لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > الروايات المغلقة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الروايات المغلقة الروايات المغلقة


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-08-16, 07:12 PM   المشاركة رقم: 886
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئة مميزة


البيانات
التسجيل: Sep 2010
العضوية: 190192
المشاركات: 613
الجنس أنثى
معدل التقييم: أبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 748

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
أبها غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 

شكرا كيد على الجزء الرائع ..

غزل والاعتراف المنتظر ..
اعتقد أن سلطان سينهار بعد هذا الاعتراف
وسيفقد الثقة بالجميع ، بعد أن فقد ثقته بعمه
وهو أقرب الناس إليه ..

بانتظار بقية الأحداث .
شكرا .🍃🌸🍃

 
 

 

عرض البوم صور أبها  
قديم 14-08-16, 09:59 PM   المشاركة رقم: 887
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 








-
-

السلامُ على الجميع وعلى من انضمّ معنا :$
إن شاء الله تكونون بألف خير وعافية :$
البارت العنيف اللطيف الصادم الغريب :p قربت يعنِي أخلصه، فيه مواقفْ مو حابة أأجلها للثاني يعني ضروري تكون ضمنه ومع عيوني اللي تتنقل للساعة وتراجع وتكتب بنفس الوقت أدركت إنها بتوصل 12 وأنا ما خلصت :( أقل شيء كمراجعة - مع إنه مو بس مراجعة! - ، فيه تطورات وفيه أحداث لازم أدرجها كنت أمنّي نفسي ينزل قبل 12 بس أتوقع بينزل حدود 2 الصبح - الحين تجيني الحلطمة الآسكية - :(
بس ما عليه بتعذروني مع البارت وبيرضيكم من كلّ النواحٍي بما أن فيه شخصيات بتبرز بثلاث مواقف أو بموقف طويل. إن شاء الله تجي حدود 2 وهو نازل ، ما أحب أحط ساعة معينة لأنه بالغالب تمر وأنا محتاسة بما أنّي أبدأ تنسيق البارت قبلها بشوي فتمر الساعة وأنا ما أرسلت وتنهمر علي الحلطمات ، دقيقة تمر ويجيني " هييييه مرّت دقيقة وينك " لوووول ، والله بدون مبالغة كثير يكون باقي نص ساعة وأشوف " وصلنا الساعة كذا وينك؟ " مدري يعنِي ساعتكم غلط وإلا عيونكم تقلّب الأرقام بكيفها؟
كثرت هذرة على هالساعة ، نطمـع بانتظـار بدون تذمّر أسعدوني بفكرة " صرنا نثق فيك " مو معقول مرت أكثر من سنتين وللحين تقولون نخاف ما تكملينها؟! إذا هانت الرواية علي بتهون هالسنتين وزيادة؟ أكيد لا ما أضيّع وقتي على دلـع وشغل ماني ضامنة نفسي فيه ! .. فوق كذا صارت لي علاقات قويـة من الرواية ، تطمّنوا لو اختفيت فجأة بتلاقون السبب من هالعلاقات ...

أخيرًا هذا سنابي أحطه مرة ثانية بعد ما حطته الجميلة روعة النسيان

Hind-180

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 15-08-16, 12:56 AM   المشاركة رقم: 888
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 



سلامٌ ورحمةٌ من اللهِ عليكم
صباحكم / مساءكم طاعة ورضا من الرحمن
إن شاء الله تكونون بألف صحة وعافية


بارت عنيفْ بصراحة حتى أنا خفت من عنفه :$ بس بنفس الوقت فيه تشويق ولطافة :*
شكرًا لتواجدكم، شكرًا لكلماتكم الطيبة سواءً بالمتصفح أو خارجه، شكرًا للروايـة اللي جمعتنا .. إن شاء الله أكون دائمًا عند حسن ظنكم والله يكتب لي التوفيق والوصول للنهاية بسلام ويجعل هذهِ الرواية شاهدة لي لا علي :$$ ،

بسم الله نبدأ ، قيودٌ بلا أغلا عانقت القدر، بقلم : كَيدْ !

لا تلهيكم عن العبادات


لا تطلبي الغفران في محرابي
كل الذي قد كان‏..‏ وهم سراب
كفنت وجهك في عيوني‏..‏ فاهدئي
لا تسأليني الآن عن أسبابي
أحرقت خلفك ذكريات مرة
ومحوت رسمك فوق كل كتاب
لا تطلبي الغفران في محرابي
كل الذي قد كان‏..‏ وهم سراب
كفنت وجهك في عيوني‏..‏ فاهدئي
لا تسأليني الآن عن أسبابي
أحرقت خلفك ذكريات مرة
ومحوت رسمك فوق كل كتاب
داري دموعك واستريحي لحظة
أنا لا أصدق أدمع الكذاب
هذي الدموع الكاذبات تناثرت
مثل السهام تغوص في أعصابي
هذي الظنون الجارحات رأيتها
بين الضلوع تحوم بالأسراب
حزني عنيد‏..‏ فاتركيه لحاله
ما أثقل الشكوي من الأحباب


