كاتب الموضوع :
auroraa
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: شهم الطبايع يابشر هذا هو الفهد / بقلمي AURORA
32
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
لا تلهيكُم عن العبادات والطاعات
ما شاء الله تبارك الله
للكاتبه
Aurora
..
الفصل الثاني و الثلاثون والأخير
' وانتهت الحكاية ,
: ميراااااااال .
وجهه مُتغضن الملامح بألمٍ موجع ، تتساقط حُبيبات العرق من منابت شعره وتسيل كسيلٍ هادئ على تغضُنات جبينه من الحرارة التي تتقد من حوله .
انه اشتعال غير طبيعي كقلبه الذي يحترق ، وكأن النار تأكلُ وقوداً وتزداد في حرق الأخضر واليابس وكل ما امامها .
لا يعرف مالذي حدث ؟؟! او كيف استطاع دخول منزله ؟؟! ليجد نفسه في المنتصف وقد انهار كل شَيْءٍ من حوله .
كل ما يعرفه وترجمه عقله بأن حبيبته وطفليه وابن خاله ، بخطر وعليه ان يُنقذهم من الموت المُحدق بهم !!!!
بالكاد استطاع الدخول لغُرفتهم وقد اكلت النار كل شيء يقف في طريقها ، صرخ يُنادي عليها علها تسمعه وتُجيبه ويسمعها : ميراااااااال ، فرااااااااس وينكم ؟؟؟!
سمع صوتها تبكي في دوره المياه وآه من صوتها كم هو موجع بأنينه المتألم كجروٍ يحتضر ، ويبدو انها تتألم كثيراً من الداخل : فهد انا هنا فراس راح عند رسيل مو موجود !!!!!
أطلقت شهقه عاليه عندما لسعتها النار واردفت بأنين : مو قادره افتح الباب احس اني اختنق .
ابتلع ريقه وهو يقول بسرعه ويُحاول تهدئتها : طيب حبيبتي اسمعي !!! ابعدي عن الباب وافتحي المويه في الحوض وادخلي فيه ، لين أكسر الباب ولا تقفلينها بسرعه يلا .
التقط الغطاء الضخم من السرير ويحمد الله انه لم يحترق كاملاً ، وحاول دفع الباب بقدمه بكل قوته باتجاه القُفل حتى يكسره ولم ينجح بذلك حاول عده مرات وفي أماكن متفاوته ، وكلها مُحاولات باءت بالفشل حتى انه لايملك الوقت الكافي لإحضار الادوات الحادة حتى يكسر بها الباب .
أغمض عينيه بقوه و همس في سِرّه " يا رب يا رب لا تفجعني فيهم ، يا رب لا توجعني يا رب اقدر أطلعهم ويكونون بخير "
استجمع قوته كامله ليرفس الباب بقوه اكثر من المرات السابقة وينهار الباب الخشبي امامه . ويلج للداخل و يضع الغطاء بالحوض بجانبها ويُبلله بالماء ويقول لها لاهثاً من التعب : بلفك الحين في اللحاف عشان اقدر أطلعك بدون لا تتأذي اتحملي شوي ، شوي بس ورح أطلعك .
كانت تومئ برأسها ودموعها تُغرق وجنتيها وتشعر بالاختناق وضيق في التنفس وكأنها ستُفارق هذه الحياه فجسدها لا يقوى على الاستقامه وبدأ يتخاذل .
لفّ عليها الغطاء وهو يحملها بين ذراعيه ويندفع بجسده في اتجاه يعرف طريق خروجه جيداً ، وضمها اكثر لصدره عندما شعر بثقلها الذي ازداد دلاله على فقدها للوعي وجسدها يتخاذل بين ذراعيه ليسقط قلبه طريحاً من رُعْبَه عليها .
ويهبط جسده الضخم جاثياً على رُكبتيه فوق العُشب الرطب من الماء وقد تجاوز النيران التي خلّفت به بعض الخدوش والجروح العميقة وأحرقت جزءً من ثيابه .
يُعانقها لصدره ويخشى النظر اليها ، يخشى ان ينظر اليها ويجد بأنه فقدها للأبد ، يخشى ان يقترب فلا يسمع ضربات قلبها .
يدعوا الله فقط ان تكون بخير ، لا يهتم ان فقد اطفاله سيحزن ويتألم بالطبع لانه حُرم منهم لسنوات عديده ، ولكنه متيقن بأن الله سيُعوضهم فقط هي فلتكن بخير يا الله !!!!
يا الله !!! فلتكن بخير يا الله !!!! لا يُرِيد ان يفقدها بعد ان وجدها ووجد كيانه وروحه التي التقت بروحها ، لن يتحمل فُقدانها سينهار وقلبه لن يتحمل هذا الفقد .
أغمض عينيه بقوه وهو يكتم انفاسه ، ولن يتحمل فقدان اطفاله اللذين لم يريا النور حتى الان ، لن يتحمل !!!!!
رفع رأسه و تنفس الصُعداء وهو يستقبل الأوكسيجين لرئتيه بعُنف ، وصفير سيارات الاطفاء والإسعاف ودُخان الحريق يتشبّع بالأجواء .
اقترب منه احد رجال الاطفاء بهلع لتأخرهم قليلاً وقد تفاجأ من خروج فهد من الشقة مُعرضاً حياته للخطر وحاملاً بين ذراعيه كومه من القُماش فسّر ان بداخلها انسان ولم ينتظر مجئيهم حتى يفعلوا اللازم : لو سمحت إنتوا بخير ؟؟! باقي احد بالداخل عشان نطلعه ؟؟! نعتذر عن تأخرنا !!!
كان مُتعباً جداً ويشعر بحباله الصوتية تتقطع ، فلم يستطع ان يتكلم ويرد على هذا السَمِج وهو يعتذر لتأخرهم وان كان به طاقه لأبرحه ضرباً على اعتذاره السخيف ، ماكان لينتظر وصولهم وحبيبته واطفاله يرتجفون من الخوف في الداخل ، ينتظرون من يُخرجهم من ذلك الجحيم .
فاكتفى بهزّ رأسه نفياً على سؤاله الأخير .
قال الرجل براحه : الحمدلله ، ثواني ان شاء الله ونخمد هالحريق ، لازم تروح الحين مع هلك للمستشفى ضروري هالشي .
أومأ برأسه بهدوء ويتماسك بصعوبه حتى لا ينهض وينقض عليه ويُقطعه بين انيابه لغباءه وهو بالتأكيد سيأخذها للمشفى حتى يطمئن على صغيرته التي تحمل صغيريه .
ألقى نظره على سائقهم كانت وقفته تتراخى جاثياً هو الآخر على رُكبتيه بعد انخماد النار ، وهو يحمل دلو الماء بين يديه بالرغم من وجود رجال الاطفاء اللذين يقومون بهذه المُهمه ، وكأن هذا الدلو سوف يخمد هذه النيران المُستعِرة !!!!
