يسعدلي صباحكم جميعا بالحب والخير والتفاؤل
أولا في فصل اليوم خاطرة شعرية مهداة لحكاية أمل لأنها طلبت مني تقرأ لي قصائد أكثر
ثانيا ....... خلاص أترككم مع الفصل
الفصل الحادي عشر
سحبتها جهة الحاجز الفاصل حيث كنا ننظر وقلت " أنظري "
قالت ببكاء وهي تقاومني " لا أريد أتركني "
صرخت بها " بل تنظري الآن لتتأكدي أن المكان فارغ ولا أحد فيه وغير مستأجر أيضاً
هل جربتِ شعوري الآن هل علمتِ معنى أن تُجرح أنوثتك بعنف , هذا لا شيء أمام
شعوري ذاك اليوم يا قمر , ولا حتى ذرة فلك أن تتخيلي "
لم تجب بأي كلمة كانت تبكي بشدة متكئة على الحاجز ثم نزلت للأرض تخفي وجهها في
ذراعها وتبكي بطريقة تذيب الحجر , قاومت كل مشاعري ودخلت وتركتها توجهت للغرفة
وضربت بابها بقوة وبقيت واقفا في وسطها ويداي وسط جسدي أتنفس بقوة وغيض ثم بدأت
بالدوران فيها محاولاً تشتيت أفكاري ومشاعري كي لا أخرج إليها
بعد قليل توجهت عنوة للباب وأمسكت يدي بمقبضه دون وعي وخرجت للخارج
كانت قمر مكانها تجلس علي الرمال تحضن ساقيها وتخفي وجهها فيهما وتبكي بذات
بكائها الذي لم يخِف عن السابق , كانت تشهق وتبكي بعبرة وتصرخ بحرقة كله في آن
واحد ومؤمن يحاول تهدئتها والتحدث إليها
مسحت وجهي بيدي وتنهدت بضيق عدة مرات ثم توجهت ناحيتهما , وصلت عندهما
وأشرت لمؤمن أن يدخل وجلست بجوارها ثم سحبتها لحظني فاستسلمت لي من شدة
تعبها بسبب هذا البكاء المخيف , كنت أحضنها برفق وأقول " أشششش يكفي يا قمر "
لكنها كانت علي حالها تمسك قميصي وتدفن وجهها في صدري وتبكي بحرقة فقلت
بضيق " قمر يكفي أنا آسف "
أمسكت قميصي بقوة أكبر وقالت بألم " أريد والداي لما ذهبا وتركاني لكم لماذا "
شددتها لحظني بقوة وقلت بهدوء " قمر لا نفع من هذا الكلام الآن هيا اهدئي "
بقيت محتضنا لها أمسح علي ظهرها وكتفها برفق حتى هدأت قليلا ثم ابتعدت
عني وجلست على الرمال وحدها ونظرت لي بعينان حمراوان وأنف محمر من
البكاء وقالت بحسرة " هل تعلم ما كان شعوري أنا ذاك الصباح حين استيقظت ووجدك
تسجن نفسك في مكتبك ووجدت نفسي أضحوكة لك ولمشاعري وحتى للجدران حولي "
عدلت طرف وشاحها بقوة وتابعت بدموع تتدحرج من عينيها
" كان شعوراً يفوق شعوري الآن بملايين المرات بل
ويفوق شعورك يومها بأكثر منه بكثير "
قلت بحرقة " لا ليس كذلك أنا كنت ........ "
ثم تأففت ووقفت ودخلت للداخل عائداً للغرفة من جديد وارتميت علي السرير أتأفف
وكأني افرغ بذلك ما أكبته , لا أفهمك يا قمر أبداً , لا أفهم سبب موافقتها علي رغم ما
فعلته بي لا أفهم مشاعرها اتجاهي ولا حتى مشاعري اتجاها ففي تلك الليلة شعرت أني
في عالم خاص معها , أشياء لم أشعر بها في عالمي الفارغ سابقاً أحسست وهي بين
أحضاني أني لم أكن موجوداً في هذا العالم فهربت منها مجدداً وسجنت نفسي في
المكتب أعيد خلط أوراق تفكيري وترتيبها لأخرج بقرار واحد إما أني أحبها أو أني
أكرهها وعليا إبعادها عني كي لا أؤذيها ولم أصل لنتيجة ولم يخرجني من عالمي
ذاك إلا صوت أدوات المطبخ تتطاير على الأرض لأصدم بحالتها وأكثر بكلماتها
وهي تطلب مني الابتعاد عنها
لقد جرحتني حينها جرحاً لم يوازيه سوى خذلانها لي وخيانتها سابقاً , لقد أهانتني
في رجولتي قبل مشاعري فأن تتذمر المرأة فقط من العلاقة الحميمة مع زوجها
ذلك كفيل بطعنه بعنف فكيف بها وهي تصرخ ندماً على ما حدث بيننا
بقيت مكاني لوقت لم أرحم شيئاً من يداي الغاضبتان لا الوسائد ولا الأغطية
ولا أفهم سبب ما أفعل وما يحدث , بعد وقت طرقت قمر الباب ودخلت أغلقته
خلفها ووقفت مستندة على الجدار بجانبه تنظر للأرض بحزن ثم قالت
" هل يمكننا حل تلك المشكلة كي لا نعيش في دوامتها كل الوقت "
بقيت أنظر لها بصمت كانت تمسك حجابها في يدها وتمسح بيدها الأخرى الدموع
التي لا تتوقف أبداً وعيناها للأرض , شهقت شهقة صغيرة ثم نظرت لي بأكثر
ملامح على وجه الأرض تحمل حزنا وقالت
" لا أحد من البشر لا يخطئ لكن الكارثة أن يبقى كل واحد منا يفهم الآخر خطأ "
غادرت السرير توجهت نحوها جمعت شعرها المبعثر حول كثفيها ولممته خلف
ظهرها وأنا أقول " يكفي بكاء فلننسى كل ما حدث يومها ولن نتناقش فيه أيضاً "
نظرت لي بضياع فقبلت خدها وغادرت , كل واحد منا جرح الآخر بما فيه الكفاية
وبث أفهم موقفها مني ذاك اليوم , خرجت من الشاليه وتوجهت لحيت كان يجلس
أسعد وحيدر يشربان الشاي ويتبادلان الضحكات , عدلت قميصي المبعثر وجلست
فقال أسعد ضاحكاً " يبدوا أنه كان عليك المجيء وزوجتك وحدكما "
ضحكت وألمي في داخلي يبكي يا لك من واهم يا أسعد ويالي من مدعاة للشفقة
ولا يعلم بي أحد , جلست مكتفيا بالصمت والنظر لصديق حيدر وأطفاله يلعبون
عند الشاطئ وكان مؤمن يلعب وحده , يبدوا لي يحبها لدرجة خوفه من غضبها
منه حتى أنه حرم اللعب مع البقية
بالأمس ظهرت قمر المهاجمة بالمقالات النقدية في الصحيفة , علمت الآن لِما مؤكد
أنها كانت غاضبة ومستاءة حين كتبتها , وقد ظهرت اليوم قمر المجروحة الكابتة لكل
ألآم الماضي وفقدها لوالديها , وما لم يخرج منها حتى الآن ضوء القمر الخائنة لتفصح
عن خبايا ما حدث , وقف أسعد مغادراً فقال حيدر بهدوء ونظره للبحر " ما بك يا رائد "
قلت بذات الهدوء " لا شيء , ما ترى بي أنت !! "
تنهد وقال وهوا يلعب بعود قش بين أصابعه وينظر إليه
" أراك لست رائد الذي أعرفه رغم العالم المنعزل الذي كنت تعيشه لم تكن كما الآن "
نظرت له بحيرة فنظر لي وقال " أنت ضائع , ضائع يا رائد صارحني لأساعدك "
نظرت للبحر وقلت بسخرية
" يبدوا لي لا يوجد لديك شيء غيري تقيم عليه دراساتك كل حين "
رمى بالقشة على صدري وقال بجدية " تكذب لو قلت أني مخطأ فيما قلته "
رفعتها من على البساط ولعبت بها بيدي وتنهدت وقلت " دعك مني أزمة وستمر "
كان يريد قول شيء ما لولا اقتراب أسعد منا , ما سأقول لك يا أخي أحب ولا أحب
أكره ولا أستطيع أن أضر أعقل وأجن في نفس اللحظة , بما أخبرك بجرحي منها
وزواجي بها رغم خيانتها أم بطفولتي معها وقسوتي ناحيتها رغم ما اعلمه عن تلك
الطفولة , ما أقول لك ولنفسي ولغيرنا , لما خرجتِ في حياتي يا قمر لما عدتِ من
الماضي لما التقيت بك مجدداً
اقتربت قمر حينها من مؤمن يبدوا لتشاركه اللعب , قاما بتغيير الكرة بكرة بحر وبدأ
بتبادل قذفها لبعض , مؤكد لن تلعب معه كرة القدم ولا أتخيل أنثى كقمر تفعلها
كنت أراقبها بصمت في كل حركة تتحركها وكل ابتسامة تحاول بها كتم حزنها
عن ابن عمتها , أنثى أتحدى نفسي قبل الجميع أن تتوقف عن تأملها حين تضحك
وتبتسم , مر حينها ذات الشابان البارحة بجوارهما ونظر لها ذاك الذي اصطدم بها
نظرة متفحصة بكل وقاحة حتى ابتعد وهي أخفضت رأسها أرضاً ما أن رأته
هممت بالوقوف وعيناي يقدح منها الشرر وجوفي يحترق كالنار فأمسكتني يد
حيدر وهو يقول " رائد لا تفتعل المشاكل إنه يستفزك "
قلت بغيض " لا ليس استفزاز وهوا لم يلحظ وجودي أنا أراهما منذ اقتربا "
قال بجدية " عليك أن تعتد مثل هذه المواقف يا رائد "
رميت يده عن يدي وقلت بغضب " هل ترضى أنت لزوجتك هذا , هل رأيته
كيف كان ينظر لها بكل جرأة ووقاحة وكأنها شيء يخصه "
قال أسعد مهدأً للوضع " رائد هذا أمر يحدث مع كل النساء وزوجتك أنت تعلم
لا أريد إغضابك مني ولكنها أنثى مختلفة ولها سحراً مميزاً "
قلت بصراخ " أصمت يا أسعد ولا حرف آخر "
نظرت لمن كانوا حولنا ووجدتهم جميعاً ينظرون لي بصدمة من صراخي
وقفت انفض ثيابي بغيض وتوجهت ناحية قمر ومؤمن وقلت بهدوء ممزوج
بالضيق " العبا بالمقربة منا هناك "
قالت قمر من فورها " هيا يا مؤمن لننتقل حيث قال "
أخذ الكرة وتبعاني , جيد أنها لم تعاند لكنت فجرت الشاطئ ومن فيه
هي تعي ما فعل ذاك الوغد وتعلم أني رأيته
عدت للجلوس معهم وجلبا قمر ومؤمن أدوات الحفر وتركا الكرة وبدءا بصنع قلعة
كنا نتبادل الأحاديث وعيناي تتجولان في الشاطئ راصدا لحركة الشابان
أقسم إن اقترب ناحيتها مجدداً قطعته بأسناني , أبدوا مجنونا ولكنه شعور يغلبني ولا
أنكر أني أريد إخفائها عن الجميع , لما هي فقط حين تعبر أمام الرجال ينظرون إليها
عنوة دون الباقيات , لما حين تضحك ينظر الجميع لمصدر تلك الضحكة , فما كان
لأي زوج أن يحتمل هذا حتى إن كان يكرهها بجنون , بعد قليل قررا حيدر وأسعد
الدخول للبحر للسباحة ولم أحبذ الفكرة وبقيت وحدي جالساً مكاني وبدأ صوت قمر
ومؤمن يصلني بوضوح وهما يلعبان بالمقربة مني
كان يضحك ويقول لها " لن تدخلي قلعتي أبداً لديك منزلك ورائد "
ضحكت وقالت " ولكني ساعدتك في بنائها يا أناني "
ضحك وقال " لقد خدعتك ولن تدخليها أبداً "
التفتت للخلف ونظرت جهتهما ورفعت حجراً كبيراً وضربت به جزءً من
قلعته في رمية واحدة فصرخ من صدمته ونظر لي بغيض وقال
" لماذا ؟! إنها قلعتي لقد أفسدتها "
قلت ببرود " لأنك منعت قمر من دخولها "
نظر لقمر وقال بغيض رامياً بيده في وجهها
" لن تدخليها أنتي وزوجك هذا وستبقيان عند الباب "
ضحكت قمر ورفعت الحجر ورمته على الجزء السليم منها فوقف وأمسك حفنة
من رمال ورماها بها وغادر راكضاً وبقت هي مكانها تنفض الرمال عنها وتتمتم
بغيض فنظرت جهة البحر وقلت بهدوء " لقد وجه لي مؤمن سؤالاً لم أعرف بما
أُعلق عليه وبقيت أحملق فيه بصدمة ولا أعرف من أين جاء به "
ثم نظرت جهتها بابتسامة جانبية وهي تنظر لي بحيرة وقلت " قال لما لم
تنتظرها تلبس ثيابها أولاً ثم لعبت معها لعبة الرفع للأعلى والدوران بها لأن
منشفة الحمام كانت ستسقط منها "
كانت ردة فعلها ضحكة بهستيرية حتى كادت تسقط أرضاً وهي تستند على الرمال
بيدها ووجهها للأسفل , ضحكت كثيراً ثم هدأت تتنفس بقوة لتصدمني دموعها التي
بدأت تتساقط على الرمال مباشرة وكأنها ليست من كانت تضحك قبل قليل
وقفت بعدها تمسح دموعها وغادرت جهة الشاليه وأنا أنظر ناحيتها باستغراب
علمتُ لما كانت تضحك فلما كانت تبكي هل لنفس السبب !! , اقترب حينها
صديق حيدر يجر ابنه وجلس وأجلسه معه وهوا يقول بحدة
" كم مرة حذرتك من السباحة بعيداً عنا وها قد كدت تغرق يا غبي "
كان ابنه يسعل دون توقف عدلت جلستي وضربته على ظهره بقبضتي ساداً
أنفه بأصابعي فخرجت المياه من فمه وهدأ سعاله وغادر جهة والدته وبقينا أنا
ووالده نتبادل الأحاديث حتى عاد حيدر وأسعد وانظما إلينا ومر باقي اليوم نحن
الرجال نتحدث ونلعب الشطرنج والنساء بين الأطفال وإعداد الطعام وعند منتصف
الليل اقترحوا أن نجلس مجدداً كالبارحة حول النار جلسنا كما في الليلة السابقة
الرجال في جانب والنساء في جانب , كانت قمر تكتف يديها وتنظر للنار
بشرود وحزن وعيناها تلمعان من اللهب وكأنها تحبس دموعها فيهما ليعكسا
صورة النار ببريق أحمر ملتهب , تنهدت وأبعدت نظري عنها محاولاً التركيز
مع البقية , حيدر يبدوا لاحظ شيئاً علينا لذلك قال ما قال فكان عليا تغيير تلك
الصورة فأنا أكثر من يكره تدخل الغير في خصوصياتي مهما كان قربه مني
قلت بصوت مرتفع ليسمعه الجميع
" أرى أن يجلس كل واحد منا بجوار زوجته لما تضعونني بين الرجال سوف أتقيء "
ضحك الجميع عدا قمر التي كانت تنظر إليا بصدمة ضربني حيدر على كتفي وقال
" وما أقول أنا وأنا أستنشق رائحة السجائر من ثيابك قم هيا ولتأتي زوجتي بجواري "
وقفت ضاحكاً وتبادلنا جميعنا الأمكنة وأصبحت أجلس ملاصقا لقمر مررت يدي
خلف ظهرها وأمسكت خصرها فشعرت حينها بجسمها كله أرتجف همست في أذنها
" أعلم مدى كرهك لمسي لك ولكن استحملي فقد أصبحنا حديث الجميع "
رأيت حينها يدها تنقبض وأنزلت رأسها للأسفل مؤكد لتخفي عيناها , لما تبكي
من شيء هي تعلم أنه حقيقي ولم أكذب فيه !! ضممتها ودسست وجهها في حضني
لأخفيه عنهم لأني سأفسد الوضع بدل إصلاحه , نظر حينها حيدر وأنوار لبعضهما
وابتسما وكما توقعت هما يُشغلان ذكائهما بنا , همست لها مجدداً وهي في حضني
" يكفي يا قمر أنا آسف حسناً "
ابتعدت عني ورأسها لازال أرضاً فغمز لي أسعد وكأنه يقول لي أحرجتها يا رجل
ابتسمت له ولذت بالصمت قال حينها حيدر
" ما رأيكم لو نلعب مادمنا أفرقة كلن وزوجته "
ضحك أسعد وقال " إن كانت أسئلة ذكاء أخرجوا رائد وزوجته لأنهما سيغلباننا "
ضحك الجميع وقال حيدر " لا تخف فلم يفوتني ذلك "
قلت بضيق " مخادع "
ضحك وقال " اصنع ما شئت أنا من اقترح الأمر وأنا من يحكم "
ثم وضع يده على كتف زوجته وقال
" حسناً سنلعب لعبة الذكاء فقط لأثبت لك أننا نستطيع هزمكما "
وضعت يدي على كتف قمر وقلت بتحدي " سنري , وما ستكون الجائزة ؟! "
ضحك وقال " أي شيء تشترطه الزوجة على الجميع "
قلت بضيق " أقسم أنك أكبر محتال حسناً نحن مستعدان "
بدأ كل فريق يطرح سؤالاً ذكياً على الفريق الذي بجانبه وكل واحد يريد أن يخسر
الآخر , كنت أجيب مباشرة فأغلب الأسئلة أعرفها لحبي للمطالعة حتى سألانا عن
سؤال خاص بالنساء ... إنه فخ أعلم , رفعت حينها قمر وجهها لأذني فقربتها منها
فهمست لي " إنه خرز العقد "
قبلت خدها وقلتها من فوري فتذمر الجميع لأن الجواب صحيح فقلت بغيض
" لما هذا أنتم متفقون ضدي وقمر هذا لا يجوز "
قال حينها أسعد بضحكة " لما لا نتبادل أنا وأنت فزوجتي ستكون سبب خسارتنا "
شعرت بالرغبة في ركله بعيداً كيف سمح له خياله أن يفكر في هذا فانقدت زوجته
الموقف قائلة " ومن هذا الذي حرمني هوا وأبنائه من أن أنهي تعليمي لأعلم أجوبة
كل هذا ثم أنا لم أراك تجيب أجوبة صحيحة "
ضحكت بقوة وشددت كتف قمر لي أكثر وقلت
" وأضف لمعلوماتك زوجتي لن استبدلها لأحد وإن كانت لا تجيب بشيء "
نظرت له زوجته حينها بضيق فضحك وقال " أعلم ... عليا أن أتعلم منه "
قال حيدر رافعا يده " انتهى ألغينا اللعبة "
قلت معترضا " هيه لا تغش نحن فزنا وقمر ستشترط عليكم جميعاً "
تأفف وقال " أمرنا لله وحمدا لله أني تداركت الأمر واشترطت الزوجة وليس الزوج "
ضحكت وقلت وأنا أنظر لها " قمر عليك بهم "
نظرت لي ثم لهم وقالت
" تجمعون أغراضنا عند المغادرة ونحن لن نفعل شيئاً سوى الركوب في السيارة "
صرخوا حينها معترضين وأنا وقمر في ضحكة واحدة ثم قال حيدر بغضب
" اقسم أنكِ فقتِ زوجك "
واستمرت السهرة في أحاديث عابرة وكانت قمر تلوذ بالصمت أغلب الوقت وعيناها
على يديها في حجرها تلعب بأصابعها بخيوط الوشاح الصوفي الذي تضعه على كتفيها
ولا تشارك بشيء حتى قال أسعد " رائد أسمعنا قصيدة من قصائدك المنسية "
نظرت لي قمر حينها بصدمة فلا أحد يعلم أني اكتب القصائد سوى أسعد وقيس
فشجع البقية الفكرة وسكتوا جميعهم ينتظرونني فقلت بعد صمت وأنا أشد على
كتف قمر " ما أطول الليل .... وما أصعب الذكرى
حين تنطفئ أنوار أرصفة المدينة
وترقص جراحي بدلاً عن تلك الأضواء
ليبدأ العناء ....
فتبكي المنازل والشوارع ظلم حبيبتي القديمة
وتختنق الأرض ويصل صوت نحيبها حتى السماء
تحية يا أميرة المساء ...
يا من كسرتي القلب والذكرى الجميلة
يا من جعلتِ الصيف في قلبي شتاء
أجل تحية يا أميرة المساء
مني إليك لغدرك لتاريخك في قصصي الحزينة
للحب للشوق لكل الأماني التي حولتها لهباء
ويأتي المساء
و ....... "
توقفت حينها وأنا أرى دموع قمر تسقط في حجرها دون أن تمسحها مطأطئة
برأسها ودموعها تلمع وسط لهيب النار وهي تسقط من عينيها مباشرة وتقبض
بيداها على طرف الوشاح بقوة
قال حينها أحدهم ولا أعلم أو أعي من كان " تابع ما بك توقفت "
قلت بهدوء حزين " نسيت الباقي "
وقفت حينها قمر واعتذرت مغادرة ووقفت بعدها فقالت أنوار
" ما بها قمر ؟! "
قلت مغادراً " هي معتادة على النوم مبكراً تصبحون على خير "
ضحك حيدر وقال " أنت أعرفك تحب السهر فلما وقفت "
قلت موليا ظهري لهم " سأذهب لزوجتي ما أصنعه بك أنت "
تابعت سيري وسط ضحك الجميع وصلت هناك دخلت الغرفة فكانت تجلس
على الكرسي أمام المرآة رأسها أرضاً وشعرها مفتوح يغطي جسدها
أمسكت مقبض الباب ووقفت عنده وقلت بهدوء " قمر "
قالت بهدوء حزين دون أن تنظر إلي
" لا داعي لشكري على التمثيلية أنا مثلك لا أريد أن نصبح حديث الجميع "
فتحت فمي لأتحدث ثم أغلقته , ليس هذا ما كنت أريد قوله كنت أريد أن أسألك
لما تقتلين القتيل وتبكي عليه !! لما بكيتي من القصيدة التي أنتي أدرى البشر أنك
المقصودة بها حين كتبتها , هل تشعرين بالذنب هل تكفرين عن ذنبك بزواجك بي
أم لتستمري في لعبة خداعي , ومن الجيد أنها أسكتتني عن الكلام في الأمر فليس
عليا أن أفتحه مادامت تنكره وتدعي أنها بريئة من كل ذلك
هممت بالخروج حين استوقفني صوتها قائلة
" لا تنم في الردهة مؤمن رآك بالأمس لا تستهن به فلسانه يلتف حول عنقه "
كدت أضحك في وقت الضحك آخر ما أفكر فيه وقلت ببرود
" أين سأنام إذا في السطح !! "
وقع المشط حينها من يدها التي ارتجفت بقوة , ألم تذكر في المذكرة أنها تلقت
العلاج لعامان كاملان , لما تؤثر بها كل تلك الأمور حتى الآن أم أني أنا من
يربطها بها , أغلقت الباب ودخلت جلست على الطرف الآخر للسرير موليا
ظهري لها ولا أستمع سوى لحركتها في الغرفة , بعد وقت شعرت بها تدخل
السرير بقيتُ جالساً لوقت طويل ثم رفعت اللحاف ونمت أنا وهي على نفس
السرير نتغطى بنفس اللحاف أسمع أنفاسها وكأنها داخل أذني , كنا كلينا ننظر
للسقف في صمت فقالت بهدوء " رائد لما تزوجتني وأنت لا تريدني "
قلت بذات الهدوء " لن أجيب على سؤالك قبل أن تجيبني على سؤالي "
قالت بحزن " قد نندم كلينا على نبش إجابة سؤالك "
قلت " وقد نندم أكثر لو أجبت أنا عن سؤالك "
طال الصمت كثيراً سوى من أنفاسنا ثم قالت
" هل ثمة أمل أن يتغير كل هذا يوماً "
كان سؤالها داء أكثر من كونه دواء كان ظلاماً حالكاً رغم النور في معانيه
مازلتِ تُغطين على فعلتك بالأوهام يا قمر , لازلتِ تريدين مني مسامحتك
على ما تخفيه عني لتعيشي معي على الكذب
قالت عندما لاحظت صمتي " إذا الجواب لا "
قلت مغمضا عيناي " لا أعلم "
قالت بحزن " إذا جوابك يومها هوا الجواب على ذاك السؤال مجرد خادمة لا غير "
لم أجب وعدنا للصمت من جديد , بعد وقت غيرت من وضع نومها وأصبحت مقابلة
لي وأنا نظري للسقف نائماً على ظهري كما كنت وكنت أشعر بأنفاسها تلفح وجهي
بهدوء لا أعلم إن كنت أتوهم أم حقيقة هي وصلت إلي , نظرت جهتها فكانت تجمع
كفيها تحت خدها وتنام عليهما وعيناها مغمضتان ولست اعلم إن كانت نائمة أم لا
فغيرت أنا أيضاً من نومتي وقابلتها أتفحص ملامحها الطفولية الفاتنة بصمت وهي
مغمضة العينين ثم بدأت أمرر أصابعي في شعرها رافعا يدي للأعلى حتى نهايته
ليسقط على وجهها وأعيد رفعه من جديد حتى فتحت عيناها فقلت وعيناي على
أصابعي في شعرها " شعرك جميل يا قمر "
عادت لإغماض عينيها وقالت بهدوء " ولكني لا أشعر به "
نظرت لها بصدمة وقلت بهمس " لماذا ؟! "
قالت بحزن " أشعر أنه غير موجود ولا يراه أحد لا أنا ولا غيري "
كلماتها تلك يبست يدي في مكانها عالقة في الأعلى , لم تتخطي شيء من
الماضي يا قمر أقسم أنه لازال يعيش في داخلك وليس لأي طبيب على هذه
الأرض أن يخرجه , أنزلت يدي وأبعدت شعرها عن وجهها وقلت
" ولكنني أراه "
قالت بابتسامة حزينة ودمعة تتسلل من بين رموشها " لن أصدق ذلك مهما قلت "
شعرت حينها بالخدر في أطرافي ووددت أن أحضنها بقوة وأخفف عنها هذا الحزن
والألم ولكن كيف وخيانتها ستقفز في مخيلتي لتجعلني أقسو عليها
مددت يدي ومسحت بإبهامي الدمعة العالقة في رموشها وهي على حالها لم تفتح
عيناها , قربت إبهامي من شفتاي وقبلته بهدوء , اعذريني يا قمر فهذا فقط ما اقدر عليه
وليتها ظهري وكل حديثنا يدور في رأسي كالطاحونة في الريح , لما لا تريد الجواب
على سؤالي لما لا تريد أن تقول عن السبب الذي جعلها توافق علي لما لا تجيب إن
كان السبب حبها القديم لي هوا السبب أم هي خيانة جديدة فقط , لما لا أفهم !!
تنهدت بضيق عدة مرات فجاءني صوتها قائله
" إن كنت متضايق مني نمت على الأرض ولن اغضب قل بصراحة "
قلت بعد ما استوعبت ما قالت " كيف تنامين على الأرض !! "
قالت بحزن " لا تقلق بشأن ذلك أنا أكثر من أعتاد تلك النومة "
طارت حينها الحروف من لساني ولم استطع قول شيء ولم أشعر بنفسي
إلا وأنا ألتفت ناحيتها وأشدها لحظني بقوة
وهذه كانت نهاية الفصل الحادي عشر
في الفصل القادم ستنتهي رحلة بطلينا ولكن ليس لمنزلهما .... فإلى أين يا ترى
وأيضاً حدث في نهاية الفصل سيغير الكثير من مجريات الأحداث فما هوا ومن
يخص منهما , كونوا من متابعي بقايا الرحلة وبداية النقلة جديدة في الرواية
دمتم في رعاية الله جميعا ......