كاتب الموضوع :
لولوھ بنت عبدالله،
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
الجزء الرابع والعشرون
السموحة على التأخير حبايبي :)
بقولكم شي صغيروني قبل البارت ... انا راده البلاد ان شاء الله يوم السبت وطيارتي بتكون المسا .. فـ لو تأخرت في التنزيل الساعة 10 لا تخافون ... متى ما وصلت البيت بالسلامة بنزله ان شاء الله :) .... والحين بخليكم مع البارت واستمتعوا برواق يا حلوين ...
ملاحظة للي ما يعرفون مواعيد التنزيل: مرتين في الاسبوع (اربعاء/سبت) الساعة 10 توقيت بوظبي ..
.
.
(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)
الجــــزء الرابــــع والعشــــرون
،
ألهثُ .. كالسهم خلف الهدف
ألهث .. كالحقيبة في الأسفار
ألهث .. كحرف في نهاية الكلمة
ألهث .. كالكبرياء في الكواكب
ألهث .. كالبكاء المتعب
أقول لكِ كلمة الحب قبل فوات الأوان
وأنتِ
تلعبين بي وبلَهثي
وبالوقت الذي يلهثُ معي
هل تسمعين أيتها الغرور اللاهث :
أنتِ قلبي ..
لـ قاسم حداد
،
ما إن رأت عمها آتٍ باتجاه باب منزلهما جاراً امامه زوجها الجالس على كرسيه المتحرك حتى خفق قلبها بـ حب امتلأت جنباته بالسعادة والامتنان ..
حملت ابنتها الصغيرة واقتربت لتفتح لهما الباب قبل ان يفتحه عمها ..
كانت ملامحه القاسية المجعدة تنبأ تماماً عن حالة التوتر والانفعال في روحه، ولكنه وبشكل عجيب، ألان تقاطيع وجهه بسماحة عندما رآى صغيرته فاطمة تركض نحوه بتخبط طفولي لذيذ ..
ابتلع غصته عندما ادرك انه أصبح مقعداً ولا يستطيع ان يحمل ابنته ويرميها في الهواء ويتلقفها كما اعتاد دوماً ...... ولكنه لم يدع هذه المشاعر تتملكه وتسيطر عليه .. خاصةً وهو يرى معالم الشفقة الواضحة تنضح من نظرات زوجته ..
ابتسم ابتسامة كبيرة وهتف بأبوية عذبة منتعشة حاملاً ابنته: هلا والله بـ فطااااااامي حبيبة باباااااااااا ..
كانت هي ترمقه بعشق ينتحب ..
عشق ينتحب الحسرة على قسوة زوجها .. ينتحب بروده .. جفاء تعامله .. انعدام ابتسامته "الخاصة لها" ..
ينتحب "العنيدي" التي ما عادت تسمعها منه ..!!
تنهدت بخفوت غير مسموع وابتسمت برقة ثم اقتربت من عمها وسلمت عليه ..
وبعدها اقتربت من زوجها وقبّلت كتفه وهمست بأنوثة خرجت من جوفها المشتاق: الحمدلله على السلامة بومايد .. تو ما انور البيت في ذمتيه ..
رد سيف باقتضاب جامد: الله يسلمج .. البيت منور ابكم ..
ابتسم احمد بدوره ابتسامة خفيفة ثم اكمل سيره للداخل وقال بعد ان جلس: شحالج العنود ..؟!
جلست العنود على الأريكة بجانب زوجها واجابت عمها: الحمدلله ربيه يعافيك ويسلمك .. ما نشكي باس ..
امسك احمد بـ فاطمة وأخذ يناغيها ويقبلها بحنان متدفق .. ثم قال بتساؤل: الا امايتج وين .. ابا اسلم عليها قبل لا اظهر ..
العنود: اماية وموزه سرحن جدا بوظبي ..
احمد: شعنه ..؟!
العنود: قالن يبن ينظفن بيت خاليه الله يرحمه ويرتبنه حق حارب حليله ..
احمد باستغراب: اوووه حارب رد ما شاء الله ..!!!
هزت العنود رأسها وقالت: هيه من البارحه ..
احمد: عيل بتصلبه بسلم عليه واتخبر عن علومه ...
.
.
.
.
.
.
.
: وين كنتي يااا وصصصصصخه ارمسسسسسي .. ووووين كنتيييييي ..!!!!!
: انااااااا وصصصصصخه يا محمممممممد ...!!!!
اناااا وصصصصصخة !!!!!
حسسسسبي الله ونعمممم الوكيييييل .. حسسسسسبي الله ونعممممم الوكيييييييل ..
: وصصصصخه وستيييييين وصصصصصخه .. ارمسسسسي وين كنتتتتتتتتي .. عند منوووووووه .. شو اسسسسسسمه .. ارمسسسسسسي ولا والله يا نيلووووووووه مووووووتج على ايييييييييدي ..
: يا الرررررردي يا مضيع المرررررررريلة .. لا تظن ان كل خلق الله وصخييييين معربدييييييين شرااااااااااتك ..
انا العرب من اكبرررهم يلين اصغررررهم يحلفوون براااس اللي رباااني على الحشششمه والطهااااره تيي انت تشك فيه وفي اخلااااااااقي ....!!!!
: باباااااااااااااااا خلااااااااااص الله ايخلييييييييييييك خلااااااااااااااص ..
هد امييييييييييه هدهاااااااااااااا ..
: يلعععنـ ..... ويلععععــ......
انا مضيييييع المرررررررررريلة يا بنت الـ ..... يا الـ ..... !!!
قسسسسسسم بالله ماخليييييييج حيييييه قسسسسسسسم بالله ..
:هدهااااااااا بابااااااااااا الله ايخليييييك هدهاااااااااااااا
ابووووووووس ايييييدك هدهااااااااااااا بتمووووووووت ..
حااااااارب ووووووووينك تعااااااااااااال يا حااااااااارب دخيييييييييلك ..
حااااااااااااااااااارب
حااااااااااااااااااااااااارب ..
اخذ جسدها بأكمله يتنفض كانتفاضات شعوبٍ تحوطهم المجازر من كل جانب .. امسكت بجانبي رأسها بقوة وصراخها الأليم "العاجز كـ عجز قلبها عن نسيان مأساتها" لم يتجرأ ويخرج خارج حدود حنجرتها .. لم يتجرأ سوى ببث الرعشات في فكيها/لسانها:
حاااااااااااااااارب .. قوووووله يهدهااااااااااااااا
حااااااااااااااااااااارب
دخيييييييييييلك .. خل يهدهاااااااااااااااااااا ..
بابااااااااااااااااااااا ..
الله يخليييييييييك هدهااااااااااااااااااااااااااا ..
حااااااااااااااااااااارب ...... حااااااااااااااااااااااااااارب ..
لم تعرف ان ندائها المتوسل المختنق كان صامتاً خفيفاً كريشة تطير مع ادراج الرياح العاتية ..
نداء يتيم الصدى .... والرنين .... والكلمات ..!!!!!
صرخ بـ فاجعة عندما وجدها تجلس كالقرفصاء امام الشجر المحيط بالمنزل خارجاً وترتجف بجنون وصوت خشن مخيف يخرج من بين شفتيها المرتعشتان: مووووووووزززه ...
اقترب منها بسرعة قبل ان يمسك بكتفيها بـ جزع بينما هي ما زالت تضع يدها على جانبي رأسها ... وهذيانها المتشكل على هيئة صراخ لا صدى له مستمراً حد الاختناق .. رفعها حتى احتضن جسدها الصغير بعنف هاتفاً بـ نبرة غليظة تغرق ببحر الألم المريع:
موووووززه .. حبيبتي شبلاااااااج ..!!!!!
امسكت بذراعيه ووجهها المحمر يحكي ألف قصة فقد وآلاف قصص من عجز الروح ..... وهزتهما بعنف وهي تصرخ بنواح خشن هستيري غريب محاولةً الاستنجاد به .. محاولةً الاخذ بيده والذهاب لوالدتها لإنقاذها من يدي والدها الفاقد لوعيه تماماً .. محاولةً القول بـ كل ألم تمتلكه "حاااااااااارب خل يهدهااااااااااااا .. خل يهدهااااااااااا بتمووووووووووووت .. ماما بتموووووووووووت .. بتموووووووووووووووت" .....
اغمض عيناه بـ وجع وهو يحاول غرس الثبات بدميعاته التي كادت تفرط وهو يرى انهيار شقيقته الوحيدة امام عيناه ..!!!
وصله كلماتها من غير صوت .. وصله حتى ارتوى من سمومه القاتلة ..!!!
يكفيه النظر لعيناها حتى يعرف ما بها ...!!!
يكفيه النظر لوجهها حتى يعرف المأساة التي تحدث حالياً في قلبها الملتاع ..!!!!
رباااااااااااه .. رحمتك .....
ما كان عليها طرق باب الماضي والقدوم الى هنا من جديد ..... ما كان عليها فعل ذلك ابداً ..!!!
لو كان يعلم بـ الانهيار الذي سيداهمها لمجرد رؤية المنزل لما تركها تأتي ..!!!
تذكر رغماً عنه ذلك اليوم .. تذكر وجعه المظلم .. حسرة قلبه التي لن تنضب .. مأساته التي انغرست بين اضلاعه حتى انهكت روحه الأبيّة ..!!!
الى الآن نار ملامة النفس تقطع اوردته ..
لو لم يذهب مع خاله عبيد وشقيقه وباقي الرجال الى احتفالية اليوم الوطني في تلك الليلة لكان قد تمكن من ايقاف ينبوع الدم الذي انفجر بغيابه ..!!!
لكان استطاع انقاذ والدته من بين يدي والده ..
لكان استطاع انقاذ شقيقته من ألم "سيلازم صباها المتورد حتى يذبل" ..!!!
لكان استطاع تغيير امور شتى .. والحفاظ على اشياء لا تعوّض ..!!!
آآآآآآآآآآآآآه ..
ليت للآه قوة لتبريد نار قهري .. ليت ..!!!!
