لم يبالي صهيب بما يحصل لعز و اقترب منه مكررا سؤاله"هل أنت حقا والدي سيد عز؟"فيهدأ عز الوضع قائلا"اهدأ صهيب و


ارتشف عصير البرتقال حتى تهدأ فجميلة كانت كلما شربت عصير البرتقال تسترخي أعصابها،و على فكرة هذا عصيرها"و


يشير بيده الى مكان العصير ثم يردف قائلا" فلقد كانت عنا قبل لحظات و لو أسرعت قليلا لتقابلت مع حبيبة قلبك"فيقاطعه


صهيب غاضبا"لا تسخر مني أود إجابة صريحة،هل أنت حقا والدي أم لا؟"و هنا يضرب عز على مكتبه صارخا في وجهه"لا


تتكلم معي بهذه الطريقة يا ولد"فلن يستطيع صهيب الاحتمال أكثر وانهار باكيا و هو يخاطب عز بكل أسى"أنا لم أعد أتحمل


أكثر خسرت جميلة و الان أعرف أن حاتم الراسي ليس والدي الشرعي بل أنت،أنا سئمت من هذه الحياة،سئمت فهل


تريحني بقولك الحقيقة؟"و هنا تلين ملامح عز و يتأثر بما يعانيه ابنه قائلا له"حسنا سأخبرك كل الحقيقة لكن أقسم لك أني


لم أعلم بوجودك الا قبل أسبوع"ثم يبدأ عز بسرد الحقائق و صهيب يكاد يغمى عليه من الضربات الموجهة له فهو لم يشفى


بعد من هجران جميلة له الا و تلقى صدمة أكبر من ذلك تتمثل بأن عز التاجي هو والده الشرعي،و بعدما انتهى عز من ذكر


حقائق ماضيه مع عائشة اقترب من صهيب و أراح يده على كتفه و خاطبه بكل ود قائلا له"استرحت الان أنا أبوك يا حبيبي لا


تقلق و كل أوراق الحالة المدنية و الشخصية سأنظمها لك و سوف أعيدك الى حضني بعد زواجي من والدتك طبعا"و ما ان


سمع صهيب عرض والده حتى ابتعد عنه مزمجرا في وجهه"لا أوافق بتاتا لن أغير لقب الراسي فأنا سعيد باسم الراسي هو



على الأقل كان أطيب و ألطف و أحن منك بكثير عكسك انت الذي كنت تؤذي جميلة من قبل أن تعرف أنها ليست ابنتك فلم


تعش معك الطفولة السعيدة و لم تحظى بأهل يحبونها فانت كنت دائما توبخها و تضربها مع أمها بسبب او بدون سبب اما


زواجك من أمي فلا تحلم به بتاتا"فيرد عليه عز و هو غاضب و ممسك بتلابين قميصه"من أنت لتمنعني؟فأنا اذا قررت شيء


سأفعله بارادتك أو غصبا عنك"فينفض صهيب نفسه من أبيه و يرد عليه بنفس نبرة الغضب و عيناه تتطاير منها الشرور"لن


تفعلها و ان كان هذا اخر ما أعمله في حياتي،فأنا أعرف أي رجل أنت أنك مجرد مجرم فاذا اردت قتلي فلك ذلك لكن لن تتزوج



أمي و لو على جثتي يا قاتل"و هنا يقترب عز منه و هو ناوي على الشر ثم يرفع يده و يصفع بها صهيب بأقسى قوة لديه و



عيناه تشتعلان غضبا قائلا له"كفاك من هذا الكلام أو اقسم ستندم فلا تنسى أنك في الأخير ابني"ثم أضاف له بسخرية"



أهكذا علمك حاتم الراسي التعامل مع الكبار،فأين تربيته الحسنة التي تتغنى بها،فحتى جميلة أحسن منك تربية بالرغم من


فجور أمها فلم تجر على رفع صوتها عليا و لو لمرة،لكن احمد ربك لأنك ابني فلو لم تكن كذلك لقطعت لك لسانك قبل ان


تبوح بكل هذا الكلام"فيمسك صهيب خده و هو يهم بالمغادرة لكن عندما وصل الى الباب التفت له قائلا له بأسى و عيونه


مغرورقة بالدموع"لن أتشرف بأب مثلك" ثم صفع الباب وراءه أمام أنظار عز المصدوم الذي خانته قدماه فجثى في الأرض


مخاطبا نفسه بحزن"ياليني من أب قاسى"ثم تبدا العبارات بالانسكاب على وجنتيه المجعدتين فالان عز أصبح جسدا بلا روح


