كاتب الموضوع :
لولوھ بنت عبدالله،
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
الجزء الخامس والستون
(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)
الجــــزء الخــــامس والستــــون
،
" في الليلِ
لا تتركيني
وحيدًا
ترعبُني العتمةُ
صوتي مصباحٌ مكسور
والنجومُ
إن غابت ضحكتُكِ
مرايا جارحة"
بلا أملٍ
بأصابعٍ من مطر
يتشبَّثُ بطرفِ منديلِها الأزرق
و يبكي
لـ سوزان عليوان
،
ثالث أيام العزاء
مساءاً
وقف هادراً بقسوة فجة ملؤها الوقاحة/التهذيب المنعدم: السموحة ... بس لا ... ما عندنا بنات حق العرس ...
وقف نهيان وقال بصبر حازم تام يُحسد عليه تنافى تماماً مع وجهه الآخر "الطائش الصبياني المتهور الساخر": ليش يا بوخالد ...
اظنتي نحن قاعدين الحينه نرمسك بهدوء وبأدب ونقولك نبا بنت اخوك الصغيرونة ربيه يحفظها ويصونها حق خوينا الدكتور ناصر .... شو هي اعتراضاتك الشخصية عليه عسب تحرج جيه وترفض ..؟!
خبرنا بارك الله فيك لانا نحن ابد هب ناويين من ييتنا الا كل خير ومحبة وطيبة ...
رد أبا خالد بنزق مُحتقر مثير للأعصاب: وانت شو الكم خص عسب تعرفون أسباب اعتراضي !!
اكمل ببريق متشفي شيطاني مر امام مقلتاه: جيه ...... مزااااااااج ....... انا قلت ما عندنا بنات حق العرس يعني ما عندنا ...... دوروا ابويه على بيت غير بيتنا تخطبون منه ..... ويلا ..... هاذوه الباب ...... توكلوا .......
اتسعت زوجان من الاعين .... الأولى غاضبة اشد الغضب الا انها جامدة لن تهزها بضعة كلمات غاضبة حقيرة ..... اما الثانية .... فـ مصممة عازمة لكنها تتوكئ على قارعة الانكسار/القهر !
يظن ناصر ان العيب منه هو ....... لكنه لا يعرف ان العم لم يكن ليرفض رجلاً مثله الا لسبب اسمه "نهيان" وفقط !
زم نهيان فمه بصبر شديد حد النخاع ....... فهو لم يأتِ لمصلحته هو ..... بل لمصلحة صديقه الذي اخبره في لحظة شجن صافية انه يرغب بشدة بالارتباط بـ اخت زوجته الصغرى .... شيخة !
وانه يكن لها اصفى المشاعر واطهرها معنى وصورة !
ارخى جلسته على الاريكة بفخامة رجولية مهيبة وقال بصرامة: مستعد اكتبلك شيك مفتوح .... واكتب فيه الرقم اللي تباه .... شو قلت !
رغم سيلان لعاب الجشع من جانب فم أبا خالد الا انه ما زال مغتاظاً من الأملاك التي تمكن نهيان من استعادتها منه بالقانون وبشكل الى الآن يجهله ويثير فيه الغضب الناري الحارق ......
هدر من بين شرار عيناه: وانسالك اللي صرقته مني يا ولد عبيد !!!
هه ... انسسسسى ..... يا هن يا بلاااا ...
اخفض نهيان اهدابه لثوانٍ قبل ان يقول بجمود: المال والاملاك ما كانن لك من الأساس فلا تيلس تسويلنا فيها المسكين المظلوم ..... فكّر زين ما زين واعرف وين مصلحتك يا الحبيب .....
اكمل وهو يمسك ذراع ناصر الذي وقف مستنكراً معترضاً جاهلاً لمحور الحديث الذي تغيّر فجأة: بس سالفة الحلال انساهن لانك لو تموت جدامي ما بتاخذ ربية حمرا من وراهن ....
أبا خالد بحقد شديد: وانا مابا الا خذته عني ..
عقد ناصر حاجباه باستنكار وحيرة من الذي يجري جوله: نهيان ... شو السالفة فهمني
نهيان محاولاً تهدئته: بفهمك خلاف انت ايلس يا بومشعل وهد شوي ....
بوخالد ... هاي آخر رمستك !
فكّر ... قلتلك شيك مفتوح اتحط فيه الرقم اللي تباه ...
ابتلع أبا خالد ريقه للرمة الثانية وشياطينه متناحرة ما بين من سيقنع الرجل بالافضل له ولمصلحته المادية ..... الا انه قال في الأخير بعصبية حادة نزقة تشع عناداً: وانا قلتلك ... يا اللي خذته عني يا بلا ...
لم يفقد نهيان الامل ... بل اخذ يحدّق بالرجل بتصميم/بحزم قبل ان يتنهد بخفة ويقول بصبرٍ شاسع: يا بوخالد انـ.....
رن هاتفه مقاطعاً حديثه فجأة ..... ولم يكن ليرد لولا الاسم الذي برق فوق الشاشة !
أجاب بسرعة متوجسة على غانم ... فهو كان قد طلب منه ان يتصل به ليطمأنه بعد ان اتصل به احد الطبيب المشرف على حالة عمه خليفة يخبره ان يأتي في الحال ..... وكان نهيان سيرافقه لولا انه اتفق مسبقاً مع ناصر ليذهبا لمنزل عمه ويخطبان له شيخة:
مرحبا بومحمد
..
: طمنا ..
..
وقف بحدة وهو يهتف بصوت وصل لمسامع الرجلان: في ذمتك ...!!!!
..
: يايين يايين الحينه ...
اغلق هاتفه .... واستدار بسرعة نحو ناصر وهو يردف: بومشعل تعال ورانا مشوار ضروري
ناصر بعدم فهم: وش صاير بوعبيد ..؟!
