كاتب الموضوع :
غربة خريف
المنتدى :
ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
رد: روايتي الفلسطينية { انتفاضة } بقلمي
الفصل السابع
8
عكّا \ فلسطين
" قولوا لأمه تفرح وتتهنّى .. ترش الوسايد بالعطر والحنّا
ويا دار أهلنا وابنيها يا بنّا .. والفرح النا والعرسان تتهنّى
والدار دا.."
تضرب يدها بالأخرى لتنفض عنهما الغبار وتنظر لفلسطين ، نطقت بفرحة : يكطع شرك يا فلسطين بلشتي عرس من هسا ، بعدين من وين متعلمة هالغناني ( الاغاني ) خبري فيكي على المجوز
فلسطين تنتصب وتضع يدها عند فمها : احم احم .. سمعتها وحبيتها ههههه بس ! وسلام حكتلي صوتي حلو فيها فعلّقت عليها ههههه
أمها : آه والله صوتك حلو وين مخبية هالموهبة .. كان طلعتيها بدل ما أنتي مطلعة عيني وعينه ( وتهز رأسها بأسى )
فلسطين اسودّ مزاجها بعد أن كان قد اعتدل : عين مين ان شاء الله ؟
أمها بنظرة تأنيب : حمادة .. مين غيره
فلسطين أرخت يدها وسارت إلى الداخل وقبل أن تختفي خلف الجدار أعادت رأسها للوراء وقالت بحقد : والله لاطلعله الشيب مو بس عينه .. سارت إلى غرفتها وهي تكمل " يا بيي مريم لا تكون طمّاعِ .. والمال يفنى والنسب نفّاعِ
يا بيي مريم لا تكون عبوسِ .. وامسح بوجّك واعطينا العروسِ"
صمتت لا تدري ما العمل وكيف ستقضي وقتها في البيت بعد أن عاقبتها والدتها ومنعتها من الخروج لغير المدرسة لمدة يومين بعد أن خرجت دون إذن مع سلام وأطالتا الجلوس عند امرأة عجوز إلى منتصف الليل ، وكانت أمها قد نبّهتها سابقاً أن لا تقترب من تلك العجوز ،لأنها لا تكف عن إشاعة الرعب بين الأطفال بقصصها عن عكّا زمان الحرب وكيف سكنها الــ " بسم الله " كما تقول أمها .. ظلت تدور حول نفسها كثيراً حتى اهتدت أخيراً إلى أن تعبث بألبوم الصور المخبّئ في خزانة والدتها .. < مجنونة > .. ضحكت من قلبها على صور والدتها ووالدها بلباسهم القديم وتسريحاتهم التي كانت في وقتهم [ واااو ] .." ههههههههههه يبي هيك بكرة أحفادنا رح يضحكو ع صورنا " .. " ههههههه كيف أشكالهم !! تــُحف !! " .. فَزِعَتْ " بسم الله متى اجيتي ؟ " .. آية ويديها خلف ظهرها تتحرك يميناً وشمالاً ببراءة وعيناها للأعلى " شفت الباب مفتوح " .. تعود للمشاهدة وأسنانها تظهر من هول ما تراه " هههههه سكري الباب بسرعة وتعالي " .. فعلت ذلك آية وجلست بجانبها وما لبثت أن انخرطت معها في جو من القهقهة .. كانت آية الأكثر شبهاً بأمها بين أخوتها .. ذات شعر طويل بني وعيون عسلية وبشرة بيضاء فلاحيّة مستديرة .. بوزن متوسط وقصيرة نوعاً ما ، وتجاور فمها شامة صغيرة .. ويتوسط وجهها أنف صغير بأرنبته الدائرية وحاجبين رفيعين ( على عكس ما تدعي فلسطين لإغاظتها ).. كانت ريفية بكل ما تحمل من ملامح أمها ، وعكّاوية بلهجتها المتمدّنة ، اما من عائلة والدها فهي لم تأخذ سوى الإسم والنسب ..
9
عكّا \ فلسطين
ينظف البارودة بقماش وهو يتكلم ثم يسعل ويعود ليكمل بلهجته الحادة المنفعلة : والله لأربيه ابن الـ آه ، استغفر الله العظيم حسبي الله فيه
الشباب : هههههههههههه .. أحدهم : ههههه هدّي بلاش تقوم علينا بهالبارودة
علي وهو ينفض حشرة من على كتفه : ههههه هدي أبو الزلم أنتا
ماهر : هههه صاير علي رايق ( ويغمزه ) ههههههه .. ليشاركه الآخرون الضحك من جديد
علي يشاركهم : ههههههه روّق أنتا كمان ودوّر ع بنت الحلال ههههه
ماهر : مليش يا زلمة بهالسوالف سيبني ( ويحرك يده كأنه يبعد شيئاً )
قاطع أحاديثهم وصول أبو العبد ، بانزعاج تام : دريتو شو صاير !!
انقبضت قلوبهم فمنظر أبو العبد ( رامي ) أرعبهم ، أحمد : شوو سقّطت قلوبنا
وقف البعض والبعض الآخر بقي جالساً إلى أن هبّوا جميعاً حال سماعهم تصريح رامي : اليهود حرقو أرض أبو لافي .. كلها مع بيته اللي خلص عمارُه من شهر
" الله أكبر " " حسبنا الله ونعم الوكيل " " شو بتحكي يزم " " يــا ربّـــاه الله يكون بعونه "
جواد يعض بأسنانه على شفته السفلى بوعيد : والله لأحرق دمهم ( وقف وهمّ بالخروج )
صبري : جواااد
التفت إليه بقهر يفيض من بنّيَّتيه .. صبري حمل بارودته على كتفه وتقدم نحوه : معك ع الموت
جواد ابتسم ورفع حاجبه بتحدٍ للمحتل وكأنهم أمامه ، وضع يده على كتف صبري الذي تقدمه : نشمي
لحقوهم الشباب بسلاحهم وعيونهم تتقد مقـاومة كما تتقد أسلحتهم رصاصاّ وقلوبهم إيماناً والتكبير شعارهم ومصدر الرعب الأول الذي يَدُبُّ في قلوب عدوّهم ، اتجهو لمستوطنات بعيدة عن عكا وبدأو بإطلاق النار من وراء البيوت التي تحت الإنشاء ، تغطي وجوههم الكوفية .. اشتبك الطرفان ولو انهم كانوا قد باعوا أرواحهم للوطن إلا انهم كانو شديدي الحرص على رامي بشكل خاص فعرسه اقترب .. بعد فترة ليست بالقليلة وصلت الإمدادات الصهيونية من دبابات وجنود وأصبحت المواجهة غير متكافئة ، ولو انهم قد أعتدو بتوكلهم على الله إلا انهم اضطروا للانسحاب أخذاً بالأسباب بعد أن خلّفوا خسائر ليست بالهيّنة في صفوف عدوّهم .. قتلى .. رعب لهم .. زلزلة لكيانهم المتهالك بعونه عزّوجل .. وبعض الأعطال في الأعمدة الكهربائية ، نستطيع القول انها كانت مناورة ناجحة نوعاً ما .. عادوا إلى عرينهم ، أسودٌ هم ، حققوا أضراراً لعدوّهم دون أن يكون نصيبهم من هذا الاشتباك سوى جروح بسيطة ولو أن أحدهم استشهد لما كانت تلك خسارةً أبداً ، هكذا هي حرب المسلمين لهم فيها دائماّ إحدى الحسنيَين ؛ النصر أو الإستشهاد ..
بعد أن استراحوا وتناقشوا قليلاً ، عادوا إلى بلدتهم المنزوية جنوبيّ عكا بأسلحتهم على أكتافهم والكوفية ما زالت تلثّم وجوههم وكانت تلك المرة الأولى كأنهم يقولون " ها نحن هنا " .. مفاجأة لأهل البلد ولأهالي الشباب خاصّة ، لم يهابوا العدو أن يعرفهم وبفعلهم هذا تحدٍ واضح وصريــح " المقــاومة لن تنتهي بموت أبو عمار ، ولن تنحصر في غزة ، غزة والخليل .. رام الله وعكّا .. الجليل .. رأس النقب .. حيفا .. يافا .. صفد .. نابلس .. بيت لحم .. بيسان .. أريحا .. بئر السبع ، كل فلسطيــن مقــاومة " ، دقائق وقفت القرية مشدوهة ، مدهوشة إلى أن استوعبوا الأمر وبدأو بالتكبير والتهليل وتحية المقاوميــن ، واتجه كلٌ منهم إلى بيته ، أبو لافي تهلل وجهه بعد أن علم بما فعلوه لأجله وأقام غداءً كبيراً رغم اعتذارهم عن قبوله ، أم علي لم تكف عن البكاء ورغم ذلك فهي لم تزل تزغرد إلى أن وصلوا للبيت ، أبو علي ألجمه الفخر والفرح لم يقل ولم يفعل سوى انه ربّت على كتف ولده ، فلسطين كانت تبكي لأول مرة أمامهم وهي تحمل البارودة عن علي " الله حيّهم رجال فلسطين .. الله حيّهم العكّاوية " ، امّا آية فقد كانت تبكي وتضحك في حالة من الجنون " أحفظهم ربي بما تحفظ به عبادك الصالحين " وتشارك والدتها الزغاريد ، ألم أخبركم أنه شعبٌ تتلخص أفراحـه باستشهاد أبناءه وإرسالهم إلى الشهادة طواعية .. يفرحون بمولـود سيكون غداً شهيداً ..
" نحن قومٌ نعشق الموت كما يعشق أعداؤنا الحياة ، نعشق الشهادة على ما مات عليه القادة " ..
#القائد_اسماعيل_هنية .. #حركة_حماس
10
جسر الملك حسين \ الحدود الأردنية الفلسطينية
صفٌّ طويــل من السيارات الخاصّة أو الأجرة ، أزمة خانقة عادةً تكون هناك على الجسر " جسر العودة " .. الشمس تلقي بأشعتها على الطريق لتزيد من إجهاد تلك الأكوام البشريّة ، الحقائب تعتلي السيارات وقد ثبِّتتْ بحبال ، تترنح كلما تحركت السيارة وتشكّل ثقلاً آخر على كاهل عابر الجسر .. " ضريــبة العــودة الإنتظــار " هذا ما كانت تقنع به براءة نفسها ، لن تحتمل الكثير ، الجميع في السيارة ناموا وهي الوحيدة التي ترقب كل خطوة يخطونها ، فتارةً تراقب المارة وأخرى تحاول لفت انتباه قريباتها في السيارات الأخرى ، جنّت من الإنتظار فقررت أن تراسل ولاء وتخبرها بتحركاتهم ، لن تنســى ذلك الوداع الذي لم تتخّيله قط ، كانت ولاء في قمة التعاسة والحزن ، لقد رأتها تبكي بحرقة وكأنها تودّع ميتاً ، " أخيراً .. آووه " قالتها بصوت مرتفع قبل أن تتلقى ضربة من علا لتسكتها ، كانت السيارات قد عادت للحركة من جديد والطريق يقصر إلى الوطــن الأم ، توقفت السيارة من جديد ليزداد بذلك حنق براءة ، ترجّل السائق من السيارة وهو يحدّث أبو مصعب " يا شيخ انزلـو وصلنــا " .. بدأ الجميع بالتململ وحمل الحقائب الخفيفة للنزول وهي تستنكر بداخلها " وين وصلنا ؟؟ أنا مو فاهمة " .. فعلت كالجميع وكانت هذه النقطة هي آخر نقطة يسمح للسيارات الأردنية بالوصول إليها ، فهنا نهــاية الجانب الأردني للجسر ، ذهبوا إلى حيث الطابور الجديد ولكن هذه المرة من الأجساد السقيمة بالحرّ والسفر والغــربة ، التقت مع بنات عمها وبدأن بالشكوى من طول الوقت والإرهاق والفضول الشديد للوصول ورؤية عكّا وأكثر من ذلك أهل عكّا ، أولاد عمهم لأول مرة ، مرّت الإجراءات بشكل جيد والآن سيعبرون إلى الجانب الفلسطيني المحتل الذي يتولّاه جنود الإحتلال ، لم يكن العبور بالأمر السهل ، أعداد كبيرة من الناس ، تفتيش وتدقيق أوراق وجوازات ، مضى الوقت كعمرٍ مديد ، أشار لهم الجندي إلى مكان للإنتظار إلى حين وصول سيارات الأجرة التي تنقلهم إلى داخل فلسطين إلى نقطة معينة ثم منها كلٌ إلى وجهته ، انتظروا ساعة ، ساعة أخرى ، إلى أن قيل لهم أن السيارات قد وصلت استقلّوها وكانت براءة معترضة وبشدة ، كانت قد قررت أن تسجد وتقبل تراب الوطن حالما تطأه لكنها الآن ستصل بالسيارة إلى الداخل دون أن تحقق ما تريد ، بعد شدّ ورخي ركبت السيارة ، فتحت النافذة وحالما عبروا الجسر شعرت بشيء يتحرك بداخل قلبها هبوطاً إلى معدتها وأقدامها التي لم تعد تتحرك وزيادة على ذلك شعور فظيع بالخدر ، أغمضت عيناها وشهقت مدخلةً كل ما استطاعت من الهواء .. هواء فلسطين لرئتيها .. تدفقت دموعها شلالاً لا ينضب .. كانت تشهق بصمت وهي تشاهد فلسطين ، مباني .. محال .. أعلام ، أعلامٌ إسرائيلية .. أناسٌ يسيرون .. أشجارٌ على مسافات متباعدة ، لا شيء في فلسطين يبدو مختلفاً عن الأردن أو أي بلدٍ آخر رأته .. انما يكمن الإختلاف في انها فلسطين .. تعلّقت بالنافذة كطفلة صغيرة ، مدّت يديها لخارج رغم تحذيرات والدها والسائق إلا أن الشوق كان قد تمكّن منها حتى الوريد ، أوصلهم حتى نقطة تبدو كمجمعٍ للسيارات ارتجلوا منها سريعاً يسابقون الشوق واللهفة وما إن وطئت قدماها الأرض حتى لحقها رأسها ساجداً خرّاً .. أطالت سجودها ترقبها عيون المارة ، بكت بل انتحبت بشدة الوجع الذي يحرق قلبها من البعد عن هذه البقعة من الأرض ، حيث كل شيء يتنفس ليس البشر فحسب ، تشعبّت جيوبها الأنفية برائحة التراب ..
وعند الأخرى ، أم صلاح كانت قد نامت طوال الطريق لئلا يحرق الانتظار قلبها ، أيقظوها عندما نزلوا وأول ما قد وقعت عينيها عليه منظر براءة ساجدةً من حولها البنات يسجدن وينتهين وهي ما زالت .. سعلت إثر اختناق الهواء بحنجرتها ، وضعت باطن كفها على فمها ثم أمسكت بطرف شالها وتلثمت به مخفيةً دموعها ، هي امرأة عصامية لم تعتد على البكاء أمام أحدهم ، بدأت تظهر آنّاتها ، آنّات عجوز أمضت 63 سنة تنتظر العودة ، آنّات عجوز تحسب الثواني لموتها وتمنن الروح بفلسطين ، أنزلوها بصعوبة فقد ثقل جسدها أضعافاً من هول مصابها ، هل نبكي أم نفرح إذا ما عدنا للوطن !! أم أن ذلك مرهونٌ بكمّ الذكريات التي تجتاحنا فيه ، من طفولة .. وأهل غادروها معنا ولكنهم فارقو الحياة وتركونا نعود وحدنا ، الوطن ؛ أرض وأهل وذكرى تسطّرها الأيام ..
استقبلهم أبو علي وعلي وأبو محمد وأبو نجيب ( شقيق أم صلاح ) .. وبدأت رحلة الذهاب إلى عكّا .. مشرق الحياة ، وروحها ..
11
رام الله \ فلسطين
مكتبة متوسطة الحجم ، يبدو عليها القِدَم ، تقع في نهاية ذلك الشارع المفعم بالحياة .. محال قرطاسية ، مطابع واستوديوهات .. مكانٌ يضجّ بالناس ، مكانٌ لا يبعث على الشك إطلاقاً .. الواجهة بلون بني داكن وبابٌ خشبي بذات اللون عفا عليه الزمن ، في المقدمة ممر صغير يقودك إلى مكتبً لأمين المكتبة على اليمين وعلى اليسار بابٌ كبير من الزجاج تتربع خلفه مكاتب للقراءة أما أرف الكتب فهي تتوسط الفراغ بين مكاتب القراءة وخلفها ، مكانٌ هادئ جداً على عكس المحيط الكائن فيه ، جوٌ مريح لكنه مريب كذلك ، تجلس البيضاء خلف إحدى المكاتب تتأمل المكان لحين وصول القائد .. أبو إياد .. ولم يخفى عليها توتر التي أمامها لتسألها بريبة : شو مالك خيتا في إشي ؟
ابتسمت رغماً عنها لتشيع الطمأنينة لنفسها ولبيسان ، رهف : سلامتك فيّاش اشي
عادتا للصمت ، كل واحدة فيهن تتأمل الأخرى وتسترق النظر إليها ، وبين اللحظة والأخرى تزفر إحداهما إرهاقاً وقلقاً ، لم يمضي الكثير حتى قطع عليهما جوّهما المقيت وصول القائد أبو إياد .. استعدلت بيسان بجلستها بخجل شديد فهي لم يسبق لها أن تعاملت مع الرجال ، لكن مالك بنفسه طمأنها تجاه أبو إياد ، جلس بشكل جانبي وأسند إحدى يديه للطاولة مقابلهما ونظره للأرض بعد أن ألقى السلام تحدث : آه يا خيتا مالك أخونا وأعز والله وإن شاء الله بيتحرر عن قريب ، ولحد هذا اليوم رح توصّلي إلنا أخبار وأمور سرية كثيــر من مالك لرهف ، ولا تردّي على أي حدا يحكيلك أنا من طرف أبو إياد ، وحتى رهف إذا رنتلك من التلفون لا تحكيلها إشي إلا مكان وموعد اللقاء وخليكِن طبيعيات ، يعني احكو براحة وعفوية زي كأنكِن صحبات واطلعوا ع أماكن عامة لا تتقابلو بأماكن بعيدة عن الناس ما بدنا حدا يشك ، الله يرضى عليكِن هاا
طوال حديثه وهما تومآن برأسهما كأنه يراهما وبالنهاية تمتمت بيسان : إن شاء الله
عاد ليكمل حديثه : خيتا شو بدي اقلك ، ما حكالك مالك اشي بالزيارة الأخيرة ؟
أخفضت صوتها وتحدثت بحذر : وصّاني أحكيلكم انو العصافير لساها بتحوم واللي صادوه رجالكم مو الوحيد ، بس هيك وأنا ما فهمت ئصده
أبو إياد وهو يحكّ لحيّته الخفيفة بسبابته تفكيراً ، همس بامتنان : شكراً خيتا هذا الكلام بيننا ولا يطلع برا وبعدين تفهمي كل اشي
بيسان بضياع " شو هالالغاز والشيفرات ؟" : ماشي
انتهت تلك الجلسة ورهف ما زالت متوترة ، نظرت لها بيسان التي بدأت تتأقلم وتتحمّس لهذا العمل وبادرتها بسؤال : رهف أنتي مو ع بعضك احكيلي أنا أختك شو مالك ؟
رهف وقد أستنفرت دموعها : لما حكتيلي عن العصافير ئبل شوي فهمت ئصده وعشان هيك أنا خايفة
بيسان بعصبية تحاول كبحها : طيب ممكن تفهميني ايش يعني عصافير ؟
رهف وهي بانهيار تام : عصافير يعني خوّنة ، جواسيس مع اسرائيل .. فهمتي !!
بيسان بتفكير : طيب أنتي ليش خايفة !! الله معنا ومــا
قاطعتها وقد انفجرت : أخوي ممم .. منهم وأنا خفت عليه وما خبّرت أبو إياد .. انهارت على المكتب أمامها وبصوت لا يكاد يسمع .. وهي طلع مالك عارف عنهم ورح يخبّر أبو إياد
بيسان ألجمتها الصدمة صرخت : وليش ساكتــة .. ثم تداركت نفسها وأخفضت صوتها .. حتـى لو أخوكِ لازم تخبّري هاد خايــن فاهمة شو يعنــي خاين يعني باع فلسطين ، بيعيه برخيص
رهف بغضب : لا تحكي عليه هيك .. لو شو بضل أخوي
بيسان وقفت بغضب وقالت بتهديد : أنا رايحة ، يومين لو ما وصل لأبو إياد خبر عن أخوكِ رح أخبره أنا
تركت المكان وعنف الصدمة قد هشّم تفكيرها .. خــائــن !! .. إنه أخطر من العدو ذاتــه ، فعدوّك تعرفه وتهاجمه ، لكن الخائـن يعيش معك يأكل من رزقك وقد ينام في بيتك وهو يمكر لك الشرّ .. " الموت أهوّن عليّ من إني أخون بلادي وناسي "
|