دخل صهيب الى مركز الشرطة و هو يجر وردة وراءه جرا و عند دخوله استقبله الحارس بابتسامته المعهودة"اهلا بحضرتك يا
سيدي،هل انت بخير؟ارى انك لم تتغيب عنا كثيرا و نحن اعتقدنا ستطول فترة غيابك بسبب زواجك على فكرة الف مبروك
عقبال الذرية الصالحة ان شاء الله"ثم يلتفت الحارس الى وردة مخاطبا اياها"اه اسف يا
سيدتي لم أكن أعلم أن الضابط جاء
بحضرت زوجته،كيف حالك يا.."و هنا يقاطعه صهيب بعدما امتلأت عيونه غيظا"ألن تكف عن هذه الثرثرة؟ان هذا مرض يا حاج
ياسر و أنت زرت بيت الله فلا تكن كأصحاب الألسنة الطويلة،اما عن هذه"و يشير الى وردة باشمئزاز قائلا"فهي ضيفتنا حيث
سنكرم ضيافتها فهي انسانة عزيزة جدا على قلبي"و هنا تذوب وردة من كلامه و هي لا تعلم ماكان يقصده حتى ترى
رجلان بلباس الشرطة يسيران نحوها و يجرانها الى السجن فتفيق من الصدمة و تبدأ بالصراخ"ارجوك صهيب أنا لم أفعل
شيء،فلماذا تأخذني الى السجن؟حرام عليك فقد كنا قبل قليل كالسمن على العسل"و هنا يقطعها صهيب امرا بأخذها
من أمام وجهه و يلقونها درسا في الادب و هو يشعر بالالم و تأنيب الضمير لما فعله بحبيبته جميلة تلك الملاك التي لا تؤذي
نملة فكيف مد يده عليها و هنا بدأ بتأمل يده المرتعشة التي كانت قبل لحظات تضرب بحبيبة قلبه فما كان منه الا أن ضرب
يده باتجاه الحائط حتى يتنفس على غضبه و هو يتذكر كيف كانت تتوسل له و تتلوى من الالم و هو كان كالجماد فاذا حصل
لها شيء لسمح الله لن يسامح نفسه أبدا فهذه حبيبته جميلة التى راها يوم كان في الثانوية مع المدير و قد اشتكوا أن
تلك الثانوية تروج المخدرات و عندما ذهب بنفسه حتى يستقسي الامر و هنا أخد كتيبته و بدؤوا بتفتيش الأقسام قبل
وصول الطلاب و الطالبات طبعا حتى لا يثيروا مشاعر الخوف لديهم و عندما تأكد أن البلاغ كاذب اعتذر من المدير و هما
بالانصراف مع كتيبته و هناك التقى بملاكه الحارس كانت لا تنظر له و بل كانت تبتسم لرفيقتها و هما يتمازحان كان يلمح
في نظراتها الحياء و الخجل الذي لم يعد له مكان في هذا الزمان و منذ ذلك الوقت اعتبر ان تلك الفتاة مسؤوليته هو رغم
فارق العمر بينهما الا انها الوحيدة التي سرقت قلبه من بين كل الجموع التي عرفها فحتى جارته سلوى لم تأثر فيه هكذا
فأمه المسكينة كانت تود تزويجه لها فلقد كانت سلوى الذراع اليمين لعائشة في أشغال البيت بعد وفاة حاتم،فنمذ ذلك
اليوم بحث عنها طويلا و عن عائلته حتى عرف انها ابنة عز الرجل الذي ساعده في محنته ووقف معه حيث نفذ له كل
طلباته و اولها انه اختار سلك الامن و من ثم كان ذراع عز اليمين الذي كانا يشتغلان مع بعضهما في عدة قضايا كما انه
حصل على مراتب راقية في وقت قياسي،و هنا استفاق من ذكرياته على صوت رنين هاتفه فأحاب بسرعة"نعم يا أمي،ماذا
حصل؟ارجوكي حاولي تهديته فأنا ات في الحال؟"ثم يغلق هاتفه و يركض باتجاه سيارته و ينطلق بسرعة جنونية و تفكيره
منصب على حبيبته المظلومة جميلة التي هي الان بين الحياة و الموت.
انكمشت جميلة في زاوية الغرفة و هي تشعر أن اباها سيخلع الباب في أي دقيقة فهيجان أبوها لا يبشر بالخير ابدا و هي
تبكي بصمت و ترتعش من الخوف بعدما سمعت صراخ ابوها و تهديده لها حيث انها كانت تحضن لعبتها و تطمئن نفسها بها
و تدعو الله أن يساعدها في مصابها الجلل ولم تلبث قليلا حتى فوجئت بالباب يكسر و خطوات عز تتسارع نحوها قائلا بكل
الم و سخرية"اه،يا جميلة كانت لعبة رائعة انت بطلتها للاسف كنت شبيهة بأمك مئة بالمئة فحتى قسوتي و عطفي لك لم
يشفع لك و في الاخير هاقد أنزلت رأسي امام كل العالم فبقد اصبحت سيرتك على كل لسان ابنة عز التاجي ساقطة لكن
الان سوف اقتلك حتى اغسل شرفي يا فاجرة،كيف استطعت فعل ذلك بالرجل الوحيد الذي أحبك بصدق؟ما هو الشيء
الذي اقتصرته عليك حتى تلوي يدي بهذا الشكل فحتى الد أعدائي لم يستطع فعل ذلك بي لك الالم و الهم جاء من صلبي
من ابنتي،انتقمتي مني يا عديمة التربية؟"و هنا مسكها من شعرها حتى تقف و بدأ بضربها و ركلها و صفعها فلا أصوات الا
أصوات ارتطامها في الجدران التي امامها و هي ساكنة بلا حراك و لا حتى كلام كانت الدماء تتدفق من كل جانب و من كل
صوب فحتى توسلات و رجاء الحاجة عائشة لم يشفع لها فاقتربت منهما و بدأت تحمي جميلة من عز لكل هيهات فماكان
من عز الا أن دفعها باتجاه السرير فسقطت عليه فورا و حتى هنا دخل صهيب و هاله ما رأى حبيبته فقدت الوعي و ابوها
ما يزال يضربها غير ابه بها حتى لو قتلها فلن ترفأ له عين،فاقترب من عز و امسك جميلة التي سقطت بلا حراك في حضن
أحب شخص في قلبه لكن هل سيقى صهيب الرقم الاول لديها؟فزاد صهيب من حضن جميلة التي فقدت وعيها تماما ووجه
حديثه لعز قائلا"جميلة بريئة انها مكيدة و بطلتها وردة صديقتها المقربة"و هنا ينصدم كل من عز و عائشة و يحس كل منهم
بتأنيب الضمير فكيف لهم معاقبة هذا الملاك الذي لم يحمل أية مشاعر حقد لهم بل أحبتهم رغم سلبياتهم و ايجابياتهم،و
هنا دنى صهيب نحوها و اجلسها في حضنه و بدأ يطبطب على خديها برفق و القلق يعتريه قائلا لها"حبيبتي جميلة ارجوك
اجيبيني ارجوكي لا تتركيني وحدي سأموت من دونك يا عمري،الغيرة أعمتني على الحقيقة هيا يا حبيبتي افتحي عينك
فحياتي لا طعم لها بدونك" لكن لا مجيب و هنا انفجر صهيب ببكاء مرير و هو يضمها الى صدره فشاركته عائشة البكاء ايضا
اما عز فألجمته الصدمة كاد أن يقتل طفلته الحبيبة و هي لا ذنب لها فلم يعد يستطيع الحراك و لا الكلام فجث على ركبته
ووجهه مسود من فعلته الشنيعة هذه انه حقا بلا مشاعر.
و هنا دخلت رندة مع حسين و عندما رأت منظر جميلة التي كانت في أحضان صهيب هرعت اليها مسرعة و هي تصرخ
فيهم قائلة"ماذا فعلتم بابنتي يا مجرمون اتصلوا بالاسعاف فحالتها يرثى لها قد تكون ماتت حتى"ثم تجهش بالبكاء مخاطبة
كل واحد فيهم"تقتل ابنتك يا عز بدم بارد،كيف ستلتقي ربك؟ كيف تصدق ان ملاكا مثلها يفعل هذه الفعلة،و انت صهيب
لقد وعدتني أن تكون خير عون لها فماالذي غيرك؟كنت ارى الحب في عيونك فمن أجل كذبة تحطم حبك يالك من غبي،و
انت يا حاجة بيت الله قلت أن ابنتي في ايدي أمينة و أن لا مكروه أصابها،لكنكم كلكم مجرمون قتلتم ابنتي قتلتم
براءتها،طهرها لن أسمح ببقاءها تحت كنفكم بعد الان فمكانها معي و انا فقط من يفهمها"و لم تنتهي رندة كلامها الا و رأت
رجال الاسعاف قادمون نحو جثت ابنتها الهامدة فتنظر لهم رندة الواحد تلو الاخر و تقول متوعدة"لن تذهبوا معها للمشفى و
الا اشتكيت عليكم جميعا يا اصحاب العدالة"ثم تخرج من البيت مصفقة الباب وراءها تاركة اياهم في صدمة و الندم يأكلهم
أكل كيف لا و حياة جميلة في خطر بسببهم،اما رندة فهي في حالة يرثى لها و شبح فقدان ابنتها الوحيدة يراودها طيلة
طريقها الى المشفى.