لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > الروايات المغلقة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الروايات المغلقة الروايات المغلقة


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-08-15, 07:16 PM   المشاركة رقم: 386
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئ مميز


البيانات
التسجيل: Jun 2010
العضوية: 174082
المشاركات: 4,029
الجنس ذكر
معدل التقييم: fadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسي
نقاط التقييم: 4492

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
fadi azar غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 

ابدعتي اختي بارت رائع يستاهل سيف ان تجرحه ديما هو دائما يجرحها والان يريد ان يرجع زوجته وابنه بينما ديما حارمها من الامومة يريدها ان تراهم تموت على البطىء أتمنى ان طلب الطلاق منه وترتاح من عزابه

 
 

 

عرض البوم صور fadi azar  
قديم 13-08-15, 05:39 PM   المشاركة رقم: 387
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 




سلامٌ ورحمةٌ من اللهِ عليكم
صباحكم / مساؤكم طاعة ورضا من الرحمن
إن شاء الله تكونون بألف خير وعافية :$



بارت اليوم قصير بعض الشيء، قلتها لكم في البارت السابق بمزحة " محتاجة راحة أسبوع " وطلعت فعلًا محتاجتها لأني ما قدرت اكتب غير أمس واليوم من الإرهاق الكتابي اللي حسيت فيه
بس ضغطت على نفسي وطلّعت هالبارت القصير من خشمي فاعتبروه تصبيرة للبارت الجاي



عمومًا نبدأ على بركة الله
قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر، بقلم : كَيــدْ !

لا تلهيكم عن العبادات



(44)



تراقبُ دخانَ القهوةِ الذي بدأ يستكن، يدها مفرودةٌ على الكتاب فوق الطاولـة، تجلس على طاولةٍ تبتعد عن النافذةِ الزجاجيـة بضع سانتيمتراتٍ حتى تستطيع الشُرب بكامل راحتها دون أن ينتبه إليها أحد، حتى تستطيع استرجـاع الماضي في رشفَاتِ القهوةِ المرة، الماضي والحاضر، المرارةُ والإدمان، المستقبل الرمادي، الأيام التي تتوكأ على صدرها وتصوّرها كعصًا قويٍ وهي الهزيلةُ التي قاربَت على الإنكسَار.
تلك الأيـام، الجميلةُ التي تبعها حُزنٌ وبكاء، آهاتٍ وأنينٍ لازمها ليالٍ ، لازالت تتذكَرُ اليومَ الذي صحوَت فيه من منامها على صوتِ بدر التائهِ في قبورِ الجاثمين، الذابلِ كوردةٍ في بستانٍ امتلأ بالزهورِ الناضجة/الجميلة. لازالت تتذكر كل الكلمات التي لفظها لها وملامحهُ تلفظ كل الإستيعاب وكأنه آليٌ يتحرك دون حياة.
" عظّم الله أجرنا في أبونا وأمنا ، وعظّم الله أجري في نفسي! "
تتذكر كل الجمَلِ التي قالها، كل الحزن الذي تذبذبَ مع صوتِه، كل آهةٍ لفظها بخفوتٍ بعد أن عزّى ذاته في فقدهِ وجلس على الأرض ليُغطي وجهه ويبكي ، لأول مرةٍ تراه يبكي! لأولِ مرةٍ ترى هذا الحزن العالي في صوتِه، ثلاثةٌ في يومً واحد! في مؤامرةٍ واحدة! في فقدٍ واحد، ثلاثةٌ جعلت ردّة فعلها صمتٌ طويلٌ لم تنفكّ منه إلا بعدَ ثلاثِ ليالٍ لتغرقَ في حزنها وبكاءٍ حزين ، تُعاقرُ سريرها أيامًا وليالٍ سوداء غابَ منها النهار، تتزمَّلُ بالدموعِ وصوتِ من فقدت وهم غارقون في عقلها، ثابتون في تنفّسها.
تنهّدت بضيقٍ وهي تنظر للقهوةِ التي تسللت إليها برودة الصباح وفقدت سخونتها، مرَّ على خروجها ثُلث ساعةٍ بقيَت فيها تتأمل تصاعدَ دخان القهوةِ حتى انطفأ، تغرق في أفكارها فقط، لم تشرب ولم تقرأ، فقط اقتصّت لعقلها الملكومِ وجعلته يتحررُ خارجَ شقتهم المراقبةِ والتي فاحَ منها رائحةُ الملل.
نهضَت وهي تعدّل لثامها وتتناول الكتابَ لتضعه في حقيبتها، دفعَت أجرَ القهوة التي لم ترتشف منها سوى الدخان لتخرجَ وتتنفسَ هواءَ الصباح بعمق، تُغمض عينيها على صوتِ زغزغةِ العصافيرِ وأصواتُ الناسِ من حولها، على رائحة بروكسيل التي مضت فيها أربَع سنينَ ضوئيةً فيما تُسمى بعمق الطول الذي شعرَت به، مُظلمةٌ في ما احتوته، مُصمتةٌ في الحُزن، يعبر الهواءُ عبرها ليُصدر صريرًا أشبهَ بالبُكاءِ الذي تستنزفهُ كل أعضائها، ليست عيونها هي فقط من تبكي، ليست حنجرتها فقط من تنتحب، كل جسدها يبكي وينتحب، ويهتف بحزنٍ كم " تألمَت ".
تنهّدت بوجَعٍ قبل أن تتحرك، يجب عليها أن تعود بسرعةٍ قبل أن يصحو بدر، هذا إن لم يكن قد استيقظ منذ زمن، لكنه إن كان بالفعل قد استيقظ فأول ما سيفكر بهِ هو الإتصال بها إن لم يكن البحث عنها.
دخَلت للمبنى وهي لا تريد العودة فعليًا لكنها مضطرة، وقفَت أمام بابِ الشقّةِ لتفتحه بهدوءٍ وحذر، وحينَ دخلت ووجدت المكان والسكون كما تركته لتزفرَ براحةٍ وتدخل على أصابعِ قدميها حتى وصَلت إلى غرفتها ودخَلت مُغلقةً الباب خلفها بكل هدوء، وكأن ما كان لم يكن قد كان.


