كاتب الموضوع :
سيمفونية الحنين
المنتدى :
سلاسل روائع عبق الرومانسية
رد: رواية .. قلوب يخضعها الحب .. بقلم .. سيمفونية الحنين .. الفصل الثاني و العشرون
الفصل الثالث والعشرين
يا من هواه أعزه وأذلنـــي .. كيف السبيل إلى وصالـــــك دلني
وتركتني حيران صبّا هائم .. أرعى النجوم وأنت في نوم هني
عاهدتني ألا تميل عن الهوى.. وحلفت لي يا غصن ألا تنثني
هبّ النسيم ومال غصن مثله .. أين الزمان وأين ما عاهدتني
جاد الزمان وأنت ما واصلتني .. يا باخلاَ بالوصل أنت قتلتني
واصلتني حتى ملكت حشاشتي .. ورجعت من بعد الوصال هجرتني
الهجر من بعد الوصال قطيعه .... ياليت من قبل الوصال تركتني
أنت الذي حلفتني وحلفت لي .... وحلفت أنك لا تخون ، وخنتني
لما ملكت قياد سري بالهوى.. وعلمت أني عاشق لك خنتني
ولأقعدن على الطريق فأشتكي .. في زي مظلوم وأنت ظلمتني
ولأشكينك عند سلطان الهوى .. ليعذبنك مثل ما عذبتني
ولأدعين عليك في جنح الدجى .. فعساك تبلى مثل ما أبليتني
.....
مر أربع سنوات على رحيلهم وها هو اليوم الأخير لها في هذه البلاد ستغادر في الساعة الثانية بعد منتصف الليل وتعود لمكانها الذي طالما أحبته واشتاقت إليه
بقي عشر ساعات فقط
ارتدت فستان ربيعي طويل مورد بألوان الربيع وحذاء ذو كعب مرتفع وسترة ربيعية بيضاء وحجاب مورد واختتمتها بسلسلته المفضلة لقلبها والتي لم تغادر عنقها طوال السنوات الأربع سلسلة حبيبها
حملت حقيبتها الصغيرة واسرعت تنزل السلالم بخطوات سريعة لتخرج من المنزل وتسير بقامتها التي ازدادت اكثر وأصبح جسدها يخلب الألباب وهي تتقدم بخطوات سريعة واسعة تسرع لمكانها المنشود لتتوقف هناك وجدتهم بإنتظارها لتلوح لهم وما أن تقدمت خطوة أخرى ارتدت للخلف حتى يسارع بإمساكها واحتضانها بذراعيه القويتين لتقع عينيها المكحلتين بسحر عينيه وتقول بشفتيها المطليتين بالون الكرز - أنت
يومه مشرق كما لم يكن منذ أربع سنوات السعادة تنبع من كل خلية في جسده والطاق تتفجر من عينيه اللتان تبعثان السعادة لكل من تقعان عليه , اليوم سيضع النقطة للأخيرة لحكاية استمرت لوقت طويل وحان الموعد حتى يبدأ من جديد رغم ان ما زال هناك عقبة في طريقة لكن سيتجاوزها سريعا
انطلق نحو مكانه المنشود ليودع أصدقائه حتى يغادر هذا المكان لم يعد أمامه الكثير حتى ينهي كل أموره العالقة , وجدهم في أنتظاره ليتقدم منهم بسعادة ويجالسهم ليقول أحدهم - أيها الخائن تتوعدنا بهداية رمزية ولم تجلب معك شيء
شهق بحدة ليقول - لقد نسيتهم في سيارتي مهلا دقيقة واعود
