أعتذر منكم جميعا انقطعت عندنا الكهرباء
الفصل الثلاثون
تنفس بقوة وكأنه كان يركض لمسافات كبيرة نظر لي ثم
لوالدي ثم لي وقال بهدوء " قمر رائد في المستشفى "
بقيت أنظر له غير مستوعبة ما قال وكأن عقلي نبهني أن ثمة شيء
في حياتي ركنته جانبا , شيء عالق في عقلي الباطن واستيقظ من
جديد , كنت كصورة معلقة في الشارع ونظري عليه فتابع قائلا
بعدما طال صمتي " الشهرين الماضيين تدهورت صحته بسبب
إفراطه في التدخين وهوا على حاله يرفض العلاج وفي الثلاثة
أيام الماضية سجن نفسه في منزله حتى كسرنا عليه الباب ووجدناه
مرمي أرضاً وهوا الآن في المستشفى منذ ليلة البارحة "
تحركت عيناي من عليه ورفعت رأسي ونظرت لوالدي فابتسم
لي وقال " كما يريد قلبك يا قمر "
بقيت انظر له في صمت وعيناي تمتلئ بالدموع وكأنها تريد البوح
عما يعجز عنه لساني فضمني له وقبل رأسي ثم نظر لحيدر وقال
" في أي مستشفى هوا "
قال من فوره " هنا في مستشفى العاصمة "
عدنا للسيارة وانطلق من فوره متجها إلى هناك , كنت في صمت
الأموات كمن يحملونه للمجهول وهوا يعلمه ولا شيء يتحدث سوى
محرك السيارة , ووالدي لم يتكلم عن شيء ولا عن صمتي , وصلنا
بسرعة فنزلت راكضة دون شعور , دخلت وتوجهت من فوري جهة
السلالم , كان والدي يناديني لنسأل عن غرفته أولاً لكني صعدت من
فوري وكأن ثمة من يقودني حتى وصلت للغرفة التي أخذني إليها قلبي
قبل قدماي , كانت مفتوحة وقفت عند الباب وكان ثمة ممرضة أمام
السرير تخفيه عني ولا يظهر منه سوى ساقيه إحداهما على الأرض
والأخرى فوق السرير ويبدوا جالسا ومتكأ على ظهر السرير
كانت الممرضة تقول بضيق " يا سيد دعني أنجز عملي أرجوك
فعليا حقنك بالمغذي لنسكب فيه العلاج "
قال بصوت متقطع الأنفاس وكأنه كان يركض
" اتركيني أرحل قلت لك "
تأففت الممرضة بضيق فاستجمعت قواي المبعثرة على عتبات
أبواب المستشفى ململمة بقايا حواسي وقلت بصوت هادئ منادية
" رائد "
ابتعدت الممرضة تنظر لي وظهر هوا من خلفها , كان وجهه شاحباً
ولحيته بدأت بالظهور دون حلق , نظر لي مطولاً بعدم استيعاب لأشعر
أن أنفاسي تتقطع كأنفاسه وكأن ما به أصبح بي فابتسم ابتسامة صغيرة
وكأنه يجبر شفتيه المتعبتان عليها ثم مد يده اليمنى لي وقال بهمس خافت
بالكاد تتحرك معه شفتاه " تعالي "
هززت رأسي بلا وعيناي تكادان تدمعان فقال بهمس " لما حبيبتي "
قلت بحزن " ليس قبل أن تتركها تعطيك العلاج "
مد يده لها من فوره فغرست فيها المغذي بخفة وسرعة وبدأت بسكب
العلاج فيه ثم خرجت وفتح لي ذراعاه وقال بابتسامة " تعالي يا قمر "
ركضت جهته وارتميت في حضنه وكأني أنام فيه للمرة الأولى
بل كانت بالفعل أول مرة أرتمي في حضنه من تلقاء نفسي , لأول
مرة أشعر بمغناطيسية جسده بل لأول مرة يجذبني شيء غير الأرض
ضمني إليه بحنان وقال " وأخيراً طفلتي الحبيبة فتاة طفولتي وحب
شبابي وشريكة حياتي لقد تأخرتِ عني كثيراً "
كنت أدس وجهي في صدره ولا شيء سوى البكاء , أدفن وجهي حيث
الأضلع التي تتنفس بقوة وصعوبة ويخرج منها صوت كالصفير من تعب
رئتيه وصعوبة تنفسه , قبل رأسي وقال " يكفي بكاء يا عذاب رائد وقلبه يكفي "
كنت أتمسك به كورقة شجر تعصف بها الريح تتمسك بالغصن كي لا تفقده
وقلت بعبرات " لا تمت لا تفعل هذا "
مسح على ظهري وقال " ما كان للحياة معنى من دونك حبيبتي
لا يمكنني العيش معك لذلك لا يمكنني العيش بدونك "
ابتسمت من بين دموعي وقلت " ما أقساه من شعور لقد جربته "
ضمني له بقوة أكبر وقال " علمت الآن لما لم يستحمل قلبك كل ذلك
سحقاً للحب كم هوا مهلك ومضر "
جلست ومسحت دموعي انظر لملامحه المتعبة لوسامته التي بدأ
يشوبها المرض ثم مددت أصابعي ومسحت على وجنته المرهقة
وكأني أريد إزالة كل هذا عنها فشدني لصدره مجدداً اتكئ عليه
بهدوء وقال " لم يفهموا أن علاجي أنتي وهذا الصدر يحتاجك
ليعيش وهذه الرئتين تحتاج وجودك وقربك لتتنفس فما كان
سيجدي علاجهم دونك "
مسحت على صدره بيدي وقبلته لعلي أعطيه من صحتي الناقصة
لأزيل هذا عنه فغمر وجهي فيه بيده وقال ونظره للسقف
" أخبريهم يا وجه القمر ..... يا ضحكة سنين الطفولة يا مراجيح القدر
أخبريهم كيف يرجع بي العمر ..... وتختفي كل الرجولة عند عيناك
الخجولة وينصهر حتى الحجر ..... كيف يشتاق البشر علميهم كيف
يشتاق البشر ... حين تنعدم الكهولة والفحولة عند بابك كل لحظة
تنحسر ..... ذكريهم أنتي يا وجه القمر يا أحاديث الطفولة يا ملاذي
يا تعابير المعاني والصور .. أخبريهم يا حبيبتي يا قمر "
قبلت صدره مجدداً هذا الصدر الذي تخرج منه هذه الكلمات العذبة
ويئن بين كل كلمة وأخرى مصدراً صفيراً متألماً ثم نمت عليه وقلت
" رائعة يا رائد "
ثم رفعت وجهي له وقلت بابتسامة مائلة
" ماذا فعلت بأشعار الخيانة القديمة "
ضحك وشد أنفي بإصبعيه وقال " تخلصت منها منذ شهور "
جلست مبتعدة عنه فمسح بيده على وجهي مبتسماً ثم سعل كثيراً وقبض
بيده على قميصه بقوة عند صدره ثم بدأ بضربه بقبضته وهوا يسعل بشدة
فوقفت وأمسكت يده وقلت " رائد توقف عن ضربه أنت تؤذي نفسك بهذا "
اتكئ للخلف ونظر للأعلى وتنفس بقوة عدة مرات وقد توقف عن
السعال , نظرت للمغذي وقلت بضيق " لما هكذا يسكب بسرعة , تلك
المغفلة من أخبرها أنك تريد أن تموت وأنه لا أحد يحتاجك "
ابتسم ونظر لي وأنا أعدل سرعته وقال
" لا أحد غيرك قد يحتاجني ليشعر بي "
نظرت له وهززت رأسي بلا وقلت " ومن قال أنه لا أحد
غيري يحتاج وجودك في هذه الحياة "
عاد بنظره للأعلى وقال " الجميع يعيشون حياتهم لهم أزواجهم
وأبنائهم فإن لم تحتاجي أنتي لي فلن يحتاجني أحد يا قمر "
بقيت أنظر له باستغراب , ما الذي يجعله يفكر هكذا ! هوا الآن يمر
بكل المراحل التي مررت بها سابقاً , أمسكت يده ورفعتها نحوي قائلة
" بلى هناك من يحتاجك غيري بل وأكثر مني "
تم وضعت يده على أسفل بطني وابتسمت بعينان تمتلئ بالدموع وقلت
" هنا يوجد من يحتاجك "
نظر ليده بصدمة ثم لي وقال هامساً بابتسامة دهشة " ابني "
مسحت دمعتي وقلت بابتسامة " بل ابنيك "
فتح فمه مندهشاً ثم قال بصوت مصدوم " تؤم "
هززت رأسي بنعم مبتسمة له فحضنني عند خصري وغمر وجهه
فيه يقبله ويحضنه ويشده بقوة ويبكي دون كلام وأنا أمسح على رأسه
وأبكي وأدركت حينها أني نقطة التحول الفعلية في حياته وأني من ستوفر
له ما فقده سنين هجرانه لأهله , نعم كنت أنانية حين فكرت أني وجدت
والدي ولم أعد أحتاجه ونسيت أنه هوا من يحتاجني فلن تعود والدته للحياة
ولا والده الذي لا تؤثر عودته من عدمها فلن يجد الحنان والأمان عند أحد
إن لم يجده عندي , لعبت بشعره بين أصابعي وقلت بابتسامة حزينة
" رائد أنت تؤلمني ستخنقهما "
خفف من شده لي وقبل بطني مجدداً ثم نظر لعيناي وقال
" لا أصدق هل أنا في حلم ! هل كل هذا لي وحدي "
تحمحم حينها أحدهم في الخارج فابتعد عني ووقف والدي عند
الباب , نظر له رائد ثم لي ثم امسك يدي وقال بجدية ونظره
على والدي " لن تأخذها مني , لن تأخذها إلا على جثتي "
ابتسم والدي وقال " لن اجبرها على مالا تريد "
ثم اقترب منا وتابع قائلا " لقد حُرمت منها سنين حياتي وهي من
تبقى لي ولن أفعل شيئاً يحزنها أبداً ومهما كان ضد رغباتي "
ثم وضع يده على كتفي وقال " هيا يا ابنتي عليك أن ترتاحي
تعلمين وضعك جيداً واليوم كان شاقاً عليك "
تابع بعدها بابتسامة " ولا تنسي أنك تناولتِ علبة كبيرة من
المثلجات قد تسبب الحمى لحفيداي "
شهق رائد بصدمة وقال ناظراً لي " علبة مثلجات
في هذا الوقت وأنتي حامل !! "
قلت بضحكة " سأشرب قدراً كبيراً من الشاي الساخن
ليأخذا حماماً ساخنًا "
قال بضيق " قمر لو أعلم لما لا تهتمين بصحتك "
قال والدي بابتسامة " الشيء المثلج لا يضر في الشتاء ولو كنت
أعلم أنه سيضرها ما اشتريته لها بنفسي "
نظر لنا بعدم رضا ولا اقتناع فنظرت لوالدي وقلت " هيا لنغادر "
وقف وقال " أين تأخذها سأذهب معكما "
أمسكته من ذراعيه وأجلسته على السرير وقلت " لن تخرج من هنا قبل
أن تنهي فترة العلاج وستوقف التدخين فوراً مفهوم "
ابتسم واضطجع على السرير بتعب وقال
" أمري لله تعالي لزيارتي في الغد "
اكتفيت بالابتسام له دون رد وخرجت ووالدي أسير بجانبه مجتازين
ممرات الطابق الثالث من طوابق المستشفى وقال بعد صمتنا الطويل
" الطبيب قال أن رئته اليمنى متضررة كثيراً لكن مع العلاج والتغذية
الجيدة وإيقاف التدخين ولو بالتدريج سيصبح أفضل "
قلت ونظري أرضاً ونحن ننزل السلالم
" أبي هل ترضى برائد فقط من أجلي "
وضع يده على كتفي ونحن ننزل آخر عتبة وقال
" بل لأنه يحبك وأثبت ذلك لي دون علمه "
نظرت له باستغراب فقال مبتسماً " لا تسألي عن المزيد فلن أجيب "
اتكأت على كتفه العريض سائرين للسيارة وقلت بابتسامة
" أنتم هكذا الرجال تعشقون الغموض والإثارة "
قال ضاحكاً وهوا يفتح لي الباب
" الحياة علمتنا ذلك يا صغيرتي هيا اركبي بهدوء "
ضحكت وقلت وأنا أدخلها " أعانني الله عليكما
مؤكد ستصيبانني بالجنون "
عدل معطفي على جسدي وكأنني طفلة يركبها السيارة في البرد
بل يبدوا لي والدي يعيش الآن كل ما حرم منه منذ فقدني طفلة
أغلق زر المعطف وقال بابتسامة " لا تتركيه مفتوحاً ما نفعه حينها "
أمسكت يده وقبلتها وغمرت وجهي فيها أبكي سنين فقدي له وحرماني
منه فكم احتجت هذه اليد كل حياتي , كم احتجت ليد تمسح على رأسي
بحنان وتعتني بي , يد لم تعوضها حتى يد عمتي الحنونة , أمسك
وجهي ومسح دموعي وقال بابتسامة " سيمسكون بنا الأمن هنا ضنًا
منهم أننا عاشقان يستغلان سور المستشفى "
ضحكت وقلت " وكيف يمسكون من هوا في مركزك لقد رأيت
بعضهم يضربون لك التحية "
أغلق بابي ضاحكاً ثم ركب وقال " قد يكون بينهم من يكرهني "
خرجنا من المستشفى وسرنا بعض المسافة ثم نظرت له وقلت
" أين سنذهب ؟ "
قال ضاحكاً " للمنزل طبعاً ألم تتعبي من لف الشوارع والسير "
ضحكت وقلت " ليس ذلك أعني قصدت منزلنا قديماً أم منزل آخر "
نظر لي وقال بنبرة حزن " بل اشتريت غيره , كان
صعباً عليا العيش فيه أو بيعه "
حضنت ذراعه بحب , كم عانيت يا سبب وجودي في هذه الحياة
كيف ستعيش في منزل تلطخ بدماء زوجتك وفقدتها فيه وأخرجتها
منه جثة مطعونة في كل مكان , غمرت وجهي في ذراعه وقلت
بحب " لا يفعل الله لنا أمراً إلا لخير وحمداً لله أن جمعني بك ثانيتاً "
وصلنا لمنزل كبير بطابقين في أحد الأحياء الراقية وفتح بابه بجهاز
التحكم ودخلنا بالسيارة , كان في فناء المنزل حديقة جميلة ونافورة
ذكرني بمنزل عمتي , نزلنا من السيارة ودخلنا للداخل وما أن تخطينا
الباب بخطوات حتى نادى والدي بصوت مرتفع " سويتا "
لتخرج الخادمة مسرعة من أحد الأبواب , وقفت عندنا وقالت بعربية
مكسرة " نعم سيد "
قال والدي واضعاً يده على كتفي " هذه ابنتي قمر "
انفتحت عيناها ونظرت لي بسرور ضامه يديها لصدرها وقالت
" قمر جميل حمدا لله أنت رأيته "
قلت بابتسامة " تبدوان أصدقاء "
قال والدي " سويتا كانت تراني حزيناً وتسأل دائماً دون توقف فأخبرتها
أنه لي ابنة لا أستطيع الاقتراب منها ولا جلبها هنا , وحدها كانت تؤنس
وحدتي الثلاثة أعوامٍ الماضية "
نظرت لها وقلت بابتسامة " هل لديك أبناء "
هزت رأسها بلا ثم قالت بحزن " كنت مهاجر بدون شرعي أمسكوا بي
أنتم هنا كانوا سيضعونني أنا في السجن سيد بشير أحضرني "
ثم قالت بابتسامة " وأنت لديك أبناء "
قلت مشيرة لبطني " لدي هنا "
ثم أشرت لها بأصبعين وقلت " اثنان "
شهقت ثم قالت بسعادة " واحد أنت وواحد أنا "
ضحكنا عليها كلينا وقال والدي " خدي الحقيبة بسرعة وجهزي
لقمر الحمام إن وجدتي الثرثرة تنسي نفسك "
ضحكت وأخذت حقيبتي متوجهة بها للأعلى
نظر لي والدي وقال " تعالي معي هناك ما عليك رؤيته "
تبعته في صمت فدخل بي لغرفة لا يوجد بها أثاث كانت خالية
سوى من صندوقان كبيران , اقترب منهما ووضع وسائد أرضة
كبيرة أمامهم وقال " تعالي يا قمر "
توجهت نحوه وجلست على الوسادة ففتح الصندوق وبدأ يخرج ما
فيه ويقول " هذا قميص والدتك المفضل "
وضعه في حجري ثم أخرج آخر وقال " هذا ارتده في آخر عيد لها معنا "
وضعه في حجري أيضاً واستمر يخرج أغراضها " هذا عطرها
المفضل هذه ساعتها الذهبية هذا العقد أهديته لها يوم حملت بك هذه
الأساور كانت تلبسها دائماً هذا منديلها هذا خاتم زواجنا "
كان يخرج الأشياء ويضعها في حجري وكأنه يخرجها من قلبه بل
وكأنه يخرج ذكرياته من صندوق أمانيه , كانت دموعي تنزل من
عيناي تعبر خداي لتسقط على أغراضها المكومة في حجري أبكي
والدتي التي لم يتبقى منها سوى أغراضها وثيابها وأبكي أكثر والدي
الذي يعيش مع هذه الأشياء وحيداً محروماً حتى مني , فتح الصندوق
الآخر أخرج فستاناً صغيرا للغاية وقال " هذا أول فستان ألبسته لك
والدتك في أول مرة تخرجك من المنزل "
وبدأ يخرج محتوياته من فساتين للعب لدمى وحتى الرضاعة الخاصة
بي وجهاز قياس الحرارة كان يحتفظ به فيها , حضنت ثياب والدتي
أغمر وجهي فيهم استنشق عطرها وحنانها ثم جمعتهم وأعدتهم للصندوق
أثبت نفسي كي لا أعود للبكاء من أجل والدي قبل نفسي , رتبتهم بهدوء
وقلت " أبي هذه الأشياء لن تزيدك إلا حزناً وشوقاً
وفقداً عليك بدأ حياتك من جديد مع من تجبر كل كسور الماضي "
أعاد إخراجهم وقال بابتسامة " قمر يا ابنتي أنا أقوى من أن أعيش
سجين الماضي , هذه الأشياء من أجلك صغيرتي واحتراماً لذكرى
والدتك أن تكون لك من بعدها "
حضنت ذراعه بحب , كم أنت رجل رائع يا والدي وينذر وجودك
بين بني البشر , مسح على وجي وقال " ها قد عوضني الله بأن عدتي
لي سالمة وعدت لك حياً ولن يفرقني شيء عنك حبيبتي "
ابتعدت عنه ونظرت لأصابعي وقلت بهدوء " كنت أود تأجيل الحديث
في الأمر حتى الغد لكن مادمت تحدثت عنه ..... "
ساد الصمت طويلاً حتى قال " ما بك قمر تكلمي "
نظرت له وقلت " بشأن رائد قد لا يتقبل فكرة بقائنا معك , لا أود
تركك والدي ولا يوم ولا لحظة ولا حتى ثانية ولا أريد أن نفرض
عليه ذلك بالأوامر أي أعني ....... "
لعب بغرتي بأصابعه وقال بابتسامة " أفهمك لا تريدي أن تشعريه أننا نقتل
شخصيته ونفرض رأينا عليه , نعم هكذا أريدك ولن أغضب من كلامك "
قلت بابتسامة " لن أتركك وعليا إقناعه إما أن نعيش معك أو تعيش معنا "
ضحك وقال " أين ستستقبلون ضيوفي فأنتي لم تريهم "
قلت ضاحكة " إن اضطررنا نستعين بسطح المنزل "
قال وهوا يقف " سنجد حلاً للأمر لاحقاً وسنترك الحديث عنه حتى
يخرج من المستشفى , هيا عليك النوم الآن لا تُعلمي أحفادي السهر "
وقفت وقلت بابتسامة " حسناً ولكن عليا أخذ كل هذه معي لغرفتي "
قال وهوا يضم كتفي حاثاً إياي للسير معه " ستأتي سويتا لحملهم
ولكن ليس الليلة طبعاً فعليك أن تنامي الآن وفوراً "
صعد بي سلالم المنزل وأوصلني حيث غرفتي قبل جبيني وقال
" تصبحين على خير بنيتي إن احتجتِ شيئاً غرفتي المجاورة لغرفتك "
ابتسمت له بحب وأومأت برأسي موافقة فأمسك وجهي وقال
" الكوابيس أعني قمر "
ابتسمت ابتسامة صغيرة وقلت " لا عليك سننتهي من مشكلتها قريباً "
قال ضاحكاً " نعم فسيأتي طارد الكوابيس , ذاك المجرم ما يحز
في نفسي أنه لم ينل عقابه مني "
قلت بتذمر " أبيييي "
ضحك وقبل خدي وقال " لا تقلقي لن أضايقه ولا بكلمة ياله من
محضوض ذاك الرائد يفترض به أن يقبل قدما خالك وزوجته
على سجنهم لك في سطح ملاصق لمنزلهم "
ضحكنا كلينا ثم غادر ودخلت أنا الغرفة , كانت جميلة ومرتبة ستائرها
الأغطية المفارش فرش الأرض كلها باللون البنفسجي , أخذت حماماً
دافئاً وصليت العشاء المتأخر قبل أن يخرج وقته وقرأت في كتاب الله
كثيراً ودعوت لوالدتي وحمدته على كل ما أعطاني ونمت على سريري
الجديد في منزل والدي , أمور ضننت أنها لن تتحقق يوماً , كانت أحداث
اليوم أقوى من أن أرتب أفكاري لاستيعابها ... زيارة قبر والدتي ورائد
ومنزل والدي وأغراض والدتي , كان اليوم حافلاً بالأحداث الجديدة
الغريبة , مر الوقت وأنا على هذا الحال وقد فارق النوم عيني حتى
شعرت بالضجر فخرجت من سريري ومن الغرفة لباب غرفة والدي
وطرقت الباب طرقات خفيفة لأتأكد إن كان نائماً أم لا فجاءني صوته
مباشرة " ادخلي يا قمر "
فتحت الباب بهدوء فكان يجلس على السرير ممسكاً جهازه الحاسوب
ويرتدي النظارات الطبية , نظر لي بابتسامة ثم ربت بيده على السرير
بجانبه وقال " تعالي بنيتي أنا لم أنم بعد "
دخلت مبتسمة وأغلقت الباب خلفي وتوجهت لسريره وجلست بجانبه
فضمني له بذراعه وقال " هل نمتِ واستيقظتِ أم خفتي ولم تنامي "
قلت مبتسمة " وهل تراني طفلة سأخاف دون سبب لقد فارق النوم عيني
فجئت لأتأكد أنني لا أحلم وأنك حقيقة "
ضحك وقبل رأسي ثم قال " حسناً أنظري ما سأريك "
فتح ملفاً في حاسوبه كان مليئاً بالصور كلها لي في طفولتي وله ووالدتي
صور لحفلات ورحلات وزياراتنا للبحر وصوري وأنا مولودة وكل مراحل
عمري , كنا نضحك على صور كثيرة متجنبين كلينا الحديث عن ذكرى
والدتي وكل واحد منا يراعي مشاعر الآخر ولا يريد أن يحزنه
كانت بينهم صورة لي ووجهي مليء بالشيكولاته وذبابة تقف على
أنفي وأنا أكشر محاولة تحريك أنفي لتطير منه وكانت مضحكة للغاية
قلت بضيق " كيف تلتقطون لي كهذه الصورة "
قال ضاحكاً " هي الأجمل والمفضلة لدي وسأجعلها واجهة لحاسوبي "
قلت باعتراض " لا هي سيئة امسحها قبل أن يراها رائد وتضحكان عليها معاً "
قال ضاحكاً " هكذا إذاً لا تريدي أن يراها "
وجهت الحاسوب ناحيتي وقلبت في الصور حتى وصلت لصورة
لي أحضن دباً صغيراً متكئة برأسي عليه وأبتسم فقلت
" هذه الأجمل ضع هذه وتلك تخلص منها "
أغلق الملف ثم الحاسوب وقال " هيا للنوم يكفي سهر "
غادرت سريره وقلت " إن أريتها له غضبت منك "
قال ضاحكاً " أعدك أن لا يراها حسناً "
قبلت خده وقلت مبتسمة " أجل هكذا أفضل تصبح على خير "
قال بابتسامة " تصبحين على خير "
عند الصباح استيقظت مبكراً استحممت وغيرت ثيابي ونزلت للأسفل
ووجدت الخادمة تعد طاولة الإفطار فقلت " سويتا أين أبي "
قالت وهي منشغلة بالأطباق " أبي أبي من أبي "
قلت ضاحكة " السيد بشير أب لي أنا يعني أبي "
نظرت لي وقالت " آآآآآآآآآآآه سويتا فهم , هوا يذهب باكراً ويعود
في غداء ثم يذهب يعود في عشاء "
تم لوحت بيدها قائلة " شغل شغل وكثير يأتون هنا في مجلس
وهههههه أوووووه كثير ناس يرتدي مثل سيد بشير يأتي هنا "
ابتسمت وأنا ألف حجابي ثم ارتديت معطفي فقالت بتساؤل
" الفطور قمر جميل !! "
ضحكت وقلت " لا رغبة لي في الأكل سويتا جميل "
هزت رأسها بلا وقالت
" سيد يقول تتناول إفطار يعني تتناول هيا بسرعة "
دخلت معها في صراع طويل ولم تتركني حتى أكلت , كم هي عنيدة
لذلك اعتمد عليها والدي في إفطاري , خرجت بعدها من المنزل وركبت
سيارة والدي الخاصة به لأنه يستخدم السيارة الخاصة بعمله وقد ترك لي
هذه لأتنقل بها حيث أريد , خرجت من المنزل متوجهة من فوري
للمستشفى , وصلت هناك أصعد الدرجات وشيء يناديني ويشدني بقوة
دخلت غرفته فكانت فارغة وسريرها مرتب فأمسكت بطرف الباب وأنا
أنظر للسرير بصدمة , لقد شعرت الآن بشعور من يدخلون على مريضهم
ويجدون غرفته خالية ياله من شعور مؤلم بل مرعب يفتت كل خلايا
جسدك خرجت للممر أنظر في كل اتجاه وقد شُلت حواسي وفقد عقلي
الإجابة عن كلمة تعني كيف أتصرف , شعرت بكم هائل من المشاعر
تخرج من قلبي , يبدوا هوسي به لم يغادرني لحظة ويبدوا أن رائد باقٍ
في قلبي هوا ذاته رائد طفولتي , كنت كتائه يبحث عمن ينقده مما هوا
فيه حتى مر أحد الأطباء بجانبي فاستوقفته قائلة
" عذرا أيها الطبيب أين صاحب هذه الغرفة "
نظر لرقم الغرفة ثم لدفتر في يده وقال " غير مدون لدي في الكشوف
اليومية , لا أعلم فلم أناوب إلا الآن يمكنك السؤال عنه هناك لتعلمي
إن كان خرج أو مات "
ثم غادر بعدما صفع قلبي بآخر كلماته وبعدما شقني نصفين , ما أهون
هذه الكلمة لديكم معشر الأطباء ... مات هكذا بكل بساطة يقولها لي
ولا يعلم أنها تقتلني وتمزق أحشائي , استندت بيدي على الجدار لأني
بدأت أفقد توازني , خرجت حينها من آخر الممر تلك الممرضة التي
وجدتها بالأمس عنده , كانت في كل خطوة تقترب مني فيها تدوس بحدائها
على قلبي , كم تمنيت أن يصبح هذا الممر أطول بكثير كي لا تصل سريعاً
كنت أنظر لها كمن ينظر لملك الموت قادماً إليه , اقتربت أكثر فاستوقفتها
قائلة " أين رائد ؟؟ "
نظرت لي باستغراب وقالت " من رائد "
كم تهوون قتل البشر ! تنفست بقوة وقلت وأنا أشير على الغرفة
" المريض الذي كان هنا قابلتك عنده بالأمس "
قالت " آه نعم تذكرتك لقد خرج في الصباح الباكر أعتقد عند الفجر "
ثم غادرت وتركتني , كيف يخرج والطبيب قال لوالدي أنه يحتاج
لفترة علاج وقد طلب مني بنفسه أن أزوره اليوم ! غادرت المستشفى
في حيرة من أمري , اتصلت به ولا يجيب فاتصلت بمريم فأجابت من
فورها قائلة مرحباً قمر كنت أود التحدث معك لأبارك لك عودة
والدك ولكني خفت أن تكوني مشغولة "
قلت من فوري " مريم أين رائد هل هوا عندك "
قالت باستغراب " رائد !!! ولكن لما تبحثين عنه "
قلت بحيرة " ألا تعلمين أنه كان في المستشفى ! "
شهقت وقالت " في المستشفى متى ولما !! "
تنهدت وقلت " حسناً يا مريم سأتحدث معك لاحقاً وداعاً الآن "
أغلقت الخط واتصلت بأنوار فرقم حيدر ليس لدي , أجابت بعد
وقت فقلت من فوري " مرحباً أنوار هل حيدر بجانبك "
قالت بعد صمت " حيدر ولما ؟ "
قلت بنفاذ صبر " أجيبيني يا أنوار أين هوا "
قالت " ليس هنا هل أساعدك في شيء "
قلت " هلا اتصلتِ به وسألته عن مكان رائد "
قالت " حسناً في الحال ولكن ما الذي يجري "
قلت " أتصلي به واسأليه ثم نتحدث "
ركنت السيارة جانباً وبقيت أنتظر بملل , أين يختفي ولا أحد يعلم ولا
يجيب على هاتفه ؟ بعد قليل اتصلت أنوار فأجبت من فوري قائلة
" أين قال لك "
قالت بتوجس " لا يجيب على اتصالاتي , ماذا حدث
يا قمر هل تعلمين شيئاً ؟ "
قلت " لا لا أعلم شيئاً وداعاً الآن "
أنهيت الاتصال معها وشغّلت السيارة وتحركت , أين ذهب ومن
سيخبرني ؟ هل اتصل بوالدي يا ترى ولكن لا أريد شغله بأمر لا أعرف
مدى خطورته , آه نعم منزله هنا ولكن أين وكيف سأعرف عنوانه وحيدر
لا يجيب , اتصلت بأسعد فرقمه مدون لدي من أيام عملي لصالح صحيفتهم
فأجاب من فوره قائلا " نعم من معي "
قلت بهدوء " أنا قمر بشير ضننت رقمي مسجلا لديك "
قال " آه قمر زوجة رائد اعذريني لقد مسحت رقمك بأوامر
من زوجك الغيور بما أخدمك "
قلت بعد تردد " هل تعرف عنوان منزل رائد هنا "
قال " نعم هل تريدينه "
قلت " نعم لو سمحت "
أعطاني العنوان وتوجهت له من فوري وصلت المنزل ونزلت ووقفت
عند الباب بتردد ثم مددت يدي لأطرق عليه فانفتح ما أن لمسته يدي
فأمسكت قلبي من شدة خوفي ... يا إلهي ما حدث معه لما منزله مفتوح
أعرف رائد جيداً حريص ناحية هذه الأمور , لما يحدث معي هذا من
أخبرهم أنني أريد أن أفقد حياتي بفقدي له لما لم يرحمني منهم أحد
دفعت الباب ببطء ودخلت فكان المكان ساكنًا ولا أصوات تخرج منه
فتوجهت للصالة دفعت الباب ودخلت ففوجئت بالزينة والهدايا وبالجميع
هنا رائد ومريم وأبنائها الذين يغلقون لهم أفواههم ليسكتوا وأنوار وحيدر
نظرت لهم بصدمة ثم لرائد الذي فتح ذراعاه لي لأركض نحوه وأرتمي
في حضنه كمن عادت له الحياة مجدداً كمن وجد الماء بعدما فقد الأمل في
الحياة وسيموت عطشًا , كنت أتعلق بعنقه وأدفن وجهي فيه وهوا يشدني
لحظنه بقوة وكأن ثمة من سيسرقني منه , كنت أحتضنه وأبكي وقد عجز
لساني عن نطق الحروف فقال وهوا يشد على جسدي بذراعيه بقوة
" يكفي بكاء يا حبيبة رائد ويا قلب رائد يا ماضيه وحاضره وأمل مستقبله "
تمسكت به أكثر وقلت " لقد أخفتني عليك وكدت أموت "
مسح على ظهري وقال " آسف حبيبتي أردتها مفاجأة "
كنت أتعلق به أكثر وهوا يرفعني إليه ويحضنني بقوة وكأننا لوحدنا في
هذا المنزل بل وفي الكون بأسره وقد رفضت دموعي أن تتوقف ورفض
البكاء أن يفارقني وكيف لي أن لا ابكي وأنا أحضن الرجل الذي طالما
تمنيت أن أتملكه أن يحضنني بحب وأن يشعر بي وبمشاعري اتجاهه
أحضن الحلم الذي ضاع مني يوماً وضننت أنه لن يعود , كنت ألف
ذراعاي حول عنقه متعلقة به كتعلقي بالحياة لأجله كتعلق الطفل بوالدته
حتى وصلني صوت مريم قائلة " أريد أن أبارك لها أتركها لنا قليلاً "
أنزلني على الأرض فابتعدت عنه ومسحت دموعي فتوجهت
مريم نحوي قائلة بابتسامة وفاتحة ذراعيها لي
" هل جئت بنا هنا لنهنئها على حملها أم لنشاهدك تستقبلها "
حضنتني بحب وقالت " مبارك لكما يا قمر مبارك رجوعكما
سوياً والتوأمين لقد بت أحسدك "
ضحكت وقلت " لديك ثلاثة لما الحسد "
ابتعدت عني وقالت " أحسدك وانتهى لا تناقشي "
ضحكت بهدوء فاقتربت أنوار وحضنتني وباركت لي فنظرت لهم
وقلت " إذاً كان الأمر مدبر له وكدتم تفقدونني عقلي يا مجرمين "
ضحكوا جميعهم وقالت أنوار " كدت أكشف لك كل شيء
لأني خفت من نبرة صوتك "
وضعت يدي على قلبي وقلت " كاد قلبي يتوقف حين لم أجده في غرفته
ثم حين لم يجب على اتصالي وزدتم أنتم الأمر سوءً ولولا لطف الله
لوجدتموني ميتة عند عتبة باب المنزل من صدمتي حين وجدته مفتوحاً "
وقف بجانبي ولف يده حول خصري وقبل رأسي وقال
" أردنا أن نفاجئك وكدنا نقتلك لن نعيدها مجدداً "
نظرت له بابتسامة أردت بها قول ما تبعثرت حروفه عند شفتاي فابتسم
لي ووضع أنفه على أنفي وحركة ضاغطا عليه فضحكت ودفنت وجهي
في كتفه فقالت مريم " أحم أحم هناك مفاجأة أخرى "
نظرت لها بحيرة فقالت بصوت مرتفع " أخرجي يا مفاجئة "
انفتح باب أحدى الغرف وخرج منه والدي بلباس الجيش يضع القبعة
تحت ذراعه ويبتسم لي واقترب منا فمددت ذراعيا له فحضنني
بحب وتعلقت بعنقه قائلة " أنت أيضاً تعلم , جيد أني لم
أتصل بك لزدتم انشغالي أكثر "
مسح على ظهري وقال بحنان " ما كنت سأوافق على هذا
لو لم أشرح للطبيب وأذن لنا "
بقيت متعلقة به وهوا يحضنني حتى قالت مريم
" أخرجي يا المفاجئة الأخرى"
التفتت للخلف انظر باستغراب وانتظر ما يخبؤه أيضاً فسمعت باباً
يفتح من الجانب الآخر نظرت خلفي مباشرة فكانت عمتي وزوجها
ونوران ومؤمن يخرجون منها فشهقت باكية من فوري وركضت
جهتهم وارتميت في حضن عمتي أحضنها بقوة وأبكي بشدة وهي تبكي
أكثر مني , بقيت ممسكة لها لوقت حتى أبعدتني عنها نوران قائلة
" يكفيها إنه دوري "
حضنتها مطولاً ودموعنا مختلطة بضحكاتنا على تعليقاتها الهامسة
على استقبال رائد لي ثم سلمت على زوج عمتي ومؤمن وعدت أحضن
عمتي من جديد وكأني أعوض فقدي لها الأشهر الماضية , كم كانت
مفاجأتهم رائعة كل واحدة أجمل من الأخرى وهاهم عائلتي وأهلي
كما تمنيت وكما أردت دائماً لا أحد مكره على قبولي وتقبلي ولا أحد
يكرهني ويعاملني بقسوة لا ضرب لا شتم لا إهانات ولا تجريح
اقتربت منا نوران ووضعت رأسها بين رأسينا وقالت هامسة
" هيه يكفي أنتما أنظري لزوجك سيقفز عليكما بعد قليل ويستلك منها "
ضحكنا كلينا وابتعدت عنها ودعوت الجميع للجلوس فاستأذن حيدر
مغادراً وغادرت أنوار معه رافضة البقاء رغم إصرارنا وخرج زوج
عمتي أيضاً بسبب موعد له مع أحدهم أو أنه تحجج بذلك من أجل مريم
وسحبتني عمتي قائلة " تعالي واجلسي بجانبي "
توجه رائد نحوي أمسك ذراعي وأوقفني قائلاً
" عذراً منكم هذا الشيء يجلس بجانبي أنا "
سحبني للأريكة الأخرى بين ضحكات الجميع وأجلسني بجانبه فقالت عمتي
بضيق " أنا لم أرها منذ أشهر لما كل هذا الاحتكار ... أتركها لي قليلاً "
ضم كتفي بذراعه ودس وجهي في حضنه وقال
" لديك ما يكفيك وزيادة هذه لي وحدي "
استسلمت عمتي للأمر الواقع وانخرطوا في الأحاديث ... نوران تُعرف
عن نفسها لمريم وتتعرف على أبناءها وعمتي تتحدث مع والدي ورائد
وجهه عند وجهي يحدثني بهمس عن كل ما فعله في هذا المنزل وما
سيرتبه من أجل طفلينا ويشاورني على كل شيء وأنا أستمع له باهتمام
كيف سأطرح عليه موضوع عيشنا مع والدي وهوا متحمس كل هذا
الحماس لحياتنا هنا كيف سأقنعه دون أن أجرح مشاعره , استيقظت من
أفكاري على صوته يناديني فقلت بانتباه " هممم "
ابتسم وقال " أين كنتي وأنا أتحدث منذ وقت "
دسست وجهي في كتفه وقلت " في أمر يشغل بالي "
حضنني وقال " وما يشغل حبيبتي عني "
ابتعدت عنه وقلت " لا تهتم للأمر سنتحدث لاحقاً "
وضع يده تحت ذقني وفتح حجابي ونزعه ثم فتح أزرار معطفي ونزعه
أيضاً قائلا " الجو دافئ هنا حبيبتي لا داعي لهذا "
همست له " أنت ووالدي تشعرانني أني طفلة "
قال مبتسماً وهوا يعدل غرتي " لو كان لي طفلة ما
كانت بمكانتك في قلبي "
كنت أنظر له باهتمام وهوا يرتب لي شعري بعدما نزع حجابي , نعم
هذا هوا من يأخذ مكان الوالدان في غيابهما أجل هذا هوا رائد طفولتي
الذي انتظرته لأعوام , كان يعدل الغرة بأصابعه ثارة ويرفع شعري خلف
أذناي تارة أخرى وهوا منسجم في الحديث عن غرفة الطفلين ومهديهما
وكل شيء , أنهى ترتيب شعري ثم قبل أنفي ووضع عليه أنفه وقال مبتسماً
وعيناه في عيناي " كل سنين حياتي في كفة وهذا اليوم في كفة لوحده "
ابتسمت له وعيناي تمتلئ بالدموع ثم سرعان ما شهقت باكية ولم أشعر
سوى بيديه تطوقانني وشفتاه تهمس في أذني
" أششش يكفي حبيبتي لما البكاء "
لاحظت الجميع توقف عن الحديث فابتعدت عنه فكانوا جميعهم ينظرون لنا
اقترب مؤمن حاملاً شيئاً في يده وقال " هذه هديتي لك قمري لا أريد
وضعها مع الهدايا هناك "
أخذتها منه مبتسمة ثم نظرت لعينيه وقلت
" شكراً يا مؤمن لقد كبرت وأصبحت رجلا "
ابتسم ابتسامة واسعة وقال ناظرا جهة والدته " نعم لقد ازداد طولي
ألم أقل لكم وفي العام القادم سأصبح كرائد والذي بعده كخالي بشير "
ضحكنا عليه جميعنا فوكزت صبا مريم عدة مرات فضحكت وقالت
لها " اذهبي واحضريها وأريحيني "
توجهت للطاولة وأحضرت صندوقاً صغيراً وقدمته لي فقبلتها بحب وأخذته
منها وفتحته فكان فيه حداءان صغيران جميلان جداً ومتشابهان ذكراني بما
أحمل في أحشائي فأدمعت عيناي وعدت لاحتضانها مجدداً فاقترب وائل
يحمل ورقة مبرومة بعشوائية بشكل طولي وقال " هذه أجمل هديتي جميلة "
أخذتها منه وفتحت الورقة فكانت قلم رصاص ومستعمل أيضاً فضحك الجميع
وقالت مريم " لقد أحضره دون علمي ... وائل سترى "
وضع يديه وسط جسده وقال بضيق " اشتريتم لصبا هدية ولي لا "
حضنته وقلت بحب " شكراً لك يا وائل إنها رائعة وسأحتفظ به كل حياتي "
ابتسم بسعادة وقال " حقاً جميلة "
هززت رأسي بنعم فقبل خدي وغادر جهة والدته ووقف رائد ودخل المطبخ
فوقفت ونظرت لهم فكانوا ينظرون لي فنظرت للأرض وقلت
" معذرة منكم آسفة من حماقتي نسيت أن أضيفكم "
قالت نوران بابتسامة جانبية " نعم كثري الضيافة وأعديها على مهل "
عضضت شفتي مهددة لها وأشرت بنظري على والدي المنشغل بهاتفه
فغمزت لي مبتسمة ثم ضحكت فغادرت قبل أن تضعني في موقف أسوأ
منه , دخلت المطبخ فكان رائد منشغلا بوضع الكؤوس في صحن
التقديم ويعطيني ظهره فاقتربت منه وحضنته أشد بيداي على خصره
بقوة وأدفن وجهي بين كتفيه أشم عطره وأتحسس عضلات جسده التي
تتنفس رجولة أسبح في عالم يخصني وحدي وشيء يكون لي وحدي يحل
لي أنا وحدي أمسك يداي وأبعدهما عن بعضهما والتفت إلي ثم أمسك وجهي
وقبل جبيني ثم حضنني يشدني لصدره بقوة مستمعة لأزيز رئتيه المتعبتان
الصوت الذي يزيدني ألماً ثم قال مبتسماً " ستجعلينني أتهور وأسحبك للغرفة
ونترك ضيوفنا وحدهم "
غمرت وجهي في صدره أكثر وقلت " أحبك رائد "
شدني له بقوة وأصابعه تتخلل في شعري وقال بهدوء
" ما أسعدني بها من كلمة تخرج من أغلى شفتين على قلبي "
ابتعدت عنه ونظرت لعينيه وقلت " كم تمنيت كل عمري أن أقولها
لك وتشعر بصدقي وبمعناها وقيمتها لدي "
أمسك وجهي وقبل شفتي ثم خداي فعيناي ثم حضنني مجدداً وقال
" كم كنت غبياً ومتهوراً , سامحيني يا قمر على كل تلك القسوة "
قلت بهدوء " جميعنا نمر بظروف تجعل منا قساة حتى على من
نحب وأنت كنت في وضع لا تحسد عليه "
قال بهمس حنون " سأعوضك عن كل ما فات حبيبتي وأنسيك كل
ما سببته لك من ألم أقسم وربي يشهد على ذلك "
ابتعدت عنه وقلت بابتسامة " أصبح بقائنا هنا مشبوهاً هيا
بسرعة لنأخذ لهم الضيافة "
ضحك وقبل خدي وقال " أنا سأعد العصير ... الكعك هناك
حبيبتي والآخر في الثلاجة "
قلت وأنا أتجه نحوها " هل أحضرت واحدة بالجبن "
قال معطياً ظهره لي " كعكة الجبن في الثلاجة من الأسفل "
فتحتها فكانت مليئة ومرتبة فكم تُصعب المهمة عليا يا رائد وأنا أراك
تجهز كل شيء هنا بسخاء من أجلي , وقع نظري على صحن مليء
بالجبن المملح فأمسكته يدي فوراً ولا شعورياً وأكلت منه قطعة ثم
زدت الثانية فالثالثة فمنذ شهر وجنوني أصبح في الجبن ويبدوا أنني
أتوحم عليه شعرت بيديه تتسللان لخصري ثم قبل كتفي وقال
" قلنا أخرجي الكعكة وليس كلي الجبن "
ضحكت وقلت " لا يمكنني مقاومته أبداً "
شدني إليه أكثر وقبّل خدي وقال " إذا سأشتريه لك بكل أنواعه "
أخرجت صحن الكعك قائلة " هيا ابتعد عني تأخرنا عن الضيوف "
ضحك ورفعني عن الأرض وأنا أصرخ بصوت مكتوم كي لا يسمعونه
قائلة " رائد ستوقع الصحن من يدي أنزلني "
أنزلني فرتبت الكعك في الأطباق وأنا أدفعه عني كل حين وهوا يحاول
مضايقتي , كان يأخذ الكريمة من الكعك بأصبعه ويضعها على أنفي وأنا
أضربه وأدفعه بعيداً وأمسحها وهوا يضحك على شكلي وتضايقي ثم يضعها
على خدي ويوزعها عليه بأصبعه بحركة عشوائية فضربت يده وأخذت
صحن التقديم وخرجت به مسرعة كي أهرب منه , ضيفناهم جميعهم وجلسنا
فقالت نوران " كنا نتناقش ومريم على رحلة في مطلع الربيع من أجلكما "
قال رائد من فوره " لا لن نخرج وقمر حامل "
قالت نوران بتذمر " خالي بشير أين لسانك أو سلاحك "
ابتسم رائد ابتسامة محاولاً بها إخفاء ضيقه الواضح لي فنظرت جهة والدي
فأومئ لي برأسه مبتسماً ثم قال " لا سلطة لي عليها الحكم لزوجها هوا من يقرر "
قال رائد بابتسامة رضا " وأنا قلت لن أخرج بها لأي مكان وهي حامل "
قالت بضيق " بعدها لن تخرج بها وهي نفساء ثم لن تخرج بها وأبنائكم
صغاراً وضاعت الفرصة فخالي بشير كان سيتكفل بالرحلة "
قال والدي " الرحلة محجوزة ومتى قررا ذلك هي على حسابي "
قفز مؤمن وقال بمرح " رائع سنذهب للبحر مجدداً وسنلعب اللعبة التي
كان يلعبها رائد لقمر بمنشفــــ .... "
وقف رائد وسحبه نحوه مبتعدا به قائلا " تعال سأخبرك أمراً "
ضحك الجميع وأخفيت وجهي عنهم في الأرض خجلا ووقف والدي وقال
" عليا المغادرة الآن لقد تأخرت عنهم كثيراً "
وقفت وقلت " ألن تبقى قليلاً بعد !! "
قال مبتسماً وهوا يرتدي قبعته " الأيام القادمة كثيرة بنيتي هناك جيشاً
كاملاً ينتظرني في المنزل وسويتا سوف يجن جنونها منهم "
ضحكت وقلت " لا تخف عليها لم أرى واحدة بعنادها "
ضحك واقترب رائد وقال " لما تغادر مبكراً ابق معنا "
وضع يده على كتفه وقال " في وقت آخر , ولن أوصيك على قمر يا
رائد لو لديك مكان أغلى من عينيك ضعها فيه "
شد على يده بقوة وقال " لا تخف عليها هي في قلبي قبل عيناي "
اقترب مؤمن من والدي يشد له قميص بذلته العسكرية فقرب أذنه منه
فهمس له شيئاً فابتسم والدي وقال " حسنا أحضرها "
غادر من فوره كالصاروخ وأحضر علبة مربعة الشكل وراقية مدها لوالدي
فنظر لي وقال مبتسماً " هذه هديتي يا قمر شيء أقل من مكانتك عندي بنيتي "
امتلأت عيناي بالدموع أخذتها منه وحضنته بحنان وبكاء فمسح على
ظهري وقال " حتى متى ستبقى دموعك على خداك أعانني الله على
حفيدان يبكيان طوال النهار "
ضحكنا جميعنا وابتعدت عنه مسحت دموعي وقلت
" شكراً لك يا أبي عودتك لي كانت أروع هدية "
اقتربت نوران مبتسمة وقالت " افتحيها هيا لنرى "
فتحتها فكان فيها طقما ذهبيا رائعا وراقيا نظرت له بانبهار وقلت" كم هوا
رائع أبي لقد كلفك الكثير كان يكفيني حلي والدتي الذي قدمته لي كله "
قال بابتسامة " ذاك من والدتك وهذا مني ويوم تقومين لنا
سالمة سأهديك أجمل من هذه "
حضنته بحنان وحب وغادر ووقفت بعده عمتي وقالت
" هيا بسرعة سنغادر نحن أيضاً "
قال مؤمن بتذمر " لا لن نغادر قبل صبا "
ضحكت نوران وقالت " هيا هيا قبل أن يطلب ابنك يدها للزواج "
ضحكنا جميعنا ونظر لها مؤمن بغيض وقال
" ستري إن لم أخبر والدي عن سيارته بالأمس "
سحبته معها وهي تقول مغادرة " تصبحون على خير
أمي بسرعة انتظرك في الخارج "
ضحكت عمتي وقالت " أعان الله من سيتزوجها عليها "
ودعتنا وغادرت هي أيضاً وجلسنا ومريم وأبنائها فنظرت لنا بابتسامة
وقالت " أعلم أن وجودي أصبح غير لائق لكن أيوب في الطريق "
ضحكت وقلت " مريم كيف تقولين هذا أقسم أني لا أشبع منك أبداً "
نظرت لرائد بنصف عين فضحك وحضن كتفي وقبل رأسي وقال
" تعودنا على وجودك في اللحظات الخاصة "
ضحكت كثيراً ثم قالت " الذنب كان ذنبكما وليس ذنبي , ثم أنت اليوم لم
تترك شيئاً في نفسك ولم تكترث لأحد "
قال بمكر " مريم لا تجعليني أقص لأبنائك تلك الحكاية حين ذهبت لمنزلك "
انفتحت عيناها من الصدمة وقالت بحدة " رائد تصمت أو ..... "
ضحك ووضع ساق على الأخرى وقال " أو ماذا "
قالت بنصف عين " ما هي اللعبة التي تحدث عنها مؤمن ها أخبرني "
ضحك وقال " سأخبرك ولما لا "
نظرت له بصدمة ووضعت يدي على فمه وقلت
" رائد أصمت حالاً "
ضحكت مريم وابنيها اللذان لا يفهمان من الأمر سوى أنه عليهما الضحك
مع والدتهما وأبعد رائد يدي عن فمه وقبل كفها عدة قبلات ثم همس في
أذني قائلا " ذاك اليوم وتلك المنشفة آخ منك كدتِ تقضين علي "
ضحكت ودفعته بعيداً عني فحمحمت مريم وقالت بضيق " أقسم إن
انحرف أحد أبنائي مستقبلا لتزوجونه من أحد أبنائكم لأنكم السبب "
ضحك رائد وقال " من أين سنجد لابنتيك وأحداً أكبر منهما "
قالت ببرود " لا بأس بالصغير للكبيرة لست أمانع "
ضحكنا كلينا ونظر لها وائل وقال بسرور
" هل سأتزوج ابنة خالي رائد "
انفجرنا ضاحكين وقالت مريم وهي تضربه على رأسه
" هذا ما كنت خائفة منه قد حدث , لم يدمرك سوى خالك هذا "
حك رأسه وقال بتألم " لما تضربيني لا
أريد ابنة خالي حيدر ليست جميلة "
نظرت له مريم بصدمة وقالت " من علمك هذا يا وقح "
وقف ووضع يديه وسط جسده وقال بغضب " أنتي قلتي لها
زوجونا ابنتكم , لا أريدها أريد ابنة خالتي قمر "
نظرت لنا بصدمة فضحكنا ورن هاتفها فوقفت وقالت
" هيا بسرعة للسيارة والدكم في الخارج لا بارك الله في هذا الجيل "
ثم نظرت لنا وقالت " لا تنجبا لنا فتاة رجاءً لا أتخيل كيف ستكون
ولسنا بمزاج لحرب بين ابني وابن عمتك "
ضحكت وقلت " قد تكونان ابنتين ولن نكون في مشكلة "
ضحكت وقالت " فآتتني هذه "
ثم ودعتنا وغادرت ورافقها رائد للباب فيبدوا سيتحدث مع أيوب
وانشغلت أنا في جمع الكؤوس والأطباق , بعد قليل سمعت الباب
يغلق ثم شعرت بيديه تتسللان من خلفي وأمسك يداي وأبعدهم قائلا
" لا تلمسي شيئاً ولا تنسي ما قال الطبيب الراحة فقط "
ضحكت وقلت " ومن أين علمت بما قال "
ضمني لصدره بقوة وقال " منذ البارحة زرته في قسمه
واطمأننت بنفسي وعلمت منه كل شيء "
أبعدت يديه والتفتت له وأمسكت وجهه وقلت
" رائد لما غادرت المستشفى ماذا بشأن العلاج "
أبعد يداي عن وجهه قبل كف كل واحدة منهما ودسهما في حضنه وقال
" سمح لي الطبيب بالمغادرة والاستمرار معه على العلاج وأعطاني
برنامجا لأوقف التدخين تدريجيا وانتهت المشكلة حبيبتي "
نمت على صدره وقلت بحزن " وهذا الصوت الذي يخرج منهما
يا قلب حبيبتك إنه يقلقني ويؤلمني حقاً "
شد يديه عليا وقبل رأسي وقال " سيزول مع العلاج قمر
لا تقلقي المهم هوا أنتي الآن "
ثم سحبني من يدي جهة الطاولة قائلا " تعالي لتري هديتي "
قلت بابتسامة " ما هذا اليوم المليء بالهدايا والمفاجأات "
مد لي بعلبة كبيرة بعض الشيء وقال " هيا افتحيها "
أخذتها منه ثم قبلت شفتيه واتكأت على كتفه وأنا أفتحها وما أن فتحتها
حتى شهقت من الصدمة وأخرجت ما كان فيها ورميت العلبة وحضنتها
بحب وأنا أقول " دميتي الحبيبة دمية والدتي ظننتها ضاعت ولن أجدها "
حضنني وقال بحزن " كانت معي طوال المدة الماضية وكادت تصيبني
بالجنون حين كنت أضن أنك ميتة حتى للحمام كنت أدخلها معي وأحدثها
كالمجانين وبعد أن وجدناك لم يطاوعني قلبي لإعادتها إليك فقد خفت أن
لا تعودي إلي ولا يبقى لي منك شيء أبداً "
قلت بسعادة " شكراً لك رائد هي أروع هدية وأغلى ما امتلكت في حياتي "
أبعدني عن حضنه وقال مبتسماً " لما رميتي العلبة يا
مجرمة فيها الهدية الخاصة بي "
نظرت له بصدمة ثم ضحكت وقلت " يالي من مجرمة حقا لم
أنتبه لشيء فما أن رأيت الدمية فقدت عقلي "
ضحك ورفعها عن الأرض وأخرج منها علبة قماشية صغيرة وفتحها
كان فيها خاتما ذهبيا جميلاً أخرجه منها وألبسني إياه قبل يدي وقال
ونظره للأسفل " ليست ذات قيمه حبيبتي لكن المنزل وتجديده وأثاثه
كلفني كل ما لدي حتى ثمن الكتاب الجديد "
رفعت وجهه بأصبعي وقالت
" رائد لما هذه النظرة المكسورة الحزينة "
حضنني وقال " كم أشعر بعجزي عن تعويضك عما فات وكم
أشعر بجرمي حيالك يا قمر "
شددت يداي عليه وقلت بحزن " لا تقل هذا يا رائد أقسم أني عشت
تأنيب الضمير لثلاث أعوام وأنا في الخارج بسبب خذلاني لك وكسر
قلبك حينها فلست اقل جرما منك فلننسى كل الماضي ونبدأ من جديد
أرجوك رائد "
أبعدني عن حضنه فمسحت على وجهه بيدي فأمسكها وقبلها وقال
" كيف تقولين مصيبة كهذه كيف ننسى الماضي وماذا عن طفولتنا "
ضحكت وقلت " يالها من جريمة حقاً "
ضحك وأخذ معطفي وحجابي من على الأريكة وقال وهوا يلبسهما
لي " هيا ورائنا مشوار مهم "
نظرت له باستغراب وهوا يعدل وشاحي على وجهي وقلت
" أين سنذهب !! "
قبل شفتاي وقال " مفاجئه جميلة كزوجتي الفاتنة الغالية على قلبي "
ثم سحبني من يدي قائلا " سنغادر الآن وكل هذه الفوضى لن
تلمسي منها شيئاً أنا من سينظفها "
خرج بي من المنزل أغلقه وركبنا سيارته وانطلق بها يتحدث معي
عن ذكرياته عن طفولته عن أيام دراسته وعن كل الأمور التي لم
يكن يتحدث معي فيها يوماً وانتهى ذاك الصمت القاتل الذي كان يغلف
رحلاتنا معا في السيارة في الماضي ومن اندماجي معه لم أشعر بالطريق
التي أخذت منا ساعة كاملة ووجدت نفسي فجأة أمام منزل خالي نظرت
له بصدمة ثم لرائد وأمسكت قلبي وقلت بخوف " لا رائد لما أتينا هنا "
أمسك وجهي وقال " لما الخوف حبيبتي أريد فقط أن أريك شيئاً وأخبرك بآخر "
هززت رأسي بلا وعيناي تمتلئ بالدموع فقبل شفتاي وقال بخيبة أمل
" حسناً حبيبتي لا تبكي كله إلا دموعك "
تنهدت بحيرة لقد كلف نفسه عناء إحضاري هنا ويخطط لشيء من
أجلي وأنا عدت لأنانيتي من جديد أمسكت يده من وجهي وقبلت
كفها وقلت " حسناً رائد سننزل "
شغل السيارة وقال " مستحيل لن تدخليه مادمتِ لا تريدين ذلك "
أمسكت ذراعه وقلت برجاء " غيرت رأيي فلننزل الآن أرجوك "
تنهد وأوقف السيارة ونزلنا دخلنا فناء المنزل وكان باب المنزل مفتوحا
فنظرت لوجهه بحيرة فوضع يده على كتفي وقال " لم يقم أحد
بإغلاقه منذ اليوم الذي أخرجتك منه للمستشفى "
تقدمنا بخطوات بطيئة دفع الباب ودخلنا وما أن وصلنا للصالة
حتى شهقت من الصدمة كان المنزل مدمراً وكأن إعصارا قد مر
عليه نظرت له فقال ونظره على حطام المنزل " لقد دمرته كله
وأحرقت ذاك المخزن من يأسي وحزني وقتها ولو كان بإمكاني
تدمير جدرانه حجراً حجراً لفعلت "
قلت بحيرة " وأين أصحابه كيف أبقوه هكذا "
تنهد تنهيدة طويلة ثم نظر باتجاهي أمسك وجهي بيديه وقال " خالك توفي
بسبب التليف الكبدي وزوجته في مستشفى الأمراض العقلية بسبب الحالة
النفسية التي تطورت معها وظهر من أوراق المنزل أنه كان ملكا لجدك أي
أنه ورث لوالدتك وخالك وهوا الآن ملك لك لأنك الوريثة الوحيدة لهما "
كنت أنظر لعينيه بصدمة وضياع وحيرة ثم قلت بهمس
" لا لا أريده... لا رائد "
حضنني وقال " أعلم حبيبتي وتحدثت ووالدك في الأمر وقال سيهدمه
ولن يبيعه لتأخذي حقه وسنبني مكانة ما تريديه أنتي "
قلت ببكاء " لا ليس لي هوا ليس لي "
حضنني بقوة أكبر وقال " قمر يكفي لا تبكي حبيبتي أخبرتك أننا سنهدمه "
ابتعدت عن حضنه ومسحت دموعي فحملني بين ذراعيه وقال ضاحكاً
" يبدوا لي وزنك أصبح يزداد "
غمرت وجهي في عنقه وأنا أتمسك به وقلت بابتسامة
" هذا بسبب ابنيك ولم ترى شيئاً بعد "
ضحك وسار بي في المنزل يضرب بقدمه قطع الأثاث المحطمة ليبعدها عن
طريقه أخذني حتى المطبخ ووقف وقال " قمر ارفعي وجهك وانظري حبيبتي "
نظرت للمخزن المحترق المسود ونزلت دموعي مباشرة حين وقعت عيناي
على المكان الذي كنت أنام فيه وغمرت وجهي في عنقه مجدداً أبكي بحرقة
فقال " قمر ارفعي وجهك وانظري لذاك المكان مجدداً هيا حبيبتي "
قلت بصوت مخنوق " لا أريد رائد أرجوك "
قال بجدية " هيا قمر تذكري كل الأشياء الجميلة التي حدث
معك اليوم وارفعي وجهك وانظري هناك "
تذكرت كل ما حدث معي منذ الصباح والدي رائد عائلتي وعائلته وهداياهم
وحبهم لي فشعرت بالسعادة تدب في قلبي ورفعت وجهي ببطء من عنقه
ونظر للمخزن فقال رائد بهمس " هيا قمر حدثيها إنها نائمة هناك أخبريها
عن كل ما ينتظرها من سعادة في المستقبل وكل ما ستجده اليوم "
نزلت دموعي وعجز لساني عن الحديث ثم أبعدت شفتاي ببطء
وقلت بهمس حزين مخنوق " قمر "
قبل خدي وقال حاثا إياي " نعم حبيبتي هيا تكلمي "
قلت " قمر انظري هذا رائد سيصبح زوجك وستحملين في أحشائك
تؤمين منه وسيشتري لك منزلا لك وحدك وستجدين والدك وسينتقم لك
منهما , قمر لا تبكي ولا تحزني والداك لم ينسيانك والله لم ينساك أبداً "
ثم شهقت وتابعت " رائد لن يضيع منك للأبد يا قمر سيعود إليك "
شعرت حينها بكم هائل من التعب يخرج من جوفي ومن قلبي وشعرت
بالماضي يخرج مع أنفاسي دسست وجهي في عنقه مجدداً وقبلته وقلت
" شكراً لك رائد شكراً "
لف مغادراً بي وقال بصوت مبتسم " هيا يا قمر أخرجي معنا لقد جئنا لإخراجك
ولن تعودي هنا أبداً تعالي معنا للمستقبل تعالي نعم قفي وتعالي أجل رائع "
ثم سار بي خارجا من المطبخ وأنا أشعر بالفعل أنها تخرج خلفنا , سار بي
مسافة وقال " قمر افتحي عينيك "
أبعدت وجهي ونظرت فكنا عند الباب السفلي للسطح نظرت له فابتسم
وقال " سنصعد حسناً "
هززت رأسي بحسنا فصعد بي الدرجات ببطء وقال هامسا في أذني
" إنها تتبعنا أليس كذلك "
أدمعت عيناي وقلت بهمس مخنوق " نعم "
قال مبتسماً " وماذا تفعل "
قلت بابتسامة حزينة " تقفز الدرجات وتغني نشيدنا "
قال " هي سعيدة بما أخبرتها به أليس كذلك "
هززت رأسي بنعم فابتسم أكثر وقال " ولم تعد في المخزن "
هززت رأسي وقلت " لا "
قبل خدي ودفع باب السطح بقدمه وخرجنا هناك وأنزلني نظرت لكل
مكان فيه وكل زاوية ثم نظرت له وقلت مبتسمة من بين دموعي
" إنها هنا "
مسح دموعي وقال " نعم حبيبتي وسنخرجها معنا كما وعدناها حسناً "
نمت على كتفه وقلت " ولما لا نتركها هنا هي تحب هذا المكان "
شدني بذراعيه وقال " كما تريدين حبيبتي تعالي وانظري "
أخذني حيث نهاية السطح الفاصل لمنزلهم نظرت له بصدمة وقلت
" ما هذا !! "
قال بابتسامة " ألسنا سنتركها هنا "
هززت رأسي بنعم فقال " لذلك فتحت لها هذه الفتحة على سقف رائد لتذهب
إليه في الليل سيحظر لها بطانية وطعاما ويجلس معها ويتحدثان ويضحكان "
هززت رأسي له بنعم مبتسمة فمسح على وجهي وقال
" هي سعيدة هكذا ولن تحزن أبداً حبيبتي أليس كذلك "
حضنته بحب وقلت " نعم سعيدة ولن تحزن "
حضنني بقوة وقال " لقد اشتريت منزل والدي بعدما دفعت لهم ثمن حصتهم
وأصبح لي لكننا الآن لن نهدم هذا المنزل لأن قمر ورائد يعيشان في السطح "
نظرت له وقلت بابتسامة " ستهرب قمر من تلك الفتحة
وتعيش معه قبل أن يسقط المنزل "
حضنني وقال بسعادة " إذا ستخرج قمر من هنا "
قلت " نعم لمنزل رائد "
أبعدني عن حضنه أمسك وجهي وقبله عدة قبل وقال
" تعالي هناك مفاجئة لك "
قلت بابتسامة " لا تقل أننا سنفسد على قمر ورائد لعبهما هناك "
ضحك كثيراً وقال " المحتالة سبقتنا للسطح الآخر إذاً "
ضحكت وقلت " كان يفترض بنا أن تحدثنا همسا كي لا تسمعنا "
سحبني من يدي ضاحكاً ومررنا من الفتحة الكبيرة في الجدار
المشترك وصلنا لصندوق خشبي نزل وجلس أمامه ومد يده لي
وقال " تعالي حبيبتي أجلسي لتري "
أمسكت يده وجلست على الأرض بجانبه فتح الصندوق فكان فيه قطع
منظاره القديم فنظر لي وضحكت ثم مد يده داخل الصندوق أكثر وأخرج
شيئاً ما أن رأيته حتى فتحت فمي من الصدمة وقلت " لا تقلها يا رائد لا "
حركها أمام وجهي وقال مبتسماً " بلى إحدى كراساتك خبأتها هنا منذ تلك
السنين لأنها الوحيدة التي وجدتها هناك لقد قفزت لسطحكم بعدما ناديتك
كثيراً ولم تجيبي وطالت بي الأيام أنتظرك فلم أجد من كراساتك غير
هذه تبدوا تلك الحقودة التي انتقم الله لقمر الطفلة منها أحرقت كل شيء "
أخذتها من يده غير مصدقة وفتحتها كانت هي بالفعل كراستي الأولى التي
كتبت فيها , أشرت بإصبعي للحرف وضحكت كثيراً ثم قلت
" هل هذا حرف ثاء أم سفينة "
ثم نظرت له وقلت " ما أبشعهم كيف تضع لي علامة كاملة
عليهم وقتها يالك من معلم فاشل "
ضمني لكتفه وقال ضاحكاً " كيف كان سيطاوعني قلبي أن
أكتب لك غير علامة كاملة "
حضنت الكراسة بقوة وقلت " ما أجملها من مفاجأة يا رائد ما أجملها "
قبل رأسي وقال " هيا سنغادر لقد أزعجنا حصتهم بما فيه
الكفاية وسنأخذ الكراسة معنا "
نظرت له وهززت رأسي بلا وقلت " سنتركها لها رائد كيف نأخذها منها "
ابتسم وشد أنفي بإصبعيه وقال " أوامرك مولاتي فقط لا تتركيني أنا هنا لها "
أحطت خصره بيداي واتكأت على كتفه وقلت
" لا أنت لا أعطيك لأحد , لديها واحد لها وستذهب وإياه للمستقبل "
ثم ابتعدت عنه ونظرت لعينيه وقلت
" رائد هناك أمر يشغل بالي كثيراً أود أن نتحدث فيه "
هز رأسه لي بنعم لأتحدث فمسحت على وجهه بيدي وقلت بهدوء
" والدي رائد لا أريد تركه بعدما وجدته هوا يحتاجني أكثر مما أنا
أحتاجه لقد حُرم مني كل سنين حياته و ..... "
ضمني لحضنه قبل أن أنهي كلامي وقال " أفهمك حبيبتي وسنتناقش معه
في الأمر ولن أحرمك منه أبداً ولن يأخذك مني سنزوجه ونتخلص منه
ليطردنا بنفسه من منزله "
ابتعدت عنه وقلت بسرور " حقا سنعيش معه لا تمانع رائد "
قال بهدوء " لا حبيبتي رغم أني أعددت المنزل لأجلك
واشتريته كبيراً من أجل أبنائنا "
نظرت له بحزن وحيرة فقبل شفتي وقال بابتسامة
" سنجد من يساعدنا على تربيتهم والدك وضيوفه وخادمته "
ضحكت وقلت " يالك من استغلالي "
ضحك ووقف ومد يده لي وقال " هيا حبيبتي سننزل من هنا "
أمسكت يده ووقفت وقلت " ماذا ستفعل بهذا المنزل "
وضع إصبعه على شفتيه وقال بهمس " أششش لا يسمعانك
ويقذفاننا من السطح للشارع مباشرة "
ضحكت وأغلقت فمي بيدي فوضع يده على كتفي وقال وهوا يتجه
بي لباب سطح منزلهم " سيبقى هذا المنزل لهما لا يأخذه منهما
أحد ولا يزعجهما أحد أبداً "
ونزلنا من هناك لباب المنزل الخارجي فوراً ومنه للخارج لحياتنا
الجديدة التي لا رائحة للماضي فيها بعدما حررني من قمر الطفلة
وحررها من سجنها ووضعها حيث كانت تريد فهكذا هي الحياة نحن
من نتحكم بها نسجن أنفسنا في ماضيها ونتوقف عند عتبات قهرنا فيها
لتقدم لنا اليد التي تخرجنا من هناك ونحن نقبلها أو نرفضها بملء إرادتنا
فلا شي اسمه تعاسة للأبد وحزن لا ينتهي وأيام كلها سوداء فلكل عذاب
نهاية ولكل ظالم يوم ينال فيه جزائه من رب عادل في الأرض وفي السماء
عادل في الدنيا قبل الآخرة لا يظلم ولا يحب الظلم
وها قد جاء اليوم أخيراً الذي تنتهي فيه قمر القديمة عند تلك العتبات لتولد الجديدة
وتمضي للمستقبل كزوجة وكأم وكعائلة أصبحت تتمسك في الحياة لأجلها
بعد إصرار كبير مني ورائد وافق أبي أن أبحث له عن عروس , كان كل
رفضه لأنه لا يريد أن يظلم معه امرأة بسبب طبيعة عمله ولكنه يستحق أن
يعيش ما فقده من عمره وأن يكون لي إخوة حُرمت منهم كل عمري
لا تتساءلوا عن الأعزبان لقد تزوجت نوران هههههه والعريس هوا مروان
أعانهما الله على بعض , لقد تعرف عليها في زيارة لهم للمزرعة بدعوة
من الجدة وسحرته بمصائبها تخيلوا أنها تركت باب إسطبل الخيول مفتوحا
في أول يوم لهم هناك وكادت تصيبه بالجنون يومها , لا وكانت تضحك
عليه أمامه وهوا غاضب
أفقت من سرحاني ونظرت بعيناي للأسفل فكان قد نام أخيراً هذا
المزعج المتعب , جلست وعدلت قميصي ونظرت للبعيد وقلت
" رائد لا تهزه هكذا لقد أسقطت أحشائه "
نظر باتجاهي وقال بتذمر " لما لا يسكت لقد أتعبني "
هززت رأسي بيأس وقلت مبتسمة " هات سأرضعه قد ينام كشقيقه
يا لها من مساعدة قدمتها لي "
اقترب وقال بضيق " الحق علي أردت أن ترتاحي من أحدهما "
مددت يداي له وقلت " شكراً على مدينة الملاهي التي أخذته لها الآن "
ضحك كثيراً وقال غامزا بعينه " ما رأيك بجولة معي فيها "
ضحكت وقلت " لا لست مستغنية عن قلبي يكفيك ابنك "
اقترب من الباب فتحه و نادى على والدي بصوت مرتفع وما هي إلا
لحظة وكان عنده فدخل رائد وهوا يتبعه قائلا " ما بكما !! "
أعطاه رائد بشير الصغير وقال " خد حفيدك مشتاق لك "
ثم توجه نحوي أمسك يدي وسحبني منها وقال موجهاً كلامه له
" ولن نوصيك اعتني بمنذر إن استيقظ بسبب صراخ أخيه "
ثم خرج بي يسحبني بيده من الغرفة مسرعا وأنا أركض خلفه قائلة
" رائد انتظر أين تأخذني أبي لا يعرف كيف يتصرف معهما "
وصلنا عند غرفتنا حملني بين ذراعيه وقال مبتسماً " اشتقت لك يا
قاسية لقد جنننني طفليك هادان , دعيهما له قليلاً واعدلي يا ظالمة "
ابتسمت وتمسكت بعنقه ودسست وجهي فيه فدخل بي الغرفة وضرب
بابها خلفه بقدمه .............. النــــــهاية
وعند هنا كانت محطتي الأخيرة معكم قراء ومشجعي ومحبي روايتي
المتواضعة ..... ( منازل القمر )
طفلة كبرت بفضلكم وفي حضن حبكم الدافئ لتتحول لزهرة مكتملة
ولتصبح شيئا يعيش في الذاكرة فأتمنى أن يدوم في ذاكرتكم للأبد
شكرا لكل من شجعني وساندني ودعمني ولكل من قرأت عيناه ولو
سطر واحد من أسطرها وأعجبه وأتمنى أن تكونوا الحياة لروايتي
الجديدة كما كنتم لسابقاتها
( أوجـــــــــــاع ما بعد العــــــــاصفة )
ستكون إن شاء الله بين أيديكم في أول فصل من فصولها في مثل هذا
اليوم من الأسبوع القادم متمنية أن تحوز على رضاكم وإعجابكم وأن
يحضا أبطالها بحبكم كما وجد سابقيهم المكانة في قلوبكم
(( وسن .... وانكسار الحب وتراكمات ظروفها وانصياعها لواقع أدفعها الكثير
نواس .... وضياعه بين العشق بجنون والجرح والكبرياء ليُجبر أن يكون
جلادا بلا سوط
سما ..... والخوف من المجهول وسر كتمانه أخطر من البوح به
نزار ..... واجتياح قلب مراهقة لعالمه لتكتسح ماضيه وجرحه لتجعله
يعيش الصراع بينه وبين أفكاره ومعتقداته
أرجوان ..... الاستيقاظ من حلم لواقع لم يكن في الحسبان لتكتشف
أنها عاشت في كذبة لسنين تحولت لحقيقة موجعة
جابر .... ؟؟؟؟؟؟!!!!!!!
وغيرهم الكثير ستتعرفون عليهم فكونوا في انتظارهم ))
وختاما أحب شكر كل أخواتي الحبيبات من شجعوني وساندوني وكان
لي كل الشرف بمعرفتهم
حكاية أمل
بلومي
طعون
رسيل الأحزان
وفاء
حنان الرزقي
منى سعد
لولوه بنت عبد الله
الأميرة البيضاء
طالبة هندسة
ميلاد الكلمات
حنين الشرق
أم مروان
غدا يوم آخر
ليالي حالكة
كيد
أحتاج الأمان
أم ميدوو
كنينة
سو رومانس
سمفونية الحنين
ابداع انثى
ريم السعودية
جماآآن
سباهي
RiverRose
Tami.999
Zeze
أحلى عين
نزف جروحي
عشق القمر
جروحي تنزف أحزان
نور بلادي
negmet elamar
ودمتم في حفظ الرحمن ....... أحبكم في الله ( برد المشاعر )