كاتب الموضوع :
كَيــدْ
المنتدى :
الروايات المغلقة
رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
سلامٌ ورحمةٌ من الله عليكم
صباحكم / مساؤكم طاعة ورضا من الرحمن
إن شاء الله تكونون بصحة وعافية
عفوًا منكم على التأخير ، ما كان بيدي والله يخليكم على صبركم
حابة أشكر القراء اللي تو منضمين لسفينتنا خصوصًا غربة الجميلة اللي فتنتني بتعليقها الواو صراحة! جعلني فدوة بس
وأيضًا الجميلة auroraa2015 ، الله لا يحرمني من حضوركم العذب وما أنسى كل قارئة جديدة انضمت لنا والترحيب ليس حكرًا على الحلوتين اللي ذكرتهم
بسم الله نبدأ
قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر، بقلم : كَيــدْ !
لا تلهيكم عن الصلوات
+ البارت اهداء للجميلة الفاتنة نورة المهيزع
ولروان الحلوة اللي سهّرناها أمس وهي ببالها البارت بدري ): نعتذر منك يا بعدي :P
(41)
في لحظاتٍ خائنة ، أشتاقني، أشتاق نفسي التي لم أرَها قبلًا، أشتاقُ غزل المغزُولةِ بخيوطِ السعادة، أشتاقُ السعادة! خيطٌ رفيعٌ قد ينقطع، وأنا لم ألامس هذا الخيط بعد، لم ألمحهُ حتى ولا أُدرك لونه.
تجلسُ على السرير وعيناها تنظران للأرضِ بشرودٍ حزين، أنا الطائرُ الشريد، بأيِّ ذنبٍ غُرِّبت عن بلدِي. الأرضُ تتسعُ للتأمل البائس، الأرضيّةُ الباردة تتلامس مع باطن قدميها ليتضاعف جفافها، وبِوَصْلةٍ غير مرئيـةٍ عيناها تُلامسان الأرض، لتجفّ هاتين العينين من الحيـاة. ما أثقل الحيـاة، إنّها كالجبلِ حين تطئ على الصدور، ما الحياة أمام الموتِ البائسِ هذا؟ الموتِ الحي! أن تتحرك قدماك بآلية، أن تسكنَ الروح في جسدكِ كمُسمى فقط، بينما روحك تلك ممزقة/ميّتة.
كانت قد ارتدَت بنطالاً من الجينز وقميصًا فيروزي، شعرها الذي لا تزالُ بعض الرطوبةِ فيه ينسدل على ظهرها ليُبلل قميصها ومن ثمّ يلامس بأطرافهِ السرير حتى يُشارك قميصها البلل، سلطان لا زال ينتظرها في الخارح، هل تخرج؟ هل تُشارك كلماتهِ بالسمع؟ هل لها القُدرة أساسًا؟ أنا حاقدة، عاتبة، حزينةٌ لخذلاني، ليست المرّة الأولى التي أُخذَل فيها، وفي كل مرةٍ يتثاقلُ الحُزن في صدري أبكِي مع نفسي، وحيدةً أسفل لحافي، لم أبكِ يومًا أمام أحد ، فلمَ جعلت خيبتي بكَ اثنتين عندما خذلتني وجعلتني أبكي أمامك؟ جردتني من كل شيء، من كلِّ شيءٍ يا سلطان، وأنا ممتنةٌ لذلك، ممتنةٌ وعاتبة، ممتنةٌ لكَ بأربعةٍ وعشرين عامًا من عُمري قضيتُها وأنا لا أُطلق حُزني للعلن، لأجفف أخيرًا جزءً من هذا الحُزن على صدرك ، ليتكَ لم تُهدني صدركَ وتُجرّدني من كل شيء ليتضاعف حزن تلك الأعوام أضعافًا مُضاعفةً بخيبتي بك.
نهضَت وهي تبلل شفتيها، فقَط لأجل تلكَ اللحظة ، سأُهديك طاعتي الآن . . اتّجهت نحو البابِ لتفتحه وتتسلل نظراتها إليه، كان لا يزال جالسًا ينتظرها، وما إن فُتح الباب حتى وجّه نظراتهُ إليها مُباشرةً لتُكمل خطواتها المُهتزّة على صفيحةِ الأرضِ الجافةِ من الحيـاة، مُتجهةً إليه، إلى الخُذلانِ الثالث! أو الرابع!!
جلَست على ذاتِ الأريكةِ التي يجلس عليها راسمةً مسافةً لا بأس بها بينهما، وبفتور : هذاني جيتك ، وش عندك؟
نظَر إليها سُلطان مليًا بعينين تضيقان، بملامح لا يُتبيّن منها ما خلفها ولا شعوره في هذهِ الأثناء، شعره مُشعثٌ بفوضيةٍ نادرًا ما تراها بِه، شماغهُ مرميٌ على يدِ الأريكةِ بإهمالٍ بينما أزرّة ثوبِه مفتوحة، وعيناه! بؤرةُ الحنانِ المسلوب، الناظرتين إليها الآن نظرةً غريبةً لا تعرفها، وكأنّ ضياعًا يسكنها!