ولكنه ممتن له لهذه المحاولة ، ممتن له كثيراً قلبه الطيب .
غادر مع سيارات الإسعاف التي بدأت تُسعف حبيبته الإسعافات الأولية وهو يتأملها من مكانه وعيناه الباهتتان شاردتان في وجهها ، دون ان يبأه بجروحه العميقة ، وكأن هناك جُرحٌ أعمق من ان يفقد عائلته الصغيرة التي لم تكتمل حتى الآن .
،
لا يستطيع الجلوس ولا يهدأ له بال وهو يذرع الممر ذهاباً وإياباً والقلق يستعّر في قلبه .
اسند جبينه للحائط وهو يحاول ان يتمالك نفسه واعصابه النافرة ، زفر نفساً خشناً .
وربت سلمان على كتفه يقول بصوته الوقور وهو يرى ابنه بهذه الحاله للمره الأولى في حياته : اهدى يا الفهد رح تكون بخير باْذن الله ، انت تدخلت بالوقت المناسب الحمدلله وهذا الشي بكون لصالحها وصالح عيالك .
حتى الان لا يستطيع ان يُطلق حبال حُنجرته فأومأ براسه ، فالصدمه لم تزُل بعد وهو يرى منزله يشتعل امامه وحبيبته لوحدها خائفه بالداخل وهو عاجز عن انقاذها .
خرج الطبيب من غرفه العناية المُركزة وهو يُنزل الكمّامه عن انفه وفمه ويقول وهو ينظر لفهد : الحمدلله الوضع إلى الان تمام بسبب تدخلكم المُبكر ، بس الام فقدت كميه من الأوكسجين مع استنشاق دخان الحريق وسبب لها غيبوبه مؤقته ان شاء الله بتقوم منها بسرعه واحنا اسعفناها وسوينا لها اللازم ، والأجنة بخير بس ان شاء الله هالحريق لا يأثر عليهم مُستقبلاً من ناحيه النمو وصحتهم .
ازدرد ريقه بصعوبه ويشعر بأن انفاسه تنحسر ، هل يقول ان وضعها بخير وقد دخلت في غيبوبه واختفت انفاسها عن هذا العالم ؟؟؟! كزّ على اسنانه بغضب ووالده لا يتركه للحظه حتى لا يتهور مع هذا الطبيب الأحمق وقد كان فاقداً لاعصابه طوال هذه الفترة .
اجفله رنين الهاتف ووجد انه احد أقربائه من مركز الشُرطة ، اجاب بهدوء ظاهري بسبب اهميه هذا الاتصال بينما يتجاهل باقي الاتصالات ، وأرعد بقوه : هلا يا منصور ، بشّر عرفت وش سبب الحريق ؟؟!
قال منصور بهدوء : ايه ، السبب بفعل فاعل مثل ما توقعت انت .. مو طبيعي ، حتى ريحه البنزين كانت واضحه بالمكان ، واستجوبت سواقكم الكان في الحديقة وقالي اشياء خطيره .
كُتمت انفاسه بصدره واسمٌ واحد فقط يلوح به وتهديد لم يستطع نسيانه .
" رح احرق قلبك حرق على الاخذتها زوجه عليّ وبخليك تندم على العيشه المرار العيشتني فيها ، قرييييب ، رح احرق قلبك ، رح احرق قلبك " .
ولقد نجحت لقد احرقته بجداره وجاء دوره هو ليحرقها على سنوات عمره التي ضاعت معها ، وهمس بهدوء حتى لا تظهر انفعالاته جلياً على صوته : ايش قالك ؟؟؟!
قال منصور : قال لي انه شاف وحده من العاملات وأعطاني اسمها وجالسين نبحث عنها ، كانت تحاول تولع في القصر بعد ما ولّعت في الشقه ، وحاول يمسكها ولا قدر لانه كان في معها واحد وساعدها على الهرب ، بس ابغى أسألك انت تشك بأحد عشان نضيق نطاق البحث ؟؟! من يوم قلت انه الحريق مفتعل حسّيت انك تعرف شي .
قست عيناه ببريق مُخيف عندما علم ان تلك القذره حاولت احراق القصر ولم تنجح بذلك .
وقال بعُنف : ايه أشك !!!! طليقتي دينا طلقتها قبل فتره وهي في هذاك اليوم هدددتني بالحريق بس ما اهتميت ولا توقعت انها بتسويها القذرة .
تنهد منصور وقال : طيب ولا يهمك انا بتصرف واشوف وبنشدد المُراقبه عليها ، والله يقوم هلك بالسلامه ولا تنسى نفسك حتى انت تضررت كثير .
اغلق الخط بهدوء وهو يتأمل باب تلك الغرفة المُقيتة و الباردة وكم يرغب بالدخول ورؤيتها والتمرغ بدفء ذراعيها والاطمئنان عليها والاطمئنان على عودتها له وعوده الضوء لحياته المُظلمة الداكنة .
*****
خمس ايامٍ مرت عليه كخمس سنواتٍ عِجاف ولم يعرف النوم طريقاً لعينيه المُرهقتان والحمراوتان وبدتا مُخيفتان ، ومعدته الجائعة يُسكتها ببعض الماء بدون اي جدوى وماتزال تصرُخ طالبه الطعام ولا يستطيع ان يُلبي لها ندائها .
سمح له الطبيب واخيراً قبل اربعه ايام ان يزورها بعد ان مرّ على هدوئها وسُباتها يوماً كاملاً فأصبح يأتي لها هذه الأيام حتى يتحدث معها حتى وإن لم تسمعه ، ووالدته تُرافقه في بعض الأوقات وتقرأ لها بعض آيات القرآن .
تنهد بعُمق وهو يُحدق بالشمس التي تتوسط السماء في هذا الصباح الجديد عليهم جميعاً ، وككل صباح عندما يأتي لزيارتها يدعوا الله ان يسمع صوتها ويُزيل شوقه لها .
سحب اقرب مقعد بقُربه و جلس بجانبها ، يمسح على شعرها البُندقيّ ويُداعب كفها بكفه الخشنة ويقول بهدوء بجانب إذنها : يا الله يا الكسوله قومي يكفيك نوم !!! كل وحامك قضيتيه نوم ما تشبعين ؟؟!
تنهد وهو يهمس : شوفي خلينا نتفق تمام !!! قد قلتلك ماعاد رح اقولك معنى كلمه مِيَّا مور ابداً وكنت صادق ، بس اذا قمتي الحين رح أتنازل عن كلامي واقولها لك بكل اللغات لو تبين ؟؟؟! انتِ بس قومي وخلي الباقي عليّ .
