كاتب الموضوع :
لولوھ بنت عبدالله،
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
الجزء الثاني عشر
(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)
الجــــزء الثـــــاني عشــــر
،
لو سيل أهل الهوى من بعد موتهم
هل فرجت عنكم مذ متم الكرب
لقال صادِقُهُمْ أنْ قد بَلِي جَسَدي
لكن نار الهوى في القلب تلتهب
جفت مدامع عين الجسم حين بكى
وإن بالدمع عين الروح تنسكب
لـ قيس بن الملوح
،
ها هي شمس يوم الجمعة بدأت بالغروب بخجل تتوارى عن أعين البشر بعد رحمة مهداة رافقت نورها منذ الفجر البديع ..
أخذت تمشي بخطوات خافتة ولسان حالها يتمتم بداخلها بكل قلب مثقل بالعاطفة .. بكل ايمان موقنةً أن ربها عز وجل لن يترك قلبها معلقاً على حبائل اللوعة/الحرمان:
ربي ها أنت ترى مكاني و تسمع كلامي وأنت أعلم من عبادك بحالي
ربي شكواي لك لا لأحد من خلقك، فاقبلني في رحابك في هذه الساعة المباركة،
ربي إني طرقت بابك فافتح لي أبواب سماواتك و أجرني من عظيم بلائك ..
اللهم يا مسخر القوي للضعيف ومسخر الشياطين لنبينا سليمان ومسخر الطير والحديد لنبينا داود ومسخر النار لنبينا ابراهيم سخر لي عبادك الطيبين من حولي،
ربي بحولك وقوتك وعزتك وقدرتك أنت القادر على ذلك وحدك لا شريك لك
اللهم إني أسألك بخوفي من عظمتك وطمعي برحمتك أن ترزقني ما كان خيرا لي في ديني ودنياي ومعاشي وعاقبة أمري عاجله واجله ..
اللهم إني أسألك أن تصرف عني شتات العقل والأمر والتفكير،
ربي اثرني و لا تؤثر علي، ربي انصرني و لا تنصر علي ..
إلهي ارحم ضعفي وفرج همي واجبر كسري وامن خوفي وامطرني برزق من عندك لا حد له،
وفرج من عندك لا مد له، وخير من عندك لا عدد له ..
اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله وإن كان في الأرض فأخرجه وإن كان بعيداً فقربه وإن كان قريباً فيسره وإن كان قليلا فكثره وإن كان كثيرا فبارك لي فيه يا رب ..
مسحت وجهها بكلتا كفيها، وتنهدت بعمق علّ الدمعات الطفيفة التي اظهرت لمعان عسل مقلتاها تختفي وتزول ..
ثم أخذها تفكيرها القلق لذاك الذي اختفى بشكل مفاجئ من غير اتصال ولا رسالة ..
تشعر بوجع مثقل يخطو خطوات ثقيلة عنيفة على سطح قلبها الصغير
يا رب .. اقسم اني اكاد أُجن من فرط ألمي ..
أين انت يا حارب .. اين انت ..!!!
أكُتِب علي اعيش مدى العمر على شفى صخرة من الشجن والمرارة ...... والحرمان ...!!
لماذا يا إلهي لماذا ..!!!
استغفرك ربي واتوب إليك ..
اللهم اغفرلي خطيئتي وجهلي واسرافي في امري ..
ربي احفظ لي أغلى ما املك .. ربي ارجوك
احفظ لي شقيقي آخر إرثي في هذه الدنيا ..
اللهم احفظه أينما كان ورده إلينا سالماً معافى
يارب .. يا أرحم الراحمين ..
ارحم قلبي يالله .. قلبي لم يعد يتحمل .. لم يعد يملك القوة لـ فقدان شخص آخر ..
يارب ..
"الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر .."
ردتت في قرارة نفسها: اشهد ان لا اله الا الله
تنهدت بعمق وهي تدلف المنزل بهدوء ..
هذا المنزل الذي آواها واحتواها بكنفه الدافئ بعد الحادثة الشنيعة التي حدثت في منزلهم بـ أبوظبي .. هذا المنزل الذي لم يكن ليكون بديل منزل عائلتها .. ولكنه أصبح الملاذ الوحيد كلما رغبت بالابتعاد عن كل شخص يذكرها بمأساتها تلك ..
هذا منزل الذي اصرت عمتها ان تعيش فيه معها بعد ان توفي اباها وشقيقها عبيد ... وبعد ان اعتزل حارب الجميع وأصبح في حالة أقل ما توصف بالجمود والقسوة الروح الميتة ....!!!!
رفضت ام العنود ان تبقى موزة لوحدها في ذاك المنزل الضخم وهي ترى مدى تباعد حارب وقلة تواجده حول شقيقته ..!!!
لم تعاتبه ولم تلمه، فهو كان في حالة تبكي الحجر من شدة صعوبة وقعها على النفس البشرية ..
وبالطبع لم تستطع ارسال موزة للعيش في مسقط رأسها رأس الخيمة عند جداها المُسنان وهي في تلك الحالة المًزرية من الصدمة والانفعال النفسي المًغلق على نفسه ...... لم تستطع وهي ترى كم كانت موزة تتلوى عذاباً كل ليلة وهي ترى الكوابيس وتأن بكل حرقةٍ في الوجدان ..
فـ ما كان منها الا ان تجلبها لمنزلها لتعيش معها وتبقى تحت أنظارها دوماً ..
أتاها صوت عمتها الحاني: موزانه أذن ..!!!
هزت موزة رأسها بـ أجل .. قبل ان تردف عمتها بعينان تنضحان حناناً جياشاً .. حناناً تخلله وجع على حال هذه الفتاة المسكينة:
يلا عيل امايه خل نسير نصلي ..
هزت موزة مرة أخرى رأسها ثم صعدت لغرفتها ..
تنهدت أم العنود بعمق وهي تهمس بخفوت مؤلم: ربي يعيني على اللي بسويه ..
ثم دلفت غرفتها وهي تسترجع للمرة العاشرة الحوار الذي جرى بينها وبين سلطان صباح يوم الخميس ..
.
.
.
.
.
.
أبـــوظبـــي
: هههههههههههههههههه اقول صخي صخي لا اخبرهم عن طيحتج صوب النهر في حديقة مدريد
هتفت فطيم بتشوق مستمتع: اوووووويه نعوم طحتيييي ..!!!
وقفت ناعمة بسرعة لتقترب من شقيقها ذياب واضعةً يدها على فمه بقوة: يا وووويلك لو خبرتهم ذيووووب
أبا ذياب بثغر باسم: قول قول ذياب ..
عارضت ناعمة بعبس/بحرج وهي ما تزال تمنع ذياب بيدها من التفوه بكلمة: ماشي ماشي أصلا ماصار شي ..
ذياب يخرط عليكم ..
عض ذياب يد ناعمة بخفة قبل ان يضحك: هههههههههههههههههههه لا بقولهم ما عليه منج
تأوهت ناعمة بتوجع ثم هددته بغضب رقيق: لو خبرتهم بخبرهم عن قطوة الفرنسية اللي سوتها على ثبانك
(ثبانك = حضنك)
اتسعت أعين الجميع بلمعان ضحوك، ثم سمعوا ضحكة ذياب قبل ان يهتف بصوت رجولي جذاب:
هههههههههههههه لا لا الا هالسالفة .. خلاص شو رايج نسوي هدنة .. لا انا برمس ولا انتي بترمسين
التمعت عينا ناعمة بخبث شقي وقالت: هيه جيه اباك اصطلب
قهقه الجميع على ما قالته ناعمة بينما امسك ذياب أحد الوسائد الارائك الصغيرة ليضرب بها وجهها ..
لم تكد الضربة تصل لوجهها الجميل حتى توقفت في نصف الطريق مترنحةً في الهواء، وصوت حازم باسم يهتف بقوة: حدك عاده الذيب، الشيوخ ما ينضربون فديتك ..
اتسعت ابتسامة ناعمة بحب تخلله شقاوة صبيانية: هلااا والله بذمتيه بشيووخ قلبي ..
