كاتب الموضوع :
لولوھ بنت عبدالله،
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
الجزء السابع والأربعون
(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)
الجــــزء السابــــع والأربعــــون
،
زمن يعربد في الأماني كلها
ما أتعس الدنيا بغير أماني
يا بحر أسكرني الزمان بخمره
مغشوشة عصفت بكل كياني
كم خادعتني في الظلام ظلالها
كم أمسكت عند الحديث لساني
ما كنت احسب ذات يوم أنني
سأصير إنسانا .. بلا إنسان
لـ فاروق جويدة
،
اجلست فطيم امامها وبدأت تمشط شعرها الذي غدا بعد الحناء احمر يشع بهاءاً وفتنة .. ابتسمت برقة وهمست: تبارك الرحمن شعرج غدا غاوي عقب الحنا ..
ابتسمت فطيم بخجل وقالت: هيه حبيته .. مع انيه ماداني الحنا ولا اداني اغسل شعريه عنه .. بس ماعرف شياني هالمره ودق في راسي احطه ..
: هوووود هوووووود
اسرعت شما بإنزال ثوبها العربي على ساقيها المكشوفتين قليلاً واسدلت غطاء رأسها على جانب وجهها .. واجابت بصوت انثوي رنان بعد ان وقفت: هدااا هدااا يا بوذيااااب اقرب ..
دخل ابا ذياب صالة المنزل ملقياً السلام بصوته الرجولي الخشن .. واجابت شما تحية اخ زوجها بينما اقتربت فطيم من والدها لتحرك شعرها بغنج طفولي امامه وتقول بدلع حلو المذاق: باباااااااااتي شرايك في شعريه ..؟!
توهجت عينا والدها ذهولاً/اعجاباً وقال: ما شاء الله لا حول ولا قوة الا بالله .. محلااااااه ..
شو طاري عليج الحنا .. احيدج ما ادانينه ..
عضت شفتها السفلية حياءاً .. واجابت بذات غنجها الجميل: هههههههههههههههههه بس جيه دق في راسي
اتى حمدان من خلف والده مغلقاً انفه باصابعه هاتفاً بفظاظة طفولية: يععععععع ريحتج خايسة فطيمووووه ..
اتسعت عيناها دهشةً .. وقالت بغيظ متهكم: حمدانووووه يالحمااااااار ..
حمدان بذات نفوره/فظاظته الطفولية: اخيج .. ريحتج حناااا .. خوزي خوزي ماداني ريحة الحناااااا ..
قهقهت شما بخفوت وقالت لحمدان بنظرة من تحت رموشها المعقوفة الفاتنة: خل اختك وتعال سلم .. تتحراني بخليك قبل لا اهزبك يا بوهامل ..!!
جاني من جم يوم انا بايته عندكم وتوني الا اشوف ويهك ..
عقد ابا ذياب حاجبيه باستنكار موبخاً ولده بصرامة: امفففف يالهرم .. ما سلمت على حرمة عمك ..!!
سر سر سلم قبل لا احيس اذنيك ..
مسد حمدان رقبته بخجل صبياني .. واقترب من شما قبل ان يمد يده إليها ليسلم .. لكنها ما ان امسكت يده حتى جرته بحنية بالغة إليها وقربت انفها من انفه وسلمت عليه .. ثم همست: شحالك فديتك ..؟!
زاد احتقان وجه حمدان خجلاً .. وقال بفم مزموم ونبرة اخشوشنت من الارتباك: الحمدلله خالوه شما .. انتي شحالج ..؟!
وضعت ذراعها على كتفه القصير وجعلته يتحرك ويقف بجانبها لتقول: انا الحمدلله بخير وعافيه حبيبي ..
رفعت ذقنها قليلاً لتهتف لأبا ذياب بنبرة حازمة دافئة وعيناها على الارض احتراماً: بوذياب شحوالك الغالي يعلك الا بخير ..؟!
اجابها ابا ذياب بنبرة ابوية موغلة بالود/المحبة: بخير وصحة وعافية يسرج الحال بنتيه .. انتي شحالج ابويه وشحال الوالد والاهل ..؟!
شما: كلنا بخير وعافيه ربيه يخليك ويحفظك يا بوذياب ..
عقد ابا ذياب حاجبيه هاتفاً بتفكه لطيف: اشوف ريلج عيبته يلسة ماليزيا هب ناوي يرد ..
اصاب بؤرة مرارة الشوق في روحها ..!!
اصاب وجرح بغير علم منه البتة ..!!
انزلت رأسها وعواصف الحزن/اعاصير حسرة الفراق قد اعلنت ترحيبها الكامل لتعذيبها من جديد .. ردت بهمس باسم .. باسم وانما بصورة أليمة/ذابلة/مرتعشة: شكله جيه الظاهر ..
هتف ابا ذياب من جديد وكأنه لا يعلم ان مجرد ذكر اسم ذلك القاسي يجدد خلايا الوجع في جوفها: انزين هو ما قال حده عشر تيام وبيرد ..!! شو خلاه يتم زود هناك ..!!
هزت شما كتفها بشعور داخلي غارق بالحيلة المعدومة الباكية .. واجابت بنبرة جامدة: ماعرف والله .. العلم عند الله ..
تمتم ابا ذياب باستنكار هادئ: الله يهداه بعد ما يستوي ما يعيّد ويانا ..
حسناً .. لقد اصاب هذا الانسان بؤرة حسّاسة أخرى في روحها ..!!
أصاب مكمن حسرتها العارمة في انها لن تشهد اول عيد بعد زواجها مع مالك قلبها ..!!
بحق الله يا هامل .. لا تزد مواجع الروح ارجوك ..
يكفي ان حيرةً مجنونة/قلقاً اشد جنوناً يعصران اوردة قلبي بضراوة قاسية لا ترحم .....
تبادل ابا ذياب حديثاً آخر سريع مع شما وابنته قبل ان ينهض ليصلي العشاء الذي لا يتبعه هذه المرة للأسف صلاة التراويح .. بينما هرولت فطيم الى غرفتها لتعطر شعرها بعطر خاص للشعر بعد ان اغتاظت من حمدان الذي ظل طيلة الوقت مبتعداً عنها "بنفور متسلي متعمد" من رائحة الحناء ..!!
.
.
.
.
.
.
.
رجع من العاصمة ابوظبي بعد ان كان في منزله الجديد يشرف على شركة التنظيف التي تكفلت بطلبٍ منه بتنظيف المنزل بمخارجه ومداخله وممراته ..
يعلم ان والدته حزينة بتركه واولاده المنزل لكن نفور مقيت يحثه على الابتعاد عن كل شيء يخص "تلك" ..!!
ورغبة اخرى غريبة هستيرية تخصه هو .... هو فقط ..!!!!
دخل المنزل .. وسرعان ما لانت ملامحه المتصلبة عندما رآى شقيقاه عبدالله وبطي يتصدران الصالة بجلستهما الرجولية واصواتهما الفخمة الرنانة ..
: السلام عليكم ..