فوضت امر قلبي للحي الذي لا يموت علام الغيوب ..!!!
شد من احتضانه لها ومشى باتجاه باب المنزل الصغير .. ولكن فجأة دفعته بقوة وعيناها اللوزيتان تتسعان بـ شكل مرعب وتهز رأسها بهلع مميت رافضةً الدخول لباحة المنزل ..
امسك وجهها بكلتا يديه .... وبـ عينان تنضحان ألماً .. وهتف بنبرة قوية متحشرجة: لا تخافين دامني وياج .. لا تخافيييييين ....
دفعته مرة اخرى ودموعها تنسكب بغزارة على وجنتيها وتأشر بإشارات سريعة/مجنونة/مرتجفة: مااباااااااا
مااااااابااااااااااااا .. ردووووووني العيييييييين .. مابا هالمكاااااااااان ماااااااااابااااااااااااااااااه ..
ردوووووووني العييييييييييييين ..
رفع جبهته حتى سقطت اشعة الشمس على ندبته التي كانت بحد ذاتها قصة رسمها الغياب/الحزن على صفحة وجهه الاسمر ..... ثم تنهد تنهيدةً عميقة متهدجة ...... وقال بعد صمت محاولاً تهدئة انهيارها النفسي: بتردين ان شاء الله العين .. هدي انتي بس .. ما بيستوي الا اللي تبينه حبيبتي ..
إلتفت منادياً بصون خشن عال/منفعل بشدة: عثماااااااااان .. عثمااااااااااااااان ..
: يسس سيير ..
حارب بـ قسوة/صرامة: ظهر الموتر برع ..
والتفت إلى شقيقته التي ما زالت تبكي بجنون .. وتقدم حتى يحتضن رأسها متمتماً قرب اذنيها بـ خفوت رقيق:
اذكري الله فديتج وصل على النبي .. اذكري الله .. قولي لا اله الا الله ..
بعد لحظات ... كان هو يفتح الباب الخلفي ليساعد شقيقته في الركوب .. ليركب هو بعدها ويضع رأسها على فخذه قبل ان يأمر السائق بالخروج من السيارة ليتركهما لوحدهما ..
اخذ يقرأ على رأسها ايات من سورة البقرة حتى استكان جسدها المرتجف وهدأ انينها الخشن الأليم ..
بعد دقائق طويلة .. كانت تستقيم بجلستها قبل ان ترفع عيناها الحمراوتان إليه وتستوعب اخيراً ان شقيقها الغالي .. عزيزها الذي فقدته طيلة اشهر كئيبة .. جالساً امامها الآن ..!!!!!
ارتمت على صدره وبكت هذه المرة شوقاً .. بكت إلتياعاً .. بكت امتناناً .. بكت انساناً اصبح الاب .. والأم .. والعائلة ..!!!!
قهقه بـ رجولية نضح من جنباتها الحب .. وقال ممازحاً: انتي دموعج ما تخلص موزوووووه ..!!!!
ابتعدت عنه قليلاً وهي ترفع محاجرها الدامعة إليه وتأشر بـ اشتياق جارف باكي غير مكترثة لمزاحه: خبرني حارب انت بخير ..؟!
هز حارب رأسه بابتسامة خفيفة وقال: انا بخير دامج يا عيون حارب بخير ..
ارتجف فكها بـ حزن متمكن واشرت: اشتقتلك يا خويه .. والله اشتقتلك .. لا تخليني مرة ثانية حرام عليك .. قلبي نضى من زود خوفي عليك ..
تنهد بعمق قبل ان يقرّب رأسها من صدره من جديد ممسداً كتفيها بحنان بالغ: آسف فديتج والله آسف .. لو ما كنت مضطر صدق ما خليتج بالشهور بليا تلفون ولا مسج ..
ضربته بغيظ ناعم وهي تمسح بظاهر كفها دموعها المنهمرة .. وهزت رأسها بالرفض واشرت: مافي شي اسمه مضطر .. كنت تقدر لو بالشهر مرة ترمسني ..
قبّل رأسها وهتف بخشونة تخللها تأنيب ضمير حقيقي: ما رمت يا موزة صدقيني ما رمت ..
: حااااااااارب ..
صاح مجيباً نداء عمته: يااااي ياااااي عموه ..
إلتفت لشقيقته وقال محذراً باهتمام: موزانه مابا عموه تعرف باللي صار انزين ..؟!!
مسكينة اللي فيها يسدها هب متحمله عوار قلب زود ..
زفرت والانفاس في صدرها ترتجف .. ثم هزت رأسها بإيجابية متلمسةً وجهها المحموم وتستغفر الله بقرارة نفسها كي تبث السكينة والثبات فيها ...
في الداخل
قالت له ما ان دخل الى المنزل واقترب منها: ابويه حارب بغيتك توديني صوب بيت بن ظاعن قبل لا نرد العين .. ابغي اسلم على ام هامل فديتها ..
حارب بابتسامة حنونة: على هالخشم العاش ..
ام العنود بنظرة تبرق عاطفة جياشة: يعل العاش ما تذوق حزنك ولا فراقك قول آمين ..
قبّل حارب رأسها ومشاعر التأثر وتأنيب الضمير تغزوانه هذه المرة بقوة ... فهو رآى عظم ما حل بفتاتيه بعد ان هجرهما فجأة ....
: آمين ياربي ولا يذوقني حزنج ولا فراقج يالغالية ..
أردف بامتنان رجولي: تسلمين عموه على كل اللي سويتيه .. بومييد خبرني اللي صار وشقى ساعدتيهم يوم انا مسافر ..
رفعت حاجباً واحداً باستنكار: يا ولد عن هالرمسه .. ما سويت شي انا ..
على كثر ما كنت متروعه ومحترق يوفي عليك .. الا اني ادري لو رمّست بوسعيد وقلتله عن اللي صار .. بيقيم الدنيا ويقعدها عسب يردك ..
ابتلع حارب ريقه الجاف بشك وقلق من أن تكون عمته قد علمت بشكل او بآخر عن عمله السري مع سلطان ..... لذا قرر ان يسألها بشكل عفوي ويكتشف بنفسه: ليش عموه شو صار بسم الله ..؟!
هتفت ام العنود بحدة ظهرت نتيجة خوفها وقلقها الذي عاشته طيلة أشهر: شو شو صار ..!!! .... تطّوّع في الجيش وتسير ايطاليا تدرب عسب عقبها تدخلون مناورات في الله العالم وييين وتقول شو صااار ..!!!
انا ما صدقت يوم بومييد خبرني السالفة .. لجني سويت اللي عليه وما رمست ..
وهو عطاني جلمة وقالي بإذن الله بيردلج حارب سالم .. وهاذوه انت جدامي بخير وعافيه الحمدلله ..
تنفس حارب الصعداء بارتياح قبل ان يبتسم بخفوت ويقول: علنيه افدا راسج عموه .. حبيت ألهي روحي بشغله ايديده ومنها انفع نفسي وبلادي ..
هتفت ام العنود بذات قلقها الحاد: ما اختلفنا يا حارب .. سو شغله ايديده بس بعيد عن هالامور الخطرة ..
انا فواديه ما عاد يتحمل .. والله ما عاد يتحمل ..
انحنى حارب بجسده وقبّل يد عمته ثم هتف بنبرة خشنة صادقة: السموحة يالغاليه ما بعيدها ان شاء الله ..
تنهدت ام العنود بانفعال وقالت بتذكر خرج مع نظرتها الحنونة: هيه صدق .. على راسك مهمتين .. مهمة صوب راس الخيمة .. ومهمة صوب دبي ..
ضحك حارب بخفوت وقال: ادري ادري ..
تذكر بابتسامة رجولية عذبة جداه الاثنان .. حارب ونهيان الكبيران ..
والد اباه .. ووالد امه ..
حسناً .. من الواضح انني سأتذوق قليلاً من ضربات عصي وشتائم لذيذة ..!!!
.
.
.
.
.
.
.
بعد صلاة المغرب
وقف الثلاثة امام شقيقهم الكبير والتصنم المصدوم واضح كما ضياء القمر على محياهم ..
عقد فلاح حاجبه بـ انفعال حقيقي مؤشراً على الصغير المختبئ بخوف خلف رجل والده: ولدك ..!!!!!
كيف ..!!! من متى ..!!!! شعنه توك تخبرناااااااا ..!!!!
امسك نهيان صغيره بينما جالت عيناه على حمد الصامت والذي كان من الواضح انه يفكر بشيءٍ ما .. ثم نظر لفلاح المنفعل وشقيقته التي ما زالت تضع كفوفها على فمها بـ ذهول شاسع ..
تنحنح بقوة وقال: ايلسوا وبخبركم السالفة كلها ..
تحرك فلاح وحمد ليجلسا على اقرب اريكة امامهما .. بينما ظلت مهرة واقفة وعينها متسمرة على الصغير ..
ربت نهيان على المكان الفارغ بجانبه وقال بعينان حانيتان: تعالي مهاري ايلسي ..
ادركت مهرة تصنمها وتحركت اخيراً ثم جلست بقرب شقيقها ..
زفر نهيان توتراً واضحاً وقال ببحة خشنة صارمة: ماعرف من وين ابتدي معاكم السالفة ..
قبل خمس سنين .. كنت في فرنسا .. و.........
وأخذ يحكي لهم القصة كاملة .. كيف تعرف على ميسون .. وكيف احبها ثم تزوجها ... وكيف طلقها .. مع تحفظه وكتمانه تفاصيل الطلاق بالضبط .. وتفاصيل أخرى عن حياته المتقطعة آنذاك بين دبي وباريس ..
وقف فلاح بحدة لم يستطع تمالكها وصرخ: وانت تتحرى ان اللي سويته سهل ..!!!!
يايبنا هنيه عسب تخبرنا عن وحدة من سوالفك اللي ما تخلص وتبانا نرقع من وراك مثل كل مرة هاااه ..!!!
وقف نهيان امامه كالوحش وهتف بنظرة صارمة غاضبة من بين اسنانه: قصر حسك يا ولد هب اصغر عيالك انا ..
