لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > الروايات المغلقة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الروايات المغلقة الروايات المغلقة


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-06-16, 05:34 AM   المشاركة رقم: 811
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 



سلامٌ ورحمةٌ من اللهِ عليكم
صباحكم / مساؤكـم طاعة ورضـا من الرحمَن
إن شاء الله تكونون بألف صحّة وعافيـة

البارت اليوم اتوقّع مليء بتوضيحات كثيرة وهالمرة تجاوزت - ما بين السطور -، يا كثر ما أرمي لكم شيء وما تلقطونه عاد اليوم أمُور كثيرة شبه واضحـة لكم فركّزوا . . :$

شكرًا لتواجدكم، شكرًا لكلماتكم الطيبة سواءً بالمتصفح أو خارجه، شكرًا للروايـة اللي جمعتنا .. إن شاء الله أكون دائمًا عند حسن ظنكم والله يكتب لي التوفيق والوصول للنهاية بسلام :$$

بسم الله نبدأ
قيود بلا أغلال عانقت القدر، بقلم : كَيــدْ !

لا تلهيكم عن العبادات

* المدخل اقتبـاس من الجميلة shid|||

وينك؟
رحت ولا شبعت منك
رحت ولا طمنتي عنك!
رحت ناسي من وراك..
شخص يموت ولا يبعد
عن عينك..
وينك؟
اهلكني فراقك و ذكراك
اغراني الشجن لمسعاك!
مالي سند ، كني يتيم ..
موتك كسرني يالعضيد!
امانه طمني بس!!
انت على قيد الحياه؟
او اني على قيد المودع؟.



(74)*2



دخـل المنزل، هذا الذي أرادَ أن يبتعدَ عنهُ سنينَ ابتعـاد متعب، إن كانت هذهِ الساعاتُ الماضية لم تستطِع مداوَاةِ خذلان السنين فلن تستطيع سوى سنينٍ أُخَر، أن يغيب، ويغيبَ حتى يذُوق في الغيـابِ مرارته، يذوقهُ ويعرفَ نفوذَ سمومه ، هل تنشر أورامهُ في كلّ العرُوق؟ أمْ لا تُصيبُ بأيّ آفة؟! لا تؤثّر! فمتعب حتى بعد أن عـاد وجدَ للجفـاءِ عذرًا لن يقُول عنه سخيف ، لكنّه موجعٌ أن يخوّله لذلك! موجعٌ لأنّه فقط .. واللهِ لم يكُن يقصد!!
أقدامُه تتحرّك دونَ هُدى ، لم يكُن ينتبه أنّ خطواتهِ قد ارتحَلت لغرفـة والدتِه، وقفَ أمـام بابِها، وانعقدَ حاجباهُ وهو يبتلعُ ريقهُ بصعوبة بعد أن استوعبَ وقوفهُ هُنـا ، لم يشعُر بقلبهِ وهو يُناجيها، لم يشعُر بلسانهِ وهو يتحرّكُ دون صوت : يمّه سمعت صوته!
لم يشعُر برأسهِ الذي مـال قليلًا في زوايةِ خيبـةٍ بالفـرح، لم يستطِع الفـرح، لازالت الدُنيا ضدّه خلال هذهِ السنين، لم يستطِع أن يضحك، لم يستطِع أن يراه ، يضمّه، يقبّل رأسه كما السابق ويبتسمُ وهو يهمسُ لهُ بكلماتٍ رسميّةٍ لا تليقُ بهِ فيضربهُ متعب على بطنهِ وهو يبتسمُ لافظًا " ما يليق عليك هالاحترام "، أين رحَلت هذهِ الأيـام التي عاد يستذكرها بعد سنين؟ لا يُمكن أن ننتهي قبل أن نبدأ .. هل رأيتِ ذلك يا امي! هل علمتِ ما فعَل؟ ما قـال لي؟ هل علمتِ أنّ ابنكِ البكـر حيّ، واختـار الجفـاء لأجلِ أسيـل، لأجلـها اختـار أن ننتهي حتى قبل أن ألقـاه وأقتنع أخيرًا بأنّه حي، لازلت أريد دليلًا ملموسًا فصوتُه لا يكفي ، صوتهُ الذي أخـاف أن يكون خدعـة، أريد أن أراهُ وأضعَ كفّي على كتفهِ كي أتأكّد أنه ليسَ طيفًا، أريد أن ألقـاه يا أمّي .. أريد ذلك بشدّةٍ وأحتـاجه.
تراجـع بصمتٍ وحلقهُ يلتوي بجفافهِ الذي شعر بهِ أنّه يتصدّع، اتّجـه للدرج، هذهِ الحيـاة التي تختارُ التحدّي ، وسيقبله، هذهِ الحياة التي تختارُ التحدي .. سيفُوز عليها . . آسفٌ لحبّه ، آسفٌ لأنّه يتألـم ، آسفٌ يا أسيل لأنّي حين اخترتِ الفراقَ رفضت، آسفٌ لأنّي أحببتك! آسف، لكنّ ذلك ليس طوعَ يدي ، آسفٌ لنفسي " العشقانة "، آسفٌ لأنّي تشوّشت كفايـةً ولا أريد التفكير بشيء ، لا أريد شيئًا سوى أن نعُود سنين وأنْ لا أحبّك هذا الحُب الذي لا يريدُ الجمع بيننا ، عـارٌ علي، عـارٌ عليّ ما حدث، عارٌ عليّ أنِ التقينـا وأعتذرُ لهذا الزواج الذي تهادى بزيف، أعتـذر لك يا متعب ولكِ يا أسيـل ، اعتذر لأنّني الانسان المُخطئ والذي أحبّ اثنين عشقـا بعضهما . . .
توقّف بمرارةٍ عند نهاية الدرجِ وهو يشدُّ على " الدرابزين " بلوعـة، لا يُمكن للحيـاة أن تكُون قاسيةً بهذا الشكل! لا يُمكن لها فعل ذلكِ بنـا ، أن تُدخلنا في حلقةٍ ثُلاثيّةٍ ترفضُ أن تنفكّ في إحدى الزوايا وتُخرجنا ! . . رفعَ رأسهُ للأعلى بحركةٍ لا إراديّةٍ وهو يبتلعُ ريقه . . ستُخرج منّا اثنين .. اثنينِ فقط ، قد أكون أنا وهو ، وقد يكون أنا وأنتِ ، أو أنتِ وهو !! يا للقسـوة! يا للقســوة!!! من أين للحيـاةِ هذهِ السيكوباتية حتى تُمارسها علينا، كيف انسلخَ منها الضمير، كيفَ انسلخت من الحيـاة قناعةُ العطـاء وبقيَ فيها الأخذ الذي مركـزته على علاقاتٍ قويّةٍ كهـذه . . تحرّك مترنّحًا وهو ينظُر أمامه بفراغٍ لا يملكُ في جعبةِ نفسِه سوى اللوعـة والخسران، اتّجه لجناحِهما، فتح البابَ بآليةِ الضعف، اتّجه مبـاشرةً لغرفتيهما، وقعت عيناه عليها ما إن دخـل، كانت ترتدي روب حمامٍ أبيضَ كقلبها الذي بالتأكيد لازال يعشقُ متعب، أشـاح نظراتهُ عنها تلقائيًا وهو يبتسمُ ومعدتـه يشعر أنّها تحترق، اختـار التضحية بقلبه ، لأجـله ، لأجـل أخوّةٍ دامَت سنينَ ولا يُمكن أن تنتهي ببساطة، لا يُمكن أن تنتهي بعد أن بُعث متعب من الموتِ بمعجزةٍ مـا . .
لم يرها حين استدارت ونظرت إليه مبتسمةً برقّة، لتلفظَ بصوتٍ مُداعب : اليوم ماشاء الله نشيط أمداك تطلع وترجع وأنا تو من شوي أصحى.
أغمضَ عينيه بقوّةٍ وهو يتنفّس بتحشرج، لفظَ بصوتٍ ميّتٍ لا يملكُ فيه أيّ تعاليـمٍ للشعور : جهّزي شنطتِك والبسي عبايتك
هُنـا ننتهي، الأشهُـر، الأسابـيع، الأيـام ، لفظتها حياتنا الثلاثية! ، هُنـا ننتهي ، لأنّ البدايـة لم تُكتب لنا متّزنـة، لأنّ البدايـة كانت هشّة، لأنّ الله ربطكِ بأحدِهم، بأغـلى من أحب، هُنا ننتهي يا أسِيل ولا أريـدُ لقلبي أن يهتزّ لأنكِ لم تكوني لي قط .. في هذهِ اللحظـة لا أشعُر بالألـم بحجمِ ما ينحرنِي الحرجُ منه، لا أشعُر بالألـم بحجمِ ما أريد للأيام أن تعُود ولا أقترف هذا الارتبـاط وأؤذيه، أن لا أحبّك، أن لا أقـع في هوى عينيك .. قاسٍ واللهِ هذا الهوى لم يربُط على قلوبنا بالاتّزان ، نحنُ نبكي لوعةً حينما نُحب، نبكِي بتقويس شفاهِنا، بشحوبِ جلدنا الذي احترقَ بشمسِ الشرقِ الذي تطبّع بسمارِ رملِه على قلوبنا، نحنُ الشرقيُّون أشقيـاء ، لا أقُول ذلك رثـاء، بل أقوله حسرةً على قدرٍ جمعنـا في لحظةٍ مـا بهذا الشكلِ المُخزي.
وصل إليهِ صوتُها المُستنكر : أجهز شنطتي؟ ليه ؟!!
شاهين يشعُر أنّه يغص، ينظُر للسريرِ المُبعثرِ أمامه وهو يبتلعُ ريقهُ ويهمسُ داخلـه بمناجاة " ياربّ القوّة "، لفظَ بأسـى : لأنّك .. لأنّك .. لأنك لازم تروحين من هِنا .. لأنّك انتهيتِ وانتهيت أنا من هالحيـاة اللي جمعتنا.
أجفلَت، بقيَت تنظُر لهُ بنظراتٍ غيرِ مستوعبةٍ وهي تعقدُ حاجبيها، هنـاك خطأٌ ما في كلماته، هل يعني الفراق؟ هل يعنِي الفُراق؟ . . ارتعشَ فكّها وهي تُشيح برأسها جانبًا وتهزّه برفضٍ دون تصديقٍ لما يجري، ليسَ بخيرٍ منذُ أيـامٍ والبارحـة تضاعفَ الوبـاءُ فيه، ما الذي يحدثُ له؟
ابتلعَت ريقها بتوترٍ وهي تعُود للنظرِ إليه لتهمس ببهوت : ليش؟
أغمضَ عينيه وهو يرفعُ كفّه ليضغطَ بسبّابته وإبهامه أعلى أنفهِ، وبنبرةٍ ميّتة : لأنّ كل شيء كـان غلط ، كل شيء يا أسيل أنا آسف عليه.
أسيل دون تصديق : آسف على أيش؟
فتحَ عينيه، لم يستطِع منع أحداقهِ من الارتحـال إليها والنظر لملامحها لخمسِ ثوانٍ فقط قبل أن يبتلع ريقهُ بصعوبةٍ ويشيح بنظراته، لفظَ بخسران : على " أنا أحبّك " بعدد هالنجوم، لأنّي غلطت! النجُوم عُمرها ما كانت دايمة ، النجوم تختفي بالنهـار . . جانا النهار يا أسيل جـاء! .. أنا آسف لأنّك كنايتي عن هالحيـاة.
رفعَت كفّها لتضعهُ على رأسها وهي تُغمض عينيها وتُتمتم دون تصديق : يارب إنّي أحلم ! وش اللي قاعد يقوله !!!!
ابتسم : المنطـق ، للأسف!
فتحت عينيها لتنظر لهُ بحدةٍ وتصرخ بجنون : المنطق يقول لازم يكون فيه سبب! ليه تبينا نفترق؟!!
شاهين بابتسامتهِ المُتأسّيـة تراجع ، كلّ شيءٍ بات فوقَ طاقتِه، لا يعلـم كيف مازال حتى الآن صامدًا ولم يسقُط بثقلِ ما حدَث لهُ منذُ الصبـاح.
استدارَ حتى يخرج، توقّف لثانيتين فقط، قبل أن يشدّ قبضتيه ويلفظَ بنبرةٍ لا جدال فيها : جهزي نفسك خلال نص ساعة .. برجع ألاقيك لابسة عبايتك.
تحرّك ليخرج، لكنّ خطواتها اقتربَت منه باندفـاعٍ حتى أمسكَت ساعدهُ بقوّةٍ وهي تلفظُ بحدّة : فسّر لي كل شيء بالأول . . ماراح . . .
قاطعها شاهين حين سحبَ يدهُ بحدةٍ وصرخ وهو يدفعها للخلفِ قليلًا : لا تلمسيني!
صرخَت بغضبٍ هي الأخـرى بعد أن توازنت قبل أن تسقط : ماراح أطلع من بيتي سامع! معصب من شيء فرّغ عصبيتك بعيد عني .. مالك حق باللي تسويه لأنّي ماغلطت بشيء!
استدارَ لينظُر لها بعينين تشتعلانَ غضبًا، وألمًا! . . لفظَ بحرارةٍ وعصبية : ماهو بيتك! للأسف ما كـان بيتك ... اطلعي يا أسيل .. اطلعي مالك رجعـة لهالبيت إلا وأنتِ لغيـري . . * ابتسم بحسرة * هذا إذا مشَت الأمور بسهولة ، السهل ماله وجود للأسف! واحد منّا بيختفي من هالبيت ، بيتركه، وماراح أرضى يكون هو.
بهتت ملامحها وهي تنظُر لهُ دون استيعابٍ للكلمات الذي ينطقها، من الذي يقصدُ بـ " غيري "، الضمير المستتر في " هو "!! . . ابتلعَت ريقها وهي تلفظُ بصوتٍ شاحب : وش قاعد تخربط أنت !!!!
شاهين يمسحُ على جبينهِ بانفعالٍ وهو يزفُر أنفاسًا ساخنـة ، وبحدةٍ استدارَ نحو الباب، لم يشعُر بنفسهِ وهو يقبضُ كفّه اليُمني بقوّة، اندفعَت قبضتهُ فجأةً ليضربَ بها زاويـة الإطار ولا يُبالي بالألـم الذي نفَر بأعصابِه الحسيّة، ضربه مرّةً أخـرى، لم يكُن يضربُ الجدار بل كان يضربُ نفسه، كـان يعاقبُ نفسه ، يؤلـم جسدهُ الذي تطـاول على ملكِ أخيـه، قلبهُ الذي نقـش اسمها وهي لسواه ، لأنّه أحبّها! بأيّ حقٍ أحبّها قلبـه ، بأيّ حقٍ وهـي لسواه.
تأوّه بقهرٍ وغضبٍ وهو يرفعُ قبضتهُ الأخـرى بعد أن تخدّرت مفاصل يدهِ اليُمنى ولم يشعر بالألـم مع الضربـات، عاد يضربُ بيدهِ الأخرى بينما كانت أسيل تضعُ كفّيها على فمها وعيناها تتّسعان دون تصديقٍ لمـا يجري، لم تستطِع الاندفـاع أليهِ وإيقـافه من جنونه، بقيَت باهتةً تنظُر لهُ وقلبها يصرخُ بين أضلعها بانفعال الأدرينالين في دمها، صرخَ شاهين بغضبٍ يشتمُ نفسهُ بقهر : أنــا حيوااااان .. شلون دخلت بخاطـري وهي كانت لأخوي! شلون تجرّأت؟! شلووووون حبيتها شلووون؟!!!!!
هزّت رأسها بالنفيِ أخيرًا وهي تُدرك أخيرًا أن متعب أحد أسبـابِ حالته الآن، لم تفكّر كثيرًا، لم تبـالي كثيرًا وهي تصرخُ بانهيـارٍ وتُمسك ذراعَ يدهِ التي لازال يضربُ بها نتوء زاوية الإطـار : يكــــفـــــي خلاااااااص .. كسرت يدك يكفففففففففي . .
أمسك يدها التي تُمسك بيدهِ بقسوةٍ ومن ثمّ رماها بعيدًا ليوجّه وجههُ المُحمرّ إليها وهو يلفظُ بنبرةٍ حادةٍ رُغـم إعيائِها : لا عاد تلمسيني! قلتها لك وما أبـي أكرّرها .. لا عاد تلمسيني !!!
تراجعَت للخلفِ وصدرها يرتفعُ بأنفاسٍ مذعُورة، رفعَت يدها المُرتعشة لتضعها على صدرِها وهي تنظُر لهُ بعينٍ دامـعة، وبصوتٍ مُختنق : إذا طلعتي من هالبيت بتريّحك وتخليك توقّف هالجنون .. لك اللي تبيه.
أسدل أجفانهُ قليلًا وهو يتنفّس بانفعال، يدهُ التي تخدّرت بعد جنونِه، لم يملك ما يقُول، أُخرست الكلمـات وتبخّرت على شفتيه، نظـر للأرضِ بإرهـاقٍ صامت، ببؤس، بينما ابتعدَت أسيل للخزانةِ حتى ترتدي ملابسها ومن ثمّ تستعدُّ لتخرج كمـا يريد، ولم تستطِيع أن تصمت عن كلماتِ الحسرة والخذلان التي وجّهتها إليه بعتب : بس لا تنسـى ، ماراح أسامحك على كل ذا ، ماراح أسامحك على طردك لي من حيـاتك بدون ما ترضي عقلي ولو بنص تفسير !!


،


شدّ على أجفانِه بقوّةٍ وهو ما بين الوعيِ وفُقدانِه، حرّك يدهُ دونَ شعورٍ ليضعها على رأسهِ الثقيل، وأصواتٌ بعيدةٌ تأتيهِ من الخـارجِ مُختنقةً بترسّباتِ المنـام، أصواتُ عنـاد وسلمان التي اختلطَت ببعضها فلم يُميّزها عقله.
عقدَ حاجبيه، وارتخَى شدّهُ على أجفانِه، فتحَ عينيه ببطءٍ لينظر للسقفِ المشوّش أمامهِ دون أن يميّز حتى الألـوان! مكث لثوانٍ قبـل أن تستوعبَ عينـاه الصورة أمامه ويراها بصفائِها، همس داخلـه باستنكارٍ ثقيلٍ كجسده : ويني أنا؟!
جلسَ وهو يُحـاول استيعاب المكـان الذي هو فيه، أن يتذكّر ما حدث قبل أن ينام .. متى نام؟ وكيف نام هُنا !!!
مرّر أنامله بين خصلاتِ شعره المُبعثرة وهو يُمرّر لسانه على شفتيه الجافتين، يجعّد ملامحه حتى يتذكّر ما حدثَ وكأنّه بذلك يعصرُ ذاكرتهُ لتنزفَ بما قبل ساعات. لم يستغرق كثيرًا حتى تبدّلت ملامحهُ فجأةً وعقلهُ الذي " صحصح " تذكّر ما حدَث، حرّك رأسـه بانفعالٍ ينظُر للغرفـة التي هو فيها، شدّ على رأسـه بغضبٍ وهو يكـاد يشتمُ الحال الذي هو فيه، كيف يتجرّأ؟ كيف تجرّأ على إفقادهِ الوعي!!
سمعَ الأصواتَ تنبعثُ من جديدٍ خارجًا، عقد حاجبيه بضيقٍ وهو ينظُر للبـاب وقد كان صوتُهما لا يكفي حتى تصلهُ الكلمات، جلسَ على طرفِ السريرِ بحدّةٍ وهو يزفُر بغضب، انحنى ليتناول حذاءه بجانب السرير ويرتديه على عجلٍ ومن ثمّ نهضَ وهو يلمحُ شماغه المفروش على الأريكةِ البيضـاء المُمتدّةَ كسـرابِ ماءٍ شابـهُ سمّ أفعـى ماكرة، ابتسم بسخريةٍ وهو يتّجه إليه وقد كان سقط منهُ في الوقت الذي دفعهُ فيهِ سلمان في المجلس، وضعهُ على كتفهِ بفوضويّةٍ وبقي مُمسكًا " بعقاله " ومن ثمّ اتجه للبـاب حتى يفتحه، ما إن خـرج حتى وجد سلمان يجلسُ في الصـالة الصغيرة التابعةِ لغرفـة الضيوف، يتّكئ بمرفقهِ على ذراعِ الأريكـة بينما ذقنهُ الخشنِ على كفّه، عقدَ حاجبيه بحدةٍ وهو يرى الواقفَ أمام النـافذة، عنـاد !!!
سلطان باستنكار : عنــاااد !!!
استدار عنـاد بسرعةٍ إليه في ذاتِ اللحظـة التي نظـر فيها سلمان إليه بنظراتِه الجامدة، ابتسم عنـاد وهو يتّجه إليه : شلون تحس نفسك الحين؟
سلطان بجفـاء : ماصار لي شيء أصلًا * وجّه نظراته الحاقدة لسلمان قبل أن يردفَ بانفجـارٍ مُفاجئ * أقرفتني بعيشتي ! وشو له تحاول تنقذني أصلًا؟ مين قالك تهتم! تبيني أعيش أكثـر عشان توجعني يعني؟!! * بقهر * حسبي الله عليك .. حسبي الله عليك.
تقدّم سلمان بجسدهِ للأمـامِ قليلًا وهو يسندُ مرفقيه هذهِ المرّةَ على ركبتيه ويترك لذراعيه أن تتدلّى في الهواء، وبابتسامةٍ باردةٍ مُستفزة : هدّي أعصابك شوي يا يبه ترى ما يسوى ..
تنهّد عنـاد وأغمض عينيه بيأسٍ وهو يلتزم الصمتَ دون أن يتدخّل بالحديثِ بينهما، بينما هتف سلطان بحدة : قلتلك لا تقول يبه!
سلمان بجمود : طيب قد قلت لك أنا إنك بزر؟
سلطان بعنـادٍ ساذج : أيه قلت .. أنا بزر وعصبي وأتنرفز بسرعة وحاب هالشيء عندك اعتراض لا سمح الله؟!
ابتسمَ سلمان رغمًا عنهُ بينما وضعَ عناد كفّه على جبينهِ وهو يتنهّد مرّةً أخـرى، أعـاد سلطان كفّه لخلفِ عنقهِ وقد شعر بلصقةِ الجروحِ منذ البداية، نزعها بحدةٍ ومن ثمّ رماها على الأرض وهو يهتفُ بغضب : الله لا يسلم يدينك النجسـة هذي .... ممكن أنسـى وجودك بحياتي؟
سلمان باستفزازٍ وهو يبتسم : ممكن طيب تهدى؟
سلطان : لا تحاول تستفزني!
سلمان : ما أحاول لأنّك أصلًا مُستَفز حتى قبل لا أقول كلمـة .. وش مقوّم شياطينك أنت؟
سلطان بحقد : الشيطان الوحيد اللي كـان يحياتي كلها هو أنت .. للأسف!
اقتربَ عنـاد في تلك اللحظـة منه ومن ثمّ وضـع كفّه على كتفهِ وهو يلفظ بهدوء : يكفي سلطان .. امشى خلنا نطلع.
صفع سلطان يدهُ بانفعالٍ لينظُر لهُ بشررٍ وهو يهتف : وأنت وش جابك لهنا وليه واقف معاه وتسولف وياه بعد !!
عناد بهدوءٍ يحاول بهِ أن يمتصّ غضب سلطان، يفهم هذهِ العدوانيّة جيدًا والتي قد تجعله يؤوّل تواجده بالخيانةِ ربّما! : كنت أتّصل على جوالك ورد هو وعرفت منه اللي صـار فجيتك . .
سلطان يعقدُ حاجبيه : مين قالك تجي؟
عناد : السؤال لك .. ليه جيت عشان تتعّب نفسيتك بس؟
سلطان برفض : أتعّب نفسيتي؟ عشانه؟!!! أنصحك تراجع أفكارك.
عناد يومئ برأسه : صح ممكن أكون غلطان.
سلطان بغضبٍ يدفعهُ من كتفِه : وش قصدك؟ تعاملني مثل البزر؟ والا قاعد تشوفني مجنون بس!!
عناد يُمسك معصمَ يدهِ التي دفعته وهو يلفظُ باتّزان : تعوّذ من ابليس وخلنا نمشي.
سلطان يُمسك معصمهُ بيده الأخرى بعنف، دفعَ يدهُ عنهُ بحدةٍ ومن ثمّ هتف بعدائية : اتركني .. ما أحتاج توجيهاتك . .
تحرّك بغضبٍ ينوي الخروج، لكنّ صوتَ سلمان جاءَ ساخرًا منعهُ من إكمـال خروجِه : غبـــي !!!
توقّف لثانيتين فقط، ومن ثمّ ابتسم بغيظٍ وهو يـكمل خطواته.
سلمان ببرود : عقلك متلحف بكومـات الغضب لين ما صرت كتلة غبـاء تمشي .. شايف قد أيش العصبية والانفعـال يأثّرون في الشخص؟ المرجلة ماهي بالعصبية والانفعالات يا سلطان!
شدّ على شفتهِ السُفلى بأسنانِه وهو يبتعدُ ولا يُبـالي بكلماتِه، نصيحته التي قالها لهُ أوّل مرةٍ قبل سنين طوال وفي مكتبةِ والده . . خـرج دون أن يُبـالي بتفسيراتِ ذلك الهجوم، دون أن يخـاف من فكرةِ أن يُقتـل الآن ما إن يخرج.
بينما نظـر عناد لـِسلمان عاقدًا حاجبيه وهو يلفُظ بحدة : وقّفه ! لو صـار له شيء أنت السبب!!
تراجعَ سلمان بظهرهِ للخلفِ وهو يُغمضُ عينيه ويتنهّد ببرود، وبنبرةٍ هادئـة : ماراح يصير له شيء .. الهجوم كان قاصدني أنا ، وشكلهم أول ما شافوا ظلّه من ورى النافذة خلطوا بينه وبيني ... ماراح يصير له شيء.
عنـاد يعقدُ حاجبيه : الرازن؟!
فتحَ سلمان عينيه لينظُر لهُ بحدة، وبتحذير : عناد انقلع من وجهـي وبطّل تدخّـل نفسك بأشياء ما تخصّك!!
ابتسم عناد باستفزاز : المرجلة ماهي بالعصبية والانفعالات يا عمي.
سلمان بنظرةٍ جـامدة مدّ يدهُ بهاتف سلطان إليه : سلّمه له ، وتقدر تتفضّل الحين.
ضحكَ رغمًا عنـه وهو يتناول الهاتف ومن ثمّ يتحرّك حتى يخرج، بينما دلّك سلمان رأسه بإجهـادٍ وهو يرمي شماغهُ جانبًا.


