كاتب الموضوع :
wafa hadad
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: لن تدوم السعادة
الفصل الثالث و العشرين
في صباح يوم اخر مشرق لا يتناسب مع طقس الشتاء و بعد العاصفة الهوجاء التي هبت على أبطالها و أكلت الأخضر و
اليابس،يستقبل أبطالنا يوم جديد يعد بالكثير من المفاجات السارة و التعيسة فالحياة فرح و حزن.و تحديدا في المشفى دخل
الطبيب رامز على جميلة و هو مبتسم قائلا لها"سيدة جميلة اليوم سأوقع على ورقة خروجك،لكن هل لي برقم زوجك لو
سمحت حتى أتصل به ليحضر الى هنا و من ثم ينقلكي معه الى البيت؟"فترد عليه جميلة ببرود قاتل"لا سأذهب وحدي،لا
عليك فان زوجي مسافر و لا أظنه سيعود في القريب العاجل"و مع اكمالها لجملتها يدخل صهيب اليها و هو في كامل أناقته
حيث كان يرتدي سروال من الجينز الازرق الغامق و قميص ذو لون أحمر تتوسطه كتابة باللغة الانجليزية و فوقها كان يرتدي
معطفه من الجلد الخالص ذو لون أسود دون أن يغلقه كما كان محلق اللحية و الشارب و ممشط الشعر الى الخلف دون
استعمال الجال فلقد كان شعره ناعم جدا مع تمرد بعض الشعيرات على جبينه كما أن رائحة عطره النفاذة من ماركة بوس
زادته جمال و جاذبية لكن جميلة لم تكترث له بل اشاحت ببصرها عنه و هو يقترب نحوها بخطوات واثقة و بين يديه كان يحمل
الورود الحمراء الطبيعية و عندما وصل اليها خاطبها بابتسامته الساحرة قائلا لها"اسفة حبيبتي لان تأخرت عليكي قليلا"ثم
دنى اليها وقبل جبينها لكن جميلة لم ترد عليه ببنت شفة و هذا ما جعل صهيب يجفل من طريقة معاملتها له و ما كان من
رامز الى أن يتجه نحو صهيب ليخفف من حدة الموقف فربت على كتف صهيب قائلا له و صوته يملأه المزاح"زوجتك غاضبة
منك لأنك لم تزرها منذ اغماءها في ذلك الحادث"ثم ابتسم له مضيفا"كن لطيفا معها هي تحبك رغم كل شيء و الان اياك ثم
اياك اغضابها و ازعاجها لأن أي قلق أو توتر سيوذي بحياة جنينكما و هذا الكلام موجه لكما أيها الأبوان الصغيران"ثم اشار
باصبعه لكلامهما مع ابتسامته المعهودة غير ان ابتسامته سرعان مازالت عندما نقل نظره الى ابنته الساكنة بلا حركة هو
حقا يريد ضمها و حمايتها من كل ما يؤذيها لكنه لازال لم يستقبل فكرة انه أب فهذا الدور جديد عليه كما كان يريد أن يمنع
صهيب من رؤية جميلة لكن عندما راه ات لزيارة جميلة و مشاعر الحب ظاهرة على محياه ترك له فرصة ثانية ليستطيع اصلاح
ما افسدته غيرته القاتلة على جميلة و ثقته المهزوزة بها،لكن هو عهد على نفسه أنه اذا لم تتقبل جميلة وجوده فانه
سيمنعه من الاقتراب منها أو ايذاءها و الى هنا استفاق من شروده و هو يتأمل ملامح ابنته الذابلة فكيف لطفلة أن تحمل
طفل او طفلة؟ثم ابتسم لها عندما رفعت وجهها نحوه ثم غادر مسرعا لانه خائف من المجازفة و الاقتراب من صغيرته و