احتد فم فلاح بغيظ بينما وقف اخيراً حمد بينهما وقال مهدئاً الوضع بحزم غامض: فلاح خلاص اللي صار صار .. الحينه لازم نفكر كيف نخبر اللي في البيت عن الياهل ..
ارتفع نظر مهرة نحو الصغير الذي كان يرتجف بجزع حقيقي ممسكاً بين يديه دمية على شكل سبونج بوب ..
تقطع قلبها ولم تتحمل المكوث أكثر بمكانها .. اقتربت منه وجلست على ركبتيها امامه وقالت بابتسامة تقطر حناناً جياشاً: عبيد انت كم عمرك ..؟!
رمق الصغير اباه بذات جزعه الذي ما لبث ان انقلب كالسحر لخجل ما ان رآى الفتاة تتحدث معه برقة .. قال من بين حروفه الطفولية المتقطعة بين اللهجة الاماراتية واللبنانية: عمري *ورفع اصابعه الاربع الصغيرة* اربعة ..
اتسعت عينا مهرة ونظرت لأشقائها الثلاث بانبهار ... ثم قالت متداركةً الوضع: ما شاء الله عليك حبيبي .. انت ريال كبير ..
هز الصغير رأسه بفخر وقال: اي بابا بيئلي انت *وقلب لسانه إلى لهجته الأم بشكل مضحك* ريال عود ..
ضحكت مهره بخفة وقالت بعبث طفولي تجاري به طفولية الصغير الذي ابهرها منذ النظرة الأولى بشبهه الكبير بها: شو رايك تراويني حجرتك وألعابك .. أكيد عندك ألعاب واااايده صح ..؟!!
هز عبيد الصغير رأسه وعيناه تحكيان بداية قصة حب بينه وبين عمته الجميلة: صح .. تعالي ..
امسك بيد عمته وسار معها ليريها غرفته وألعابه ..
وقبل ان يدلفا للداخل .. استدارت مهرة باتجاه اشقائها وقالت بحزم أنثوي بالغ: الولد تروع منكم .. قصروا حسكم وتفاهموا بالهداوة ..
ثم دخلت مع ابن شقيقها بينما اعطى فلاح ظهره لاشقائه وزفر انفعالاً غاضباً حاداً ..
عقد حمد ذراعيه ببعضهما البعض وقال مهاتفاً اخاه نهيان: لازم بسرعة تخبر ابويه عن الولد ..
جلس نهيان وقال بحزم تخلله بال مشغول تماماً: مب الحين ..
استدار فلاح بحدة لـ أخيه وقال: شو مب الحين .. لا يكون مب ناوي تخبرهم من الاساس ..!!
انت تتحرى الموضوع بهالسهولة اللي تشوفها ..!!!
انت يا اخ عرست ويبت عيال من غير ما هلك يعرفون .. شو ظنك بتكون ردة فعل يدك وابوك او حتى امك ..!!!
رمق نهيان فلاح من تحت حاجباه المظلمان وقال: ما قلت ما بخبرهم .. قلت ما بخبرهم الحين ..
سأل حمد والأمر برمته لا يعجبه: متى بتخبرهم عيل ..!!!
تنهد نهيان بعمق وقال:
انت هب قايل انك ناوي تخطب من عند قوم بن خويدم ..؟!
رفع حمد حاجباً ونظر لـ فلاح الذي كان يعرف مسبقاً برغبة شقيقه بالزواج من أحد عائلة بن خويدم: هيه نعم ..
حك نهيان حاجبه الايمن وقال بنبرة خشنة مقتضبة: خلاص عقب الخطبة بخبرهم ان شاء الله ..
.
.
.
.
.
.
.
اتسعت عيناه بنهم رامقاً كل تفاصيل الصورة التي امامه: من وين يبتي صورتهاااا ..!!!
ابتسمت بشيطنة صرفة وقالت: حبيبي انا شمسة لو انت ناسي ..
صورتها بتلفوني من غير ما تدري في آخر يوم امتحانات ..
أخذ مانع يتأمل وجه الفتاة وجسدها الأنثوي المتفجر بشكل يقشعر له الابدان ويشمئز له النفوس ..
رفع رأسها وقال بابتسامة ماردية وبحروف قذرة: عقب ما شفتها زادت رغبتي فيها .. وما اكون مانع ان ما شفتها في فراشي جريب هههههههههههههههههههههههههه ..
زمت شمسة فمها باستنكار: وطبعا شمسة تلتعن هاااه ..!!!
مانع بمسايسة ماكرة: افاااااااااا .. شمسة تاج الراس والعين .. نحن ما نسوى شي بلاهااااا ..
مدت الاخيرة يدها بحاجبٍ مرفوع وقالت بوقاحة: يلا اشوف .. عطنا اللي فيه النصيب ..
ضحك مانع وقال: هههههههههههههه لا تستعيلين على رزقج .. يوم البنت تكون في مخباي .. بنعطيج نصيبج يا حلوة ..
.
.
.
.
.
.
.
بعد مرور ثلاث أيام
وقف الشابان بقامتهما المسيطرة امام جدهما الذي كان يفوقهما سيطرة "مرعبة" مع صغر حجم جسده الطاعن في السن ..
هتف الشاب الاول لجده وهو يرمق الذي بجانبه نظرة فكاهية: يديه خل نتفج على حايه اول .. لا تهزبني جدام الصغاريه ..
نكزه جده بعصاته وقال بتهكم غاضب: الصغير صغير العقل هب العمر يا الهرم ..
اللي يسمعك عاده يقول اكبر عنه بـ سنين .. الا شهر واحد امبينكم ..
قهقه الشاب الثاني بشماتة وتشفي بينما جفل فجأة ما ان هتف جده له بغضب أكثر حدة: وانت يا حويرب يا مسود الويه .. وين غاط طول هالشهوووور .. !! هاااااااه !!! خبرني ..!!!!
تنحنح حارب وقال بخشونة باسمة: يديه تراني مخبرنك اني كنت في دورة في اوروبا .. وطولت الدورة شوي ومارمت اتصل بحد هناك ..
هز ابا عبيد رأسه بتذمر ساخر: وانتو يه تقولون دورة .. يه تقولون مؤتمر يه ماعرف اشوووه .. اللي يسمع عاده وزرا ولا ماسكين مناصب ..
تتحروني طمه مافهم انا سوالفكم ..!!!
انتو الاثنينه كل واحد اخس عن الثاني .. لا لكم شغله وحده تترزقون ابهااا ولا تقرون في البلاد موووليه ..
الا رغاده من دار لدار ..
اقترب حارب من جده وجلس بجانبه بعد ان قبّل كتفه اليسرى: افا يا بوعبيد .. هذا ظنك فيه ..!!!
زم أبا عبيد فمه وحدته بدأت تلين ... ثم أشار لإبن إبنه نهيان بعصاته وقال بغضب: محد معلمنك على الرغاده غير هذا الرغيد .. من انتو فريخات وهو الا ايرك وراه في بلاويّه ..
نهيان + حارب: هههههههههههههههههههههههههههههههههه
رمق نهيان ابن عمته بنظرة خبيثة وقال: ما عليك يديه من حارب اصلا هو شري من تحت يلين تحت ..
رمش حارب ببراءة مغيظاً نهيان ثم قال: الله أكبر عليك .. جذوب هذا يديه لا تصدقه .. يبا يشوه صورتيه عندك ..
أبا عبيد: امبونه نهيان جذوب محد يصدقه ..
ضحك نهيان بسعة نفسٍ سموحة وقال: الله ايسامحك يا بوعبيد .. ظلمت في ذمتيه ..
أبا عبيد: خل عنكم انتو الاثنينه ..
حارب سِر ازقرليه موزانه فديتها .. اباها ..
هز حارب رأسه وقال: ان شاء الله ..
اوقفه نهيان بيده وقال: ايلس ايلس حارب موزة عند مهره فوق .. بخلي البشكاره تزقرها ..
وبعد دقائق قليلة
كانت هي تغرق في حضن جدها الغالي متنعمةً بغنى حنانه وعطفه الذي لا ينضب ..
هتف لحفيدته بحب ماكن عميق: امايه موزة شحوالج شعلومج ..؟!
خففت موزة من قوة ربط غطائها بعد ان تأكدت من خروج ابن خالها نهيان من المكان، ثم اشرت باشتياق صرف: انا الحمدلله يديه بخير ونعمة ..
مسد الجد رأسها وقال: عنيه هب بلاج .. يعله مديم غناتيه ..
أردف هاتفاً لـ حارب بـ ضيق: ابويه حارب شعنه ما تودونها الدختر .. شعنه مخلينها جيه لين الحينه ..!!
نكزت موزة كتف جدها لتجيب هي عليه بهذا السؤال .. فـ هي وان كانت بكماء .. ولكنها تملك حواساً أخرى ويدان وتستطيع الاجابة على اي سؤال يُطرح بخصوصها ولا تحتاج لوسيط ..
صمت حارب ولم يجب جده احتراماً لرغبة شقيقته بالاجابة ..
موزة بإشارات سريعة: يديه انا ما بغيت اسير لأي دكتور لين ما اخويه حارب يرد بالسلامة ..
عقد الجد حاجبيه بعد فهم وهمّ حارب بأن يشرح ما قالته موزة ولكنها اوقفته بيدها قبل ان تُخرج من حقيبتها دفتر صغير وقلم ..
هز الجد رأسه باستيعاب بعد ان قرأ ما كتبته موزة على الدفتر بعينان مرصوصتان ..
ثم قال لها بانفعال حنون: يا بنتيه مايوز .. لازم تتعالجين وترد صحتج شرات اول .. إلين متى بتمين جيه ما ترمسين ..!!
هزت رأسها ببسمة ذابلة أليمة قبل ان تبتلع غصة آسى لا يفهم مرارتها أحد سواها .. لا أحد ..
يعتقدون ان العلاج سهل .. وانها ستسترد نطقها في الحال اذا ذهبت للطبيب النفسي ..