جرّه نهيان بلطف من ذراعه وهو يهتف بخفوت: بخبرك في الموتر ....
وقبل ان يخرج ....... التفت نحو العم أبا خالد .... واعطاه اشد ابتساماته سخريةً واحتقاراً وقسوةً ....... وقال بنبرة لاذعة: شوف ربك يوم يبا يذل عبده شو يسويبه .... المرة الأولى في خطبة بنت اخوك العوده .... والمرة الثانية في خطبة بنت اخوك الصغيرونة ..... صف قلبك وروحك يا بوالشباب ترى الدنيا ما تسوى تخسر هيبتك واحترامك لجل فلسين ما بيندفنن وياك تحت التراب .....
ههههههههههه لو انك بس قبل دقايق واقفت على سالفة الشيك جان اللي عرفته الحينه ما بيفرق ويايه لاني عطيت كلمتيه لك .... لكن شرات ما قلتلك ..... ربك يو يبا يذل حد .... يذله ويكسر خشمه بين الرياييل والناس يميع .....
يلا ناصر .....
خرج وخلفه ناصر تاركاً أبا خالد فاغر الفاه جاهلاً بمعنى كلمات نهيان الا انه يعلم شيئاً واحداً ........ ان روحه قد انشطرت لنصفان صدمةً .. ذلاً .. مهانةً .. غضباً .. وخيبةً !
.
.
.
.
.
.
.
ليلاً
حملت جميع الفناجين والكؤوس ووضعتهم في المطبخ بعد ان خرجت آخر المعزيات من مجلس عزاء والدة صديقتها رحمها الله ..
تنهدت بعمق وشرد ذهنها بما حدث طيلة أيام العزاء ..
عانت بشدة وتعترف بهذا ...... عانت كي لا تبكي امام فاطمة وروضة وشيخة ....... واحسنت الصنع !
لم تبكِ سوى بالحمام عندما تفقد السيطرة على نفسها ..... وهي لم تكن تفقد السيطرة على نفسها سوى عندما ترى شيخة تبكي .... اما فاطمة فـ كانت قوية بشكل مثير للإعجاب ... بينما روضة كانت قوية بشكل ....... "مثير للريبة والخوف" !
تنهدت للمرة الثانية ..... ودخلت حمام غرفة الضيوف كي تتوضأ وتصلي صلاة العشاء ......
ما ان انتهت حتى رأت صديقتها الأخرى ناعمة تدخل لتصلي هي الأخرى مع فطيم وموزة .........
تذكرت شقيقتها الوحيدة ........ ميرة !
هنا قفزت برعب وكأن ثعباناً قرصها ........... كيف نستها كل هذه الأيام من غير ان تتصل بها وتحادثها !
رباه .............. تباً لك يا صاحب الاعين البومة ............ أنسيتني حتى شقيقتي الصغيرة الوحيدة !
حاولت الاتصال بها الا ان هاتفها كان مغلقاً ......... حاولت مرة ثانية ........ وثالثة ....... لكن دون جدوى !
انزلت هاتفها باحباط وقلق ...... وهي تفكر بأحوال ميرة ......
هل سعيدة ام مكتئبة مثلها !
هل نالت حظها الحسن بزوجٍ طيب لطيف رقيق او اوقعها حظها السيء بزوجٍ كـ زوجها !
مغرور .. متغطرس .. قاسٍ ........... "غازٍ مهيمن بشكل بغيض مستفز" !
اففففففففففف ............ استغفرك يا ربي واتوب إليك ........ لا اعتراض على حكمك يا رب !
رن هاتفها مخرجاً إياها من شرود ذهنها العميق .... المتجسد بشخص يحمل كل السمات التي تخرجها من حدود تعقلها !
وكان هو .......... وليس غيره ..........
ردت بنبرة متباعدة متجمدة: هلا
قال بحزم: حصة ... سلمي على هلج لانا الحينه بنروح ..
سألت ببرود اخفت خلفه قهرها/غضبها: نروح وين ..؟!
أجاب ببرود مشابه: بيتنا
خرجت من غرفة الضيوف وهي تغمغم من بين اسنانها: مابا ارد حق الخرابة ..
باستهزاء اجاب: الخرابة ببدا فيها شغليه الايديد .. فلو سمحتي عن الهذربان الزايد ويلا سيري سلمي على هلج قبل لا نروّح
رفعت حاجباً وهي تقول بخفوت قاسي: ما تخاف أقولهم على كل سواتك فيّه !
قال باستفزاز واضح: ليش أخاف وانا متأكد انج ما بتفتحين ثمج وترمسين !
شخرت وهي تقول باستفزاز مشابه وبسخرية تامة: وليش متأكد مستر فلاه !
ابتسم بغرور ورد بنبرةٍ كنبرتها: اعرف مس هصه ..
ارتعد فكها السفلي غضباً ..... وهمست وهي تنظر حولها بطرف عيناها المتوهجتان بالمرارة/الغيظ: بقول حقهم انك عرست عليه وبخليهم يطلقوني منك الحينه
كادت تشهق بتوتر عندما فاجأها بأن همس لها بأجش خشن اربكها واستفز هرمونات انوثتها: وتخلين بوعبيد يتعذب من فرقاج ؟! ........ ما ترومين
اكمل بصوت اخفت ...... واثقل .... وانعم: اترياج في الموتر يا ام عبيد ....
ثم اغلق الهاتف .......... تاركاً إياها تنتفض من شدة الارتباك ............ والعاطفة المجنونة "الغريبة" !
ثلاثة دقائق مرت وهي واقفة تترنح ثملة على صوته الدافء الثقيل المُهلك ..... الى ان شعرت بأحدهم يدفعها بخشونة ... وضحكة شقية تتراقص انوثةً قرب اذنيها !
