كاتب الموضوع :
كَيــدْ
المنتدى :
الروايات المغلقة
رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
عند الساعةِ الثانيَةِ ظهرًا
خرجَت من الحمامِ وهي تجفف شعرها بينما يُعانق جسدها روبُ الحمامِ الأبيض، رمَت المنشفةَ على الكرسي الذي يُشارك روبها البياضَ ووقفت أمام المرآةِ لترفعَ يديها وتتخلخل شعرها من جانبي رأسها، مررت أناملها على طولهِ حتى خصرها، وتبللت كفيْها برطوبةِ شعرها وهي تتأمّل ملامحها في المرآة، مرّ الأسبوعُ الأول، والذي قضَت معضمهُ خارجَ المنزل برفقةِ أسيل بدايةً بالسوقِ وانتهاءً بجلساتِ العناية بالبشرةِ كما أُرغمت من قبلها، وتشاركَت في ذلك مع أفرادِ عائلتها من طرفِ أمّها، منذ اتصلت بجدتها وأعلمتها بحفلة الزواج الذي سيقيمونه بعد أسبوعين حتى تكلل صوتها بالسعادة لها وأعلمت كلّ أقاربها.
لملمت شفتيها للأمـام قليلًا وهي تُخفض يدها وتمرر أطراف أناملها على شفتيها، وجنتيها، حواجبها الرفيعةِ وعينيها وجبينها، وكأنّها في هذهِ اللحظة تحاول قراءة ملامحها باللمس، استشعار الجمال في البيَاض، استشعار الجمـال فيها، كم كرهت المقارنات! أصبحت لا تبالي بها في فترةٍ ما لكنّ الاهتزاز الذي باتت تعيشُ بهِ يجعلُ من المقارناتِ تأتيها دونَ مواربةٍ في لحظةٍ خائنةٍ لأنثى مثلها، تتخيّل نفسها مراتٍ تقفُ بجانبِ أرجوان! أرجوان جميلة، جميلةٌ للغايـة، حدّة ملامحها التي تشاركها البياض وصراخُ الأنوثةِ فيها يجعل من أنوثتها لا شيء أمامها، يجعلها تتلاشى، لطالما هزمتها أرجوان في الجمال، تهزمها وتهزم أسيل وديما وهديل أيضًا، بعينيها الواسعتين والسوداوتين، ببشرتها البيضاء، بشفتيها الممتلئتين جاذبيةً وانتهاءً بشعرها الليلي الذي ينساب على ظهرها بتموجاتٍ مُهلكَةٍ يتراقصُ حول رسمَة وجهها وفكِّها الدقيق.
تتلاشى! تتلاشى دائمًا أمامها، أمام جمالها الصارخ، هي عاديّةٌ بالنسبةِ إليها، بيضاءُ فقط، ناعمةٌ وشعرها البني يضيفُ جاذبيةً تتمركزُ فيه تحديدًا . . هي عاديةٌ بالنسبةِ لديما أيضًا! فلطالما كانت تُحب سمارها بالرغم من كونِ ملامحها بسيطة، لكنّ سمراءَ مثلها كان لابد لها من أن تصير جذابةً بسمارها .. زمّت شفتيها وهي تزفرُ باهتزاز، لمَ جاءتها تلك الأفكار الآن؟ ألا يكفي أن لها زوجًا عشقها هي وليس عشقهُ مبنيًا على ملامحها؟ لكنّ أنثى مثلها كانت لتتمنى الجمال الصارخ والجاذبية المهلكة فوقَ كلِّ شيء، الجمال الذي يُشبهُ جمال أختها، أو جمال تلك الفتـاة! . . عقدَت حاجبيها ما إن رأت صورةَ جنان التي اخترقَت الوقتَ والمكان فجأة، تلك التي حانَ منها التقاءٌ بجمالها في إحدى نهاراتِ بروكسيل، تلكَ البيضاءُ المحمرُّ وجهها، الذقن المُثير الذي لفتها ما إن رأته أول مرة، بروزهُ للأمامِ قليلًا وانقسامهُ رأسيًا لتكتمل غرابةُ جمالها مع اعتلاءِ شفتين صغيرتين ومنتفختين فوقَ ذاكَ الذقنِ وبين رسمَة وجهها الدائري والصغير.