الأمر صعب بشكل لا يتصوره أحد .. صعب حد النخاع ...!!
قاطعهما حارب بابتسامة كي يزيح قليلاُ جو الضيق الذي حام في المكان فجأة: يديه ترى يديه حارب يرد السلام عليك
هتف الجد باقتضاب جامد: الله يسلمك ويسلمه من كل شر ..
آه ..
أن يسمع بإسم والد الرجل الذي تسبب بموت ابنته وحيدته حتى لو كان حادثاً غير متعمداً فهذا الشي يُرجف تلابيب روحه الملتاعة وجعاً وألماً ..
يُرجفه تحسراً وآسى سرمديان وتسبب حروباً شنعاء في ذاكرته المشيبة ..!!!
.
.
.
.
.
.
.
أمسك بالقرص ذو اللون القرنفلي وقال بعد ان عقد حاجبيه باستغراب: شو ها ..!!!
ابتسم الذي امامه بشيطنة ماردية وقال بنبرة انتصار منتشي تخلله الغرور التام:
إكس تي سي .. كانابس .. ميتادون .. بينزوديازيباين .. وووو ..
صمت بخبث عندما اتسعت عينا أبا مرشد بذهول متلهف ثم قال بضحكة شيطانية:
هههههههههههههههههه الباجي عاد اعتبره من اسرار المهنة ..
)XTC .. Cannabis .. methadone .. Benzodiazepine( مواد كيميائية مخدرة ومهلوسة =
تأمل أبا مرشد القرص وقال بنظرة تلتمع شراً: ومتى سويت هالتركيبة ..!!
جلس الرجل امام رئيسه وقال بذات غروره المنتشي: ما تعبت عليه على فكرة ..
نفس التركيبة اللي عطيناها لحبيبنا بوحارب بس زدت عليها بعض من لمساتي الخارقة هههههههههههههههه
ضحك أبا مرشد ضحكة مجلجلة بغيضة وقال بصوت عالي: والله انك يا مرزوقوه داااااااااااهية ..
رفع مرزوق حاجباً واحداً وقال بتكبر وصل عنان السماء: عشان تعرف بس مخ مرزوق شو ممكن يسوي ..
.
.
.
.
.
.
.
أن يمضي ايام وليالي محاولاً فك لغز ما قرأه في ملفات سعيد ومحمد زوج شقيقته، ثم وبشكل غريب تصل به نتائج بحثه واستنتاجاته الى قائمة كاملة من الموظفين الحكوميين المتصلين بشكل سري مع منظمات ذو خلفيات تثير الشك والريبة .. فهذا بحد ذاته صدفة كالمعجزة خرجت مع فطنته التي لا تفارقه البتة وقت الجد ..!!
لم يجازف ويخبر أحد عما توصل إليه من معلومات .. بل فضّل عمل اتصالات بـ رجال محل ثقة ويسألهم بطرقه الخاصة عن المزيد عن تواريخ وخلفيات الذين وقعوا بين يديه ..
بينما هو وسط معمعة انشغاله، اتصل به شقيقه ابا نهيان الذي كان في الحقيقة يحتل تفكيره في ذلك الوقت ..
اجاب ببسمة جذابة: ولد حلال في ذمتيه ..
أبا نهيان بحزم ودود: توك تكتشف هالشي يا ولد ابويه ..!!!
مصبح: ههههههههههههههه لا لا من زمان مكتشفنه بس اليوم شفت بعيوني الدليل القاطع ..
أبا نهيان: ههههههههههههههه اسميك انت سوالف .. شو العلووم ..؟!!
مصبح وهو يتصفح امامه الاوراق: والله يا خويه علومنا علوم الخير يا غير هالايام مبتلش وايد ..
أبا نهيان: جيه شو عندك ..!!!
مصبح: الله يهديهم خلوني امسك الطب الشرعي ..
قطب أبا نهيان حاجبيه باستغراب وقال: الطب الشرعي ..!!! شو خصك انت في الطب الشرعي عسب يمسكونك اياه ..!!
ابتسم مصبح بسخرية وقال: والله علمي علمك هههههههههههههه قلتلهم ابويه انا خريج قانون هب طب ..
بس قالولي نباك تمسك ادارة الطب الشرعي .. الأمور هناك متلخبطة فوق تحت والتسيب زاد بين الموظفين والدكاترة .. ولو في امور ما فهمتها نحن بنفهمك اياها ..
أبا نهيان بحدة: وطبعاً انت قلت ان شاء الله وعلى امركم هااه ..!!!
حك مصبح حاجبه وقال من بين اسنانه المبتسمة: هههههههههههه تعرفني يا خويه قلبي طيب .. ما رمت اقول لا ..
أبا نهيان بحزم: انت سيده تقول هيه بليا تفكير ومشاور .. الحينه شو بتستفيد يوم ضغط الشغل زاد والمسؤولية زادت عليك ..!!!
كنت تروم تناقشهم بهالقرار وتعترض وتعطي مبرراتك وهم بيتفهمون ..
مصبح: عاد انا ما بمسك الطب الشرعي على طول .. بس الين ما اعدل وضعهم هناك ويحصلون واحد كفو لهالمنصب ..
أضاف مداعباً بعد ان سمع زفرة شقيقه الغاضبة: اقولك .. ليش ما تمسك المكان بداليه ههههههههههههه ..
ابتسم أبا نهيان بسخرية وقال: لا لا ابويه خلني بعيد .. ما صدقت على الله اتقاعد وافتك من عوار الراس ..
أردف بتذكر: الا ما خبرتني .. ليش كنا على البال ..!!
مصبح وهو يتذكر ما قد رغب في مناقشته مع اخيه: هييييه صح .. امممممم شسمه ..
شي اسامي عندي بغيت انشدك لو عندك خلفية عنهم ..
أبا نهيان باستغراب: قول الاسامي ..
مصبح:
مبارك عبدالله الـ..
محمد درويش الـ..
نصيب عمران نصيب الـ..
تعرفهم هالثلاثة بونهيان ..؟!!
رفع ابا نهيان حاجباً واحداً بعد ان امسك دماغه رنين صدى الأسماء الثلاثة ..
"مبارك عبدالله الـ..، محمد درويش الـ ..، نصيب عمران نصيب الـ.."
ذُهل في قرارة نفسه من كيفية معرفة اخاه بهؤلاء الرجال وعن رغبته بالسؤال عنهم بعد ان ابتعدوا عن السلك الاداري القضائي وكل ما يتعلق به ..
في الحقيقة لم يبتعدوا .. وانما هربوا بجلدهم من مصيرٍ محتوم ..!!
تنحنح بخفوت وحاول ان لا يثير ريبة شقيقه .. ثم قال بنبرة عادية: اممممممم هيه اساميهم مرت عليه ..
مصبح: انزين شو تعرف عن هالثلاثة خبرني ..!!!
جلس ابا نهيان على مقعدٍ قريب من سريره محاولاً ان لا يتذكر تلك الليلة المشوؤمة الموسومة بالحديد الملتهب ..
ان لا يتذكرها ويحترق كالفحم بين طيات لحظاتها النارية "الدامية" ..
ليلة رحيل غاليته .. نيلا ..!!
كان هو الوحيد من يعرف تفاصيل الليلة هذه اضافةً الى ابناء شقيقته ووالدهم رحمه الله وسلطان وعمه ابا حميد ..
حرص هو شخصياً على كتمان تفاصيل هذه الليلة عن الناس ومعهم الصحافة والاعلام .. وقبلهم عائلته ..
ولأنه أصر يومها على معرفة ما يجري في بيت شقيقته .. حكى له ابا حميد حكاية أبا حارب وما يرغب بمعرفته باختصار ليدرك ان صديقه عاش آخر ايام حياته بمأساة حقيقية مريرة ..
ولم يكتم سر تلك الليلة الا لأسباب عديدة .. أولها حفاظاً على سمعة العائلة "التي تدهورت فيما بعد بين الناس" .. ثانيها حفاظاً على مستقبل ابناء شقيقته رحمها الله .. ثالثها كي يتمكن من انقاذ صديقه أبا حارب من حكم كان سيكون ظالم وجائر بحقه .. فـ هو لم يكن في يوم رجلاً فاسداً ولم يكن يصاحب المسكرات وملذات الدنيا المحرمة .. والذي جرى له بفعل ايدي حقيرة خفية ....
وقبل كل شيء .. كتم سر الليلة تلك كي يمنع من نشوب فتنة ومشكلة بين عائلتي حارب ونهيان الكبيران ..
وفعل ما رغب به واستطاع بمساعدة جماعة ابا حميد انقاذ محمد من السجن واغلاق القضية على انها حادث فقط ..
ولم كان يدرك عبيد ان السجن كان سينقذ محمد من الولوج أكثر في دهاليز تلك الجماعة الشيطانية .. ولم يكن يدرك ان تضحيته بدم شقيقته وحرقة قلبه على فقدها ستذهب هباءاً منثورا ..!!
"مبارك عبدالله الـ..، محمد درويش الـ..، نصيب عمران نصيب الـ.."
أولهم تسبب بنشر فضيحة في اليوم التالي عنوانها في الصحف "قاضي يقتل زوجته في حالة سكر"، اما الآخران فهما من تكفلا بقذف التهم والافتراءات على أبا حارب وايهام الامن على الدوام انه معادٍ للحكومة والسلطات العليا ..
وبالرغم من خروجه دوماً من دوامة تلك الاتهامات لعدم وجود ادلة كافية تدينه .. الا انه أصبح علكة مستهلكة داخل افواه الناس جميعاً في البلاد .. من أبوظبي وضواحيها الى رأس الخيمة والفجيرة .. واشتهر اسمه كـ قاضي فاسد ورجل ارهابي ..
هذا ما جعل صحة محمد تتدهور جسدياً ونفسياً .. ويبتعد عن العمل الذي يعشقه وعن الناس بملأ ارادةٍ كسرها الزمن بظلم قاسي كحد الصخر ..
