كاتب الموضوع :
لولوھ بنت عبدالله،
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
الجزء السابع والعشرون
الجــــزء الســــابع والعشــــرون
،
عيناك ليل .. على أعتابه صلبت
أقدار أفئدةٍ ألقى بها القدر
لولاك يا غادتي بالحب ما خفقت
روحي .. ولا طاب .. لولا حبك العمر
إذا دنوت تشب النار في جسدي
وإن نأيت .. بعيني يسهر السهر
مهما تعذبت أو عانيت من كلف
فلست عن حبك المجنون أعتذر
إن جف حرفي .. وضنَّت بالحيا الديم
فمن جبين المها تستلهم الدرر
أتيت من جزر الأحزان .. في ولهٍ
تُحيين بي .. ما أمات الحزن والكدر
كيف التقينا بظهر الغيب ذات ضحىً
وضمنا حانياً في جفنه القدر
دنوت مني وفي عينيك قد رقصت
أحلام عمرٍ.. بكى في عرسها العمر
كم عشت قبلك للحرمان ينهكني
ليل الحنين .. ويضني جسمي القهر
ولفني الحزن في أثوابه زمناً
يغدو بي اليأس أو تلهو بي الفكر
لـ يحيى توفيق حسن
،
لبست عبائتها قبل ان تهتف لجدتها باستغراب: شمعنه يعني انا ارد مع ذياب وانتن مع ابويه ..؟!
الجدة ام هامل: امايه نعوم انا اخاف على اخوج يضرب خط في هالليل روحه .. خاويه وونسيه في الدرب ..
ناعمة بطيب خاطر: ان شاء الله على هالخشم .. يلا اتجدمن انتن وانا بدق عليه اشوفه وينه ..
ذهبت الجدة ام هامل ومعها فطيم بينما اتصلت ناعمة بأخيها لتطلب منه المجيء إليها ..
كان ذياب واقفاً مع الشباب عندما اتصلت اخته ناعمة به ..
ذياب: اوكي اسبقيني انتي وياينج .. مبركن موتريه جداكم ..
ناعمة بفم مزموم: لا عاد ذياب تعال انت مافيه حيل امشي ..
ذياب بحزم: نعوم ارمس ريال الحينه .. اسبقيني انتي لين ماخلص ..
ناعمة بانزعاج ناعم: انزين أمري لله ..
رمقت نفسها في المرآة الطويلة وتأكدت ان كل جسدها مغطى جيداً ثم خرجت بعد ان ألقت السلام على من بقيَ الى الآن في القاعة ..
تشعر بارتباك مزعج يغزوها ..
ان كانت تكره شيئاً في الدنيا فهو ان تمشي ليلاً بالكعب الطويل ملتفة بأكملها بالسواد لا تبصر شيئاً ولا تركز الا على خطواتها المترددة خشية السقوط ..
: افففففففف وين موتره هذا .. بزغدك يا ذياااااااب
(بزغدك = سأخنقك)
انزلت جانباً من غطاء وجهها لتتمكن من الابصار جيداً .. رأت اخيراً سيارة شقيقها فوق التراب وليس في مواقف السيارة المعبدة المستوية ..
حركت عيناها بتذمر ملؤه الضيق: يارررربي منك .. ما بركنت الا على الرملة ..!!!
جفلت فجأة وتراجعت بخطواتها ما ان اقتربت من السيارة وسمعت صوت فتحها الاوتوماتيكي العالي ..
وضعت يدها على قلبها مذعورةً .. وصاحت بصوت عالي مرتجف مهاتفةً ذياب من ورائها: يعلك حرمة شلقه يا ذيابوووووه .. طيرت حمامة فواااااااااديه ..
اكملت سيرها بسرعة ولازالت تتذمر بصوت عالٍ: يلا ياخي استعيل بطينااا ..
فتحت باب السيارة وركبتها قبل ان تنزل غطاء وجهها وتحركه على وجهها الفاتن متهكمةً من حرارة الجو: يالله بالستر .. مت مت من الحر .. اففففففففف ..
صاحت بصوت عالي منزعج: يلا ذياااااااااب عنبوووووه كل ها تمشي .. !!!
ارخت جسدها على ظهر الكرسي واغمضت عيناها لوهلة كي تأخذ انفاسها المتقطعة ..
ولم تزل على حركتها هذه حتى زمت شفتيها بتهكم رقيق عندما سمعت صوت فتح باب السيارة ويدلف احدهم بسرعة إليها ..
وضعت ناعمة رجلاً على رجل وعدلت جلستها بحيث تسترخي أكثر على المقعد وقالت بذات تهكمها:
توه الناس الشيخ .. جان ماييت بعـ...
تصلبت كل عضلة من جسدها ما ان سمعت صوت رجل لا يمت لفئة صوت اخاها بصلة .. صوت رجولي مصدوم/مرتبك:
منووووه انتيييي ..؟!
لوهلة ظنت ان الهواء قد تلاشى كلياً من المكان .. وان جسدها قد اتخذ روحاً اخرى غير روحها ..!!
شعور بغيــــــــــض .. بغيــــــــــضاّ حتـــــــى النخــــــــــاع ..
شعور مزيج من تنمل شديد في الانامل .. صدمة عقلية .. ذهول/اختناق في كل مجاري التنفس .. جزع مجنون ينهش تلابيب القلب ..
شعور بغيض كريه حد الرمق الأخير ..!!
توسعت عيناها النجلاوان بصدر يرتعد هلعاً ... وهمست بـ صدمة جارفة اخنقت احبالها الصوتية وارجفتها:
ا ا ا ا انننت ا ا اللي مـ مـ منووووه ..!!!!
.
.
.
.
.
.
.
وضعت يدها على بطنها محاولةً تهدئة ما فيها من توتر وارتباك بالغان .. تشعر ان الامور جرت بسرعة قصوى ومن غير ادراك او وعي منها ..
لم تكن تعرف ان ليلتها الاولى ستقضيها في دبي .. هي للآن لا تعرف اين سيكون شهر العسل ..
ههه .. شهر العسل ..!!!
إلهي .. أستتذوق العسل في حياتها مع هذا الرجل ..!!
الرجل الذي لم تغرم الا به .. ولم تقع صريعة الذل والجرح الا منه ..!!
حمدت الله في قرارة نفسها ان فستانها خفيف بسيط في تصميمه لا يعوقها في الحركة والجلوس .. وهذا ما جعلها لا تصر على الرجوع للمنزل والتبديل .. فضلت الا تُحدِث ضجة وهي التي ارهقت الجميع اليوم في ترتيبات زفافها وتجهيزاته الكثيرة ..
شعرت في حاجة ماسة ان ترفع عيناها وتراه .. ترغب برؤية حقيقة وجوده بقربها .. ان تلمس بعيناها حقيقة انها زوجته الآن وحليلةً له ..!!
هي للآن لم تتمكن من رؤية وجهه الوسيم .. خجلها العذري وحيائها الشديد لم يمكناها من رفع رأسها طيلة حفلة الزفاف ..
رفعت ذقنها بتردد شديد ورمقته نظرة جانبية من تحت رموشها المعقوفة ..
كانت ملامحه الوسيمة الموغلة بالرجولة مظلمة على نحو غامض .. ونظرته السوداء مثبتة على الشارع لا توحي بأي مشاعر خارجية ظاهرة ..
اين عنفوانك الرجولي العنجهي الذي اظهرته فيما مضى يا هذا ..!!
انزلت عيناها قبل ان تعض شفتها السفلى بتوتر بلغ حده الاقصى في روحها ..
رباه .. كيف لها التعامل مع هذه الكمية غير المعقولة من الرجولة .. !!
لم تتعامل مع رجل قط غير أباها واشقائها وابن شقيقها سيف .. حتى معهم كانت تذوب خجلاً ما ان تقع عيناها على اعينهم ..
شعرت بألم مفاجئ في ظهرها مع تصلب جسدها طيلة ساعة كاملة .. منذ ان خرجوا من العين .. استجمعت جرأتها وحركت ساقيها وظهرها علّها بهذا تمدد عظامها وتسترخي ..
