لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > الروايات المغلقة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الروايات المغلقة الروايات المغلقة


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-12-15, 05:20 PM   المشاركة رقم: 611
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 



سلامٌ ورحمةٌ من اللهِ عليكم
صباحكم / مساؤكم طاعـة ورضا من الرحمن
كيفكم أعزائي؟ عساكم بخير وصحّة وسعادة


شكرًا على انتظـاركم، جد جد أشكركم لأنّه خلاني أكتب ومن المرات - النادرة - شيء يرضيني بطوله وأحداثه وكل شيء مثل بارت اليوم ..
إن شاء الله انتظـاركم ذا ينتهي بشيء تقرونه ويستحق والبارت الجاي بعد بخليه دسم وطويل ويستحق الانتظـار بعد بإذن الله :$$*

+ فيه توضيح بسيط ودّي أذكره عشان هالاستفسار/الاستنكار بالمعنى الصحيح وصلني كثير بالفترة الأخيرة.

كثير منكم يقُول سلطان مسوّي إنّه اللي عصّب بسبب إنها ما تصلي بحجة إن زواجهم باطِل وهو اللي أساسًا متزوجها بنيّة الطلاق وهالزواج باطل :/ هو باطل ما قلنـا شيء، بس الروايـة ما بديت تنزيلها إلا وسلطان وغزل - مملكين - يعني هالقرار ماجاء إلا بعد الملكة وبينه وبينها ما انذكر في العقد نفسه لأنّه عـاف هالعلاقة وكان بديهيًا إنّه يطلّق.
فيه موقف لسلطان وعناد في البدايات عاتبه فيها بسبب قراره وقالّه فيما معناه " زواج متعة؟ " وهو تعذّر بأنه ما يقصد زواج المتعة حتى إنّه ما ذكر هالشرط بصلب العقد نفسه! كذا والا كذا عناد بيشوفه غلطان أكيد لأنّه في النهايـة يتلاعب فيها لسنـة بس سلطان ما ذكر له إنّ هالزواج صوري لأنّه في النهاية - ما هان عليه ينقّص منها قدامه -. طبعًا فيه الكثير منكم ماراح يعذرونه وبيشوفونه في النهاية غلطان يعني ماله داعي يعوفها هي بسبب أبوها بس نظرته هوَ مختلفة وأوجاعه كبيرة لدرجة إنّه تقزز من أي شيء يربطه فيهم.
وأيضًا اللي مستنكرين أحمد وتصرّفه بأنه بغى هالزواج يدوم لسنـة فقط يعني ليه سنة بالضبط ما قال أقل أو أكثر؟ هو قالها كذا فقط بس أحمد واضح له مقاصد ثانية من هالزواج أكيد ظاهـر لعيونكم يعني ليه بيوافق على سلطان تحديدًا؟ :" + آخر جزء نزّلته قبل جزء اليوم قاله فيها إن الفترة ممكن تتقلّص وهذا يدل إنّ له مصالح من زواج سلطان وغزل وقت ما تنتهي بيخليه يطلقها.

ما ودي أطوّل عليكم، في النهاية كثر اللغط في اهتمام سلطان بصلاتها عشان بطل الزواج بس ركّزوا للمرة الثانية - انهم كانوا مملكين أصلًا -.


بارت اليُوم إهداء لقُرّائـي من البحرين بمناسبة اليوم الوطني
كل عام وأنتم بخير عسى أعوامكم مديدة بالفرح والأمان يا البحرين ()


بسم الله نبدأ ،
قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر، بقلم : كَيــدْ !

لا تلهيكم عن العبــادات

(62)



انفجرَ غضبهُ وقهرهُ في قذيفةٍ أطلقها لقلعةِ أحزانِه، يُمنّي نفسه هدمَ تلك الإمبراطورية التي تسلبُ راحتـهُ ومنامَه، تسلبُ انسيابيّةَ حياتِه التي هدمَها ماضٍ حُوّر بحرفيةٍ بشعَة : ما كان فيه داعي تربّيني، تحبّبني فيك كذا!! ما كان فيه داعي تلبس قناع المُحب لأخوه قبل ولـده .. ليه أنت كذا مجرّد من الإنسانية؟ تقتل القتيل وتمشي بجنازته! وعليها تربّي ولده بعد!!
تعلّقت نظراتُ سلمان بحدقتيه في صورةٍ لم يستطِع قراءتها، أبجديّاتٌ باردةٌ تتراقصُ في بؤبؤ عينيه الذي صغُر بنسبةٍ أصبحَت غيرَ مرئيةٍ لهُ بعينهِ المجرّدة . . عضَّ شفتهُ بألمٍ وهو يتراجَع، صدَّ بوجههِ عنه وأدارَ جسدهُ ينوِي الخروجَ وتحريرَ عينيه من رؤيتِه التي يلمحُ بها ضريحَ سكُونهِ وابتسامتـِه.
لكنَّ صوتَ سلمان البارد أوقفهُ بنبرةٍ كانت مستفزّةً لهُ بحزمه : وين رايح؟
نظَر إليه سلطان وهو يلوي فمه : لجهنّم عندك مشكلة؟ ما أظن لك دخل فيني.
وقفَ سلمان واقتربَ منه وهو يبتسم ببرود : عارف وش تفكّر فيه ، ودّك تطلع؟ معليه بتجلس لين الساعة 12 هالشيء إجباري.
سلطان بحنق : تأمرني؟؟!
سلمان بهدوء : صنّفها مثل ما تبِي بس الناس ماراح تطلع الا متأخّر وأنت مجبور تجلس.
زمَّ شفتيهِ وهو ينظُر إليهِ بحقدٍ صارخٍ في عينيه بينما الكلماتُ تصمُت عند شفاهه، أخرجَ سلمان هاتفهُ من جيبهِ وتجاوزهُ كي يخرج، حينها لم يشعر بالجنونِ الذي تلبسهُ بقوّةٍ حتى ركلَ طاولةً أمامهُ كانت تحملُ صينيةً من فوقِها فناجينُ قهوةٍ وأخرى للشاي، سقطَت بكلِّ ما حملته لتنثر ضجيجًا ويستديرَ سلمان متفاجئًا مما فعلهُ بينما صرخَ سلطان بغضب : الله لا يحلل هالدم اللي اقترن فيك! الله لا يحللـــه.
عقدَ حاجبيه بحدةٍ وهو يوجّه نظراته للبابِ ومن ثمّ إلى سلطان المنفعل، بلل شفاههُ قبل أن يلفظَ بصوتٍ حادٍ تسلل من بينِ أسنانه : اترك عنك هالمبزرة ولا تجيب لنا الفضايح الحين.
نظر إليه سلطان بحقدٍ وثوبُه الأسود تبلل من قطراتٍ تساقطَت عليه : الفضايح؟ الحين تقولي شايل همّ الفضايح؟ أنت لو تفكّر بهالنقطة ما كنت قتلت أخُوك اللي من لحمك ودمّك . . وأبشّرك فضيحتك ذي بتصير على كل لسان بس أصبر لين أقدر أجيب اللي يفتح ملف هالقضية وأخلّيك تآخذ جزاك.
تحرّك باتجاه البابِ ليخرج، وجدَ شخصًا يقفُ عند البابِ وكأنّه كان يستمع! لم يُبالي برؤيةِ ملامحه أو التعرف عليه بل دفعهُ بكفه ليُبعده عن طريقهِ ويمضي.

وضعَ سلمان كفّهُ على جبينه وزفَر بصبر، شعرَ بخطواتٍ خلفَه ليستديرَ بسرعةٍ ويرى الذي دخَل وهو يلفظَ بقلق : سمعت أصوات وجيت وش صاير هنا؟
بلل سلمان شفتيه وهو ينظُر لتعابيرهِ محاولًا اكتشاف إن كان قد سمعَ شيئًا أو لا، لكنّ هدوءه دفعه للاطمئنانِ ليتحرّك حتى يخرج وهو يلفظ : ما صار شيء بس صدمت بالطاولة وتكسّر اللي فوقها .. بنادي الحين اللي ينظف هالفوضى.


