كاتب الموضوع :
كَيــدْ
المنتدى :
الروايات المغلقة
رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
سلامٌ ورحمةٌ من الله عليكم
صباحكم / مساؤكم طاعة ورضا من الرحمن
إن شاء الله تكونون بألف صحة وعافية
قبل لا نبدأ ببارت اليوم ؛ فيه شغلة مهمة حابة أوضحها لكم :/
أي واحد من الأبطال يوصل بانفعاله لدرجة - السخط على قدرُه - فهذا مو مني هذا منهم! يعني لحد يجي ويقولي ليه وليه وحرام وغلط! أنا عارفة الحرام والحلال ، بس اللي يطلع من أبطالي مو ضروري يكون صح أو أنا أوافقه أو محللته! أكيد لا ، بس كل شخصية واللي يطيح فوق راسها ويأثر بنفسيتها يتحكم باللي يطلع منها وأنا أبدًا ما أزين شيء حرام في عيون القارئ لأني ما أتجرأ.
بارت اليوم قصير شويتين، لكنه جامد وراح تعرفون ليش بالضبط بعد ما تقرأون :$ وعاد الله الله بالتعليقات سواءً هنا أو بالآسك :$ + ملاحظة تعليقاتكم بالآسك صايرة تقل يوم عن يوم وحتى بالكِك. بس ما عليه إجازة ما تنلامون - تطالعكم بنص عين -
الزبدة نبدأ على بركة الله
قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر ، بقلم : كَيــدْ !
لا تلهيكم عن العبادات
+ ما كان ودي أنزل البارت بوقت أغلب المناطق توقيت صلاة المغرب فيها دخل أو قرب يدخل بس ما أضمن إني بقدر أنزله لو تأخرت شوي :(
فمعليش اللي دخل عنده موعد الصلاة لا يترك الصلاة ويقرأ لاحقين على البارت والمغرب يروح بسرعة :(
(36)
كانت جالسةً في صالة الجناح والساعةُ تقترب من الخامسة مساءً، تعيد رأسها للخلف واضعةً لهُ على أعلى الأريكةِ وعيناها مغمضتان، تتذكّرُ ذهابها للطبيبةِ والكلام الذي سمعتهُ منها، سألتها عن طبيعةِ علاقتها الزوجية بسيف في هذهِ الفترة ونصحتها بالكثير ... فهي لازالت في الأشهر الأولى، وجنينها لم يثبت حتى الآن ولربما قد تفقده، لذا لابد من ابتعاد سيف عنها لفترةٍ ليست بسيطة.
بللت شفتيها لتفتح عينيها وتعتدل في جلستها، تتأمل الأرض بفراغٍ سكنَ من زوايا عينيها وانتشر في كامل ملامحها السمراء، ملامحها التي تمرغت برمالِ شاطئٍ في وسطِ الظهيرة، كانت الرمالُ حارة! حارةً حدّ أن الاستقرار شُوِيَ وهو في ريعان شبابِه.
زفَرت بكبت، " ليت الذي بيني وبينك عامرٌ، وبيني وبين العالمين خرابُ "، إنّي أموت يومًا عن يومٍ بهذا البُعد، أحاول دون أملٍ تقليص المسافاتِ بيننا ويأبى القدر إلا أن نكون ضِعافَ المسافات، يأبى القدر إلا أن ترتسم بيننا خطوطًا طوليةً لا تنكسر، ابتعد! لك أن تبتعد، لكن اسمح لي بالإقتراب نحوَ من هو مركز الحياة.
مسحت على وجهها وهي تستغفر، ثم أزاحت كفها للأسفل حين فُتح الباب ودخل سيف مستعجلًا وتُدرك سبب عجلته، سيذهب الآن لابنه، هنيئًا لك، وهنيئًا لي هذا الحمل وكذبي عليك.
هتف سيف وهو يمشي باتجاه غرفة النوم : شفتي مفتاح سيارتي؟ مدري وين حطيته
بالرغم من كونها قد رأته وضعه في درج الكومدينة في حين غفلةٍ منه وهو يحادثها ما إن عادوا من المشفى، إلا أن " الإستلعان" سطع في عقلها وأرادت بعنادٍ عدم ذهابه : لا ، ما شفته .. شوف ثوبك يمكن فيه
سيف يدخل الغرفة ويهتف رافعًا صوته : ماهو في الثوب شايفتني مخفّة ما أحس فيه؟
تمايلت شفتا ديما في ابتسامةٍ خبيثةٍ وهي ترفع صوتها عاليًا بعبط : يمكن ، شوف طيب أذونك يمكن مخبي المفتاح فيهم عشان كذا لما العالم يحكون وياك ما تسمع ولا تفهم
لم تسمع منه رد، لكن بعد لحظتين رأته يخرج من الغرفة بخطواتٍ شديدةٍ متجهًا إليها ووجهه يحتد بحنق، فغرت فمها وهي تنهض تنوي الهرب، إلا أنه وصل إليها قبل أن تهرب ليُمسك معصمها ويشدها إليه بقوةٍ حتى ترتطم بصدرهِ وتتأوه بألم.
سيف بحدة : عيدي يا هانم ما سمعت ، المفتاح كان جوّا أذوني وتوني خرجته
عضت شفتها بحنقٍ منه وهي تحاول الإبتعاد عن هذا الجسد الذي آلمها الإرتطام به : وخر زين ماهو جسم ذا حرّاثة
شدّ على معصميها يرفع يديها قليلًا للأعلى وهو يكبح ابتسامةَ الإستمتاع التي تحارب لتعلو على شفتيه، وبلؤم : عاد ناوي أحرث فيه لسانك ذا يمكن يتعدل
ديما بغضبٍ وهي تواجه عينيه بعينيها الناريتين : وأنا ودي أقطع لسانك ذا وأرميه في أقرب زبالة والأكيد بيتجمع عليه الذباب من وساخته
رفع حاجبيه وشدّ بقوةٍ على معصميها حتى آلمها، أغضبهُ كلامها قليلًا لكنه وجد غضبه هذا يسكن أمام رغبته في إغاظتها أكثر.
سيف من بين أسنانهِ وهو يخفض وجهه إليها : هالذباب يا ستي هو أنتِ ، مافيه غيرك يحب يكون قربي
زمّت شفتيها بحنقٍ ووجهها اشتعل بغضب، سهلةُ التمرد، وسهلةُ الغضب، وسهلةُ الخضوع أيضًا، تأمل وجهها وهو يسمع صوتها كالناي الغاضب يُعزفُ إليه، لم يهتم لكلماتها التي تخلخلتها " واحد مستفز / يا ملاغتك / الله ينتقم لي منك " وهو يبتسم لغضبها المُمتع الذي يُدغدغ متعته، إنها جميلةٌ حتى وهي غاضبة، بل أكثر جمالًا! تشبيهين بدايات الصباح الصافيةِ سماؤها، الشّقية حين يبدأ شمسها بالسطوع وأنا شمسك! لا أغيب ولا يغيب شقاؤك، خالديْن بين خصلات شعرك كخيوطٍ تغزل الخلودَ و " أحبك تضحك بيننا ".
حاولت ديما سحب يديها وهي تهتف بغضبٍ ينتفخ بهِ وجهها : والله ما الذباب الا أنت يا كبير الذباب ، عرفت الحين ليه عندك انفصام من يلومك والذباب تنسى كل خمس ثواني؟!!!انخرط في الضحك وهو يخفض يديه مع يديها دون أن يحرر معصمها، أغمض عينيه وهو يضحك، وصوت ضحكاتهِ كانت كافيةً لتجلب لها المزيد والمزيد من الغضب. صرخت بقَهر : اترك يديني ، اتركني الله ياخذ هالصوت المزعج
سيف : ههههههههههههههههههه يا الله ارحمني! * سكنت ضحكاته قليلًا ولم تبقى الا ابتسامته التي تظهر منها أسنانه، ليُردف * أنتِ متأكدة إن عندك مخ داخل هالراس؟
كشّرت ديما وهي تُشيح وجهها عنه، ليترك أحد معصميها ويرفع يدهُ حتى يُمسك ذقنها ويُدير وجهها إليه : طالعيني
نظرت إليه ديما ووجهها لازال في طور الغضب، عيناها المشتعلتين كموقدٍ كانت تنبعث مباشرةً إلى عينيه لتشتعلا بها، بشراراةِ حدقتيها، بتمرد رموشها فوق أجفانها. همست بغيظ : وقح!
سيف يبتسم وهو يحرك طرف سبابته على بشرةِ فكّها : أنتِ اللي بديتي ... * كشّر فجأةً ليترك ذقنها ومعصمها ويردف * أعوذ بالله منك نسيتيني طلعتي ، * ابتعد عنها داخلًا غرفة النوم * الحين وين بلاقي المفتاح!!
ابتسمت بلؤمٍ وهي تدعو الله في نفسها ألّا يجده، فما أجمل من أن تشعِره بعدم رؤية ابنه ليومٍ فقط، يومٍ ينتصرُ فيها شعورُ القهر ويلفظ انتقامًا بسيطًا ستتبعهُ بآخر أقوى، ليُجرّب معنى أن لا يراه يومًا، فأنا لم أحمل طفلًا لي على مدارِ ثلاثِ سنين كان الأحرى فيها أن أحمل طفلين على الأقل، كان الأحرى فيها أن أشمّ رائحة الأمومة وأنا أرى طفلي الأول يتحدث، والآخر يمشي . . ازدردت ريقها عند تلك الأفكار وكفّها ارتفعت تلقائيًا إلى بطنها لتمسح عليه بحالمية، كُن بخير ، لا تُرهقني كوالدك ... يا الله! ما أجمل " والدك " ما أجمل هذهِ الكافْ التي تربطني أنا وأنت بِه، ما أجملها وإن كان هذا الوالد قاسيًا فظًا لم يتعلّم ما معنى معاملة النساء، لم يعلم أن احترام المرأةِ ليس فقط في عدم ضربها، بل هو أيضًا في عدمِ حُزنها ولو بالحديث.
سمعته يشتم داخل الغرفةِ بصوتٍ مكتومٍ لتبتسم رغمًا عنها، وبهمس : مو كل مرة أنت تستلعن ، خليني هالمرة أجرب شعور الإستلعان
,
سلّمت عليها ببرودٍ بعدما دخلت ووقفت بجانبِ فواز، كان سلامُها باردًا بدرجةٍ جعلت فواز يزفرُ الهواء من صدرِه حنقًا ، حتى وإن كانت أمّه قد أخطأت مرةً في حقهما ، إلا أنها أمه! وستبقى الأم أعلى مرتبةً من الزوجةِ وإن بلغت الروح الحلقوم ، حتى وإن وصَل عشقُه لجيهان النخاع إلا أن عشق أمّه امتلأ جسدُه به، فالأم سمفونيةً لا تنقطع، غيمةٌ معطاء لا ينتهي ماؤها ولن تصل امرأةٌ إلى عطائها.
زمّ شفتيه وهو يكبح غضبهُ من جيهان تجاه سلامها البارد الذي كان مُهينًا لوالدته، إلا أمي يا جيهان ، إلا هي.
ابتسمت أم فواز بهدوءٍ لجيهان : كيفك يمه؟
جيهان " من فوق خشمها " : بخير ، من غير يمه
رمَت جملتها تلك ومن ثمّ تحرّكت بفظاظةٍ لتدخل وتتجه لمجلس الضيوف، لتعقد أم فواز حاجبيها بضيقٍ بينما تصاعد الغضب على ملامحِ فواز التي احتدت، بإمكانه أن يصمت على كره جيهان لأمه فالكره والحب لا يأتي غصبًا، لكن أن تتعامل معها بهذه الطريقة ... سحقًا! سحقًا!
عقدَ حاجبيه بشدةٍ وهو ينظر لأمه التي هتفت بعتاب : كذا يا فواز؟ تجي من سفرتك وتنام بالفنادق؟ هذا وأنا مجهّزة لك من يومين غرفة خاصة لك أنت وزوجتك؟؟!
ازدرد علقمًا وهو ينظر لوالدته بنظراتٍ سقط غضبُه عنها، بينما جاش في صدرِه الضميرُ معاتبًا نفسها أشدّ العتاب وأقساه : يا بعد هالروح يا يمه ، ليه ما قلتِ لي هالكلام يوم اتصلت فيك وعلمت اننا بنزل فندق؟
ام فواز بتوبيخٍ ناعم : وش تتوقع مني أقول بعد ما يقولي ولدي بنام في فندق مع مرتي ويترك بيته اللي عاش فيه من صغره؟ .. أمداها المرَة تلعب براسك
فواز يُقبّل رأسها قبل أن يهتف : تخسى المرَة تلعب براسي عليك!
ام فواز : أجل تنام عندي لين تسافر
فواز يُشير لعينهِ اليُمنى واليسرى متجاهلًا رأي جيهان، فهذا أفضل عقابٍ لفظاظتها : من هالعين لهالعين يا ام فواز
ابتسمت ام فواز بسعادةٍ أمومية تنبع من عينيها وحبٌ أعمى لمن شَقيَ جسدها في رعايته : تسلملي هالعيون يا عيون أمك ، تعال نورت بيتك ومرعاك ادخل يا وليدي وشوي وبتلحقك أختك وزوجها
فواز يتحرك ويمشي بجانبها باتجاه المجلس الذي اتجهت إليه جيهان : شاهين وأسيل؟
ام فواز : ايه توها متصلة علي وتقول انها في الطريق
،
بعد صلاة المغرب
في إحدى حدائق باريس التي امتلأت بالأطفال، عائلاتٌ هنا وهناك، وأطفالٌ يركضون حولهم، رائحة العائلـة تنتشر في الأجواء، ومع رائحتها بدأ يشمّ خيالَ رائحة القهوة العربية، رائحة شعر أمه، بيتهم، رائحتـها! ... هل للرائحة خيال؟ إنّه الشوق والحنين يصنعُ من العدمِ وجودًا، فاض في عينيه الشوقُ حتى بات يرى ملامحه في المرآةِ ملامحهم، وصوتُه يسمعهُ صوتهم، كل ما يأكله بات لسانهُ يتذوقهُ إحدى الأكلات الشعبية التي كان يتذوقها سابقًا حين كان في السعوديّة، وعيناه! يرى فيها عيني من غدرهُ وطعنهُ في ظهره، وجّه سكينةً جهة قلبه مباشرةً وأدمى كل أعضائِه بغدره الذي لو كان من آخر لتجاوزه، لكنّ هذا الغدر استكن في صدرهِ وتكرر أيامًا وأسابيعَ وأشهرًا ونصلٌ مسممٌ يعود غرس نفسه في صدره مرارًا ومرارًا. حتى المرآة تغدرُه في كل يومٍ حين تعكس لهُ ومضة الماضي وحنينه، آهٍ يا حنينُه! كمشكاةٍ حملت جوفَ الألم، كمشكاةٍ فيها مصباحٌ والمصباحُ نارٌ تحرقهُ وتنتشر في أوردتهِ كسمٍ نتن.
رفعَ عينيه إلى سماءِ باريس، يا نجُومُ أفيقي على حزني، أرسلي إليهم رسالاتِي الحزينة، دمعِي الجريح الذي رفض النزول، أرسلي إليهم مع بريقكِ أنّهم خانوني وأزالوا مظهر الحياةِ فيّ، أرسلي إليهم ملُوحة عيني التي تحجرت ورفضت النزول ، أحتاج دمعًا، زاجلًا يرسِل إليهم كم اشتقت! اشتقت لكنّ شوقي يسكن في صدري ولا يدفعني للطيران إليهم ، اشتقتكم ، اشتقتكم حتى أنت يامن غدرني ورششت على جراحي منكَ ملحًا.
،
دخلت للمشفى بخطى واهنة، عيناها تتأملان بياضَ الأرضيةِ والجدران بفراغ، استطاع فارس بجهدٍ أن يرغمها على الذهاب معهُ حتى تزور والدها ولو أنّ جرحها منهُ فاضَ وكوى قلبها. يخيفني أنْ عدد خطواتِي الحالية التي أعدّها هي عدد السنواتِ التي يُرسم فيها التعاسة لي ، واحد ، اثنان ، ثلاثة ، عشرة ، عشرون ، مائة! ولا نهاية! أحاول أن أجد جانبًا إيجابيًا في كل ما يحدث، أقف على " لكل أمرٍ جانبٌ مشرق " لكن الشمس تغيب ولا يُشرق شيءٌ فيما يحدُث. يا الله! قد بلَغ بعبدك الحيرةُ منتهاه، قد بلَغ فيه الضيق حتى النخاع .. أرشدني لطريقٍ يُختزل فيه الحُزن ويجف، ارشدني لطريقٍ تنكسر فيهِ حيرتي وألقى نفسي من جديد ... ليس سهلًا أن تكُون حياتُك لسنينٍ زائفة ، ليس سهلًا كل ما اكتشفتهُ في أيامٍ قليلة.
رفعَت رأسها قليلًا للأعلى وهي تزمّ شفتيها بألم، اقتربا من غرفته، هاهما يخرجان من المصعد الكهربائي وقد أصبحا في نفس الطابق الذي ينام فيه، وينام هُنا الأنين، أنينُ صدرها الذي ينهض بخطواتِها هذه، ينقَشعُ في سمائِها غيومُ السعادةِ التي تُسقط قطراتِ الضحكات عليها، والخريفُ ينقشُ ذاتهُ في صدري وأجفُّ وتتكسر أضلعي بعد جفافِها، أنا كمن يمشي حافيًا على دربٍ مليئٍ بالشوْك، يُوخَز في كل خطوةٍ عشر وخزات، ولا أدري هل سأعتاد أم أن الألم سيبقى يُجدد نفسهُ فيَّ وأمُوتُ عدد الوخزات.
وقفت أمام باب الغرفةِ الخاصةِ بوالدها للحظات، ليدخُل فارس وهو يوجّه نظراتهُ إليها ويشير لها بالدخول، لتزدرد ريقها وتدخل من خلفه بخطى تتبخر فيها القُدرة.
أدار ناصر رأسهُ ناحية الباب، وما إن رآهما وتحديدًا جنان امتلأ صدره بالسعادةِ تلقائيًا فعينيه قد أتت بعد أن قاطعتهُ لأيامٍ يُدرك فيها ما سبب هذا القِطاع وإن تصنّع العكس من ذلك.
تقدم فارس أولًا ليُسلّم عليه بينما بقيت نظراتُ ناصر معلقةً بها حتى ابتعد فارس واقتربت هيَ مُقبلةً جبينه، حينها رفعَ يدهُ المنتفضةَ بالتضاعفات التي حدثت لهُ بعد العملية ليضعها على شعرها وتُغمض هي عينيها وصدرُها يجيش بالحُزن، تستشعر هذا الضعفَ في كفّه وليس سهلًا عليها أن تتجاوز هذا الإحساس بهِ ولا يتألم صدرها ، هو والدها، مهما حدثَ هو والدها.
همَس لها وهو يبتسم بعتاب : كذا يابوك تتركيني كل هالأيام وما تجيني؟
ابتسمت لهُ بألمٍ وعيناها يترقرق فيها الدمعُ ولا ينضب، هتف ابو فارس بعتابٍ حين رأى الدمع يسكن عينيها : الله! وشوله هالبكى الحين؟
لم ينتبها لفارس الذي انسحب بهدوءٍ من الغرفةِ ليترك لهما الأجواء والحديث بأريحية، بينما تقوّست شفتا جنان بألمٍ وهي تشعر بالوجع يخنقها ويُحشرجُ روحها بألم : ليه سويت فيني كذا؟
تنهّد ناصر بألم وعيناهُ يتماوجُ فيها الكلمات التي تعبر إلى الشفاهِ وتسقط، لا الأبجدياتُ تسعف! يُطيح بجمال الحياةِ عدمَ النيلِ بما نتمنى، يا ابنتي لا تسألي، لا تسألي العين عن سبب الدمع فيها، لا تسألي الكلمات عن سبب الصوتِ فيها، لا تسألي الصوتَ عن النبرات! فهذا انتماءٌ لا ينحل وأنتِ جزءٌ مني لا ينحل ، ومن بين كل ذلك ينحل عني تبسيطُ حزنك.
همسَ لها وهو يغمض عينيْهِ ويستنشق بدل الأكسجينِ عزمًا : بالأول ، وش عرفتي ووش سمعتي؟
يتبــع ..
|