كاتب الموضوع :
برد المشاعر
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: ملامح تختبئ خلف الظلام
الجزء الخامس
آنـــــين
بعد مرور عدة أيام وأنين في شرفة غرفتها تشاهد الحديقة وهي في عالم آخر تماما
( لقد خدعني ذاك المخادع يبدوا أنه قد غادر ولن يعود .... لقد هرب من قول الحقيقة لي ألم يقل سأخبرك
في المرة القادمة .... تبا له ... سأريه )
سارت في الشرفة الطويلة يميننا لمسافة بعيدة ثم عادت ... ثم سارت باتجاه اليسار وعادت
دخلت لغرفتها وجدت زهرة على سريرها حملتها في يدها ثم رمتها على السرير وقالت :هذا فقط ما تستطيع
عليه .... مخادع
نزلت للأسفل ووجدت زياد وعمتها جالسان
زياد : آنين تعالي أجلسي أريدك في أمر
آنين وهي تتجه ناحيتهم : ماذا .... هل تريد الزواج وسنبحث لك عن عروس
زياد : هههههه .... لا عروسي جاهزة فاشلة مثلي ..... آنين دراستك موعدها أصبح يقترب أنتي لا
تتحدثي بخصوصها مطلقا
آنين : آآآآه ..... لماذا جميعكم تفكرون بدراستي كم اكره هذه الدراسة
زياد : هههههه ظننت أني الفاشل الوحيد في العائلة ألم أقل لك لقد تحصلت على عروس
نظرت له أنين بنظرة جانبية حادة وقالت : أنا لا أحب الدراسة ولكني لست فاشلة فيها ... أتفهم
زياد : وماذا قررتِ بشأنها يا متفوقة
آنين : شاكر قال أنني سأدرس في القصر و أتقدم للامتحانات فقط
زياد : وأي التخصصات ترغبين
آنين : لا أعلم .... أخبرني عن أسهل تخصص في الجامعة
زياد : هههههه .... بواب
آنين بضيق : قلت تخصص وليس وظيفة يا أبله .... تلك تركتها لك أنت
زياد : لما لا تدخلي أحد التخصصات الأدبية أنت تحبين القراءة والأدب
آنين : شهادتي علمية كيف سأدخل التخصصات الأدبية
زياد : إذا عليك أن تقرري سريعا
وقفت أنين خارجة من القصر وقالت : لا رغبة لي في شيء
اتجهت للأرجوحة مكانها المعتاد والمحبب لديها .... كانت جالسة تفكر في كلام زياد ثم نهضت منها
وبدأت تتمشى في الأنحاء بفستانها الأحمر الفاتح وحدائها الأبيض وشرائط بيضاء تزين الفستان والشعر
الحريري وكأنها أميرة من أميرات الحكايات
.... : ألم أقل لك سابقا ألا تبتعدي
رفعت آنين رأسها ونظرت للواقف أمامها وقالت بحزن : أهذا أنت ظننتك مت .... لو كنت أعلم أن ألابتعاد
سيخرجك لكنت ابتعدت من أيام .... أيها المحتال
إياد : ولما تنعتيني بالمحتال أنا لم أخدعك في شيء
آنين بغضب : بلى محتال ألم تعدني أنك ستخبرني الحقيقة لماذا كذبت علي
إياد : أنا لم أكذب عليك ولازلت عند وعدي
آنين : هيا أخبرني إذا
إياد : عند العصر أخرجي من القصر وتوجهي محاذية لجدرانه يسارا سأقابلك هناك اتفقنا
آنين بحزن : ألن تخلف وعدك
مد إياد أصابعه لوجهها أزال خصلات الشعر القصيرة عن عينها وهوا ينظر لهما
وقال بهمس : لن أخلف وعدي .... هل ستأتي
آنين وقلبها يكاد ينفجر من قوة دقاته : بالتأكيد
وضع إياد يديه في جيوبه وقال : إذا سنلتقي هناك عند الخامسة .... والآن وداعا
آنين وهي تراقبه وهوا يغادر : وداعا
أبتعد عنها حتى اختفى بين الأشجار وعادت أنين أدراجها للقصر مضى الوقت على أنين وكأنه دهور
لم تصعد لغرفتها كي لا تستسلم للنوم وكل تفكيرها أنها ستعرف شيئا عن ماضيها المظلم
عند الخامسة خرجت أنين وتوجهت حيث أخبرها وكلها خوف أن لا تجده ويكذب عليها .. سارت كثيرا
حتى شعرت بالخوف
آنين : أليس لهذا القصر نهاية لو كان ملعبا لأنهيته من مدة
.... : ولو كان قلبي لما انتهى أبدا
ألتفتت أنين خلفها و ابتسمت له وقالت : كم أتمنى أن أعرف حجم قلبك هذا الذي يحوي كل شيء
إياد : بل يتسع لفتاتي فقط
قالت آنين بخجل : كنت سأعود لقد ظننتك لن تحظر
إياد : وأنا ما كنت لأذهب حتى تأتي
ثم مد يده لها وقال : هيا تعالي
نظرت آنين لعينيه ثم ليده ثم لعينيه وضمت يدها لصدرها وقالت : أين
إياد : ألستِ تريدي معرفة الحقيقة .... هيا امسكي بيدي
آنين : هل سنذهب لبيتك
إياد وهوا يمد يده ويمسك يدها : أجل .... ولا تخافي مني يا أنين أنا أحميك حتى من نسيم الهواء
قبض على يدها بقوة وعينيه في عينيها ثم قال : أغمضي عينيك ولا تفتحيها أبدا حتى نصل وسنبدأ الآن
بالركض ... عديني ألا تفتحي عينيك
آنين : أعدك
إياد : إن فتحتها فلن أخبرك بشيء
آنين : لن أخلف وعدي
إياد : هناك شيء آخر .... عديني أن لا تجبري عقلك على تذكر أي شيء .... عديني يا آنين
آنين : أعدك بذلك أيضا
أغمضت أنين عينيها ثم شعرت به يسحبها ويركض بسرعة ... ركضا لمسافة ثم حملها بين
ذراعيه وقال : لا تفتحي عينيك .... أو أعدتك جهة باب قصر
تمسكت آنين به بقوة وقالت : لن أفتحها أقسم لك بذلك
ركض بها كثيرا ثم أنزلها وأمرها ألا تفتح عينيا وأمسك يدها وتابعا الركض ولكن هذه المرة داخل
ممرات كثيرة متفرعة ثم توقف وقال : أفتحي عينيك الآن
فتحت آنين عينيها فشهقت من الدهشة كانت في حديقة كبيرة بجدران تكاد تصل للسماء من ارتفاعها مليئة
بزهرة فراشة النور..... كل الأزهار من نفس نوع الزهرة بتنسيق مبهر ومنظر خلاب ألتفتت يميننا ويسارا
ولم تجده بجانبها
نظرت في كل الاتجاهات ..... المكان واسع والأبواب كثر
آنين ( من أين ذهب .... لست أعلم من أي باب دخلنا إلى هنا لأخرج منه .... لما تركني وحدي .... الأبواب
كلها مظلمة )
بعد ثواني قليلة بدأت أوراق الأزهار تتساقط عليها من الأعلى وكأن السماء تمطر بورق الأزهار صرخت
أنين من الدهشة والسرور ورفعت يديها والأوراق تتساقط في كفوفا وعلى رأسها وكتفيها ثم بدأت تسمع
صوت أطفال يلعبون ويضحكون ويصرخون وكأنهم يركضون في كل مكان حولها ... ثم سكتوا فجأة ... ألتفتت
أنين خلفها فوجدته يقف أمامها مد يده لها وقال : هيا تعالي
مدت آنين يدها له مستسلمة ولم تسأل عن شيء
دخل بها أحد الأبواب وبدأ الركض وهوا يمسك يدها بقوة خلال الممرات الشديدة الظلام وكأنه يسير في النور
يحفظ كل شبر و يعبر خلالها بكل يسر وسهولة .... ثم دخلا لغرفة تحوي مهدا لطفلة وألعاب وغرفة نوم
فخمة ومرتبة ركضت أنين باتجاه الخزانة فتحتها كانت مليئة بالملابس أخرجت فستانا قرمزي اللون من
الحرير حضنته أنين بقوة وغمرت وجهها فيه وهي تبكي : أمي .... أمي ... إنه لك ... إنها رائحتك الحبيبة
ثم أظلمت الغرفة فجأة حتى أنها لم تعد ترى شيء
آنين وهي تدور حول نفسها : أين أنت ... لماذا أظلمت الغرفة ... بعدها بقليل ظهرت على الجدار صورة
لجهاز عرض ضوئي وكأنها سينما تعرض فيلما وظهر عليها أرقام تعد تنازليا 1 2 3 4 5 نظرت أنين لليمين
فوجدته يقف بجانبها أمسك ذقنها بأصابعه ووجه وجهها جهة الجدار بدأ الفلم يعمل وظهرت صورة سيدة
جميلة تمسك طفلة رضيعة بين ذراعيها وتغني لها وتبتسم