خرج مسرعاً من المطعم الذي يرتادونه مؤخراً ليصطدم بشخصٍ ما عاد للخلف وكاد أن يسقط ليسارع وتلتفت ذراعيه حول ذاك الخصر النحيل غمرته رائحة منعشة انبعثت منها ليغلق عينيه يستنشقها لتعبق بداخله دون التفكير بحقيقة هذا الفعل فتح عينيه ينظر لمن أسرته براحتها المنعشة لتقع عينيه أسيرة عينيها المثقلتين بكحل اسود وذات البريق الزمردي ينبعث من بينهما لتتسع عينيه بدهشة ودون وعي منه يقربها منه أكثر لتكمل صورتها الساحرة وصوتها العذب يتسلل من بين شفتيها الشهيتين كبحة كرز تجمعت عليها قطرات الندى في صباح ربيعي باكر - أنت
أزردر ريقه وهو يتأملها كم سنة مرت على أخر لقاء جمع بينهما أربعة سنوات اجل وها هو القدر يجمعهما من جديد ليقول ببهجة وهو يتأملها بتمعن - أي رياح طيبة حملتكِ إلي يا شمس الأصيل
اتسعت ابتسامتها وهي تنظر إليه بسعادة - كيف حالك عامر ؟
قاطعهما صوت أحد صديقاتها وهي تلوح لها وما زالت جالسة ضمن المجموعة - غروب يا فتاة ما بك أين عالقة انتي
ابتعدت غروب عنه بسرعة وهي تلاحظ كم كانت قريبة منه لتقول بمرح - مهلا قادمة
لتنظر إليه وتجده يتأملها هذه المرة وهي تقف أمامه زاهية متفتحة كزهر ربيع ليقول بمرح - ازددت جمالا غروب
احمرت وجنتيها وهي تتألمه وقد تغيرهو أيضا جسده ازادا صلابة ويبدو وكأنه منحوت بسبب عمله الذي لا يتخلى عنه لكن قصر شعره كثيرا ولديه ذقن خفيفة زاددت من جاذبيته - وأنت تغيرت كذلك عامر
قال بمكر - هل ازددت جمالا أيضا
ابتسمت بخفة لتقول - أنت اعلم بنفسك
ظهر شخص من خلف عامر ليقول بمكر - من هذه الجميلة عامر
شعرت بالحرج لتعتذر وتتوجه نحو أصدقاءها
وهو قال بمرح جاد - قريبتي وأياك الاقتراب منها افهمت
ضحك ليتوجه نحو سيارته ويحضر الهدية لأصدقاءه ليعودوا ويجلسوا معا بسعادة ونظر نحو الطاولة المقابلة له ليجد غروب تجلس مع رفيقاتها ويتبادلن الكلام ليحضر بعد ذلك المضيفات ويقدمن قالب كبير من الحلو ومغروز بحد أثنتا وعشرين شمعة على عدد سنوات عمرها لتشهق بدهشة وهم يضعونه أمامها ويغنون بسعادة لها وهي تنظر نحوهم بتأثر لتقول أحداهن - هيا غروب تمني أمنية واطفئي الشموع
رفعت عينيها حينها لتقع أسيرت عينيه وهي تغلق عينيها والابتسامة لا تفارق شفتيها لتتمنى أمنية لها لتفتح عينيها بعد ذلك وهي ما زالت تنظر إلى عامر وتطفئ الشموع ويصفقون لها بسعادة ويسارعون في تقديم الهدايا
وجدته ما زال يراقبها وايتسامة خفيفة تشق ثغرة سعدت لذلك كثيرا وهي تخرج قلادته التي ما زالت في عنقها وترفعها أمامه وكأنها تذكره بطلبه لها في الماضي
ابتسم بسعادة وهو يرى أن تلك القلادة ما زالت لديها رغم أنه بعد تلك العملية الأخيرة لم بعد يراقبها وقد اتلف الجهاز الذي لديه ويمكنه من معرفت مكانها حتى لا يخترق خصوصيتها
قاطع تأملاته صديقه يقول بخبث - اذهب إليها ذاك افضل من مراقبتك لها من هنا
ضحك بمرح وهو يقول - سأذهب لكن ليس الآن هناك ما يجب عليّ أن أنهيه قبل أن اقترب منها من جديد
انتهت تلك الدقائق السريعة بمراقبتها ليخرج وينهي اموره وما تبقى له حتى يعود أخيرا لبلاده , أما هي راقبت خروجه بحزن وهي تخشى أن لا تقابله من جديد .