،


عـاد للفنـدق بعد صـلاة الظهـر بدقائِق، كـان يحملُ معهُ الغـداء، معدتـهُ ملتاعـة، لا يشعُر بالرغبة في الأكـل لكن لأجلها سيولّف هذه اللا رغبـة بعيدًا.
دخـل وهو يزفُر، مُلتـاعٌ لأجلِه ، لأجلِ الحُرقة التي يراها في عينيه ويُكابـر محاولًا إطفاءها، لا يدري كيف لعائلـةٍ أن تنبذَ أحدها في ظرفِ حقد أو لا يدري ماهيّة الدافـع الذي يجعلهُ يفعلها!!
هزّ رأسه قليلًا وهو يُتمتمُ بضيق : ناس حقيرة !
مرّر عينيه في الصـالة ليجدها خاليـةً منها، مرّر لسانه على شفتيه ومن ثمّ تحرّك لأقـرب طاولةٍ ليضعَ الغداءَ على سطحِه ومن ثمّ اتّجـه لغرفـة النومِ وخطواتهُ الهادئـة لم تجعلها تنتبه له، وقفَ أمـام البابِ المفتوح، وابتسمَ تلقائيًا، هذه الابتسامة التي تلاشَى معها ضيقه، تلاشَت غيُوم المشاعر السلبيّة وانقشعَت . . كـانت منبطحةٌ على بطنِها وأمامها أوراقٌ تدرسُ منها، شعرها القصيرُ يُصدر فوضويّةً حول ملامحها الجميلـة، ترتدي قميصًا بيتيًّا طويلًا ارتفعَ إلى ركبتيها، صوتُها يُصدر من حنجرتها متذمّرًا وهي تحرّك قلم الرصاصِ على الورقِ لتنثر شخابيطَ مُستاءة : أنــا .. الين .. آخر عمري أحمل! أرسب يا ربييييييي .. حسبي الله على ابليس وعلى عقلي وعلى درامتي اللي مال أمّها داعي.
ضمّت فمها بضيقٍ وهي تُتمتم بصوتٍ لم يسمعه : كله منّه هو .. من دخـل حياتي وأنا من مأساة للثانية.
رمَت قلم الرصـاص جانبًا وهي تتأفأفُ بينما اتّسعت ابتسامتهُ هو بمكرٍ وأقدامه تتحرّك ببطءِ الأسدِ المـاكرِ إليها، صرخَت بذعرٍ ما إن شعرت بظلٍّ يعتليها ، نظرت نحوهُ لتشهقَ بقوّةٍ وتجلسَ مباشرةً وهي تُخفض قميصها المُرتفعَ وتضعُ كفِها على صدرها . .
أدهم بخيبة : ما ضبطت.
احمرّ وجهها بشدّةٍ وهي تشتّت عينيها يمينًا ويسارًا وشفتيها فاغرتينِ تجتذبُ من بينهما الهواءَ البارد، وبصوتٍ مُرتجِف : م ما ضبط أيش ! وش كنت ناوي تسوّي؟
أدهم يُميل رأسهُ وهو يبتسمُ بمكر، يرفعُ حاجبهُ الأيمن ويلفظ : كنت ناوي أخوّفك بطريقة أرقى من كِذا.
نظَرت لهُ بصدمةٍ حادة : ناوي تخوّفني!!!
أدهم ببساطة : أيه.
أرادت في هذهِ اللحظة أن تتحرّك وتصرخ بغضبٍ في وجههِ من تفكيرهِ السـاذج، لكنّه لم يسمح لها وهو يندفعُ إليها بسؤالٍ فاجئها : رسبتي؟
اتّسعت عيناها وانفرجَت شفاهُها أكثر ليقرأ على ملامحها الرفضَ الواضـح لكونِه علم، اتّسعت ابتسامتهُ وهو يجلسُ على طرفِ السرير لتنتفضَ وتتراجع للخلفِ بذعر، بينما لفظَ هو بهدوءٍ متجاهلًا حركتها : عادي ليه تناظريني بهالشكل؟ آخرتها كنت بدرِي.
صدّت وجهها عنهُ بحرجٍ وهي تزفُر بحرارة، بينما ضحكَ بخفّةٍ وهو يُردف : كسلانة !
إلين تنظُر بحدةٍ نحوه : بركاتك.
ارتفعَ حاجبيه باستغرابٍ واختفَت بسمتهُ وهو يهتف بتساؤل : بركاتي!! أنا شسويت؟
إلين بكره : طلعت لي بوقت غلط! قلبت حياتِي وأهملت كل شيء كنت أحبّه قبـل .. كرهت كل شيء أصلًا!!
تنهّد بجزعٍ وهو يُغمضُ عينيه ويصمتُ لبعض الوقتِ وأنفاسهُ اعتلت فجأةً بانفعـال، لم يلفظ بشيءٍ وترك الردّ حتى لا يجعلها تنفعلُ أكثر، بينمـا تحرّكت هي بقهرٍ وكفوفها تمتدُّ للكتاب كي تحملهُ وتبتعد، لامست الأرضيّة الباردة بقدميها الحافيتين، وابتسمَت بتحدي وهي تستديرُ نحوه، وبنبرةٍ حاقـدة : ولعلمك .. ترى مالك تأثير على مزاجِي هالكثر ، لا تظن إنّي أحـرم نفسي من الأكل عشانك .. هه! هذا اللي ناقص بعد.
استدارَت لتغيبَ عيناها عن ابتسامتِه التي توافقَت مع الوقتِ الذي فتحَ فيها عيناهُ ونظر لظهرهَا، كـان في الصبـاح يُريد استفزازها فقط حتـى تأكُل ، ويبدو أنّه قد نجح.
هتفَ بهدوءٍ وهو يراها تضعُ محاضراتِها على الطاولـة : أجل جبت ويّاي الغداء .. حضّريه لين ما أتروش . .
نظرت نحوهُ وهي ترفعُ أحد حاجبيها : وكأنّك شايل همي أكلت أو لا!
أدهم يبتسمُ بحُب : فوق ما تتصوّرين.
إلين باستفزاز : جزاك الله خير.
أدهم : جزاك الله حبـي.
بهتت ملامحهـا لتلتمعَ عيناه بمراقبتها ، شتّت أحداقها وهي تبتلعُ ريقها وتُشيح بوجهها جانبًا، تابعها باستمتـاعٍ لذيذ، تضعُ بربكتها كفّها على عُنقهَا الطويل، تعقدُ حاجبيها وتفتحُ فمها حتى تردّ لكنها تعُود لتغلقهُ وكأنّ الكلماتَ صعدَت لما بين حاجبيها وتعجّنت بين طبقاتِ الجلدِ التي استاءَت من حرجِ الصمتِ وتعانقَ سطحُها ، أرادت في هذهِ اللحظـة أن تنطُق بحدّة كلمـاتِها بـ " تحلم "، أن تجزم باستحالـة ما يريد، لكنّها صمتت، لم تستطِع أن تنطُق بشيءٍ بينما وقفَ أدهـم بابتسامةٍ وهو يهتف : جوعـان .. استعجلي علينا شوي.

يُتبــع . .

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 03-06-16, 05:50 AM   المشاركة رقم: 812
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 






،


ماكثةٌ في غرفتِها القديمـة، الغرفـة التي قضتْ آخر أيامِها فيها تبكِي، الغرفـة التي كثيرًا ما استخارت فيها ، ذاتُ الموضوع ، مرّتين! الزواج مرّتين دونًا عن بقيّة قراراتِ حياتِها.
تجلسُ على السريرِ ببؤسٍ وأمّها تقفُ أمامها تهتفُ بصوتٍ حادٍّ ينبعثُ إليها بغضب : وش صار بينك وبين زوجك؟ ريّحي راسي وعلّميني.
أسيل تنظُر لها برجـاء : تكفين يمّه قافلة معي والله.
امها بغضب : الغلط منّك .. أحلف إنّ الغلـط منّك .. * بانفعال * لا يكُون للحين عايشة على ذكرى متعب ونكّدتي على الرجـال لين ما تركك!!! يا ويلك من ربّك يا أسيييييل يا وييييييلك!!!
عقدَت حاجبيها بضيقٍ وهي تحشرُ كفيها بين فخذيها تُطفئُ رعشـة الربكةِ في مفاصِلها، هي التي كانت تكتمُ وتصمت، تأقلمَت، بدأت تحيـا هذا الزواج بضحكةٍ وإن لم تكُن قد أحبّته .. لا يجوزُ أن يكون اللومُ عليها وهي التي لم تفعل شيئًا! لم تفعل شيئًا وإن كان الموضوع متعلقٌ بـ - متعب - فعلًا كما نطقَ في حالةِ جنونِه.
هتفَت بأسـى : ما غلطت! فجـأة كذا رجع البيت متغيّر وقالّي أطـلع .. مالي شغل باللي صار ويا كثر ما كنت أكتم بخاطري وأحاول عشان نعيش!
امها بصدمةٍ تضعُ كفّها على رأسها وهي تلفُظ بقهر : تكتمين بخاطرك!!! طيّرتي الرجـال .. عوّفتيه منّك أكيد لاحظك ومافيه أي رجّال يرضى إن مرته تفكّر بغيره!
أسيل تبتسمُ ابتسامةً ميّتـة : كـان مختلف ، قال ما يهمّه الماضي وقـال يفتخر في زوجته اللي ما تنسى شخص دخـل بحياتها بسهولة ... قالي ما أنساه بس أتناساه وأحبّه! قـاعدة أحاول .. بس صار اللي صار اليوم قبل لا نوصـل للمحطة اللي بغاها.
امها بحسرة : حسبي الله على ابليسك حسبي الله على ابليسك !!
تحرّكت مبتعدةً بجزعٍ بينما لفظَت أسيل بيأس : يمه !! والله العظيم مـا سو . . .
تجاهلتها وهي تُغلق الباب بعنف، لتزفـر أسيل بخيبةٍ وهي تُغمضُ عينيها، تسترجع الكلمـات التي لم تفهمها منه لكنّها أدركَت فقط " متعب "، ما دخـلُ اسمه فيما حدث؟ ما الذي حدثَ لهُ منذ أيّامٍ حتى ينقلبَ بهذا الشكل؟


،


مستلقيةٌ على الأريكةِ الطوبيّة في الصالـة وهي تُغمض عينيها بقلقٍ وتُتمتم بأدعيـةٍ عديدةٍ على لسانِها المتشنّج والذي تعرقلَت فوقه الأحـرف، اتّصلت عليه مراتٍ كثيرةٍ ولم يرد، منذ أن استيقظت لم ترَه! منذ الصبـاحِ لم يعُد !! يا الله لا تجعل مكروهًا أصابـه، يا الله احمهِ لـي فأنا لا وطـن لي سواه، لا مـلاذَ لتشرّدي إلا هـو .. يا الله احفظه لي ولا تنزل عليه مكروها .. احفظه لي.
نظقتها بصوتٍ مختنقٍ وهي تشدُّ على أجفانِها بقوّة، القطّة تلهُو بـ " بلوفرها " القطنيّ المرميّ على الأرضِ وتخلعُ بمخالبِها لونهُ الزيتونِيّ، لو تُخلَع الآفـاتُ من حياتِها! لم أعُد أريد من الدنيـا يا ربّاه إلا هـو وحنان عينيه، لم أعُد أريد أبًا ، أمًا .. فهو قد كفانِي! لم أعُد أريد وطنًا فهو وطنـي . . تُريد أن تعرّي نفسها من الألـوانِ المِعتمة، تُريد ألوانًا تعكِس الحيـاة بجمالها ، أليسَت من اقتنعت أنّ الحياة قبيحةٌ لم يجمّلها سوى سُلطان؟ إذن تُريد ألوانًا تعكـسهُ - هو -.
التقطَت أذناها المُرهفتان صوتَ البابِ الداخليّ يُفتح ، انتفضَت جالسةً وهي تتنفّس بقوّة ، لم تشعُر بنفسها وهي تقِف لتتحّرك بخطواتٍ مهرولـةٍ نحوَ البـاب، خرجَت من الصـالةِ وخلاياها كلّها ترتعش .. توقّفت فجأةً وهي تراهُ يدخُل بحالٍ فوضويّةٍ بائسة، " عقـاله " لا يدري أين رمـاه، شماغه يُمسكهُ بيدهِ بينما شعرُه أشعث . . شهقَت وهي تضعُ كفّيها على فمِها، لم يُخطئ خوفها، لقد حدثَ له شيء وكان عنـاد يكذب . . آه !!!!
تأوّهت بألـمٍ ودموعها تسقُط دون مقدّمات، انتبـه سلطان لوقوفها قريبًا تنظُر لهُ نظراتٍ غريبة، تضع كفّها على فمِها، الدمُوع في عينيها !! يا الله ليس في مزاجٍ يسمحُ لهُ بالعطاء الآن !!!
أشـاح نظراتهُ عنها ببرودٍ وتحرّك ينوِي الاتجاه للدرجِ والصعود، لكنّها لم تسمح لهُ حين خطَت إليهِ فجأة، شعر بها سلطان فنظـر إليها بحدةٍ لافظًا بتحذير : تراها واصلة معي للمريخ .. لا تقــ ــ ر . . .
تقطّعت كلمـاته، بهتت أخيرًا ليصمتَ وهو يشعُر بجسدها الذي التصقَ بِه وذراعيها اللتينِ لفّتهما حول عنقهِ لتنفجـر باكيةً بشكلٍ صعقـه .. اتّسعت عينـاه بصدمة، رفـع كفيه ليضعهما على ظهرها وهو يُرغمُ نفسهُ على الهدوء، على طردِ غضبهِ وانفعالاتِه ، على الرّقـةِ وحنانِه . . همسَ بنبرةٍ مُستفهمة : غـزل شفيك وش اللي مبكيك الحين؟
غـزل بصوتٍ يختنق، تدفُن وجهها في عُنقهِ ليبتلّ جلدهُ بدمعِها المالح والذي يتخثّر بكلماتِها المُعاتبة : أتّصل عليك وما ترد .. الصُبـح أصحى وما يكون أول شيء أشوفه بيومي عيونك .. لهالساعة ما شفتك على غير العادة ، خوّفت قلبي عليك !!
أغمضَ عينيهِ وهو يتنهّدُ بأسى ويشدّها إليه بحنـان، وبعتب : ما تستاهل كل هالدراما ، شوفيني أنا بخيـر وبس خوّفتي نفسك على غير سنع!
غزل تُرجع رأسها للخلفِ حتى تنظُر لهُ بعينيها الباكيتين، وجهُها المُلطّخِ ببللٍ يعصَى جفافهُ إن لم تسمحهُ كفوفه، همست بحدة : دراما؟ أنت تدري إنك أبوي وأخوي وأمي وكل شيء بهالحيـاة!! أنت قبلـة حياتِي البائسة يا سلطان ، لو يصير لك شيء أرتد عنها وتذبحني !
سلطان يبتسمُ بمداعبـة : يصير لي شيء مثل أيش؟
غزل بـألمٍ يتقوّس بهِ فمُها : تروح وما عـاد تشرق شمس صباحي من عيونك.
سلطان برقّةٍ وهو يمسحُ بأطرافِ أنامِله مُحيطَ عينيها : صبـاحك شمسك.
شدّت على عنقهِ حتى ينحني تلقائيًا وتقفَ هي على أصابعها كي تصلَ لطوله، قبّلت عينهُ اليُمنى ومن ثمّ اليُسرى وهي تهمسُ ببحّة : مسائي وأنت الصادق خلاص راح الصُبح.
ضحك : مسائك شمسك.
غزل : جعلها ما تغيب.
ابتعدَت عنهُ وهي تمسحُ بقيّة الدموع المترسّبة على وجهها، تُمرّر ظاهرَ كفّها على أرنبـة أنفها وتردف بصوتٍ ملكومٍ بنبرة البُكـاء : وش صار لك؟ شكلك ماهو طبيعي !!
أمال فمهُ قليلًا وهو يزفُر بضجرٍ من الانفعـال الذي طرأ على صدرهِ فجأةً وهو يتركُ لصورة سلمان أن تأتيه، وبصوتٍ بلا تعبير : ما صـار شيء .. ممكن تلبين لي خدمة وما تسأليني هالسؤال؟
غزل على مضصٍ تمطُّ فمها : طيّب.
ابتسمَ رغمًا عنه : وممكن تلبّين لي خدمة ثانية؟
غزل تعقد حاجبيها : وش هي؟
سلطان : بالليل كنتِ شوي وتهاوشيني عشان تهتمين فيني مثل ما أهـتم فيك . . عرضك قائم للحين والا؟
تجمّدت ملامحهـا للحظـات ، لكنّها سـرعان ما ابتسمَت وملأت بسمتها كلّ وجهِها ، لفظَت بدلال : من عيوووووني .. أنت تامر بس ..
سلطان بابتسامة : خمس نجوم ما نرضى بأقل.
غزل : هههههههههههههه لو فيه عشر بعد ما يغلى عليك . .
أمال رأسـه : مممم أول شيء عصير ليمون على وجه السرعـة .. ثانيًا ، * اتّسعت ابتسامته قبل أن يُردف * تذكرين آخر مرّة فزعتي لراسي؟
إن كـان هو ابتسم بمشاكسـة، فهي تغضّنت ملامحها بانزعـاجٍ من إحدى الذكريات وهي تبتسمُ بأسى هاتفة : لمّا تعامـلت معي وكأنّي مُمكن سبيّة، أو جـارية !! ما يهم !!!
تلاشَت ابتسامته رويدًا رويدًا، عقدَ حاجبيه بانزعـاجٍ ممّا نظقَت ، وقبل أن يفكّر بالرد كانت هي قد اندفعْت مبتسمةً تصحّح الغبـاء الذي وقعَت بهِ وأفسدت بسببهِ لحظتهما : بس في النهايـة ما تنـلام .. أستاهل كل معاملة سيئة منك كانت بهذاك الوقت.
زفـر بقنوط : قفّلي عالموضوع.
أمسكَت معصمهُ وهي تبتسمُ بمُشاكسـة ، سحبتهُ معها وهي تلفظُ بصوتٍ عالـي : سالي انتبهي لقوزالتي لين ما أنزل . . * أخفضت صوتها الذي وجّهته إليه برقّةٍ لتُردف * نبدأ الخدمات؟
سلطان : ترى ما أرضـى بالقليل !
غرل تدفعهُ من ظهره : خلاص درينا أنت بس اطلع وبروح أجهّز لك كوب ليمون.
سلطان يؤكد عليها : خمس نجوم .. لو يجيني طعمه أقل من المطلوب تكونين خسرتِ.
غزل بغيظ : أيييه تقصد إنّ طبخي معفن ! أدري فيك بس هالمرة بيطلع من يديني حلو.
ضحكَ بصخبٍ وهو يصعدُ بينما صوتهُ يأتيها مُستفزًا : مين يطبخ عصير؟ بالأوّل ميزي المصطلحات وبعدين تفلسفي.
غزل بحرج : يا شينك لا دقّقت على كل شيء.


،


هرولَ الليـل بعبثٍ وغطّى السمـاءَ بلحافِ السوادِ ليطبـع فيها الهلالَ اللامـع تمويهًا عن بؤس سوادِه، كـان يمشي بينَ المارّةِ الموشّحِين بالبسمة، نصفُها ربّما يكون زائفًا إن لم يكُن مُعضمها. يُمسك بيدها البيضاء وهي تحاول أن تنسلّ كل دقيقةٍ من كفّه فيضغطُ عليها بعنـاد دون أن ينظُر لها.
تأفأفت بينما ابتسمَ وهو يلفظ لمن يُحادثهُ على الهاتف : أي حبيبتي بس مو كأنّه صوتك متغير؟
وجّهت جنـان أنظـارها البـاردة إليه، في حينِ عقد فوّاز حاجبيه فجـأة، وتوقّفت خطواتُه لتتوقّف رغمًا عنها معه . . لفظَ بنبرةٍ مستنكرة : أسييييل !!! . . . لحظة ، فهميني وش صار؟
امّه من الجهةِ الأخـرى بيأس : ما أدري .. فجأة كذا جات بأغراضها .. أسألها وش صار بينك وبينه تقول ولا شيء فجأة رجع معصب وقال إنّنا انتهينا !
فواز دون تصديق : مبزرة هيّ ؟!!
ام فواز بتنهيدةِ يأس : حلفت لي إنّها صادقة.
فواز بحدة : ماهو صاحي شاهين !! خلاص أنا بكلمه وأشوف وش الوضع.
أنهـى مُكـالمتهُ معها، بحثَ عن رقمِ شاهين بينما جنان تراقبه باستغرابٍ وصمت، اتّصل بهِ وقد تركَ يدها، دسّتها في جيبِ معطفها وكأنّ الخـلاص أُمطِرَ عليها أخيرًا ،
كان فوّاز قد اتّصـل بهِ دون أن يجدِ ردًّا، أعاد الاتصـال مرّتين وثلاثًا ولم يأتِه صوتُه وكأنه في تلك اللحظـة كان يتجاهـل كل مربطٍ بالواقـع ويعيشُ لحظـاتِ المعجزات، الاستحالةِ وعودة الأمـوات .. لم يكُن يريد أنْ يتّصل بحيٍ في هذا الوقت، لا يريد سوى أن تأتيـه بُشـارةُ العـودة لما قبـل أعوامٍ وكأنّ الشرخ لم يحدُث، وكأنّه لم يُحبّها ولم يتزوّجها هذا الـزواج.
غضبَ فواز لتجاهلِه، ضغطَ على الهاتفِ وهو يشتُمه بنبرةِ غضبٍ لتجفـل جنـان من شتيمته وغضبِه الذي لم ترَه من قبل.
وضعَ هاتفهُ في جيبهِ وهو يزفُر بحنق، وظلّت هي تتلحّف بالصمتِ وتُدثّر بهِ حُنجرتها، نظـر لها فوّاز عاقدًا حاجبيه، وكأنّه فجأةً تذكّر في هذهِ اللحظـة بالذات : منتِ لابسة خاتمك صح؟
جنان ترفعُ حاجبها الأيسر باستغرابٍ من سؤاله المُفاجئ، وبحـذر : أيه . .
كانت تُدرك في هذهِ اللحظـة أنّ أيّ ردٍ عنيفٍ منها قد يجعلهُ يصبُّ غضبهُ في خصامٍ معها، لم تعرفهُ جيدًا، لكنّ الحـذر واجب!
زفـر بضيقٍ وهو يُغمضُ عينيه بقوّة، مدّ يدهُ في إشارةٍ صامتـةٍ كي تُمسك بيده، كـانت تريد أن تتجاهله، لكنّ صوتهُ جاءَ بتحذيرٍ هادئٍ ظاهريًا : جنـــان عن العنـاد !!
تأفأفت بضيقٍ وهي تُخرج يدها من جيبها وتُمدّها لهُ ليعتقلها في قيدِ أصابعه، جذبها لتلتصقَ بهِ في خضمِ الزحـام حتى لا يلتحم جسدها بالمارةِ دونَ قصد، ارتعشَت بخفةٍ وهي تشعُر بيدهِ تتركُ يدها ليتخلخل أصابعها بالأخـرى البعيدةِ عنها، بينما ارتفعْت تلك ليُحيط بذراعها كتفها ويجذبها إليهِ في اقترابٍ أكبـر ، جعـل صوتَ نبضاتِه المُنتظمةِ بعكسها مسموعةً لها، أنفاسه صهَرت جبينها البـارد والذي قابلته الحرارةُ فجأةً ليتفكّك ويتصدّع بربكتِه . . تجمّد جسدها ولم تستطِع أن تقاومَ هذا الاقتراب وتبتعدَ قسرًا، كـان يُمسك بِها بشدّةٍ كي يمنعَ هربها، وملامحهُ تنظُر للأمـام بصمتٍ جامد، همسَت بضعف : فــواز !!
فواز بخفوت : أحـاول ننجح .. ساعديني !
جنان بغصّة : صعب .. صعب كثير أرضـى بحياتي معك وأنا اللي سرقتها من غيري.
فواز بحدةٍ يشدُّ على كتفِها : ممكن تنسين هالسالفة!! كم مرة أقولك حياتي قبـل مالها علاقة فينا الحين !!
جنان بحدةٍ مماثلـة : نضحك على بعض يعني! شلون مالها علاقة وأنت تبيني أنسيك إيّـاها؟ شلون مالها علاقـة وأنت تحبّها للحين بدليل إنّك تحاول ! تحـاول وماقد نسيت !!!
رفعَت وجهها لملامحهِ الجامـدة ببؤس، وبـألم : مالنا حياة مع بعض .. طلّقني ورجعها لعصمتك يا فواز، أنت تحبها وبتندم بيوم على مكابرتك هذي الحين لأنّي مستحيل أساعدك بشيء أشوفه غلـط .. أنتوا مالكم ذنب في وحدة تعيسة مثلي عشان تنتهي حياتكم بسببها !!
فواز ببرود : طلعَت من عدّتهـا .. وحتى لو ما طلعت مستحيل أرجّعها .. اللي بيننا مالك شغل فيه، اللي بيننا أكبـر من مُكابـرة.
جنان : غلطت بشيء!
صمتَ ولم يُجب، حينها تنهّدت بوجـعٍ وهي تهمس : سامِح ، أو عاقب ... بس لا تنهِي كل شيء بهالطريقة !! اعطوا نفسكم فرصة.
فواز يبتسمُ بسخريـة : طبّقـي نصايحك على نفسِك وحاولي تعطينا فرصـة . .
عضّت شفتها بغيظٍ لتضعَ كفّها المُحرّرة من يدهِ على صدره كي تُحاول دفعه، وبقهر : إذا تركتها وأنت تحبها مالك حق تجبرني عليك وأنت أصلًا ما تحبني !! ماني محطّة عبُور عشان تبدأ منها من جديد.
تركَ يدها تلك لترفعها مباشرةً وتحاول دفعهُ بها أيضًا، لكنّه كان يشدُّ بذراعه حولها فظهرت قوّتها الأنثوية منعدمةً أمـام سطوتِه الرجُولية، شعرت باليـأس وكأنّ مصيرها معه يعتمد على هذهِ اللحظة، إن استطاعت الابتعادَ فستتحرّر وإلا ستبقـى مقيّدةً بهِ للأبد، ستنحشر أصابعها بين أضلعه ليكبس عليها ولا تهربَ أبدًا !!
لم تشعُر سوى بيدهِ تلك تُلامسُ وجنتها، شهقَت بضعفٍ ما إن أدركت بحركةِ أنامله أنّه يمسحُ دموعًا نفذت من عينيها، متى بكَت !!!
انحنى رأسه قليلًا نحوها، لامس جبينها بشفتيهِ ليقبّلها برقّة، بينما أغمضَت جنان عينيها لتنسابَ دموعٌ أكثر رافضـةً هذا الاقتراب، همسَ بهدوءٍ وأنامله لازالت تمسحُ دموعها : إذا أنتِ محطـة عبور لي ، أنا بعد محطّة عبُور لك.
بهتَ وجهها قليلًا وهي تشعُر بهِ يضمّها لصدرهِ ويمشي لتخطُو أقدامها رغمًا عنها معـه ، همسَت ببحّةٍ وهي تشعُر بجسدها يضعفُ منصهرًا بحرارةِ جسده : أيش تقصد بأنّك محطّة عبور لـي !!
فواز بهدوء : ما يهم . ،
جنان بحدة : لا تقصد شيء .. قول وش تبي بالضبط من كلامك؟
صمتَ ولم يردّ عليها ، وكـان صمتهُ إشـارةً كافيةً ليُرغمها على الصمت ، على عدمِ الحديثِ عن محطّاتِ العبُورِ هذه !!


يُتبــع . .

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 03-06-16, 06:07 AM   المشاركة رقم: 813
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 





،


تشعُر أنّها لم تأكُل منذُ عقود، غِذاؤها كان سيئًا في الأيـام السابقة خاصةً في رمضـان، ضحكَت أرجوان وهي تراها تنحنِي إلى أُذن والدها الذي بجانبها وتهمسُ لهُ بصوتٍ مسموعٍ قليلًا : ما شبعت ... اطلب لي من هالصحن زيادة.
ضحكَ يوسف وهو يُحيط كتفها ويقبّل رأسها بحنان، وبحُب : بالعافية عليك يا يبه ..
أشـار للنادل ليقترب منه، بينما بقيَت جيهان تتوسّد صدرَه وهي تبتسم، ذراعهُ تُحيطها بدلالٍ وهو يتحدّث مع النـادل ، ممتنّةٌ لهذهِ الصحـوة التي جعلتـها ترضـى بما تهرّبت منه كثيرًا، لازالت لا تريدُ الالتجـاء لطبيبة، لكنّ كل شيءٍ يندثِرُ أمام هذا الذي تحيـاه الآن من راحـةٍ تجعلها تطردُ التفكير بفوّاز ولو لبعض الوقت.
ابتعد النـادل عنهم، في حين لفظَت أرجوان وهي تسندُ مرفقيها على الطاولـة : ليان بتغار منك اليوم .. متعودة تكون هي بحضن البابا بكل يوم.
جيهان بمشاكسةٍ تنظُر لليان الجالسة بجانبِ أرجوان والتي تنظُر لهما بوجومٍ وغيـرةِ طفلةٍ على أبيها، مدّت لسانها باستفزازٍ وهي تلفظ : البابا بح .. خلاص صار لي . .
ارتعشَت شفاهُ ليان بعبـرة، وبحقد : بابا زوجي أنا مو لك.
انفجروا ضاحكين على تعبيرها البريء، قبّلت جيهان خدّ يوسف لتغيظها وهي تهتف بغنَج : باباتي حبيبي . .
يوسف يكتم ضحكته : جيهان عن حركات البزارين!! * نظر لليان التي تكادُ تبكي ليهتف بحنان * تعالي حبيبتي واجلسي بحضني ما عليك من اختك.
تشدّقت ليـان وهي تقفزُ بسرعـةٍ وتنطلقُ إليه، جلست في حُجره وبخفةٍ مدّت يدها لتقرص جيهان في بطنها كانتقامٍ من استفزازها وأظافرها تُشارك أصابعها الانتقام، تأوّهت جيهان بألمٍ وهي تبتعدُ وتمسحُ على بطنِها بينما ضحكَ يوسف وهو يضمُّ ليان بقوّةٍ مدركًا أن جيهان ستنتقم منها بطريقةٍ ما الآن : لو تلمسينها ياويلك.
جيهان بشراسة : هذي متوحشة حشى ماهي آدمية وش هالأظافر !!
أرجوان : ههههههههههههههههههه حاولت أقصّها لها بس عيت.
جيهان بوعيدٍ ترفعُ اصبعها في وجهها : خلي بس البابا ينام وأنا أشتغلك عدل . .
ليان باستفزاز : بنام معاه.
جيهان : أسحبك من شعرك وأطلعك لوَكري.
ليان تُميل فمها : أيش لوكري؟
ضحكَت جيهان باستمتاع : يعني قبر .. بدخلك فيه وأدفنك.
نظرت ليان ليُوسف بقهر : بابا شوفها !!
يوسف ينظُر لجيهان وهو يبتسمُ ويتصنّع الحدة : كلمة ثانية وأشوف شغلي معك خليها براحتها لا تغثينها.
مدّت ليان لسانها وهي تحرّك حاجبيها باستفزازٍ لها، بينما كتمَت جيهان ضحكتها وهي تتنـاول كوب العصير في اللحظة التي بدأ فيها يُوسف يُطعم ليان بيدِه.
مرّت اللحظـاتُ الجميلة بينهم، تضحـك وصدرها يتغافـل عن كلّ مسبباتِ الأرقِ التي لازمتها ليـالٍ طوال لم يستطِع فيها القمرُ أن يصلَ بنورِه إلى عينيها المُغيّمتين بدمعِها، يا الله كيف كانت في لحظـاتٍ ما تصدُّ عن هذه الأجـواء التي افتقدتها ولطالمـا كانت تُعيدها سنواتٍ طفلـة . . رحمكِ الله يا امّي ، وسامحَ أبـي على ما كان بينكما قبل موتِك، لا أريد أن أتعلّم حرمـانًا آخر، يكفيني أنّي من عينيكِ حُرمت، يكفيني أنّي منهُ حُرمت ولم يتبقّى لي سوى والدي وأختـاي، لم يتبقّى لـي سوى هذا الضوءُ الذي إن خفتَ أو انقشـع سأمُوت !!!
تصاعـد رنينُ هاتفِ يوسف فجأة، حملهُ من على الطـاولة وهو مُتشـاغلٌ بليـان التي اتّسخَت بالصلصةِ الحـارة التي انسكبَت عليها من فوقِ يوسف وأصابت قطراتٌ منها ملابسه، ردّ بآليةٍ وهو يضع الهاتف على أذنـه : ألو . .
بدر من الجهةِ الأخـرى : آسف .. آسف على غبائِي وطيشي . .
عقدَ يوسف حاجبيهِ باستنكارٍ وأجفـل صوتهُ في حينِ كان بدر يُردف ببطءٍ وحذر : اطلـع من المكـان اللي أنت وبناتك فيه . .
يوسف بنبرةٍ مُستنكرة : بدر !!! وش فيه صوتك كذا ووش تقصد؟
بدر يزفُر بذنبٍ وهو يُمرّر أناملـه بين خصلاتِ شعره : المكان خطِر عليك ... اطلع منه !


،


راقبَت نومهُ الهادئ بمتعةِ عينين عاشقتين ، حدثَ مرةً أن فتح عينيه ليجدَ أنظارها تتأمّله بصمت ، تذكُر أنّه انـزعج، وقـال لها أنّه لا يحب مراقبـةً كهذهِ وهو في نومِه . . ابتسمَت وهي تُريح رأسها جانب وجههِ وملامحهُ أمامها مباشـرة، تشعُر بأنفاسِه المُنتظمة تصتدمُ ببشرتِها، حرارةُ جسدهِ تُعانقها، كـان قد نام في غُمرةِ اهتمامِها به، لم ينهض سوى للصواتِ وعادَ كي ينـام . . هذهِ النشوةُ كيف عساها تشرحُها ! أن تشعُر في يومٍ مـا أنّها أهدتهُ اهتمامًا مـا ولم يكُن الاهتمام حُكرًا عليه.
اقتربَت شفاهُها الناعمـة لتقبّل عينهُ اليُمنى، نهضَت لتتّجـه للحمـامِ حتى تتوضّأ، غسيـلُ هذا المـاءِ يُزيل أوسـاخ ذنوبِها ، هذا الوضوء، يسلخُ منها بعض الآثـامِ ولكم تتمنّى أن يكُون منها إثمها تجاهه . . إلهـي ولّف كلّ ذلك الكذِب واجعلهُ يُمرَّغُ في وحـل الأيـامِ والزمن، أن أنسـاهُ ويُنسـى، أن يكُون نسيًا منسيًّا ولا يؤذي حياتِي معـه . . جـاءتني رحمتـك يا الله في صورةِ هذا السُلطـانِ الذي سبَى قلبِي ولا أظنُّ يومًا أنّه سيُحرّره ، أذكـر قسوتهُ تلك، لازلت أذكـر مراحلها وسطوتِها، أذكُر دموعي التي كانت تسقُط كلّما التقَت كلماتُه بقلبي وأحرقَته بلوعتـه ، لم أكرههُ يومذاك بالرغم من كونِي كُنتُ مجبرة ، فكيف إن عـلمَ بما اقترفتهُ دون تدخّل أحدٍ وقسى أكثر! . . ابتلعَت ريقها وهي تدعُو الله ألّا يعلـم شيئًا، كيف سيعلمُ أصلًا؟ لا أحـد يُدرك ما حدثَ سواها حتى ذلك الرجُل لن يتجرّأ يومًا على العودةِ باعتـراف.
خـرجت من الحمامِ وهي تُجفّف وجهها وساعِدها، وجّهت نظراتها تلقائيًا نحوهُ من جديدٍ وابتسمت .. مُمتنّةٌ لهذهِ الحيـاةِ ولأوّل مرّةٍ امتنـانًا صادقًا ، مُمتنّةٌ لأنّـك ولِدتَ فيها، لأنّك خُلقت من نورٍ وليـس طين .. أنت ملاك! ملاكٌ يا سلطان !!
استغفرَت وهي تضحكُ ضحكةً لا تدري من أين نبعَت، لكنّها تذكّرت في لحظةٍ ما أنّها قالت لهُ في شهر رمضـان : أنت ملاك !
فزجـرها رافضًا تلك الصفـة لنعومتِها المُستفزّة وقبلًا لأنّها صفةٌ لا تليقُ بالبشر! . . حينذاك لفّت ذراعيها على عنقهِ بدلالٍ وهي تهمسُ بغنـج : بتكون سبب ردّتي بيوم!
ردّ عليها بنبرةٍ جدّيةٍ أغرقتـها في ضحكاتٍ طويلة : انتبهي لا تعبديني بعد.
حبيبي يا سلطـان ! أخشـى فعلًا أنّ وقوعي بعينيكَ سيودي بكارثةٍ مـا في حياتي .. بل أنّها أودت! وكانت كارثتي أن كذبتُ لأحضـى بِك.
اقتربَت من السرير، هذهِ المرّة من خلفِه، انحنَت لتعدّل اللحـاف من فوقِه وهي تُدرك من ساعاتِ نومهِ أنّ هنـاك ما أرهقهُ اليوم، وقعَت عيناها على جُرحِ عنقه الذي انتبهَت لهُ منذ كانت أصابعها تداعبُ فروةَ رأسه، عقدَت حاجبيها بضيقٍ ومن ثمّ انحنَت برقّةِ شفتيها لتقبّله.
ابتعَدت، وتنـاولت المصحفَ الموضوعَ على الطاولـة الدائريّةِ بلونِ الخشب، جلست على الكرسيّ وبدأت تُكمِل حفظها الذي بدأت به يومَ العِيد، تُقاربُ أن تنهِي جزءَ عمّ لقصرِ سورِهِ ومن شدّةِ لهفتها وحماستها، هذا الذي تفعلـه في هذهِ اللحظـة لم تُخبِر به سُلطان، تُريدها مفاجئةً لهُ بعد سنتين أو ثلاثٍ ربّمـا ، أن تأتيه في يومٍ ما ، وتقُولُ له بكلّ الفـرح الذي يُعانق صدرها : ختمته حفظ !
أصبحَت متلهّفةً لردّة فعله ، في تلك اللحظـة ربّما يكون حالهم قد تطوّر كثيرًا .. أحبّها ، ولهما ابنًا أو ابنةً على الأقل !!
احتضنَت المصحفَ لصدرها وملامحها تحمرُّ بلهفةٍ خجولة ، تدعُو الله في هذهِ اللحظـة أن يسير كلّ شيءٍ كمـا تهتوي . .


،


أوراقٌ عديدةٌ تناثـرت على الأرضِ أمـامه بعد شجـارٍ دار بينهما قبل لحظـات ، لأنّه فقط كان مزاجه سيئًا، لم يستطِع أن يأخذها اليومَ لعائلتها لذا افتعلَت الصراخ والغضب وأنّها " طقّت من وجهه "!! لترمي محاضراتها التي كانت تدرسها على وجههِ بوقـاحةٍ لم تكُن يومًا تمتلكها! يشتعلُ غضبًا، لا يستطِيع أن ينكر ذلك أو يتصنّع عكسـه، ربّما تمادت ، بل تمادت فعلًا بدرجةٍ مُستفزّة وأكثـر ما يضاعفُ نار استفزازهِ أنّه يكتمُ ويصمُت.
تحرّك في غرفةِ النومِ وهو يضعُ كفيه على خصرِه ويطوفَ الغرفـة ذهابًا وإيـابًا، يزفُر بغضبٍ يُرعشُ أنفاسَه، ما الذي يستطيع أن يفعلهُ بِها!! لمَ لا تختارُ الجفـاء بصمت! لكن تمتنع عن هذا الاستفزازِ الذي يهلكنـي إن صمتُّ عنـه، تبتعدُ عن الصـراخ في وجهي والذي لطالمـا كنتُ أحطّم أوجُه رجـالٍ لأجله !!
لم يستطِع في هذهِ اللحظـات أن يصمُت، شيءٌ ما داخـله أمرهُ أن يخرج إليها ويضع حدودًا ، إن أردتِ الابتعادَ عن نطاقي لكِ ذلك، لكنّ الوقـاحة لا !!! . . تحرّك بخطواتٍ غاضبـةٍ ليخرج للصالـة التي كانت تجلسُ فيها، تُطـالع التلفاز أمامها بأعصابٍ نافـرةٍ قرأ نفُورها من أنفاسِها المُنفعلة . . لفظَ بصوتٍ حادٍ وملامحهُ تتصلّب بدرجةٍ مُخيفة : نجــلاء !!!
نظـرت إليـه بحدّةٍ وفرائِسها مستعدّةٌ لأيّ خطأ منه، وبانفعال : الله ياخذك أنت وهالاسم ... اسمي إلين يا . . .
قاطعها بتحذير : لو شتمتي صدقيني بترك هالحِلم اللي ما أدري من وين نازل علي من صرتِ قدامي !!
إلين بقهرٍ من تهديده : والله طالت صاير تهدّد ! أيه اطلع بوجهك الحقيقي لا تتصنّع إنك الرجّال الصـالح اللي صابِر على زوجته .. لحظة مين الرجّال!! اوووه سوري خربطت بين المصطلحات اللهم لا تؤاخذني!!!
اشتعـلت أحداقـه بنـارٍ سودَاء ، هذا الاشتعـال الآن في محاجرِه لم ترهُ من قبـل سوى يوم اختطفـها في سنّ الخامسـة عشر ، اسودادُ الغضبِ الذي يفقدُ بها نفسهُ وشعوره.
تحرّك نحوها ببطء، لا تنكـر أنّها شعرت بقليلٍ من الخوف، لكنّها وقفت بشموخِ الأنثـى المطعونةِ في خاصِـرة التوازنِ الحياتيّ، نظرت لهُ باحتقـارٍ بينما لفظَ أدهم بنبرةٍ خافتـةٍ رغم حدّتها التي تُنبئ بأمواجِ غضبٍ جارفـة : وش المطلوب يا نجلاء * شدّد على اسمها * عشان نثبت رجولتنا لحضـرة سموّك؟!
رفعْت ذقنها باحتقـارٍ وهي تردُّ بقوّة : الأمـور تُثبَت في حال تواجدها . .
أدهم بسخريةٍ وهو يقفُ أمامها على بعدِ خطوتين : وش اللي يرضيك؟
إلين بثبات : تآخذني لأهلي وكثّر الله خيرك.
قطَع الخطوتين الأخيـرة الممتدّة بينهما بخفةِ فهدٍ شـرس، لم تستطِع منع شهقةِ الذعـر حين شعرَت بكفيه تقبضانِ على عضديها بحدّة، اعتلاها بوجههِ المُظلـم، لا تُنكر أنّ الخوفَ تمكّن منها في هذهِ اللحظـة، لكنّها لم تجعلهُ يضعفها كي تتوسّل لهُ أن يغفر ما قالته، بل لفظَت بصوتٍ قويٍّ رُغم رعشتِه : أنجـز مهمّتك اللي كانت قبل سنين .. اغتصبني وأوعدك ما أهرب ! يمكن وقتها تثبت لنفسك رجولتك .. بس صدّقني ماراح تكُون بنظري غير حيوان.
ابتسمَ ابتسامةً احتدّت زوايـاها بغيابِ ضوءٍ خافـت ، الضوءُ يرتحِل عبـر قافلةِ النجوم، هذهِ الأضواءُ التي تصلُنا من النجومِ عبـر سنينَ ضوئيّةٍ عديدةٍ للأسفِ يهزمُها - ستائرُ وجدار -! لا مكـان للنجوم، لا مكـان لها حين تُحاصرهما الجدران، لو أنّ للنجُوم القدرة على النفـاذ عبر الجدران! ربّما وقتها لن تكُون ملامحهُ بهذا الظـلام، ربّمـا ابتسمَ بحنانِه .. حتى مع تكدّس غضبِه منها.
انحنَى بوجههِ إليها، حينها أغمضَت عينيها بقوّةٍ وهي تشدُّ على شفتيها المُرتعشتين، أدركَت في هذهِ اللحظـة أنّه سيفعلها، هذا الانسـان الذي تحكمهُ غرائزهُ فوق كلّ شيء، غضبه ، لا يُبـالي برغباتِ الآخرين ، لا يُبالـي بالقبُول ، لا يُبالـي سوى بذاتِه .. أدركت في هذهِ اللحظـة أن محاولتها بالقبُول ماتت في هذهِ اللحظـةِ حتى قبل أن تمارسها كمـا يجِب.
لامست حرارةُ أنفاسِه بشرتها، جسدها بدأ يرتعشُ بين يديه بالرفضِ مهما اقتنعت أنّها ستصمُد وتجعلهُ يشعُر بحقارتِه ، ليأخذها كمـا يُريد ، لكنّه سيُوصم عليها بكرههِ للأبـد ولن يفنَى هذا الكُره مهما حـاول . . بأيّ حقٍّ يتلبّس الحُب؟ بأيّ حقٍ يتصاعدُ بأمنيـاتِه نحو سمـاءِ حبّها له؟ كيف له الجرأةُ أن يمتهنَ صفةً ساميةً كالحُب وهذهِ المشـاعر التي لن ترتقي سوى لمن يستحق . .
شدّ على عضديها، وشدّت بذلك على أجفانها أكثر بينما لامسَت شفاهُه أذنها وهو يهمسُ بسخريةٍ تجاوزَت مسامعها كحدّةِ السهام : هالأساليب الرخيصـة تركناها يا عُمري! مُشكلتك لما تظنّين إن الحيـاة ما تختلف، إنّ السنين تظلّ مثل ماهي ، إنّ النـاس نسخة وحدة ما تتجدّد ولا تتبدّل !! مشكلتـك يا حلوتي هالتفكيـر البدائي والسخيف لجامعيـة مثلك . .
لم تستوعب في بادئ الأمـر، فتحَت عيناها بصدمةٍ وهي تنظُر لمـا وراء كتفِه ببهُوت، تراجعَ قليلًا وهو لا يزالُ يُمسك عضديها، وبتملّكٍ حـادٍ بينما ملامحهُ المُظلمة لا تنير ولا تبتسمُ بمشاعـر رقيقةٍ أبدًا : ردّي الأهم عليك حاليًا .. مالك أهـل غيري ، أنا أهلك وأنا بلدك وأنـا حياتك اللي مستحيل تكون لك غيـرها .. أنتِ أنـا يا نجـلاء .. إلين! أو ما يهم .. الأسمـاء ما تهم لأنّك في النهايـة وحدة .. حبيبة أدهم وملكه !!!
تركَ عضدها ببطءٍ وصوتُ هاتفهِ يعُود للرنينِ بالرقـم الذي يُزعجـه منذُ النهارِ وجعلَ مزاجـه السيء يرفضُ أخذها إليهم، تراجعَ للخلفِ وهو يبتسمُ بأسـى، يصدُّ عنها بعد لحظـات، ومن ثمّ يتّجـه للغرفة حتى يأخذ هاتفه.
نظـرت لظهرهِ برعشـةٍ وهي تضمُّ عضدها المُحترق بكفّه الحـارةِ بيدها اليُمنى، وبصوتٍ باهِت : تظنّ إنّك ممكن تكبـر بعيني بهالحركـات !!
توقّف أمامَ الباب، تنهّد وهو يُميل فمهُ بسخرية، وبنبرةٍ قاطعـة : ظنونك تعدّت السـوء بمراحـل ، لا تدخلين بالنوايا يا عزيزتي .. بهالوقت تحديدًا صدّقيني ما يهمني أثبت لك قدْرِي أو رجولتي .. ما يهمني أصلًا وش مسمّى الرجولة عندك !!
دخـل ليُطبق الباب بقوّةٍ جعلتها تنتفضُ وتشدُّ على أسنانِها بقهر .. كـاذب! كـاذب !! يُريد أن يتصنّع التغيير فقط .. لازال كما هوَ، مغتصبَ المراهقـة والرجُل المخـادع الذي آذاها.

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 03-06-16, 06:20 AM   المشاركة رقم: 814
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 





في الداخِل . . أخذ هاتفهُ الذي عـاد يرنُّ بعد صمتِه قبل أن يصلَ له، وكمـا توقّع كان المُتّصل بهِ شاهين . . زفـر بغيظٍ وهو يتحوقل، لا مهربَ من الردّ عليه وإن كان صوته سيُشعره بالغثيـان !!!
وضعَ الهاتف على أذنـه ليلفظ بنبرةٍ حـادةٍ وقد اختـار شاهين كي يفرّغ بهِ غضبه : نعم؟ شتبي بعد إن شاء الله؟ عسى بس ما أرضـاك كل اللي صار له وتبي موته !!
شاهين يُغمض عينيه من الجهةِ الأخـرى، أرهـاقُ اليومِ ظهـر على ملامحهِ الشاحبة، لم يأكُل شيئًا منذُ الصبـاح، الهالاتُ أدركَت ملجأها حولَ عينيه، أسئلةُ امّه المستنكرةِ والقلقَة عن حالهِ وعن أسيل تُضاعفُ من إرهاقه . .لفظَ بنبرةٍ ميّتـة : أبـي أشُوفه بأيّ طريقـة ، ماراح أصدّق إنّه عايِش إلّا لو شافته عيني.
أدهم بسخريةٍ مرّة : خلاص يا قلبي بصوّره لك وأرسل الصورة كذا يكفيك؟
شاهين بنفـاد أعصاب : ترى بتجـاهل مين تكُون وبتجاهل إنّك الشخص الوحيد اللي يدري عن حياته كلّها خلال الثلاث سنين !!
أدهم : اووووه المفروض أخاف؟!
شاهين بحدّة : أدهـم اخلص علي أبـي أشوفَه بأي طريقة.
أدهم باستفزاز : ما يبي يشوفك.
شاهين بجزع : لازم يشوفني لازم!!! مستحيل يآخذ زواجي حجّة عشان يسوي كل هالشيء!!
أدهم وكلمات شاهين كانت عامـل استفزازٍ كافٍ ليصـرخ : بلاش عبَط على راسي .. أصلًا الشرهة ماهي عليك، الشرهة على متعب الكلب اللي للحين ما يرضى عليك وليتك تستاهل هالشيء.
وضعَ كفّه على رأسِه وهو يبتسمُ ببهوت، ربّمـا ذلك سيكُون المفتـاح لحلّ ما بينهما، أنّه لم يكرهه حتّى الآن .. لا أظنّ أنه سيكرهني مهما حدث! علاقتنا أقـوى ، أقوى بكثير من أن تنكسـر فيها مشاعرنا بسبب امرأة!!
هتف بحدة : يا ليت ما تكُون وسيط شر بيننا .. يا تكون خير يا تذلف لا تكبّرها بيننا !!
أدهم بحنق : الله لا يخلي فيك عظم صاحي وجججججججع وش قواة العين هذي !!! * أردف بحدة * أقول اقلب وجهك الحين تراها واصلة معي فدحدر يلا.
أغلقَ في وجههِ بغضبٍ وهو يشتمهُ بأقـذع الألفـاظ التي يعرفها في قامـوس كلماته.


،


وضـع يوسِف ليـان جانبًا، وقفَ وملامحهُ تبهتُ تدريجيًا دونَ فهمٍ لمـا يقُوله بدر. لفظَ بصوتٍ هادئٍ ظاهريًا : بدر !! شفيك وش هالكـلام الحين؟
بدر بنبرةٍ متأسّفة : اطـلع من المكـان الحين وبشرح لك كل شيء بعدين .. أنا آسف والله آسف !!!
لم يفهمه، لكنّه اكتفـى بالصدقِ في حديثِه، نظـر لفتياتِه بصمت، جيهان تحادثُ أرجُوان وتضحك، ليان تشدّه من ساقهِ بقهرٍ لأنّه أنزلها من حضنهِ إلى الأرض . . خطر!!! كيف يتركهُ ليطُول أميراته!! لم يُبـالي بتفسيرٍ الآن بحجمِ ما كـان خائفًا عليهنَّ ممّا يقصدهُ بدر، لفظَ بخفوتٍ قلق : لك اللي تبيـه.. بس لا تنسى إنّك مفروض عليك التفسير لا تتهرّب بعدين مثل كل مرة!!
أغمضَ بدر عينيهِ وهو يقفُ قريبًا منهم، في إحدى الزوايـا، وعقله أدركَ أنّه يقصِدُ ذلك اليوم المشؤوم الذي تهجّم عليـه بعد أن فُقدَت حقيبةُ غـادة واكتشفَ أنّها لـدى ابنةِ يُوسِف، لفظَ بخفوت : تامر ، تامر أمر لك مني كلمة أفسِّر لك كل شيء.
أغلقَ وهو يراهُ ينحني لابنتهِ الصُغرى ويحملُها، تحدّث مع الباقيتين ليرى وجومَ ملامحهما بوضوحٍ من ذهابِهم في هذهِ اللحظـات . . زفـر بأسـى، بخيبَة ، ما الذي فعلهُ بِهم؟ استطـاع بوضوحٍ أن ينتبه للتحرّكـات الغريبةِ حولَ يُوسف، استطـاع أن يُدرك أنّه أدخـله في دائِـرة شكّ أعدائِهم من أن يكُون قريبًا منهم بأيّ شكلٍ من الأشكـال.
خرجَ يوسف ومعه فتياتِه بعد أن دفـع ما عليه ووضعهُ على الطاولـة، تبِعهم بدر دون أن ينتبهوا حتى مع تلفّتاتِ يوسف الذي أدركَ منها قلقهُ وحذرهُ ممّا كـان يعنيه ، يُريد أن يعتـذر عن بؤسه ، عن بصمتِه السيئةِ التي وضعها على هذهِ العائِلة ، حذّرهُ عبدالله من طيشِه في التعامـل ، حذّرهُ ولم يـبـالي كثيرًا بتحذيرِه!
عبروا الشـارعَ بعد أن أضـاءت الاشـارة الخضراءُ للمُارةِ وتوقٌفت السيّـاراتُ عن العبُور، تباطأت خطواتُ أرجُوان وهي تبحثُ في حقيبتها عن هاتفها، توقّفت أقدامها فجاة، هاتفها ليسَ في الحقيبة ، سوارتهـا الذهبيّة التي أهدتها لها امّها قبـل سنتين، محفظتها أيضًا . . شهقَت بقوّةٍ وهي تُدرك أنّها سُرقَت في المطعم على الأرجـح .. وصـل يوسف وجيهان للجانِب الآخر من الرصيف ومعهما ليان التي يُمسك بيدها، بينما بقيَت أرجوان في منتصفِ طريقِ العبُور الخـالي من سواها ولازال الضوءُ الأخضـر يسطَع .. رفعَت رأسها نحوَهم وهي تُريد أن تُخبر يُوسف بأنّها سُرقت ، سوارة أمّها من بين كل ما تحبّه سُرقت !! تريد أن تعُود للمطعم فهنـاك احتمالُ أن يكون من سرقها لا يزال هُنـاك، ربّما من كـان يجلسُ خلفها !!!
توقّف يوسف حين انتبه لعدم تواجدها معهم، نظـر لمكـان وقوفها ليعقد حاجبيه باستنكارٍ في الوقتِ الذي تحرّكت فيه نحوهُ بخطواتٍ واسعـةٍ حتى تُخبرهُ بما حدثَ ويعودوا، لكنّ عينيّ يوسف اتّسعَت فجأة ، ماتَت أطرافهُ وهو يبهتُ للصوتِ الحُادِّ الذي صُدر من السيّارةِ التي اقتربَت منها بسرعـةٍ مجنونة، أسقَط كفّ ليـان وهو يشعُر بمفاصلِه تيبّست وقلبهُ هوَى في معدتِه ، كانت السيـارة قد استهلكَت حرارة المكابِح محاولةً الوقوف، لكنّ الوقوف نظرًا لتأخّر السائق في الاستيعاب لن يكون قبل الاصتدامِ بجسدها الذي تيبّس بدرجةٍ فقدَت فيها الشعُور وهي تنظُر لها مُقتربةً منها، الاصتدام الذي لن يكون مُميتًا ربّما لكنّه سيكون كافيًا ليوصلها المشفـى . .
لم تشعُر سوى بيدينِ أمسكتا بِها ، كتفينِ عريضينِ مالا نحوها ، تحرّك بِها كي يُبعدها عن نطاق السيّارةِ لكنّ سرعتهُ لم تكُن كافيةً فاصتدمَت خاصرتهُ بطرفِ السيّارةِ التي دفعتهُ قليلًا للأمـام فترك أرجوان تلقائيًا وتوقّفت السيارة بعد الصدام، تأوّه وهو يضعُ كفّه على خصرِه وينحني للأمـام وألمٌ انتشـر في خاصرتهِ جعلهُ يُغمض عينيهِ ويشدُّ على أسنانِه بقوّة.
ارتعشَت أرجوان وهي تتراجعُ للخلفِ بعينينِ دامعتين وأطرافٍ مرتعشـة، حقيبتها سقطَت في مكـانِ وقوفها، نسيتها في هذهِ اللحظـة ونسيت معهُ ما سُرِق من هولِ ذعرها . . في حين اجتمعَ عددٌ من الأشخـاص ونزل السائق من سيّارتهِ ليتّجه بسرعةٍ للرجلِ الذي أنقذها وجلسَ على إحدى ركبتيه بينما يسندُ قدمه الأُخرى على الأرضِ وكفّه تُمسك خصرهُ بألـم، وقفَ الرجُل أمامه يعتذُر بلغةٍ هولنديّةٍ عن تهوّره وعدم انتباههِ ليسرد بكلّ تشتتٍ أنّه كـان يُحادث في هاتفهِ ولم ينتبه أنّ تلك الفتاة واقفةً إلا بعد فوات الأوان.
بينما كان الجالسُ يهزُّ رأسهُ بالإيجاب ومن الواضحِ أنّه يكادُ يضربهُ ممّا سببهُ فيه من ألـم، رأته بتشوّشٍ وهو يبعدُ أيدي من يريدون مساعدته في النهوضِ وملامحهُ تتجعّد ... بتقزّز !!!
شعَرت بكفٍّ أمسكَت كتفها، انتفضَت واستدارَت بسرعةٍ لتجدَ يوسِف أمامها بملامِحه التي تكادُ تنهار، احتضنها دونَ مقدّماتٍ لتسقُط دمُوعها من فرطِ الذُّعر الذي كـاد يفتك بقلبِها قبل أن تدهسها تلك السيارة، مكثَ لثوانٍ طويلةٍ وهو يحتضنها ويذكر اسمَ اللهِ عليها، ولم يتركها إلا حين انتبه لذلك الشـاب وهو يحاول النهوضَ حتى يبتعد، تحرّك بسرعةٍ نحـوه، وقفَ أمامهُ لينحني دون أن ينتبه له الشـاب ويُمسكه كي يساعدهُ على الوقوفْ، انتفضَ الشابُ ما إن شعـر بالذي أمسكه، نظـر لهُ بغضبٍ ليلفظَ بكلمةٍ حادّةٍ لم يفهمها ولم يُدرك في تلك اللحظـة أنها شتيمةٌ شوارعيّة لأنّه لمسه.
رمشَ قليلًا ومن ثمّ ابتسمَ وهو يلفظُ بالفرنسية ويدعُو الله أن يكون الذي أمامه يتحدّثها : شكرًا ، شكرًا لك لانّك أنقذت ابنتي.
أجفـل الشاب ذو الملامحِ الأوربيّة الصاخبـة بالبيـاض قليلًا قبل أن يرمـش ويستوعب ملامحه .. ابتسمَ على مضضٍ ليومئ برأسه ويلفظ بلغةٍ مماثلة : لا بأس.
يوسف بقلق : دعني أوصلك للمشفى.
امتنعَ الشاب وهو يتراجعُ ويهزّ رأسه بالنفي : لا تهتم أنا بخير وإن شعرت بشيءٍ فسيارتي قريبة من هُنا.
شكرهُ يوسف مرّةً أخـرى ومن ثمّ ابتعـد إلى أرجوان التي انضمّت إليها جيهان بملامحها المذعُورةِ ومعها ليـان.
كـانت هنـاك عيُون تُراقبُ بصدمةٍ ما يجرِي ، في اللحظـة التي استوعبَ فيها ما كاد يحدثُ لابنةِ يوسف لم يجد الوقتَ ليتدخّل ووجدَ ذاك القريبَ يمنعُ عنها ما لم يكُن جسدها الضعيفُ ليتحمّلهُ بعكس الجسدِ الرجُولي .. لا يكـاد يستوعبُ ما يرى!!
اتّجهَت نظراتُ الشابِ إليه ، أجفـل بدر فجأةً وهو يرى ابتسامتهُ المـاكرةَ وكأنّه يُدرك مكانهُ من بين جموعِ النـاس، لم يتحرّك من مكانِه من شدّةِ مُفاجئته ، بينما خطَى الشـاب إليه خطواتٍ لم تكُن متّزنةً كفايةً من ألـم خاصِرته ، وقفَ أمامه وابتسامتهُ تلك لم تتلاشى ، أمال رأسهُ بسخريةٍ ليهمسَ أخيرًا بخفوت : المُفتـرض تكُون حـاضِر ومُنقِذ لهالعيلة المسكينة .. بس واضح منت كفو!


،


فـي نهاياتِ اليوم، دخـل المنـزل وهو يشتُم بصوتٍ خافِت، الظـلام ينتشِر بامتدادِ الليـل في المنـزل، حقائبُ سفرِه عند البابِ بعد أن جعل السائق يُنزلها لهُ ولم يستطِع لألـم جسدِه . . تحرّك نحوَ الدرجِ وهو يهزُّ رأسهُ بغيظٍ ويهمسُ بخفوت : لابوكم لابو هالمدينة المعفنة .. الله ياخذك يا جدي أخذ عزيزٍ مقتدر.
لم يستطِع منع نفسهِ من الدُعـاء، توقّف فجأةً حين وصله الصوت الحـاد الساخِر الذي سمعَ دعاءه : هذا العِشم فيك.
استدارَ فجأةً بعد أن كان قد وقفَ على أولـى عتباتِ الدرج، نظـر إليهِ ببرودٍ ومن ثمّ ابتسـم بوداعةٍ وهو يلفظ : الحمدلله على سلامتي.
سعُود بحنق : الله لا يسلم فيك عظم!!
تميم : افا !!!
سعود بحدة : تعال يا ولد خالد ونورة عسـاك اللي ماني بقايل .. تعــال يا ****
تحرّك تميم بتذمّرٍ إليه وهو يلفُظ : ألفاظ سوقيّة ما ألومك من التربية المعفنة اللي تربيتها وأنا ويّاك طبعًا.
سعود بصرخةِ غضب : احتـرم نفسك يا ولد!!!
تميم يقفُ أمامهُ وهو يمطُّ فمه بضجـر : عادي ماهي بيننا الرسميات يا سعود .. قولي آمر شتبي تالي الليل؟
سحبَ يدهُ التي يُمسك بها خصرهُ فجأةً بقوّةٍ جعلتهُ يتقدّم للأمـام بشدّةٍ أثّرت على إصابته، شدّ على أسنانِه بألمٍ وهو يغمضُ عينيهِ ويلفظُ بغضب : وجع يوجع العدو.
سعود بابتسامةٍ ساخـرة : هذي جـزاة اللي يسوي فيها شهم وهو من جنبها.
نظـر تميم لملامحهِ بسخرية : تراقبني؟!
سعود ببرود : بلاش غباء كنت حول بدر وهذيك العايلة ال ****
عقدَ تميم حاجبيه باستغراب : هذيك العايلة!! شدخلها؟!
سعود : الله أعلـم . .
رفعَ أحد حاجبيهِ دون فهم، لكنّه لم يَطلب تفسيرًا وترك التحليلاتِ لعقلـه الذي ربطَ بين التفسِيراتِ بسهولة، بدر يعرفُ ذلك الرجل - والد الفتـاة -، وأكبـر جريمةٍ فعلها أن تعرّف عليه! لا تحتـاجُ ذكاءً ، بالتأكِيد أدخلهُ في معمعةِ حياتِه.
هتفَ سعُود ببرود : شلون كانت سفرتك؟
تميم يُدلّك خصرهُ وهو يبتسمُ ابتسامةً بسيطة : كويّسة ما عليها ، اللي محليها طبعًا إن خشتك ماهي موجودة ناقصني قُبح أنا؟!
سعود بضجر : ما تتغيّر قليل أدب.


،


في بداياتِ الصبـاح ، الغُرفـة القديمـة والغاليـة يتسلّل من نافذتِها ضوءُ الشمسِ الشاحِب، يجلسُ على سريرِ متعب ، لم يستطِع النومَ إطلاقًا ولم يستطِع أن يذُوق شيئًا منذ البارحـة، الإعيـاءُ بادٍ على ملامحهِ الحـادة، تقيّأ لوعـة بطنِه كثيرًا في الليـل، عصـارة معدتِه الفارغـة، لم يملك ما يُشغر بهِ معدته فلا تتألّم الآن بهذا الشكـل.
سمِع رنينَ هاتفهُ فجأة ، نظـر نحوهُ بلهفةٍ وهو يمنّي نفسه بأنّه رقـم متعب الذي اتّصل منه البارحـة وكلّما عاد يتّصل بهِ منه يجدهُ مُغلقًا !!
اندفـع بكفّه لينتاولهُ من على طاولة الكومدينة، نظـر للمُتّصل ليتنفّس بقوّةٍ وهو يرى أنّه رقـم أدهـم ، ليس هناك اختلاف، نفس اللهفـة ونفسُ المشـاعر، أدهم يعرفهُ ورفيقه !!
ردّ عليه وأنفاسهُ الحـادةُ تصلُ لأذن أدهم جيدًا، لم يُسعفه بالنطـق بشيءٍ حتى سبقه أدهم ببرود : احفـظ العنوان عندك وتعـال الحين . . . متعب ينتظرك


،


قبـل ساعةٍ ونصف . .
وصلَت الرسـالة الموجَزةُ لهاتفه، قرأها وابتسمَ ابتسامةً باهتـةٍ وهو يفهمُ معنـاها : ( نلتقي؟ ).
هذهِ الكلمـة أدركها ببساطـة .. نلتقي لأمرٍ لا يجُوز قوله على الهاتف ، والالتقـاء يكون في ذاتِ المكـان الذي تعاركـا فيه والتقيا بهِ البارحـة أيضًا.
وقفَ كي يتجهّز لخروجِه، يرتدِي الثوب الذي لم يقوى على إرتـداء سواه ونفسُه " عافت " كلّ الملابس دونه.

بعد رُبع ساعـة ، وقفَ أمام أدهـم وهو يبتسم الابتسـامة التي تعنِي الكثـير من الأسـى، أمال أدهم رأسه قليلًا وهو ينظُر لهُ بصمتٍ واجِم.
لفظَ متعب بمزاج : وش هالنظـرات البايخة على هالصبح .. ترى ما أخذت حلالك.
لم يشعُر سوى بلكمـةٍ شبهِ قويّةٍ أصابَت فمَه، اتّسعَت عينـاه بصدمةٍ وهو يتراجعُ للخلفِ ويضعُ كفّه على شفتِه التي نزفَت ، لم يستغرق الكثيرَ حتى تجعّدت ملامحهُ وهو يهتفُ بنبرةٍ حـادة : يا حمااااااااار . .
أدهم يبتسمُ بشرٍّ وهو يُمسك يده التي أرادَت ضربهُ قبل أن تُصيبه، وباحتقـار : شكلك يثير الشفقة ، ابتسم يا حبيبي ابتسم وش هالابتسامـة الميّتة؟!!!
متعب بغضب : حيوان أنت !! شكلك هاوي للمضاربة.. أصلًا أنا أعرفك من غير من أقول - شكلك - ذي يا مُتخللللف!!
أدهـم يُفجّر القُنبلـة في وجهِه : بتقـابل أخوك اليوم !!

.

.

.


: أكيد ما غفلتْ عن هالموضوع .. عشـان كذا لبست هالجاكيت مع حرّ الريـاض الكئيبة ذي . . بنروح الحين أي مطعم وبتدخل الحمـام وتلبس الجاكيت على أساس إنّك أنـا وغطّى راسك لا تخليه مكشوف ... وبكذا نتغاضـى موضوع المُراقبة وإنهم يشوفونك وأنت مع شاهين . .


انــتــهــى


موعدنا صباح الاثنين ()

ودمتم بخير / كَيــدْ !

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 03-06-16, 10:19 AM   المشاركة رقم: 815
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئة مميزة


البيانات
التسجيل: Sep 2010
العضوية: 190192
المشاركات: 613
الجنس أنثى
معدل التقييم: أبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 748

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
أبها غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 

سلمت يمناك اختي كيد ..

وابتدا الأكشن ..😄

عائلة يوسف .. هل كانت المراقبة فعلا موجهة إليهم
أم لبدر لأنه متواجد في نفس المكان ؟؟؟

جيهان .. جميل هذا التغيير في روحك ونفسيتك
الله يتمم لك على خير ..

تميم ... والله فاقدته من زمان بس زين طلع اليوم .😊
أشك أن تميم لا يوافق جده في أعماله الإجرامية .
وأنه بطريقة أو بأخرى يحاول أن يساعد ضحايا جده
قد تكون الرسائل التي أرسلها إلى سلطان من قبل
رموز لفك لغز مقتل أياه ..
واليوم محاولته لانقاذ أرجوان .. وطريقة استفزازه
لجده تدل على أنه كاره لعمله ..( وراك علوم يا تميم ) !!

شاهين ...
ألا تعتقد أنك تسرعت بنبذك لأسيل ؟
لن يكون الوضع بهذه البساطة تتخلى عنها لتكون من
نصيب أخيك !! بالطبع لن يتقبلها متعب ومن الصعب أن
تكون زوجة لأحدكما ..
اليوم ستلتقي أخاك !!! الله يعينك .
صوته قد فعل بك الأفاعيل فما بالك باللقاء ..!

شكرا من القلب كيد
بانتظارك .
🍃🌸🍃

 
 

 

عرض البوم صور أبها  
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ليلاس, لغز, أكشن, القدر, الكاتبة كيد, انتقام, يوسف, رواية رومانسية, سلطان, غموض, عانقت, قيود, كيد
facebook




جديد مواضيع قسم الروايات المغلقة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t195238.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 02-10-16 06:32 AM


الساعة الآن 11:34 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية