يسعد صباحكم جميعا بكل حب
أحب أنبه على شي في الفصل وهوا تضارب في الوقت ستلاحظونه
وأنا لم أنوه أن الحدث الليلة الماضية في بداية جزء جابر وأرجوان
..... قراءة ممتعة أتمناها للجميع
الفصل الثاني عشر
استيقظت باكرا استحممت ولبست ثيابي وحجابي وأخذت مذكراتي
والمعطف الطبي من أجل المعمل وخرجت من غرفتي , منذ سافرت
فرح والمكان أصبح هادئا وكئيبا بدون ضجيجها وضحكاتها التي
تسمعها أينما كنت في الشقة وفتحها للأبواب بعنف وكأنها ستذهب
لمقابلة تلفزيونية وليس الجامعة أو السوق , توجهت لغرفة الطعام
وكانت زوجة والدي هناك تنتظرني , دخلت وقلت " صباح الخير "
قالت بابتسامة " صباح الخير بنيتي تناولي إفطارك
جيدا ليس كاليومين الماضيين "
ابتسمت وجلست وقلت " لا تقلقي بشأني سآكل في الجامعة "
تنهدت وقالت " لو فرح هنا ما تركت أحد ينهض إلا
وهوا أكل حصته وزيادة "
ضحكت ضحكة صغيرة وقلت " ذلك من كثرة ثرثرتها تجعلك
تأكلين دون شعور وأنتي منسجمة مع ما تقول "
قالت بابتسامة " وفقهما الله , اليوم ستداوم في الجامعة هناك "
قلت بهدوء " البارحة تحدثت معي وتبكي طبعا وقالت لم تحب
المكان ولا البلاد , وهي وصلتها منذ أيام فقط "
ضحكت وقالت " أعان الله جواد عليها ستجعله يكره السفر والدراسة "
قلت وأنا أشرب الشاي " ستحتاج لوقت لتتعود لقد اتصلت به وتحدثنا
في الأمر وقال بأنه يعلم أن كل من يسافر يمر بهذا بادئ الأمر
فقط النساء يعبرون بدموعهن والرجال لا "
تنهدت وقالت " أعانني الله على فراقكما , لو تبقي لي أنتي على الأقل "
قلت بابتسامة حزينة " هذا ما كنت أتمناه أن نبقى أنا وأنتي كما
كنا ولكن من يستمع لنا ولرغباتنا فالمرأة تبقى تابعة
للرجل حتى القبر وهوا يأخذها له بنفسه "
ضحكت وقالت " من أين تأتين بهذه الحِكم "
وقفت وقلت بضحكة صغيرة " الحياة كفيلة بذلك "
غادرت بعدها المنزل وركبت السيارة التي تنتظرني في الخارج
كم مرة قلت أني سأركب سيارات الأجرى ولكن من يفهم ما أقول
المهم عندي أنه لن يصرف علي من جيبه ولن أدرس على حسابه
وإن كنت سأعيش في منزلهم , أنزلني السائق عند بوابة الجامعة
وتوجهت للداخل وقابلتني ملاك عند الباب قائلة " بسرعة لما تأخرتِ "
قلت وأنا أسير معها مسرعتين " قابلت شابا في الطريق وجلسنا نتسامر "
ضحكت وقالت " أخبريه في المرة القادمة يقابلك
وقت مغادرتك وليس قدومك "
ضحكنا سويا ثم قالت " أحضرت لك جميع المحاضرات
التي فآتتك وكشكولي أيضا "
قلت بهدوء " جيد عليا مراجعتها بسرعة "
قالت بضيق مصطنع " في المرة القادمة حين ترفعين راية
الغطرسة والخروج عن قوانينه أعلميني مسبقا لأتحد معك "
عدنا للضحك مجددا ولكن ضحكي مختلف عنها كثيرا
ضحك ملئه حسرة وألم , دخل علينا صوت المار بجوارنا
مسرعا وهوا يقول " بسرعة يا كسولات الدكتور قريب
منكما ستخسران المحاضرة "
وما أن سمعنا كلماته حتى ركضنا كلانا ركضا وهوا يضحك
علينا فقالت ملاك بصوت مرتفع وهي تتوجه لقاعة المحاضرات
" حسابك معي يا طلال وسترى "
ضحك ودخل خلفنا قائلا " أحضرت مواد رسالة التخرج علينا
دراستها معا يا كسولتان , نريد أن نخرج من
هذه السنة بأسرع ما يمكن "
اجتزنا المدرج للأعلى وأنا أقول " سنتحدث لاحقا في المعمل "
جلسنا ودخل دكتور المادة قبل أن يدخل قبلنا والحمد لله , قام
بتقسيم اللوح لثلاث كعادته وملأه أولا ثم أظلم القاعة وشغل العارض
الضوئي وكأن من يركض ورائه كل شيء مع بعضه , وعند هنا
هدأ الجميع لأنه مع الظلام لا هواتف محمولة تفتح ولا حواسيب
لوحيه ولا مذكرات ولا شيء يُرى غير شاشته الكئيبة , بدأ في
شرحه الطويل الممل وسافرت أنا بنظري للفراغ, عليا إنهاء
جمع أغراضي لانتقل لمنزل خالتي .... آه استغفر الله لما أنا
لا مأوى لي , لما المرأة عليها أن يكون لها شقيق أو والد أو
زوج كي لا تعيش عالة على أحد , لما رجعت من سفرك
يا نواس ولما أنت من بين خلق الله ابن خالتي ولماذا رحل
كل أهلي بعيدا عنك إلا أنا , اتكأت على الطاولة أمامي
وخبأت وجهي فيها حين شعرت بيد تمسح على ظهري
وصوت هامس اقترب مني قائلا " وسن هل أنتي بخير "
كم صرت أكره هذه الكلمة , أنا بخير نعم بخير لو ابتعدت عنه
لو أكون في عالم لا وجود له فيه وبقلب لا يعشقه وعقل لا يفكر
به فمتى سأكون بخير بنظركم متى !! رفعت رأسي وجلست
مستوية في صمت وعدت أشغل عيناي وتفكري بالمحاضرة
*
*
اقترب مني ووضع يده على كتفي وقال " هل يمكننا الاقتراب منك الآن "
أنزلت رأسي للأسفل وأنا أتكئ بذراعي على حافة النافذة
الواسعة في مكتبي في المزرعة وقلت بهدوء
" وهل تراني بارودا لا يمكنك الاقتراب منه "
وصلني صوته المبتسم قائلا " هل نست ما فعلته عند
وصولك للمزرعة ليلة زواج جواد "
رفعت رأسي ونظرت للبعيد وقلت بابتسامة ساخرة
" لا أذكر سوى أني لم أقتل نفسي تلك الليلة "
تنهد وقال " وليد يبدوا مستاء منك حتى الآن لقد أفرغت
غضبك به وكل ذنبه أنه ذكرك بالواقع "
أنزلت رأسي مجددا وهززته يمنه ويسره وقلت بمرارة
" ابتعد عني يا معاذ لا أريد أن اخطأ بحقك أنت أيضا "
قال بهدوء " مابك يا نواس لم أعرفك هكذا سنين معرفتي بك
كلها, منذ عامان وأنت مزاجك في تقلب وهذه الفترة ازداد
أكثر وهادان اليومان أمامي نواس لا اعرفه "
قبضت أصابعي بقوة وقلت " اتركني وحدي يا معاذ "
لاذ بالصمت مطولا ثم تنهد وقال مغادرا " تحدث مع وليد على الأقل "
ثم خرج وأغلق الباب خلفه , كيف أهدأ وكيف أتنفس بروية وكيف
أنام وكلمات والدتي تضرب راسي كالفؤوس وهي تقول (( على وسن
أن تبتعد عن هذا الجو المشحون من أجلها وأجل صحتها , وسن لم
تعد لك مثلما أنك أنت لم تعد لها وباختيارك يا نواس , أنا معك في
أن جرحك منها كبير لكنه الواقع بني , وسن صفحة عليها أن تطوى
من حياتك , الشاب جيد وعمله يوفر له راتبا جيدا ولديه منزل وكم
شكرته لي والدة فرح سابقا لأنه زينة أبناء أخوتها وسأقنع وسن به
بأي طريقة وعليها أن توافق فالمرأة مشاعر الأمومة لديها فوق كل شيء
وحين سترزق بأبناء منه ستعيش حياتها تكرس وقتها لهم وستنسى ))
رفعت يدي ومسحت بها وجهي وأنا أتذكر كلماتها الحادة وهي تقول
(( ليست عذرا يا نواس دراستها تنهيها هناك وعلاجها لن يتباطأ
فيه وهوا طبيب ويلم بهذه الأمور , وسن سيموت قلبها
قبل جسدها إن بقيت هنا ))
رفعت رأسي ونظرت للسماء وابتسمت بألم, اقتنع بهذا يا نواس
احترق ألف مرة , اسجن نفسك حتى تشبع وأفرغ غضبك بكل
من حولك وفي النهاية اقتنع بهذا وسلمها لغيرك , خذ غزالتي
خد روحي خذها لأنها لم تعد لي ولم أعد لها , آه يا أمي لما
سيموت قلبها وهي لم تعد تحبني ولا تريدني في حياتها , عدت
بنظري من السماء للأرض وضربت بقبضة يدي على حافة
النافذة عدة مرات وأنا أتذكر عودتي تلك الليلة إلى هنا أضرب
كل شيء بأعاصير مشاعري وأولهم وليد الذي ذكرني أني
أصبحت ملكا لأخرى وأني أخونها بمشاعري وتصرفي , أني
أسجن نفسي في أوهام الماضي وأنسى الواقع وأنه ما من
رجل لا يستطيع محو أحلامه وأمانيه ومعايشة الواقع من أجل
أشخاص لا يستحقون أن نجرحهم بجراح ماضينا , تنفست
بقوة وغادرت المكتب بحثا عنه ووجدته في المطبخ يتكأ بمرفقه
على ظهر الكرسي ويضايق الخادمة المنزعجة منه كعادته, لا
اعلم متى سيرحم هذه المرأة المسكينة, لففت ذراعي حول
عنقه وقربت رأسي من رأسه وهمست في أذنه
" لا تغضب مني يا وليد اقسم أني لم أكن في وعيي "
عدل وقفته وقال وهوا يبتعد عني " لو كان لدي مكان غير
الشارع لذهبت إليه ولو كنت أعلم أنك قلت ما قلت من قلبك
لاخترت الشارع على البقاء هنا "
قلت بهدوء " آسف يا وليد أعلم أني أخطأت في حقك
لكنها الأولى فاغفرها لي "
قال مغادرا المطبخ " ليست الأولى ولست غاضبا منك يا نواس
فقط أريدك أن تضع مي نصب عينيك "
وغادر مبتعدا وهوا يتمتم بأشياء لا أسمعها , أقطع ذراعي من
منبتها إن لم يكن ثمة شيء ورائك يا وليد لكن ما يحيرني ويجعلني
أتردد في هذه الفكرة أنه لا يخفي عني شيئا فلو كان كما أضن لقال
لي, تنهدت بضيق وهممت بالمغادرة حين استوقفني صوت
الخادمة قائلة " إن غادر وليد سأغادر أيضا "
التفت لها وقلت مبتسما " إن لم تكوني في الأربعين لقلت أن
ثمة أمر بينكما , هذا وهوا يضايقك طوال الوقت "
قالت ببرود وهي تعود لعملها " هوا نكهة المكان هنا يسليني
ويضحكني , أنا أعتبركم أشقائي الأصغر مني ولا أريد
أن تغيبوا عني وخصوصا وليد "
قلت مغادرا " لا تخافي لن أدعه يغادر هذا المكان إلا بعد موتي "
خرجت للخارج وأخرجت هاتفي واتصلت بوالدتي التي
أجابت من فورها قائلة بضيق " ألا تعرف أني مريضة ولا
ينقصني تعب مع تعبي تخرج من عندي وجهك أظلم من تلك
