" هكذا إذن, شكراً لك لأنك اخبرتني , انا اقدر ثقتك يا عزيزتي " وتنهد بإرتياح " حسناً , لم يكون صعباً تخليصك من الوضع الذي حشرك فيه ابني , منذ متى وانت تعرفينه؟"
" التقينا قبل اسبوعيين ... لكني لم اراه حقاً واقابله إلا منذ يومين" همست شارلوت.
" إذن ألم تكوني مندهشة قليلاً حين اطلبك للزواج ؟"
" نعم , طبعاً ولا ازال مقتنعة انه قام بهذا لسبب معين جداً"
" آه , هذا صحيح " قال ليونيل شراتون بصوت تلونه السخرية " ظل صامتاً للحظة ثم قال " لقد فعل هذا عمداً لإغضابي " واضاف ببطء وهو يراقبها بإمعان " وليس لأي سبب آخر, ارجو ألا تكوني قد اخطأت بتصديقك انه واقع في غر امك , انه قادر جداً على إقناع فتاة بريئة شابة مثلك بأنه كذلك ليدعك تقومين بما يريده منك"
" كلا, كلا انا لم اخطأ بهذا" همست شارلوت بتعاسة.ريحانة
منتديات ليلاس
" علي ان اعترف إذن , آنسة ميسون بأنني قد اخطأت بالحكم عليك " وتابع بلطف " لقد ظننت انك من نوع الفتيات التافهات اللواتي يتعلقن بولدي لأنه ثري وغني الآن انا مقتنع انك لست كذلك واعتذر عما قلته لك في بداية حديثنا , اتمانعي في إخباري لماذا انت غير راغبة بالزواج من بيرت ؟ ألا يعجبك ؟"
" بلى , هو يعجبني" اعترفت " لكن ليس بدرجة ان اتزوج منه, الأمر صعب شرحه, لكني اشعر بثقة انني إذا تزوجته لأنه هو اجبرني على هذا الزواج فسيتحول زواجنا الى تجربة مكررة لزواجه السابق ... زواج كارثة "
ومرة اخرى سطر الصمت بينهما.منتديات ليلاس
" إذا كان هذا شعورك فليس عندي ادنى شك انك على حق" قال ليونيل شراتون اخيراً يتنهيدة جديدة" هل معك بطاقة عودة الى انكلترا؟"
" نعم لكنني لن اعود قبل السبت المقبل"
" هممم, يجب ان ترحلي قبل هذا الوقت " تمتم " اود منك ان ترحلي غداً إذا تمكنت من تدبر الأمر , فكما ترين , انا اعلم جيداً ان ابني يتصرف بسرعة قصوى حين يصمم رأيه على أمر ما , عليك الرحيل قبل حصوله على ترخيص المساح له بالزواج منك"
" لكن ماذا عن والدي ؟ إذا انا ... انا ... نكثت بوعدي لبيرت فسيطرد ابي وينشر السبب للجميع " احتجت.

" لا تقلقي حول هذا...سأتدبر الأمر بطريقة ما , يستطيع والدك ان يغادر معك سيكون عليه التخلي عن عمله هنا ولكن إذا فعلت ما اقوله لك فسيترك عمله هنا بسجل نظيف وسمعة طيبة تؤهله الحصول على اي وظيفة في اي مكان آخر يرغب به , سأذهب لرؤيته هذا المساء, في الوقت الحاضر اقترح عليك ان تغادري هذه الحفلة وتعودي الى مكان إقامتك لتبدأي بجمع وتوضيب حقائبك , سآمر سكرتيرتي التي تسافر دائماً معي , ان تحجز لكم إذا استطاعت على الطائرة المتجهة مباشرة الى انكلترا غداً صباحاً , إذا لم تتوقف فهناك طريقة رحيل معينة تضمن خروجك من هنا"
" لكن ألا يجب ان اخبر بيرت ؟" سألت بتردد.ريحانة
" كلا, سأتولى هذا الأمر عنك , الآن إذهبي يا عزيزتي ستسمعين مني لاحقاً هذا المساء حول ترتيبات السفر, تصبحين على خير"
كانت شمس تشرين اول الباهتة تخترق بأشعتها الخفيفة الضباب الذي كان يلف السماء ويغطي طواحين الهواء المتناثرة على ضفاف نهر ويثر الذي كان ينساب كالحية في مجراه الملتوي بين الأراضي والأبنية.
تحولت الإشارة من الحمراء الى الخضراء وانطلق صف السيارات في طريقه ومن بينها سيارة زرقاء صغيرة اوقفتها صاحبتها قرب احد الأبنية ونزلت منها حاملة حقيبتها و اوراقها وتوجهت نحو مدخل البناية.
طويلة وممشوقة القامة بتنورتها الخضراء القصيرة وخصلاتها السوداء القصيرة تهتز من مشيتها , دخلت شارلوت الى غرفة المكتب حيث تقوم بعملها كصحافية في مجلة الأخبار اليومية.
" صباح الخير"
" صباح الخير شارلي , فرانك يريد ان يراك فوراً" قالت لها المرأة القصيرة المستديرة الجالسة وراء مكتبها والتي كانت السكرتيرة وتابعت بعد هذا عملها على الآلة الكاتبة.
" شكراً لك غرايس" ووضعت شارلوت حقيبتها على المكتب ثم اتجهت نحو غرفة مدير التحرير .
" تفضلي شارلي " قال فرانك لاين وتابع حين دخلت " كم تعرفين عن عائلة مارلين ؟"
" اعرف ان جوزيه مارلين وضع ويثرتون على الخريطة في مطلع القرن التاسع عشر حين بنى مصنعاً وبدأ بصنع الجوارب القطنية " تابعت وهي تجلس " واعلم ان افراد العائلة قد ساعدوا كثيراً إزدهار البلدة, اثنين منهما انتخبا كعمدة لمرتين متتاليتين"
" جيد , جيد هل تعلمين ان آخر المارلين ... دانيال ... توفي فقط في السنة الماضية عن عمر يناهز الثمانين تاركاً حصصه الصغيرة الباقية في شركة هوزير ومنزل العائلة العتيق في لانبرغ لإبنته ليندا مارلين شراتون " إلا انها عاشت اكثر منه لثلاثة اشهر فقط وهكذا فقد وصلت املاكه لحفيده الوحيد بيرنون شراتون ؟"
تصلبت فجأة اصابع شارلوت .
" كلا , لم اكن اعرف " اعترفت.ريحانة
" حسناً, انت تعرفين هذا الآن وان بيرتون شراتون الذي ذكرت هو هنا في ويثرتون هذا الاسبوع "

" لماذا ؟" انزلق السؤال من فمها بسرعة لا إراديا قبل ان تخنقه.
" لقد اتى ليتحدث مع مدراء شركة هوزير. فهناك إشاعة تقول ان شركة بوليفن التي تسلمت شركة مارلين منذ ثلاثين سنة قد قررت الأنسحاب وتسليم مصالحها لشركة اخرى . وهنا إشاعة ثانية مفادها ان بيرتون شراتون هنا ليبيع المنزل القديم في لانبرغ , الآن غرايس تغطي المسألة التجارية واريد منك ان تهتمي بالناحية الشخصية , فأظن ان ملخصاً عن تاريخ آل مارلين, ولمحة عن البيت في لانبرغ سيكون موضوعاً رائعاً بمقابلة تجريها مع هذا الشاب بيرتون , انت تعرفين تناول هكذا موضوع ... الحفيد لآخر المارلين يفتش عن جذوره في لانبرغ , هذا موضوع مهم وسيروق كثيراً لقراء مقالك الاسبوعي في نسخة السبت"منتديات ليلاس
منتديات ليلاس
ودار عقل شارلوت , بيرت الذي لم تراه منذ ان تركت حفلة شقيقته قبل حوالي ثمانية اشهر كان هنا في ويثرتون , وقمة السخرية ان عليها إجراء مقابلة صحافية معه وهي تدرك جيداً كرهه ورفضه للصحافة.
" ألا يستطيع احد آخر ان يقوم بهذه المهمة؟" احتجت.
" احد آخر ؟" سأل فرانك بعدم تصديق " من على سبيل المثال ؟ من يكتب حول هذه المواضيع الاجتماعية احسن منك؟ ان العمل هو لك انت شارلي"
" نعم اعرف , لكن ... لكن ... بيرت ... السيد شراتون قد لا يرغب بإجراء هذه المقابلة , ألا استطيع الكتابة حول عائلة مارلين دون مقابلته؟" سألت .
" كلا, لا تستطيعي, هل عليّ تذكيرك بمسؤوليات المراسل الصحفي؟ من واجبك إخبار الناس مايجري حولهم في هذه البلدة, حول الناس الزائرين, بيرت شراتون هو ليس ابن البلد, لكن والدته ابنة البلد وسيطرة شركة بوليفن على شركة هوزير كان حدثاً هاماً في البلد والمجتمع الخاص هنا , فقد حفظ هذا العمل لمئات من العاملين , ولهذا فأنا متأكد ان قرائنا سيكونون مهتمين بمعرفة كل شيء حول ابن الرجل الذي انقذ معامل مارلين من الإفلاس والخسارة"
" لكن افترض انه رفض المقابلة ؟" جادلت شارلوت " ماذا سافعل حينها؟"

الفصل السابع عشر

" آه , هيا ياعزيزتي , استعملي رأسك ودهائك الأنثوي "قال " الآن ابدأي العمل, فليس امامك الكثير من الوقت , لقد اخبرت انه سيغادر ويثرتون هذا المساء "
" حسناً" قالت يتنهد " هل عندك فكرة اين سأجده ؟"
" انه في فندق الطائر الذهبي , هذا الصباح سيذهب الى المعمل وينغدى مع رؤساء الشركة , وبعد الظهر سيذهب لرؤية منزل العائلة في لانبرغ , اودري رامي المسؤولة العقارية هي التي تهتم بالمنزل في غياب صاحبه فاتصلي بها وهي ستخبرك متى سيذهب الى لانبرغ"
رن جرس الهاتف فرفعه فرانك وصرف شارلوت بحركة من يده فخرجت الى مكتبها دون ان ترى شيئاً لأن افكارها مشوشة وفي مكان بعيد.
لقد جرى كل شيء على حسب رغبة ليونيل شراتون ولا تدري ماذا فعل فمنع بيرت من اللحاق بترك عمله في لونغ كاي و السفر معها الى انكلترا.
" انا اشعر حقاً بالارتياح" قال والدها حينها بعد ان تحدث ليونيل شراتون معه" فأنا لم احب فكرة إضطرارك للزواج من بيرت لإنقاذي انا من الفضيحة , من الجيد انك قد تحدثت مع شراتون الوالد حول الأمر , عندي انطباع انه يشعر بأن بيرت قد تصرف برعونة ودون تفكير " ثم نظر اليها بفضول وقال " كيف هو شعورك نحو هذا الأمر يا حبيبتي ؟"
" مرتاحة" قالت متجاهلة عن عمد الندم الذي اخذ يقرض قلبها" هل اخبرك السيد شراتون عن ترتيبات سفرنا غداً؟"
" نعم , لقد تم تدبير كل شيء, سنسافر الى نيويورك بطائرته الخاصة, لقد حضر بها وسيعود بها الى اميركا غداً وسنرافقه نحن, ومن نيويورك سنعود مباشرة الى انكلترا"
" ماذا عن نانسي ولوك ؟ كيف سنخبرهم أننا لن نكون هنا حين يعودان من اليوتيرا؟"
" لقد تدبرت هذا الأمر فسأترك رسالة لها مع روزي هنا" نظر اليها بقلق ثم تابع " لا اظن ان هناك داعي لأخبرها عن كل شيء بالتفصيل, فهذا سيثير انزعاجها وانا لا اريدها ان تضطرب وهي تحاول حل مشاكلها مع لوك"
" وكيف ستشرح امر تركك للعمل هنا؟" سألت شارلوت .

" آه , سأخبرها انني اشعر بالحنين لأنكلترا وانني اريد ان اكون قريباً منك ومنها"
وهي توضب حقائبها شعرت شارلوت برغبتها في كتابة ملاحظة لبيرت , عدة مرات حاولت لكنها كانت تمزق الورقة في كل مرة مقررة في النهاية ان قطع علاقتهما دون اي كلام هي احسن طريقة.
بعد كل شيء تعرفهما كان فقط رحلة يوم ونصف كما اقترح والدها وستنسى كل شيء لدى عودتها الى ويثرتون.
لكنها لم تفعل فطوال الصيف و الربيع الماضيين كان ضميرها يعذبها , فقد قطعت وعداً لبيرت ونكثت به وهذه هي المرة الأولى في حياتها التي تنكث بها وعداً قطعته لشخص ما, ومع انها كانت مجبرة على هذا الوعد إلا ان هروبها بهذه الطريقة جعلها تشعر كأنها قد خذلت بيرت.
ولم يستغرق والدها وقتاً طويلاً بإيجاد عمل له هنا, وبدا مستمتعاً جداً ومرتاحاً فيما لوك ونانسي قد عادا ليعيشا في منزلهما خارج لندن وفي المرات القليلة التي قابلة شارلوت بها نانسي لم يتحدثا ابداً عن بيرت وكانت نانسي تنتظر مولوداً وقد تحولت الى إمرأة اخرى, هادئة ومبتسمة ومرتاحة وليست قلقة وهوائية , كما كانت في السابق , ورأت شارلوت ان نانسي قد ازدادت جمالاً وروعة.
منتديات ليلاس
جرس الهاتف الذي رن والحركة المفاجئة في المكتب لدى وصول احد المحررين اعادت شارلوت الى الواقع وقطعت افكارها, فأسرعت الى الهاتف لتتصل بمكتب العقارات وهي تفكر ان عليها تدبر أمر مقابلة بيرت دون ان تقابله فعلاً.
ولكن لماذا هي لا تريد مقابلته؟ لأنها كانت قلقة ومضطربة من مقابلته وخائفة من انه سيعاتبها لأنها خذلته هكذا.
اتصلت وكانت المتكلمة اودري نفسها.
" في الحقيقة انا وآرثر شريكي ذاهبين هذا المساء لنفتح . المنزل للسيد شراتون " قالت اودري " وسيقيم آرثر المنزل وماحوله ليقدر ثمنه"
" اتمانعين إذا رافقتكما لرؤية المنزل ؟" سألت شارلوت "فأنا اقوم بالبحث لكتابة مقالاً لمجلة الأخبار اليومية "
" إذن سيسرني ان اجول بك في المكان, هل تعلمين موقع المنزل؟"
" كلا".
اعطتها اودري العنوان حينها واخبرتها ان تلاقيها هناك في الساعة الثانية ظهراً.
غادرت شارلوت مكتبها في الساعة الواحدة و النصف واتجهت الى لانبرغ الواقعة في ضواحي و يثوتون.
ووصلت الى المكان ووجدته منزلا رائعا قديم البنيان, ضخما واحجاره وقناطره تمثلان الهيبة والعظمة لطراز البناء القديم.
دخلت عبر البوابة الضخمة ومن الحديقة الرائعة الى مدخل المنزل وطرقت الباب مرتين.