لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > الروايات المغلقة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الروايات المغلقة الروايات المغلقة


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-12-14, 03:50 PM   المشاركة رقم: 206
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Mar 2014
العضوية: 265607
المشاركات: 229
الجنس أنثى
معدل التقييم: حنان الرزقي عضو على طريق الابداعحنان الرزقي عضو على طريق الابداعحنان الرزقي عضو على طريق الابداعحنان الرزقي عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 337

االدولة
البلدTunisia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
حنان الرزقي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد الثالث والعشرين

 

قلت انك لست راضية تماما عن الفصل وهذا امر طبيعي فما من انسان يبلغ درجة الكمال ولكن هناك جوانب كثيرة متميزة اراها من وجهة نظري المتواضعة كأسلوبك السلس في الانتقال من الحاضر الى الماضي حينما كان شاهين يسترجع مشهد زهرة اللوتس دون ان تربكي القارئ و كذلك اعجبني الحوار الراقي بين شاهين وزوجته وان كنت استبعد وجود رجل يرضى ان تتذكر زوجته حبيبها السابق حتى ولو لم تفصح عن ذلك وهذه فطرة او غريزة التملك عند الرجل اما مااراه بارزا في كتاباتك هو كثافة الوصف فكثيرا ماتغرقين في وصف مكان او زمان او عضو من اعضاء الجسد كعيني جيهان او كلمة (ديما) واثرها في نفس قائلها . في الحقيقة الاكثار من الوصف سلاح ذو حدّين فهو من ناحية يبرز مهارة الكاتب في استعمال اللغة واساليبها المختلفة و يعطي لمحة عن الاطارين الزماني والمكاني والشخصية اي صفاتها الخارجية والنفسية ولكنه من ناحية اخرى يشتت القارئ اذ ينهمك في متابعة المقطع الوصفي و ينسى ماكان من احداث قريبة وقد يجعله يملّ سريعا من الرواية خاصة اذا لم يجد احداثا جديدة وهنا اعذريني لانني لم الحظ تطورا كبيرا او ازمة كبرى في احداث هذا الفصل بينما يجب ان يتوفر ذلك كي تمتدّ الرواية وتظل مشوقة لاينفك يفكر فيها حتى الفصل القادم . اشكرك انستي ووفقك الله

 
 

 

عرض البوم صور حنان الرزقي  
قديم 18-12-14, 06:58 AM   المشاركة رقم: 207
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد الثالث والعشرين

 






السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ()
صباحكم سعادة حبايب كيد


بهالأسبوعين رجعت عندي الحالة اللي مدري شسمها اللي أصير فيها عديمة تركيز - روائيًا -
صايرة لو فتحت على البارت وكتبت أكتب رُبع موقف وأقفل مباشرة لأني أشوف إني قاعدة أكتب شيء غلط وبأسلوب ماهو أسلوبي وبدون تركيز!
وما ترجع كيد لسابقتها الا قبل يومين من البارت وأعتقد واضح لكم بآخر بارت الرداءة اللي حسيته فيه
بدون مجاملة! البارت شلون كان؟ أنا أشوفه سيء جدًا ورديء بدرجة خلتني أنزله وأنا مترددة.

لي يومين مواصلة بالليل على البارت بس وأحاول ما أشغل نفسي بشيء ثاني
طيب قد سمعتوا بالمعلومة اللي تقول إن العقل يصير متحفز أكثر والإنسان ينجز بإبداع أكبر بآخر الليل أكثر منه بالنهار؟
أظن إني أثبت المعلومة بتجربة شخصية :p
عقلي ما صار يركز الا بالليل أما بالنهار أحسه يصير للأبجدية فورمات لووول


البارت راح ينزل أكيد
بس أعذروني لأنه يمكن يتأخر، بقي لي موقفين ونص ويمكن أزوّد شوي لأني أشوف البارت هالمرة أقصر من كل مرة مع إنه شامل لكل الشخصيات
عمومًا إذا ما نزل اليوم بينزل على صباحية الجمعة

جدًا أعتذر :(





 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 19-12-14, 12:55 AM   المشاركة رقم: 208
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد الثالث والعشرين

 





سلامٌ ورحمةٌ من الله عليكم
صباحكم / مساؤكم طاعة ورضا من الرحمن



بسم الله نبدأ

قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
بقلم : كَيــد !


لا تلهيكم عن الصلوات



(25)




قبل ساعاتٍ خلت
استمع لكلمات ابنه حتى انتهى، ووجهه لا تعبيرَ مقروءٍ به، لا تفسير واضحًا في عينيه.
هتف هيثم باضطراب : صدقني يبه والله هي! هي اللي من البداية كانت تلاحقني وتتصل علي، وأكيد لاعبة على عقل فارس وقايلة له إن اللي يصير هو العكس
صمت أمجد دون أن يرد بشيء، لم يلفظ بشيءٍ منذ بدايةِ حديث هيثم، فقط كان مُنتحلًا لشخصيةِ المُستمع لا غير.
هتف أخيرًا بجمودٍ جعل قلب هيثم يضطرب أكثر : طيب متى بدت تلاحقك بالضبط؟ ما أقصد بالمكالمات.
ردّ هيثم باضطرابٍ بأول مدةٍ طرأت على عقله : من ثلاثة شهور تقريبًا
أومأ أمجد إيماءةً تكاد لا تُرى وهو يهمس من بين أسنانهِ الموصدة : طيب ، ارجع للبيت الحين
هيثم بتوتر : بس فارس يظن
أمجد بثقة : والله ما يلمسك وانت ما سويت شيء
زفر هيثم زفرةً ساخنةً ينفث كل حرارةِ الإضطرابِ والذعرِ من جسده، ثم همس : توعدني؟
أمجد بتأكيد : أوعدك
تنفس براحةٍ وهو يبتسمُ بتوتر : طيب، راجع
أمجد : فمان الله
ثم أغلق ليزفر بكبتٍ وغضب الأرض كلها اجتمعت في صدره، اشتعلت عيناه بقهرٍ وهو يمسح بكفهِ على وجهه إلى أن توقفت كفاه فوق فمه، ودون ترددٍ رفع هاتفه من جديدٍ أمام عينيه ليتجه لرقم فارس.
انتظر قليلًا والهاتف من الجهةِ الأخرى يرن، ينظر إليهِ فارس الذي كان يجلس في سيارته بعمق الحنق والغيظ في داخله، لم يكُن يريد الرد على أمجد تحديدًا في ساعةٍ تشتعل فيها روحهُ ولا تنطفئ، لكنه في النهايةِ أجاب قسرًا وبصوتٍ حانق : وش فيه يا خال؟ إذا ودك أحكي عن اللي صار فولدك أدرى بسواته خله يتكلم
تنهد أمجد بكبتٍ قبل أن يهتف : تعال الحين
قطّب فارس جبينه وهو يُمسك زمام صوته كي لا يرفعه في وجه خاله، وبكبت : ليه؟
أمجد بحدة : تعال وبس ... هيثم عندي
اتسعت عينا فارس وهو يتمتم بحدة : عندك؟؟
أمجد ببرود : ايه .. لا تتأخر * ثم أغلق *
زمّ فارس شفتيه بانفعالٍ وهو يحرك سيارتهُ بسرعة وغضبهُ الذي لم يقل منذ تولّد تصاعد أكثر.

بعد دقائقَ طويلة
وصل فارس ووجهه متشنجٌ بغضب نبضاتهِ التي تتصارع فيما بينها، بغضبِ اشتعال عينيه، بغضبِ الدماء التي تتدفق لملامحه التي احمرت.
ترجّل عن سيارتِه ثم أطبق باب السيارةِ من خلفهِ بعنفٍ مُتجهًا لباب بيتِ خاله، وما إن ضرب جرس الباب حتى فُتح هذه المرة بسرعة.
دخل متجاهلًا الخدامة التي انزوت خلف الباب وهي ترى ملامحه هي ذاتها التي كانت قبل دقائق، بل كانت أشدّ اشتعالًا.
وجد خالهُ جالسًا في الصالة يقلّب الهاتف بين كفيه وعلى وجهه تعبيرٌ غير مقروء، ينظر للفراغ بعينين جمد الشعور فيهما وباتت عيناه باردتان كالصقيع.
هتف فارس بعنفٍ وهو يقترب منه بخفة : وينه الخاين؟؟
رفع أمجد رأسه إليه، وبقسوة : تعال
فارس يتوقف في مكانهِ على بعد خطوتين منه : مو قلت عندك؟ أجل وينه فيه ما أشوفه؟
أمجد بحدة : تعال
فارس بقهرٍ يشد على أسنانهِ ليصدر صريرًا من بينها : أنا الغبي اللي صدقتك ونسيت انه ولدك!
اشتعلت عينا أمجد وهو يهتف من بين أسنانهِ بتحذير : قلت تعال يا فارس
زفر فارس وهو يشتت نظراته هنا وهناك مُنفعلًا، وأمجد ينظر إليه بحدةٍ ينتظر منه أن ينصاع لأمره، لكنّ فارس في النهاية استدار عنه ينوي الذهاب.
أمجد بحدة : فــااارس
لكن فارس تجاهله بحجم الغضب في داخله وهو يتحرك راحلًا، إلّا أن عيناه توقدتا بجحيمٍ وهو يرى هيثم واقفًا أمامه، هيث الذي تراجعَ بذعرٍ ما إن رأى فارس أمامه، إلا أن تراجعه كان بلا أي فائدة، فعقله تيبس للحظاتٍ كانت كفيلةً بجعلهِ يقفُ للحظةٍ وينسى الهرب.
انقض عليه فارس ليعتقل ياقةَ ثوبهِ بين أنامله، وصرخةٌ انسابت من بين شفتيه حملت كلّ القهر الذي غلّف صدره : يا حقييييييييير
صرخ أمجد من الجهةِ المُقابلةِ يوقفه : فااااارس
إلا أن فارس كان كمن تشرّب التجاهل ونسي من هو هذا الذي يناديه. دفعَ بهيثم للخلفِ وهو يهتف من بين أسنانه بشر : يا حبيبتي؟ هاه
دفعهُ من صدره ببعض العنف بكفهِ اليسرى بينما اليُمنى كانت متشبثةً بقميصه، مُردفًا بحدة : تبي تجرب الحب؟ ودك تعرف وش هو الحب؟ ودك طيب تعرف عواقبه؟؟
صرخَ بقهر : ودك تعرف وش يعني اللعب بالبنات؟ والأهم ودك تعرف وش يعني إنك توصل بانحطاطك لاستهداف بنت عمتك؟؟ جاااااوب ودك تعرف؟ * صرخ بصوتٍ أعلى * جااااااااااااااوب
رفع قبضته اليُسرى ينوي لكمه، وذاك أغمض عينيه بقوةٍ وهو يرتعش، إلا أن كف أمجد كانت أسرع لتُمسك بقبضة فارس بقسوة، وصوته كان أكثر قسوةً وهو يزمجر : إذا ناديت عليك لا تطنش
نفض قبضة فارس بقوةٍ للأسفل وهو يرفع يديه مرةً أخرى ليفكّ قبضة فارس الأخرى عن قميص هيثم الذي كادت ابتسامةُ الراحةِ ترتفع إلى شفتيه بعد أن ظنّ بأن والده كان يكذب عليهِ ليُسلمه لفارس.
كانت قبضةُ فارس مُتشبثةً بقميص هيثم بشكل جعل تحررها صعبًا إلا أن أمجد في النهايةِ استطاع، ووجهه تصلّب بقهرٍ أشعل النيران في صدره، أشعل الكُره في قلبه لكلا الواقفين بجانبه، ماذا كان يتوقع من خاله هذا؟ هل ظنّ أنه سيرمي بكرهه لأخته حتى يكون عادلًا؟ هل ظن أنه سيسمح بمعاقبةِ ابنه وإن كان مُخطئًا لأجل جنان التي يُمقتها؟؟
شعر بأحشائه تلتوي وهو يغمض عينيه بقهر، يشدّ على أسنانه وشفتيه ارتعشتا من شدةِ غيظه. أدار رأسه قليلًا إلى أمجد وهو يفتح عينيه لينظر إليه مُزدرئًا : كذا يعني؟ ما هقيتها منك والله!
تحركت قدما هيثم بفعل خوفهِ الذي لم يندثر ليندسّ خلف كتف والدهِ يحتمي به، حينها ابتسم فارس ساخرًا وهو يُشير إليه : هذا الجبان ، الخسيس .. حتى وإن كان ولدك ، شلون توقف معاه وهو غلطان؟
هيثم بوقاحةٍ وهو ينظر لفارس ببعض الخوف : هي الغلطانة ، بدل لا تجيني وتتضارب معاي روح ربّي أختك
صرخ فارس بعينين اتسعتا والتهبتا بجنون : شــــــب! لا تجيب طاري أختي على لسانك يا وقح
رفع أمجد كفهُ بوجهٍ جامدٍ يوقف الحديث : اسكت يا فارس * أدار رأسه قليلًا لهيثم الذي ابتسم * وانت بعد يا هيثم
صرخَ فارس منفعلًا : ماراح أسكت .. إذا كنت تسكت عن ولدك لا غلط فأنا ماراح أسكت لأن غلطته تمس أختي قبل لا تمسني
أمجد بحدةٍ ينظر إليه : قلت اسكت!
هزّ فارس رأسه بحقد : مو هالمرة ، إذا كنت بهالشكل يا خالي راح أنسى مين تكون! بأي حق تنسى " الظلم ظلمات يوم القيامة " وتوقف بصف الظالم؟
هيثم يبتسم بتشفي ثمّ يهتف دون مبالاة : بحق إنه ماهو خالها عشان يخرب علاقته بولده!
اتسعت عينا أمجد بشدةِ الصدمةِ التي انتابته، وفارس الآخر قطّب جبينه وهو ينظر إليه باشمئزاز : وش تهبب انت؟
هيثم بتحدي : قاعد أقـو ...
قاطعهم أمجد الذي تحشرج صوتهُ وصدره يرتفع بأنفاسهِ الحادة : انت انطم وابلع لسانك ، من وين جايب هالجنون؟
ارتبك هيثم واختفت ابتسامتهُ وهو يهتف : أنا ...
استدار إليه أمجد ليُقاطعهُ بصرخةٍ أفزعت هيثم وفارس كلاهما : أنت أيــش؟ هاه! قولي أنت أيش؟
تضاعف ارتباك هيثم وهو يهتف بصوتٍ يكاد يتلاشى : يبه شفيك تصارخ علي؟
بلل أمجد شفتيه بغضبٍ قبل أن يسأله : قلت لي متى بدت جنان تلاحقك؟
هيثم يبتلع ريقه قبل أن يرد : قبل ثلاث شهور تقريبًا
دوى صوتُ صفعةٍ أُطلقت من كف أمجد إلى خد هيثم، صفعةٌ كانت صادمةً لفارس أكثر منه لهيثم الذي فغر شفتيه لا يستوعب ما حدث، بينما وقف فارس في مكانه دون أن يتحرك أو يقوم بشيءٍ وعقلهُ توقف للحظات.
أمجد بقسوة : ثلاث شهور؟ ثلاث شهور يا مسود الوجه؟ ... على بالك مخفة تلعب علي؟
هيثم بذعرٍ وهو يشتت نظراته عنه : يبه والله ما ...
صرخ أمجد مقاطعًا له : لا تحلف يا كلب، على بالك الحلف لعبة والا أيش؟؟؟
قبل ثلاثة شهور يا ذكي ما كنا هنا، كنا في دبي ياللي ما تستحي على وجهك وقاعد تبتلي على بنت عمتك
بهت هيثم وانسحب لون وجهه، بينما زمّ أمجد شفتيه وهو يمد يديهِ ليضعهما على كتفيه بحدة : وعدتك وقلت لك والله ما أخليه يلمسك لو كنت ما سويت شيء ... بس لو كنت سويت وش بسوي وقتها؟
نظر هيثم إلى وجهه بملامح ضاعت خلف خوفه، بعينين حملتا رجاءً خفيًا، ليفزعَ حين دفعه والده إلى فارس بقسوةٍ مُردفًا : عمري ما خليت أي أحد من خلانك أو أعمامك يضربك، ولا أحد منهم غيري أنا، كنت لما تسوي غلطة أقولهم أنا بربيه عليها بس ما يضربونك! بس الحين ياهيثم، الحين ياللي المفترض أرفع راسي فيه، غلطتك ما كانت تمسني أنا أو تمسك، غلطتك تمس فارس وجنان، تمس غيرك ، وغلطاتك قبل ما تتقارن بغلطتك الحين . . لذلك أنا سلمتك لولد عمتك اللي ضريته بعدم مرجلتك
نظر هيثم لوالده بملامح غاب عنها الأمان الذي كان قبل قليل، برجاءٍ تدفق من عينيه، بينما نظر فارس لخاله بعينين مالتا بامتنانٍ له، كيف ظنّ بهِ سوءًا وظلَمه حين ظنّه ظالمًا؟ كيف كان سهلًا عليه أن يحقد بكل تلك البساطة؟ . . شعر بفداحةِ ظنّه ليقترب منه بخطواتٍ واسعة حتى وقف أمامه، ثم وضع كفه خلف رأسه وأحناه قليلًا ليُقبله.
فارس بامتنان : مشكور ، مشكور يا خال .... وأعتذر منك على سوء ظني وقلة أدبي
زفرَ أمجد بكبتٍ دون أن يرد عليه، ثم استدار تاركًا المكان لهما بصدرٍ تحشرج بأنفاسه وهو يشعر بالخذلانِ تجاه ولده الذي لم يتوقع منه ذلك!
ما إن رآه هيثم يذهب حتى تحرك هو الآخر ينوي الهرب، لكن فارس كان أسرع منه إذ استدار إليه بسرعةٍ وأمسك بهِ من خلفيةِ قميصهِ يجذبه إليه.
أدارهُ إليه ليشدّه من ياقةِ قميصهِ هاتفًا من بين أسنانهِ وهو ينظرُ إلى اهتزاز حدقتيه ذعرًا : ماراح أضربك ... تدري ليه؟ مو عشانك بس عشان خالي اللي احتِرم كونه ما قد ضربك أحد غيره، وما ودي أسلب منه هالحق
رمش هيثم للحظاتٍ دون أن ينبس بشيءٍ والكلماتُ تتنافر، حباله الصوتية تقطّعت ومن أين قد تواتيه الجرأة ليرد وهو الذي كان قبل قليلٍ يتواقحُ عليه.
أردف فارس من بين أسنانه بقهر : بس شلون؟ شلون قدرت تسوي سواتك وتنسى مين هي؟؟ شلون يا واطي؟؟؟
ازدرد هيثم ريقه دون أن يرد، وعيناه تشتتا عنه، لا يملك ما يدفعه للنظر في عينيه، لا يملك ما يدفعه للرد! ككل مجرمٍ يقع عليه دليل إدانته! ماذا يملك ليرد به مدافعًا عن نفسه!!!
نظر إليه فارس بازدراءٍ ليدفعهُ عنه أخيرًا، وبحقد : انقلع من وجهي يا واطي!


,


منتصف الليل
جسدها يستلقي على السرير، تنظر لنقوشات السقف بشرودٍ وعيناها يهتزّ بهما الندم ويتلاشى بهِ كلّ شعورٍ آخر فيهما. إن النفس تصغر حين تُخطئ بحقّ قطةٍ صغيرةٍ فكيف بحق إنسان؟ كيف تكون حين تُخطئ بحقِ مخلوقٍ هو من جنسها؟ إنها صغيرةٌ للغاية، صغيرةٌ للحدِ الذي غلّف العظمةَ في كيسٍ مُمغنط ثمّ رماهُ في بحرٍ كان قاعهُ مُغطى بمغانط جذبتهُ إليها كي لا يطفو، قاعهُ الذي لا يُرى ولن يُرى كما الراحةُ في حياتها تلاشت وباتت غيرَ مرئية، كما تغيب الحياةُ في بؤبؤها ليُصبحَ مُعتمًا لا بريق به.
تنهدت بكبتٍ وهي تتقلب لتنبطح على بطنها، ثمّ مدت يدها لتستطيل للكومدينةِ وتأخذ هاتفها، حينها توجهت فورًا للواتس أب ومباشرةً لمحادثاتها معه.
ضميرها يؤلمها، تتمزق بين اثنين، تغيب الإبتسامةُ في خضم الوجع الذي يُغدقها وتُغرق غيرها به، تتكسر الراحة بمطرقةِ إيلامها لهُ ولفداحةِ فعلها معه.
لكن شاهين كان رجلًا من نوعٍ آخر! رجلًا لم يكُن كغيرهِ ممن يفروضُون أنفسهم بالقوة، صحيحٌ أن زوجها السابقَ كان أخاه، وأنها وإلى الآن لازالت تذكره، إلا أنه لم يتجاوز الوضع لكنهُ تجاوز عن تماديها لبعض الوقت كما قال، لا يريد منها أن تنساه لكن يريد منها تناسيه، لا يريد منها أن تسلخ حبه من قلبها بمعجزةٍ ما وبسرعةٍ لكنه يريد منها أن لا تذكره، وكم كان كثيرًا عليها أن ترى رجلًا يقول لها ذلك.
زفَرت بضيقٍ لتشردَ قليلًا عند اسمه الذي دونته " ش " بكل عجرفةٍ وفظاظة! وفي خضم شرودها كان رؤيتها لـ " جاري الكتابة " صعبًا وهي تغوص في فكرها المنحور، في ذهنها المُشتت، في غياهب روحها التي طغت على كل نور.
أغمضت عينيها للحظة، ثم فتحتها بعد ثانيتين وهي تتنهد، وما إن خرجت من محادثتها معه حتى وصلت إليها رسالةٌ منه جعلتها تجفل في مكانها وتتسع عيناها باضطراب، وبعشوائيةٍ عادت لتنظر إلى ما أرسل.
شاهين : " ما نمتي للحين؟ "
بللت شفتيها بلسانها ارتباكًا، ثمّ زمتهما وهي ترى " جاري الكتابة " لازالت جاريةً حتى قبل أن ترد.
شاهين : " اعترفي تفكرين فيني مو؟ "
رسمت بحاجبيها ثمانيةً مُستنكرة، هل ينسى هذا الرجل كل ما يحدث في يومه سريعًا ليعود كما كان؟ هل يُبَسط الحياةَ بهذه الدرجة وهي التي لازالت وإلى الآن تتفكر في كل حرفٍ واقترابٍ وأنفاسٍ تداخلت بينهما، كل كلمةٍ وقحةٍ أُطلقت من بين شفتيها القاسيتين، وكل كلمةٍ أُطلقت برقيٍ منه هو، عكسها تمامًا. انتبهت لرسالةٍ جديدةٍ وصلت منه لتقرأها بعينين لمعتا ضحكًا رغمًا عنها.
شاهين : " يقولون لو شخص فكر فيك تجيك حكة في جسمك، وأنا أقول وش فيني أحك! "
عضت شفتها تكتم ضحكةً تمرّدت عليها، ثمّ بعفويةٍ بدأت تكتب لتتسع ابتسامتهُ في الجهةِ المُقابلة.
أسيل : " واضح انك من الناس اللي تحب تفلسف كِل شيء "
شاهين بابتسامةٍ بدأ يكتب : " وأيش اللي عطاك هالصورة الحلوة لي؟ "
أسيل تتسع ابتسامتها ومركز ذاكرتها تخلى عن ما حدث منذ ساعاتٍ دون أيّ رغبةٍ معنيةٍ منه : " في كل مرة أكلمك لازم تجيب لي فلسفة من راسك "
شاهين بابتسامةٍ رد : " يقول سقراط : حاجة الإنسان للعقل أكبر من حاجته للمال "
ضحكت أسيل رغمًا عنها ثمّ ردت : " شدخل؟ "
شاهين : " لا بس قاعد أتفلسف على قولتك "
اعتدلت لتجلس وابتسامتها تشقّ طريقها إلى شفتيها، كم من المهارةِ يحمل ليُخرجها مما كانت فيه، كم من المهارةِ في كلماتهِ لتبتسم رغمًا عنها ولا يكُون تجاهلهُ أمرًا موجودًا.
كادت ترسل إليه لكنه سبقها : " ودي أتصل، ممكن؟ "
اضطربت عيناها وهي تقرأ رسالته تلك مرارًا ومرارًا، ثمّ رفعت كفها اليُمنى التي كانت تضغط بها الأحرف لتقضم بأسنانها على ظفر إبهامها، لا تملك الجرأة لتتحدث معه بعد وقاحاتها معه، بل لا تملك الجرأة من الأساس في علاقتها البسيطة هذه والتي لم تتطور كثيرًا بعد.
تأخرت في الرد عليه لكن ابتسامته من الجهةِ الأخرى اتسعت وهو يكتب لها مُرسلًا : " تدرين إن صوتك يفتن؟ "
تشتت فكرُها والحُمرة بدأت تغزو ملامحها. دائمًا غزلهُ يكون بسيط الكلمات عميقًا في خجلها ليستثيره، دائمًا يحمل من الكلمات ما تستطيع إخراسها واستثارة حيائها. تشجعت قليلًا لتبدأ بالضغط على الأحرف حتى ترد عليه بتوترٍ اتضح في كلماتها : " بنام الحين "
ضحك شاهين من الجهةِ المقابلة ثم أرسل : " ما فيه، دام النوم ما جاني ماراح تنامين "
أسيل بعبوس : " من أي دستور جبت هالقانون؟ "
شاهين : " من دستور الحياة والموت والنوم والشرب ووو إلخ كلها مع الزوج "
ضحكت ضحكةً خافتةً لتضع كفها على فمها لثوانٍ، ثم أخفضتها لترد عليه : " طيب القبر؟ "
شاهين : " يخي انتو الحريم حتى القبر ودكم تشاركونا فيه؟ "
ابتسمت أسيل قبل أن ترد : " مو من شوي تقول كل شيء مع الزوج؟ "
شاهين : " صح كل شيء مع الزوج حتى الموت، يعني كوني هندية مطيعة واحرقي نفسك لا مت بس ما ودي تندفين معاي كوني بروحك "
أسيل : " يا سلام! "
شاهين : " على شرط، انتظري يومين وبعدين اقتلي نفسك والحقيني "
أسيل بابتسامة : " والمغزى؟ "
شاهين : " عشان تتأكدين اني ميت وعقب تقتلين نفسك "
ضحكت أسيل للمرةِ الثانية على " استهبالاته " التي لا تنتهي، ثم نظرت للرسالك التي أرسلها من جديد : " تعرفين مارجوري كال؟ "
كتبت وابتسامتها تشقّ شفتيها : " مو قلت لك أنت تحب تفلسف كل شيء! أنا شعلي من قصص العالمين؟ "
شاهين يبتسم من الجهةِ المُقابلة وعقله تناسى كل ما حدث معها قبل ساعات، كم يحب حين يستدرجها لتُصبح عفويةً معه بدرجةٍ تقتل قلبه، إنّ بها من السذاجةِ ما يكفي لتترك كل شيءٍ وتصبح عفويةً لكنها تحتاج للمحرك الصحيح، تنسى أخطاءها في لحظةٍ حين تجد المتعة في شيءٍ ما مُتعلقٍ بمن أخطأت في حقه، وهذا الشيء قد أحبه بها فهو لا يريدها متقوقعةً في ذاتها ما إن يحدث بينهما شيءٌ ما، بل يريد منها النسيان بسرعة، نسيان الأمور السيئة وليست الجميلة.
رد عليها وهو بدوره قد كان جالسًا على سريره كوضعها تقريبًا، والصُدفُ تفقد خفيّها تلقائيًا عند رجلٌ وامرأةٍ وصل بينهما شيءٌ ما لا يُعرف تفسيره، شيءٌ فقد ماهيته وبات غيرَ مرئيًا. : " عليك إنك زوجة شاهين .. ويلا بتصل عشان أعلمك مين هي مارجوري "
رمشت لثوانٍ قبل أن تشهق بقوةٍ وابتسامتها سُرقت من شفتيها، لم يكن لها المجال لترد عليه، ولا الفرصة لتعارض، فـ " ش " أنار هاتفها بعصيانٍ لرغبتها، بفرضٍ ختم نفسه ضمن قوانين شريعة علاقتهما، شريعتهما التي كان شاهين هو أساسها وهي التابعة لتلك الشريعةِ والمختوم على جبينها " تابعيةٌ غيرَ مؤمنةٍ بالكلية "!، هل الكفر ببعض الفروض يعدّ كفرًا أكبر تعاقب عليه؟ هل يتوجب عليها أن تؤمن بالكليةِ أم ستكون خارجةً عن هذه الشريعةِ التي علقت بها كما علقت عيناها بدموعٍ لم تنضب منذ أشهر، كما غاب الشعور عند نقطةِ الفقد.
ترددت وهي ترى حرف اسمه يتلألأ أمامها، أترد أم لا؟ أتتواقح معه أكثر أم ترتقي قليلًا عند شخصٍ لا يستحقُ كل ذلك الخذلان منها!
رفعت إبهامها المُضطرب ليكون الإختيار أخيرًا عند الرد! ثمّ رفعت الهاتف إلى أذنها ببطءِ الإستيعاب الذي يتملكها.
همست ما إن وصلت إليها أنفاسه دونَ صوته الذي كان تائهًا للحظة : ألو
تنهد شاهين وهو يرمي بجسده للخلف ليسقط على نعومةِ الغطاء، ثم بابتسامة : تدرين؟ قاعد أذوب الحين!
اشتعلت وجنتيها بالحمرةِ وحدقتيها تبحثان عن استقرارٍ آثر الضياع وتاهَ بين غيومِ ارتباكها كشمسٍ مات بريقها خلف تلك الغيوم، تلك الغيومِ التي لم تضع الهطول في قاموسها خيارًا وآثرت البقاء في تكثّفها.
همس شاهين بابتسامة : قد قلت لك قبل إنّ بحة صوتِك تعذّب؟ ... * تأوه قبل أن يُكمل * جتني حكة في أذوني من أثرها اللي احتك فيها
بللت شفتيها المُرتعشتان وقلبها يرقصُ على دقّاتهِ بينما كان التواءُ أحشائها مؤلمًا.
شاهين وهو يسمع تحشرج أنفاسها التي تمنى في هذه اللحظةِ لو أنها أنفاسه، همسَ بعاطفةٍ كانت كمَدٍ جرفها : باقي بس كم يوم زيادة ... أقل من أسبوع ... وتكون أنفاسك هي أكسجيني الدائم
أغمضت أسيل عينيها بقوةٍ وشفتيها انفرجتا بكلماتٍ سريعةٍ كان انتشار جزيئات صوتها انفعل بفعل الحرارةِ التي تجتاح جسدها في هذه الأثناء : شاهين بنام .. بتقول القصة أو اقفل؟
شاهين بخفوت : القصة إنك صرتِ خليّة من خلاياي ... لا أنتِ الخلايا كلها اللي تكوّني!
استنشقت الأكسجين بعنفٍ أصدر شهقةً خافتةً ليضيع الزفير من بعده، تحشرجت أنفاسها بتحشرج مُخها الذي تعطّلت مراكزهُ ولم يتبقى سوى مركزِ السمع والإدراكِ لكلماته.
شاهين يُردف وحشرجةُ أنفاسها كانت تفاعلًا كيميائيًا نتيجتهُ تحشرج أنفاسه أيضًا : تهقين وش اللي فيني؟ مو حب يا أسيل صح؟ الحب ما يجي بهالسرعة وبكم أسبوع. طيب وش اللي فيني؟؟
بهتت ملامحها وانسحبت ألوانه تدريجيًا. لا، لا تحبني، لا تحبني أرجوك، لا تفتعل لي ذنبًا عقابه سيُجرى فيك، لا تُعلّق عنقكَ بخيطٍ رفيعٍ لن ينقطع، لا تُخطئ بحبٍ لن تكون نتائجهُ إلا الألم. إنني لا أستحق حبًا منك فلا تُشعرني بالذنب حين تُجسّده في قلبِك وتصرفاتك، لا تُحمّلني بذنبٍ لن ينسلخ مني وأنا التي وُشم قلبها باسمِ غيرك، أنا التي تنفست أحرف غيرك وأحرفُك لن تتشربها أنفاسي مهما حدث، لن تتشربها أنفاسي وهي التي اقتصرت على الميم والتاء والعين والباء، أربعةُ أحرفٍ فقط وأُغلق الباب! أربعةُ أحرفٍ وانتهت أنفاسي من بعدها، أربعةُ أحرفٍ ولن يحدث أن تكون خمسًا فلا تُقطّع ضميري الذي لن يكون ألمه كافيًا لأحبك. من ذا الذي يقود ذاته للجحيم؟ من ذا الذي يهوى نارًا لا تنطفئ؟ لذا لا تُحبني، لا تحبني، أتوسلك بكلّ ما تحب لا تحبني!
ارتعشت شفتاها وهي تتوسل الله أن يزرع في قلبه كرهًا لكن ليس حبًا! فهو لازال جاهلًا في الحب، لا يُدركُ ألمه ولا يدرك ناره التي تكوي القلب دون أدنى رحمة.
شعر شاهين باضطرابها ليبتسم، ثم هتف بحنان : قلت لك ما ظنيته حب لأني مؤمن إن الحب ما يجي في شهر! بس مع كذا أنا أوعدك .. راح تبادليني، راح تبادليني الحب في لحظة عابرة منك ما يستوعبها عقلك ... وقتها ماراح تحسين الا وروحك تنتمي لي أنا وبس
ازداد ارتعاش شفتيها وهي تدرك تمامًا أن كلامه سيظلّ كلامًا فقط، مافي قلبها وشم، وشمٌ لن يختفي ولن يساعد أيُّ شيءٍ لإخفائه، لن تكون هناك عواملُ تعريةٍ لتُخفيها وسيبقى هذا الوشمُ في قلبها أبد الدهر.
همست بعذابٍ وصوتها يتحشرج بألمها : بقفل!
شاهين يجلس وابتسامتهُ الحنونة لم تهتز : ما ودك أحكيك عن قصة مارجوري؟
أسيل بتعثر : بكرة ، خلاص أوعدك بكرة أتصل عليك وتعلمني
شاهين وقد راقت له الفكرة حيث أنه سيحدثها لوقتٍ أطول من وقتٍ كهذا يعانق منتصف الليل : مممم اوكي، وعد الحر دين هاه!
أومأت برأسها وكأنها تراه أمامها وكل ما يهمها الآن هو أن تُغلق وتنفرد بدموعها التي كادت أن تسقط، كل ما يهمها هو أن تُعزّي روحها النازفة بألمِ الضمير.
كان شاهين هو من أغلق حين لم تجبه، وابتسامته كان تُلخص جميع التفاعلات التي تنشأ في صدره، هذه الأنثى تُحدث به أمرًا لم يُحدثه أحدٌ فيه من قبلها، هذه الأنثى أطلقت تعويذةً ما جعلت كينونيته تختلف، هذه الأنثى رشّت سمّها عليه ليكون قلبهُ بهذه الحال العنيفةِ في ضرباته.
رمى بجسده للخلف ثمّ أغمض عينيه، وشفتيه انطلقتا بهمسٍ كان كالسر بينه وبين أذنيه : وتبين الطلاق؟ والله ما تطولينه يا زهرتي وأنتِ خلاص صرتِ لي.
وكأنها المنشودةُ التي انتظر قدومها لتعبث به بهذا الشكل، لا بل هي فعلًا المنشودة وليست " كأنها "، هي التي غلفت فكرهُ في مدةٍ وجيزة لتكون شخصًا لا يَعبرهُ بشريٍ بل يتوقف أمامه يتأمل قدرة الله في تكوينه بتناقضاتٍ جما، يتوقف أمامه وتجاوزه مستحيلٌ كاستحالةِ جفافِ البحر وموت الحُب في هذه الحياة.

بينما ارتمت هي على السرير تحتضن وسادتها وكأنها تهرب من مخاوفها إليها، تهرب من حبهِ لها إلى وسادةٍ تتمنى لو أنها تشرّبت كل دموعها ولم يتبقى في بئرِ عينيها شيء، وتلك البئر أقسمت على الكرم، إنها كصحراءٍ لم يكُن فيها إلا واحتين اثنتين، تذرفان الدموع دون هوادةٍ والدمع عند بابيها - مقلتيها - سخاء.


,


انقضى الوقت وهما جالسين أمام التلفاز منذ أن أنهيا عشاءهما، بصمتٍ تجاوز وضع الصمت بأميال، وفواز يسترق النظر لوجهها المُتجه للتلفاز بجمودٍ كل دقيقتين، يُحاول أن يُخلخل هذا الصمت ببعض المواضيع لكنها بدورها تقطع الموضوع قبل أن يبدأ حتى.
زفر بملل وعلاقتهما بدأت تتخثر وهذا مالن يسمح له، إنها منه وفيه، كل ما يفعلهُ هو لها لأنها هو، كل ما يُصيبها من آفآتٍ يمسّهُ قبل أن يمسها، كلّ آهةٍ تُصدر منها يتشربُ ألمها صدرهُ ليتأوه هو أيضًا، يتشرب صدره الوجع ليتغلف بهِ فقط ويسمح له بنخرهِ حتى الموت.
أطال في النظر إليها بوجهٍ لا يطُولهُ التفسير، ويديه كانتا مستقرتان على حجره، لكنهما أخيرًا قررتا التمرد والإستطالةَ إليها، إلى أن وصلَ إلى جسدهِ رعشتها عبرَ يديه، رعشتها حين شعرت بذراعيه تطوقانها لتستديرَ بأكمالها إليه فاغرةُ الشفتين.
اضطربت أنفاسها وهي تنظرُ لوجههِ الذي تشرّب بالسكون عدا عيناه اللتان كانتا تُنظران إليها ببريقٍ ما.
همست باضطراب : ب بروح .. أنام
ارتفعت زاوية فمه في ابتسامةٍ توقدت بروحٍ لا يمتلكها إلا هو، ينظر إليها بابتسامتهِ تلك ليزدادَ اضطرابها وأيضًا غضبها، حاولت أن تفكّ نفسها عنه إلا أنهُ أمسكَ بها بقوةٍ وهو يضحك ضحكةً خافتة عبرت سمعها كعبورِ موجٍ جارف حتى تشدّ على أسنانها وغضبها ازداد كما توترها. همس بعبث : والنوم ما جاك الا بهالدقيقة
جيهان بحدةٍ وهي مُطرقةً برأسها عنه تنظر لحجرها : ايه
فواز بهمس : طيب ارفعي راسك وناظري بعيوني وقولي عندي نوم فكني ... وقتها يمكن أفكك
جيهان دون أن ترفع رأسها : يمكن؟
أومأ فواز برأسهِ ليهتف : السالفة تعتمد عليك أنتِ وعلى أدب صوتك
رفعت رأسها إليه عاقدةً حاجبيها، وهي بذلك تردف أمواجها على أمواجهِ السابقة، أمواجها التي تدفقت من عينيها اللتين لطالما كانتا حدّ السيف الذي ينغرس في صدرهِ قاصدًا قلبه، تعويذتها التي احتفظت بها منذ طفولتها، بنّية عينيها البريئتين وإن تلبّستا بفستانٍ غير البراءة.
أغمضت جيهان عينيها مُضطربة، ثمّ هتفت بصوتٍ هادئٍ بعض الشيء : ممكن تفكني؟ ودي أنام
فواز بابتسامةٍ أظهرت صف أسنانه : تو تو تو ، مُش كدا يا ولية ... يعني أنا أئولك ارفعي راسك وبصّي بيا تروحي تغمضي عنيكِ؟؟
زفرت لتفتح عينيها قليلًا وهي تهمس من بين أسنانها : سامج
فواز بعتابٍ مازح : افا!
ضربته في صدره براحةِ كفها وهي تأمره بحنق : بعّد عني بروح أنام
شدّها إليهِ أكثر حتى التصق رأسها بصدرهِ الذي استشعر حرارة أنفاسها المُضطربة، من ذا الذي لا يدفعهُ الحُب للجنون؟ إنّ الإنسان حين يُحب يصبح شاعرًا، والشاعر حين يحب يصبح مجنونًا. لكنّه خالف المنطقين واتجه من إنسانٍ عاديٍّ لمجنونٍ دون أن يكُون شاعرًا ودون أنّ يُذيل اسمه بقصيدةٍ ما، انحنت حبال عقلهِ للجنونِ وكم سيكون جنونهُ مُحببا لأنه بها. وهاهي القوافي بدأت بالإستواءِ عند خُصلاتِ شعرها وثلجيةِ ملامحها، اختلت الأوزانُ لتُنشئ ديوانًا يحمل في كل قصيدةٍ فيه اسم " جيهان " الذي سيُخلّد أمد الدهر.
غمَر وجهه في شعرها المُتمرد على كتفيها وظهرها ليستنشقَ عبيره، ولم يكن منها سوى إغلاق جفنيها كبابٍ أُغلق وضاعت مفاتيحه، وهاهي تضيعُ مرةً أخرى بينه، هاهي تضيع بين عاطفتهِ المجنونة.
كم من السنينِ تلزمها لتتعلم التغافل عن عواطفه؟ كم من السنين تلزمها لتتجاهله؟ كم من السنين تلزمُ قلبها ليتعلم الإنتظام في لحظاتٍ كهذه؟ . . كرهك سهلٌ يا فواز بسهولةِ ما كان خذلانكِ لي سهلًا، لكنّ تجاوز أمواج عواطفِك صعب، صعبٌ للغاية وصعوبته تهزمني.
شعرَ بكفها التي كانت تستريح على صدرهِ تشدّ على قميصه، حينها شدّها إليه أكثر، وإحدى كفيه ارتفعت لتستريح على مؤخرةِ رأسها ترفعهُ إلى وجهه.
ضاع في ملامحها المُضطربة، في أهدابها التي كان من الأرجح أن تكون مُحيطةٌ لعدستيها، لكنّ أجفانها كان لها رأيٌ آخر لتغلّف جمال نظراتها.
خلخل خصلات شعرها بأنامله، ثم همس لها بابتسامةٍ حنونة وهو يمسح على رأسها : هذا خوف والا خجل؟
عضّت شفتها بشدةٍ وهي تُديرُ رأسها عنه دون أن تفتح عينيها، قلبها يضرب في قفصها الصدري ينوي تحطيمه، دمها يتدفق بجنونٍ قد يؤدي لتفجر أوردتها الدموية، كم يملك من الطاقةِ ليُؤثر بها إلى هذا الحد؟ كم يملك من التمَكن ليخلبها بهذهِ الطريقةِ العنيفة؟ تُدرك أن المرأة عاطفيةٌ بدرجةٍ تجعلها تتأثر بقرب أي رجل، لكن هل يحدث هذا مع من تكرهه أيضًا وتحقد عليه؟
شعرت بيدهِ تتجه إلى ذقنها لتُعيد وجهها إليه، بينما ذراعهُ الأخرى لازالت تُحيط خصرها بتملك. وفي لحظةٍ كانت شهقة مجنونة تُصدر منها وعينيها فتحتا أبوابهما باتساعٍ مصدومٍ وهي تشعر بهِ يُعانق شفتيها بكل جرأةِ عاطفته.
صدرها أصبح يرتفع ويهبط بعظمةِ أنفاسها التي لم تكن إلا أنفاسهُ عند هذا الإقتراب، قلبها أطلق يمينًا بالإنفجار لا محالة، ودمها تمركز في ملامحها لتحمرّ حد الإشتعال، عيناها فقدتا بصرهما في لحظةٍ لم تكن عابرة! عقلها نسي نفسه ورمى بها في أعمق قاعٍ في الغباء!. في كل اقترابٍ منه إليها، في كل عناقٍ وكل همسةٍ وكل لمسةٍ لم يكُن تأثيره عليها كهذهِ اللحظة، في كل ثانيةٍ لم تكُن عاطفتهُ كالآن، قلبها زأرَ بجنونِ الإضطرابِ الذي يهاجمه في هذه اللحظة، بجنونِ السيوفِ التي تتدفق إليه.
بينما كانت ليدهِ التي اعتقلت ذقنها الحرية لتسقط إلى خصرها ويضمها إليه بكلتا ذراعيه يوسم انتماءها إليهِ وانتماءه إليها، خلق اسميهما لبعضهما، والحُب وإن غاب من طرفٍ إلا أنه قادمٌ لا محالة، يلوح بكفهِ في الأفق، يغلّف غيابه " بالتغلي " وسيأتي وهذا وعدٌ مني يا جيهان، وعدٌ مني إليكِ أن تتشربي حبي إلى أن ينضح، وعدٌ مني إليكِ أن أكون محوركِ وقُطرك، حبكِ لي كقبلتي هذه، سيأتي في حين غفلةٍ منكِ، سيُغلفكِ ويطوي ساعاتِ بُعد قلبينا عن نقطةٍ سويَّة، سيُغلفكِ ويمحي كل طريقٍ مُتشعبٍ في طريقنا.
التهمت الطاقةُ كفاها لترتفعان وتدفعانه عنها في لحظةِ جنون، حينها حررها من ذراعيه بمحض إرادتهِ لتنتفض بقوةٍ تنظر إليهِ بعينين متسعتان وفمٍ يلهث بعنف، فاغرةُ الشفتين لا تستوعب ما يجري.
تراجع عنها قليلًا وهو يبتسم لها بنشوة، وإحدى حاجبيه تمردت لترتفع في نظرةٍ أثارت بعض الحنق فيها ولازال خجلها غالبًا.
زمّ فواز شفتيه قبل أن يهمس بعبث : مو ودك تنامين؟ هذاني تركتك! .. وما ظنتي بنام وراك، لأن النوم وعيونك غايبة شيء صار من ضرب الخيال.
ازدردت ريقها وهي تشعر بالتخبط، ثمّ شتت نظراتها خلف نظراته المُستمتعة بتخبطها واضطرابها، وفي لحظةٍ لم يكن يرى منها سوى جسدها الذي هرولَ بسرعةٍ مُختفيًا عنه.
ضحكَ بخفوتٍ وهو يضع إحدى كفيه على عينيه يهزّ رأسه يمينًا وشمالًا، وقلبه هناك لم يكُن في اضطرابهِ أقل منها، قلبه يرتعش كحمامةٍ مُبللة، هذا هو أول التقاءٍ بين شفتيهما، وقد كان كالتقاءِ نارين بينهما صفيحةٌ من " ماءٍ " تبخر وتبخر معه كل شعورٍ آخر يؤرق سعادته بها، إنّك السعادةُ التي تبيت في سباتٍ شتويٍّ داخل قلبي، إنّك الشرارةُ التي تستقرّ فيَّ منتظرةً هبوبَ نسيمٍ يُشعلها ويحوّلها إلى نارٍ لا تنطفئ.


,


دخل البيت في وقتٍ متأخرٍ للغاية، ووالده وإخوتهُ بالتأكيد سيكونون نيامًا في هذه الساعة. زفر بكبتٍ وكم يتمنى لو أنها تكون متيقظةً فهو يحتاج أن يتحدث معها بأسرع وقت، يحتاج إلى الحديث معها وسماع كلماتها التي ما كانت يومًا إلا ترياقًا لضيقه، غضبهُ لازال حائرًا داخله، قهرهُ لازال قائمًا في صدره، وبالرغم من أنه لم يضرب هيثم إلا أنه الآن تمنى لو فعلها وحطّم وجهه فلربما كان قهرهُ وقتها قد تحطم!
مسحَ بكفهِ على وجهه وهو يزفر ويتعوّذ بالله من الشيطان، ثمّ اتجه لعتباتِ الدرج ينوي الصعود لغرفتها وهو يحدّث نفسه بأنه سيتكلّم معها في الغد.
في تلك اللحظةِ كانت جنان تخرج من المطبخ بوجهٍ مُحمرٍّ وكوبٌ احتوى على عصيرِ ليمونٍ كان في يدها، انتبه إليها ليتوقف مباشرةً وينظر إليها للحظات، وهي بدورها وقفت في مكانها تنظر إليه وعيناها الباكيتان مُعلقتان في عينيه.
عقد حاجبيه وهو ينظر لوجهها الذي انتفخ ببكائها، وكم تمنى في تلك اللحظة لو يعود لهيثم ويُبرحه ضربًا لأنه أبكى أميرته.
فارس يقترب منها وهو يهتف بخفوتٍ حانٍ : أفا! .. عيون فارس تبكي؟
شهقت وهي تُخفض رأسها عنه، ليقف أمامها مُباشرةً مُردفًا بحنان : أرجع وأضربه؟ أوعدك بكسّر له أسنانه لو تبين
هزّت رأسها بالنفي وعيونها تبكي من جديد، وما إن سمع صوتَ شهقاتها حتى ضمّها إليه بحنانٍ أخوي وهو يهمس بمزح : شفتي؟ تركت شغلي المهم اليوم . . لا مني شفت الفيلم معاك ولا مني رحت لشغلي
لم ترد عليه وهي تخفي وجهها في صدره، وعظمةُ الخذلان في صدرها تتبرعم أكثر وأكثر، تتجذر في قلبها لتتألم. همست بتحشرج : وش سويت؟ خفت عليك كثير وندمت!
قطّب فارس جبينه وهو يبعدها عنه قليلًا، وببعض الحدة : ندمتي؟ أنتِ أصلًا المفروض أضربك بعد على سكوتك كل هالفترة
تقوّست شفتاها وهي تشهق بعبرة، لتلين ملامحهُ قليلًا لكنّ الحدةَ لم تغب عنها، أردف : من متى وهو يزعجك
جنان بخفوتٍ وهي تنظر للأرض دون أن ترفع وجهها إليه : ما أذكر بالضبط بس من كم سنة، يمكن له سنتين وأكثر
زمّ فارس شفتيه غضبًا وهو يروّض جسده قسرًا كي لا يخرج ويعود لهيثم مُبرحًا له ضربًا، ومن بين أسنانه : كان يزعجك بالإتصالات بس؟
شتت نظراتها هنا وهناك وهي تشعر بالإضطراب يغتالها، ليُمسك فارس كتفيها هاتفًا بحدةٍ آمرة : احكي!
ازدردت ريقها قبل أن ترد بصوتٍ كاد ألّا يسمعه : أصلًا بدت إزعاجاته بالإتصال من يومين يمكن
اتسعت عيناه وهو يعضّ شفته قهرًا وشتيمةٌ ما صدرت منه، كفّاه انزلقتا عن كتفيها ليسألها وجحيمٌ ارتسم على عينيه : شلون يعني؟ كان يحتك فيك؟ يضايقك؟ آذاك بشيء * أردف بصوتٍ عالٍ بعض الشيء * والله إني راجع له وذابحه
تشبّثت بهِ بقوةٍ ما إن لمحته يتحرك ينوي الذهاب له فعلًا، والكوب الذي كانت تحملهُ في كفها اليُسرى اهتزّ باهتزازِ كفها لتتناثر ذراتٌ من العصير على بشرتها وعلى الأرض، وبرجاء : فارس ، إهدا ، الله يخليك إهدا شوي ما سوي لي شيء والله ما ضرني ... كان بس يلاحقتي من بعيد لبعيد بس
فارس ينظر إليها دون تصديق : له أكثر من سنة ويلاحقك من بعيد لبعيد بس؟!!
أومأت له وهي تخشى تهوره في لحظةِ غضب، وهي التي راودها الندم قبل ساعاتٍ لغيابهِ الذي طال بعض الشيء، وكم ودّت لو أنها تحمّلت إزعاجاته ولم تُعلم فارس الذي ما إن رأته الآن حتى انزاح ثقلٌ ما على صدرها.
هتف فارس وهو ينظر في عينيها المُحمرتين ببكائها : بس تدرين؟ الغلط راكبك أنتِ بعد لأنك سكتي عنه من البداية
لم ترد عليه وهي تشتت نظراتها عنه، أجل هي مُخطئةٌ أيضًا، لكن ما كان بيدها أن تفعل عند شخصٍ كهيثم تحديدًا؟ ولد خالٍ يكرهها بدرجةٍ لا تسمح لها بقمع البقية الباقية بينهما، هذا إن كان هناك ما بقي!
أغمض فارس عينيه بقوةٍ ثم فتحمها ليتحرك مبتعدًا عنها، صاعدًا لغرفتهِ في غمرةِ حُزنها وبكاء عينيها اللتين تعلقتا بالفراغ.


,


الخامسة فجرًا
أفاق من نومهِ على كفٍ تهزّ كتفه، وصوتٌ عنيفٌ بعض الشيء كان ينادي باسمه. لم يفتح عينيه وهو يدرك تمامًا من هو الذي يزعجهُ في هذا الوقت.
بينما هي وقفت مُكتفةٌ ذراعيها وهي تنظر إلى وجهه بحدة، ومن ثم صرخت : أدهـــم
تأفأف وهو يُدير جسده عنها، لتُمسك ذراعه بحدةٍ وتسحبه تحاول إجلاسه : حشا مو جسم إنسان هذا
هتف أدهم بتأفأفٍ وهو مُغمض العينين : أعوذ بالله!
سهى تُقطّب جبينها : أدهم واللي يعافيك اصحى ، الناس بيصلون ويخلصون وانت نايم!
تنهد ثمّ جلس دون أن يرد أو ينظر إليها، لتبتسم له وتربت على كتفهِ بحنانٍ هاتفة : يلا حبيب عمتك قوم
كشّر وهو ينهض متجهًا للحمام، وقبل أن يُغلق الباب هتف ببحةِ النوم : ما تليق عليك النعومة
كشّرت هي الأخرى وهي تراه يُغلق الباب من خلفه، لتتحرك تنوي الخروج وهي تتمتم بتذمر : ما عليه يا أدهم أهم شيء إنك صحيت


أنهى صلاته مع الإمام، وأجواء المسجد لن يبالغ إن قال أنهُ نسيها تمامًا في وقت الفجر، نسي النفحات التي تعبق في المسجد وتأثيرها الخاص. في هذا الوقت دائمًا ما تكون الوجوهُ بشوشة، في هذا الوقت لا يأتي المراءون كثيرًا بل يكون المسجد مكتاظًا باللذين تغلغل بهم الإيمان لدرجةٍ تُنير وجوههم.
تنهد وهو يشعر أنه في مكانٍ لا يناسبه! لا يليق بهِ أن يكون هنا وفي هذا الوقت فهو يدنّسه!
وقف ينوي الخروج سريعًا، لكنه سكَن في مكانهِ وهو يرى إمام المسجد المُلتحي يقف أمامه بابتسامةٍ بشوشة. ارتبك وهو يردّ إليه ابتسامةً مهزوزة وهو يشعر أن من أمامه كبيرٌ جدًا، كبيرٌ عليهِ بدرجةٍ جعلت ثقته بنفسه تهتز.
الإمام : تقبل الله منك
أدهم بتوتر وهو يبلل شفتيه بلسانه : منا ومنك
وضع الإمام كفهُ على كتف أدهم وهو يتحرك ليتحرك أدهم معه تلقائيًا، وبوقار : كيفك يا ولدي؟
أدهم بخفوتٍ وهو يمشي معه آليًا إلى وجهةٍ لا يعرفها : الحمدلله طيب
اتسعت ابتسامةُ الإمام يطلب منه الجلوس على الأرض لينصاع لأمره تلقائيًا ويجلس، ومن ثمّ جلس الإمام من بعدهِ مُرفًا ببشاشة : تدري يا ولدي ، لي أكثر من 15 سنة أشتغل بهالمسجد، عمر عيوني ما غلطت في التفريق بين الرجل اللي كل يوم أشوفه وبين اللي توه أول مرة يدخل!
اضطرب وهو يستمع لكلمات الإمام التي ما كانت إلا مقدمةً لنصحٍ وتوجيهٍ لطالما كان يكرهه، وهو الرجل الذي لطالما كان يمشي على هواه، يكرهُ الإنصياع وإن دفعهُ الحُب مراتٍ على التحلي بهِ كما يحدث مع " سهى " التي تُرغمه بطريقتها على الإنصياع لها، فهي ليست كأيّ شخصٍ عابرٍ يمرّ مرور الكرام، ليست كأيّ شخصٍ عابرٍ يتجاوزه بكل بساطة تمامًا كـ . . زمّ شفتيه عند ذلك الإسم، ثمّ ازدرد ريقه بتوترٍ وهو ينظر للإمامِ دون تركيز، والذي أتبع : تعرف يا أدهم وش يعني مسجد؟
بهت أدهم عند لفظهِ لاسمه، ولسانه في لحظاتٍ ما يُربط ويتربض في فمه مستقرًا دون أن يتحرك لافظًا شيئًا، لذا كان صامتًا وهو ينظر للإمامِ وفي عقله سؤال واحد ... كيف يعرف اسمه وهو لم يقابله من قبل؟
أردف الإمام وهو يحتفظ بابتسامتهِ له : المسجد من السجود، والسجود من الطمأنينة والإلتجاء لله ... وش تحس فيه وأنت ساجد يا أدهم؟؟
" إيش أحس فيه وأنا ساجد؟ "!!!.
احتار عقلهُ عند هذا السؤال، وقد أظهرت ملامحه تعابير الحيرةِ التي توقعها الإمام، بينما ربض ذلك السؤال في عقله، ما الذي يشعر بهِ عند السجود؟؟ . . لا إجابه! لأن لا شيءٍ يواتيه! لا يشعر بشيءٍ وجبينهُ مُلتقٍ بالأرض، ما الذي قد سيشعر بهِ وقتها وهو لا يقوم سوى بصلاةٍ اعتاد الجميع على تأديتها!!
وضعَ الإمام كفهُ على فخذهِ وهو ينظر لعينيه بابتسامةٍ لازال يحتفظ بها، ثم هتف برفق : أبي أشوفك بكرة هنا بمثل هالوقت ... وقتها بسمع منك الإجابة * وقف ليُردف * فمان الله ، وعظم الله أجرك!
اتسعت عيناه قليلًا وهو يلمحهُ مغادرًا، حينها وقف بسرعةٍ وهو يهتف : لحظة!
استدار إليه الإمام مبتسمًا : آمر يا ولدي
شعر ببعض الحرج من لطفه، إلا أن ذلك لم يظهر على ملامحه وهو يسأله مستفسرًا : شلون تعرفني وتعرف إن أبوي توه ميت؟؟
الإمام بابتسامة : محد من هالحارة ما أعرفه .. ولعلمك ترى كل اللي عايشين بهالحي كانوا مقررين يأدون الواجب عليهم بس بكل مرة ما نلاقيك في بيتك
تجهم وجهه دون إدراكٍ لعلاقتهم الفعلية بهِ حتى يهتموا بتعزيته! لمَ قد يفكرون بهِ ويهتمون لأمرهِ وهم لا يعرفونه؟ لمَ قد يقتربون منه وهم يعلمون تمامًا من هو والده الذي مات قريبًا؟؟
لم ينتبه للإمام الذي تحرك لينزوي في إحدى زوايا المسجد يقرأ من المصحف، بل كان عقله يسبح بهِ في بحارٍ عديدة، في محيطاتٍ لا تنتهي، اليوم شعر بضياعٍ أشدّ بعد حديثه مع هذا الإمام الذي يعرفه، يعرف اسمه، ويعرف والده، هذا الإمام الذي سأله سؤالًا احتار في الإجابة عنه، والآن قام بتعزيته!!
طفا من غرقهِ في محيط أفكارهِ وهو يرى رجلًا ثلاثيني يقترب منه ويمدّ يدهُ إليه، لم يستوعب في البداية لكنه ما إن استعاد إدراكه حتى مد يده ليصافحه باستغرابٍ وإحدى حاجبيه ارتفعا، ولم يكد يتساءل في نفسه " ماذا يريد هذا الرجل " حتى انساب إلى أذنيه صوته الهادئ وابتسامته البشوشة تُغلّف كلماته : عظم الله أجرك يا خوي
فغر شفتيه وتنفسه توقف للحظات، وفي ثوانٍ كان رجلٌ آخر يقترب ويصافحه، ثمّ يرمي عليه ذات الجملة، وآخرٌ وآخر كانوا يلفظون بكلماتٍ تخفف عليه وهم يرون تعابيره المصدومة وسكوته ظنًا منهم أنه لازال يغرق في حزنه على والده حتى الآن، ولم يدركوا معنى صمته، لم يدركوا ما جاش في صدره، لا أحد يتقرب من آخر إلا لمصلحةٍ ما! هو مؤمنٌ بذلك، مؤمنٌ بأن البشر خلقوا وهم يقيمون العلاقاتِ مع بعضهم فقط لمصالحهم، مؤمنٌ أنهم مخلوقاتٍ " مصلحجية "، يؤمن بذلك كإيمانهِ بنفسه، لكن لمَ اهتز هذا الإيمان وكأن - نفسه - اهتزت فجأة؟ ما الذي يريده هؤلاء من رمي السلام عليهِ وتعزيته؟ ما الذي يملكه ليتوددوا إليه؟ ولمَ هذا الصدق في أعينهم؟
رباه! إنّ نفسه تهتز، يدرك ذلك في هذه اللحظة، إنّ روحه تهوي بإيمانهِ الذي تشبث بهِ منذ سنينَ طوال، إنّ صدق أعينهم يبكيه! هل يريدون منه شيئًا أم أنّ المصلحةَ لم تشمل جميع الناس؟ هل لازال هناك من هو صادقٌ بعد ألفٍ وأربع مائةِ عامٍ وسنين؟ بعد - الصادق الأمين -؟
ابتسم لهم باهتزازٍ وهو يرد عليهم بكلماتٍ موجزة : " مشكور " " أجرنا وأجرك " " الله يجزيك بالخير "


,


عاد من المسجد بفكرٍ شارد كما خرج من البيت، تأمل الظلام الذي يغلف المنزل ليتنهد بكبتٍ ثم صعد العتبات مُتجهًا لجناحه.
وقلقٌ يعانق صدره منذ البارحةِ ومنذ ما حدث، قلقٌ يخطف سكونهُ ويحفّزه على التصرفِ " بحقارةٍ " قد تهدم الكثير في قلبها.
عضّ شفته وثقتهُ بها تهتز، تهتز باهتزاز سكونه في ساعاتٍ خلت وإلى الآن، ومُهرته بدأت بالتمرد عليه، بدأت مهرته الصغيرةِ تكبر وتبتعد عن مُروضها، تتمرد عليه لتركض في البراري مبتعدةً عن حقلِ سيطرتـه.
لم يشعر بنفسه وانفعالهُ يتصاعد بتصاعد سلبيةِ أفكاره، أسنانه وطأت بشدةٍ على شفتهِ وقدماه تحركتا بهرولةٍ لغرفتهما. وقتئذٍ رآها تطوي سجادة صلاتها وتدسّها في الخزانة، بينما توقف هو للحظاتٍ يكبح انفعالاته، ينظر لهيئتها الناعمةِ والمسالمة " عن بعد ".
بعد ما رأى ردة فعلها مع ابنه باتت صورتها المُسالمة تتلاشى قليلًا، بدأت صورةٌ طيّبةٌ لها تحترق، أيعقل أن تقوم ديما يومًا بإيذاءِ زياد؟ أيعقل أن تتحلى بصفاتٍ لم يرها في بثينة حتى؟؟
حين أغلقت باب الخزانةِ انتبهت له واقفًا عند الباب، لترمقه بنظراتٍ تبثّ برودةً في يومٍ مثلج، في أحد القطبين، دون أن يكون هناك فروٌ يُدفئه، لسعته برودة نظراتها ليشعر بالتواءٍ مؤلمٍ في معدته. حينها شدّ على أسنانه وهو يقترب منها، هاتفًا بجمود : انتهت فترة البُعد اللي تحتاجينها
رفعت إحدى حاجبيها وهي تُديرهُ ظهرها تنوي الإتجاه للحمام، وببرود : أنا اللي أقرر
اقترب منها بهرولةٍ ليقف خلفها مُباشرةً ويُمسك بمعصمها بحدةٍ يُديرها إليه، ثمّ من بين أسنانه : عمر البعد ما كان باختيارك في علاقتنا! عمرنا ما ابتعدنا من الأساس وبكل مرة أجذبك لعندي بإرداتي أنا والبعد عندي محرم، عدا مرة وحدة كانت خارج إرادتي!
ازدادت حدّة نظراتها وهي تهتف بسخريةٍ كان ألمُ صدرها في كلماتها فظيعًا، كانت الفجوةُ في صدرها تتعمق، وجذور الحزن في قلبها تتشعب : كانت بإرادتك ، بإرادتك يا سيف ولسانك هو اللي حكى باللي يبه عقلك وظاهَر!
يقولون الشخص في لحظة غضبه يكون بكامل صدقه، وأنت أثبت هالشيء، أثبته يا سيف لما ما كنت تعتبرني زوجة!
ما الذي سيشفع لخذلانكَ عندي؟ ما الذي سيشفع لقسوتكَ إياي؟ ما الذي سيكون دليل براءتك في محكمتي التي سأكون فيها القاضي والمحامي!
أتُراك تُعيد مجد قلبي الذي سُلب؟ أتُراك تُطلق هويتي التي سرقتها عن ظهر بطش؟ أم أنّ أمومتي التي تتغلغل صدري الآن ستكون شفيعةً لك يومًا؟
سيف يُقطّب جبينه وهو يصحح لها : لساني ما يكون صادق ، بس قلبي صادق! صادق بديما يا ديما!
عقدت ديما حاجبيها وهي تزدرد ريقها بتوتر : شتقصد؟
جذبها إليه قليلًا وهو يتنهد : قصدي إن لساني يومتها ما كان بوعيه، بس عمره الظهار ما كان بصدق ورغبة والا بيكون الشخص مجنون!
ديما ترفع حاجبيها بسخرية وهي تسحب يدها : صح مثلك
تحركت تنوي الذهاب، لكنه عاد وأمسكها ليجذبها إليه بحدة، وبأمر : ما خلصت كلامي!
تأفأفت وهي تعضّ شفتها بحنق، ووجهها كان يصدّ عنه لجانبها الأيمن، حينها ارتفعت كفه الأخرى ليُمسك بذقنها ويُعيد تدوير قرصها الأسمر إليه، وبغموضٍ اتسعت بهِ عيناها : ودك بولد؟
ارتعش جسدها وفغرت شفتيها وهي تنظر لعينيه التي لم تفهم فيهما شيئًا، وقلبها الرابض هناك انتفض بشدة، دمها ضُخّ بقوةٍ وعيناها التمعتا بما هزّ قلبها، لكنّ صوتها إنساب إليهِ حزينًا : طيب بالأول جاوبني .. أنت لما حملت مرتك وش كان شعورك وقتها؟
عضّ سيف شفته بحنق : لا تردي على سؤالي بسؤال! وبعدين هي ماهي مرتي هي طليقتي!
رفعت كتفيها دون مبالاةٍ وهي تهتف ببرودٍ هاجم صدرهُ كعواصف جليديةٍ قتلته : دامها للحين عايشة بحياتنا فهذا يعني انك ما أطلقتها من حياتك!
زمّ سيف شفتيه قبل أن يغمض عينيه بقوةٍ هامسًا : وش مفهوم الطلاق عندك؟
ديما : الطلاق نسيان، الطلاق تحطم علاقة لازم يرتاح فيها الطرفين، بس الظهار! .. هه
ارتعشت حدقتاه وهو يهمس لها بعينين ضيقتين : يعني لا طلقتك بتنسيني؟ بترتاحين؟
ارتعش قلبها وهي تنظر في عمق عينيه بحزنٍ غلف حدقتيها، بحزنٍ هزّ أعماقها المجروحةَ منه، " لا طلقتك " تُعطي احتمالًا بإمكانية الفعل، " لا طلقتك " تُثبت لها أنها لن تكون مختلفةً ليتمسك بها، إنها سهلةٌ ليتجاوزها كسؤال " اختاري الإجابة الصائبة " وخياران اثنان تراءى أمامه، إما - طلاقٌ وراحة - وإما - تمَسكٌ وضيق -، وهو بالتأكيد سيبحث عن راحته، سيبحث عن ما يبعده عن كل ضيقٍ وسيتخلى عنها، هل يعبث بها؟ هل هي صغيرةٌ في عينيه إلى هذا الحد؟؟
همست بألمٍ تكذب على نفسها قبل أن يكون عليهِ وهي تتمنى جرحه لكن هيهات فهو إنسانٌ لا يشعر! : من ناحية بنساك، بنساك! . . ومن ناحية برتاح، برتاح! .. وش عنك طيب؟؟
اشتعلت عيناه وهو ينظر إليها بحدةِ قهره الذي تولّد منها، لكنه في النهاية يُدرك أن ما لفظته ليس إلا كلماتٍ، فقط مجرد كلمات، إلا أن هذه الكلمات آلمته وأشعلت القهر به : ما يمديني أعلمك وش بيكون شعوري لأن كلمة طلاق بيننا مستحيلة!
ابتسمت بسخرية : مصدقتك
سحبت يدها منه وهي تريد الخلاص من وقوفها بقربه، إلا أنه كان أشدّ عنادًا منها وهو يعيدها إليه إلى أن أحاط خصرها بإحدى ذراعيه، ومن ثمّ أعاد لها السؤال الأول الذي تحوّل لأسئلةٍ عديدة : جاوبيني ... تبين ولد؟
اشتعلت عيناها بشدةٍ وهي تنظر إليه بحقدٍ تجلّى على قلبها الذي صاحَ في مكانه يُريد التمزّقَ والخلاص من اسمه الذي سكن به، يريد الخلاص من ختمه المُحرم والذي غلّفها كلها، ثم بحقدٍ همست : حقييييير
توقدت نظرته بدوره، ثم خلّصها منه ليُبعدها عنه بعنفٍ ووجهه تصلّب بغضب : لسانك طايل ، شكله يبيله قص!
ديما بتحدٍ خائب : جرّب! جرّب يابو الشهامة ... قاعد تقهرني بسؤالك هاه! قاعد تستفزني وتحرني . . تراك كذا ما تزرع فيني الا رغبة بالقتل .. بس مو قتلك انت ، قتل ولدك عشان تحس وتعرف وش يعني ما يكون عندك ضنا
أومأ برأسه ببرودٍ وهو يرفع إحدى حاجبيه : لا مو لسانك اللي يبيله قص، أنتِ كلك شكلك مشتهية ضرب!
توَحشت ملامحها وهي تبتعد عنه للخلف، وبتحذير : والله لو تمد يدك علي ما بتشوف خير سامع! اقسم بالله ما أجلس عندك دقيقة
ارتفعت زاوية فمه في ابتسامةٍ لا تفسير لها، ثمّ اقترب منها ببطءٍ وهو يهمس بعينين التمعتا : وأنا متى ضربتك يا ديمتي؟
تراجعت أكثر وأذناها تلتقطان اللفظ الجديد لاسمها، لفظٌ يختلف عن " مي " وعن " ديما " التي لا يعرفها إلا لحظة غضبه، وشعورٌ خالجها بالإنتماء لهذا الإسم الفريد، الإسم الذي أُطلق من شفتيه بلحنٍ مختلفٍ تمامًا! طردت أفكارها العقيمةَ تلك وهي تهتف بخيبة : حتى لو كنت ما ضربتني بشكل مباشر بس تراك تتعامل بطريقة خايسة مثلك . . . أمس دفيتني !!!
اتسعت ابتسامته وهو يقترب أكثر، ثم بهمس : ما قصدت
ديما بوجهٍ مقطب : كذا بكل بساطة!
هزّ كتفيه وهو يقف أمامها مباشرة، ثمّ أمسك كتفيها برقةٍ لينحني قليلًا ويقبل وجنتها اليُمنى، وبهمسٍ قرب أذنها : ما قصدت
ارتعش جسدها انفعالًا باقترابه، وأنفاسها اضطربت وهي تحاول الإبتعاد عنه والفكاك من يديه، ألا أن قبضتيه تشبثتا بها وهو يُحني وجهه لوجنتها الأخرى مقبلًا إياها ومن ثمّ يهمس قرب أذنها : ما قصدت
عضّت شفتها وأغمضت عينيها بقوةٍ وهي التي تضطرب بصورةٍ له في ذهنها فكيف بهذا الإقتراب؟؟
دفعته عنها بقوةٍ في حين غفلةٍ من قبضتيها لتتراجع وهي تضع كفيها على وجنتيها، تنظر لعينيه بنفورٍ وقهر، بحقدٍ وخذلانٍ منه، يُبعدها عنه بمحض أفعاله ثمّ يتوقع منها الإقتراب بمحض إرادته! يعبث بها لأنها أنثى ضعيفة وهو رجلٌ يظنّ أن النساء لعبةٌ في يديه!! سحقًا! حاشا لن تكون في يديه لعبةً يعبث بها كيف يشاء ثمّ يتركها، لن تكون بهذا الرخص بعد اليومِ وجوره لن يطبّق عليها.
هتفت بحقدٍ من بين أسنانها : حقييييييييييير
ثمّ استدارت عنه لتدخل للحمام وتطبقه بقوةٍ وهو واقفٌ في مكانه يتطلع بظلها الذي اختفى ليظهرَ محلّه هذا الباب البائس، بحاجبين ارتفع إحداهما وعينين توقدتا عبثًا، ستعود إليه، يُدرك ذلك فهي ديما/مي، ستعود إليه في وقتٍ قريب لذا هو مطمئنٌ لأنه يثق بذلك.
ضحكَ بسخريةٍ خافتة ليهمس : لا شكله لسانها يبيله قص من جد!!


,


بعد صلاةِ الظهر
جلست على سريرها لدقائق، عقلها يسبح في أفكاره، ترتدي ثوبًا مخمليًا أبيض ينساب على جسدها بنعومة، ووفقًا لاتفاقها مع سلطان هاهي ترتدي كما يشتهي لا كما تشتهي.
كيف ستكون بين أناسٍ لا تعرفهم؟ كيف ستكون بين عائلةٍ كاملةٍ وهي التي لم تعتد على مخالطة أناسً كُثر؟
زفرت بكبتٍ وارتباكٌ يراودها، يُشتت فكرها، تشعر بثقتها تهتز، هذا إن كان هناك ثقةٌ بها! وهي التي تجرّعت الذلّ منذ الصغَر فكيف قد تنمو ثقتها بنفسها؟ . . يُقال أن الشخص حين يتصنع الثقة سيتحلى بها أخيرًا، لكن لمَ لم تتحلى بها حتى الآن وهي التي تصنعتها سنين طوال؟ لمَ لم تتحلى بها وهي التي تصنعتها في وجهِ كل عدو! نعم! فالكل هنا عدو، الكل في هذه الأرض عدوٌ لبعضهم البعض ينهشون لحم بعضهم كي يرتفعوا ويُعيشوا.
انتبهت لطرقٍ على بابِها، حينها عضّت شفتها بارتباكٍ وهي تنظر للباب بضياع، وصوت سلطان انساب من خلفه هادئًا : غزل .. جهزتي والا بعدك؟
بللت شفتيها باضطرابٍ وهي تشتت نظراتها، لسانها يريد الحديث والتراجع، لكنه ما إن أعاد لفظ اسمها حتى هتفت بسرعة : جاية جاية
سلطان : منتظرك
ثمّ اختفى صوته لتزفر بكبت، إنها ضعيفة، ضعيفةٌ لتواجه أناسًا كُثر، ضعيفةٌ لتواجه بني جنسها! . . عضّت شفتها بقهرٍ من نفسها وعينيها اشتعلتا بحقد، لمَ تخاف؟ لمَ تخاف ممن هم مثلها؟ لمَ تخاف من أناسٍ ستضرهم قبل أن يضروها؟! . . نعم! ستضرهم قبل أن يضروها، فهي تثق تمامًا بأنهم سيكونون أناسًا ذوي نفوسٍ قذرة، لأنهم بشر! والبشر جميعهم هكذا!!
نهضت وشفتيها ترتجفان بحقد، بألمٍ من حالها التي تسقط في كل يوم، بوجعٍ يتغلغل في روحها، منذ تعرّفت على العالم وهي ترى صنفًا واحدًا من الناس، الصنف الذي يشبه والدها، الصنف الذي يشبه أمها التي لم تكن أم!، أمها التي ولدتها كمن لفظَ شيئًا حقيرًا ليعيش حياتهُ بما يستحق! بين أناس مثله! هذا إن كان هناك من يختلف.
اتجهت للخزانةِ حتى تأخذ عباءتها المعلقة، والتي هي ذاتها التي اشتراها لها سلطان والتي كانت " محتشمة بزيادة " من وجهةِ نظرها على الأقل.
ارتدتها مُرغمة ثمّ خرجت من الغرفةِ لتجدهُ جالسًا يتسلى في هاتفهِ منتظرًا لها، وما إن انتبه لفتحِ بابها حتى رفعَ رأسهُ إليها ليبتسم بهدوءٍ وهو يراها كما يُريد وكما يجب.
وقف بهدوءٍ هاتفًا : يلا
لم تستجب له وهي ترفع حاجبيها، ثمّ بتساؤل : غريبة، ما ودك تتأكد من لبسي!
لم تختفي ابتسامته الهادئة وهو يقترب منها هاتفًا : شفتك لابسة العباية اللي اشتريتها لك وهذا يكفي
غزل ببرود : يعني عادي لو كنت مفصخة من داخل العباية؟!!
ضحكَ بخفوتٍ على تعبيرها : إن بعض الظن إثم، لذلك أنا قاعد أظن فيك حسن
شتت نظراتها عنه وهي تزفر الهواء ببطءٍ من بين شفتيها، وجملتهُ تلك! ... أثرت بها! لمست شيئًا ما بداخلها، شيئًا ما تجهله، والظنّ الذي لفظهُ منذ ثوانٍ، الظن الحسن، كان ... كان ....
ازدردت ريقها وهي تُشيح بنظراتها عنه، ثم تحركت مُتجاوزةً له وهي تهمس بارتباك : طيب ما ودك ...
قاطعها حين استطال بقبضتهِ ليُمسك بزندها ويجذبها إليه، ثم نظر لوجهها لترتعش، وعيناها اضطربتا بخوفٍ وارتباكٍ وهي تنظر في عمق عينيه تحاول أن تحرر نفسها منه، عينيه التي كان فيهما من الرقّة ما يكفي ليُربكها.
ابتسم وهو يرفع كفهُ الأخرى حتى يُمسك بطرف خمارها ويرفعه ليُغطي وجهها بطبقةٍ رقيقة.
همس بهدوء : أظن كذا أفضل وأكمل احتشام!
في هذه اللحظةُ كان بها من الضعف ما يحول بين عنادها وبينه، ضعفٌ مقيتٌ لا تدري من أين جاءها لتصمت وتومئ فقط، بينما ابتسم هو لإيمائها وبظنهِ أن طاعتها هذه ليست إلا احترامًا لاتفاقهما الذي ينصّ على " الأخذ والعطاء ".
هتف بأريحيةٍ وهو يتحرك : يلا

.

.

.

انــتــهــى


مافيش قفلة ولا أحداث نارية كثيرة بهالبارت :( وعليه قصير صح؟ <- أسبقكم قبل تهاجموني :P
وإلين أيضًا مختفية :$ من الأساس مالها ظهور مهم بهالبارت لأنّ الأحداث اللي تخصها بهالفترة باردة بعض الشيء وفيه ظهور خاص لها قريب.

الزبدة البارت الجاي والأخير قبل الإمتحانات بيكون أطول إن شاء الله وأحداثه أهم واختتامية قبل أسبوعين من التوقف عشان الإمتحانات.




ودمتم بخير / كَيــدْ !



 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 19-12-14, 12:11 PM   المشاركة رقم: 209
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Mar 2011
العضوية: 218696
المشاركات: 268
الجنس أنثى
معدل التقييم: أبداع أنثى عضو على طريق الابداعأبداع أنثى عضو على طريق الابداعأبداع أنثى عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 298

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
أبداع أنثى غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد الثالث والعشرين

 

يعطيك ربي الف عااافييه ..صدقتي مانبي نهاجمك :)

اميري البارت ذا فواز وجيهان ي لبببى ع فوااز العاشق

بعد شاهين وجميلته اللي يحاول يطلعها من قوقعته .عندي ثقه بما يستطيع فعله حتى تخرج من قوقعتها
ومتحمسه لايام تجمعهم
بالختام مستمتعين بهذه الرائعه اللي تكتبيها اناملك الرائعه

كل الشكر لك

 
 

 

عرض البوم صور أبداع أنثى  
قديم 19-12-14, 05:36 PM   المشاركة رقم: 210
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئ مميز


البيانات
التسجيل: Jun 2010
العضوية: 174082
المشاركات: 4,029
الجنس ذكر
معدل التقييم: fadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسي
نقاط التقييم: 4492

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
fadi azar غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد الثالث والعشرين

 

فواز وجيهان يحتاج لوقت حتى يعيد ثقة جيهان به وحبه ولمعاملة الجيدة والحب بتوصل لطريق قلبها فصل كتير حلو

 
 

 

عرض البوم صور fadi azar  
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ليلاس, لغز, أكشن, القدر, الكاتبة كيد, انتقام, يوسف, رواية رومانسية, سلطان, غموض, عانقت, قيود, كيد
facebook




جديد مواضيع قسم الروايات المغلقة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t195238.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 02-10-16 06:32 AM


الساعة الآن 11:27 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية