الفصل العشرون
لم أجب على اتصالها بادئ الأمر وبعدما تكرر عدة مرات استأذنت أسعد
وابتعدت فتحت الخط ولذت بالصمت فجاء صوتها قلقا قائلة " رائد أين أنت ؟! "
ارتسمت على شفتاي ابتسامة واستمررت في الصمت فقالت " رائد تسمعني !! "
قلت " نعم "
قالت بهدوء " هل أنت بخير "
قلت باختصار " نعم بخير "
قالت " أين أنت حتى هذا الوقت "
قلت بضيق مصطنع " قمر هل سنعيد دائماً نفس الكلام "
قالت بهمس " آسفة ولكننا قلقنا عليك "
أملت وقفتي مستندا بمرفقي ومررت أصابعي في شعر عنقي وقلت
" من منكما ... ؟ "
قالت بعد صمت " أنا ومريم "
قلت بابتسامة غلبتني " ومن منكما اقترحت الاتصال بي "
لاذت بالصمت فقلت " هل سؤالي صعب لهذه الدرجة "
قالت بهمس " لا "
قلت " إذا ما الجواب "
قالت " أنا "
نظرت للسماء بابتسامة ثم قلت " وتلك المجرمة لم توافقك هذا أليس كذلك "
عادت للصمت مجدداً فقلت " قمر "
قالت " نعم "
قلت بهدوء " هل تخافين علي "
طال صمتها فقلت " هل عدنا للصمت مجددا "
حمحمت ويبدوا ارتبكت فأبعدت الهاتف عن أذني ضحكت ضحكة صغيرة
ثم أعدته لأذني وقلت " لا تقلقي أنا عائد بعد قليل "
قالت بهدوء " حسناً وداعاً "
أغلقت الخط وعدت جهة أسعد الذي ضحك وقال
" أسوء ما في الزواج كلمة أين أنت "
ضحكت وقلت " ومتى ستعود "
ضحك كثيراً فقلت " عليا المغادرة الآن أراك قريباً "
لأسعد شقيق هنا في العاصمة سيقضي الليلة معه وأنا عليا العودة للمنزل
تصافحنا وغادرت للمدينة وهي تبعد قرابة الساعة , وصلت بعد ساعة ونصف
لأني كنت أسير ببطء , دخلت المنزل وكان الهدوء يسود المكان , جيد يبدوا نامتا
توجهت من فوري لغرفة النوم فتحت بابها ببطء وكانت فارغة تبدوا نائمة مع مريم
ألم تجد غير هذه الليلة لتنام معها , دخلت الغرفة استحممت وغيرت ثيابي ونمت
في المكتب بعدما صليت الفجر وبعد نوم قليل غادرت المنزل مرة أخرى زرت
المكتبة والمعهد الثقافي ووصلت المنزل بعد العصر مؤكد تعتقدان سأقضي اليوم
في الخارج كالأمس , فتحت الباب بهدوء ودخلت وأغلقته بدون صوت وما أن
اقتربت من الداخل حتى سمعت صوت موسيقى إيقاعية صاخبة وضحكاتهما
اقتربت من غرفة الجلوس حيث كانتا ووقفت عند الباب أشاهد المشهد الموقف
لجميع الحواس .... قمر ترتدي تنوره من الجينز الأزرق قصيرة وواسعة وقميص
أحمر ضيق وبدون أكمام تمسك شعرها كله بيدها اليمني مولية ظهرها لي وتحرك
خصرها على صوت الإيقاع ببطء ونظرها على خصرها ومريم جالسة تضحك
وتقول " رائع لم تخبريني أنك ماهرة هكذا "
كتفت يداي لصدري ووقفت أراقبها حتى ظهرت لي مريم من خلفها فجمدت
كالتمثال ما أن رأتني ويبدوا لفتت انتباه قمر بجمودها وصدمتها حيث أنها دارت
للوراء فوراً ونظرت لي بصدمة ثم تلون وجهها بكل الألوان وأعطتني ظهرها
مجدداً وأوقفت مريم منظومة الصوت فدخلت وقلت " رائع وما سبب هذا الاحتفال "
قالت مريم ببرود " من دون سبب كنا نتسلى ... ما جاء بك أنت "
جلست وقلت " أعتقد أني في منزلي وأنك لستِ زوجتي لتسأليني هذا السؤال "
ثم نظرتُ جهة قمر وقلت " تابعي لما توقفتِ "
نظرت لي وهزت رأسها بلا دون كلام فقلت بحدة
" قمر كم مرة سأقول لا أريد هذا الجواب المبهم "
قالت بهمس ونظرها للأرض " لا أستطيع "
قلت بسخرية " أمامها تستطيعي وأمام زوجك لا يالا السخافة "
قالت مريم باستياء " لا تستطيع أمامي وأنت موجود هذا شيء
أسمه حياء إن كنت نسيت "
نظرت لها ببرود وقلت " أنتي تصمتي أو جعلتك ترقصين بدلاً عنها "
ضحكت وقالت " أخاف أن أفسد على زوجتك إن رقصت "
قلت بسخرية " مع هذا البطن !! لا أعتقد "
قالت بضيق ويدها وسط جسدها " ما قصدك ؟ لا تنسى أنني أنجبت ثلاث أبناء
بعد أن تنجب زوجتك سيطير كل هذا القوام الممشوق فلا تتبجح علي "
ضحكت وقلت " إن أصبح جسمها مثلك طلقتها فوراً "
قالت ببرود " سترزقون بأبناء وسنرى "
نظرت جهة قمر فكانت تنظر للأرض بحزن وكأنها تقول لها أي أبناء سنرزق
بهم , قلت بحزم " هيا ماذا تنتظرين "
وقفت حينها مريم مغادرة وأغلقت الباب خلفها فنظرت باتجاهها فكانت تنظر
للأرض , فرقعت بأصبعين من أصابعي مرتين مشيرا لها فنظرت لي فأشرت
لها بأصبعي على آلة الصوت فقالت بتلعثم
" لا ... أي ... أقصد أنا رقصي سيء "
كتفت يداي لصدري وقلت " منذ قليل رأيت بعيني من أي نوع يكون "
بقيت على حالها تنظر للأرض وأصابعها تلعب بطرف ألتنوره فقلت ببرود
" سنبقى على هذا الحال حتى ترقصي "
نظرت جهة مسجل الصوت تنهدت بضيق ثم توجهت نحوه شغلت الموسيقى
وبدأت الرقص وعيناها مغمضتان تحرك خصرها ببراعة وتلف بجسدها حتى
يتطاير شعرها الحريري حولها في كل اتجاه , سحقاً لأعاصير النساء ولواحدة
مدمرة كهذه أتوجد فتنة لا تتقنها هذه الحورية , لفت ثلاث لفات متتالية واقتربت
مني فمددت ساقي لتدخل قدمي بين قدميها فتعثرت وسقطت في حضني
أمسكتها من خصرها ففتحت عيناها لتجد وجهها في وجهي نظرنا لبعضنا مطولاً
ثم باغتتها بقبلة سريعة على شفتيها وابتسمت ابتسامة جانبية فابتعدت عني بسرعة
ووقفت بعيداً , وقفت وأوقفت الموسيقى ثم عدت للجلوس حيث كنت ونظرت لها من
أعلى لأسفل ثم قلت " ألم أقل سابقاً هذه الملابس لا تلبسيها أمام أحد أم هوا عناد فقط "
قالت بهدوء ونظرها أرضاً " هي من أصرت على أن ألبسها "
قلت بحدة " وأين شخصيتك أنتي لتتحكم بلباسك وتصرفاتك كيف تشاء , من يرى
كتاباتك ومقالاتك يشك أنك صاحبة شخصية ضعيفة هكذا "
نظرت لي بصدمة وقالت " أنا بلا شخصية !! "
قلت بغضب " نعم فمن يتحكم غيره حتى في لباسه يكون عديم شخصية بل لا
يكسب منها ولا درة ليحركه كيف يشاء "
رمت شعرها بيدها للخلف وقالت بضيق " نعم وأنت أكبر دليل تحكمت في لباسي
قبلها وحين خالفتك لم يعجبك فكيف تكون لي شخصية مع غيرك ومعك أنت لا "
قلت بغضب أشد " نعم هذا ما تفلحين فيه طول اللسان معي أقسم إن رقصتي أمام
واحدة غيرها ولا حتى طفلة وأي كان ومن يكون كان عقابك مني عسيرا وهذه
الملابس لا تلبسيها أمام أحد غيري مفهوم "
نظرت للجانب الآخر وعيناها امتلأتا بالدموع فقلت بحدة
" وهذا الشيء الوحيد غيره الذي تفلحين فيه .... البكاء "
مسحت عيناها قبل أن تنزل دموعها ونظرت لي بغضب وقالت
" هل لديك أوامر أخرى "
قلت ببرود " أرقصي مجدداً "
قالت بسخرية " لقد أقسمت عليا أن لا أرقص أمام أحد كان من يكون أم أنك نسيت "
قلت ببرود " وأنا لست أي احد ولا كان ولا يكون "
قالت بعبرة " لن أرقص مجدداً حياتي كلها ولو قطعتني "
وقفت وقلت مغادراً " غيري هذا الثياب حالاً "
ثم خرجت ضارباً باب الغرفة بقوة , هذه الأولى تلقت جزءً من عقابها أقسم لولا
فت من تهوري لتركتها ترقص حتى تيبست عظامها كي تنال العقاب كاملاً ولكن
لا بأس بقي الأخرى , بحثت عنها فكانت في غرفتها , فتحت الباب ووقفت أمامه
نظرنا لبعضنا بصمت ثم قالت
" ما بك صوت صراخك سيزلزل الجدران متى سترحم هذه المسكينة "
قلت ببرود " لا شأن لك بحياتي "
ابتسمت بسخرية وقالت " متسرع طوال حياتك يا رائد وأخبرتك سابقاً أتركها
لغيرك إن كنت لا تريدها بدل معاملتها كنكرة "
قلت ببرودي ذاته " لم أرى من تريد لشقيقها أن يطلق زوجته يبدوا لي
حجزتِ لها زوجاً من الآن "
قالت بتحدي " طلقها وسترى إن لم تتزوج فوراً وبشاب أيضاً "
قلت بغضب " شقيقتي أنتي أم عدوتِ ؟! "
قالت بسخرية " أقسم بمن خلق هذا الكون كله أنك متيم بها "
ضغطت على أسناني بقوة , هل جئت لأنال منها أم لتنال مني
هدئت نفسي وقلت " ذهبت لزوجك أمس "
نظرت لي مطولاً بصدمة ثم قالت " قابلته !! هل تحدثتما ؟! "
ثنيت ساقي أمام الأخرى وقلت " لا لم أجده كان خارج المدينة وصديق لي
يعرف صديقه المقرب قال أنه في مشروع زواج سري "
نظرت لي بصدمة دون كلام واعتقد أن تنفسها قد توقف تماماً ثم قالت
" كاذب لن تنال مني بهذه "
قلت بسخرية " اتصلي به واسأليه أين هوا الآن هذا إن أجاب على اتصالك
لهذا كنت طوال يوم الأمس خارج المدينة "
أمسكت هاتفها واتصلت به ثم قالت بصدمة " هاتفه مقفل !! سأجرب رقمه الآخر "
اتصلت كثيراً ولم يجب عليها فوقفت وقالت " خذني هناك الآن "
قلت " أين آخذك ومنزلك لا أحد فيه "
قالت بحدة " لأبنائي "
قلت " أخذهم معه "
شهقت بصدمة ثم توجهت نحو الخزانة أخرجت عباءتها وحقيبتها التي أحضرتها
وهي تقول ببكاء " استغل الفرصة إذا , لا وأخذ أبنائي معه سترى يا أيوب يا خائن "
أمسكت يدها وقلت " انتظري أين ستذهبين ؟! "
قالت بغضب " ألحقه حيث هوا ولو في سابع أرض "
قلت مغادراً بابتسامة غلبتني " أنتظرك في السيارة سنذهب لمنزلك قد نجده هناك "
ركبت سيارتي وما هي إلا لحظات وكانت أمامي هههههه لم أتخيل أن أنجح بسهولة
ركبت السيارة ومضينا أرسلت له رسالة على هاتفه الآخر كيف نسيت أمره جيد انه
لم يجب على اتصالها أخبرته أن يستقبلها وكأن شيء لم يكن ويستغرب قدومها وأنا
ما أن وضعتها أمام منزلها ودخلتْ غادرت فوراً وهي تضن أنني في انتظارها في
الخارج وما أن غادرت بمسافة قليلة حتى وردني اتصال من مريم فضحكت ولم أجب
عليها ثم أرسلت لها ( أردت أن أراضيك وزوجك ما رأيك في الفكرة )
وما أن وصلت للمنزل حتى وردني اتصال من زوجة والدي تخبرني أن خطيب
نور لديهم ويريد مقابلتي فتوجهت لمنزل والدي قبل دخول منزلي تناقشت معه
مطولاً عن أمر الزفاف الذي سيكون نهاية الخريف أي بعد أشهر قليلة فنحن في
بدايته ولم يغادر إلا بعد العشاء فعدت من فوري للمنزل , دخلت وكان الصمت
والهدوء يعم المكان ذهبت من فوري باتجاه غرفة النوم فتحت الباب ووقفت فكانت
قمر جالسة متربعة على السرير وتمسك هاتفها في حجرها , أجرت اتصالا دون أن
ترفع رأسها ولا تنظر إلي ثم وضعت الهاتف على أذنها وقالت
" مرحباً مريم أين أنتي لا في المنزل ولا تجيبي على اتصالاتي "
سكتت لوقت ثم قالت " حسناً حمدا لله المهم أنك بخير "
عادت للصمت من جديد ثم قالت " أخبرتك منذ البداية لكنك لم تكترثي لي "
أنهت بعدها الاتصال مودعة لها ثم أجرت اتصال آخر وتحدثت مع عمتها ثم أنهت
الاتصال ورمت الهاتف ونامت على السرير وأخفت وجهها باللحاف دون أن تنظر
اتجاهي , دخلتُ الحمام استحممت وخرجت مرتدياً المنشفة ووجدتها على حالها
جلست على السرير وسحبت اللحاف منها مددت يدي ومررتها برفق على خصرها
نزولا حتى فخذها فأرتجف جسدها فابتسمت بعفوية ... نعم هذا الدليل كان أمامك
دائماً يا رائد لكنك لم تكن تنتبه له , اتكأت على السرير بمرفقي وأحطت خصرها
بذراعي الأخرى وسحبتها ناحيتي , كان عليا مسح صورتها من رأسي وهي ترقص
فقد أبت الخروج منه والغريب أنها لم تعترض كعادتها حين تكون غاضبه مني
بعد وقت وأنا نائم وهي تعطيني ظهرها ويدي على خصرها قلت بهدوء
" أريد طفلا "
عم الصمت من طرفها مطولاً حتى ظننتها نامت ثم قالت
" أتقصد أن أنجب لك طفلا أم تتزوج بأخرى لتنجب لك "
شددت يدي ساحباً لها لحظني وغمرت وجهي في شعرها وقلت
" لم أفكر في الطريقة وتبدوا لي الثانية فكرة جيدة "
تسللتْ من السرير ببطء وخرجت من الغرفة في صمت وأغلقت الباب خلفها
بعد وقت خرجت من الغرفة كان ضوء المطبخ مضاءً اقتربت منه ولم تكن هناك
كنت سأغادر حين سمعت صوت بكاء مكتوم فدخلت واقتربت من المخزن فكانت
هناك تجلس محتضنة ساقيها ودميتها وشعرها يغطي كل جسدها وتبكي في صمت
بقيت لوقت أنظر لها بصدمة ثم اقتربت منها نزلت لعندها وقلت " قمر ما تفعلين هنا ؟! "
قالت ببكاء ووجها مخفي عني " أتركني وحدي يا رائد أرجوك "
وقفت وغادرت المطبخ استحممت وتوجهت لمكتبي جلست على المكتب أمسك
رأسي بيداي , لما أصبحت أرغب في أن اقسوا عليها أكثر بعدما سمعت كلامها
ومريم عن مشاعرها نحوي ؟! لماذا خنتني يا قمر , لما كنتي جزءً من ماضيا
الأسود ؟! لماذا لا استطيع مسامحتك عليه ولما لا تسمح لي نفسي بسؤالك عنه
وصلت عندها رسالة على هاتفي وكانت من مريم وفيها
( زوجتك ترى كوابيس كثيرة في الليل , لاحظت ذلك منذ نامت معي هنا في
منزلي هي شبه لا تنام جد لذلك حلا )
تبدوا مريم غاضبة مني ولكن ما قصة الكوابيس لقد نمت معها كثيراً ولم ألحض
استيقاظها ليلا مفزوعة سوى ذاك اليوم في غرفة الضيوف , يبدوا أن الماضي لن
يتركها أبداً , خرجت من المكتب وعدت لها ووجدتها على حالها اقتربت منها وقلت
" قمر توقفي عن البكاء وأخرجي من هنا "
لم تجب فقلت بحدة " لما كل هذا العناد هل أسحبك سحبا "
وقفت وقالت ببكاء غاضب وهي تلوح بالدمية في يدها
" ماذا تريد أيضاً أخبرتك أن تتركني وحدي "
سحبت الدمية من يدها رفعتها أمام وجهي وقلت بغضب أكبر " هل لي أن أفهم ما
يجري , هذه الدمية والمخزن والبكاء والكوابيس ... ما الذي تخفيه يا قمر "
قالت بعبرات متتالية " لن تفهم لأنك لا تريد لأني لا أعنيك في شيء فلن تفهم أبداً "
ثم غادرت وأنا أتبعها ظننتها ستدخل للغرفة لكنها توجهت حيث الممر المؤدي
للباب الخلفي وصعدت للسطح , هي لم تجتز هذا المكان بعد ذاك اليوم فلما صعدت
الآن !! فكرت أن الحق بها ولكن لن يزيد الأمر إلا سوءً , لابد وأنها صعدت لتبحث
عن رائد طفولتها هناك فأنا أصبح نسياً منسياً أمامه , عدت لمكتبي ثم خرجت من
المنزل برمته , تجولت كثيراً في الشوارع دون وجهة ولا دليل ولم ارجع إلا وقت
الفجر , دخلت المنزل فكانت الغرفة على حالها مفتوحة وليست فيها , بحثت عنها
في باقي المنزل ولم تكن هناك , هل تكون كل هذا الوقت في السطح ؟! الجو يبرد
ليلا فنحن نقترب من منتصف الخريف والرياح تتحرك وملابسها خفيفة ستصاب
بالحمى من جديد هذه الغبية , توجهت للسطح صعدت وصدمت بالباب مغلقاً
لذلك لم تنزل فهوا ينفتح من الداخل , فتَحته بسرعة ووجدتها جالسة على عتبته
تحضن ساقيها وتهدي بكلمات منخفضة وغير مفهومة , نزلت لعندها لممت شعرها
للخلف وأبعدت وجهها عن ركبتيها وقلت " قمر ما بك ؟! قمر أجيبي "
لم تكن حرارتها مرتفعة وعيناها كانتا نصف مفتوحتان وتبدوا في غير وعيها وتردد
قائلة " لا رائد ... لا تغلق الباب , أمي البرد افتحي لي الباب رائد لا تغلقه "
حضنتها بقوة وقلت " لست أنا يا قمر أقسم لست من أغلقه إنها الريح , ليس رائد من
أغلقه عليك قمر توقفي عن قول هذا "
ولكنها لم تكن تسمعني أو تعي ما يدور حولها ولازالت تردد كلماتها ذاتها , أبعدتها
عن حضني وضربت خدها عدة مرات وأنا أقول
" قمر أجيبي قمر لست من أغلقه قمر ما بك "
وقد باءت كل محاولاتي بالفشل , عدت لاحتضانها مجدداً ولا أعلم ما أفعل , لا أريد
أن يقوم عقلها الباطن بتصوير فكرة عن أني أغلق الباب عليها , بقيت أحضن يديها
وأدسهما في حضني كلما قالت أن أصابعها تتجمد وأحاول أن تعي ما أقول وبلا نتيجة
عليا الدخول لعالمها الآن لعقلها حيث يكون اللحظة , شددتها لحضني بقوة وبدأت أغني
نشيد النحلة الذي كانت تحبه في صغرنا , كان نشيداً علمنا إياه مدرس لي في الابتدائية
ومن حبي لذاك الأستاذ لم أنسه باقي السنوات وبقيت أردده دائماً وحفظتها إياه وكنا نغنيه
دائماً , بقيت أردده مرارا حتى هدأت وانخفض صوت هذيانها تدريجيا وأغمضت عيناها
وبدأت تقول بهمس خافت " رائد ... رائد هذا أنت "
حضنتها بقوة وقلت " نعم رائد اهدئي قمر ليس هناك برد ولا باب ولا
عينا تنين هذا أنا اهدئي حبيبتي "
بعدها لم أعد استمع لصوتها نظرت لها فكانت نائمة بهدوء , حمدا لله تخلصت
من كابوس اليقظة ذاك وستنسى كل شيء ما أن تستفيق , حملتها بين ذراعاي
وأنزلتها للغرفة وضعتها على السرير مسحت على وجهها وقبلت شفتيها وخرجت
جلست في الصالة بعدما صليت الفجر وبدأت الساعات تمر وأنا جالس مكاني
عليا أن ارحمها مني على الأقل مادمت لا يمكنني تجاوز الماضي وأن أرحمها من
هذا المنزل , بعد وقت سمعت باب المنزل يفتح وأحدهم يدخل فوقفت من فوري
من هذا الذي يملك المفتاح ليفتحه !! كنت سأتحرك ناحية الممر المؤدي إليه حين
دخلت امرأة متشحة بالسواد من رأسها حتى قدميها , بقيت انظر لها مطولاً ثم
فتحت فمي لأتحدث فسبقتني قائلة " أين قمر ؟! "
قلت بصدمة " من أنتي وكيف دخلتي بل كيف فتحتي الباب ؟! "
قالت " أنا صاحبة المنزل وأملك مفتاحاً "
نظرت لها بصدمة أشد ثم قلت " أنتي زوجة خالها "
قالت " أين هي قمر ؟! "
قلت بحدة " ماذا تريدين منها "
قالت " أين هي ؟! "
قلت بغضب " لا علاقة لك بها ماذا تريدون منها بعد لقد دمرتموها بما فيه
الكفاية .... حزن وكوابيس وفزع وماضي اسود وبكاء وقلب ضعيف ما الذي
لم تفعليه وجئتِ لفعله "
انفتح حينها باب غرفة النوم وخرجت قمر منها وتجمدت مكانها وهي تنظر
للمرأة الواقفة أمامنا
نهاية الفصل
كيف ستكون المواجهة بين قمر وسلوى وما جاءت تريد من قمر
في الفصل القادم قرار مفاجئ يقرره رائد وشخصيات جديدة ستتعرفون عليها
قمر وصدمة قوية تغير بها الكثير فما ستكون