،


دخَل عاقدًا حاجبيه بقوّةٍ وضيقٍ وهو يحملُ حبالًا ثخينةً بيدِه، نظَر إليه تميم وابتسم، وسلاحه لازال موجّهًا ناحيَة بدر بينما يدهُ الأخرى كانَ يسندها على ذراعِ الكرسيِّ بهدوءٍ وسكُونٍ لا يتناسبان مع الموقفِ والمكـان.
هتفَ محمد بضيق : المكان مو أمان عشان نجلس أكثر تميم! اترك عنّك هاللعب والله إن يذبحنا جدّك.
تميم بابتسامةٍ لا مبالية : اربط يدينه بذراع الكرسي وأنت بالع لسانك والا بفرّغ هالمسدس على راسك.
محمد بحنقٍ تحرّك ليمسكَ يدَ بدر ويرميها على ذراعِ الكرسيِّ بقوةٍ يفرغ بها حنقه بينما شدَّ بدر على أسنانه بألمٍ وهو ينظُر للأرضِ بقهر : بسوّي اللي تبيه، ولا صار شيء ما كنّا حاسبينه وقتها أنت برّر لجدك.
تميم ببرودٍ وابتسامتهُ تتّسع : أولًا بيكُون كل شيء على راسك أنت لأنّه قايل لك انتبه لتميم أعرفه كلب وممكن يخرب كل شيء . . ثانيًا احترم نفسك وعامل ضيفنا بذوق لو إنّك كسرت يده وريتك جهنّم.
اتّسعت عينا محمّد بصدمةٍ من حديثه البـارد وكأنّه يتحدّث عن حفلة!! اقتربَ منهُ وهو يشدُّ على أسنانه ويرفعُ قبضته حتى يلكمهُ وهو يصرخ : يا حقييير ودّك تورّطني معك.
نظَر لهُ تميم بحدةٍ ليُنزل يده وهو ينتفضُ بانفعاله، وببرود : ما ودّي أورطك معي، ودي أورطك بس!
محمد بغضب : تميم اعقل وخلنا نطلع الحين.
تميم بأمر : اربطه.
محمد من بين أسنانه : تميييييم !!
تميم يُخرج سلاحَ بدر الذي كان في جيبه ليُشهرهُ في وجهِ محمّد وقد اتّسعت عيناه بوعيدٍ وتلاشَت كلُّ معالم الابتسامةِ عنه، ارتعبَ محمد وتراجعَ للخلف، في حينِ لفظَ تميم ببطءٍ محذّرًا وهو يوجّه سلاحه بيده الأخرى نحو بدر : قلت لك ، اربطه!
تحرّك محمد بصمتٍ وهو يتنفّس بانفعال، قيّد معصميهِ بذراعَيِّ الكرسي ومن ثمّ تراجعَ وهو يُخفِي انفعالاته التي تحتاج الخروجَ في لكماتٍ يوجّهها إلى تميم.
أعادَ تميم سلاح بدر إلى جيبه ليبتسم من جديدٍ ويهتف بنبرةٍ هادئة : خلّك برى الغرفـة وراقِب المكان على ما أخلص كلامي مع هالحلو ، ماراح أتأخـر.
نظَر إليه محمد للحظـاتٍ بصمت، ليتنهّد أخيرًا باستسلامٍ ويتحرّك خارجًا من الغرفـة تحت رفضِه الصامت.
ارتفعَت نظراتُ بدر إلى تميم ببرودٍ يغلّفُ قهرًا وحقدًا حادًا لا يمنعهُ من قتله بل يدفعهُ للتعذيب! يدفعهُ لسلخِ جلدهِ أولًا ومن ثمَّ رشِّ الملحِ على جسده كيْ يستمتعَ بتعذيبٍ بنزعةٍ ساديـة تتلبّسه حين يفكّر بمن قتلوا عائلته.
بللَ تميم شفتيه وهو يدقّق النظرَ بهِ ويبتسم : ليه تناظر بهالحقد؟ هذا وأنا ناوي أكُون معك كريم وأكرمك.
بدر باشمئزاز : عزائي للكرم والله.
تميم دونَ مبالاة : ودّك بقهوة والا شاي ؟!
زمَّ بدر شفتهُ بحقد، حينها ضحكَ بصخبٍ ليُردف : عادي بشرّبك أنـا وش له الكرم أجـل؟
بدر : وش تبي منّي؟
تميم بابتسامةٍ وهو يحرّك فوّهةَ سلاحهِ على وجنتِه : اللي تبيه أنت.
بدر بكُره يُبعد وجههُ عنه : القتل!!
تميم : لا لا طلعت تبي مني شيء مختلف ، أنا أبي أستمتع بس!!
نظَر لهُ ببرودٍ وهو يحكُّ شفتيه ببعضهما، يحرّكُ قبضتيه بشدةٍ من فوقِ ذراعي الكرسي يريد تحرير هذا الوثاق الذي يحدُّ بينه وبين التلذذ بتعذيبه.
لفظَ تميم باستفزاز : لا تحاول يا بيبي حتى لو براعتك قدرت تفكّها أقدر أوقّفك برصاصة!
سحبَ كرسيًا آخر ليجلسَ أمامهُ مباشرةً وهو يُسكن الفوّهةَ على كتفِ بَدر، أخرجَ من جيبِ معطفهِ جهازًا صغيرًا نظرَ لهُ بدر بتوجّسٍ ليبتسم تميم : الحين بكُون صريح معك أكثر ، وبما أنّك ما تعرفني كثر ما أعرفك بيكون ردّك ...
قاطعهُ بدر بضحكةٍ ساخرة : ما أعرفك كثر ما تعرفني؟ مو كأنّك خربتها شوي.
ضحكَ تميم وهو يرفعُ سلاحهُ ويضعه أسفل ذقنه ليرفعَ وجهه، وبعبث : كنت عارف إنّك بتعلّق على هالجُملة . . بس صدقني يا بدر ، ما تعرف عنّي شيء! ولا شيء أبد، اسمي وهويّتي مجرد ذرّة ما يلتفت لها أحد قدام حياتِي الباقية.
بدر بجمود : على بالك إنّي ما أعرف غير اسمك وهويّتك؟
تميم بابتسامةٍ جدّيةٍ هذهِ المرة : مثل إنّ أهلي توفّوا بحادث ما كان الا انفجـار مطعم بفندق كانوا فيه؟ المطعم اللي انفجر بسبب مصعد انقطعَت أسلاكه وطاح !! لا ذي أي شخص يقدر يعرفها خصوصًا إني من طرفَ الأعداء وما نسمي اللي صار - حادث -!!
اشتعلَت عينا بدر بنـارِ حقدٍ وانتفَض ما إن صرّحَ ببساطةٍ عمّا حدثَ واعترفَ بكونِه طرفًا فيه، تحرّك بانفعالٍ من فوقِ الكرسيِّ وصرخَ بعنفِ وطأةِ ذلك اليومِ على صدره، بعنفِ ذلك اليومِ على حياتِه حتى هذه اللحظـةِ التي ينفعلُ فيها بسببه : بذبحَك ، أقسم بربّك وربّي بذبحــك.
لم يتخلّى تميم عن ابتسامتهِ وهو يُخضُ سلاحه قليلًا ليثبّته على صدره : هذي استفزتك!! طيب حركَة أختك اللي سوّتها قبل أسبوع وشوي وطلوعها من بيتك من غير علمك!!! وش سوّيت معها؟!!
عضَّ شفتهُ بقوّةٍ كادَت تدميها وهو يقوّس جسدهُ للأمامِ ويُخفضُ رأسه بكلماتِه التي تتكئُ على كتفيه وتُثقله، تنفّس بسرعةٍ وانفعالٍ وهو يهمسُ بكُره : تمييييم يا حيوان ...
تميم يقاطعهُ بجمود : تدري إنّها يوم اكتشفتها تعرّضت لهجُوم؟!
اتّسعَت عيناه وارتعشَت خلايا جسدهِ المسلوخِ بنارِه، رفعَ رأسهُ تدريجيًا ونظَر إليه بملامحَ تُخبر تميم بوضوحٍ أنّه لم يكُن يعلم وهي أخفَت كلَّ شيء، صدرهُ تزدادُ سرعةُ ارتفاعِه وهبوطهِ إلى أدنى درجاتِ العذاب، يومًا ما سيمُوت بقهرهِ وقلقهِ الدائم، سيمُوت بحزنِه وعذابه، يومًا ما سيذهبُ خلفَ عسليّةِ العينينِ ويجاورها في جنّةٍ يتمنى أن لا يحدَّ بينه وبينها ذنب! يومًا ما يا أروى سأجيئك محملًا بملامحِ الكآبةِ كلّها، بالسنينِ التي تركتني فيه باقيًا وحدي أصـارعُ هذهِ البلدةَ التي سُجنَت فيها ذكرياتِكم، يومًا ما سأنتهي! سأنتهي بهذا الحُزن مع غرُوب آخر شمسٍ في حياتِي، أتكهّنُ كثيرًا بأنّي سأمُوت في لحظاتِ الغُروب، تلكَ الكلمةُ تعني بداية الظلام، بدايـةَ السُكون، وصخبِي هذا لا يليقُ بهِ سوى سكُونٍ يخرسه كما أنّ حزني - المُشعِّ - بعبثِه فيَّ لا يليقُ بهِ أن يذهبَ إلا حينَ تذهبُ قرص الشمسِ إلى حيـاةٍ أخرى، إلى نصفِ الأرضِ الآخر، حينَ ينسدلُ عليه ظلامٌ يدثّرهُ أبدًا.
ابتسمَ تميم ابتسامةً فاترةً وهو يلفظُ بصوتٍ جامدٍ فقدَ كلَّ تلاعبه وأسكَن جدّيةً أهلكَ بها صدرَ بدر : متهوّرة! ما عطيتها شويْ من حذرك . . طيب أكيد تدري إنّها وقت ماكانت هربانة ضيّعت شنطتها عند بنت صدمت فيها.
بدر برعشةِ فكيْه وأنفاسهِ التي تئنُ بحشرجتها : لا تحكِي أكثر!!!
تميم يتجاهلهُ ويُكمل : طيب تدري مين هذيك البنت؟ تراها مرّت عليك من قبل ، يمكن ما تذكرها بس أذكّرك ، ما عندي مشكلة!
نظَر لهُ متفاجئًا من حديثهِ ليلوِي تميم فمهُ في ابتسامةٍ جامدَة : قد شفتها مرّة وحدة بحيـاتك ، هيَّ نفسها اللي دفّها مرة طفل وطاحت ببحيرة وأنت اللي أنقذتها يومتها.
عقدَ بدر حاجبيْه محاولًا تذكّر الفتـاة التي يقصدها، في حيَاتِه كلّها لم يقم بإنقاذِ واحدةٍ فقط في ظروفِ غرق، لذا اختلطَت عليهِ الوجوهُ ليلفظَ بحدّةٍ ساخـرة : أثاريك شاطِر بالمراقبة!!
تميم يبلل شفتيه ويبتسمَ بمكر : قلت لك أعرف كل شيء عنك!! كل شيء ما يخطر على بالك ، تبيني بعد أقولك عن موقف اليُوم اللي رشّت فيه أختك المويا على كمّك؟ يمكن محمد غبي ومشَت عليه السالفة بس أنا حافظ وجوه كل اللي لهم علاقة فيك حتى العابـرة منهم . . ليه تهجّمت على اللي اسمه يوسف؟!!
صرخَ بدر وقد وصَل إلى ذروةِ غصبهِ من سردِه لكلِّ شيءٍ حدثَ في حياتِه حتى الذي لا يذكره هو : انخررررس يا حيوااان كلمة ثانية وأخليك تنسى اسمك الزفت.
تميم يضحكُ بصخب : ههههههههههههههههه وأنت مربّط كذا؟!!
لم يكمل جملتهُ تلكَ إلا وكان بدر قد رفعَ قدمهُ ليوجّهها إلى وجههِ ويركله بقوّةٍ على فمه، وقفَ تميم متفاجئًا وعيناه اتّسعتا بغضبٍ بينما كفّه تُغطي فمهُ الذي نزف بكرمٍ حاتمي.
بدر باستفزاز يبتسم : رجلي ما تقصّر يا الحبيب.
مسحَ تميم على فمهِ بغضبٍ واقتربَ منهُ ليلكمهُ بقوّةٍ على فمهِ ويجرحَه شفته في المقابِل لتنزف، وبحدّة : مرّة ثانية ترفع رجلك الوصخة ذي على وجهي صدّقني بكسرها لك.
ابتسمَ بدر ليزمَّ شفتيه ويجمعَ دمهُ في فمهِ ويبصقه على وجههِ أخيرًا، حينها صرخَ تميم بغضبٍ وتراجعَ وهو يمسحُ وجههُ بقرفٍ ويرفعَ قدمه ليركلهُ في معدتهِ بقوّة : محمــــد يا كللللب.
تقوّس بدر للأمام وهو يغمضُ إحدى عينيه بألمٍ من معدته لكنّه كان يضحك بصورةٍ تجعلُ تميم ينظُر إليه بغضب، منذ قليلٍ كان هوَ من يستفزّه والآن انقلبَت الأدوار، من الواضحِ أنّه لا يرضى على وجههِ الجميل هذا المُدلل!!
دخَل محمّد بهرولةٍ حينَ سمعَ صوته العالي يناديه، وبصوتٍ باردٍ لازال الحُنقُ يسكنه : وش تبي مني؟
تميم بغضبٍ يُشير إلى بدر : تعال تصرّف مع هالحيوان.
محمد يعقدُ حاجبيه دونَ فهم : شلون أتصرف معه يعني؟
تحرّك باتّجاهِ البابِ وهو يلفظُ بغضبٍ ويضغطَ على فمهِ الذي كان ينزف بعدما دسَّ سلاحهُ في جيبِه بينما يدهُ الأخرى تدسُّ الجهازَ في الجهةِ المُقابلة : فكَّ الحبل عنه وجرّه وراي عساه بحريقة، بنتظرك في السيارة.
خرجَ من الغرفةِ ليلوي محمد فمهُ بغضبٍ ويستديرَ إلى بدر وهو يتذمّر : عساك بحريقة أنت مدري مين قايل لك إننا ماشية وراك!!
عضَّ شفتهُ وهو يشدُّ شعر بدر من الخلفِ ليرفعَ رأسهُ بعد أن كانَ ينحني ويقطِّب ملامحهُ بألمٍ من تلكَ الركلَة، نظَر لملامحه باشمئزازٍ ولفظَ من بينِ أسنانه : أنت ورقتي اللي بتخلي لي مكانة عند سعود ويصير وقتها عندي كلمة كافية على هذاك الحشرة.
تركَ شعرهُ وبدأ يفكُّ الحبـالَ عنه، وما إن انتهى حتى ثبّت مسدسهُ على خاصرتِه ولفظَ بأمر : تحرّك.
وقفَ بدر وهو يضعُ كفيه على بطنه، تحرّك خطوتين ليترنّح أخيرًا ويسقطَ على ركبتيه متقيأً دماءَهُ على الأرض، حينها زفَر محمد بغضبٍ ونفادِ صبر : يا لييييل الموت لك وله!!
انحنى بدر أكثرَ وهو يسعُل، يُباعدُ قليلًا بينَ رُكبتيهِ ليحرّك قدمهُ باتّجاهِ الأمام في حينِ كان محمّد يزفُر بحنقٍ وهو يضعُ السلاحَ على مؤخرة عنقه لافظًا بملل : خلصني أنت بعد.
حرّك يدهُ بخفّةٍ ليُخرج سكينًا كان مندسًا بين قدمهِ وحذائه، وبسرعةٍ خاطفة كانَ قد وجّه يدهُ للخلفِ ليجرحَ معصمَ محمد جرحًا عميقًا جعله يتراجعُ للخلفِ بعد أن سقطَ سلاحهُ ويُمسكَ معصمه المجروحَ بيدهِ الأخرى وصوته يغرقُ في آهةٍ متألّمة، تناولَ بدر المسدس بسرعةٍ ووجّهه إليه هاتفًا بحدة : ارفع يدينك.
محمد الذي كان يُمسك معصمه ويتأوّه لم يستجِب له، اقتربَ منه بدر ليُمسك كتفهُ بعنفٍ ويحشُر المسدّس أسفل ذقنه لافظًا من بينِ أسنانه : ورقتك الرابحة هاه؟ أوريك هالورقة وش بتسوي فيك.
أغمضَ محمد عينيه وهو ينتظرُ مساعدةً من تميم الذي كان من الواضح أنّه نزلَ فعلًا لينتظرهُ في سيّارته، هاهو الآن سيمُوت بسببه وبسبب إهماله، سحقًا يا تميم سحقًا.
ابتسمَ بدر ابتسامةً ضيّقَة وهوَ يُخرجُ من جيبه هاتفهُ الذي لم يأخذهُ تميم كما أخذ سلاحه : غباء هذاك المتذاكي مو معقول أبدًا.
ضغطَ الأزرارَ ليطلبَ رقمًا معيّنًا، عينا محمّد كانتا تتّسعان ناظرةً للهاتفِ الذي يرنُّ بقلقٍ وخوف، إن بقيَ مع بدر وأمسكُوه سيُقتل لا محالة من رجال سعود، سيقتل!!!
حرّك يدهُ بانفعالٍ عندَ تلك الفكرةِ متجاهلًا نزيفَ معصمه، أمسكَ معصمَ بدر التي كانت يدها تُمسك بالمسدّس بكلتا يديه ليدفعهُ للخلفِ وهو يرفعُ فوّهةَ المسدس للأعلى، سقطَ هاتفُ بدر وهو يعضُّ على شفته السُفلى ويرفعُ يدهُ الأخرى كي يأخذ المسدسَ من الأولى، لكنَّ محمد تدارك ذلك وخلص إحدى كفيه من يدهِ تلك ليمسك معصميه كلاهما وهو يدفعه للخلفِ حتى اصتدم بالجدارِ من خلفه، بقيَ يضغطُ على معصم يده التي تُمسك المسدس بقوّةٍ حتى أسقطَه أخيرًا، رفعَ ركبتهُ ليضربه بقوةٍ أسفل قفصهِ الصدري حينها تأوّه بدر وهو يشتمهُ بحنقٍ ويدفعهُ ليتراجعَ للخلف، بقيا يتصارعانِ ودماءُ محمد تتساقطُ من جرحهِ الغميرِ دونَ أن يبالي به.
محمّد بحدةٍ من بينِ أسنانه وهو يرفعُ ركبته ويضربهُ أسفل قفصهِ مرةً أخرى ليتقوّس بدر للأمامِ بألم : يا حقييير ودّك تورطني معاااه ، تبيني أموت يا زفت !!
رفعَ بدر رأسه ليضربهُ على ذقنه، نظَر لوجههِ وهو يلفظُ الدماءَ من فمهِ ليرفعَ ركبته في المقابلِ ويضربه في معدته بقوّة، حينها تأوّه محمد بعنفٍ وهو يتركُ معصميه ويسقطَ على ركبتيه جالسًا وكفّاه تعانقانِ معدته، أمسك كتفهُ بيدهِ اليُسرى ورفعَ يدهُ للأعلى ليضربهُ في مؤخرةِ عنقه ليفقدَ محمّد وعيَه مباشرةً.
ابتعدَ عنهُ وهو يتنفّس بجهدٍ ويمسحُ دمهُ عن فمه، وفي تلكَ اللحظةِ سمعَ أصواتَ أقدامٍ تقتربُ من الباب، أسرعَ ليتناولَ المسدسَ المرميَّ على الأرضِ واختبأ خلفَ الباب حتى دخلَ ثلاثة رجال، لم يتبيّن ملامحهم ولم يهتم، وجّه المسدس نحوهم وهو يهتفُ بلغةٍ انجليزيةٍ حازمة : ارموا أسلحتكم وارفعوا أيديكم حالًا.
تجمّد الثلاثةُ أمامه دونَ أن يقوموا بما أمرهم، أعاد أمرهُ بحدةٍ ليُديرَ أحدهم رأسهُ دون أن يستديرَ بأكمله، حينها أسدل بدر أجفانه وزفَر، تنفّس بإرهاقٍ وهو يخفضُ مسدسهُ ويلفظَ بنبرةٍ مُرهقة : تأخّرتوا.
اقتربَ منه أحدهم وهو يهتفُ بجمود : شفنا سيّارة تميم أول ما وصلنا للفندق عشان كذا ما طلعنا على طول وجلسنا نراقبها لين ما نزل، أول ما جينا بنمسكه ركب بسرعة وهرب عشان كذا تأخّرنا.
بدر بحنق : ما لحقتوه؟
هزّ رأسه بالنفي : مهمتنا نساندك ما نراكض وراه.


