كاتب الموضوع :
لولوھ بنت عبدالله،
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
الجزء الثامن والعشرون
هالبارت اهداء لكل متابعيني الحلوين اللي ينتظرون البارت من اسبوع كامل .. سواء الاعضاء او الزوار .. اللي يعلقون واللي ما يعلقون ... :)
(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)
الجــــزء الثــــامن والعشــــرون
،
قبَّلتُها فشَمَمتُ وَرداً أحمرا
وضمَمتُها فهَصَرت غُصناً أخضرا
لِتَنفُّسي ارتعَشت وحين تنفَّست
عَرفُ البنَفسجِ كُمَّ ثوبي عطَّرا
فبقيتُ حتى اليومَ من أنفاسِها
أهوى البنفسجَ آملاً إن أزهرا
وضَعَت على قلبي اليَدينِ فأثَّرَت
فيهِ وأرجَعتِ البنانَ مُحَمَّرا
وعليهِ قد كتبت وصايا حبِّها
عَشراً وصَيَّرَتِ الأصابعَ أسطرا
ورَنت إليّ وأسبَلت دَمعاتِها
نجماً فأبصرتُ الثريَّا في الثَّرى
وعلى بقيَّةِ حمرةٍ في صفرةٍ
دمعٌ يسيل مُزَعفَراً ومُعَصفَرا
فرَأيتُ مُقلتَها خِلالَ دُمُوعِها
كالماسِ تحتَ النُّورِ يَسطَعُ أبهرا
فغدوتُ بالشَّفَتينِ أنهلُهُ كما
تترَشَّفُ الشَّمسُ النَّدى المُتَقطِّرا
وغدَت تُخاطِبُني وتكسُرُ جَفنَها
فأرى فؤادي بالكسير مُكسَّرا
لـ أبو الفضل الوليد
،
استيقظ بتململ على طرقات خافتة آتية من خلفها صوت خادم المنزل الطاعن في السن:
هاااااارب .. يلااا كووووم يا ابني ..
هاااااااااااارب .. يلا ريوووووك
(كوم = قوم "استيقظ") (ريوك = ريوق)
صاح حارب بنبرة خشنة مبحوحة من اثر النعاس:
قمت قمت بو رضا ..
وضع ظاهر كفه على فمه وهو يتثائب ... وسرعان ما اسند ظهره على ظهر سريره ... وتنهد بضجر/بكآبة ..
لا يعرف الى متى سيعيش بهذه الحالة البائسة الخالية من حميمية جو العائلة والألفة ... حميمية وألفة فارقتا المنزل منذ سنين ..
لن يكون انانياً ويجلب موزة لهذا المنزل من جديد ويزيد تقرح جراحها ..
ولن يتحمل ان يعيش معها وعمته في العين او في راس الخيمة عند جديه وترك منزله هنا ..!!
لا يعرف هل هذا ضرب من هوى تعذيب الذات ام مجرد عشق لكل بقعة في هذا المنزل بالرغم من المآسي الذي شهدها هنا ..!!
هو ليس كـ شقيقته ..
اذ كانت هي قد كرهت هذا المنزل بما فيه .. فهو وقلبه قد تعلقا به اكثر من ذي قبل ..
يشعر ان هذا ما بقي من رائحة عائلته المغدورة .. وهواء انفاسهم العذبة .. وذكرياتهم العصية على النسيان ..
آه يا موزة ..
اصبح يشعر بثقل مسؤولية شقيقته على عاتقه ..
ليس وكأنه يكره هذه المسؤولية ..
لا .. أبداً ...
من له في هذه الدنيا غيرها هذه العسلية الجميلة ..!!!
لكنه يخوض الآن معركة حياته .. ويريد ان ينتصر بها من غير قلق ولا بال مشغول على احد .. خاصةً هي ..
في الأشهر الثلاثة الماضية .. ايقن انها كادت تجن على فراقه .. وهذا ما رآه بأم عينه عندما التقيا بعد ان عاد الى الوطن سالماً ..
يريد ان يطمئن عليها وهي في اوج عافيتها ورونقها المشاكس المحبب للفؤاد .. رونقها الذي انطفئ كما ينطفئ الشمع في ليلة ظلماء توارى بدرها خلف غيوم العمر المفقود ..
لكن كيف السبيل لهذا ..!!
كيف ..!!!
:هااااااااااااارب يلااااااااااا ..
ابتسم بكسل واجاب بذات بحة صوته: ياي يا بو رضا يااااااي ..
استحم سريعاً .. ثم توضأ ليصلي صلاة الضحى ..
بعد ان انتهى .. خرج من غرفته وألقى السلام على أبا رضا خادم المنزل منذ ما يقارب الثلاثين سنة ..
هو بمثابة أب لأبناء ابا حارب وليس مجرد خادم ..
شكر حارب الله بامتنان على وجود هذا الـ ابورضا .. فلولاه لم يكن ليتدبر أمره كـ شاب اعزب وحيد في منزل ضخم خاوٍ من جنس حواء ..
هتف أبا رضا بنبرة مبتهجة مسرورة وهو يصب لـ حارب كوباً من الحليب: وئليكم السلام ورهمة الله وبركاته ..
اوووه هاااارب .. من زمااااااااان ما يكعد انا وانت وياكل سوااااا ..
ادمعت عيناه بتأثر وهو يربت كتف حارب الباسم ويمد له كوب الحليب ..
هتف حارب بود بالغ: هيه والله يا بورضا .. من زمااااااااان ..
خبرني شحوالك وشحوال الاهل في البلاد ..؟!
قبّل أبا رضا باطن كفه ووضعها على جبهته واجاب: الهمدولله رب الئالمين .. كلو بخير ..
حارب: الحمدلله ..
استمر الاثنان بتناول الافطار وتجاذب الاحاديث البسيطة مع بعضهما البعض قبل ان يقف حارب على عجل ويرد على هاتفه الخاص بالعمل الذي رن ..
: صبحك الله بالخييير بومحمد ..
رد حارب بنبرة رجولية رنانة: صبحك الله بالنور والسرور والرضا .. مرحبا خلفان ..
اشحالك ..؟!
خلفان: الله يرحبك على فضله يا بومحمد .. انا بخير وسهالة ربي يعافيك ويسلمك .. ومن جداااك ..؟!
حارب: بخييير يعلك الخير والعافية .. هااه شو عندهم الشيوخ متصلين من غبشه ..
خلفان بنبرة مرحة: شو غبشته الله يهداك .. الضحى العود الحينه ..
حارب: هههههههههههههه لا تلومني سهرة البارحة لعبت بـ مخي لعب ..
خلفان: هههههههههههههههههههههه صدقك والله .. حليله بومييد اخيراً دخل القفص الذهبي ..
حارب ببسمة هادئة: يستاهل بومييد كل خير في ذمتيه .. الله ايوفقه ويسعده ..
خلفان بنبرة حازمة دافئة: امين يا رب العالمين .. الفال لك يا ربيه ..
خفق قلبه فجأة بشكل غريب .. وفكره طار بسرعة لـ "تلك" ..... وتذكر ما جرى البارحة بكل تفاصيله الغريبة ..!!
همس بهدوء ... وبإجابة اعتاد استعمالها باعتيادية: آمين .. تسلم يا بوعبدالله ..
هتف خلفان بخفوت اكثر حزماً وقوةً: حارب .. بوراشد يبانا كلنا نتيمع عنده في المكتب الساعه 2 اليوم ..
حارب بنبرة قاطعة: تم وصار ان شاء الله ..
اغلق الهاتف عن خلفان وشعور استياء مضطرب بدأ يغزوه ببطء ... باستفزاز ...
يا إلهي .. كيف لي الآن حل هذا الخلاف مع ذياب ..!!