زفَرت بحدةٍ وحرارةٍ تتجانسُ مع اختلاجاتِ صدرها الملكومِ باهتزازِ ثقتها، بتزلزلِ روحها في كارثةٍ تُطيحُ بأعضائها وتكتمل الكوارثُ الطبيعية بدمعٍ كان كموجةٍ عاتيةٍ اقتلعت رمشَ عينيها.
استقرّت كفها على وجنتها الباردة، وشردت عيناها بسطحِ التسريحةِ وهي تتنفسُ بخيبة، وحانَت منها انتفاضةٌ مفاجئةً حينَ شعرت بكفيْ فواز المعانقتين لخصرها، ليُميلها إلى الخلفِ قليلًا حتى يرتاح رأسها على صدره وهو يهمس في أذنها : جميلة ، لا تطقين نفسك بعين من المراية
فغَرت فمها وعينيها تضيقان بتوتر، تحشرجَ تنفسها ليتصاعدَ صدرها وكفيها دونَ شعورٍ عانقت جانبي الروبِ عند صدرها، حينها ضحكَ بخفوتٍ وهو يهتف بهمسٍ عابث : شكلي ما حذرتك من قبل من مسألة خروجك من الحمام كذا؟
احمرَّ وجهها وهي تخفضُ وجهها ليسترَ شعرها احمرار ملامحها في انسدالهِ عليها، بينما اشتدّت يداها دونَ شعورٍ على صدرها، يبقى بكل مقدارٍ يُختزن في صوتِه من الغزلِ يبثُّ إليها كلماتٍ تُدغدغُ أنوثتها، تسرِي بأمواجٍ ناعمةٍ دافئةٍ على شاطئ صيفٍ مُلتهب، فتتغلغل بمائها المالحِ حبّات الرمل الساخنَة، ورغمًا عن دفءِ الموجِ تنتطفئ القليل من حرارةِ ذاك الشاطئ بماءٍ كالصحة، يُجمّل الحيـاة!
مرّغ وجهه في شعرها الرطبِ وهو يبتسم لصمتها الخجول، وبهمسٍ يبثُّ أنفاسًا دافئةً تُبخّر الماء المختزن في شعرها : قريت مرّة كلام جميل، العنوان قصّة حب! " هذا البحار نجا من كلِّ المحيطات، وغرق في دمعةِ - بنت - ... ومات! " ، تدرين وش جانب الشبه؟ أنا حاليًا صرت بحّار بس بين خصلاتِك، بين رمش عيونك، بين مساماتك وتحت جلدك ، كل هالشيء ما غرّقني بالموت كثر ما قتلتني دمعة من عيونك
نبضَ قلبها بقوّةٍ وطالَ ارتعاشٌ عنيفٌ كامل جسدها، ازدردت ريقها الملتهبَ بكلماتهِ ليحترق جوفها بنبرةٍ مُثقلةٍ بالحنانِ من ملءِ فمِه، يتجاوزُ ملء مسمعها ويخترقها إلى قلبها المحمومِ بالدم، افرجت شفتيها تتنفس الهواءَ البارد، تُطفئ غليان دمها وفورانَ السوائل في جسدها، تُسكن عملية الإنصهار التي بدأت تطولُ أعضائها الداخليـة . . كم من الضعفِ يستحلّها لتتقوّى بكلمةٍ منه؟ كم من الإهتزازِ في روحها لتثبِّتها جملةُ غزلٍ في نبرةِ حنانٍ بصوته؟ في التماعِ حبٍ في حدقته.
تأوّهت بصوتٍ مسموعٍ وهي تشدّ بإحدى كفيها على معصمهِ بينما كفّها الأخرى على صدرها، عضّت طرف شفتها قبل أن تهمَس بصوتٍ متحشرجٍ مهزوز : كذاب ، أنت بكيتني قبل أسبوع
عقدَ حاجبيه وتراجعَ رأسه الغارقُ في غابةِ شعرها، بلل شفتيه وهو يتأمل صورتها المُختبئةِ أسفل شعرها من المرآة، وبنبرةٍ متجمدَة : هذي خلينا منها ، أنتِ الغلطانة باللي صار
زمّت شفتيها المرتعشتين وهي ترفعُ رأسها بنفسٍ متحشرجٍ لتنظر لوجههِ عبر المرآة، استكنَت عيناها بعينيه للحظاتٍ صامتةٍ ليقطعها بعد ثوانٍ بابتسامةٍ طفيفةٍ اعتلت شفاهه، بللت شفتيها بتوترٍ وهي تشتت عينيها وتُخرس ابتسامةً كادت تبنعُ على شفتيها ردًا على ابتسامتهِ الناعمـة.