،


الهواءُ ينسحب، النارُ تشتعل في شكلٍ خفي، النظرات إن كانت تقتل لقتلت الآن وأسقطَت كلًا منهما صريعًا، هذه الغرفةُ تضيق بالأكسجين، تضيقُ بالكلماتِ التي سقطَت بينهما كما لم تسقط من قبل، انحسرت الأمواجُ عنها والصمت، وارتفعَت فوقَ الجبال لترشقَ نفسها في شكلِ سهمٍ إلى صدرهِ مباشرة ... بقيَت نظراتها معلّقةً به، بنظراته المتفاجئة لما قالت، التي انتثر الإستيعابُ عنها وبقيَ في عينيه يسكنُ الرجاء لكونه لم يسمع، أو أصاب حسّهُ شيء، لأول مرةٍ تشعر بالإنتشاء، بالمتعةِ تنتشر في أوردتها وهي ترى نظراته، انتقلَت الساديّةُ إليها منه، انتشَرت في ابتسامتها الراضيَة بالصدمةِ على ملامحه، في نظراتها التي التمعت برضا، لن تخاف! ولمَ تخاف؟ ماذا سيفعل؟ من يخون لا يقوى على شيء، من يخذل امرأةً أحبته بكل صدقٍ لن يتحلى بالقوّة سوى في هزمِ نفسه، ليس الرجلُ من يرى امرأتهُ تبكي جرحًا منه ويمضي، ليس الرجلُ من ينتشر الأسى في ملامح زوجته ويصد .. تلك هي الضربة القاضية يا سيف، قاضيتكَ سبقت، وقاضيتي لحقَت، والبادئ أظلم.
سمعت همسةً تسللت من بين شفتيه بصوتٍ باهت كبهوتِ نظراتِه المصوّبةِ نحوها : ولدِك؟
رفعَت ذقنها بتحدٍ إليه، كل شيءٍ وراءها لفظته، كل شيءٍ أمامها باتَ فقط هي وابنها بعد كل ما جاءها منه ومن خشخشةِ هذا الحبِّ الذي سكَن وغمّد قلبها في حُجرةٍ سوداء، مُخلفًا نتوءً في صدرها لن يزول، هتفَت بصوتٍ رغم بحّةِ البُكاءِ فيه إلا أنه ثابتُ النبرةِ بتحدي : أيه ولدي ، أنا حامل يا سيف
نظرَت إليه وهو يتراجع ويفغر فمهُ مُحاولًا استنشاقَ الهواء، عيناه تتسعان بها دون تصديق، وكأنه الآن لم يسمع سوى كذبة إبريل، لكننا لسنا في إبريل، لسنا في مسألةٍ تحتمل المزاح!! ونظراتها القاتلة تختم على ما قالته بختم الصدق، بختمٍ اخترق صدرهُ في صورةِ جرحٍ عميقٍ لن يلتئم، جرحٌ أكبر من سابقه، جرحٌ لم يتخيّل يومًا أن يأتيه منها، الصدمةُ التي اعتلْت ملامحهُ كانت مسرحَ الإرضاءِ لها، وصمته الذي أطبق على المكان كانَ الداعي لاسترخـاء جسدها في شعورٍ كبيرٍ بالإنتصـار، بعد كلِّ ما فعله بها، بعد كل جرحِه لها، كان من الأحرى أن تتسلل رغبةُ الإنتقامِ إليها رويدًا رويدًا وتنتقم فعلًا بشكلٍ غيرِ مباشر، أنتَ من أسكن فيَّ هذهِ الروح، أنت من افتعلت هذا الظلامَ في نفسي وحطّمت ديما المُسالمة، ديما البيضاء التي كرهتُها واستنفذتَها أنت قليلًا قليلًا، متمهلًا بساديةٍ انتقَلت إلي في هذهِ الإبتسامةِ التي تعتلي شفاهي، أنتَ موطنٌ غدرَ بشعبِه، أُحبّه، لكنّ جرحه قاسٍ، والهُجرانُ منهُ فرضٌ لأحيا.
بللت شفتيها الجافتين قبل أن تسند كفّيها على الأرضِ وتنهضَ مُستقيمةً لكنّ الوهن لازال مُصاحبًا لجسدها بالرغم من قوّة نظراتِها وصوتها، لذا جلست على الأريكةِ وهي تمسح الدمعَ من وجهها ونظراتها لازالت معلقةً بهِ ينظر حيث الفراغ وكأنه لازال يحلل ما سمِع، حينها هتفت بابتسامةٍ ساخرة : عادي ، علاقتنا دايم تحرقها أنت، ما يمنع إني أجرب مرة وثنتين وثلاث أحرقها بعد
ارتفعَت أنظارهُ إليها، سكَن لثوانٍ والكلماتُ تسكن في حنجرتهِ كما كلّ أعضائه عدا تنفّسه، اقتَرب منها خطوةً وهو يعضُّ طرفَ شفتهِ ليهتف بصوتٍ غادرهُ الوعي : شلون؟
رفعَت حاجبيها وسؤاله فهمته جيدًا، لكنّها أجابت بسخريةٍ مريرة : بعَد شلون تحمل المرَة؟
كانت إجابتها الساخرة مدعاةً لتحتدّ نظراته ويصرخ بغضبٍ فجأة : شلووووون حملتي؟ شلوووووووون؟؟؟؟
لم تنتفض هذهِ المرّة لصراخه، بل التوت ابتسامتها الساخرة وهي تقف رغمَ الضعف في ساقيها، لتترنح قليلًا قبل أن تثبَت رغمَ الفراغِ الذي يسكن جسدها، ورغمَ رغبتها العارمةِ في السقوط على فراشها نائمة، إلا أنّها لم تكن من الضعف بحيث تنسحبُ في منتصفِ الحديث، لم تكن من الضعفِ بحيثُ تترك كلمة " ولدي " معلقةً بينهما يتبعها صمتهُ وصمتها، كُشفَ خُلاصةُ الموضوع، ولن تخشى أن تكشفَهُ كلّه.
ديما بثقةٍ وهي تضعُ كفّها على بطنها وتنظر في عمق عينيه التائهتين : تذكر يوم رحت المستشفى؟ وقلت لك وقتها كان عندي جرثومة ببطني؟ طبعًا كانت أول كذبة بيننا ، وألذ كذبة
اتّسعت ابتسامتها أكثر وهي تمدّ يديها لتضعهما على كتفيه وتردفَ بمكرٍ لم تتحلى بهِ يومًا، وكأن ديما قد غابت عن ملامحها وتلبّسها ماهو شيطانٌ يتمتع برؤية الصدمةِ على وجهه : يومها استخدمت ابرة تفجيرية ، وانتظرت بس إن الله يحقق لي اللي أبيه ، اللي بكل قلبي أبيه ..... كُن، فيَكون.
تراجَع للخلفِ بعد أن أمسك بكفيها ورماهما عن كتفيه، ارتفعَ صدرهُ بقوّةٍ ونظراتهُ يُشتتها هنا وهناك وكأن هذه الصدمةَ أكبر منه، أكبرَ من احتمالـه، أكبرَ من كل كلمةٍ قد تعبر بينهما وتضيع، ضياعهُ الآن أكبر، ونظراته التائهةُ على ملامحها الغريبةِ عنه مُظلمة! مُعتمةٌ لا يرى أمامه إلا إنسانًا يجهلهُ أضاعت عنه ديما، أو أنّ المسافاتِ امتدّت حتى باتت مشوّشةً له، المسافاتُ ازدادت أمتارًا وباتَ لا يرى جيدًا، كلّ الصور تشوّشت عن ناظريه، وكلّ الكلمات باتت لا تدخلهُ جيدًا ولا يفهمها، هل كل هذا حلم؟ حلمٌ افتقَر إلى الظلام؟ إلى حفرةٍ يتهاوى فيها؟ حلمٌ جاءهُ فيه شيطانٌ تمثّل بهيئة زوجته وتحدّث عنها بما ليسَ فيها ، أم أن الواقـع شيء، والأيام شيء، والمكان شيءٌ والزمان مُحرّكٌ للبشَر، محركٍ لشخصياتِ البشر، لتحوّراتهم وتغيّراتهم حتى وقفت ديما أمامه بهذه النظرات التي تغرس نفسها في صدرهِ وتقتله.
انفرجَت شفتاهُ عن همسةٍ واهنةٍ كادت ألا تسمعها، لكنّ الصمت المطبق والسكون في المكان جعل وصولها إليها أكثر ليونة : استغفلتيني؟
عضّت طرفَ شفتها السُفلى تُخرس ابتسامتها الساخرة، التي بالرغم منها كان في زواياها خيبةً وألم، كان في زواياها رؤيةٌ بعيدةٌ لمحيطٍ كُوّنَ بينهما، لمحيطٍ اتّسع حتى كان أضعاف المحيطاتِ السبع، كان أضعافَ الأرض، همَست بابتسامةٍ مُتأسيةٍ بالرغم من كل العنف في نظراتها : ما استغفلتك ، مثل ما أنت منعتني، وجرحتني، أنا حققت اللي منعتني فيه، وجرحتك ... بس كذا ، دين ورديته لك
إن كانت الكلمات وخزًا في الخاصرة، فهي كلماتها، وإن كانت النظراتُ سهمًا في الأضلع، فهي نظراتها .. أغمضَ عينيها للحظتين امتدّت للحظات، لعقدين من الزمانِ ودهرين ينتظر فيها شيئًا يوقظه من هذا المنام، من هذا الحلم البائس، من هذهِ الصدمةِ التي كانت أقوى منه، عضّ شفته السُفلى بقوّةٍ وهو يفتح عينين تشتعلان بقهرٍ أكبر من سابقه، وقدماه تحرّكتا حتى وقف أمامها تمامًا لترفع نظراتها الثابتة إليها بتحدي وكل خوفها السابق والماضي في ردّةِ فعله إن علم وأنه - قد يتسبب في فقدانها لابنها - نسيَته. رفعْ يدهُ اليُمنى للأعلى حتى استقرّت سبابته أسفل ذقنها ليرفع وجهها أكثَر إليه، وكفّه اليُسرى استقرّت على بطنها ليهتف بصوتٍ حادٍ مختنقٍ بسهامها : فرحانة فيه؟
ابتسَمت بحزنٍ وهي ترفع كفيها لتضعهما على كفهِ التي تستقر على بطنها، وبصوتٍ يمتلئ فيه الغصاتُ هتفت بخيبة : أيه ، فرحانة فيه ، حيييييل فرحانة ... يا حبيبي هو، بينسيني وجع أبوه
زمَّ شفتيه وهو يضوّق عيناه، ينظر إليها بمشاعرَ ضيّقةٍ تكاد أن تتفجر، بصوتٍ ضيّقٍ يكاد أن يخفَت وينتهي زمَنه، همسَ بقلّةِ قوّة : لهالدرجة كان أهم مني؟
نظرت إليهِ مطوّلًا، ويديها شدّتا على كفهِ بقوةٍ دونَ شعورٍ وهي تعضّ طرف شفتها السُفلى بفقدانٍ لكل شيء، قبلًا كان فقط فقدانها لحبهِ وحنانه، والآن لهُ كلَّه ... تقوّست شفتاها وهي تُخفض نظراتها بوَهن، وبصوتٍ مُتحشرجٍ تنطفأ فيه الحياة : أنت بيكون لك عائلة غيري، ما عاد تحتاجني، هو يحتاجني أكثر
سيف بحرقة وغضَب وهو يرفع سبابته عن ذقنها ويوخز وجنتها بها : ما يهمني لا الحين ولا المستقبل ، لهالدرجة كان أهم مني يوم فكرتي تتمردين؟
أغمضَت عينيها بألمٍ من حركتِه، وتقوّست شفتاها بحرقةٍ وهي تشدّ على أسنانها وتعود لفتح عينيها ناظرةً لعينيه الغاضبتين بغضبٍ آخر، بحرقةٍ أخرى وتمردٍ يغنيها عن كل قوةٍ أخرى : هالتمرد ما كان عشاني بس كثر ماهو عشاننا، أنا ماني بأنانيتك، حتى بشغفي ماني بأنانيتك .. كنت بكل ليلة أحط يدي على بطني وأقول راح تزين، يمكن تزين فيك، يمكن تصير علاقتنا أقوى فيك، يمكن يحن! صح إنّي كذبت عليك كثير، بس كله ما كان عشاني بس ، كان عشاننا، كنت أفكر فينا ، فينا كلنا، بس أنت تفكر بنفسك، عندك ولد ومكتفي، وأنا راميني بالزواية مجرد اسم زوجة ويخب علي بعد ... أنتَ وش؟؟! منت إنسان، منت إنسان والله
قالت آخر كلماتها ودموعها تسقط من جديد على وجنتها، من ذا الذي يمسح الدموع حين تهوِي؟ من ذا الذي يكفكفُ النحيب حين يعوِي، أنتَ ماذا؟ في اقترابك تُبكيني فقط، لا تمسح الجرحَ بعد افتعالِه، لا تُخرس الوجَع بعد استثارتِه، كلّ ذلك في اقترابك، والآن في بعدك ماذا؟ بعد أن تشاركني بكَ امرأةً كانت مشاركةً لي أصلًا منذ ابتدأنا، منذ التقينا وابتعدنا، غابَ الصباحُ وانتشر المساءُ فينا يا سيف، يا من كنت لهُ الغمدَ حتى أأويهِ وكان يكسرني دون رضا بي.
ابتسَم سيف ابتسامةً فقدت روحها وهو يتراجَع للخلف ويزفُر بتذبذبِ الأسى في صدرِه، بتراقُصِ الخداعِ في حُنجرته حتى حُشرت كلماته بعد صدمتهِ الكبرى منها، من كان يتوقع أن الموضوع أكبر! لم يقتصر فقط على تلك الكذبةِ التي اكتشفَ أنّها لا شيء، لم يقتصر على عنادها لهُ بل كان الموضوع أقوى وأعنفَ على صدرِه، كانت خيانـة! واللهِ خيانةً فاقَت معنى الخيـانةِ الفعلي.
هزّ رأسه يمينًا ويسارًا وهو يُحيط صورتها بإطارٍ غيرِ الإطار السابق، بإطارٍ غير - البراءةِ - التي كان يراها فيها، ظهَر مكرُ الإناث، الزمانُ يُكرر نفسه، الأحوالُ تكرر نفسها والخذلانُ ينقش نفسهُ على جبينهِ مرةً أخرى ومن الأنثى التي كاد يُقرُّ بأنها مُختلفة، بأن جوهرها لامِعٌ مهما كانت عمق المشاكِل بينهما.
زفَر للمرّة الأخيرة وهو يبلل شفتيها وينظر لعيناها التي يتماوجُ فيها الدمع رغم نظرتِها الشامخة، حينها التوت ابتسامته في سخريةٍ من نفسه وهو يقترب منها ناظرًا في عينيها الثابتتين دونَ خوف، ليُحيط وجهها أخيرًا بكفيه وشفتيهِ تفتران عن نبرةٍ متأسِّيَة : لا تكذبين مرة ثانيَة، الكذب مهما حكيتي فيه ما يليق لك ، أنا أناني ، وأنتِ بعد لا تنكرين إنّك بلحظة فكرتي بنفسك وبس ... ما كان عشاننا ، لا تنكرين.
عقدَت حاجبيها دون أن تفقِد نظرتها القوية، بينما اتّسعت ابتسامتهُ وهو ينحني نحو أذنها ليهمسَ بعمقٍ وخذلانٍ عبره : مبروك على حملك ، الله يجعله خير لِك ، وخير لي إذا أنتِ تبين!
كيف ينسى؟ كيف يغفل؟ كيف هرِم عقله عن تلك الفكرة؟ كيف واتته للحظةٍ أنها مختلفة؟ ليُكرر الخبث أخيرًا نفسه في عينيها ويرى " تمرد بثينة " وعجزه للمرّة الألف، ليرى كم أنّ لا قرار له، لا سيطرة له، من أسوأ ماقد يشعر بهِ الرجل أن تكون كلمته لا شيء وسيطرته معدومةً أو شبهَ ذلك، أن يكون عند امرأته مجرد " زوجٍ " في العلاقةِ الجسديَة، بينما تسقط منه بقيّة الحقوق، أليسَ الرجل هو من يملك زمامَ الأمورِ ويحكُم منزله؟ أليسَ هو عماد البيت؟ لمَ إذن يرى غيرَ ذلك في العلاقتين؟ لمَ فشِل؟ لمَ أثبتتا لهُ أنّه ضعيف، وأشعرتاه بهذا الشعور الآن وبقلَّة الحيلة ، جعلتماني أشعر بأسوأ ماقد يُهاجِمُ الرجل، جعلتماني أشعر مرتين أنني لا أنفع للعلاقات، أنا فقيرٌ في العلاقات، لكنّ الفرق بينكِ وبينها أنّكِ تفننتي أيضًا في بثّ المخاوف في صدري من مسألـة فقدانِك.
لا تسمعين مافي صدري، لستِ بحرًا غرقتُ فيهِ كي تشعري بكل تفاصيلي وأنينِ صدري، كُنتِ سماءً وأنا أسفلك، تمطرين علي بحبك، وأنا خُدعتُ بعطائكِ حتى صرفتُ الخوفَ من أن تظللكِ الغيومُ أبدًا.
قبّل أذنها بعمقٍ وكأنّه بهذا يُرسل إليها خُذلانه، اهتزّت قليلًا مرتعشةً وارتفعَ صدرها باضطرابٍ لازالت حتى الآن تغلّفه بقوّةٍ حقيقية! ليسَت واهيةً هذهِ المرّة، كل مافيها الآن لم يعُد إلا حقيقة، حتى بعد ما قاله وبعد أنفاسِ الانكسارِ المصتدمةِ ببشرتها لازالت تحافظ على قوّتها، على الصفةِ التي بدأت تتعاظمُ في صدرها منذُ بدأ هذا الجنينِ ينمو في أحشائها وكأنّه يمدّ أمه بطاقةٍ تكفي لتعيش وتحافظ عليه، تكفي لتتحلى بوحشيّة الذئـابِ ومكرِ الثعالب.
" الله يجعله خير لك، وخير لي إذا تبين "
بدأ القهر يتسلل إلى صدرها، عصفَت بها الأفكار من تلك الجملةِ التي احتوت معاني ومعاني، احتوت اتهاماتًا باطلةً تجاهها " قاعد يشرح لي في كلامه أني أنانية! ويستأذن مني إن الولد يكُون هو أبوه مثل ما أنا أمه! قاعد يحرني، يتصنّع أنّ مافيه زوج مثله، وأنّه أنا الغلطانة، في النهاية أنا الغلطانة، أنا الغلطانـة!! "
زمّت شفتيها بقهرٍ وهي ترفعُ كفيها لتضعهما على كتفيه وتدفعه، وبنبرةٍ حاقدة : روووح لهم ، روووح للي لها الشوق يهلي ... هذا ولدي سااامع، ولدي وبس ولدي ... ومالك دخل فيه روح لولدك الله لا يوفقك لا أنت ولا أمه ولا هو بعد!!
بلل شفتيه وهو يتراجع قليلًا، بالرغم من صراخها ونبرتها وكلماتها التي مسّت بها ابنه الا أنه ابتسم بسخريةٍ مريرة وهو يهتف بقوّة : لا تظنين انك باللي تسوينه راح تخليني أصرف النظر عنك ، أنتِ زوجتي، وإن جبت ثلاث فوقك ما تقوين تسوين أي شيء .. فلا تخليني أتصرف تصرف ثاني
ابتلَع جرحه منها وكل شيءٍ جاءه، ابتلع مسألة تمردها واستغفاله، ابتلع كل شيءٍ في زمنٍ سريع ووضع في نصب عينيه أنّها مهما فعلت ومهما جرحت لن يتكرر الزمن كلّه حتى نقطةِ الفراق، هي زوجته، والآن تحمل بابنه، ولن يسمح لها بالتفكير حتى بالطلاق ليتكرر كلُّ شيءٍ حتى تشتت ابنه، ليُصبح أخيرًا تشتت ابنيه.
شعر بها تضع كفيها على صدره بعد أن اقتربت منه بسرعةِ البرق وشدّت بأناملهِ على ثوبِه، وبنبرةٍ مقهورةٍ ظهر بها التشنّج والاهتزاز : ما وصلت للمرحلة اللي تجبرني أعيش فيها معك وضرة بيننا ، ماني اللي تجيب فوقها مرَه، ماني هي
شعرَ بتشنج أناملها فوق صدره، بثقلِ جسدها حتى أنها كانت تتشبث بهِ بقوةٍ كي لا تنهزم أمامه بسقوطها، يكفي سقوطًا، يكفي هوانًا فالهوانُ قد ملّ هذا البيتَ الذي تمثّل فيها، يهوَى الهجران لكنّها تتشبث به، لتُطلقه، لتُطلقــه!
ارتفعَت كفاه ليمسك بخصرها وكأنّه يمدّها بغيرِ صدرهِ حتى تتماسك، ثمّ ابتسم بشماتةٍ يردّ بها جرحيْه منها وهو يهمس : إذا مو قادرة توقفين أنا أعين وأساعد
دفعَته بقوةٍ وتراجعت تترنح بوهن، ومن ثم استقامت رغمَ اهتزازِ ساقيها بالنار التي انتشرت في عروقها وهي تهتف بقهرٍ وغيرة امرأة : تدري وش ينقصك؟
سيف يجاريها بابتسامةٍ تحمل ذاتَ قهرِها : وشو؟
ديما : ينقصك تكون عبد شكور عشان تحمد الله عليْ
ضحكَ سيف بصخبٍ ضحكةً تحمل قهرًا، ضحكةٌ يحاول بها غسل الجرحِ الذي في صدرِه بدواءٍ ما : هههههههههههههههههههههههههه وش هالثقة الهائلة يا ديما! ليه ما تقولين ينقصك الذكاء عشان تعرف وش كثر كنت غلطان لما شفتني بعينَ العظمَة * أردفَ بملامحَ تجمّد فيها كل شيءٍ وبقيَت ضحكةً ساخرة * كنتِ عظيمة واكتشفت إنّك ما كنتِ
ديما بسخرية : كنت زوج واكتشفت إنّك جلاد
سيف : كنتِ مع كل شيء جميلة
ديما بابتسامةٍ مهتزةٍ ودموعها لازالت تسقُط كمطرِ الشتاء : وش هالمشاعر الكذابة اليوم ، أنت الوحيد اللي ما ينطبق على مشاعره جياشة
سيف بابتسامةٍ ساخرة وبحرقة : وش يدريك يا جميلة؟
مسحَت دموعها وهي تنظر إليه رغمًا عنها بريبة، ابتسامته الساخرة تدل أنه يكذب، منذ متى كان سيف يعبّر عن شعورهِ نحوها، منذ متى كان لهُ شعورٌ أصلًا؟ .. تتلاعب بي، بعد كلِّ جرحٍ غرسته في جسدي لازلت تتلاعب بي؟ أيُّ خيبةٍ وحزنٍ بعد ذلك يا سيف؟ أي أملٍ بعد ذلك؟
صدّت عنهُ وهي تضعُ كفّها على بطنها الذي بدأت تشعر بأنه يتقلص، قدميها باتتا مخدرتين وتشعر أنّها لن تستطيع حمل نفسها أكثر، لكنها لن تسقط أمامه، لن تسقط!!
هتفت بحدة : روح لهم ، اتركني بروحي لا تخليني أكرهك أكثر
سيف : بروح ، بس مو لهم، عشان أتركك بس وعشان ما تكرهيني أكثر .. هذا إذا كرهتيني اصلًا
لفظ آخر ما قال بنبرةٍ استفزتها وكان هذا هو المُراد، لكنّها تجاهلته، تُريد أن تجلس، فقط أن تجلس وترتاح بعد أن استنزفت لآخرِ قطرةِ حياةٍ فيها ودبّ الألم متمركزًا في أحشائها منتشرًا في بقيّة أنحاء جسدها.
تحرّك سيف بعد أن انتظر منها ردًا ولم ترد، ابتسامته الساخرة تلاشت وحلّ محلها جمودًا لينتشر في كامل جسده، خرجَ من الجناحُ وأفكارهُ تعصف بهِ من كل جانب، تقذفه من شاطئٍ إلى آخر، من عالمٍ إلى آخر، من إدراكٍ لآخر أضيق، من حرقةٍ لأخرى بعد ما فعلته، كل ما حدث الآن حقيقة، كل ما قالته له حقيقة ، ديما حامل! حاملٌ بعد أن نصبَت لهِ فخّ براءتها ... سارعَ من خطواتِه حتى يهرُب من هذا المكان الذي زرعَ فيه ضعفًا وهوانًا للمرةِ الثانية من بعد بثينة، للمرةِ الأولى مع ديما.
لكنّ صوت ارتطامٍ قوي على الأرضِ جعلهُ يقف مكانه للحظةٍ قبل أن تتسعَ عيناهُ بشدةٍ وتتراجعَ خطواته بعنفٍ وعقله يُقرأه أن هذا الصوت ليسَ إلا أمرًا واحدًا، ليسَ إلا سقوطَ جارحتِه.


،


اقتَرب من إحدى الطاولاتِ التي علَم أنها مقرُّ الإجتماع، نظرَ مطوّلًا للرجل الجالس قبل أن يمدّ يده بابتسامةٍ ثقيلةٍ وهو يهتف بصوتٍ متكاسل : الأستاذ مهنا؟
رفعَ الرجل الأربعيني رأسه إلى الواقفِ ليمعن النظر فيه لثانيتين قبل أن يبتسم ويقف مصافحًا له : وصلت ، أكيد أنك تميم الرازن.
تميم بصوتٍ واثق : أيه هو أنا
رحبَ بهِ بحرارةٍ ثمّ طلبَ منه الجلوس : تفضل اجلس
جلَس تميم بخيلاءٍ على المقعد وهو يرفعُ ذقنهُ وينظر بغرورٍ للذي جلسَ أمامه، ملامحهُ كانت شرقيةً حادة لذلك شعر بالنفورِ منهُ أول ما رآه، لذا كانت عيناهُ يغطيها الإزدراء إلا أنه أخفى ذلك ببراعةٍ وهو يهتف : خلنا ندخل مباشرة بموضوعنا أخ مهنا
مهنا بعملية : أكيد طبعًا بس أيش تشرب أول؟
تميم باغتضاب : شاي بدون سكر
طلبَ النادل ليطلب منه كوبًا من القهوة التركية وشايًا دونَ سكر، ثم استدار إلى تميم ليبتسم : ندخل بموضوعنا ، اعتقد الأستاذ سعود وضّح لك كل شيء
تميم بجديَة : أيه وضّح لي
أخرجَ مهنا الملفّات من حقيبته السوداء العملية، ثمّ بدأ يعرضُ عليهِ الأوراق ويشرح لهُ سيرَ هذهِ المُعاملة.


،


سمعتْ طرقًا على الباب حينَ كانت تُمشِّطُ شعرها، وضعَت فرشاة الشعر على التسريحةِ واتّجهت ناحيَة البابِ وهي تبتسمُ رغمًا عنها، مدركةً من وراءه تمامًا، فتَحت البابَ واتسعت ابتسامتها لابتسامةِ سلطان الذي هتف : صباح الخير
غزل بهدوءٍ ولطف : صباح النور ، ما رحت دوامك؟
سلطان : بداوم على الساعة ١٠ .. والحين جيت عشان أطلب منك خدمة بسيطة
توترَت قليلًا وهي تفكر ماقد يكون طلبه، لكنه نفضَت عنها هذه الأفكار وفكرت في أنه سلطان، من قضَت نصفَ الليلِ معه خارجًا وضحكَت معه رغمًا عن كل الحُزنِ في صدرها، وبهمس مُتوتر : آمر
سلطان : ما يامر عليك عدو ، بغيت أعزم الغزال على فطور بمطعم الفندق
توترَت أضعاف توترها وتصاعدت الحمرةُ إلى وجنتها من لفظِ " غزال "، هذهِ الكلمة التي أطلقها لها البارحة بعد حوارٍ طويلٍ بينهما تعلق حتى بتفاصيلَ تخصّها وكانت تخفيها، لا تدري كيفَ تعمّق بها كثيرًا، لا تدري كيف بثّت إليه الكثيرَ دون أن تُحسّ بذلك أو تتوتر، لكنّها كما المرة التي بكت فيها على صدره شعرت بالراحة بعد أن نفضَت عنها الكثير واستقبل هو بكل رحابـة صدر.
قاطعها سلطان من تفكيرها بصوتٍ رقيق : أفهم من سكوتِك الرضا والا شلون؟
بللت شفتيها بلسانها بتوترٍ وهي ترفعُ يدها وتُعيد خصلات شعرها خلف أذنها، وبابتسامةٍ خجولة : موافقة ، بشرط تكون على حسابي
رفعَ سلطان حاجبيه : لا كيف! أنا اللي عازمك يا غزالة
توترَت للمرةِ الثانيةِ من هذا اللفظ الذي يجعل الخجل يتصاعد إلى وجهها، وبصوتٍ مضطرب : أمس كان العشاء على حسابك ، اليوم بيكون الفطور على حسابي عشان نتعادل
سلطان : ما أحب هالحركة وأنا معاك
غزل بإصرار : الله يخليك ، مرة وحدة بس
فكّر سلطان بأن حسابها بالتأكيد سيكون متعلقًا بوالدها، هي لا تعمل أي أن النقود التي معها من أحمد! ولا يدري فعليًا إن كان هذا المال حرامًا أم لا، وهنا كانت المشكلة! حتى وإن كان حلالًا ليس هو من يرضى أن يكون فطورهُ متعلقًا بماله! لكنّه لم يستطع النطقَ بذلك وهو يبتسم بلطفٍ ويهتف بأكبر قدرٍ من الحنان : موافق ، بس ماراح تكون اليوم، مرة ثانية
غزل برجاء : بس !
سلطان قاطعها بحزم : غزل وبعدين! قلتلك مرة ثانية وأنا عند وعدي
مطّت شفتيها بامتعاضٍ وهي تومئ دون رضا، حينها ابتسم لها وهو يقرُّ في داخله بضرورة أن يفتح لها حسابًا جديدًا يضعُ فيه مرتبًا لها شهريًا.
أردفَ بابتسامتهِ التي تجعلها تتأمله كثيرًا لصفائها : بنتظرك لين تجهزين
أومأت للمرةِ الثانية بضيقٍ لرفضهِ لطلبها، وما إن تحرّكت لتعود لغرفتها وتتجهز حتى أوقفها صوته الهاتف باسمها : غزل
استدارت إليه من جديد : هممم
سلطان بملامح جدّية : صليتي فجر؟
توترَت ملامحها وشتت عينيها عنه، مما جعلها يزفر بغضبٍ ويهتف بصوتٍ حاول تخفيف الحدة فيه : وش كان اتفاقنا؟ أنتِ ما جلستي تتعلمين من النت مثل ما حكيتي لي؟
غزل باندفاع : لا لا والله جلست أشوف الطريقة وأحاول أتعلم * أخفضت رأسها بإحراجٍ وهي تُعيد خصلاتها لخلف أذنها ما إن سقطت على وجهها * بس ما أدري ، ما أدري ليه ماقد اندفَعت فعليًا
تنهّد سلطان بصبرٍ يتضاعف معها، كل يومٍ يكتشف فيه أنّه يحمل من الصبر الكثير، أنّه يتّسم بصفةٍ توجّهت نحوها هي خاصةً، صبرٌ عليها ولم يكُن هذا الصبر يومًا على حُزنه، لطالما استسلم لأفكاره المرتبطةِ بكل شيءٍ في الماضي، حتّى أنه البارحـة بعد أن خرجَ معها وترك عاملًا يُنظّف ما كان في المطبخِ لم يرحم نفسه من التفكير لوقتٍ وهو معها ومن ثمّ غرقَ بعيدًا عن مُحيط هذا الموضوعِ وبدأ يتخلخل المواضيع مع غزل رويدًا رويدًا إلى أن عادوا للفندق قُرابة الثانية عشرة منتصفَ الليل، وقتها عاد ليغرق في نفسِ المُحيط ويغرق، يغرق حتى كاد يصل للقاعِ وهو يشعر بالنار التي تمرُّ في أوردتهِ وتُحرقه، احترقَ وانتهى الأمر، بات الآن مجرد رمادٍ لشخص ما لم يحمل الصبر الكافي على ألآمه، لكنّ الرماد كان يتّصف بهذا الصبرِ مع غزل بشكلٍ عظيم، وعظيمٍ جدًا.
أمسكَ بكتفيها ليُديرها قليلًا ناحيـة الغرفة ويهمس بلطف : روحي توضي ، وبشوفك بعيوني تصلين
اضطربت غزل من تلك الفكرة وبدأت تفرك كفيها ببعضهما البعض، وبإحراجٍ وارتباك : لا لا ، خلاص أصلًا ما عاد أبي
زفَر سلطان وهو يرفعُ سبابتيه ليضغط على صدغه وهو يُغمض عينيه ويهمس بـ " يا صبر أيوب " .. عاد ليفتح عينيه ليُمسك كفيها ويرفعها قليلًا وكأنه يُحادث طفلة : وبعدين يا غزل؟ من أمس وأنتِ كل شوي تكررين هالجملة؟ الموضوع ما يحتمل لعب
قوّست شفتيها بطفوليةٍ وهي تهتف بغصة : لا تناظرني
سلطان هزَّ رأسه بمجاراةٍ لها : خلاص ماراح أناظرك ، بتروحين؟
هزّت رأسها بالإيجابِ في تردد، ثمّ سحبت يدها ما إن تركها لتتجه للحمامِ وتبدأ بالوضوءِ بحرص، أولًا كفيها، ثمّ تتمضمض وتستنشق، تغسل وجهها، ثم ذراعيها، ثم تمسح شعرها وأذنيها، وأخيرًا قدمها، بقيَت طويلًا تتعلم هذا في الليلِ عبر الانترنت بعد أن طلبت من سلطان بإحراجٍ أن تتعلم بنفسها، لا تريد أن تضع نفسها في موقفٍ محرجٍ معه لذا اختصرت الموضوعَ وبدأت تتعلم بنفسها، تقرأ عن الصلاةِ وتهربُ من وضعها حين يكون سلطان هو المُعلم لها، حفظت كل شيءٍ تقريبًا واضطرت أن تحفظ سورةً قصيرةً كانت " الفلق " إلى حينٍ آخر.
حين خرجَت من الحمامِ بدأت تتلفت في الغرفة خشيةَ كون سلطان انتظرها كي يراقبها وهي تصلي، وحين لم تجده نظرت ناحية الباب ولم يكُن موجودًا، حينها تنهدَت براحةٍ وهي تأخذ رداء الصلاةِ التي اشترتها مع سلطان في الأمس مع السجادةِ لتفرشها وترتدي الرداء، مكبّرةً بتوترٍ لتبدأ بصلاةٍ أبعد ما تكون عن ذلك، مجرّد تحركاتٍ لا تشعرُ بها، تريد فقط أن تنتهي وتهرب بسرعةٍ من هذا الوضعِ الذي تشعر أنه لا يليق بها بتاتًا ولم تخلق له، بينما كان سلطان قد بدأ بمراقبتها من عند الباب في حينِ كانت القبلة عكس اتجاهه أي كانت تُديرهُ ظهرها ولا تراه، بقيَ يتأمل كل حركةٍ منها ولاحظ سرعتها وأخطاءها الكثيرة، لكنه صمَت وهو لا يُريد التّسرع معها بل التمهل وتكوينها دينيًا رويدًا رويدًا.
حينَ شعر بها ستسلّم تراجع بسرعةٍ وجلَس على الأريكةِ في الصالة وانتظرها إلى أن جاءته وكان ذلك بالفعل، حينها استدار إليها بابتسامةٍ وهتف : خلصتي؟
غزل بتوتر : أيوا
سلطان : أجل تجهزي عشان نمشي
أومأت برأسها لتغيب عنه للحظاتٍ قبل أن تعود إليه وقد ارتدت عباءتها مع النقاب كما يُحب، حينها وقف مُبتسمًا لها ببشاشةٍ ليخبرها أنه يجب عليهم الخروج والإفطار قبل أن يتجه لعملهِ بعد ساعة.

*

عودةٌ للأمـس
كان قد اتّصل بالفندق يطلبُ منهم إرسالَ عاملٍ كي يُنظف الفوضى التي هنا، مررَ نظراته في الصـالةِ بعد أن أنهى اتصاله، لكنّه لم يجد غزل، تحرّك بعد أن كان يتكئ على إطارِ بابِ المطبَخِ متجهًا لغرفتها، وقف أمامِ البابِ المفتوح ليجدها كما توقعَ تتمدد على السرير وتدير البابَ ظهرها، تنهّد وهو يُغمض عينيه، بالتأكيد أُصيبت بذعرٍ ليس هينًا، فأي أنثى قد ترى ما رأت ولا تخاف؟.
فتَح عينيه ليرسم ابتسامةً على ملامِحه ويهتف بصوتٍ لطيف : غــزل
تشنجَت في البدايةِ حين سمعَت صوته، ثمّ رفعَت كفّها لتمسح على وجهها حتى يُدرك أنها تبكي، حينها زفَر بصمتٍ وهو يتجاوزُ الباب ويدخلُ هاتفًا : ليه البكا الحين؟ أنا معاك
ازدردت غزل ريقها لتستقيم جالسةً بعد أن مسحت الدموع عن وجهها، وبمُكابرة : مين قال أني أبكي
سلطان يبتسم : شكلي كنت غلطان
غزل بضيق : لا تتريق علي
سلطان هزّ رأسه بالنفي وهو لازال يُحافظ على ابتسامته : افا بس من يقوله؟
صدّت عنه غزل بضيقٍ وهي ترفعُ كفيها وتضغط على رأسها الذي تشعر بالصداعِ ينتشرُ فيه، بينما أردفَ سلطان بهدوء : بنظلع الحين ، جهزي حالك
غزل عقدَت حاجبيها ووجهت نظراتها إليه : وين؟
سلطان : بتعرفين بعد شوي ، أنا بنتظرك في الصالة لين ما تجهزين
تحرّك دون أن يترك لها الإستفسار لتتنهد باستسلامٍ وتنهضَ حتى تتهجز للخروج.

بعد عشرِ دقائق
كانت قد جلسَت في السيارةِ وبدأ سلطان يتحرّك، طلبَ منها أن تُغلق باب غرفتها بالمفتاحِ وهو بدوره أغلق بابَ غرفته وسلّم أمر تنظيف الفوضى للعامل الذي قابله وهما خارجين.
نظرَت غزل للطريقِ مطولًا، بصمتٍ دون أن يكون هناك ماهو بينهما سوى صوتِ أنفاسهما، لم تهتم كثيرًا أين سيذهبانِ وكل تفكيرها بنصبُّ فيما حدَث، في غرابةِ ما كان واستنكارها له، من قد يفعل ذلك؟ من قد يمتلك القذارةَ ليفعل ما فعل؟ هل يعقل أن يكون لوالدها يدٌ في ذلك؟
تهدّلت أجفانها كبتلةٍ قاربَت على السقوط، عضّت شفتها العُليا بهمٍ يطبق على صدرها بعنف، وأغمضَت عينيها بقوةٍ قبل أن تسمع صوتَ سلطان الذي هتف بخفوت : نبدأ نروح السوق والا نتعشى أول؟
وجّهت عيناها بعد أن فتحتهما إليه، حاجبيها ينعقدان دون أن تكونَ قد فهمَت معنى ما قاله، وبشرود : وشو؟
سلطان ينظر إليها نظرةً خاطفة قبل أن يُعيد عينيه إلى الطريق : نتعشى أول والا نتسوق؟ من تزوجتك ما طلعنا طلعة زينة واليوم ناوي أحلله معك
قطّبت جبينها بمزاجٍ متعكرٍ وهي فعليًا لا تريد التسوق معه الآن أو قضاء الليلِ برفقته، لكنّ معدتها كان لها رأيٌ آخر، لذا همست باستسلامٍ وهي تضع رأسها على النافذة : نتعشى أول
ابتسم سلطان وهو يهتف بخفوتٍ لم يصلها مع ذبذباتِ أفكارها : من عيوني


،


فتَحت عينيها بوهنٍ لتصتدم بالسقفِ الأبيض، حاجبيها ينعقدان بغرابةِ المكان، جسدها لا تشعر به سوى أن وخزاتٍ بسيطةً تمركزَت في ظهرها ... أين هي؟ مررت نظرها المُشوّش على الغرفةِ البيضاء التي تسكنها، على مكان استلقائها الأبيض، على إبرة المعذي التي كانت تخترقُ كفّها، وبدأ حينها الإستيعابُ يتسلل إليها متمهلًا، ببطءٍ كاتساعِ عينيها اللتين بهتَت فيهما الحيـاةُ وهي تشهق بذهول، هامسةً لنفسها ببحة : أنا في المستشفى!!
دخَل حينها سيف بعد أن كان يتحدّث مع الممرضةِ خارجًا، ليتنهّد وهو ينظر للأرضِ بفراغ، بينما كانت نظراتها موجهةً لهُ وعينيها تستعدان للبكاء، تحاول قراءة ما تخشاه على ملامحه، لا يمكن، لا يمكن!! هل فقدته؟ هل فقدته؟!!
غابَ صوتُها ولم تستطِع النطقَ بشيء، حنجرتها جفّت، مخارجُ الصوتِ سُدّت بغطاءٍ سميكٍ من الصدمةِ وجسدها شعرت أنه يسقط في الهاويـة، بينما ارتفعَت نظرات سيف إلى المستلقيةِ على سريرِ المشفى الأبيض، قبل أن تتسع بصدمةٍ حين رآها تنظر إليه ليقترب منها بسرعةٍ يكسر المسافة بينهما : صحيتي؟
بقيَت تنظر إليه بملامحَ ميتةٍ وشفتيها ترتعشان، تُريده أن يجيبها على سؤالها، على ما تنطقهُ عيناها ومالم يقرأهُ حتى الآن. أمسكَ بكفّها التي لم يكُن فيها المُغذي ليرفعها وهو يضمّها بين كفيه بقوّة، وبصوتٍ عميق : الحمدلله على السلامة
" الحمدلله على السلامة "، هل تقتصر عليها فقط؟ هل تحمل ابنها أيضًا؟ لا يا الله لا تمتحني بذلك، ليسَ بعد أن جـاء، ليسَ بعد أن جـاء.
فغرَت فمها دون صوتٍ وهي تحاول الحديث، تحاول قولَ شيءٍ يُريحها، يُزيلُ هذا الجبل الذي ارتكز على صدرها في صورةِ ضيقٍ وخوف.
بينما كانت نظراتُ سيف مركّزةً بملامحها، ينتظر ما ستقوله وما ضاع دون أن ينطلق، هتف يَدفعها للكلام : وشو؟ احكي
حاولت وحاولت، شفتيها منفرجتين دون صوت، ضَعفَ صوتها كما ضعُفت، غابَ كما غابت نظرة الحيـاة في عينيها.
سيف يعقد حاجبيه محاولًا مساعدتها : تبين مويا؟
هزّت رأسها بالنفيِ وهي تتنفس باضطراب، تناجي صوتها للخروج، للإنبثاقِ حتى تُريحَ أفكارها، لكنّ صوتها يخونها، يخونها عكس ما كان قبل ساعات، لمَ الآن؟ لمَ الآن؟!!
أغمضَت عينيها بقوةٍ ودمعةٌ تسللت من عينها اليُسرى لعجزها الذي جاءَ بفعلِ هذا الخوف، ودون أن تشعر رفعَت كفّها التي تخترقها الإبرة لتضعها على بطنها وهي تعضّ شفتها بوجَع، بينما تابعتها نظراتُ سيف الذي فهمها أخيرًا ليعقد حاجبيه وهو يتأوه بخفوت، كيف لم يفكر بذلك؟
شدّ على كفّها بشكلٍ أقوى وهو يجلس بجانبها على طرف السرير ويهتف برقة : تطمني ، الولد بخير
فتحَت عينيها بسرعةٍ لتنظر إليه برجاءٍ وتناجيه بعدمِ الكذب، حينها ابتسمَ بصدقٍ وهو يهمس : شديد مثل أمه لا تحاتين
أغمضت عينيها براحةٍ وكفّها تشدُّ على بطنها بقوّة، هو بخير، بخير، الحمدلك يا الله، الحمدلك.
لم تكُن لتتخيل أن تفقده بعد كل هذا، بعد كل الشدِّ والجذب الذي كان، وبعدَ أن استُنفذت اليوم بكل مشاعرها التي أطلقتها تجاهه من قهرٍ وغل، ليس بعد كل ذلك تذهب، لا حقّ لك، لا حقّ لك.
بقيَت مُعمضةً عينيها وهي تشعر أنها تريد النوم، تريد السفر للبعيد، دون أن تُحادثه، ودون أن تُرهقَ نفسها مرةً أخرى بانفعالها، من هو ليكون السبب في انفعالها وذهابِ ابنها؟ من هو؟
ودونَ شعورٍ كان النوم قد سرقها فعلًا، بينما بقيَ سيف يُراقبُ ملامحها بشرودٍ وكفّها التي يعانقها بكفيها ترتفعُ إلى شفتيه ليُقبلها أخيرًا بعمق، ونظراته على سمراءتِه، على ام ابنه القادم!
تنهّد وهو يتركُ يدها ويتراجعُ للخلف، هناكَ أمرٌ آخر يجب عليهِ فهمه، يجب عليه التأكيد من شكوكِه نحُوه .. أمــــه!


،


يجلسُ على كرسي مكتبة، أمامه ورقةٌ بيضاء خطّ عليها كلماتِ اللغز، وفي يدهِ قلمٌ أسود يتراقصُ بتراقصِ ذهنه.
أولُ كلمةٍ " ست "، والثانيةُ " بين الواحدِ والأربعة ".
وضعَ القلمَ على الكلمةِ الأولى وبدأ يخط عليها من جديدٍ ويكرر الكلمة بتكرار الركض فوقها، وصوتهُ يهمسُ بشرودٍ وتفكير : ست ، ست ، الرقم ٦!!
تراجعَ ظهرهُ للخلفِ حتى اصتدمَ بالكرسي المكتبي وهو يُكمل سيرَ شرودِه : طيب وش اللي يخليني أتأكد أنه الرقم ٦! * أعاد نظرهُ للورقةِ ليهمس * ليه ما كتبها طيب " ستة "!!
عقَد حاجبيهِ وهو يشعر بالصداعِ يتسلل إلى رأسِه، زفَر بخشونةٍ ليبدأ بالضربِ على الورقةِ بالقلمِ وذهنه يحاول بكل ضغط الدنيـا فهمها، لن يرتاح حتى يفهمها، لن يرتاح حتى يفهمها!!
رفعَ رأسه للباب على صوتِ الطرق، ليزفرَ وهو يهتف بصوتٍ مرتفع : تفضَل
فُتح البابُ ليدخلَ حينها فواز مبتسمًا له : السلام عليكم
ابتسم عناد ليقف مرحبًا لهِ وهو يلفُّ حول مكتبه حتى وصل إليه : وعليكم السلام حيّ الله من جانا
فواز وهو يصافحه : الله يحييك ، كيفك؟
عناد : الحمدلله نشكر الله شلونك أنت؟
فواز : تمام ، فاضي الحين؟ ما أشوف حولك أحد
عناد : أيه ماخذ لي بريك
وبعدَ دقائق، كان فواز قد جلسَ على إحدى الأرائك الجلدية وأمامه عناد وبينهما الطاولة الخشبية، وصل للموضوع الذي يهمه، الموضوع الذي جاء خصيصًا لأجلهِ كما السلام، هتفَ بجديَة : وبخصوص موضوعنا
تبدّلت نظرات عناد للجديّة ليهتف : شفيه؟
فواز : متى بترجع تكمل؟
اعتدلَ عناد في جلستِه بثقةٍ وهو يفردُ ذراعيه على الطاولة وينظر لعيني فواز بطريقةٍ عملية، وبصوتٍ جاد : شوف فواز ، احنا توقفنا عشان سفرتكم وزواج أختك ، بس أنا قلت لك قبل أن فيه تطور بآخر مكالمتين قبل سفرتكم ، كانت تاخذ وتعطي شوي شوي
فواز بتركيز : أيه
عناد : فيه شيء اختلف فيها، واضح إنّ فيه شيء مضايقها ومكدرها عشان كذا بدت تاخذ وتعطي وتعبر عن ضيقها
عقَد فواز حاجبيْه محاولًا تذكر ما الذي استجد في آخر يومين قبل سفرهما، لا شيء سوى زواجـه! وأيضًا شعوره بالبُعد عنها! ... ازدادَ انعقادُ حاجبيه وهو يشعر بضيقٍ جسيمٍ في صدره، هو سببُ ضيقها التي تضاعف، هو سببُ كدرها منذ ابتعد، تضايقت لابتعاده، فماذا ستكون ردّةُ فعلها إن علمت بزواجه؟
كان عناد يراقبُ ملامحه وشروده، لكنّه لم يسأله بشيءٍ وهو يُردف بجدّية : اللي اكتشفته من آخر اتصالين إنّي ما أقدر أساعدها
ارتفعت نظرات فواز بسرعةٍ ودهشةٍ إليه، وبانَ القلقُ الذي انتشر على ملامحهِ من تلك الجملةِ التي تنثر العديدَ من الإحتمالات، أخطرها أن حالتها - صعبة -، هتفَ بقلقٍ واضحٍ في نبرتهِ وهو يضوّق عينيه بخشية : وش تقصد؟
عناد بهدوء : لا تخاف ، حالتها ماهي صعبة، بس تحتاج دكتورة تحكي معها وجه لوجه، واضح إنها متأثرة بحادث قديم صار لها * صمت ينظر لردة فعل فواز قبل أن يُكمل بجدّية * شيء مثل اعتداء أو من هالقبيل
فتَرت ملامحُ فواز وسقطَت عيناهُ للطاولـةِ بوهنٍ وقلّةِ حيلة، تلك الحادثةُ القديمة، لا ليست قديمة، تلك الحادثـةُ التي مرّ عليها سنةٌ حتى الآن، لازالت تجري على جيهان وتؤثر بها، كيف لم يفكّر بذلك؟
بلل عناد شفتيه وهو يدقق النظر في ملامحِ فواز، قبل أن يهتف بثبات : زوجتك ما تثق في أحد، خصوصًا صنف الرجال، وواضح إنّ هالصفة فيها تضاعفت من قريب
بقيَ فواز ينظرُ للطاولةِ بصمت، يُسافرُ بعقلهِ للبعيد، لا تثق بأحدٍ منذ تلك الحادثـة، وتضاعف ذلك الآن، هل ذلك منه؟ أم من والدها التي ساءت علاقتها معهُ وجدًا!
شعرَ بكفِّ عناد تستقرُّ على كفهِ على الطاولة، وصوته اندفعَ إليه هاتفًا بحزم : ما تثق في أحد سواك
ارتفعَت نظراتُ فواز إليه بسرعةٍ وعدم استيعاب، بينما ابتسم عناد ابتسامةً تكادُ لا تُرى وهو يُكمل : زوجتك من النوع اللي ما تحكي ، تسفهني كثير بس إذا حكت أقدر أستنتج من كلامها الكثير ...
تركَ كفّ فواز وأعاد ظهره للخلف وهو يُردف : تقدر توضح لي أكثر؟

.

.

.

انــتــهــى

طبعًا واضح ان البارت قصير، ما كان عندي غير انزله بهالوقت لأني طالعة بعد المغرب وماني راجعة إلا بوقت متأخر، موقف سلطان وغزل واللي صار - بالأمس - كان المفترض يكون كله بهالبارت بس اضطريت اقطعه من العجلة.
عذرًا منكم :( العوض في البارت القادم بإذن الله.



ودمتم بخير / كَيــدْ !

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 13-08-15, 09:29 PM   المشاركة رقم: 388
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئة مميزة


البيانات
التسجيل: Sep 2010
العضوية: 190192
المشاركات: 613
الجنس أنثى
معدل التقييم: أبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 748

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
أبها غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي

 

ماشاءالله تبارك الله ..
وصف دقيق وعجيب لمشاعر ديما وسيف..
ديما ..مشاعر الأمومة التى طغت عليها و أعمت بصرها
وهيجانها وسيل الكلماتالتي رشقت سيف بها
كل ذلك صوّر له إنها أنثى مخادعة مثلها مثل
بثينه ..بينما هي حقيقة تحبه وتكنُّ له مشاعر جميلة .
أشفقت اليوم على سيف شعوره بالإنكسار والإستغفال !
وأشفقت أيضاً على ديما محاولتها الظهور بمظهر القوي
بينما هي هشّة سقطت سريعاً كورقة الخريف .
ليت سيف يعي حاجة ديما للأمومة و يحتويها فهي تستحق .

شكرا من القلب أختي كيد .

 
 

 

عرض البوم صور أبها  
قديم 14-08-15, 07:46 AM   المشاركة رقم: 389
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2014
العضوية: 271387
المشاركات: 11,112
الجنس أنثى
معدل التقييم: bluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 13814

االدولة
البلدJordan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
bluemay غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 
دعوه لزيارة موضوعي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


مبددددعة هنودتي ...


عن جد ع قد ما هو قصير ع قد ما هو دسسسسم ورائع


مشهد ديما وسيف توحففففة ما حصلتش

يا أني أتأثرت فيه وقام قلبي يسوي بلهوان ههههههه

والله ع قد ما كنت مقهورة من سلبيتها وضعفها ع قد ما عوضتيني وفرحتيني فيها بهالفصل.

سيف أمممم حزنت عليه آآد كده هو . مو كتير شوي صغيرة ﻷنه بلش يحس فيها بس خرجو الله لا يقيمه

موقف المستشفى كان روعة كمان وحبيت الطبعة الجديدة من ديما ايوا كده خليك طف قيلر وما تهتمي .




غزل لمتى رح تضلي تحترقي بنارك ؟!!

ما لك غير تفتحي قلبك لسلطان وقبلها تقوي صلتك بربك .

مشهد الصلاة كان مؤثر . الحمدلله الذي هدانا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله.






فواز طيبتك ما بتستاهلها جيهان قوي قلبك ، ما رح تخسر اكتر من اللي خسرته . عندي شعور انه رح يمل قريب وتمقلب اﻷدوار وتصير هي اللي تدوره دوارة.




تميم هادا ما هضمته بنوب.. وشكله في مصيبة وراه الله يستر منه.




يسلمو ايديك يا قمر .. متشووووقة كتير للي جاي


تقبلي مروري وخالص ودي

○° الله أغفر لي ذنبي كله ، دقه وجله ، وأوله وآخره ، وعلانتيته وسره .°○

 
 

 

عرض البوم صور bluemay  
قديم 14-08-15, 10:00 PM   المشاركة رقم: 390
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئ مميز


البيانات
التسجيل: Jun 2010
العضوية: 174082
المشاركات: 4,029
الجنس ذكر
معدل التقييم: fadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسي
نقاط التقييم: 4492

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
fadi azar غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 

الحمدالله ما توفى الجنين ديما انتظرته كثيرا وعجبتني قوتها وسيف ليس معه حق يزعل هو عنده ولد وديما تحتاج ان تشعر بالامومة

 
 

 

عرض البوم صور fadi azar  
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ليلاس, لغز, أكشن, القدر, الكاتبة كيد, انتقام, يوسف, رواية رومانسية, سلطان, غموض, عانقت, قيود, كيد
facebook




جديد مواضيع قسم الروايات المغلقة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t195238.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 02-10-16 06:32 AM


الساعة الآن 11:34 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية