعم أحبّها و لكن كبريائي العتَيد يرفض الرضوخ لأنوثتها..المُشكِلة أنَّ ذَّاتي قد تكون تعشقها..أو أنَّ الهوى أحكمَ قبضته عليها..و رُبما صَبابةً تُغرقني و أنا لا أشعر..لن يزروني الوَعي إلا و الروح قد أعلنت عُبوديتها إليها ! نَطَقت بسؤال ألجمَ أفكاره،:زيــن من أحمد ؟
استدار لها بطريقة مُفاجئة انتشَرَ على إثرها ألماً بين عروق عُنُقِه..هَمَسَ بفحيح،:من وين تعرفين أحمد ؟
مال فمها باستنكار،:ليش نسيت ؟! يوم تجينا تبي بنتها نطقت باسمه
تخَبَّطت عدستيه في الفراغ و مسمعه يُحاول أن يُنَبّش عن اسمه وسط صندوق ذاكرة ذلك اليوم..عاد ببصره إليها عندما أكملت بهدوء،:على العموم مابي اعرف من هذا لأني مابي اوجع راسي..بس فكّر في الموضوع،اعتقد إنك تبي الحياة السعيدة لبنتك..و مادامكم بعاد ما بتتحقق لها السعادة
عَقَّب بمنطقية،:مو ضروي يُمه..يمكن قُربنا من بعض يؤرقها و يحرمها من سعادتها
اتخذت مُنحَنى آخر في حديثها عَلَّها تجد بين أزّقته مفاتيح أبواب ابنها المُوصَدة،:يوم العرس العيون تلاحقها من مكان لمكان..و ما ألومهم كانت قمر.. وما استبعد هاليومين يجيني أو يجي لامها اتصال يخطبونها
فَغَرَ فاهه للحظات يستوعب ما قالته..يخطبونها..كيف ؟! أشاح وجهه هامِساً بثقة،:ما بتوافق
نَطَقت تُعارض فكرته،:و ليش ما توافق ؟ البنت بعدها صغيرة و أكيد تبي رجال تكمل معاه حياتها
حَرَّكَ ذراعه في الهواء بطريقة و كأنَّهُ يُفسِح لها المَجال ناطِقاً بعدم اهتمام التبس حواسه و لم يَعقد وثاقه حول روحه،:خلها تكمل حياتها مع اللي تبي..عليها بألف عافية
هَزَّت رأسها تَدُق ناقور التحذير تُفزِع كبريائِه العتيد لتقول وهي تَقف،:زيــن يا فيصل..خلك على غرورك و عنادك لين ما تروح من ايدك
انتظر حتى اختفى طَيفُها لينسلخ عن الشخصية التي تَنَكَّرَ بها طوال حَديثها معه..احنى كاهله الأعوج من ثِقل شوق و بكَفّيه تَلَقَّفَ شتات وجهه مُفرِغاً زَفْرة ساخنة لها نهايات مُقَوَّسة جَرَّحت قلبه و هي تعبر رئتيه..أبعدهما كاشِفاً عن تَصَدَّعات ملامحه..أَسْبَلَ ذراعيه لترتخي يديه بين ساقيه و عيناه تطوفان باطنهما ليُسكِن وجعه بين خطوطهما الوارثة من حُبّه التَعَرُّج نفسه..هَمَسَ و صوته يلتوي فوق صَفيحٍ تتراقص ألسنة نيرانه على لحِن حَسرةٍ مَريرة،:راحــت..من خمس سنين راحت من بين ايديني
,،
،:و ليـش زوجتك ما جت ؟ لا يكون غدانا ما يعجبها
أخفض ملعقته في الطبق مع ظهور فِرجة صغيرة بين شفتيه عَبَرت من خلالها زَفْرة أورثتها حَنين سُقماً و أخواته الثلاث ضاعفوا عُلَلَها..مَسَّ طَرف جبينه وهو يُجيب ببصر مُنخَفِض،:ما تدري إني جاي لكم..قلت لها بتغدا ويا ربعي
تبادلن النظرات و الفضول تشابك مع أسئلة استفسار استطاعت عيناه اللتان رفعهما أن تلتقطانِها..اتكَئ بباطن يُمناه فوق فخذه ناطِقاً بتساؤل،:انتوا ليش للحين تكرهونها؟ يعني قبل كنتوا صغار ما عليكم شره..بس اللحين خلاص كل وحده عقلها أكبر من الثانية !