،


ظلامُ الغرفـة لازال يُغطي تفاصيلَ العيُونِ عن العيُون، يدها اليُمنى تمتدُّ لتكسرَ جزءً من هذا الظلام بنورِ الأبجورةِ الضئيل، تكره أن تكُون عميـاءَ تحتَ الإبصـار، أن تكونَ عيناها مغلّفةً بالرُغم من قُدرتها، لازال في صدرها خوفٌ لم ينخفض وطأته، تخشى الكذب! تخشى أن ينكسِر الحلمُ حين جاءَ تحقيقه، لم تكفِها الكلمات التي قالها بأن " خذي الكلمة من عيني! "، لا تكفيها تلكَ الجملة عن السنينِ أبدًا، إن لم تلتقطها من شفتيه فما الذي يجعلها تقتنع وهي التي خسِرَت قدرتها على سماعِ نطقِ العيُون؟ . . ارتفعَت عيناها إليه بتوهَانِها في متاهةِ خشيتِها، شفتيها تنفرجَان قليلًا، يتكئُ بظهرهِ على الوساداتِ ووجنتها تستمدُّ الدفء من صدرِه. نظَر لعينيها وابتسمَ رغمًا عنه، كانت تنظُر لعينيه بتحديقٍ لذا أغمضهما بقوّةٍ ليُمارسَ التلاعبَ معها وبِها، حينها شدّت على أسنانِها بحنقٍ لتضربَ كتفهُ وهي تهتفُ بتوسّل : قول إنّك صادق!
سيف بعبثٍ وهو لازال يُغمض عينيه : إنّك صادق.
ديما بحنق : سييييف!!
قالتها وهي تقرصُ عنقهُ بقوّةٍ كقطّةٍ أشهرت مخالبها في وجهِ من آذاها، ليفتحَ سيف عينيه متفاجئًا وهو يتأوّه وينتزعَ يدها بغضب : كسسسسر !
ديما بغضبٍ والبُكـاءُ يتسللُ إلى صوتها : لقلبك القاسي عساه يبتلي فيني.
صمتَ حينما وهو يتجاهلُ ألم عنقهِ الذي احمرّ، غصّةُ البكاء التي خالجَت صوتها كانت خيْر ملجمٍ له، بينما يدها التي ارتعشَت في يدهِ تُنبئهُ بأنها ستبكي فعلًا، بأنّ دمعها الذي لم يعدْ يُرضيهِ سيسقطُ الآن، سيشقُّ وجنتيها اللتين اعتادتا البُكاء وإن لم يتساقطْ دمعها ستجفُّ كوادٍ هجرهُ المسافرُن ولم يعد يملأهُ سوى الصدى.
وضعَ يدها على خصرهِ وعانقها بذراعيه بقوّة، زفَر وهو يسندُ ذقنهُ على رأسها هامسًا بحنان : والحين ودّك تبكين بعد؟ المشكلة إنّك عارفة نفسك ابتلاء ، وأبشّرك هو والله مبتلي فيك.
ابتلعَت غصّتها ورأسُها يغُوصُ في صدره، كثيرٌ عليها يا الله! كثيرٌ عليها أن تجيء تلكَ الكلمةُ وإن كانت مراوغَة، كيفَ تستقبلها بهدوءٍ والانتظـارُ لثلاثِ سنين صاخب؟ كيف تستقبلها بابتسامةٍ والبُكاء لثلاثِ سنينَ لم يُفارق محاجرها! كيفَ لا تستقبلها ببكاء؟ كيف ذلك وهي التي التصقَت بالدموعِ في كلِّ لحظةٍ منه وأصبحَت عادتها البُكاء على أطلالِ حبها ولم تزل الأطلالُ على هذا - الحب - الآن! اقترنَ حبي بالبُكاء يا سيف، اقترنَ بهِ ليجيء اثنينِ في لحظةٍ كهذهِ لا أكاد أستوعبها، لا أكاد أصدّقها.
ارتفعَت شهقاتُها فعلًا، سقطَت دمُوعها بصخبٍ كانتظـارها، وجدَت البُكاء منفذًا ككلِ مرّةٍ يعتلي فيها شعورُ الحب في صدرها، ليسَت السلبياتُ وحدها ما تُبكِي، لكم انتظرتها! لكم انتظرتُ فرحةً تجيءُ بدمعي وظنتت أنها لن تجيء، ظننتها لن تجيء يا سيف! معاذ الله ما فعلته بي تلكَ السنين؟ كيفَ صنعتَ منّي هذهِ التي استقبلت ما انتظرتهُ ببكاء؟ كيف إذن لو نطقتها؟ أخافُ أن تميتَ قلبي بسهامِ اللحظـات التي طلبتها منكَ وكابرت، أخاف - أحبّك - كما شغفتُ بها ولازلت.
أحاطتْ خصرهُ بذراعيها بقوّةٍ وهي تمرّغُ وجهها بصدرهِ الذي اضطرب، ملامحهُ أجفلت للحظاتٍ من بكائها الذي تحوّل مباشرةً لنحيبٍ وكأنّ انتظـارها ماتَ عندما اعتلَت امنيتها وتحققت . . عضّ شفتهُ السُفلى وشدّها إليهِ بقوّة، قبّل رأسها وشفاههُ تُوخَز بخصلاتِها التي تناثَرت حولها كهالةٍ من الإغراءِ الذي يدفعهُ دائمًا لدفنِ وجههِ في شعرها، همسَ لها بخفوتٍ يرتّل بشفتيه حنانًا ساخرًا لا ينسلخُ عن نبرتِه : بُكاء؟ أنتِ بتجننيني يا ديما والا كيف؟ * بمداعبة * دموع الفرحة نقُول؟ وتبيني أنطقها بعد؟ والله ان تموتين عليْ.
ديما ببكاءٍ والشهقاتُ تُبعد كل كلمةٍ عن أختها : انتظرتها يا سيف ، انتظرتها بعدد كل لحظـة بكيت فيها بسببك . . دخيل ربّك لا تبخل علي بلسانك وقولها!! قولي أحبّك وذوّب كل ملح مازال للحين على وجهي وما راح! طهّرني من ملوحة أحزاني.
لاح طيفُ ابتسامةٍ على شفاهه، أغمضَ عينيه وردّةُ فعلها هذهِ جاءت شاطرةً لكلِّ كبرياءٍ اعتلا صدره، ردّة فعلها غسَلت قلبهُ بماءٍ سلخَ كلَّ ترسّباتِ الخشيَةِ التي كانت تغطّي عينيه أولًا وأخيرًا، تصدّهُ عن بثِّ حبّه لها في قبلةٍ تقضمُ كل لحظةٍ سيئةٍ بينهما، هتفَ بتلاعب : تبيني أطهّرك مني؟
ديما برجاءٍ وهي تشدُّ ذراعيها حول خصره : لمرّة وحدة كون فرحة لا تكُون أحزان، كون دواء لا تكون جراح!!
سيف يضحك : الله أكبر على الجمع اللي جاء في غير الفرحة والدواء!
رفعَت رأسها لتنظُر بعينيها الدامعتين إلى عينيه التي تبتسمُ لها بمشاعرَ لم تكُن تراها قبلًا، لم تكُن تقرأها، هل هي أميّةٌ في العيُون؟ أم أنه هو الذي طوى صفحةَ مشاعرهِ هذه بصفحاتٍ من الجفـاء؟ كنتَ بارعًا، بارعًا جدًا في تطويقِ هذا الحُب، بارعًا جدًا في إيلامي كما أنت بارعٌ الآن في جعلي لا أصدّق واقعي، في جعلي أكذّب كل ما أسمع.
ديما بنبرةٍ تطرقُ مساميرَ الأوجـاعِ على جدارِ الخاصـرة : بتحلف إنّك فرحتني من قبل؟ بتقول يوم زواجنا مثلًا!! هذي ما تُحتسب ، أنت أساسًا حتى بعد ما ظاهرتني ما بيّنت لي إنّك قاعد تكفّر عن الظهـار وهذا أكبر دليل إنك ما تبيني أفرح بلهفتك لقربي وتفكيرك فيني، ما تبيني أفرح أقل شيء بإنّي أنثى أحركك كرجل!!
سيف ومزاجه يتعكّر تلقائيًا حين تذكر ظهارهُ لها، لفظ بسخرية : الله يا أم دليل! ولا شارلوك هولمز حتى!!
ديما بغصّةٍ تتجرّعها من نبرتِه الساخـرةِ في لحظةٍ ترجو منه الكثير، تتأمّل منهُ ريحًا تحرّكُ شراعها النائِمَ نحوَ ميناءِ الخلاص : وتتمصخر علي بعد!
سيف : يا لييييل بدت حنّت الحريم! هذول أنتو إذا تطمنتوا إن رجاجيلكم يحبكونكم تبدون سمفونيتكم اللي ما تخلص.
ديما برجاء : طيب قولها وريّح عرشك اللي بين ضلوعي.
سيف باستفزاز : أيه عرشي ، وبخليه كذا ملتاع ولا بياخذها مني.
صرخَت بقهرٍ وهي تبتعدُ عنه : بشوف فيك يوم يا مغرووور بشوف فيك يوووم.
ضحكَ بقوّةٍ لم يستطِع كبحها وهو يراها تتحرّك لتبتعدَ عن السرير، مدَّ يدهُ ليُمسك ذراعها قبل أن تبتعد ومن ثمّ جذبها إليه لتسقطَ على المفرشِ السُكري بثقلِ قهرها الذي لم ينضب حتى بعد اعترافه، ذاكَ الاعتراف الذي ظنّت أن الأحزان من بعدهِ " دلع "!!!
سيف يُثبّت كتفيها وهو يجلسُ على ركبتيه خلفَ رأسها، أحنى رأسهُ قليلًا إلى وجهها وهو يبتسم ابتسامةً تدركَ تلاعبها الشيطانيَّ بها، لازال يستمتعُ باستفزازها! حتى بعد كلِّ أحزانها وآلآمها منه لازال يحبُّ قهرها وغضبها.
شعرَت بهِ يداعبُ أنفها بأنفه، شفاههُ تلامسُ ما بينَ حاجبيها وأنفاسهُ تلهبُ بشرتها الناعمـة. همسَ بابتسامة : ابن آدم ما يملي عينه الا التراب! يعني ثلاث سنين منتظرة هالمشاعر ويوم جتك بتركبين على رحلة انتظـار الكلمة؟ ، بستلعن وما بخليها تجيك! عشان كذا صيري قنوعة.
ديما بغيظ : القناعة عندَك قلّة حيلة.
سيف باستفزاز قبلَ أن يقبّل العقدة التي بينَ حاجبيها : الرِيح تتحكّم بالسحاب، عمر السحاب ما وقّف فوقنا لأنه بغى هالشيء.
ديما بمجاراةٍ تبتسمُ بمكرٍ غاضبْ : هالسحاب تجبر الكل يستقبلها فاتح يدينه ويبتسم.
ضحكَ بصخبٍ وهو يبتعدُ عنها : مين المغرور الحين؟
نهضَت وهي تنظُر إليه بابتسامةٍ حانقة : اوووه كنت تقصدني بالسحاب؟ يعني أنت الريح!!! عوذة حتى في تشبيهات متملّك.
ضحكَ وهو يراها تبتعدُ وقد نوَت أن تخرجَ من الغرفة : على فكرة تراني أنبسط فيها بعد . . . طيب وين رايحة الحين؟ شايفة إنّك كذّابة يوم تقولين أبي حبّك بس؟ هذا أنتِ قالبة علي.
تجاهلتهُ وهي تخرجُ وتطبقُ البـابَ من خلفها بقوّة.

يُتبــع ..

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 17-12-15, 05:26 PM   المشاركة رقم: 612
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 


توقّفت السيـارة أمامَ منزلهم ومقرُّ الحيـاةِ العُظمى التي كانت في طيلةِ مسيرتها في هذه الدنيـا الرماديـة، ستقسُم ثلاثًا وألفًا بأنّ لا حيـاة ستجيءُ لتتجاوزَ حياتها التي كانت في ذاك البيت، لا حياة ستجيءُ لتجعل السابقة أصغر، لطالما يكُون الإنسانُ طفلًا سعيدًا حين يكُون بين والديه، وتلك السعادةُ لا تتكرر مهما حدث، لا تتكرر إطلاقًا أو تُهزم بأخرى.
استدَارت إلى فواز الذي فتحَ البابَ وهو يأمرها بجمود : انزلي.
ارتعشَت شفاهها بهوَان، كم مرةً ردّدت على مسامعه " ما ودي "؟ لمَ لا يُريد فهمها؟ لمَ الكلُّ يهوى القيـام بما لا يُرضيها؟ هو يُدرك أنها ستتصرّف بطريقةٍ ستؤذي والدها حين تراه، بالرغم من كلِّ شوقها وحاجتها إليه، بالرغم من ظمأِ عينيها لرؤيته، يُدرك أنّ انفعالها سيء! أنها لا تنسى بسهولة!! وبالرغم من كلِّ ذلك يفرضُ ما يُريد ويرغمها على ما يؤلمها ووالدها أيضًا . . وكأنّ جسدها التصقَ بغراءٍ بالمقعد، لم تنزِل كما أمرها، لم تنزِل هربًا من مأسآةٍ قد تحدثُ الآن مع والدها وهي التي مهما ابتعدَت لا تتعمّد إيلامه! لا تتعمّد أبدًا.
كان فواز قد أخذ حقيبةَ ملابسها من الخلفِ ومن ثمَّ تحرّك ناظرًا جهةَ بابها ظنًا منهُ أنّها نزلت، عقدَ حاجبيه حينَ لم يرها، زفَر بقلّة صبرٍ وهو يضع الحقيبةَ أرضًا ويتّجه إلى بابها حتى وصلَ إليهِ ليفتحَهُ بحدّة، استدارت تنظُر إليه وهي تُبلل شفتيها بتوترٍ وعيناها تحمرّان بملوحةِ دمعها الذي يستعدُّ للسقـوط، لفظَ بنبرةٍ حازمة : جيهان يلا انزلي.
جيهان تزدردُ ريقها وعيناها تنظُرانِ إليهِ باحمرارٍ راجِي من بينِ فتحةِ نقابها، ترجُوه ألّا يفعلَ بها هذا، ستتجاهلُ إخراجهُ لها من بيتهِ مرغمةً وكأنّ لا قيمةَ لها لديه، ستتجاهلُ كلَّ شيءٍ وتنساه فقط لا يفعلُ بها هذا!! ، هيَ نادمةٌ على اندفاعها يومذاك لتذهبَ معه للمطـار، ولا تريد تكرار مافعلته بعد ان ولّدت جرحًا وانكسارًا في حدقتيْ والدِها.
هزّت رأسها بالنفيِ وهي تتمسّك بالمقعدِ وتغرسُ أظافرها دونَ شعور، حينها زفرَ بنفادِ بصبرٍ وهو يمدُّ يدهُ ويقبضُ على زندها لافظًا بنبرةٍ جامدة : لا تجبريني أعاملك بشكل غلط ! انزلي برضاك لأني ماراح أتراجع.
تراجعَت للخلفِ وحاولَت مقاومةَ يدهِ ودمعةٌ تنتفضُ بين أهدابها، عضّت شفتها حينَ شعرت به يسحبها بقوّته التي كانت تتجاوزها بأضعافٍ بل إن مقاومتها كانت معدومةً لديه.
لفظَت ببحّةٍ راجيـة : بوجعه يا فوّاز! غلط اللي تسويه والله غلط!!
فواز بجمودٍ وهو يتجاهلُ نبرتها التي بحّت بحزنها : أنا عارف وش اللي أسويه ، ما بتركك على هواك لين تموتين أو يموت هوَّ وأنتم بهالشكل.
صمتت باستسلامٍ وهي تتركُ لدموعها السقُوطَ بهدوءٍ على وجنتيها، تحرّك بعد أن أغلق البـاب، كانَ لا يزالُ يفترسُ بكفّه زندها ويحرّكها معهُ رغمًا عنها حتى وصلَ إلى الحقيبة المرميّة أرضًا وحملها ليُكملا طريقهما باتّجاهِ بابِ المنزل . . . هاهي بدأتْ تتخيّل اللقـاء الثانِي بعد ذاك، ارتعشَت شفاهها وأغمضَت عينيها بقوّة، إن كانت تلكَ المرّة ذهبَت إليهم بحماسٍ وخذلت نفسها قبل أن تخذله فهي الآن متأكّدةً بأنها ستؤذيهِ أضعافًا، ستُحزنهُ أضعافًا، ستزيد من عمق الإنكسـار في عينيه، كيفَ تُرضيها تلكَ النظرة؟ هي واللهِ لا ترضيها، لا ترضيها أبدًا!! لكنّ كلَّ شيءٍ تقُومُ بهِ لا يكُون بإرادتها، هي مسيّرة، مسيّرةٌ مهما أرادت أن تكُون مخيّرة، مسيّرةٌ في دربِ الجفـاء، نحوَه هوَ، نحوَه هو يا الله ليكُون محطّتها التي ستستقبل أكبرَ قدرٍ من الجفاء الذي حملته معها في مسيرتها.
وقفـا أمـام الباب، وبدأَ صدرها يئنُّ باعتراض، دموعها سقطَت هذهِ المرّة أكثر وهي تدرك بأن دمعها وحدهُ كافٍ ليكسرهُ حينَ يراها، ليُدرك فقطْ أنهـا مُرغمـة.