همسَت غزل بخفوتٍ وهي تشتت عينيها قليلًا : لا تناظرني كذا ، خلصني!
زفَر سلطان بكبتٍ وصدره يرتفعِ بقوّةِ شهيقه ليهبط بزفيرٍ متعرقل، لفظَ أخيرًا بخفوت : أول شيء ، آسف على اللي صـار أمس
التوى فكّها وجفّ حلقها فجأة، ازدردت ريقها وهي تبلل شفتيها وجفناها يهتزّان فوق صفيحتيْ عينيها الناظرتين إليه، وبصوتٍ رخوي النبرات همست : تعتذر!!!
سلطان : صحيح كلنا غلطنا ، بس ماهو من شيمي أغلط وما أعتذر
أخفضَت نظراتها قليلًا نحو الأسفل وهي لا تدري ما تقول، لا تدري لمَ لا تجيد الحديث معه، المناورة بالكلام، الرد عليه بشكلٍ يُخرسه دون شتيمه! الشتائم قوّتها! اعتادت كلّما تشاجرت مع أحدٍ أن تلفظ أشدّ العبارات وأقذرها حتى يهرب الطرف الآخر من شتائمها، لكنّها مع سلطان ، ببساطةٍ لم تجد أنّ ذلك قوّة! كلما شتمته بشيء ما وغضب تشعر أن هشاشةً تفتك بها فوق هشاشتها، تشعر بالرعب والضعف في صدرها يتضاعف ، لذا لم تجد في لسانها القوّة عنده.
اجتذبَت الأكسجين إلى رئتيها قبل أن ترفعَ نظراتها إليْه وتهمس بقهر : تظن انك اذا اعتذرت بتحرجني وأعتذر أنا بعد؟
سلطان بتشديدٍ على عباراته : قلت شيمي ، مو ضروري تكونين أنتِ متحلية فيها
ازدردت ريقها بتوترٍ لتفرك كفيها ببعضهما البعض قبل أن تلفظ بفتور : ما أقدر أثق فيك بعد اللي صار
سلطان : وأنا ما أقدر أثق في انسانة ما تصلي!
تضاعف توترها لتشتت حدقتيها للحظة، لكنّ عنفًا ما أصاب نظراتها التي عادت إليه وصوتُها الذي هتف بقهرٍ يتغلغل أعماقها من فكرة تكوينها كيفما يُريد، وكأنّها معجونٌ يشكّلها كيفما أراد وكيفما أحب : هذا شيء بيني وبين الله ، مالك شغل فيني!
سلطان بهدوءٍ لازال يُحافظ عليه : شيء بينك وبين ربي أكيد ، بس لما يكون متعلق بزواجنا فهذا شيء مختلف
غزل : زواجنا صوري
سلطان : هالشيء ما يحلل ولا يعطينا عُذر عشان نكمل زواجنا الصوري ذا
غزل : أجل رجعني لأبوي
سلطان بثقة : في الوقت اللي تقولينها بكامل إرادتك وبثقة تامة برجعك له
توترت ملامحها وتشتت نظراتها عنه، بينما أردف بصوتٍ هادئٍ يحمل في نبرته اللطف والحنان المعهود : من نظراتك عرفت الكثير ، مو كل شيء بس عرفت الشيء الكافي عشان أستوعب إنّ أبوك ما يستاهلك
ارتعشت شفتاها بضعف، وسقطت رموشها الكثيفةُ مغطيةً حدقتيها العسليتين، كيف قرأني؟ كيف فهم ما بين أسطر عيني؟ هل تجرّدت أمامه حدّ أن حزني وضعفي انقشع لعينيه؟ هل يرى مافي داخلي قبل خارجي في حين أنّي ملء ما أستطيع أحاول إخفاء ضعفي/حزني/خيبتي، إخفائـي! قَوْقَعتُ الأسى في صدري وجعلت حولي أسوارًا عاتية، أسوارًا عالية، أسوارًا يعصفُ فيها الريحُ ولا يهدمها، فكيف استطاع بكل بساطةٍ هدمَ أسواري؟
تضاعفَ فركها لكفيْها، ونظراتها تحجّرت في حُجرها، ضعفت ولم تستطع رفع عينيها إليها، يكفي تجردًا أمامه، يكفي.
ابتسم سلطان ابتسامةً ضئيلةً تكادُ لا ترى، ابتسامةً مُظلمةً يغيب عنها النور، يغيب عنها مصباحُ الحياة ... مدّ يديهِ الدافئتين حتى استقرّتا ممسكتين بكفيها المُلتصقين ببعضهما، حينها انسابت شهقةٌ خافتةٌ من بين شفتيها وانتفضت، إلا أنها لم تسحبهما وبقيَت متحجرةً في مكانها دونَ حرَاك.
هتف سلطان بصوتٍ حنون : يشهد الله علي إنّي ما ودي أجبرك ، بس جربي! متأكد بترتاحين ، جربي تكونين أقرب لربك، جربي تكونين واقفة بين يدينه لمرة ، صدقيني بترتاحين، وضعفك كلّه بيتراجع لورى ، مافيه أقوى من شخص يعرف ربه
كانت كفيها تنتفضان، شفتيها ترتعشان، صوتُها يغيب وتوترها يحضُر كضيفٍ غيرَ مُرحبٍ بـه، لمْ ترضى! لم تقبل بعرضه، بالرغم من صوته اللطيف إلا أنّها داخليًا تشعر بالإضطهاد، تشعر أنّه يسُوقها لمصيرٍ وهويّةٍ رغمًا عنها ، وبالرغم من كل شعورها، من رفضها ونفورها ، إلا أنّها أومأت ! ليس رضا بقدر ماهو انصياعٌ خلف نبرتِه التي تهزمها.
ابتسم سلطان وسعادةٌ تنتشر في صدره، راحةٌ عظيمةٌ تغلغلته حتى شدّ على كفّيها بقوةٍ وهو يهمس : الله يحييك ، الله يحييك
،
أمامَ شاشةِ التلفاز المُنيرةِ بقوّةٍ في الظلام، تجلسُ وأمامها على الطاولـةِ مشروبٌ غازي، وبجانبهِ صحنٌ يحتوي الشيبس، تنظرُ للتلفاز المُقطِّع لخيوطِ الظلام والملوِّن للصالـة، كل ما في التلفاز ممل! كالملل الذي يسكُن حياتها الكئيبة والملوّنةِ بكومةٍ من الرماديّة الشفافة، الرمادية الهشة!
تناولت جهاز التحكّم لتقلّب القنوات بملل، كل قناةٍ كانت انعكاسًا للمللِ والكآبةِ المُتغلغلة بين ذراتِ الحيـاة! وضعَت الجهاز جانبًا حين استقرّت على إحدى الأفلامِ الدرامية، وتراجعَ ظهرهَا للخلفِ حتى تُسنده على ظهر الأريكة، وفي تلك الأثناءِ فُتح الباب ودخل فواز مع ضوءِ الخارجِ الذي دُمجَ مع ضوءِ التلفاز، تشنّجت يدها التي كانت تحمل العصير قليلًا، لكنّها سرعان ما ارتخت حين ذكّرت نفسها بآخر محادثـةٍ بينهما، وأنهُ لا يعنيها .. أو ستتصنع ذلك!
ارتشفت من العصيرِ وهي توجّه نظراتها إلى التلفازِ وتتجاهل دخوله ونظراته التي تتّجهُ إليها، بلل شفتيه وهو يلِجُ بعد أن اتّجه لمفتاح الإضاءةِ وأنار الصالة، عقد قرارهُ وانتهى الأمر ، القراراتُ الذابلةُ في عينيها لابد من أن تُحيا بسُقيا حَزْمه، فترةُ القراراتِ تعصفُ بأفكارِه وكل رفضٍ قد يجيء منها مُحرم ، كل هذا لمصلحتنا، بل هو أقرب لمصلحتي! نعم أعترف ، أنا أنانيٌ بك.
في شريعةِ الحُب، الأنانيةُ بدعة ، كان لابد لي من أن أُحب ما تحتاجين، وأن أكون مثاليًا لأجلك ، لكنني أقترف الآن شيئًا لم يُذكر في شريعتنا ، وابتدعهُ العُشّاق كي لا يخسرون بعضهم.
- أنتِ بدعتِي ، وذنوبي - !! لكنّكِ أيضًا كنتِ دومًا مُستحبّاتي.
اقترب منها والخطوات الثقيلةُ خفّفت وطأها وصوتُ الريحِ الغادرِ لصدرها يعبُرها ليُنشِئ صريرًا أشبه بأنينِ المسجونينِ في غياهبِ التيهِ والضياع، خطواتُه التي اقتربت منها شتت ذهنها، أناملها النّحيلةُ اشتدّت على الكوب الزجاجي حتى ابيضّت، لازالت نظراتها نحو التلفاز، لكن عقلها لا يفقه ما ترى.
جلسَ فواز بجانبها وهو يزفر ويمسحُ على ملامحه بكفيْه، مدّ إحدى يديه ليتناول جهاز التحكّم ويُطفأ التلفاز عنوة، حينها اتّسعت عيناها واستدارت إليْه بوحشية، وكأنها كانت تنتظر شيئًا منه لتُظهر أنيابها وتُشرّع مخالبها ، هتفت بحدة : وش قصدك بهالحركة؟؟!
فواز بهدوءٍ وهو ينظر في عمق عينيها : أبيك تسمعين وش بقول بدون صوت هالإزعاج
زمّت شفتيها وهي تنظر إليه بتمرد، وبعنفوان : أنت أكبر ازعاج ، ظلمت التلفزيون والله
زفَر وهو يشتت عينيه، لكنّه عاود النظر إليها ليهتف بحدة : الحين همّك التلفزيون؟ عمومًا أنا من بدايـة هاليوم متجاهل كل شيء غلط قاعدة تسوينه، من رفضك للأكل معانا لكلامك وصوتك الحين ، كلها محسوبة ضدك! بس ما علينا ، الحساب بعدين
جيهان تعقد حاجبيه باستنكار : تهديد ذا؟
فواز : سميه اللي تبين
جيهان : يعني تهديد! هذا وأنت تعرفني مجنونة وممكن أسوي أي شيء ، ما تخاف فجأة أطلع وأروح لخلّاني؟ ترى خالي ذياب قريب لعلمك بس! وما أظن بيرضى باللي يصير
احتدّت نظرات فواز وهو ينظر إليها بحدقتين ثابتتين وملامح صلبةٍ جعلت نبضاتها تتوتر قليلًا، لكنّها تصنّعت الثبات وهي تنظر إليه بحدقتين تهتزان.
أغمض فواز عينيه وهو يزم شفتيه مُحدثًا ذاته بالصبر، ليُعاود فتحهما وهو يهتف بثقة : في كلا الحالتين أنا هددت وأنتِ هددتي ، بس الفرق إني أقدر أعمل بتهديدي وأنتِ لا!
جيهان تضوّق عينيها بقهر : تبي تجرب
فواز : أنصحك تبلعين لسانك
جيهان : في بروكسيل ما كان عندي خيار إلا أنت ، بس هنا عندي خيارات أكبر ، بيت خلاني ، وممكن بعَد عمتي هالة ، تظنّني مقطوعة من شجرة مثلًا؟
نظر إليها بقسوةٍ ليهتف بثقةٍ منقطعةِ النظير : اللي أعرفه إنّك مقطوعة من الثقة بكبرها ، من وين جايبة هالثقة أجل؟
تبلّدت نظراتها وهي تُدرك فحوى كلامه جيدًا، ملامحها انقَشع عنها قناعُ الجمودِ ليظهر لعينيه ضعفها.
اقترب منها قليلًا ليُمسك ذقنها ويلفظ بهمسٍ وحاجبيه ينعقدان تفاعلًا مع كلماته وتأكيدًا لكل حرف : أنتِ هشة يا جيهان ، ومالك سواي
أدارت رأسها عنه مُتحاشيةً النظر إليه، وبفتور : لي الله ، أنا في غنى عنك
فواز يتراجع قليلًا : والنعم بالله ، بس مالك غنى عني
نظرت إليْه بعنف وملامحها تشتد، وبحدةٍ ترسم القهر في كلماتها : أنت الحين وش تبي بالضبط؟ جاي عشان تنكد علي؟
فواز بجدية : جاي عشان موضوع يخصنا سوى
جيهان دون اهتمام : وش هو؟
فواز : بنسوي حفلة زواجنا خلال أسبوع أو أسبوعين
،
قطراتُ المطر تصتدم بنافذةِ غرفته الزجاجيـة، عيناهُ التائهتان في غماماتِ الأرض ارتفعت وعانقت سوادَ السماءِ المُمطررة/الباكيـة، الفرقُ بين بُكائها وبُكاءِ البشَر أنّ دموعها عذبة ، - هذي السماء الصافية! وعيوننا مابها إلا الملوحة والسهر -
الله ما أجمـل دموعَ السماء! ترتفعُ وجوه الأطفال والكبار، يفتح البعض منهم أفواههم في لحظةٍ يسلخون فيها همومَ الحيـاة ويبتغون دمعَ السمـاء، يتذوّقونَ عذبَ الميـاه .. من يتذوّق دمعه؟ من يبتغي ملوحةَ العيون؟
نهضَ عن سريره بعد أن كان يجلسُ ويتأمل الأرضَ الجافـة من أيّ خطـوة، اقترب من النافذةِ حتى وقف أمامها، يداه المُتدليتان ارتفعتا قليلًا حتى لامست زجاج النافذة الباردة، والتي تحدُّ بشرتهُ عن القطرات.
كم مرَّ من السنينِ هُنا، ومن الأشهر في كنفِ باريس، مُختبأً خلفَ جدرانِ الهويّـة، متلحفًا بلحافِ الأمل، متدثرًا بالأماني، متزملًا بالحنين! صديقتي الذكريات، الله يا الذكريات! ويا موعِد العُشّاقِ في مقهى العروبـَة، يا لمسَة الجمالِ فوق جبينِ الأنوثـة ، يا طبطبةَ الحنانِ على وجنةِ الأمومـة ، يا الأخوّة الناعسَة ، ويا الليالي الساهرة في أحاديث النهار ، الله! الله يا أياميَ الساكنةِ في صدرِ الغُربَة.
" ممطرة هذي السما ، مثل المواعيد الجميلة "
أسنَد جبينهُ على الزجاجِ وهو يُغمضُ عينيه، انتقلَت برودةُ الزجاجِ إلى صدره، صدري ينزعُ البرودةَ من أرضِ الشتاء، الجفافَ من بيتِ الخريف، صدري يتلقفُ الحرارةَ من نسيمِ الصيف، والربيعُ يبقى بعيدًا لا أنالُ منه شيءْ.
بللَ شفتيه وهو يسمَعُ رنينَ هاتفه، بعدَ دخولـه لشقّته وجد مكالماتٍ لا تُحصى من أدهم، لكنّه استنفد نفسهُ ولم تكُن له القوّةُ حتى يتصّل به بعد ما حدَث، بالتأكيد من يتّصل الآن هو أدهم، لكنْ أهناك طاقةٌ في لساني حتى " يِحكي "؟ تجاهل الرنينَ وكم أن تجاهل هذا الصوتِ سهل، فالإزعاجُ في حيـاتِه الثقيلةِ أكبر من صوتِ هاتف!
وجَد نفسه دون أن يشعُر يُكمل أبيات العنود بصوتٍ مُثقل، بلكنةِ الشاعرِ الذي كانَه، بالشوقِ المحمومِ في صدرهِ لكل ماضيهِ وذكرياته.
ممطرة هذي السما
مثل المواعيد الجميلة
يالله نركض في المدى المبلول
ونعد المطر .. قطرة ، قطرة .. وماعلينا!
لو دخَل فينا البراد ، ولو تعبنا
التعب ، بيصير راحة لا بغينا
،
بين ضجيجِ الزحـام، وتداخلِ أصواتِ الناس .. يجلسُ أمام غادة تحدّ بينهما الطاولـة، في الكرسيِّ الذي بجانبِه يجلُس حسام، كان عشاءهم يصلُهم للتو، يلمحُ نظراتِ غادة التي تتثبّتُ في الطاولـة متحاشيةً النظر إليه ، يبتسم، وعبُوس ملامحها - الزعلانة - لا تناسب رقّة تقاسيم وجهها، ابتعدَ النادل بعد أن رتّب لهم الطاولة، واتسعت ابتسامته قليلًا وهو يهتف لها برقة : كلي
رفعَت نظراتها إليه وقطّبت حاجبيها بانزعاج، وبتذمر : لا تكلمني
بَدر : افا! ليه بس؟
غادة : كذا ، لا عاد تكلمني بس ، ما أبي أسمع صوتك
بَدر : لا واضح زعلانة جد
غادة بعبوس : أكيد بزعل وأنت مطوّق علي بهالطريقة ، حاسة نفسي بختنق!
عقَد بدر حاجبيه وصمتَ قليلًا، بينما زمّت شفتيها لتتناول كوبَ عصير البرتقال من أمامها وترتشفه للنصف، تشعر بغصّةٍ تلتهم حنجرتها، تشعر أن النقصَ في الحريـة تكبّل عقلها، كان ذلك منذ أعوام، قبل أن يمُوت والدها وأمها وزوجة أخيها، هذا السورُ كان حولها بدأً من والدها والآن ضاقَ حين مات وحلّ محله بدر.
زفَر بدر هواءً ساخنًا لينظر لملامحها المتهدّلة بحزن، هامسًا بحنان : غادة ، ما أبي أفقدك
تشنّج فكها وتقوّست شفتاها قليلًا، لتهمس بعبرة : أبوي كمان كان يقولي نفس كلمتك، ما أبي أفقدك! وفقدته أنا!
بدر بابتسامةٍ حزينة : كان يخاف عليك
غادة : كرهت حياتي بسبب هالخوف!
استدار بدر ينظر إلى حسام الذي كان يلعب بالملعقةِ التي تسبح في صحن الشربة والشرود يغطِّي ملامحه، وكأنه كان يُشارك غادة بضيقه، عمره ستّة أعوام، لكنّ تلك الأعوام الست كافيةٌ ليفهم أنّ حياته مطوّقةً ومقيّدةً بحبلِ الخطر.
أعاد بدر نظره إلى غادة التي كانت تنظر باتجاهه تارةً وباتجاه حسام تارة، ليحدّثها بلغة العيون أن تأجل الحديث إلى ما بعد، حينها قطّبت ملامحها لتهتف بحدة وعيناها تُطلقان شرارةَ القهر : تطمّن ما عاد ودي أحكي بالموضوع ، نسيت انك قهقه في قلبـ(ن) لا يفقه
ارتفعت صوت ضحكاته رغمًا عنه وظهره يتراجع للخلف حتى أسنده على ظهر الأريكة، حينها عضّت شفتها بغيظٍ من ضحكهِ الذي لم يستطع السيطرة عليه ولفتَ ضحكه هذا النظر، أدارت وجهها يمينا ويسارًا تنظر للعيون الناظرة إليهم ومن ثمّ نظرت لبدر بغضبٍ لتضرب الطاولة هاتفةً بغيظ : وش اللي يضحكك الحين؟ فضحتنا الله يفضحك
حاولَ بدر السيطرةَ على ضحكاته وهو يعضّ شفته ويمسح على ملامحه بكفّه اليُمنى، وبصوتٍ متحشرجٍ بضحكاته التي تفلت مابين كلمةٍ وأخرى : من وين تجيبين هالكلام؟ جنية
مطت غادة شفتيها بغيظ : جعلك بالجنية اللي تشيلك وترميك من فوق السُودة
بدر بضحكة : الله أكبر! لهالدرجة حاقدة علي!! ما سوّت فيك خير صديقتك العسيرية
عبَست غادة وهي تميل بحاجبيها وتنظر لقدميها بشرودٍ حزين، تُسافر بعقلها لذكرى يومٍ كانت فيه بكامل حريتها، لكن هذا اليوم لم يوجد بعد! ولا تظنّ أنه سيوجد! ابتلعت ريقها بضيقٍ وهي تمدّ يدها وتبدأ بالأكل، بينما عبست ملامح بدر ليتنهد وهو ينظر لهالة الحزنِ التي تطوفُ حولها، لو كان الأمر بيدهِ لانتزعَ شرّ العالمِ كُلِّه وأعطاها كامل الحريـةِ والأمان ، لكنّ ذلك أقرب للمحال، بل هو المحال بعينه!
ذنبها أنها ارتبطت بِه، وارتبطت بوالده، ذنبها أنها وُلدَت في عائلةٍ تُحيطها الخطرُ من كلّ جانب ، ذنبها هذا الارتباط ، كما كان ذنب من فَقَد.
،
تجلُس في مطعمٍ قُرب منزلهم بعد أن أقنعها فارس بالخروجِ معه، تتأمّل العابرين على أرصفَةِ الطريق، لحنُ هذا المكانِ هو السيارات وصوتُ المزامير، صوتُ الجمالِ خافت، الضجيجُ يرتفع، كم باتت تكره الأحيـاء الصاخبة! لو أنّهم يعيشون في قريةٍ ريفية، بعيدةً عن العالم وصوتِ ضجيجهم، لو أنّ العالم هادئٌ فقط، كانت لتقف في شُرفة غرفتها وتتأمل العالم الهادئ/الجميل، ما أجمل الهدوء، وهدوءَ القلبِ من آفاتِ الحيـاة.
استدارت تنظر إلى فارس الذي تحدّث معها ولم تنتبه سوى لصوتِه بينما كلماتُه تائهة، هتفت باستفسار : قلت شيء؟
ابتسم فارس بهدوء : وين عقلك؟
جنان تبتسم بفتور : أجل كنت تحكي معي! وش قلت؟
فارس : لا خلاص كمّلي فقرة التأمل
اتسعت ابتسامتها أكثر : خلاص أبي أتأمل وجهك الوسيم
فارس : هههههههههههههههه تلعبين على عقلي بهالكلمتين
جنان بابتسامة : لازم نزوّجك ، تدري يعني غربة والمفروض مزوجينك من زمان وساترين عليك، أخاف تشفطك وحدة من هالغُرب
فارس بمداعبة : قد انشفطت وانتهى الأمر
جنان تتسع عينيها قليلًا قبل أن تضحك : يا خراشي!! اليوم اليوم أبلّغ الجهات العُليا عشان يتم التعامل معك
خفتت ابتسامتها فجأةً ما إن استوعبت ما قالته، وقد كان مقصدها من الجهات العُليا هو - والدها -، توترت قليلًا مُحاولـة إخفاءَ هذا التوتر الذي كان شفافًا لفارس ورآه، ولم يجد ما يقوله!
صمتت، والبؤرةُ في صدرها تتعمق، يا لحزنها، وخيبتها، ويأسها، تشعر أنّ روحها الزجاجيـة تتحطم، تتحوّل إلى شظايا تتطايرُ هنا وهناك وكلّ ما حاولت القبض عليها ولملمتها جُرحت في صميمِ استيعابها، كيف يأتي الشتاءُ بهذا العُنف؟ كيفَ يلفظُ المكان والزمان والراحـة والإبتسامة؟ شتاؤها داخلي! لا علاقةَ له بالشتاءِ الذي غَادر بروكسيل، عواصفها الرّعديةُ تسقُط في صدرها، في أضلعها ، وتُحطّم الحيـاة في عينيها. إنّها تُثلج في صدري، أشعر بتلك البرودة، بانسحاب الحيـاة ولونها ، كلّ شيءٍ باتَ عديم اللون ، إلهي لوّني بالصبـر، بالتفاؤل، بالسكينة ، كسرتني تلك الحقيقة، كسرتني يا الله!
وصَل إليهم العشـاء، كان فارس يُراقبها بصمتٍ ويشعر أنّه ضعيفٌ أمام حُزن أختـه، لا يسعه شيء، لكنّه لن يصمت! وإن اضطره ذلك إلى الطلب من فواز أن يُطلّقها إن أرادت هي، لن يسمح لها بأن تزفّ إليه وهي لا تريد، لن يسمح!!
بدأا بالأكل، وعيناها الفارغتان تنظران نحوَ الأطباقِ بفتور، تأكل بآليـةٍ وجرحها في صدرها يتعمّق ، سامحك الله يا والدي ، سامحك الله.
،
نظَرت إليه بصدمةٍ بعد تصريحه ذاك، عيناها المُتّسعتان تلألأ عدم الإستيعاب فيها، ارتسمَ في حدقتيها التِيهُ وعاقرَ صوتُها الصمت لثانيتين، لثلاث، لخمس! لتفغرَ فمها أخيرًا وصدرها يرتفع في شهيقٍ مضطرِب، هاتفةً دون استيعاب : حفلة زواجنا؟؟
فواز بهدوءٍ يُكرر ما قاله : ايه ، خلال أسبوع أو أسبوعين
جيهان ترمش بعينيها دون استيعابٍ حتى الآن، الموضوع برمّته جاءَ في وقتٍ خاطئٍ وبعد محادثةٍ شديدة اللهجة .. هتفت باعتراض : شلون يعني؟
فواز بجمود : كأن الموضوع ماهو عاجبك
جيهان بتشتت : أنا استوعبت عشان أعترض أو لا؟
فواز بتشديدٍ على كلماته وهو يدقق في ملامحها ليلتقطَ ردّة فعلها المباشرة بعد أن تستوعب جيدًا : بنسوي حفل زواجنا ، خلال هالأسبوع أو الثاني ، أعتقد طال الوَقت واحنا كذا حالنا ماهو مستقر
ازدردت ريقها بتوترٍ وعيناها انحدرتا هنا وهناك، يمينًا ويسارًا وهي في الحقيقةِ لا تدري ماذا تريد، ماهو ردّها؟ ماذا تريد؟ فكرُها تشنّج عند هذا السؤال، باتت تخشى نفسها التي جهلتها في الآونَةِ الأخيرة، لم تعُد تدرك ما يُريده عقلها الذي بدأ يضعف، هل صمتها علامة الرضا؟ أنّ كلماته راقت لها! وأنّها تتمنى تطوّر الحال لآخر؟
بهتت ملامحها الغيرَ ناظرةٍ إليه، شرُدت تتأمل الأرض البـاردة، المُصقَلة بملامح الإكتئاب كملامحها، ليَقرأنِي الحمَامُ فوقَ جناحيه، لينطقَ بصوتِه أنّ روحي تتهاوى في الضيَاع، أصبَح صوتِيَ " الهديلُ " والبشَرُ لا يفهمون لغتي، أنا نفسي لم أعُد أفهمني! ما أنا بالضبط؟ تالله إنّ النبرة لم تعُد نبرتي، والصوتَ لم يعد صوتي، والكلمات انحلّت من العربيَةِ وباتت لغتي غيرَ مفهومةً في كلِّ اللغات، أنا حصرٌ للتيه فقط.
رفعَت عينيها إليْه لتلمح نظراتِه التي لا تُفسَر، هل تُنكر أنّها تمنّت زواجًا ككل الفتيات، ترتدي فيه الأبيضَ وتبتسم كأميرةٍ في ليلتها الخاصـة، هل تنكر أنّها تتمنى كما البشر؟!! لكن الأمنيَاتِ تنكسر نصفين، وكلُّ نصفٍ يتلاشى .. للأمنياتِ مُكمِّلات، وأمنيتها تنقـص دون أحبّتها ، أي فتاةٍ تسعدُ بزواجها دون عائلتها، أمها، أختها، والدها! أيّ فتاةٍ تلمحُ ضوءَ " أنا ملكةُ هذه الليلة " وعرشُها ضائع! ... أفراحنا ناقصة، لا تكتمل دون عائلـة.
بللت شفتيها وهي تزدردُ ريقها وكأنّما تزدردُ عنصرًا كيميائيًا ساخنًا ذائبًا في حنجرتها، حاجبيها ينعقدانِ بألم، التغضّن بينهما هو اعوجاجُ الفرحِ في ذاتها، تقلُّص صوتِ الأمنياتِ الورديـة.
هتفت بغصّةٍ وهي تنظر لعينيه الساكنتين على ملامحها : ما أبي أفرح فرح ناقص
ارتفعَ حاجبي فواز للحظة، قبل أن يظهر الاستنكار على عينيْه ، هل يفهم من مغزى كلامها أنها تريد ذلك؟ أم أنها لا تريد؟ وكم أنّ انتظارَ ردّةِ فعلٍ ما شغوفٌ بها القلب ينشطرُ حين تأتي ردّة الفعل - مبهمة -، حياديةً لا يفقه منها ما يريد عما لا يُريد.
همَس دون أن يمنع نبرته المتلهفة : يعني؟
جيهان : ما أشتهي الأفراح الناقصة
فواز يكرر بذات نبرته : يعني؟
جيهان : يعني الفستان الأبيض اللي تتمناه كل بنت راح يكون رمادي عليْ ، ما أبيه!
أجفلت ملامحه للحظاتٍ وعيناه بردت لهفتها، تركّزت نظراتُه على عينيها الخائرتين، أجفانها المتهدلةِ بصمتِ السنين فوقَ صفيحةِ الأمَـل، رموشها الساقطةُ على عينيها كشراعٍ لتُبحر في بحرٍ تتوهُ فيهِ ويضيعُ الميناءُ عن رادارِها، البحرُ مالحٌ في عينيها، ملوحتُه تَطغى على ملوحةِ البحَار السبع، مهما اجتمعت الميـاهُ العذبةُ فيهما إلا أنّ الملوحةَ لن تزول، لن تُقمعَ خلفَ العذوبَة وكم أن عذوبَة عينيها صارَت مائةً وألفًا حتى بعد تلك الملوحة - القاتلة -.
هتفَ يبتلع نظراتِه وعاطفَته، بصوتٍ بثّ فيه من الجديّةِ والحزم الكثير : الموضوع تحدد وتثبّت عندي ، أنا أعلمك ما أستشيرك
جيهان بارتعاشِ شفتيها نطقَت : وأنا ما أقدر ، ببساطة ما أقـدر
أردفت وهي تقوّس شفتيها بعبرةٍ تخنقها وتُحشرجُ الكلمات في حنجرتها : إذا ودّك ، فكمّل فرحتي
صمَت للحظةٍ وهو في الحقيقةِ لم يفهم ما كانت تعنيه منذ البدايـة، فِهمُه اقتصر على كونها لا تريد، فقط لا تريد! والبقية الباقيَةُ من كلامها لم يَصِله ولم يستوعبه، هتفَ باستفسار : أكمّل فرحتك؟
جيهان بوجَع : أيه ، إذا تقدر ، وإذا ما تقدر فأنا بعَد ما أقدر
،
وضعَ كأسَ الشاي على الطاولةِ وهو يغضّن جبينه، ناظرًا إلى أمه الجالسـةِ أمامه باستنكار : بتسافر بعد أسبوع؟
عُلا بهدوءٍ تُحاول إخفاء حُزنها لذلك : أيه
وجّه شاهين نظراتِه إلى أسيل الناظرةِ إليْه، ومن ثمّ أعـاد نظراتِه لأمه هاتفًا بحاجبين منعقدين : وتبينا بعد نسافر؟
عُلا بحاجبين انعقدا : أيه أجل ما تبي تسافر شهر عسل؟
شاهين : ونتركك بروحك؟ لا والله ما صارت
علا : وش هالكلام بعَد؟ واللـ ...
قاطعها شاهين بسرعة : لا تحلفين عليْ يمه ، وهديتك لنا على عيني وراسي بس مو الحين! تجلسين بروحك وتظنين اني بتونس بسفري؟
علا بضيق : يا بعد روحي شلون ما تبي تسافَر وتقضي شهر العسل برى؟ ترد هديتي لك؟
وقَف شاهين من مقعدهِ المُنفردِ ليتّجه إليها وهي تجلسُ في ذاتِ الأريكةِ مع أسيل، جلَس بينهما ليُمسك بكفيْ والدتِه هاتفًا بابتسامةٍ حانيـة : قلتلك هديتك على عيني وراسي ولازالت للحين محفوظة بيننا ، بس راح أقبلها متى ما شفت الوقت مُناسب وحاليًا الوضْع ضيّع علينا هالوقت أجل بالعقل أسافر وأخلي نظر عيني بروحها؟ الله لا يوفقني اذا سويتها
ابتسمت عُلا بحبٍ لهُ وهي ترفعُ كفيها وتطوّق ملامحه الحادة : الله يوفقك بكل خطاويك ويكتب لك الخير يا عيُوني ، بس ما يصير تقرر وتكنسل السفرة من نفسك ، وين راحت أسيل؟
ابتسمت أسيل حينها وفتحت فمها لتنطقَ برقّة : ما عليه يا خالتي أنا مقتنعة باللي يقوله شاهين وكلامه عين الصواب
ابتسم شاهين وهو يُديرُ رأسه ناظرًا إليها بعينيه العاشقتين، لتهتز ابتسامتها إليهِ بتوترٍ وخجلٍ وبريقُ عينيها كان كافيًا حتى يُجدد الحيـاةَ في قلبِه ويجعل ابتسامتهُ تشرقُ بشمسٍ مختلفةٍ عن شمسِ الأرض، إنّهُ شمسها هي فقط.
شاهين بابتسامة : الله يسلّم هالراس
ابتسمَت والدتُه براحـةٍ وهي تشعر بالسعادةِ لأجل ابنها وأسيل لتنصاع لهما أخيرًا، ومرّ الوقتُ بينهم طويلًا حتى انسحَب شاهين لصـلاةِ العشاء وانضمّت إليهم سوزان بعد أن استدعتها عُلا لتترك حبسها الإنفرادي وتتعرف على أسِيل أكثر.
،
همَست : الموضوع أكبر من كذا
هديل تعقِدُ حاجبيها باستنكار : شلون يعني؟
إلِين : أنا مو مثل ما تظنين ، أنا شخص مختلف ، حياتي متشعبة أكثر من كونها حيـاة بنت يتيمة
هديل بقلّةِ صبر : وش هالألغاز الحين؟ وضّحي
إلين : أنا عندي أخْ ، وعائلة يا هديل
.
.
.
انــتــهــى
وبإذن الله موعدنا راح يكون اللي قبل رمضان أي بنرجع لبارت كل أربعة أيام بإذن الله ()
ودمتم بخير / كَيــدْ !
|