لا تلهيكُم عن العبادات والطاعات
ما شاء الله تبارك الله
للكاتبة
AURORA
..
الفصل العاشر
عده لحظات هي ما احتاجها فقط حتى يستوعب ، ان خارقه الجمال الموجع التي تقف امامه متسعه العينين ، لم تكن من محارمه .
انتفض واقفاً وكأنما ماس كهربائي قد لامسه ، وبرقت عيناه في غياهب ظلمته كما البرق ، يليه هدير صوته كما الرعد ، يقول بصوت مُخيف ارسل الرعشة لجسدها
: وجع , الله يعمي العدو يا قليله الحيا , انقلعي من وجهي !!!! .
كان صوته المخيف كفيلاً ان يبث الرعب داخل أوصالها ، ويجعلها تجفل و تدرك وقوفها الخاطئ امامه كالبلهاء , لم تجد مفراً قريباً منها إلا إلى المطبخ فهرعت إليه بخوف , وأنفاسها تهرب من رئتيها دون أن تنجح في إلتقاطها .
وضعت كفها على صدرها , مُسبله أهدابها والخوف قد اكتنزها من رأسها إلى اخمص قدميها , وقد هدأت أنفاسها بعض الشيء فهي لم تكن تقصد حتى تخاف , أغمضت عينيها بقوه تكتم دموعها وهي تسمع كلامه القاسي لها , ماذا فعلت له حتى يقسو عليها بهذه الطريقة ؟؟! لماذا يكرهها بهذا الشكل ؟؟! .
تأففت بضيق وكأنها تحتاج لحبه , انها لا تريد منه إلا ان يحترمها وحسب .
كانت أنفاسه تهدر من أنفه وفمه بلا هواده , حاجبيه القاسيين معقودين كما العاده فوق عينيه القوية .
رأى جدته تخرج على عجل , وبالكاد استطاعت المشي حتى تصل إليه وهي تقول بهلع
: بسم الله يمّه , فهد وش الصار ؟؟! ليه رفعت صوتك ؟؟! .
نظر إلى جدته ببهوت وقال بقوه
: رفعت صوتي من بنت العمّ هالماتستحي !! , طالعه من غرفتها وجايه وواقفه قدام وجهي بكل وقاحه .
عقدت الجده حاجبيها وقالت بهدوء
: ما صارشي يا يمّه تصير , هي على بالها ما احد في الشقة وجايه عندي .
مرر لسانه على شفتيه وقال بغضب يتخلله عدم الاقتناع
: في مسافه بين غرفتها والصالة , ولو انها عميه ما تشوف , ما شافتني وأنا مثل اللوح قدامها وترجع تقضب أرضها .
ضحكت الجده بمرح وقالت
: خلاص , خلاص يقطع ابليسك يا اللوح , حصل خير , إلا قولي وش فيك كاشخ ؟؟!, ترى الحفلة للحريم مابوه رجال .
طيّر عينيه للأعلى بضيق من هذه الكلمة التي قالتها جدته , لم يقصد ان يقول عن نفسه كاللوح , انها مجرد كنايه عن ضخامته , وعرض أكتافه حتى الأعمى يراه , وتلك الوحقه مثلت عدم رؤيتها له , قال باقتضاب
: معزوم على عرس خويّ " صديقي " طارق .
ثم همس لنفسه
" أخر همي احضر حفله سخيفه , لقليله الحيا !! " .
,
استعادت رباطه جأشها ولم تهتم فهي لم تُخطئ حتى تخاف وتختبئ , أما ابن عمّها فاليفكر بعقله البدائي كما يشاء , وليرطم رأسه بالحائط ,
كانت قد وصلت إلى الصالة الداخلية , وبُهرت عيناها من كل شيء حولها .
لفت نظرها الثرية الزُجاجية الضخمة المُتدلية من السقف , الجدران أرتصت عليها الشمعدانات الضخمة المُخيفة , وخفف من حدتها الورد الطبيعي المبروم على طول الشمعدان والتي اضفت رهبه على المكان .
ألقت نظرة سريعة , على الطاولات الموضوع عليها ما لذ وطاب من الحلويات التقليدية والشعبية و الشوكولا البلجيكية , وأنواع الموالح بأشكالها وألوانها , وجاءت العاملات تهرعن بحمل الصواني والدوران على الضيوف .
عقدت حاجبيها من هذا الإسراف والتبذير بمجرد حفله عاديه , لم تكن ترغب بكل ذلك شعرت بنفسها وكأنها بداخل زفاف ما , وتذكرت ان هذه الحفلة ليست لها وحسب بل لإعلان زواج ابن عمها ,
ابتسمت لإحدى العاملات التي أتت تُقدم لها العصير , والتقطت من الصينية عصير الفريز المُنعش , وأجفلتها امرأة شقراء تجلس على عرش ملكات الجمال , تقول لها بلطف , أم أنها تخيلت هذا اللطف ؟؟؟!!
: مرحبا , رسيل أشرت عليك وقالت انك ميرال يوم سألتها عنك وحبيت أتعرف عليك إذا ممكن !!! .
: أيوه انا ميرال , مين حضرتك ؟؟! .
ابتسمت بعِلياء , ولكنها لم ترتح لإبتسامتها التي شعرت بمجاملتها
: أنا دينا , زوجه فهد , تعرفينه زوجي وعمي هم الجابوك هنا .
: أيوه , معك حق بس أنا هنا من اسبوع وشوي , وأول مره اشوفك السموحة ما عرفتك .
رفرفت بأهدابها , وقالت
: ولا يهمك حبيبتي , أصلاً كنت بفتره نقاهه عند أهلي , عشان كذه ما شفتيني .
ابتسمت دينا بتغصُبّ تُخفي غيرتها من جمالها البرئ الأخاذ , وجمال عينيها التي تؤكد بأن من يراها سيخُرّ صريعاً تحت رحمتها , فكيف بزوجها وهو رجل !!!
لا تضمنه وتضمن جيداً عدم حبه لها وعدم وفائه لها فهي لم تُتعب نفسها حتى يحبها ولو قليلاً وكان هذا خطأها ,
كما انها لن تكون غبيه وتخبرها أنها قد تشاجرت مع زوجها وبقيت عند أهلها " حردانه " ,
ولن تخبرها أنها شعرت بالخوف والتهديد على زوجها فور ان عرفت وسمعت انّ هناك حفيده شابه تعيش عند الجدة , وهي تعلم جيداً زيارات زوجها الكثيفة لجدته ,
فداست على كرامتها وكل شيء في سبيل الاحتفاظ بزوجها , وطلبت منه هذا الصباح أن يأتي لإصطحابها ويبدآن صفحة جديده للغاية اتفقا عليها , صفحة لن يكون بها شائبه , وقد وافقها زوجها العزيز على اقتراحها إذ انه تعب من هذا الحال ويُريد الاستقرار , فكان كل شيء يسير لصالحها وكما تُريده .
وقالت بنبره أثارت الريبة في قلب ميرال
: بس بعد اليوم , بتصيري تشوفيني كل يوم ياحلوه !!! , وبنتعرف أكثر .
: ان شاء الله , تشرفت بمعرفتك .
قالت ميرال ذلك بهدوء , تحاول السيطرة على اختلاجاتها .
وتفاجأت من كفها السمراء التي تُداعب وجنتها , وترسم على شفتيها ابتسامه مُخيفه , كانت مُخيفه كزوجها تماماً , ولم ترتح إليهما أبداً
: وأنا تشرفت أكثر .
تلكأت بلسانها وهي تهمس بصوتٍ خافت وصل لأذنيها ببطء شديد , مُشدده على حروف اسمها
يـــا ميـرال .
ثم أردفت بسرعة وكأن نبره الخبث اختفت منه ببراعه
: حتى اسمك حلو مثلك .
غادرت دينا تتهادى بمشيتها , تاركه ميرال خلفها فاغره شفتيها ببلاهه , دون أن تعرف ماذا ترد عليها ؟؟؟!! .
مضت الحفلة متفاوته بالضجيج والهدوء , كانت ميرال تشعر بالاضطراب , فهذه المره الأولى التي تواجه هذا الكمّ الهائل من العواصف البشرية المُختلفة بالأشكال والألوان .