في الداخِل.
كانت تحضّر الشاي والقهوةَ في المطبـخ ووالدها يجلسُ في المجلس مع ياسِر، سمعَت صوتَ الجرسِ يتصاعـد، حينها جفّفت يدها بالمنشفةِ وتحرّكت خارجةً من المطبخِ لترى ليـان تركضُ نحو الباب، شهقَت ضاحكةً وهي تلفظُ بتهديد : يا ويلك تفتحين اسألي أول مين لا يكون رجّال وتفضحينا.
وصَلت ليـان للباب وتجاهلت ما قالته إذا فتحتهُ مباشرة، كانَ في وجهها مباشرةً فواز الذي ما إن رآها حتى تراجعَ بحرجٍ مُشتتًا عينيه وتلكَ الصغيرة شهقَت بفرحٍ لرؤيته : فـــوّازي.
تراجعَت أرجوان بإحراجٍ بينما خرجَت ليان خلفهُ بعد أن توارى خلفَ الباب، في حينِ كانت جيهان تقفُ على يُمناهُ ولم تكُن واضحةً لعيني أرجـوان، لم تتحرّك أو تتجرأ للدخـول، كان فوّاز هو من يحرّكها بيدِه وهي التي ليسَ لديها القدرة على التحرّك نحوَ منزلهم بإرادتها.
لا تُنكرُ أنّها اشتاقته! بل تكاد تغرقُ بشوقها إن لم تكُن غرقَت، لازالت رائحةُ الحيـاة الجميلة تفُوح أمام الباب الذي صدأ بالبُعد، لازالت رائحةُ قهوةِ أمّها تفُوح من المطبخِ بقوّةٍ لم تتراجع حتى أنّها وصلَتها، لازالت رائحة العُود في ثيابِ والدها تعطِّر المنزلَ والضحكـات لا تتلاشى، ركضُ ليـان في المنزل وصوتُ القرآنِ الصاخِب من الراديو في المطبَخ.
حملَ فوّاز ليان وهو يقبّل وجنتيها الممتلئـة ويعبث بشعرها الكثيف والمشابه في كثافته ونعومته لشعر جيهان، الفرقُ كان في قصرهِ فقط، حتى لونهُ يكاد يكُون مطابقًا للونِ شعرها الذي يفتنهُ ويجعلهُ يتمنى الغرقَ فيها دونَ نجـاة.
همسَ بصوتٍ حنون : لياني يا شقيّة لا عاد تفتحين الباب كذا من غير لا تسألين عن اللي يدق!
ليان تهزُّ رأسها بالإيجابِ قبل أن تنظرَ لجيهان وتشهق : جيــــجـــــي.
أنزلها فوّاز لتتشبّث بها وهي تهتفُ بحماسٍ طفولي : أخيرًا جيتِ!! قالت لي أرجواني إنّك بتجين لأنّي زعلت لمّا خليتينا . . أيه وقالت بعد إنَّ ماما بتجي بس تأخّرت.
قوّست جيهان شفتيها بألمٍ وهي ترى بريقَ الحماسِ في عينيها، تُدركُ جيدًا كما تدرك أرجوان أنّ من الخطـأِ أن يخدعوها بهذهِ الأكاذيب، لكنّ أرجـوان لا قدرة لها على غيرِ ذلك، تُدرك أنّها لا تمتلكُ القوّة الكافيـة حتى تُخبرها بطريقةٍ لطيفةٍ أنّها " ذهبت إلى الربْ ".
نظَرت إلى فوّاز بحُزنٍ وهو زفَر، بلل شفتيه بلسانه قبل أن ينطقَ بخفوت : غلطانين لما تصرفونها بهالشكل!
جيهان ببحّة بكاء : وش تبينا نسوّي إذا احنا نحتاج اللي يكذب علينا؟
فواز يمسحَ على وجههِ بكفّه ويتنفّس بعمق : خلّوها علي . . الحين ودّي أدخل لعمي يوسف شوي عطيني طريق.
نظَرت لهُ جيهان بصمتٍ دون أن تتحرّك ليرفعَ إحدى حاجبيه : ليه ماهو بيتك؟ ترى ماقد جاء حفل زواجنا ذا فللحين أنتِ من أفراد هالبيت.
زمّت شفتيها باستسلامٍ وتحرّكت لتدخَل، أغمضَت عينيها بقوّةٍ ما إن لفحتها رائحة قهوةِ الماضي، صوتُ والدها الضاحكِ في غرفةِ الجلوس بينما نبرةُ أمها الحنونِ تصلُ إليها بقوّةٍ وكأنّها متواجدةٌ فعلًا " افتحوا لها طيور الجنّة جننتنا فيها!! "، ليأتي صوتها هي ضاحكةً وهي تلفظُ بسخرية " أطفال هالجيل مدري شفيهم طايحين على هالقنـاة، يمه يقولون تجيب توحّد أنصحك تحرمين ليان منها "، ليجيء هذهِ المرة صوت يُوسف المعارضُ لافظًا بحزم " كذب ، ما عليكم افتحوها لها خلّها تشوف اللي تحبه مو أنتِ وهيَ اللي طايحين لي على هالتُركي والمكسيكي " . . ذلكَ الموقف يُعيد نفسه الآن، تكادُ تكون تسمعهم فعلًا، تسمعُ تهكّماتها على والديها ومشاكساتها لليان حتى تبكي، ترى أرجوان الجالسة في أريكةٍ منفردة واضعةً ساقًا على أخرى وبينَ يدها كتابٌ تقرأهُ بينما تتأفأفُ كل ثانيتينِ لإزعاجهم لتهتفَ هيَ رافعةً حاجبيها " وش عندها ست الحسن والدلال تنافخ؟ روحي غرفتك إذا ما عحبك ازعاجنا "، لتنظُر لها رافعةً إحدى حاجبيها الرفيعين وتهتفَ بحنق " أمي تقول جلسات العائلة محد يطنّشها يعني غصب عنك لو تكونين بعد في فراش الموت تجلسين ".
والكثير! الكثيرُ جدًا مما لم تكُن بحاجةٍ له ليأتيها الآن في هذهِ اللحظـة التي تقفُ فيها كالصنمِ وقد تجمّدت حواسها أمام صورِهم في كلِّ زاويـةٍ من المنزل، أمام تلكَ الرائحة المختلطةِ بالقهوةِ العربية ورائحة العودِ من والدها والعطُور الفرنسية من أمها! كيفَ يجيءُ هذا المزيج بهذا الشكل في صورةٍ وهمية؟ في ذاكرةٍ فقط ليُصبحَ كالحقيقة، إنها فعلًا تراهم، فعلًا تشتمُّ رائحتهم، إنها فعلًا تعيشُ بينهم الآن وتضحك ملءَ ثغرِها وكلُّ الأحزانِ كانت بينهم عابرة، عابرة! ليست كالآن وجدتها محطّةً ستطُول في المكوثِ فيها إن لم تكُن ستبقى دائمًا.
أيقضتها كفُّ ليان التي سحبَت عباءتها لتنتبهَ للحاضِر من ذكرياتِها وترفعَ نقابها حتى تمسحَ أنفها لافظةً ببحّة : ادخل ، مافيه أحـد.
دخَل فوّاز ليلفظَ من خلفها بجمود : وصّليني بعد للمجلس ونادي عمّي يوسف.
عضّت شفتها بحنقٍ وهي تمشي من أمامهِ إلى المجلس حتى وقفَت أمـام الباب الذي جاءهم من خلفهِ صوتُ يوسف وياسر، ازدردَت ريقها بوجعٍ ما إن سمعَت صوته وحمدَت الله أنّها لن تضطرَ لمواجهته، ستذهبُ الآن لغرفتها وتقفل على نفسها الباب وستهرب! ستهربُ بملءِ ما تستطيع.
نظَرت لفواز بوهنٍ وهي تمسحُ وجنتيها من دموعها التي تكاد تجف وتترسب فوق بشرتها : هذاه موجود ، ادخل.
نظَر فوّاز لوجهها بتمعّنٍ وصمت، سكَن للحظـاتٍ بنظراته الموجّهةِ نحوها بينما كانت هي قد تحاشَت ملامحه لتنظرَ لكفيها اللتين تتشابكانِ بضعف، الآن ستبتعد! بعد أشهرٍ من اقترابِها منه، بعد أشهرٍ كانا فيها يتشاركانِ الطعـامَ والمنام وحتى الهواء! هل ما يفعلهُ صحيح! هل البُعد بينهما فكرةٌ حكيمةٌ منه؟ كيفَ قد يحتمل غيابَ أيـامٍ بعد أن اعتـاد رائحتها في المكان الذي يتواجدُ فيه؟ كيفَ يتأقلمُ معَ حالٍ قاسٍ بعد أن بسطَت لهُ الدنيـا من الجمالِ بساطًا لا أثمنَ منه ولا أحلى!!
انقبضَ فكّه وهو يتأمّل ملامحها التي تحمرُّ حينَ بُكائها، نظَر لليان التي كانت تقفُ معهم ليبتسمَ ويهمسَ برقّة : لياني روحي لأختك وعلميها إن جيجي جات ، بتلحقك بعد شوي.
أومأت ليـان بحماسٍ لتبتعدَ عنهم راكضةً نحوَ المطبخ، حينها نظَر فوّاز إليها وابتسامتهُ تلتوِي لتُصبحَ طيفًا يكادُ لا يُرى من شفافيتها : خلاص! ما عاد بعطّر صباحِي بريحتِك؟
شتت عينيها عنه وهي تعضُّ شفتها وتفرك كفيها بقوّة، ابتلعَت ريقها بصعوبةٍ لتهمسَ بخذلانٍ دونَ أن تنظُر إليه : أنت اللي استخدمْت عطر البُعد ذا ، ترى ريحته ثقيلة يا فوّاز قادرة تطغى علي!!
مدَّ فوّاز كفهُ ليضعها على وجنتها ويهمس : كم يوم بس! وبعدها بتجيني بريحة تغلبْ كل عطر ثاني ، بتجيني عروس عطرها البيـاض والشُوق !
ارتعشَت شفاهها باضطرابٍ وانسدلَت أجفانها على عينيها البُنيّتين بضعفْ، شعرت باقترابِ ملامحهِ من ملامحها حتى أحرقَ بشرتها البيضاء بأنفاسِه الساخنـة، عانقَ وجنتها اليُسرى بقبلةٍ عميقةٍ وهو يُحيطُ خصرها برفقٍ ويطبعُ حُبّــهُ على جلدها ليلتهبَ بقوّته، ليذُوبَ قلبها أسفلَ حرارةِ شفاههِ التي تستطيعُ ملامسةَ كلَّ كلمةٍ فيها يوجّهها الآن إليها، ملامسة " أحبّك وبشتاق لك، بشُوفك في كلْ مكان بغرفتي وبتخيّل مخدتي شعرك! " . . ابتعدَ عنها وهو يبلل شفتيه ويهمس ببحّة : عيُوني بتفقد نظرها وتصير عمياء لين ترجعِين يا نظرها !
صدّت بوجهها عنهُ وهي تُحارب الأمواجَ التي تثورُ في صدرها، الغصّات التي تتمثّل في أحرفها وتقاتلُ لتحشرَ صوتها خلفَ حنجرتها، تنحنحَت بخفوتٍ لتنظُرَ لعينيه بعتابٍ هادئٍ وهي تهمس : تزعّلني وتراضيني ببوسة؟
فواز يبتسم : تدرين إنّك أكبر من بوسة.
جيهان بخفوت : أخاف تكون غلطان باللي تسويه.
فوّاز يتنهّد : ماني غلطان، متأكّد ماني غلطان . . * تحرّك باتّجاهِ البابِ وهو يُشيحُ بنظراتهِ عنها مُردفًا * روحي يا جيهان، روحي والله يمد هالأيام بـ سُرعة تخليها تطير بلمح البصر.

في المطبخ.
كانت قد أضافت عدد الفناجين بعد رؤيتها لفوّاز وجهّزت الصينية على الطـاولة بانتظارِ أن يجيءَ والدها ويأخذها، دخَلت ليان مسرعةً لتقفَ بجانبها وهي تلفظُ بأنفاسٍ مجهدَة : جيجي جات جيجي جات.
نظَرت إليها عاقدةً حاجبيها دونَ استيعابٍ لتهتف : وشو؟!
ليان بفرَح : جيحي جات مع فوازي.
رمَشت للحظـاتٍ بصمتٍ ودونَ أن تلملمَ في عقلها معنى " جيجي "، هل تقصدُ جيهان أمْ هي مُخطئة؟ لحظـة .. جيهان!! . . شهقَت متفاجئةً وهي تنظُر لليـان وتلفظُ ببهوت : جيهان؟!!
ليان تهزُّ رأسها بالإيجـاب : أي ، فوازي قال بتلحقني الحين.
نظَرت للفراغِ بصمتٍ متفاجئ، جيهان جاءت، ما معنى هذا؟ هل جاءت برضاها أم أنّ فواز من أرغمها؟ . . تُدرك أختها جيدًا وتحفظها عن ظهرِ قلب، تدركها حدَّ أنها تعلم أنها لم تكُن لتجيء، لا لا ما الذي فعلته يا فواز؟ ليسَ الآن! ليسَ الآن ووالدها لم يتجاوزْ بعدُ ذاكَ اللقـاء، لم يتجاوزْ بعدُ ذاك الانكسـار ولم يكُن ليتجاوزه أصلًا! . . أغمضَت عينيها بوهَنٍ وهي تشعُر أنّ القلقَ بدأ ينتابها، تتخيّل اللحظـة التي يلتقي فيها والدها مع جيهان مرةً أخرى .. انكسارٌ آخر، خيبةٌ أخرى بعدَ صدٍ آخر.
فتحَت عينيها فجأةً حينَ دخلَ يُوسف وهو يلفظُ بعجلة : احسبي حساب ولد عمّك توه جاء واستعجلي شوي.
نظَرت لهُ ببهوتٍ لتقرأ في ملامحهِ جهلهُ بعدم مجيئها، يبدو أنّ فواز لم يُخبرهُ بعد.
أفرجَت بين شفاهها لتتحدّث وتخبره بأنّها تعلم بمجيئه والصينية جاهزة، لم تكُن لتستعجلَ وتخبره وهي بذاتها لم تستوعب بعد، لكنّ ليـان قفزَت إليه لتسبقها في الحديث، لتسبقها بما لم تكُن تريد قوله لهُ في هذهِ الثواني وقبل أن تلملمَ أفكارها : بابا جيجي جات مع فوّازي.


،


كانت ساكنـةً كسكُون الليلِ الذي ألقى بنفسهِ عليها، تنظُر لهما وقد انسجمتا بالحديثِ بينما هي صامتةٌ تمامًا ولا تشاركهما سوى بإيماءةٍ أو ابتسامةٍ متوتّرة، تنظُر لساعتها في كلِّ حِين، وكأنّها تخشى تأخيرًا هُنا في مكانٍ لم تتقبّله وهي لم تجئهُ من قبل والآن خائفةٌ من المكُوثِ فيه.
نظَرت إليها سارة وابتسمَت : وأنتِ غيداء تحبينهم والا مثل صاحبتك ذي؟
ابتسمَت بحيرةٍ متوترة : وشو؟؟!
غزل : البنت مضيّعة ماهي ويّانا ، تقصد تحبين الكوريين هذول؟
غيداء بفتور : آها الكوريين ، أيه أحبهم مرررة.
سارة بحماس : يا حلوك منتِ مثل هاللي ما عندها ذُوق تقول عنهم طاوَة بيضاء مخدوشة بخطّين يعني إنّه عيُونهم.
رفعَت حاجبيها وفغَرت فمها بتعجبٍ من التشبيه، وسرعان ما غرقَت في ضحكةٍ لم تستطِع كبحها وهي تضربُ غزل على كتفِها : احترمي نفسك يا المعفنة والله ما تجين ربعهم يمه وش زينهم بس!!
غزل بتكشيرة : ما أجي ربعهم؟ لا كذا تو متش صراحة.
غيداء بضحكة : البياض نصَّ الجمال والشعر النص الثاني وشوفي الأنصاف تجمّعت عندهم يعني الجمال كلّه.
غزل وصلَت إلى آخر مراحل الهدوء، لفظَت بانفعال : يييييع يييع يخسي هالجمال وش جماله لا تجلطيني بعد!! الشعر ولزقة دور واحد على راسهم والبياض ما قلنا عنّه شيء بس ما يجي شيء عند السمار.
ضحكَت غيداء بمتعة وهي ترى الآنفعالَ يتراقصُ على عيني غزل، حرّكت حاجبيها بمشاكسةٍ وهي التي تناسَت سارة وتصرّفت بسجيّتها : يعني إنّك تبين تمدحين نفسك بس؟ كذا أوڤر صراحة وعلى فكرة السمار ما يصير جذّاب إلا إذا كانت الملامح تسوى.
غزل ترفعُ إحدى حاجبيها : يعني ملامحي ما تسوى؟
غيداء : هههههههههههههههههههههه تثبتين إنّك تقصدين نفسك بالحكِي؟
غزل : مثل ما تقصديني بحكيك طبعًا.
سـارة بابتسامةٍ رقيقة تُقاطعهما وعيناها معلّقتـانِ بغيداء : طالعة مثلي تحبينهم ، أي فرقة؟
نظرت إليها غيداء بصمتٍ وقد تلاشَت ضحكتها، نظراتُها المعلّقة بها جعلتها تتوتّر، رفعَت يدها لتحكّ عنقها وتجيب بصوتٍ خافتٍ وحدقتيها تتشتتانِ هُنا وهناك : EXO
سارة بحماس : اكسو إم والا كي؟
غيداء : اكسو كي.
سارة : اللــّٰه مثلي!! مين المفضّل عندك قولي سيهون!!
ابتسمَت غيداء بحرجٍ من توافقهما في شيءٍ ما، ما الذي اعتقدته مثلًا؟ أنّ فتاةً تُخالفها في عمرها وشخصيتها ستكُون مختلفةً عنها في كلِّ شيءٍ ولن تتشاركا صفةً أو ميولًا مـا؟ ، لفظَت بعد أن بللت شفتيها بلسانها : لا هالمرة ماهو مثلك ، يعجبني تشانيُول.
سارة بإحبـاط : اوووه للأسف يعني.
غزل بتذمّر : الله يخلف صدق مراهقات مدري وش اللي مخلي بنات هالجيل طايحين على هالكوريين.
سارة بابتسامةٍ وهي تنظُر لغزل : ملينا من السعاودة على قولة أخواننا المصريين.
غيداء بضحكة : والخلايجة عمومًا.
لم تشعُر بنفسها وهي تنسجِمُ مع سارة في أحـاديثَ عن ما تُحب وتكره، وجدَت كثيرًا من التوافقِ في ميولهما، في تفكيرهما، لم يكُن كثيرًا جدًا لكنهُ كان كافٍ ليجعلها تنجذبُ للحديثِ معها وتُسدلَ الستـار عن كلِّ التوترِ والخوفِ الذي كـان يُغلّفُها قبل أن تجيء . . وجدتها مختلفة! وسكنها العتـابُ من نفسها قبل عنـاد أنّها ظنّت بها سوءً!!


،


لا تدرِي ما الذي قرأتهُ في هذهِ اللحظـات، ما الذي استنبطتهُ من ملامحِه التي تجمّدت أمامـها دونَ ذوبـانيّةٍ تُخبرها بسلاسةِ مشاعِرهِ بعدَ ما قالتهُ ليـان، بقيَت ملامحهُ ساكنةً وعيناهُ تتوهـان في محاولةِ استيعابِ ما قالته تلك الطفـلة، مرّت خمسُ ثوانٍ قبل أن يعقدَ حاجبيه ويُفرج شفاهه بشكلٍ يكادُ لا يُلحظُ كردّةِ فعلهِ تجاه ما سمع.
لفظَ دونَ تصديقٍ وهو يوجّه نظراته لأرجـوان : أختك جات؟
توتّر فكّها في انقباضةٍ سريعةٍ وهي تشتت أحداقها بربكَة، هزّت رأسها بالإيجاب دونَ أن تنظُر لملامحه وردّة فعلِ عينـاه التي تجزمُ بأنّها التمعَت بشوقهِ الأبويِّ لهـا، بزغَ نُور الشوقِ من بين الشرخِ الذي خَلّفهُ انكسـارهُ الأعوَج.
بلل شفتيه قبل أن يهمسَ بتساؤلٍ مشتـاقٍ لطفلته وهو لا يكـادُ يستوعب أنّها جاءت إلى هُنا، ما معنى ذلك؟!! : ووينها؟
أرجوان تهزُّ كتفها علامةَ الجهلِ وهي تبتعدُ عن ممارسة لغةٍ غيرَ الجسدِ فصوتُها تشعر أنّهُ يخُونها ببحّتهِ المتحشرجة لتلكَ النبرةِ المتلهفةِ في صوتِه.
ليان بمداخلة : كانت مع فوازي قالت بتلحقني ، بس ما لحقتني للحين!!
قطّب يُوسف جبينه باستغرابٍ وهو الذي منذ خرجَ من المجلسِ لم يرَها، تحرّك باتّجـاهِ الطاولـةِ ليأخذ الصينيّةَ ويتحرّك باتّجـاه البابِ حتى يخرج للمجلسِ وينظرَ في ذات الوقت من جديدٍ إن كانت متواجدةً في طريقِه.

جلسَت أرجـوان على الكرسي بعد أن سحبته بوهَن، وضعَت جبينها على الطـاولةِ وهي تدعُو الله في ذاتِها ألا تخذلَهُ جيهان من جديدٍ وبعدد المرات التي لم تُحصِها، ألا تصدَّ شوقهُ إليها مرّةً أخـرى، يكفيهِ حُزنًا وضياعًا!! يكفيــه.
مرّت دقائقُ قصيرةً قبل أن ترفعَ رأسها على صوتِ والدها الذي لفظَ بعجلة : أرجوان شوفي أختك وينها.
عقدَت حاجبيها باستنكارٍ وهي تدسُّ شعرها خلف أذنها : ما لقيتها بطريقك؟
يوسُف يستعدُّ للخروج والعودة للمجلس، هتفَ بنبرةٍ هادئـة : لا.
فغَرت شفتيها واستوعَبت معنى هذا الهـدوءِ في نبرتِه، رمَشت مرارًا بدهشةٍ وهي تنهضُ وتخرجُ من المطبخِ بعجلةٍ لتتّجه لعتبـاتِ الدرجِ ولا معنى لعدمِ رؤيته لها سوى شيءٍ واحـد، أنّها وصَلت بجفافها وجفائها حدَّ أن تهربَ مباشرةً إلى غرفتها ما إن ولجَت لهذا البيت!!!
هروَلت وهي تزمُّ شفتيها، ما معنى ذلك؟ لا شيء سوى أنّها تأكّدت من أن فواز هو من أرغمها لتحضُر، لكنْ لمَ؟ ما السبب؟!! هل بينهما مشكلةٌ عالقة أم أنّه أرادها أن تلتقي بوالدها قسرًا؟!!
وصَلت إلى غرفتها القديمَة التي شكَت من الوحدةِ أشهرًا ولم يملأ فراغ تلك الوحدة سوى نومِ والدها فيها صبـاحًا، تُدرك جيدًا لمَ فعل ذلك، وكم آلمها هربهُ من أشبـاح الذكرياتِ بتلكَ الطريقة، بأنْ يبتعدَ عن كلِّ ما يمدّهُ بسيلِ الذكرى الحـارقة.
مدّت يدها لمقبض البـاب حتى تُديره، حينها صدقَت توقّعاتها وتوقّعات والدها إذ كانت مغلقةً من الداخـل، وهذا يعني أنّها هربَت من لقائهم بتلكَ الطريقةِ الموجعة، بطريقةٍ لا تدلُّ سوى على قسوتها وسذاجـةِ تلك القسوة.
كانت ستطرُق الباب حتى تفتَح، لكنّها تراجعت وملامحها تتقطّب بألـم، لم تكتفِ بعد من كلِّ هذا الصدِّ والوجـع، لم تكتفِ من جرحهِ يا جيهان! يا أوّل فرحتهِ وفتـاته، لمْ يُرضي انكسارَ نظرته يومذاك جفاءكِ هذا ولازالتِ تمارسينه، بكلِّ قسوةٍ تمارسينه! كيفَ تمتلكينَ كل هذا القدرِ من الصدْ؟ باذخـةٌ أنتِ في الشحِّ بقُربٍ يجعلهُ يبتسم، كيف تسهبين في البُعد بهذا الشكل؟ كيف تقوين على ذلك؟


بعدَ نصفِ ساعـة.
كَـان ياسِر قد غادر، بقيَ يُوسف مع فوّاز في المجلس، وقد كان فوّاز ينتظرُ ذهاب ياسِر حتى يُخبرهُ بما استجدَّ بينه وبين جيهان، وضعَ كأس الشـاي وتنحنحَ ناظرًا إليه، كاد يتحدّث إلا أن يُوسف سبقهُ بنبرةٍ هادئـة : وش صايِر بينك وبين جيهان؟
فواز عقدَ حاجبيه دونَ أن يفقدَ ابتسامته، جيد جدًا لقد علمَ بقدُومها، هذا يعني أنّه بالتأكيدِ تقابلَ معها . . توجّس قليلًا من تلكَ المقابلـة، ما الذي فعلته وكيفَ تحدّثت معه؟
بلل شفتيه ونظرَ لهُ بتركيزٍ قبل أن يلفظَ بهدوء : ما صـار بيننا شيء ، بس اتفقنا على إنها تجلس عندك لين حفلة الـزواج مثلها مثل أي عرُوس.
يُوسف بهدوءٍ ظاهري : تكذب عليْ يا فوّاز؟
توتّر رغمًا عنه، هل يعقل أن تكُون أخبرته بأنّه أرغمها؟، اتّسعت ابتسامتهُ بتوترٍ وهو يهتف : ما عـاش من يكذب عليك وش له أكذب بس؟
يُوسف : أجل دامكم متّفقين بتنحاش منّي وما تخليني أشُوفها؟
بهتت نظراتُه قليلًا بدهشـة وصدمة، بينما أردفَ يُوسف بجدّيةٍ معاتبة : هذا هيَ تخبّت أكيد بغرفتها عشان ما تتصادم معاي . . ليه تجبرها إذا هي ما ودها؟
حرّك شفتهُ السُفلى ليتلقّفها بأسنانهِ ويعضّ عليها بينما شدَّ على قبضتيه بحنقٍ من رعونةِ تصرّفها الطفُولي، هل وصَل بها الأمـر للهربِ بتلك الطريقةِ الغبيّة التي تدلُّ على كونِها لا تستطيعُ مواجهةِ أيّ عقبةٍ في حياتِها، تلكَ العقبة التي لم تكُن يومًا سوى - مطبّ - على دربِ حياتها مع والدها، مطبٍّ سقطَت بسببهِ ولم تستطِع النهوضَ حتى الآن . . هي من لا تحاول! من تُقنع نفسها أنّها لن تستطيع تخطّي الفجوةِ التي بينهما وردمها بترابِ حبّها لـه ، هل يتجاهلُ أنّها تشتاقه؟ لكنّ شوقها لمْ يكفِها عن تلكَ الفجوة، لم يكفِها لتنهض.
شتت عينيهِ بغيظٍ وهَوَ يُحرر شفتهُ السفلى من أسنانه، وبنبرةٍ مشدودةِ الأوتـار لفظَ محاولًا إخفـاء غيظهِ منها : معليش عمّي، مو عاجبني الوضع بينكم وغير كذا أنا أبيها تكون مثل أي عروس تطلع لبيت زوجها من بيت أبُوها.
يُوسف بحزم : تبي تقنعني بنظرتَك ذي وهي عاشت ويّاك شهُور؟
فوّاز : ظلمتها بقرارك !!
يُوسف بضيق : أجل أخليها تعيش ويّاي متضايقة طُول يومها.
وقفَ معترضـًا على تفكيرِه الذي يراهُ خاطئًا : بتآكل تراب وتتعوّد أنت أبُوها ومافيه أي حواجز تخلّيها تتعامل بهالطريقة ويّاك، مهما صار كان الحاجز بينكسر! بس أنت خليته يقوى باللي سويته، خليتها تتعوّد على الصد وحتى شوقها لك ما ساعد عشان تتجاوزَه.


يُتبــع ..

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 17-12-15, 05:31 PM   المشاركة رقم: 613
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 


السـاعة الثانية عشرة والنصف بتوقيتِ الرياض.
توقّفت سيارتُه أمام منزلِ والدتِه، كان ساكنًا كسكونِ الأرضِ حتى في وجودِ غابةٍ في وسطِها تحترق بنارٍ لا تهدأ، نارٌ تُطلقُ دخـانَ الاهتزازِ الذي لم يطُل لجسده.
رفعَ هاتفهُ واتّصل بغزل التي لم ترد أولَ مرة، زمَّ شفته محاولًا إسكان هذا الغضبِ الذي يخشى أن يطُولها اليوم، منذ ذلك اليوم وهو لا يطمئن لغضبه هذا، لو كان الأمـر بيدهِ لتركها تنـام عند والدته لكنَّ ذلك صعب، لذا هو مضطرٌ لأن يكُون معها، ومضطرٌ لأن يسيطرَ على نفسه.
اتصل مرةً أخرى وبقيَ الرنينُ يتناغمُ على أذنه حتى صمَت، زفَر وكـاد يرمي هاتفهُ ليدخل إليها ويجرّها جرًا، لكنه تنفّس بانفعالٍ للحظاتٍ يشهقُ بأكسجينِ سيارتِه الملوثِ بزفير غضبه ليزفُر محاولًا تجديدَ هوائه، وأي هواءٍ هذا الذي قد يُجددهُ والأكسجينُ من حولهِ ملوّث؟
اتّصل بها مرةً أخرى وهو ينظُر للطريقِ الخـاوي والليلِ الساكنِ على أرجائه، الرّصيفُ يمتلئُ بالصمت، الهواءُ أيضًا صامِت، لا قدرةَ للهواءِ على الإزعـاج حينما يكُون ساكنًا، هذا الهواءُ لا يصرخُ إلا حينَ ينفعل! حتى الهواءُ يصرخ على - كلِّ - الخلقِ ولا يستثني أحدًا في غضبِه بما أنّهم عاشُوا في المكانِ الذي انفعلَ به، فلمَ أضطرُّ للخرسِ لأجلها؟ هي التي دخَلت حياتِي عنوة، أضطرُّ دائمًا لأكون إنسانًا معطاء، لأنّها فتـاةٌ يجبُ علي أن أضحي بسنةٍ من عُمري حتى لا أجلبَ إليها حديثًا في مجتمعٍ لا يرحم، لأنّها فتاةٌ وأنا الرجُل سأحتملُ مسألةَ هذا الغضبِ ولا أفرّغه أبدًا قُربها، فهيَ فتـاة! حتى وإن لم يكُن غضبي منصبًا عليها سيؤذي طمأنينتها إن فرّغتهُ بأشيائي أنـا. ولأنّها فتـاة، دائمًا ما تحاول أن تثبت أنّها قويةً حتى في اللحظـةِ التي كُنت فيها غاضبًا وواجهتني دونَ أن تحتمي في غرفتها، الخطأُ يومها كان علي! بالتأكيد، لأنني رجلٌ رغمًا عني سأصمت حتى وإن واجهتني بثقةٍ مهزوزة، الخطأُ التصقَ بي ظلمًا حين كدتُ أضربها بينما كانت هي البريئةُ منهُ حينما لم تحتمي بعيدًا عني وهي التي تدرك بأنني كنت يومذاكَ مستفَزًا بشكلٍ كافٍ منها.
بلل شفتيهِ حبنَ وصل إليهِ صوتها الضاحك وهي تحادثُ غيداء : طيب طيب اهجدي خلني أكلم . . . ألو.
سلطان بجمودٍ ودونَ أن يخالجَ صوته أيَّ تعبير : مرة ثانية لا أتّصل عليك أكثر من مرة وما تردين . . . اطلعي أنا برا.
ختمَ كلماتهُ الجامدة بأن أغلقَ ورمى الهاتفَ بجانبه، بينما كانت تلكَ من الجهةِ الأخرى قد تجمّدت دونَ استيعابٍ والهاتفُ لازال على أذنها، عقدَت حاجبيها وهمسَت باستنكار : ألو ، ألو سلطان أنت معي؟؟!!
أخفضَت الهاتفَ دونَ استيعابٍ ومن ثمَّ نظرت لغيداء التي هتفت مستنكرة : وش فيه؟
غزل تنهضُ وهي تحملُ حقيبتها : أخُوك شكله اليوم منفّس حتى ما سلّم ولا شيء.
غيداء بحيرةٍ أمالت رأسها : سلطان؟!
غزل تبتسم : مين أجل عناد المتخلف مثلًا؟!
تجهّمت غيداء : كم مرة أقولك احترمي نفسك؟
غزل تضحكُ برقة : معليش بس أثبت لك والا لا؟
غيداء بالرغم من كونِها رأت صورةً أخرى لسارة بعد جلوسٍ ممتعٍ دامَ لأكثر من ساعتين معها لكنّها لم تكُن لترضى أن يُقال ماهو سيءٌ لأخيها، لفظَت دون مبالاة : امشي بس واذلفي لزوجك الله يعينك دامه معصّب . . بروح أنادي أمي من المطبخ قبل لا تطلعين انتظري.


صعدَت بعدَ وقتٍ وأغلقت الباب خلفها وهي تدقق النظر بملامحه التي كانت تتّجه للأمـام ولم ينظر إليها ولو نظرةً خاطفـة، ازدردَت ريقها ووضعت حقيبتها بجانبها لتهمسَ بعد أن حرّك السيارة : جوالي ما كان عندي وقت اتّصلت عليْ.
هل تُبرر له؟ هل فعلًا فعلتها؟ تُبرر لسلطان!! بللت شفتيها بتوترٍ واستدارت تنظُر للطريقِ بعد صمتهِ وتجاهلهِ لما قالته، عضّت لسانها وهي تشعر بالندم لأنّ أول ما فعلته دونَ تفكيرٍ أن بررت له عدمَ ردِّها عليه بسرعة، ما الذي يفعلهُ بها حتى باتت تُبرر!! شعرت بغيظٍ من تجاهلهِ لكنّه صمتت، تستحق هذا التجاهل بغبائها.
بقيَ يقُود بسكونٍ وصمتٍ مزعجٍ أطبقَ على السيـارة، مرّت دقائقُ قصيرةً قبل أن ينقطعَ هذا الهدوء برنين هاتفه، وجّهت نظراتها نحوَ يده التي حملت الهاتف ومن ثمَّ رفعت عينيها إلى وجههِ لترى عينيه اللتين كانت تنظرانِ للشاشة يقرأ اسم من اتّصل، ومن ثمّ ردْ عليه لافظًا بهدوء : يا هلا بالغالية . . . معليش يمه كنت تعبان ومستعجل ما أمدانِي أدخل . . . افا ليه الزعل؟ . . * ابتسم * يعني يرضيك أنام وأنتِ زعلانة؟ ، خلاص مرة ثانية نسهر عندكم تعبان والله! . . . طيب جعلني فدا خشّتك أنتِ تامرين أمر .. فمان الكريم.
أغلقَ ليضعَ الهاتفَ جانبًا ومن ثمَّ زفَر، مررَ يدهُ على جبينهِ ليخلعَ غترتهُ فجأةً ويرميها للخلفِ بعنف، حينها ارتبكَت كفاها لتفركهما ببعضهما البعض وهي تنظُر لقدمِها بتوتر، ما الذي طرأ على مزاجهِ فجأةً ليُصبِح بهذه الحدّة؟
عمَّ الصمتُ من جديدٍ حتى توقّفت السيارة أمام الفندُق، نزل لتنزل هي في المقابل، كان يعقدُ حاجبيه وشعرهُ مبعثرٌ بفوضويةٍ من تمريرهِ لأنامله بين خصلاتهِ في كلِّ حينٍ وقد كان على شفا حفرةٍ من اقتلاعِ خصلاته خصلةً خصلة.
تركْ " غترته " في سيارتِه دونَ أن يحملها وتحرّكت وهي بجانبهِ حتى وصلوا للطابقِ الذي هم فيه، فتحَ الباب ودخَل لتدخلَ من خلفه، ومن ثمّ اتّجه مباشرةً نحو الأريكةِ ليرمي بجسدهِ عليها جالسًا وهو يرفعُ رأسهُ للأعلى ويسندهُ على ظهرِ الأريكة مُغمضًا عينيه، نظَرت إليهِ عاقدةً حاجبيها بتوجسٍ وهي تغلق الباب، تشعُر بفضولٍ يدفعها لسؤاله عمّا فيهِ الآن، فضولٌ لطالما كان أقوى منها لذا اقتربَت بهدوءٍ لتقفَ أمامهُ وتلفظَ متسائلة : سلطان وش فيك؟
سكَن للحظةٍ دون أن يفتحَ عينيه ويُجيب، ابتعدي يا غزل، ابتعدي! لا أريد أن أؤذيكِ ببرودي وتجاهلي إن لم يكُن بكلماتي.
زمَّ شفتيه وهو يتنفّس بهدوءٍ ظاهريٍ لم يكُن يحتويه داخليًا، لطالما كان يكتم مافي صدره وسيذهبُ ضحيّة هذا الصمتِ يومًا.
حرّك شفاههُ ليلفظَ بصوتٍ مرهقٍ خافت : اتركيني يا غزل ، اتركيني ترى مزاجي في الحضيض وما ودّي أزعلك.
ارتبكَت رغمًا عنها وتراجعت خوفًا من هذا المزاج الذي حذرها منه، بالرغم من أنها شعرت أيضًا بالغضب قليلًا مما قاله لكنّها فضّلت الصمت والتراجع، تحرّكت خطوتين بعد أن استدارت، لكنّه أوقفها هذه المرّة وهو يفتحُ عينيه وينظر إلى ظهرها : مصدّع! ادخلي غرفتي وجيبي لي بنادول من درج الكومدينة، ولا تنسين تجيبين لي مويا بعد.
رفعَت إحدى حاجبيها بتعجبٍ دون أن تستدير، أليسَ هو الذي قال منذُ قليلٍ أن تتركهُ فقط حينما سألته عمّا فيه؟ وهاهو الآن يأمرها بأن تحضر له دواءً وماءً وبأسلوبٍ باردٍ أيضًا.
لوَت فمها بحنقٍ وهي تنتزعُ نقابها وتتحرّك نحوَ غرفتها، اتّجهت للكومدينة لتسحب الدرجَ بعنفٍ وتلتقطَ شريطَ الدواء، عادت لتخرجَ إليه حتى وقفت قرب الطاولة ورمَت الشريطَ عليه ومن ثمّ اتجهت للمطبـخ. تجاهلَ الإنفعال البادي عليها من رميها للشريط، مدَّ يدهُ ليأخذه ومن ثمّ تناولَ قرصًا وعاد ليرميه على الطاولة منتظرًا مجيء الماء، ولم تمرَّ لحظاتٍ حتى عادت وهي تحمل الماء بيدها ليأخذه وهو يرمي الحبة بفمه ويتبع الماءَ من خلفها.
بللت شفتيها وهي تنزعُ " الطرحة " وتخلعُ عباءتها، تحرّكت تنوي الذهاب لغرفتها متجاهلةً ملامحه التي كانت تتقطّب بألمٍ واضح، علّقت عباءتها وهي تزفر، لمَ قد تهتمُّ بهِ أصلًا وهو ما إن يغضب أو ينقلب مزاجه حتى يصبح باردًا وتعامله سيء. جلسَت على السريرِ وهي تعدِّل قميصها الأحمر، وجدَت نفسها تفكّر بملامحهِ المتألّمة من جديدٍ لتزفرَ بحنقٍ وهي تحاول طردها لافظةً بحدة : أنا شدخلني فيه؟ والله لو ينفجر راسه بعد.
لوَت فمها وتمددت، لكنّها عضّت شفتها بقهرٍ وجلست لتقفَ أخيرًا دونَ أن تستطيعَ السيطرةَ على شعورها نحوهُ بالرغبة في إزهاقِ هذا الألم! لا تدري لمَ تحرّكها تلكَ الرغبة الآن، ربّما لأنه لطالما حاولَ أن يمحقَ ألمها الذي يتشعّبُ في صدرها ويُزهر.
خرجَت من غرفتها دونَ أن تبالي بأيِّ فكرةٍ قد تدفعها لتتراجع، نظرَت للصالـةِ التي وجدتها خاويةً كالكوبِ الذي كان يستقرُّ فوقَ الطاولة، ولم تكن تحتاجُ لذكاءٍ حتى تستنتجَ أنّه في غرفتهِ وتتوتّر! هل يعقل أن تذهب إلى غرفته؟ لا لا ماهذا الجنُون ، هي تُريد مساعدته، لكنَّ مسألة تواجدها معهُ في غرفةٍ واحدة أخطرُ بكثيرٍ من فكرة أن ينفجرَ رأسه!!
عضّت شفتها وهي تنوي التراجع إلى غرفتها، لكنَّ ملامحهُ المتألمة عادت لتغتالَ ذلك التوتر، تنفّست باضطرابٍ وتحرّكت، ستذهب إليه، ما الذي سيحدثُ أصلًا وهو الذي أخبرها بأنّه لن يفكر بها أبدًا ولن يرى زواجهما في غيرِ ما رسمَه.
وقفَت عند البابِ لتزدردَ ريقها وهي تراهُ يجلسُ على طرفِ السرير وقد خلعَ ثوبه ورماهُ على الأرض، يسندُ مرفقيهِ على ركبتيه وكفاه تدلكانِ رأسه الذي يكادُ ينفجر، عقدَت حاجبيها بشفقةٍ نحوه وتجاوزَت الباب لتدخل وهي تهمسُ مناديةً باسمه : سلطان
رفعَ رأسهُ متفاجئًا من تواجدها، توسّعت عيناه قليًلا وانعقد حاجباه : غزل!! وش تبين؟
غزل بتوترٍ وقفت أمامه على بعدِ خطوتين وهي تفرك كفيها ببعضهما : تبي مني مساعدة؟
سلطان بنبرةٍ مستنكرة وهو يضوّق عينيه : مساعدة في أيش؟
شتت عينيها وهي تزدردُ ريقها بحرج، ودونَ أن تنظرَ إليه : راسك يعوّرك صح؟ تبيني أسوي لك شيء تشربه أو أدلك لك!!
صمتَ للحظاتٍ وهو ينظُر إليها بغرابة ودهشَة، لم يتوقّع منها أبدًا هذه المبادرة وأن تفكّر في صداعِه وراحته . . ابتسمَ رغمًا عنه، مهما كانت سابقًا ومهما حدثَ يبقى قلبها بريئًا وإن أظهرَت عكسَ ذلك. لفظَ بابتسامة : ودك تسوين لي شيء أشربه؟ عزَّ الله نمت في المستشفى اليوم بتسمم غذائي.
وجهت نظراتها إليهِ بصدمةٍ مما قال وسرعان ما احمرَّ وجهها بإحراجٍ وغضب : تسمم غذائي!! أنا أستاهل والله!!
تحرّكت بغضبٍ تنوي الخروج ودخانٌ يكادُ يخرج من رأسها بعد ما قاله وهي التي جاءت كي تساعده، لا يستحق!! حقًا هو لا يستحق.
ضحكَ سلطان رغمًا عنه متناسيًا ألم رأسه وهو يلفظُ
بسرعة : تعالي تعالي أمزح معك يا غزالة.
ارتعشَ جسدها من ذاكَ اللفظِ ككل مرةٍ يقُولها لها ولا تمرُّ
بشكلٍ عادي، توقِفت أقدامها عن الذهابِ رغمًا عنها
وكأنّ كلمتهُ تلكَ تجيءُ لتجمّد حركتها.
سلطان بابتسامة : تعالي لا جد احتجت أحد يدلك لي هالراس يوم قلتيها.
استدارَت نحوهُ وهي تُميل فمها محاولةً طردَ ربكتها عن كلماتها التي جاءت متذمرةً وهي تضع يديها على خصرها : أخاف أنقل لك شحنات زايدة براسك وتموت علينا بعد!
سلطان : هههههههههههههههههه شدعوى زعلتِ أمزح والله!
ابتسمَت ابتسامةً صغيرةً متوترة وهي تقتربُ منه بخطواتٍ ترتعش، ما هذهِ الربكةُ الآن؟ وتلكَ الرعشةُ التي تغطِّي أطرافها الباردة! . . نظرَت لعينيه الجذّابتين رغم ارهاقهما، توتّرت أنفاسها وشتت نظرتها عنه رغمًا عنها . . ماهذا الجنون الذي يحدث!! أفيقي يا غزل أفيقي.
عضّت شفتها وهي تُريد ضربَ نفسها للربكة التي جاءتها في غفلةٍ منها ودونَ سابقِ إنذار، دونَ سببٍ واضحٍ يُذكر!!
همسَت بتوترٍ وهي تقف عند سريرِه : طيب تمدد ، أنا بجلس عالطرف.
لاحظَ توتّرها لكنّه كان بحاجةٍ فعلًا ليدٍ تطرد هذا الصداع، لذا تجاهل توتّرها بأنانيةٍ وتمدد على السريرِ واضعًا رأسه على الوسادة مُغمضًا عينيه، شعرَ بها تجلس بجانبِه وتمدُّ يدها الباردة لتُلامسَ جبينه، رعشَتها كانت تصلُ إليه، يُدرك سببها جيدًا فهي في غرفته وهذا الوضع ليس طبيعيًا بالنسبةِ لهما على الأقل، صمتَ ولم يعلّق أو يرحمها بأن يطلب منها التراجع أو يخرجا للصالة على الأقل، هي التي جاءته وهو من الجهةِ الأخرى مُتعب ويُريد النوم، ولن ينـام الليلة أبدًا مع هذا الصداعِ الذي ولّده سلمـان الذي ينام الآن براحةٍ بالتأكيد متجاهلًا كل الفوضى التي يخلّفها فيه، لذا سيكُون غبـاءً منه أن يرفضَ عرضَ غزل.
عضّ باطنَ خدّه حينما جاءتهُ صورته، حاولَ طردَها أسفلَ لمساتِ غزل الناعمةِ والباردة على جبينه الساخنِ بأفكارٍ تحتكُّ ببعضها البعض بفوضويتها لتخلفَ شرارةً لا تُريدُ أن تنطفئ، هذهِ الفوضى ستهلكهُ يومًا، ستهلكه إن لم يعثر على يدٍ تلملمها وتحشُرها في قنّينةِ راحةٍ تجعله ينامُ بسلام، ينامُ دونَ أن يفكّر بآلآمهِ كالآن، ينـامُ كطفلٍ رضيعٍ يحتاجُ يدًا تعلّمه دربَ المنـام، لطالمـا احتاج الأطفـالُ ليدِ أمٍ تحتضنهم وتربّت على ظهورهم حتى ينامُون، مهما شعروا بالنعاس فلن يستطيعوا في كلِّ مرةٍ الوصول إلى ما يُريدون بأنفسهم ، هوَ لم يجرّب طعم الأم! لكنّه جرّب طعم الأبِ في - اثنين -، جرّبها ونطقَ " يُبه " مرّتين لتمُوت تلكَ الكلمةُ مرتين أيضًا! أولًا حينَ رحلَ الأوّل إلى عالمٍ آخر، وثانيًا حينَ رحلَ الآخر مع قافلةِ الغدر.
سيطرَت عليه أفكاره التي تطأ عليها يدُ غزل من الجهةِ الأخرى، لملمت الصداعَ برّقتِها، وهو وصَل أخيرًا مع تلكَ الأفكـارِ إلى بلدةِ الأحلامِ حينَما أدركَ دربه أخيـرًز.
انتظمَ تنفّسه وسكَنت أجفانه، نظَرت لملامحهِ الساكنَة بصمتٍ متوترٍ وهي تُسكِنُ كفّها فوقَ جبينهِ وتُسكن معهُ اضطرابها، بللت شفتيها ورفعَت يدها، همسَت ببحةٍ خافتةٍ حتى تتأكّد من نومه : سلطان نمت؟
لم يُجبها ويبدو أنّه غرقَ حتى وصل لقاعِ المنـام لإرهاقه بعد هذهِ الليلةِ القاسيـة، بينما بقيَت هي تتطلّع لملامحهِ بصمتٍ وصدرها يرتفعُ بأنفاسٍ متوترة، هاهو الاضطرابُ يعُود إليها أضعافًا ككلِ مرةٍ تجدُ فيها الفرصة لتأمّل لوحةٍ باذخة الجمـالِ تجسّدت فيه، ارتعشَت شفاهها ومرّرت حدقتاها على عينيه، هاهي مرةً أخرى عرضَت عليه عرضها الغبيَّ لتُلامسَ رأسه، لتغرقَ في أفكارها المجنونةِ وتبدأ بتأمّله، لم تستطِع منع عينيها من فعلِ ما رغبَت بهِ وهما تنحدرانِ على أنفهِ الطويل، ارتفعَ صدرها بعنف، انحدرَت أحداقها لتستكين على فمه، انتفضَت بقوّةٍ ونهضَت وهي ترتعش، هاهيَ الفكرة الأشدَّ جنونًا تعود! هاهي رغبةُ أطرافها بتلمّس ملامحه تعود وكأنّها عميـاءُ تريدُ أن تهتدي إلى صورته عن طريقِ أناملها.
هزّت رأسها بالنفي وهي تعضُّ شفتها بعنف، جنون! ما تفكّرين بهِ يا غزل جنون!! تراجعَت للخلفِ حتى تخرج، لكنّها وجدت عيناها تعودانِ للنظرِ إليه، ارتعشَت أقدامها قبل أن تفقد قدرتها على السيطرة وتعود للاقترابِ منه، لم تستطِع كبحَ رغبةِ يدها المجنونة، جلسَت بجانبهِ ببطءٍ وحذرٍ وكأنّها تخشى أن ينهضَ في لحظةِ جنونها، امتدّت يدها اليُمنى التي كانت ترتعش، أسكَنت أطرافَ أناملها على أهدابِ عينيه ونبضَ قلبها باضطرابٍ ضخم، ازدردَت ريقها وهي تتنفّس بتحشرج، لم تكُن يومًا بهذا الجنونِ معهُ يا الله لكنْ أن تكبحَ رغبتها أكثر فهي تدرك أنّ العواقب لن تكون بسيطة، ستستغل لحظة نومهِ المُرهقة لتُريحَ يدها من هذهِ الرغبة التي تكاد تكون حاجةً حمقاء! . . تلكَ المرّة رغبَت في تلمّس عوارِضه، زمّت شفتيها وهي تُخفضُ يدها عن رموشِه وتتلمّس فكيهِ بتوتر، رغبَت أيضًا بتلمّس فمه!! لا لا هذا جنوووون!!!
هزّت رأسها بالنفي وصدرها يرتفعُ بعنفٍ وينخفضُ بسرعة، انحنَت قليلًا بجسدها إليهِ وهي تُعيدُ شعرها خلفَ أذنها وتزدردُ ريقها وحلقها تشعرُ أنّه باتَ جافًا، تجاهلَت رغبتها بتلمّسِ فمه وتلمّست أنفه، حرّكت أناملها عليه بحذرٍ إلى أن وصلَت لحاجبيه، أعظمُ تهورٍ قامت بهِ منذ تزوّجت بهِ هو أنّها عرضَت عليه أن تطردَ صداعه وجاءتهُ إلى غرفته!! هاهو الآن نائمٌ وهي تفقدُ نفسها وقناعتها بأنّها لن تتأثّر به ! . . من قال أنّها تأثّرت بهِ أصلًا؟ هي فقط أرادت أن تتلمّس وجهه! فقط!!
عاودتْ عضَّ شفتها السُفلى وهي تُغرِق أناملها بين خصلاتِ شعره الكثيفة، شعرهُ مُغري لتلعبَ به!
أغمضَت عينيها عند تلك النقطةِ من التفكير واجتذبَت يدها من شعره بسرعة، يا الله ما الذي تقُوم به؟ هل جنّت؟ هل عـادت لجنونِها الماضِي وعدم سيطرتها على ذاتِها؟ هي التي خسِرت كلَّ شيءٍ بسيطرتها المعدومةِ تلك! هي التي أفسدَت حياتها بتهوّرها فكيفَ تجيء الآن لتغرقَ بهذا الشكلِ في تفاصيلِ سلطان!! سلطان الرجُل الأكثر خطورةً عليها، " زوجها "!! والذي إن اكتشفَ حقيقتها لن تستطيعَ تخيّل ماقد يفعله، مهما كان حنونًا ورقيقًا لكنّه سيكون كأيِّ شرقي ولن يتساهلَ في أمرٍ كهذا . . لذا ليذهب جنوني هذا! ليذهب بعيدًا.
نهضَت ومحاجرها ترتعشُ بدمعٍ لم يفُر منها، لا داعي للبكـاءِ الآن، لا داعِي له!!
تراجعَت للخلفِ واستدارت لتخرجَ مسرعةً من غرفتها وهي تضمُّ يدها اليُمنى التي كانت تلامسُ ملامحهُ التي ولّدت تياراتٍ جرَت الآن في عروقها . . كان جنونًا منها!! كانَ جنونًا!!


،


في بروكسيل.
توقّفت السيـارة أمام العمارة التي يقطُن فيها، كان يشعر بالإرهـاقِ يستنفدُ كلَّ طاقته، هذا إن كان لازال لديه طاقـة، كان التعبُ واضحًا وضوحَ الشمسِ على ملامحه، بعد أن انتهوا من كلِّ شيءٍ اتّصل بهِ عبدالله وأوّل ما قام بهِ هو أن سألهُ عن غادة وحسـام، حينها أخبره بأنّهما أصبحـا في الشقةِ سالمِين، حادثـهُ بإيجازٍ عمّا حدثَ وأقفَل، والآن هاهوَ يقفُ ولا يفصلُ بينه وبينَ فراشِه سوى القليل، لم يعُد يريد أيّ شيءٍ سوى النوم ... النومَ فقط.
كـادَ يخرجُ من السيّارة لكنّ صوت هاتفهِ جاءَ مُقاطعًا له، نظرَ لهاتفهِ ليتراءى أمامه رقم عبدالله، حينها عقد حاجبيه ليردَّ مباشرةً ويضعهُ على أذنه : سم.
عبدالله بحدةٍ دونَ مقدِّمـات : مين ذا يُوسف وليه متهجّم عليه؟!!
تجمّد في مكانـه بصدمةٍ وأجفـل للحظاتٍ ناظرًا أمامـه دونَ استيعاب، ما الذي جـاء بيُوسف هنـا الآن وجعلهُ يتطرّق للحديثِ إليه، كيفَ عرفَ بأمرهِ أصلًا!!!
لفظَ بارتبـاكٍ وصوتٍ حائرٍ بعض الشيء : وشو؟
عبدالله بغضب : لا تتهرّب ، وش مهبب يا ولد!! مين ذا يُوسف اللي تهجّمت عليه؟
بدر بتوتر : لحظة الحين وش جاب سالفة مثل ذي؟
عبدالله بحدة : جاوب على قدّ السؤال.
رفعَ حدقتيه للأعـلى وهو يعضُّ شفتهُ ويستسلمُ بإجابةٍ خافتةٍ بها بعض الكذب : شخص متعرّف عليه هِنا من فترة وصارت بيننا مشكلة بس.
عبدالله بغضب : كذّاب!
بدر : جد ما أكذب أساسًا وش تبي بهالموضوع؟
عبدالله بصرخة : بتجنني!! بتجنني أنت وتهوّرك وتصرفاتك اللا مباليـة.
شتت عينيه بضيقٍ وهو يلوي فمهُ بحنق، ما الذي جعلهُ يعلم الآن؟ يريد فقط النوم، ليسَت اللحظة المناسبة للإستجوابِ والصراخ.
عضَّ زاويةَ شفتهِ السُفلى بتهكّمٍ وهو يفتحُ فمَه ليتكلّم، لكنّه أجفل للحظةٍ واتّسعت عيناه بصدمةٍ من الفكرةِ التي وصَلت إلى دمـاغه كتيارٍ عنيفٍ ترجمهُ في كلماتٍ تحمّلت فوقَ نبرةِ دهشة : لحظة لحظة ، أنت سامع كلام تميم ويّاي؟!!!
عبدالله بعد صمتٍ لثانيتين : وش هالكلام؟!!
بدر بدهشة : لا تتهرّب ، أنت سامع كلام تميم!! الا سامعه، هو الوحيد اللي تكلّم عن يُوسف وتهجّمي عليه ... شلووون؟!!
عبدالله بحدّة : ماشاء الله وتميم داري قبلنا بعد؟!
بدر يشدُّ على قبضتهِ وهو يلفظُ ببهوت : قلت لك لا تتهرّب!! أنتو حاطين معي جهاز مراقبة وأنا مو داري والا كيف؟ لا لا لو إنّك سامع كلام تميم ويّاي كنت هاوشتني لما اتّصلت فيني أوّل ، الكلام واصلك بعد ما اتّصلت فيني . . وش قاعد يصير؟!!!
عبدالله بحزم : بديت تخبّص وشكله من آثار النوم ، روح نام وحسابي معاك بكرا بخصوص هالموضوع.
بدو : لحظـة ....
انقطعَت كلماتُه بإنهاءِ عبدالله للإتّصال، نظرَ للشاشـة ببهوتٍ وهو يحاول تفسير معنى الذي قاله منذ لحظات، ما معنى ذلك؟ ما معنى ذلك!!!!


،


وضعَت كوبَ القهوةِ على الطاولـةِ أمامها وهي تزفُر وتعيدُ ظهرها للخلفِ لتسندهُ على ظهرِ الأريكة، عيناها تكادانِ تسقطَان من النعاس، لكنّها لم تستطِع النوم! عقلها يطُوفُ حول بدر وقلقها عليه، منذ خرجَ من المطعمِ لم يتّصل بها ليُخبرها إن كان أصبحَ في دائرة الأمـان، وعدمُ اتّصاله يجعل احتمالَ كونهِ في دائرة الخطرِ أكبـَر.
يا الله اجعلهُ بخير، اجعلهُ بخيرٍ ولم يتّصل بها كعقابٍ فقط! لا يهمّها إن كان تجاهل إخبارها وإن كان ذلك سيؤلمها، لكنّها تريده بخير، فقطْ تُريده بخير.
أغمضَت عينيها وهي تهمسُ بدعواتٍ وتُرفقها بـ " آمين "، ليكُن بخير، ليكُن بخير.
سمعَت صوتَ قُفل البـاب يُفتح، حينها انتفضَت وهي تفتحُ عينيها وتقفَ بتوجّس، رأتهُ يدخُل وهو يمسحُ على وجههِ المُرهق وعيناهُ تُسافرانِ نحوَ أفكـارٍ كانت في مجملها - أعاصيـر -.
شهقَت ببكاءٍ كانَ يغصُّ فيها طيلة وقت انتظـارها إيّاه، لفظَت بنبرةٍ هزمَتها البّحة وهي تمسحُ دموعها التي اعلنت انتفاضةً على محاجرها : بــــدر!!
نظَر إليها بدر بعينين محمرّتينِ بتعب، مسحَ على جبينهِ ليهمسَ بجمود : ما نمتِ للحين؟
غادة تقتربُ منه وهي تبتسم : لا ، كنت أحاتيك.
تحرّك ليتجاوزها حتى يذهبَ لغرفته وهو يردُّ عليه بصوتٍ جاف : ما كان فيه داعي تحاتيني هذاني قدامك بخير.
أنهى جملته تلكَ وهو يقفُ عند بابِ غرفته بينما وقفَت هي دونَ حراكٍ وهي تبلل شفتيها، ستحتملُ جفاءه، لا يهمّها ما سيقُول وبأيِّ نبرةٍ كانت، يكفيها عن كلِّ شيءٍ أنّه عاد بخير، لذا لن تهتم.
عقدَت حاجبيها باستنكارٍ حين رأته لا يزال واقفًا أمام البابِ ولم يتحرّك، أعادت خصلةً من شعرها لخلفِ أذنها وهي تهمس بتساؤل : تبي شيء؟
بدر يوجّه نظراتٍ إليها، رأتْ في أحداقهِ غضبًا جعلهَا تنتفضُ بتوترٍ وهي تزدردُ ريقها، تحرّكت أقدامه فجأةً إليها، حينها شهقَت بفزغٍ وهي تتراجع بينما وصَل إليها بحدّةِ ملامحهِ ليُمسك بمعصمها ويلفظَ من بينِ أسنانهِ بنبرةٍ حادةٍ وهو يشدُّ على معصمها : وكـان فيه ناس ملاحقينك بعد؟ كنتِ بتروحين يومتها يا غــادة بسبب تمرّدك وتهوّرك؟!!!
ابتلعَت ريقها بصعوبةٍ وهي تنظُر له بخوفٍ ونظراتهِ تُربكها، تركَ معصمها بانفعالٍ وهو يتراجعُ ويهتفُ بصوتٍ مقهورٍ غاضب : كنتِ بتروحين فيها!! بتروحين فيها وما اهتميتِ وش بيصير فيني من وراك؟ تدرين إنّي ما عاد أتحمّل موت أحد قريب منّي!
شتت نظراتها وعيناها تبكيـانِ بوجَع، أردفَ وهو يمرر كفهُ على شعرهِ ويزفُر بقهر : احمدي ربّك لأنّك ما زلتِ بخير ، لأنّه لو صار لك شيء ما كنت بسامحك، كنتِ بتآخذين ذنب حُزني!!

يُتبــع ..

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 17-12-15, 05:38 PM   المشاركة رقم: 614
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 



خرجَت من الحمـامِ وهي تُجفّفُ شعرها وترتدي الروبَ الفُوشي، كان يتمدّدُ وقتها على سريرهِ ويتصفّحُ رسائِل الواتس حتى وصلَ لرسـالةٍ من أحدِ أصدقائه يقول له فيها : ( خلّك رومانسي واهدي زوجتك قصيدة " غاغ غاغ ، غوغ غوغ " )
عضَّ شفتهُ يكتمُ ضحكته وهو يرفعُ نظراته إلى أسيل التي تناولت قميصًا من الخزانة واتّجهت لغرفة تبديل الملابس، عاد لينظُر لهاتفهُ ومن ثمَّ كتب : ( أيش هالقصيدة؟ الكتاب مبيّن من عنوانه شكلك تبي حياتِي الزوجية تتدمّر )
ردّ عليهِ صديقه : ( لا والله حلوة يقُول ناصر الفراعنة
ما كتبت الشعر يا نور عيني من فراغ . . فيك واللي فيك يحتاج له وقت وفروغ
الشعر في غيركم سامج ما يستساغ . . وفيك ما لا يستساغ من ورى خشمه يسوغ
- لاحظ الفنَّ التشكلي في " آغ و ووغ " )
ضحكَ بصخبٍ وهو يهزُّ رأسه بالنفي ويخرج من المحادثة دونَ أن يرد : قسم بالله منتهي الله لا يبلانا.
خرجَت أسيل ويدها تجمعُ شعرها جانبًا على كتفها، كانت ستُجفّفهُ لكنّها تشعر بالنعاس لذا تجاهلته واتّجهت للسرير، رفعَت طرف اللحـاف واندسّت أسفلهُ وهي تهتفُ بنعَـاس : شاهين لو سمحت بكرا عالصبح أبيك توصّلني لبيت أهلي.
وضعَ شاهين هاتفهُ على الكومدينة وهو ينظُر إليها بعقدةِ حاجبين : من الصبح؟
أسيل : أيه.
شاهين باستنكار : الصُبح!! وودك تتركين أمّي بروحها.
أسيل برجاء : ماراح أتأخّر بس بآخذ منها شيء وبطلع.
شاهين برفضٍ رقيق : ماعليه تروحين لها بوقت ثاني بس الصبح ما يصير.
لوَت فمها دونَ رضـا لكنّها صمتت، في حينَ اعتدلَ هو ليتمدّد على جانبهِ الأيمن وهو يراقبها تعقدُ شعرها بخصلةٍ منه ووجهها متجهّم، ابتسمَ بمشاكسـةٍ ومدَّ يدهُ ليصلَ إلى كتفها ويرسمَ دوائرَ بإصبعهِ عليه، وبابتسامة : يا حبشتكة يا حبشتكة .. القلب من الحب اشتكى .. يوم دمع و حزن ويوم فرح و هشتكة
وجّهت نظراتها إليه عاقدةً حاجبيها باستنكار : نعم!!!
شاهين : ههههههههههههههههه سامعتني.
أسيل تقطّب ملامحها بيأس : يووووه يا قدمك!!
شاهين : طيب خذي ذي ، بحبك يخرب بيت شكلك
انا من غيرك ، زي الشارع من غير انارة ، زي التقاطع من غير اشارة ، زي الصايع من غير حارة
شهقَت وهي تضعُ كفيها على أذنيها وتُقاطعه : لا لا لا مُش ممكن!!
شاهين : ههههههههههههههههههههههههههههههههههههه أنا من غيرك زي الثور بدون بقرة.
أسيل بشهقة : يا كبرها عند ربك يا شاهين يا كبرها عند ربّك.
شاهين يجلسُ ويلفُّ ذراعيه حولها : خلاص نغيّرها ولا يهمّك.
أسيل تبتسم : لا الله يخليك لا عاد تتغزّل.
شاهين يتجاهلها ويُسكن شفاههُ قربَ أذنها ليهمس : كلّنا الليلة نشكي زحـام
ربعها من ضيق وربعها الثاني ظلام
باقيَ الرُبعيْن اجتمعوا في عنـاق
كلّهم بصدري
صورتهم - غرام -
عضّت شفتها السُفلى وهي توجّه نظراتها الخَجلى لعينيْه اللتين كانتا تنظُرانِ إليها بحُب، تنحنحَت لتحرّك أناملها على فخذها من فوقِ القميصِ الحريريَّ الأسود وهي تهمسُ ببحّة : هالبيتين غفرَت لك عبطَك أول . . مين القايل؟
شاهين يقبّل أذنها قبل أن يهمس : اللي يدينه تلمّك.
فغَرت أسيل شفتيها قليلًا وهي تعقدُ حاجبيها، وبرجاء : لا جد مين مو وقت عبطَك.
شاهين يرفعُ إحدى حاجبيه : ليه ! ما يطلع مني يعني؟
احمرّت وجنتاها بخجلٍ وهي تشتتُ عينيها وتبلل شفتيها بتوتر، بينمـا اضطربَ قلبها انفعالًا بالغزلِ الذي انسابَ من لسانهِ إليها تلقائيًا ودونَ حفظ، تخافُ هذا الحُب كثيرًا، تخافُ أن ينتهي بهِ في مينـاءِ خيبةٍ وأسى، أن تنسدلَ أجفانهُ بانكسارٍ يومًا، تخـافُ كثيرًا أن تؤذيهِ دونَ قصدٍ منها.
أمالت رأسها لتسندهُ على صدرهِ بينما ابتسمَ هوَ وكفّهُ اليمنى ترتفعُ لتمسحَ على خصلاتِها التي مازالت رطبةً قليلًا، وبهمس : بتمرضين ليه ما جففتي شعرك؟
أسيل بصوتٍ مبحوحٍ تحتَ أكوامِ قلقها لأجلِـه : ما فيني.
شاهين : الله أكبر على هالكسل!!
ابتسمَت ابتسامةً باهتةً وهي تُداعبُ بشرةَ ذراعهِ اليُسرى بأنامِل كفّها اليُمنى، وبخفُوت : نعسانة.
شاهين بعبَث : تبين قصّة ما قبل النوم؟
ضحكَت رغمًا عنها وهي تدفُن وجهها في عُمقِ صدرهِ الدافئ لتستقرَّ بينَ أضلعه : عن وحدة اندفنَت مرّتين بعد؟ لا واللي يعافيك.
شاهين : لا هالمرّة عن سُكّان الفضـاء.
أسيل : ههههههههههههههه ما منّك رجا دايم شاطِح.
شاهين : خلاص عن الإغريق والأساطير.
أسيل : عن آلهة تتحوّل لحيوانات؟ عزّ الله ما نمنا تكفى لا تحكِي.
شاهين يتجاهلُ رفضها كعادتهِ ويبدأ بسردِ إحدى أساطيرِ اليونان القديمة : يقُولك فيه شخص اسمه نركسوس أو نرسيس، كان وسيم وجميل بشكل كبير، عـاد هذا الشخص هو اللي أشتق من اسمه " النرجسية ".
أسيل بمقاطعةٍ ترفعُ رأسها إلى ملامحه : هذا اللي عشِق نفسه لحدّ ما مات؟
شاهين بضجَر : ليه تخرّبين علي خليني أحكي!
مدّت لسانها بمشاكسة : أعرف هالأسطورة دوّر غيرها.
شاهين يلوِي فمه بحنق : خرّبتي علي أجـواء الحكواتِي خلاص ماراح أعلّمك بقصة جديدة.
ضحكَت وهي تبتعدُ عنهُ وتحرّكُ حاجبيها بمشاكسةٍ له : ماني ميّتة على قصصك.
شاهين يرفعُ إحدى حاجبيه : أوكي! الحين بخلّيك تموتين من شيء ثانِي.
لم يتركها تستوعبُ إلّا وكان قد لفَّ ذراعيْهِ حولَها وانقضَّ على وجنتها ليعضّها، صرخَت متفاجئةً وهي تدفعهُ عنها لتضعَ يدها على وجنتها ناظرةً إليه بعينين متّسعتين : جنّيت!!
شاهين يقبّل ظاهر يدها التي تغطّي وجنتها المُحمرّة وهو يلفظُ بضحكة : باقِي ما خلّص العقاب يا جميلتي.
تصاعدَت الحُمرة لوجهها وهي تفهمُ إيحاءَاته جيدًا، شتت عينيها عنه، بينما انحنى وجههُ قليلًا نحوَ كتفِها ليقبّله برقّةٍ تُذيبُ كلَّ معالمِ السكُون وتُربكها، تكسِرُ كلَّ أسوارِ الثبـات، لازال حتى الآن يؤمنُ بأنّها أجملُ نعمةٍ كتبها الله له، أجملُ ما ضمّهُ كتـابُ قدرِه، أجملُ زهرةٍ نثرَت عبيرها في حياتِه وأجمل سمـاءٍ ظللتهُ بغيُومها ومطرِها.
أسكنها بينَ كتفيهِ العريضين، يكفيني نعمًا أن جئتِ، يكفيني صوتًا أن أصبحتِ أُغنيتي، يكفيني حُلمًا أن صرتِ مُحتضنتِي وأحلامي في منامِي، يكفيني عن كلِّ شيءٍ أن ولجتِ إلى حياتِي بقدمٍ يُمنى لأرى حتى الشرَّ خيرْ! . . أنتِ أجمل من كلِّ شيءٍ حمدتُ الله عليه بعد الإسلامِ وأمي!