آنين بصوت هامس مخنوق وباكي وهي تنظر للجدار: أمي ... إنها أمي
اقتربت ومدت يدها وكأنها تريد لمس أمها ولكنها لمست برودة الجدار قلبت يدها و نظرت إليها من
الداخل ووجدت الصورة منعكسة عليها
شعرت به يمسكها من كتفيها ويسحبها للخلف وعاد ليقف بها حيث كانا
نظرت إليه وقالت : تلك أمي ... إنها هي
لم يتكلم بشيء عاد وأمسك ذقنها من جديد ووجه وجهها جهة الجدار
تغير الفلم وظهرت صورة أطفال يركضوا ويلعبوا في الحديقة ذاتها التي كانت فيها منذ قليل
كان من بينهم فتى في قرابة سن الرابعة عشرة يحمل طفلة فوق كتفه ويركض بها
عرفتها أنين بسرعة لأنها كانت تشبهها بل إنها هي نفسها .... كانت ترتدي فستانا قصيرا أخضر اللون وشعرها
الحريري ينساب على ظهرها وكتفيها وتمسك برأسه من جهة عينيه وتصرخ وتضحك
وهوا يضحك ويصرخ قائلا : أتركي عينيا يا أنين .... أنا لا أرى شيئا .... سوف نقع
وكان أطفال آخرين يركضون في الحديقة خلف بعضهم وواحد يقف مستندا على الجدار ولا يلعب معهم
وكأن الوضع لا يعجبه ... ما شد انتباه أنين أنه كان نسخة مصورة عن الذي كان يحملها على كتفه
لم تكن تتبين ملامحهم جيدا ولكن الشبه ملحوظ حتى في هيئتهم
ثم عادت وانتبهت للذي كان يحملها ويركض بها ... ثم سمعت صوت رجل يبدوا أنه من كان يصورهم
وهوا يقول : لا تتحركي هكذا يا أنين سوف تسقطي
ثم نضرت للفتى وكان يمسكها من يديها ويدور بها وهي تضحك ثم أعادها فوق كثفه
أشارت أنين الواقفة الآن بأصبعها للفتي الذي يحملها في الفلم وقالت : إيـااااد .... إنه إياد
ثم أمسكت رأسها و انحنت للأسفل وبدأت تصرخ بقوة
أمسكها إياد وهوا يصرخ قائلا : آنين ... لا تحاولي التذكر ... لا تحاولي ..... لقد وعدتني يا أنين لا تتذكري شيئا
صرخت آنين بألم : لا أستطيع .... رأسي رأسي
ثم غابت تماما عن الوعي .... حركها إياد كثيرا هزها ولم تجدي محاولاته نفعا
حملها بين ذراعيه وهوا يقول : سحقا لك يا إياد ... لن أسامحك أبدا إن حدث لها مكروه
ثم خرج بها وأعادها ووضعها بجانب أقرب شجرة في حديقة القصر ليجدها البستاني بسرعة ...مسح على وجهها
وقال : لا تتركيني يا آنين .... لا تفعلي هذا بي مجددا
ثم تركها وأبتعد
بعد ذلك ببعض الوقت كان شاكر عائدا من الخارج أوقف سيارته ونزل منها التفت للخلف عندما سمع صراخ
رجل لا يفهم منه شيئا ... وجد البستاني الأخرس يركض باتجاهه
صرخ شاكر : ما بك .... ماذا هناك
كان البستاني يحاول أفهامة الأمر بالإشارات وهوا يقفز ويصرخ ولكن شاكر لم يفهم شيئا شده البستاني
من يده وشاكر ركض خلفه مسرعا أخده لشجرة في الحديقة كانت آنين متكئة على جدعها وغائبة عن الوعي
تماما ... هزها شاكر بقوة وهوا ينادي : آنين... آنين .... هيا استيقظي ... ما بك يا آنين
ثم وضع يده على جبينها وقال بفزع : يا إلهي حرارتها مرتفعة تكاد تحترق
حملها بين ذراعيه وركض بها باتجاه القصر دخل راكضا باتجاه السلالم وهوا يصرخ بزياد الذي وجده نازلا
: أتصل بالطبيب بسرعة يا زياد
زياد : ما بها .... ماذا حدث
شاكر : اتصل بالطبيب يا زياد ليس وقت الأسئلة
حظر الطبيب بسرعة طلب منهم الخروج و انتظروا جميعهم في الخارج حتى خرج
ياسر : ما بها أيها الطبيب هل هي بخير
الطبيب : انخفضت الحرارة نسبيا وبصعوبة وسوف تنخفض بالتدريج
شاكر : هل استيقظت
الطبيب : ليس بعد ... هل هي تعاني من أي مرض
شرح شاكر للطبيب حالة أنين وما مرت به في السابق
الطبيب : خلال الست ساعات القادمة إن لم تستيقظ فاستشيروا طبيبها المختص بحالتها
شاكر : هل ستدخل في غيبوبة مرة أخرى
الطبيب : هذا ليس اختصاصي ولكن حسب ما فهمت فالأمر راجع لاستقبال عقلها للوضع هل
حدث معها شيء ذكرها بالماضي
زياد : لا نعلم ما حدث ... لقد كانت في الحديقة لوحدها ومن عادة آنين الذهاب دائما إلى هناك ثم جاءنا
البستاني وأخبرنا أنه وجدها مغمى عليها هناك
الطبيب : إن لم تنخفض حرارتها للمعدل الاعتيادي فاتصلوا بي ... وإن لم تستيقظ بعد ست ساعات
فأنصحكم بنقلها للمستشفى
أوصل شاكر الطبيب للباب ثم جلس ثلاثتهم في الأسفل ينتظرون
والعمة بقيت عند آنين تضع لها الكمدات ولا تفارقها لحظة
بعد مرور ساعتين نزلت العمة راكضة من السلالم نظرت لهم وصرخت : لقد استفاقت .... آنين استعادت وعيها
قفز ثلاثتهم راكضين للأعلى
كانت أنين تفتح عينيها بصعوبة وتمسك رأسها وتتوجع
شاكر : آنين هل أنتي بخير .... هل تشعرين بشيء
آنين بصوت متعب : رأسي إنه يؤلمني
زياد : ماذا حدث لك يا آنين
آنين : كيف وصلت إلى هنا
شاكر : البستاني وجدك مغمى عليك في الحديقة
استلقت أنين وقالت : لقد شعرت برأسي يتألم بشدة ولم أعد أعي شيئا بعدها
العمة : هيا أتركوها ترتاح لقد اطمأننتم عليها .... هيا
ياسر : هل انخفضت حرارتها
العمة : نعم وعادت لمعدلها الطبيعي
خرجوا جميعهم وبقت آنين لوحدها ( لابد أنه هوا من حملني إلى هنا ..... رأسي السيئ هذا .... كنت سأعلم
منه عن المزيد ..... " إياد " من يكون ..... هل هوا الشاب صاحب الملابس السوداء أم شخص يعرفه
و توأمه ذاك من يكون هل هما من هذه العائلة هنا .... آه صحيح الحلم ... ذاك الحلم الذي كنت أراه .... اليدان
المتشابهتان ... لكن ماذا عن ذلك المرتفع وسقوط أحدهم .... لو أني أتذكر فقط )
ومرت الأيام على آنين تحاول ألا تسأل احد عن شيء مما رأت لكي لا يشكوا بالأمر
وفي ذات مساء كانت نائمة وشعرت بالهواء البارد يلفح وجهها جلست بسرعة ووجدته واقف عند باب
الشرفة بعدما فتحه ..... وقفت آنين وسارت باتجاهه
آنين : أين اختفيت
إياد : لم أختفي كنت بقربك دائما
آنين : أريد الذهاب إلى هناك مجددا
إياد وهوا يهز رأسه بالنفي : لا .... لن آخذك إلى هناك مرة أخرى
آنين : لن أحاول تذكر أي شيء أعدك بذلك ... أقسم أنني لن أفعل
إياد : لن أعرضك للخطر يا آنين أفهمي ذلك .... لقد وعدتني في المرة الماضية ولم تفي بوعدك
آنين : سأوقف أفكاري منذ البداية وسأترك عقلي هوا من يجلب الذكريات أعدك
إياد : سأفكر.... ولكني لا أعدك بذلك
آنين بترجي وهي تقبض يديها معا لصدرها : أرجوك أفعل هذا من أجلي أرجوك
إياد بحدة : قلت لك سأفكر يا أنين فلا تترجيني
آنين : حسننا أخبرني من هوا إياد ومن توءمه ذاك هل أنت أحدهما هل أنت إياد
إياد : لم أحضر لأجيب على أسئلتك بخصوص ما حدث
وضعت آنين يديها في وسط جسدها وقالت بضيق : ولما جئت إذا
إياد بهدوء : جئت لكي أراك
آنين : .......
إياد : لما الصمت .... قولي شيء يا أنين
آنين بنضرة حيرة : من أنت
إياد : ستتذكرين يوما وستعلمين من أنا
آنين وهي تنظر لعينيه بحيرة : متى ستأتي مجددا
إياد : عندما أشتاق إليك
آنين : ......