تنحنح بقوة علّه يخرج ذاته من وجع خالص نقته الذكريات من كل شيء جميل .. واجاب شقيقه باقتضاب تام: امممممم والله هب وايد اعرفهم بس الثلاث كانوا تابعين لمحكمة بوظبي .. مبارك في قسم الارشيف .. ومحمد من المالية وووونصيب ....
عقد مصبح حاجباه باستغراب وقال: نصيب على ما أظن كان سكرتير بوحارب الله يرحمه ولا انا غلطان ..!!!
أبا نهيان بذات اقتضابه: هيه كان سكرتيره ..
مصبح: يعني ما تعرف أكثر عن الثلاث ووينهم الحينه ..؟!
أبا نهيان بنبرة غامضة "صادقة": لا ماعرف عنهم وايد .. شحقه ..؟!
مصبح بنبرة اخرجها عادية: امممممم لا ماشي مجرد فضول .. مروا عليه بملفات ادارية جديمة واستغربت شحقه الثلاث خلوا الشغل مع بعض وفي نفس الفترة .. وبغيت استفسر لا اكثر ....
.
.
.
.
.
.
.
دخل جناحه الخاص في منزله بعد ان شهد يوماً شاقاً مليئاً بالاجتماعات والمشاكل التي لا تنتهي ..
زفر بقوة بعد ان نزع غترته وعقاله ورمى بجسده الضخم على فراشه ..
اغمض عيناه كي يريح عضلاتهما قليلاً .. ولكنه سرعان ما فتحهما بكسل/نعاس ما ان سمع رنين هاتفه ..
اجاب على هاتفه بينما هو ما زال مستلقي: مرحبا ام ظاعن ..
ابعد الهاتف عن اذنه عندما سمع صراخ اخته على اولادها: حمااااااان يوز عن اخوك ولا والله ما اشتريلك الدراجة ..
ثم عادت تهتف لـ شقيقها بانفعال حاد: ها سلطان ..
اتسعت عينا سلطان بـ ذهول: وابوكم .. شو ها هاذي بعد .. حووووه انتي منوووه ..!!
زمت سلامة فمها بـ انزعاج ناعم وقالت: واللي عنده هالشياطين يتم على حاله وما يتخبل !!!
تأففت وقالت بنبرة اتسمت بالهدوء الرقيق: حبيبي اخويه شحالك ..؟!
ابتسم سلطان بكسل وقال: هيه هاي سلامي توأميه .. الحمدلله فديتج بصحة وعافيه ..
وانتي شحالج وشحال بوظاعن والعيال ..؟!
سلامة بحدة وهي ترمق اطفالها بغيظ: امررررره لا اتيبلي طاري هالطفوس مسودين الويه ..
ضحك سلطان بخفوت بينما اضافت شقيقته بعد ان زفرت بانفعال: نحن كلنا بخير وسهالة ..
وأكملت بتذكر: سلطان شو كنت بقولك ..
وديت كناديرك وملابسك كلها الايديده الدوبي ..!!!
(الدوبي = المغسلة)
هتف سلطان بنبرة ساخرة محبوبة من شقيقته التي لا يفوتها شيء بخصوصه: هيه فديتج وديتهم الدوبي ..
سلامة: وغترك وفوانيلك واوزرتك .!!!!
سلطان: كلهم سلامي كلهم ..
أكملت سلامة وهي تتذكر ما رغبت بالسؤال عنه: امممممم هيه سلطان .. *وبخبث باسم* وين بيكون الهاني مووون ..!!
غضّن سلطان ما بين حاجبيه وقال مبادلاً اخته الخبث: سوربرايس يا عيون سلطان ..
زمت سلامة فمها والفضول يأكلها بقوة: انزين غششني ياخي ما بقول حق حد ..
سلطان بنبرة باسمة كسولة: نو نو نو
سلامي: اف عنيد انت ..
ثم تنهدت بنعومة وابتسامة ترتسم على محياها محبةً ووداً عميقاً لتوأمها الغالي ..
حل بينهما صمت قصير قبل ان ينقلب صوت الأخيرة الى نبرة متأثرة متفجرة بالعاطفة الجياشة والتي وصلت لمسامع شقيقها بوضوح: فديت ويهك بومييد .. اخيراً بشوفك معرس ...
قال سلطان بنبرة خشنة هادئة لا تعكس بتاتاً اعاصير الانفعالات التي تموج بصدره: لا خلينا منج يا ام ظاعن ..
عقبال ما تشوفين ظاعن واخوانه معاريس ان شاء الله ..
.
.
.
.
.
.
.
هتفت باستنكار غاضب: شعنه ما تبينا نفرح بج يا بنت خويدم ..!! هااااه ..!!!
تنهدت شما بقوة وقالت بهمس راجي: دخيلج امايه خلاص .. قلتلج مكسار مابا .. احب ايدج سكري عن هالسالفة دخيلج ..
(المكسار هو يوم مخصص يقام قبل ليلة العرس بأيام قليلة، ويُعرض فيه زهبة العروس او جهازها امام اهل الزوجان والاقارب والاصحاب والجيران .. ولا تخرج العروس في هذه الليلة امام النساء ولا يراها أحد .. وليلة المكسار من العادات القديمة المتوارثة في دولة الامارات والتي ما زالت بعض القبائل المحافظة متمسكة بها)
زادت نبرة ام سعيد حدة: خبريني انزييين شعنه ..!!!
شو بيقولون عنا العرباااان ..!!! بيقولون هاييل مقصرين في زهاب بنتهم وهب فرحانين ابها ولا ابعرسهااااا ..!!!
شما بنبرة مقتضبة ملؤها العناد/الحزم: ماعليه من رمسة حد .. عليه من نفسي وبس ..
دخلت ام سيف لتسمع ام سعيد تصيح بانفعال حاد: شريفة واللي يرحملي والديج تعالي رمسي هالخبله ..
ام سيف بخوف: ويديه بسم الله .. شو مستوي ..!!!
خرجت ام سعيد وهي تتذمر بحدة بينما جلست شما على سريرها وقالت بضيق: هب مستوي شي بس انا مابا مكسار ..
اتسعت عينا ام سيف بـ ذهول وقالت: جييييييه ..!!!
شما بذات ضيقها الحقيقي: بس جيه مابااا ..
ام سيف باستغراب: انزين انتي ما بتحدرين على العرب ولا بيشوفونج .. الا شوفة زهاب وعشا ومع السلامة ..
شما: حتى لو .. انا مابا شريفة دخيلكم خلاص ..
.
.
.
.
.
.
.
وقفت امام مرآة الحمام وأخذت تتأمل صورتها البهية باستياء ..
مرت ايام منذ ان عاد زوجها من المستشفى واستقر في المنزل .. والى الآن لا ترى وتسمع الا الجمود الصقيعي منه .. ترغب بشدة بتحطيم جموده .. ترغب بأن ترى الشرار واللهيب يشعان من عيناه كما كان يشع في السابق بوضوح حتى لو كان بصمت ...!!!
ترغب ان تحترق بنظراته التي تربك توازن دقات قلبها وان تُخرجه بالمقابل من حالة السكون المستفزة الى التراقص بحرارة على مسرح انوثتها التي "لا تُقاوم" ..!!
زمت فمها بإصرار وقررت التالي بخبث أنثى "مشتاقة" ..
خرجت من الحمام بخفوت محيطةً جسدها الرطب بمنشفة كبيرة ..... أطلت برقة على داخل الغرفة ولمحت زوجها مستلقي على فراشه مسبلاً اهدابه فوق عيناه ..
عضت على شفتها السفلى واغلقت الستار الفاصل بين غرفة التبديل والغرفة بحذر ..
احتارت في البداية ماذا تلبس .. في النهاية استقر رأيها على قميص نوم حريري لونه أرجواني غامق رسم جسدها الرشيق بتقاطيعه المشدودة بربانية فاتنة ..
رتبت بخفة شعرها القصير الرطب وعطرته بعطر شعر خاص بعبقٍ فرنسي "مُسكر" قبل ان تزيح الستارة وتقترب بتردد خجول نحو السرير ..
كانت تعرف انه مازال مستيقظاً .. وان بالنوم كان يتعمد الابتعاد عنها وعدم التحدث .. فهذا ما كان يجري بكآبة بينهما طيلة الايام الماضية ..
رفعت حاجباً بخبث .. وارتفعت الى السرير وجلست بجانبه قبل ان تطوي رجلاها امام صدرها بشكل كشف مرمريتهما وما فوق ...
امسكت بعلبة ترطيب الجسم وهمست وهي تفرك رجلاها بنعومة: سيف ..
لم تسمع اجابة منه ولم يهتز سكون ذراعه الموضعة على عيناه ..
اعادت ندائها بنعومة تقطر بحة فاتنة: سيف ممكن ترد عليه .. ادريبك واعي ..
سمعته وهو يجيب بجمود من غير ان يزيح ذراعه عن عيناه ويراها: شووه ..؟!
ظلت العنود تفرك رجليها وقالت ببسمة ماكرة: سيف اذا هب راقد خلنا نسولف شوي ..
اعتراها الغيظ عندما لم يفتح عيناه .. واستمر يتمسك بصوته الجامد المثير للغيظ:
ام مايد .. خليني ارقد ..
اقتربت منه بإصرار متجاهلةً كلماته بأن ازاحت برقة ذراعه عن عيناه هامسةً برقةً اصفى واعذب دلالاً .. دلالاً عاشقاً حد الحرقة:
قول العنيدي ..
عندها .... فتح عيناه المظلمتان بحدة وهو يقول بخشونة نزقة: ام مايد قلتلج ........
تصنمت ملامح وجهه ما إن انقشع ضباب ناظره ورآى صورتها الخرافية امامه بكامل حُسنها التام ...... رمقها بعتمة عيناه محاولاً اخفاء لمعانهما المذهول .... الا انه لم يفلح ..!!!
شعر للحظات بمرور هواء ساخن داخل جوفه وحرارة وصلت لأعتاها في دمائه الرجولية التواقة .... وبلا حول ولا قوة منه .. ما ان أخذ يلتهم بنهم ويشبع جوع قلبه بأنوثتها الناضجة كـ نضج تفاحة حمراء شهية ..