ثم وقفت على الاريكة لتسلم على عمها بالأنف بحركة فخورة قبل ان تضيف بضحكة ناعمة كـ "هي": اسمحلنا عاده بليا الكنبة ما نروم نوصلك ..
ضحك سلطان بخفة على شقاوة ابنة اخيه .. ثم اقترب من والدته وأخيه الكبير ليسلم عليهما ..
بعدها توجه لذياب الذي وقف برجولية تامة ليستقبل سلام عمه بالأنف .. ليجلس أخيراً بجانب الفتاتان ناعمة وفطيم ..
هتفت فطيم وهي تقبل خد عمها بدلع خجول: عميه سلطان تولهت عليك، وينك ما تنشاف ..!!!
رمقها سلطان بنصف عين وقال: انا اللي ما انشاف ولا انتي اللي مندسة في حجرتج صبح وليل ..!!!!
أردف وهي يأخذ فنجان القهوة من يد ناعمة: شو مسويه في المذاكرة ..!!
هتفت فطيم بضجر شديد: دخيلك بومييد لا تييب طاري المدرسة والمذاكرة، امرررره باغضتنهم ..
سلطان بنبرة حازمة نصوحة: ودري هالرمسة الفاضية، انتي هالسنة ثانوية عامة اباج تشدين حيلج وتييبيلنا هاييج النسبة اللي ترفع الرااااس ..
زمت فطيم فمها وهي تهز رأسها: ان شاء الله
التفت سلطان لـ حمدان الذي كان يعبث بهاتفه الخاص: وانت حمدان شو مسوي في المدرسة ..؟!!
حمدان بابتسامة واسعة: الحمدلله عميه علاماتي توب التوب حتى اسأل ابويه ..
أبا هامل بنظرة حنونة باسمة: هيه علني افدا خشمه، امسات مرمس انا اساتذته وقالولي كل شي طيب عنه ..
ربت سلطان على كتف حمدان ببسمة فخورة ثم قال بدفء: ريال حمدان ريال ..
هتف سلطان لـ ذياب الذي يحدث بشاشة هاتفه بحاجبان معقودان يوحيان بانفعالات تموج داخله: بلاك ذياب ..!!
زفر ذياب بقوة وهو يغمس اصابعه في خصلات شعره الأسود الغليظ: من طحت الدار وانا احاول اتصل بـ حارب بس يظهرلي مغلق ..
انزل سلطان عيناه محاولاً ألا يكذب: امممممم يمكن مسافر ولا شي
ذياب بقلق: ظنك ..!!!
هز سلطان رأسه بـ نعم، وهو في الحقيقة لم يخفف بهذا قلق ابن أخيه ذياب ..
ذياب الذي لم يقطع علاقته بـ شقيق صديق عمره عبيد حتى بعد وفاته .. فـ حارب بالنسبة له طيف حي يرى خلاله ذلك الذي فارقه وجعل من الحياة خاوية من بعده ..
عزيزٌ هو حارب على قلبه .. عزيز جداً .....
تنهد بعمق محاولاً الخروج من نطاق الانفعال السلبي ..... حسناً لمَ هو قلق هكذا ..!!
من الممكن أن توقع عمه صحيح وهو مسافر للخارج ..!!!
خرج من سرحانه على صوت جدته وهي تسأل لناعمة بذهول: نعوووم خاتمج وييييين ...!!!!
وضعت ناعمة كفها الايسر على كفها الايمن وهي تتلعثم بخوف/ارتباك/استياء شديد: أ أ أ ماعرف وينه يدووه ..
فطيم بذهول: لا يكون ضاااااع ..!!!
زمت ناعمة فمها بضيق شديد وهي تجيب بعبوس: ماعرف وين طاح عنيه .. ما عرفت انه مختفي الا يوم طحنا مطار بوظبي ..
الجدة أم هامل بعتاب: الله يهداج يا نعوم، قلتلج لا تشلينه وياج في السفر انتي ما طعتي ..
لو مخلتنه في التجوري عنديه جان اخير ..
زفرت ناعمة ضيقها الخانق بـ قهر أليم ...
لا تزيدي عليَ وجعي يا جدتي كي لا انفجر بالبكاء قهراً ....!!!!
.
.
.
.
.
.
.
كانت ممددةً جسدها فوق سرير شقيقتها الصغيرة وهي تأكل المصاصة ذات اللون الأحمر بكل لذة/نهم وتضحك على التغريدات المضحكة في تويتر ..
أتاها صياح ميرة من داخل الحمام: حصوووووووووووه
هتفت حصة بصوت عالي باندماج تام وهي ما تزال تقرأ وتضحك: ههههههههههههه هاااااااااااااه ...
ميرة برجاء ظهر مع صياحها المرتفع: حصيصي دخيلج دقي حق مهاري الحين الحين وسأليها عن مقاس ريل منور بنت خالتها
قطبت حصة حاجبيها بضجر: اوهووو طلعي من الحمام واتصليبها انتي ..
ميرة برجاء اشد: دخيلج حصوه دخيلج .. ما عنديه وقت عقب ما اتسبح بروح المول سيده ..
حصة بتهكم: وانتي شحقه تتخبرين عن مقاس ريل منيرة بنت خالتها ..؟!!
هتفت ميرة بصوت بدأ يختفي تحت رشاش الماء: في خاطريه اشتريلها شوز هدية ..
وقفت حصة أمام باب الحمام لتهتف بصوت عالي: انزين عطيني رقمها
اعطتها ميرة رقم مهرة وهي تمسح عن وجهها الماء المخلوط بالشامبو:
0503666...
ادخلت حصة الرقم وضغطت على زر الاتصال ..
.
.
.
.
.
.
.
كانت مهرة تجلس على الأرض في غرفة شقيقها حمد وامامها الكثير من الصور المنثورة في حضنها وبجانبها ..
: ههههههههههههه حموووود شو هالصورة ..!!
من سنة سكتوووو هههههههههههههههه
(من سنة سكتو تُقال للسخرية من الأشياء القديمة)
حمد بابتسامة واسعة: اشوف اشوف ..
أخذ الصورة من اخته مهرة وانفجر بعدها ضاحكاً: هههههههههههههههههههه ابويه اللي صورنا في هالصورة
هههههههههههههههههه طاعي فلاح شقى راسه كان عود هههههههههههههههههه
شعر بضربة قوية على كتفيه وصوت باسم متهكم يقول: راس ولدك العود يالسباااال ..
على الاقل كنت رشيق هب انت يالدراااام ....
مهرة وهي تضحك على إحدى الصور: هههههههههههههههههه ياربييييه والله اشكالكم نككككتة ...
فلاح شوووف نهيان مع كشته اليابسة ههههههههههههههههههههه
فلاح بابتسامة خفيفة: حليلك يا نهيان، ايام يوم كان يربي كشته ..
حمد بسخرية: الحينه قرعته تصووولق ما شاء الله هههههههههههههههههههههههههه
(تصولق = تلمع)
صمت الثلاثة عندما أعلن هاتف مهره وصول اتصال ..
التقطت مهره هاتفها لتلمح رقماً غريباً قبل ان تمده باستغراب الى فلاح: فلاح شوف منو متصل، رقم ماعرفه ..
امسك بهاتفها ليجيب بصوت خشن لم يتعمده: ألوو
ارتبكت حصة للوهلة الاولى وهي تسمع الصوت الرجولي من الطرف الأخر .. الا انها ردت بصوت حاولت إخراجه ثابتاً مسيطراً: ألوووو
فلاح بعد ان ادرك ان الصوت انثوي لا ذكوري: هلا
حصة بذات صوتها المسيطر الناعم: منو ويايه ..!!
رد فلاح بنبرة هادئة ساخرة: ختيه انتي اللي داقة .. انتي منو ..!!
شعرت حصة بحرج تخلله غيظ طفيف من سخريته الا انها هتفت بثقة: بغيت مهره لو سمحت ..
مرّ خيال خفيف الظل أمامه ينبهه بشكل مموه ان صوت هذه الفتاة مألوف ..... مألوف وبشكل كبير لمسامعه ..
يعرف هذه النبرة .. يعرفها ..!!!
وبتصرف لم يتوقعه هو نفسه ..... هتف بنبرة حازمة .. نبرة ابطنها بخبث مظلم: منو اخبرها ..!!
اتسعت عينا حصة باستنكار لترد بحدة ساخطة لم تستطع التحكم بها: اخويه عطني مهره بلا رمسه زايده
التمعت عينا فلاح بعد ان تيقن ان هذه الفتاة ماهي الا "تلك" ..
تلك صاحبة اللسان السليط ...!!
أينسى بسهولة ذبذبات نعومة صوتها وهي التي ارشقته بوابل من كلمات سامة قصيرة ..!!!
وقف فجأة بشكل مُريب وهو يأشر لـ مهره بأصابعه بأنه سيرجع في الحال ..
قطبت مهره حاجبيها بذهول وهي تنظر لـ حمد، بينما حمد اكتفى بهز كتفيه باستغراب ..
خرج فلاح وابتسامة لم تتجاوز عيناه .. ابتسامة جامدة قاسية ....!!!
هتف بهمس متلاعب ... شديد العمق ... وهو يمشي في الصالة العلوية: يا لابس العنابي ترفق ..
اعصابك غالية علينا ..
اتسعت عينا حصة بذهول والغضب بدأ يغزو ناظريها بشكل كامل .... وهتفت بحدة شبه عالية: نعممممممم ....!!
رفع فلاح حاجبه الأيسر بنظرة سوداء تتدفق خبثاً: نعم الله عليج ياااااا .... حصـــــة
تسمرت بمكانها والانفعال المذهول اخذ يموج ويمور بمجمله على سطح وجهها الجذاب بلونه القمحي المخملي .. وشعرت بخفقات قلبها تصل لأعلى قمة في رأسها، خفقات داهمت عقلها لتنبأها ان هذا الصوت لـ رجل تحتقره تماماً ..!!
بل رجل احتقرته بالفعل قولاً وفعلاً ..!!!
والذي جعلها متيقنةً من معرفتها لصاحب الصوت، هو ان الذي يحادثها على الطرف الآخر، لابد وان يكون أحد اشقاء مهرة ..!!!
فمن غير اشقائها له الحق ان يجيب على مكالماتها ..؟!!
وهي ويالسوء حظها العاثر، قابلت أحدهم والذي اشعل في جوفها البغض والاحتقار لتكبره وخلقه السيئة بنظرها ..!!!
هو ذاك الرجل ..
انا متأكدة من ذلك ..
صمتت ثواني لم تتجاوز الخمس ثم هتفت بزمجرة لبوة غاضبة .. غاضبة حد الغليان الغارق بالازدراء،
فـ هي حصة ..!!!!
والويل لمن يفكر بمس نيران لسان حصة ...!!!!!
: يااا ....... روووح ...... احسسسن لك ..
ثم اقفلت الهاتف بعد ان قذفت سمومها عليه بكل غضب اعمى ..!!
أما فلاح .. فـ ليس هناك أي وصف ممكن أن يقال عن حالته من شدة وقع الصدمة على روحه المعتدة بذاتها ..
وقبل كل شي، على "رجولته الأبية" ..!!!!
دمــار ..!!!!
يشعــــر بدمـــار يضــــرب دواخـــل نفســــه بجنــون ..
اجتــــاحه غضــــب مجنــــون .. غضــــب مدمــــر ..!!!!
يكاد يرى قلبه الخفاق يخرج من بين اضلعه بكل جبروت من هول غليان دمه العاتي ..!!
من غير أن يشعر، ومن غير سابق تفكير، وتحت تأثير عقله المغشى بلهيب اسود ..!!
بدأ يكتب رسالة لـ تلـــــك ..
.
.
حصة كانت تمشي بحنق شديد والشتائم تخرج من لسانها كتيارات كهربائية قاتلة ...
ولم تكد تخرج من غرفة شقيقتها حتى وصلتها رسالة من هاتفها ..
حركت شفتيها بامتعاض وهي تفتح الرسالة
اتسعت عيناها وخفقات قلبها المضطربة تكاد تُرى قبل أن تُسمع من شدة بريق التوعد المتشح بسواد الغيظ ..!!
"واللي رفع هالسما بليا عمد يا بنت عبدالله ينج بتتمنين الخلاص على ايديه ولا بتنولينه"
.
.
.
.
.
.
أبــــوظبـــــي
دخلت المركز التجاري المعروف في أبوظبي ورائحة العطور تسبقها لآخر نقطة في المكان كله، كانت تمشي ونظرة الزهو والغطرسة تحومان حول مقلتاها بكل هيمنة تامة ...
ابتسمت بإغراء ساخر وهي تلاحظ نظرات الرجال والشباب الجائعة إليها، وكادت تسقط ضاحكةً عندما سمعت أحدهم وهو يرمي على مسامعها رقمه الخاص ..
قذفت الشاب بنظرة ازدراء مُحتقرة وهي تهمس بخفوت مسموع: روح يا بابا انا ما اتعامل مع اشكالك
تسمر الشاب بغضب حقيقي ما إن تلقى اهانتها القوية، اما هي، فأكملت سيرها إلى أن وصلت لمقهى مشهور بعلامته التجارية المشهورة جداً ..
أخذت تتلفت باحثةً بعيناها "المغريتان المرسومتان بالكحل السائل" عن صديقاتها ..
صديقات لا يبالين أبداً بشيء يسمى بآداب الاماكن العامة .. وقبلها بـ أخلاق ديننا الحنيف ..
فـ هن بأصواتهن العالية وضحكاتهن التي وصلت لكل شخص يمر ويمشي قد تعدين كل حدود ممكنة ..!!
أما هي ..... فلا تهتم .. مثلهن تماماً .. أم هذا ما تؤمن به الآن على الأقل ..!!!
بعد أن تذوقت طعم مرارة فقد الأب، والفقر، والحاجة ..!!
اعترفت في قرارة نفسها بكل سخرية مريرة أنها لم تكن بهذه الحرية الأخلاقية والمعيشية قبل بضعة سنين فقط ..
بل لم تكن تحمل هذا التفكير المنحرف الذي تؤمن بكل اركانه الآن ..!!
لا تعرف كيف انقلبت حياتها .. ولا تعرف حقاً لم جعلت من ذاتها عبدةً للانحراف ..!!
ولكن الذي تعرفه ...
هو إنها بهذا الامر ستحمي نفسها من كل عطبة عاطفية وأزمة نفسية أخرى ..!!
فهي تعبت .. تعبت في الماضي كثيراً .. ولا تريد التزود بـ الهم أكثر من ذلك ..!!
ستعيش حياتها كما تريد، وبالشكل الذي تهواه،
وأيضاً مع الشخص الذي تفضله ......... مع "ذلك" ..
ستفعل المستحيل لعيش أجمل لحظات حياتها بـ "مزاجها الذي يروقه لها" .. رغم أنف كل من يعترض ..!!
سمعت إحدى صديقاتها وهي تهتف بصوت عالي غير مكترثةً لنظرات الرجال الجائعة/الخبيثة: يزووووووي ..
تعالي نحن هنييييه ..
تحركت أليازية باتجاه الفتيات بذات هالة التعالي التي تحوم حولها .... وما ان اقتربت منهن حتى هتفت بإنجليزية مثقلة بالدلع المبالغ فيه:
هلو قيرلز ..
أجبن الفتيات بذات الدلع المصطنع: هلووووو
.
.
.
.
.
.
.
العيــــــــن
كان مجلس الرجال في حلة صاخبة من أصوات الرجال القوية الخشنة وأصوات الصغار الذين توسدوا الأرض ليلعبوا ورقة "الأونو" بحماس وبهجة جمة ..
قال خويدم بسخرية وهو يدفع ابن عمه زايد المقارب لسنه الثامن: اسكت اسكت انت اصلا غشاش ما تعرف تلعب صح
زايد بغضب طفولي وهي يرمي اوراقه: انت كله تقولي غشاش .. ول عني مابا ألعب معاك
هتف بطي بصرامة لـ ابنه: خويدم .. قلتلك ألف مرة ايدك ما تمدها على حد .. شعنه ما تسمع الرمسه ..!!
خويدم بفم مزموم متبرم: ابويه شوف زايد يغش
زايد باعتراض مبرراً: لا عميه قسم بالله ما غشيت، انا ما كنت ادري ان تحتي اوراق اصلاً
هتف مايد ابن ابن عمهم سيف بنظرة ماكرة وعيناه على اوراقه: زيود يلا ألعب ياخي ..
ناوي اشقكم شق الحينه خخخخخخخخخ ..
التفت بطي لـ سيف "الصامت بشكل يثير التساؤل" .. فـ صمته دام مدة طويلة منذ ان اجتمعت العائلة بأسرها على غداء يوم الجمعة ..!!
ثم ضحك هاتفاً بنبرة ساخرة: ههههههههههه ولدك هذا مصدق روحه
ضحك أحمد بخفة وقال بدوره: هيه من الخاطر هههههههههه
ابتسم سيف ابتسامة لم تتجاوز عيناه وهو يلتفت لأبنه ..
ابنه الذي أخذ من أمه أجمل فتنة فيها ..
نعس عيناها ..!!!!
زفر بداخله زفرة ملتهبة .. مجروحة وهو يضحك على نفسه بسخرية مريرة ..
عيناها اللتان تسخران منك ومن عجزك أيها االكسيح الأبله ..!!!
جمع زايد اوراقه المرمية بتهكم غاضب وهو يأشر بأنفه على خويدم: قول حق هذا يسكت
هتف سلطان شقيق خويدم هو ينظر بترقب صقري لملامح ابناء عمومته وعيناه توحيان بانتصار حتمي:
يلا كملوا لعب ..
ابتسم الجد أبا سعيد ابتسامة ذات معنى متأملاً وجه سلطان الصغير، ثم هتف لـ بطي ببحة دافئة: لو خويك سلطان ياب ولد .. ماظنتي بيشابهه شرا سلطان ولدك ..
ابتسم ابنه أبا سيف وهو يوافقه الرأي: هيه والله يا بطي، سبحان اللي خلقه .. خذا كل طبايع بومييد .. حتى حركاته ورمسته وهو ياهل ..
ثم وجه حديثه لـ والده أبا سعيد ببسمة خفيفة: تحيد ابويه سلطان يوم كان ياهل ..!!!
(تحيد = تتذكر)
هز أبا سعيد رأسه بـ أجل: هيه نعم جيف ماحيد ..!!
كان شيطان خبيث ما يسوي حايه الا وهو يدري انه بيفلح فيها
(جيف = كيف)
بطي ببسمة براقة: انا اللي بعدني احيد خيازرينك وهي ترقص رقيص على ظهريه .. ولا سلطان كان العزيز الغالي امرره محد يروم يقرب صووبه ..
أبا سعيد بنبرة مبحوحة تخللها حب شديد لذلك السلطان: والله ان غلات بومييد في افواديه ماله مثيل ..
تنهد بعمق وهو ينزل عيناه لعصاه الذي يتكئ عليه: لجنه ودرنا وودر ميلسنا من سنييييين
(لجنه = لكنه) (ودر = ترك)
صمت الجميع عدا الأطفال الذي يلعبون بصخب جاهلين الذي يجري حولهم ..
أبا سيف بنبرة حاول ان تكون هادئة قدر المستطاع كي لا يضايق أباه: الله يهدي اللي كان السبب
رمقه بطي بنظرة لوم خفيفة قبل ان يهتف بحزم: شو سبب ما سبب، ما صار الا كل خير يا بوسيف ..
أضاف وهو يوجه حديثه الى والده: وسلطان تراه دوم مشغول .. لا تنسى يا ابويه ان وظيفته هب سهلة ..
عنده مسؤوليات ما تخلص على ظهره ..
ابتسم بوسعيد بشجن وهو يهز رأسه بالنفي: الولد شايل بقلبه يا بطي ..
شايل بقلبه علينا وايد ..
هتف احمد بعد صمت بنبرة هادئة حازمة: ابويه طوليه بعمرك السالفة مرت عليها سنيييين ..
شو ذكرك فيها الحينه ..!!!
اجابه أبا سعيد بذات البحة المثقلة بالحزن .. المثقلة بوجع لا يفقهه أحد: ومنو قالك نسيتها يا ولديه ...!!!
أكمل حديثه الشجي المؤلم داخله وخفقاته تفور حزناً .... وحباً ..
حباً يتصارع ما بين ابنته حبيبته .... وبين ذلك الشاب الذي تمكن وبقوة من السيطرة على مكانته الغالية في قلبه ووجدانه ..
كيف لا وهو ابن الغالي ظاعن صديقه وعضيد روحه ..!!!
رحمك الله يا ظاعن رحمةً واسعة ...
ماذا كنت ستفعل لو انك شهدت ما شهدته قبل سنين مضت ..!!
ماذا كنت ستتقول لو انك رأيت بـ عيناك ما فعلته بـ أبنك ..!!!
آآآآآه أيها السلطان ..
أقسم بأني لم أكن لأدعك تخرج من مجلسي وانت موطئ العين مثقل الانفاس بحمم القهـر ..
حمم قهرك تلك قد لامست روحي الأبية قبل ان تلامس ملامح وجهك الغالي ..
لامست روحي وتمكنت مني وبضراوة ما ان التمعت عينا ابنتي برفضك وتفوهت به بالقول ..!!
رفض كان كالسكين الناصل على شخصك المعتد ..!!
أفهمك ..
أفهمك يا بني .. وافهم ألمك ..!!
سار فوق سحب الذكريات لذلك اليوم ..
قبل اثنا عشرة سنة ..!!
هتف سعيد بحزم بالغ وهو يوجه حديثه لـ اخته الصغرى شما: شما .. سلطان بن ظاعن هنيه
قولي اللي في خاطرج ولا تستحين ..
تنحنح سلطان بخشونة وقال بذات حزم سعيد: آمري يا بنت خويدم .. اسمعج
مر فوق غيوم عينا شما بريق غريب/مريب ... وهتفت بجمود قاسي .. قاسي كالصخر: بـومييـد
انتصب ظهر سلطان الذي كان واقفاً بجانب سعيد وبطي ويقابل أبا سعيد الذي كان يخفي اغلب جسد ابنته عنه ..... ثم هتف بصوت يرن بالحمية/النخوة الرجولية: لبيييه
شما بنبرة مقتضبة جافة: لبيت حاي يا بن ظاعن ..
صمتت قليلاً لتردف بنظرة سوداء قاسية مُرعبة:
لولوةْ خويدم بن زايد منقايه من الزين وهب كل وقى ايوزلها ..
(لولوة أي لؤلؤة) .. (وقى = غطاء من القماش/القطن) (ايوزلها = يناسبها)
تسمرت أعين الرجال بالذهول الكاسح بينما رفع سلطان حاجبه الأيسر وهو يرص عيناه بشك/عدم فهم ..
هتف بطي بغيظ كتمه قدر المستطاع تحت نبرته الحازمة: شو القصد من رمستج يا بنت ابويه ..!!!
رفعت شما رأسها باعتداد عاتي وهي تستدير حتى وقفت بشكل جانبي .. ثم ادارت وجهها بخفة الى سلطان وتلاقت نظراتهم ...!!!
نظرات يقسم الجميع ان لها عشرات المعاني كالشهب المعتمة الملتهبة من فرط غموضها ..!!!!
كررت شما جملتها بذات قسوة نظرتها والتي نضحت ازدراءاً عاصفاً نقياً:
هب كل وقى ايوز لـ بنت خويدم يا بومييد ..
تصلبت قامة سلطان بشكل مُريب ..... بشكل مُقشعر للأبدان من هول هيبته ..
حدّق الاشقاء الأربع بوجه سلطان والغيظ الشديد من شقيقتهم الصغيرة قد تمكن من ارواحهم بشكل مؤذي ..
بينما تسمرت قبضة يد أبا سعيد على عصاته ليطرقها بشكل متواصل مُرتبك على الأرض ..
عرف الجميع مقصد كلمات شما ..!!!
الرفــــض ..
هــذا مقصدهــا مــن غيــر شــك ..!!
إنهــا تــرفض سلطــان ..!!
حلّ الصمت المجلس كـ صمت قلعة خاوية من ارواح الانس والجن ....
لم يتفوه أحداً بكلمة .. ليس وسلطان يبعث بصمته المُريب رسائل مبطنة بـ "عدم الكلام" ..
بـ "عدم التنفس" ..!!!!
اخيراً .... هتف بصوت غليظ/جامد حد الصقيع القطبي .. صوت اخرجه قدر الامكان بثبات ورنة حازمة متزنة:
وصل اللي تبينه يا بنت الايواد ..
استدار ليخرج من المجلس .. الا انه ترك مسافة بين شفتيه ليقول كلمات أخيرة .. كلمات احرقت وجدان ذلك المُسن:
السموحة جان ياكم منا قصور ..
.
.
افاق من شروده وهو يسمع هتاف أحمد المرح: ابويه اسمع اسمع هالقصيدة
أطال احمد من صوت التلفاز ليسمع الجميع الرجل وهو يلقي قصيدة غزلية ساخرة في حق محبوبته
أبا سعيد باستنكار حاد: عنبوووه ذا الشيفة، اسميك مودر علوم الرياييل والمذهب ..
امفففففففف ..
ضحك الجميع على تعليق الجد، ثم قال أبا سيف بنبرة باسمة ساخرة: مصدق روحه شاعر ..
يفدا ولد محمد ويفدا طوايفه، حافظ عليه وعلى قصيده اللي يرد الروح ..
ابتسم أبا سعيد لسماع اسم ذلك الفتى الغالي: عنيه افدا حارب ومنطوقه ..
وأردف بحنق طفيف مثقل بالاشتياق: الا يا عيال ما تعرفون هالولد وين غاااط ..!!
امرررره محد يشوفه ..
(غاط = مختفي)
هتف سيف بعد صمت طويل بنبرة هادئة متزنة: البارحة نشدت عمتيه عاشه عنه وقالتلي مسافر
بطي باستغراب: مسافر ..!!
ماحيد حارب يسافر جيه بليا سلام وجلام ..
هز سيف كتفيه بعدم معرفة: والله هاللي عرفته ..
أبا سيف بتساؤل حازم: انزين وين سافر ..!!
اجابه سيف وهو يمسد رقبته: تقول عموه عنده مؤتمر في فرنسا ويمكن يطول هناك ..
هتف أبا سعيد ببحة حزينة: الله ايوفجه وايسر امره .. هالولد من توفوا هله وحالته لا تسر عدو ولا صديج ..
أردف وهو يمسح وجهه بكفوف السمراء المتجعدة: اللهم ارحم موتانا وموتى المسلمين
ردد الجميع خلفه بـ "آميـــــــن" ..
تنهد المُسن بشجن صرف .. بشجن خرج مهرولاً مع طيف انسان فارق عيناه بكل فجيعة يتصورها البشر ..
همس بخفوت أليم .. خفوت ذاق طعم الفقد بكل انواعه: وعسى ربيه يرحمك يا سعيد .... يا عين ابوك ..
هذا كان حال أبا سعيد .. رجلاً فقد والداه منذ الصغر ..
ثم فقد صديقه ظاعن في الشباب ..
ليتلقى رصاصة فقد ابنه البكر في الكبر ..!!!
أخذ يتمتم في قرارة نفسه:
الحمدلله على كل حال مهما كان الحال ..
رفع عيناه شبه المغلقتان وهو يسمع ما يقوله ابنه أبا سيف ..
أبا سيف وهو يضع ذراعه الأيمن على رجله المطوية امام صدره: ابويه الحرْمَات خبرنّي ان قوم عذيج رحمة الله عليه بيقربون صوبنا هاليومين ..
(حرمات اي الحريم = النساء)
أردف وهو يتنهد بخفة: ناويين يخطبون شما ..
أحمد بتساؤل: حق منوه ..!!!
أبا سيف بحزم هادئ: حق هزاع ولدهم العود ..
وضع أبوسعيد ذقنه على حافة عصاه وهو يمعن التفكير لأمور لا يعلم بها أحد ..!!
هتف بطي بنبرة مُستنكرة وهو يلتفت لأباه: ابويه شو رايك انت ..!!!
أبا سعيد ببحة عميقة .. بحة لا تفارق أحباله الصوتية: هزاع ريال طيب من ناسٍ طيبين ..
خوي شما قايم في بيته وهله ..
احتد بطي فمه بقهر لم يظهره ثم قال بنبرة سيطر على حدتها بقوة: يعني انت موافق ابويه ...!!
نظر أبا سعيد إلى بطي وقال بصوت هادئ مستكين: وشعنه ما وافق .. شو من عذروب في ولد عذيج .!!
(عذروب = عيب)
اتسعت محاجر أبا سيف بذهول تخلله سرور وهو يكاد لا يصدق ما يسمعه ..
فـ أباه بالعادة لا يعطي انطباعات ايجابية سواء بالقول أو بالفعل لأي رجل يتقدم لخطبة شما، هو فقط يصمت وينتظر ما ستكون اجابة ابنته المدللة ..!!!!
دوماً والده كان هكذا .... وصمته المستمر وجعْل زمام الأمور بيد شما هو ما يثير الحنق الشديد في روح أبا سيف ..
فـ أبا سيف ... صاحب عقلية قديمة منقرضة .. لا يعرف الا قانون "شور البنية عند هلها" ...!!!
لم يكن أبا سيف يتعامل مع الفتيات برقة وصبر كـ تعامل أباه وسعيد رحمه الله معهن ..
دائما ما يشعر أن الفتيات حملاً ثقيلاً على كاهل عائلاتهن ويجب عليهن الزواج ما إن يبلغن سن الزواج ..
ليس وكأنه يكره ابنتاه حصة وميرة !! .. فـ هن أعز ما يملك ومحبتهن في قلبه تزداد مع مرور عمره ..
ولكن عقليته القديمة تحتم عليه التعامل معهن بشكل يرونه هن قاسياً وغير منصفاً ..!!
تساءل أبا سيف بنبرة متلهفة: ولو شما ما طاعت ..!!
انزل أبا سعيد عيناه وهو يقول باقتضاب صقيعي: لا تحاتي بطيع هالمره ..
ولكن على الجانب الآخر ..!!
زفر بطي بقوة حادة ....... زفرة مستاءة لأبعد حد ..!!
لطالما عاش اوقاتاً سببت الأرق في روحه ما ان كان الامر يتعلق بـ شما وزواجها ..!!
هو شقيقها الكبير .. ويحبها حباً ينطق الحجر من فرط شدته ..
ولأنه يحبها بشدة ... لا يريدها الا زوجة لـ رفيق دربه ..!!
ولكن هذا من الصعب حدوثه على ما يبدو .. فـ سلطان بعد الذي حدث لن يفكر بخطبتها مرة أخرى .. حتى لو كان حب شما في قلبه قد وصل مواصل الدم في العروق ..!!!
يعرف سلطان ويعرف ضخامة كبرياءه العتيد ..!!!!!
غير أن ولنفترض خطبها مرة أخرى .. أيضمن هو شقيقها ان لا ترميه في ذات الموقف المرير مرة أخرى ..!!
أيضمن ان لا ترفض صديقه مرة أخرى كما رفضته سابقاً ..!!
اففففففففففففف ..
لمَ يصعب عليه تجاوز افكاره وجعل كل واحد منهما يعيش حياته كما يريدها ..!!
إنه النصيب .. النصيب يا بطي فلتفهم ذلك بكل رضا تام ..!!
هذه هي الحياة يا رجل .... تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ..!!!
رفع عيناه لأبيه وهو يقول بنبرة غامضة قوية: بس خطبة على خطبة ما ايوز ..!!!
رفع الجميع رؤوسهم ونظرات الذهول والاستغراب تنضح من ملامحهم ..
زفر بطي زفرةً غير مسموعة ليهتف بعدها بنظرة جامدة: سلطان رد خطب شما منيه ..
.
.
.
.
.
.
.
في ذات المنزل
بعد ان انتهى الجميع من وجبة العشاء، دلف كل واحد غرفته ليخلو بنفسه ..
فالذي يريد النوم ينام .. والذي يريد التعبد يتعبد ..
والذي يريد اغراق نفسه في عالم خاص به .. يغرق وبكل شفافية تامة ..!!!
دخل جناحه الخاص بعائلته الصغيرة متأملاً حدوث معجزة تجعل من ملامح زوجته تلين وتبتسم بكل صدق صافي ..
زفر كل ما يعتمل روحه من حب مُعذب وهو يشتم رائحة مسكرة جعل التخبط في روحه المضطربة يزداد بازدياد شوقه لأحضانها .. أحضان "تلك" الناعمة الدافئة ....
سخر من نفسه بمرارة .. حسناً يا أحمد كن صادقاً مع ذاتك ..
الدفء هو ما تتعطش إليه كلما حظيت بقليل من أحضانها ..!!
ونعومة القلب والنظرات هو ما تتجوع لهما كلما أثقلت احاديثكما بغزلك الصريح بجمالها الفاتن ..!!
تسمر بمكانه ما إن لمحها واقفة بكل هالة مُشعة أمام النافذة، وأخذت عيناه تمشطان جسدها المثير بقميص نومها الأسود البارز لبياض نحرها المعطر ..!!
اختلج قلبه بخفقاته والتي وصلت لأذنيه من فرط هيجانها ...!!!!
يالله .. كم هو رجل بائس مُحتاج ..
انفعالاتٍ من كل نوع ولون تموج وتضرب على اوتار دفاعاته بضراوة ...!!!!!
اقترب منها محاولاً السيطرة على اتزان تنفسه المضطرب ..
التفت إليها بخفة قبل أن يلمح ابتسامة مُغرية ترتسم بسحر تام على شفتاها البراقتان بلون أحمر زاد من هيجان مشاعره المتعطشة ..
همست عوشة وهي تدخل اصابعها في شعرها الناعم المصبوغ بلون كستنائي جذاب: حبيبي ييت ..!!!
التمعت عينا أحمد وهو يتأمل ملامح وجهها الجميل، ثم هتف بصوت أجش "غير مُصدق" خرج مع تنفسه الثقيل: حبيبي ..!!!
اتسعت ابتسامة عوشة لتهتف بخبث أنثوي جرئ: هيه بوزايد .. انت حبيبي ..
اقترب أكثر ووقف أمامها بجسده المستنفر وهو يهمس بخفوت مشتاق: فديت حبيبي من بين شفايفج
وبهيجان عاطفة بحتة لم يستطع التحكم بها .. انزل قامته إليها والتقط شفتيها بكل جوع يعتمل في جوفه ..!!
لحظات مرت وهو يسقي وجدانه من رحيقها العذب ..
لم يكن ليبتعد انش واحد لو انه لم يشعر بيديها الناعمتين تلمسان صدره المتهيج لتبعده عنها ..
قابل الاثنان بعضهما بعضا واللهاث القوي هو ما يتوسطهما بكل عجرفة تامة ..
همس بصوت اثقله العاطفة المتهيجة: اشتقتلج عوشة .. اشتقتلج وايد ..
همست عوشة بابتسامة جريئة من بين انفاسها القوية: وايد اشتقتليه أحمد ..!!!
هز أحمد رأسه بشوق ملتاع: وايد حبيبي وايد
اقترب ليتذوق مرة أخرى رحيقها العذب بكل استجداء، ولكن يدها هي ما منعته ..
تابعت همسها من بين ضحكاتها الخافتة الماكرة: هههه حبيبي لا
اجابها بنبرة ثقيلة تواقة خرجت مع لمعان مقلتا عيناه السوداوان: ليش عوشه ليش ..؟!!!
عوشة بنبرة باسمة متلاعبة: حبيبي ما ينفع الحينه ... اممممم يتني ..
هاج على صفحة وجهه موجة خذلان واستياء جعلته يتراجع ببطء ويقول بخفوت تخلله ضيق شديد:
هاي كم ودية تييج في الشهر ..!!!
(ودية = مرة)
ضحكت عوشة غير مبالية بمشاعره المضطربة ... وقالت بنبرة ناعمة مُغرية لأبعد حد: حبيبي شو اسوي بعد ..!!!
قال باقتضاب باطنه استياء/خيبة عارمان قبل ان يدلف الحمام: لا تسوين شي ..
ما إن دلف حتى التمع شعاع شيطاني على عيناها .. وغمغمت بكل ما فيها من بغض/ازدراء وهي تمسح شفتيها: غبي ..
أخذت تبحث عن هاتفها حتى وجدته فوق المنضدة، أمسكته بتردد والأفكار تتراقص في مخيلتها رقصة لا هوادة فيها ..
بدأت تدريجياً بكتابة رسالة ما ........ لشخص ما ..
شخص تؤمن كثيراً إنه سيتمكن من فعل ما تطمح إليه ....
.
.
.
.
.
.
دبـــــــي
دخل غرفته بعد أن انتهى من تناول وجبة العشاء مع عائلته، ما إن اقترب من الباب حتى أتته مكالمة من شقيقه الأصغر مصبح ..
التقط هاتفه ذو الطراز القديم غير المواكب لتطور الهواتف الذكية في وقتنا الحالي وهتف بنبرة حازمة ثقيلة:
ألووو ..
اعتدل مصبح بجلسته وهو يرد على شقيقه الأكبر بدفء أخوي تخلله احترام جم: سلام عليك بونهيان
أبا نهيان بنبرة ودودة: وعليك السلام بوظاعن، حي هالصوت وراعيه ..
ابتسم مصبح بصفاء ليهتف برنة رجولية: حي نباك يا بونهيان
شحالك وشحال أبويه واليميع ..؟!!
أبا نهيان بذات نبرته الودودة: كلنا بخير وعافية ما نشكي باس، ومن صوبكم الغالي ..؟!!
مصبح بحزم هادئ: عساااااه مديم ياربي .. والله الحمدلله عايشين بخير ونعمة ..
أبا نهيان: والعيال شخبارهم في الدراسة ..؟!!
ابتسم مصبح بخفة: المدرسين حادرين البيت وظاهرين حق الشيخ ظاعن، ومزنة ما شاء الله عليها ما عليها خوف شاطرة والاولى على مدرستها دوم .. اما هاييل الطفوس عبدالرحمن ونهيان فـ خلهم ..
أربع وعشرين ساعة مجابليلي هالسقم اللي يسمونه آيباد ومودرين الاكل والدراسة ..
ضحك أبا نهيان بفخامة ثم هتف: هههههههههههه الله ايوفجهم ويسهل عليهم كلهم ..
مصبح: آمين يارب أجمعين ..
أردف وهو يعدل نظارته الطبية فاتحاً أمامه كتب ومجلدات عديدة تخص القضاء وقوانينه: بونهيان طوليه بعمرك بغيت اتنشدك عن شي ..
رد أبا نهيان وهو يجلس على الاريكة الوثيرة: آمرني فديتك
مصبح: ما يامر عليك عدو ولا صديج ..
امممممم بونهيان بما ان لك خبرة طويلة في محكمة النقض، يقدر القاضي في حال ..........
وأخذ مصبح يسأل شقيقه ذو الباع الطويل في مجال القضاء عن أمور يريد التأكد منها، فهو بالرغم من ذكائه وخبرته في مجاله، الا انه لا يستغني عن سؤال واستشارة من هم أخبر منه وأعلم ..!!!
بعد دقائق من النقاش المتشعب، هتف مصبح بعد تنهيدة ارتياح: يزااااك الله خير يا بونهيان .. لا خلينا من نفعتك ..
أبا نهيان بود دافئ: افا عليك بوظاعن ما سوينا شي .. بس ما قلتلي ... هالحالة اللي رمستني عنها عندك ولا شو السالفة ..!!!
التمعت عينا مصبح بلمعان غامض ثم أجاب: لا لا هذا مجرد استفسار .. حبيت اتأكد من معلوماتي بس ..
أبا نهيان: هييييه زين عيل
أخذ مصبح يضرب قلمه بخفة على الكتاب الذي أمامه، ثم هتف بتردد: بونهيان بتخبرك ..
تحيد آخر قضية مسكها سعيد بن خويدم يعل ربي يرحمه ..؟!!
قطب أبا نهيان حاجباه باستغراب شديد: هيه احيد .. قضية وزير الـ .... السابق ..
شو ياب الطاري ..؟؟!!
مصبح بحزم هادئ الرنة: بخبرك خلاف ..
اردف وهو يتنقل بناظريه على الاوراق والكتب امامه: انزين هو عقب هالقضية ما مسك أي قضية ثانية بالشهور يلين يوم وفاته الله يرحمه صح ...!!!
هز أبا نهيان رأٍسه بإيجابية: هيه نعم 9 شهور تقريباً ..
رص مصبح على عيناه ليقول بتساؤل متوجس: ظنك شو السبب ...!!!
هز أبا نهيان كتفاه مجيباً باستغراب: سألت هالسؤال حق نفسي قبلك .. ويوم سألته شخصياً قال إنه حاب يعلق شغله شوي ويفضي عمره حق بعض القضاة المتدربين .. كان في هاك الوقت هو المشرف عليهم ويوجههم ..
مصبح والتوجس لا يفارق مقلتاه: بس كان يقدر يمارس وظيفته ويدربهم في نفس الوقت ..!!
أبا نهيان واستغرابه من حديث شقيقه بدأ بالازياد: ماعرف هاللي قالي عنه ..
مصبح مستوي شي ..!!!
مصبح: لا لا مب مستوي شي .. انا بس حبيت اتأكد من كمن شغله قريتها في ملفات سعيد وبوحارب ..
اتسعت عينا أبا نهيان بدهشة: شحقه تقرا ملفات سعيد وبوحارب ..!!!
زفر مصبح بإرهاق وهو يحك عيناه من تحت نظارته: بوعبدالله طلبهن منيه قبل فترة ..
قطب أبا نهيان حاجباه والتوجس قد وصله كما وصل شقيقه: وشحقه يطلبهن ..!!!
هز مصبح كتفاه بعد معرفة: علمي علمك ..
أردف محاولاً تغيير مجرى حديثهم: خلاص يا بونهيان تسلم ما تقصر
أبا نهيان: ولا يهمك مصبح نحن في الخدمة
أقفل الهاتف عن شقيقه وهو يتنهد بعمق، أتاه صوت خطوات زوجته وهي تهتف بقلق: عبيد فديتك ما شوفك تعشيت ..
أبا نهيان بنبرة حازمة ثقيلة: لا عذبه تعشيت وشبعت الحمدلله
أم نهيان بدفء/اهتمام: شو اللي مخلنك جيه مويم ومالك خاطر تسولف ..!!
حد مزعلنك الغالي ..!!
(مويم = صامت)
أبا نهيان بصوت مبحوح وغضبٌ بدأ يظهر منه: ولدج نهيان يخلي الواحد يرتاح ويهدا باله ..!!!
تنهدت ام نهيان بعمق قبل ان ترد عليه بصوت رقيق هادئ: فديتك انت اشعليك منه .. نهيان غدا ريال ويعرف مصلحته زين ما زين .. لا تستهم عليه وخله يشتغل الشغله اللي يباها ..
قطب حاجباه بغيظ شديد .. وقال: شو يعرف مصلحته ما مصلحته .. تبين الصدق انا حاس ان وراه سالفة هالولد
أم نهيان بجزع: وابوووويه شو سالفته بعد .. تعرف شي انا ماعرفه عبيييييد ...!!
أخذ أبا نهيان يبدل ملابسه وهو يهتف بتهكم: بلاج يا حرمة زغتي .. اقولج حاس حاس ..
أم نهيان بقلق: يعني شو ما فهمت ..!!
تحرك أبا نهيان لحيث يوجد مصحفه، التقطه قبل ان يفتح أحدى صفحاته الطاهرة: ماشي ماشي
سمع الاثنان طرقات آتية من باب غرفتهم .. وصوت حازم يهتف: يا هل الدار وينكم ..!!
ابتسمت أم نهيان بحنان جارف وهي تجيب بصوت رنان: تعال تعال فديتك ..
أدخل فلاح رأسه قليلاً ليقول بذات نبرته الحازمة: لا فديت قلبج .. خلي ابويه يرتاح وتعالي شويه ما عليج اماره ..
اباج في رمسه ..
أبا نهيان بحزم دافئ وهو يضع المصحف بجانبه: احدر فلاح انا هب راقد
دخل فلاح غرفة والديه بخطوات ثابتة .. ثابتة بشكل صارم .. ولكنه وياللعجب ....
شعر بوخزات من التردد/الارتباك ..
زفر في قرارة نفسه وهو يستجمع كل ثقته ... ثم هتف بقوة: أبويه اسمحليه ادري هب وقت سوالف الحينه
أشر أبا نهيان لأبنه ليجلس بقربه: ماعليه ولديه تعال .. خبرني شو فيك ..!!!
جلس فلاح بجانب أبيه وهو ينظر لوالدته التي تترقب حديث بلهفة ...
زفر بسرعة قبل ان يقول بنبرة واثقة مباشرة:
ابويه ابا اعرس
.
.
.
.
.
.
.
في مكان بعيد ..
بعيد كل البعد عن مظاهر المشاعر الانسانية ..!!
فتح عيناه ببطء ثقيل .. ثقيل حد الهلاك .. ثقيل كثقل جسده المرمي على الأرض كجثة هامدة ..
كثقل انفاسه المهلكة من الضياع ..
أخذ يتلفت وينظر للمكان حوله بـ ضباب عيناه وروحه في انقباض مستعر من فرط انفعالاته الداخلية ..
مكان في قمة القذارة ...!!
هذا ما ردده بداخله ..
أخذ يتأمل بنفس مُشمئزة، الجدران الطينية هي ما كانت تحوط جنبات المكان ..
المخلفات المقرفة "أعزكم الله" في زاوية تسمى وياللسخرية ...... مرحاض ..!!
بقايا قاذورات مرمية هنا وهناك ..!!
سرير متهالك يكاد يتحطم من فرط قدمه ورداءة صنعه ..
وضع كفه على أنفه ليمتنع عن شم الرائحة النفاذة الكريهة ..
السؤال الذي يدور في خلده الآن ..!!
أيـــن هـــو ..!!!!!
أيـــن أنـــت يـــا حـــارب ..!!!
زفر بقوة محاولاً الوقوف على قدميه مستنداً على الحائط الأسود الرطب بجانبه ..
ثم أخذ يمسح بقميصه، المتلطخ بالدماء من أثر ضربات لا يعلم مِمن تلقاها، عرق وجهه المخلوط ببقايا دم جاف ..
لمس بأصابعه السمراء الطويلة ندبته وهو يتأوه بداخله ..
زفر بقوة وللمرة العاشرة وهو يدخل أصابعه داخل شعره الكثيف الذي أصبح اكثر طولاً بعد فترة طويلة من عدم قصه ..
تقدم بثقل متعث حتى مسك بقبضة يداه القضبان الحديدية التي امامه ...
رآى من بعيد عسكري ذو جسد ضخم حاملاً سلاحاً وراء ظهره ..
صاح بانجليزية وصوته الغليظ خرج كـ بحات غير متزنة: أنت .. يا هذاااا ...
التفت العسكري بحاجب مرفوع ونظرة شيطانية تعلو مقلتاه: أووووه أصحوت أخيراً من سباتك أيها الكسول ..!!
زمجر حارب بغلظة تخللها قهر/ضياع/ارهاق تام: أين أنا يا هذااااااا ..!!!
اقترب العسكري منه وثغره يبتسم ابتسامة بغيضة تبعث الاشمئزاز في الوجدان، وأجابه بكل برود شيطاني صرف وهو ينطق كلماته بتأني شديد:
أهلا بك في سجن لاسانتيه يا عزيزي ..
.
.
.
.
.
.
.
في مكان لا يقل عن الذي قبله بانعدام انسانيته ..!!
هتف بصوت جبروتي غاضب: شاهين .. أدبه إلين ما يعرف ان مب بومرشد اللي ينلعب من ورا ظهره ..
قام أحد رجاله ذوي الأجساد الضخمة والمسمى بـ شاهين بحمل ذلك المرمي على الأرض كأحد الاشياء معدومة القيمة، وأغرق رأسه بماء بارد حتى يصل مرحلة الاختناق ..!!!
أخرج شاهين ذلك المُتعذب من بركة الماء مزمجراً بقسوة جبارة: بتقول منو مطرشنك عندنا ولا شوووو ...!!!
أخذ الرجل المختنق يلهث بشكل حاد سحيق وهو يستجدي الهواء بكل ضعف/انهاك، لم يكد يخرج زفيره حتى ادخله شاهين مرة أخرى للماء ..
وظل الاثنان على هذا الحال، رجل يغرق رجلاً معدوم الحيلة، وآخر يتلقى ضربات الماء وولوجها قصباته الهوائية ولوجاً يقتل ..
توقف عندما سمع شهيقاً قوياً من الرجل وهو يصرخ بصراخ اهتز معه جسده الصلب القوي: الله يلعـ..... كلكم .. لو تذبحوني في مقصب ما بقووووولكم يا كلاااااااااب ..
وبشكل مباغت تماماً، بصق الرجل على أبا مرشد الذي كان جالساً أمامه واضعاً رجل على رجل ..
احتنق وجه أبا مرشد بغضب اعصاري عاتي ..
وقف بسرعة ليمسك بقطعة حديدية بقربه ويضرب بها رأس الرجل ..
سقط الرجل مغشياً عليه ...... أو هذا ما توقعوه على أقل تقدير ..!!
فالضربة كانت قاتلة بحق ..!!
أبا مرشد وهو يمسح ثوبه بكل احتقار/غطرسة: الله يلعـ.... ما شفت واحد شراته عنيد ..
مرزوق بابتسامة ساخرة: هالصنف من الرياييل معروفين بعنادهم اللي ما يلين ..
واضح منو اللي طرشه ودخله بينا جاسوس ..
سلطان بن ظاعن ماغير ..
سلطان ما يختار الا الرياييل الكفو لمهماته ..
زمجر أبا مرشد بغضب شديد: اعرف انه سلطان لا تتذاكى علي انت بعد ..
بس بغيت اير الاعتراف عنه بالحرف عشان اكون على بينة لا اكثر ..
زفر بعنف وهو يستدير ليشعل سيجارته بنظرات بدأت بالتحول للازدراء التام: خبرني منوع وين ..!!!
ما يعرف اني رديت البلاد ولا شو ..!!!!
هز مرزوق كتفيه بعدم اكتراث: اتصلتبه وقلتله انك وصلت، مادري عاده ليش ما يه ..
صمت الجميع ما إن سمعوا صوت سيارة تتوقف بقوة أمام باب الفيلا الضخم ..
خرج أبا مرشد من قبو منزله الذي كان مسرحاً مناسباً لتعذيب ضحاياه .. وما إن دخل صالة منزله حتى رآى قامة وهيئة يعرفها تمام المعرفة ..!!
وبدهشة شديدة هتف: آندي ..!!!
التمعت عينا آندي بخبث لا يفارقه بتاتاً ليجيب بعربية ركيكة متلاعبة: أجل سديكي آندي..
كيف هالك أبو مرشد ..!!
قطب أبا مرشد حاجبيه: انا بخير .. انت شو يايبنك الامارات ..!!!
ضحك آندي ضحكة رنانة ليهتف بعدها بانجليزية ساخرة: لا تخف لم أأتي لمهمة رسمية تخص العمل ..
إنما فقط كنت اتجول في مدينتي المفضلة دبي، وفكرت بأن واجب الصداقة يحتم علي المرور لأبوظبي وإلقاء السلام عليك ..
ابتسم أبا مرشد ابتسامة ساخرة ليقول بانجليزية هو الآخر: من الجميل سماع ذلك يا رجل ..
أشر بيديه ليجلس: فلتتفضل حتى نكرمك بشكل يليق بك عزيزي ..
جلس آندي وهو يضع رجلاً على رجل ويشعل سيجارته التي تحمل إشارة افخر أنواع السيجار الكوبي:
شكرا لك صديقي
وأضاف بعربية ركيكة خبيثة: ألم تئرف بئد ..!!!
(ألم تعرف بعد ..!!)
قطب أبا مرشد حاجباه بتساؤل ليهتف بالعربية: شو ..؟!!
ضحك آندي باستهزاء قائلاً: أرسلنا الشاب الجميل إلى مهمته الاولى ههههههههههههههههه
فهم أبا مرشد مقصد آندي ليهتف بنظرة ساخرة لأبعد حد: اووووه المسكين .. ظنك هالرخو بيتحمل ...؟!!!
(الرخو = الضعيف/الذي لا يتحمل شيئاً)
ضحك آندي الفاهم للغة العربية بكل لهجاتها، فهو العقل المركزي الذي يعتمدون عليه عند أحلك الظروف، واستطاع تسيد مركزه بجانب زعيم منظمتهم بقوة عقليته الشيطانية وقوة بدنه الصلبة ...... اجتمعت لديه صفات العقل والجسد معاً ..
فـ ما كان من ديرفس الا ان يجعله يده اليمنى التي يعتمد عليها في المهمات الصعبة ..!!!!
اجاب وهو ينفث دخان سيجارته: ههههه لا تخف ئليه، فقط سيتذوك كليلاً من الارهاق واللهم النتن ويشم الروائه الكريهة هههههههههههه
(لا تخف عليه، فقط سيتذوق قليلاً من الارهاق واللحم النتن ويشم الروائح الكريهة)
أبا مرشد بتساؤل: بس اكيد أبوه بيسأل عنه ..
لا تنسى انه ولد موكيش جانجوس ..!!!
آندي بنظرة باردة غيرمبالية وهو يقلب لسانه الى الانجليزية: لقد ارسلنا لأبيه رسالة إلكترونية من حساب ابنه وقلنا له أن لاكي سيخدم لعدة أشهر في البلاط البريطاني، لذا فإنه حتماً لن يقلق على ولده ولن يبحث عنه .. فـ هو بنظره الآن مجرد شاب مشغول ويكافح لأجل مستقبله ..
.
.
.
.
.
.
.
دخل مكتبه كعاصفة هوجاء ترعد أوصال كل من لمح ظلالها المريعة المخيفة ..
يكاد يقسم أن الغضب قد وصل درجته الألف في أسلاك دماغه المثقلة بالأفكار والهموم المتراكمة ..
هموماً كثيرة تتساقط على نحوٍ متناغم على كاهليه ولا يلقى من يساعده قليلاً بالحِمل ..!!
اللهم ارزقني الصبر .. الصبر فقط يا رب الكون ..
أأتلقى كل الأخبار كالقنابل المدوية في نفس الوقت والساعة ...!!!
حارب في سجن يعد من أخطر وأقذر سجون العالم كافة ..!!
وابا مرشد ....... ذلك الحقير ..
استطاع اكتشاف حسن، الرجل الذي زرعته وسط منظمتهم ..
اتصل بسرعة برقم معين وعيناه تشتعلان غيظ/قهر على الذي يحدث ..!!!!
هتف بزمجرة غاضبة كل الغضب: سعيييييد، اتصل بـ خلفان وابراهيم وقولهم يرجعووون على اجرب طيارة ..
بسرعة يا سعيد الحين تتصلبهم الحييييين ..
اقفل هاتفه بعد أن سمع رد سعيد المُرتجف بالذهول/الجزع من غضبه الحاد ..
فـ رجاله لم يتعودوا على رؤية الجانب المنفعل من رئيسهم، لأنه لطالما كان ذو نفس صبورة وبال وسيع ..
وقبل كل شيء .. ذو عين جليدية لا تهتز نظرتها حتى في أحلك الظروف ..!!!!
ولكن هذه المرة قد دخل حارب في الصورة ..!!
ولا أحد يعرف ما هو حارب بالنسبة لـ سلطان ..!!
حارب الذي تمكن بشكل عجيب من السيطرة على كل المشاعر الأخوية و"الأبوية" لديه ..
يكن لهذا الفتى الكثير من الحب والمودة ويشعر بالمسؤولية الكبيرة اتجاهه ..!!!!
نهـــاية الجــــزء الثـــــاني عشـــــر
|