و هو يحس بألم حاد في قلبه يكاد يوذي بحياته كيف لا و ابنه الوحيد أذله نعم أذله و لكن هل يمكن أن يعرف أنني من قتل


حاتم؟لا يمكن فلا أحد يعلم بذلك الا رندة و الحاج حسين و اذا فتحا فمهما بكلمة واحدة فلن يحصدا الا الندم و هما يعرفاني


جيدا لن أخسر عائلتي ثانية بعدما وجدتهم و أتتني الفرصة الى قدميا و صهيب سرعان ما يسامحني أعرف عائشة فلن


تتجرأ على اخباره أني من قتل حاتم فهي تخاف عليا من غضب صهيب كما تخاف على ابنها بالإضافة انها لن تتخلى عليا فأنا


حبها الوحيد بل فهي تعشقني كما أنا و بالرغم من اجرامي و فسادي فأنا زوجها المدلل و هذه هي الحقيقة التي يودي


الاخرين اخفاءها لكن لن يستطيعوا أن يتحدوني،ثم ابتسم ابتسامة واهنة و هو يمسك قلبه نتيجة الالام التي يشعر بها.


حالة صهيب كان يرثى لها فقد هم بالطرق بلا هدف فحياته انقلبت 180 درجة منذ أن أخبرته أمه بالحقيقة المرة البارحة و لما


تعب من المسير اتجه الى شاطيء البحر و هو يتذكر كيف كانت حياته سعيدة و هادئة لما كانت جميلة زوجته فهو يتذكر لما


جاء الى هنا معها و مع امه و كيف كانت جميلة هادئة و هنا ابتسم للذكرى حيث كان ذلك في يوم مشمس رغم برودة


الأجواء فلما ذهبوا الى الشاطيء بطلب من جميلة التي لا تمل من البحر رغم أن البحر كما يقولون غادر لكن ليس كغدر


البشر فلما وصلوا أفرش صهيب الزربية و جلست جميلة في حضن عائشة حتى تحمي جسدها من البرد حيث أنها


تشاجرت مع صهيب لانه لم يعجبه لباسها الذي كان يتمثل في فستان صيفي ذو لون أصفر يصل الى الركبتين و بدون


حمالات كما ارتدت فوقه جاكيت صوف خفيف ذو لون أسود مع بوت بلات ذو لون أسود كذلك و تركت شعرها منسدل على


ظهرها و الرياح تلعب به كما تشاء و هنا قالت لها جميلة"ماما،أكاد أتجمد من البرد لم أكن أعلم ان الجو بارد رغم الشمس


الساطعة"فتجيبها عائشة باسمة و هي تمسد على طول ذراعيها لتعطيها بعد الدفىء"انت المخطئة أخبرك صهيب اننا في


فصل الشتاء و مهما كانت الشمس مشرقة لن تكون دافئة كما في فصل الصيف"ثم أضافت لها بعدما لمست قماش


فستانها"كما أن فستانك مناسب لفصل الصيف فقط"فلاحظ صهيب انكماشها في صدر أمه فذهب اليها وابتسامة تسلية


تلوح من شفتيه و عندما وصل دنى اليها و أمسك ذقنها بيده و اداره باتجاهه"اه جميلة لماذا لا تسبحي فكما اعلم لما كنا


في البيت قررت انك ستسبحين و الان أراكي تكادين تتجمدي؟"فأجابته بتحد"حسنا لك هذا" ثم نزعت الجاكيت و البوت و


اتجهت الى البحر بعصبية امام انظار عائشة و صهيب المصدومة فخاطبته امه فاجعة"صهيب جميلة جنت اذهب و احضرها


ستموت لا محال"فيبتسم لها صهيب بشقاوة و هو ينظر الى جميلة التي تتقدم خطوة باتجاه الشاطئ و توخر خطوتين ثم


يقول لامه"انها جبانة يا امي انظر لها كم مظهرها مضحك"ثم يضحك بصوت عال فتتنبه له جميلة فتلتفت اليه بضيق و هو


تحدث نفسها"انه يسخر مني سأريه"ثم تركض باتجاه الشاطئ أكثر فأكثر حتى تصبح في وسطه ثم تنادي بصوت عال على


صهيب"صهيب أنا أسبح انظر"ثم تهم بالغطس و عندها ينتبه لها صهيب يركض باتجاهها لانها لم تنتبه للموجة العالية القادمة


نحوها فيسرع اليها صهيب و ينتشلها لكن الموجة كانت أسرع منهما فاغرقتهما معا و هنا تنفجر جميلة بالضحك لان منظر


صهيب يرثى له فقد ابتل بالكامل و الأدهى انه كان يرتجف من البرد أما هي فكانت ملابسها ملتصقة بجسدها و شعرها


على وجهها و عندما التقت عينا صهيب بعيناها توقفت من الضحك لانها تعرف معنى هذه النظرة فارادت ان تنفك منه لكن


هيهات حيث اقترب وجهه منها و نظره على فمها و لما وصل الى مستوى فمها قال لها"الان ستضحكين أكثر"ثم التهم


شفتيها في قبلة عاطفية اجتاحتهما و نسيا عالمهما حيث بادلته جميلة القبلة بقبلة أقوى من سابقتها اما عائشة فكانت


خائفة عليهما فاتصلت بالحماية المدنية التي أسرعت نحوهما و عندما وصلوا اليهما رجال الحماية المدنية قالوا لهم بصوت


واحد"الحاجة يكاد يغمى عليها من الخوف و أنتما تتبادلان القبل "فاجفلت كل من جميلة و صهيب الذان ابتعدا عن بعضهما


فحاول رجال الحماية انتشال جميلة من صهيب لكن هذا الاخر رفض بل أمسك معطفه و نزعه و غطى به جسد جميلة الذي


كان يظهر أكثر ما كان يخفي خاصة لما التصق فستانها بجسدها و عندما وصلا الى عائشة اسرعت الخطى نحوهما تسأل


بخوف"ابني هل اصابكما مكروه؟"فيجيبها بضيق"لا يا أمي لكن سنرجع الى البيت حالا"فتعترض جميلة قائلة"لقد اتينا منذ ربع


ساعة فقط و أنا لم أشبع من البحر"فيجيبها صهيب بغضب"كل هذا و لم تتسلي فكله بسببك،هل انت طفلة حتى تسبحي


في هذا الجو البارد؟"فترد عليه بنفس الغضب"و ما دخلك أنت؟هل طلبت منك انقاذي يا سيد؟"فيهم صهيب بالرد عليها لكن


امه توقفه قائلة"كفاكما مشاجرة كالاطفال انتم الان متزوجان،اه يا خوفي تصبحون تتشاجرون امام اولادكم"ثم تسير قبلهم و


هي تحمل أغراضهم اما جميلة فكانت تحاول التخلص من صهيب الذي يزيد من قوة احتضانه و هو يهمس في أذنها"كفاكي


من تصرفاتك الصبيانية و عندما نرجع الى البيت سيكون لي حساب اخر معك"و هنا يستفيق صهيب من ذكرياته،ثم يقف و


يغادر باتجاه البيت و عندما يصل الى البيت يفتحه ثم يغلقه بعنف فتسرع عائشة الخطى لاستقباله قائلة له"صهيب حبيبي


ماذا بك؟هل تكلمت مع عز؟ماذا قال لك؟"و هنا يصرخ صهيب في وجه أمه و هي أول مرة قائلا لها"لن تتزوجي ذلك المجرم


الا على جثتي"فتقترب الحاجة عائشة منه و تحتضنه لكنه يبتعد عنها فتحزن لفعلته هذه ثم تقول له بعدما أخذت نفسا



عميقا"صهيب ارجوك حبيبي لا تقسو على أبوك فهذا خطئي أنا وحدي لم يكن يعلم بأني حامل في ذلك الوقت فأنا لم أخبره


فكما قلت لك سابقا انه كان في مهمة عمل حساسة خفت عليه اذا أخبرته سيركض الينا و يترك مهمته و هنا سيقتل لا


محال،حبيبي صهيب اذا لم توافق على زواجي من عز فلن أتزوج كن متأكد لكن اياك و عصيان ابويك فطاعتهما واجبة رغم كل


شيء سيبقى أبوك،أبوك يا صهيب أنا ربيتك على الدين الإسلامي الحنيف و ما تفعله الان لا يرضى الله سبحانه و تعالى و لا


يرضيني،و كن مطمئن لن أفعل الا ما يرضى ربي و ما تريده أنت فطيلة حياتي عشتها من أجلك أنت وحدك و الان حياتي


المتبقية سأعيشها لك وحدك أيضا،فهل يرضيك هذا؟"فيبتسم لها صهيب ثم يقبل جبينها قائلا لها بكل حنية"نعم يا أمي أنا


أريدك أنت فقط فأنا أحبك أكثر من هذا الكون فنحن لبعض و لن يفرقنا الا الممات"و هنا تحتضنه أمه لكن قلبها يعتصر من الألم


و هي كانت تمني النفس أن تعود الى حبيب قلبها لكن شاءت الأقدار أن تفرقهما الى الأبد.