احتضانها و ارغامها على ترك صهيب و هو لا يود أن يرغم جميلة على تقبل وجوده اولا و فرض رأيه عليها و المتمثل في
طلاقها من صهيب الذي اذاها بشدة فهي الان تتماثل للشفاء من جراحها الظاهرية و الكدمات لكنها لا تستطيع أن تسامح
الرجل الوحيد الذي أحبته بصدق و التي وثقت به و اعتبرته سندها في أحلك الأوقات لكن غدره كان أصعب من قدرة جميلة
على مسامحته و المضي قدما معه و نسيان ما فعله بها فهو جرح كرامتها و قتل ذلك الشعور الجميل التي كانت تكنه له و
الان اصبحت مجردة من تلك المشاعر بل اعتبرتها ضعف لها و هنا قررت الانتقام منه و صد كل محاولاته في الاقتراب
منها،عندما غادر رامز الغرفة اغلق الباب من وراءه بهدوء و هنا فقط استطاع صهيب الاقتراب منها أكثر فجلس في حافة
السرير و بدأ بتمرير يديه على شعرها و أخذ يشم عبيره اما جميلة فلقد اغلقت عيناها و زفرت بضيق حتى يتركها و عندما
راها صهيب وقف بجوارها و خاطبها و هو يتوسلها"جميلة حبي انا اسف لكن لا أعلم ماذا حدث لي؟أعلم أنك لن تفعلي
شيء كهذا لكن غيرتي اعمتني،فأنا لا أحب أن يشاركني بكي أحد"ثم يهم بتقبيل شفتيها غير أنها تبتعد عنه صارخة في
وجهه"اترك الغرفة حالا أنا أود تغيير ملابسي هذا اولا و ثانيا أنا اريد الطلاق منك و الخلاص من عصمتك فأنا لن أستطيع
العيش مع انسان مريض يشك بي و بأفعالي طوال الوقت و ثالثا و هو الأهم لن أأتي معك فأنا ذاهبة الى حيث لا أعلم المهم
عندي ألا أرى وجوهكم،فلقد كذبتم عليا جميعكم و أوهمتموني أني الأهم عندكم لكن سقط القناع و أخيرا فالسيد عز ليس
ابي الشرعي و أنا الابنة الشرعية لطبيب رامز الذي عالجني اما زوجي الذي تغنى بحبه لي لم يعد يعنيلي شيء فأنا لم
أعد أكن له مشاعر المحبة و اذا ندمت على شيء هو ندمي الكبير لأنني تعرفت بك و الادهى من ذلك تزوجتك و انا لا اعرف
معدنك الحقيقي بعد،لقد سئمت منكم و لم أعط أطق حياتي فانا صامدة من آجل ابني فقط"ثم تضع يدها على بطنها
لتتحسسه،اما صهيب فلقد الجمته الصدمة و عجز لسانه على نطق حرف واحد و غادر الغرفة فورا فقد أراد أن يسألها و يفهم
منها ما حصل لكنه يخاف عليها من التوتر الزائد و قد أخبره الطبيب أن أي مضاعفات ستأزم الأمر لا غير،اما جميلة فأطلقت
العنان لدموعها التي انسكبت بغزارة و هنا حدثة نفسها قائلة"حتى أنت يا صهيب تركتني في الوقت الذي أنا في أمس
الحاجة لشعور بأن هناك من يقف بجانبي لمواجهة مصائب الحياة"و بعد برهة هدئة قليلا و نهرت نفسها على انجرافها في
هذا التفكير و قد أكدت لنفسها أن صهيب أراد قتلها في وقت من الاوقات فتوجهت الى الحمام و أخذت دوش دافيء لتريح
أعصابها و بعدها غيرت ملابسها و غادرت المشفى امام أنظار رامز التي لم تفارقها حتى اختفت من أمامه.