عانقها برقّةٍ وهو يهتف بصوتٍ أرق : وش سويتوا في الأيام اللي فاتت أنتِ وأسيل؟
ابتسمَت رغمًا عنها في تلك اللحظةِ وهي توجّه نظراتهِ إليه، وبنبرةٍ مراوغة : سر
رفعَ إحدى حاجبيه وابتسامته تتّسع : سرْ أجل!
جيهان تهزُّ رأسها بالإيجاب، عضّ حينها شفتهُ السفلى وهو يلفظ بلؤم : طيب وش اشتريتي؟
خفتت ابتسامتها قليلًا وهي تترك لوجنتها حقَّ التورّد، لكنها أخفت خجلها وهي تهمس ببحةٍ مبتسمة : برضو سر وسر أهم بعد
فواز : افا بس! ما ودك تعلميني؟
حرّكت رأسها بالنفي وأسنانها تظهر باتّساع ابتسامتها، أردَف : كان ودي أخلي ديما معكم أفضل لأنها أكيد أخبَر بهالمواضيع بس عارفة هالفترة هي وش تمر فيه
جيهان تميل رأسها قليلًا على إحدى كتفيه، وبنبرةٍ حالمـة : بتجيب بيبي ، فرحت لها والله
فواز بابتسامة : كلنا ، لدرجة إننا كنا بنمنعها من شغلها عشان ما تتعب حالها
بتر الكثير من المعنى الحقيقي لذلك اللفظ، ففي الحقيقة امه هي من كانت مهتمةً حدّ أنها أرادت إبقاءها في المنزل، لكنّه بدّل الحقيقة بـ " نـا " الجامعةِ لهم كلّهم حتى لا يُعكّر صفو هذهِ اللحظة.
جيهان بابتسامة : من حقكم ، ثلاث سنين ماهي قليلة
فواز : الحمدلله
حررها من قيدِ ذراعيه ليُديرها نحوهُ ينظر إلى وجهها مباشرةً بعيدًا عن انعكاس صورتها في المرآة، أمسكَ كفيها ليبتسم ابتسامةً واسعةً وهو يتحسسها بنعومةٍ بينما صوته ينحدر بمكرٍ إلى مسامعها : يَدُكِ المليسةُ كيف أُقنعها ، أني بها .. أني بها معجبْ
تصاعدت الحمرةُ إلى وجهها وهي تسحبُ يدها وتستديرُ عنه، وبتوترٍ وإحراج : بطّل كذب ، الصادق يجيب كلام من عنده مو مسروق
ضحك ضحكةً حرّكت قلبها وهو يُردف ضحكتهُ بنبرةٍ رجوليةٍ خشنَة : طيب شرايك بهذي .. وجهك ضَو ، وجهك نور ، وجهك سعادة ما تنتهي ، وجهك راحة ، وجهك أمان ، وجهك روح ما تختفي ، وجهك رسم يا سبحان الله ، وجهك جمال منتشي ، حتى عيوني قالت ببعثرة : وجهه لوين ينتمي؟ . . . هذي مني والله ماهي مسروقة، إلا إذا كنتِ نسيتيها؟!
التمعَت عيناها بقوّةٍ لتلك الكلماتِ المُبعثرةِ على شفتيه، تلك الكلمات القديمة التي اخترعها هو في لحظةٍ ما وكان يغنيها لها بلحنٍ سريع، لحنٍ يبعث في روحها المراهقةِ سعادةً في سنواتٍ انطوَت تحت كنفِ تدليلهِ لها، قبل أن تتغطّى عنه، في لحظةٍ ما كانت تجيئه تبكي وتشكي له " الناس تقول عني شينَة "، ولأنها كانت وقتها في فترة المراهقة فملامحها لم تكن قد نضجَت وكانت تنتحي عن " عاديـة " بمراحلَ تُبكيها وتهزُّ ثقتها لتجيء كلماتهُ التي أطلقها مرةً أمام وجهها بنبرةٍ حنونةٍ واختزنَ عقلها تلك الكلمات.