****
يومٌ مشمسٌ رائع بعد فصل شتاء قارس ها قد حل الربيع أخيرا
جلس بسعادة على مائدة الطعام وجده يترأس المائدة كالعادة لتتبعه شقيقته ووالدته ووالده ويجلسون معاً
قال جاسر بمرح - صباح الخير
قالت والدته درّه - اهلا يا حبيبي صباح النور
لاحظ النظرة الشرسة التي رمقه بها والده ليضحك بسعادة ويقول - ماذا هل هناك اعتراض سيد عزام
تنهد بخبث وهو يقول - كلام الغزل لك وتنس أن تسمع زوجها ولو القليل
ضحك كل يجلس على المائدة عدى والدتهم لتقول بنزق - احترم الشيب الذي في رأسك يا رجل
قال جاسر ابنه بخبث - هل سمعت يا والدي العزيز كف عن الغيرة هذه أمي حبيبتي ولن ندع أحد يقترب منها حتى أنت
رمقه والده بغيرة - أنت أنا قادر على أخذها والمغادرة من هنا ولنرى كيف ستصل لأمك حينها
قال جاسر بحدة - لا أحد قادر على حرماني والدتي أبي
لاحظت درّه أن الأمور تتطور لتقول بحدة - توقفا عن هذا المزاح ما هذا ألا نهنأ بوجبة طعام ما رأيك عمي
قال جاسر الجد - يبدو أن ابني عاد مراهقاً يا ربي عفوك
نهض جاسر وهو يقول بمرح - انا ذاهب للحقل أريد أن أرى ما حصل لمزروعاتي
خرج بسعادة وهو يتجاهل ما حصل مع والده فذاك الأمر يتكرر مرارا ؤغم أنه يحاول أن يتناسى ما حصل في الماضي
وصل للحقل ليجلس أسفل أحد الاشجار وهو ينظر لساعته ليقول بمقت - لقد تأخرت أين هي
قاطعه صوتها الحريري وهي تقف امامه وتحمل سلة طعام - أنا هنا حبيبي
ألتفت إليها ليمسك بيدها ويجذبها لتجلس بجواره وهو ينظر إليها بالهفة ويقول بمرح - حبيبتي لقد اشتقت إليك كثيرا
ضحكت بمرح وهي تقول رغم خجلها منه - وأنا أكثر يا عزيزي
رفع عنها خمارها الذي يغطي وجهها ليظهر وجهها المشرق ووجنتيها المحمرتين ويتأمل عينيها اللتان تنافسان زرقة السماء ويقول بسعاد - ما أجمل رؤتك على هذا الصباح غرامي
ضحكت بخجل وهي تقول - عليك تناول الطعام أنظر ماذا أحضرت لك
ضحك وهو يبتعد عنها قليلا ليجدها اعدت لهما خبزاً على الصاج قال بدهشة - هل أنت من أعددته
قالت بخجل - أجل لقد علمتني أياه والدتي
ضحك وهو يقول - هذا أخر ما أتوقعه منك لم اتصور في حياتي أن الفتاة التي سقطت بين يدي سوف تعد لي خبزاً على الصاج
اخرجت الشاي والفناجين فالزعتر والزيت والجبنة والمعسل والزتون الأخضر لقد لاحظت هذا ما يفضل تناوله صباحاً
اعدت المفرش ورتبت الطعام ليجلسان ويتناولان الطعام بهدوء
قال بمرح - سلمت يديك حبيبتي
قالت بخجل - جاسر أنت تحرجني كثيراً
ضحك بسعادة وهو يغسل يديه لتسارع هي بحمل الماء وصبه عليه ويقوم هو لها بالمثل لتعيد كل شيء لمكانه ويقترب منها قال بخبث - لكن أنا ما زلت اشعر بالجوع
نظرت إليه بدهش وقالت - هل أحضر لك المزيد
قال بمرح - لا فأنت أمامي
شعرت بالتوتر فهي تعلم ما سوف يتبع كلامه هذا لتقول بتردد - جاسر سوف يقضي علينا والدي لو علم انني هنا عليّ العودة
ضحك وهو يقترب بخبث - لا اهتم لوالدك ذاك لا اعلم لماذا يكرهني كل هذا الكره
ابتسمت بتوتر وهي تقول - ما زالت علاقتي به متذبذبة رغم كل تلك السنوات
ضحك بمرح - ذاك افضل حتى لا تفضلينه علي