* المعجزة : فاروق جويدة


(79)*2



وكأنّ السمـاءَ لفظَت من سوادِها ليلًا في الصدور ، الليلُ لم يكُن من حولِهما ، لم يكُن مهزومًا بإضاءاتٍ فارغـة ، كـان فيها ، في عينيها اللتينِ نزفتا بألمٍ وهي توجّه نظراتها لملامحه، في شهقتِها المتألّمة ، لم تكُن تراه، لم تكُن ترى ملامحه ، لكنّها شعـرت عبرَ كفيه القاسيتينِ الغضبَ الذي طـافَ في وجهه . . . كأنّ السمـاء الليلـة ، مخضَت من العتمـة غضبًا!
شعَرت بِه يقتربُ منها فوقَ اقترابِه وهو يشدُّ على كتفيها أكثر حتى تحوّلت شهقتها لآهاتٍ وهي تستشعِرُ قبضتيهِ اللتينِ تقسوانِ أكثر، تستشعِرُ ضغطه على عظامِها الرقيقة، شعرَت أنّه يكـادُ يحطّمها ، شعرَت أنّ غضبه الصامتُ يحكِي عبر أكتافِها، عبر أنفاسِه التي ألهبَت بشرتها بحرارةٍ لا تتفكك، لكنّها رغمَ ذلك، رغمَ الغضب الذي يستحوذُ عليه، رغمَ ألمِ عظامِها ، لم تحكِي شيئًا! نفدَت كلماتُها في خضمِ ظلامِ الليل، نفدَت حُججها ، لا تملكُ شيئًا! انتهى الكـلامُ عندَ منفذِ الحقيقة، لا تملكُ شيئًا لتقوله أمامه، وهي الآن راضية! راضيـةٌ عن عذابٍ سيُتخمها به، راضيـةٌ واللهِ عن تقلّباتِه الآن وعمّا سيفعـل ، لهُ الآن كلّ الحقّ في معاقبتها، لهُ الآن كلّ الفُرَصِ في سلخِ جلدِ البسمـةِ عن شفتيها ، البسمـة التي تتولّد بفعـل عينيه!
اقتربَ وجههُ من وجهها أكثـر لتشيحَ ملامحها المرتجفـةِ عنه وهي تشعُر بأنفاسِه تحرقها، أذابَت فكّها ، لم تخرجْ من إطارِ حرارتها التي تُرعشُها أكثرَ بشعورٍ قاتِلٍ بالوجَع ، هذا الألـم ، لم يكُن فقطْ ألمًا جسديًا، هذا الألـم الجسدي ، كـان رغمَ شعورِها بِه ، لا شيء! أمـام شعورِ الانهزامِ والخسارةِ والدونيّة!
همسَ سلطـان بصوتٍ لا تعبيرَ فيه ، صوتٍ مشدود، متشنّج ، غاضِب ، بينما في تلك اللحظـة، لم يكُن يملكُ في جسدِه كلّه سوى الغضب، التقزّز ، الاحتقـار ، الرغبـة في قتلها! : تلاعبتِ فيني! ..
ابتلعَت ريقها بصعوبـة، أغمضَت عينيها بقوّةٍ دون أن توجّه وجهها نحوهُ ودموعها تتساقطُ أكثر، لم تحاول هذهِ المرّة مسحها .. هذهِ المرّة ، لم يعُد هناك من سيمسحها لها! .. أماتت كلّ حواسِها، إلا مسامعها التي كانت تلتقطُ كلماتِه التي تترجّل نبرةَ الغضبِ ومن ثمّ تمرّرها عبر منافِذَ خيبةٍ إلى قلبها المُنقبـض بقوّةِ انفعالاتِها مباشرة : استغفلتيني! ... من البداية ... استغفلتيني!!!!
ارتفعَ صدرها بقوّةٍ أكبر لينخفضَ بهوانٍ ونبرته التي كـانت تنخفضُ بوتيرةِ الصوتِ كـانت ترتفـع بوتيرةِ الغضبِ في المقابل، شد كتفيها بقوّة ، صوتُه لازال لم ينفجـر، لم يكُن قد انفجر! كـان خافتًا ، خـافتًا ، وانفجر! بعدَ أن شدّها من كتفيها إليه بقوّةٍ ليصرخَ بوجهٍ احمرّ من الانفعـال، يصرخُ صرخـةً شعَرت بها كسهمٍ صوّب لملامحها مباشرةً فتشوّهت! : شلـــووووووون تتجرأين؟؟!!! شلووووون !!!
شهقَت ما إن دفعها جانبًا لتسقطَ للأرضِ بقوّة ، تأوّهت من ألمِ وركِها واصتدامِها بالأرض، بينما تحرّك سلطـان بانفعـال، يكادُ في هذهِ اللحظـة أن يقتلها، تحرّك بانفعـالٍ نحو الطاولةِ القريبةِ منه، سيقتلها لا محالة! سيقتلها !!! ... لذا ما إن سقطَت عينيهِ على مزهريّة الوردِ الزجـاجيّة حتى حملها بالوردِ الموضوعِ فيها، رماها بقوّةٍ نحوها لتسقطَ بجانِبها متناثرةً شظايـا وقطراتِ ماء! تمدّد الوردُ الزهريّ بجانِبها وزحفَ الماءُ على الأرضيّة، بينما أخفضَت هي رأسها بعد شهقةِ فزع ، نشجَت بخفوت، وقلبها المذعورُ في تلك اللحظـةِ كـان ينبِض بشدّةٍ حتى شعرت أنه سينفجرُ ويخترقُ أضلعها ليسقطَ أمامه مصروعًا ، زمّت شفتيها بوجـع، لم تفتحَ عينيها، لكنّها شعَرت بشيءٍ آخر يسقُط بجانِبها لترتجفَ أكثر ، ما الذي يفعله؟ لمَ لا يجيء إليها هي ! ويفرّغ غضبه فيها! هي من أخطأت ، هي من فعلت بِه ذلك وليسَت تلك الجمادات ، تريدُه أن يأتِي إليها هيَ ليئدَ روحها ، لا أن يُشبعها من ثورانِ غضبِه حولها!
شهقَت لتفتحَ عينيها المتضبّبتانِ ما إن شعرَت بَكفيه ترفعانها بشدّة ونستلّانها من الأرض بعنف، ثبّتها أمامه لينطقَ من بينِ أسنانِه بغضب ، بقهرٍ وهو يكادُ أن يحطِم عظامَها ومن ثمّ يستخرج منها روحها ليناثرها شظايا كما حدّث لبيتِ الوردِ الشفاف ، أن يفعـل بها نفسُ ما فعـل بالجمادَات! : هذا السبب .. هذا السبب اللي خلاك تقرّرين الطلاق! هذا هو يا غزل هاه!
هزّت رأسها بالإيجابِ دون صوتٍ ودون أن تفتحَ عينيها، حينها ابتسمَ بسخريةٍ مريرة، في حينِ كانت عيناهُ كأتونٍ مشتعلٍ تكادُ النارُ أن تتجاوزهما وتذهبُ إليها فتحرقها، نطقَ بصوتٍ رجـع لخفوتِه القاسي : وأمك معك! .. تدري !!!
لم تكُن تعلمُ هل كان يسأل أم يقرّر واقعًا ، لكنّها اعتبرته سؤالًا، وكانت إجابتها أن هزّت رأسها بالنفي وهي تبكِي بنشيجٍ خافت! .. لم ترِد إشعاره بالقهر أكثر، أن يرى أن تلاعبها بِه امتدّ إلى أمها ، لم تُرِد أن تضاعفَ شعوره بالاستغفـال ، لذا كذبت!
سلطـان بغضبٍ حارقٍ يحرقه هو قبل أن يحرقها : وأبوك؟!
هذهِ المرّة صدقَت، هزّت رأسها بالنفيِ أيضًا ، نعم ، والدها لم يكُن يعلـم، أليسَت هي من كذبَت عليه وقالت أنّ كلّ ما علمهُ كان كذبًا؟! ... لذا .. صدقت!
عضّ شفتـه بقهر ، تنفّس بانفعـال ، ظلّ ينظُر لها بعينينِ تزيّنهما الانفجـارات، يتضاعفُ غضبـه أكثر! نعم .. كـان يتضاعف ، كـان يشعُر بجسدهِ كالنـار ، دفعها عنه بقرف ، ومن ثمّ وبصرخةٍ ارتفعَ بها صوتهُ لفظ : اذلفي من وجهي ... بذبحك ، ثانية زيادة أشوفك فيها قدامِي وبذبحك !! .. روحي ... * بصرخةٍ أكبر جعلتها تنتفض * روحي من وجهي يا حقيييييييييييييرة !!
تراجعَت للخلفِ بتعرقـل ، ضمّت كفيها لصدرها ورعشـةُ شفاهها كانت أضعافًا لجسدِها كلّه ، هذهِ المرّة ، رأته ... رأت ملامحه ، رأت وجهه الذي لم يكُن وجهه! .. رأت ما فعلته بهِ الآن ، الغضبَ الذي ولّد احمرارًا في تقاسيمه ، رأت أمامها ... شخصًا مقهورًا ، محتقرًا ، ومطعونًا من جهةٍ أخرى!!
تحرّكت لا تدري إلى أين ، لم تفهم بالضبط أين كان يريدها أن تذهب ، لكنّها ودون هدَى ، اتّجهت للبـاب، فتحَته بكفينِ مرتعشتين ، تديره ظهرها وهو كذلك ، خرجَت ، ووصلَ إلى مسامِعه .. صوتُ البابِ الذي أغلقَ بخفوتٍ لا يُشابِه ما يحدثُ فيهما من ضجيج ، رفـع وجههُ للأعلـى قليلًا ، شدّ على أسنانه ، ومن ثمّ تمتمَ بقهرٍ من بينها : استغفلتني !!!!
كـانت تستغفله !! .. كانت براءتها في عينيهِ زيفًا ! .. كـانت منذ البدايةِ كذابة! .. من قبـل أن تتزوّجه ، كانت قذرة!!! . . شدّ على قبضتيهِ أكثر ، وعينيها المشتعلتينِ بغضبٍ لم يُغمضهما وهو يتمتمُ بشفتيه كلمـات .. كانت دون صوت ، يتمتمُ بوعيدٍ أجوف !
في حينِ كانت غزلْ بعدَ خروجها قد اصتدمَت عيناها بسالِي التي كانت تقفُ خلفَ البابِ مباشـرة ، منذ متى كـانت تقف؟! .. ارتبكَت سالِي ما إن رأت عيناها تشتعلانْ بحزنها ، لم تكُن في تلك اللحظـةِ تملكُ مقوّماتِ التفكيرِ بأحدٍ ما ، أن تغضب ، لذا نظرتْ إليها بصمتٍ رماديّ ، ومن ثمّ تحرّكت بصمتها ذا .. بعيدًا .. نحو غرفةٍ أخرى !!
دخلَت للغرفـةِ التي سكنتها معه قديمًا ، الغرفـةِ التي اخترقها ذاك الرجُل وتهجّم في ليلةٍ تشبه هذهِ الليلـة عليها ، سوداء، ليسَت فقطْ بسوادِ سمائها ، بل بسوادٍ من روحها ، سوادٍ من قلبها ، ليسَت فقطْ ظلامًا من مُحيط، بل ظلامًا من نفسِها! .. لم تشعُر أنها جاءَت في مكانٍ خاطئ، بل شعرت! لكنّها كانت ضائعـة ، لم تكُن لتدخـل هذهِ الغـرفة ، لكنّها دخَلت ، لأنها الأقربُ إليها ، ولأنها تكفِي ، لتُغيّب فيها شعورًا ، وتشعِرها بالألـم أكثر !!
استلقَت على السرير، شعرَت بقشعريرةٍ تُصيبها ، نشجَت بأنينٍ خافتٍ وهي تفركُ عضدَها وكأنها تشعُر بجلدها يزحفُ فيه الجرب من تواجِدها هنا !! .. مسحَت دموعها بظاهِر كفها ، تشعُر بالغربـة ، هاهيَ أخيرًا أخبرته بكلّ شيء ، لكنّها الآن ، تشعُر بالغربة! .. عضّت شفتها السُفلـى وهي تحرّك أحداقها في زوايا الغرفـة بخوف ، خائفـة ، هذا الخوفُ الذي يتسلّل إليها بسرعةٍ يُخبـرها أنها ستفقدُ الأمان بفقدِها له .. جلسَت برعشـة ، رفعَت ركبتيها إلى صدرها لتحيط ساقيها بذراعيها ومن ثمّ تدفُن وجهها بينهما ، تريدُ لجسدها أن يتوقّف عن هذهِ الرعشة، تريد لدموعها أن تتوقف، لخوفِها أن يضمحلّ! تريد أن تشعُر بالأمـان! .. هيَ قامت بالخطوةِ الصحيحة، الخطوةِ التي تفقدهُ فيها ، نعم ، لمَ تتألّم الآن ووجعها بخداعِه كان أكبر؟ .. أخبرته ، أخيرًا أخبرته ، سيشعُر بالقهر ، سيكرهها ، سيحقدُ عليها ، لكنّه في المقـابل .. سيتخلّص من نطفةٍ سوداءَ جالَت في حياتِه ... نعم ، سيتخلّص من قذارتها !! ..
مرّرت لسانها على شفتيها ، أغمضَت عينيها، في هذهِ اللحظـةِ شعرت بنفسها تعودُ لما قبل مجيئها إليه ، حينَ كانت تجلسُ في غرفتها وحيدة إلا من آلامها وخوفها وعدمِ الأمان ... ابتسمَت بسخرية من نفسها ، لا تدري كيفَ ابتسمت ، لكنّها ابتسمت! .. لتنقشـع ابتسامتها سريعًا ، ومن ثمّ تتقوّس ... وتعودُ للبكـاء!
الدرسُ الأخيـر منه ... كان أن لا تبكِي! ، لمَ لا تتوقّف الآن؟ قال لها آخر مرّةٍ أن لا تبكِي إن كان البُكـاءُ سيضعفها ، لمَ لا تتوقّف الآن!! .. زمّت شفتيها بقوّة ، دفَنت وجهها في ركبتيها أكثر ، لا تبكي! ، كفى بُكاءً ، كفــى !! ها أنتِ فعلتِ ما كان صائبًا ، لمَ البكـاء! ... آهٍ يا الله أنا أبكيه هو !! .. لا ، لا ، سأنتهي من دموعي ، يجبُ أن تكون نفدَت .. لن أبكِي ، لن أبكِيه! لكننّي سأعزّيه نفسي!
شدَت على أسنانها ، لكنّها وفي لحظةٍ سريعـةٍ انتفضَت لترفعَ رأسها ما إن سمعَت صوتَ البـابِ يُطبـق بقوّة ، صوتُ بابِ - غرفتهما !
ابتلعَت ريقها ، هل خرج! . . أخفضَت ساقيها ، ومن ثمّ مسحَت على أرنبـةِ أنفها ، ابتعدَت عن هذا السريرِ الموبوء ، ومن ثمّ اتّجهَت للبـاب .. لم تكُن تدري ما الذي قصده بأن تذهب! لكن من البديهيّ أن لا تستطِيع وقتها الخروجَ وهو أمرها أن تختفي في " ثانيـة " ، والآن بما أنه خرج ، ستعود للغرفـة لتتّصل بأمها حتى تأتِي ، ومن ثمّ ستذهبُ من حياتِه ... لتُريحه للأبد !
خرجَت من الغـرفةِ وهي تمسحُ دموعها ، اتّجهت للبـابِ الآخر وعيناها المرتبكتينِ تبحثُ عنه بخوف، وصَلت للباب ، ومن ثمّ فتحته لتدخـل ، كـان هاتفها لا يزال على الكومدينة ، الأرضُ مبلّلةٌ بماءِ الورد ، تتناثـر بزهريتها الباهتـة بجانِب الموضِع الذي سقطَت عليه ، وبجانِبها ، كـان هنـاك زجاجةُ عطرٍ محطّمـة ، إذن كان الحطامُ الثانِي لعطـر ، لم تشتمّ رائحتـه في زحـامِ روائحِ الوجع!
مرّرت لسانها على شفتيها ، مرّرت أحداقها لترى فوضَى بجانِب التسريحة، لم تسمعه وهو يفرّغ الباقي من غضبِه على ما وجَد من جمادات، ععضّت باطن خدّها بضيقٍ وألم، ومن ثمّ اتّجهَت للكومدينةِ لتأخذ هاتفها ، لكنّ مواءً جاءَ من خلفِها جعل جسدها يتصلّب فجأة! .. استدارَت ببطء، ومن ثمّ عقدَت حاجبيها بحسرة ، وهي ترى قطّتها تنزوِي في زاويـة، كـانت خائفـةً على ما يبدُو منذ اللحظـةِ التي رمى فيها سلطـان تلك المزهرية لتفرّ في زاويـةٍ وتتابـع المشهدَ بفزع.


،


ارتفعَت عيونهُ لأعلـى الصفحـة بعدَ أن قرأ بضعَ منشورات، نظرةٌ للشريطِ العلويّ كانت كافيةً ليدرك أنها لها عبر الصورةِ التي اختبأت ، صغـرت ، وكأنها كانت تريد أن تصغر أكثر كيْ لا يكتشفها ، لكنّ تطابقها مع الصورةِ التي تكبّرت أمامه كان كافيًا ، ولم يكتفي! . . كـانت إلين تنظُر لهُ من الخلفِ وهي تبتلعُ ريقها، في حينِ ذهبَت عيناه دون اكتفاءٍ بذاك الدليل كيْ ينظُر للمعلومات ، العمر ثلاثةٌ وعشرون بعد أن كبرت عامًا ، اسمُ الجامعـة ، قسمها ، نعم صفحتها !!!
ابتسمَ بسخريةٍ وهو ينزلُ للأسفـل ويعودَ لقراءةِ ما كتبت ، وبنبرةٍ كـانت تصلها بسخريتِها لفَظ : يؤرقنـي يا حبيبي أن القُرب بيننا محال ، ينسحبُ من عيوني النوم لأسهر في لوعةِ هذهِ الحقيقةِ الموجعـة.
تضاعفَت حُمرةُ ملامحها ، شتّت عينيها بحرج، بينما وجّه أدهم نظراته الساخـرةَ إليها ليُردف : أثاري زوجتي كاتبة وأنا ما أدري ! ... نقدر نعرف - حبيبي - ذي لمين ترجع؟
ابتلعَت إلين ريقها بصعوبـة، لم تنظُر لهُ وهي تردُّ بكلماتٍ مرتجفـةٍ ونبرةٍ كاذبـة : مين قالك إنّ الكاتب لازم يقصد في كتاباته شخص بعينه؟
أدهم يرفـع حاجبًا باستخفاف، ترتفعُ حمرة الغضبِ في عينيهِ وكفّه القاسيـةُ تُطبـق الحاسوب بقوّةٍ لتنتفضَ في مكانِها في اللحظـةِ التي لفظَ فيها بصوتٍ حادٍ كوقعِ المدفع : والله؟ طيب لازم يعنِي تكون عيونه بنيّة؟ " لهُ من الرفقِ ما يكفي كي لا يتذمّر من مُصابِ من يأتيه متوجّعًا "؟ .. دكتور هوّ مو؟!
لفظَ جملتـه الأخيرةَ بنبرةٍ أقسـى ، تلاشَت منها بوادِر السخريـة ، في اللحظـةِ التي كـان يقرأ فيها كانت صورةُ ياسِر تجيئهُ تلقائيًا ، منذُ قرأ " ذا العينيانِ البنيّتان " حتى رآه أمامه وكأنه كان ينقصـه المزيدَ من الحضورِ بينهما! .. كان فقطْ قد رآه في تلك الكلمـة ، ومن ثمّ كـان رابطًا كي يفهم من جملةٍ أخـرى ، أن المعنيّ " طبيب "! .. هوَ ياسِــر ! هذا ما أخبرته نفسه ، وأثبتته عيناها اللتين نظرتا إليه بذعرٍ وهي توسّعهما وتفغـر فمها بينما ملامحها تحمرُّ بحرجٍ وربكـة ... شدّ على أسناه بغيظ، ومن ثم أزاحَ الحاسُوبَ عن حُجره ، لم تقُل شيئًا ولم تنظُر نحوه وهي تشتمُ نفسها داخلها ، لمَ لم تُغلق الصفحة؟ لمَ انتظرت حتى رآها وفهم ببساطة؟! . . شعَرت بالحرجِ أمامه، لم تستطِع أن تنظُر لهُ حتى بينما تحرّك أدهم بانفعـالٍ وحدّةٍ مفاجئةٍ جعلتـها تنتفضُ وتنظُر لهُ رغمًا عنها من زاويـةِ عينيها باضطراب، رأتـه يبتعدُ فجأة، رفعَت حاجبيها باستغرابٍ وهي تراهُ يتّجه للبـاب .. ومن ثمّ يخرج!!
خرج! ، لم يقُل شيئًا وهي تدرك أنّه فهمها بالتأكيد! .. لم يعرف أنه ياسِر - هذا ما ظنّته - لكن يكفِي أنه علِم بأنها تقصدُ شخصًا بعينِه . . ارتفعَ صدرها في نفسٍ ملتهبٍ مضطربٍ لينخفضَ بربكـة ، ما الذي حدَث! لقد ، لقدَ علِم فعلًا أن هنـاك من في قلبها! .. ظنّ هو أن هناك من في قلبها ، هيَ لفظتـه منه كرجلٍ منذُ أدركت الواقـع ، لكنْ هو ! ... ابتلعَت ريقها ، هذا ما كان ينقصها ، لم يُكمـلا يومًا حتى في ومضـةِ الصُلحِ هذه!!


،


تقيّأت وجعًا ، كـان جسدُها الذابـل يصرخُ بألمِه وهي تقفُ عندَ المغسلةِ وتتقيّا لتشعُر بألمٍ ينتشِر في منطقةِ البطنِ تحديدًا ، بين ثانينِ وأخرى تتسلّل آهةٌ من صدرِها ، آهـةُ خيبـة ، ووجَع ، وألمٌ لا ينفكُّ من جسدِها . . غادرت ديما قبل لحظـاتٍ فقط، ربّما لم تصِل لبابِ السيّارةِ حتى! بينما انتظـرت هيَ فقط حتى خرجَت ، لتُثـار معدتها فجأة ، وتندفـع للحمـامِ بجسدٍ خامِل/يحتضر!
ربّما كانت إثارةُ الوجَعِ من كلمـاتِها الطويلـةِ معها، من استرجاعـها للخذلان، من العُقَدِ التي ذرفَت منها دموعَ صدرٍ خُذل، من الصوفِ الذي حاكتـه وغزلتهُ بقايا شكوى، بل هما من حاكاها ودّمغا فيها لونًا أسود ، من أنانيّتهما!

في جهةٍ أخـرى ، صعَدت للسيـارة ، بمـلامِح شلّها البهوتُ بعدَ أن طـالَ الوقتُ في غياهِب الحديث، أغلقَت البابَ بهدوءٍ يعنـي البهوتَ فقط، دون حتى أن تلقِي السلامْ! .. حرّك سيف السيـارةَ ليلفظَ بهدوءٍ مُتسائلٍ وهو يوجّه نظرةً سريعةً إليها : شلونها؟
لم يبدُو أنها سمعته ، كانت تنظُر للأمـام بفراغ ، كيفَ يكون حي! .. ماهذا الجنون! ..كيفَ ذلك؟! .. كانت تقلّب الموضوعَ في عقلها والذي تلتـه لها أسيل باختصارٍ - طال! ، تلتهُ لها بنبرةٍ مُرهقـةٍ بفتورِها الجسديّ ومن جهةٍ أخـرى بفتورٍ آخر داخـلي، كـانت ترى في كلماتِها الألـم ، لم ترى الفرح! لم ترى شيئًا أو حتى مشاعـر خاصّةً لأجـل حقيقةِ العودة ، كـان قهرها هو الطاغـي ، لم تهتمّ لشيء!
عقدَ سيفْ حاجبيه باستنكـار ، ظنّ بأنها تتجاهله! .. لذا لوى فمه بغيظٍ وصمت مُكملًا طريقـه . . مرّت الدقائقُ القصيرة قبل أن يصلا ، نزلَت بآليـةٍ من السيارة ، بينما تبعها سيف بملامِح صامتة، جامـدة، دخلت وهو من خلفِها، كـان المنزلُ مظلمًا باقترابِ الوقتِ من الحاديةَ عشرة والنصف، أمّه نامَت بالتأكيد قبل وقتٍ قصير.
تابعها بعينيه وهي تصعد، تحرّك من خلفِها، وصَلت قبله لبابِ الجنـاح وكأنها في تلك اللحظـة تعيشُ عالمًا وحدها، كأنّها لم تكُن تشعُر بِه وهي تغرقُ في تفكيرها وفي ذهولها وفي المعجـزة التي لازالت حتى الآن لم تصدّق حلولها! فتحَت الباب، دخَلت ومن ثمّ دفعَته ليتراجَع سيف مباشرةً بغضبٍ أكبر حين كـاد يُغلق على وجهه مباشرة! وبحنق : هذي شفيها !!
فتحَ الباب بحدّة، ومن ثمّ وبنبرةٍ غاضبـةٍ لفظَ بوقعٍ جعلها تفزع وتنتبه لهُ أخيرًا/تستوعب تواجده! : ممكن أعرف يا ست الحسن والدلال ليش متجاهلتني بالطريقة الوقحة هذي !!!
عقدَت حاجبيها وهي تنظُر نحوهُ ببلاهة، وكأنها فعلًا لم تكُن تستوعب أنها صعدت السيارة، وقضَت دقائق وهو الذي كان يقود، وأنها نزلت ومن ثم دخَلت وهو معها! كانت تمشي بآليةٍ فقط وعقلها غائب!
ديما بملامِح غائبةٍ ببلاهةٍ استفزّته : هاه !
شدّ سيف على أسنانه بحنق، ومن ثمّ اقتربَ منها وهو يلفظُ بصوتٍ حاول أن يجعله هادئًا : وين عقلك؟
ديما تعقدُ حاجبيها قليلًا بعد جملته المُستهزئة : معك يا قلبي هو وين يقدر يغيب عنك؟
رفـع حاجبًا وابتسمَ رغمًا عنه بينما تحرّكت هي دون مبالاةٍ كي تبتعدَ عنه، لم يستطِع أن يكتمَ بسمته تلك، لكنّه تبعها بعينيهِ وهو يلفظُ مواريًا تسليته بنبرةٍ متسلّطة : ما خلصت كلامي!
تأففت، لكنّها سرعـان ما أغرقَت نفسها في الجمود ما إن استوعبَت ما تفعله، ما بالها باتت تعودُ كما كانت معه رويدًا رويدًا!! . . لوَت فمها وهي تستديرُ إليه ببطء، نظرت لهُ بعلياء، وبابتسامةٍ باردةٍ مستفزّة : تفضّل كمل يا بعلي العزيز.
اقتربَ منها وهو يُميل فمه قليلًا كي يقتـل ابتسامته، وبجمود : مرة ثانية لا تعطيني ظهرك وأنا أكلمك .. أعتقد هالكلام كان ضمن النصوص القديمة مسرع ما نسيتيه!
ديما : اوووه تقصد مورثات فرعونية ما أعرف هالنصوص الهمجية في الحضارة الحديثة.
سيف هذهِ المرّة لم يستطِع التحكّم بشفتيه، ابتسمَ رغمًا عنه، وبتساؤل : أنا المقصود بالفرغون وإلا أنتِ؟
ديما بسخرية : ما يبيلها !
سيف بهدوءٍ يغيّر مجرى الحديث : شلون أختك؟
انطفأت السخرية من عينيها بشكلٍ مُفاجئ، عمّ على ملامحها الضيقُ وهي تُشيح بوجهها وتلفظَ بنبرةٍ فاترة : بخير.
سيف يتنهّد بضيق : متأكدة ما تبيني أتفاهم مع شاهين بنفسي؟
نظـرت لهُ ديما وهي تبتلعُ ريقها، هذهِ المرّة لا أحد ، لا أحـد قد يتجرّأ على الإصلاح بينهما ، الموضوع أكبر ، تشابكت الخيوطُ حتى بات فكاكها منهم مستحيلًا.
هزّت رأسها بالنفي، تشعر أنّ الصداع لن يرحمها في هذهِ الليلـة من بعدِ ما سمعته، بينما مدّ سيف يديه ليجذبها من خصرها نحوه ومن ثمّ يقبّل وجنتها كي يواسِي الضيقَ في عينيها، وبخفوت : الله يصلح حالهم ويعوّضها.
ديما بنبرةٍ ميّتةٍ وهي تحاول أن تبتعدَ عنه بصورةٍ هادئـة : آمين.
ابتعَدت عنه ، تريد أن تختلِي بنفسها قليلًا وتعودَ للتفكير، تريد الخلوة للحظاتٍ قصيرةٍ على الأقل ، لكنّ سيف لم يسمـح لها وهو يُمسكها من معصمها ويُعيدها إلى أحضانِه لافظًا بنبرةٍ متكاسلة : من النصوص الفرعونية بعد ما تعطيني ظهرك .. حتى لو خلّص كلامي!
أغمضَت عينيها بضجرٍ وهي تُحاولُ أن تحرّر جسدها من حِصاره، وبضيق : مالي خلقك ابعد.
سيف باستفزاز : نص ثالث ، لو بغيتك قريبة مني ما تبعدين تحت أي عذر.
رغمًا عنها بدأت تستغفر من فرطِ الغيظ وهي تشدُّ على أسنانها، حينها ضحكَ وهو ينحنِي إلى وجهها ليودِع شفتيها قبلةً سريعة، ومن ثمّ بنبرةٍ فيها الكثير من الاسترخـاء : على فكرة ، الحضارة الفرعونية ما كانت تضطهد المرأة!
ديما بقلّةِ صبرٍ وهي تمسحُ على شفتيها بعنادٍ طفولي : متأكد؟
سيف يقبّل ظاهر كفّها التي تغطّي فمها بتمرّدٍ ومن ثمّ يُردف : يؤمنون إنها مُكمّلة للرجل ولها مكانتها ، وأنا أؤمن إنّي اكتملت فيك.
ديما بخفوتٍ من خلفِ كفّها : وأنا نقصت معك.
سيف يبتسم بغرورٍ كان ولازال يستفزّها : النقص اللي يندرج تحت قائمة الكمال.
قلّبت أحداقها وهي تحاول أن تمدّ نفسها بالصبر، يستفزّها! لازال سيف القديم يستفزّها وإن حاولت المقاومـة ، لكنّها لن تخضـع ، لن تجعلـه يفرحُ بهزيمتها.
عند تلك النقطة، كـادت أن تخفضَ كفّها لتلفظَ بردٍّ يستفزّه في المقابـل، لكنّه سبقها بأن أمسكَ كفّها ليُخفضها، ومن ثمّ ثبّت وجهها بقبضتهِ من فكّها بينما ذراعه الأخرى تُحيط خصرها وتُلصقها بِه ... ليسرقَ من شفتيها قبلـةً أخيرًا، ويُخرسَ كلماتِها التي كوّنتها في فمـها في مواجهـةٍ خرساء.


،


ضربَ سطحَ المكتبِ بغضبٍ وهو يشدُّ على أسنانه : شلون يعني!!!
نظـر له أحمد بقليلٍ من الربكـة : هذا اللي صـار ، طلعَت معه من سنين ، واضح إنّ فهد خباها ببيته هو قبل لا يموت ، من بين كلّ الدلائل كان هو تحديدًا عند سلمان.
سعود ينظُر لهُ بغضبٍ أعمـى، وبقهر : اقتلوه قبل لا نتورّط بسببه .. اقتلوا هالحيوان وإلا ما بتشوف إنت خاصـة خير .. كل شيء صار بسببك! كانت شغلتك قبل هالسنين تذبح فهد وتآخذ منه كل شيء! في النهاية ما نجحت ...
عادَ يضربُ المكتب بقوّةٍ أكبر وهو يصرخ : كلكم أغبياء !! كلككككم .. والله ما يردني عنكم شيء لو ما مشى الوضع مثل ماهو مفروض ، طول هالسنين ناس دخْلت السجن وتورطت عني، ناس ماتت وناس ولدت ، ما انكشفت ولا مسكوا لي دليل تجون أنتوا تخربون كل ما بنيته !!!
اقتربَ من أحمد الذي بقيَ يقفُ وهو ينظُر لهُ بصمت، أمسكَه من ياقة قميصه ليقرّبه منه بغضبٍ ويردف بنيرانٍ تشتعل من أحداقه : سنين واسم الرازن مستور في السوق كَلافِتَـة بيضاء ، ما انكشف سوادها إلا قبل 15 سنة .. والسبب بعد كان أنت !!! فهد ما طلع لنا إلا بسببك !! من بعدها بدت المشاكل ، كل سنة تمر لازم ينمسك واحد من رجالي وتخترب على صفقة أو أي مصيبة بسببك أنت والحمـار الثاني ، محمد كـان يتدرب تحت يد سالِم ، وفي النهاية انمسك بكل بساطة بعد ما عطيته مكانة عندي! فيصل الحمار الثاني كان يمشي ورى أوامر سالم ، وفي النهاية انمسك أول ما تحرّك !!! .. والحين متعب اللي ابتلينا فيه بسبب سالِم بعَد رجـع للسعودية حي وأكيد محمي بسبب سالم !!!! والزفت الثاني سلمان جاء من وراك .. مثل ما جانا أخوه من قبل . .
دفعَه عنه بقهر ، ليترفعَ صوته بشكلٍ أكبر وهو يصرخ : كل اللي فشلت فيه بسببكم ، وما أستبعد إن العملاء اللي تعاملت معهم آخر الصفقات انمسكوا بسببكم أنتوا بعد !
عدّل أحمد ياقة ثوبه وهو يتنهّد بصبر، وباعتراضٍ حادٍ بعض الشيء : آخر شيء منّك ، اللي قبل غلطي وغلط سالِم ، بس لا تنكر إن الصفقات الأخيرة ما كان يديرها غيرك! مو غلطنا إنّك مخلي تميم يتصرّف فيها ... هو وش يعرّفه؟ ممكن بعد ينمسك هو بأقرب وقت ... لا تدخّله بأشغال كبيرة ماهو قدّها .. خلّه يتعلم زين وحبّة حبّة بيصير خبير.
سعود بسخرية : ودّك تقارن تميم فيك أنت وسالم؟! تميم ذكي بالفطرة عكسكم، مستحيل ينمسك بسهولة ، مثل ماهو أساسًا لاعب بحسبتي أنا يهون عنده أي شيء ثاني ... لا تتكلم عن شيء ما تفهمه يا أحمد !
أحمد بقسوة : مو كأنك معطيه أكبر من حجمه؟
سعود : صدّقني أنت وسالم اللي عطيتكم أكبر من حجمكم ، تميم مثبت نفسه من غير تدخّل مني .. يعرف شلون يتصرّف زين.
من خلفِ الباب ، ابتسمَ تميم بسخريةٍ وهو يتّكئ بظهرهِ عليه ويكتّف ذراعيه ، استمـع لكلامهما منذُ البداية، كـان لا يبالِي بالأعين التي تمرُّ من الخدم، يدرك أنّ البعضَ منهم مكلّفون من سعُود بنقل محريـات ما يحدثُ في المنزل ومنه هو تحديدًا! لكنّه لم يبالِي وبقيَ يستمع.
ابتعَد عن البابِ بهدوء، رفُع هاتفه من جيبِه، بينما أحداقـه تنظُر للأمام بثقةٍ بينما شفاههُ تبتسم . . اتّصل برقمٍ مـا، انتظـر حتى أجاب ، ليلفظَ أخيرًا بهدوءٍ آمر : تستطِيعُ البدأ من الصباح .. الساعة العاشرة والنصف ، في الوقتِ ذاته الذي يغادرون فيه العيادة .... هذا وقتك !


،


كـان يسيرُ دونَ هدى ، لم يُغـادِر سيّارته منذُ ساعات ، يسيرُ في الشوارِع ويكرّر النظـر للمنـازل، يشدُّ الرحـال في أصقاعِ الظـلام، ويشدُّ من ملامِحه خيطًا جديدًا من الأفكـار التي تحوّر وجهه وتبدّل تعاليمه، أمضـى وقتًا طويلًا ، ما بينَ فكـرةٍ وأخـرى ، واحتراقٍ وآخر .. يسترجِع الكلماتَ التي لفظَتها برعشـةِ نبرتها ، الاعتـراف ، الحقيقـةَ القذرة! .. يسترجِعُ صوتَها الخائفَ وهي تقولها، عيونها، أهدابُها التي كـانت تنعكفُ بهوان، بشرتها التي شحبَت وكأنّ الحقيقـة امتصّت منها لونها ، كـــانت كاذبة! وهو الغبيّ الذي صدّقها منذ البدايـة، كانت كاذبـة ، وجهها اليومَ بتقلّباتِه أخبـره جيدًا أنّها أتخمتـه بكذباتها، أنها خادعت، مكرت، وتلاعبَت بِمـا يكفِي لتنسحَب الألوان من وجهها وهي تقولها . . أينَ ذهبَت تلك البراءة؟ فجأةً وبشكلٍ صادِم ، انطفأت! .. لم يكذِب سعد، لمْ يكذِب ، والآن رغمًا عنـه .. هو ممتن! لم يكذِب سعد عليـه ، أنقـذَ أنثـى ، كانت قذرةً منذ البدايـة ، واستغلّته كما يجب! .. منذُ تلك الليلـة ، كـان ذنبي زائفًا! هكذا فقط يا غـزل ، كـان منذُ البدايةِ زائفًا وأنتِ تجيدينَ انعاشـه في كلّ لحظـةِ تذكير . . ابتسمَ بسخرية . . استرجَع اللحظـاتِ التي كـانت تقولها فيها " سامحنِي "! ألِقذارتكِ الأولى؟ أمْ لكذبَتك! .. كانت تنعتُ نفسها بكلّ شيء - واقِع -، تنعتُ نفسها تمثيلًا، لتجدّد في كلّ مرةٍ ختـم بقائها . . كـان غبيًا! .. كـان غبيًا ، ساذجًا ، كطفـلٍ تلاعبَت بِه، كـان غبيًا .. يا الله كيفَ تجرأت؟ كيفَ تجرّأت بتلك الطريقةِ القذرة!! وكيفَ كان بتلكَ السذاجـة؟!
شدّ على أسنـانِه بغضبٍ وقهرٍ يتجدّدانِ فيه منذُ ساعاتٍ ولا يتوقّفان ، ستندم ، ستندمُ على كلّ شيء! ، على كلّ لحظـةٍ ابتسمتْ فيها بألمٍ وكان ألمها لا يكفي! لا يكفيه الآن سوى أن يراها تغرقُ فيما هو أكبـر .... هي لم تتألم بعد، لم تتذوّق حتى الآن ، معنى أن تتوجّع بصدق! .. سيبتُر زيفها، وتمثيلها ، بصدقٍ أكبـر!
ضاعفَ من سرعةِ السيـارةِ وابتسامتهُ تنطفئُ فجأةً بوعيد ، يلتهبُ صدرُه بكلمـاتٍ كثيرةٍ يجدُ عنها تعبيرًا هو - الصمت -، كم مرةً ابتسمَ لوجهها الممرّغِ في وحلٍ قذر؟ كم مرّةً لاطف قلبها الوضيع بنبرةٍ حنونة؟ كم مرّةً عانـق جسدها المتّسخ! كم مرّةً لوّث نفسه! .. كم مرّة !!!!
تنفّس بانفعـال، وجههُ يتجعّد بتقزز، شعـر بالقذارةِ تغلّفه، كم مرةً تألّم ، وشعـر بالذنب ، لأجـل عينيها؟ .. كم مرّةً ، كم مرةً ... أرادها! . . رفَع كفّه اليُمنـى ، ضغطَ على فمِه وأجفانهُ لا يُسدِلها ، بقيّ يتطلّع للأمـامِ بغضب، بقهر ، بقيّ يتطلـع للأمـام بفراغ ، كلّ ما فيه باتَ فارغًا ... عدا رغبتـه الكبيرة بإيلامها .. وردّ اعتبـاره! ، بمعاقبتها ، لأنها كانت قذرة ورخيصةً منذ البدايـة ، لأنّ براءتها .. كانت زائفة ، ولأنها في لحظـاتٍ ما ، حرّكت فيه شيئًا ، ليتمسّك بها ، ويُتوقَ إليها !!!

يُتبــع ..

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 15-08-16, 01:02 AM   المشاركة رقم: 889
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 



،


أرغمتـها على النهوضِ لتأكلَ معها شيئًا ، لم تأكل منذُ جاءَت ، انزوَت في غرفـةٍ وقالت لها بكلّ وهنٍ أنها تريد فقط النوم ، لا تريدُ شيئًا سواه، تريد أن ترحـل لعالمٍ آخـر وتريحَ رأسها من تفكيرهِ الطويل، تريحُ جسدها من آلامِ استباحتـه، لم تبكِي ، درسه الأخير كـان ألا تبكِي إن كان البكاءُ سيضعفها ، لذا لن تبكِي! .. نفدَت دموعها وهي هنـاك، بين الجدرانِ التي تصبّغت بألوانِ رائحـتـه . . . حاولَت أن تنامّ واستطاعَت تحت طنّ التقطّعِ الذي أثقلها بنهوضٍ ومنام، بالإرتعاشِ فجأةً لتنهضَ وتنظُر من حولِها وكأنها لم تصدّق بعد أنها اعترفَت له، وأنها انتهت من حياتِه! وأنها عادَت إلى منزلها القديم ، لا تشعُر فيه بالأمان!
نزلَت للأسفـل وهي تفركُ عينيها المنتفختينِ رغمَ أنها لم تنَم كما يجب ، كان نومها متقطّعًا والآن طـارَ بعدَ أن أرغمتها أمها على النزولِ لتأكـل شيئًا ، هذا الانتفـاخً لربّما كـان من ترسّب الملحِ أسفـل أجفانها، بقايا الدمـع الذي قاومته ومنعتْ بقيّته من النزول!
جلسَت على الكرسيّ من خلفِ الطـاولة، نظـرت للطعـامِ أمامها بمعدةٍ لا تريدِ شيئًا، كـانت تشعُر أنها ستفرّغ ما في معدتها - الخاويـة بعد لحظـاتٍ فقط وهي ترى الطعـام أمامها، لكنّها قاومت شعورها، ومدّت يدها قسرًا لتبدأ بالأكـل بشكلٍ واهِن ، تقضمُ اللقمـةَ وتلوكُ منها مرارة، تبتلـعُ صديدًا لتهضم فيما بعدُ انهزامًا، كأنها مخلوقٌ بينَ الحيـاةِ والممات، لم تكُن تحتاجُ للأكـل سوى روتينٍ فقط!
كـانت امها تتابعها وهي تسندُ مرفقيها على الطاولَة ومن ثمّ ذقنها على كفيها، تنظُر لها بعينينِ ضيّقتين، ومشاعـر حزينـة، أرادَت في هذهِ اللحظـةِ سؤالها عن تفاصِيل ما حدَث، لكنّها خشيَت أن تستثيرَ آلامها ولا تكمـل طعامها، لذا صمتت حتى رأتها قد انتهت وكادَت تقف ، تداركت لتلفظ : اجلسي حبيبتي أبي أتكلم معك.
نظرت لها غزل دون تعبير، إلا أنها جلَست أخيرًا لتنظُر لوجهها بصمتٍ مُنتظـرةً الحديثَ الذي تدرك ماهيّته ، نطقَت بعد وهلةِ نظـرٍ لوجهها : ضرّك؟
كـانت تدرك فقط ، أنــه علـــم! ، اتّصلت بها غزل ، وأخبرتها بجملةٍ واحدة " سلطـان درى بكل شيء " ولم تُردِف توضيحًا آخرَ بل طلبَت منها المجيء وحسب، وحينَ أصبحَت معها، لم تقُل شيئًا سوى أنّها تريد النوم! تريد النومَ في غيرِ ميعادِه ، كلُّ الأحداثِ كـانت في غيرِ ميعادِها، اللقاء كان في غيرِ ميعادِه ، والفـراقُ كان في غيرِ ميعاده ، لا شيء يخضعُ لوقت ، التقيتُ بكِ حينَ لم أرِد، وحين رحـل منّا الوقت، وافترقتُ عنك حينَ لم أرِد ، وبعدَ أن خضـع الوقتُ لتخوضَ في دمِي وكلّ خليّةٍ فيّ . .
ابتسمَت دون تعبير، نظـرت للأسفـل ، لا تنكِر أن جانِب جسدها وعظامها لازال يؤلمـها من دفعه لها، أن كتوفها لازالت تحترق ، لكنّه لم يؤذيها! .. رغمَ ذلك، هو لمْ يؤذيها! هي من آذتـه ، وهو رغـم كلّ شيءٍ لم يخنقها انتقامًا لما فعلته بِه ولخداعِها! . . هزّت رأسها بالنفي، حينها زفـرت امها براحـةٍ ومن ثمّ لفظَت بحزم : ما راح يمسّك بشيء ، ماراح أسمح له!
مرّرت غزل لسانها على شفتيها ، عيناها لا تنظُرانِ لها بل للأسفـل ، في حينِ أردفَت امها بنبرةٍ متسائلة، فيها الكثير من الترقّب واللهفـة : ما طلّقك ، كذا بس تركك تطلعين!
تشنّج وجهها، في تلكَ اللحظـاتِ كانت منهارة، رأت قبل أن تغيبَ عن عينيهِ وجهه الغاضِب بعد أن غادرت أحداقها ضبـابةَ الدموعِ وخفتت ، كـانت منهزمـة، تكادُ أن تموت، تحتضر ، ولو أنه لفظها في ذاك الوقت .. لربّما أدركت الموت حينها!
لم ترد، بل رفعَت كفيها لتمسَح بإحداهما على خدّها وفمها يتقوّسُ في انكسـار، الأخرى مرّرتها على كتفِها الذي لازال يلتهبُ ببشرتِه، هل انتهيا عندَ ذلك الحد؟ هل سيتركها فعلًا؟ قد تكون توقّعت أن يفترقا بل جزمت بذلك، لكن لم تعتقدْ أنه سيتركها من البدايـةِ دون أن يُذيقها ويلاتِ ما فعلت! . . ارتبكَت قليلًا ، أخفضَت كفيها لتضمّهما ببعضهما ، في حينِ مرّت لحظـاتٌ طويلـة ، لم تصِل الإجابـة فيها إلى امها سوى بصمتٍ أوضحـه ، تنهّدت ، ومن ثمّ وقفَت مبتعدَةً عنها ... في اللحظـةِ ذاتها التي تصاعَد فيها رنينُ هاتِف غزل الموضوعِ على الطاولـة . . أدارتْ جسدها إليها بسرعةٍ وتوجّس، بينما نظرت لها غزل بضيـاع ، وكأنها في تلك اللحظـة شعرت .. بل أجزمت ، أن لا أحدَ سيتّصل بها إلا هو !