ابتَسمت شفاهها بحنينٍ لذاك الدلالِ منه، وارتعشت حدقتاها وهي تتنهدُ بحنينٍ وتهمسُ بصوتٍ عميق : أحب هالكلمات
فواز يضحك : غبية هالكلمات ، بس كمان أحبها
هزّت رأسها بالنفي وهي تُدير كامل جسدها إليه وتبتسم ابتسامةً لأول مرةٍ يراها عاشقـة : ماهي غبية .. تجنن! كانت دواء لي ولبشاعتي
عقدَ حاجبيه وهو يحتضن وجهها بكفيه، وبنبرةٍ عميقةٍ يقبّل بها اهتزازها : بالعكس ، أنتِ أحلى من شافتها عيوني، أنتِ أجمل وحدة مرّت عليْ ومستحيل أشوف أي انسانة كبر جمالك اللي يهزني ، أنتِ نقشتي على ملامحك جمال ما يشوفه أي عابَر
أغمضت عينيها بقوةٍ وهي تفغر فمها في آهةٍ خافتةٍ متحشرجةٍ تعبر المحيطاتِ السبع، تشقُّ الأراضي في انتفاضةِ ريحٍ دافئة، في ومضةِ ضوءٍ تُشارك الشفقَ في جمالهِ الصارخ، يا الله! يا الله! يا اللهُ وحسْب! ما أشدّ ذلك على قلبي، ما أجمل كلماته، عنيفةٌ في عمقها، يا الله! أنا ضعيفةٌ أمـام هذا الكمِّ من القولِ الذي إن قِيلَ أهلكَ قومًا في صومعةِ منامهم، قلّب الوجعَ في مشواةِ المماتِ ودثّرهُ بالماضي الأليم، كيفَ تجيء كلماته بهذهِ القوّة لتلكم كل وجعٍ في صوتي وتُحيل الصمتَ إلى فرض؟ لتُحقّق قول " الصمت في حرمِ الجمال جمال "، وأنا صمتُ في حرمِ كلماتك، في حرمِ نبرتك، عينيك .. آهٍ من عينيك! شريعةٌ سقطتُ مؤمنةً بها والكُفر بها حدّهُ القتل.
شعرت بشفتيه الدافئتين تلامسان جبينها برقّة، وارتعشَت شفتاها لتزمّهما وهي تزدرد ريقها، وما إن ابتعد سانتيمتراتٍ قليلة حتى هتف ببحةٍ وهو يبلل شفتيه بلسانه : كوني واثقة إنّك جميلة ، لا عاد أسمع منك مثل هالكلام
فتحَت عينيها الواهنتين وهي تومئ بإدراكٍ غائبٍ ليبتسم ويُداعب شعرها بكفه، لافظًا بحُب : متى ينتهي هالأسبوع بس! ... يلا بتركك تلبسين لأني ما أضمن نفسي أتهور الحين
احمرّت ملامحها وهي تستدير عنهُ بقوةٍ وتضع يدها على صدرها، حينها تصاعد صوتُ ضحكِه وهو يبتعد عنها ليخرج، بينما ابتسامةٌ واسعةٌ ترتسمُ على وجهها، اللهم لا تحرمني شخصًا داعبَ قلبي بكلماتِه كما هو.
،
في أجواءٍ أخرى هادئة، فتحَ البـابَ وهو يحرّك عنقهُ في مدارٍ دائري حتى يبعث القليل من الليونةِ في تصلّبه، شفتيه تتمتانِ بالإستغفارِ مرارًا وتكرارًا بينما عيناه مُغمضتانِ بالإرهاقِ والصداعِ الذي يُهاجم رأسه، أغلقَ البابَ من خلفهِ وهو يفتحُ عينيه لينظر لغزل التي كانت تجلس أمامَ التلفازِ بانشداهٍ ولم تنتبه إليه لصوتِه المرتفع، ابتسمَ بخفةٍ وهو يرفعُ صوتهُ بالسلام، حينها أدارت رأسها إليه لتبتسم تلقائيًا وترفعَ جهاز التحكّم مُخفضةً الصوتَ العالي للتلفاز، وبابتسامةٍ حيوية : أهلين
سلطان بحزمٍ رقيقٍ دون أن يفقد ابتسامته : مو قلتلك ردّي السلامات!