اقترب منها أكثر حتى شارف عليها لتسقط هي على الأرض مستلقية وهو مشرف عليه ويقترب منها يروي جوعه منها بنهم وهي تبادله بخجل قبلاته الرقيقة ليقاطعهما صوت ما انتفض مبتعد عنها وهي كذلك تجلس بتوتر ليجدوا درّه خلفهما تقول بمكر - كنت اعلم أنكما هنا
قال جاسر بحدة - يا وقحة كيف تقاطعيننا
قالت بخبث - أنتظر حتى يغلق عليكما باب منزلكما وافعل ما تريد
قال بحدة - وكيف ذلك سيحصل وخالك ذلك ما زال على قيد الحياة
ضربته غرام على ذراعه تقول بحدة - أنه والدي جاسر حتى لو كنا على خلاف
قال بقهر - سوف اتزوجك هذا الاسبوع وليحصل ما يحصل حتى لو حملت سلاحي ووضعته برأسه
نظرت إليه غرام مصعوقة وهي تقول - سيقتلك حينها وأنا ماذا افعل دونك
رمقها بقهر لتقترب منه وتحتضن ذراعه وتقول بسعادة - لو أنك امسكت لسانك قليلا قبل سنوات ما حصل ما يحصل لنا الآن ثم ألست مستعداً لتنتظرني قليلا بعد
قال بهدوء وهو يستعيد صفاءه - يا حبيبتي أنتي يا نجمي الذي يدلني في الصحراء القاحلة كيف لا أنتظرك قليلاً أنا أنتظرك عمري كله القادم إلى أخر نفس سيخرج مني
لمعت عينيها بحب لتقول بشغف - وانا لم أحب ولن أحب سواك حياتي ملك لك يا من ملكت قلبي وروحي وكل ذرة في جسدي
اقترب منها اكثر حتى قارب على تقبيلها لتقاطعهما من جديد - يكفي هذا كم أصبحتما وقحان لا يصدق ما تفعلانه
زمجر جاسر بغضب ليلتفت إلى شقيقته بحدة ويقول - أنت أين زوجك عني اتركيني قليلا تعلمين لا أراها إلا صباحاً
قالت بمكر - زوجي لم يعد للآن وأنا لن اتركك حتى لا تنس نفسك في ثور مشاعرك هذه التي لا تستطيع السيطرة عليها ويحصل ما لا يحمد عقباه وتحضر الفتاة بعد أيام وتقول أنها حامل
شعرت غرام نفسها تحترق لتقول بغضب - أنت لم يعد لديك ذرة من الخجل كيف تقولين ذلك أمامنا
قال جاسر بمكر - اتعلمين يا أختي لقد منحتني الحل لما اريد
نهض ليقترب من درّه ويحتضنها ويلتفت إليهما ويقول بمرح - غرام حامل هل فهمتما
شهقتا بدهشة ليركض نحو منزل عمه وهو يبتسم بخبث لما سيفعله به والفتاتين خلفه تتبعانه ودرّه تصرخ عليه أن يتوقف رغم أنها تشعر بالدهشة لما يحصل لكن جزء منها ينبض سعادة لحال اخيها الاحمق وما هو عليه الآن , عادت للماضي وما حصل قبل أربع سنوات
ما زالت في المشفى تنتظر اللحظة التي سوف تقبض فيها حياتها زوجها الذي اتهمها بالخيانة ما زال يقبع بجوارها قررت مسامحته حتى لا تموت وهي ما زالت حاقد على أي شخص لديها أمنية واحدة فقط وهي أن تقابل والدتها التي لم تراها قط وأن تجتمع فيها للمرة الأولى والأخيرة
أغمضت عينيها وهي جاهلة أن كانت سوف تستيقظ من جديد أم لا وكانت غافلة عما يحصل خارج جدران هذه الغرفة
أما هناك بعد قليلاً عنها حطت الطائرة التي تحمل أمنيتها ليتم أنهاء كل الأجراءات بسرعة ووالدتها واخيها متلهفان للوصول إليها للمشفى وخلال ساعة كانا هناك يسيران في الرواق الذي يقود للغرفة التي توجد فيها درّه ليتوقفا ويجدان العائلة بأكملها هناك
وقف عزام الذي كان أول من رآهما بدهشة ينظر إليهما بذهول ليقول - جاسر
اقترب جاسر من والدته يحتضنها وهي تسند نفسها عليه رغم حجابها الأسود وعباءتها السوداء اللتان احضرهما احد رجال جاسر لكن عزام عرفها كيف لا وهي كانت في أحد الأيام زوجته قال جاسر - أنها والدتي
قال بذهول - كيف لقد ماتت أمامي ودفنت كذلك
قالت بهدوء - لم تكن أنا أين هي درّه
تقدمت لتجد العم جاسر ووالدها الكاسر وأخيها عمران تقدمت بخطوات ضعيفة وهي تجد والدها أمامها لتسقط أمامه على ركبتيها وتهطل دموعها وتقول بحزن - أبي
زاغت عيني الكاسر وهو ينظر لابنته التي تشرب حسرة موتها وهي ما زالت صبية في مقتبل شبابها ليجدها اليوم بعد سنوات طويلة تعود أمامه من جديد قال بذهول وهو لا يستطيع أن يتحكم بنفسه - ابنتي درّه
قالت بحزن وهي تقترب منه تحتضنه - ابي أنها أنا يا والدي أنا ابنتك درّه لقد عدت سنوات وأنا احلم بالعودة أيام طويلة أمضيتها وأنا اتخيل تلك اللحظة يا ابي أن ارتمي بين أحضانك وكم تمنيت أن تضمني بين ذراعيك تخفيني عمن يتربصون بي
أبي يا روحي أنت لا اصدق أنّي أخيرا أمامك أنظر إليك تغيرت يا والدي لكن ارجوك لا تقل أن قلبك تغير أيضا لا تقسوا عليّ كما فعل الأخرون يا أبي لا تخذلني لا تكسرني بعد هذا الأمل والأنتظار الطويل لا تخذل تلك الطفلة التي طالما كانت مصدر فخرك لا تطعن أماني تلك الطفلة أنا ما زلت هي ما زالت تسكن داخلي لم تفارقني دوما ما زلت أشعر بها أراها وأحادثها تلك الطفلة لم تكبر ولم تمضي بها سنوات العمر التي حفرت علاماتها على جسدي يا أبي تحدث إلي أرجوك اجعل الحلم الذي أسرت به لسنوات حقيقة لا تكسر الحلم حتى لا يقطعني للأبد ذاك الأمل أن أعود حيث كنت حيث أحضانك التي هي وطني ذاك هو ما دفعني للقتال والصمود حتى اعود وأقول بإنني بريئة من كل ما حصل من كل ما قذفوني به ولدت طاهرة وكبرت طاهرة وما زلت طاهرة يا ابي لم اقترب للحرام أبدا اعلم حدودي حتى تلك المرات القليلة التي تجاوزت به الحدود بسبب حياتي بالخارج كانت من أجل هدف نبيل وليس من أجل نزوات يا ابي ارجوك تكلم لماذا ما زالت صامتاً يا أببي ارجوك أرح قلبي ولو القليل أبي
قالتها بتضرع وهي تجهش بالبكاء لتشعر بذراعيه تلتفان حولها ويضمها إليه بقوة وهو يقول بصوت متحشرج -ماذا اقول يا ابنتي وانا اجد ابنتي التي بكيتها كثيرا خفيةً أمامي ظهرت من جديد والله يعوضني سنين حياتي المؤلمة وما حصل فيها من مأسي وقطعان رحم بين العائلتين وها هو الصلح حل بيننا وأنت عدت والله يبرد قلبي بعد صبري الطويل ويعوضني عن الفقد الذي قاسيت منه حتى أبنائك عادوا وكيف لا أطمئن قلبك والله مئن قلبي وأسعدني عن كل دقيقة وعوضني بأجمل ما يمكن أن احصل عليه وما لم اتصوره كنت ادعو الله أن يجمعني بك بالأخرة واله جمعني بك بالدنيا وقر عيني برؤيتك
تعالى صوت بكاءها وهي تغرس نفسها بين ذراعيه أكثر وأكثر وتقول - وادعو الله أن لا يحرمني ابنتي التي لم ألتقي بها بعد آه يا أبي اشعر بك كيف لا وطفلي أمضيا حياتهما بعيداً عني
ابعدها عنه قليلا وهو يقول - اذهبي لبنتك اذهي وأنظري إليها وكأنك تنظرين لنفسك بالمرآه اذهبي يا ابنتي وكوني بجوارها اذهبي
وقفت وهي تتوجه نحو حجرتها ونبضات قلبها تتسارع بقوة وهي لا ترى الأعين التي تنظر نحوها بدهشة لتصل إلي حجرتها وتضع يدها على مقبض الباب وتدفعه للداخل كانت الحجرة فارغة ولا يوجد به إلى سرير تستلقي عليه ابنتها وشعرها الأشقر الباهت يفترش الوسادة حولها ووجها الشاحب ينافس بياض تلك الوسادة اقتربت منها وتشعر بقدميها عاجزتان عن حملها اقتربت منها ودموعها تندفع من عينيها الزرقاوتين بقوة وما أن اقتربت منها حتى جلست بجوارها على السرير تحني رأسها لتقبل جبينها لتسق بعد ذلك على الأرض ساجدة لرب العالمين على جمعه بها بطفلتها التي لم تستطع حتى أرضاعها وتعدوا الله ان يشفيها مما هي فيه لتعود إليها وتنظر إليها تملأ عينيها برؤياه كم هي جميلة وفاتنة رغم مرضها
انحنت عليها تستنشق رائحتها التي تخالطها رائحة المطهرات لتسيل دموعها بصمت , شعرت درّه بجسد يلامسها ظنته زياد لتقول بإرهاق وهي ما زالت مغمضة عينيها
- زياد
ارتفع صوت بكاء والدتها لتبتعد عنها قليلا وتنظر إليها وتتقابل العيون الزرقاء بعد زمن طال ومضى وظنوا أنه لن يمضي لما حل فيه من كوارث ولما مرّ خلاله من صعاب
نطقت درّه بصوت اشبه كالهمس ومشاعرها تتسارع وتتدفق لقلبها الذي يدق كما لم يفعل من قبل - أمي
همست درّه والدتها بتعب - يا روح أمك أنتي
شهق بحدة لتتفجر سيول دموعها بثوان وتغمر وجهها الثلجي تردد من غير تصديق - أمي أنتي أمي أليس كذلك هذا ليس حلم
قالت بتأثر وهي تنظر إلي عينيها - ليس حلماً بل واقع لقد استمر الحلم مدة طويلة وآن الأوان ليتحول لحقيقة
قالت بذهول بصوت اقرب للهمس - لكن كيف ذلك كيف
احتضنتها وهي تبكي بصوت مرتفع - حكمة ربك يا أبنتي ربك قادر على كل شيء
تشبثت بها لتتحول لطفلة بعمر اليوم وتشعر بما لم تشعر به من قبل أحضان والدتها الحقيقة التي لم تشعر بها سابقاً أنا هي والدتها أخيرا سيكون لديها أمي أخيراً
ماذا حلّ بالزمان ليحملني لذاك الظلام وأنين طفلة يعذب قلباً قاسى من الحرمان يا شوق عبث بنياط قلبي ألا ترأف بحالي المثكل بالأحزان
وعبير طفلة يداعب أنفاس والدتها المتعبة تنظر عاجزة عن أشباع جوعها , أيا ليلاً يستر ظلمات الإنسان تخفف من وحشة رضيعة تعاني الحرمان
وكيف للرضيع أن يحرم ثدي والدته وكيف للأم أن تحرم وسيلة لنسف آلام الولادة فنفسٌ خرجت من نفس والقمر والليل يسبحان للرحمن وكل من على الأرض لقدرة الله جل علاه
وتلك الأعين الخبيث تترصد كتلة لحم لا حول لها ولا قوة تنتظر لحظة تتفتح فيها العظام حتى يسلبو روح تستقبل الكون بصرخات ضعيفة لا تحتملها أوتارها الصوتية
وتلك الثكلة تنزف دماءها بغزارة تبكي ظلماً وتحسب أجراً عن الله وتتوكل عليه مجابهةً جور الأيام , لتمرّ الأيام تلو الأيام تزيد الألم وتنسف الوهن وتدعوا لصبر يتجدد ولا ينضب حتى تشارف على لحظة الفرج وها قد حل ويا حلو مذاقه بعد صبر طال أنتظاره وكيف للثمار أن تأتي قبل تنضج
وآتى اليوم المنشود وما عاد للذكرى لها عنوان وأنت تتواري خلف ظلام الظلام ونور الله يسطع لتختفي تلك العتمة ولا يعود لها مكان
قالت بصوت يتخلله الفرح - عدت يا ابتي عدت وبإذن الله لن ابتعد عنك وسأفعل كل ما بوسعي حتى تشفي أنا خارجة لأقوم بالتحاليل الازمة وأخيك كذلك عاد أخيك أيضا يا دره عاد الجاسر وعدت أنا وسنكون عائلة حتى يشاء الله يا ابنتي
خرجت درّه لتترك ابنتها الذي توجه إليها زياد مسرعاً يحتضنها ويؤكد لها أن ما حصل حقيقة
توجهت لجاسر ابنها تقول بلهفة - هيا يا جاسر لنقوم بالتحاليل الازمة هيا
قاطعها عمران الذي قال بصوت جاف - أين كنت يا درّه
نظرت نحوه ببرود - ليس هذا وقت الحساب حيا ابنتي أهم من كل شيء أخر
قال بحدة - تختفين سنوات طويلة وتقولين ليس مهم
قال جاسر بحدة - أنت لما لا تساءل من سلمتها له إليس ذاك صديقك ووثقت به وجعلتها معه وحيدة لما الآن تحملها الوزر
قال بصراخ - انت لا تتحدث ألا يكفي ما فعلته بابنتي
قال بحدة - متى اصبحت ابنتك غرام متى أنت تحمل من حولك الأخطاء وتتجاهل ما قمت به من كوارث قمت بتسليم والدتي للصالح وزوجتها به ثم اختفيت وتحاسبها الآن أين كانت ولماذا تسأل وأن متأكد من أنها تزوجت ثم تقوم بخداع السيدة زبيدة وتتزوجها وتتركها حامل بهدف الانقام والآن تأتي حتى تحاسبنا ألا تخجل من نفسك يا رجل
في ذاك الوقت وصلت غرام التي ذهبت لتوصل السيد نرجس المتعبة لتعود للمشفى لتجد عامر جاسر أمامها يتشاجر مع والدها قالت بالهفة - شاهر نظر نحوها بسعادة كم اشتاق إليها رغم أنها أخفت عنه مرض درّه وهذا ما سوف يحاسبه عليها لاحقا لكن ليس أمام والدها هذا ليقول بسعاد - بل جاسرر يا عيون جاسر
غضب عمران ليصفعه ليقول جاسر بغضب - أنت كيف تفعل ذلك
قال بحدة - تتغزل بابنتي أمامي واصمت
قال بحدة - وهل يعلم أحد أنها ابنتك ما زلت تخفي أمرها وكأنك تستعر منها لن اجعلك تجرحها افهمت ثم سوف اتزوجها انتظر يومين فقط ولن يكون لك سلطة عليها
صرخ بحدة - أنت تحلم
شعر بالغضب ليقول - أنا أحق منك بها افهمت
قال بحدة - خذ أمك واغرب عني الآن افهمت
قال كاسر بحدة - هل جننت يا عمران ثم الفتى محق
عقد حاجبيه حين قال فتى لكن لا بأس ما دام يقف بصفة ليقول - ألست محقاً يا عمي
قال الجاسر بحدة - جاسر توقف عن التصرف بتهور
قال بغضب - جدي وحدي من في هذه العائلة تصرفت بتروي فلا تقول لا تتسرع هذه امي ولن يمسها أحد بسوء لا عمران ولا أبي ولا زوجها
قال عزام بهدوء - زوجها ومن هو
قال بسخرية - تصور صالح من هو في عمر والدك
قال بدهشة - أتقصد صالح صديق العائلة
قال بسخرية - ومن ظننت ؟
قالت درّه بحدة - جاسر قلت لنذهب لأجراء التحاليل من أجل أختك ليس هذا وقت العتاب حتى تنهض أختك من السلامة نجد الحل لكل هذا
ابتعد جاسر ليسير برفقت والدته ويجلس كل من كاسر وجاسر يحاولان أن يجدا حل وكذلك عزام وعمران أما غرام ابتعدت للخلف لتجد أخيها ينظر إليها بدهش حاولت أن بتعد لكنه أمسك بها وجذبها للخارج ...
&&&&
التعديل الأخير تم بواسطة سيمفونية الحنين ; 14-11-15 الساعة 11:15 PM
سبب آخر: لون الخط
|