لاحظت أن الكثير ينظر إليها بتقييم لمظهرها الخارجي دون أن يأبهوا لروحها ,
ألا يعلمون أن الجسد عندما يأتيه السُهاد , فالأحاسيس تتناثر ولا يشعر بها أحد , والروح هي من تبقى مُحلقه في عتمه الظلام
, بينما البعض الآخر ينظرون لها بحسد وغيره , وجزء منهم فقط قلوبهم بيضاء صافيه كقطع القطن الناعمة , قاموا بإحتوائها واحتواء خوفها حتى بدأت تتآلف معهم .
ولكل بدايه نهايه , عندما شعرت أنها قد تخلت عن اضطرابها وارتباكها , انتهت هذه الحفلة .
توجهت إلى ميس حتى تقوم بتوديعها , وقالت لها بلطف حتى لا تُجفلها
: ميوووس .
نظرت ميس إلى اتجاه الصوت وابتسمت وهي تتعرف إليها
: أهلين ميرو , كيفك وش مسويه ؟؟! , سا محيني ما قدرت اجلس معك كثير ما دخلت إلا متأخر عشان وضعي الصحي .
: ان شاء الله رح تتحسني يا قلبي , أنا الحمدلله بخير , جيت عشان أودعك بروح أرتاح , خلصت الحفلة و راحوا الضيوف , تحبي اساعدك بشي .
أومأت لها ميس برقه وهمست
: بس لو توديني على كرسي أجلس أنتظر فيصل هو بيدخل الحين , ما اعرف شي هنا .
ساعدتها ميرال وأجلستها وغادرت قبل دخول فيصل , وتركتها تتخبط بين خيوط الظلمة لوحدها .
لم تنتظر كثيراً , وهي تشتم رائحه زوجها وقد عرفتها فوراً رائحه المسك المُختلطة برائحته الطبيعية , كانت دليلها إلى أنفها الذي تعرّف إلى رائحته .
ابتسمت بخفوت , وبادلها فيصل ابتسامتها الخافتة , كان أسبوعاً حافلاً وهو يُقاوم جاذبيتها بملابسها الجديدة ويعتاد عليها بسرعه لم يكن يتخيلها , هل يلوم أخته على إختيارها لهذه الملابس المُقيتة التي لا تُظهر أي شبرٍ منها ؟؟! ,
ام يلومها هي على هذه الفتنة وفي كل ليله تفتنه بملابسها الساترة ؟؟! , والتي يرغب في تمزيقها حتى يكتشفها ويكتشف كل جزء مختبئ منها , يكتشف زوجته وحلاله , كيف هي تفاصيلها ؟؟! التي تُثير فضوله ,
الله وحده يعلم كم يُكافح الاقتراب منها , حتى لا يُخيفها ويؤذيها .
جرجر أفكاره التي تنحني لمنحنى خطير , وقال بهدوء
: يلا يا ميس , خلينا نمشي وبس نوصل بيتنا ما في نوووو بتسولفي لي عن الحفلة وإيش سويتِ فيها ؟؟! .
ضحكت بخفوت وهي تومئ برأسها , واختفت ابتسامتها عندما سمعت صوت حماتها , فصوتها مُميزّ لا يُنسى بسهوله .
قالت إيمان بهدوء
: فيصل يمّه , أنا ما ودي تبعد عني أكثر من كذه , افتقدتك وأبغاك بقربي يا يمه يهون عليك تزعلني وتخليني أحاتيك كل يوم وش مسوي ؟؟؟!! .
أطبق فيصل شفتيه وهمس لوالدته
: يمّه أنا ما رح أجي , وأخلي زوجتي لحالها مع العاملة , تعرفين رأي بالموضوع , والله رضاك يهمني , بس انت الماتفهميني ولا تعرفي وش الصار وخلاني اتزوج بهالسرعة , ابوي هو الفاهمني وراضي عني .
تنهدت إيمان بتمثيل بارع وقالت , وملامحها تتغضن بألم تمثيلي
: يا يمّه , انا برضى عليك لو جيت أنت وزوجتك وعشتوا معنا في القصر !! .
ثم رفعت صوتها حتى يصل إلى كنّتها وقالت
: ما يهون علي تبعد عني أكثر من كذه , شوقي لك رح يغطي على أي شي ثاني , والأيام كفيله تداوي الجروح .
اخفضت صوتها وقالت بهمس لابنها
: انا رح احاول اتقبلها , عشانك بس ياولدي عشانك أنت , لا تنتظر مني أكثر من كذه الوقت الحالي !! , أنا رح أمشي الحين و رح انتظركم بأي يوم , ورح ينور القصر بوجودكم .
غادرت وتركت خلفها ابنها يُصارع ما بين أشواقه لوالديه وبين تردده من أخذ زوجته لذلك المكان .
*****
يقود السيارة بهدوء وتأني كما عادته دوماً , فهو لم يُعرف بالتهور كابن عمه فهد , ثم همس بخفوت
: ما ودي أرجع البيت الحين أبغى أمرّ البحر شوي أحب امر البحر في الليل كل الجنّ والانس أحسهم نايمين , إذا تعبانه من الحفل وديتك ترتاحي .
نظرت حيث مصدر الصوت وابتسمت بخفه من تحت نقابها وهمست كهمسته
: لا عادي , مو تعبانه , فكرك أقدر اشم ريحه البحر بما أني ما أقدر أشوفه ؟؟؟! .
ابتسم وهو يُدير المقود إلى حيث يوجد البحر وقال
: أكييد , إذا تحبي البحر رح تحسي فيه وتشمي ريحته , حتى بتسمعي هدير أمواجه , دايماً الانسان إذا فقد حاسه من حواسه , الحواس الثانية تصير أقوى , وبتعينك على التعايش معها .
يا الله !! , كلامه جميل يدخل كالماء بين حُجرات القلب , حتى وان لم يكن مُقنعاً ولا مجال لصحته يكفيها انه يُحاول أن لا يُضايقها .
اجفلها صوته وهو يسألها بهدوء
: إيش رايك بالقالته أمي ؟؟! , ودك تنقلي للقصر؟؟! , إذا بتخافي ومو حابه لا تشيلي همّ مو لازم ننقل .
سمعت كلام والدته , ورغبتها واشتياقها لابنها , من هي حتى تُفرق الام عن ابنها ؟؟ , هي ليست سئية ,
لا ترغب بأن يفترق زوجها عن عائلته ,
يااااه زوجها كم هي جميله هذه الكلمة عندما ترتبط بشخصٍ مثله هو بحنانه ولطفه , ورجولته الفتاكة , حتى أنها تُدرك أنه ضخمٌ جداً عندما يُهيل عليها بجسده , وعندما يرمي بنفسه بجانبها على السرير دون أن يقترب منها أو يُحاول الاقتراب , وكم يؤلمها ذلك أنه لا يُعِدّها زوجته .
جرجرت أفكارها التي تحملها على غيمه ورديه من القطن , و لن تتحقق مهما حدث , واحمرّ وجهها من افكارها المُخجلة .
وقالت بتلعثم
: لا , ايه , يعني قصدي عادي لو رحنا لبيت أهلك , ماعندي مشكله .
عقد حاجبيه دون أن ينظر إليها
: صدق !!! عادي يعني , أكيد بتكون معنا العاملة وهي بتساعد مثل ما تساعدك بالشقة , بس متأكده من قرارك ما في تراجع .
أومأت برأسها بتصميم وهي تُحدق أمامها , وتعقد كفيها في حِجرها
: أيه متأكد , ما ودي أكون سبب يبعدك عن أهلك , الأهل ما في غنا عنهم مهما يكون .
اتسعت عينيها عندما شعرت بخشونة كفيه , تحُط رحالها على كفيها , وبدأ يُداعب كفها بابهامه الكبير والابتسامة تُزين ثغره , دون أن تتحرك حركه واحده من صدمتها هذه المرة الأولى التي يقترب فيها بهذه الطريقة .
بينما هو كان وكأنها تشتعل في قلبه ناراً تتلظى , وحطبها هي حركاته المُتهورة الرعناء , ما الداعي لأن يزيد الحطب وهو يستشف نعومه كفها بكفه المُتعطشة لأُنثى ؟؟! , ولا يستطيع الاقتراب أيضاً , ظن أن لمس كفها ستُطفئ جوعه وظمأه وإذ به الجوع يزداد ويُطالب بالمزيد والعميق حتى يروي هذا الظمأ الذي لن يُروى برشفه .