عادت رندة و الحاج حسين الى القرية و كل واحد منهما غارق في دوامته و عندما وصلا الي البيت اتجه حسين الى المطبخ و
أحضر شراب الأعشاب حتى تهدأ أعصابهما ثم حملها باتجاه غرفة ابنته التي أغلقت الباب على نفسها و راحت في نوبة بكاء
مرير و عندما دق الباب على رندة فتحته و عيناها متورمتان من البكاء فأمسكها من يدها و حثها على الجلوس يجانبه على
كنبة الصالة و قدم لها الشراب الساخن فأخذته منه رندة و بدأت بارتشافه ثم خاطبت حسين بهمس"أعلم أن الحقيقة مرة و
صعبة لكن الان فقط أحسست براحة الضمير رغم أنني أعلم جيدا أن جميلة لن تسامحني و لن ترغب في رؤية وجهي و هي
في الأخير معها الحق لكن عن قريب ستصبح أم ان شاء الله و هناك فقط ستحس بما أحسه أنا الان"فيوافقها الحاج حسين
الرأي و من ثم يغير الموضوع قائلا لها"منذ فترة لم نفتح البقالة أخاف أن يهرب منا الزبائن،فسامحيني يا ابنتي سأترككي
وحدك الان و سأذهب الى البقالة"ثم يهم بالوقوف غير أن رندة تمنعه قائلة"لا يا أبي أنا أيضا سأذهب معك امهلني 5 دقائق
أغير ملابسي و اتي معك"فيؤوم الحاج حسين بالايجاب و تطير رندة الى غرفتها و تأخذ دوش سريع ثم ترتدي فستانها
الصوفي ذو اللون الأخضر ثم ترتدي فوقها معطفها المصنوع من الجلد بالون الاسود ثم ترتدي بوتها الأسود ذو الكعب العالي و
تضع القليل من مساحيق التجميل لتخفي ملامح التعب و تختار اللونين الأخضر الفاتح و الوردي ثم ترش القليل من عطرها من
ماركة كوكو شانال و بعدها غادرت الغرفة و توجهت مع أبيها الى بقالتهما و يفتحاها طالبين الرزق من الله.
توجه صهيب الى مكتب عز و دق الباب عليه فسمح له عز بالدخول و هنا قال صهيب لعز مباشرة"هل الكلام الذي سمعته
صحيح؟"فتتغير ملامح عز لكن سرعان ما يباغته بسؤال اخر"أي كلام هذا؟أنا لا أفهم على ماذا تتكلم؟"فيجيبه صهيب
بسرعة"جميلة ليست ابنتك الحقيقية؟"فيتنفس عز ببطأ قائلا له"نعم للاسف لقد خدعت طيلة 20 سنة الماضية"فيرد
عليه"هل لي أن أعلم الحقيقة كلها فان جميلة لم تعد تريدني في حياتها كما أنها طلبت مني الطلاق"فسأله عز قائلا"و انت
هل ستطلقها؟ماذام انها ليست ابنتي فلقد اسقطت ذلك الشرط،افعل ما تراه مناسب أما أن أحكي لك الحقيقة فهي ليست
من صلاحياتي و لتذهب الى جميلة أو طبيبها أه أقصد أبوها رامز أو تلك الفاجرة رندة لتعرف الحقيقة كلها و الان عندي
عمل،ارجو أن تتصرف فوقتي لا يسمح لي بمناقشة التفاهات"فيعتذر صهيب ثم يغادر مسرع لكن الى أين؟،أما عز فهو بين
نارين كيف يخبره أنه أبوه و يحضنه كأي أب في الدنيا؟أو كيف يخبره أنه السبب في قتل زوج أمه؟و ماكان عليه الا أن أشغل
سيجارته و بدأ باستنشاقها لعلها تطفأ بعد النار التي تعتلي صدره منذ سماعه لهذا الخبر.
اما في منطقة نائية بعيدة عن صخب المدينة فان حال وردة و عمران يسوء يوما بعد يوم فلا أحد يسمع عنهما فهما في
منطقة منعزلة جدا و بعيدة عن الأنظار ووردة لم تجد الا دموعها لتتنفس عن حزنها خاصة أن أبوها لم يستيقظ منذ وصوله الى
هنا و هي خائفة على نفسها من رجال عز اللذين لم يتركوها فكل ثانية يدخلون عليها ويعتدون عليها و هذا الامر قد أرهقها
فلم تعد تتحمل هذا القرف الذي تعيش فيه و تنتظر الموت في القريب العاجل لأنه خلاصها.
|