تنحنحت بإحراجٍ لتهتف ببحةٍ خافتـة : وعليكم السلام والرحمـة
اقترب منها وهو يُنزل شماغهُ ويرميه على إحدى الأرائِك المُنفردةِ بإهمال، ومن ثمّ ارتمى بجسدهِ بجانبها ليزفرَ بإرهاقٍ شديد، بينما بقيَت نظراتها تتابعُ انحناءاتِ ملامحه بصمت، قبل أن تهتف بخفوتٍ متسائل : شفيك؟
سلطان يُدلّك رأسه قليلًا وهو يُغمض عينيه : مصدّع شوي
فتحَ عينيه قليلًا لينظر إليها ويسألها بجدية : صليتي؟
أخفضَت نظراتها بتوترٍ وهي تهزُّ رأسها بالإيجاب، حينئذٍ ابتسمت شفاهه : كويّس، ما صرت أعلمك قبل ... حبيت هالتقدّم
غزل تبتسم بشفافيةٍ وإحراجٍ وهي ترفعُ يدها وتُعيد خصلات شعرها للخلف، بخفوت : وأبشرك حفظت لي سورتين غير الأولى بعَد
سلطان بابتسامةٍ تتّسع براحـة : الله يثبّتك ويزيدك من فضله
بللت شفتيها وهي ترفعُ أنظارها إليه، وبنبرةٍ خافتـة : أقولك شيء وما تزعل؟
سلطان يعقد حاجبيه قليلًا : وشو؟
غزل بتردد : ما أحس إنّي مبسوطة باللي أمشي فيه ، ما أدري شلون أوضّح لك بس صعب أتقبّل تغير هالكبر في حياتي بظرف يوم وليلة
سلطان بجدية : بكون غبي لو فكّرت إنك راح تحبّين الوضع بهالسرعة، إنك تدخلين بشيء ماقد تعمّقتي فيه غير عن دخولك له بعد ما قريتي عنه وشفتيه وانجذبتي له .. طبيعي ما تتأقلمين خصوصًا إنّك تسوين اللي تسوينه عشان بس توفِين لاتفاقاتنا، أنا منتظر منّك التقدم شوي شوي، ومبسوط إنك بأسبوع صرتِ تصلين من نفسك وعليها حافظة سورتين من غير السورة السابقة
رمَشت بعينيها وهي تتنهّد بعدَ كلماته، وبصوتٍ فاتر : ما أحب أسوي شيء ما أحس بقيمته وأنا أسوّيه!
سلطان بجبينٍ مُقطَّب : قلتيها، ما راح تحبين شيء ما تحسين فيه ... عشان كذا حسِّي فيه
غزل بانهزام : كيف؟
سلطان يُحيط كتفيها بعفويةٍ بحتة أصابتها بالتوترِ والإرتعاش، وبابتسامةٍ هتف : هذا خليها علي ، موافقة؟
هزّت رأسها بالإيجابِ وهي تزدرد ريقها لحركتهِ العفويةِ التي جعلت رائحته تخترق أنفها، فغَرت فمها وتنفسها ينحصرُ بعطره، عضّت باطنَ خدّها وهي تصرخ في داخلها بأنِ ابتعد، تكرهُ هذا الإقتراب الذي يُضعفها ويجعلها تُدمن شعورًا بالأمـانِ قربه! تكرهُ هذا الإقتراب وتدمنه، وتكره هذا التناقضَ الذي تحمله تجاهَ دفء جسده . . أغمضَت عينيها وهي تستسلم هذهِ المرّة ككلِّ مرةٍ لتناقضها وإدمانها، واسترخت تستشعر دفء ذراعهِ حول كتفيها وشاراتِ الدفء المنبعثةِ من صدره، ولم تكد تغرقُ في استرخائها حتى شعرت بذراعهِ تسقطُ عن كتفيها لتشعر بالخواءّ فجأةً والبرودةِ تعبرُ مساماتها، فتحَت عينيها بضياعٍ لتنظر إليه وقد رفعَ كفّه ليضعها على رأسه، حينها ثبّتت اهتزازها وهي تزدردُ ريقها قبل أن تهتف بخفوتٍ مستنكر : باقي مصدّع؟
سلطان بألم : ما عليه شوي ويروح
غزل بعفويَة : تبيني أدلّك لك عشان يخف؟
وجّه نظراته إليها وهو يبتسم : تعرفين؟
غزل تهزُّ كتفيها بابتسامةٍ مُحرجة : لا ، بس بجرب يمكن أخففه لك شوي
ضحكَ بخفوتٍ وهو يميل برأسه قليلًا ويمسّد عنقه : أجل بصير حقل تجارب على يدك؟ ما عليه يا غزالتنا الحلوة نطيّح راسنا تحت رحمة يدينك
ارتعشَت أعضاؤها للفظهِ " غزالتنا الحلوة " بكلّ تلك الإنسيابيةِ والبساطة، ما الذي يفعله؟ ما الذي يظنّ أنه يفعله؟ بالله عليهِ ما الذي يفعله!!! . . عكَفت لسانها داخلَ فمها وهي تُحاول رسم ابتسامةٍ رقيقةٍ على شفتيها المُكتنزتين، عفويتهُ وانسيابته في الحوارِ مُهلكة! يظنُّ أنه يمتلك من البساطةِ الكثير لكنّ البذخَ في كلماته كبيرٌ بدرجةٍ لا تناسبهما، ويجب أن يتوقف!!
مررَت لسانها على شفتها العُليا وهي تمسحَ أفكارها تلك وتزحفُ لنهايةِ الأريكةِ لتضعَ الوسادة الناعمة بجانبها وتهتفَ ببحةٍ وهي تُشير إليها : حطّ راسك هنا
ضاعفَ من مجال ابتسامتهِ أمام نطاق بصرها ليُخفض جسده قليلًا ويضعُ رأسه على الوسـادة، حينها نظرت لهيئته على الأريكة التي لا تحمل جسدهُ الطويل وكان جزءه العلوي فقط هو من يتمدد على الأريكةِ بشكلٍ جانبيٍ على يُمناه بينما ساقيه يتدليان على الأرض، ضحَكت رغمًا عنها على شكلهِ الطريفِ وهي تغطي فمها لتُخفي ضحكتها، لكنّه انتبهَ لضحكتها القصيرةِ قبل أن تقطعها ليرفع نظراته إليها باسمًا : تضحكين على شكلي هاه؟
غزل بنبرةٍ ضاحكةٍ تصتدمُ بكفّها ما إن تخرج لتصل أذناه مختنقة : سوري ماراح أضحك مرة ثانية هههههههههههههههه
سلطان بابتسامة : ما عليه بتغاضى عن ضحكتك عشان المصلحة العامة بس ... يلا أبدي راسي بينفجر
مدّت كفيها بترددٍ إلى رأسه، وابتسامتها مُحيَت فجأةً بارتبـاك، زمّت شفتيها وهي تقاومُ رغبتها بالوقوفِ والإنسحاب عن عرضها، فما إن حانت منها نظرةٌ إلى شعره الكثيف حتى ارتعشَ جسدها، هل ستلامسه؟ ستتخلخله؟! ما هذا الجنــون!!
ضغطَت على نفسها وهي تتحمّل عرضها الغبي فقد وقعَ الفأس بالرأس ولا مجال للتراجع، لامسَت شعره الناعمَ لترتعش أناملها، ثمّ تخلخلته ليستقرّ باطنُ أناملها على فروةِ رأسه، ازدردت ريقها الذي مرّ بعمليّة التبريد فجأةً وتصلّب، ثمّ بدأت تضغطُ بأصابعها على رأسه وتحركها بين غابـةِ شعرهِ الأسود، سمِعت تنهيدةً عبرَت من بين شفتيه وهو يرتخي أسفل يدها الباردة، لتبتسم بتوترٍ رغمًا عنها وتُكمل ما تفعل بعد أن أشفقَت عليه.
مرّت الدقائق وهي تدلّك رأسهُ وعيناها تتأملانِ ملامحَ وجههِ المُسترخية، كان مُغمض العينين فاستطاعت تأمله بكامل أريحيتها، وفي لحظةِ جنونٍ كانت رغبةٌ كبيرةٌ في صدرها تصرخ كي تُلامس عوارضه، وتعمّق جنونها للوصولِ إلى رغبةِ تلمّس فمهِ الواسع . . التوت معدتها بتوترٍ وشفتيها ترتعشان، ما الذي تُفكِّر به؟ هل جنت؟! نعم جنّت . . أغمضَت عينيها بقوةٍ وهي تزفر، تشعر بحلقها يجفُّ وجسدها تُصيبه السخونة، ماذا سيكون وضعها إن قامت بجنونها ذاك؟ إن فتح عينيه ونظر إليها مستنكرًا لما تفعله، لقدْ جنَّ جنونها وأصابها مسٌّ ما، كيف تفكر بذلك؟!
هزّت رأسها بالنفي دونَ شعورٍ محاولةً طرد تلك الأفكـار، وانتفضَت فجأةً ما إن سمعت صوته يصلها بكلماتٍ هادئة : تعبتي؟
فتحتْ عينيها بذعرٍ من فكرةِ أنه ينظر إليها، لكنّ الراحـة أصابتها وهي تراه لازالَ مُغمضًا عينيه . . ازدردَت ريقها بضعفٍ وهي تشعر برغبةٍ في البقاءِ ملامسة لشعرهِ بما أنها لا تسطيع ملامسةَ وجهه ... يا الله ما الذي أصابها!!! . . هتفت بتوتر : لا عادي ما تعبت
سلطان يبتسم بشفافيـة : جد والله ترى ما ودي أقولك وقفي طمّاع أنا ، بس إذا تعبتي وقفي من نفسك
غزل تبتسم باضطراب : تمـام
سلطان بأريحية : خلينا نفتح سالفـة نسولف فيها بدل هالسكوت .. تعرفين تطبخين؟
توترْت نظراتها بإحراجٍ وهي تهمس : ليه تسأل؟
فتحَ سلطان عينيه ليوجّهها إليها وهو يبتسم : أبي أذوق طبخك بيوم
سحبَت شفتها السُفلى لداخلِ فمها عن طريقِ أسنانها العلوية دون أن تُهلكها بالمزيدِ من العض، وتوتّرت أحداقها بنظراته، وبخفوتٍ تشتت عينيها : ما أعرف أطبخ
سلطان بإحبـاط : اوووه وش ذي النحاسـة
غزل بضحكةٍ متوترة وهي تشدّ على فروته دونَ شعور : عاد ذا اللي صار شسوي؟
شعر بتشنجاتِ يدها على رأسه، وقرأ التوتّر في تحرّكاتها لينظر إليها مبتسمًا وهو يُحاولُ كسر كل ماقد يعكّر صفو أحاديثها معه : تبيني أعلمك؟
غزل رفعت حاجبيها باستغراب : تعرف تطبخ؟
سلطان بابتسامة : وش تتوقعين؟
غزل بامتعاض : كذاااااب
ضحكَ رغمًا عنه لنبرتها المقهورة من تلك الفكرة : ليه انقهرتي طيب؟ غرتي مثلًا؟! . . طلعات البر خلتني أتعلم شوي
غزل تلوي فمها : وش تعرف تطبخ؟
سلطان : أكيد أكلات أكثر منك
غزل تنفخُ فمها : لا تذب
سلطان : أجل لازم تتعلمين عشان تطبخين لي
غزل بموافقة : تمام اليوم العشـاء عليك عشان أتعلم وأنا أشوفك
سلطان : ههههههههههههههههههه بسوي لك مكرونة شرايك؟
غزل بوجوم : مكرونة!! طيب طيب ما عليه أهم شيء نذوق هالطبخ الواو
سلطان : ههههههههههههه كأني قاري بصوتك اعتراض لا قدّر الله؟ خلاص ولا يهمّك مع سلطة
غزل : لا أشوف شعرك في الأكل بس
جلسَ وهو يضحكُ على تعبيرها المغتاظ، لتشعر بالبرودةِ تعانقُ أناملها بعد مفارقةِ فروتِه الدافئة، ازدردَت ريقها وهي تحاول الحفاظ على نظراتها المُبتسمةِ له، باستمتاعها بالحوار، ولن تعكّر ذلك بانجرافها المرعب في هذهِ الأيـام.
،
تخطّت عتباتِ الدرجِ برشاقةٍ وهي ترتدي فستانًا ناعمًا بلونٍ بنفسجيٍ فاتح، يلتف على جسدها النحيل إلى منتصفِ ساقها وشعرها ترفعه بإهمالٍ ليتناثر على جانبي وجهها، ابتسمت وهي تتّجه لعلا، قبّلت رأسها برقّةٍ وهي تهتف بحب : مساء الخير عمتي
عُلا بابتسامةٍ حنونة : يا هلا ببنتي * أردفت بعتاب * ليه ما نزلتي تتغدّين
أسيل تجلس بجانبها وهي تبتسم قليلًا بإحراج : كنت نايمة معليش
علا بعتاب : نويت أطلع لك بس سوزان منعتني ، قالت أكيد لو تبي غداء نزلت
وجّهت أسيل نظراتها لسوزان الجالسـة بينهم، وابتسمت بشفافيةٍ وهي تهتف برقة : كيفك؟
سوزان بهدوء : بخير نحمدالله
أسيل : مسافرة اليوم صح؟
هزّت سوزان رأسها بالإيجاب وهي تبتسم برقةٍ وجمال، حينها زفرَت عُلا بضيقٍ وهي ترفعُ عينيها إليها : بشتاق لك
سوزان تقطّب جبينها بحبٍ لتلك المرأة : وأنا كمان ، حبيتك كتيييير
علا : أنا تعلقت فيه وماني متخيلة يومي وأنتِ مو موجودة
ابتسمت سوزان بشفافية : ليش فين راحت أسيل؟ مرَة ابنك واضح عليها عسّولة
أسيل باحراج : تسلملي عيونك
سوزان : الله يسلمك
تنهّدت علا تُخرس حزنها وهي تنظر لأسيل : شاهين علّمك متى بيرجع؟
أسيل تهزّ رأسها بالإيجاب : قال بيتأخر شوي بشغله
علا : الله يهديه عريس ومتعب نفسه بالشغل
أسيل بابتسامة : لا وش عريس؟ خلاص بنكمل ثلاث أسابيع بعد كم يوم
علا : ثلاث أسابيع ومو عريس؟
أسيل بضحكة : حتى أنا خلاص ماني عروس
علا : أجل تبين تشتغلين وتتعبين نفسك مثل أمس؟ أنا لازم أخلي شاهين يجيب خدّامه
ابتسمَت أسيل تلقائيًا وهي تسترجعُ ما حدثَ في الأمس، إذا دخلَت للمطبخ لتُصدم بشاهين يغسل الصحون، حينها شعرت بالإمتعاض وهي تعاتبه بينما كان يضحك ويبرر لها بأنه اعتاد على ذلك ولا يرى فيه عيبًا، طردته من المطبخ وقامت هي بغسل الصحون ومن ثمّ نظفت المنزل النظيف أساسًا وهي محرجةٌ من فكرة أن ينظف هو وهي جالسةٌ بحجة أنها " عروس ".
أسيل برقّة بعدما سمعت ما قالته : البيت ما يحتاج خدّامه
علا : أنا من زمان مقتنعة أنه لازم خدّامه، أجل ولدي ينظّف وهو رجّال
أسيل بكذبٍ رغم كونها مقتنعةٌ بحديثِ علا : عادي خالتي ما يعيب الرجّال شغل في البيت
علا : لا تكررين عليْ كلامه هالولد عاصي ما يسمع الكلام
أسيل بضحكة : حرام عليك تقولين عن واحد مثله عاصي
علا بإصرار : اليوم لي جلسة معاه
،
هبَطت الطائرة في بروكسيل، كانت ملامحه حانقةً ومتجهمةً والحدةُ تخترقُ وجههُ في صورةِ غضبٍ ومن يقترب منه لن يصيبه ماهو محمود.
تحرّك في المطار والعامل من خلفهِ يتبعه بحقائبه، استلقى إحدى سياراتِ الأجرةِ وهو ينظر من حوله بنظراتٍ باردة، بمزاجٍ متعكِّرٍ بعد أن أُفسدت رحلته تلك باتصالاتِ أعماله من هنا وهناك.
رفعَ هاتفهُ من جيبهِ وهو يفرقعُ أصابعَ يدهِ الأخرى بإبهامه، وانتظر قليلًا ليُردَّ عليه بعد رنّتين، حينها ارتفعَ صوتُ تميم الغاضبِ وهو يهتف : الحين توخّر هاللي يراقبوني والا بنفيهم بنفسي .... تسمع !
أغلقَ الهاتف ليرميه بجانبهِ بعنفٍ وهو يلعنُ كل ما يتعلق بعمله.
.
.
.
انــتــهــى
وموعدنا الجاي المفترض يكون الأربعاء بما أني نزلت السبت، بس بحاول أقدّمه إذا ربي كتب
+ الله يسعدكم ويخليكم :$ ويرحم أموات المسلمين ومنهم من ماتوا في سقوط رافعات الحرم
أشوفكم على خير ()
ودمتم بخير / كَيــدْ !
|