إياد : هل عدتي للصمت مجددا
آنين : إذا أنت لا تشتاق لي أبدا
إياد : بل في كل حين
أنزلت آنين عينيها للأسفل وقالت بهمس : من أنت .... أخبرني
إياد وهوا يبتعد عن باب الشرفة : ستعلمين يا أنين ... ستعلمين قريبا
ثم أختفي خلف الظلام أغلقت آنين باب الشرفة ثم عادت لسريرها بكت كثيرا ثم استسلمت للنوم
في صباح اليوم التالي خرجت أنين للشرفة نظرت للأسفل فكان البستاني الأخرس في الأسفل أبتسم لها
وحياها كعادته كل صباح ابتسمت آنين وردت له التحية ثم عاد لعمله
نزلت للأسفل شربت كوب قهوتها الصباحي وتوجهت لجدها تحدثت معه كثيرا ثم قبلت رأسه وغادرت
خرجت للحديقة تقدم البستاني ناحيتها وأعطاها زهرة من زهور الحديقة ابتسمت له آنين و أشارت له
ببعض الإشارات بمعنى أنت فتى رائع ... سعد الفتى كثيرا وأصبح يؤشر لها بإشارات كثيرة
آنين بيأس : آه أنا لا أفهمك حقا .... أعذرني فتلك بعض الإشارات التي علمونا إياها في المدرسة عندما
أخذونا لحضور حفل يقيمه الصم والبكم
ثم ابتسمت له وأشرت برأسها بمعنى شكرا وكانت ستغادر عندما رأت إياد ينظر إليهما من بعيد بنظرة
لم تفهمها أنين ولم تراها في عينيه من قبل .... وبعدها سار واختفى خلف الأشجار
عادت آنين من فورها للقصر قابلت عند الباب ياسر خارج من القصر يحمل حقيبة سفره
آنين : آه ياسر بربك أخبرني أين تذهب أنا أشك أنك تسافر
ياسر بابتسامة : أين أذهب إذا
آنين : آمممممم لابد أنك متزوج في السر
ياسر : هههه ولما في السر
آنين : لا أعلم قد تكون من محبي الغموض هههههه
ياسر : هههه سأعود قريبا ... أرك بخير
آنين : وداعا يا بساط الريح هههههه
دخلت آنين وهي تضحك وغادر ياسر ضاحكا أيضا
مرت عدة أيام لاحظت خلالها آنين أن البستاني غير موجود لم تعد تراه عند الصباح ولا في الحديقة
نزلت أنين للأسفل وبحثت عنه فوجدت العم صابر
آنين : أين هوا البستاني الأخرس الذي كان هنا
صابر : لقد غادر ولا أعلم كيف ولا أين
عادت آنين للقصر متضايقة وتوجهت لمكتب شاكر
طرقت الباب ودخلت وجدته يفتش في بعض الأوراق
آنين بضيق : أين البستاني الأخرس لماذا صرفته من عمله
شاكر : أنا لم أصرفه من عمله هوا من غادر فجأة ودون أن يعلم أحد
آنين : إنه فتى مسكين قد لا يجد وضيفة أخرى كنتم سألتموه ونقلتموه لعمل آخر حتى خارج القصر على
تركه يذهب هكذا لابد أن أحدهم أجبره على الذهاب ... أبحث عنه يا شاكر ووفر له أي عمل خارج القصر
شاكر : و أين سنجده
آنين وهي تغادر راكضة باتجاه الباب : أنا سأجده و أعيده
خرجت آنين تركض بجانب القصر وتنادي : إياد ..... إيااااااااااد
بعد وقت من الركض والنداء خرج لها من بين الأشجار
إياد : ماذا تفعلي هنا يا آنين .... ولما تناديني بهذا الاسم
آنين : لأنك إياد
إياد : ومن أخبرك أنني إياد
آنين : أنا أشعر بذلك .... فأخبرني من أنت إن لم تكن إياد
إياد : هل جننتي ماذا إن إبتعدتي كثيرا وضعتي من سيجدك
آنين : كنت أعلم أنك ستجدني
إياد بضيق : وماذا إن لم أجدك
آنين بضيق أكبر : أين الفتى البستاني ما الذي قلته له لكي يغادر
إياد : أخرجته من القصر
آنين بغضب : ولماذا
إياد : ما كان عليه أن يقترب منك
آنين : أعده للقصر
إياد : لن أفعل
آنين : أعده أو لن أتحدث معك أبدا وسأغضب منك أيضا
إياد : لن أسمح لأحد بالاقتراب منك
آنين : لن يقترب مني سأطلب من شاكر أن يجد له عملا آخر
إياد : إذا سأخبره أن يعود لكن إن أقترب منك فسأقتله ...... هيا عودي للقصر ولا تأتي هنا مجددا
آنين : متى ستأخذني لذلك المكان
إياد : في المرة القادمة أعدك بذلك ....هيا عودي و سأسير خلفك
عادت آنين أدراجها للقصر وهي تسير ببطء تحملها أفكارها التي لا تنتهي توجهت لمكتب شاكر
طرقت الباب ودخلت
شاكر بابتسامة : ماذا .... هل وجدته
آنين :لا تسخر مني .... نعم و سيعود في الغد وفر له وظيفة خارج القصر ... أفعل ذلك من أجلي يا شاكر
شاكر : ما كان عليه أن يترك وظيفته دون أعلامي ... ولكن سأوفر له وظيفة لأنه وجدك وأخبرنا عندما
أغمى عليك في الحديقة
آنين : المهم أن تتوفر له وظيفة
شاكر : كيف علمتي بمكانه
آنين : الذي أخرجه هوا من سيعيده ولكن لا تعده هنا
شاكر : لا أفهم شيئا ولكن كما تريدين .... ماذا عن الدراسة يا آنين لقد أقترب موعدها
آنين : حسننا سأفكر فيما أريد
وخرجت أنين من عند شاكر وتوجهت لغرفتها
لـــين
سارت لين بين الأشجار والكروم وهي منبهرة من جمال ما ترى ثم سمعت صوت خطوات تتبعها التفتت
للخلف بسرعة وكان ....
لين : سـ سـ سيدي
السيد : ماذا تفعلي هنا
لين تنظر للواقف أمامها بمعطفه المنسدل على وجهه والحارسان الضخمان خلفه في صدمة وخوف
لين : لـ لـ لقد
أتجه نحوها وأمسكها من يدها بقوة وقال محدثا الحارسان بغضب : توجها للقصر
سار الحارسان والسيد خلفهما يمسك لين من يدها ويجرها خلفه بخطوات سريعة
وصلوا للقصر صعد بها للأعلى و روز تتبعه وتصرخ : سيدي ماذا حدث إلى أين تأخذها
السيد بغضب : أخرسي يا روز ولا تتدخلي ولا تتبعيني أو عاقبتك معها
لين ( يا إلهي يبدوا أنني سأضرب أو سأجلد ) : أتركني أنا لم أرتكب أي ذنب لتضربني
ولكنه لم يجب عليها وأستمر في سحبها خلفه حتى صعد الطابق الثالث فتح غرفة خالية تماما ولا تحوي
أي قطعة أثاث أو فرش و بها حمام فقط رماها في نهاية الغرفة
وقال بغضب : أبقي هنا حتى تتأدبي وتتعلمي تنفيذ الأوامر ... ألم أخبرك أن تعملي في الحظائر ولا تتعديها
وخرج وأغلق الباب خلفه ولم يعطها أي فرصة للكلام
بكت لين كثيرا وهي مرمية على الأرض ... بكت وحدتها في هذه الحياة بكت ما تعيشه الآن بكت كل ما مر بها
في هذا القصر وبكت حتى فقدها لوالدتها ووالدها
كانت برودة الأرض تتسلل إلى عظامها ولا تجد حلا سوى التقلب يميننا ويسارا والوقوف تارة والجلوس
تارة أخرى
لين ( على الأقل هوا لم يضربني كما توقعت .... آه لو أنه ضربني لكان أفضل على الأقل كان سيسخن جسدي
وسأتحمل برودة الرخام ... هل جننتي يا لين كيف ستستحملين شدة الضرب )
كانت روز تتنقل من مكان لمكان ذهابا و إيابا لا تستطيع الصعود للين ولا سؤال السيد عنها تنتظر
أن تسمع صراخ لين وهي تتعرض للضرب
روز : لين أيتها المشاغبة .... لما تغضبي السيد دائما ... لم أره يخرج من القصر من قبل ... وطوال سنين
عملي هنا ... حتى عندما أحترق مخزن الشعير
كانت تمشي هنا وهناك وتفرك يديها عندما رأت السيد في منتصف السلالم
روز : سيدي لا تغضب منها ... أرجوك لا تضربها ... إنها ....