وفكر باضطراب/لوعة ... ليس من الظلم ابداً ان تصبح الانوثة بكل معانيها الآن لا تساوي قطعة نقدية قديمة امام هيمنة أنثاه هذه .. ليس من الظلم ابداً ...!!!!
ابتلع ريقه الجاف واخرج بصعوبة صوتاً خشناً "منهزماً أمام لهاث حار متقد": شو تسوين ..؟!
رمقته العنود ببراءة "متلاعبة" نضحت من مقلتاها الناعستان "الغانيتان" وهمست: شو شو اسوي ..؟!
تلعثم سيف من بين نظراته الجائعة .. جائعة لضمها والغرق في حُسنها الطاغي "بضياع مُرحب به تماماً": لـ لـ ليش شـ شسمه ......
اقتربت العنود بجرأة تُحسد عليها وقالت متأملةً عيناه وفمه الذي يضرم اللهيب في انوثتها ... ثم همست بإثارة "تهز لها الكيان":
شو ليش حبيبي ..؟!
ازدادت صعوبة التنفس عند سيف حتى اصبح مسموعاً لديه ولدى انثاه المثيرة ..
وبإرادةٍ سيرتها روحه الجائعة المتلهفة .. لم يشعر بذاته وهو يمسك بظهرها ويقربها منه أكثر بقوة حانية .. .. أكثر وأكثر .... حتى اسكت تنفسه ... وتنفسها .... بشفتيه ....!!!
لم يعرف الاثنان كم استمرا يستمدان شهد العشق من بعضهما البعض .. وكأن الزمن توقف للحظات ليعلن للحب انتظاره حتى يفرغ العاشقان من ضخ رئتيهما بأنفاس كل منهما ..
ابتعدت العنود ببطء ووجهها، الذي غدا كـ لون الدم المنتشي، تطفوه نظراتٍ حوائية منتصرة .. وهمست بذات صوتها المثير الملتوي: قول العنيدي ..
لمست بإغراء شعر ذقنه وأكملت وهي تتأمل عيناه بغرام نقي: في خاطريه اسمعها من ثمك ..
قولها ..
امسك بتملك يدها وقبّل باطنها وعيناه تمشطان بـ بجوع ملامحها الجميلة الرقيقة ... وبلهفة مجنونة ارتفع بظهره فجأة راغباً أن يعلم هذه اللعوبة معنى ان تلعب بنيران رجولته بتهور ..
ولكن فجأة ..
: آخخخخخخخخخخخخخخخخخخخ
ابتعدت العنود عنه بجزع وصاحت بخفوت: حبيبي بلاااااك ..؟!!
اتسعت عينا سيف بألم شاعراً بتكهرب في كامل عاموده الفقري وصولاً لساقيه ..
اسقط جسده على الفراش وقال للعنود بصوت مرتجف مبحوح متألم: عـ عـ عنود بسرعة هاتيلي المسكن ..
نزلت العنود من الفراش واخذ تبحث بجنون منتفض عن الكيس الذي يحتوي داخله جميع أدوية زوجها ..
ما ان وجدت المسكن حتى اخرجت من الثلاجة قنينة ماء وهرعت لأن تلقمه قرصان ..
ابتلع سيف القرصان بيد مرتجفة وسقط مرة أخرى على الفراش بإعياء بالغ ..
لم تكن تشعر بنفسها وهي تلهث بقوة وتبكي بصمت مرتعب ..
اقتربت من رأسه ومسدت شعره بيدها وهمست بنبرة تقتل وجعاً من بين دمعاتها الوجلة: حبيبي شو تحس الحين ..؟!!
شهقت بقوة عندما ضرب سيف يدها الممدودة بحدة مزمجراً بعدها بقسوة صخرية: ان قربتي صوبيه مرة ثانية ما بتشوفين خير ..
ظهري من الحجره وخليني ارقد ..
ارتجف فمها بـ صدمة أليمة وغطت جسدها بردائها الشفاف الذي سقط منها عندما كانا غارقان في دوامة العشق المتقدة منذ دقائق قليلة ..
وهرعت للحمام ثم قفلت على نفسها الباب بحدة .....
اما الحال عنده .. فكان مريراً عصيباً قاسياً على ذاته وهيبة رجولته ..
تلبسه الغضب .. وقرص العجز المريع جنبات قلبه بوحشية .. العجز والسيطرة المعدومة المُخزية ....!!!
لم يرغب من البداية بالاقتراب من زوجته خوفاً من ان تنتابه احدى نوباته "التي ازدادت بعد الحادث وبشكل حساس" .. خوفاً من ان تزيد حالته سوءاً ويضطر للعودة الى المستشفى .. خوفاً .......
خوفاً .... "ويالما يشعره من قهر مريرة" ..... من ان لا يرضي رغبات زوجته ..!!!
وقبلها .. خوفاً على كرامته الأبية كـ رجل .. فهو لا يمكن له التصور انه ... بعجزه وعدم تحكمه برجلاه ... سيتمكن من الاقتراب من زوجته كما في السابق ..
لا يمكن له تصور هذا ابداً ..!!!
وها هو الآن بكل غباء يفشل بالسيطرة على رغباته وحدث ما كان يخشى حدوثه ..!!!
آسى مرير هذا الذي يتجرعه الآن مع تجرعه حسرات العجز ..... آسى مرير على روحه بكل ما تعنيه الكلمة ..!!
.
.
.
.
.
.
.
زفرت بانزعاج رقيق واعادت الاتصال بالرقم للمرة العاشرة .... وشعرت بالسعادة تباغتها ما ان أتاها فجأة صوت انثوي رقيق يغزوه الاقتضاب: آلو ..
: ألو هلا ختيه .. السلام عليكم
: وعليكم السلام ..
: ختيه هذا بيت مسعود الـ..
استغربت عندما لم تسمع سوى انفاس ثقيلة صامتة من الطرف الآخر ..
وسألت باستغراب: ختيه انتي معايه ..؟!
اجابت التي على الطرف الآخر بنبرة جامدة لا يعلوها معالم اللين والطيبة ابداً: منو انتي ..؟!
تلعثمت بارتباك عندما لاحظت حدة الفتاة واجابت: آ آ آ معاج روضة خليفة بن يابر الـ..
بغيت الوالد ما عليج اماره ..
قطبت حاجبيها بـ ذهول عندما اغلقت الفتاة الخط على وجهها ..
اعادت روضة الاتصال مرة أخرى بالفتاة بعد ان قررت ان تحسن الظن بها واعتبار ان المكالمة قد انفصلت من مشكلة تقنية ..
الا ان الشك قد ازداد في روحها عندما اكتشفت ان الرقم قد اصبح مغلقاً ... وسرعان ما اتصلت بـ صديقتها كي تخبرها بما حصل ..
: ألو نعوم .. تخيلي شو صار ..!!
ناعمة: شو صاااار ..؟!
روضة: دقيت على الرقم اللي عطيتيني اياه وردت عليه بنت .. ويوم قلتلها انا منو وبنت منو بندت الخط على ويهي ..
اتسعت عينا ناعمة باستغراب: اوونه .. ليش ..؟!!
هزت روضة كتفيها بحيرة وقالت: ماعرف نعوم .. شو اسوي الحين ..؟!
ناعمة بتفكير: امممممم دقي عليهم خلاف ..
روضة بخيبة امل: انزين ابوج ما عطاج الا رقم هالريال ..؟!
ناعمة: هيه هالرقم بس .. ابويه قال يوم سأل عن ابوج في ادارة المعسكر اللي كان فيه خبروه انهم قبل فترة قصيرة سووا اعادة ارشفة لكل ملفات الضباط والعسكريين اللي كانوا يشتغلون عندهم من 15 سنة وفوق ..
بس بعض الملفات لين الحين ما اعادوا ارشفتها وماقدروا يعطونه أي معلومات عنهن قبل ما يخلصن .. الا ملف واحد .... ملف مسعود اللي صدف وكان هو ربيع ابوج ايام شغله واكثر واحد وياه ..
تنهدت روضة وقالت بخجل حقيقي ينضح من جنباته الامتنان الشاسع: الله يحفظه عميه بوذياب اسميه ما قصر ويانا .. خلاص انا برد ادق عليهم خلاف وان شاء الله يردون عليه ..
ناعمة بحزم مستنكر: لا تقولين جيه رواضي انتي ختيه الغالية هذا اقل شي نسويه عشانج يا قلبي ..
روضة ببسمة خافتة ممتلئ بالحب: فديت قلبج نعوم ..
.
.
.
.
.
.
.
: هوووووووود هووووووووود يا هل البيت ..
هرعت للداخل بسرعة حاملةً بين ذراعيها طفلتها لطيفة ..
سمعت صدى صوت ابنها البكر خويدم وهو يجيب على الرجل بنبرة خشنة قوية: هدا هدااا قرب ..
دخل الرجل محملاً بين يديه اكياس وكراتين بيضاء كبيرة .. وابتسم بدوره لـ خويدم الذي اقبل عليه بترحيب تخلله احتراماً بالغاً: مرحبا عميه رايد ..
رد العم رائد بابتسامة رجولية بحتة وانحنى بجسده ليسلم على خويدم وسلطان الصغير بأنفه ثم هتف ببحة رنانة: مرحبابك مليون ولا يسدن بوبطي .. شحالك طويل العمر ..؟!
خويدم بغلظة رجولية "لذيذة": الحمدلله بخير وسهالة ما نشكي باس عميه .. ومن صووبك عنيه افداك ..؟!
عدل العم رائد نسفة غترته واجابه بحنان فياض: والله كلنا بخير وصحة وعافية فديتك ..
التفت بخفة وقال بتساؤل: الا بتخبركم .. يدكم وينه ..؟!
يدكم مطر راد من العمره ومطرشله ماي زمزم وسامان ..
خفق قلبه بشكل لا يعلم ماهيته ما ان سمع صوت انثوي يرحب به بخفوت ناعم كنعومة حبيبات السكر البيضاء: سلام عليك بومطر .. شحالك ..؟!
لمح من طرف نظره المنخفض ظل امرأة مكسوة بشال بيت كبير اسود من رأسها لأخمص قدميها ..
عرف من هي من صوتها .. كيف له ان ينسى صوت من خفق لها الفؤاد اول مرة ..!!!
رد على سلامها بسلام أخشن رنيناً:
بخييير يعلج الخير والعااافيه يا ام خويدم .. انتي شحالج وشحال هلج وعربانج ومن يعز عليييج ..؟!
رصت آمنة على غطاء وجهها وقالت بحزم انثوي ناعم: كلنا بصحة وعافيه يا بومطر .. تستاهل سلامة عميه مطر فديته ..
حاول رائد ان يمسك زمام توازن قلبه وهو يسمع ترانيم صوت محبوبته الأزلية .. محبوبته التي ما زالت تحتل وتين قلبه رغم زواجه وانجابه للأطفال ..
اجل ... محبوبته وابنة عمه .. آمنة ....!!
تنحنح بخشونة واجاب بنبرة اخرجها بثقة مسيطرة: الله يسلمج من الشر يا بنت العم ..
أضاف محاولاً اخراج نفسه من حالة الارتباك الذي هو قابعٌ فيه: ام خويدم .. ابويه مطرشلكم سامان وماي زمزم ..
ثم حمل الاكياس والكراتين ووضعهم وسط الصالة ..
آمنة: يعل عمره طويل بالطاعة بورايد .. ما يقصر علنيه افداه ..
: سلام عليكم
شهقت بصوت غير مسموع ما ان وصل لمسامعها رنين صوته .... صوت "ذلك الذي لم يفارق تفكيرها ثانية واحدة" .. رفعت عيناها لتبصره ... تبصره بجسد اخذ يرتعد ألماً .... وشوقاً ظالماً ...!!!
ازداد جسدها ارتعاداً وهي تحدّق به من قامته المهيبة وصولاً لوجهه الرجولي الأسمر حتى حاجباه الأسودان الغليظان بعقدة متجهمة تحتل ما بينهما ....
آه يا حبيبي الخائن ...... كم اشتقت لك بحرقة الظمأ ولهيب الجوع ..!!
شهران كاملان منذ آخر مرة رأيتك فيها ..
لو لم أكن اعرف ان قلبك يلعب على الحبلين بيني وبين غيري لارتميت على صدرك الآن وسط اشهاد العيون أجمع ..
ولكنك لعوب ..
لعوب واهتويت اللعب بي بجدارة .... بـ حياتنا .... وبـ مستقبلنا معاً ..!!
سحقاً لقلبي الذي جعلك الآمر والناهي عليه ..
ارتفعت وتيرة رعشات قلبها ما ان رأت وجهه "المعتم بشكل مريب" واستشعرت صاعقة كهربائية آتية من عيناه ... صاعقة غاضبة مرعبة حتى النخاع ...!!!
رد الجميع على السلام: وعليكم السلام ..
تراكض الابناء باتجاه ابيهم وسلموا عليه بحفاوة .. ثم اقترب هو من رائد وقال بغلظة جامدة خلت منها أي لطف: حي الله بومطر ..
ابتسم رائد ابتسامة لم تتجاوز حدود عيناه وسلم على بطي وهو يقول بنبرة خشنة مقتضبة: الله يحييك ويبجييك بوخويدم .. شحالك شعلومك ..؟!
بطي بذات صوته الجامد: بخير ربيه يعافيك ويسلمك من الشر ..
ثم استدار بوجهه باتجاه ظل زوجته ورمق الخواء هاتفاً لها بحزم اخفى تحته "لهيب غضبه العاتي" الا ان اللهيب قد لسع قلب آمنة المرتبك وانتهى: طرشوا دلة الاقهوة والفوالة الميلس ..
أشر بطي بيده بحزم مقتضب باتجاه مجلس الرجال في الخارج وقال بتملك/تسلط وكأن المنزل بكل مافيه من ممتلكاته: بومطر قرب الميلس حياك ..
حاولت بث الهدوء وعدم المبالاة في روحها الوجلة ..... وفشلت ..!!
هي تعرف تمام المعرفة ان بطي لا يحب ابن عمها رائد .. ولا يستطيع السيطرة على انفعاله وغضبه ما ان يراها تتواجد معه في مكان واحد حتى بوجود كل اهلهم .. كيف الآن وهو يدخل بيت والدها فجأة ويراها واقفة امامه وحدهما مع الاطفال ..!!!
تنهدت بارتباك ونادت الخادمة كي تضع القهوة والفوالة في مجلس الرجال .. بينما فضّلت هي الجلوس في المطبخ وعمل بعض انواع الفطائر الشهية لوجبة العشاء ..
مرت دقائق عديدة قضتهم بعجن العجين وفرده وتقطيعه لأشكال عديدة .....
فكرها لم يكن معها .. فكرها كان مع وجعها الذي تشعره به يفرغ روحها من البسمة/الدفء شيئاً فـ شيئاً .... الا ان فكرها ارتجف مع جسدها عندما شهقت ذعراً جرّاء يد خشنة قاسية تلفها للخلف وتُصدمها بصدر صلب عريض ..
سمعت همسه الفحيحي المغتاظ يقول من بين اسنانه: شو يايبنه هذا هنيه ..!!!
فتحت فمها بـ ذهول مرتعب وقالت بتلعثم: بـ بـ بطي بلاك ...!!! .... هدني ..
لم يسمع بطي ما قالته .. كيف يسمع وحواسه الخمس بأكملها تشتعل غضباً ....!!!
كرر همسه الفحيحي بنظرة حمراء قاتمة: قلتلج شو يايبنه هذا هنييييه ..!!!
جمعت آمنة شجاعتها واجابت بحدة مستنكرةً ما تسمعه من هذا الذي يصرخ بها بغطرسة: شو شو يايبنه هنيه ..!! اكيد هب ياي يغازل ولا يدق سوالف معايه يا استاذ بطي ..!!!!
احتد فم بطي وشعور الغيرة قد نضج واستوى في بؤرة دماغه .. غيرة خرجت على هيئة مارد غاضب مشتعل .... يكره ابن عمها ولا يستلطفه بتاتاً .. كيف لا يكرهه بحق الله وهو ما زال يكن لـ زوجته "الحب" ..!!!
رص على اسنانه وقال بهمس مخيف: وانتي شو مقعدنج وياه رواحكم هاااااه ..!!!
ولا يا مدام قعدتج في بيت ابوج نستج ان لج ريل عده حي ..!!!!
اتسعت عينا آمنة بـ صدمة وكلماته الجارحة اخترقت اعمق مكان في قلبها .. امتزج صوتها الحاد بالقهر/الاستنكار العاصفان وهي تقول: الزم حدودك بطي واوزن رمستك قبل لا تعقها عليه .. نحن ما كنا رواحنا .. عياليه على ما اظن كانوا معايه ..
والريال ما ظهرت منه العيبه .. حدر علينا قبل لا تيي بكمن دقيقة .. قال ان ابوه مطرش سامان حق ابويه وقده بيروح بس انت ييت ..
ارتفع جانب فمه باستهزاء مُحتقر حد السماء/الارض: طبعاً ييت انا وخربت عليكم الجو الشاعري الجميل هااه ..؟!!
نفضت آمنة ذراعها من قبضة يده بحدة وقالت باحتقار .. احتقار تخلله "خيبة تصرخ بالمرارة": تعرف شووه ..؟!
بكون غبية وتافهة لو تميت مجابلتنك وابررلك اللي صار .. لأن اصلا ما صار شي عشان ابرره ..
استدارت واردفت بنبرة جامدة مقتضبة: لو سمحت سِر وخلني اكمل شغليه ..
كان صدره يعلو ويهبط بعنف راغباً بهدم البيت بما فيه من غضبه "المتصاعد" .. غاضب من كل شيء ..
غاضب من نفسه .. من شوقة الحارق التواف لوجهها الجميل وكيانها الأجمل وهي التي بنظره لم تعد تستحق الشوق بعد الذي تفوهت بحقه قبل شهران ..
غاضب من كل شيء ..
غاضب منها .... وعليها .. من علاقته السيئة معها .. من الصقيع وعلاقتهما المتصلبة فيه ..
من حياته التي غدت بلا ألوان من دونها والاطفال ..
من غيرته عليها وهي التي كالقطب الشمالي معه "من اسباب يجهلها" ..
يقسم انه يجهلها ..!!
استدار بظهره وقال بغلظة ... وازدراء شديد:
لا تتحرين اني ياي اليوم لسواد عينج .. ما ييت الا حق عياليه ..
رفع حاجبه الايسر الغليظ ببسمة تقطر سخرية واردف: وثرج يا آمنة رخصتي اللي كان بينا وصرتي ادقين سوالف مع الخلق بليا قدر وحشيمة اليه ..... برافو والله ..
وبلا كلمة إضافية .. خرج قبل ان يسمح لنفسه ان يسمع ردها على ما قاله ..
بينما هي .. فشعور الذهول .... والقهر الملتوي تحت صفيح يلتهب بالظلم/الكرامة المهدورة .... قد تشكلتا على هيئة قبضة حديدية على أداة فرد العجين .... وكلماته ترن بكل عجرفة قاسية داخل قلبها قبل اذنيها ..
رفعت وجهها وأخذت تحدّق بـ سقف المطبخ وهي تستغفر بغيظ مؤلم حد اللامعقول ..
فقط الاستغفار من سيساعدها على اخماد اللهيب الذي تتلوى به الآن ... وسيمنعها من اثارة فضيحة لا قبل لها في البيت ..
وامام اطفالها ..!!
فضيحة لن تترك لزوجها المجال لرفع وجهه بعد اليوم ..
ولكنها ستصمت ..... لأجل اطفالها فقط ..
أليس لأجلهم هي للآن لم تطلب الطلاق ..!!
ولكنها ستطالب به في اسرع وقت ممكن .. فهي لم تتلكئ بالمطالبة به الا لأجل الانتهاء من معمعة المدارس والامتحانات ..
والآن اطفالها في إجازة ..!!
.
.
.
.
.
.
.
نفث دخان سيجارته وأخذ يتذكر بعشق ملامح وجهها العذب .. صوتها الأثيري الناعم .. ارتباكها وحياؤها الحوائي المذهل ..
نظراتها المتخبطة الخجولة ... وحركاتها التي تنم عن براءة أنثوية تنحني لها الزهر النقي ..
يعترف ان بعدها نسيَ ما كان يعني له الحب من قبل ..... يعترف ان بعدها امحى من عقله صورة كل انثى عداها ..
يعترف ان طغيان عينها الغزالية قد اجتذبت "كل كيانه الرجولي" ..!!!
لقد وعدها .. حتى ولو كان وعداً بالنظرات .. يظل وعداً معلقاً على رقبته ..
وعدها بالقرب .. وبالعشق .. وبالمشاعر التي لن يخصها لأحد "سواها" ..
وسيفي بإذن الله بوعده ..
لم ينسها .. ولن ينساها ..!!
صعب عليه ان ينسى هدية من الله ارتمت عليه كقطرة مطر من السماء تروي ارض روحه الصيفية الجافة ..
صعب ..!!
الهدايا لا تُرد ولا تستبدل .. وهو لن يردها ولن يستبدلها ..
ليس بعد ان عاش في ثلاث صدف "خارقة الجمال" خفقات قلب حقيقيةَ الوقع .. صاعقةَ التأثير على الوجدان ..
طليطلة وأنتي يا جميلتي تحملان في جعبتيكما عبقاً سرمدياً فاتناً ..!!
جمال رباني مهيمن ..
كلاكما يا روض القلب ......... كلاكما ..!!!
.
.
.
.
.
.
.
في اليوم التالي
تراجع الأطفال الصغار الذي يلعبون على رصيف شارع الحي الراقي بفضول طفولي وهم يحلقون بأعينهم على السيارات السوداء والبيضاء الفخمة التي تمر على الشارع وتحدث في الحي ضجة عالية اجتذبت مسامع ونظرات كل من يمشي في الطرقات ..
عقدت حاجبيها باستغراب حقيقي وهي تسمع صريراً قوياً آتٍ من سيارات توقفت للتو امام منزلها .. اقتربت من نافذة غرفتها واتسعت عيناها باستغراب أكبر وهي تلمح عدد كبيراً من السيارات ورجال ضخام الجثة ينتشرون حول المنزل بسرعة قياسية ورشاقة مدهشة ...
دخلت شقيقتها عليها وهي تهتف بجزع: حصووووووه شفتي المواتر خاري ..؟!
استدارت حصة لـ ميرة وهتفت بحيرة: هيه شفتهااا .. شو السالفة ميرووه ..؟!
ميرة: ماااااااعرف ..
لم تمر سوى دقيقة واحدة حتى سمعت الشقيقتان اصوات رجولية مرتفعة هزت جدران المنزل وضجة مُربكة قادمة من الاسفل .. اصوات كانت من ضمنها صوت والدهما .. واعمامهما .. وجدهما ابا سعيد ..!!
جفلتا ما ان سمعتا صياح والدتهما القريب .. صاحت حصة بصوت عالي ملبيةً نداء امها: امااااااايه تعالي نحن هنيييييه ..
دخلت الام بوجه امتقع من الصراخ والتوتر والارتباك التام: يعلكن الحوم انت وهييي .. من متى ازقركن اناااااا ..
بسرعه انتي وياها جدامي على المطبخ ..
دخلت عليهن شما بخطوات سريعة وسألت بقلق: ام سيف شو السالفة شو مستوي ..؟!
هتفت ام سيف بسرعة صارمة وهي تتحرك مبتعدةً عنها وتخرج من الغرفة:
عرب بن مجتوم لفونا ومعاهم قوم الحر ...
اتسعت ثلاث ازواج من الاعين وهتفت حصة باستنكار: وشعنه ما خبروونا قبل ..
يا فضيييحتنا عند الشيوووخ هب مسويين شي نحححن ..
استدارت شما لتتبع زوجة اخيها وهي تهتف بحزم بالغ: يلا شو تترين انتي وياهااااا ..
عقدت ميرة حاجبيها وقالت لـ اختها بريبة: ليش احس ان السالفة فيها إن ..
.
.
.
.
.
.
.
وقف بحمية اشتعلت بنار بداوةٍ متأصلة الجذور: والله ثم والله ثم والله مارد هاللحى الطيبة الغانمة ..
والبنيات بنياتكم وان بغيتوهن هالسااااع شلووهن بثيبانهن ..
(ثيبانهن = ثيابهن)
هتف الشيخ .. كبير القوم .. بنبرة رنانة تصقلت بهيبة وعزة شامخة بعد ان نظر لـ ابا عبيد وابنه ابا نهيان: ما عليك زووود ما عليك زوووود يا بوسيف لجني من الحينه اخبركم ..
ماييت هنيه الا لجل خاطر عياليه فلاح وحمد .. ومارمست وتعديت ابوهم ويدهم الا لغلاتهم في يوفيه والرب وحده شاااهد ..
ربت الجد ابا عبيد بـ ود على فخذ الرجل الجليل الذي يفوقه سناً وقال بحزم دافئ: لا تقول هالرمسة طوليه بعمرك .. انت ابوووهم يا بويمعه وتاج رااااسهم ..
همس نهيان بمرح ساخر لـ حشر "أبا مكتوم" والذي يجلس بجانبه من اليمين فلاح وحمد اللذان يسمعان الحوار الهامس بوضوح: ثره الهرم فليّح يبا يستغل حليب جليثم ..
كبح أبا مكتوم ضحكته امام الرجال المهيبين وهمس: هههههههههه صخ يا ريال لا تخلينا نضحك جدام الرياييل .. والله ينيه ما بسلم عقبها من هزاب الوالد ..
دنى منهما حمد وقال بخفوت: بتخبرك .. منو قايل حق ابويه بويمعه انيه بعد ابا اخطب عند قوم بن خويدم ..؟!
رمق أبا مكتوم فلاح نظرة جانبية خبيثة وبادله فلاح ذات النظرة بينما اردف حمد باستنكار خفيف: انا قلت فلاح ورا السااااااالفة ..
فلاح: ها يزاتيه ابا اشبكك ويايه في الخطبه عسب تخلص بسرعة وتستريح ..!!
استند نهيان بظهر الاريكة وهمس بحنق متفكه: هيييييهااااااء مسكين حالك يا بوعبيد .. محد سوالك قدر وحشيمة شرات اخوانك الهروم
نكزه ابا مكتوم وقال بخبث: يلا انت عزم على العرس وبتشوف قدرك وحشيمتك عندنااااا ..
وبخهم أبا ظاعن "مصبح" بصرامة مستنكراً "همساتهم المسموعة": شباب نحن هب في قهوة .. صخوا شوي خل نسمع الرياييل شو يقولون ..
صمتوا الشباب بحرج بالغ قبل ان يتناهى لمسامعهم صوت ابا جمعة مهاتفاً ابا سعيد وابنه ابا سيف:
قدرنا ونعرفه عندكم يالايواد زينٍ ما زين وما من خلاف عليه .. لجنيه والله هب في خاطريه ابد نيوز العيال قبل لا نعرف راي بنياتنا ..
ضرب ابا سعيد صدره بكفه المنبسطة بقوة وقال بنبرة حازمة أكثر قوة .. واشد رنيناً: سالفة البنيات يا بويمعه خلصنا منها .. هن من صوووب عيال نهيان الحر اخويه الغالي اذا الله راد وكتب .. نحن ما بنحصل شروا فلاح وحمد .. الله لا شل اللي رباهم على المريله والعلوم الطيبة ..
.
.
.
.
.
.
.
تشعر بالغضب الشاسع يتملكها ..
أيجب عليها فقط استقبال المفاجآت وصدمات الاخبار بنفسٍ هادئة متقبلة من غير انفعال يخرج مع ردة فعلها ..!!
شقيقها الأكبر تزوج من غير علمهم وانجب طفلاً ولم تعرف عنه سوى الآن ..!!
شقيقها الأوسط يقرر خطبة فتاة "اعلنت فيما سبق رفضها له" بوجود جاهة كبيرة من شيوخ واعيان البلاد هذه المرة ..!!
والله وحده يعلم ما وراء اصراره وعناده ليتم هذا الزواج عنوةً ..!!
اما الطامة الكبرى .. فهو شقيقها الأصغر الذي والى الآن لم تستوعب خبر خطبته لأعز صديقاتها واقربهن لقلبها ..!!
ما هذا الذي يجري ..!! ..... ما هذا ..!!!
أتكون ميرة على دراية مسبقة ولم تخبرني ..!!
لا لا .. ميرة لا تفعلها ..
هي اساساً لا تكتم اي خبر ولو كان بسيطاً عني .. فكيف لو كان هذا الخبر متعلقاً بها وبشقيقي انا ..!!!
زفرت انفعالاً حاداً وقالت لأمها بحدة مزاجها المتعكر: وليش ما خبرتووووني من اول .. هب بنتكم انا يعني ..!!!
ام نهيان باستنكار: ويدييييه مهرووووه .. قلتلج ترى السالفة صارت بسرعة وانا روحي ما عرفت الا البارحه من ابووج ..
قالي باجر سايرين العين نخطب لعيالج الاثنينه ..
لا عطاني فرصه انشده عن السالفة ولا خلاني افهم شو اللي مستوي ..
حركت مهرة فمها محاولةً تهدئة ما تمر به من غضب .. ثم قررت ان لا تستعجل الأمور وان تنتظر اتصال صديقتها لتخبرها ما آلت إليه الأوضاع ..
لم تعرف مهرة ان الأوضاع في منزل صديقتها الآن .. كـ اللافا في أوج ثورتها المتفرقعة الفائرة ...!!!
نهــــاية الجــــزء الرابــــع والعشــــرون
|