*****
انتهت هذه الليلة مُبكراً بالنسبة لميرال و ميس , بينما هذه ليله لم تنتهي وقد بدأت للتو عند سميرة القابعة في منتصف القاعة للإحتفالات على المنصة التي زُفّت إليها , بفستانها الأبيض المنفوش , والطرحة التي شُبكت بالتاج وتمتد خلفها حتى عانقت الأرض المصقولة .
كان الإحتفال بسيطاً غير مُكلفاً في أحد الشاليهات , ولم يكن هناك الكثير من الحضور بسبب حدوث حفل الزفاف فجأة !!!! .
كانت توزع الابتسامات المُجامِلة للحضور , وهي تُدرك أنّ الكثير متعجبون من هذا الزواج السريع , وقد بدؤوا بنشر الاشاعات الكاذبة , والاشاعة الأكثر ألماً وقد وصلتها للتو , لربما أنها حامل ؟؟؟!!! وهذا السبب الذي جعلهم يُعجلون الزفاف !!! .
على كل حال فقد كتمت هذه الغصّه في قلبها , وليس هي من يضع قدراً لكلام الناس , وسيعرفون قريباً بأنها ليست حامل وستخرُسهم جميعاً .
همست لمروج المُبتسمة بسعاده بقربها : مروج وصمخ , متى رح أطلع ؟؟! , مليت وطلعت روحي أحس أني خست من الحرّ .
مروج : اصبري شوي , الحين رح يزفون العريس مع عمي , وتطلعين معه .
مضى الوقت دون أن يُشرّف العريس , وهي تعلم جيداً أنه لا رغبه له في الدخول .
باغتتها والدتها وهي تقول بابتسامه
: يلا يا بنتي تعالي معي عشان تطلعين مع طارق للفندق , عسا الله يوفقكم يا رب .
ضغطت بقوه على باقه الورد التي تحملها بين كفيّها , وقالت بتصميم
: يمّه أنا سمعت كلامك ورضيت اتزوج بعد ما اهاني ولد العمّ , بس هالمره ما رح اطلع لين هو حضره جنابه يدخل وياخذني , اعتقد انه هاذي هي تقاليد العائلة وعاداتها , ما رح اطلع لين هو يدخل مثله مثل أي عريس , التمثيلية لازم تكتمل من كل النواحي عشان الناس تصدق .
نظرت لها والدتها بريبة وقالت
: هااا !!! , أي تمثيليه القصدك عليها , مو قلت انك بتتزوجيه برضاك وتنسي الماضي .
اسبلت اهدابها وكانت مُحافظه على ملامح وجهها المُتشنج , حتى لا يتضح قهرها لأحد
: يمّه هو كسرني وقلتلك لا تنتظري مني الكثير , وانا احاول اتأقلم عليه .
غادرت والدتها لتتحدث مع العريس وترجوه أن يجعل هذه الليلة تمر على خير , وقد دخل هو مجبوراً ليأخذ عروسه المقصوده , هامساً لنفسه
" عما يعميها ذا البرميل , فوق ماني متحملها ومتزوجها ودافع الوراي والقدامي وتتشرط بعد على راسي , سيد قشطه !!! " .
دخل من الباب , دون أن يُحاول الالتفات لها فلا ينقصه أن يُصاب بالغثيان من رؤيه جلدها المُتراكم على بعضه .
وقف بجانبها وكل ما يهمه ان تنتهي هذه المهزلة , تقدمت بعض افراد العائله المُقربين ليودعوهم ويباركون لهم ويتمنون التوفيق , وأخيراً بالكاد استطاع البقاء لخمس دقائق بقربها وهما الآن يجلسان بالسيارة التي ستقلهما للفندق .
كان أخيه هو من يقود السيارة فلم يجلس بقربها في الخلف , فتح الباب الأمامي بجوار السائق , ومال بجذعه يهُمّ بالجلوس فأجفله صوت أخيه الساخط
: طروق وجع , وين جالس انقلع ورا عند عروسك .
رد طارق بدون اهتمام وهو يجلس بهدوء
: تعال , بس تعال ما عليك , وصلنا الفندق وانت ساكت , ما رح اخليك تصير سواقي على آخر ذا العمر!! , وبعدين يلا يكفيها المكان ورا !!!!!!! .
, كزّت سميره على اسنانها واصدرت نفساً خشناً , التافه السطحي لم يُفكر بالنظر اليها ويظن انها مازالت سمينه كما مضى , على العموم هو سيراها قريباً ولن يُعمى عنها طويلاً , وكم تتوق لرؤية نظرات الدهشة في عينيه , لقد تعبت كثيراً و أُرهقت نفسياً لتوصل جسدها إلى هذا الحال , من الرياضة والحمية الغذائية .
وصلا أخيراً للفندق إنه حتى لم يلتفت إليها وهو ينهب الأرض إلى " الريسبشن " ,
وكم جرحها هذا الأمر بعمق قلبها حتى وان لم يحببها في يوم ولم يتقبلها فهنالك ما يُسمى بالاحترام والمودة .
ابتسمت بلطف لأخيه الذي قام بمعاونتها في وضع حقيبتها بالعربه , وقام الرجل الذي دفع العربة بمساعدتها حتى وصلت للجناح الذي قاموا بحجزه مُسبقاً وكان هو ما يزال يقوم بالاجراءات اللازمة ,
تباً له مهما يكن فهو زوجها ألا يشعر بالغيرة من مساعده الرجال لها إنه تماماً *** .
جلست بغرفه الجلوس بعد أن خلعت عبائتها وبقيت بزينتها وفستانها فهي لن تُغيرها قبل أن يراها , لا تعرف لماذا انتابها الشعور وكأنه ستثبت له بأنها قويه لن يهزها رفضه لها ,
لا تنكر انها تشعر بالتوتر لأنه سيبقى معها في مكان واحد مُغلق عليهما , وكم تنتابها القشعريرة عندما تُفكر بهذه الطريقة , ولكنها أقوى حتى تواجهه وتواجه ساديته وجبروته .
كان يقف بالخارج ,
تنهد بعمق وفتح الباب وأغلقه بهدوء وكان ظهره مُوازياً لها , لقد أعطاها بعض الوقت حتى تُغير ثيابها وتُجهز نفسها , ليجلسان معاً ويضعا النقاط على الحروف لحياتهما معاً وبعض الشروط .
نهضت عن الأريكة تدفع الفستان المنفوش بقدمها عن ساقها وقد ضايقها بعض الشيء , واقفه باعتداد رافعه رأسها بشموخ , وملامح وجهها الحادة مُتحفزة للهجوم .
التفت بجسده الرشيق وأجفل مُتسع العينين من تلك الفاتنة التي تقف أمامه باعتداد .
نظر نظره سريعه يتأكد من دخوله الجناح الصحيح وكان بالفعل الجناح الذي قام بحجزه , وتلك الفاتنة هي زوجته وابنه عمّه , لم يكن يعلم أنها تغيرت كان يراها قبل سنوات في ايام مراهقها , بدينة جداً وجلدها أطناناً مكومه , ولن ينسى وجهها الممتلئ الذي غزته حبوب الشباب .
تلك الصورة التي حفظها لها في عقله منذ سنوات , تختلف عن هذه التي تقف أمامه وقد استهواها فجأه , كما ادهشته وأذهبت بآخر ذرات عقله .
كانت نظراتها مليئة بالرضا وهي ترى تقلبات ملامحه من الإنبهار إلى الصدمة على وجهه الأسمر الخشن ذو الحنك المُريع , تُدرك ان آخر عهده بها أيام مراهقتها المُتعبة عندما كانت لا تهتم لأي شي .
نُفخ ريشها كالطاووس بنظراته المُنبهره , التي ترمقها من الأعلى للأسفل , حتى هتفت بتهكم مرير مُشدده على كلماتها
: مطول وأنت تتأمل فيني ؟؟؟
أجفل على صوتها المُتهكم الذي لم يخلو من الرقة , وارتفع حاجبه وهو يُعدل وقفته جيداً ويقترب منها .
ذكرتها مشيته نحوها بالنمر المُرقط فهو رشيق الحركة , غامض وخطير .
وصل اليها وفي كل خطوه يقتات من حُسنها , هل من الممكن ان تكون هذه الحسناء هي زوجته منذ سنتين ؟؟!! ولم يفكر برؤيتها في أي يوم , فجأه همهم ببعض الكلمات
: همممم , مو كافي هالغرور الفيك , ولسانك طويل بعد .
هزت كتفيها الرقيقية , وقد سلبت لُبه بحركتها وقالت
: والله يحقّ لي أغترّ بكل شي .
مالت برأسها قليلاً وأردفت
: جمال , و دلال , وخفه دم , وناجحه بشغلي وحياتي الحمدلله قبل لا اتزوجك طبعاً .
ارتفع حاجبيه , ولا يعرف ماذا انتابه فقلبه يدق ويخونه كما لم يفعل من قبل , لم يتوقع ان يرى هذه الحسناء وتكون بكميه هذا الدلال , وفوقها قويه الشخصية وذات كبرياء كما استشف من رفضها له .
قال بهدوء استفزها
: ايه صح نسيت اعطيك خبر , مافي شغل ما رح اسمح لوحده تحت اسمي انها تشتغل .
برقت عيناها وهمست بغِلّ
: هذا لو كنا ازواج طبيعين , بس انا وانت عمرنا ما رح نكون كذه وبيجي يوم تطلقني فيه لأني أدري انك ما تبغاني مو غشيمه أنا عشان ما أفهم معنى حركاتك , وانا ما رح افرط برزقي ورزق أهلي عشان نزوه , امي وخواتي مالهم أحد غيري يصرف عليهم .
اتسعت حدقتيه بعض الشيء ليقول
: أمك وأخواتك أنا المسؤول عنهم الحين فلا تخافي عليهم .
زفرت نفساً خشناً من قُربه ورائحته الرجولية التي اسكرتها , وتململت قليلاً بوقفتها وقد تعبت من الوقوف على كعبيّ الحذاء , اتجهت نحو الأريكة حتى تجلس عليها وتخلع حذائها برقة وتقول بغيظ منه ومن عناده
: السموحة منك جلست قبل لا نكمل كلامنا بس تعبت من الكعب , وبعدين أمي وخواتي مالك دخل فيهم , ما رح أسمح إنّا ناخذ صدقه منك أو من غيرك , أنا اقدر امشي امورنا وما حد من قبل تجرأ يعرض علينا الصدقة لنا كرامه ورح أحافظ عليها لآخر نفس عندي !!!! .
تأفف من عنادها الذي يشبه عناد البغال , لقد أيقن الآن ان هذه الامرأة مختلفه كلياً عن تلك الصورة التي كانت في باله وكان قد خطط ليعرف كيف يتعامل معها , ولكن هذه النسخة الجديدة لا يعرف كيف يتصرف معها ؟؟؟
وهي تبدو ذات كبرياء جبار كما كان والدها من قبل .
قال وهو يُريح جسده على الأريكة بقربها , ويمُد ذراعه عليها
: طيب , طيب بعدين نتفاهم بموضوع الشغل , بس أكيد الحين ماخذه اجازه منه عشان الزواج .
رفعت رأسها وحدقت به لبضع لحظات , كانت هذه اللحظات كفيله لأن يزدرد ريقه بتوتر من فتنتها , هو يعرف انه لم يحبها من المستحيل ان يعشق في ليله ,
ولكنه فُتن بها وهذا أمر طبيعي له كرجل عندما يرى عروسه بأبهى حله , وليس كما صورها بعقله من قبل .
وتاجها الذي يلمع فوق رأسها وكأنها أميره من الأميرات كان يليق بها وبتقاسيم وجهها الحاد .
قالت بهدوء
: ايه ماخذه اسبوع بس يكفي .
مالت شفتيه بعدم رضا , وأومأ برأسه مُتغاضياً عن هذا الموضوع في الوقت الحالي , و يبدو انه سيتغاضى كثيراً بعد هذا اليوم , ويبدو ان حياته الجديدة لن تكون مملة معها وستكون مليئة بالاثارة .
أجفلته عندما قالت بصوتها الناعم الذي اختلط ببحه النُعاس
: في شي ثاني ودك تتكلم فيه , لأني تعبانه وأبغى انام وارتاح .
لمعت عينيه بمكر وقال
: لا أبد خلصت العندي , والأيام بينا لو فيه شي , بدلي ملابسك عشان ننام , كلنا تعبنا اليوم كان حافل .
مطت شفتيها بقرف منه ومن أفكاره التي اتضحت على ملامح وجهه الوسيم , دفعت شعرها للخلف بغرور , ومالت برأسها دون أن تهتم له .
بدلت ثيابها لمنامه قطنيه مريحه , ومدّت جسدها على الفِراش الوثير بعد ان اغلقت جميع الأضواء واكتفت بضوء القمر المُنبعث من النافذة , دون أن تطُل عليه او ترى ماذا حدث معه بالخارج , هي ليست خائفه من نومه بجانبها , كل ما في الأمر أنها لا ترغب منه أن يلمسها ,
انها أنضج وأوعى من أن ترفضه إذا أرادها " حتى لا تلعنها الملائكه ويغضب منها الله " .
لذلك كانت تتمنى أن تنام قبل أن يصل , فهي أيضاً لن تتصرف كالأطفال وتنام على الأريكة حتى يتحطم ظهرها , من أجل رجُل لا تُريده .
ولكن هيهات أن يأتيها النوم وهو الذي أقسم أن يُجافيها هذه الليلة ليحل عليها السهاد , شعرت بالسرير ينخفض بقربها , واغمضت عينيها بقوه , دون أن تتجرأ على فتحهما وهي تشعر بأنفاسه الحارة تلفح وجهها , وقد وصلها همسه الساخر بوضوح
: لا تخافين , ما رح أقرب من وحده ما ودها فيني , بس عجبني فيك جرأتك وقوتك وانك ما خفتي من الكان المفروض يصير , ولا نمتي على الكنبة مثل البزران .
رفرفت بأهدابها تنظر لعينيه القريبة من وجهها , وكتمت شهقه كاد تخرج من حنجرتها , عندما لاحظت جذعه العاري بقربها وقد تألقت بشرته السمراء تحت ضوء القمر كالنحاس المنصهر .
منحها ابتسامه يُدرك تأثيرها على الجنس الناعم , وأولاها ظهره ويقول بصوت مرتفع قليلاً
: عاد اسمحيلي متعود أنوم كذه عشان الجو موت حرّ , لو موعاجبك روحي للكنبة أريح !!! .
أولته هي الأخرى ظهرها , وقالت بنفس ارتفاع صوته
: اوووف نام مثل ما تبغى يا شيخ , وأنا احب انام خفيفه بس كنت محترمتك .
قهقه بخفه , يمنح نفسه الصبر حتى تلين له وهو يعلم أن السهاد لن يفارقه هذا اليوم بعد كلامها , ويتخيلها ويتخيل كل تفاصيلها الدقيقة التي تختفي أسفل هذه المنامة المُقيتة , وكم كانت فاتنه متألقة بفستانها الذي فُصِّل على جسدها تفصيلاً ,
يُريد أن ينالها وكم يتوق لهذا اليوم , ولكنه يُريدها بكمال رضاها لا يُريد انتزاع هذه الحاجة انتزاعاً منها , ليست من شيمه أن يُجبرها عليه وقد أدرك أنها لن ترفض لو حاول من أجل الله , ولكنه يُدرك أنها لا تُريده كما نفاها لسنتين , هل يلومها ؟؟! لا هو لن يلومها وسيصبر عليها إلى أن يرى الرضا في عينيها حتى يكسر كل هذه الحصون بينهما .
أما هي فقد عضت شفتيها , ما الذي جعلها تقول ما تقول ؟؟! إلّا الغباء , هاهي لن تستطيع النوم براحه , وهو ينام بهذا الشكل المؤلم بقربها .
سمّت بالله وهي تقرأ أذكارها ومعوذاتها حتى تغفو بهدوء , وكان طارق قد غفى قبلها بدقائق , بعد أن رحمهما النوم وجاء إليهما بسلام .