التفتت لليسار ورأت المياسة تغمز لها بمشاكسة .... وتقول لها فجأة ومن غير مواربة/مقدمات: هب معرس عليج
فغرت حصة عيناها بصدمة وقالت: كيف عرفتي ؟!!
شمخت انفها بثقة شديدة وهي تجيب: اخويه واعرفه ... وبعدين هو يحبـ...
سكتت عما كانت تريد التفوه به واكملت: آ آ اقصد امممم .... يعني ما يسويها ... اعرفه وخلاص
رمقتها حصة بنظرةٍ محبطة: صدق مياسوه ؟!
اردفت مبررةً للمياسة ما تشعر به بشكل ابله اخرق: ا ا انا أصلا ما يهمني لو معرس .. بـ بس يعني .... احم ..... يعني شسمه ....
نفسي ما تحق عليه أكون مع انسان يشاركني حياته مع وحده ثانية ....... خل يطلقني وياخذ اربع جان يبا .... ما يهمني ........ بس دامه مرتبط فيّه .... فلازم يرتبط فيّه انا وبس ........
دفعتها المياسة مرة أخرى بخبث وهي تعلم ان ما تقوله حصة مجرد "مبررات واهية": زين زين فهمنا ...... وهيه يا قلب مياسوه .. صدق ... الريال هب معرس عليج ..... ريحي فوادج ولا تخلين الغيرة تعصرج عصار
صاحت حصة باستنكار وهي تشعر ان وجنتاها قد احترقتا حرجاً: ما اغااااااار !!
المياسة بنظرة قوية ماكرة: جذوب .... هالنار الشابه في عينج تقول غير جيه .. يلا سيري سلمي على امج وباجي هلج ولحقي ريلج ...
أظهرت متعمدةً اللامبالاة للقسم الأول من كلام المياسة وقالت بفم مزموم: اباج تيين ويايه
المياسة بخبث شقي لذيذ: بكون عندج ان شاء الله جريب بس ابويه محرّج عليه الحينه خص عادة عقب ما ظهرت من غير علمه ههههههههههههههههه ....... يوم بينسى السالفة بييج
زفرت حصة ببؤس ثم قالت بحقد اسود بعد ان تذكرت المحادثة التي جرت بين فلاح وتلك اليمامة وهما متوجهان الى منزل روضة: سمعته يرمس يمامة ويقولها تعالي المزرعة عقب ما ارد من بوظبي ...
اردفت وهي تقبض بقوة على يدها: مياسوه يمكن حرمته صدق ... اللي قلتيه ما دخل مخيه الصراحة ...
المياسة بغيظ من بلاهة حصة وعدم ثقتها بها: هب حرمته اقولج هو قل جيه عسب يحرق قلبج بس
حصة بقهر بالغ: كيف اتأكد انزين ..؟!
حدّقت بها المياسة بحدة قبل ان تقول لها بحزم: شفتيه بعينج يلمسها شرات ما الريال يلمس حرمته ؟!
هزت حصة رأسها نافية وهي تهمس: لا
أكملت المياسة بذات حزمها: شفتيه عطاها مجال تلمسه شرات ما الحرمة تلمس ريلها ..؟!
حصة بغيظ: لا
المياسة: خلاص عيل ... هاللي أبا اقنعج به ... فلاح يمكن يكون خقاق .. نذل حبتين .. قاسي وبارد كمن حبة ... بس ما يتعدى حدود ربي ....
حصة بسخرية: ولو هب حرمته فهو تعدى حدود ربج وجذب عليه
تأففت المياسة بحدة وعصبية وهي تقول: افففففف عشانج يا خبله .... هو يحبـ......
اوهووووو .. هاي اللي بتخليني أقول سوالف مابا اقولهاااا ... بفلعج يا حصوه بالموسدة اللي عدالج ....
افهممممي ...... عشااااانج
حصة من بين حاجباه=ا المعقودان بـ حيرة/توتر/غضب: ليش عشاني ... اللي يسمعج يقول هذا يحبها ويباها تغار عليه ويحس بغلاه عندهااا
المياسة بنفاذ صبر: اففف بصفعج حصوه .... افهمي حركات ريلج ... شغلي ها اللي في راسج ...
اشاحت حصة بوجهها مغمغمةً ببرود اخفت خلفه احباطها ويأسها وألمها: انا هب فاهمة شي من اللي تقولينه
المياسة بحدة: خلاص هب لازم تفهمين ..
سمعيني .. يوم بتشوفينها سوي اللي بقولج عنه ... زين !!
حصة بحيرة وفضول الانثى قد لعب بقلبها واثار حماسها: شو اسوي ..؟!
: سمعي
.
.
.
.
.
.
.
رباه ......... كيف سيخبر زوجته بشأن نهوض والدها من غيبوبته !
ستصاب بالاغماء بالتأكيد ان لم يتدارك الوضع !
تذكر ما اخبره به غانم نقلاً عن الطبيب منذ ساعة ..... قال ان عمه خليفة قد نهض من سباته الطويل الليلة السابقة دقائق قصيرة قبل ان يغمض عيناه مرة أخرى ..... فـ توتر الطاقم الطبي لحالته الغريبة ........ واجمعوا على انهم لن يخبروا احد من اهله حتى ينهض مرة أخرى ويستجيب لردات افعالهم له !
وحدث ما تمنوه ...... وفتح عيناه للمرة الثانية هذا المساء ..... الا انه والحمد لله .... لم يرجع لإغلاق عيناه هذه المرة !
فـ اتصلوا بسرعة بغانم واخبروه ان يأتي ليخبروه عما حصل ......
وبدوره اتصل بنهيان واخبره ليتمكن الأخير من اعلام زوجته بأسلوب رقيق لطيف غير مفجع !
والآن هو يقف امام منزلها ينتظرها ان تاتي إليه لينقل لها الخبر ................ وهو متوتر بشدة
يخاف ان يحدث لقلبها شيء ..!
شدت من حجابها وهي تتهدل بمشيتها الغزال بأنوثة فطرية فيها تتنافى تماماً مع شحوب عيناها وهالة الألم والحزن القدسية المحاطة بها من كل جانب ....
حتى اقتربت منه ..
رباه كم يحبها ...... ويحب كل تفاصيلها الموجعة !
ما ان أصبحت امامه حتى همست بصوت مبحوح مقتضب: السلام عليكم
اقترب منها اكثر ............ ورد بعد ان انزل عنقه ولثم مقدمة رأسها بعشقٍ حاني: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
في السابق كانت ترتبك ... تتخبط بنظراتها الخجلى ... ترتعد شوقاً وحباً لأجله ..... اما الآن ... فيراها جامدة كالصنم الذي لا حياة فيه ولا روح تنبض !
احترم حالتها النفسية الحساسة ......... وابتسم بحنان بالغ لعيناها الميتتان .....
: شحالج ..؟!
ردت بهدوء جامد: بعدنا عايشين
تأملها بتمعن ملؤه الحب والتفهم ..... قبل ان يحضن كتفها ويقول بهدوء رقيق: تعالي الموتر أبا اقولج شي ...
بذات هدوئها وصمتها .... مشت معه لحيث يتوجه ...... وعندما دخلا للداخل ......... قال: انا ييت عسب اخبر عن شي صار ...... ومحتاي قلبج القوي وتحملج يا روضة .........
: قول ..... عقب الغالية ما عادت تهزني العلوم والاخبار اللي تصدم .......
قال بصرامة: اذكري الله اول ..
نظرت إليه بسخرية مريرة ....... وهتفت بقسوة: منو اللي مات .... ارمس نهيان وبليا مقدمات مالها لزمة ...
نهيان بقسوة: محد مات ... بس اباج تذكرين الله روضة .....
اشاحت بوجهها بحدة تشع قسوةً وقالت على مضض: لا اله الا الله محمد رسول الله ..... ارمس اسمعك .... منو اللي مات يا نهيان ...؟!
زفر بخفة من انفه ...... قبل ان يهتف بنبرة مباشرة: روضة .............. ابوج نش .......
وجهها الأصفر ..... الشاحب حد الموت ........ غدا كـ ورقة بيضاء خاوية من الكلمات ..... والخطوط ....... وتسطير النبضات .....
وكأنها للحظة فقط ........... شعرت بروحها تصعد للسماء وتنزل لقاع الأرض بجنون راعد مريع !
ذهول .......... ذهول قاتل مفجع مميت !
ابوها هي .......... خليفة ابنَ جابر ............... نهض من سباته !
قالت وقد أصبحت شفتاها جافتان رماديتان مرتعشتان: ابويه ........... نش ؟!
امسكها من خلف عنقها ما ان ادرك انها تحبس أنفاسها من غير ان تشعر من هول صدمتها: خذي نفس روضة .. خذي نفس
لكنها لم تأخذ ولو نفساً واحداً ...... بل كررت بصدمة مجنونة فظيعة: مـ ما .... مـ ما .... ابـ ... ابويه انا .... نـ نش ...؟!
هدر نهيان بخوف ملؤه الغضب: قلتلج خذي نفس رووووووضة .....
شقهت بحدة ... بصدرٍ يعلو ويهبط بعد ان اخذت اخيراً اكسجيناً ضخماً من الهواء حولها ........ واردف هو بعد ان تأكد من سلامتها: هيه حبيبتي .... ابوج نش وردلكم اخيراً بالسلامة
ومن غير إحساس ..... اخذت تلطم وجهها وهي تزأر بهستيرية ...... لم تسقط دموعها بعد ....... بل فقط تلطم بهستيرية ..... بوجع ينهش العظام نهشاً .... ويكسر الروح كسراً لا ينجبر ....... وتغمغم بخشونة من بين زئيرها الخائن المختنق وفؤادها الملتاع الدامي: آآآآآآآآه .... لييييشششش
ليش ينش الحييييييييينه ....!!!!
ليش ينش عقب ما راحت جننننننننتي ليييييييييييش ...!!!!
ليش ما نش من اووووول .... قبل لا تروووووح لييييييشششش ...!!!!
فجع من انهيارها المفاجئ ... ولم يجد سوى ان احتضنها بقوة محاولاً تهدئتها وتهدئة خفقاته المرعوبة عليها قبلها: روضة ... رووووضة ... هدي ..... مايوز جيه تقولين يا بنت الحلااااال .. قسم بالله مايووووز ...
اذكري الله وهدي .... قولي لااااا اله الا الله ... اذكري الله .... قولي لاااااا اله الا الله .......
لكنها لم تكن تسمع ........ وكأن خبر استيقاظ والدها كانت القشة التي قسمت ظهر البعير ......... حسرة قلبها على رحيل والدتها تفجرت في اللحظة التي ادركت ان والدها لو اسرع باستيقاظه قليلاً لكانت والدتها قد تنعمت بمرآى عيناه قبل الرحيل ... قبل الوداع .... قبل احتضارها واحتضار افئدة بناتها من بعدها !
كانت تلطم وجهها بجنون وزئيرها الملتاع الخشن يخرج من اعمق قاع من حنجرتها المبحوحة ......
مفجوعة ...... مفجوعة حد النخاع !
التي رحلت أمها ........ جنتها ........... احدى أبواب الجنة التي أغلقت في وجهها بصعود روحها الى بارئها !
رحلت قبل ان ترى رفيق دربها .... زوجها ...... والد بناتها !
ربااااااااااه .......
وبعد ان سجنت دموعها اياماً كالدهر ..... انهمرت تلقائياً وبشكل اقشعر معها بدن نهيان المرتاع ....
اخذ وعيها يُفقد شيئاً فشيئاً امام ناظراه مغمغمةً بحرقة مريرة: آآآآآآآآه يا حرقة فوااااااااااادي يا نهيااااااان ....... يا حرقة فوااااااادي .....
.
.
.
.
.
.
.
هذه المرة لن يتركها حتى تسامحه وتنسى الخلافات التي بينهما
يكفيه جفاءاً .. يكفيه صداً ... يكفيه قسوةً وبروداً وبعداً بغيضاً على نفسه العاشقة لذات العين الناعسة !
التقطت انفه رائحة الطعام من المطبخ ..... ومن غير تفكير .... انجرّ خلف الرائحة ومعه هيامه وشوقه البالغان ....
: شو تسوين ؟!
لم تستدر نحوه ... بل اجابته وهي تقلب مجتوى الطعام في القدر بهدوء بارد: شرات ما تشوف .. اسوي عشا
رفعت بعض الحساء لثغره لتتذوّق الملح .... بينما هو يقترب منها ويقول بنبرة خشنة خافتة: شربيني من هالشوربة ..
ابتعدت غريزياً عنه وهو تقول: ما خلصت بعدها
: عادي .... أبا اذوقها ....
لم تعطه ايّة نظرة حانية منها .... فقط جلبت وعاءاً صغيراً ووضعت فيه قليلاً من الحساء المكون من الفطر والكريما اللذيذة .... وهمست: تفضّل ..
: شربيني انتي ...
رفعت حاجباً قبل ان تقول ببرود اخفت خلفه غضبها من قربه المستفز لها ولشوقها الذي تحاول بقوة اخماده واضعافه: عندك ايد يا بومايد ...
اسند كلتا يداه على الطاولة خلفه وقال رافعاً جانب ثغره ببسمة رجولية متلاعبة عابثة: هاي حجتج عسب ما تلمسيني وتضعفين يا ام مايد ..؟!
اتسعت عيناها صدمةً من كلماته التي باغتتها على حين غرة ... في حين انه لم يترك لها المجال للتنفس ...
سحبها من خصرها بعنف نحوه ...... قبل ان يرفعها بخفة ويستدير ويجلسها عنوةّ فوق الطاولة
اصبحت امامه بالضبط ... وجهاً لوجه ... انفاً لأنف .... فماً لفم !
وقبل هذا وذاك .............. شوقاً لشوق !
دفعته بحدة وهي تشيح بعيناها عنه وتهدر بانفعال:
سـ سيف خووز ... نحن في المطبخ هب في حجرتنا عسب تسوي هالحركات ...
قرّب شفتاه من زاوية شفتيها المرتعشتين قبل ان يهتف بأجش تواق حد السماء/الأرض: اعترفي .... ما تولهتي على حسيه جريب من شفايف واذنيج ؟!
دعك بإثارة انفه على شفتها العلوية واكمل بذات نبرته الخافتة ... الخشنة ... الآسرة: ما تولهتي على ريحتيه .... على نصخيه فوق كل شبر من جسمج وهو غايص في حظني ؟!!
اشتم شعرها بصوتٍ حاد منفعل وقد ثمل تماماً من قربها الساحر وانوثتها الطاغية ....... واردف بلوعة جريئة وقد تخدرت حواسه كلياً: ما تولهتي على شهقات غرام سيف وهو يتنسم هواج ودهن عودج يالظالمة ...؟!
: سـ .... سـ ..... سييييييف
همس بخفقاتٍ كالطبول: يا ويل حال سيف وهو بعيد عنج وعن نصخج .. ارحمي حاله دخيل ابوج سعيد
شيطانها .... وفي لحظة ضعف .... تمكن منها لؤم ..... ولم تعرف كيف تمكنت من دفع سيف بعنف من صدره ..... وهو ...... ولأنه بأكمله كان مخدراً من رحمة غرامه وشوقه .. ولأنه كذلك لم تشفى ساقاه كلياً مائمة بالمئة من بعد العملية ... لم يتمكن من الاتزان ....... وسقط على ظهره ......
صرخت برعب وهي تقفز لتسقط جاثيةً على الأرض قرب رأسه: سييييف .... سييييف ..... والله آآآآسفة ..... والله العظيم آآآآسفة .....
تأوه سيف بوجع .... الا انه اسند جسده بيده ليتمكن من جعل ظهره يستقيم ويجلس ......
قال وقد رف قلبه حناناً لنحيبها المفاجئ وشهقاتها المرتعبة اشد الرعب عليه: حصل خير حصل خير ما صار فيّه شي عنود ...
لكن العنود انفجرت باكية وكأنها كانت تنتظر هذه اللحظة لتُحرر روحها من جثوة الوجع/الغضب عليها !
وبدأت تضربه بهستيرية على صدره وتشتمه: يا حماااااار يا حماااااااار ليش دوووم تروعني عليك ليييييييش !!!
انا شو سويت فيك يالشري .... شو سويت فيييييييك ؟؟!!!!!
قهقه باستمتاع وبريق الغرام يتراقص فوق مقلتاه بهجةً ونشوةً وسعادةً قصوى !
احتضنها وهو ما زال جالساً على الأرض ........ وقال قرب اذنها بعد ان قبّله بجوع وبأنفاسِ هادرة ثقيلة: اشتقت لج يالطفسسسسسه .....
تشبثت بعنقه كـ تشبث الرضيعة الصغيرة بعنق والدها الحنون ....... واكملت بكائها وسكب دموعها على ثوبه حتى ابتل منه ....
تحت اصوات شهقاتها الرقيقة الناعمة .... همس : العنيدي
بعد ان اخذت نفساً قوياً لتسيطر خلاله لى شهقاتها ... همهمت بنبرة مختنقة باكية: همممممممم
: احبج
: وانا اكرهك
انفجر ضاحكاً بمكر محبوب: هههههههههههههههههههههههههههههه ادري حبيبي
مسحت دموعها بخشونة ....... وتحت همسه الثاني ..... الانعم ..... والالذ: العنيدي ....