قاطعها السيد بغضب : لن أضربها ولكن ليس لأجلك ولا لأجلها أما هي فتستحق الضرب .... لا تصعدي
للأعلى إلا بأوامري وها قد حذرتك يا روز
روز : حاضر سيدي
ثم عاد للصعود مجددا
روز : لين لقد فعلتي ما لم يفعله أحد قبلك حتى هذا الطابق لم يكن ينزل إليه السيد .... يا رب إحفضها
وخفف غضب السيد عليها
مر باقي اليوم على لين وهي تتنقل في الغرفة الخالية إما تصلي وإما تفكر أو تبكي
في صباح اليوم التالي خرجت روز لتقابل العم رشدي
رشدي : أين هي لين هل أصابها مكروه
روز نزلت دموعها وبدأت تمسحها : السيد عاقبها بالسجن ولكن لا تخبر أحد كي لا يعاقبني ... اخبرني هل
فعلت شيئا في المزرعة أغضبه
رشدي : لابد أنه علم عن ذهابها للحقول لقد حاولنا منعها و حذرناها ولكنها لم تستمع
روز : إذا من أجل ذلك
رشدي : ولما يغضب منها لهذا الحد بسبب ذهابها هناك
روز : لا اعلم قد يكون أصابها مكروه وهوا أنقدها أو ما شابه
رشدي : حسننا عليا المغادرة طمئنيني عنها دائما
روز : حسننا
مرت تلك الليلة سيئة على لين نامت فيها على الأرض دون فراش أو غطاء تشعر بالألم في كل جسمها
وكذلك مرت التي تليها ولم يزرها فيها أحد في صباح اليوم الثالث لم يعد السيد يسمع بكائها ولا قراءتها
للقرآن ولا حتى دعائها عليه ... أمر روز أن تصعد لها لتنزلها
حملت روز معها الماء والطعام وصعدت للين وجدت الباب مفتوحا ولين مرمية على الأرض
روز: يبدوا أن السيد كان هنا
تقدمت منها بخطوات سريعة أو قضتها برش وجهها بالماء قدمت لها الطعام ثم حضنتها لين بقوة وهي تبكي
لين : أكرهه يا روز أكرهه .... لما يفعل بي كل هذا
روز : ما كان عليك مخالفة الأوامر والذهاب للحقول ... ماذا لو تأديتي
لين ببكاء شديد وهي لازالت تحتضنها : لماذا علي أن أسجن بهذا الشكل ماذا في الأمر لو ذهبت للتنزه قليلا
ما كنت سأكل أي ثمرة من الثمار كنت سأتنزه فيها فقط ألست بشر ومن حقي أن أعيش كما أريد
روز : يكفي يا لين يكفيك بكاء هيا قومي لننزل لغرفتك
أوقفتها روز وساعدتها على السير ونزلا للأسفل
أما في الطابق الثاني فثمة شخص قد عاش أحداث أخرى مختلفة منذ قليل
منسدح على السرير ويدور في رأسه كل ما حدث
قبل نصف ساعة من الآن .... لم يعد يسمع أي صوت لها منذ ساعتين انتظر بعض الوقت و لم يشعر بنفسه
إلا وهوا يقف ويصعد الطابق الثالث ويفتح باب الغرفة وقف ولم تتحدث ناداها مرارا ودون جدوى أقترب
منها وضع يده على كتفها وهزها ولم تجب وقف لكي يغادر وينادي روز ولكن شيئا ما منعه كان صوت هذيانها
لين : أرجوك يا عمي لا تضربني لا تضربني
عاد بخطواته اتجاهها وفكرة مجنونة تقوده .... وصل إليها نزل على ركبته وعندها رفع يده و أزال غطاء
الرأس في معطفه عن رأسه ونظر لوجهها في صمت طويل وكأنه يجمع صورة في رأسه عن الصوت
والضحكات التي كان يسمعهم من قبل وهذه الفتاة المرمية أمامه بجمالها الباهر وشعرها الحريري المقصوص
والمتناثر في كل جانب
ثم مد أصابعه ولمس خدها بأطرافهم ثم وقف مسرعا وغادر الغرفة وطلب من روز الصعود إليها
عاد من أفكاره ... أغمض عينيه بقوة وفتحهما وكأنه يحاول طرد صورتها من رأسه جلس على السرير
تنهد بقوة أغمض عينيه بأصابعه السبابة و الإبهام
وقال بألم : لماذا رأيتها .... لما طاوعت فضولك لرؤيتها لماذا
مرت بضعة أيام على لين عادت فيها للعمل في القصر ولم تعد تعمل في المزرعة فقد حكم عليا السيد
بالسجن في القصر
بالنسبة للين هوا أفضل من العمل مع العمال وكانت ممنوعة حتى من الخروج عند الباب لرؤية رشدي
أو عماد وكانت روز تنقل لها سلامهم وأخبارهم
في صباح أحد الأيام توجهت لين للمطبخ أعدت الإفطار للسيد واستغربت تأخر روز في النوم ذهبت
باتجاه غرفتها أنفتح الباب وهي تناديها
لين : روز أنهضي أيتها الكسول لتأخذي طعام السيد للأعلـ .....
ولكن لم تجد أحد
صعدت لين لجناح السيد ركضا وهي مذعورة طرقت الباب بقوة ففتح لها وجدته في مكتبه
دخلت وقالت بخوف : روز ... إنها ليست في غرفتها قد يكون مكروها أصابها
السيد : أعلم
لين : وأين هي إذا .... هي ليست في كل القصر
السيد : لقد غادرت
لين بصدمة : غــا ـا ـادرت .... ولكن متى
السيد : عند الصباح الباكر
لين : ولكنها لم تخبرني ولم تودعني أيضا
تم بدأ صوتها ينشج بالبكاء قائلة : كيف ترحل وتتركني .... كيف
السيد : لا علاقة لي ولا لك بالأمر هذا شيء راجع لها ... أحضري لي طعام الإفطار بسرعة
خرجت لين راكضة ونزلت للأسفل اتجهت لغرفتها واستمرت بالبكاء
لين : كيف ترحل وتتركني هنا وحيدة ... روز أخبرتني أنه لا مكان لها سوى هذا المكان كيف لم تخبرني
أو تودعني .... أقسم أنه وراء ذلك فهوا لا يريد إلا حزني و ألمي
بكت لين كثيرا ولوقت طويل ثم سمعت صوت جرس يرن في غرفتها نظرت لكل الاتجاهات
ثم تذكرت ( لابد أن ذلك البائس يريد إفطاره لن أخد له شيا فليمت جوعا أو يطعم نفسه بنفسه ما كان عليه
أن يصرف روز خادمته المطيعة .... آه يا روز مع من سأتحدث و أتسلى ..... سامحيني يا صديقتي )
بعد ساعة كانت لين تجلس على السرير وتضم ساقيها لحظنها تحتضنهم بيديها ورأسها على ركبتيها
عندها انفتح باب الغرفة رفعت رأسها وكأنها تأمل أن تكون روز قد عادت
السيد : ألم أخبرك أن تحضري الطعام
لين : لن أحضر شيئا .... لماذا طردت روز هي ليس لها مكان غير هذا القصر
السيد : أنا لم أطردها .... وأنا أعلم بظروف روز منك
لين بألم : لم تترك لي شيء ولا أي شيء ... ألا يكفيك كل ما فعلته
السيد : ستقومين بخدمتي من اليوم فصاعدا و أعتقد أنك لا تحبين سماع أخبار سيئة عن صديقتيك
ثم غادر تاركا لين تعيش مع دموعها و ألمها .... بعد ساعة نهضت لين وخرجت من غرفتها سارت
للمطبخ أعدت طعام الغداء وهي جثة تتحرك .... إنسانة ميتة تتنفس وترى ... ليس بجوارها إلا الصمت
حملت الطعام للأعلى كان يجلس في الردهة وضعت الطعام دون أي حرف وهمت بالخروج عندما وصلت
للباب انغلق في وجهها
السيد : من الغد ستتولين تنظيف جناحي وطعامي والباقي لك الحرية فيه
لين : .......
السيد : كما تعلمين الفطور عند التاسعة والغداء عند الثالثة والعشاء عند العاشرة والتنظيف عند الخامسة مساء
لين : ........
السيد : إن خرجتي من القصر فلا تلومي إلا نفسك
ثم انفتح الباب وخرجت لين ونزلت للأسفل متوجهة لغرفتها
مرت عدة أيام على لين تعد الطعام وتنظف الجناح والقصر كما اعتادت ولم تقابل السيد خلالها كانت تضع
الطعام وهوا في أحد الغرف وتنظف وهوا في غرفته لأنها لا تنظفها ... تغسل ثيابه وتغير أدوات الحلاقة
الخاصة به وفرشاة الأسنان والمعجون وأدوات الاستحمام وحتى شراشف السرير تضع النظيفة وتأخذ المتسخة
كانت لين واقفة في ردهة جناحه بعدما أكملت التنظيف
لين : و كأنني متزوجة من رجل معاق وغير موجود في ذات الوقت
ثم نظرت باتجاه غرفة مقفلة على الدوام ومظلمة : ترى ما يوجد في تلك الغرفة هذه غرفة نومه وتلك
المكتب وذاك الحمام فما هذه يا ترى
انتبهت لباب غرفته يفتح وخرج منه
السيد : هل أنهيتي التنظيف
لين : .....
السيد : لما لا تجيبي عن السؤال
لين : ......
السيد : هل أصبتي بالصمم
لين : لم يكن ضمن أوامرك أن نتسلى معا بالأحاديث
ثم خرجت من جناحه ونزلت للأسفل
عند المساء كانت تجلس بغرفتها عندما بدأت تسمع صوت الصراخ من جديد أغلقت أذنيها وبدأت
بالبكاء ( يا الهي ما الذي يجري هناك لابد وأنه يعذب أحدهم )
في الصباح حملت طعام الإفطار فوجدته في الردهة على غير عادته وكان واقفا باتجاه النافذة
السيد : أجلسي يا لين
لين : لا أريد
السيد : قلت أجلسي ... هيا أجلسي الآن
توجهت لين للكرسي وجلست
السيد : هل جربت يوما أن قاسيتي وعانيتي بسبب أحدهم
لين : قبلك أنت لا
السيد : هل تنقمين علي
لين : ......
السيد : ماذا لو تسببت أنا بموت أحدهم على يديك ..... شخص يعني لك الكثير
لين : ......
السيد : وجاءتك الفرصة للانتقام مني فماذا ستفعلي
فكرت لين لو أنها بسببه قتلت والدتها أو أحدى صديقتيها أو روز أو عامر أو ....
صرخت بألم : كنت سأجعلك تتعذب و أتعذب معك
السيد : إذا لا تلوميني على شيء
لين : ولكني لم أفعل لك شيء ... أخبرني هل أعرفك سابقا .... أنا لا أعرف حتى أسمك ولا شكلك
أرحمني أرجوك وأخبرني ما ذنبي .... من الذي تسببت أنا بموته على يديك
السيد : لا تلوميني .... فقط لا تلوميني
لين : كيف لا ألومك وأنت تسجنني هنا ... لقد رأيت في هذا القصر ما لم أره في حياتي
السيد : ولا حتى ضرب عمك لك
لين بصدمة ( كيف علم عن هذا ) : ذلك شيء وهذا شيء
السيد : ولكنه منغرس في قلبك أكثر من كل شيء
لين ( هل يتجسس حتى على قلبي ) : لأنني كنت طفلة وما يقاسيه الإنسان في الطفولة لا يضاهيه أي شيء
آخر يراه في حياته
السيد : ألا تفكري في الانتقام منه
لين : الله وحده من يحاسب البشر على ذنوبهم وأنا لا أريد أن أكون وهوا عند الله سواء
السيد : ألا تعلمي لما كان يفعل ذلك
لين : لا ولا أريد أن أعرف
السيد : لماذا
لين اكتفت بالصمت والبكاء
التفت ناحيتها وقال : لما تبكي
لين : كان يقول لي ذوقي العذاب لأنك أبنته .... دوقي دوقي ....ولم أكن أفهم شيئا
السيد بلهجة غريبة : وعندما كبرتي ماذا كان يفعل
لين : لم يعد يضربني كان يخاف من والدتي ولم أعلم لما بالرغم من أنه لم يكن يخشاها في صغري .
أقترب منها السيد ومد لها منديلا ورقيا نظرت له لين بدهشة
السيد : ألن تأخذيه ... أتكرهينني لهذا الحد
مدت لين يدها وأخذته منه وقالت بهمس : شكرا
السيد : أتكرهينني يا لين
لين : لا أعلم .... عندما أرى معاملتك لي دون ذنب وتهديدك لي بصديقاتي أكرهك وبشدة ..... ولكن عندما
أرى ما تفعله من أجل العمال ... حتى أنك لا تعاقبهم سوى بالطرد فإنني أراك رجلا نبيلا تحب فعل
الخير ..... أنا حقا لا أفهمك
السيد : كلنا نحمل لونين في قلوبنا يا لين
لين : من الذي يصرخ ليلا ... هل هوا من الجزء الذي أنا فيه من قلبك .... هل تعذب شخصا
السيد : لا ... لا أعذبه بل هوا من يعذب نفسه وهوا يستحق التعذيب
لين وهي تقف مغادرة : لا يمكن لشخص أن يحمل لونين في قلبه بل واحد منهما فقط تأكد من ذلك
فمهما حاول الإنسان الجيد أن يكون سيء مع أحدهم فلن يستطيع ... قد يخدع نفسه في البداية ولكنه
لن يستطيع ... أقسم لك.... كما أن الشخص السيئ لا يمكن أن يكون جيدا مع أحدهم إلا إن كان
خائفا منه أو مصلحته لديه ....هكذا هم البشر قسمان فقط
ثم غادرت الجناح .... جلس على الكرسي
وقال بهمس : محقة يا لين والدليل أنني لم أستطع سجنك في القسم الأسود من قلبي دائما ... لم أستطع
... أما نفسي فلن تخرج من هناك إلا ميتة
نزلت لين للأسفل وتوجهت لغرفتها وهي تفكر في كل ما قاله لها
( ماذا يعني بموت أحدهم على يديه وبسببي .... لكن لو كان بسببي ما قال لي لا تلوميني .... بسبب من إذا
هل بسبب شخص يقرب لي ولكن من .... كيف يكون هناك شخص يعذب نفسه هنا ...لابد أنه هوا
فلا يوجد غيره ... كيف يفعل ذلك بنفسه ... يسجن نفسه طوال هذه السنين حتى انه لا يجعل أحدا يراه ويصرخ
بألم من العذاب أنا لا أفهم شيئا )
في وقت الغداء وعندما صعدت لين لحمل الطعام وجدت أنه لم يأكل من فطوره شيء وقفت مستغربة
ثم حملت الطعام ونزلت به ( ترى هل يكون مريضا .... وما دخلي به .... لماذا أصبحتي تهتمي لأمره
فجأة .... أنا حقا أرأف لحاله لما يضيع عمره هكذا ..... لو كنت أنا قتلت شخصا أحبه لكنت ساجن
بالتأكيد .... ياله من مسكين ..... لين يا غبية هل نسيتي ما فعله بك .... أوووووف يكفي )
ثم توجهت للمطبخ لتنهي أعمالها
عند المساء حضرت العشاء وحملته له .... وفوجئت بالغداء كما هوا لم يأكل منه شيئا
( لما لم يخبرني لكي لا أتعب نفسي بالطهي ) ثم نظرت باتجاه غرفته ( ترى أيكون مريضا أو غادر
القصر ..... لا مستحيل فهوا يفتح لي الباب )
اقتربت لين من باب غرفته وضعت أذنها على الباب ولم تسمع شيئا طرقت الباب طرقات خفيفة فجاءها
صوته من الداخل
السيد : نعم يا لين هل من مشكلة
لين ( إذا هوا بخير كما يبدوا ... آه وكيف علمتي وصوته المخنوق ذاك لا يوحي بشيء )
قالت بهدوء : أعذرني سيدي ولكنك لم تأكل اليوم شيئا ظننت أن مكروها أصابك
السيد : لا تقلقي أنا بخير لم أرغب في الطعام فقط
لين : إن لم يعجبك أعددت غيره
السيد : لا هوا يعجبني بالتأكيد
لين : حسننا تناول العشاء إذا .... فلن أنزل حتى تعدني
السيد : حسننا أعدك أن أتناوله (كم أنتي طيبة يا لين .... ولكنني لست الشخص المناسب لتكوني طيبة معه
.... أين كنتي في الماضي .... لما لم تظهري في حياتي قبل أن أتحول لمجرم )
وفي منتصف الليل أستيقضت لين على صوت الصراخ من جديد أمسكت رأسها وبدأت
بالبكاء : لا تفعل هذا بنفسك أرجوك ... لا تفعل .... فما من شيء قد يعيد الماضي أو يغيره
في اليوم التالي صعدت لين بالفطور فوجدته قد أكل وجبة العشاء
( جيد على الأقل لم ينم جائعا ... لين يا غبية كم أنتي طيبة ويمكن الضحك عليك بسهولة )
خرج من غرفته فارتبكت لين وقالت بخجل : أنا آسفة فقد كنت أريد حمل الإطباق فتأخرت قليلا
السيد : لا بأس ..... هلا أعددتِ لي طبقا من الأرز بالسمك اليوم على الغداء
لين : بالتأكيد ... هل لديك طريقة معينة تحب أن أتبعها
السيد : لا فطرقك تعجبني
لين : حسننا .... المهم أن تأكل ليس كما في الأمس
ثم خرجت وتوجهت للمطبخ ومن ثم لتنظيف القصر كانت طوال الوقت تفكر في تعامله الطيب معها
وكلامه الذي قاله ... كانت تطرد الأفكار ثارة وتتغلب عليها أفكارها ثارة أخرى
لين : آآآآخ ... يبدوا أن الوحدة ستصيبني بالجنون أنا أخاف على لساني أن يصدأ ... ولكن لسان السيد لم
يصدأ حتى الآن فلن يصدأ لساني بالتأكيد ... ترى ما تفعله لجين و آنين الآن كم أتمنى أن تكونا بخير
مرت عدة أيام على لين في القصر كالسابق تنظف وتعد الطعام ولم ترى السيد
في ليلة من الليالي وفي وقت متأخر أستيقضت لين وتوجهت للمطبخ لشرب الماء وهي في المطبخ
سمعت صوت خطوات تمشي خارج القصر وبالقرب من باب القصر ثم أنفتح الباب شعرت لين
بالخوف الشديد وهي تسمع الخطوات تدخل القصر
لين ( ترى من يكون هل هوا لص ولكن اللص لا يملك مفتاحا .... قد يكون أحد العمال لاااااا هذه كارثة
ولكن السيد موجود وسيحميني وماذا إن قتلوه ... لا لا لا عليا أن لا أتوهم أمور لن تحدث)
سمعت الخطوات تقترب من المطبخ وما هي إلا لحظات ودخل المطبخ شاب طويل ذو قدر من الوسامة
وبعينين رماديتين اللون جميلتين وغريبتي الشكل
لين : من أنت وماذا تريد
.... : أنتي من عليه الإجابة عن هذا السؤال
لين : أخرج من هنا هيا ألا تراني بدون حجاب
خرج الشاب من المطبخ وخرجت لين وتوجهت لغرفتها لبست حجابها وخرجت
لين : ماذا تريد وكيف دخلت هنا
......: لابد أنك الخادمة
لين : أنا لست خادمة أحترم ألفاظك
عندها سمعوا صوت الصراخ يأتي من الأعلى
صرخ الشاب وهوا يركض باتجاه السلالم مسرعا : تبا لك يا " روح " هل تعذب نفسك ما الذي
تود الوصول إليه
توجه للأعلى ولين تتبعه ... وقف أمام باب جناحه وفعل شيئا للباب ففتحه على الفور ... توقف الصراخ
ودخل يركض للغرفة المغلقة طوال الوقت
وقفت لين مذهولة مما ترى كان السيد ساقطا على الأرض وساقه ترتجف بقوة ويمسك وجهه بيديه والغرفة
شبه مظلمة فلم تتمكن من رؤيته
أقترب منه الشاب وأمسكه من كتفه وهوا يهزه بقوة ويصرخ : بالكهرباء يا روح هل تصعق نفسك بالكهرباء
وضعت لين يدها على فمها وهي تشهق بقوة ودموعها تتقاطر على الأرض
لجــين
مر على لجين يومين آخرين لم ترى فيهما غافر
لجين : إلى متى سيتمر في سجني وما الذي يخطط له يا ترى ... أين جدي وخالي عن كل هذا كيف أخفاني
عنهم .... جدي لن يقف مكتوف اليدين أعرفه جيدا ولكن ما سيحل بي إلى وقتها .... حسننا لا يهم فالموت
أشرف لي من أن أترك غافر يعيش حياته وأنا أتعذب طوال الوقت سأجد طريقة للهرب فلست مستعجلة
على شيء فأنا لا أعيش إلا من أجل الانتقام منه
في الفندق
نادر : كل شيء جاهز والرحلة ستكون بعد يومين
غافر : جيد .... ماذا بشأن مهندس الكمبيوتر ذاك
نادر : لديه عائلة... فمن السهل جدا تهديده وإيقافه
غافر : إن لم نقطع الرأس فلا جدوى من الأمر فقد يكون لديها حلفاء آخرون لا تنسى حفيدة من هي
فأترك الأمر لي أعطني عنوان بريده الإلكتروني وأتصل لي بأمجد سنرى ما حدث معه
نادر : في الحال
غافر : مرحبا .... كيف الأمور لديك
أمجد : فيما ورطتني يا رجل مع من تلعب أنت
غافر : سنحل الأمر قريبا
أمجد : ستخسر كل شيء إن بقيت على هذا الحال
غافر : لا لن يستمر الوضع .... ماذا عن المعتوه " روح " هل من جديد
أمجد : لا جديد لدي عليك أن تيأس منه هذا اختياره فليعش كما يحب
غافر : أحمق ... هل علينا أن نستسلم بسرعة هكذا ... يكفي ما أضاعه من عمره
أمجد : وما الحل في نظرك
غافر : " يزيد " هوا الوحيد الذي قد يؤثر في روح لا حل غيره هوا شقيقه والأقرب إليه
أمجد : شكرا ضعها هنا ..... نعم ..... أنت تعرف ما فيه يزيد الآن فهل سينجح الأمر
غافر :لا مانع من المحاولة..... أخبرني بكل جديد حسننا
أمجد : بالتأكيد ..... وداعا
غافر : وداعا
في اليوم التالي في شقة غافر
سمعت لجين باب الشقة يفتح ( لابد وأنه قادم للنيل مني ولكني له )
دخل غافر وأتجه ناحيتها أمسكها من ذراعها وقال : رائد الساري هوا من تركته لمحاربتي إن لم يتوقف
الأمر فسنؤديه وعائلته
لجين ( سحقا كيف علم به هذا ما لم نحسب حسابه ولكني أتق برائد سيفكر في حل آخر)
غافر : تكلمي
لجين : لا تؤديه فهوا لا علاقة له بما بيننا وإيقافه لا يعني توقف كل شيء
غافر : ستتحدثين معه عبر البريد و ستطلبين منه التوقف أو سيدفع شريكك ذاك الثمن
وخرج ثم وقف عند الباب وقال : لا تكتري السهر يا جميلة فأمامك رحلة طويلة
وتركها وخرج
لجين : ماذا يعني بما يقول .... سحقا لك أيها الحشرة ... على رائد أن يوقف ما يفعل لن أكون سببا في أديته
وعائلته .... تبا ... لقد بدأت أخسر أوراقي الرابحة ولكن لا يهم فلن أيأس أبدا ..... لابد أن أجد طريقة ما فليذهب
بي للجحيم إن أراد
في صباح اليوم التالي
دخل غافر الشقة يحمل معه أكياس الطعام والعصائر وبيده جهاز لجين المحمول
كانت لجين تقف في الصالة ترتدي فستانا قصيرا لبداية الساق أزرق اللون ومموج باللون الأبيض
به إكسسوارات فضية عند الخصر والرقبة وهذه عادة لجين أنيقة حتى لو كانت لوحدها تمسك شعرها
من الأمام بمشبك كريستالي بفصوص زرقاء وتقف حافية الأرجل
وقف غافر ينظر إليها مطولا وبتمعن
لجين : إلى ما تنظر أيها المشوه
غافر : أخبرتك سابقا ... زوجتي ويحق لي رؤيتك كما أشاء
لجين : قدر
غافر : هههههه قديمة ..... وهل من العقل أن تكوني بكل هذه الأناقة وحافية من دون حداء
لجين : هذا الأمر لا يخصك
وضع غافر جهازها المحمول على الطاولة
غافر : سترسلين له رسالة مختصرة ليوقف كل شيء وسنغلق البريد بسرعة فهمتي
لجين : فهمت ... هل من أوامر أخرى
غافر : لا .... حتى الآن
قامت لجين بإرسال رسالة له فيها : أوقف كل شيء يا رائد لأن عائلتك في خطر
لأن لجين أرادت أن يتوقف بالفعل فالخطر لا يحدق بها وحدها الآن فقد أفهمته سابقا أن لا يكترث لسلامتها
لجين ( سيعرف مكاني بالتأكيد أعرف رائد جيدا )
غافر وهوا يغلق الجهاز : جيد ها أنتي رائعة ومطيعة
لجين نظرت للجانب الآخر ولم تعره اهتمام
دخل غافر لغرفتها وجلس على الطرف الآخر للسرير وظهره للباب بعد قليل لحقت به ووقفت عند الباب
لجين : أخرج من غرفتي ... هناك غيرها الكثير
غافر : شقتي وأختار ما أريد
لجين : إذا أنا من سيحمل أغراضه ويخرج
كان غافر مطأطئا برأسه للأسفل وبلا عمامة فوقف والتفت إليها فشهقت لجين عندما رأته بلا شاش على
وجهه ولا عمامة تغطي رأسه ... كان ثمة بقع حمراء كبيرة في وجهه ومنطقة العين اليسرى مشوهة
تماما حتى نصف الخد وأعلى الجبهة
غافر : بالتأكيد يسرك ما ترين
لجين ابتسمت بسخرية : لا .... لأني لست أنا من فعل بك هذا ... وثمة من سبقني إليك
غافر : وهل كنتي تريدي حرقي
لجين : أجل و لكن من الداخل أولا
غافر : لما تحقدين علي هكذا
لجين بغيض : أتعلم أنني أكرهك بشدة وكلما سألتني هذا السؤال كرهتك أكثر
توجه غافر ناحيتها ووقف أمامها وقال : كما تعلمي أعدائي كثر ذكريني فقط
لجين : ولما أذكرك ... سأسحقك على أية حال ... علمت أم لم تعلم
أمسكها غافر من خصرها وقربها إليه ودفن رأسه في شعرها وهوا يتمتم بكلمات لم تفهمها لجين
قامت بدفعه عنها بكل قوتها ولم تستطع أبعاده
غافر بهمس في أذنها : لا تقاومي يا جميلة أخبرتك أني لن أقربك
لجين وهي تحاول دفعه : وما الذي تفعله الآن يا مقزز ابتعد قلت لك أبتعد
غافر : أتذوق فقط هل ستحرمينني من هذا أيضا
لجين : أبتعد يا غافر هيا
أفلتها من يده فخرجت من الغرفة ودخلت غرفة أخرى وأغلقت الباب خلفها
بعد مرور ساعة سمعت باب الشقة يغلق ... خرجت وتوجهت لأكياس الطعام وجلست تأكل
لجين : سحقا له كاد يكتشف أمري ذلك المسخ القدر
بعد لحظات بدأت لجين تشعر بالدوار
لجين : ما كاااااان علي أأأأن أتق بك يااااغافـــ ...... وسقطت على الأرض
بعد ساعة دخل غافر جمع أغراضها في حقيبتها أنزل الحقيبة ثم حمل لجين بين يديه نظر لها
مطولا ثم قال : لم يمنعني عنك اليوم إلا شيء واحد فقط .... وإلا ما كنت سأقاوم
ثم خرج من الشقة ونزل بها للأسفل حيث سيارة إسعاف بانتظارهم
عند المساء في قصر راشد
راشد : حقا هل أنت متأكد
رائد : أجل متأكد وكل التأكيد لن يصعب هذا الأمر على شخص مثلي
أمسك راشد الهاتف وأتصل بجد لجين
راشد : مرحبا سيد ريتشارد .... لدي أخبار طيبة
الجد : أي طيب سيأتيني منك بعد الخبر السيئ الذي نقلته
راشد : علمت أين سافر بها وحتى عنوان الشقة
الجد : تأخرت كثيرا لأنه دخل إفريقيا من نصف ساعة
راشد : ماذا .... غادر
الجد نعم : فتاة دخلت أفريقيا باسم لجين عامر ولكني لم أجد أسم ذلك المجرم يبدوا أنه زور الجوازات
وقد فاتك هذا في المرة الأولى يا راشد
راشد : تبا لذاك الجبان هل علم من تكون يا ترى .....كيف فعل ذلك بأوراق لجين
الجد : هل نسيت أنه سرق كل شيء من سنوات
راشد : سأرسل رجالي إلى هناك
الجد : لا تتعب نفسك فلن أعتمد عليك بعد اليوم سأسافر لجلبها بنفسي
بعد مرور ساعات بدأت لجين تستفيق وتشعر بجسمها يهتز بقوة فتحت عينيها فوجدت نفسها في سيارة
تسير عل طريق ترابي وعر ..... ألتفتت للجهة الأخرى ووجدت غافر يجلس بجانبها ويبدوا أنه نائم وفي
الأمام كان نادر ورجل أفريقي يبدوا أنه دليلهم
نظرت للخلف كان هناك سيارتان بزجاج مظلم وبسببه وسبب الظلام لم تتبين من فيهما
ضربت لجين غافر بقبضة يدها على كتفه وقالت : أستيقظ أيها الوغد إلى أين تأخذني
غافر دون أن يتحرك ويبدوا أنه لم يكن نائما : اهدئي يا جولي لا نفع مما تفعليه الآن
لجين بغضب : إلى أين تأخذني
غافر : لرحلة في براري أفريقيا وسنصل قريبا
لجين بصدمة : أفريقيا
غافر : ألست مشتاقة لرؤية العصابة واللعب معها عن قرب .... ها أنا سأحقق لك أمنيتك
لجين : لن تنجوا بفعلتك يا غافر أقسم بذلك
غافر : نامي هيا أمامك رحلة طويلة
صمتت لجين وبدأت تفكر محاولة إيجاد مخرج لها
لجين : أريد الحمام
غافر : خطة فاشلة
لجين : وماذا إن لم تكن خطة
غافر : سنصل أحدى القرى بعد قليل وستنزلين لحمام المحطة
لجين : أريد النزول الآن
غافر : لا أنصحك بما تفكري فيه الآن فلن تجدي مكانا آمننا إن هربتِ ... أنا أعرف المكان جيدا
لجين : وهل تراني أجد الأمان معك وأنت تفكر في تسليمي للعصابة
غافر : ستلعبين معهم قليلا فقط كما أردت فلما تتعبي نفسك باقتناء ذلك الملف عيشي الحدث بالصوت والصورة
لجين : هل تسلم زوجتك للعصابات .... ولكن لا أستغرب ذلك منك
غافر : هل تعترفي الآن أنك زوجتي
لجين : أخرس وتابع نومك
غافر : هههههه .... لم أكن أعلم أن هذا الأمر سيجعلك ترحميني من ثرثرتك لكنت قلتها
من البداية ..... والآن تصبحي على خير يا زوجتي العزيزة
لجين : مقزز
بعد ساعتين وصلوا لأحدى القرى
غافر : هيا أنزلي ألستِ تريدي النزول للحمام
لجين : لا أريد
غافر : انزلي يا جولي فلن نمر بأخرى قبل الصباح
نزلت لجين برفقة غافر دخلت الحمام جالت بنظرها فيه كان ضيقا جدا ولا يحوي فتحة في الأعلى
والنافدة محمية تماما
لجين : سحقا .... هذا سجن وليس حماما
خرجت وتوجهت للسيارة .... ركبتها وأغلقت الباب بكل قوتها
لجين : أريد طعاما أنا جائعة
نادر : ثمة مطعم صغير هنا هل نشتري الطعام يا سيدي
غافر: إن كنت أنت جائع فأحظر لك ولها وإن لم تكن لديك رغبة في الطعام فلنغادر
نادر : بلى أريد طعاما فلم نأكل من ساعات
لجين : أنا لم أعد أريد
بعد أن سارت السيارة لساعات كثيرة .... ضربت لجين غافر المتكأ على زجاج السيارة بقبضة يدها دون كلام
غافر : ماذا هناك
لجين : ما كل هذا الطريق الطويل هل ستتجول في كل أفريقيا
غافر : لا شأن لك
لجين ( أريد أن أصلي الفجر لقد شارفت الشمس على الشروق يكفي ما فأتني من صلوات لقد أستيقضت
بعد وقت صلاة العشاء ولم أصلي اليوم سوى الفجر والصبح ما هذه الورطة )
لجين : متى سنصل
غافر : قريبا
صمتت لجين وبدأت تتأمل الضوء يتسلل إلى السماء
بعد ساعة وصلوا لقرية تبدوا كبيرة بعض الشيء ويبدوا أنها أحدى المدن نزلوا إلى فندق أخد غافر
للجين وهوا غرفة مشتركة
لجين بحدة : ما الذي تفعله .... لن أنام معك بنفس الغرفة هل تفهم
غافر بغضب: أصمتي ولا تتكلمي معي بهذه الطريقة أمام الناس ... مفهوم
لجين بسخرية : حقا ..... من حسن حظك أنني لا أعرف لغتهم وإلا كنت حدثك بها
أمسكها غافر من يدها وتوجه بها للغرفة بعد أن حمل الحراس حقائبهم سارت لجين بهدوء لأنها
لاحظت نظرات الجميع عليهم
لجين ( كله بسبب الشاش الذي يضعه لقد أصبحنا فرجة للجميع وهذه الثياب التي أرتدي لم يعطني
الأحمق فرصة لأرتدي غيرها )
دخل بها لغرفة بسريرين منفصلين
غافر وهوا يأخذ ثيابا له من حقيبته : لن نمكث هنا طويلا سنغادر في الغد أو بعد الغد
لجين : أخرج من الغرفة أريد تبديل ملابسي والاستحمام
غافر : وما بها ملابسك إنها تعجبني
لجين : ولكنها لا تعجبني أنا .... ألم ترى نظرات الرجال لي وحراسك من ضمنهم
وقف غافر بغضب : هل ضايقك أحد الحراس
لجين : وهل سأنتظر حتى يفعلوا ذلك .... نظراتهم تكفي
غافر وهوا يغادر الغرفة غاضبا : سحقا لهم جميعا
قفزت لجين للحمام توضأت وخرجت للصلاة في أسرع وقت لأنها ستصلي قصرا ثم أخذت ثيابا من
حقيبتها ودخلت الحمام حاولت فتح النافذة ولكنها لم تستطع
لجين : حمقى .... ياله من فندق بالي متهتك .... حتى النوافذ لا تصلح
غافر صرخ عليها من الخارج : إن تأخرتي أكثر فسأكسر الباب
خرجت لجين كانت ترتدي بنطلون من الجينز الأبيض وقميص مغلق من الأمام وليس به أزرار
أسود اللون بزخارف بيضاء عند الرقبة ويصل طوله لنصف الفخذ
وتمسك شعرها كله للأعلى وينزل على طهرها
غافر : إن ضايقك أحدهم فأخبريني
لجين بسخرية : لم أتوقع أن يهمك أمري لهذا الحد
غافر : أنتي زوجتي وعليهم أن يحترموني
لجين : أجل هذا كل ما يهمك في الأمر .... سترمي بي حتى للعصابة فكيف سأستغرب ذلك منك
غافر : لأنك على شاكلتهم
لجين : هههههه أنظروا من يتحدث
أمسكها غافر من شعرها بقوة وقال : لقد سكت عن حماقاتك كثيرا فأمسكي لسانك وأشتري سلامتك مني
لجين بثقة وقوة وهوا لازال يمسك شعرها ووجهها في وجهه : لا يهمني ..... لن تفعل أكثر مما ستفعله الآن
وأخبرتك مرارا أمري لا يهمني
رماها غافر بعيدا عنه ( أي تقه وقوة هذه ما الذي يجعلها تحقد عليا حد الموت )
غادر غافر الغرفة وأغلقها خلفه حاولت لجين مرارا فتح نافذة الحمام ولكن دون جدوى
خرجت وتناولت الطعام في الغرفة ولم ترى غافر حتى المساء
نادر : سيدي لقد حددوا الموعد .... هل أنت واتق من نجاح الأمر
غافر : نعم فكل شيء يسير على ما يرام
نادر : علينا أن لا نتق بهم
غافر : أجل ومن يتق برجال العصابات
نادر : متى سنغادر
غافر : بعد الغد
عند المساء فتح غافر باب الغرفة فوجد لجين نائمة على أحد السريرين بعدما قامت بسحبه لآخر الغرفة
ضحك غافر وهز برأسه ثم توجه للحمام استحم وغير ثيابه ونام ..... نام كليهما نوما عميقا من شدة التعب
استيقظت لجين و ارتدت ثيابها التي كانت ترتدي بالأمس لأنها كانت تتأمل الهرب في أي لحظة وهذه
الثياب ستساعدها في الركض
استيقظ غافر واستحم وغير ثيابه
غافر : سنخرج لنتناول الغداء في أحد المطاعم
لجين : لا أريد
غافر : ليس الأمر بـــــ
ولم يكمل غافر جملته حتى سمعوا صوت انفجار هائل في الخارج والأبواب تتهتز والصراخ في كل مكان
سقطا على الأرض من قوة الضربة ثم نهض غافر مسرعا فتح الباب فوجد أحد الحراس أمامه
الحارس : سيدي لنخرج بسرعة
غافر : ماذا هناك
الحارس : هجوم انتحاري وعصابات السرقة ستملأ المكان حالا والنار في كل مكان
سحب غافر لجين من يدها وسمعوا انفجارا آخر والسنة اللهب تكتر في الفندق
الحارس : يوجد باب من هناك هيا
خرج غافر ولجين ركضا من باب الفندق الخلفي وقد تفرقا عن الحراس
لجين : ثيابنا وأغراضنا وحتى الملف بالداخل
غافر : إلى الجحيم جميعها هل تريدينا أن نموت بالداخل من أجل ثياب
سمعوا أصوات الرصاص يتقاذف في كل مكان
سحب غافر لجين من يدها وعبر الأشجار الكثيفة ركضا على الأقدام
غافر : علينا أن نبتعد قليلا حتى يهدأ الأمر ستصل الشرطة قريبا بالتأكيد .... عندها سنعود إلى هناك
لجين : المصائب تتقاذف علي منذ أن دخلت حياتي لتحولها إلى جحيم
غافر وهوا يسحبها مبتعدا : أنا من يفترض به قول ذلك فمنذ رأيتك لم أرى خيرا قط
لجين : الوغد يبقى وغدا حتى وهوا يهرب من الموت
غافر : أي نوع من النساء أنتي حتى البكاء لم تبكي حتى الآن
لجين بغيض : لم تترك لي دموعا لأبكيها يا غافر
توقف غافر فجأة ونظر إليها وقال : ما الذي فعلته لك حتى كرهتني لهذا الحد كيف كنت سأصل لحفيدة رئيس
مخابرات أحدى كبرى الدول .... أي ذنب من ذنوبي أنتي .... ماذا تريدي يا جولي
لجين بضحكة عالية : ذنب .... هل تسمي جرائمك التي تفخر بفعلها دائما ذنب .... مثلك لا يعرف الذنوب
غافر بحدة : كلها جرائم .... إلا أنتي..... ذنب لحقني بنحسه إلى هنا
لجين : ولعلمك فهوا ذنب لن تجد له الغفران يا غافر
سمعا صوت خطوات وأصوات لرجال غير مفهومة اللهجة
غافر بهمس : أشششششششششش أخرسي وابتلعي لسانك يا سليطة اللسان لقد علم أحدهم بوجودنا
لجين بذات الهمس : أنت السبب .... هل كان علينا أن نبتعد عن المكان الذي ستأتيه الشرطة
خرج من خلف الأغصان الكثيفة خمسة رجال أفارقة مسلحين تكلموا بلغة لم يفهمها كليهما
حاول غافر التحدث معهم ببعض الكلمات الأفريقية و الإنجليزية ولكن لم يفهموا شيئا
أمر أحدهم أثنين منهم فتقدموا وأمسكوا بهم و أخذوهم معهم تحت تهديد السلاح
لجين : أرئيت ما صرنا فيه بسببك يا غافر ..... هيه يدي يا أحمق إنك تؤلمني
غافر : بل بسبب صراخك الأرعن فتحملي النتائج
وصلوا بهم لكوخ صغير من الخشب توجهوا بهم ناحيته ودخلوه
فتشوا جيوب غافر وثيابه وأخرجوا نقودا من محفظته وجوازات السفر
أقترب أحدهم من لجين ليفتشها فصرخت به قائلة : أبتعد عني
سحبها غافر ناحيته رفع قميصها قليلا وأخرج جيوب بنطالها ليريهم أنها فارغة
أعطى الرجل لسيدهم الذي يتلقون الأوامر منه محفظة غافر وجوازات سفرهم فتح جواز سفر غافر
وأقترب منه ... أزال جزء من الشاش للأسفل ناحية العين بدت على وجه الرجل الصدمة ثم التقزز
فتح جواز لجين ونظر إليها مطولا
غافر ( من الجيد أن جوازها ليس باسم جولي لكانوا سيقايضون بها وينكشف الأمر أما لجين فلا أحد لها
وهاتفي بقى في الفندق أي أنهم لن يجنوا من اختطافنا شيء وهم لا يفهمون حتى الإنجليزية )
تحدثوا مطولا بين بعضهم البعض ثم خرجوا للخارج وأغلقوا الباب على غافر ولجين
لجين : ماذا سيحصل لنا
غافر : لا أعلم ... لابد وأنهم يفكرون في تركنا كرهائن
لجين : هل سيطلبون الفدية
غافر : هذا ما يفكرون فيه ولكنه لن ينجح
لجين : ولما لن ينجح ولديهم جواز سفري
غافر : الجوازات مزورة
لجين : لهذا كنت تهرب بي من مكان لمكان مطمئن البال أيها الفاشل المزور
غافر بغضب : لو كان جوازك معنا الآن لصرنا في مشكلة
لجين : السنا فيها الآن ... ثم أنه لو كان جوازي معي لخلصني جدي منهم لأنهم سيطالبونه بالفدية ولبقيت
أنت هنا لديهم كتذكار
غافر : هههههه ولكننا في النحس معا دائما ألم تلاحظي ذلك
لجين : لأنك منحوس وأنا تزوجتك بنحسك لتنحسني
ثم توجهت لجين لفتحة بين خشب جدار الكوخ لتنظر منه للخارج
لجين : ثلاثة منهم يغادرون يعني أنهم تركوا أثنين للحراسة
غافر : فيما قد يفكرون
ثم بدأ بتفتيش الزوايا و أخشاب الجدران يتفقد ويتلمس كل شيء
غافر : تعالى و أنظري
لجين : ماذا هناك
غافر : ثمة قطعة خشب غير ثابتة هنا
تقدمت لجين و اقتربت منه قائلة : أجل ... ولكن ما الفائدة من هذا
غافر : سنزيلها لنخرج
لجين : لا يمكننا تحريكها سنحتاج لفكها من الأخرى
غافر : أتركي الأمر لي أشغلي أنتي الحراس
توجهت لجين للباب وبدأت بطرقه بقوة والصراخ التفتت لغافر وغمزت له وقالت : أبدأ العمل
أبتسم لها غافر وبدأ في فك الخشبتين عن بعض ولجين تصرخ وتركل الباب بيديها وقدميها والحارسان
في الخارج يصرخان عليها
غافر : رائع لقد نجحت
لجين : هل انتهيت
غافر : أجل و سنثبته مكانه حتى نستطيع الخروج
لجين : وماذا إن نقلونا من هنا
غافر : إذا لنخرج الآن أتمنى أن لا ينتبهوا لأصوات خروجنا
خرجت لجين من الفتحة بسهولة وخرج غافر بصعوبة بالغة بسبب الفارق في الحجم
لجين : كدت أن تعلق هنا .... هذا كله بسبب أكلك لأموال الناس حتى تضخم جسمك
غافر بغضب : أخرسي يا فتاة العصابات وإلا حطمت رأسك
لجين : هيا هيا .... لم يمسكونا ونحن نهرب يمسكونا ونحن نتشاجر ... وركضا باتجاه الأشجار
|