عَقَّبت علياء الوُسطى فيهن،:ما نكرهها بَسَّام بس ما نقدر نكوّن وياها علاقة قويَّة مثل ما تبي
أخفض يَده مُرخياً ذراعه مكانها ليقول بهدوء أراد أن يَمس قلوبهن،:مابي علاقة قويَّة..بس حاولوا تخففون من الكلام المُبَطَّن "وَجَّه بصره لمنال مُردِفاً" تمام يا منال ؟
هَمَسَت على مَضض بانصياع و كأنَّها هي الصُغرى لا هو،:تمـام
تساءلت عَلياء و التي التمس وجدانها سؤالاً مُتَرَدّد يَطوف ملامحه،:انت تبي تقول شي بسَّام ؟
فَغَرَ فاهه للحظات ثُمَّ عاد و أطْبَقَ شفتيه يُساير الحيرة التي انْعَقَدت بين خلجاته..تاهت عدستاه بعيداً عن أبصارهن المُدَقّقة في ملامحه..لا يُريد أن تَقسن عُمْقَ الجرح الغائر بين عينيه..المُشَرّع أبوابه عند أعتاب حُبّه الناهِب من سنين عُمره النصف..لا بل أكثر..ولله أكثر ! أرجعَ ظهره للخلف يُسنِد انكساره قبل أن ينطق و البَصَر مُتَعَلّق بأنامله العابثة بحواف الطَبق تَتَرَشَّح من ارتباكها،:مستغرب..ليش ما خبرتوني بموضوع ملجتها
مَرَّ بصره بوجوهن يمتطي كل سِرج فيهن عَلَّهُ يَهديه لجواب يُبَدّد الألم المُكتنز الروح..منال أجابت بنبرة اتَسَمَّت بشيء من الغُلظة المُنفِرة،:كنا نعتقد إنها بتخبرك و هذا اللي لازم كان يصير..بس بعدين اتضح لنا من تصرفاتك إنك مو داري عن شي
أكملت لُمى بصوتها الناعم،:و أساساً بَسَّام أمي من زمـان من يوم كنَّا صغار كانت تهددنا ما نجيب قدامك طاري راشد
شَخَر بعدم استيعاب انخفض لهُ مُستوى صوته،:شنو يدخل يوم كنَّا صغار ؟! "حَرَّك يده في الهواء يُتَرجم جَهله و هو يُردِف بسُخرية على نفسه" ترى أنا مو فاهم ولا شي !
تبادلن النظرات للحظات قَبل أن تَعود إليه عينا مَنال لتنطق بجُمود لَسَعَ نبضه حتى اختنق،:حنين و راشد مَسميين لبعض من يوم هم صغار
ابتسامة سُخريته تلك تَصَدَّعت فوق شفتيه مُحدِثة شُروخ شُوهِدَت و هي تغزو ملامحه قَسْراً،أَلَمٌ سَكَن مابين أُضلعه..هُناك بين حُجرات الذي انطوى على نَفْسِه..فُؤاده المَصدوم..،أين كان من كُل هذا ؟ لماذا لم تُخبِره والدته ؟ عَلّه يَنجو قبل أن يجرفه مَوجَها العَذب..هُو اسْتَقَلَّ سفينته عالِماً بأنَّ بحرها يرفض أن يُسَيّر أمواجه قُبطان عاشق..لكنّ الجَوى لم يدرِ أنَّ بين ظُلمات ذلك البَحر نَبضٌ تتلاقفه الأمواج يهتف بإسم رَجُل آخر..،اجْتَرَّ نَفَساً مُتَهَدّل الأطراف انتثر مِلحاً فوق جراح روحه الوَليدة..سِهام أوجاع بدأت تتطاير مُختَرِقة رأسه مُخَلّفة أوجاعاً تُشبِه صفير قُطار قديم يسْتَقِلَّه عاشقون تنتظرهم يد الحُرب..ازدرد ريقه المُتَحَجّر قبل أن يُنَبّش عن صوته المَفقود ليخرج سؤاله بحشرجة،:و ووليش ما ملجوا ؟ شصار ؟!
أجابت عَلياء و رياح قَهَر تُعانق كلماتها،:طبعاً المدام ما عزمتنا و لا كنا ندري إن ملجتها..درينا من ابوي بعد جم يوم..كان متضايق عليها "رفعت ساق على الأخرى مُواصلة بنبرة تَشوبها شذرات شماتة" ولد خالتها ما حضر العقد "شَبَكَت أصابعها مُردِفة ببرود" تركها بيوم ملجتها
أكملت منال و السُخرية لسانها،:و طبعاً كلنا ندري إن غرور حَنين ما يتحمل مثل هالإهانة
عَقَّب لُمى بشفقة لو لمحتها حَنين لانفجرت غَيظاً،:منال أي بنت مكانها بتحس بالإهانة..فشلها قدام أهلهم و قدام المعازيم
أشاحت وجهها بنُفور واضح هامسِةً بخفوت،:والله ارتاح من غرورها و دلعها
هُو غاب عنهن لليلتهما الأولى..ليلة البُكاء و طَمس البياض بسواد عباءتها..رفضها لئن تُزف إليه لم ينبع من خَجَل مثلما ظَن..كُحلها المُتَخبّط حول جفنيها من وابل دمعات ألجمتهُ في تلك الساعات..أكانت ذاكرة قلبها تُعود بها لليلة التي نَحَر فيها فَرحتها ؟ رفضت أن تُزف إليه..لرَجُلٍ غَيرَ الذي سَكَن قلبها مُذ كانت طِفلة تعبث بوجدانه المَسحور..إغماض مُنهَك أحكم قبضته على جفنيه و كفَّاه تتلقفان اهتراء ملامحه الباهِتة من صَدمة..إلهي الرَّحمة..أن تَكون عَذراء من حُبّه خَيرٌ من أن تمسس أرضُ جواها قدما رَجُل غيره..تَركت يداه وجهه لتنتقلان لشعره تشدان على خصلاته بحَسْرة بدأت تجدل ظفيرتها الحديدية حَول عُنُقِه..و هو الذي غَفى لسنوات و جديلتها تلتمس شذا عُنُقِه الدافئ..،نَقَلَ بصره بينهن و الأسئلة التي بدأت تصرخ في جوفه يعلم يَقيناً أنَّ لا جواب لها لديهن..وقف باستقامة هي أصلاً تَشَنُّج صَعَّب عليه مشيه..لا يحتاج إلى جُلوس..يجب أن يراها..يجب أن يطلب منها تفسير إما ينثر راحـة وسط قلبه الصاخبة نبضاته..أم أنَّهُ سيذبحه..من الوريد إلى الوريد..،
,،
يتبع
|