همهمت مرة أخرى ..... لكن هذه المرة بهدوء تخلله دلع/عتاب/غنج: همممممممممم
: آسف ....
تنهدت بحشرجة سحيقة ..... قبل ان تقول بصوتها المبحوح من اثر البكاء: مرة ثانية دخيلك اي شي يصير خبرني عنه لا تخليه ف خاطرك .. دخيلك ... هذا رجائي الوحيد يا ولد عميه ...
امسك وجهها بكلتا يداه وهو يهتف بصدقٍ شفاف حد الوجع: توبة ... والله توبة .... انا خلاص تعلمت درسيه وما بعيد غلطتيه مرتين
اومأت رأسها بخفة ...... قبل ان تحدّق بعيناه السوداوتان المتوهجتان كالبرق ..... وتهمس بشوقٍ يرعش الفؤاد بصفائه/عذابه: تولهت على عويناتك وهن يبرقن جيه ... عنيه افداهن ...
ابتسم ثغره لها بطريقة ساحرة فاتنة ... قبل ان يهمس قرب شفتيها بمداعبة: بسم الله عليج ... يعلهن هن يفدنّج يا اجمل ما خلق ربي .....
وقبل ان يبادر بالاقتراب لشن الحرب على شوقه الغادر .... هي بادرت وبدأت الحرب عليه ........ بأول سلاح امامها !
بثغره الذي يناديها بأحب الأسماء لقلبها !
.
.
.
.
.
.
.
نزعت عن جسدها غطاء السرير بحدة لتنزل منه بخفقاتٍ تنتفض وجعاً .... وحسرةً لا وصف لهما !
ما زال صدى صفعة عمها ترن كالاجراس الضخمة المرعبة بأذنيها
وكلماته ....... رباه من كلماته !
"
هدر بغضبٍ ناري مخيف: هاي لجل عين بنت العرب اللي ما لقت منك الا سواد الويه وهي عدها عروووسسس
صفعه مرة أخرى واكمل مزمجراً بوحشية: وهاي عسب مرة ثانية ما تنزل راسي يالياااااااهل وتفضحني بين الخلااااايج ....
ضرب على صدره .......... تحت انظار حمد الجامدة الساكنة ........ وتحت شهقات ميرة المرتعبة الخائفة المتوسلة ..... وصرخ: ولديه اناااااا يمد ايده على حرررررمة !!!!!
ما تخيييييييل !!!
ما تستحي !!!!
ما فيك عقققققققل !!!!
تييبها عندنا يا الردي وهي مضروبة ومصطرة ومفلعه !!!!!
انت شفت ويهها يالجلب !!
شفتتتتتتتتتتته !!!!
ماظنتي انك حمد ولديه ..... لا والله ماظنتتتتتتتي ... شو يااااااه عقلك خبررررني ..... شو ياااااااااه !!!!!
: عـ عـ ... عميه ..... د د د دخيلك .... خـ خلااااص .....
استدار نحوها بعنف وهو يهدر: وما تبيني بعد ابرد جبدج وجبديه فيييييييه ....؟!
نظر إليه من بين شرار عيناه واكمل: شو سوتبك المسكينة عسب تسوي فيها جييييييييه !!!! خبررررررررني .....
شو سوتبك يالجلللللب ......
: عـ عميه ... وو .... ورفجه ....... ورفجه خلاص ...... ما ....
صرخ أبا نهيان فيه مطالباً إياه بالتبرير والتحدث: ارمسسسسسسسسس
لكن حمد لم ينبس ببنت شفه ........... كان صامتاً صمتاً مظلماً لا حياة فيه .........!
رفع أبا نهيان اصبعه وهو يقسم: والله ...... واللي رفعهن بليا عمد ..... ان ما رمست وقلت شو.......
هرعت ميرة نحو عمها ....... وتوسلته وهي تتشبث بذراعه برعب هستيري: والله ما تكمل يا عميه ... والله ما تكمل .... ابوس ايدك ..... والله ما تكمل .....
اطبق اسنانه بشراسة تحت قسمها الذي اجبره على قطع قسمه .........
غاضب ......... بل غضبه في الحقيقة كان سببه في المقام الأول خيبته الموجعة من تصرف ابنه الغريب عنه كامل الغرابة
خاب ظنه به وهو الذي ظن ان الأخير .... اصغر أبنائه .... هو اكثر أبنائه ادباً وطيبةً وحلماً وخلقاً عالياً شامخاً !
جميع أبنائه هم هكذا ........ ولا ينكر صدقاً .......... لكن حمد كان يختلف عنهم بشكل مميز خاص .........
رباااااااااه ......... لكم خاب ظنه به ...... لكم خاب .............!!
أسندت جبهتها بذراعه مخبئةً وجهها بين طياته وهي تهذي بخوف شديد وصل عيان السماء: ا .... أبا ارد بيت ابويه ..... دخيلك عميه ....... دخيلك ....... ردني بيت ابويه ........ مابا اتم هنيه ......... الله يخلييييييك .......
احتضن رأسها من الخلف بعاطفةٍ ابوية عنيفة وهدر: ما الج ظهره من بيت نهيان الحر وراسه يتنسم هوا الدنيا .... ها بيتج يا ابويه ولو حد بيظهر فـ هو هالياهل اللي ما عرفنا انربيه ..... يا خيبتيه فيك بس يالردي ...... يا خيبتيه فيك ...
اردف مزمجراً له: شل قشارك يلا واظهر ..... مابا اشوفك يلين ما ترد حمد اللي اعرررررفه ..... يلااااااااا .....
زوووول .......
اخفض حمد اهدابه معتكفاً الصمت التام ..... قبل ان يومئ رأسه بهدوء ....... ويخرج من الغرفة التي كانت لتكون غرفته وعروسه ... لكنه ويالحسرة قلبه ... هدم حياتهما بيداه الاثنتان !
قال لها بصرامة: ظهره من هالبيت ماشي ...... انتي غديتي بنتنا نحن .....
: انا ... مـ مابا ... مـ مابا اتم هنيه عميه ... د دخيلك .... أبا ارد بيت ابووويه ...
لم يكن يرى جرحاً وألماً بعيناها اكثر مما كان يرى هلعاً ورعباً وتخبطاً ....... شعر بالشفقة والحنان تنهشان فؤاده عليها
غرسها اكثر في حضنه وهو يغمغم بغلظة أليمة: والله يالغالية ما بيصير الا اللي تبينه .... بس خلينا نكفر عن سواة ولدنا فيج لو كم يوم بس وعقبها لكل حادث حديث ..... اللي سواه بج هالردي معور فواديه يا بنتيه ....... حسبي الله عليه .... حسبي الله عليييييه
"
عاد لها ذهن على صوت خطوات ثقيلة قرب باب غرفتها
في الخارج
......: زخيتوها بنت الحرام بشكارة قوم بن خويدم ..؟!
......: هيه نعم بوعبيد ... وبتاخذ عقابها وزود بعد ...
........: تسلم خلفان كثّر الله من امثالك ....
خلفان: واجبنا بوعبيد ...
اغلق الهاتف عن الرجل ..... وفكره يحلق في دوامة لا قرارة فيها ........
ألف شعور يخدشه الآن بلا رحمة .......... واوله "إحساس النجاسة" !
يالله ............ أحقاً هو من قام بكل تلك الأفعال بتلك الصغيرة البريئة !
يالهول نجاستك يا حمد ..... يالهولها !
مسد أصابعه بأرق وارهاق لا نهاية لهما ...... وقرّر ان يكمل ما اتى من اجله لمنزل والده بعد ان طرده الأخير البارحة شر طردة !
يريد اخذ باقي ملابسه .... وحقيبته ....... فـ خلفه طائرةٌ تنتظره الآن ......
بخطوات ثقيلة متخاذلة .. اقترب من الباب ..... وفتحه بهدوء .... قبل ان يدلف للداخل ..... ويراها واقفة امامه
فكّر بلوعة
أفعلته بحق هذه الصغيرة جعلت عيناها وجمالها يتوحشان ويتمردان بهذه الطريقة الباذخة المؤذية لرجولته !
انزل عيناه .... ومر من قربها متجهاً لخزانة ملابسه ..... اخذ حقيبة صغيرة كانت قابعة فوق الخزانة ....
وبدأ يضع ملابسه كيفما كان داخل الحقيبة من غير ترتيب ولا اهتمام .......
بعدها استدار ليخرج من الغرفة ..........
لا يريد ان يراها ........ بل لا يستطيع ............... نجاسته تمنعه وتحتم عليه الابتعاد اكبر قدر ممكن عن هالة طهرها وبرائتها وعذرية روحها ......
الا انه توقف ما ان اتاه صوتها الناعم ..... الحازم ... القوي: لو سمحت ... اصبر
اغمض عيناه بقوة ........ شاعراً بخفقاته تكاد تخونه تفضح شوقه المجنون لها ووجعه العاصف بما آلت اليه الأمور بينهما
هتفت من بين اسنانها: شحقه ما بررت على الأقل لابوك عسب ما يهينك جداميه ويروغك من البيت ..!!
ابتسم بسمةً لم تتجاوز حدود عيناه .......... وقال باقتضاب بالغ:
شحقه استخدم شي لصالحي وانا اعرف انه ما بيزيدني إلا احتقار لـ عمريه ؟!
وكيف اطوف على عمريه فرصة اني اردلج لو شويه من كرامتج اللي انهدرت بسبتيه ..؟!
اطبقت فكيها ببعضهما بعنف قبل ان تهدر من بين شرار عيناها الجريحتان: كرامتيه ما بتردليه بشوفتك مذلووول
اومئ برأسه بثقة .... وبنظرة رجولية شامخة رغم ذبولها/شحوبها ...... وهتف: اعرف شو تبين ... وبسويه لا تستعيلين ... ما بعذبج ويايه زود واغصبج تعيشين مع واحد خسيس ونذل شراتي ...
ما ارضاها على ختيه عسب ارضاها عليج يا بنت عبدالله ...
شخرت باحتقار/سخرية مريرة ..... قبل ان تقول بنبرة لاذعة: شو اعتبر كلامك ...؟!
وحدة من أساليب تخفيف الذنب على الذات ..؟!
: لا .... وحده من أساليب علاج الذات المريضة
ارتعش فكها وجعاً علقمياً ..... قبل ان تشيح بعيناها وتقول بقسوة: كيف تأكدت ان ذاتك مريضة ...؟!
كيف عمتيه اقنعتك بشي انا ما رمت اقنعك فيه ...؟!
شو قالتلك ..؟!
اخفض حمد رأسه خزياً ..... ولم يتمكن بالتفوه بأي كلمة ..... الا انه قال ويحرك خطواته الثقيلة باتجاه الباب: عرفت منها الصدق وبس .....
رباه ........... تشعر بسكاكين الكره والغل والحقد تقطعان لحمها اوصالاً ......
غمغمت بذات مشاعرها الفائرة المتوجعة الصارخة بالجرح: يعلني ماشوفك ولا اطيح عينيه عليك مرة ثانية ..... اكرهك يا حمد كثر ما حبيتك في يوم ... كثر ما تولهت على قربك في يوم ... كثر احلاميه اللي رسمتها معاك في يوم ....
اكرررررررررررهك
عض شفته السفلى بمشاعر حارقة ............ حارقة حد النواح/الصراخ ......... لكنه تشبث ببقايا تحكمه بنفسه ....... وخرج لاعناً ابليسه الذي تركه يفعل ما هو البشع/الفظيع بحق فتاة لم يكن ذنبها سوى انها ارتبطت به هو !
.
.
.
.
.
.
.
وضع قلم الحبر فوق الطاولة ما ان رآها تمر امام مكتبه المفتوح امام الرائج والغادي
ناداها بصوتٍ هادئ رخيم: حنان
وقفت وهي تعقد حاجبيها بضيق ........ قبل ان تعود خطوتان الى الوراء .... وتقول باقتضاب: هلا
نهض من مقعده ...... واقترب منها قبل ان يضع ذراعه على اطار الباب الخشبي ..... ويقول: نتايج الدم بتظهر باجر ان شاء الله
هزت كتفيها ببرود شديد وهي تقول: ما فيّه شي الحمدلله ... هب محتايه اتعنى للعيادة عشانها ... السموحه بسير المطبخ
تركته واكملت خطواتها نحو المطبخ ........ الا انها توقفت ما ان قال بغموض وهو يخرج من مكتبه ويقف معها في الممر شبه المنير: يمكن حامل ..
رفع حاجباً بغيظ تفجر بالخجل ..... بينما اكمل محاولاً احراجها: اوه صح ... نسيت انج قلتي حق الدكتورة جداميه انها يتج هالشهر في وقتها ....
تمكن بحق من جعل وجهها بأكمله يتورد ويحتقن بشكل لذيذ "اثاره/ألهبه حد اللامعقول" .... لكنها رصت على اسنانها وقالت راغبةً بجرحه كما كان يجرحها دوماً: الحمل شي ما اتمناه الصراحة
توهجت مقلتاه بالغضب ............ وبالكبرياء الغارق بوحل يعود عمره سنيناً من المرارة والفقد والبرود !
أكملت غير شاعرةً انها تمس نقطة شديدةَ الحساسية في وجدانه الملتاع:
لانيه يا استاذ أحمد مابا ولديه يعيش مع ابو مريض بالشك والقسوة والبرود والاحساس الميت .... مابا ولديه يتربى على ايد ابو ما يشوف أمه إلا سلعة رخيصة تعفد من ايد فلان لعلان
مابا ولدديـ.............
قاطعها بصوتٍ كالفحيح ..... خافت .... مختنق ...... مرعب: سكككككككتي ......
ومن غير ان يشعر بنفسه الهائمة على وجهها توهاناً .. وتخبطاً .. وألماً .... وخيبةً ........ عاد لغرفة مكتبه ..... واغلق بابها خلفه !
.
.
.
.
.
.
.
تمشي خلال الممر الذي حفظته عن ظهر غيب لسنوات طويلة
لخمسة عشر سنة تقريباً
تمشي بتعثر ..... بلهفة هستيرية ...... برعب يجعلها ترتعد بأكملها بلا توقف
كلمات شقيقتها فاطمة الباكية المختنقة المتفجرة بالسعادة ما زالت ترن بأذنيها .....
"
: شيخه ..... ا ا احم .... شـ شـ شيخخخه ....
أبا اقولج عن شي صار ....
: ام حمود دخيلج قلبي هب متحمل عذاب ايديد .... لو شي هب زين مابا اعرفه .... دددددخيلج
فاطمة بهلع: لا لا ... لا يا عيوني شي زين ..... والله
ثم انفجر باكية بحزن قبل ان تكمل من بين دموعها المنهمرة: زين بس ييته بططططت ..... بططططت واااااااايد ...
تساءلت بصوت مرتعش مرتعب: شـ ... شو هو اللي ييته بطت ؟!!
ابتلعت فاطمة ريقها الجاف ..... وهي تمسح دموعها بحدة .... وقالت بنبرة مبحوحة: ا .... ابوونا
فجأة ... لم تعرف كيف داهمها رعبٌ شديد ...... واسوء الظنون قد شنت عليها افظع الحروب ....
اخذت تهز رأسها بحدة وتصيح: لاااا .... لااا تقولين مات ..... الله يخليج ...... ورفجه ما تقولين انه ماااات ...
صاحت فاطمة نافيةً بخوف: لا شيخه لااااا
احتضنت جسد شقيقتها المنتفض من الرعب .. والحزن ...... قبل ان تردف وهي تسدل اجفانها بقوة:
ابونا نش ..... خليفة بن يابر نش يا شيخه ...... نششششش
"
رباه .............. وها هي الآن تقف كالعاجزة امام غرفة من انتظرت رؤية عيناه منذ دهراً كاملاً .....
خائفة من رؤيته ........ بل مرعوبة ولا تكاد تستطيع الاتزان بوقفتها والتصرف كما ينبغي لفتاة ترى والدها المريض يحيى من جديد امامها !
ليتها رافقت فاطمة قبل ساعة ولم تجبن ...... ليت روضة معها ولم تفضّل المكوث في المنزل "لأسبابٍ تجهلها تماماً" وساعدتها على تخطي هذا الموقف المهيب المخيف ......
يالله ...... اعنّي .....
كن بجانبي والهمني القوة لمواجهته ........ اتوسل إليك .........
اخذت عدة انفاساً عنيفة ثقيلة متهدجة ...... قبل ان تمسك مقبض الباب ....... وتفتحه .......
رفعت عيناها بتلكؤ متخبط بطيء سببه الأول والأخير ......... هلعها الراعد !
الا ان هلعها وكل مشاعرها الثائرة ........ تجسدت على هيئة شهقة ناعمة حادة مصدومة خرجت برعب من حنجرتها .......... ما ان سقط ناظرها .......... على عيناه المفتوحتان ..... اللتان هربتا من ابنته الكبرى فاطمة ............ اليها هي !
ابنته الصغرى ....... شيخة !
نهــــاية الجــــزء الخــــامس والستــــون
|