رد الشقيقان بدفئ/ود: وعليكم السلااااام ورحمة الله وبركاته ..
سلم على اشقائه بالأنف .. وجلس قبل ان يهتف بتساؤل: عيل الشيبة وين ..؟!
بطي ببسمة خفيفة: شيبتك عند عيوزك .. ادهن ظهره بفكس ..
تلألئ ثغره بابتسامة مرحة وقال: ابوكم هب لاقي شميم ادلعه وحوّل على امكم
قهقه عبدالله شقيقهم الاكبر بـ بحة فخمة .. وقال: هيه والله .. ما سوى ولد ظاعن في خويدم خير يوم انه خذاها عنه ..
اثنان تصلبت احاسيسهم بعنف .. احدهما يحمل خيبة لا تضاهيها خيبة على من ذُكر اسمه للتو .. والآخر يحمل غضب اسوداً مريراً على من تركته يتجرع عذاب حب لم يكن له .. وقلب لم يكن ملكه ..... بل ملك ابن عمها ...!!
حل صمت مريب أشعر عبدالله بالتوجس رغماً عنه .. رفع حاجباً واحداً وقال باستغراب: بلاكم جيه صخيتوا ..!!!
تنحنح بطي ليتدارك الموقف جاهلاً سبب صمت احمد .. وقال ببسمة مصطنعة: ماشي والله افكر بولدك .. متى قلتلي عمليته ..؟!
اجابه عبدالله بعفوية: عقب اسبوع اذا الله كتب ..
بطي: ان شاء الله
وقف احمد بملامحَ مقتضبة غامضة .. وقال: ساير الحلاق تامرونا على شي ..؟!
وقف بطي كذلك ليطبطب على كتف احمد بأخوية ملؤها المحبة: سلامة راسك معرسنا ..
اردف مداعباً مغيظاً: هالله هالله بالشغل المرتب خل الهندي يضبطلك هاللحية اللي جنها لحية تيس ..
دفعه احمد بخشونة فجة وهو يضحك بخفة .... ثم قال بنبرة ساخرة: اقول خل عنك بس .. ياي تختق علينا عقب ما حلقت .. نسيت كيف كان شكلك البارحة ..!!
جنك الا واحد توه ظاهر من غوانتنامو ..
ضحك عبدالله من غير صوت على المشاكسة الكلامية بين اشقائه الصغار .. يتشاكسون على بعضهم وكأن الزمن لم يحفر على تقاطيع وجوههم علامات سنينه الطويلة ..!!
انتشر ضباب رمادي فوق نظرة عيناه .. وأمنية يتيمة ..
يتيمة صغيرة "مستحيلة كاستحالة تجمد الشمس" تنهش عظامه ..
تمنى لو كان سعيد بينهم الآن ......
يعلم انها امنية لا تقبل ان توضع في خانة الواقعية/الاحتمال .. الا انه رغماً عنه تمناها بكل نبض فيه ..!!
تنهد بقرارة نفسه بألم ماكن في الروح .. ودعا له بالرحمة والمغفرة .. فهذا كل ما يحتاجه الآن في قبره ....
.
.
.
.
.
.
.
رنين هاتفها تكرر بشكل مزعج .. ازعج سكينة نفسها وهدوء الهواء في الغرفة .. لكنها لم تستله .. ليس وهي قد قررت بتصميم شديد ان تختم هذا المصحف الليلة .. والآن بإذن الله ..
وبعد دقائق .. كانت تقرأ دعاء ختم القرآن ودمعة انفلتت من عينها اليمنى حبوراً/امتناناً للرحمن الرحيم ..
أهناك أجمل من ان تتمكن بفضل الله من ختم كتابه الكريم للمرة الثالثة في رمضان .. وان تهدي اجر الختمة الأخيرة لـ "عزيز" ..!!
أجل عــزيــز ..!!
تريد تصنيفه تحت هذا المسمى حتى يكتب الله بينهما رباط الحلال ..
فليكن الحبيب المختبئ تحت وشاح المعزة حتى تشهد اليوم الذي تستطيع فيه بكل شجاعة/فخر ان تخلع هذا الوشاح وتعلن لقلبها .. لذاتها .. وللجميع انه هو الحبيب .. والخليل .. ورفيق الروح ..!!
اغلقت المصحف واحتضنته بين كفوفها .. وهمست بسعادة مؤثرة: اللهم لك الحمد ..
رن هاتفها مرة أخرى .. وهذه المرة كان لابد لها ان تستله وتعرف صاحب المكالمة المزعجة ..
عقدت حاجبيها باستغراب من الرقم المجهول .. وهتفت بأنوثة صوتها الرقيق: ألو ..
: آ آ السلام عليكم ..
ابتسمت روضة بدهشة وقد عرفت صاحبة الصوت المتلعثم المرتبك .. وردت: وعليكم السلام ورحمة الله .. رفعة صح ..؟!
رفعة: ا ا احم .. هيه رفعة .. آسفة لو اتصلتبج في وقت غلط بس انا من زمان احاول ارمسج بس ما كنتي تردين عليه ..
روضة بذهول: اتصلتي عليه ..!! .... متى ..؟!
رفعة: من اكثر عن اسبوعين وانا اتصل بس يظهرلي مغلق ..
روضة: اوووه .. السموحة فديتج كنت مسافرة العمره هاذيج الايام .. ورقمج ها هب مخزن عندي عسب جيه ماعرفتج .. وانا مارد دوم على ارقام غريبه ..
رفعة: عمرة مقبولة ..
روضة ببسمة حانية: الله يتقبل منا ومنكم صالح الاعمال .. وعقبالج ان شاء الله زيارة بيت الله ..
اسبلت رفعة اهدابها بحسرة معتمة .. فـ هي خير من يعلم ان هذا الامر صعب حد الاستحالة .... صعب مع حياتها المريعة وظلمة فقرها ووساخة البشر من حولها ... يالله .... كم هي ذابلة .... ذابلة الروح وذابلة القلب ........
ردت بهمس مقتضب: اللهم آمين
اردفت بعد ان تنهدت بصمت سحيق: روضة بغيت اطلب منج طلب .. وماعرف لو يستوي من الاساس اطلبه ولا لا ..
شعرت روضة بالاستغراب .. الا انها اخفت ما فيها خلف دماثة اخلاقها: آمريني حبيبتي شو بغيتي ...؟!
ازدردت ريقها الجاف بصعوبة كصعوبة ما ترغب بالتفوه به .. وقالت بعد تردد مرتبك: ابا ازور الوالد في المستشفى ..
رفعت كلتا حاجبيها بـ صدمة مباغتة .. وهتفت: تقصدين ابويه ..؟!
رفعة: آ آ آ هيه .. ابوج ..
.
.
.
.
.
.
.
: شما الغالية شلي فطيم وخطفن عليه بيت عميه زايد .. نص الليل الحينه ومابا ارد ويه الدريول والبشكارة روحي ..
هتفت شما بلطف: فالج طيب .. الحينه بنييج ان شاء الله ..