الليلة ولا تجيب على اتصالاتي ليومين أو يزيد افرض حدث لي
شيء أو لابنة خالتك هل نطلب من جواد العودة فورا أم نطرق
أبواب الجيران لنقول أغيثونا فليس لدينا أحد "
تنفست بقوة مهدئا نفسي ولذت بالصمت فقالت
" نواس تسمعني "
قلت بهدوء " نعم أسمعك أمي وابنة شقيقتك تلك متى
ستقرر سيادتها أن تنتقل عندك "
قالت من فورها " قالت ستنهي وزوجة والدها ترتيب
الشقة وجمع أغراضها وستأتي "
قلت بضيق " ما لا تعلميه أنها تؤجل ذلك عمدا وقد طلبت من
شقيق زوجة والدها أن لا يأتوا لأخذها الآن ويتركوها معها
لأيام , لا أفهم كيف تفكر وسن , هل يعجبها بقائهما لوحدهما
في الشقة أم تفعل ذلك عمدا لتحرق لي دمي , أعلم أنها
باتت تكره رؤيتي لا داعي للتطبيق "
قالت بهدوء " نواس لا داعي لهذا الكلام الآن سأتحدث
معها وينتهي الأمر "
قلت بحزم " أقسم إن لم تكن في منزلنا اليوم ذهبت
لإخراجها بنفسي وها قد أقسمت "
قالت بحدة " هل فقدت عقلك يا نواس إن علمت وسن بما
تقوله الآن فستركب رأسها ولن تأتي "
قلت ببرود " ما لدي قلته وإن كانت مشتاقة لرؤيتي فليحل
عليها الليل وهي ليست معك ... وداعا "
*
*
" وسن انتظري "
التفت لها فقالت " لا تنسي فتح بريدك الليلة
سأرسل لك محاضرة التشريح "
قلت مغادرة " حسنا لا تنامي وتتحججي ككل مرة "
قالت ضاحكة وأنا ابتعد جهة بوابة الجامعة " جربيني هذه الليلة "
خرجت وركبت السيارة وعدت للشقة , فتحت الباب
ودخلت وأنا أجيب على هاتفي قائلة
" مرحبا خالتي كيف أنتي اليوم "
قالت بهدوء " الحمد لله تبدين كنتي خارج المنزل "
قلت وأنا أدخل " كنت في الجامعة وعدت للتو "
قالت " هل تستطيعين القدوم إلي الآن إن لم تكوني
متعبة فلدي ما أقوله لك "
دخلت غرفتي وقلت وأنا أرمي الحقيبة والمذكرات على
السرير " هل من مكروه خالتي "
قالت من فورها " أريدك في بعض الأمور المهمة "
قلت مغادرة الغرفة " حسنا مسافة الطريق فقط "
أنهيت المكالمة منها وتوجهت جهة المطبخ وقفت عند الباب
فابتسمت لي زوجة والدي وقالت " لحظات ويكون الغداء
جاهز ما أن تستحمي وتغيري ملابسك "
قلت من فوري " خالتي اتصلت بي تريد أن أذهب لها الآن "
قالت بقلق " ماذا حدث !! لما تطلبك في هذا الوقت "
رفعت كتفاي وقلت " لا أعلم لا يبدوا أن أحدا به
مكروه , سأذهب لرؤيتها وأعود "
قالت وهي تتبعني لأني ابتعدت " سأنتظرك فلا تتأخري "
قلت وأنا أقترب من الباب " حسنا "
*
*
طرق أحدهم الباب ودخل فكان شقيقي الأصغر وهوا
الوحيد الذي لم تمتد يده علي , كان المقرب لي من بين أخوتي
لتقارب سننا حيث كنا مقربان منذ الطفولة ولكن ورغم عدم
ضربه لي قد بات في نظري كشقيقيه فهوا لم يكلف نفسه
حتى أن يقول مي لا تخطأ .... مي شقيقتي الأقرب إلي
وأعرفها جيدا , أو على الأقل كان أمسكهم عن ضربي
الدائم والمبرح ولو محاولا ردعهما عني, اقترب مني
فأبعدت نظري عنه فجلس معي على السرير وقال
" زوجك سيأتي لأخذك خلال هذين اليومين "
لم أعلق على كلامه ولم انظر إليه ولا حتى النظر فقال
" مي أنا حاولت كل جهدي أن أوقفهما عن ضربك لكنك
تعلمي مدى حساسية هذه الأمور وأن الناس لا تسامح فيها "
نزلت دمعتي فمسحتها وأبعدت وجهي عنه أكثر فمد يده وأمسك
ذقني وأدار وجهي ناحيته وقال " إن ظلمك أو أساء إليك اتصلي
بي فقط وسأخرجك من عنده ولو نمت أنا وأنتي في الشارع "
أنزلت رأسي وقلت بحزن " تأخرت يا أخي تأخرت كثيرا
لما لم تظهر شهامتك حين كنت وحدي ولا أحد لي, حتى
عمي كذبتم عليه كي لا يقف في صفي والآن ستظهر شهامتك
على الغريب , كان القريب أولى بذلك يا ابن والداي "
ثم رفعت نظري له وقلت بدموع تنساب على خداي
" هذا لأنك لست متزوج من عقربه مثلهما لكان كلامك
مختلفا ولو لم يأتي نواس ويتزوجني لبقيت على صمتك "
وقف وقال بضيق " لما الظلم يا مي كم كنت أقف في صفك
حتى وليد حين أخبرني قبل الحادثة أنه يريدك ويفكر في خطبتك
ويخاف رفض والدي وأخوتي لأنه لا يملك شيئا أخبرته أني
سأقف معه ولم أشك بك ولا به ولكنك لا ترين إلا العيوب "
بقيت أنظر له بصدمة مما سمعت وليد قال هذا !! وليد كان
حقا يفكر بي ويريد خطبتي !! بقيت عيناي معلقتان به دون
حراك فأبعد نظره عني ثم استدار وأولاني ظهره قائلا
" أنا لازلت عند كلمتي يا مي ولا تنسي أن لك شقيقا ولا
تسمحي لنواس ولا لغيره أن يدلك لأنه لا أحد لك "
ثم خرج من الغرفة وأغلق الباب خلفه
*
*
كنت ألعب بشعر الوسن بين أصابعي وأمسح على غرتها
بيدي الأخرى ونظري على الاثنان اللذان يتهامسان بعيدا
ثم اقتربا مني وقال معتصم " ما رأيك لو تركتني أركبها قليلا "
أشرت له برأسي وقلت " بعد أن أموت "
ضحك وقال " مت أنت فقط وأنا أعدك أن أمشي بها في جنازتك "
ضحكا كليهما ودست الوسن مقدمة رأسها في صدري فضحك
معاذ وقال " تبدوا اشتاقت لك هذان اليومان "
غرست أصبعي أحرك شعرها أكثر وقربت شفتاي من أذنها
وهمست لها " جمحت مني فارستك وكرهتني فما ستفعلين أنتي بي "
رفعت رأسها وحركته يمينا وشمالا وصهلت بصوت منخفض
فمسحت على عنقها وقلت بابتسامة " لا بأس لن أقولها
مجددا سماح هذه المرة "
نظرا لبعضهما ثم قال معتصم " لو أعلم فقط ما توشوش لها
دائما وهي تفهمك وكأنها مسكونة "
قلت بابتسامة جانبية " أخبرني فيما كنتما تتهامسان منذ
قليل أخبرك ما كنت أقول لها "
ضحك وقال " يالا فضولك يا رجل "
قلت ببرود " على الأقل أريد معرفة ما يقال عني وليس أمور لا تعنيني "
ثم نظرت لساعتي وقلت " سأغادر لرؤية والدتي قليلا وسأعتمد
عليكما في مراقبة العمال حتى أعود فسيزورني مشتري
جديد ومهم عصر اليوم "
ثم ابتعدت عنهما وهما واجمان ينظران لي في صمت
غادرت المزرعة عائدا لمنزلنا فأنا لم أزرها منذ تلك الليلة
انشغلت بهموم نفسي ونسيت أنها وحدها الآن , وصلت المنزل
ودخلت توجهت لغرفتها ووضعت يدي على مقبض الباب فسمعتها
تقول لأحدهم " لا أريد مشاكل بينك وبينه وقد أقسم إن لم تأتي اليوم
يذهب لجلبك وقال إن كانت تريد رؤيتي فلا تبات هنا الليلة "
جاء حينها صوت وسن قائلة " لن آتي قبل أن يحضرها فمؤكد
سيأتيك بها هنا أولا , لا أريد رؤيتها ولا رؤيته يا خالتي "
ضغطت على مقبض الباب بقوة مانعا نفسي من الدخول عليهما
والحرقة والألم يفتكان بأوردتي , قالت أمي " قال لن يحضرها
هنا , وسن نواس معه حق لا يجوز بقائكما وحدكما كل هذا الوقت
فخلصينا من المشاكل واجمعي أغراضك اليوم وتعالي "
لم تجبها ولم تتحدث وهذا طبعها ما في رأسها تفعله وإن كان
فيه قطع رقبتها , قالت أمي بهدوء " زوجة خال فرح تكلمت
معي تريد خطبتك لابنها الأوسط وأرى الوقت مناسبا
لتفكري في الأمر بجدية "
قالت بنبرة ساخرة " أخبرتك أني أخذت حصتي من هذا
وزيادة فلا أريد ابنها ولا غيره "
شقت شفتاي ابتسامة ظهرت رغما عني ولا أنكر أنها خلصتني
من أكبر همومي , قالت أمي بضيق " الشاب لا شيء يعيبه
بمنزل مستقل سيرحمك من نواس كما تريدي وقد تحدثت
معه هوا أيضا في أمر خطبتهم لك "
عم الصمت قليلا ثم قالت وسن " تحدثتِ مع نواس عنه "
قالت أمي " نعم ولا أرى من داعي لرفضه يا وسن جربي
أن تريه وتتحدثي معه كنظرة شرعية "
قالت وسن وتبدوا وقفت من صوت الكرسي " لن أوافق إلا في حال
واحدة يا خالتي إن علمت أن هذا سيحرق قلب نواس كما أحرق قلبي "
شعرت وكأن صفعة قوية ضربت وجهي ثم اقتربت خطواتها وفتحت
الباب لتجدني واقفا أمامها , نظرت لي بصدمة مطولا ثم تنحت جانبا
لتجتازني وتخرج فسددت عليها الطريق بيدي مانعا لها من المرور
وقلت بحزم " أكرهيني كما تريدي يا ابنة خالتي لكن أن تكسري
كلمتي وتفعلي ما يحلو لك وكأن لا رجل ورائك لا تحلمي بها "
رفعت نظرها لي وقالت " أجل فمشاعري ماتت مثلك يا نواس "
فتحت فمي لأتحدث فأسكتني صوت أمي قائلة " نواس وسن يكفي "
أغلقت فمي وأبعدت يدي ليس بسبب كلماتها ولا كلمات والدتي
بل بسبب تلك الدمعة التي حبستها في عينيها الواسعتان تترقرق
فيهما وهما معلقتان في عيناي , اجتزتها قبل أن أضعف أمام
عيناها أكثر ودخلت الغرفة قائلا " تكونين الليلة هنا يا وسن
فشقيق زوجة والدك في طريقه لأخذها معه "
لم تنطق بحرف ولم أسمع سوى خطوات كعب حدائها على
الأرضية الرخامية للمنزل ثم ضربها للباب بقوة , جلست أمام
والدتي في صمت فقالت " جدا حلا لكما هل يعجبك هذا الحال
أنت رجل راشد وعاقل ولست صغيرا يا نواس "
قلت بضيق " وهل تري تصرفاتها تترك عقلا بأحد حتى أنها
لا تحترمني ولا بكلامها وكأني أصغر أبنائها "
قالت من فورها " لم تكن هكذا قط , سنين طوال لم تكن
هكذا فهوا ليس طبعها "
قلت بضيق " وهذا ما يخنقني يا أمي لما تكرهني لهذا الحد
وهي من أخطأت في حقي وهي من أحرقت قلبي أولا وهي
من باعتني وعاملتني كنكرة لا دور له في حياتها وهوا سيكون
زوجها خلال أسابيع قليلة والآن أنا المجرم أنا المذنب أنا
من احرق قلبها أنا من يستحق الكره "
قالت بضيق أكبر " أنا من عجزت معكما أنتما
الاثنين ولم أجد حلا لكما "
لذت بالصمت أنظر للأرض وأتنفس بقوة فقالت بهدوء
" ماذا بشأن زوجتك "
قلت بعد صمت " سأحضرها في الغد "
قالت من فورها " ألم تقل أنك ستحضرها نهاية الأسبوع "
قلت ببرود " لا فرق بينهما كلها واحد "
ثم نظرت لها وقلت " ومتى يمكنها زيارتك , اسألي ابنة
شقيقتك لتعطينا الإذن "
قالت بجدية " نواس أنا لا أطلب منك إلا أن تضع نفسك في
مكانها وترى ما هوا الصواب من الخطأ "
قلت بسخرية " لا يا أمي إن وضعت نفسي في مكانها فلن آبه
لكلامك وأعيش وزوجتي هنا لأن وسن لم أعد أعنيها في شيء "
قالت " أضنك كنت هنا وسمعت أنها قالت لا تريد رؤيتها تأتي
إلي , هذا وحده يكفيك لتعرف يا نواس "
مسحت عنقي بيدي وقلت بهدوء " هل اتصل بك جواد اليوم "
اتكأت للخلف وقالت " نعم في الصباح "
وأخذتنا المواضيع من واحد للآخر متجاهلين كلانا موضوع
وسن ومي وكل ما يخصني وبعد وقت وقفت وقلت
" سأعلم بطريقتي إن لم تأتي الليلة هنا وتوقعوا
مني أي شيء إن ركبت رأسها "
ثم غادرت من عندها وعدت للمزرعة وأكملت أعمالي هناك
ويومي أيضا واتصلت آخر النهار بفتحية وأخبرتني أن وسن
انتقلت إلى هناك وجعلتني أسمع بأذني صوتها مع والدتي
*
*
في مساء اليوم التالي كنت جاهزة لأغادر منزل والدي مع
الزوج المجهول الذي لا أعرف سوى اسمه ولا أعلم حتى سبب
زواجه بي , نزلت لمجلس الرجال حيث عمي وأشقائي ونواس
وقفت عند الباب وتنفست بقوة عدة مرات محاولة التخفيف من حدة
توتري , لا اعلم لما لا يرمونني في السيارة مباشرة ويرحمونني
من عذابي المتواصل فلم يتركوا طريقة لم يدلوني بها وهذه آخرها
لأني لا أثق فيما قد يقوله أحدهم أمامه , طرقت الباب طرقات خفيفة
ودخلت , كانوا واقفين جميعهم لكني لم أكن أرى سوى أقدامهم
لأن رأسي لم يفارق الأرض , اقتربت بخطوات بطيئة فسمعت
عمي يقول " لا نوصيك على مي يا نواس هي حبيبة والدها ومدللته "
سمعت حينها الصوت الثقيل الغريب عني قائلا
" لا توصيني على ابنة عامر "
قال عمي حينها " تعالي يا مي اقتربي يا ابنتي "
اقتربت منه فوضع يده على رأسي وقال " أسعدك الله يا
ابنتي أنتي عانيتِ كثيرا والله لا يرضى الظلم "
لا أعلم من أين جاءتني الشجاعة حينها ورفعت رأسي ونظرت
لأشقائي واحدا واحدا وكأني أقول لهم أنتم الظلم بعينه وأنتم من
لن يرضى الله عنكم وعما فعلتموه لي , أخفضت بعدها نظري
للأرض ولم أتحدث وعم الصمت للحظات حتى تحدث
الصوت الثقيل ثانيتا وهوا يقول " هل نغادر يا مي "
شعرت بكل مفاصلي ارتجفت حينها من ذكره اسمي وأننا سنخرج
معا , ولما يطلب رأيي !! آه من غبائي نسيت أنه يضنني سأودعهم
أولا, التفت جهة عمي وقبلت رأسه ويده وقلت " بارك الله لي في
عمرك يا عمي أنت وحدك من شعرتَ بدمائك التي تتحرك في عروقي "
ثم التفتت جهة نواس ونظري لازال أرضا لم أرى وجهه
حتى الآن وقلت " يمكننا المغادرة "
اقتربت خطواته مني وشعرت بيده على كتفي ثم سار بي للخارج
من الباب الخارجي للمجلس وخرجنا من المنزل ووصلنا لسيارته
فتح لي الباب وركبت وركب هوا بعدي وانطلقنا في صمت
لم يتحدث معي طوال الطريق الطويل ولم أتحرك أنا من توتري
لجلوسي بجانبه , وصلته مكالمات عديدة يجيب عليها باختصار
ورن هاتفه معلنا وصول رسالة فتحها ثم رمى الهاتف بعيدا عنه
على غير عادته بعد المكالمات الكثيرة التي أتته وكان يعيد الهاتف
لجيبه بعد كل واحدة منها , ثم أصبح يضغط بقبضة يديه بقوة على
مقود السيارة كل الحين والآخر , ما فحو تلك الرسالة يا ترى
التي جعلته يتضايق هكذا !! كان يمسح وجهه كل حين ويتنفس
بقوة بين الفينة والأخرى وكله من تأثير تلك الرسالة الغامضة
بعدها أمسك هاتفه واتصل مطولا بأحد يبدوا لا يجيب عليه فأبعدت
نظري عنه وشغلت نفسي بالطريق فيبدوا أنني من مللي صرت
أراقب كل تحركاته , وصلنا بعد مشوار طويل جدا دام لأكثر من
أربع ساعات لمدينة مؤكد يسكن فيها لأنها الوحيدة التي دخلنا إليها
من كل المدن التي مررنا بها ولم يتوقف لأنه حين سألني إن كنت
أريد أن آكل شيئا أخبرته أنه لا رغبة لي في الطعام , وصلنا بعدها
لمزرعة ودخلنا إليها كانت خالية سوى من الأضواء فالوقت قارب
لمنتصف الليل أو يزيد , وقف بالسيارة أمام منزل كبير ونزل ثم
فتح لي الباب وتوجه من فوره لصندوق السيارة وأنزل حقائبي
بنفسه ودخل بعدها قائلا " اتبعيني يا مي "
سرت خلفه ورأسي لازال في الأرض لم يفارقها حتى دخلنا
للداخل ووقف وقال بصوت مرتفع " راضية "
اقتربت حينها امرأة رفعت رأسي لها فكانت امرأة كبيرة قليلا
قال لها الواقف أمامي ولا أرى سوى قفاه
" أخبري أحدهم يدخل الحقائب من الخارج "
قالت من فورها " لا أحد هنا "
سكت لبرهة ثم قال " وأين ذهبوا !! "
قالت " تركوا المنزل لأسبوع , هذا ما فهمته من حديثهم "
قال بضيق " ومن قال أني متضايق من وجودهم كم مرة قلت
أني سآخذ الطابق العلوي ولن يتغير شيء هنا "
تنهدت وقالت " كلها أسبوع لن يضر في شيء "
قال متوجها نحو السلالم " سأكلم أحد العمال يدخلهم إذا "
سرت خلفه بخطوات سريعة لألحق به دخل لغرفة معينة ودخلت
خلفه بعد تردد كبير , رفعت نظري له فكان معطيا بظهره لي
فتح ربطة عنقه ورماها على الكرسي ونزع سترته ورماها معها
أيضا ثم التفت لي فوقعت عيني في عينه ولأول مرة , كانت له
ملامح عادية ليس شديد الوسامة , فقط عيناه عسليتان جذابتان
ولكن له حضورا قويا ومميزا يجعل من أمامه يتأمله ولا يعرف لما
أنزلت نظري عنه فتحرك في الغرفة يمينا ثم يسارا ثم يمينا وكأنه
ضيع شيئا , كان متوترا جدا ولا أفهم لما !! رفع بعدها هاتفه وحاول
من جديد الاتصال بذاك الرقم الذي لا يجيب عليه ويبدوا انه رقم
صاحب الرسالة تلك ثم خرج من فوره من الغرفة وتركني ولم يرجع
****************************************************
******************************************
أصررت على أن أساعدها أنا على الجلوس على الكرسي المتحرك
كما أساعدها على دخول الحمام , أجلستها عليه ونزار يقف بجوارنا
فنظرت لي وقال بابتسامة " لما لا تأتي معنا هل ستبقي لوحدك
هنا , لا تنزلي من السيارة حتى نخرج من المستشفى "
قلت مبادلة لها الابتسامة " سأكون هنا أفضل لدي بعض
الأعمال وعليا أن أجهز نفسي للمدرسة غدا "
سحب بها نزار الكرسي قائلا
" ستكون هنا في مأمن يا أمي علينا أن نفكر في سلامتها "
قالت وهوا يخرج بها من الغرفة " وكم ستبقى سجينة المنزل "
غادرا يتبادلان الحديث وبدأت أنا بتنظيف الغرفة مادامت ليست فيها
حركت السرير ونظفت مكانه ونظفت الجدران أيضا ولمعت الأثاث
وانتهيت بعد وقت وبصعوبة , سمعت حينها طرقا على الباب فترددت
في فتحه فعليا كما قال نزار أن لا أنسى أنني محاطة بالخطر
اقتربت من الباب ونظرت من العين فيه فكانت دعاء , استغربت
كثيرا لقدومها وخالتي قالت أنهم سيقابلونها في المستشفى
فتحت الباب لها فدخلت قائلة " مرحبا يا سما "
قلت وأنا أغلق الباب " مرحبا تفضلي خالتي غير
موجودة يمكنك انتظارها "
قالت وهي تدخل " لم آتي من أجلها "
وقفت أنظر لها بحيرة فالتفتت إليا وقالت " هل تعلمي
أن نزار كان له خطيبة "
بقيت أنظر لها بصمت فتابعت " وأنها تركته وتزوجت غيره "
قلت بهدوء " هذا الموضوع لا يخصني ولا يخصك
ولا يحق لنا التكلم فيه "
قالت بابتسامة جانبية " اسمها رهام وقد عادت من سفرها وتريد
العودة إليه ويبدوا لي هوا لم يتزوج حتى الآن لأنه لازال يحبها "
قلت بعد صمت " وما شأني أنا بالأمر "
قالت بابتسامة " لا شيء مجرد حديث عادي "
ثم استدارت وتقدمت بضع خطوات للداخل وقالت
" هل كنتي إحدى طالبات نزار "
تسمرت مكاني من الصدمة , كيف علمت هل هوا أخبرها أم
ماذا !! التفتت إليا وقالت " وطردوك من المدرسة "
قلت بصدمة " من أخبرك !! "
قالت من فورها " نزار "
ترى ما أخبرها أيضا ولما يقول لها هذا وهوا قال لي انه لن
يخبر أحدا بشيء , قلت " لا ليس هوا من أخبرك "
قالت بسخرية " كيف سأعلم إذا "
قلت " لا اعلم ولا يهمني "
اقتربت حينها مني وقالت بهمس " لا تفكري أن تستحوذي
على قلبه لأنه لازال يحبها , أنا أريد لك النصيحة فقط "
ثم غادرت جهة الباب وقفت أمامه والتفتت لي وقالت
" لا أنصحك أن تخبريه بما دار بيننا لأنه سيشك بصدقك "
ثم خرجت وأغلقت الباب خلفها , بما تهدي هذه أستحوذ على
قلبه ويحبها وكيف وما معنى هذا الكلام , بقيت لوقت واقفة
مكاني ونظري على الباب أحاول فهم التخاريف التي كانت تقولها
وما هي إلا لحظات وانفتح الباب مجددا ودخل منه نزار يسحب
والدته بالكرسي , نظرت لي مبتسمة وقالت
" هل بقيتي واقفة مكانك منذ ذهابنا "
لم أتحدث ضحكا هما الاثنان وركزت أنا نظري على
نزار , أدخل والدته للغرفة ثم خرج وقف بجواري وقال
" مابك يا سما "
نظرت له وقلت بهمس " لا شيء "
نظر لعيناي مطولا فأرخيت نظري وقلت " خفت قليلا فقط "
قال " فقط "
هززت رأسي بنعم فقال " إذا في المرات القادمة سنأخذك معنا "
هززت رأسي وقلت " أجل لا تتركوني وحدي هنا "
التفت ليعود لغرفة والدته فقلت " نزار "
التفت إليا من فوره فقلت بهدوء
" من أخبرت عن قصتي غير صديقك ذاك "
قال بحيرة " لا أحد غيره ولكن لما السؤال "
قلت " ولا حتى عن المدرسة وطردي منها "
اقترب مني وقال " ما قصتك يا سما ولما هذه الأسئلة "
قلت من فوري " أنا أتق في صدقك فأجب عن سؤالي أرجوك "
قال بجدية " أقسم لك أني لم أخبر غيره عن أي شيء "
من أين علمت إذا ولما قالت أنه هوا أخبرها , قال بهدوء
" ألن تخبريني مابك "
قلت مغادرة جهة المطبخ " لا شيء "
*
*
غادرت من أمامي جهة المطبخ وأنا أنظر لها بحيرة
ليست طبيعية أبدا ما الذي حدث في غيابنا يا ترى , عدت لغرفة
والدتي وساعدتها للعودة للسرير فقالت " ما بها سما "
قلت وأنا أغطي ساقيها باللحاف " لا أعلم قالت لا شيء لكنها تبدوا
على غير طبيعتها وسألتني إن أخبرت أحدا غير جابر عن قصتها "
قالت " قد تكون تقابلت مع أحدهم أو اتصل بها أحد "
قلت من فوري " مستحيل من ستراه وهي هنا ونبهتها أن لا تفتح الباب
للغرباء ورقمها لا أحد يعرفه غير السيدة التي كانت معها "
فكرت بحيرة هل تكون اتصلت بها لكن سما لن تخفي عني شيء
كهذا, خرجت من عند والدتي وذهبت للمطبخ وجدتها تقف عند
أحد رفوف الخزانة وتمسح دموعها , نظرت لها مطولا بصدمة
ثم اقتربت منها ووضعت يدي على كتفها وقلت " سما مابك "
انتبهت لوجودي فمسحت عيناها بظهر كفها بقوة وقالت
" لا شيء أشعر بالضيق قليلا فقط "
أدرتها ناحيتي وأبعدت يدها عن وجهها ونظرت لعينيها بتركيز
وقلت " وما الذي يضايقك يا سما أخبريني ولو كان أنا
وسأعتذر وإن كنت غير مخطئ "
زادت دموعها من كلماتي ولم أشعر بشيء سوى بجسد ارتمى
في حضني , بقيت أنظر لها بصدمة وهي تبكي وتخفي وجهها
في صدري فرفعت يداي ولم أعرف كيف أتصرف وما هذا
الذي يحدث, قربت يداي منها وأمسكت ذراعيها وقلت بهدوء
" توقفي عن البكاء يا سما وأخبريني ما بك "
ابتعدت عن حضني وقالت ونظرها في الأرض
" لا شيء كنت متضايقة حقا , أنا آسفة "
ثم خرجت مسرعة ونظري يتبعها , مررت كفي على صدر
قميصي حيث كان مبللا بدموعها ثم نظرت له بحيرة , خرجت
بعدها من المطبخ وعدت جهة غرفة والدتي وما أن دخلت حتى
قالت من فورها " هل علمت شيئا "
قلت بحيرة " قالت متضايقة ووجدتها تبكي "
تنهدت وقالت " طبيعي أن تضيق نفسها فهي في النهاية بشر
وفتاة وصغيرة ومرت بمحنة قوية , قد يكون بقائها وحدها
اليوم في المنزل ذكرتها بحياتها في ذاك القبو "
هززت رأسي بنعم دون كلام , معها حق قد يكون ذلك السبب
نظرت لها فكانت تنظر لقميصي فأخفضت نظري وكما توقعت
هي فهمت ما حدث هناك , هممت بالخروج حين استوقفني
صوتها قائلة " نزار تعال "
التفت لها بوجهي فقط فقالت " ادخل أود التحدث معك في أمر "
تنفست بقوة فلن أسلم منها أبدا والله وحده يعلم ما فهمت مما
حدث ومؤكد تضن أني أنا من فعل ذلك, قلت محاولا الفرار
" عندي مشوار ضروري وسأعود "
قالت من فورها " أدخل يا نزار لن أؤخرك "
تنهدت بقلة حيلة ودخلت فقالت " أغلق الباب خلفك "
امتثلت لأمرها وجهزت نفسي لمحاضرة في الأدب وأنه ليس
عليا أن أتجاوز حدودي وهي مراهقة وقلبها ضعيف وأنا رجل
ووووو إلى نهاية ذلك , جلست أمامها وقلت قبل أن تتكلم
" أعلم انك .... "
قاطعتني قائلة " أرى أن تتزوجها "
نظرت لها بصدمة مطولا ثم قلت " أمي ما الذي فهمته مما حدث "
قالت بهدوء " لم أفهم شيء وليس لذلك أنا أتحدث "
قلت " ولما إذا "
قالت بذات هدوئها " الفتاة وحيدة وتشعر بالغربة والوحدة في كل
هذا العالم وتحتاجك في كل شيء وأنت أكثر منها تحتاجها ولا
أرى ما يعيبها فهي امرأة كاملة جسديا وخلقيا وعقليا أيضا "
فتحت عيناي على اتساعهما وقلت " أمي ما هذا الذي تقولينه سما
طفلة أمامي هل تعي أني أكبر منها بعشرين عاما فلو أني تزوجت
في بداية العشرين لكان ابني لا يصغرها سوى بعام أو عامان "
قالت ببرود " وما في ذلك "
قلت بضيق " أمي طفلة إنها طفلة أكثر مما تتصوري هي حتى لا .... "
بترت جملتي وتأففت ونظرت للجانب الآخر فقالت
" حتى ماذا ؟ قل ما العيب بها "
قلت بضيق أكبر " هي حتى لا تعلم ما الذي يحدث بين الرجل
والمرأة كيف أتزوجها قولي كيف , ثم وعائلتها وما سيضنونه بي
حين نعيدها إليهم فسيفكرون أني كنت أستغل الوضع لأتزوج
بثروتها وليس هي "
قالت بحدة " حجج واهية , ماذا لا تعرف ولا تعرف ما نفعك أنت
رجل طولك بعرضك وأهلها إن لم يُقدّروا مساعدتك لها فسما
بغنى عنهم وأنت بفقرك تساويهم كلهم "
وقفت وقلت " أمي ارفعي هذا الموضوع من رأسك نهائيا لن أظلم
الفتاة معي فقط لأني أحتاج زوجة تخدمنا , هي صغيرة ومن حقها
أن تعيش عمرها ومراحله وتختار زوجها بنفسها , تخيليني بعد تسع
أشهر آخذا لها للمستشفى لتلد وهي لم تتجاوز الخامسة عشرة , أي
جنون وإجرام هذا ولن أعلم مراهقة حقوقها كزوجة هذا جنون حقيقي "
ثم غادرت الغرفة والمنزل برمته وتوجهت لمكتب جابر
طلبت الإذن ودخلت كان يزمجر في أحدهم وهوا المسكين لا شيء
على لسانه سوى حاضر سيدي , جلست وخرج الآخر فقلت
" ارحم المسكين يعلمون أن لك صوتا كالتنين "
قال بضيق " نزار غادر الباب يتسع لعشرة منك "
قلت ببرود " لن أخرج وافعل ما يحلو لك "
نظر لي مطولا ثم قال " ما جاء بك ومابك تبدو مستاء "
تنهدت وقلت " لا شيء مهم أمي وهوسها بالزواج أخبرني ما الجديد "
قال بابتسامة جانبية " ولما لا ترحمها وتتزوج "
قلت متجاهلا الأمر " ما الجديد في أمرها "
قال من فوره " لا شيء مهم نراقب المنزل منذ وقت ومن
جميع جهاته ولا أحد دخله , تبدوا كانت تتوهم الصوت
أو تسمع طرق لشيء آخر "
قلت بهدوء " هل تعتقد ذلك ! لكنها متأكدة من الأمر "
هز رأسه وقال " لا أحد دخله طوال هذه الفترة "
قلت بحيرة " قد يكون كان يعلم بوجودها في القبو
والآن يعلم أنها ليست فيه "
فتح ملفا أمامه وقال " لو كان يعلم لأمسكها "
قلت مباشرة " وحتى فكرة سما عن ذلك معقولة فقد يكون يبحث
عن مكان الباب بطرق الأرضية ليلاحظ تغير الصوت "
نظر لي باهتمام ثم قال " فكرت في هذا لكن لما لم يعد يزور المنزل "
تنهدت وقلت " لا تسألني فلا جواب لدي "
قال بضيق " لو فقط تتعاون معنا وتدعنا ندخل القبو على الأقل
لم أطاوع أحد كما طاوعت مدللتك هذه "
قلت بابتسامة جانبية " مدللتي أو غيره لن يكون ذلك إلا بموافقتها
يكفي المشهد المخزي الذي رأته لرجالك "
قال ببرود " حلفتك بالله لما لا تتزوجها وترحم والدتك وترحمني "
قلت بضيق " أنا من أحلفك بالله أن تسكت يكفيني والدتي "
ضحك وقال " وضعتها في دماغها إذا , نصيحة مني تزوجها
لأنها لن تتركك في حال سبيلك "
قلت ببرود " أي تخاريف هذه إنها طفلة يا رجل لما لا تفهمون "
قال بهدوء " لا طفلة في عالم النساء إنهن أفاعي "
ابتسمت بسخرية وقلت " تصور أن زوج عفراء تلك حاول
اغتصابها وهي لا تعرف ماذا كان يريد منها "
ضحك بصوت مرتفع فقلت " نعم أضحك هذه التي تريدان أن
أتزوجها , لما أظلم الفتاة معي وبعد سنين تندم على هذا لأنها
أضاعت مراهقتها مع معدوم مثلي تزوجها لتخدمه ووالدته "
قال مبتسما " وأبشرك أهلها يبحثون عنها وهم على اتصال معي
منذ وقت ولها إرث كبير أسهم وأموال من جدها يعني زواجه مربحة "
قلت ببرود " لو رأيت الأموال في القبو لما استغربت شيئا , لا وقالت
لا تريدهم وكرهتهم , تملك كل تلك الثروة وتخدمني أنا ووالدتي
طوال النهار وكأننا نحن الأثرياء "
قال بحيرة " غريب حقا تفكيرها "
قلت بهدوء " ومن أين علموا أهلها بها "
قال " هم على علم بكل مجريات القضية لأننا حققنا معهم وقتها
جدها كان يبحث عن عائلتهم والآن أبناء عمها يبحثون عنها لكني
نهيتهم عن ذلك من أجل سلامتها ولم أسلمهم ولا حتى صورتها "
قلت " والخطوة القادمة ما ستكون "
وقف وقال " عندي مجموعة أسئلة أود منك أن تطرحها
عليها , نريد أن نجد عفراء تلك وزوجها "
قلت بحيرة " وكيف ستجدها !! "
*
*
طرقت الباب عدة طرقات ففتحته فقلت بابتسامة " مرحبا "
نظرت لي باستغراب بادئ الأمر ثم قالت
" مرحبا دعاء ... تفضلي "
قلت وأنا ادخل " لما استغربتِ قدومي هل نسيتي أننا كنا
صديقتان لسنوات يا رهام "
قالت وهي تدخل قبلي متوجهة لغرفة الضيوف
" لا لم أنسى ولكنك لم تزوريني بعد عودتي "
جلست وقلت " لم أجد وقتا لذلك ثم أنتي لستِ وحدك هنا وأخاف
أن يفتح لي شقيقك وتعرفي أني لا أريد رؤيته "
ضحكت وقالت " أمازالتِ تكرهين مضايقته لك , تلك سنين طيش
ومرت هوا كبير وعاقل الآن إنها أكثر من عشر سنوات يا دعاء "
قلت ببرود " اتركينا من ذلك ما هي أخبارك "
قالت بعد تنهيدة " مشاكل مع طليقي لها أول وليس لها آخر "
قلت باستغراب " حسب ما قلتي لي أن طلاقكم مر عليه سنين "
قالت بضيق " نعم ولكنه يطالب بالمال الذي دفعه , تصوري يريد
أن أدفع له ثمن حتى السنين التي عشتها معه وما أنفقه علي "
قلت بسخرية " للزواج بالأثرياء ثمن دائما "
قالت ببرود " معي أنا فقط , غيري ما أكثرهم تزوجوا بأثرياء
وحياتهم معهم لا يضاهيها شيء "
ثم وقفت وقالت " ماذا تشربين أنا أرى أن نشرب عصيرا باردا "
قلت من فوري " لا أريد شيئا أجلسي جئت لأراك قليلا وسأذهب "
جلست وقالت " ماذا فعلتِ في موضوع نزار , إن كنتِ لن
تسأليه سأتصرف وحدي "
قلت باستغراب " تتصرفين في ماذا !! "
قالت بابتسامة " أساله بطريقتي طبعا فأنا أكثر من يفهم نزار
كنا مخطوبان لخمس سنوات وأعرف حتى كيف يفكر "
قلت بسخرية " ولما أنتي متأكدة أن السنين لم تغيره كشقيقك "
ضحكت وقالت " لااااا فرق كبير بين شقيقي ونزار "
قلت بابتسامة جانبية " هناك من سبقتك وأكلت
الكعكة فابحثي عن غيره "
قالت بصدمة " ما قصدك بذلك "
قلت دون مقدمات " فتاة تقرب له تعيش معهم حاليا لو رأيتها لماتت
كل مخططاتك , تسقط الطائر من قلب السماء فكيف برجل "
قالت بصدمة " ما هذا التهويل , حورية هي لتكون هكذا "
قلت بسخرية " عينان زرقاء واسعة وشعر حريري وتعيش معهم
بلا حجاب أيضا , ملامح طفولية جميلة وهدوء ورتابة وجسد
صغير متناسق وعمرها خمسة عشر عاما فقط أي أنها
ورقة بيضاء لم يكتب فيها أحد قبله "
بقيت تنظر لي بصدمة دون كلام فقلت لأزيد العيار
" ولا يحتمل فيها حتى الكلمة الجارحة وتخدمه وأمه حاليا "
قالت بعدما خرجت من الصدمة
" مستحيل نزار لا تستهويه الصغيرات أعرفه جيدا "
قلت بسخرية " أنا أيضا اعتقدت ذلك لكن والدته تلمح للأمر
كثيرا ولم تقل ذلك إلا وهي تعلم ابنها وما يريد "
قالت بغيض من بين أسنانها " من أين خرجت لي هذه "
قلت بابتسامة انتصار " الحرب معها ستكون خاسرة "
قالت " والحل "
قلت من فوري " ارفعيه من دماغك أو أزيحيها من طريقك "
قالت بثقة " نزار لم يتزوج إلا لأنه لم ينساني "
قلت " هذا يقوله لك عقلك ولم تتأكدي منه بعد "
بقيت واجمة تنظر للفراغ بشرود فوقفت وقلت
" عليا المغادرة الآن والزيارة القادمة عليك "
وقفت وقالت " لازال الوقت مبكر "
قلت مغادرة الغرفة " ورائي مشوار مهم سأذهب إليه أراك لاحقا "
ثم ودعتها وخرجت من عندها , واهمة يا رهام إن ضننتِ أني سأتركه
لك أو لغيرك , لم اخدمه ووالدته كل هذه السنين لتأخذه واحدة منكما
رهام الآن أمام خيارين إما أن تبتعد عنه أو تزيح سما من طريقه
وفي الحالتين ستخدمني , عليا الآن أن أتأكد إن تجرأت تلك
الطفلة على قول شيء أم لا
*
*
سجنت نفسي في غرفتي لوقت لا أعلم حزينة أم حائرة أم
خجلة من نزار , لا أعلم ما دفعني لأن ارتميت في حضنه
أحسست حينها أني أحتاج الأمان أحتاج شخصا ألجأ إليه لأني بالفعل
وحيدة وحائرة , توجهت للخزانة أخرجت صورة عائلتي وجلست
على الأرض , مررت أصابعي على ملامحهم المبتسمة وقلت بحزن
" لما رحلتم وتركتموني لما لم تأخذوني معكم ؟ أمي ما أفعل وما بي
وما هذا الذي أشعر به , أبي أنت أخبرتني دائما أن الرجال لا تقترب
منهم الفتاة لكني اقتربت منه , لما أشعر أني أحتاج أن أقترب
منه ؟ لما أخاف أن يبتعد لما أشعر الأمان معه وحده لما هذا ! "
حضنت الصورة وبكيت كثيرا ثم مسحت دموعي وقبلتهم واحدا
واحدا وأعدت صورتهم للخزانة ورتبت أغراضي التي سأحتاجها
غدا للمدرسة ثم غادرت الغرفة ونزلت لغرفة خالتي
ووقفت عند الباب فابتسمت لي وقالت
" تعالي بنيتي أين غبتِ كل هذا الوقت "
دخلت واقتربت منها قائلة
" رتبت أغراضي وجهزت أغراض المدرسة "
مسحت بيدها على السرير وقالت " تعالي اجلسي بجانبي "
اقتربت وجلست حيث قالت فمسحت بيدها على شعري وقالت
" مآبك يا سما نزار قال أنك متضايقة وتبكي "
اتكأت على كتفها وقلت " حائرة خالتي وأشعر بالوحدة والضياع "
قالت بحنان " حائرة في ماذا يا سما صارحيني بنيتي "
قلت بحزن " لا اعلم اقسم أني لا أعلم "
قالت من فورها " هل ضايقك أحدهم بشيء هل قال
لك نزار شيئا أزعجك "
هززت رأسي بلا دون كلام فتنهدت وقالت
" تحدثي عن أي شيء تشعرين به وستشعرين بالراحة "
لم أعرف ما أقول لأني عن نفسي لا أعلم ما بي ولما
انزعجت كثيرا من كلام دعاء , خبأت وجهي في حضنها وقلت
" ما معنى أن يستحوذ الشخص على القلب ما تعني هذه "
قالت بهدوء " تعني أن يصبح يفكر به طوال الوقت , لا يستطيع البقاء
دونه ولا يريد أن يبتعد عنه , هكذا يكون استحوذ على قلبه "
ابتعدت عن حضنها ونظرت لعينيها وقلت " يعني أنه إن قلت لك
لا تفكري أن تستحوذي على قلب شخص أي لا تجعليه
ملكا لك لا يعيش بدونك "
هزت رأسها بنعم ثم قالت " من قال لك هذا ولما تسألي عنه "
نظرت ليداي في حجري وقلت بهمس " لا أحد , سمعتها سابقا "
مسحت على شعري مجددا وقالت " لن أجبرك على قول مالا
تريدين يا سما وحين ترغبين في الحديث تعالي لي مباشرة حسنا "
هززت رأسي بحسنا دون كلام وغادرت السرير والغرفة وتوجهت
للمطبخ وبالي مشغول بكل ما قالته , هذا يعني أنها تحذرني من
أن أحاول جعله ملكا لي ولا يعيش بدوني , هل حقا يمكن أن
يحدث ذلك ! ولكن كيف ولما ؟ أنا حقا لا أفهم شيئا , ترى
هل استحوذ نزار على قلبي لذلك اشعر أني لا أريد الابتعاد
عنه, هززت رأسي بقوة وقلت " لا يا سما ما هذا الذي تقولينه "
شغلت نفسي بتحضير العشاء محاولة التفكير في شيء آخر ثم
غسلت الملابس وانفتح باب المنزل ودخل نزار وكان يتحدث
مع أحدهم على ما يبدوا فخرجت من المطبخ وصعدت للأعلى
من فوري ودخلت غرفتي وأغلقت الباب , بعد وقت طرق عليا
باب الغرفة فلم أعرف ما افعل وما سأقول حين سيسألني, بعدما
زاد إلحاحه في طرق الباب فتحت له فقال بابتسامة
" يبدوا أننا لن نتناول العشاء الليلة "
أخفضت نظري وابتسمت بحياء وقلت
" آسفة ضننت أن ضيفا معك حين دخلت "
قال من فوره " تلك دعاء قابلتها عند الباب "
نظرت له مباشرة وبصمت فقال " سألت عنك
وأرادت أن تسلم عليك "
قلت " أمازالت هنا "
قال مغادرا " لا غادرت منذ قليل , والدتي منشغلة
عليك انزلي لها يا سما "
بقيت أراقبه حتى اختفى نازلا من السلالم ثم تنهدت بحيرة وأغلقت
باب غرفتي ونزلت وتوجهت من فوري للمطبخ وسخنت العشاء ثم
أدخلنا الطاولة وتناولنا عشائنا وأنا أتجنب النظر له طوال الوقت
رغم أنه تصرف وكأن شيء لم يحدث, بعدما انتهينا من
عشائنا صعد نزار لغرفته وقال أن لديه تحضيرا لدروس الغد
وبقيت أنا وخالتي , أخرجت لي الكتاب وقالت
" ما رأيك لو قرانا قليلا من روايتنا المنسية "
ابتسمت وقلت " نعم أنا متشوقة لمعرفة المزيد "
أخذتها منها وجلست أمامها وفتحت الصفحات حيث وقفنا وقرأت
(( قضيت ذاك اليوم في غرفتي ولم اخرج منها وأحضرت لي
الخادمة الطعام عندي وعند أول المساء سمعت طرقا على الباب
فقلت " تفضل "
انفتح الباب فكان عمي رياض وقف عند الباب وقال " مساء الخير "
وقفت وقلت باحترام " مساء الخير عمي كنت أرسلت
لي الخادمة لما تأتي بنفسك "
ابتسم وقال " كنت صاعدا لغرفتي على أي حال , تعالي
معي يا رُدين لديك مواجهة جديدة "
ابتسمت ابتسامة صغيرة وقلت
" أخاف هذه المرة أن أخرج ميتة "
ضحك وقال " لا تخافي وأنا معك هذه المرة لن تكون كالسابقة
هيا ولا تلبسي حجابك من أجل باقي الخطة فكيف لزوجة
والدهم أن تبقى أمامهم بالحجاب "
ابتسمت له وخرج وخرجت خلفه , تبعته خارجه من غرفتي
ونزلنا السلالم وتوجهنا لغرفة الجلوس , دخلت خلفه وكانوا
أبناءه ثلاثتهم وزوجته هناك , دخل وجلس وقال
" ادخلي واجلسي يا رُدين "
ألقيت التحية وجلست في مكان متطرف , كان أشرف يهمس
لفراس مبتسما وهمسه واضح لي جدا وهوا يقول له
" كان زوجني أنا بها يالا ذوق هذا العجوز من أين وجدها "
وفراس طبعا كالكرسي الجالس عليه وكأنه لا يكلمه , قال حينها والدهم
" طبعا صباح اليوم كل واحد منكم أخرج مواهبه ولم يستمع لي أحد
وقلل احترامي أكبركم وشتمني أصغركم ولا أريد لهذه المهزلة أن
تتكرر , أنا لم أجن لأتزوج بفتاة أصغر من أصغر أبنائي من أجل
المتعة رُدين ابنة شقيقي قبل أن يكون صديقي أوصاني بها وقد عانت ما
عانته قبل أن تأتي إلى هنا , أنا عقدت عليها لتحل لكل من في هذا المنزل
وتعيش بحريتها وما حدث سيكون سرا يحمله ستتنا يأتيها فقط ويوم
الزوج المناسب سأسلمها له , والناس لن تعلم سوى أنها ابنة صديقي "
لاذ الجميع بالصمت ولم يعلقوا فتابع " أريد منكم احترامها وكأنها
شقيقتكم , من ظلمها ظلمني ومن آذاها وكأنه آذاني فخافوا الله في
هذه اليتيمة فهي أمانة لدي حتى أسلمها لزوجها "
قال وائل " أريد فقط أن أسالك لما لم تزوجها أبنائك ولو
رغما عن أنف أحدهم بدلا من هذا المشوار الطويل "
قال بسخرية " من منكم يرضى أن أزوجه بنفسي "
قال أشرف " كنت عرضتها علينا أولا ثم حكمت "
قال " أنا لا أبيع بضاعة في السوق لأعرضها , لو كنت
أعرف أن فيكم من أؤمنه عليها لفعلت "
قال وائل بضيق " ما معنى هذا الكلام , ألهذا الحد نحن صغارا في عينك "
قال بسخرية " لم أعلم أن لكم فيها رغبة لتركتها لكم ضننت
أني لا أصلح لاختيار شيء "
قال أشرف " لم أعرفك متسرعا من قبل ولا اعلم من زرع
هذه الفكرة الفاشلة في رأسك "
قال بحدة " فاشل أنت يا صعلوك , من رباك وجعلك طولا في
عرض غير صاحب الأفكار الفاشلة أو معك حق فتربيتي فاشلة حقا "
وقف حينها الساكت طوال الجلسة وقال " ما حدث حدث الآن ولا
فائدة من الجدال فيه وما تراه سليما افعله يا أبي "
وغادر الغرفة ولم يزد حرفا واحدا وخرج عمي رياض وتبعته
عمتي سعاد من فورها وبقيت والاثنان الآخران , ابتسم أشرف
وقال " هل أنتي راضية حقا بهذا "
قلت من فوري " نعم "
ضحك وائل دون تعليق وقال اشرف بصوت مرتفع ناظرا جهة
الباب " تعال يا فراس اللعبة أجمل مما تصورنا "
وما هي إلا لحظات ووقف عند الباب ونظر لي باستغراب
وكأنه لم يتوقع أن أكون هنا أو ضن أني غادرت
قال اشرف " الفتاة ليست مجبرة كما توقعنا "
قال وائل " قد تكونين تريدين الزواج من والدي وليس .... "
قاطعته ببرود " وهل تضنني أريدك أنت "
نظر لي بصدمة وضحك أشرف وقال
" لكمة قوية منك يا زوجة والدي العزيزة "
نظرت له وقلت بسخرية " وأنت لما لا تحترم والدك , ولا
تتحدث معه بتلك الطريقة يا عاق "
نظر لي بغيض وضحك وائل هذه المرة , اعلم أنهم أرادوا الاستفراد
بي في غياب والدهم ولكنهم لم يعرفوني بعد فأنا لست فريسة سهلة
ينالون منها , قال فراس ببرود " غادرا كليكما واتركانا وحدنا " ))
قلبت الصفحة فقالت خالتي " سما لا تنسي نفسك بين
الصفحات ورائك مدرسة في الغد "
ضحكت وقلت " أريد أن اعرف ما قال لها فقط "
هزت رأسها بلا وقالت
" هكذا ستفقد الرواية روعتها , هيا أغلقيها وناوليني إياها "
قلت بتذمر " آه خالتي فقط هذه المرة "
مدت يدها لي مبتسمة فتنهدت بيأس وأغلقتها ووقفت وأعطيتها
لها ثم قبلت خدها وقلت " تصبحين على خير "
قالت مبتسمة " وأنتي بخير صغيرتي "
ثم أطفأت النور وصعدت لغرفتي
****************************************************
******************************************
بقيت جالسة مكاني كالقطة عيناها فقط تلمع في الظلام بعدما
ألقى عليا تلك القذيفة وغادر الغرفة , أي جناحنا هذا الذي يتحدث
عنه , نظرت جهة الصغيرتان فكانتا في سريريهما فقلت
" ترف الم تعودي تخافي النوم وحدك "
قالت من فورها " أتركي الباب مفتوحا فقط ماما لا أنام في الظلام "
وقفت بقلة حيلة هذا كلام سوسن يبدوا لا مفر منه , خرجت من
الغرفة حائرة أين سأجد جناحنا هذا الذي قال عنه فمؤكد وصله
منذ وقت , نظرت يمينا ثم يسارا فوجدته يقف في نهاية الممر
مستندا على الجدار بكف يده وينظر لي ويبدوا ينتظرني , أخفضت
نظري أعض شفتي بقوة من توتري , يا إلهي أنا لم أجهز نفسيتي
لهذا أبدا , أشعر بقلبي سيقع ومعدتي تؤلمني بشدة , سرت
بخطوات بطيئة ناحيته وهوا واقف مكنه وأنا رأسي في الأرض
وصلت عنده فتحرك وسار أمامي وأنا أتبعه وأشعر أنني أذهب
لمشنقتي , كيف سأنام مع هذا المخيف مؤكد سأخرج من تحت يديه
صباحا جثة , تنفست بقوة مهدئة لنفسي , قد تكون مجرد ظنون
يا أرجوان وهوا فقط لا يريد أن يشك سكان القصر بنا , آه يالا
الغباء الذي أصابني فجئه وهل كان سيكترث لهم إن عزلني عنه
وقف عند باب معين فتحه ودخل وأنا أتبعه , كان جناحا فخما
وواسعا وعلى ذات طراز باقي القصر , توجه لأحد الأبواب فيه
فتحه ودخل , وقفت أتنفس بقوة وكأني بحر هائج , لا أعلم كيف
تتزوج النساء بدم بارد ويفرحون بذلك أيضا
" أرجوان "
كان هذا الصوت الذي أرجف جسدي بأكمله , ماذا يريد مني هذا
يا رب لو فقط أجد نفسي في الصباح هكذا فجئه , اقتربت من
الغرفة ببطء ودخلت , كانت واسعة بسرير واسع أيضا تحيط به
أعمدة وستائر بأقمشة ثقيلة وأخرى شفافة وكأننا في عالم من الخيال
أنزلت نظري وصُعقت حتى كاد يغمى علي مما رأيت هناك على
السرير ... قـــمـ قميص نوم أسود مفرود فوق الجهة اليمنى من السرير
نصفه فوقه ونصفه الآخر نازل منه لا وقصير أيضا , بقيت عيناي
معلقتان به بصدمة حتى أنني لم انتبه للذي اقترب مني ووقف أمامي
تسللت يده لخلف رأسي ولم أشعر سوى بمشبك الشعر يخرج منه
وصوته يتحطم على الجدار القريب منا لينساب شعري مغطيا
لظهري بأكمله وكلماته تدخل أذني مباشرة
" لا أريد أن أرى هذا , لا تمسكي شعرك أبدا وأنا موجود "
ثم عبر من أمامي قائلا " غيري ملابسك سأخرج قليلا وأعود "
كنت لازلت تحت تأثير الصدمة الأولى التي لم أخرج منها بعد
رفعت أصبعي وأشرت للسرير وقلت " هل جننت أتريدني أن ألبس هذا "
وقف فجأة وأشار بوجهه يسارا وقال " لا ... ما رأيك بتلك "
نظرت أين أشار فكانت بدلته الخاصة بعمله بشاراتها مكوية ومعلقة
وددت أن قلت له ( نعم وأنت تلبس ذاك القميص ) لكنها ستكون
نهايتي إن تفوهت بهذا , ابتعدت خطواته عني قائلا
" أعتقد أننا لسنا صغارا لنجلس نمهد لهذا فلا تتأخري , قليلا وسأعود "
ياله من وقح هوا العجوز أنا لست مثله أنا في الرابعة والعشرين
أم يضن لأني ربيت أبنائه ضاع عمري كله , قال وقد توقفت خطواته
" رأيت عمرك في الأوراق في المحكمة لا داعي لتذكيري "
ما هذا الداهية هل يقرأ الأفكار أيضا أي مصيبة وضعتي فيها
نفسك يا أرجوان , هذا ليس إلا الشبل ومازال أمامك الأسد فإن
كان هذا هكذا فكيف بمن ربته , توجهت جهة السرير بخطوات
سريعة والتقطت القميص من عليه وكورته بين يداي والتفت
وأنا أرميه جهة الباب الذي خرج منه لأفاجئ به لازال واقفا
أمامه , مد يده وأمسكه ثم بحركة خاطفة فتحه لا يمسك سوى
حمالته الحريرية الرقيقة وقال " يبدوا أنك تريدي أن ألبسه لك "
ثم تقدم خطوتين فركضت ناحيته استللته من يده وهربت به لغرفة
الملابس وأغلقتها خلفي ليصلني صوته مرتفعا
" لا تتأخري فالغرفة تُفتح من الجانبين "
أمسكت القميص بيداي ودسست وجهي فيه العنه بغيض وهمس
خشية أن يكون خلف الباب الآن ويسمعني ويجدها فرصة لتحطيم
وجهي , وبعدما أمطرته بوابل من الشتائم والدعوات أبعدت القميص
وتقدمت بخطواتي في الغرفة الطويلة , بِدل معلقة وقمصان وبناطيل
وملابس رياضة ... أجل من هذا له كل ذاك الجسد المخيف
نظرت للجانب الآخر فكانت ملابسي التي اشتريتها كلها معلقة هنا
لأصعق وتنفتح عيناي على اتساعهما وأنا أرى قمصان النوم الكثيرة
والبيجامات الحريرية والفساتين القطنية القصيرة معلقة جميعها
أنا لم أشتري كل هذا من أحضره هنا !! مؤكد هذا المعقد فعلها
لأني لم أشتري من هذا أي قطعة
نزعت الفستان ولبست القميص بسرعة كي لا يدخل علي الغرفة
ويفعلها ويلبسه هوا لي , كنتِ في راحة ونعيم يا أرجوان ما أجبرك
على كل هذا , آه سامحك الله يا والدي أنت لا تعلم أي مصيبة وضعت
فيها ابنتك ورحلت , خرجت بعدها أشعر أني والأرض سواء من
الخجل من نفسي وأنا بهذا القميص , هذا ولم يدخل حتى الآن
رفعت نظري وشهقت بقوة حين ووجدته واقفا عند السرير
يبدوا أن هذا الكاذب لم يخرج من هنا من أساسه , اقترب مني
فابتعدت بخطواتي للوراء فوسع خطوته ومد يده وأمسك ذراعي
ودفعني لصدره بقوة قائلا " قلنا أننا لسنا صغارا يا أرجوان "
قلت وأنا أحاول الفكاك من قبضته
" أنا في النهاية امرأة كما أني لست كبيرة مثلك "
ثبتني على جسده محكما ذراعه عليه فقلت بضيق
" جابر بالرفق لا تنسى فارق الحجم أيضا , عظامي لن تتحملك "
قال بغيض من بين أسنانه " أشششششششششش "
ولا فائدة ترجى منه وهذا أول برج بنيته وقع بأني لن أكون وهوا
تحت سقف غرفة واحدة , عند الصباح ومن نومي الغير مريح من
أوله شعرت بشيء جاثم على صدري وتنفسي يكاد يتوقف
فتحت عيناي ووجدت ذراعه فوق صدري فرفعتها ورميتها بعيدا
عني وتساندت بمرفقي لأقوم فشعرت بشيء أمسك شعري بقوة
فقلت بتألم " أيييي "
وصلني صوته المختلط ببحة النوم " لا ترمي ذراعي مرة أخرى "
قلت بتألم " أترك شعري ما تضنني رافعة أثقال تتحمل صخرتك هذا "
شده بقوة أكبر ليقربني منه أكثر فقلت بألم " آه جابر توقف عن هذا "
قال بجدية " ماذا قلتِ "
قلت " لن أرميها مجددا أتركني "
أفلت شعري حينها فابتعدت عنه وغادرت السرير أتأفف ودخلت
الحمام وأغلقته خلفي بقوة أمسد رقبتي , أشعر أن جسمي كله تحطم
وكأني كنت في حلبة ملاكمة , ما هذا المتوحش ظننته سيقتلني
أين يخزن كل هذا من سنوات أفففففف عظامي هذا يحتاج لصخرة مثله
أخذت حماما باردا وخرجت فلم يكن في الغرفة توجهت لغرفة الملابس
ارتديت بيجامة حريرية طويلة بأكمام وخرجت , جففت شعري وأمسكته
مجموعا للخلف وخرجت من الغرفة لأجد الإفطار الفاخر المتنوع في
ردهة الجناح وكأنه بوفيه في حفل , يا الله على الرفاهية والراحة , هذا
ما يميز المكان هنا لا طهوا لا غسل أطباق لا تنظيف ولا غسل ملابس
لو فقط يختفي من هنا هوا وعائلته وأبقى أنا وأبنائي والخدم والسائقين
وحدنا , ضحكت على الفكرة واقتربت من الطاولة وسحبت الكرسي
وجلست أستمتع بهذا الإفطار المميز وحارت عيناي ويداي ما سيأكلان
أولا , قربت يدي من قطع الخبز المشكل وكأنه جمع من كل دول العالم
فشعرت بشيء انغرس في شعري وشده للخلف لأشعر به ينساب على
ظهري وأكتافي وصوت المشبك الذي كان يمسكه يتدحرج مبتعدا
على الأرض وصوت هذا الجلمود وهوا يلف حول الطاولة قائلة
" ما أقوله ليس من مصلحتك أن أعيده وقلت لا تمسكي شعرك
وأنا موجود , ثم أين الأدب يا سيدة حلمي تأكلين قبل أن آتي "
نظرت له ببرود وقلت " أنا أرجوان فارس الخياط , حلمي أنت
وأبنائك ثم شعري كما ترى كثيف جدا وسيضايقني "
جلس وقال " مغفلين كم مرة قلت لا أريد الحليب من دون نكهة "
وكأني لا أتكلم ولا يسمعني يا رب صبرني على هذا المريض
بدأ بالأكل وأنا لم استطع تناول شيء من صراعي الطويل مع شعري
الذي يتساقط على أكتافي وذراعاي كلما تحركت , يبدوا أني حسدت
نفسي على هذا الإفطار وها قد تنغص علي , نظرت له فكان يأكل
بترتيب ونظام يجعلك تنظر له دون توقف , عليا أن أبعد نظره
عن هنا بأي شكل , أدخلت يدي في شعري وقطعت شعرة منه ثم
نظرت للجدار خلفه وقلت " تلك الأوسمة لك أنت أم زينة فقط "
نظر للخلف وبحركة سريعة فرميت الشعرة جهته قبل أن
يعيد وجهه للأمام قائلا " نعم "
قلت كي لا يشك بي " ولما أخذتها "
قال بابتسامة جانبية ونظره على الأطباق أمامه " بسبب المجرمين
اللذين في السجون والناس التي لم تعد تموت "
لويت شفتاي مستاءة وقلت ببرود" لا تنسى أنك قلت
لا نريد لعب لعبة التذكير بأحاديثنا السابقة "
قال وهوا يرفع شعرتي الطويلة ونظره عليها
" أنا حر أقول ما أريد واترك ما أريد "
ثم رماها بعيدا وقال " لا تمسكي شعرك وأنا موجود يا أرجوان "
وقفت مغتاظة وقد فقدت الرغبة حتى في الأكل فقال مغادرا
أيضا " اتصلي بالخادمات لتنظيف الطاولة , الهاتف هناك "
تنهدت بضيق وتوجهت للهاتف ضغطت على الزر الأول وطلبت
منهم المجيء وتوجه هوا لحاسوبه وفتحه جالسا على المجلس الأرضي
المخصص هنا متكأ بمرفقه على الوسادة , بعد لحظة طرقت الخادمات
الباب ودخلتا فقال ونظره على الحاسوب " آخر مرة أجد الحليب بدون
نكهة إن كنتم تريدون الحياة , فكم مرة قلت أني أقرف من رائحته دون
نكهات وأخبروا سيلا تأتي لترتيب غرفة النوم بعد مغادرتي
ولا أحد غيرها يدخلها مفهوم "
قالا معا " مفهوم "
ثم غادرا من فورهما وأغلقا الباب وأنا أنظر لهما ببلاهة , من سيلا
هذه ولما هي تحديدا !! سمعت حينها طرقات خفيفة على الباب
ومتقطعة أعلم جيدا لمن ستكون فقلت من فوري " تفضل "
فتحت ترف الباب ونظرت لي مبتسمة وقالت " ماما هل أدخل "
نزلت مادة يداي لها وقلت بابتسامة " نعم حبيبتي تعالي "
دخلت وأغلقت الباب وركضت نحوي واحتضنتني قائلة
" صباح الخير ماما "
قبلتها وقلت " صباح الخير حبيبتي "
ابتعدت عني ونظرت جهة والدها وقالت " بابا صباح الخير "
قال ونظره لازال ملتصقا بتلك الشاشة
" صباح الخير , جيد لم تنسي الدروس كمعلمك "
نظرت له بغِل , ما يعني بهذا لما لا يذكر نفسه أولا انه لم يقلها لي
تجاهلته تماما والتفت بسرعة على صوت شهقة ترف القوية
وهي تقول " ماما ما هذا في عنقك "
وضعت يدي عليه بسرعة ونظرت جهة جابر فكان ينظر حيث
كان ويكتم ابتسامته , نعم فأنا من وُضعت في هذا الموقف وليس
هوا, نظرت جهتها وقلت " لا شيء حبيبتي "
قالت " أنظري في المرأة كيف يبدوا , ماذا حدث معك "
نظرت له فكان على حاله ولم يزدد إلا ابتسامة يحاول كتمها
كي لا يضحك فقلت ببرود " هذا شخص مسعور هجم عليا البارحة "
قالت باستغراب " ومن يكن مسعور !! ولما والدي
لم يقتله أليس لديه سلاح "
ضحك حينها ذاك المتحجر بصوت عالي فقلت بضيق
" لا يقدر عليه هوا أقوى من والدك "
نظر لنا حينها بضيق وقال " ترف لغرفتك بسرعة
ستأتيك والدتك هناك "
وقفت وقالت " حاضر بابا "
ثم قبلت خدي وخرجت وأغلقت الباب خلفها فوقفت واضعة يداي
وسط جسدي وقلت " يعجبك الوضع كثيرا وتضحك أيضا "
وقف تاركا حاسوبه مفتوحا واقترب مني يضغط قبضة يديه ببعض
قائلا " مسعور ها وأقوى مني , سترين ما سيفعل بك "
قلت وأنا ابتعد عنه " جابر ابتعد عني أقسم أن عظامي كلها تؤلمني "
*
*
وضعت يداها وسط جسدها وقالت " لن أذهب يعني لن أذهب ولن
تعتب قدماي ذاك القصر ثانيتا بعد أن قص لي شعري "
قلت بحنق " لابد وانك فعلت شيئا , لن يفعلها هكذا "
ضربت بقدمها الأرض وقالت بحرقة " لما تسكتون له لماذا "
دخل حينها منصور من الباب وقال مبتسما " ما بها صغيرتي "
قالت ببكاء وهي تريها شعرها " أنظر ابن أخيك قص لي شعري
ذاك اليوم وأمي الآن تريد أن أذهب لقصرهم "
ضحك وقال " يبدوا يريد أن يغير لك قصة شعرك "
قالت مغادرة ببكائها " لما كلكم في صفه لما ؟ حتى أنك لم
تغضب لأنه رآني دون حجاب "
قلت بضيق " عجزت مع هذه الفتاة ولا حل لي معها , لا أعلم
كيف تفكر يا منصور تزوجها به وهي تكرهه "
جلس على الأريكة وقال " لن أخلف وعدي لشقيقي المتوفى أبدا
وما كنت لأرفض زواجه بها حتى لو رفضت هي ذلك وما أخفيت
ذلك عنها إلا من أجل معتصم لأنه طلب أن لا نخبرها "
قلت ببرود " لو تعلم مدللتك بما فعلت ستكرهك "
قال بعد ضحكة عالية " تغارين منها يا أميرة "
قلت بصدمة " أنا أغار من ابنتي !! "
قال بخبث " إذا دعي مدللتي وشأنها "
غادرته مستاءة وأنا أقول بصوت مرتفع " اذهبي لزوجة عمك فورا
لأنها تريدك فلا تحرجيني معها وتحرجيها مع ضيوفها "
*
*
نزلت من السلالم وترف يدها في يدي وبيسان تركتها تكتب بعض
المسائل التي علمتها لها , وصلنا للأسفل حيث كانت جدتهم وامرأتان
معها بثياب فاخرة ورائحة عطرهم تصيبك بالاختناق , اقتربت منهم
ووصلت عندهم ملقية التحية فوقفا وسلما علي وجلسا وقبلت رأس
عمتي وقلت لترف " هيا حبيبتي سلمي على الضيوف "
طبعا كل شيء تحت نظرات جدتها التي تكاد تأكلني من الغيظ
اقتربت ترف منهما وسلمت على كل واحدة منهما بأن قبلت خديها
كما كنت أعلمهم دائما وهما معجبتان بها وبما فعلت ثم أمسكت
يدها مجددا وغادرت بها جهة المطبخ , دخلته فكان واسعا بشكل
مخيف وبه أربع خادمات , أجلست ترف على الكرسي وقلت
" أريد جزرا وشكلاته سائلة من فضلكم "
امتثلن لأوامري فورا وقالت إحداهن " هل أقشره لك سيدتي "
قلت وأنا أجلس " يكون أفضل "
أحضروا لي ما طلبت وبدأت بتقطيعها حيث تكون طويلة
بفتحة أمرر خلالها قطعة طويلة منها كجناح طائرة وترف تغمس
رؤوسها بالشكلاته فدخلت جدتها ووقفت بالمقربة منا وقالت بتهكم
" لكل شيء حدوده هنا وقوانينه والأطفال لا يخرجون للزوار
فسنين حياتي لم يروا لي طفلا لتأتي أنتي وتدمري كل شيء "
نظرت لها وقلت بسذاجة " حقا أنا آسفة لم يكن لدي علم أنك
تخجلين من أن يرى الناس أحفادك "
قالت من بين أسنانها " لم أخجل منهم حتى حين هرب
بهم والدك لأخجل الآن "
قلت بضيق " لا داعي ليستمع الأطفال للماضي كي لا نفتح كل الدفاتر "
قالت من بين أسنانها " لا تلعبي معي يا ابنة فارس لأنك الخاسرة "
تجاهلتها وعدت لما كنت أفعل , أفضل ما في الأمر أن جابر
أخرج نفسه من كل هذا لما كنت سأقدر على قول ما قلت لأنه
لا يعرف سوى العنف وشد الشعر , غادرت هي المطبخ
وقالت ترف " مابها جدتي غاضبة وتضغط أسنانها "
قلت ببرود " هي ليست غاضبة معدتها تؤلمها فقط "
ضحكت تخفي فمها بيدها ونظرت أنا للخادمات وكن
يضحكن بصوت منخفض فقلت " من منكن سيلا "
قالت إحداهن " ولا واحدة "
قلت باستغراب " وأين تكون إذا !! "
قالت " في جناحك من أجل التنظيف "
قلت " ولما هي وحدها المكلفة بذلك "
قالت " هي أكبرنا سنا وأقدمنا والسيد لا يسمح
لغيرها بلمس أغراضه "
آه هكذا إذا ضننت أنه يخفي شيئا لا يعلمه غيرها , قلت
" متى مواعيد الطعام هنا "
قالت إحداهن " الغداء عند الرابعة أو يزيد لأنه وقت عودة السيد
جابر والعشاء عند الثامنة لأنه بعدها لا يمكنه المجيء مبكرا "
نعم فكل شيء على مزاجه , ومن الغريب أنه لم تتحكم والدته
بمواعيد طعامه , تبدوا ديك ينفخ ريشه فقط ولا أحد يأبه لها ولا
تسيطر إلا على الأطفال , وقفت وأخرجت لترف يديها من
صحن الشكلاتة وقلت" يكفيك لعب كم مرة أقول
لك لا تلعبي بالطعام يا ترف "
أخذتها للمغسلة وغسلت لها يديها ثم حملتها بين ذراعاي وقلت
خارجة من المطبخ " طبق الجزر هذا أريده ضمن الغداء "
ثم خرجت من المطبخ ماره بعمتي وضيفتاها وترف تقبل خدي
قبلات متتالية وتضحك فسمعت إحداهما تقول
" ابنك فعل الصواب بأن تزوجها يبدوا الأطفال يحبونها كثيرا "
قالت بصوت مرتفع لأسمعها لأني صعدت السلالم
" لولا الأطفال ما تزوج بها من أساسه "
وصلت بها للأعلى متجاهلة كل ما سمعت فعلاجها عندي
وسترى , توجهت عائدة لغرفتيهما ودخلت أنزلت ترف على
الأرض وقلت " ماذا حدث معك يا بيسان "
مدت كراستها وقالت " حللتها كلها ماما "
جلست عندها وقلت " رائع دعيني أرى "
كنت منشغلة معها وتشرح لي ما فعلت حين دخل علينا ذاك
الصوت " أمجد أنزل لعمي منصور يريد أخذك مع عمر بسرعة "
كان ذاك صوت جابر قادم من خلفي , ما جاء به هذا أليس لديه أعمال
كثيرة ولا يرجع قبل الغداء , نزل أمجد من الكرسي وخرج من الغرفة
مسرعا وقالت ترف " لما امجد فقط "
جاء صوته قائلا " أمور لا تخص الفتيات , أنتي وبيسان ستذهبان
لمدينة الألعاب وحدكما "
قفزت بمرح وأنا طبعا منشغلة مع بيسان لم أكلمه ولم التفت إليه
شعرت بأصابعه تتخلل في شعري لأني ربطته في بعضه فقد كسر
المشبكين الوحيدين اللذان أحضرتهما معي , كان يحرك أصابعه
داخل شعري حتى انفكت عقدته وهوا يتحدث مع ترف مجيبا عن
أسالتها التي لا تنتهي ... متى سنذهب ؟ من سيأخذنا ؟ وماما تذهب
معنا , انفك شعري ونزل مغطيا كراسة بيسان ويده لازالت داخله
فرفعت الجانب الذي نزل عليها وأدخلت أصابعي من أسفل شعري
جهة العنق حتى وصلت لأصابعه لأبعدها فأمسك بأصابعي وضغط
عليهم مع شعري بقوة وأنا أمسك نفسي بصعوبة عن الصراخ متألمة
حتى وصلت أقصى درجات التحمل وكنت سأصرخ لولا أن
دخلت الخادمة قائلة " هاهي الأقراص التي طلبتها سيدي "
ترك حينها أصابعي وشعري وابتعدت خطواته قائلا
" ترف لا تصعدي على ظهر والدتك أو غضبت منك "
ثم خرج وأغلق الباب خلفه وأنا أحرك أصابعي المحمرة من
الألم , نعم يفكر كثيرا بظهري وأصابعي كادت تتحطم بين
يده , هل يضنني أحد مجرميه أم ماذا لأتحمل قبضته القوية
قالت بيسان " ماما ما بها أصابعك حمراء "
قلت وأنا أحركها في الهواء بألم
" هذا ثمن حبي لكم حبيبتي ولم أرى شيئا بعد "
*
*
دخلت حديقة القصر أتذمر بصوت مسموع لأن والدتي
أصرت على أن أذهب لزوجة عمي وقالت أنها ستأخذ مني هاتفي
إن لم أذهب إليها ولأني أعلم أنها ستفعلها كالمرات السابقة لم
يكن أمامي سوى الذهاب , اقتربت من الباب فشعرت بيد تمسكني
من خصري وأخرى تطبق على فمي وتبتعد بي على نظر الحراس
حاولت التخلص منه لكنه يرفعني بسهولة ويسير بي حتى وصلنا
لنهاية الجانب الآخر من مبنى القصر ودخل بي لغرفة تبدوا سرية
فبابها وكأنه جدار للقصر فبدأت بركله وأحسست أن نهايتي اقتربت
دموعي كانت تنزل بقوة , أغلق الباب ثم تركني فركضت مبتعدة
أتخبط في الظلام وقلت ببكاء " ابتعد عني من أنت "
كنت أسمع خطواته فقط ففكرت في أن جابر ليس هنا , معتصم
نعم سيارته كانت في حديقة القصر , ملأت رئتاي بالهواء
ثم صرخت بأعلى صوتي " معتصم تعالى أرجوووك "
انفتحت الإنارة حينها لأجد معتصم أمامي , كنت أنظر له
بصدمة ونفسي يعلو ويهبط من شدة رعبي فقال مبتسما
وفاتحا ذراعيه " شبيك لبيك معتصم بين يديك "
انهرت على الأرض وعظامي كلها ترتجف وبدأت بالبكاء
مستندة بيداي على الأرض ورأسي للأسفل أبكي بحرقة
وعبرات فاقترب مني وجلس أمامي وقال
" بتول يا غبية مابك "
عدلت جلستي وصرخت به " ما بي !! لا شيء غير الرعب يفتت
عظامي لا شيء يا ابن عمي لا شيء يا من تحميني وليس ترعبني "
كنت أشهق بقوة وعبرات فاقترب مني ومسح بيده على وجهي
وضمني لحضنه فاستسلمت له من فوري من الرعب الذي لازال
يُرجف كل مفصل من مفاصلي , ضمني له وهوا يقول
" لم أقصد إرعابك كنت أود فقط جلبك هنا دون شوشرة لأنه
مكان سري ولا يعلم به أحد وأنتي لن تسكتي حتى نصل "
قلت بشهقات متتالية " أخفتني يا معتصم بل كدت تقتلني من الخوف "
ضمني له أكثر وقال " آسف لم اقصد أقسم لك "
ابتعدت عنه وقلت " أنت هكذا تكرهني دائما وتريد أن تنتقم مني "
قال بضيق " بتول يا حمقاء متى ستتوقفين عن الجنون "
قلت ببكاء " أخرجني من هنا ماذا تريد مني "
توجه جهة شيء في آخر الغرفة وأنا من خوفي وبكائي طبعا
لا أرى شيئا واضحا , نزع قطه قماش بقوة لتظهر تحتها لوحة
مثبتة على أعمدة في الأرض وقال " أريد أن أكمل هذه "
مسحت حينها عيناي ونظرت حولي بتركيز ثم قلت
" هل تسرق اللوحات يا معتصم "
ضحك وقال " وهل تريني لصا "
شهقت شهقة صغيرة من تأثير البكاء ثم قلت
" إذا تزوّر اللوحات المشهورة "
اقترب مني وقال ضاحكا " حتى في غمرة خوفك وبكائك
لا تتوقفين عن إهانتي وإلصاق التهم بي "
وصل عندي وامسك ذراعي وقال وهوا يوقفني عن
الأرض " هيا قفي لتنظري للوحتك "
سرت معه وهوا يسحبني من ذراعي وأراني لوحة تشبهني
ولكنها بدون شعر, نظرت له بصدمة وقلت " هل هذه أنا !!"
ترك ذراعي وأمسك الريشة وقال " نعم ولم تكتمل بعد كما تري "
قلت باستغراب " ولما ترسمني وأنت لا تحبني ! "
تأفف وقال " عدنا لذات الاسطوانة يا بتول "
قلت بضيق " هذا واقع وليس اسطوانة فاشرح سبب رسمك لي "
قال ببرود " رسمت الجميع وأنتي واحدة منهم لكن شعرك لم
أرسمه هل ارتحتِ الآن عندما سمعتي جوابا لم أرغب بقوله
وظننتك ستفهمين لوحدك "
بقيت أنظر له باستغراب فقال وهوا ينزع لي حجابي
" دعيني أكملها الآن "
أمسكته بقوة على رأسي وقلت
" معتصم ما هذا الذي تفعله سأخبر والدي وسترى "
ضحك وقال " لا بأس أخبريه ولن يقول شيئا "
قلت بضيق " نعم واثق من نفسك لأنه سبق وفعلتها ولم يتكلم عن ذلك "
نزعه من رأسي قائلا " إذا اهدئي ودعيني أنجز عملي "
قلت بحدة " ومن قال أني أوافق أن ترسمني "
أجلسني على الكرسي مرغمة وقال " أجلسي ولا تتعبيني يا بتول "
فتحت فمي لأتحدث فصرخ بي قائلا " أصمتي قلت لك "
فأغلقته وامتلأت عيناي بالدموع فتأفف بضيق ثم فتح لي شعري
وفرده على ظهري وأكتافي وعدل لي غرتي وزاوية وجهي ثم
عاد جهة اللوحة وقال " لا تتحركي ابقي هكذا "
رفعت يدي ومسحت دمعتي فقال بضيق " بتول قلت لا تتحركي "
قلت بتذمر " كيف لا أتحرك هل ممنوع أن أمسح دموعي "
قال بضيق " نعم ممنوع "
بقيت جامدة مكاني لننهي هذه المهزلة والخوف لا زال مسيطرا
علي فلم أخرج من رعب الموقف بعد ودموعي تأبى التوقف
فقلت " لا ترسم دموعي تفهم "
نظر لي وابتسم وقال " حاضر يا متعبتي "
نهاية الفصل
المخرج خاطرة للغالية على قلبي طعون
أنا الوسن.. من كانت نبته في بداية
حياتها.. وجاءها الساقي ليروي عطش
عروقها.. أسرف في اسقاءها حتى ثملت
منه حبًا.. و سكرت منه صبابةً..
أغرقها من فائض حنانه.. وحين تفتحت
وتوردت جذبت أعين الناس إليها..
الناظر إليها يرغب بشدة أن يمرر
خشونة أنامله على نعومة أوراقها..
ولكنها كانت تميل للساقي يومًا بعد
يوم.. حتى أصبح هو إدمانها الجديد..
روحها عطشى للمزيد.. ولكنّ رياح
الصيف طمعت بها.. و تأملت أن تقطفها..
فقد فتنتها بلونها الزاهي.. وروحها المتوردة..
لكن الوقت لم يسعفها.. لتتركها تترنح
على حافة السقوط.. و يخذلها الساقي..
بظنٍ منه أنها لم تخلص له.. وتخلّى
عنها..لينتقل لوردةٍ أخرى جريحة..
يرغب في مداواتها..
حتى أصابها الجفاف.. وأصبحت تذبل يومًا بعد يوم..
على أمل أن يلتفت لها..
ولكن جفّت عروقها.. وذبل توردها..
وباتت كسيرة.. ولم يعد الساقي..!
سلمت أناملك شهود
بالنسبة للهدايا والتوقعات .... منى سعد توقعت جابر يكون شاري
لأرجوان قمصان نوم كان توقع أدهشني الصراحة
ومالكا قلبي توقعت رفض وسن للعريس بكل هدوء لأنها تحب نواس
طبعا توقعها ما ظهر منه إلا جزء لكن ما بأخر هديتها وليك الخيار
لو تحبي تأجليها للفصل القادم ..... ودمتم في رعاية الله
وأعتذر لأني ما قدرت أفصل الفصل لأكثر من رد وفي القادم بحاول