مطّ شفتيه بضيق وهو لا يرى اي تجاوب منها ثم همس : انتبهي على نفسك ، انا لازم اطلع الحين بنت خالك وزوجته وبنت جيرانكم كلهم بره جايين يشوفونك ، مادري من وين طلعولي ونشبوا في حلقي كل يوم ؟؟؟!!!
قبل جبينها بِعُمق وهو يخرج فتنفست ساره الصُعداء وهمست بداخلها " هففف ، نشبه صدق ولزقه ما بغى يطّلع من عندها " .
اسند ظهره للحائط وأسبل اهدابه بهدوء
وأجفله خروج رسيل وهي تصرُخ بسعاده وتقفز بمرح وتُعانق خصره بقوه : فهد ، فهد الحمدلله يااا رب الحمدلله قامت ميرو اخيراً قامت ما بغت تقوم الدبه .
رمش بأهدابه وهو يهمس بصدمه : قامت ؟؟!
أومأت بسعاده وهي تقول : لِسَّه توها كانت مفتحه عيونها شوي وحركت ايدها شوي بس المهم انها تحركت ، نادي الدكتور عشان يشوفها .
عقد حاجبيه وقال بهمينه : وانا بعد ابغى اشوفها الحين !!!!
قالت بدلال : حبيبي فهود ما يصير الحين انت من اول عندها ، و الحريم توهم دخلوا عندها وينتظروها من اول ، اصبر لين يطلعوا .
تأفف بقهر فهو لن يطمئن عليها ولن يرتاح له بال قبل تسقط عينيها الفيروزيتين على عينيه وكفُها الرقيق يُلامس كفه وصوتُها يُداعب أذنيه .
عندها فقط يطمئن بأنها ستكون بخير .
وهذا ماحدث بعد مده من الوقت وكانت قد استيقظت بشكلٍ جيد ، دخل عليها بهدوء فوجدها تنظر اليه بعينيها لم يستطع منع ابتسامته من الظهور على شفتيه وهو يراها تجلس بهدوء واطفاله بخير وما سيأتي سيكون هيناً ، كما انها أفقدته كل عقله عندما بادلته ابتسامته بابتسامه باهته لا بريق لها من التعب .
شعر بخروج والديه وأخواته من الغرفه حتى يتركوهما على انفراد ، فاندفع بجسده يقطع المسافات التي طالت بينهما .
التقط كفها بين كفيه وهمس بصوتٍ أجش : الحمدلله على سلامتك .
نظرت له ورأت خوفه عليها في عينيه فهمست بصوتٍ مُجهد : الله يسلمك .
مسح على شعرها برقه غريبه عليه فهو لم يكن يوماً رقيقاً هكذاً وحتى معها هي كان عنيفاً ، وقال بلهفه يُنزل كفه لوجهها ويتلمسه حتى يُصدَّق انها بخير : كيفك الحين ؟؟؟! تحسين بشي يوجعك ؟؟؟! جوعانه ؟؟! اخليهم يجيبون لك اكل .
قالت بخفوت مماثل : لا الحمدلله بخير ، بس احس راسي شوي ثقيل ، ماقدرت اسأل احد أولادي موجودين صح ؟؟! احس فيهم واخاف أتوهم هالشي .
بلل شفتيه وهمس بغصه مُبتسمه : مع الوقت رح تتحسنين وتولدين وتربين عيالنا وتكبريهم ، وبتجيبين لهم اخوان بعد .
ابتسمت هذه المره ابتسامه تتغلب على تعبها : ما رح اقدر أربيهم لحالي ، رح تساعدني وما رح اخليك تغسل ايدك منهم هم اولادك كمان .
ابتسم حتى ظهرت صفّ اسنانه ونهض عن المقعد وجلس بقُربها على السرير : مين قال اني بغسل إيدي ؟؟؟!
قالت بانتشاء : ايوه كنت افكر يعني .
نظرت له وهي ترى التعب على وجهه فرفعت كفها تُحركها بنعومه على خشونه وجنته وهمست : حبيبي شكلك تعبان ، وما ترتاح كويس .
قرّب وجهه إليها وهمس بخشونه وانفاسه تلفح وجهها : كيف تبغيني ارتاح وانا كنت رح افقد وجودك بحياتي ورح افقد نورك واطفالنا ؟؟؟! اكتشفت اني ما رح اقدر أعيش بدونك ، ما اعرف ايش سويت بحياتي عشان أحظى فيكِ ؟؟؟!
ميرال : انا الما اعرف ايش سويت بحياتي عشان أحظى فيك ؟؟! انا ... انا ما كنت رح اقدر أعيش هالحياه وانت مو موجود فيها لما صار لك الحادث كنت رح انجن ، صارت الحين وحده بوحده .. كثير تزعلني هالحياه حتى من قبل لا أعرفك .
قال بصوتٍ حريري : لو هالحياه تزعلك ، انا برضيكِ .
مال اكثر عليها وقبّل شفتيها برقه جمعها بنفسه قدر الإمكان حتى لا يؤذيها بعُنفه المُشتاق اليها .
يا الله !!! وكأنه مع قُبلتها الرقيقه خرج من ظلامه وأشباحه التي تُطارده وسقط في نورها وبياضها ، كم اشتاق اليها ويشتاق ان يُتمّ شفائها .
أغمضت عينيها تُبادله قبلته بشوقٍ اليه وقد اضناها البُعد ، اضناها وارهقها .
همست بجرأه لم تعتدها بعد ان توردت وجنتيها وتململت قليلاً بالفراش : حبيبي تعال ونام جمبي ، شكلك تعبان كثير ولا تنكر لاني أعرفك بكل حالاتك .
ضحك بخفه وتمدد بجوارها ولفّ ذراعه على كتفها حتى تسترخي على صدره .
صمتت قليلاً لتردف باستغراب وهي تضع كفها على صدره : صح ايش صار وانا نايمه ؟؟! حتى مادري كم يوم نمت ؟؟! احس انه نمت كثييير وقبل شوي ما قدرت أتكلم مع احد يادوب قدرت أتكلم كلمات بسيطه وكنت حاسه لساني ثقيل ، رسيل تزوجت ؟؟؟!
هز رأسه نفياً ويسند ذقنه على قمّه رأسها : لا باقي عشر ايام على عيد الحج وزواجها ، والحمدلله ما طولتي وانتِ نايمه بس خمس ايام وكنت رح افصل على هالدكاتره الخبول وانقلك لمستشفى ثاني .
قالت براحه وهي تُعانقه اكثر : الحمدلله ماله داعي تنقلني و عشر ايام كويسه عشان أكون تحسنت ويمديني احضر زواجها .
قال يعقد حاجبيه بصرامه : لا مافي زواجات وخرابيط ، انتِ تعبانه ولازم ترتاحين ومو وقت هذا الموضوع .
قالت بنعومه ودلال برغم التعب ولكن لرسيل مكانه خاصه في قلبها : فهد الله يخليك ابغى اشوفها وهي عروس ، لا تعند رح أكون كويسه وما رح اتعب نفسي أوعدك .
اطلق تنهيده قويه وقال وهو لا يستطيع ان يرفض لها طلباً ولا يُريدها ان تحزن وتنتكس حالتها : طيب بس رح احجز لنا جناح بالفندق الرح يصير فيه الزواج لمده شهر او كثر لين يرمموا الشقه ، غير كذه ما رح أوافق عشان لا تعبتي تطلعي وترتاحي .
ابتسمت بجذل وهي تُعانقه اكثر وأكثر وان أمكنها لأدخلته بين اضلاعها من حُبها له ، ابتسم بحُب و لا يرغب في تحطيم عظامها من عناقه قبل ان تلد وتتعافى كُلياً ، فهمس بصوتٍ صارم : يلا نامي الحين !!! طولتي وانتِ صاحيه ولازم ترتاحين .
بعد عده لحظات وكأنه ألقى تعويذه سحريه ونامت بفعل التعب على صدره ، وانهار هو مقتُولاً بجانبها بعد سُهاد الأيام الماضية التي لم يستطع النوم بها ، الان فقط !!! يستطيع ان ينام قرير العين و يقول انه مُرتاح البال وهي تغفو على صدره ويستمع لصوتها وانفاسها الرقيقه المُجهدة .
*****
كانت تقف امام طاوله الزينة في جناحها الذي يجمعها مع فيصل تضع بعض العطر واللمسات الأخيرة على شكلها وهي تستعد للذهاب لحفل زفاف رسيل .
نظرت بضيق لتسريحه شعرها البسيطه التي قامت بها بنفسها و لفستانها البسيط و يُعد افضل شيء في دُولابها و نظرت لعقدها الرخيص والاكسسوارات البالية الصدئه التي ترتديها انها تُفسد طلتها ولن تستطيع خلعها وإلا فقدت انثوتها بدون اي شي يُزينها.
وبالتأكيد المدعون للزفاف سيستعرضون كل ما لديهم من مجوهرات وثياب في طبقتهم المُخملية .
تنهدت بضيق وهي تُمني نفسها انها لن تهتم وستبقى بجانب عائله زوجها حتى لا تقوم النساء بتفصيلها وتقييمها مما ترتدي رغم انهم سيفعلون ذلك حتى لو كانت تجلس بهدوء .
الاهم ان تكون راضيه عن شكلها الأخير ،
حتى انها لا تستطيع عدم الذهاب فرسيل رجتها ان تأتي وهي لن تخذلها حتى وان كانت ستُذل بشكلها الرخيص مقارنه بالجميع هناك .
طُرق الباب ودخلت ايمان تبتسم برقه وخلفها عاملتين تراهما للمره الأولى هنا
وهي تقول : ميس انا جايبه لكِ هديه بسيطه تعبيراً عن السويته طول فتره وجودك هنا ، يشهد الله بأنك بحسبه بنتي ، وودي الأمور ترجع مثل ماكانت من قبل .
همست ميس : ماله داعي يا خالتي ، كان من حقك تدورين مصلحه ولدك .
قالت ايمان بإصرار : ولدي ولاقى مصلحته معك وتصالحنا انا وهو وامورنا طيبه الحمدلله ، وباقي انتِ وهو ، و المهم ان شاء الله تعجبك هديتي ما رح اقبل الرفض ، فستان بتصميم خاص من اشهر المصممين الاتعامل معهم ، يعني فستان لو تدورين الارض كلها ما رح تلاقين وحده لابسه مثله .
فغرت شفتيها بصدمه وهي ترى العاملتين تفتحان الكيس الذي كان يضُم الفستان الأسود بفخامته ونقوشاته الفضية وفصوصه البرّاقه ، لم ترى فستاناً كهذا من قبل في حياتها وكأنها عادات آلاف السنين حيث العصر " الفيكتوري "
همست بذهول : خالتي تسلمين ، بس كذه كثير مره ما رح اقدر اقبل هاذي الهدية .
ابتسمت ايمان وقالت بعجله : ماعليكِ انتِ بعدين نتفاهم المهم الحين بنتأخر عن الزواج ، هذول العاملتين رح يهتموا فيكِ من شعر وبُودكير ومُنكير وبتجي حقت الميك اب بعد شوي .
جلست ببهوت على المقعد امام طاوله الزينه وكانت العامله تُنعِّم شعرها بمُجفف الشعر وتُفسد تسريحتها البسيطه وأما الاخرى فقد كانت تلتقط قدمها وتُنظف لها أظافرها وتُشذبها لها ، ولا تعلم من أين ظهرت الثالثه ؟؟؟! التي التقطت كفها وهي تُزين لها أظافرها وتُشذبها وتلونها بطلاء الاظافر .
ثم أتت خبيره التجميل وهي تمسح لها وجهها من المساحيق التي وضعتها ، وتُبرز ملامحها بشكلٍ ناعم وأجمل دون ان تستخدم طبقات من المساحيق وعندما انتهت عادت العامله تصنع لها تسريحه بالويفي وأصبح شعرها يتلوى ويتهادى على قدها بجنون .
يا الله !!! للمره الأولى التي تُجرب بها هذه الرفاهية !!!! لاول مره لا تقوم بخدمه احد بل هم من يفعلون !!!
نظرت للفستان وهي تتخيل فخامته ورقته على جسدها فلم تنتظر طويلاً لتذهب وترتديه .
دارت حول نفسها بسعاده وهي تبدو منتعشه وانساب الفستان المنفوش على قدّها كالأميرات ، وسقطت عينيها على عقدها الرخيص واكسسواراتها الصدئه فخلعتهم بهدوء وهي الان تكتفي بشكلها الحالي ولا داعي للاكسسوارات وقد بدت كالأميرات بفستانها وشعرها ، وقلبها يخفق بجنون داخل أضلاعها لم ترى نفسها بهذا الجمال من قبل .
دخل فيصل بهيبته الرشيقة وثوبه السعودي يعلوه " الشماغ " الذي يستقر على رأسه بطريقه أنيقه وقد سلبت لُبه بطلتها التي تشبه طلّه الأميرات وينقصها بعض الرتوش التي سوف يكملها لها .
نظرت له بطرف عينيها وخطف قلبها بطلته البهية وقد بهرها كالعاده ، ولكنها تظاهرت بأنها لم تراه ولم تهتم به ، فهو حتى الان لم يُتعب نفسه في الاعتذار إليها ويكتفي بهروبه المقيت ، ان كان يَظُن انها ستُسامحه مع الأيام دون ان يعتذر فهو مُخطئ ، ان كان عنيداً فهي أعند كالحجر ولن تتنازل عن حقها في الاعتذار .
ابتسم لها فأدارت وجهها بضيق ، فسحبها من عضدها حتى ارتطمت بصدره وهمس لها بصوتٍ أجش : افا بس !!! كل هالتغلّي عليّ انا ؟؟؟! على حبيبك ؟؟!
ارتفع حاجبيها بهدوء ووضعت كفيها على صدره حتى تُبعده وتقول من بين أسنانها : مره واثق انك حبيبي !!!!
قال بصرامه : اخذتِ دواكِ ؟؟!
عبست بوجهها وهي تنظر للأعلى ببساطه لانه أطول منها بكثير وهمست برقه : ايوه أخذته عشان أكون قويه وانتبه لبنتي مو عشانك انت .
اعتقل خصرها بين ذراعيه وهز أكتافه قائلاً : مو مهم عشاني الحين ، مع الوقت رح تغفرين لي .
ابتسم وهو يرمُقها بجرأه ويردف : وش كل هالحلاوه والجمال هاذي ؟؟! رح تغطين على كل البنات !!!!
ارتبكت من قربه الشديد وهو لا يتركها تتنفس بإنتظام ويقبض عليها بذراعيه ولم تُجبه فتابع يتغزّل بها : تشبهين الأميرات مع هذا الفستان والتسريحة !!!
ابتلعت ريقها وهي تنظر له بتوتر يزداد تدريجياً ، واردف هو بنعومه لا تتشح بصوته الا معها هي : بس ناقصك شي مهم !!! اذا اكتمل الكل بقول هالانسانة اكيد انها أميره .
نظرت له باستغراب وهو يتركها ويتجه الا الخزّنه الضخمة الموجودة داخل الدُولاب ويُخرج منها صندوق مُغلف ومُزين بالشرائط الحمراء ويُقدمها لها .
قالت بريبه : ايش هذا ؟؟!
ابتسم ليُجيب ببساطه : هديه رضاوتك ، اما هديه ولادتك للاسف ما اقدر ادخلها هنا .
رمشت بعينيها غير مصدقه ، اي هديه التي لا يستطيع ادخالها هُنَا ؟؟!
فتحت الهدية بفضول وهي تشهق بصدمه والعقد الفاخر يلمع امامها ببريق يخطف الابصار كما الاسوِرة والأقراط والخاتم .
كان طقماً مُبهراً همست بصدمه : ذهب ؟؟؟!
كشر بوجهه وقال : الذهب خليه لأصحابه ، والألماس خليه للأميرات بس .
رفعت رأسها تنظر له بذهول بينما التقط العلبه منها وقال : يلا بسرعه خليني البسه لك عشان تأخرنا على الزواج .
يا الله !!!! انها مصدومه ولم تستطع ان تتكلم ولكنها اجبرت نفسها بصعوبه ان تنطق وهي تزدرد ريقها : لا ، لا ، لا ما اقدر لا مستحيييييل اقبل هالشي .
عض شفته السُلفى وهو يعلم بماذا تُفكر فوضع العُلبه المخملية على طاوله الزينه وهو يقول بإصرار وتصميم مُعتقلاً وجهها بين كفيه : ميس حبيبتي اهدي ، انتِ زوجتي وهالشي اصلاً من حقك ما عطيتك بحياتي غير المهر يعني لا شبكه وحتى زواج وفستان ابيض ، هالشي هذا من حقك ، ليتني اقدر اعوضك اكثر وأكثر وامحي كل ذره كره لي في قلبك ونرجع نكمل حياتنا مع بنتنا من الوقت الوقفنا فيه .
قالت وعيناها تدمع : انت اعطيتني الحُب والرقه والحنان الكنت اتمناه من الاب والأخ وانت كنت لي الزوج والحبيب والاب والاخ بس ما خليته لي ، رجعت أخذته وأخذت معه كل شي واستكثرته عليّ ، حتى انا أبغى أعيش حياتنا مع بنتنا بدون منغصات بس احتاج للوقت .
حرك ابهاميه على وجهها وهو يقول : هششش اهدي يا عمري أهدي ، وانا غلطان ومعترف بالهشي واعتقد من حقي اني ارضيك واعوضك عن الفات .
نظرت له وهي لا تُرِيد البُكاء حتى لا يسيل مكياجها ، لقد وعدت رسيل بالمجئ وعدتها .
قال فيصل : يلا يا قلبي خليني البسك الطقم ، عشان نروح الزواج تأخرنا وبتزعل رسيل ، وحاولي لا تصيحين عشان لا يسيل مكياجك ونتأخر زياده .
اومأت بصمت وهي تهمس : ظريف ماشاء الله مارح اصيح بسببك ، وبس الحين رح اسكت عشان لا نتأخر على رسيل وبعدين رح نتفاهم .
أومأ ببسمه صغيره وهمس : طيب ، طيب ولا تهتمين كل شي بصير مثل ما تبغين ، انتِ تُأمري .
ارتدت عبائتها وحجابها ونزلت عتبات الدرج مع زوجها ، وكان الجميع قد سبقهم لقاعه الزفاف . خرجت لباحه القصر فوجدت سياره بيضاء فارهه من مرسيدس ، مُلتف عليها شرائط حمراء .
فقال بابتسامه جذلى : وهذي الهدية الماقدرت ادخلها ، بس بضطر أسوقها الحين بما انكم ياالحريم ممنوع تسوقون وانتِ ما تعرفين اصلاً السواقة ، لين قريب بدور لك سواق امين وعامله تلازمك علطول وتكون معك مثل ظلك .
تأففت بضيق وهي تحمل صغيرتها بين ذراعيها ، وتصعد للسيارة بعد ان فتح لهما فيصل الباب .
صعد هو الاخر إليها برشاقه ويبتسم لها ، فقالت باستغراب : رح تخلي الشرايط عليها ؟؟!
أومأ برأسه وهو يأخذ صغيرته منها وقد اشتاق اليها : ايه بخليها مو مسببتلي مشكله .
قبّل صغيرته قبله ناعمه حتى لا يؤذيها وهي لم تكمل الشهرين من عمرها وقد اخذت عقله كوالدتها بفستانها الوردي المنفوش وبدت كالفأرة فيه ولن ينسى ان يذكر ماذا فعلت به الشريطة الورديه من افاعيل على رأسها الأقرع الصغير ذو العينين المُغمضتين وتُشبهان عينيّ فئران القطط عندما يولدون .
قالت ميس بابتسامه حنونه وهي ترى هذا المشهد وقد رقّ قلبها له وكم غمرتها المشاعر وهي ترى أبوّته لصغيرتهم اللذيذة : الله يعطيك العافية ويعوّض عليك .. على كل شي جبته لي ولتوتا ، اساورها الذهب تجنن الكل حبها .
التفت لها بهدوء وهو يُناولها صغيرته ويلتقط كفها الناعمة ويُقبلها : انتِ وهي اميراتي ، بجيبلكم كل التحلمون فيه وحتى لو ما كان بخاطركم بجيبه لكم ، إنتوا عائلتي الصغيرة الله يحفظكم لي ويخليكم .
اغلق باب السياره لينطلق بها الى الزفاف ، وكانت ميس تنظر للنافذة ببهوت ، لقد طال خصامهما طويلاً وهو لم يقصر في محاولته ارضاءها وجلب الهدايا الثمينة وكأن هذا الامر يُهمها هي تُرِيد حياه هادئه وسعيده مع عائلتها الصغيرة فقط ، هي لا تُرِيد كل تلك الهدايا التي ينطفئ بريقها هي فقط تُرِيد وتحتاج ان تعود لأحضانه حتى تصبح اُسرتهم الصغيرة سعيده للابد .
سرحت كثيراً بالنافذة وهي تحاول ان تتغاضى عن الماضي وزواجه من ملاك ، من اجلها وأجل صغيرتها ومن اجل حبيبها ومُعذبها القاسي الذي بات يُغرقها بحُبه وحنانه .
*****
تأفف بضيق وهو يقول من بين اسنانه بصوتٍ منخفض : أقسم بالله يا سميره هاذي اخر مره تروحين فيها زواج وناقصك شي وما تتذكرينه الا بيوم الزواج .
قطبت جبينها وقالت بتانيب : طااااارق ، حرام عليك كان عندي جزمه سودا الله يكرمك بس ما دريت انه كعبها مكسور الا يوم طلعتها واجهزها عشان البسها اليوم ، وبعدين قلتلك حابه اروح عشان رسيل صديقه مروج واعرف ميرو غاليه عليّ وأعرفها البنت من سنين صدق الدُّنْيَا صغيره يوم تزوجت من صديقك ما توقعت هالشي ، يعني انا انعزمت من الطرفين وعيب ما اروح .
قال بهدوء وهو يأخذ منها الحذاء الاسود الذي تُرِيد شرائه : ايه ، ايه طيب اخلصي علينا الحين بنتأخر بسببك ويوسف حالف لو ماجيت بدري بيزعل .
وقفا عند " الكاشير " وكانت تقف خلف سميره امرأة غير مُحجبه تُرِيد الحساب ايضاً ، ويقول طارق من بين اسنانه : وش فيكِ لاصقه فيني ؟؟! وخري !!!
قالت ببعض الغضب : هالخايسه الوراي على بالها في احد بياخذ دورها ، شوي وتخُش فيني ، وبعدين ما رح ابعد عشان لا تلصق فيك .
قال بسُخرية وهو يلتفت لها : يا الجمال الفتّان السحرني بس .
لوت شفتيها وهي تُغادر معه المحل ويصلان إلى منزلهما الجديد دخلا من بوابه الشارع وسارا معاً عبر الطريق المؤدي للبوابه الداخلية للعمارة الكبيره وسبق طارق سميره ببعض الخطوات وأجفله خروج طلال مع زوجته واطفاله من الشقه الموجودة في الطابق الاول ويسكُنها والدا طارق واخته العزباء نورا .
توقف طلال وهو يرمقُ أخيه بنظرات بارده غير نادمه ومُباليه ، وكأنه لم يندم على مافعله بالسابق ، فغيرته العمياء من طارق تجعله لا يبأه لأي شي .
كشرّ طارق بوجهه واحتله الغضب فور ان شاهد أخيه وقال هاتفاً بصوتٍ عالٍ : ارجعي للسيارة يا مره .
تراجعت سميره بقلق وهي ترى نظراته المُتجهمه والمُتقده بالغضب ، وقد عاد ادراجه ويسحبها من عضدها ويقول : امشي بسرعه للسيارة هالوسخ موجود هنا .
خرج طارق وتبعه طلال مع عائلته الصغيره فقالت زوجته مُقطبه بألم : طلال حرام اليصير بينكم وقطيعه الرحم بينكم ، إنتوا اخوان وهو من دمك ولحمك لازم تتصالحون حتى اهلكم مو عاجبهم هذا الوضع .
كشر بوجهه وهو يصعد لسيارته وقال بخشونه مُقيته : اقول انطمي بس ، وقتك تتفلسفين زين مني متحمل وجهك الودر " القبيح " .
كانت تجلس بمكانها في السياره بملامح واجمه دون ان ترفع رأسها للنافذة وترى ذلك القذر .
و اسند طارق كفيه على المقود وقد ساءت حالته كثيراً عندما رأى أخيه .
في ذلك اليوم الذي عاد به أخيه بعد انتقالهم للبيت الجديد وانقض عليه في منتصف بيت عائلته وكاد ان يقتله غضب عليه والده وأقسم انه سيتبرأ منه إن أَذى أخيه مره اخرى وتسبب بإدخاله للمشفى ، فاكتفى بأن يصرخ ذلك اليوم ان لا يرى وجهه مُطلقاً وانه لم يعد له ايُّ اخ .
لا يستطيع ابعاد أخيه عن عائلته بدون ارادته لذلك القذر ،
كما انهم لا يستطيعون إجباره على الحديث معه ووصله ، وذلك القذر من الأساس لا يهتم لذلك ومازال مُلتصقاً كما العلقة التي تمُصّ الدماء بلا رحمه ، كما انه لا يستطيع اخبار عائلته بما فعله لا يستطيع ان يؤذيهم وهم يتصورونه الملاك البرئ .
يا الله !!! انه مُقيد بأغلال لا يستطيع الفكاك منها وأخيه يلتف على عُنقه كحبل المشنقة .
وضعت سميره كفها على كفه تُحاول مُواساته بنظراتٍ كسيره وبالكاد استطاعت هي تجاوز ما فعله بها طلال فكيف بزوجها الحبيب وقد طُعِن من أخيه ، لحمه ودمه : حبيبي اهدا ، مو في ايدنا نسوي شي رح نستحمل كل ما صادفناه ، انت حتى ما تقدر تمنعه يقطع صلته في اهله !!!
تجاهلها وهو يُبعد كفه عنها ويقول بجمود : يلا انزلي ، وتجهزي بسرعه تأخرنا .
اخذت حماماً سريعاً وهي تُجهز نفسها وانتهت بسرعه قياسيه لتذهب إلى زوجها الذي قُلِب مزاجه وتُقبله في وجنته وتهمس : خلاص حبيبي ، خلصت خلينا نمشي .
جاءت امامه وتدور حول نفسها وتردُف بنعومه : ايش رأيك فيني ؟؟! اكيد ما أشبه الخايسه الكانت بتتلصق فيك عند الكاشير .