اردفت ببسمة لم تخرج من حدود مقلتيها: علومها العروس .. خلصت من الحنا ولا بعدها ..!!
ناعمة: لا خلصت الحمدلله .. ما شاء الله هالحنايه ايدها خفيفة تحني بسرعة ..
شما: زين الحمدلله .. يلا برايج بسير البس عباتي ..
اغلقت الهاتف وفكرها ينتقل لمكان آخر .. لأشخاص آخرين .. تحديداً لـ شقيقها احمد وعروسه .....
لن تكذب وتقول انها لم تنصعق كالباقي من قرار زواجه المفاجئ من حنان والذي علمت به منذ اسبوعان .. بل دهشت حد اللامعقول ..!!
من كان يظن ان احمد سيفكر بالزواج مرة اخرى وخلال مدة زمنية قصيرة ..!!
وكأن رحيل عوشة وذكراها قد مروا مرور الكرام بلا مطبات وعوائق روحية تُذكر في دواخل نفسه ..
من كان يعتقد اساساً ان اول شخص سيفكر احمد بالزواج منها هي شقيقتها لا غير ..!!
لن تدعي عدم حدوث عاصفة من مشاعر خبيثة في روحها ما ان وصلها الخبر .. مشاعر خبيثة منتشية موغلة بانتقام اعتبرته فيما بعد تافهاً ساذجاً ....!!!
أتريد الانتقام من امرأة هدمت علاقتها بـ حبيبها وهي ميتة الآن وتحت التراب ...!!!
أتريد الانتقام منها بالتشفي الطفولي الذي لن يعود بفائدةٍ عليها ولا على احد ...!!!
فلتنتقم هي من نفسها لأنها كانت أداة سهلة مغفلة لـ خبث البشر ومكائدهم من حولها ....
آآه ...
رغم هذا ... لم تستطع منع سريان بهجة صافية اللون داخل شرايينها .. ابتهجت لأنه وبشكل غير مباشر سيبتعد عن ذكريات امرأة سببت الآلام له ... آلام ببرودها القاسي/الجاف والذي كان واضحاً للجميع ...
حتى لو كان من اختارها هي شقيقتها ..!!
حسناً .. هي متخوفة من فكرة ان حنان "كـ شقيقتها" .. فهي في الحقيقة لم تعاشرها كـ عوشة ونادراً ما كانت تختلط معها في مجالس النساء وجلساتهن التي لا تنقطع ..
متخوفة وقلقة لكنها تؤمن بأن الله لن يرزق شقيقها هذه المرة الا بالتي ستحسن تقدير قلبه النقي .. وستعرف قيمة ما تمتلكه بحق ..!!!
هي هكذا .. لا تحب ان تترك لمخاوفها فرصة لبث التشاؤم فيها .. تؤمن بأن الله يحمل لنا سعادات/عطايا لا تقبل انصاف بلاغة التشابيه العربية ولا اوصاف مُبهرة مبتورة الساقين ...!!
الامر فقط يتطلب "الايمان" .. الايمان بالله فقط ..!!
همست بقلب غارق بالمحبة/الرجاء: يعل الهنا والسرور فالك يا خويه .. ما تستاهل الا كل خير والله ..
.
.
.
.
.
.
.
دبــي
بعد صلاة العيد بساعتين
رفع يده لجميع الرجال ما ان دخل مجلس جده الضخم والذي امتلئ بالأقارب والجيران المهنئين: السلام عليكم جميعاً ..
وقف الجميع هاتفين بأصوات تفرقت بين مسن وشاب ومراهق وصبي: وعليكم السلام ورحمة الله ..
اسرع خطواته الى جده كي يمنعه من الوقوف .. وامسك بكتفه قبل ان ينحني إليه ليقبل رأسه ويده اليمنى اجلالاً هاتفاً بصوته الرجولي الفخم: مباركن عيدك الغالي .. وتقبل الله صيامك وقيامك وطاعتك ..
رد جده بنظرة التمعت بالمحبة الخالصة "الخاصة بـ هذا الشاب المتفرد": علينا وعليك ابويه كل سنة وكل حوووول .. عسى الله يتقبل منا ومنكم صالح الاعمال ..
استقام بجسده ذو الطول الفارع هو يرمي برجولية طرف شماغه فوق رأسه .. واخذ يسلم على اخواله عبيد ومصبح وابناء اخواله نهيان وفلاح وحمد ثم على جميع الرجال الحاظرين ..
اقترب نهيان من رأسه وهمس: الحربي بشرني شو صحة ابراهيم الحين ..؟!
اجابه حارب وقد بدا على وجهه امارات الاستياء: والله يا ولد الخال بعده تحت رحمة الله .. رمست البارحة سلطان وايقول حاله مثل ما هو ..
غمغم نهيان بقهر ومن بين اسنانه: الله يلعـ.. عيال الـ...
تنهد حارب بصوت غير مسموع .. وقال بحزم غارق بالرجاء الخالص: الله ايقومه بالسلامة .. والله لو ما عق بومييد عليه يمين ارد البلاد وهو يتم وياه جان ما رديت .. اخس شي يوم تشوف خويّك يتضرر ويتعور بسبتك .. حسبي الله ونعم الوكيل ..
عقد نهيان حاجبيه بضيق .. وقال محاولاً تخفيف ألم النفس على ابن عمته: ياخي شو عرفك انه كان يدورك ويترياك برع المكان .. هو من روحه تصرف الله يهداه بليا مشاور ..
ربت على فخذه واكمل بثقة عالية: بإذن الله بينش بالسلامة ماعليك .. الله سلمه ويت الرصاصة فوق قلبه ..
حارب: الحمدلله رب العالمين ..
اضاف بقلق: بومييد وصاني ماقول لحد عن مكانه .. اخاف الحينه حد من قوم عميه بوسعيد ولا عميه بوذياب يتنشد عنه .. أنت انتبه عن لا يزل لسانك ..
رفع نهيان حاجباً واحداً بسخرية مرحة وهو يضرب بخفة ذراع حارب اليسرى بكوعه: لا تحاتي يا ولد جانجوس ..
كشر حارب وجهه ببغض .. وقال: خس الله اليهود .. محد ودا ابراهيم هالمسكين في داهية الا ها ولد جانجوس .. يعله النفاد ..
قال نهيان محاولاً كتم ضحكته العالية: فوق ما الريال ميت بعد تدعي عليه بالنفاد ..
عقد حاجبيه ببسمة شريرة متسلية .. وقال: هيه تعالو مبونه ميت الريال ..
نهيان: هههههههههههههههههههههههههههههه
وقف هاتفاً بـ دفئ وكأنه تذكر امراً: بييبلك عبيد .. توه سار عند امايه عسب اتغسله .. ما شاء الله عليه خيّس كل كندروته من الحلاوة ..
ابتسمت عينا حارب شوقاً لذلك الطفل الذي الى الآن لم يره مع غرقه الشديد بالعمل .. فهو بجانب عمله مع سلطان .. قد بدأ يأسس منذ فترة قصيرة مشروعه الذي لطالما حلم به ..
بعد دقائق ..
كان عبيد يجلس على فخذ حارب .. ويتأمل وجهه بفضول طفولي لذيذ .. لم يستطع حارب كبح قهقهته خاصةً وهو يرى عينا هذا الصغير تحدقان بندبته بشيء من الفضول .. والرهبة .. والحيرة ..
هتف موجهاً حديثه لنهيان بمداعبة ساخرة: ابوي شلوا ولدكم .. طاعو شقى زايغ مني ..
اجاب حمد القريب من ابن عمته ببسمة خافتة: لا هب زايغ بس هو جيه يوم يشوف حد اول مرة ..
اشر عبيد على ندبة حارب وسأل ببراءة شديدة: شو هااا ..؟!
اشر حارب على ندبته .. واجاب بعد ان رفع حاجباه ببسمة متفكهة: هااا ..!!! هااا سلمك الله فلعة ..
انزل نهيان عيناه ببسمة خافتة تخللها حرج من سؤال ابنه .. فهو يعرف حق المعرفة مدى حساسية هذا الموضوع بالنسبة لحارب .. ويعرف ان خلف ندبته قصة أليمة غامضة مجهولة للجميع .. اكتشف هذا الأمر بعد ان حاول مرة سؤاله عنها .. وياللوجع .. رآى كمية مظلمة مرعبة من مرارة/حسرة لا نهاية لانبثاقهما من مقلتاه .. وناور في الاجابة بشكل اعلمه ان الامر غير قابل للنقاش .. ولا للحديث عنه ..!!
فرحّب بفكرة تغيير مجرى الحديث ولم يعد يسأل عن الأمر فيما بعد .. وطلب كذلك من الجميع "بسرية خالصة" ان لا يسألوه لحساسيته الشديدة عليه ...!!
سمع ابنه يسأل حارب بذات نبرته البريئة: شو يعني فلعة ..؟!
قهقه حارب وفلاح الذي اقترب منهم للتو .. والذي قال بسخرية: هههههههههههههههههههههههههههه ياهي حااااله .. بوعبيد شل ولدك قبل لا يصدع روسنا باسئلته اللي ما تخلص شو يعني ولماذا وعلل ..
اعطى حارب بسمة حانية صافية لـ الصغير .. واجابه بروح سمحة: فلعة فديتك يعني ضربة ..
اتسعت عينا عبيد بذهول .. وعاد يسأل بحماس شديد: ضرررربة ...!!!
انت وايد كبير كيف يضربووونك ..!!!
ثم شهق بنعومة صوته الصغير واكمل: ليش ضربووووك ...!!!
ذبلت ابتسامة حارب بمشاعر عاصفة هوجاء اخفاها بجدارة .. وهمّ بأن يرد على تساؤلاته بإجابة تناسب عقله الصغير الا ان نهيان قطع الحديث الجاري بحزم لطيف: خل عنك عبيد .. هذا ما شاء الله عليه ما بيسكت ان عطيته ويه .. حمد سر وده داخل ..
حمد: يلا عبيدان تعال ..
قبّل حارب رأس الصغير بعاطفة جياشة .. وتركه ينزل من حضنه ليذهب مع عمه ..
استدار لـ فلاح الذي وجه له سؤالاً عفوياً: ها بومحمد .. ياينا من بوظبي ولا راس الخيمة ..؟!
حارب: لا والله من بوظبي .. ومن عندكم بويّه صوب راس الخيمة ان شاء الله .. بسلم واعيد على الشواب وخلاف العين بشل عمتيه والحريم وبردهن ويايه بوظبي .. اليوم ترى ملجة بوزايد على بنت عميه بوحميد ..
نهيان: هيه تبارك الله .. الله يوفجهم ويبارجلهم .. عزمنا عميه بوحميد .. نحن ان شاء الله بنروّح صوبهم عقب صلاة العصر ..
هتف فلاح لـ حارب: اووووه الله ايعينك وراك خطوط عيل ..
حارب: ههههههههههههههههههههههههه ماعليك ظاري انا على هالسالفة ..
ثم اضاف بمداعبة حلوة: مربع برمودا بوظبي دبي العين راس الخيمة .. راس الخيمة العين دبي بوظبي ..
نهيان + فلاح: هههههههههههههههههههههههههههههههه ..
.
.
.
.
.
.
.
هذه كانت المرة العاشرة التي تتصل به .. المكالمة رقم عشرة .. وكباقي اخواتها كانت بلا جدوى .. فالهاتف مغلق ..!!
رفعت يد مرتعشة الى فمها محاولةً كتم دميعات خوف/شوق قاتلان على الحبيب البعيد .. ووساويس الشيطان لم تتركها منذ ان انقطع عن الاتصال بها منذ حوالي عشرة ايام واكثر .. ولم يهدأ من روعها الا رسائله الشديد القصر/الاقتضاب يخبرها بأنه بخير وانه مضطر لأن يمدد سفرته لأسباب طارئة ..!!
لكنه الآن لا يجيب .. وما يوجع تلابيب الجوى في جوفها ان اليوم عيد .. عيد يالله ..!!
ترغب بسماع صوته فقط ومعايدته بصوتها "التواق للتلاصق بذرات صوته ذو الرنة الخشنة المستفزة لأنوثتها" ..!!
: ما شله ..؟!
جفلت ما ان اتاها صوت ناعمة المستغربة ..... استدارت نحوها وعيناها على الارض كي لا ترى تأثرها الشديد بالامر: لا
عقدت ناعمة حاجبيها باستغراب قلق: غريبة يختي ..
تنهدت برقة واضافت بحزم رقيق وهي تمسك ذراع شما: ان شاء الله بيرد يتصلبج يمكن تلفونه فضى وما رام يجرجه .. تعالي خلينا اندخن الميالس قبل لا يلفن الحرمات .. عسب خلاف نتمكيج ونتعدل ونسير عند العروس ..
همست شما بنبرة مقتضبة وهي تمسد ببال شارد اصابع كفوفها ببعضهم البعض: انزين
التمع بريق اعجاب بعينا ناعمة وقالت: ما شاء الله حناج غاااااوي .. حبيت نقشج والله
نظرت شما ليدها المتزينة بالحناء ذو اللون الاحمر الغامق .. وابتسمت بأحاسيس غامضة .. وكأن بابتسامتها هذه ترسل لرب الكون حسرتها/خيبتها على فرحة ما في روحها ماتت ..!!
فرحة ان يرى زوجها زينةً لم تسعى لها إلا لأجله .. الا لأجل امل طفيف ضعيف أليم ان تراه يدخل عليها ليلة العيد ويقول
"ها انا ذا جئت لأجلك ..!!!" ..
لكنها فرحة لم تحيى ..!!
بل لم تستشعر وجودها اساساً في روحها الخاوية من دونه ..!!
همست بلباقة طبعها الجميل: عيونج الغاوية فديتج .. حتى حناج ما عليه كلام ما شاء الله ..
.
.
.
.
.
.
.
بعد ان حل المساء
وبعد عقد قران احمد وحنان
صافحه ابا نهيان وهو يربت على يمناه وهالة من الهيبة/الجلالة تحيط به .. وهتف بصوته المبحوح الخليط برجولية ذات اعوام طويلة مديدة: مبروك ما دبرت يا ولديه .. يعل ربي يوفجك ويسعدك ويرزقك الذرية الصالحة ..
أومئ برأسه احتراماً/تهذيباً .. واجاب بصوته الرجولي الرنان: يبارج في عمرك عميه بونهيان .. ربي يطول بعمرك ويحفظك من الشر والسو ..
تحرك ابا نهيان ليترك لأبنائه المجال ليلقوا السلام والتبريكات على أحمد ..
حرك ابا حميد يده لـ ابا نهيان ليهتف بحزم بالغ: استريح بونهيان ايلس ..
وبعد ان جلس الاثنان قال ابا حميد لـ ابا نهيان: عيل عميه بوعبيد وينه ..؟!
ابا نهيان: عمك بوعبيد يا طويل العمر يسلم عليك وايقولك ميهود طشونه وما فيه شده يضرب خطوط .. عاده اسمحوله ابويه والتمسوله العذر ..
ابا حميد: مسموح مسموح بوعبيد دنيا وآخرة .. ها الغالي عنيه مافقده .. وما يشوف شر ان شاء الله ..
ربت ابا نهيان على فخذ ابا حميد برجولية .. وقال بـ ود: الشر ماييك فديت خشمك ..
بزاوية أخرى .. كان يجلس بقرب "عمه المستقبلي" ويستمع بصمت للحوار الجاري بين الأخير وبين ابا سيف وابا خويدم "بطي" .. كان حواراً عن آخر الاحداث السياسية التي حصلت في البلاد مؤخراً ..
ابا ذياب بنبرته الرزينة على الدوام والتي تخللها استنكار/خيبة: هاييل شو يبون خاطريه اعرف .. يعني فلوس وعندهم .. بيوت وعندهم .. امن وامان ربي لك الحمد عندهم .. غرقانين بالخير من روسهم إلين ريولهم .. شو يبون زود ابا اعرف ..!!
ابتسم ابا سيف ابتسامة مستهزئة مزدرئة هاتفاً بقسوة: ابويه هاييل عبيد لافكار وصخة مبني على قواعد هدامة للدين والوطن .. من استوينا ونحن نشتغل ونكد لجل هالوطن ولجل هالارض .. وهم يبون يهدمون كل اللي بنيناه بشوية اساليب رخيصة وحركات دنية ..
بطي بصرامة ملؤها القسوة/الاحتقار: ريال ما يغار على هله ودينه ووطنه ماينعد ريال اساساً .. اذا هاييل عيال البلاد يعلهم النفاد ما نباهم ..
آخر زمن والله .. اتجسس على بلادي لصالح الغريب .. الله اييرنا بس من فتن الدنيا ما ظهر منها وما بطن ..
ابا ذياب بخيبة عارمة: لا حول ولا قوة الا بالله .. الله يهدينا ويهدي شباب المسلمين يارب ..
ابا سيف + بطي: اللهم آمين ..
شعر بشيء كالصخرة يجثم على صدره .. شيء يوقف مجرى التنفس في رئتيه .. لا يستطيع الا الاحساس بالمرارة الخالصة المدمرة للحواس الخمس ما ان يسمع بهذه الامور .. رغماً عنه يتذكر مأساته .. فقد عمره ..!!!
حزنه الذي لا يزداد الا ظلمةً .. وقسوةً .. وثقلاً ..!!!
وقف وهو يضع يده اليسرى "المرتجفة كارتجافة انفاسه المضطربة" في جيبه ....... ثم خرج ..
لا يعرف الى أين .. فقط رغب بالخروج والتقاط بعض الهواء النقي علّ بعض النقاء يخفف من قذارة ما سبب له ضيق الانفاس ويزيح ثقل ذكرياتٍ انتعشت في روحه بوحشية مجنونة ..!!
بعد مرور ما يقارب ثلاث ساعات
كان جميع من في المجلس قد بدأ بالذهاب وترك رجال العائلة المقربين لوحدهم ..
رفع ابا ذياب يده ملقياً آخر تحية قبل ان يرجع وابنه للبيت: بنترخص يالوافيين .. واسمحولنا على القصور .. وبالبركة يا بوزايد اشهد انك تستاهل كل خير وطيب ..
احمد: يعلك تبطي حي يا بوذياب .. ماعليك زود وبيض الله ويهك .. وتشوف عيالك يميع معاريس ان شاء الله ..
ابتسم ابا ذياب بـ رجولية فخمة .. ورد: اجمعين يا بوزايد اجمعين .. يلا في وداعة الله ..
ذياب: مع السلامة ..
احمد + ابا حميد: في وداعة الرحمن .. ربي يحفظكم ..
بعد ان خرجوا .. التفت ابا حميد لأحمد .. وهتف بنبرة حازمة هادئة: تعال يا بوزايد داخل وسلم على عمتك وحرمتك ..
.
.
.
.
.
.
.
صمت حالك السواد ..!!
منذ ان ركبت معه سيارته والصمت المخيف هو سيد الجو بينهما ..!!
ارتعادة خفقاتها ذعراً تزداد كلما مر الوقت .. ولوهلة ظنت انها تزوجت برجل اخرس ..!!
طيلة الوقت وعيناها على كفوفها المرتعشة "المزينة بالحناء المبهر للناظر" والمنكمشة بتوتر بالغ في حضنها ..
ترتعش رعباً .... وبرداً ..!!
رفعت عيناها بتردد الى مؤشر جهاز التكييف ورأت ان المؤشر يشير على اقصى انخفاض في الحرارة ..
يا إلهي .. هي شربت الكثير من الماء لتخفيف توترها المنتفض منذ ان عقد قرانها .... وجهاز التكييف لن يرحمها على ما يبدو حتى تصرخ مطالبةً الذهاب لدورة المياه ..!!
وامارات ما تخشاه بدأت بحق بالإحساس به ..!!
رفعت جفونها بخفقاتها المتعثرة وخجلها المستحيل حتى رأت من طرف عيناها يده اليمنى فوق المقود ..!!
شعلة لهيب اشتعلت فيها اثر احساسها الرهيب بقرب رجل لأول مرة بجانبها ..!!
واي رجل ..!!!!
أحمــــــــــد ...!!!!
هذا الرجل الذي يمتلك بشخصه قواميس ذكورية رجولية مثيرة "فتاكة" عصية على الفهم .. وعصية على الانكار ..!!!
لا تنكر وسامته التي لطالما رأتها ملائمة تماماً لجمال شقيقتها الخارق .... ولا تنكر جاذبية صوته الفخم الرنان المهذب على الدوام والتي لائمت كذلك بشدة الاغواء الصارخ في صوت عوشة ...!!!
وقطعاً لن تنكر انها دوماً كانت ترى الاثنان نموذجاً خارجياً متكاملاً بشكل موجع بقوامهما المُبهرة واطوالهما المتقاربة رغم تناقض جاذبية رجولية الاول وسحر انوثة الثانية ...!!
لكن ليس وسامته .. وليس صوته .. وليس جماله الخارجي ما اجتذب كيان انوثتها ..!!
بل امر آخر .. امرٌ اكثر عمقاً .. اشد طهارةً .. اعلى شموخاً .. اشد دفئاً ..!!
اهتزت رموشها مع تأثر روحها بـ أفكارها المحمومة وحركت ذقنها حتى غدا وجهها مقابل نافذتها ..
هي ليست عوشة ....
لا تمتلك طولها المميز .. ولا سحر عيناها الحادتان كالقطة .. ولا جمال جسدها الصارخ ..!!
هي ابداً لن تكون عوشة ...... ليس قبلاً .. وليس الآن .. وقطعاً ليس في المستقبل ..!!
حسناً حنان .. انتي تحتقرينه واقسمتِ الا تنسي اهانته الجارحة لكِ .....
فلتحاولي انماء هذا الشعور حتى يتسنى لك العيش برأس مرفوع غير مذلول امامه ..!!
افففففففف .. يالله ......
هاهي تدخل مخاض التناقض الشعوري مرة أخرى ولا تمتلك الا ان تبكي انوثتها التي تتضائل امام طيوفه النمرودية القاسية ..!!!
التمع بريق الحيرة بعيناها وهي تعجز عن معرفة الى اي طريق هم يسلكون بالضبط ...!!
فهي لا تعرف اي شيء متعلق بهذه الليلة عدا انها ستصبح زوجته ... بل أصبحت زوجته وانتهى الامر ..!!
مربوط لسانها رغماً عنها خاصةً وهي ترى جموده التام .. حتى انها تشك انه قد رف عيناه طوال الدرب الطويل ..!!
بعد دقائق .. كان تقرأ على اللائحة الزرقاء الضخمة المنصوبة فوق الشارع الجانبي اسم منطقة سكنية خارج العاصمة ابوظبي والتي كانت تبعد عنها قرابة نصف ساعة ..!!
ازداد شعور القلق والاضطراب فيها لكنها آثرت الصمت ....
بحق الله .. أتمتلك اساساً القوة للتفوه بحرف الآن ..!!
وبعد دقائق أخرى .. رأت بطرف عيناها اصابعه وهي تضغط على جهاز تحكم عن بعد خاص بالباب الخارجي للمنزل الذي اصبح امامهما مباشرةً ..
منزل جديد ...!!!
أقام بشراء منزلٍ جديد في ابوظبي ..!!!
ألن يذهبا الى العين حيث منزل عائلته ..!!!
عند هذه الفكرة .. شعرت باستنفار طارئ لـ ذعر/اضطراب لا وصف لهما يسريان على كامل جسدها الصغير ..
لا تعرف لمَ الامر اشعرها بالذعر رغم ان الكثير من البنات يتمنين الاستقلالية بمنازل خاصة لهن ..!!
لكن هي لا .. لا .. لا تريد هذا ...!!!
لا تريد ان تنفرد بمنزل خاص معه وحدهما وبعيداً عن جو العائلة الباعث لراحة النفس ...
لم يزدها الامر الا استياءاً .. ونمو احاسيس آخرى مريعة في جوفها .. وظهر الامر جلياً على وجهها الا انها حمدت الله انها انزلت الغطاء عليه واخفته عن ناظرا هذا الجامد المخيف ...!!
فتحت الباب الذي بجانبها بتردد ما ان توقفت السيارة داخل باحة المنزل بينما لمحته من طرف عيناها وهو يخرج ويسير الى الخلف ويُخرج حقائبها من مؤخرة السيارة ..
وتوقفت هي بالمقابل امام السيارة منتظرةً اياه التقدم وفتح باب المنزل الداخلي ..
لكن جبهتها تغضنت عندما رأته يمر امامها ويداه خاليتان ..
لم يجر خلفه اية حقيبة ..!!!!
لمحت وجهه الجامد "الثلجي حد الموت" بذات صمته الفظيع .. وتكاد تقسم ان ناظريها امسكتا معالم قسوة تقشعر لها ابدان البشر ناضحة من تقاطيع وجهه المظلم ..
ثم رأته يفتح باب المنزل ويدخل تاركاً اياها لوحدها مع الحقائب ...!!!!!
فتحت ثغرها ذهولاً .. توتراً .. واضطراباً ....... واخذت تحلل معنى حركته السابقة ..!!!
أيريدها هي ان تجر الحقائب الثقيلة لوحدها ..!!!
بعباءتها السوداء وفستانها الثقيل المعيق للحركة تماماً ..!!!
ما معنى الذي فعله بحق الله ...!!!
زمت فمها بتوتر يشتد .. ويشتد ..
وقررت الدخول للمنزل .. فربما هو قد قرر جلب الحقائب بعد قليل الى الداخل .. من يدري ..!!!!
سمت باسم الرحمن ودخلت الباب بتأني كي لا تتعثر بكعبها الطويل .. ودخلت الى الداخل حيث رأت صالة تتألق بفخامة عصرية تبدو وكأنها منذ وقت قريب جداً قد نُظفت ورُتبت ..!!
رفعت رأسها بتوتر عنيف جعل الغطاء الذي على وجهها يسقط عندما سمعت صوت خطواته الثقيلة قادمة إليها .. ولكن سرعان ما انزلت عيناها على الأرض خجلاً/تخبطاً ...
توقفت عن سماع صوت خطواته .. كما توقف بها الزمن للحظات وهي تلمح طرف ثوبه الابيض امامها .. يبعد عنها بضع خطوات فقط ...!!
صدى ارتعاشة خفقاتها وصلت لأذنيها مما سبب لها تشوش شديد بحاسية السمع .. طنين قوي تركها ضحية شعور مقيت بالإغماء/من الانهاك ..!!
لمَ صمته المظلم يسبب كل هذه الكمية المريعة من الاحاسيس فيها ..!!!
لمَ بحق الجليل هو صامتٌ هكذا ..!!!
آه .. تكاد تموت جوعاً .. ووووو
احتقن وجهها من الحرج ..
تريد الذهاب الى الحمام الآن ......
تباً .. شرب الماء لم ينفعها في تخفيف توترها البتة .. والآن سيوقعها بحرج شديد مذل امام هذا الصنم الاجوف ...
عقدت حاجبيها بـ انصعاق باغت خلاياها المضطربة ما ان سمعت صوت التلفاز ...!!
رفعت عيناها وما لبثن ان اتسعتا على مصراعيهما عندما رأته "بكل اريحية/برود" يقلب قنوات التلفاز بجهاز التحكم ..!!
يقف امامها بهالة الجمود الذي يتلبسه بقسوة معطياً اياها جانب جسده وحواسه تتمركز على الشاشة امامه ..!!
على التلفاز لا عليها هي ...!!!!!
أتضحك سخرية على حالها البائس المثير للشفقة ام تضحك ذهولاً مغتاظاً من تجاهله الواضح لها ..!!!!
ثم رأته يتحرك بسلاسة حتى جلس على الاريكة ....
أخذت تحدق به/بجلسته الصامتة المتراخية بذهول متخبط .. لكن سرعان ما انتفض جسدها عندما اشر بيده اليسرى اتجاه الباب من غير ان يُبعد عيناه عن شاشة التلفاز .. وقال بنبرة كمن للتو لاحظ ان بجانبه "مخلوق آدمي" .. كانت نبرة غليظة خالية تماماً من الإحساس:
ييبي شنطج .. وسيري سوي عشا ..
وكأنه للتو قد صفع وجهها بكلماته الآمرة الفظة المقتضبة ..!!!
شعور خالط احساس التوتر/الاضطراب/الحرج فيها .. شعور ضاري من المهانة/الاذلال ...!!!
أهذه هي فاتحة ليلة زواجها الأولى ..!!!
أيكون هذا الموقف هو فاتحة حياة قادمة حافلة بالجمود .. البرود .. الخواء .. والاذلال المشين بحق شخصها ...!!!
حسناً .. لن تكون حنان ان حاولت مجرد محاولة اظهار ضعفها امامها .....
رغم انهاكها النفسي والجسدي .. ورغبتها الشديدة بالأكل ودخول الحمام .. الا انها لن تهديه انتصاره بإذلالها ....
ولن تعطيه شرف سماع صوتها المستنكر "المنكسر حد الوجع" ..!!
نزعت كعبها الطويل وهي تنظر إليه بنفسٍ أبية .. واستدارت بشموخ وهذه المرة استطاعت السير بسهولة ورشاقة بعد ان رفعت فستانها الى الاعلى قليلاً ..
وبدأت تجر الحقائب حقيبة حقيبة كاتمةً انفاسها التي ثقلت مع ثقل ما تجره ..
وبعد ان ادخلت آخر حقيبة .. زفرت بعفوية ملؤها الاعياء وصلت لمسامع احمد الذي ظل جالساً كما هو ..!!
بعدها قوّمت قامتها القصيرة "الفاتنة" .. وقالت بحزم انثوي هادئ اخفت خلفه غيظ شديد/توتر اشد:
لو سمحت وين مكان الحجرة ..؟!
ابا اتغسل وابدل قبل لا اسويلك العشا ..
رفع جانب شفته العلوية بسخرية شديدة وسرى بريق حالك الظلام مخيف امام مقلتيه وقرر أخيراً ان يستدير ويرى تلك التي تظن نفسها ان دخول عرين الاسد كـ دخول الملاهي ..!!
بهُت للحظة قصيرة ما ان سقطت عيناه على وجهها .. ثم قطب حاجبيه وهو يتأملها هذه المرة بشيء من
مـــن ......
الإستنكار .. والرفض ........ والغضب الماردي المعتم ...!!
نظراته الحادة المتفحصة سببت لها توتراً اشد من التوتر الموغل في روحها اساساً .... وحياء حواء العذري قد انتشر لونه على سائر وجهها ورقبتها .....
وبدأت تتسائل عن سبب تفحصه المريب بها .. ومرارة لم تعرف سبب خروجها المفاجئ قد نهشت وتينها ما ان خمنت انه من الممكن ان هناك مقارنة صورية وحسابية تحدث بعقل "هذا" الآن بينها وبين عوشة ...!!
أتراه انصعق من ضآلة جمالها امام سحر جمال شقيقتها ...!!
أتراه خاب ظنه وندم على زواجه منها وهو الذي ظن ان شقيقة عوشة لابد ان تحمل ذات جمالها الآسر ..؟!
إلهي .. لمَ تشعر وكأن سكيناً ينغرس في صدرها بلا رحمة ..!!
وقف فجأة واستقام بظهره .. واخذ يقترب منها وعيناه لا تحيدان عنها ابداً ..
وعندما اصبح امامها .. وضع يده اليمنى داخل جيبه بينما رفع يده اليسرى على ذقنه واخذ يحكه بتمهل بحركة لا نية فيها سوى الخبث .. الخبث الشيطاني الصرف ..!!!
وقال وقد تغيمت عيناه بالقسوة الباردة:
ومنو قالج اباج تبدلين قبل ماشوف العشا جدامي ..؟!
حرك عيناه من رأسها حتى اسفل فستانها الذي ما زال مغطى تحت العباءة بحركة صقيعية مستفزة مُربكة .. واكمل ببسمة لم تتجاوز حدود عيناه الداكنتان:
شكلج وانتي تطبخين جيه ..
امممممم ....
مرر لسانه على اسنانه العلوية بشيطنة مظلمة خبيثة .. واكمل بهمس متأني كالفحيح:
مغــــــري ..
وماظنتي بطوّف عليه شي ...... مغري .....
رغم ارتباكها الفظيع من قربه .. من رائحته المثيرة .. ومن همسه الباعث للقشعريرة .. من فحوى كلماته الغريبة .. الا انها تمكنت بشجاعة مهتزة من رفع عيناها وتجيب بنبرة حازمة صقيعية هادئة "ظاهرياً":
السموحة بوزايد ماحب اطوّف عليك شي ..... اممممم مغري على قولتك ..
بس ماروم اتحرك باللبس اللي عليه .. فـ لو تكرمت وبعد اذنك قولي وين الحجرة اللي برقد فيها ..
ضحك احمد ضحكة قصيرة ساخرة سببت بحدوث دغدغة غريبة في ازقة قلبها الضعيف ..
أيتها الغبية انه يسخر منك .. يسخر منك ألا تلاحظين ..!!!!
انحسرت ضحكته حتى انقلبت لبسمة احتلت ثغره باعتداد رجولي "مُزدرء حد اللاوصف" ..... وقال وهو يمر من جانبها ويسير باتجاه الدرج المؤدي للطابق العلوي: اتريه العشا يا ... مدام ..
انتفضت شفتيها وهي تضمهما لبعضهما بانفعال غاضب مشتعل .... وهمّت بأن توقف مشيته الباردة اللامبالية الا ان احبالها الصوتية خانتها ..!!
شتمت ضعفها الغريب وانعقاد لسانها المثير للغيظ/الاحباط ..!!!
ما الذي حلّ بها بحق رب السماوات ...!!
تشعر ان طاقتها تُسلب منها شيئاً فشيئاً فلا تجد الطريق الامثل لاستردادها ..!!
ارخت كتفيها اللذان كانا متصلبان طيلة الوقت من غير ان تشعر .. واخذت تتأمل ما حولها بنظرة تتخبط ضعفاً وعجزاً ..!!
حسناً .. لابد على الاقل من دخول اي حمام امامها قبل ان تحصل لها أزمة جسدية لا تُحمد عقباها ..!!
وبعدها لكل حادث حديث .....
.
.
.
.
.
.
.
اغلق باب الحمام بعنف ونار تسري فيه لا تنطفئ .....
كيف تنطفئ وقلبه غدا كـ خشب الغضى وأقسى صلابةً .. وما غير الغضى من يحتفظ بجمرات ملتهبة لا تموت ..!!!
لا .. لم تمت جمرات غضبه/جراحه ولن تموت ..!!!
تسمرت حواسه عندما رآها .. لم يكن يعتقد انها "النقيض التام لتلك" ..!!!!
نقيض بالجسد .. بالملامح .. بالعينان .. بالأنف .. بـ.....
بـ.....
بــ الشفتـــان ..!!!!
النقيض التام وكأنهما لم تخرجا من رحم واحد ...!!!!
اخذ نفساً قوياً ثقيلاً مرتجفاً وتذكر عيناها ....
رفس برجله باب الحمام شاعراً بجسده بأكمله ينتفض بحمى تغزوه ......
لم تكن حمى بمعناه العلمي ....... بل بمعناه القلبي ...!!!!
حمى فظيعة من غضب .. من قهر .. من مرارة .. من شعور علقمي مدمر يضرب اسلاك الكهرباء المحيطة بـ "رجولته" و"عزة نفسه" ..!!!!
فلتخسأ تلك الفتاة ان ظنت ان بإمكانها ادعاء براءة الاطفال بتلك العيون المبطنة ذو الفتنة الغريبة والشفاه الصغيرة .....
فلتخسأ الى يوم يبعثون ...!!!!
نقيض الجمال لا يعني نقيض الروح ...!!
هي مثلها ...
لـــن تكــــون الا مثلهـــــا ..!!!!
فتح باب الحمام بذات العنف والشياطين تتقافز امام عيناه وكأنها ترقص على لهيب الجحيم فرحاً/نشوةً ....
واخذ ملابس نظيفة وسحب منشفته وعاد الى الحمام مرة اخرى ليستحم بماء بارد علّه يزيح عن ظهره انهاك يوم طويل كبت فيه بقوة انفعالاته الضارية المتصارعة بداخله ...... علّه فقط يسترد عافية عقله/قلبه المحمومان ..!!!
.
.
.
.
.
.
.
امسكت بصينية الطعام وتحركت باتجاه باب المطبخ بحذر لتخرج ..
وعندما وصلت أخيراً حيث صالة المنزل .. وضعت الصينية على الارض قريباً من التلفاز وهي محتارة اين المكان المناسب لوضع الطعام ..!!!
وبينما هي تستقيم بوقفتها .. وصلتها رائحة عطرية رجولية نفاثة .. رائحة شبيهة بمن خرج للتو من الاستحمام ..!!!
والتفتت ....... وليتها لم تلتفت ..!!
اندثرت جميع تواصيفها المتواضعة "المعتوهة" به .....
جميعها بلا استثناء ...!!!
فهذا الرجل قد تعدى بكل صفاقة مرحلة الوسامة ......!!
قد تعدى الخطوط الممكنة لتحمل انثى وهنة "نفسها" هذه الكمية المخيفة من الرجولة الشديدة .....
هي ليست نداً لهذه الرجولة المدمرة .. ليست نداً ابداً ..!!!
قلبها الصغير لن يعرف سوى لغة الارتجاف/الضعف امامه .. وتكاد تقسم بهذا الآن ..!!!
: شو ها ..!!!!
تراجعت للخلف ونظراتها الخجلة تنظر لكل شيء عداه .. وقال بنبرة اختنقت بمشاعرها الهوجاء المضطربة:
ا ا ا عشااا ..
شعرت بالتوتر يشتد فيها عندما صمت واخذ يتفحصها بذات نظراته السابقة ..!!!
أهو متعجب لأنها بدلت ملابسها ولبست ثوباً عربياً خفيفاً كي تتمكن من التنقل هنا وهناك بأريحية .. أم غاضب ..!!!
لا تعرف ...... ولا تعرف هذا الشخص البتة ..!!!
ظنت في فترة ما انها تعرفه .. لكنها تأكدت الآن من جهلها وغبائها ..!!!
شعرت به يتقدم منها حتى اصبح امام صينية الطعام الدائرية .. ثم جثى على ركبة واحدة بشكل اتاح لها بسهولة تأمل شعره الرطب القصير ..
تخيلت نفسها في لحظة مجنونة وهي تتلمس تلك الشعيرات بأصابعها المرتعشة .. وعند هذه الفكرة زاد احتقان وجهها احمراراً ..
سمعته يقول بصوته الصقيعي "الساخر": لا الصراحة سلمت ايدينج .. تعبتي روحج وايد ..
نطقت اخيراً والغيظ بدأ يتسلل إلى تجاويف روحها كالشيطان الرجيم: آ آ آ مطبخك فاضي .. ما شفت الا نودلز في الكباته ..
رأته يرفع كلتا حاجبيه بتلك النظرة المخيفة الجامدة .. والتي انحدرت بتأني الى نحرها وصدرها المرتجف .. ثم تحرك باتجاه زاوية للحائط .. وقال بنبرة فحيحية "غامضة" بينما يضغط على احد الازرار: لو هو عشايه ما قصرت وياج .. بجاملج وباكل ..
اعطاها بسمة خافتة تبرق بشكل مبهم .... بالشر ...... واكمل: بس ها هب عشايه للأسف ..
عقدت حاجبيها بحيرة/ارتباك وهي تجهل ما يقصد بكلامه .. لكن سرعان ما انقشع ضباب الجهل عندما رأت امامها خادمة من اصل فلبيني تقول بكل رسمية/احترام: يس سير ..
اعطى "السير" الخادمة نظرة صارمة .. وقال: دونا ذس از فور يو .. تيك ات ..
تلألأت عينا الخادمة ما ان رأت الطعام .. وقالت ببسمة ممتنة: اووه سير ثانكيووو ..
ثم تحت انظار حنان "المصعوقة تماماً" .. اخذت ما اُعتبر طعامها وذهبت ..!!!
بعد صمت مختنق .. رفعت حنان سبابتها وفتحت فمها لـ تهتف بتمهل وملامحها تجمدت وتصلبت اثر مشاعر عاتية لا قبل لها ولا بعد:
يعني انت .... خليتني بليلتي الاولى .... اسوي عشا .... حق بشكارتك ..!!!!!
نظر لوجهها واعطاها ابتسامة كبيرة "مخيفة رغم بلاهة مظهرها" .. وقال باستمتاع خبيث غلفه بالسخرية: هي حق بشكارتيه ..
بشكارتيه اللي بتخبرني لو انتي تنفعين للمطبخ ولا لا .. تبين الصدق ما فيه اجازف واخر شي اترقد في الطواري ..
نهايــــة الجــــزء السابــــع والأربعــــون
.
.
كنت في لحظة تهور بضيف البارت الـ 48 مع هالبارت بس شفت في الاخير انه ما ينفع لان البارت القادم دسم دسم دسم فوق الخيال فـ احتاج اقرا تعليقاتكم وارائكم عن هالبارت اول عقب ندخل في البارت القادم ان شاء الله :)
قراءة ممتعة حبايبي ..
|