: ردي السيت على ورا وريحي ظهرج ..
جفلت جنبات صدرها ما ان سمعت صوته الخشن الهادئ المظلم كـ ظلمة سماء ليلها الطويل ..
تلعثمت بخجل وهي تقول بنبرة مرتبكة ناعمة: أ أ أ لا انا مرتاحة ..
اعطاها نظرة خاطفة ثم قال بذات هدوء نبرته المسيطرة: لا هب مرتاحة .. ردي السيت احسن ..
احتد فمها بغيظ وقالت بنبرة هادئة ... متمردة: انا جيه تمام ..
رفع جانب فمه بسخرية باردة وقال: على هواج ..
(على هواج = كما ترغبين)
ودخل في دوامة الصمت المهيب مرة اخرى غير آبهاً بتلك المنزعجة من جو السيارة المتكهرب تماماً ..
أحقاً كلمة "غير أبهاً" بمحلها ..!!!
أم يجب ان يصحح القول ويقول "غير آبه لكل شيء عداها" ..!!!
منذ ان ركب السيارة وهو يشعر ان اكسجينه وثاني اكسيد كربونه قد تبادلا الادوار في مجرى تنفسه وتعاكست وظائفهما ..
لا يستطيع التنفس بشكل طبيعي ولا ان يحرك اطرافه بأريحية ..
وكل هذا بسبب هذه الصغيرة الفاتنة الجالسة بقربه ..!!
الجالسة بكل طغيان حوائي تنفث في صدره رائحتها المذهلة العذبة ..
يشعر انه سيموت قبل ان ينزع بقوة غطاء وجهها ويتلمس وجهها الندي بأصابعه المرتجفة ..
يشعر انه سيتذوق الاحتضار قبل ان يتهنى ثانية واحداً بلم جسدها الغض بين اضلعه الملتاعة .. بلثم كل قطعة من وجهها .. بشم كل منابع المسك فيها .. باحتواء غرامه السرمدي مرة اخرى وبث فيه السكينة ورخاء البال ..
يشعر ان عقله سيسقط من على شفى حفرة صخرية قبل ان يستوعب ان الصغيرة المغرورة غدت امرأته ..!!
امرأته هو ....... هو فقط ..!!
لم يتحمل رؤيتها تتحرك في مقعدها بضيق وارتباك من غير ان تتنازل عن عناد رأسها المتكبر وفعل ما نصحها به منذ قليل ..
اوقف فجأة السيارة بجانب الطريق ..
وبشكل سلب كل سيطرتها على جسدها .. عقلها .. تنفسها الضعيف "المرتجف" .. اقترب منها حتى غدا جانب صفحة وجهه مقابل وجهها تماماً .. ونصف جسده العلوي متمايلاً امام صدرها ..!!!
وبيده اليسرى ضغط على زر الكرسي الاتوماتيكي وارجع مقعدها الى الوراء في الوقت الذي سقط من وجهها غطائها الأسود ..
لف وجهه اتجاهها وأخذ يتأمل وجهها القريب منه وهي ترجع مع الكرسي الى الوراء تدريجياً ...
لم تدع لـ خجلها العميق وتفكيرها المشوش من قربه المجال للسيطرة على ارادتها امام سيطرته المتعالية ..
من هو كي يمارس سلطته الرجولية عليها ..!!!
هتفت رغماً عنها ببحة مرتجفة اغرقتها ببحر تمرد حاد منفعل: قـ قـ قلتلك انا مرتاحة جيه .. شو انت ما تسمع ..!!
ازاح سلطان اصبعه من الزر الى ان رآى ان وضعية الكرسي الآن مريحة تماماً لها .. ثم رفع حاجباً واحداً باستهزاء متأملاً وجهها المرئي له بوضوح الآن تحت اضاءة الشارع الشديد ..
قال بعد ان سقطت عيناه على عيناها وفمها الخرافي المتمرد: ها لولوه .. لسانج ظهر اشوف ..!!!
احتد فمها بغضب مستنكر .. اعاد الاسم على مسامعها مرة أخرى ..!!!
لــــولـــــوه ..!!!
تباً لك .. تباً لك ألف مرة .. وتباً لي انا لقبولي اياك وجعلك تسخر من شخصي وتضربني بسوط الكلمة التي تثير احياء ذكريات عصية على النسيان ..!!!
أتسخر من لؤلؤة خويدم يا هذا ..!!!
حسناً .. لنرى من سيسخر من الآخر في النهاية ..!!
رفعت بدورها حاجباً وقالت بحزم انثوي معتد حد اللهيب: لساني اظهره وقت اللزوم يا بومييد .. ولو سمحت اسميه شما هب لولوه .. وخوز لو سمحت وحرك الموتر خل نكمل دربنا ..
ابتسم بسخرية شيطانية وظهرت على ملامحه أمارات العبث الخبيث وقال: وان ما خوّزت عنج وحركت الموتر .. شو بتسوين ..!!!
رفعت شما عيناها الى عينا السلطان واهتز كيانها من لمعان ظلمة مقلتيه الغامضتين ومن قرب انفه الطويل من انفها ..
اخذت نفساً من "انفاسه" لأن الاكسجين انعدم من السيارة تماماً ..... وهتفت من بين نفسها المتقطع محاولةً بث الثبات الشديد والقوة في نبرة صوتها الحازمة الناضحة بالاحتقار: ما بسوي شي انا وبشوف يلين وين بتوصل بفعايلك السخيفة ..
ارتجف فمها بجزع ما ان رأت عيناه المظلمتان تتركزان بشيطنة صرفة على شفتيها .. وادركت انها تجاوزت بلسانها السليط الخط الاحمر ..
هتف بخشونة تغلغلت بالنمرودية الخبيثة وعيناه المستنكرتان تنضحان سخرية بالغة: فعايلي السخيفة ..!!
شو مفهوم السخافة عندج ..!!!
امسك فجأة فكها الصغير بأصابعه اليمنى وجره إليه بقسوة واكمل بنبرة اخشن واغلظ مبطنة بمشاعر غامضة: هااه لولوه ..!!!
احتد فمها بغضب منفعل رافضةً الاستسلام لقربه القوي على روحها وقالت دافعةً بضعف صدره العريض:
بومييد لو سمحت خوز عنيه ولا تتعدى حدودك ويايه ..
ضحك سلطان بشكل مخيف .. بشكل يرجف ازقات الصدر ..... تعترف ان ضحكته بثت فيها الخوف ومشاعر بعيدة كل البعد عن الراحة ..
وانطفأت ضحكته تدريجياً لتشتعل مقلتاه برغبة عاتية .. "متقدة" .. بأخذ ما حرم منه سنين طويلة .. بتذوق ما رغب بتذوقه منذ عمر مديد ..
تجاهل "بمزاجه" ما تفوهت به .. ثم جر مرة أخرى فكها بقوة وطبّق تماماً تخيلاته الجامحة العصية على النسيان/التناسي من هول جمالها على روحه ..
اغمضت عيناها وعقلها الصغير يحاول استيعاب فكرة واحدة ..
فكرة واحدة فقط ..
انها الآن بين ذراعي سلطانها المتكبر الدافئتين .. وان شفتيها تتراقصان بلا حول ولا قوة منهما بين شفتيه القاسيتين "المُهلكتين" قاتلاً شهقةً عنيفة كانت ستفلت منها من عظم ذهولها ..!!
حاولت دفعه الا انها فشلت .. كيف تدفع كتلة ضخمة من حديد مجسد على هيئة رجل ..!!
وما كانت لتفكر بالدفع وهي تُجر اكثر وشفتيها إلى اعمق دهاليز شفتيه برجولية نمرودية "لا تُرحم" ..
ابعد شفتيه عنها بصعوبة .. ابتعد مُرغماً لا مُختار ..!! هذه الصغيرة افرغت جوفه من النفس ..
جعلت منه رجلاً لا يمكن له استرداد انفاسه بسهولة وهو الذي خُلق ليطبق على الانفاس ويهلكها من هول اعتداده ..
مؤذية هذه الصغيرة على روحه .. مؤذية بشكل لا يطيقه هو "بكامل شخصه العتيد" ..
همس بأجش متقطع وشفتيه ما زالتا تلامسان شفتيها وصدره يعلو ويهبط كـ حال صدرها المرتجف الصاعد/النازل بجنون:
لـ ـ ـولـ ـ ـوه ..
لمس وجهها بوجع الصبابة الحارق .... برقة "تُبكي الحجر" .... متأملاً وجهها بنظرةٍ رغماً عنها كانت "مرتجفة بسبب مشاعره المتراكمة في روحه":
انا واعي ولا حلمان ..!!!
لم يشبع .. كيف له ان يشبع وهو الذي جاع وصلاً وقرباً اثني عشرة سنة ..!!
كيف يشبع وهو الذي تمرغ بنار البعد وهوان الفراق اثني عشرة سنة ..!!!
كيف يشبع وهو الذي اصطلى مرات عديدة بـ نار الغيرة ما ان يسمع بأسماء من تقدموا لخطبتها والزواج منها ..!!
كيف يشبع وهو الى الآن لم يسترد كرامته المهدورة منها ويأخذ ما كان حقه منذ الازل ..!!
كيــــف ..!!!
وقبل ان تفكر شما بابعاده عنوةً بكامل قواها الضائعة .... انقض مرة أخرى على شفتيها "ومرارة اثني عشرة سنة وحرقة قلبه التي لسعت كل جزء في جسده خلال ايامها/شهورها .. هما من سيرت قبلته هذه المرة" ..!!!
قبلة جائعة .. مريرة .. قاسية .. خشنة .. عاشقة حد الموت .. محترقة بنار الوجد حد الترمد ..!!
قبلة السلطان الذي غدا عبداً مذلولاً تحت قدمي مولاة صبابته ..!!!
جن عقلها .. لم تكد تأخذ انفاسها الهاربة ما ان ابتعد منذ ثواني ولم تكد تحرق السيارة بما فيها من هول غضبها ..
وها هي الآن اسيرة قبلته مرة أخرى ..
إلهي ارحمني ..
ما هذا الذي يجري في طرقات مجرى دمي ..!!!
أحرورة مشتعلة ام برودة وصلت حد التجمد ..!!
اشعر ان الشعور ذاته فارقني كما فارقني قبلها قوتي وحيلتي ..!!
لا ..
هناك شعور يتيم ينمو بداخلي ..
ماهو يا شما ..!!
ما هو ..!!!
لا .. ليس شعور رغبة بمبادلة قبلته القاسية بقبلة اقسى منها ..
لا ..
انك يا شما تحتقرين هذا الرجل .. ولا ترغبين بمجرد التفكير بمبادلة قبلته ..
لا ..
فجأة ... ارتجفت خوفاً بين ذراعيه وتمسكت به بقوة ما ان تزلزلت السيارة بأكملها بسبب مرور شاحنة ضخمة بسرعة كبيرة بجانبهم ..
ابتعد عن مدار شفتيها ببطئ ماسحاً بعيناه الغائمتان "المشوبتان بوجد وصل حد اليأس" كل تفاصيل وجهها الأحمر القاني وصولاً لشفتيها المنتفختين من قبلته الهائجة ..
استيقظ من سكرة عشقه ما ان انفلتت دمعة من عينها .. وابتعد بحدة عنها عائداً الى كرسيه بأنفاس متلاحقة أجشة ثقيلة ..
كره انهزام سيطرته على نفسه وانجراره وراء ما لا يرغب بالانجرار إليه ..
مالذي استفاد منه الآن بعد ان ابكاها ..!!! .. مالذي استفاد من اجبارها على قربه ..!!
رباه .. أتبكي نفوراً وكرهاً مني ..!!!
آآآه ....
تنحنح بخشونة قاسية وببحة لم يسيطر عليها .. وقال بحزم مقتضب جاف لا لون له ولا شعور:
قضبي لسانج ولا تستفزينيه عسب ماسوي شي ما يسرج ..
(قضبي لسانج = امسك لسانك)
الذي لم يعرفه سلطان .. ان دمعة شما نفرت بسبب مشاعر التوق إليه .. وان هذه الدموع كانت نتيجة نشوتها الجامحة واخضرار روحها القاحلة ببهجة لا تفوقها بهجة .. بهجة قبلة انتظرتها منذ الازل ....
منذ ان ادركت صباها .. وعرفت لخفقات القلب معنى ولون بهيج ..
مسحت شما دمعتها بقسوة وهي تلصق جسدها بباب السيارة ... ولم ترد على ما قاله بأي كلمة ..
.
.
.
.
.
.
.
يـــا إلـــــه الكـــــــون ..
أطيفها الشجي هو من يحادثني سارقاً جسدها الآن او هي ذاتها ..!!!
خفقات قلبه المأخوذة كلياً بما يراه قد وصلت دهاليز اذنيه واخذت تتردد بصداها كل جدرانهما كـ الطبول الثقيلة ..!!
أهذا صوت صدى خفقات قلبي ام مجرد صدى لـ طبول العرس المزعجة ..!!!
لا يمكن لعقلي تكذيب ما اراه ..
انها هي .. ذاتها ..
صوتهــــا
عيناهـــــــا ..
عيناها ...... يا إلهي عيناها ..
ذاتهما من جعلت الهواجيس تلازمني كالظل منذ ان سقطت عيناي عليهما ..!!
ذاتهما ..!!
من هول صدمته لم يستطع غض بصره المذهول .. كيف يغضه وعقله مسلوب تماماً بسبب وجود "هذه" هنا ..
في سيارته .. وبجانبــه ..
كيـــــف ..!!!
تمكن من جمع "بعض" من عقله المسلوب وأشاح بوجهه بمشاعر مستعرة غامضة لا شكل لها ولا هيئة ثم فتح بابه بقوة وخرج ..
وقف بشكل جانبي وقال وهو يرمق الليل المظلم بأنفاسٍ ثقيلة وخفقات اثقل: يا بنية ها موتريه .. انتي شو ميلسنج فييييه ..!!!
لم يكن الامر بذات السهولة عند ناعمة .. ليس بذات السهولة ابداً خصوصاً وهي تتعرف على هوية الرجل من وجهه الذي إلتمع من انعكاس الضوء تحت انارة الرصيف الخافت ..
أيمكن ان تسمي ما فيها الآن بـ "انتفاضة اصابت عقلها وكيانها"
او تسميه "اغتيال جسيم لتفكيرها العقلي السليم" ...!!!
ام تسميه "شلل اصاب مجرى تنفسها وحواسها الخمسة اجمع" ..!!!
لا تعرف ..
كيف تعرف وهي الآن امام "حارب الكرى"..!!!
تجمعت الدموع في مقلتيها من عظم ما فيها من احاسيس وخلجات عصية التفسير .. وبكفوف مرتجفة اخذت تغطي وجهها بضياع تام آملة بين لحظة والثانية ان تستفيق من هذا الكابوس ..
اجل كابوس ..
ان تُكشف امام رجل غريب وهي بكامل زينتها .. فهذا الكابوس بحد ذاته ..!!
وقبل ان تفتح الباب لتخرج هي الاخرى وتستجمع زمام افكارها لتعرف كيف لهذا الرجل الدخول لسيارة اخيها .. سمعت صياح رجل مألوفاً لها ..
رجلاً تعرفه ..!!
زادت خفقات قلبها جنوناً ..
لا يا إلهي .. لا يا رحمن .. لا يا رحيم ..
لا تضعني بموقفٍ ابغض وأمر مما عشته الآن .. ارجوك يا رب ..
ارجــــــــوك ..
التفت حارب بقلب مرتبك لأقصى حد لجهة الصوت الذي يناديه .. صوت ذياب ..
كان ليبتعد بسرعة من سيارته كي لا يصل ذياب ويراه في هذا الوضع المشبوه مع الفتاة لكنه لم يتبين ظله ولا مدى اقترابه الا بعد فوات الاوان ..
ذياب: اوووه زين انيه لحقت عليك .. *ثم رمى عليه هاتفه المحمول مبتسماً* اسميك مدوخ يا ريال نسيت تلفونك ..
تلقف حارب هاتفه وتصنم تعابير وجهه المثير للريبة جعلت ذياب يعقد حاجبيه باستغراب ويستدير لا إرادياً نحو سيارته ..
ما ان لمح طيف فتاة داخله حتى ارتبك بخجل وتراجع بسرعة .. وقبل ان يهتف معتذراً لـ فظاظته ..
سمع صياح الفتاة الباكي بغضب عارم وخجل وجزع لا يمكن وصف مداهم .. مشاعرها هذه ما جعلت طبعها الحاد ولسانها السليط يخرج رغماً عنها .. كانت غاضبة .. مصدومة .. كانت كتلة من مشاعر لا تطاااااااق:
ذياااااااااب كيف تخخخخلي رياااااال غرررريب يرررركب موووترك وانا فيييييه ..!!!!
اتسع فم ذياب وعيناه بشكل مرعب .. وشياطين الانس والجن اعلنوا قدومهم كأعاصير لا سيطرة عليهم البتة ..
وبتفكير معدوم .. دفع حارب بقوة وفتح باب السائق بقسوة بعينان حمراوتان ..
صرخ بحدة مصدومة/بغضب ماردي بالغ: نعوووووووووم ..!!!!
انتي شو يااااااايبنج يالحيـ.... موتر حاااااااارب ...!!!!
حارب ..!!
من حارب ..!!!
هذا الاسمر اسمه حارب ..!!!
اهلا وسهلاً حارب .. انا اسمي "لا شيء" .. تشرفت بك ..
أجل لا شيء .. هي الآن بنظر ذاتها "لاشيء" ..
لن تكون "شيئاً" وهي تبصر بجزع شديد وجه ذياب الشيطاني يتراقص امامها ..
جُنت .. وعقلها جُنّ تماماً من هلعها الذي يتصاعد .. ويتصاعد ... حاولت التحدث ..
عذراً .. هي تقصد انها حاولت التنفس ..
لكن الحديث والانفاس هما آخر ما تلمسهما في الوقت الحالي ..
وانفجرت عيناها بدموع صامتة ابت التوقف ... وشهيق مختنق متألم لم يستكين ..
حارب لم يكن في حالٍ افضل من حالها .. دهش تماماً من علاقة ذياب بـ توأم نجلائه .. ولكن على ما يبدو انها من اهله ..
تصلبت شرايين قلبه وانقباضات صدرية بدأ يشعر بها بشكل اوجع قلبه على نحو غامض ..
أتكون زوجته ..!!!
خطيبته ..!!
اذ كان تعلم امراً من مجاله عمله الخطر مع سلطان .. فهو استعادة الذهن بسرعة والاستجابة للمواقف الصعبة بسرعة هائلة .. وبفطنة/حنكة منه قال بحزم شديد لا يقبل الاهتزاز ابداً واضعاً كفه على صدره:
والله يا بوهامل واللي خلق عبيد وخذا روحه بعز شبابه ان كل ابو هالسالفة يت بالغلط ..
بنتكم الله يحفظها ويصونها الظاهر خربطت في مواترنا ودخلت موتريه بدال موترك ..
استدار ذياب لـ حارب ورغم عنه امتلأت نبرته الصارخة حقداً وغضباً وشك شيطاني:
وختيه شو بيدخلهااا موترك والموووتر مصكوووك ..!!!!! هااااااااااااه .....!!!
اهاااااا .. اذا هي اخته ..!!
يالله .. اي ان سلطان عمها ..!!!
يالهذه الصدف الصادمة ..
حسناً حارب لا تجعل من ثقة نبرتك القوية تهتز .. اجاب بذات صوته الحازم الواثق المسيطر:
يا بوهااااامل يطولي بعمرك هد انت ما صار شي والله .. حلفتلك بالله ان السالفة يت بالغلط .. انا يوم ظهرت عنكم بطلت الموتر بالريموت من بعيد وهي والله اعلم كانت جريبه منه .. دخلته قبل لا اوصل انا صوبه ..
كيف لكلمات معدودة تهدئة براكين الغضب في رجل ذو دم حار حامي رأى اخته داخل سيارة رجل غريب ..!!!
حتى لو كان الرجل هو حارب ..!!
اشاح بوجهه الحانق المشتعل وصرخ على اخته بهيجان بالغ: انتي بعدددددج بارررركة ..!!!
نششي نشششي لا بركتن فييييييج ..
لم تكن ابداً في وضع يسمح لها بتلقي الاهانات اكثر مما تلقتها حتى الآن .. هي لم ترتكب ذنباً ..
كل الذنب يقع على شقيقها غير المبالي ..
هو من رفض ان يأتي بسيارته امام البوابة واخذها ..!!
صرخت بصوت تقطع من البكاء وقالت باعصاب منفلتة/تفكير منعدم/جرأة غير مسبوقة كانت نتيجة حرجها اللامعقول:
لا تززززاااعج عليه فااااااااهم ....
خرجت من السيارة قبل ان تغلق الباب بقوة عاتية ولسانها المتمرد يكمل نفث كلماتها الحادة "المتقطعة" بسبب بكاءها الذي وصل الآن مسامع شقيقها وحارب:
أ أ أ أنتتت السـ السبب اصصلااااا ..
و و ووالله بخبر عـ عـ عليك ابووويه و و ووالله ..
قذفت وعيدها المغتاظ الطفولي بنبرة محرجة/مهانة على وجه شقيقها ... ثم استدارت بجسدها المرتجف واسرعت خطاها اليائسة "غير السويّة" باتجاه باب القاعة الرئيسي ..
غمغم ذياب بشتائم لا حصر لها ولحق شقيقته المجنونة متوعداً في قلبه ان يريها الويل منه ..
ما ان ادرك حارب ان المكان فضى من حوله فجأة .. وان جنون الموقف قد انتقل لمكان آخر ..
حتى انفجر كلياً:
هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه هههههههه
هب صااااااااحيه هالبنييييه ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه ..
اسند جسده الطويل على باب سيارته ووضع كفه على جبهته محاولاً كبح ضحكته الجامحة ..
الموقف بأكمله كان غريباً لدرجة مضحكة ..
ان يرى هاجسه المجسد على هيئة انثى هنا وفي سيارته هذا صادم ..
ان يكتشف ان هاجسه تحمل دماء اخوّتِها بـ ذياب هذا صادم الضُعف ..
ان يرى ويسمع تسلط لسانها الحاد "المتفجر بالبراءة" على اخيها وتهديدها له وهي التي من الاساس متورطة في موقف صعب لا تُحسَد عليه هذا صادم لخفقات قلبه عشرات الاضعاف ..!!
ان يكتشف انه برؤيتها قبل قليل تزايدت رغبته بامتلاك لحظات اطول معها هذا صادم مئات الاضعاف ..
وكل هذه الاعداد المهولة من الصدمات تشكلت في موقفٍ واحد جعلت الامر برمته مضحكاً بحق ..
حك حارب عيناه بفم امتلأ من الضحك: ههههههههههههههههههههههه آآآآآخ يا بطني .. اسميييني ما ضحكت جيه من دهررررر ..
.
.
.
.
.
.
.
جرها بقسوة ماردية وصرخ بانفعال بالغ: يالمينوووونه امشي جدامي ..
نزعت ذراعها بقوة وهي تصرخ بحدة إلتمعت معها دموعها الراسية على مقلتيها: بن عروة بيروح وياك .. بتصل في ابووويه بخليه يرد ياخذني الحيييينه ..
رفع ذياب عقاله بذات انفعاله المشتعل القاسي: جب يا نعوووووم يا والله ثم والله هالعقاااال على جبددددج .. واااااصلة معاااايه لخشششميه .. صخي وجدامي يلااا على الموتر ..
ناعمة بنبرة مرتجفة مجروحة .. مجروحة حقاً من شقيقها .. لأول مرة في حياتها تراه يحادثها بهذا الاسلوب القاسي الوقح الخالي من الاحترام: هالمرة اي موتر بدخلني الشيييخ ..!!!
ذياب بصراخ اعصاري عاتي: يالحيـ... شو خصنيه لو انتي شلقه وما تشوفين جدااااامج .. يعني ما تعرفين تقرين رقم الموتر عسب تشوفين لو هو موتريه ولا موتر حد ثااااااني ..!!!!
ناعمة بصراخ لم يقل حدةً عن صراخ شقيقها: لا تسسسسسسب ..
وبعدين في هالظلمة هاي وين تباااانيه اطالع بـ ارقام المواااااتر هاااااااااه ...!!!!!
احتد فمه الجاف محاولاً السيطرة بقوة على غضبه الاسود .. مجرد ان يتذكر ان حارب رأى شقيقته في سيارته يزداد لهيب ما فيه ولا يستطيع مسك لسانه عن الشتيمة ..
تحرك امام شقيقته وقال بنبرة غليظة صارمة قاسية غير قابلة للنقاش: صه قطعيها الرمسه ويلا جداااامي ..
.
.
.
.
.
.
.
احتضنت جدتها بعيون تجمعت فيها الدموع وقالت: بس عاد يدوووه والله بشغل الونان الحينه ولا بسكت ..
مسحت ام سعيد دموعها من تحت برقعها وقالت ببحة بالغةَ الحزن: اييييهااااء يا شميمي .. والله ينه الدار عقبج ما تنطااااق ولا تندااااس ..
جلست ام سيف بقرب عمتها ام زوجها "التي ما ان وصلت للمنزل حتى ذهبت باتجاه غرفة شما بسرعة": عموه علنيه افداج تعوذي من بليس وصلي على النبي .. يلا نشي وسيري ريحي طاعي الساعه كم الحينه ..!!
يلا فديتج نشي ..
قامت ام سعيد بمساعدة ميرة وام سيف اللتان انزلتاها للأسفل وادخلاها غرفتها قبل ان تخرجا وكل واحدةٍ منهما تشعر ان البيت اصبح بحق كئيب لا لون له ولا طعم ..!!
خرجت ام العنود من المطبخ حاملةً كوب نعناع دافئ: وين خالوه ..؟! ... سويتلها نعناع عسب تهدا اعصابها وترقد ..
هتفت حصة بنعاس "والتي كانت ممدةَ الجسد على الاريكة بشكل مضحك": توها حدرت حجرتها ..
اخذت ام سيف الكوب من ام العنود وقالت: هاتي عنج انا بعطيها .. سيري انتي بيتج ارقدي وريحي ..
استدارت لابنتها واكملت موبخة: حصيص ان رقدتي قبل لا تتسبحين وتبدلين يا ويلج ..
اغمضت حصة عيناها بارهاق جسدي تام: امايه مافيه حيييييييل اتحرك ..
باجر باجر ..
احتد صوت ام سيف بغضب وهي تقول: حصيص نشي اشوف جدامي ..
ميروه يلا فوق انتي واختج ..
امسكت ميرة اختها وقالت بارهاق تخلله ضيق: يلا حصوص .. بترقدين معايه اليوم ..
حصة بتثاؤب: ارقد وين مارقد المهم ارقددددد ..
صعدتا الفتاتان للطابق العلوي بينما جلست ام سيف مع عمتها ام سعيد الى ان اغمضت عيناها الاخيرة ونامت .. خرجت بعد ان تنهدت تنهيدة حزن تخلله غضب ..
حزن على حال البيت من بعد شما ذات العبق الفواح وغضب شديد من شقيقتها العنيدة التي للآن لا ترغب بتحكيم عقلها وحل مشاكلها مع زوجها ..
اجل .. فمنذ ساعة تقريباً .. انزلت ام سيف آمنة بيت والدهما ولكن بعد ان حدث نقاش حاد شهده كل من ميرة وحصة ..
قبل ساعة
ام سيف بنظرة ماكرة: شو رايج انزلج بيتج وتودرين عنج البزى والمصاخه ..
لم تكن آمنة تحتاج لكلمات تزيد مما فيها من ضيق .. فهي اساساً كانت في غرق روحي تام من شدة الغضب والاستياء والندم .. لم ترغب ابداً بالاستسلام لحضن زوجها واعطائه أي أمل بالرجوع إليه ..
كرهت ضعفها .. كرهت رغبتها به .. كرهت الحب الذي لن يزاح يوماً من جوفها ..!!
كرهت خضوعها إليه وهو الذي خانها مع أخرى وكان السبب في فقد .......
فقد .......
وضعت ... بحرقة قلب قانية ... يدها على بطنها وابت ان تبلع غصة تضخمت بألم في حنجرتها ..
كنت يا هذا السبب في فقد جنيني ..!!
لن اغفرلك فعلتك ما حييت ..
ما حييت ..!!
همست آمنة بنبرة تجمدت بالصقيع: ام سيف فديتج انا مكانيه في بيت ابويه ..
ام سيف بنبرة منفعلة: شو مكانج في بيت ابوج ..!!! جيه وبيتج وريلج وعيالج وينهم ..!!!
وين مكانهم ..!!! انتي عايبنج الحال جيه ..!!!
ريلج في صوب وعيالج في صوب وانتي في صوب ..!!!
آمنة: عياليه عنديه وبوخويدم اغلب وقته في بوظبي ما ينزل العين الا في الويكند ..
ام سيف بنبرة غاضبة حانقة: ماريييت شرات مخج اليابس .. حتى ابويه ومعضد ما راموا عليج ..
يا بنت عيسى حطي الرحمن في قلبج واذكريه .. اللي تسوينه محد يرضابه ..
الحرمة مالها بد عن بيتها وريلها .. وانتي لو مستويعة من بوخويدم قولي ..
والله ما نبات الليل الا وانتي راضية ..
خبرينا بس بلاج .. شو مستوي .. !!!
علت نبرة آمنة بضيق حقيقي وألم ماكن في الفؤاد: شريييييفة دخيييلج خلااااااص ..
استوعبت ام سيف متأخراً ان الحديث كان امام ابنتيها .. لهذا صمتت بعد ان غمغمت باستياء:
استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم .. ماقول غير الله يهدي النفوس بس ..
.
.
.
.
.
.
.
خرجت من الحمام وعيناها تنبآن عن رغبتهما الشديدة في الخلود الى نوم عميق لا ازعاج يتخلله .. لكنها لم تستطع النوم قبل ان تتصل في شقيقها وسؤاله عن اخبار ابنه ..
ابنه الذي اشعل في جوفها الحب والغرام منذ اول نظرة .. تعلقت به كثيراً وتدعو الله ان تنتهي هذه المشكلة بسرعة لتنعم بدفئه هنا وفي بيتها ..
مهرة: نهيان شحالك ..؟!
نهيان: هلا مهاري .. بخير الحمدلله .. توني حادر الشقة ..
مهرة بنبرة قلقة: مع منو خليت عبيد ..؟!
نهيان بحزم خافت: لا تحاتين يبت له مربية تقوم فيه وتغسله وترقده يلين ما تنحل السالفة جريب ..
توجع قلبها على حال الصغير غير المستقر وقالت: الله يهداك نهيان جان خليته مع امه يلين ما تخبر ابويه وامايه عنه ..
مسد رأسه بتعب واجاب بحزم قاطع: ولديه بيتم عنديه وماعليج هي كلها يومين وبتشوفين عبيد عندكم ان شاء الله ..
مهرة ببسمة متلهفة: ان شااااااء الله ..
.
.
.
.
.
.
.
دبــــي
تحديداً برج العرب
انزلت غطاء وجهها ما ان تأكدت ان سلطان اغلق باب الجناح ..
اقترب منها وسألها بنبرة حازمة هادئة: شو تانسين الحينه ..؟!
رمقته شما بنظرة جانبية خاطفة وهمست بخفوت: الحمدلله احسن ..
هز رأسه بإيجابية ثم بدأ بإدخال الحقائب الى الغرفة الرئيسية .. بينما شما فآثرت تشتيت خجلها بأن تدعي رؤية الجناح بأكمله وترى التصاميم المبهرة فيه ..
منذ دقائق كانت على وشك الاغماء داخل المصعد الكهربائي .. وهذا بسبب عقدتها من ركوب المصاعد منذ ان كانت طفلة ..
في الحقيقة .. عقدها لا تشمل المصاعد فحسب ..!!
عضت اسفل شفتيها بارتباك مضطرب ..
يا إلهي .. اقسم اني سأغدو محط سخرية لهذا المغرور ان علم بعقدي وأنواع ذعري التي لا تنتهي ..
لن اقول له ابداً اني اخاف المصاعد .. ولن اقول له اني ابغض الطائرات .. واني اكره المطر .. وقبلهم الحيوانات ..
عدا الحَمَام طبعاً ..!!!
خلعت عبائتها وغطاء رأسها مظهرةً كامل بذاخة فتنتها من تحت فستانها الابيض الملائكي .. وبعدها جلست وخلعت حذائها ذو الكعب العالي جداً واخذت تمسد اصابع رجليها بارهاق بينما تجول بعيناها وتتأمل بإعجاب الجناح حولها ...
كان الجناح بحد ذاته ايقونة ملكية يعجز اللسان عن وصف فخامته وتصاميمه الانيقة الفاخرة ذو الالوان العنابية القانية والذهبية اللامعة ..
من ثرياتها الكبيرة الى سجاداته التركية الحريرية الغالية ..
.
.
خرج سلطان من الغرفة الرئيسية وفكره مشوش بشكل يصعب تفسيره .. يشعر ان الحيلة التي لطالما كانت بين يديه وفي كل وقت يحتاجها قد اختفت الآن ولا يتصور كيف سيتصرف من غيرها ..!!!
الحيلة ..!! ..... ما الحيلة ..!!
تصلبت انامله وهو يرى الحورية التي تجلس بكل طغيان أمامه ..
لم يستطع بلع غصة مذهولة من هول احاسيسه ..!!!
في ذلك اليوم عندما رآها مكشوفةً امامه كانت متحفظةً معه وحرصت على تغطية شعرها رغم ان الغطاء كان ينزلق منه بسرعة من فرطة نعومة ملمسه ..
بالرغم من هذا لم يستطع سلطان حينها السيطرة على خفقات قلبه المجنونة وعلى نفسه من السير وراء نور وجهها الشفاف ..
كيف له الآن السيطرة على نفسه وهو يراها بكل زينتها وجمالها الأخاذ العصي عن الوصف والكتابة ..!!!
كيف له التعامل مع هذه الكمية المهولة من الجمال من غير ان لا ترف عيناه ذهولاً وعقلاً مسلوباً .!!
إلهي .. إلى متى ستظل تُرزِق هذه الصغيرة القوة لتمزيق شراييني عشقاً وجوى ..!!
الى متى ..!!!
وبجاذبية المغناطيس ذاته .. تحرك باتجاهها وخفقات قلبه تسبقه الى آخر مدى في الكون ..
رآى ارتباكها الشديد المرسو على شكل ارتجافات في شفتيها المترفتين بجمال لا يضاهيهما جمال ..
وبتروي .. جلس على ركبتيه بحيث صار وجهه مقابل وجهها تماماً ..
لم يقاوم فكرة غمس اصابعه داخل بحر شعرها الأظلم الوفير .. ما جعل كل ما في شما ينتفض ..
لم تنتفض شما من شيء اكثر من انتفاضتها من نظرة سلطان اللامعة كـ لمعان شهاب وسط سماء ليلة ظلماء ..
تعترف انها لم تفهم نظرته .. ولم تفهم حركاته التي للآن غامضة بالنسبة لها ..!!!
سلطانها المغرور غريب ..
لطالما آمنت انه يحتقرها ويستصغرها ..!!
لطالما آمنت انه شيطان لعوب لا يهمه قلبها الذي فطره بخداعه ..!!
لطالما كان هو بعيناها السلطان النمرودي المتكبر حد اللانهاية .. حد الموت ذاته ..!!
قطبت حاجبيها بـ ذهول .. بـ حيرة .. بـ تعجب تام ما إن بدأ يلقي ابياتاً بـ نبرة رجولية نضحت أجشاً شفافاً عبقاً شديد الضبابية .. وكأن نبرته تلك هامت مع سحب قديمة .. عتيقة .. تنتمي لـ ماضٍ لن يعود:
صفصوف الله لا حلك تاكل زرع الأيتام
حلفــت أنا ما كلته هذا شــور الحمــام
حمامتــي يا الصمــه ما تسمع الكــلام
تسمــع نخل بوعوشــه يداقلــن هنتين
وحده منهن كبيره تمـرق حياي وعين
لـو يـوهـا يخطبـوهـا قـالـت أبـا ألفيـن
والمـوره والذبيحــه والرمسـه ليلتيـن
أبا أمداس منقش من صوغة البحرين
اضطربت جنبات قلبها الصغير بـ صدمة صاعقة ..
كيف ...!!
كيف له معرفة الأهزوجة المفضلة لدي في طفولتي ..!!!
كيف لـ مثله النزول من قصره العاجي وإلقاء ابياتٍ لا تنتمي ابداً لاعتداده البالغ بنفسه ..!!
صمتت .. ألديها غير الصمت لتعبر من خلاله عما تشعر به من صدمات متوالية تطرق رأسها كما المطرقة ..!!
ابتسم بخفوت غامض ... وهمس بنبرة خشنة هادئة ذات رنة غريبة وهو يلف حول سبابته خصلة سوداء طويلة سقطت على جبينها بخيلاء فاتن:
في هذاك اليوم احترقت ..
هههههههههههههههههه كنت اتحرا ان وقفة الشمس ولاهوب القايله هم السبه ..
بس لا .. كنت غلطان ..
صمت بضعة ثواني قبل ان يكمل بهمس اشد ثقلاً جعل من انفاسه وحروفه تتمدد مع تمدد شرايينه الملتهبة:
ثره اللي يانيه من حسج .. وانا من سمعت حسج ما عيّنت من الله خير ..
عوووق يا لولوه ..
عوووق هب الا حرررق يوووف ..
حركت شما رأسها لتبعد شعرها من سلطة سبابته التي اثارت توترها ... ثم همست بانزعاج تخلله حيرة حد الغرق .. كيف لا تنزعج وتحتار وفي قلبها آلاف التساؤلات من غموض كلمات هذا السلطان ومعانيها المبطنة .. كيف لا تنزعج وتحتار وتغضب وهي لا تعرف ما اذ كان هذا السلطان يستهزأ بها ام يهوى اللعب بقلبها بهمسه العذب المربك .. ولمسته الرقيقة القاتلة:
لو سمحت بومييد .. لآخر مرة اقولك اسميه شما .. احترمني لو لـ خويّك بوخويدم شوية غلا عندك ..
استقام سلطان بقامته المهيبة ببطئ واستدار بعد ان انقلبت نبرته الملتهبة فجأة لنبرةٍ تتجمد لها الهواء من فرط برودتها:
تغسلي وتمسحي عسب نصلي قبل لا اطلب العشا ..
اجابت شما "التي احست بشعور الوحدة والاحباط ما ان ابتعد سلطان من امامها وخلّف ورائه فراغاَ خلق الصقيع في جوفها" بنبرة باردة ظاهرياً لا يعكس ما فيها من حرارة في المشاعر:
هب مشتهية العيشة ..
وقفت بالمقابل واكملت وهي تمر من جانبه لتدلف الغرفة الرئيسية: دقايق وبيي اصلي وياك ..
فعلت تماماً ما اوصينها آمنة والعنود ان تفعله ..
مسحت زينة وجهها قبل ان تستحم وتريح عضلات جسدها المتصلبة منذ الصباح .. ثم توضأت ونشفت شعرها الطويل بمجفف الشعر ..
فعلت كل هذا وهي مسلوبة الالباب بجمال/فخامة تصميم الحمام الذي كان مبهراً لأقصى درجة ممكنة ..
لم تحبذ ان تطيل مكوثها في الحمام بالرغم من اضطراباتها المعوية التي تهمس لعقلها وتقول ان لا تخرج وتواجه ذلك السلطان مرة اخرى ..
وضعت بعض الزينة على وجهها ولم تكثر لتدع لوجهها المجال للراحة والتنفس بعد زينة العرس الثقيلة ..
ثم خرجت ..
.
.
.
.
.
.
.
دخلت المنزل كإعصار كاترينا العاتي ..
لم يكن باستطاعتها ايقاف دموعها الصامتة طيلة الدرب .. ولم يكن باستطاعتها تحمل انفاس ذياب المتلاحقة الغاضبة التي تصلها منذ ان خرجوا من العين الى ان وصلوا ابوظبي ..
هتفت ام هامل بخوف وقلق: وابوووويه بلاج نعووووم .. !!
لم تجبها ناعمة التي مسحت بقوة دموعها وهرعت لغرفتها من غير ان تنبس ببنت شفه ..
ما شهدته الليلة كان فوق طاقتها حقاً ..
ان يرميها القدر امام من سلب لب انوثتها بعيناه كان فوق طاقتها ..
ان تعش موقف بغيض كريه امامه وفي سيارته كان فوق طاقتها ..
ان يكون هذا الرجل صديق شقيقها والله اعلم كيف حدث هذا .. فهذا كان فوق طاقتها ..
ان يمسكها شقيقها في سيارة هذا الرجل وان يقلل من احترامه لها وكأنها مذنبة وتعمدت ذلك .. فهذا شي جعل آخر حصون سيطرتها على نفسها تنهدم تماماً ..!!!!
اغلقت الباب خلفها بقوة ونزعت عنها عبائتها .. ووقفت امام المرآة رامقةً نفسها بعيناي اصبحتا بلون الدم من البكاء ..
شهقت بشكل متوالي قبل ان تهمس ببحة عميقة غاضبة مستاءة:
دومج جيه غبية نعوم .. حتى الميكب اخترب ..
افففف كنت ابا اصور عمريه قبل لا امسحه ..
.
.
.
.
.
.
.
دخل الغرفة الرئيسية وهو ينشف شعره الذي لا يتجاوز حدود اذنيه ببال شارد تماماً ..
توقف ما ان رآى تلك الصغيرة تنزل عيناها الارض بخجل جعل احمرار الزهر يغطي كامل وجهها الندي ..
عقد حاجبيه باستغراب بريء ثم استوعب انه خرج من الحمام بملابسه الداخلية "الفانيلة البيضاء والإزار" ..
حسناً .. من الجيد انه لم ينسى ارتداء الفانيلة وهذا ما لم يعتد فعله طيلة حياته في منزله الخاص ..!!
تنحنح بثقل وقال بخشونة وهو يمر بجانبها محاولاً تنحية انجذابه الشديد بجمالها الطبيعي الآخاذ ونقاء بشرتها العذب:
يلا صلاة ..
رفعت حاجباً واحداً باستنكار ..
مالذي يظنه هذا المغرور ..!! .... أيظنني احد رجاله في العمل او احد صبيته الصغار ..!!!
شهيييييق ثم زفييييير يا شمااااااا .. خذي شهييييييييق ثم زفيييييير ..
لن تدعيه يخرجك من مدار سيطرتك على نفسك ابداً ..!!
لبست جلال الصلاة ووقفت خلفه بهدوء ثم سنّ الاثنان ما سنه نبينا عليه الصلاة والسلام وصليا ركعتين معاً .. وحينما انتهيا إلتفت وهو جالس ووضع يده على رأسها ودعا في سره:
"اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها ومن شر ما جبلتها عليه"
تعترف شما انها تأثرت عندما رأت إلتزام سلطان وعمل ما سنه نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام .. لطالما دعت ربها في سر جوفها ان يرزقها الله برجل صالح محافظ على الفروض والسنن وذو خلق حميد ..
ومما رأته من سلطان سابقاً .. ومما فعله بقلبها المتيم به .. لم تفكر في وضع هذا الرجل في خانة الصلاح ...
لم تعرف احد من اهلها الا ووقع في حب سلطان .. لكن كيف ولماذا لم تعرف .!!!
حسناً شما .. انتي ايضاً وقعتي صريعة رجولته ولم تسألي ذاتك في يوم لمَ حدث هذا وكيف ..!!!
شعرت بسبابته ترفع ذقنها بنعومة وصوته العميق يهمس لها بخفوت من بين نظراته السوداء الغائمة:
سولفيلــي ..
تاهت من بين نظراته المربكة وتلعثمت الحروف في جوفها وابت الخروج باتزان ..
أيها المجنون لا تحادثني هكذا كي لا تفلت زمام أموري من بين يدي واعترف بغرامي السرمدي بك وبعيناك ..!!
بثت القوة في جوفها وازاحت ارتباكها قليلاً لتهتف بعدها بنبرة هادئة ناعمة:
عن شو اسولفلك ..؟!
رد بينما عيناه تتأملان كل سنتيمتر من وجهها الجميل: عن اي شي ..
من شدة خجلها نست شما كل مواضيع الدنيا .. وبحق لم تجد اي حديث يستحضرها الآن .. همست بحيرة:
مـ ماعرف .. هب في باليه شي اقوله الحينه ..
رفع جانب فمه ببسمة كسولة وقال: امره ولا شي ..!!!
ولا حتى سؤال منيه منااك ..؟!!
بعد محاولات صعبة مع دماغها لتتذكر اي امر تريد معرفة تفاصيله قالت بفضول رقيق جعلت دعجاء عيناها تلتمع بشفافية .. مما سبب بحدوث ضربات قوية في جنبات قلب سلطان:
امممممم وين بنسافر ..؟!
اتسعت ابتسامته الكسولة بفتنة يوسفية عصية على الوصف .. وقال:
آسبن ... في كولورادو ..
امسك بذقنها واكمل بنبرة حازمة معتذراً بلباقة: اسمحيليه بس حاجز لاسبوع واحد .. عنديه هنيه شغل وما بروم اطول اكثر عن اسبوع خاري البلاد ..
ارتجف ذقنها بجزع من ما ان ادركت انها ستركب الطائرة .. ولكن لم تظهر ما فيها وهي تلعق اسفل شفتيها بتوتر .. توتر كان هذه المرة من لمسته الرقيقة وهمست بخفوت/بتفهم: لا لا عادي مسموح ..
هتف سلطان بنظرة حاول يخفي لمعانها .. هذا اللمعان الذي يتلهف لسماع صوت التي امامه حد الموت .. ولو ان الامر بيده لما جعلها تصمت ابداً:
وبعد ..؟!
رمقته شما نظرة مرتبكة بريئة وتلعثمت: أ أ اممممم .. مـ ماعرف ..
سلطان بهمس قوي رغم خفوته تخلله رجاء ضعيف لم يُظهره: لا تسكتين ..
يزيد ارتباكها كلما سمعت همسه الخافت .. لا تحتمل نبرته الرقيقة ابداً .. فكرت كثيراً .. الى ان التمعت عيناها بادراك .. لم تعرف لمّ جاء في بالها هذا السؤال .. ولكن طالما هو من بادر واقترح عليها ان تسأل .. فلتسأل وستستغل كلمته بمكر:
شو اللي خلاك ترد تخطبنيه عقب هالسنين كلها ..؟!
تحولت نظرة الدفئ في عينا سلطان الى جمود .. وكأن اخر ما كان يرغب بسماعه الآن هو هذا السؤال .. رفع حاجباً واحد بسخرية باردة وقال: هذا سؤال ينسأل في اول ليلة بين ريال وحرمته ..!!!
احتدت نظرتها ونبرة صوتها رغم استشعارها السخرية من بين نبراته الخشنة وكررت سؤالها:
خلك صادق ويايه بومييد .. شو اللي خلاك ترد تخطب وحده عقت عليك رمسة وسط ميلس ابوها وردتك جدام اليميع ..!!!
شهقت بقوة عندما وضع سلطان يده اليمنى خلف رأسها وقرّبها بقسوة نمرودية إليه قبل ان يهمس بفحيح ماردي وصل عيان السماء:
وشو اللي يخلي هالبنية تردنيه جدام اليميع عقب ما عطت كلمتها ورضاها بالعرس ..!!!
اغمضت شما عيناها غير راغبةً برؤية الشرار وهو يتطاير من مقلتي سلطان الحادتان .. وقالت بارتباك/خوف لم تظهرهما امام حدة صوتها المنفعل وهي تبعد صدر سلطان القريب منها: بـ بـ بومييد خوووز ..
ابعد يده من خلف رأسها بحدة .. ووقف مستغفراً في قرارة نفسه من انفعاله السريع من كل حرف تتفوه به هذه المتعجرفة ..
تتحدث عما جرى وكأنه احدى المقاطع الكوميدية التافهة من مسلسل خليجي قديم ..!!!
وكأن الذي فعلته من جرم في حقه لم يقطع شخصه المعتد وحبه المغدور الى قطع متناثرة غدا ثمنها بخس لا قيمة لها ..!!!
هتف بغلظة قاسية: من دق الباب ياه اليواب يا بنت خويدم .. لا تسألين وتتفلسفين اذا انتي هب قد السؤال ..
التفت نحوها وأضاف باستهزاء راغباً بهذا استرداد بعض كرامته المهدورة: واذا على سالفة خطبتيه لج من اول وايديد .. فاعتبري اللي صار لجل عين اللي يفكر يخطبج وهب عارف بالورطة اللي بيطيح ابها ..
نزعت عنها جلال الصلاة واحتضنته بين ذراعيها بنظرة تقطر جرحاً صرفاً من كلماته القاسية .. جرحاً لم تظهره من خلف قوة صوتها البارد الساخر: يعني انت الحينه قد هالورطة وبتروم عليها ..!!!
اقترب ببطء كصقر يتأهب للانقضاض على فريسته .. ما ان يقترب خطوة حتى ترجع شما للوراء ثلاث خطوات ..
الى ان اصطدمت بإحدى اعمدة السرير الفخم بنظرات خائفة تائهة مضطربة ..
اسند سلطان ذراعه الايسر على العامود وقال ببسمة صقرية قاسية خبيثة .. بسمة لم تتجاوز حدود مقلتاه:
لا تفكرين ابد يالغرشوب تشكين بـ سلطان وباللي يروم عليه .. !!!
خفق قلبها من وصفه اياها بـ "الغرشوب" ..
حاولت أخذ الكلمة بهدوء وعدم انفعال لكنها لم تفلح ..
كيف تأخذها بهدوء وهي تتمرغ دائماً في نظراته الساخرة وحروفه المزدرية لجمالها ..!!!
ان كان يراني قبيحة فهذه مشكلته ومشكلة بصره وبصيرته العمياء .. ليس له الحق ان يسخر من خلق الله وان يذكرني دوماً بعقدةٍ دامت اثني عشرة سنة في جوفي ..!!
رفعت وجهها المحتقن بانفعال وقالت بحدة نضحت اعتداداً وعزة نفس ابية: مصدق روحك وايد على فكره .. منو قالك اصلا اني بضيع وقتي وفكري ما بين اشك وماشك باللي تسويه ..!!!
لا فديتك غلطااان انت ..
كانت ستخرج من مدار جسده المحاصر لها لولا ذراعه التي جرتها بقوة لتقف مرة اخرى امامه في نفس المكان ..
لم تلمح ابداً نظرة الشر الغامض القابع تحت سطح وجهه الراكد .. لم تلمح تعابير وجهه المخيفة وهي تصرخ بكل ما فيها من مشاعر غضب .. من كبرياء مخدوش .. من انوثة مجروحة .. من قلب نازف كنزيف الغزال المعقور:
خووووز ماباااااااك ولا ابااااا اشوووووفك خوووووووز ..
حاولت التمرد والخروج مرة اخرى من مدار ذراعيه الصلبتين الا انها .. وياللخزي .. فشلت ..
جرها سلطان للوقوف امامه بصمت قاتل ولا شيء فيه يعمل ويتحرك سوى عيناه الصقريتان الداكنتان ..
رمقته شما نظرة لا تقل حدة وهتفت بانفعال شديد:
قلتلك خووووز عنيه مابااااااااااك .. ماتفهممممم انننننت ..
ترى بضاعتك خربانه
ترى بضاعتك خربانه
ترى بضاعتك خربانه
ترى بضاعتك خربانه
ترى بضاعتك خربانه
صدى الرسالة اللعينة صدحت للمرة الالف جنبات مسامعه وذكرته بالذي يحاول نسيانه منذ شهور ..
كان سـ يسيطر على تأثره الشديد من الكلام لولا ما تفوهت به للتو هذه المتعجرفة من كلام قاسي ..
كان سيتعوذ من الشيطان الفاً ويكتم غيظه ألفاً لو انها صمتت ولم تستفز صبره ..
كــــان .. وكـــــان .. وكـــــان ..
لكن غضبه الجهنمي من كل شيء متعلق بهذه الفتاة اخرج وجهاً لم يخرجه ابداً ..
اخرج الصبابة .. اخرج الألم .. اخرج العذاب .. اخرج جرح البعد .. وبشاعة الفراق ..
اخرج غيظه المتراكم من سنينٍ كانت ستكون ملكه لولاها هي ..!!!
اخرج استيائه وحيرته البالغان من ابنة عمه ورسالتها القذرة التي جعلته يترنح بين الشك والثقة ..
بين الحقيقة واللاحقيقة ..
اخرج سلطان الثاني الذي لم يكن ليخرجه مع انثى غير انثاه ..
غير لؤلؤته ..
لؤلؤته التي نسبت ملكيتها لأبيها غير مدركةً انها ملك السلطان منذ ان خلقها الله نطفةً في رحم امها ..!!!
لؤلؤته التي سيطبع على جسدها وشم ملكيته الحقيقية الكاملة لها وسيضع حداً لشكوكه الواهية البغيضة ..!!!
وبعقل وقلب مسلوبان كلياً .. امسك خصرها النحيف بقوة ورفعها حتى غدت مستندة/محاصرة بين العامود وصدره العريض .. وهي من شدة جزعها .... شهقت بعنف وهي تضع ذراعيها خلف رقبته خوفاً من ان تسقط ..
امتلأت الغرفة الكبيرة بأنفاسهما الثقيلة .. المحمومة .. المرتجفة .. المتهدجة ..
لم تستطع شما ان تخفي دمعة حارقة نزلت على وجنتها بألم .. بتوق .. بجرح ماكن .. بخوف من ان تُخذل من جديد .. بغضب من ذاتها وارادتها التي تحاول التمرد عليها .. همست بخفوت موجع:
ليش تحب تسوي فيه جيه ....!
قـ قـ قلتلك مـ مـابـ .....
رشقها بنظرةٍ لن تنساها .. نظرة هزت كيانها برمته قبل ان يخنق حروفها بأن لثم عنقها الطويل الصافي ببطئ .. بتعطش .. بسكون مجنون ...... وجنون ساكن ..... حتى حين .....
وهمس لها بنبرة كانت كالحريق من فرط حرارتها .. كنصل السكين من فرط حدتها .. كخشب سمر الصحراء من فرط خشونتها:
اشششششششش ..... ولا كلمـــــــــــة ......
نهــــاية الجــــزء الســــابع والعشــــرون
|