قبل لحظـاتٍ قليلة .. دخـل للمنزلِ وهو يمرّر أنامله بينَ خصلاتِ شعره، وجههُ متصلّب ، عينيه معتمتـانِ بدرجةٍ قاسيـة . . لم ينظُر من حولِه وهو يتّجه للدرجِ مباشـرة كي يصعَد، كـان في تلك اللحظـةِ لا يفكّر سوى بها!! ، اتّجه مباشـرةً نحو الغرفـةِ التي سكناها معًا، فتـح البـابَ ومن ثمّ دخـل، بحثَ بعينيهِ عنها ليجدها خـاويـةً منها، عقدَ حاجبيه بارتيـاب، ومن ثمّ تحرّك بجمودٍ مبتعدًا بعد أن ألقى نظرةً سريعةً على بابِ الحمـامِ المفتوح، لم يكُن يعلـم أيّ غرفـةٍ اتّجهت إليها بعد أن أمرها بأن تغربَ عن وجهه وقتذاك، نزلَ بخطواتٍ واسعـة، وبصوتٍ صلبٍ نادى على سالِي لتجيئه في لحظـاتٍ سريعـة ، وقفـَت قريبـةً منه لتلفظَ بارتباك : نعم بابا سلطان.
وجه سلطـان نظراتٍ جوفـاءَ إليها ليرفـع حاجبه بجمودٍ ما إن رآها تحمـل قطّة غزل بين يديها! .. لم يبالِي بها وهو يلفُظ بتساؤلٍ بارد : وينها غزل؟
ارتبكَت سالِي لتخفضَ نظراتها مباشـرةً عن عينيهِ اللتينِ أرعبتها في قسوتِها ، ابتلعَت ريقها، لتتضاعفَ حدّةُ ملامحه تلقائيًا وهو يلفظُ مكرّرًا بحدة : وينها غزل؟
سالي بكلماتٍ متقطّعةٍ من ربكتها وخوفها من أسلوبِه الغريبِ عنها : شِي وِينت!
انتشـر لونُ أكثر قتامـةً في عينيه، نبـضَ فكّه بغضب، وصوتهُ خرجَ خافتًا إليها، قاسيًا : طلعت! .. مع مين؟
سالِي دون أن تنظُر إليها : ماما.
زمّ شفتيهِ بغضب، ومن ثمّ ابتعدَ عن سالِي وهو يهزُّ رأسـه بوعيد، لافظًا بقسوةٍ واحتقارٍ لم يصِل لمسامِع سالي : أكثر .. زيدي فُرص موتك عندي أكثر وعصّبيني فوق الحدود اللي تجاوزتها !
أخـرجَ هاتفـه من جيبـهِ وهو يبتسـم بعصبيّةٍ بالغـة، ومن ثمّ ودونَ انتظـار ، اتصـل بها !

مدّت غـزل يدها للهاتِف أخيرًا ، كـانت أصابعها ترتعش! لذا حملته وهي تشعُر أنها ستُسقِطه لا محـالة .. ازدردَت ريقها، ونظـرت للحظـاتٍ طويلةٍ لاسمـه المُشبـع بغنـج التملّك في ياءٍ أتبعته أحرفَه، أغمضَت عينيها بقوّة ، ماذا يعنِي اتّصـاله؟ ماذا يعنِي؟ هل سيقولها لها " أنتِ طالق " وينتهيا من هذهِ المرحلـةِ أخيرًا؟ أم أنه اختـار العذابَ بقربه؟! اختـار شيئًا آخـرًا .. يلائمُ ما فعلت! .. كـانت قد وضعَت جميعَ الخياراتِ في عقلها . . هاهوَ اتّصـل ، بعدَ أن رحلَت ، وتركت كلّ شيء! .. كـانت قد قرّرت الاحتفاظَ ببعضِ تفاصيله، لكنها لم تستطِع! شعَرت بوقاحتِها إن فعلَتها ، لذا تركت كلّ شيءٍ حتى تذكارهُ المتلخّصَ في مخلوق/قطـة ! .. لم تستطِع أن تسيرَ بحسبِ خطَطها ، أن تتبنّى من الأشهـر التي كـانت بينهما تذكارًا ملموسًا يحمـل شيئًا منه، أن تشتمّ رائحتـه في الملابِس التي اقتنتها معـه ، لكنّها لم تستطِع! لم تستطِع في النهايةِ أخذَ شيء!
لم تنظُر لأمها التي اقتربَت منها وهي تلفُظ بصوتٍ مرتبك : هو؟ إذا هو لا تردين .. طنّشيه!
لم يبدُو أنها قد سمعتـها، لم تكُن لتتجاهلـه بعدَ كلّ ما فعلت ، سترضى بما سيكتبهُ لها لديه، لذا ردّت! ووضعَت الهاتفَ على أذنها في اللحظـةِ التي شدّت فيها أمها على الطـاولةِ بكفينِ غاضبتين وهي تهمسُ بحدّةٍ من بينِ أسنانها : غـــــــــزل!!
تجاهلتها غزل ، وهي تهمسُ بصوتٍ مرتبكٍ مرتعـش : نعم.
سلطـان بجمودٍ وأقدامهُ تصعدُ عتباتِ الدرج : وينك؟
غزل ونبرتهُ أشعرتها بالاهتزازِ أكثــر، شعَرت أنها خاويـة، أنها تمتلكُ طبيعةً رخويّة، حتى صوتها كان باهتًا وهي تهمسُ برعشـة : عند .. عند أمي.
سلطـان باحتقارٍ غاضب : متأكدة؟ الرخيصات أمثالك ما يِصْدقون مع أنفسهم عشان يصدقون قدام أزواجهم !
لفظَ " أزواجهم " بسخرية، لكنّ تلك السخرية ، لم تكُن مؤلمـة ، بحجمِ كلمـاتِه الأولى، والتي جعلتها تشهقُ بنفسٍ متحشرجٍ دون صوت، ارتفـع صدرها بقوّةٍ متألمـةٍ وعيناها تتّسعان، لا تستطِيع استيعابَ كلمتـه، الرخيصات !! . . ابتلعَت ريقها، لا تلومه، لا تلومه على إدراجه لها ضمنهم ، نعم ، هيَ كذلك ، هي قذرة حين أرخصَت نفسها!
لم تستطِع أن ترد، شعرت أنّ تلك الكلمـةَ قد غصّت بكلماتِها في حنجرتها فلم تستطِع الردّ وهي تُغمـض عينيها، تستشعرُ بوادِر بكـاء ، ربّما لم تكُن لتستطِيع منعه! . . لفظَ سلطـان بصوتٍ حادٍ انفجـر بغضبٍ وهو يقفُ بعدَ أن وصلَ للطـابِق الثاني، يسندُ كفّه على " الدرابزين " ويردفَ بسلطةٍ غاضبة : 10 دقايق ، 10 دقايق بس ولو ما شفتك خلالها قدامـي لا تتخيلين وش بسوّي فيك! .. مثل ما طلعتِ بدون شوري الحين ترجعين غصب عنك.


،


دخلَت لغـرفـةِ النومِ بصورةٍ مرتبكـة، كـان يتجاهـل الاحتكاكَ معها بصورةٍ واضحـة، لم يحادثها ولم يحاولْ إستفزازها على غيرِ العادة! . . ابتلعَت ريقها بتوتّرٍ وهي تُشيحُ بوجهها عنه، كـان مستلقٍ على السرير، هاتفهُ بيدِه يتسلّى بِه، لم ينظُر لها رغم شعورِه بدخولها ورغمَ أن هذا الشعورَ بِها أثارَ غضبَه! ، لازال غاضبًا ، منذُ قرأ تلك الكلمـاتِ ومنذُ استنتـج منها هويّةَ من قصدته بـ " حبيبي "! .. تجاهـل أنّه في الحقيقةِ أخوها بالرضـاع، هي تحبّه! تحبّه ، في النهاية كانت تحبّه !! ربّما كـان سابقًا ، قبل أشهرٍ عديدةٍ نظـرًا لتاريخِ آخر منشور، لكنّها كانت تحبّه وكفى !!
سمـع صوتَ اغلاقِها الهادئ لبابِ الخزانـةِ بعد أن أخذَت ملابـس نومها، استفزّه الصوت أكثر ، لا ، يجبُ أن يخرجَ قبل أن يفقدَ أعصابه ويقتلها من الغيظ!! . . تحرّك وقد نوّى الخروجَ بالفعـل ، إن بقيَ معها أكثـر فلنْ يستطِيع السيطرةَ على نفسِه أمامها، لذا ابتعَد عن نطـاقِ شعورِه بها، وصـل للبـاب ، في اللحظـةِ ذاتها التي كـانت فيها تستدِيرُ إليه بربكـةٍ وتلفظ : أدهم !
توقّف أمامَ البـاب، تشنّجت شفاههُ وهو يقبـض كفيه بحدة ، وبنبرةٍ باردةٍ دون أن يستديرَ إليها حتى : نعم !!
وضعَت ملابِسها على أقربِ مقعد ، لم تدرِي لمَ نادَته ، نعم ، يجبُ أن تتحدّث معه! يجبُ أن تتحدث ، لن تتركَ لظنونِه الذهابَ للبعيد، هي المُخطئة! كـان يجبُ عليها أن تقتـل آخـر بقايا حبّها القديمِ لياسر، كـان يجبُ أن تُخفـي كلّ دليلٍ على وجودِ هذا الحب! اقتربَت منه بتردّد، ستتحدّث معه، يجبُ أن تبرّر له، في النهايـةِ هو لم يتصرّف معها بطريقةٍ سيئةٍ بل تجاهـل الخوضَ في ذلك ، لكنّها تدركُ جيدًا ، أن أفكارهُ لم ترحمـه وأنه غاضب! لكنّه رغـم ذلك لم يؤذِها حتى بلسانِه!
مرّرت طرفَ لسانها على شفتيها اللتينِ شعرت فجأةً بجفافٍ ينتشِرُ فيهما، وقفَت خلفَه ، ليشعـر بحرارةِ حضورها، بحرارةِ جسدها القريبِ منها، ويتصلّب جسده أكثر ! .. استدار مبـاشرةٍ ليبتعدَ عنها قليلًا وهو ينظُر لوجهها بنفور! .. كاد يتجاهلها ويمضي، لكنّه قرّر السمـاع لها أخيرًا .. ماذا ستقول له مثلًا؟! .. نطقَ بنبرةٍ هادئةٍ ظاهريًا استطاعتْ استنباطَ التشنّج الغاضِب فيها وزيفَ هدوئه : وش تبين؟
إلين ترفـع كفّها لتقبضـها بقوّةٍ أسفـل صدرها ، وبنبرةٍ مرتبكـةٍ لفظَت كلماتٍ متقطّعةٍ من اضطرابها : آآآ .. صفحتي .. صفحتي اللي بالفيس . . .
صمتت وهي تعضُّ شفتها السُفلى بقهرٍ وتشتّت عينيها عنه ، ما بالها الكلماتِ تخونها؟ ما بالها !!! . . أعـادت نظراتها لوجهه، يجبُ أن تتحدّث ، لن تتركَ لأفكـاره أن تظلمها، يجبُ أن تتحدّث فمن حقّه في النهاية أن تبرّر بعد أن علِم! .. تصلّبت الكلماتُ من جديدٍ خلفَ شفتيها بعدَ أن رأت نظرته المستخفّةِ والمحتقرةِ في آن ، شعرت بالقليلِ من الانفعـالِ الغاضِب ، لكنّها تنفّست بسرعةٍ وهي تلفظُ أخيرًا بنبرةٍ مكبوتة : لا تسوء ظنّك فيني !!!
أدهـم يُميلُ فمـه باستخفافٍ ساخـر، تسلّل من بينِ شفاهِه تعبيرًا صوتيًا ساخرًا بـ " هه " أغاظتها لكنّها قبضَت على كفيها وصمتت! . . وببرود : ليش بسيء الظن؟ ممكن توضحين!
إلين بصبرٍ تبتلعُ الكلمـاتَ المتمرّدة وتُزيحُ رغبتها في إغاظته بعيدًا ، ليسَ في هذا الأمر! قد تسمحُ بما ترغبُ في كلّ شيءٍ إلا هذا! . . لفظَت بصوتٍ مشدودٍ ونبرةٍ لازالت تحتفظُ بهدوئها : خلنا أعقـل من كذا! ، ما أبـي أستفزك بهالموضوع لأنه يمسني أنا شخصيًا! .. عشان كذا بوضّح لك قبل لا تفكّر فيني بسوء ظن وأنت أتمنى ما تتعامل مع الموضوع بهالاستخفاف!
أدهم دون مقدّماتٍ لفظَ بتساؤلٍ باردٍ فاجئها : أيش اسمه؟
اتّسعت عيناها بذهولٍ وهي تنظُر لوجهه بعد أن باغتها بسؤاله، ارتبكَت، وارتفـع صدرها في نفسٍ مضطربٍ وهي تُجيبه على سؤالٍ آخر لم يطرحهُ على مسامعها : ما أحبه بهالوقت .. كان حُب قديم والله! .. ونسيته من زمان.
أدهم رغمَ أنه يدرك من هو، لكنّه أرادَها هي أن تقول، أرادها قبل أن يلفظها ويقولها رغمًا عنه بأسلوبٍ جارِح! أسلوبٍ يخبرها عن قذارةِ الحبّ الذي اختارته! .. تقدّم ببطءٍ منها، لتُثبّت أقدامها أمامه وهي تنظُر لهُ بثباتٍ تحاول أن لا تهتزّ أمامه فتُلقى عليها تهمةٌ " مصيبة "! .. لفظَ بخفوتٍ بعدَ أن كـاد جسدهُ يلتصقُ بها وحرارةُ غضبِه انتقلَت مباشرةً إليها : متى نسيتيه بالضبط؟ وليش؟!
إلين بهدوءٍ ظاهريٍّ لازالت تُجيب على أسئلةٍ أخـرى : كان حب نظيف .. هو حتى ما يدري!
أدهم ويُعيدُ سؤاله الأول بعدَ أن استفزّته كلماتها : أيش كان اسمه؟
إلين بغصّة : لا تحتقرني لو قلته!
أدهم يبتسـم بسخريةٍ وهو يدركُ تمامًا لمَ رجتـه بذلك " لا تحتقرني ! " .. لأنه كـان حبًا قذرًا ، وتدرك بنفسها ذلك! . . شعرَ أنه سينفجـر أخيرًا، سينفجـر ، لذا مدّ يديهُ ليُمسكـها من كتفيها ويُنهي الاقترابَ الكبيرَ بما هو أكبـر ، ألصقها بهِ لتشهقّ بفزع، بينما صرخَ هو بغضبٍ وانفجـارٍ أحاط بِه مسامعها لتُغمـض عينيها بقوّةٍ ذعرًا : عارفـــة نفسك! .. عارفة إنّ حبك له وصخ وتقولين حب نظيف!! شلون؟ شلون تسوينها يا نجلاء!!! .. قوليها ، برّري لي قبل لا أحتقرك أكثر! .. شلون حبيتيه هوّ تحديدًا!!!
اتّسعت عيناها بصدمـة، ارتفعَت أحداقها نحوه ببطءٍ مذهول، يعرفه! ، يعرفه! .. كلماته أخبرتها أنه يدرك هويّته ! .. ابتلعَت ريقها بصعوبـة ، اهتزّت نظراتها بصمت، لم تمتلك ما تقول أخيرًا بعدَ أن أدركت من كلماتِه ونظراته المحتقرةِ معرفتـه بهويّةِ من قصدَت بكلمـاتِ الغزل، بينما شدّ أدهم على أسنانِه أكثر، انحنى بوجههِ إليها ، ليلفظَ بغضب، واحتقـار، وقهرٍ يُلهبُ أضلعـه ويُرمدها : شلون حبيتيه؟ احكِي .. احكِي لأني أبي أسمع منّك مثل ما تبين ... يرّري يا نجلاء برّري!
عضّت شفتها السُفلـى، شعرَت بالخجـل لتُشيحَ بأحداقها عنه وهي تتنفّس بقوة، الآن يجبُ أن تبرّر فعلًا، يجبُ أن تبرّر بعد أن أخبرها بكلماتِه أنه يعلمُ من هو ، يجبُ أن تبرّر لأن صورتها أمامه اهترأت كونها أحبّت " أخـاها "!! .. لم تنظُر نحوه من إحراجها، لكنّها استطاعَت أخيرًا أن تولّد من صمتِها صوتًا ، وتدفـع الكلمـات المضطربـةَ قسرًا لتصلَ إلى مسامعه مشبعةً بالحـرج : ترى .. ترى والله ما كنت أدري ... إنه .. إنّه أخوي !
ابتلعَت ريقها بصعوبـةٍ بعدَ آخـر كلمـة، حينها ارتدَّ وجههُ للخلفِ قليلًا دون أن تفقدَ ملامحه تشنّجها وهو ينطُقُ بصوتٍ جامِدٍ قاسي : شلون ما تدرين؟ ما تمشي هذي.
إلين دونَ أن تستطِيع النظر إليه، لم تجِد تبريرًا قد يصدّقه ويُحافِظ على صورةِ عائلتها أمامه سوى هذا : ترى ما درينا عن سالفـة الرضاع إلا هالسنة ، امي كانت مرضعتني بس شاكّة بعدد الرضاع عشان كذا ما أخذت فيها بسبب الشك ، بس فيه شاهدة أثبتت لنا إنّ الرضاع تام * تقصد أميرة *
كانت قد كذبَت في هذهِ القصّة، لكنّها لم تجِد سوى هذا ، قدْ يصدّقها أو لا ، المهم فقطْ أن يدرك بأنّ حبها القديمِ لياسـر لم يكُن بالقذارةِ التي يتخيّلها! . . صمتَ أدهم دون لأن يعلّق بشيء، كـان ينظُر لها بصوةٍ مُظلمـة إلا أن كفّه كانت تشتدُّ على كتفيها بقهرٍ وتملّك ، نظـرت نحوه هذهِ المرّة متجاهلـةً شدّه عليها، وبربكـة : لا تظن فيني سوء ولا تلومني على حب قديم ، كنت محترمـة حدودي في النهاية! ياسر ما شاف جزء من شعري إلا بعد ما تقبّلت الفكرة الجديدة وإنّه أخوي ، وأول ما دريت مباشرة وبشكل تلقائي طلع من قلبي وظل كأخ بس .. مستحيل أرخص نفسي بأي شكل كان! فلا تتهمنِي زور . .
لم يقُل شيئًا أيضًا، حينها ابتلعَت ريقها وهي تحاول أن تبتسمَ بينما صوتُها يلفظُ بنعومةٍ مرتبكـة : هاه برّرت لك مع إنّك نقضتْ بالعهود وناديتني نجلاء ، بس بمشّيها هالمرة ... رضيت الحين؟
أدهم بجمود : لا !
إلين تعقدث حاجبيها بضيق وهي تشعُر أنها اليومَ لا تملكُ حجّةً لتتمرّد ، وبتساؤلٍ متغنّجٍ رغـم اضطرابِ صوتها : هاه وش بقى بعد عشان يرضيك !
أدهم يخفِضُ وجهه إليها قليلًا وهو يهمسُ بقهرٍ وغيرة : حبيتِ! .. الفكر في النهاية إنّ قلبك حب غيري؟
إلين بربكـةٍ ابتلعَت ريقها قبل أن تلفظَ واقترابهُ منها بهذا الشكلِ يضاعفُ رعشـة قلبها : لا تصير ظالم بهالشكل! لا تلومني على حب كان نظيف في النهاية .. قلبي الحين مافيه أحـــ . .
قاطعها بقبلةٍ عميقةٍ لشفتيها أخرسَت بقيّةَ كلمـاتِها، اتّسعَت عيناها، تجمّد جسدها، بينما صدرها شهـق شهقةً مصدومةً لم تستوعِب بعدُ قبلتـه ، لم تكَد تستوعبُ حتى حرّر شفتيها دون أن يبتعدَ، بل بقيَت أنفاسهُ تقبّلها، وجههُ يحجبُ عنها الرؤيـةَ سوى إليه ، همسَ في اللحظـةِ ذاتها التي كـانت فيها تغرقُ في بهوتِها دون أن تستوعِب ما حدَث : ما رضيت .. ولا برضى ، بنسّيك كل حب قديم لك حتى لو قلتِ بلسانِك نسيته ، بنسّيك إنّك بيوم ملك قلبك غيري .. بنسّي لسانك يتذكّر إنّ فيه حب قديم كان بقلبك وبخليه يذكرني أنا وبس!
إلين بصدمـةٍ وجسدها المتصلّب يريد أن يبتعدَ عنه دون أن تستطِيع الحراك! : أدهـــم !!
أدهم بنبرةٍ شدِيدةٍ يجذبها إليه من جديد، يُحيطُ خصرها بقوّةٍ بعدَ أن انزلقَت كفوفه عن كتفيها : اشششش .. ما يرضيني ، ما يرضي أضلعي غير تدثّرين فراغها بكلمة أحبّك، ما يرضي عيوني غير الله لا يحلّل لحظـة فيها كرهتك ! .. تقولينها أنتِ .. لأني دعيت على كل اللحظـات قبلك ، يميتها الله بقربك !!
شهقَت مرّةً أخرى وعيناها تتّسعانِ أكثـر ، غابَ شعورها وهي تغرقُ في قبلةٍ أخـرى كانت تتلُو من بينِ شغفها " أحبّك "! .. يقولها لها ، أنتِ النساءُ كلّهن، وكلّ النساءِ لا أحد! .. يقولها لها في قبلـةٍ ، إنّي أحبّك بقصيدةٍ تُجيدُ التمرّد حتى يفقدُ العقـل فهمَ أواصِر قافيتها ، فهمَ طلاسِم العِشقِ في أشطرِها ، إنّي أحبكِ أنتِ ، حتى " أحبّك " لا تفقـه استيعابَ حجمِ صوتِي وملء فمِي الذي يذُوقُ في هذهِ اللحظـةَ قبلةً أودِعها شفاهُك!
وضعَت كفيها على كتفيه بضعف، أرادَت في تلك اللحظـةِ بشعورٍ ضعيفٍ أن ترفضـه، أن تمتنـع ، لكنّها في النهايـةِ لم تستطِع، لا تدري أينَ غابَ نفورها ، لكنّها ببساطِة ، لم ترِد في تلك اللحظـاتِ تحديدًا ، أن تستمرّ بنفورِها ورفضها! . . أحاطَت عنقهُ بكفيْن ترتعشانِ خجلًا وتردّدًا، أغمضَت عينيها باستسلام، وهي تُقنـع نفسها في هذهِ اللحظـة ، أنها فقطْ لا تريد الامتنـاع، خوفًا من الله!
في حينِ ابتعدَ عنها أدهـم قليلًا وصدرهُ يرتفعُ وينخفضُ بانفعـال، نظـر لوجهها المُحمرّ وهو لا يستوعِب موقـع كفيها خلفَ عنقه! .. ابتسـم، وأحداقُه تُبحـر فوقَ أهدابِها المُنسدلة، انخفَضت كفّه عن خصرها لتستقر أسفـل ركبتيها ، بينما الأخرى داعبَت شعرها القصيرَ قبل أن تلامـس عنقها ، ومن ثمّ يرفعها بينَ ذراعيهِ إلى أحضانِه ، هامسًا من بينِ خصلاتِ شعرها بعشق : الله حسيب هالفتنة !


،


توقّفت السيـارةُ أمـامَ المنزِل، كـانت تفرُك كفيها بربكـة، تنظُر لهما وفمها بجفافِه شعرت أنها لم تعُد تستطِيع إفراز اللعـاب ، نظـرت عبرَ النافـذةِ للمنـزلِ بربكـة، ومن ثمّ حرّكت رأسها لتوجّه نظراتها هذهِ المرّة إلى أمها وعينيها الظـاهرتين عبر النقابِ كـانت تشرحـانِ لأمها مدى رعبـها وخوفها من النزول، عضت ام غزل شفتها ، ومن ثمّ صدّت بقهرٍ وهي تلفظُ بحدّة : ما تسمعين شيء ! .. عشانه ما تسمعين شيء! .. مين هو؟ وش بيفيدك حبّك له الحين؟ بيشفع لك!!!
غزل بخيبةٍ وانكسـار : يا ليت !
نظـرت لها امها بغضبٍ لتصـرخَ أخيرًا وهي تكادُ تبكي مما آلَ إليها حالها : الحب مو كل شيء ! مو كل شيء .. كنتِ تقدرين تضغطين عليه أكثر ، شوفي حبك له وش بيسوي فيه! .. كان فيه داعِي تعلمينه؟ ما كان بيدري وما كان بينقهر مثل الحين .. وش استفدتِ؟ لا أنتِ ارتحتِ ولا هو .. هذا اللي تبينه؟!
غزل بضعفٍ مدّت يدها نحو مقبـض البابِ وهي تلفظُ باستسلام : أبي أعاقبْ نفسي لأني ما لقيته قبل لا أضيع !
فتحَت البـاب، بينما أغمضَت أمها عينيها لتنسدلَ من إحداهما دمعـةٌ وهي تقبضُ على ركبتيها بقوّة .. تسأل الله في نفسِها أن يليّن قلبـه ! .. تدرك أنّ ما سيكُون الآن أمامها ليسَ سهلًا، لكنّها لم تستطِع إقناعها، حاولَت .. ولم تستطِع، كـانت طيلـة حياتِها بعيدة ، فكيفَ تقتربُ منها الآن وتكون لها كلمـةً تسيّرها؟!

تحرّكت غزل باتّجـاه البـاب ، مرّرت لسـانها على شفتيها بربكـةٍ واضطراب، ضربَت الجرس بيدٍ ترتعـش، بينما نظراتُها توجّهت لسيـارةِ أمها التي لم تتحرّك بعدُ بخشيةٍ وقلق، رفعَت كفها وهي تبتسمُ باهتزازٍ وكأنها كانت لترى بسمتها! .. أشارت لها بالوداع ، تريد بذلك أن لا تبقى واقفـة أكثر ، بينما في اللحظـةِ ذاتها التي حرّكت فيها كفّها ، كـان البـابُ من ورائها يُفتح!
توقّف قلبها للحظـة ، لكنّها في النهايـة استدارَت ببطءٍ وهي تبتلـعُ ريقها بصعوبـة ، سالي ، لم تنم ، نعم .. حتى الآن لم تنم! .. كانت تمنّي نفسها أنها سالِي ، ستواجهه عاجلًا أم آجلًا ، لكنّها من الجهـةِ الأخرى خافت المواجهـةَ بهذهِ السرعة! .. تصلّبت كفوفها ما إن رأته هو ! يقفُ أمامه ويبتسمُ ابتسامـةً باردة .. ابتعدَ عن البـاب حتى يتركَ لها الدخُول وهو يلفظُ بصوتٍ ساخـر : قولي لأمك إنّك بالحفـظ والصون .. أمّك هي وإلا غلطـان؟
كـان يقولها بسخريةٍ وصَلت إليها معانِيها جيدًا ، عضّت باطِن خدّها وهي تبتلـع غصّتها وتُسكـن دمعها من إهانتِه الواضحـة واستخفافِه بِها ، أطبـق البابَ بقوّةٍ جعلتها تنتفـض، ومن ثمّ تحرّك ليتجاوزها ويسبقها وهو يلفُظ بصوتٍ كـان أكثر جمودًا وانحسرت عنه سخريته : الحقيني ... أتوقـع باقِي لك عندي اعتبار بسيط يخليني أحاسبك ورى عيون الناس.
كـان يقصِد أن المكـان قد تراهما خلاله سالِي إن جاءَت صدفـة ، ارتبكَت وارتعشَت شفاهها ، اعتبار! .. سخريةٌ أخـرى تدركُ منها أنّه لن يتركها ببساطةٍ دون عقاب ! . . تبعتـه رغمًا عنها وهي تخلـع نقابها لتفضـح وجهها الشاحِب، صعـد لتصعـد من خلفه ، كـان يتّجه لغرفتـهما، ارتبكَت أكثر بعد أن تأكدَت من ذلك حينَ وقفَ أمامَ بابِها .. توقّفت دون شعور ، بينما أدار سلطـان رأسه ما إن شعرَ بوقوفها ، وبملامِح صلبـةٍ قاسيةٍ نطق : ليه وقفتِ؟
غزل بخوفٍ شتّت عينيها عن وجههِ الغريبَ عنها عدا من يومٍ شبيـهٍ كشفَ فيه خداعها ، لكنّه الآن كان غريبًا أضعافًا! كان غريبًا .. مُرعبًا !! . .
تحرّكت بقدمينِ ترتعشـان، اقتربَت منه، بينما سبقها سلطـان بعد أن تأكَد بأنها تتبعـه ، دخلَت، ليلفظَ مباشرةً بأمرٍ وهو يُديرها ظهره : قفلي البـاب.
ماذا يريد! ماذا يريدُ منها !! .. شعَرت برعبها منه يتصـاعد، إلا أنها أغلقتـه بانصيـاع ، ومن ثمّ استدارَت إليه ، في اللحظـةِ نفسها التي استدارَ فيها هُو ، لم تمتلك الوقتَ الكافِي لتلتقطَ أنفاسها، لتفكّر بخطوتِه الأولـى ... حتى شعرت فجأة ، بصفعـةٍ قاسيةٍ جعلتها تسقُط أرضًا ، صرخَت بآهةٍ متألمـة ، إثـر سقوطِها بنفسِ الطريقةِ السابقةِ ليزدادُ ألمُ جسدِها أضعافًا ، وإثر الصدمـة ، لأن سلطـان ، صفعــــــــــــها !!!
سلطـان بقسوةٍ ينظُر لها باحتقارٍ وهو يلفُظ : هذي عشانك طلعتِ من دون شوري ، وعشانك تأخرتِ في وصولك .. 13 دقيقة وأنا قايل 10!!!
لم تسمعـه ، لم تسمعه ، لم تسمعه !! .. كـات تنظُر للأرضِ بصدمةٍ وهي تستندُ على ساعديها ، سلطـان صفعها! ، صفعها ، بعدَ أشهرٍ وللمرّة الأولـى ، سلطـان الذي قال يومًا بأنه لا يعترفُ بضربِ النسـاء، احتقر والدها لأنه خلّد في ظهرها آثارَ عنف ... صفعها ! . . أفرجَت شفتيها ، كـانت تنظُر للأرضِ ببهوت ، حتى بعد أن امتدّت يدهُ ليُمسك معصمها ويوقفها رغمًا عنها ، كـانت تنظُر للأرضِ ببهوت ... وتنقُش بعينيها المنكسرتين ، المتوجّعتين ، الخائبتين ، كلمـاتِ عزاء! ... لقد ، لقد فقدته !!!
ثبّتها سلطـان أمامه ، رغـم كونِه كـان يشعُر بالقرفِ من ملامَسةِ جسدها ، نظـر لوجهها الذي كـان ينظُر للأسفـل ببهوت ، ومن ثمّ لفظَ باستخفافٍ واحتقار : الله أكرمنـي يوم إنّي رفضت أطلقك .. أجل تتلاعبين فيني وتستغفليني وبعدها تروحين بكل بساطة؟ تكملين حياتك .. وتبدأين من جديد على حسابي أنا !!
لم تنظُر إليه، بل ظلّت ترمـش بأهدابِها التي حملَت دمعـةَ خيبـة ، لقد فقدته! ، فقدته بما فعلت ، الآن سلطـان لم يعُد هو! ، تسبّبت بمقتلـه ، ليجيء آخـر .. لا يُشبهه!
ابتسمَ بسخريةٍ وهو يدركُ صدمتها ، أمسكَ ذقنها بحدّة ، ومن ثمّ رفـع وجهها إليه لتقابله ، وبتهكّمٍ مستخف : تذكرين يا غزل؟ .. قلت لك مرّة مستحيل أتعامـل بالضرب مع إنسان ، لأن هالشيء كبييير .. وما يليق بالبشر! .. تذكرين؟ اليوم تعاملت معه .. يوم طلعتِ على حقيقة البهائم !!
شعرت بغصّةٍ تتضخّم ، لا ، لا .. لا يُمكن ، لا تريدُ ذلك! .. ما الذي فعلته! يا الله ما الذي فعلته! .. كانت تدرك أنّه قد يعاقبها بـأيّ طريقةٍ حتى وإن لم تتخيّلها ، لكنّها وحين أدركت ماهي .. لم تحتمل! . . سقطَت من عينها دمعـة ، لم تكُن لأجـل نفسها ، بل لأجله! لأجـل فقدها ، لأجـل الملامِح التي تبدّلت، لأجـل الوجه الذي حطّ على وجههِ الذي انشطـر ، وجهه الذي لا يُشبهه! ... نظـرت لعينيهِ مباشـرة، بحسرة ، بوجـع ، ومن ثمّ ابتسمَت بانكسـار وعزاء ، وهي تهمسُ بصوتٍ يختنق : قلت بعد .. ما يتعامـل فيه رجّال !!!


،


في الصبـاح - التاسعـةِ والنصف.
خرجَ من شقّته وهو يرفَعُ هاتفـه ليتّصل بها ، ابتسمَ بعدَ أن جاءهُ صوتها بعدَ لحظـةٍ قصيرةٍ ناعسًا : نعم ..
فواز بمداعبـة : للحن نايمة يا كسولة.
مرّت ثانيةٌ صامتـة، قبل أن يسمـع صوتَ شهقةٍ واحتكاكِ جلوسِها العنيفِ على السريرِ وهي تلفظُ بصدمة : من وين جبت رقمـــي !!!
فواز بسخرية : جبته من العصفورة من وين يعني؟ زوجتي طبيعي بآخذ الرقم من أخوك!
فغـرت جنان فمها بصدمـة ، ظلّت تنظُر للأمـامِ بعيونها الناعسـة، بينما أردفَ فواز وهو يُكمـل سيره كي يخرجَ من المبنـى : وبعدين لهالساعة نايمة؟ خافي الله يا بنت!
جنان تشدُّ فجأةً على أسنانِها وهي تعقدُ حاجبيها بغيظٍ لتهتفَ أخيرًا بانفعـالٍ وغضب : أنت اللي وش تبي هالساعة ، وش تبي ممكن أعرف؟! وبعدين لا تقول زوجتي ماهو احنا بس أصدقاء!
ضحكَ رغمًا عنه ووجههُ لُفـِح من نسيمِ الصبـاح البارِد : خلاص سوري ما بعد تعوّدت على مسمّى أصدقاء.
جنان تعودُ لتتمدّد على السريرِ وهي تلفظُ بنبرةٍ ساخـرةٍ تختلطُ مع نعاسها : في النهاية اللي جاب هالفكرة الغبية وجهك!
فواز بوجوم : افا وش قلة الأدب هذي؟
جنان تبتسم : عادي أنت ترى صديق مو زوج عشان أعطيك اعتبـار.
فواز بسخرية : والله! الحين الصديق ماله اعتبار!
جنان : لا مو عن كذا بس الصديق تختلف الميانة معه عن الزوج .. مستحيل زوجي بقوله حمار بس صديقي أيه!
فواز : ما شاء الله وأنا مين أكون !
جنان : هههههههههههههه قلت لك ما تمشي بس ما صدّقت .. شوف أنت اللي طرحت الفكرة وضعت من أول يوم.
فواز بانزعاج : بمرّك الحين .. خليك جاهزة.
شهقَت وابتسامتها تتلاشـى بفزع، جلَست بسرعة، وقبل أن تعتـرض .. كـان هو يُغلق الهاتف! . . الوقح! ، الوقح!!! من يظنّ نفسه؟! تنفّست بغضبٍ وهي تزيحُ ما بقيَ مُلامسًا لها من المفرش ، وبقهرٍ غاضب : واضح والله إنّي عطيته وجه بزيادة وتمادى ! .. وقــــح !!!


،


خرجَت من العيـادةِ باكرًا على غيـر العادة، هرولَت إلى يوسِف لتطوّق عضدَه وتلفظَ بابتسامةٍ ناعمـة : اليوم أكلنا الحمدلله بمسمى فطور مو غداطور.
يوسف يضحكُ وهو يضـع كفّه على رأسها : وش فيه الغداطور وبعدين كذا أنتِ تفطرين مرتين!
جيهان تبتسمُ بحب : عادِي نغيّر الروتين اليوم ... عاد والله طفشت يبه من جد خلنا ندخـل معهد نتعلم انقلش كويس مو معقول نعرف فرنسي قبل الانقلش!
يوسف : شيء طبيعي طفولتكم كانت هنا وأكثر ناس انسجمتوا معهم يتكلمون الفرنسية.
جيهان : بس فشلة يووووه ... وش ذا الانقليزية يوم أتكلم فيها احسني بنغالِي جاي يتكلم عربي .. معليش دخلنا معاهد مو معقول كذا حتى الجامعة الله ياخذها ما فادتني !
يوسف الذي كان يرفضُ تلك الفكـرة ، هو خائفٌ عليهن من مراتٍ قليلةٍ يخرجن فيها ، فكيفَ بساعاتٍ في معهد! دون أن يكون قربهن !! .. لفظَ بنبرةٍ هادئـةٍ يحاول أن يجاريها حتى تترك التفكير بالموضوع : أفكـر.
أرجوان التي كـانت تستمـع بصمت ، لفظَت أخيرًا بعتبٍ هادئ : بطلي تزنين جوج .. هو رفض الجامعة بكبرها بيوافق على معهد!
جيهان بخيبة : أدري إنّه يسلك لي .. عاد ودّي أروح للمعفـن ذاك و . .
صمتتْ ما إن ضربتها أرجوان بمرفقها لتنتبـه لما كانت تقول ، اتّسعت عيناها وهي تردفُ بربكةٍ ووجهها احمر : ودي أروح للمعهد من غير لا تدري . .
عضّت أرجوانْ شفتها وهي تُغمـض عينيها وتهمسُ داخلـها " غبيّة ، غبية !! " بينما لم تجِد جيهان ما تقول فصمتت بحرجٍ في اللحظـةِ ذاتها التي لفظَ فيها يوسف من بينِ أسنانه بغضب : جيهــــــان !!!
جيهان بسرعةٍ تسحبُ يدها من عضدِه وتنظُر له بخوف : أمزح والله أمزح لا تصدق عاد!
يوسف بحدة : امشي قدامي .. كلمة ثانية أنتِ وياها وبعلمكم شلون تحكون انقلش من غير معاهد حتى . .
جيهان بغباء : ههههههههههه تسوي فينا خير والله.
يوسف بغضب : جيهـــان !!
تأففت أرجوان من سذاجتها، بينما لفظَت جيهان بحرجٍ ووجهها يحمرُّ بشدة : والله أمزح فديت راسك .. خلاص مانبي معاهد ولا جامعات كله ولا تعصب.
سـارَ من غيرِ أن يُضيفَ كلمـةً أخرى، بينما نظرت جيهان ناحيةَ أرجوان التي وكزتها في خصرها ومن ثمّ أشارتْ باصبعها حول رأسها علامـة الغباء .. لوَت جيهان فمها بغيظ، ومن ثمّ نظرت ناحيـة ليان التي كانت تسيرُ وإحدى كفيها تُمسك بيدِ والدها بينما الأخرى تحمـل مثلّجاتها التي تكادُ أن تذوب .. لفظَت بكلماتٍ دون صوت : الله لا يسامح هذاك الزفت! * تقصد بدر *


،


بقيَت مستلقيـةً على بطنِها لوقتٍ طويـل، ذقنـها يستريحُ على الوسادةِ الناعمـة ، بينما عينيها دونَ تعبيرٍ تنظُران للفـراغ ، كفيها تضعُ يمناها فوقَ ظاهِر يسراها أمام رأسها ، وتغرق ، في تفكيرٍ لا تدرِي أين وصَل تحديدًا! .. ماذا حدَث؟ ماذا يعنِي ما حدَث؟ تقبّلها! عدمَ شعورها بأيّ نفورٍ وعدمُ رغبتها بالابتعـادِ وكأنها شعرت بينَ أحضانِه بالأمان! شعرَت بأنها تسبـحُ في عالمٍ آخر! .. لطالمـا كانت تفكّر منذُ الوهلـةِ الأولـى أن العلاقة الزوجيـةَ ستكون مزعجـةً إن كـان الطرف الآخر أدهم .. لكنّها رغمًا عنها ، لم تشعُر ولو للحظةٍ بالرفـض عدا قبل أن تُحيطَ عنقه، حتى رفضها ذاك كان كاذبًا/هلاميًا! .. رغمًا عنها ، شعرَت بالأمـانِ وهي بينَ يديه ، هزمها برقّته وحنانه وجعلها تستقبلـه بكلّ حرارة !!
احمرّ وجهها بحرج ، أليسَت هي من كـانت تقول بأنها تشعُر بالتقرّف من قربِه! والآن ماذا! .. انعقدَت بينهما الهدنـة حتى تبدأ بتقبّله ، وفي النهايـة لم تمرّ على هدنتها معهُ يومٌ إلا وهي تستقبـل أحضانه دون اعتراض!! .. غبية ، غبية .. الآن ماذا! أظهرت لهُ عكـسَ ما قالتْ وظهرت بموقفٍ غبيٍّ وحسب !
انتفضَت ما إن شعـرت بدفءِ جسدِه وثقلِه على جسدها، قبّل كتفها برقّة ، بينما أصابعه أحاطَت عضديها مستندًا بهما وهو يهمـس مباغتًا في أذنها بتساؤلٍ هادئ : هاه! .. باقي عقلك أو لسانك يذكر إنّك كنتِ تحبين أحد بيوم!
توقّفت عن التنفّس للحظـة، دفنَت وجهها في الوسادةِ بعدَ أن تضاعفَت حُمرتهُ التي شعرت بأنها زحفَت إلى بياضِ عينيها حتى! ، لم تستطِع أن تجيب أو حتى تفكّر بالإجابـة ، كـان خجلها منه أكبـر حدّ أن كفيها كانتا ترتجفان ، لكنّه ابتعدَ ببساطـةٍ ليتّجه لهاتِفه الموضوعِ على الكومدينةِ ويلفظ : تجهزي بنطلـع نتغدى برى اليوم.
لم تردّ ولم تتحرّك حتى ، حينها ورغمًا عنـه ، ابتسمَ بحنـان ! . . كيفَ يصفُ سعادتـه التي تبترُ أطرافها الظروف! لو أنه لم يحدُث ما حدَث البارحـة ، لم يكُونا ليصلا لهذهِ النقطـة لولا الانفعـالاتِ التي استثيرت بينهما بسبب تلك الحقيقةِ الجوفاء! .. ما باله يبترُ سعادته هذه المرّة من العـنق! ألا يكفيه أنها استقبلته بحرارة! أنها لم تعترض ، لم تنفـر منه .. بل على العكـس تمامًا!
ابتسـم رغمًا عنه بحنانٍ وهو ينظُر إليها ، لازالت تدفُن وجهها في الوسادةِ وكأنها تشعُر بتواجُدِه، كيفَ أصفُ سعادتـي ، بعدَ أن اكتملتُ بِك! .. لا معنـى لأن تبتـر أطرافُ السعادةِ إن كان التفكير بقبولكِ يعنِي تجدّدًا فيها واستطالـة! .. وكأنها اليومَ استطـالت على أصابِع قدميها ، لتقبّلهُ وتعبُر بروحها من بينِ شفتيه ليشعُر بالانتمـاءِ إليها وانتمائها إليهِ أكثر من أيّ وقتٍ مضى!
لم يُرِد أن يضاعفَ إحراجها ، لذا لفظَ بحنانٍ بالغٍ وتفهّم : بنتظرك تحت ، ومتى ما حسّيتي نفسك قادرة تنزلين بكون منتظرك ، أساسًا قلت لك بس تجهزي عشان الوقت وإلا أنا بصلي ظهر وبعدين نمشي.
عضّت شفتها السُفلى وهي تدفُن وجهها أكثر، شعرت بأنها ستكون أكثر غباءً في مظهرها إن بقيَت صامتـةً أكثر ولم تُجِبه! .. لذا أومأت ... بصمت!! . . كتمَ ضحكتـه .. لكنّه لم يعلّق .. وهو يبتعدُ بخطواتِه عنها.


،


اتّصل بِه وهو يقفُ حيثُ المكان المتّفق، أمام العيـادة، انتظـر حتى أجاب بسرعة، ومن ثمّ لفظَ بعجـل : أقف الآن أمام العيادة ... لم يخرجوا حتى الآن !
تميم من الجهةِ الأخرى عقَد حاجبيهِ وهو ينظُر للساعـة التي تجاوزت الحاديـة عشرة، وقفَ باستنكار وهو يلفظ : كيف ذلك !! أليسوا في العيادة؟!
الآخر : لا علم لي.
تميم بحدة : اذهب وتبيّن الأمر حالًا !!
أومأ بسرعةٍ ومن ثمّ تحرّك وهو يغلقُ الهاتف بعد أن أوصاه تميم بأن يتّصـل بهِ مباشـرة ، إن كـان الظروف اختلفت ، فلا بأس .. لا مشكلة من أن يتّجهوا للحيّ مباشرة!

.

.

.

انــتــهــى . .


قراءة ممتعة ويا رب يعجبكم .. بإذن الله موعدنا هو ذاته ، الأربعاء -> أتوقع ما يحاتج خلاص حفظتوه أحسن مني يا حبي لكم :$

ودمتم بخير / كَيــدْ !

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 15-08-16, 11:34 PM   المشاركة رقم: 890
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jun 2015
العضوية: 297135
المشاركات: 30
الجنس أنثى
معدل التقييم: Hissah عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 41

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Hissah غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 

أدهم و اليين أخييييراً 💗💗💗💗💗 حبيييييت مراقفهم و التطور اللي صار 👏🏻

فواز حقير عايش على الحبلين ، و جنان لازم تاخذ موقف قوي ياتظل معه ياتنفصل
اللف و الدوران هذا ماعجبني ، أصدقاء و مدري ايش و يمكن نتقبل بعض ..الخ
ياريت أحد يخطب جيهان عشان يتأدب و هي تشوف حياتها بعيد عنه
و الله يستر منه هالتميم وش يبي من يوسف و بناته 🤕


سلمان طلع ماله دخل و متورط هو و أخوه فهد بكشف هالعصابة
فصل جامد جداً
يعطيك العافية و ننتظر الاربعاء على أحر من الجمر .

 
 

 

عرض البوم صور Hissah  
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ليلاس, لغز, أكشن, القدر, الكاتبة كيد, انتقام, يوسف, رواية رومانسية, سلطان, غموض, عانقت, قيود, كيد
facebook




جديد مواضيع قسم الروايات المغلقة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t195238.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 02-10-16 06:32 AM


الساعة الآن 11:28 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية