السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسعد صباحكم جميعا بكل حب قراء ومتابعي روايتي المتواضعة منازل القمر
هناك أمرين أحببت أن أنوه عنهما قبل الفصل الجديد
الأول : خلال الفصل ستقرؤون نص كلماته من كتابة حبيبتي الغالية على
قلبي ( طعون ) فأنا اخترت أن تشاركني بشيء من كتاباتها المميزة وسأُعلم
لكم عليه باللون الأزرق كلون مخالف لنص الفصل الأسود لتعرفوه
ثانيا : القصيدة في الفصل مهداة لحبيبتي التي أشتاق لها عدد النجوم
( حكاية أمل ) وأسأل الله أن تكون بخير وأن يجمعني بها من جديد
وأترككم الآن مع الفصل وقراءة ممتعة أتمناها لكم جميعا
الفصل الخامس والعشرون
ضممت ساقاي لحضني أكثر وأنا أجلس على هذا السرير البارد رغم
التدفئة المركزية في هذه الغرفة الخالية سوى من أنفاسي الهادئة , دسست
رأسي بينهم واستسلمت لدموعي , لا أذكر شيئاً مما حدث بعد ذاك اليوم
سوى استيقاظي على صوت طنين الأجهزة فنظرت بعينان نصف مفتوحتان
للواقفين حولي أتنقل بينهم بنظري وأحداً وأحداً , طبيبي الألماني ... عمتي
ودموعها الغالية تتساقط في كفيها و ..... رجل غريب في ملامحه شيء ما
...... نعم أنا أعرفه ولكن لا أذكره , أشار بأصبع يده السبابة أمام وجهه
بشكل قلب مبتسماً فتذكرت ما تعني هذه الإشارة , نعم تذكرتها تعني المفقود
من حياتي , تعني يا قمر أن أحد نصفاك الضائعان قد عاد , تقطعت أنفاسي
في جهاز التنفس الموضوع على أنفي وفمي وعيناي اغرورقوا بالدموع
ومددت يدي له ببطء رغم المغذي المحقون بها وجهاز قياس النبض والتعب
والمرض إلا أنني رفعتها بسهولة نحوه فأمسكها وقبلها قبلات لا يمكنني
معرفة عددها من كثرتها , كان يضمها لصدره ويتحدث ولا اسمع سوى
كلمة ( ابنتي ) فنزلت دموعي تتساقط بعدد يفوق عدد قبلاته بعشرات المرات
لتتجمع كل سنين البؤس والحرمان وتندفع من كل خلايا جسمي التي عاشت
فيها وتخرج في صوت هامس مخنوق " أبي "
لينطلق ذاك الجهاز بطنينه المرتفع فأبعده الطبيب عني يود إخراجهم من الغرفة
ونظري يتبعه ونظره للخلف عندي فعجز لساني عن نطق الحروف رغم كل
محاولاتي , أردت أن أترجاهم أن يتركوه معي ولو للحظة أخرى بعد
أتركوني أنعم به لا تأخذوه مني مجدداً , ارتفعتْ شهقاتي الراجية علهم يرأفوا
بحالي فحقنوني بتلك الحقنة الكريهة التي تأخذني للظلام الدامس الخالي حتى
من الكوابيس المرعبة ولم استفق من حقناتهم المتتالية تلك إلا بعد وقت طويل
لأجد نفسي في مكان آخر بل مستشفى آخر , أخبرني الطبيب هنا انه ولحسن
حظي كان الطقم الألماًني في المستشفى بعد نصف يوم من سقوطي لأنهم كانوا
في زيارتهم السنوية لتعاقد البلدين صحيا فما كانوا سيجدون وقتا لنقلي لهم في
بلادهم وكان الموت سيكون أسرع منهم فأجروا لي جراحة كانت نسبة الفشل
فيها ثلاث أضعاف نسبة النجاح وكنت ميتة بين أيديهم وميتة بعد العملية لأشهر
لولا أن أمر الله لم يقضي بعد بموتي لكان الموت أقرب لي من الحياة وما كنت
لأسعد بهذه النجاة لأني لم أخترها أبداً وفضلت الموت عليها لولا أن هذه الفرصة
جلبت لي شخصاً يستحق العيش مجدداً من أجله , هوا فرصتي الجديدة في الحياة
بل هوا الحياة , والد لقمر ... نعم لها والد , صدقوا أنه لها سند وحامي وأنها ليست
وحيدة , رغم أنه لم يزرني بعد تلك المرة حتى خيل لي أنني كنت أتخيل ذلك لولا
زيارة عمتي الوحيدة لي هنا لتؤكد لي ما رأيته , لو كنت مت ما كنت سأحضا بهذه
الهدية ( والدي ) ضننت أنه لم يعد لي ما أعيش لأجله لكنني أخطأت
رفعت رأسي وسندته على ظهر السرير وعيناي تعلقتا بالسقف الأبيض
كنت أسمع دائما عن المستشفيات العسكرية لكني لم أتخيلها هكذا , كانت
في مخيلتي تشبه زنزانات السجون مقرفة و بها أسره متهرئة ولم أتوقعها
هكذا وكأني في مستشفى من مستشفيات الخارج , جلت بنظري حتى وقع
على الورقة المعلقة على الحائط ثم للنافذة الزجاجية الواسعة في الجانب
الآخر بستائرها البيضاء المفتوحة , يبدوا أننا في منتصف الخريف أذكر
أني كنت في نهايته حينها فيستحيل أن يعود بي الزمن للوراء إذا هي عشرة
شهور مرت منذ ذاك اليوم , كيف مر كل هذا وهل قضيته بين هنا وهناك
أم هنا فقط ؟؟ لا أذكر ويبدوا أنني ارتكبت جريمة ما ولا أعلم بها وهم يسجنوني
في هذا المكان , انفتح الباب ببطء بعد طرقات خفيفة , كم أتمنى أن لا يكون أحد
الأطباء أو الممرضين , لقد كرهت رؤيتهم من كثرة ما زاروني لرؤية الفتاة
الوحيدة التي تدخل هذا الصرح العسكري فوحدهم من يجتازون الحرس في
الخارج , اتسع انفتاح الباب ليدخل من كان خلفه صاحب الجسد الضخم المتناسق
أزال نظاراته الشمسية السوداء الكبيرة وابعد الشال الخريفي عن فمه وذقنه لتظهر
لي تلك العينان السوداء الغائرة والابتسامة التي تشق تلك الملامح القاسية لتزيدها
جمالا في حدة , مددت له كلتا يداي بابتسامة مشبعة بالدموع فأغلق الباب واقترب
مني لأتعلق في عنقه باكية وهوا يضمني لصدره بقوة ويقول
" قمر يكفيك بكاء يا ابنتي من هذا الذي يبكيك لأذبحه حيًّا وأرمي لحمه للكلاب "
تعلقت بعنقه أكثر وقلت ببكاء " أين أنت يا أبي لما تركتني كل هذه السنين
ولما أنا هنا ؟؟ لما أنا وحدي وأين أنتم ؟ "
جلس على السرير بجواي ممسكا يدي وقال ونظره عليها " ظروفي كانت أقوى
مني يا قمر وأنتي هنا لأنك ما تزالين متعبة حبيبتي "
نظرت لوجهه وقلت بهدوء " لما هنا تحديداً عمتي لم تجبني عن
أي سؤال حين زارتني "
نظر لي وقال ماسحاً على وجهي بيده " لنحميك منهم بنيتي "
قلت باستغراب " من هم !! "
تنهد وشتت نظره أرضاً وقال بملامح حادة
" من قتلوا والدتك وكانوا يريدون قتلك بعدها دون رحمة "
قلت بعد صمت أجمع فيه أفكاري " إذا ثمة من قتلها ذاك اليوم الذي سمعت
فيه صرختها الوحيدة والأخيرة لتختفيا كليكما بعدها "
قال ونظره لازال أرضاً " نعم قتلوها وأبعدتهم قبل أن يقتلوك أنتي أيضاً ولم
أكن أعلم أنني سلمتك لمن هم أقسى منهم , من قتلوك ببطء لسنوات طوال "
مددت يدي ورفعت وجهه إليا من ذقنه وقلت ونظري في عينيه
" لما تخفي وجهك عني في هذا الموضوع , أبي ما الذي حدث في الماضي "
أمسك يدي قبلها ودسها في حضنه وقال " لقد قتلت ثلاثة منهم لأنهم قتلوها
وكانوا ينون قتلك يومها لذلك حاكموني عسكريا وسجنت لسنوات ثم خرجت
لأكتشف أنك كنتي في سجن أسوأ من سجني فانتقمت لك ممن عذبوك تلك
السنين ... خالك وزوجته , ليذوقوا البرد والجوع والحزن كما فعلوا بك
كنت أنوي فقط أن أضعهما تحت خط الفقر ليقاسيا ما قاسيته ولكنهما تهورا
ووصلا لما هما فيه الآن "
ثم دس يدي في حضنه أكثر وقال " لا أريد أن تكرهيني يا قمر وتريني مجرماً
أنتي عيناي التي أرى بهما أنتي سنين سجني أنتي الحياة المتبقية لي في هذا الكون "
حضنته وقلت ببكاء " بل سأقطع لسان من يقول عنك أنك مجرم فكم انتظرتك
ووالدتي لسنين طويلة حتى وأنا في منزل عمتي وما كنت لأصدق أن تموتا معاً
بتلك الطريقة , كم ناديتكم وكم ترجيتكم أن تنقدوني من البرد والضرب ومنهما "
مسح على ظهري بحنان وقال " ها قد عانوا كما عانيتِ وأكثر وانتقم الله لك
منهم معي وأقسم أن أدمر كل من يتسبب في سكب دمعة من عينيك الغاليتين
كما قتلت لأجلك سأقتل واسجن حتى ينتهي عمري "
ابتعدت عنه ونظرت لعينيه وقلت بعينان تمتلئ بالدموع مجدداً " قتلتهم كلهم !! "
مسح الدموع العالقة في رموشي بطرف أصابعه الكبيرة وقال بابتسامة حزينة
" لا تخافي حبيبتي لم أقتله "
شهقت شهقة صغيرة فحضنني وقال " ما كنت سأتوانى عن فعلها لحظة لولا
خفت أن تحزني على ذاك المجرم , أقسم لو أنك فقدتِ حياتك يومها لقتلته دون
تراجع وما من شيء ينقده مني حتى هذه اللحظة إلا خوفي من غضبك بنيتي
فأعطني الإشارة فقط وسأجعله يزحف على الأرض لا يستطيع المشي لا على
قدميه ولا يديه "
ابتعدت عنه وهززت رأسي بلا فابتسم وقال " إذا أعفوا عنه لأجلك فقط "
هززت رأسي بنعم ودموعي تنزل من عيناي ثم قلت بعبرة
" هوا وحده المعنى الجميل لتلك الطفولة البائسة وثمة حساب كان بيننا وصفاه
مني وانتهى الأمر , لن يكون جزئاً من حياتي ولكن لا تؤذيه "
مسح بكفه على خدي وقال
" حسناً فقط أوقفي هذه الدموع لن أؤديه ولكن حسابه عليه دفعه "
ثم أخرج لي جريدة من داخل معطفه الخريفي وقال بابتسامة
" هذه ممنوعة هنا ولست من محبي قراءة الصحف ولكني أردت أن تريها "
فتحها على صفحة محددة ومدها لي فكانت مقالة بعنوان ( مذكرات زوجة كاتب )
قرأت أول سطورها ثم نظرت له بصدمة وقلت " مذكراتي !! "
قال " نعم تنزل للقراء تباعاً مرتين شهرياً ومنذ تسع أشهر وسنكشف عن
اسمه قريباً وسينال عقاباً بسيطاً يستحقه "
أمسكت يده وقلت " لا يا أبي لا تفعلها "
تنهد بضيق وقال " قمر حتى متى ستحبين ذاك النكرة ؟ أقسم لولا حبك له ما
زوجتك به منذ البداية ليس لشيء في خلقه ولكن لأنه من شهد مأساتك ولم يخرجك
منها ولم أكن أعرف أنه سيفعل بك كل هذا لكان طال النجوم قبل أن يطالك "
قالت برجاء " أخبرتك أن ثمة حساب كان بيننا وتصافينا فيه وكما عاقبت
من آذوني في طفولتي فابتعد عنه لأنه وحده من لم يؤذني فيها فمِن يديه كنت
آكل الحلوى وقت افتقدتها لسنوات ولم يعطيها لي أحد ومنه تعلمت الكتابة
والقراءة حين حرموني من المدرسة , وحده كان يستمع لي دون أن يشتمني
ووحده من كان لا يضربني ذاك الوقت , رائد انتهى من حياتي يا أبي فمهما
عانيت وطال بي الوقت لنسيانه فسأهجر حبه لكن لا تؤذيه من أجلي أرجوك "
جمع شعري خلف ظهري وهوا يقول
" كما تريدين يا قمر سأبتعد عنه فقط من أجلك "
ثم غير جلسته حتى أصبح ورائي وجمع شعري بين يديه وقال وهوا يضفره
" حينما كنتي طفلة كنتي تقولين لوالدتك رحمها الله وهي تسرح لك شعرك
: أريد حين أكبر أن يصبح ضفيرة طويلة , فقالت : وأنا سأضفرها لك
فقلتي معترضة : بل والدي يفعل ذلك , فقالت بتحدي : بل أنا فأنا والدتك
فتراهنا ذاك اليوم كل واحد منا يتحدى الآخر أنه من سيفعلها أولاً , كم كنتي
تحبين الشعر الطويل المضفر حتى أنك تقفزين كلما رأيت واحدة في التلفاز
بشعر ضفيرته طويلة "
أنهى ضفره ودموعي تنسكب بغزارة , ما أجملها من هدية هذه التي قدمت
إلي .... والد فكم حلمت بواحد منهما , من يراه وهيئته ككبار ضباط الجيش لا
يصدق أنه من يضفر لي شعري الآن بحب ورفق وحنان , مسحت دموعي
والتفتت إليه وقلت بابتسامة " وها أنت كسبت ذاك الرهان "
تم أمسكت يده وقبلتها ووقفت على ركبتاي وقبلت جبينه ثم نمت في حضنه كطفلة
تبحث عن حنان الأبوين مجتمعا فيه , كليلة صيفية هجرتها النجوم لتجد في قلب
سماءها ضوء القمر , من قال أن الأماني المستحيلة لا تتحقق , من قال أن ما ضاع
منك لا يمكن أن يعود , وبقينا على ذاك الحال لوقت أنام في حضنه الدافئ ويده
تمسح على شعري برفق ثم أبعدني ووقف لبس نظارته وقال وهوا يعدل شاله على
وجهه " عليا المغادرة الآن بنيتي وسأعود في وقت آخر "
رفعت رأسي ونظرت إليه وقلت بحزن " وبعد كم من الشهور ستعود ؟؟ "
وضع يده على رأسي ولعب بغرتي بين أصابعه وقال
" عليا حمايتك منا يا قمر حتى نجد لهذا حلا "
قلت وعيناي معلقتان به " وحتى متى سأبقى هنا أنا خائفة من هذا المكان الممرضون
والأطباء والحرس كلهم رجال كيف تؤمن عليا معهم "
قال بحزم " هل ضايقك أحد ؟ "
قلت وقد سافرت بنظري أرضاً " وهل سننتظر حتى ذاك الوقت في النهاية هم
رجال وأنا امرأة وحدي ووحيدة هنا "
قال وهوا يمسك كتفي بيده " سنجتمع وعمتك وزوجها ونناقش الأمر فكما ترين
يا قمر أنا الآن أشكل خطراً كبيراً عليك حتى أني أزورك متنكراً حتى عن الجهاز
الأمني لأني لا أتق في أحد ولا حتى هم , حتى تقع الخلية الجاسوسية في الشرك "
نظرت له وقلت " وحتى متى ؟؟ "
قال " لا اعلم ولا يمكنني تحديد ذلك سنتناقش في الأمر حبيبتي لا تقلقي
وسأخرجك من هنا مادمت لا تريدين البقاء فمعك حق كيف أؤمن رجال
على قمر مثلك مهما كانوا مهددين لأهمية المكان عسكريا "
تم أخد الجريدة من على السرير وهم بالخروج فقلت " أبي "
التفت إليا فقلت برجاء " لا تتأخر عني كثيراً سأشتاق إليك "
هز رأسه بنعم فقلت " وأترك لي الجريدة أتسلى بها فلا توجد حتى
هواتف كل شيء ممنوع هنا "
اقترب ووضعها في حجري وقال " خبئيها جيداً حسناً "
هززت رأسي بنعم مبتسمة له فمسح على شعري ووجهي بحنان وغادر
فناديته مجدداً فالتفت لي من فوره فرسمت له قلباً أمام وجهي مبتسمة فأزال
الشال عن فمه وأرسل لي قبلة من شفتيه كما كنا نفعل في صغري وابتسم
وغادر , كم احتجت إليه في حياتي وكم أنا سعيدة بعودته لي فكم قاسى هوا
أيضاً وعانا وقد ضاعت سنين عمره مثلي في الهم والحرمان فقد فرقتنا هموم
الدنيا ومواجعها وهي من جمعتنا أيضاً ولا اعلم متى ستتركنا لنجتمع للأبد
تنهدت بضيق ثم فتحت الجريدة أقلبها لا شيء جديد في هذه البلاد لم تتحرك
من مكانها , وصلت حيث العمود المخصص لمذكراتي , يبدوا شارفت للنهاية
قرأت اسطر منها أسترجع تلك الذكرى المريرة (( كان من الممكن أن أتجاوز
ألم الماضي لو لم تكن مؤنسي.. و مدرستي ... كما لو لم أرى فيك منقذي من
تعاستي.. ومخلفات الذكريات ... كنت أستطيع أن أتجاوز وجعي ورعبي ولكن
رأيتك حاضري.. تشبثت بكل ما يجيش في صدري نحوك وكنت أعلم أنه من
المستحيل رؤية بعضنا ولو بالصدف... ولكن ها نحن معًا ... لم أصحو بعد
من سكرة حُلمي ... ويبدو أنني لن أفيق حتى أهوي على رأسي من شدة وجع
الواقع..فأنت لم تتوانى عن صفع قلبي بكل الطرق ... وها قد تاهت بي معالم
حكايتي معه حتى شارف قلبي على التوقف وعمري عن المضي وعقارب
حياتي عن الدوران , قريباً أموت يا رائد وأنت تبتعد عني أكثر وترميني
للمجهول للبعد عنك لحرماني حتى من قسوتك لأموت وحيدة وبعيدة , لما
حرمتني من أن تكون آخر من يشيع جثماني مثلما كنت أول من كتب خطوط
نهايتي وأول من مزق سنيني وعبث بتاريخ عمري وأول من رقص على
نهاية نبضاتي , كم قسوت على نفسي حين بحثت عنك فيك وعني لديك عن
الفرح في بلاد التعاسة وعن الحياة في حضن الموت وعن الرحمة في قلب
لم يعرف غير القسوة والظلم , كم كنت غبية وكم كنت حالمة وموهومة
واكتشفت أني كمن يبحث عن الدفء في حضن الجليد لتنتهي حكايتي معك
يا رائد كما خططت لها أنت تعيسة ومريرة وحزينة كما تريد أنت وليس
كما تمنيت أنا )
أبعدت نظري عنها وهززت رأسي لأبعد عنه كل تلك الذكريات , مؤكد أن
رائد الآن يرى أنه أخذ بحقه مني وأني أستحق ما أصابني , كان يعلم أني
ضوء القمر ويخفيه عني وأنا من تنتظر أن يتذكرني وهوا لم ينسني وكل تلك
المعاملة السيئة كانت بسبب ما فعلته في الماضي وأنا من غبائي أفكر كيف
سأشرح له الأمر ليفهمني ويعفوا عني , نزلت من عيني دمعة مسحتها وقلت
بحزن " عليك نسيانه يا قمر فهذه المرة الثانية التي يضرب فيها قلبك زلزال بسببه "
ثم تنهدت بأسى وشغلت نفسي بتقليب باقي أوراق الجريدة حتى وصلت
عند مقال تحت عنوان ( إحدى متاهات المنذر الجديدة ) نزلتُ بعدها للمقال
أقرأه فكان يتحدث عن رائد المنذر لتحوله من المقال الأدبي والنقدي للشعر
بعد انقطاع غريب وفهمت منه أنه لم يكتب لأشهر ومختفي تماماً عن الجميع
ليخرج بقصيدة احتلت مواقع محبيه وهزت بعض الصحف للتغيير المفاجئ
رغم ميوله الدائم للمجال الأدبي إلا أنه لم يكتب قصائد شعرية قبلا ولم يتحدث
عن حبه للشعر أو كتابته له فأعده الجميع تغيرا لميوله الأدبي , بالفعل معهم حق
هذا تغير عجيب رغم معرفتي أنه كان يكتب الشعر فاجأني أن يضع قصيدة
في الجريدة لابد وأنها جارحة كتلك التي رماني بها يوم الرحلة للبحر , وصلت
لآخر المقال فكانوا يعرضونها وما أن وصلت لها بنظري حتى سمعت حينها
طرقات خفيفة على الباب وفتح قليلاً وتحمحم من خلفه خبأت الجريدة وبقي
من ورائه في الخرج ولم يدخل مؤكد الطبيب هذه عادتهم , لبست حجابي
وقلت " تفضل "
دخل مبتسماً وقال " صباح الخير أراك أفضل اليوم "
قلت بابتسامة " نعم جاءتني زيارة ما أروعها "
اقترب مني وأخرج شيئاً من جيبه فقلت بتذمر " حرارتي ليست مرتفعه
أبعده ولا تقل أنك ستقيس ضغطي ونبضي أيضاً لقد سئمت منكم "
ضحك وقال " في وجهي تقولينها ! هيا علينا تدوين كل الملاحظات
يومياً هذا ضروري "
أخذته منه وقلت بضيق " أعطني إياها وسأسجلها لك دون عناء , لقد
بث أحفظها من كثرة ما قرأتها ذات النتيجة يوميا "
وضعته تحت لساني وضحك وقال وهوا ينظر لجهاز قياس الضغط أمامه
" هل تكرهيننا لهذا الحد "
قلت مستاءة " نعم وإن أحضرتم الطبيب النفسي كما تريدون فسأهرب من هنا "
قال مبتسماً وعينيه على المقياس " لقد أنقده الله منك إذا "
أخرجت المقياس من فمي وأخذت منه الدفتر دونت الدرجة بنفسي ورميته له
وقلت بضيق " أين أنا من هذه البلاد ولما كل شيء ممنوع .... أريحوني "
قال وهوا يزيل الجهاز عن ذراعي " أنتي في الجناح السري من المستشفى
العسكري يا قمر وحتى نحن الأطباء والحرس في الخارج لا نعلم سوى اسمك
الأول فلن يفيدك أي منا بجواب "
تأففت وقلت " إن كانت لك ابنة هل كنت ترضى لها هكذا تنقطع عن كل شيء "
ضحك وقال " محاولة جيدة , بلى لدي ابنتان ولمصلحتهما أفعل أي شيء "
نظرت له بنصف عين وقلت " أقسم انك طبيب نفسي وأنك تعرف عني الكثير "
اكتفى بالابتسام في صمت فقلت " هل لي بطلب واحد فقط وبسيط جداً "
نظر لي باهتمام وقال " طلب مني أنا ! لكن القوانين صارمة لا تطلبي
شيئاً أعاقب عليه حسناً "
قلت وأنا أهز رأسي بلا " لن أطلب شيئاً مؤدياً هوا ممنوع لكن أريده
هاتف فقط لأتحدث مع عمتي قليلاً .... أقسم لك "
تنهد وعدل من وقوفه حاملاً أجهزته وقال " صحيح أني درست علم النفس
لكني لست متخصصا فيه بل أنا حقا طبيب عضوي وأنا بالفعل لا أعرف عنك
غير اسمك وأنك هنا لحمايتك وأن والدك ذو مركز كبير في هذا المكان لكن
من يكون لا أعلم , وأن أحضر لك شيئاً ممنوعاً ستكون مغامرة قد أفقد
فيها النطق والمشي وليس وضيفتي فقط "
قلت بتذمر " يا لكم من متحجرين كيف تكونون أطباء "
لم يعلق على كلامي سوى بالابتسام كعادته ثم هم بالخروج فوقف بجانب
الباب ونزع ورق التقويم اليومي وقال " هذا اليوم مضى لما لا تزيلينهم ؟ "
قلت بضيق " أتركهم حتى يصبحوا عشرة وأزيلهم معا كي أشعر
أني تقدمت للأمام كثيراً "
قال بابتسامة " فكرة جيدة للعيش في الماضي وليس للذهاب للمستقبل "
ثم خرج وتركني وحدي لوحدتي , هكذا انتم أطباء النفس ليس لديكم سوى التحليلات
السخيفة , أخرجت الجريدة وفتحتها على المقال المدرج فيه القصيدة من أجل أن
يقدموها للقارئ بعد موشح تحليلها طبعاً وكانت
....
خذيني إليك
خذيني بحزني لفرحتي مني خذيني إليك
لا ترحلي مثل الرحيل
مثل الأماني عانقت عطري النحيل
وتناثر في مقلتي ثم اختفت في مقلتيك
* * *
مني إليك
تحتار أشيائي لكي مني تسابقني إليك
حتى ملامح غرفتي
كتبي وعطر حقيبتي
قداحتي صندوق أقلامي وعلبة ساعتي
حتى مفاتيحي رثت كفيك
* * *
ويزيد شوقي إليك
ويزيد كم شوقي يزيد إليك
كنسائم الليل الحزين
كالهمس في نبرات نجوى العاشقين
كقصائدي ودفاتري
تحتار كيف تموت بين يديك
* * *
ومني إليك
كل المشاعر تشتكي مني لقلبي إليك
حتى نسائم شرفتي
تركتني ألعن وحدتي
بل ضحكتي رحلت وأخذت بسمتي
هل تسمعي
أحبيبتي ومليكتي
ضمي تفاصيلي خذيني إليك........ (من أجلك قمري )
بقيت أنظر لها مطولاً وأنفاسي تتغير ودقات قلبي تضطرب , ترى ما
يعني بكل ما كتبه ؟ يبدوا لا يعلم أنني هنا ولكن كيف سيعلم وهذا المكان
سري, ترى ما حدث بعد أن فقدت وعيي يومها ! هوا موقن أنني من
خدعته فلما يكتب هذا أم انه من أجل أخرى ! ولكن من تكون وهذا اسمي
في الإهداء , هذه الجريدة مر على صدورها أسبوعين ولا اعلم كم مضى
على نشرها في جريدتها الأساسية ؟ أنا حقا لا أفهم شيئاً
وبقيت على ذات الحال والروتين أسبوعاً آخرا حتى طرق أحدهم الباب
في غير وقتهم المعتاد فعلمت أنها وأخيراً زيارة لي فبقيت أنظر بلهفة حتى
انفتح ببطء ودخلت عمتي التي اتجهت فوراً مسرعة اتجاهي واحتضنتني
بحب ثم يليها زوجها ووالدي , كنت أحتضنهم وأبكي شوقاً وفقداً ومللاً من
هذه الوحدة وهم يحاولون تهدئتي حتى قال والدي " قمر لما البكاء هكذا
سنخرجك من هنا كما طلبتي "
قلت بابتسامة حزينة " حقا ... وأخيراً سأغادر السجن "
ضحك وقال " لو سمعوك المساجين لبكوا على حالهم "
قلت بسرور " هل سأخرج معكم ؟ هيا لا أريد البقاء لحظة بعد "
نظروا لبعضهم في صمت فقلت بقلق " ماذا هناك ألن أخرج !! "
قال والدي ونظره على أصابعه المشتبكة ببعضها وهما يجلسان أمامي وعمتي
بجانبي " قمر لا يمكنني أخدك معي لا أنا ولا حتى عمتك فقد أصبحت خطرا كذلك "
نظرت لهم وأحداً وأحداً وقلت باستغراب " لم أفهم كيف لا تستطيعون أخذي ! "
نظر لي وقال " حياتي عرضة للخطر حتى نمسكهم وإن علموا بك ستفقدين
حياتك في أقرب فرصة ولن أخاطر بك ماداموا لم يعلموا بوجودك فبعد أن قتلت
أولائك الثلاثة الذين كانوا المشتبه بهم الوحيدين وهم من الجهاز الأمني في البلاد
سلمت نفسي بمحض إرادتي حيث أنه وبحكم مركزي حينها كان يمكنني قتلهم
دون أن يحاسبني أحد لكني سلمتهم نفسي والأدلة على قتلهم لوالدتك ومحاولة
قتلي وحتى قتلك فحكموا عليا بالسجن عسكريا لأني في نظر القانون أمثل جزء
من القانون في البلاد وأنهم الدليل الوحيد لدينا حينها لفك تلك الخلية فأخذوا بعين
الاعتبار مركزي وأسبابي وتسليمي لنفسي لكني لم أنجو من السجن وحدها
وضيفتي ورتبتي اللذان لم أخسرهم في المحاكمة العسكرية التي خضعت لها
لأخذهم تلك الأسباب بعين الاعتبار وبعد خروجي من السجن العسكري بقيت
أراقبك من بعيد ولم يعلم أحد بخروجي سوى زوج عمتك ورغم حماية الجهاز
الأمني لي إلا أنني لازلت على خطر وقد حاولوا قتلي مراراً لعلمهم ما أصبوا
إليه وما فعلته ببعض أعضائهم سابقاً وضنهم أني على علم بمن يكونون
وعندما قررت تسليم نفسي تحدثت مع خالك ليأخذك عنده حتى أخرج
من السجن لأن عمتك كانت في الخارج ولا صلة لي بها ووحدهم أقاربك
ولم أعلم أني بذلك سلمتك للشيطان وزوجته ولكن قضاء الله خير دائماً فهم
سجنوك وحجبوك عن العالم كله فحموك منهم دون علمهم , لذلك لا يمكنني
أخذك معي حالياً وحتى الله أعلم متى , هذا إن نجوت منهم , وعمتك بعد
استقبالها لي أصبحت خطراً عليك كما عليها السفر قريباً وأنتي لا يمكن
إخراجك من البلاد في الوقت الحالي وعلى عمتك الابتعاد في كل الحالات
تحسباً لأي مشكلة قد تودي بحياتها وعائلتها "
هززت رأسي بعدم استيعاب وقلت ودموعي تملا عيناي
" ما معنى هذا ؟ هل أصبحت بدون أهل وليس لي مكان أخرج لأذهب إليه "
مد يده لوجهي ماسحاً على خدي وقال بهدوء " من أجلك قمر , لا أريد أن
أخسرك أنتي أيضاً ولا يمكنني وضعك في منزل لوحدك حتى بالحراسة لا
أؤمن عليك ولا من الحرس وأنتي امرأة ووحيدة "
أمسكت يده وقلت ببكاء " من بقي لي أذهب إليه ؟ لماذا يحدث معي هذا
وهل سأبقى هنا كل عمري "
تنهد بضيق وقال " بقي زوجك ولكني لا أريد أن أرجعك إليه وعلينا البحث عن
خيار غيره خصوصاً أنه بدأ يبحث عنك في كل مكان وسيكشف أمرك بسبب تهوره
أرسلت له تهديدا ليتوقف عن التهور لكنه لم يكترث لي فوجهت له خطاباً خطياً
أننا سنسجنه ليتوقف عن ذلك وجنونه لم ينتهي لذلك اتصلت به بنفسي لأخبره أنه
يعرض حياتك للخطر بما يصنع وأني إن أرسلت أمراً بالقبض عليه فسيرى عذاباً
لن يتحمله , ليقتنع بما نأمره به فكان كلامه كله إصرار على مقابلتك ومعرفة مكانك
ولم يتراجع إلا حين أخبرته أنه بهذا سيحرم نفسه أيضاً منك وسيصبح مصدر خطر
عليك كما نحن الآن عندها فقط لانت كلماته قليلاً , ولكني أخبرته بالحرف الواحد
أنك لم تسألي عنه ولم يعد يعنيك ولم تطلبي أن يزورك وأن عليه نسيانك لأنه لم
يستحقك أبداً فانا لم أنفد ما هددته به فقط من أجل وعدي لك أن ابتعد عنه لكن أن
يهدد حياتك بالخطر لن أرضا بها أبداً "
قلت بعينان دامعتان " لا أريد العودة إليه لا أريد "
قال مطمئننا " لن تعودي إليه حبيبتي ولن يقترب منك لا تحزني ولا تخافي "
مسحت عيناي وقلت " والحل الآن أنا لا أريد البقاء هنا أبداً ولا يوماً آخر "
حك جفنه تحت عينه وقال " زوج عمتك اقترح أن يقطع دراسته ويبقي ومؤمن
هنا لتبقي معهم لكن يبقي الوضع غير آمن , فكرت لو لدينا من نتق في حمايته
لك من البعض فقط لأن الباقي ستتكفل به المراقبة المكثفة حولك "
قلت مقاطعة له " كيف من البعض لم أفهم ؟ "
تنهد وقال " زوجك مثلا أو أي رجل من طرفه قد يكون خطراً عليك , لدي
أصدقاء موثوق بهم لكنهم يتبعون للجيش والأجهزة الأمنية فلن يجدي الأمر
عمتك تقترح صديقة لها ابنها ضابط في الشرطة , الفكرة جيدة لكن المشكلة
أن تبقي وإياه في منزلهم , هم غرب عنك ووالدته تعمل لساعات طويلة خارج
المنزل وقد يعلم زوجك ويسبب لنا فضيحة "
قلت باستغراب " وما دخل رائد في كل هذه الأمور ! لما يبحث عني ولما
سيلحقني ويتسبب لي بالمشكلات !! "
قال بضيق " يبدوا كبرتِ في قلبه فجأة وبعد أن شيع جثمانك تذكر أنك شيء يؤول
إليه , أقسم لولا طلبك مني تركه لعرفت كيف أجعله يبتعد عن طريقك وبالقوة "
قلت بتشتت " أشعر أنني في شيء لا أفهم منه شيئا "
قالت عمتي ممسكة لكتفي " قمر حبيبتي علينا أن نتفق علي مكان يكون آمن لك
لا يمد لنا بصلة ويمكن لصاحبه حمايتك حتى من زوجك فنحن لا نعلم ما ينوي
عليه ولما يبحث عنك ويصر عليك هكذا , المشكلة لا أصدقاء مقربين لك "
ثم وضعت يدها علي حقيبتها وقالت " آه كدت أنسي "
ثم قالت وهي تخرج ورقة منها
" هذه أرسلتها لك نوران وقالت أنه عليك قراءتها سريعا "
أخذتها منها في حيرة من أمر إرسالها لي فتحتها فكان فيها (( قمر شقيقتي الحبيبة
التي لم تلدها لي والدتي , لا أعرف من أين ابتدئ ولا كيف أشرح لك موقفي ولا
كيف أصوغ الكلمات بحيث أستشعر غفرانك لي , قمر أنا من أخذت أجزاء منازل
القمر كما تعلمي ولكن مالا تعلميه أني أخذتهم لرائد حينها وعلي دفعات لأكفر عن
خطأ قديم في حقك وهوا أني أنا من دللت شقيقته عليك ودون قصد مني أو علم
بمن تكون وما تنوي ولكنك فاجأتني يوم اكتشفتِ أن المذكرة بدأت تختفي
أوراقها وخبأتِ الباقي عني وما لم تكوني تعلميه أن باقي أوراقها لدي رائد
لذلك اعترضت علي موافقتك الزواج منه لكي لا ينتقم منك عن ذاك الماضي
ويوم أخبرتني أنه علم منك عن كل شيء وتصافيتما صدقت ذلك وسعدت أني
تخلصت من عقدة الذنب أخيراً , ولم أكن أعلم أني سلمتك للموت بيدي
قمر سامحيني أقسم لم يكن قصدي أذيتك وكنت أود أن آتي لك بنفسي واشرح
أسبابي واعتذر ولكنهم منعوني من الذهاب معهم لأن والدتي ذهبت معهم
مكرهين فذهابي سيكون مستحيلا , قمر سامحيني أرجوك , أحبك.... نوران )
قبضت على الورقة في يدي بقوة ودخلت في نوبة بكاء مريرة وعمتي
تحتضنني ووالدي وزوجها يحاولان فهم شيء مما يجري فأخذ والدي الورقة
مني وقرأها ثم قال بغيض ومن بين أسنانه " سحقاً له كان ينتقم منك إذاً "
ابتعدت عن حضن عمتي وقلت وأنا امسح دموعي
" كما أخبرتك أبي حساب قديم وتصافينا فيه ولم يعد له شيء عندي "
قال بغضب " بعد ماذا ؟ بعد أن أخسرك صحتك للأبد ذاك المغفل
لو فقط تتركيني أصفي منه حسابي يا قمر "
قلت بهدوء ونظري للأرض " ماضي وانتهى ولا يجدي الكلام عنه الآن "
ثم نظرت له وقلت بجدية " لدي من سأبقى معه حتى تنتهي هذه الأزمة ووحده
من سأكون لديه بخير ومن سيمنع حتى رائد عني "
قال والدي بهدوء " قمر تعرضك للضغوط النفسية مجدداً سيكون خطرا كبيراً لن
تنجي منه هذه المرة بنيتي , وأنتي أدرى بحالتك الصحية الآن فلا نريد المجازفة "
قلت بابتسامة حزينة " لا تقلق يا أبي ما كان كان وانتهى ولن أرى أسوء منه
سأخرج عن سلطته ولن يفعل شيئاً تأكد "
تنهد وقال " لولا خوفي عليك لرفعت قضية طلاق وزوجتك بغيره ليحميك
ولكن القضية ستكشف اسمك كاملاً وإجباره على ذلك بالقوة أمر لن توافقيني
على فعله لفصلت جلده عن عظمه حتى يطلقك "
قلت وأصابعي تعبث بطرف اللحاف
" فلنخرج من هذه المشكلة أولاً وتعود إلي ثم لكل حادث حديث "
ثم نظرت له بعينان دامعتان وقلت وأنا أمد يداي له
" والدي لا تمت كن بخير لأجلي أرجوك "
عانقني وقال مطبطبا على ظهري " لا تقلقي حبيبتي مسألة وقت , أنتي أخبريني
فقط عن المكان الذي تودين الذهاب إليه لنجري جميع الاحتياطات الأمنية فحتى
من سيحمونك هناك لن يعلموا من تكونين "
وهنا كانت نهاية فصلنا الجديد
أين ستكون قمر في محمى حتى عن رائد وما سيكون المكان الذي اختارته
كيف سيصل لها رائد وكيف سيعلم بمكانها بل كيف سيعيدها لحضنه مجددا
وهل سيجد الغفران عند قمر ووالدها وما الخيارات التي ستكون أمامه
الفصل القادم سيجيب عن كل هذا وسيحمل لكم في طياته الكثير
فصلنا القادم لرائد والنقلة الجديدة في القصة ستبدأ من عنده
دمتم في حفظ الله أحبائي ...... أختكم المحبة لكم ( برد المشاعر )