لا ألومه ان شعر في لحظة برغبةٍ في قتلي واقتلاع عيناي ..
كنت سأشعر بذات الشيء لو انني كنت في مكانه ورآيت موزة في سيارته .. حتى لو كان الأمر برمته محض حادث غير متعمد ..!!!
استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم ..
عض شفته السفلى محاولاً ان لا يتذكر وجهها البدري ..
ان لا يتذكر عيناها النجلاوان .. وبكائها/صوتها الطفولي المتوعد لأخيها ..
وعيدها الذي ألهب ما فيه من رجولة لرؤية تمرد اللبوة فيها ..
أجل .. انه افضل وصف لها ..
لبــــــــوة ...
ولبوة سمراء في منتهى الحسن والبهاء ..
.
.
.
.
.
.
.
آه يا شماء الفؤاد .. يا شماء الشيب والشباب ..
المنزل والأنفاس من بعدك في ضيق يخنق اقفاص الصدر/الروح ..
كيف لعيناي إبصار نور شمسٍ غير شمسك ..!!
كيف لأذناي سماع همسات الصبح من غير ان يتخللها عذوبة همسك ..!!!
كيف لي شرب القهوة وهي ليست من يديك انتي ..!!!
على وجه من سيمضي يومي ..!! .... وعلى احاديث من ستهنئ خفقات قلبي الضعيفة ..!!
مدت لعمها والد زوجها فنجان القهوة وقالت: سم الغالي ..
اخذ الفنجان بنظرة مغضوضة متجعدة ... وهمس بخشونة مبحوحة عميقة:
سم الله عدوج يا بنت حارب .. يعلج تسلميين امايه ..
جلست بجانبه واردفت ببسمة رقيقة متلاعبة:
ربي يسلم يمينك من النار ..
هب من خدمة شميمي لجنه شرواها وبتعيبك ..
ابا سعيد بنظرة ضبابية ملؤها الحزن: هيييييييييهاااااااء يا عاشة ..
هب العوق من الاقهوه .. من اللي تخدم الاقهوه يا بنتيه ..
والله ينيه من البارحة ماحس بالنصخ ..
ام العنود بحزم ودود: صل على النبي يا بوسعيييد وادع الها بالخير والسعاده .. ثرها وين بتسير هي ..
هاذيه بوظبي فرة حصى .. متى ما بغيتها بتييك على طول ..
شرب ابا سعيد قهوته وقال مفوضاً امر قلبه المتعلق بـ صغيرته لله: الله ايوفجها ويسعدها .. والله فراجها هب هين عليه ابد ..
.
.
.
.
.
.
.
وضعت دلة القهوة امام والدتها ومدت لها بضعة ثمرات من الرطب وهي تهتف بنبرة حنونة:
اهبشي امايه من هالرطب .. محلاته توه ميوب من ليوا ..
(ميوب = مجلوب)
ام حميد بنظرة غائمة سحيقةَ الاقتضاب: خلاف امايه هب في خاطريه الحينه ..
تألمت حنان بـ صمت امها وحزنها المتآكل/المتمكن .. تدرك تمام الادراك ان عرس سلطان ليلة البارحة هو السبب ..
ليس السبب الرئيسي .. وانما السبب في تجهمها هذا الصباح مع العلم انها في الايام الماضية استردت ضحكتها المسلوبة قليلاً وحاولت تناسي فقدها الموجع لابنتها الغالية ..
لكن من الواضح ان تناسيها الضعيف قد تلاشى بعد ليلة البارحة ..
لن تكذب وتقول ان سلطان لم يكن مراعياً لحالتهم ولم يحاول تأجيل زواجه .. هذا كان ما سيفعله بالفعل ..!!
ليس من اجلهم فقط .. وانما من اجل احمد شقيق زوجته شما ايضاً ..!!!
فهو لا يعرف "كـ الجميع" ان مشكلة قد حصلت بين احمد وعوشة سببت بطلاقها في ذات ليلة وفاتها .. ولكن الذي ردعه عن التأجيل هو يمين والدها القاطع ..
لم يكن يرغب والدها ان يتم تأجيل زواج سلطان بسبب وفاة ابنته ..
فالذي توفاه الله قد رحل ولن يعود .. وما علينا جميعاً الا المضي قدماً في حياتنا وتفويض امر حزننا لله الرحمن الرحيم ..
فهو الوحيد القادر على تجبير قلوبهم وتخفيف ما فيهم من آسى ..
هذا كان رأي والدها .. ولكن والدتها على ما يبدو لها رأي آخر ..!!!
ليس هي من لديها رأي آخر .. انما قلبها المفطور هو من لديه ..
خرجت من دوامة افكارها على كلمات مبحوحة متهدجة ... مختنقة:
يفرحون بـ بنتهم وانا كل نبض فيه يصيح عوشة ..
جالت بناظريها كل شبر من باحة منزلهم واكملت بذات تهدج كلماتها المؤلمة:
آييييييهاااااااء يا عوشة ..
التراب حال امبينا يا نظر عيني ..
خلعت برقعها شاعرةً ان الدنيا بدت تضيق حول مجرى تنفسها ..
يصلى فؤادها بنار حامية ولا احد يشعر به ..!!!
فقدت اول فرحتها بغمضة عين .. ولولا تمسكها بالقرآن والصلاة لماتت كمداً وحسرة ..
لم تتحمل حنان رؤية والدتها بهذا المنظر .. خرت على كفها الايمن واخذت تقبله وهي تترجاها بمقلتان تلتمعان بالدموع:
دخيلج امايه .. دخيلج ..
يعل كل نبض فيه يسد ما بج .. لا تسوين جيه في روحج والله ماقهر دميعاتج يا روح حنان ..
تهدج صوتها وهي تكمل: عوشة الله يرحمها ويغفرلها راحت لربها .. ونحن هب دايمين في هالدنيا .. كلنا مردنا لرب العالمين ..
ان ما كان اليوم باجر .. ان ما كان باجر عقبه ..
هاي حال الدنيا يا امايه ..
اذكري الله وتعوذي من بليس .. ولا تقولين رمسة تستأثمين عليها ..
ام حميد وهي تمسح دموعها بطرف غطاء رأسها: استغفر الله العظيم وأتوب إليه ..
استغفر الله العظيم واتوب إليه ..
هتفت لـ حنان بعد ان استجمعت ثباتها/سيطرتها على انفعالها: حنان امايه .. دقي على ابوج وقوليله خل بوزايد اييب العيال هالاسبوع ..
هزت حنان رأسها بـ حسناً وقالت: ان شاء الله فديتج ..
.
.
.
.
.
.
.
تشعر بطنين قوي في اذنيها .. وصداع يفتك جنبات رأسها بشراسة ..
تشعر يالله ... انها مصلوبة بوهن بين حلم جميل .. وعتبة واقع مرير ..
لا تتذكر شيء ..
لا تتذكر سوى بحات متهدجة .. آهات ملتاعة .. انفاس محمومة حارقة ..
لمسات وهمسات دكت آخر حصون سيطرتها على ذاتها ..
تتذكر مقاومتها العاصفة ضد جاذبيته ..
صرخات مبحوحة منها ليتوقف .. مقابل إصراره على المضي قدماً لهدم حصون انوثتها ..!!
عارضت بضعف .. بحيلة معدومة .. برغبة جامحة "كرهتها" .. بتوق ناري "بغضته" .. بغرام ذاب فوق اللهيب بعد جمود دام سنين طويلة "جعلها اسيرة التناقض ذاته" ..
عارضت قربه وهي التي رغبت بامتلاك كل ما فيه منذ امد بعيد ..
عارضت لتصبح في النهاية .. ملكه هو ..