رُغماً عنه ضحك وهو يرفع رأسه للأعلى وينهض مُعتقلاً خصرها بين كفيه ويهمس بصوتٍ أجش : مافي مجال للمُقارنة اصلاً بينك وبينها .
قبل وجنتيها حتى لا يُفْسِد احمر شفاهها وقد تعدل مزاجه قليلاً فقط ، وهي اعتادت على حالته هذه كلما رأى أخيه صُدفه ولا تعرف متى سيهدأ ؟؟! وكأنها هدأت هي حتى يهدأ هو فهي لا تتوقف عن الخوف كلما رأته صدفه ، ومن الجيد ان هذه الصُدف لا تتكرر كثيراً .
*****
تنهدت براحه وقد أنهت زينتها وأخيراً ، فلم تكد ان تنتهي .. ولا تعرف لماذا دائماً تتأخر في التحضير ؟؟! وكأنها تقوم بحل مُعضله في الرياضيات .
نثرت شعرها الأشقر بتموجاته للخلف تُبعِده عن كتفها العاريين وهي تضع أغراضها المهمه في الحقيبة الصغيرة .
دخل رعد للغرفه وقال بعجله : ها خلصتِ بنتأخر عن الزو....
قطع كلماته عندما التفتت له بنعومتها التي أسرته بشفتيها التوتيية وعينيها الواسعتين المُلونتين وفستانها الاحمر الذي ينسدل على جسدها ويُفصل منحنياته الناضجة ، مُنحنيات سلبت لُبّه في كل ليله وهو يكتشفها بيديه ، لقد شعر انه ينجذب لها كما ينجذب الثور للون الاحمر ، مُبهره في كل حُلّه ترتديها ، ياالله !!! هذه المرأه الفاتنة لم تترك في رأسه عقل عشرُ ايام قضاها معها وكأنها عشر سنوات ولم يشبع من قُربها في كل ليله وكل صباحٍ ومساء .
اقترب منها بمكر ثعلبٍ مكّار ، ولم يخطر ببالها انه سيتمادى في يوم زفاف ابنه اخته ،
سحبها بعُنف اعتادت عليه من شوقه إليها وهو يُقبل شفتيها بحُب وقليل من القسوة حتى أفسد احمر شفافها ، فهمست بهلع : فِراس ، فراس بره حيشوفنا هلأ كتير عيييب !!!!! رعد يا مجنون ابعد عني .
سحبها معه للخلف وهو يعتقل شفتيها بين شفتيه مره أُخرى وأغلق الباب دون ان ينظر للخلف وهمس بصوتٍ أجش : اقول لنفسي اسكت وهالشي مو وقته الحين ، بس مو قادر اتحمل أبغى اخ لفِراس اليوم وبكره وبعده ما رح اوقف لين يجي هالاخ او الاخت !!!!!
وهمس بإصرار وعينيه تلمعان بثوره لا تهدأ : ما رح اوقف .
احاطت وجهه بكفيها وهي تُحاول تهدئه انفاسه النافرة التي تلفح وجهها وتحرق بشرتها ، وتعرف جيداً جوعه الشديد إليها وحبه لها وهو الذي حُرم النساء من بعدها ليلعب القدر لُعبته ويُعيدها بين ذراعيه ، وهمست له بحُب : حبيبي انا هون ومعك رح أكون علطول ، وبالليل اعمل البدك ياه انا إلك انت علطول ، بس هلأ حنتأخر وحتخرب كشختي لو سمحت .
قالت الثلاث كلمات الاخيره باللهجة السعوديه ، ليعُض شفتيه وهي تتكلم بإغواء فطري خُلق في صوتها ، ويهمس بخشونه وهو يزمجر : على بالك هديتيني بكلامك السامج ذا واتخليني أتراجع عن البسويه ما حزرتي باربي !!!
شهقت بهلع وهو يميل ويرفعها بين ذراعيه ويُلقيها على السرير ويعلوها بهيمنه تجلّت بِه وعيناه ثاقبتان ترمُقانها بجرأه .
لا تعرف كيف مضت هذه الساعتين ، وسحبت الغطاء تُغطي جسدها العاري وتنظر بأسى لفُستانها المسكين الذي سقط طريحاً إلى الارض وترجو الله انه لم يتعجن او يفسد ، وبالتأكيد اصبح شكلها مُرهباً الان ، بسبب عنفوانه الذي لا يهدأ ولم يرحم خجلها منذ ليلتهما الأولى قبل عشر ايام .
تأففت بقهر عندما رأته يخرج من دوره المياه والمنشفه تلتف على خصره بينما الماء يشُق طريقه على عضلات صدره وظهره ، وقالت بسخط وهي تنظر اليه : هلأ امتا رح الحق اتجهز تاني مره ، حرام عليك حرمتني من الطلعة .
واطرقت برأسها ودموعها تسيل على وجنتيها ، وابتسم بتلاعُب وهو يسير في اتجاهها ويجلس بجانبها على السرير ويهمس : انا امري بسيط اغتسلت وبلبس الثوب والشماغ واحط العود واموري خالصه ، اما أنتم يا الحريم لِسَّه استشوار ومكياج وخرابيط ما رح يمديكِ قومي غسلي بس والبسي وعدلي شعرك ووجهك شوي .
تأففت بقهر وهي تتهادى امامه بقدّها بعِلياء حتى تُغيظه ، وتحاول ان تنتهي بسرعه ، على الأقل فالتحضر لبعض الوقت لديها رغبه كبيره بالذهاب وقد أفسدها عليها .
فلا مجال للتفكير او الاستحمام لقد تأخرا وكثيراً .
خرجا معاً من غُرفتها وقال فراس بصدمه وهو يرى احمرار عينيّ والدته وينظر لهما بريبه وبعض الحيرة : ليه تأخرتوا ؟؟! دق ولد عمتي فهد وكان معصب لأنك ما ترد على جوالك .
ازدردت نادين ريقها وهي تنظر له بعُنف غاضب ، وقال رعد بمرح غير مُعتاد منه : مالك دخل ليه تأخرنا ؟؟! توك بزر بس تكبر تعرف كل شي ، الحين يلا مشينا .
*****
انتهى هذا الزفاف الكارثي وأخيراً !!!!
تشعر بأن كل جرأتها التي كانت تتحدث بها مع عريسها في وقت خطوبتهم تتبخر في الهواء ، وقد اصبح امر وجودها معه تحت سقفٍ واحد مُسلماً به ولا تراجع عنه .
بدلت ثيابها لقميص نومٍ طويل ومحتشم وجلست بغرفه الجلوس بالفندق بعد ان أديا معاً الصلاه
همس يوسف : تعشيتِ ؟؟! ولا توك ؟؟!
قالت بخجل : لا الحمدلله شبعانه تسلم .
مد ذراعه لها فوضعت كفها السمراء برقه في كفه الخشنه ، وقال : تدرين وين حاجز لشهر العسل ؟؟!
لوت شفتيها بضيق وهي تتذكر ثم همست : ايوه قلتلي ماليزيا !!!
ابتسم وهو يسحبها بخفه لصدره دون ان تُمانع ويهمس بصوتٍ أجش : للاسف غيرت الحجز بنروح للمالديف .
اتسعت عينيها بصدمه وانتفضت بسعاده : جد ؟؟؟!
اؤمأ وهو ينهض ويسحب كفها بهدوء ويقول : ايه جد ، والحين كان خاطري أرقص سلو مع عروستي ، بس طبعاً مو قدام الناس يلا تعالي بنرقص مع بعض .
لقد كانت ليله حالمه ورومنسيه وهو يُراقصها بنعومه ورقه حتى اخذها الا الفِراش تدريجياً برقه لا تليق به .
حسناً !!! ياله من خبيث مثّل عليها برغبته بالرقص حتى يسحبها الا الفراش دون ان يُفزعها .
نعم لقد استمتعت بالرقص ولكنها لن تجعله ينالها بسهوله وستجعله يفقد عقله .
صعدا للسرير واسرعت بوضع حاجز من الوِسادات بينهما ، فقال يوسف مرتفع الحاجبين : وش ذَا ؟؟!
قالت بهدوء مُدلل : غريبه كل الناس تعرف المخدات ، وش تسمونها إنتوا ؟؟؟!
قال بصدمه : نسميها مخدات ، بس قصدي ليه سويتِ كذه ؟؟! يعني عادي لو نمتي جمبي .
قالت تنظر له بطفوليه : اسفه ، بس ماتعودت انام جمب احد ، حتى فراس ولد خالي رعد جا ينام عندي قبل عشر ايام يوم انحرق بيت فهد ، ما خليته ينام جمبي ورفسته الدلوع يقول اول مره ينام في بيت فهد وخايف وما يبغى وابتلشت فيه .
ارتفع حاجبيه بذهول وقال بهدوء : تراني مو اي احد انا زوجك حاولي تستوعبين هالكلمه بسرعه ، وبعدين جيه فراس لكِ اعتبريها خير ربي حماه من الحريق الحمدلله ، والله يسلم زوجته لفهد وتولد بالسلامه .
همست : امين يا رب ، عن إذنك الحين بنام تعبانه من الصباح صاحيه ولو سمحت لا تشيل المخدات .
قال بقنوط : نامي ، نامي ، نوم العوافي ان شاء الله .
ابتسمت وهي توليه ظهرها وتتثائب وتهمس : الله يعافيكِ
أولاها ظهره هو الآخر وعينيه تبتئسان فهو لا يُفكر بها روحياً رغباته بها جسديه بحته .
يا الله !! انه حتى يتخيلها حبيبته الراحلة ولكنها صفعته بكلامها لتُثبت له بأنها " رسييييل " وليست " عبير " ووضعها هذا الحاجز المُقيت بينهما جعله يسعر بالسوء وربما هو عقاب الله له لتفكيره بامرأة غيرها .
تنهد بعُمق وهو يضع كفه أسفل وجنته ويُغلق عينيه بهدوء علّ الأيام تجعلها هي من تحتل قلبه فلقد تعب كثيراً من الماضي وَيُرِيد ان يرتاح .
*****
يسند ظهره إلى السرير ويعقد ذراعيه لصدره العاري ويقول هاتفاً بنزق : ميرو دقيقه وحده لو ماجيتي بجي اشيلك غصب ترتاحين في السرير .
خرجت بخطواتها الناعمة من دوره المياة ، وساقيها العاريتين يعلوهما قميص قطني بالكاد يصل الى رُكبتيها .
كانت تبتسم له وهي تفرد الكريم على ذراعيها المرمرين وهمست : هذاني جيت وبهذر على راسك كل شي صار بالزواج .
بادلها الابتسامه وقال : انتِ تعالي ارتاحي واهذري " تكلمي " مثل ما تبين .
جلست بقربه وهي تسند ظهرها إلى السرير ، بينما انزلق فهد ومال يستند على مرفقه ووجنته ترتاح على كفه ، وهمس ينظر لها بحُب : انبسطتي اليوم ؟؟؟!
قالت بابتسامه جذلى : مرررره انبسطت حبيبي ، شكراً عشان خليتني اروح الله لا يخليني منك .
فهد : صايره تقولين حبيبي كثير هالأيام ؟؟؟! بس ابغى اعرف تقولينها من قلبك ؟؟؟! ولا بس لسانك تعود عليه ؟؟!
باغتته وهي تأخذ وجهه بين كفيها وتُقبل شفتيه بعُمق وتبتعد قليلاً وتهمس : لو لساني تعود عليها كان قلتها لك من اول ، بس انا احبك ولا ابغى زوج ثاني ابغى أعيش الباقي من عمري معك انت ومع اطفالنا .
ابتسم ابتسامه عريضه وحسب احصائته الاخيره فلم يبتسم هكذا منذ اكثر من سنه ، وقال بتسليه : ايه ايش سويتِ بالزواج ؟؟!
برمت شفتيها وهمست : وايش بسوي يعني ياحظي انا وكرشتي ؟؟! جالسه في مكاني ومنقهره لاني مو قادره أقوم أرقص .
ارتفع حاجبه بحيره وهمس : تعرفين ترقصين ؟؟!
ميرال : وفنانه كمان ، دايماً كنت أرقص مع نادين ونستهبل .
قال بحماس : اجل بس تولدين بترقصين لي غصب ، لاني ادري ما رح توافقين الحين انتِ وعقلك اليابس .
أومأت برأسها وبدأت تتكلم بحماس وتخبره بكل ما حدث بحفل الزفاف .
واجفلها بل صعقها عندما قال فجأه : أحبك !!!
وكأن الشمع غمر اذنيها فلم تسمع جيداً ، فقالت تسأله حتى تتأكد من صحه ما سمعته : وش قلت ؟؟!
ابتسم مره اخرى وقال بقوه : أحبك ، هاذي معنى كلمه مِيَّا مور القلتلها لك ، احبك يا اجمل شي صار بحياتي .
غمرت عينيها الدموع فلم تتوقع ولا بأقل من أحلامها بأنه سيتجرأ ويقولها لها .
اندفعت اليه تُعانقه بقوه وأبعدها قليلاً حتى يمسح دموعها ويبتسم لها بخشونه ويُقبلها ، همست بغصه : الله يخليك قولها مره ثانيه !!!
عانقها بقوه وهو يهمس لأذنها : مِيَّا مور !!! .
النهاية
|