ومختومة بملكيته هو ...... بملكية السلطان ..!!
فتحت عيناها لتدرك ان حلمها البارحة "هو في الاصل حقيقة" .. وان وعيدها بأن تمنع سلطان من امتلاكها "قد ذهب مع الريح ولن يرجع" ..
لمست رأسها بكف مرتعش .. ألم فظيع يغزو كل انش من رأسها ..
لم يكن لهذا الا ان يهيج ألم قلبها .. وروحها المنكسرة ...
بكت .. بكت غضباً منه .. ألماً منه .. بكت غيظاً من ذاتها الضعيفة .. بكت خجلاً/خزياً ..
بكت جهلها وعدم خبرتها ..
بكت والدتها التي ترغب بوجودها الآن والغوص في حضنها لتستمد منها القوة والأمان ..
جزاءك عند الله يا من افقدتني الزمن والنبض والانفاس ..!!!
ما ان سمعت باب الغرفة ينفتح حتى اختبأت بسرعة تحت اللحاف بجسدٍ يرتجف كلياً من البكاء ..
.
.
شرارات الندم تلسعه بلا هداوة ..
ما كان عليه ان يحكم عاطفته على عقله وان يفعل ما فعله ليلة البارحة ..
كان عليه ان يتريث ..
لكنه اختنق من اسر اليأس .. اختنق من حبل التوق والرغبة في تنفس روحها داخل روحه ..
تعب من ظمأ دام كـ الدهر ..
تعب من حبس قلبه الذي خُلق لأنثاه "فارس اهوج متعطش للمنازلات العاطفية"
يظمأ وبشدة كأس نشوته بـ كسر باب قلب سيدته ومليكة فؤاده الموصد ..!!
نظر بـ صبابة دامية "لتلك" التي ترتجف من تحت لحافها وتدّعي النوم ..
يكاد يقسم ان بكائها البارحة وهي تتلوى بين يديه كان بكاء ابعد ما يكون عن "التمرد والغضب" ..
كان بكاءاً يطمح للمزيد .. المزيد والشدة والثوران ..
لم يعرف في حياته اي انثى عدا والدته وتوأمه ونساء عائلته ..
لكن مع هذه الصغيرة .. يشعر انه يعرفها منذ ان كانت في المهد ..
الغريب انه يأسف لأمر غير آسف له في الحقيقة ..!!
أيكذب على نبضات قلبه ويدعي انه لو اعيد به الزمن لادعى النبل وترك وليفة هاجسه وشأنها ..!!
لا .. لن يكذب ...
آآآخ ..
انتفضت المشاعر في جوفه محلقةً مع كلمات "دايم السيف" التي تعتبر من اجمل ما قيل في الهوى
أعن له عنّة هل الكيف للهيل .. ما ذاق راعي الكيف انا ذقته هنيّا ..
حبّه سرى بي سرية الغيم بالليل .. نسيم ليله قال للشوق هيّا ..
لا تعرف يالفيصل ان الذي عوذلت بحبه اذاقني الضيف والكيف والسيف ما لم يذقه العرب أجمع ..
أذاقني بـ رائق ريقه ضُعف ما ذقته من جوى سنين بعدي عنه وحسرتي على قلبي المغدور ..
خفق قلبه واستعرت نيران توقه إليها من جديد عندما استرجع تفاصيل غرامه السرمدي معها ..
كانت بحق .. كالحلــــــــم ..
،
غمس اصابعه داخل شعره المبلل من اثر حرارة الغرام الذي هاج وماج .. وتنحى جانباً بسرعة ..
آخر ما كان يرغب برؤيته هو دموع محبوبته الشفافة .. كانت تجهش بالبكاء بشكل يؤلم الألباب ..
دنا منها هامساً لها بأنفاس متقدة ... ثقيلة ... تخللها شرارات الحيلة المعدومة والضعف الذي لم يكن يرغب بإخراجه ابداً:
آ آسف ..
امسك وجهها المحتقن الحار الرطب من الدموع بكلتا كفيه واخذ يقبل بنعومة بالغة الشفافية كل جانب منه ..
حتى استقر في النهاية على شفتيها ليأخذ كفايته من عسلها بتروي شديد ..
ابتعد قليلاً وهو يعيد اعتذاره بنبرة رجولية التمعت معها عيناه الذائبتان: آسف حـ حبيبي ..
تهيجت دموع الصدمة في مقلتيها .. ثم وبشكل مفاجئ عنيف .. دفعت صدره بحدة .. ثم غطت نفسها بملابسها المتبعثرة ... وهرعت الى الحمام بخطوات منتفضة متعثرة ..
رمى بنفسه على الفراش زافراً كل ما يعتمل في خاطره من مشاعر متهيجة ..
وبغرابة تامة .... التمعت عيناه بسكينة/سعادة وكأنه للتو نال النجم الذي طالما رآه في السماء وتمنى امساكه بكلتا يديه ..
ثم حمد الله في قرارة نفسه ان امله العالي بتربية خويدم لابنته لم تخب ..
هذه المغرورة كانت وستظل ملكه وحده ..... هو وحده ....
،
خرج من ذكرى البارحة ليقترب بخطوات خفيفة منها .. وهمس بعد ان جلس على احدى ركبتيه امام رأسها المغطى باللحاف:
لولوه ..
حاولت شما ايقاف ارتجافة جسدها لكنها لم تفلح .. تشعر ان طاقة احتمالها وصلت حدها الأدنى ..
ازاح جانب اللحاف عن وجهها ... وذهل من وجهها المكسو بلون احمر قاني .. وفكها "الذي يرتجف تحت شعيراتها الناعمة اللاصقة به" يظهر بشدة ألمها الناضح ..
توجع قلبه من هيئتها المزرية .. همس وهو يتأمل عيناها المغمضتان بشدة ودموعها المتساقطة:
هب بسج صياح ..؟!
غطت شما رأسها بعنف وقالت بنبرة مرتجفة مبحوحة اختفت من اثر البكاء: مـ مـالك خـ خص فـ فيه ..
ازاح سلطان اللحاف بأكمله عن شما .. وقال بنبرة حازمة قوية وهو يضع يديه تحت ذراعيها ويجبرها على الجلوس كالأطفال:
كل كلمة والثانيه قلتيليه مالك خص فيه .. اذا انا ماليه خص فيج منو اله خص فيج ...!!!!
رمقته شما بنظرة قوية قاتلة عنيفة قبل ان تهتف بانفعال عاصف من بين شهقاتها المكتومة:
شو تبا تسوي اكثر عن اللي سوووويته هااااااااه ..؟!!
شو تباااااااااا ..؟!!
رفع حاجباً واحداً بنظرة تعج بالضباب ... ثم قال بهدوء: اظنتي يا بنت خويدم نحن كبار وبالغين ونعرف الصح من الغلط .. اللي صار امبينا امس بنظرج جريمة اتعاقب عليها ..؟!
تلون وجه شما الباكي بلون خجل حواء واشاحت بوجهها عنه ... لتهمس بعدها بنبرة مرتجفة مرتبكة خجلة "تفتقر للثبات والقوة": انك تسلب ارادة انسان وتغصبه على شي ما يباه فـ هاي جريمة يا استاذ .. ما بالك لو هالانسان هي حرمتك اللي المفروض تحترمها وتقدرها وتعاملها بالحسنى ..!!!
عض شفته السفلى بنظرة صقرية ساخرة تنضح مكراً جريئاً .. وهمس: جيه ..!! انتي تحسين انيه البارحه غصبتج على شي ما تبينه او عاملتج بغير الحسنى ..!!!
خلج حقانيه عاد ..
مرر طرف لسانه فوق جانب شفته العليا ببسمة اكثر مكراً ... واردف متأملاً وجه شما بنظرة كسولة تنضح اعتداداً/انفةً:
هب انا اللي اهين حرمتيه واغصب عمريه عليها ..
كـل شي صار برضاج غناتيه ..
انزلت شما رأسها ونظرة ألم حقيقية كست ملامحها الندية بلا رحمة .. لم تتفوه بكلمة واحدة او بحرف واحد ..
ليس لأنها خجلت من ان ترد .. وانما ما قاله صحيح .. ولن تصغر عقلها اكثر من ذلك وتدعي عكس ما جرى ..!!
وهذا ما يجعلها الآن تتألم .. تتألم من رضوخها لـ رجل كان ولا زال يحتقر شخصها ويسخر منها كل حين وحين ..
رضخت لرجل رغب جسدها ولم يرغب قلبها يوماُ ..!!!
وجع يسري فيها كسريان الدم في العروق ..
نزعت عنها اللحاف قبل ان تبعد بيدٍ مرتجفة ذراع سلطان بصمت .. ثم وقفت لتسير باتجاه الحمام ..
شعر سلطان بالضيق ..
لم يكن يعلم ان ضعفها الصامت "بغيض" .. لم يتوقع بتاتاً انه سيكره رؤيتها بوجهٍ لا تلتمع فيه شرارت قوتها الانثوية وكبريائها المعتد ..
اجل .. كره دموعها .. كره الألم النابض في عيناها .. كره بريق سحرها المنطفئ على اسمها المثقل بالاعتزاز/الشموخ ..
شمــــا ..
اسمها الذي الى الآن لم يستطع نطقه .. اسمها الذي اذ مر على لسانه سيشعر بالصواعق تجتاحه لا محالة ..!!!
تحرك بخطوات رشيقة سريعة إليها وامسك يدها ليعتذر عن وقاحته "التي بالعادة لا تخرج منه" .. ولكن هذه الفتاة على ما يبدو تستطيع بسحر منها ان تخرج اسوء ما به من طباع ..
ولكن قبل ان يتفوه بكلمة .. ضربت شما يده بوحشية .. وصرخت بملأ صوتها المبحوح المرتجف الباكي:
لا تفكككككككر تلمسسسسسسني مررررة ثاااااااااانية يا سلطااااااااااااان ..
لا تفكككككككر ..
هرعت للحمام بجنون ... واغلقت الباب خلفها بقوة ..
قبض على يده بـ قسوة تتلوى ألماً ..
لطالما تمنى سماع اسمه من ورد شفتيها
ان تقول له سلطان .. سلطان فقط ..
لا بن ظاعن ولا بومييد ..
ولكن سماع اسمه من شفتيها بهذه الطريقة آلمت جنبات قلبه ..
رؤية النفور والكره في لؤلؤة عينيها اوجعت نبضه المغرم بها ..
احساسه ان هذه الصغيرة تبغض قربه ولمساته جعلت ضلوعه تنقبض/تترنح من فرط خيبته ..
.
.
.
.
.
.
.
حملت صينية الغداء بتحامل شديد على نفسها المتعبة .. ووضعتها على الارض امام اخوتها الصغار ..
بالرغم من كرهها الشديد وحقدها على زوج والدتها .. الا انها لا تستطيع العيش من غير ابناء والدتها الاحباء ..
ابتسمت عيناها بـ حنان بالغ وهي تشهد الهجوم على الطعام وتهافت كل واحد منهم على الرز والدجاج المشوي ..
تنازع اكبر ابناء والدتها "حامد" ذو السنوات العشر مع شقيقته الاصغر "هدى": جب الورج حقي خذي الصدر ..
صاحت هدى بغضب: مابااااا انا شليت الورج قبلك .. رفوووووع طاعيييييه ..
رفعت رفعة حاجباً واحداً باستنكار وقالت: حامد عن الطمع شي ورج ثاني شحقه تاخذ مال اختك من صحنها ..!!
زم حامد فمه ورمى قطعة الدجاجة على صحن اخته وقال بغضب طفولي: ابويه ما يحب الا الورج .. اذا كلت الثاني بيحرج علينا ويضربنااا ..
اشتعل الكره في قلب رفعة لتهتف بعدها بانفعال حقيقي مثقل بالبغض: يلتعن ابووووك في ستين مليون العَنَه ..
امسكت بغضب قطعة الدجاجة "الوركة الثانية" ووضعتها على صحن حامد ... وامرته بصرامة: كل اشوف جدامي ..
انا هالاكل مسوتنه الكم مب لبوووكم ..
كلوا يلا ..
ارتعب حامد وشقيقته من غضب اختهم الكبيرة وبدآ يأكلان بنهم صامت .. بينما زفرت رفعة زفرات اخرجت كل ما يعتمل خاطرها من حقد وغيظ شديدان ..
هذا هو حالها دوماً ما ان تسمع بأسمه يرن في دهاليز اذنيها ..
لولا خوفها من الله لكانت قد قتلته منذ زمن بعيد وشربت من دمه ..
لا يستحق العيش من سقى ام اطفاله زمهرير الدنيا قبل ان تنتقل روحها الى البارئ عز وجل ..
لا يستحق العيش من اذاق يتيمة كؤوس الذل ووضع على رقبتها حبل الكرامة المهترئة المحملة بالذنوب ورماد العصيان ..
ليتها بأحرف معدودة تستطيع احصاء ما ارتكبه من فواحش وجرائم لا تغتفر .. ولكن هذا الامر من سابع المستحيلات ..!!
تشنجت رقبتها بهلع ما ان سمعت صوته الغليظ البغيض يصدح ارجاء البيت المتهالك: حمووووووووود
هدوووووووو ..
حمووووووووود يا ...... ازقررررررك ..
دخل الى غرفة الجلوس الداخلية وأمارات الشر تنضح من ملامح وجهه .. ما ان لمح رفعة مع ابنائه حتى ابتسمت عيناه ابتسامة تثير الاشمئزاز من فرط ما فيها من جوع حيواني لا يمت للبشرية بـ صلة ..
هتف ببسمة خبيثة مقرفة: اووووه رفوع هنييييه .. يا هلااا يا هلااااا ..
غطت رفعة رأسها بحجابها الموضوع على كتفيها ووقفت بحدة .. وبمشاعر تعتصر وتموج بداخلها بجنون ...
وسرعان ما هرعت للداخل من غير ان تنبس ببنت شفه ..
هذا هو ما يجري كلما دخل الى المنزل ورآها امامه ..
يستحيل عليها الجلوس في مكان هو فيه ..
ابتسمت ابتسامة ساخرة مريرة وهي تتذكر طفولتها الجميلة مع زوج والدتها ..
الذي "كان" في يومٍ ما كـ والدها .. وكانت تناديه بـ "بابا" ..
ولكن ما جرى نسف كل صور الحب والمودة التي كانت تكنه كـ طفلة صغيرة لهذا الرجل "الشيطان" ..
بحق الله كيف لـ رجل يؤمن بالله ورسوله اشتهاء ابنة زوجته المتوفاة ..!!!
احست بسريان تقيؤ مقرف على مجرى بلعومها ما ان تذكرت نظراته الحيوانية ..
آآآآآآآآآه يا الله ..
حسبي انت يالله وانت نعم المولى ونعم الوكيل ..
استودعك يارب نفسي وديني وامانتي وخواتيم اعمالي ..
من لي غيرك يحفظني وينجيني من شياطين الانس والجن ..!!!
من لي ..!!!
حمدت الله في قرارة نفسها انها للآن محصنة ولم يتمكن من اخذ مراده منها ..!!
ولن يأخذ بإذن الله .... لن يأخذه لأنها ستقتلع عيناه وقلبه قبلها ..!!
.
.
.
.
.
.
.
في إحدى نوادي الشباب في منطقة مارينا دبي
استند على زاوية طاولة البليارد ببسمة رجولية تنضح ثقة .. وقال: دورك يا حبيبي ..
قطب منافسه حاجبيه بتفكير محاولاً تحديد زاوية ضربته التالية بذكاء وحرص ..
وعندما ضرب ضربته .. فشل .. ولم تدخل الكرة جيب الطاولة ..
ضحك بـ خفة وقال: اخخخخخ كانت جررريبه ..
بادل الاول منافسه ضحكته واثقاً بأن الغلبة ستكون له هو .. من ذا الذي يمكنه هزيمة فلاح في البليارد ..!!
وهذا ما حصل فعلاً بعد ان انحنى بخفة رامقاً الكرة المستهدفة بتركيز وضربها بخفة شديدة ..
استقام بقامته الممشوقة وقال بعد ان رفع جانب شفتيه ببسمة رجولية محبوبة: هاردلك بو مجتوم ..
هتف أخيه حشر "أبا مكتوم" بغيظ باسم واجاب: ما تنرام في البلياردو بوعبيد .. ما شاء الله عليك ..
: ما فيه حيله الـ... *نُوديَ فلاح بإسم قبيلته*
رد فلاح على قول احد اصدقائه المتواجدين في المكان بذات ثقته العالية: ماعليك زود بن سيفان ..
حشر: بتخبرك شو صار على سالفة نهيان ..؟!
حكى فلاح لأخاه بالرضاع وصديقه المقرب حشر فيما سبق عن حكاية نهيان .. ولأن حشر ذو رأي سديد وتفكير عاقل يرى فيه فلاح خير من يستشيره في هذه المواقف المعقدة .. لم يتوانى حشر دقيقة عن اسداد ما فيه النصيحة له ..
رفع فلاح "عصامته" وانزلها بذهن شارد ... وقال بعد صمت وجيز: سويت بنصيحتك وقلت حق نهيان يرمس يديه اول .. لأنه يديه اذا عرف ورضى بالولد بيروم يقنع ابويه بالهداوة والكلمة الطيبة ..
هز حشر رأسه بخفوت وقال: هيه لأن عميه بونهيان الله يهداه شوي طبعه حار .. ما ظنتي اول شي بيعدي هالسالفة بالساهل .. نهيان محتاي حد عاقل يهدي الوضع لو تأزم ..
انزين اخوك خبر يدك ولا بعده ..؟!
فلاح بنبرة متوجسة: الليلة ناوي يخبره ان شاء الله
.
.
.
.
.
.
.
بعد صلاة العصر
كانت جالسة مع شقيقتها الصغرى فطيم ووالدها هامل وتضحك بخفوت على احدى احاديث فطيم المجنونة التي لا تنتهي ..
ولكن سرعان ما انحسرت ضحكتها وانطفأت خلف نظرة نجلاوية غاضبة ملؤها الضيق ما ان دخل ذياب وألقى السلام باقتضاب بالغ:
السلام عليكم ..
رد الجميع: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
فسحت فطيم لـ شقيقها مكاناً بينها وبين ناعمة لتهتف بحب: قرب قرب بوهامل ..
ذياب والذي ما زال يستعر غضباً لما جرى ليلة البارحة لم يتفوه بكلمة .. وانما تجاهل دعوة فطيم وجلس قرب اباه ..
لم تتحمل ناعمة فظاظة شقيقها وقلة احترامه لها ..
وقفت بشكل عنيف وهرعت للصالة الداخلية مانعةً بقوة انهمال دموعها التي توشك على السقوط ..
رفع أبا ذياب حاجباً واحداً ورمق وجوه ابنائه باستغراب كبير: بلاها ناعمة اختكم ..؟!
حرك ذياب عيناه بـ صقيعية تامة وقال: قلة عقل ..
جفل الجميع ما ان رجعت ناعمة كالاعصار وهي تهتف بانفعال بالغ وصل حده الاقصى في جوفها:
خليناااا العقل لك يااا لقماااااان الحكيييم ..
دهش ابا ذياب من وقاحة ابنته الغريب تماماً عليها .. وهتف بصرامة مستنكرة: نعوووووم اشووه هالرمسسه ..!!!
شو ياج على اخوج العوود ..؟!!
شعنه جيه ترمسينه ..!!!
رمقت ناعمة اخاها بحدة وردت كاللبوة المجروحة المسلوب حقها:
انت لو شفت ولدك البارحه شو سوى فيه وكييف رمسني جان عرفت السبب ..
لوح ذياب بيده وهو يقف وامارات الشر الاسود تطفو فوق ناظريه بشراسة .. وهدر بغضب: صدق ويهج لووووح .. لج عين ترمسين عقب اللي سويتيييه ..!!!!
هتف ابا ذياب الذي كان واقفاً بينهما بصرامة شديدة: قصروا حسكم انت وياها وين تتحرون عماركم ..!!
نظر لـ ذياب وقال بتساؤل حاد: شو مسويه اختك خبرني ..
احتد فم ذياب موشكاً ان يفجر براكين غضبه في المنزل برمته .. ولكنه اشاح بوجهه وغمغم بخشونة وهو ينزع غترته عن رأسه بعنف متحركاً باتجاه غرفته: خل المصونة تخبرك ..
ابا ذياب بزمجرة غاضبة: يوم ارمسك يا ولد توقف مكانك وترد عليه فاااااهم ..!!!!
لم يكن ينقص ذياب الا تقليل احترام اباه له امام اختاه الصغيرتان .. ومع هذا لجم غضبه بجدارة واستدار باتجاه ابيه ليقول باقتضاب بارد: السموحة بوذياب يا غير سالفة بنتك مابا ارمس ابها ..
رفعت ناعمة انفها باعتداد لا مثيل له .. وقالت بثقة تشبعت بالقوة/الأنفة: انا يا استاذ ذياب ما بستحي من ابويه من شي ماليه ذنب فيه .. هب انا اللي بخاف وبصد عن الحق يالغالي ..
التفتت لأباها لتقول: ابويه .. البارحة ......
امسك ذياب ذراع اخته بقسوة وقال بفحيح خشن عصف بالغضب: اقسم بالحي القيوم ان فتحتي ثمج ياا نعوم ما يطيح لساني بلساااااانج ابدددد ...
ترك ذراعها بعنف ليدلف للداخل بعد ان زرع ملامح الشك والريبة في وجوه والده واخته فطيم .. بينما ابتلعت ناعمة غصة حارقة احرقت ما كانت ترغب باخراجه من كلام لوالدها ... لكن قسم ذياب من اوقفها ..
اتسعت عينا ابا ذياب باندهاش شديد مغتاظ مما يسمعه من احاديث وقسمات بلا اكتراث به وبوجوده:
عنلااااااااات هالويووه اللي لكممممم .. كلن يحلف ويتلف وانا يالس شرا البووومة اطر منكم الرمسه ..
بتخبريني يا نعوم شو مستوي ولا اشوووه ..!!!
نكست ناعمة رأسها واجابت بصقيعية لم تظهر ما فيها من مشاعر عاصفة: تباني افتح ثميه عقب حلفة ولدك الشيخ ..!!!
ابا ذياب بحزم شديد: ماعليج من حلفان ذياب .. بيدفع كفاره عشر مساكين ولا يصوم ..
رمقها بنظرة متفحصة اشد حزماً واكمل: خبريني يلا شو مستوي البارحة ..؟!
دنت ناعمة من كتف ابيها وقبلته برقة لتهتف بعدها باصرار لا يلين: ورفجة يا نظر ناعمة خل نطوف هالسالفة ..
انا ما بغيت اخبرك مساعه الا لنيه بغيتك تعرف جدام ولدك ان هب بنتك ناعمه اللي بتظوي المنقود وسود الفعايل على آخر العمر ..
وانا متأكده انك تعرف هالشي من غير ما اتنطق بـ حرف واحد ..
.
.
.
.
.
.
.
يالها من طفلة مشاكسة مستهترة ..
تظن ان اخبار والدهم بالأمر سيخيفه وسيلقي عن عاتقها حمل الذنب وتأنيب الضمير ..!!
لا تعرف ان الامر ابعد من هذا ..
اجبرته على ان يلقي قسمه كي يضمن ان لا يراها تقف في موقف بغيض "عليَه" قبل ان يكون عليها ..
بالرغم من غضبه الماردي بسبب الذي جرى ليلة البارحة .. منها هي .. من حارب الذي منذ الصباح يتصل به ولا يجيبه ..
الا انه لا يتحمل وقوف اخته في موقف مخزي تصف فيه انها بكل بلاهة دخلت سيارة رجل غريب ظناً منها انها سيارة اخاها ..
ناعمة الجميلة .. القوية الجميلة .. لا تستحق ان تشهد موقفاً صعباً امام والدهم حتى لو كانت هي تظن ان الامر بزمام سيطرة ثقتها وكبريائها الذي لا ينثني في احلك الظروف ..
غير انه هو نفسه لا يضمن ردة فعل ابيه بعد ان يعرف ..
يخاف ان تنخدش العلاقة بينه وحارب من الامر ..
وحارب المسكين لم يذنب بشيء ..!!!
خرج ملاك على هيئة طفل فوق رأسه ليهمس له برقة: دام حارب مسكين وماله ذنب شحقه ما ترد عليه من الصبح ..؟!
زفر ذياب زفرة بانفعال/غيظ .. وزمجر بقهر عاتي: ياخي مغتااااااااااظ مغتااااااااااااااظ اففففففففففففف ..
.
.
.
.
.
.
.
جالت بناظريها ارجاء المنزل هامسةً لشقيقتيها الكبرى والصغرى:
ظنكن هذا هو البييييت ..
هتفت فاطمة وهي ترص على غطاء وجهها لتتفحص المكان بشكل ادق: يعلج يا روضووه وين يايبتنا انتييي ..!!
شيخة بثقة: هيه هذا هو .. يوم سألنا راعي الدكان اللي في اول السكة قال البيت اللي امررره مجابل سوبرماركت الـ....
فاطمة بتوتر: ليتني ما خليتكن تييبنّي هنيه .. والله البقعه تزيغ طاعي البنغاليه والهنود شقايل يطالعونا ..
بثت روضة كل القوة في جوفها وهتفت بصرامة بالغة: فطوم لا تخليني اندم اني قلتلج السالفة ويبتج .. دخيلج نباج عون هب فرعون ..
فاطمة بغيظ: قصوركن ما تخبرنّي وتسيرن رواحكن .. امايه لو درت باللي يستوي والله ما بتسكت ..
قالت شيخة محاولةً تهدئة الموقف: خلاص صلن على النبي .. نحن يايات نشوف هذا اللي ينقاله مسعود ونرمسه .. اذا تميتن جيه تتلاسنن ما بنخلص وبيأذن المغرب علينا ..
هاذيج الساعه عاده فججن عماركن من اسئلة امايه ..
زفرت فاطمة بغيظ/قلق بينما هتفت روضة بتعقل: صدقج ..
التفتت الاخيرة للسائق وقالت: محرم سِر دق الجرس على هذا البيت ..
نزل السائق من السيارة ودق الجرس مرتين ووقف ينتظر ..
دام انتظارهم دقائق حتى خرج صبي صغير يسأل بصوت طفولي عال: منو انت ..؟!
محرم: وين بابا مال هذا بيت ..!!
اجاب الصبي وهو ينفخ صدره ويجيب بنبرة رجولية مبكرة عليه: قول اول منو انت وشو تباااا ..؟!
نزلت روضة بعد ان سمعت حديث الطفل وقررت ان تكلمه بنفسها ..
دنت منه بعد ان رفعت غطاء وجهها وغطت النصف السفلي منه وقالت بنظرة باسمة تقطر حناناً: حبيبي شو اسمك ..؟!
شعر الصبي بخجل حقيقي من هذه الانثى الجميلة ثم اجاب بخفوت: حامد
روضة: اممممم انزين حبيبي حامد ممكن تزقرلنا الوالد .. نباه في شي ضروري ..
حامد ببراءة: بابا راقد
خاب امل روضة وكانت ستعود ادراجها لولا ان الصبي استدار ودخل للمنزل وهو يهتف بصوت عالي: تريي بزقرلج ختيه رفعه ..
حاولت روضة ايقافه ولكن الصبي قد دخل المنزل وتركها ..
اقتربت من اختيها الجالستين في السيارة وقالت بخيبة امل: ابوه راقد
شيخة بقهر: جان قلتيلها يوعيييه ..
روضة: شو يوعييييه فضيحة شويخ ..
فاطمة وهي تتنفس الصعداء: احسن بعد الله هب رايد تشوفون هالريال .. يلا خل نرد البيت ..
روضة: الولد سار يزقر اخته ..
فاطمة بانفعال: شعنه يزقر اخته بعد ..!!!
روضة: هو روحه سار ما قلتله شي اناااا ..
ما هي الا لحظات حتى خرجت فتاة متشحة بأكملها بالسواد ..
شعرت روضة بقليل من التوتر ولكن سرعان ما ازاحته بمهارة لتهتف بسلام ودود: سلام عليكم ختيه ..
هتفت رفعة بصرامة مقتضبة لا تفارق روحها ابداً: وعليكم السلام والرحمة ..
هلا ختيه شو بغيتي ..؟!
روضة: احم ... شسمه ... نحن قد دقينا عليكم قبل وقلنالكم نبغي الوالد مسعود لكن محد طاع يعطينا اياه ..
التفتت روضة بشكل خفيف لاخواتها .. واكملت بحزم تخلله ارتباك طفيف لم تظهره:
انا روضة بنت خليفة الـ...
.
.
.
.
.
.
.
يشعر ان تفكيره ينحني لمجرى غريب ..!!!!
لا يعرف لمَ ولكن الذي يحصل بينه وبين ذياب لا يعجبه ..
لأول مرة يشعر بالغرابة والضيق الشديد من امر سبّب سوء فهم بينه وبين اخاه الصغير ..!!
لانت عيناه بوجع صرف وحنين يقتل الوتين ..
لم يدرك ان في يوم من الايام سيحل هذا الشخص بطيب قلبه ولطف معشره محل اخاه عبيد .. انه سيصبح غالٍ عليه ولا يرضى ان يحمل في جوفه اي ألم بسببه ..!!
لأنه وبعد السنين العجاف .. السنين القحط التي مرت عليه .. اصبح اجوف الروح لا يأبه لخاطر او شعور احد ..
اصبح كـ سنينه ...اجدب القلب .. روحه قاحلة لا مطر يسقي رملها العطشان ولا سحاب يمنيها بالخير/الرحمة ..
اصبح متصومعاً على ذاته الميتة بعد رحيل والدته .. ومن بعدها والده وشقيقه ..
لكن الآن ... "الآن فقط وياللغرابة" ... فإنه يشعر أن صومعته خرجت عن نطاقها المحسوس بارتياب متردد ..
حتى انها بدأت تُحرك عقله لفكرة غريبة تماماً ..!!!
أيعقل انه يفكر الآن بـ...
جفل عندما رن هاتفه .. وارتبك عند رؤيته اسم "ذياب" ..
حسناً حارب ..
لن تدع امراً يفقد حروفك السيطرة على اتزانها وثباتها ..!!
: هلا والله ذياب ..
اشحالك ..؟!
.
.
.
.
.
.
.
تنحنح بتوتر شديد وألقى نظرات مترددة على جده الجالس امامه بكل ثبات وقوة وكأن الذي قيل للتو لم يهز منه شعرة واحدة ..
اكمل بنبرة خشنة لم يظهر فيها ارتباكه: وهذا اللي صار ..
يوم عرفت انه الولد ولديه اصريت اسوي فحص ابوة وظهر ان الولد صدق من صلبي ..
ما رمت اتحمل يلستها في البلاد .. شليت الولد عنها وخليتها تسافر ..
قلتلها ما اطبين البلاد الين ما عطيج خبر ..
تجمدت عينا جده المتجعدتان عليه قبل ان يهز رأسه بخيبةً ما بعدها خيبة .. وقال بغلظة: شو ثرني بقول عقب اللي سمعته ..!!!
ما اقول غير الله يسود ويهك يا عبيد يا ولديه على تربيتك الردية ..
بالحراااام يا نهيااااااان .. تييب ولد بالحراااااااام ياللي ما تخاف الله ..!!!
انتفض نهيان بهلع وصاح بانفعال: اقسم بالله العلي العظيم بالحلال .. واللي خلقك يا بوعبيد ما لمست الحرمة الا وهي على ذمتيه على سنة الله ورسوله ..
قطب حاجبيه بضيق شديد وهو يرى جده الذي يكبت غضبه بشدة .. واكمل: هاذي هقوتك فيه يا بوعبيد ..!!! انا برضى بسواد الويه عليه وعلى هليه ..!!
انا تحق نفسي لممشى الرذيلة والحرام وربيه محلل اليه بدال الحرمة اربعة ..!!!
شاح الجد ابا عبيد بوجهه وكأنه بحركته هذه لم يصدق كلام حفيده الذي لطالما كان بنظر الجميع الولد المستهتر ..لكن مع هذا قال:
ول عن ويهي يا ولد وما اطيح هالبيت الا والولد معاك ..
اومئ نهيان برأسه بضيق بالغ .. معتاد هو على توبيخ جده المستمر لأفعاله .. ولكن هذه المرة كانت ردة فعله قاسية على روحه وليس مجرد توبيخ غاضب .. حسناً نهيان .. انت لم تلق للتو عليه مجرد مزحة ثقيلة ..!!
قال: ان شاء الله بس ابويه ....
قاطعه جده بغضب محتقر: جب ولا جلمة .. قلتلك ول عن ويهي ..
وابوك انا بتفاهم وياه ..
رغم انزعاجه من تحقير جده .. ورغم ألمه من رؤية خيبته في عيناه المشيبتان وما يشعر به من خذلان .. الا انه هز رأسه بخفوت وهمس بتهذيب بالغ: ان شاء الله ..
.
.
.
.
.
.
.
مطار دبي الدولي
بعد فقدانها تحكمها بـ مشاعرها/ألمها في الصباح، شعرت ان مشاعرها بلا ارادة منها غدت في خمول صقيعي غريب ..
لم تحاول التحدث مع سلطان ولا التعاطي معه الى ان حان موعد سفرهم ..
بالرغم من صقيعية تصرفاتها الا انها أحست بحرارة تصفع وجنتيها بقوة ما ان رفعت ناظريها وتأملته من بعيد بعد ان تركها قليلاً ليقدم اوراقه واوراقها للسفر ..
أأأأأأخ ...
أيجب عليك ان تكون بهذه الغنى الفاحش من الرجولة ..!!!
مشطت بدعجاء عيناها ظهره الصلب وبنتيه العضلية المنسجمة تماماً مع رجوليته المفرطة .. وقميصه الخفيف المظهر لجاذبية طلته اكثر مما هي تخفي ..
احتدت عيناها باستنكار عاتي وهي ترى التماع نظرات موظفة الطيران الشقراء ما ان اقترب سلطان منها ..
قبضت بقوة على كفها الى ان شعرت ان بشرتها تقطعت من اظافرها الطويلة ..
ويح نبضاتي الخائنة ..
تتراقص انبهاراً بك تارةً وغيرةً عليك تارةً ولا تراعي انها مجروحة من الاساس منك ..!!
ما ان لمحت ضحكة الموظفة الشقراء لـ سلطان "الذي فتنها ببسمته الكسولة" حتى غمغمت بخفوت لا يُسمع: ضحكتي بليا ضروس ان شاء لله
كم ابغضك .. كم ابغضك يا سيد اللؤم ..!!!
سرحت بمنظره مع تلك الشقراء ولم تدرك ان هاتفها يرن ..
كيف تسمع الهاتف وخفقات الغضب في جوفها تحول بينها وبين مسمعها ..!!!
: تلفونج يصيح ما بتشلينه ..!!!
جفلت بجزع وهي تحدّق بذلك الذي يقف امامها بكامل طوله المهيب الحابس للأنفاس ..
ما لبث جزع عيناها ان تحول للون اسود اقتم من السواد ذاته متذكرةً ما اثار غضبها منذ لحظات ..
لم تجب عليه وانما اشاحت بوجهها بحدة قبل ان تخرج هاتفها وترى ان المتصل هو شقيقها أبا سيف ..
اتصلت ليجيب الاخر بعد رنتان ..
أبا سيف بنبرة حازمة دافئة: مرحباا السااع بـ شمااا شيخة البنااااات ..
تأثرت شما من كلمات شقيقها التي فيما مضى كانت نادراً ما تخرج من فمه .. ولكن الآن يبدو ان زواجها قد اخرج ما فيه من حب مخفي في فؤاده لها وذلك من فرط سعادته ..
اجابت بهمس ناعم اكثر دفئاً واشد حباً: يعل شما تفدااااك وتفدااا هلك وطوايفك كلهم يالغااالي ..
شحوالك يا خويه وشحوال ابويه وامايه واليميع ..؟!
أبا سيف: كلهم بخير وسهالة ولله الحمد .. دقيت عليج مساعه وما رديتي .. بغينا نسلم عليج قبل لا اطير طيارتكم ..
شما: الله يسلمك ويحفظك من الشر يا خويه ..
ابا سيف: هاذوه ابويه بيرمسج .. اندوج
كان واقفاً امامها ويدون شيئاً على هاتفه غير مدركاً ان جميع حواسه وخفقاته المتلهفة مع صاحبة صوت الكناري ..
سرت موجة سخرية مريرة على حاله بين دهاليز روحه ..
تهدي الجميع شرف همسها المنعم بالحرير والمثقل بكلمات تقطر فتنة حوائية .. "عداي" ..!!
رفع عيناه الصقريتان عندما سمع ندائها الخافت العذب: بومييد .. ابويه يبا يرمسك ..
مد يده والتقط هاتفها بهدوء ..
هتف أبا سعيد ببحة دافئة: ألوووو ..
سلطان بحزم ودود:
مرحباا مليوون .. يااا حي هالصووت وراعيه في ذمتيه ..
واخذ يتجاذب اطراف الحديث مع عمه المحبب إلى قلبه .. وابتعد عنها لأنه علم ان الأخير سيغدق عليه بلائحة طويلة من التوصيات على ابنته .. وهو لم يرغب بالرد على هذه التوصيات امامها ..
يشعر ان مشاعر الندم والغضب من نفسه تسيطران عليه بلا رحمة ..!!
والذي يزيد ما فيه ان كل دقيقة تمر عليه معها تشعل في جوفه المزيد من الشوق/الانجذاب نحوها ...
لكن لا .... كرامته لن ترضخ بعد الآن لعنجهية هذه الصغيرة وتكبرها المستفز ..!!
هتف بفخامة هادئة مسيطرة: بنيتكم في العين وعلى الراس يا بوسعيد امره لا تحط في بالك شي .. وبإذن لله اول ما نوصل كولورادو بخليها ترمسك وترمس عموه ..
أبا سعيد بحزم تخلله نفحات الفخر: ريال ولد ريال يا سلطان .. يعل من رباك الفردوس الاعلى ..
سلطان: لا عدمناااك عميه .. اجمعييييين يارب .. رد السلام على اليميع صغيركم وكبيركم ..
ابوسعيد: سلامن يبلغ ان شاء الله .. اودعناكم الله .. تحملوا على عماركم ولا تودرون ذكر الله والقرآن ..
سلطان: ان شاء الله .. الله يحفظك ويحفظ اليميع ..
مع السلامة سلّم سلّم ..
اغلق الهاتف قبل ان ينظر لـ خلفية هاتف شما بالصدفة .. وابتسمت تعابير وجهه لما رآه ..
صورة جماعية تشمل أبناء سيف، أبناء بطي، وأبناء احمد عراة بوضع مضحك مجنون على شاطئ البحر ..
عاد لها وما زالت بقايا ابتسامته تلوح فوق شفتيه بعفوية ..
استغربت بشاشة وجهه ولكن ... وكعادتها ... صمتت ولم تعلق ..
مد الهاتف إليها وقال بتجاهل تام "لشخصها": يلا بنسير قاعة الانتظار
وقفت شما على مضض ولكن فجأة تذكرت امراً مهماً لم تفعله ..
هتفت لـ سلطان بوجه خالي من التعابير/المشاعر: دقيقة نسيت اوصي امايه على شي ..
توقف سلطان وهو يومئ برأسه بينما همت شما بالاتصال بأمها ..
هتفت شما بنظرة تنضح حرصاً: امايه فديتج نسيت اقولج ان ادوية ابويه في الدرج الرابع على اليمين في تسريحة حجرتكم
..
: هيه هيه
..
: أ أ أ شو بعد .. هيه امايه دخيلج خليه ياخذ حبة الحديد مع عصير برتقال عسب ماييه امساك ..
..
: هيه .. سمعيني امايه .. معوده العيال في الاجازة ما يشربون الجاهي حليب الا وانا معاهم واقص عليهم قصص القرآن ..
ماعليج اماره خلي حصة ولا ميرة تقص عليهم كل صبح عسب ما يتضايقون ويحسون ان شي تغير عليهم ..
..
: اممممممم بتحصلون في حجرتيه كتاب عود عن قصص القرآن .. خذوه
..
عادت لتقول بسرعة: امايه امايه .. سلطان فديته ما يحب يشرب الجاهي وفيه هيل .. خلي شانتي تسويله واحد بليا هيل ..
وزيود ولد احمد ما يشرب الا هوت جوكلت جلكسي .. مال جلكسي امايه هب نوع ثاني ..
لم تدرك شما ان عبرتها قد اختنقت في حلقها وانها على وشك البكاء ... لكنها تحكمت بمشاعرها في اللحظة الأخيرة ..
فهذا السلطان واقفاً امامها وينظر إليها بشكل غريب يربك الانفاس/الفكر ..
اكملت توصياتها بعد ان تنفست هواء يزيل دموعها التي كادت تنهمل:
آ آ آ آ شسمه .. فديتج امايه لا تنسون تسقون الشير والزرع وتأكلون الحمام ..
لا تخلون محي الدين يسقي الزرع .. ما يعرفلهم ..
..
: امايه انتبهي على روحج فديتج وان تعبتي ولا استويعتي من شي اتصليبي دخيلج ..
..
: ان شاء الله علنيه افداج .. سلامن يبلغ ..
..
: مع السلامة .. الله يحفظج
اغلقت الهاتف وهي تتنهد في قرارة نفسها بـ ألم شوق عصي الوصف ..
رفعت عيناها لـ سلطان لتهمس بخفوت مقتضب: امايه تسلم عليك ..
سلطان بحزم هادئ "لا يعكس ما في جوفه من احاسيس متناحرة": الله يسلمج ويسلمها من الشر ..
رفع يده لينظر للساعة هاتفاً باقتضاب: يلا ماشي وقت ..
تشعر انها على حافة الإغماء .. تعرف جيداً هلعها الشديد من الطائرة .. ولكن كيف بحق الله توضح هلعها لـ هذا الشخص ..!!!
ادركت للتو ان مصيرها لا محالة سيكون عكس ما يرغب به قلبها الجزع ..
هنا لم تتحمل حمل ما فيها لوحدها ..
ان تركب "شيئاً" لم تركبه في حياتها قط هذا امر لم تستطع تحمله ..
نادته بـ نبرة مبحوحة ناعمة حاولت بشتى الطرق اخفاء تلعثم الخوف فيها: أ أ أ بـ بـومييد ..
استدار سلطان إليها بخفة هاتفاً باستغراب: لبيه ..
اقترب منها عندما احس بـ شرارات الارتباك/التوتر تتخلل صوتها الآتي من خلف غطاء وجهها: شي فيج ..؟!
رفع كلتا حاجبيه بتعجب مضحك عندما سمعها تتعثر بحروفها هاتفةً ببراءة طفولية: بـ بومييد ..
لـ لازم نركب هذاك الشي يعني ..!!!!
ما ينفع بلاه ..!!!
لانت ملامح بشيء من الفكاهة الساخرة قائلاً: هيه ينفع جان تبينا نهلك .. يلين آسبن بالطيارة حول 16 ساعة وزود .. هزرج بالموتر متى بنوصل ..؟!
ردت شما بغنج فطري حزين وقد فقدت حقاً سيطرتها على جزعها: سلطاااااان ارمس صدق انااااااا ..
والله من الروع احس ركبّي متيمده ..
احس بضربات لا ترحم على جدران معدته .. واحساس مجنون يخبره ان سحق شفتي هذه الصغيرة هنا والآن "ليست فكرة سيئة"..!!
استعاذ بالله من هذا الجنون وتنحنح كي يزيح عن صوته بحة انفعال وصل حدود الغرام الملتاع وتعداه:
احم .. اذكري الله وتعوذي من بليس .. مافي شي يروع .. طيارة الا هي ..
غضبت في قرارة نفسها من استخفافه بمشاعرها وخوفها .. وندمت لأنها بيّنت له احدى نقاط ضعفها .. ارتجف صوتها بلا ارادة منها هاتفةً بانفعال:
اخاااااااف من الطيااااايير ..
رف قلبه لصوتها الناعم الخائف .. لم يتحمل رؤيتها بهذا الشكل من غير ان يفعل شيء .. حتى لو كانت "جارحة قلبه" ..!!
اقترب منها بخفة واخفض رأسه ليهتف لها برجولية حازمة دافئة تقطر رقة: تخافين وانا معاج ..!!!
امسك كفها واحس بارتجافة سرت بين اصابعها من ملمسه .. واكمل وهو يرمقها بنظرة سوداء متلألئة:
يلا فديتج .. تمي اذكري الله واقري في قلبج اللي تحفظينه من الآيات وبيخوز هالخوف ان شاء الله ..
وكأن حروفه كانت كـ تعويذة سحرية لا تُفك ... سحبها بنعومة معه ممسكاً بيده الاخرى الجوازات ..
انجرت معه وشعور بالسكينة يجتاحها مسبباً سريان ريح دافئة على كامل عامودها الفقري ..
ريح دافئة جعلتها تحلق فوق سحب مُخدرة .. هي و"دفئ كلماته" و"غرامها المجنون" ..
نهــــاية الجــــزء الثــــامن والعشــــرون
|