،


وضعَت هاتفها على الكومدينةِ ورفعَت اللحـاف لتغطّي جسدها وتعتدلَ على جانبها الأيمـن، منذ خرجَت من تلكَ الغرفـة بعد إغاظتـهِ لها لم ترَه، هذهِ الليلـة هي تطِيرُ فوقَ أجنحةٍ شفّافة، بالرغمِ من شعُورها بها لكنّها تكادُ لا تصدّقهـا لعدمِ رؤيتها لهـا، لا تستطيعُ استعـابَ أنّه راوغَ بكلماتٍ تدلُّ على - أحبّك -! بعد كلِّ تلكَ السنينِ وكلِّ تلك الأوجـاع والجفاء منه! كيفَ تصدّقها ولا تشكُّ بأنها في حلمٍ ستستفيقُ منه في أيِّ لحظـة.
مترفةٌ هيَ في أوجاعها منه حدَّ أنها تخشى الفرحَ معه، تخشى أن يكُون حلمًا أو وهمًا، تخشى أن تسقطَ فجأةً من سريرها لتستفيقَ من اعتلائِها أهراماتِ - سيف -!
أغمضَت عينيها وهي تضعُ يدها على بطنها الذي تشعُر بهِ يؤلمها، تتقلّص أحشاؤها باضطرابِها، تشدُّ على قميصِ نومها وتهمسُ لنفسها بكلماتٍ كيْ تصدّق أنها في الواقع، أنّها لا تتوهّم، أنها لم تفقِد عقلها في موضِعِ عِشقْ : صِدق ، صِدق .. جاك يا ديما بعد انتظـار، جاك بعد دمعات وانهزام! جـاك يا ديمته جاك ! ماراح حُزنك عبَث، ما انتهيتي ميّتة من جراحه . . والله جاك!!
أخذَت نفسًا عميقًا وهي تشدُّ على أجفانها وقلبها يكاد يصتدمُ بقفصها الصدري لشدّةِ خفقانه، رفعَت يدها لتدلّك كتفها الذي يؤلمها، وفي تلكَ اللحظـة كان صوتُ الباب قد أعلنَ دخولَ سيف في هذا الوقتِ المتأخّرِ من الليل.
ارتعشَت رغمًا عنها وخافت أن تفتحَ عينيها فجأة! إن كانت بعد ما اعترفَ لها استطاعت أن تحدّثه ببساطـةٍ بل وتتذمّر فالآن وبعد أنْ فكّرت مليًا واستوعبت لن تستطُيع!! بقيَت تغمضُ عينيها وتحاولُ تثبيط أنفاسها متصنّعةً النوم.
ألقى سيف نظراتِه عليها وابتسم، استطـاع بسهولةٍ أن يكشفها فقبضتها كانت تشتدُّ بجانبِ كتفها وأنفاسها لازالت تتسارع قليلًا، تحرّك متجاهلًا لهـا ليدخلَ للحمـامِ حتى يستحمَّ ويبدّل ملابسـه، استغرقَ نصف ساعةٍ تقريبًا قبل أن يخرجَ وهو يجفف شعرهُ بمنشفةٍ صغيرة ويرتدي بنطال بجامتهِ فقط وصدرهُ عاري.
بينما كانت هي تحاول جلبَ النومِ لعينيها لدقائق طالت وقلبها يتوتّر بانقباضاته، نامي! نامي!! كيفَ لاعترافٍ - أعوج - أن يبعثركِ بهذا الشكل؟ كيفَ للحظـاتٍ معهُ أن تسلبكِ صلابتكِ معه، أليسَ هو من يُريد امرأةً أخرى؟ أليسَ هو من أهداكِ هذا الحبَّ بعد أطنانٍ من الأوجـاع؟ نامِي، لا تتبعثري! لا تتبعثري!!!
شعَرت بهِ بعد لحظاتٍ يرفعُ اللحافَ ليندسّ أسفلهُ بجانبها، اقتربَت أنفاسه منها وتصاعدت أنفاسها هي! كان يتأمّل ملامحها المواجهةَ له بصمتٍ باسم، يراقبُ تشتيت حدقتيها من خلفِ ستارِ أجفانها الرقيقة، اهتزازِ أهدابها، ارتعـاشِ شفتيها وكأنّها تنـامُ بجانبِ شخصٍ لم تعتد أنفاسه لثلاثِ سنين! مدَّ يدهُ ليداعبَ خصلةً من شعرها كانت ساقطـةً على جبينها، انقبضَت عضلاتُ وجهها لتفتحَ عينيها بسرعةٍ وتنظُر لعينيه الهادئتين بعيدًا عن تشتت أحداقها بضعف، اتّسعَت ابتسامته، في حينِ زفَرت هي باضطرابٍ وهي تشعر أنّها لا تعرفه، لا تعرف تلك البسمة، النظرة، لا تعرفُ ملمس أناملهِ على وجنتها التي يُداعبها الآن.
ابتلعَت ريقها المتخثّر بصعوبة، كلُّ سوائل جسدها تتخثّر، حتى عينيها جفّتا دونَ النظرات التي كانت تندفقُ إليه بكرمٍ حاتميٍ يُخبره بضعفها، همسَت بتحشرج : قولها!
عقدَ سيف حاجبيه وابتسامتهُ خفتت قليلًا، أسكنَ كفّه على وجنتها ليهمس بهدوء : تعرفين إنّي ما أحب كثرة الحنّة! لا تخليني أندم على هالاعتراف!
ديما بغصّة : مستكثرها عليْ بعد صبري؟
سيف يسحبُ يدهُ ويتمدد على ظهرهِ مُغمضًا عينيه : ترى أنا بعد صابر على عيُونك ثلاث سنين.
ديما : لا تحوّر الموضوع وتتهرّب بهالرُخص!
ابتسمَ وأدارَ رأسه إليها لينظر لأهدابها المرتعشَة بربكتها : كلماتِي لك رخيصة؟
ديما بضعف : تبي تتهرّب فيها وهالدافع يفقدها جماليتها.
سيف يبلل شفتيه قبل أن يحرّك جسدهُ ويعُود للتمدد على جانبهِ الأيسر حتى يُقابل جسدها، همسَ بخفوتٍ وهو يعلّق أحداقهُ بعينيها : اللي خلّاني أكشف لك مشاعرِي اليوم عيونك، لا تعلّقين الرُخص فيها.
ديما بقهرٍ من محاولة تشتيتها عن الموضُوع : قلت كلماتِك اللي رخيصة ما قلت عيُوني .. * بانفعالٍ أردفت * أساسًا أنت كلّك على بعضك رخيص! مالك ثمَن لأنّ اللي يستكثر على نفسه مشاعره هالقد ويمنع نفسه من الراحـة والسعـادة ماله قيمة .. حتى اعترافك ذا اللي مسوي كبرياء عليه جاني بشكل راوغت فيه لأنّك مستكثرها على نفسك وعلي!! .. * ارتفعَ صوتها بغضب * أساسًا اللي عادي عنده يكُون لمرتين هذا الرُخص قليل عليه.
صُعقَ من كلمـاتها تلك حدَّ أنه لم يُوقفها عن إكمالها، نظَرت إليه بشراسةٍ وهي تستعدُّ لتنهض، لكنّه سارعَ ليمسك بعضدها ويُعيدها للسرير ويدهُ تضغطُ على بشرتها بقسوةٍ عبّأت صوته الذي خرجَ إليها حادًا من بينِ أسنانه : مستوعبة اللي قلتيه؟
ديما بصراخٍ وهي تحاول الفكاكَ من يدِه : أيه وقاصدتها ومؤمنة فيها بعد يا رخــ...
قاطع كلمتها تلكَ بكفّه التي وطأت على فمِها بقوّةٍ وهو يلفظُ بحدة : حاسبي على كلماتك وعلى صوتك ذا، لا تظنين إنّك ضمنتِ هالمشاعر يعني ضمنتِ سكوتِي.
سقطَت دموعها بقهرٍ وهي تُزيحُ يدهُ وتشهقَ بكلماتٍ مقهورةٍ ودموعها تتجاوزُ زاوية جفنها إلى أنفها وأذنها : ما ضمنتها، بتجيب عشقك الأولي وأنا ماقد تهنّيت في هالمشاعر، بترجع تحبّها هيَ وأنا آكل هوا وأسكت.
زفَر بأعصابٍ مشدودةٍ وهو يغمضُ عينيه بقوّةٍ ومن ثمَّ يعاود فتحها لينظر لملامحها الباكيـة، وبصوتٍ حاول مدّهُ بالهدوء : الحين أنتِ قاهرتك سالفة بثينة؟
ديما بقهرٍ تنهار أمامه : لا عاد تقول اسمها، لا عاد تحرقني لا عاد تحـــرقنـــي!!! كافِي إنّي أحترق كل يوم وأنا أتخيّل ردها عليك بعد ما رجعت وطلبتها من أبُوها * تنهارُ أكثر بخفُوتِ صوتها وانهزامها * وافقت صح؟ بتروح لها يا سيف؟ بعد كلِّ أذيتك لي ما اكتفيت وودّك تنهيني بمَــرَة؟
سيف يُمسك وجهها بكفيه بعد أن حرّر عضدها ليُقاطعَ انهيـارها وسيلَ دموعها وكلماتها التي تغصُّ في اختناقِها بقُبلة، سكَنت للحظـاتٍ قبل أن يشعرَ بها تقاومهُ وتدفعهُ عنها لتبتعد، وبصراخٍ وصدرها يحترق : يكفـــي ، ماني رخيصة عندك تسكّتني بهالطريقة! كافي تجريح ترى مو ناقصني هالأسلوب السخيف منّك وظنّك بهدا يعني؟ هالنـار اللي بصدري ما تطفيها بوسة ولا حضن، ما تطفيها يا سيف.
كان صدرهُ يرتفعُ وينخفضُ بشدةٍ وهو يمرر لسانهِ على شفتيه، وبصوتٍ يتسارعُ مع أنفاسِه : طيب إذا قلت لك ما طلبتها من أبُوها؟ هالشيء بيهديك ويطفي نارك؟!!
نظَرت إليهِ بصدمةٍ وتوقّفت أرتعاشةُ أجفانها للحظـاتٍ وهي تنظُر إليه بملامحَ باهتـة، بملامحَ أجهدتها الغيرةُ والجفـاف، في أرضـهِ هيَ وردةٌ وحيدة ذبُلت، كـان جفافهُ ساحقًا منذُ البداية، فكيفَ حينَ تجيءُ وردةٌ أخرى لتتكسّر؟ لتتحطّم بتلاتها بعد أن تصبحَ كصفيحةٍ ألهبها الجفـاف، أهلكها فقرهُ المائِي، تعِيشُ في أرضٍ جفّفتها السنينُ وتجربةٍ موّجَت ميـاهَ حياتها، لم أعُد متساويـة، جئتني لتربكني، لتهزَّ جزيئـاتِي، جئتني كعبثٍ أصابني حتى يُربكَ سلاستِي، أصبحتُ جزرًا! لا أرتفعُ حتى ينكسرَ هذا الارتفاعُ عند المنتصفِ وأبقى منخفضةً تحتَ سطحِك.
بكَت بعنفٍ أقوَى وهي ترفعُ قبضتيها وتضربَه على صدره بقهرِ سنينها معهُ وحرمانها، بقهرِ انكساراتِها والربكةِ التي زرعها في حياتِها : تبي تحرقني بس!! كذبت علي عشان تشوف دمعي وقهري وما اكتفيت من ثلاث سنين؟ يا قو قلبك شلون قدرت! شلون قدرت وأنت تقولي بطريقتك أحبك؟ شلون قدرت وأنت اليوم ضمّيتني بمشـاعر اشتياق ما يحملها مجرّد رجُل!!
ضمّها إليه بقوّةٍ ليـقاطعَ سيلانَ قهرها بهمسٍ أجش قُرب أذنها : شفتِ؟ دايم أجيك بمشاعر شوق ما يحملها مجرّد رجُل! دايم أجيك بمشاعر عاشِق ما قريتيها، وتلومين سكوتِي وأنتِ ما سمعتِ صراخ احتضاني؟
دفعتهُ عنها وهي تشهقُ شهقاتٍ مختنقةٍ ببُكائها ووجعها، ارتعاشـةُ شفاهها تُخبره بالكلمات التي تتكئُ الآن عليهما وقد بهتت عند أطرافِ الحديثِ وتلاشَت عن مسامِعه، تلاشَت عن الإنحدارِ بنبرةٍ كَهلى إليْه، لو تُدرك فقط أنّه لم يقسو عليها كما كان يقسُو على نفسه ما بينَ مدِّ حبهِ لها وخشيتِه، يخاف الضعفَ عند الحُب! يخافُ الخسـارةَ التي إن حدثَت ستكسرهُ هذهِ المرّة، ستكسرهُ ولن يجـد من يلملمه كما لملمته هي!
عضّ شفتهُ السُفلى قبل أن ينحني إليها ويدفنَ وجههُ في شعرها وذراعيه تعانقانِ ارتعاشـة جسدها، التصقَ بها في إرادةٍ بالإلتحـامِ معها التحامًا يجعله يؤمن بعدمِ البُعد، لا شيء يُهلكه أكثر من أنّ الله خلقَ الاقترابَ وخلقَ أيضًا البُعد، ودائمًا ما يجيء البُعد بعد الاقتراب، دائمًا ما يجيء بعدَ الاقتراب وتلكَ - البَعدَ - تشطُر طمأنينته.
همسَ بصوتٍ أجشَّ بين خصلاتِ شعرها ليصلَ لهيبُ أنفاسه إلى فروتِها : ماهو ذنبك هالبكا ، البكا ذنبي وجفافه تعني المغفرة! ما ودك تغفرين لي؟!
دفَنت رأسها في عنقهُ وهي تُحيط خصرهُ بذراعيها وتسكُن بنحيبٍ بينَ أضلعه دونَ أن ترد.


،


تسكُنُ فوقَ سريرها الذي تفُوح منه رائحتـه المعبّقةِ بالحنـان، منذ دخلَت وهي تقسِمُ أنّه كان هنا! نعـم، لقد كان هُنا فرائحته التي يستحيل أن تُخطئِها تغطّي المكـان وتحشرهُ في زاويتهِ فقط، هاهـيَ تختنقُ باحتياجها لهُ من جديد، متى أصلًا لم تحتجْه؟ منذ نعومةِ أظافِرها وهي لا تكاد تخطُو دونَ أن تشعر بأنّها تحتاج يدهُ لتسندها، تحتاجُ حتى الآن كتفهُ لتتكئَ عليه وتمحقَ كلَّ ميلانٍ قد يعتريها، أيُّ استقامةٍ قد تُحضَّرُ في روحها إن لم يكُن الأبُ هوَ المقيِّم الأول لاعوجاجها؟
أغمضَت عينيها وشفاهها ترتعش، هاهي هربَت من جديد، هاهيَ اختبأت خلفَ الباب منه لتأتيها رائحته التي لا تدري هل هي حقيقة أم أنّها باتت تتوهّمه! باتت تتوهمُ أشيـاء كثيرةً تخصّه كما كانت بعد موت أمها تتوهّمها وتحلمُ بها على فتراتً منقطعة.
إلهي! لم أعُد أحتمـل، واللهِ لم أعد أحتمل! لمَ زرعتَ فيَّ تلك الشخصيةَ التي لا تُجيد التغاضي؟ ليتني كنتُ قويّةً حدَّ أن أخفي آلآمي وأجعل ما أريدهُ يطغى، نعم! أنا ضعيفة، ضعيفةٌ لأنني أحتاجهُ وأصد بالرغم من تلكَ الحاجـة، ضعيفةٌ حدَّ أن أوجِع نفسي بتلك المشاعر البكمـاء التي لا تُجيد الحديثَ في صورةِ عناق.
تحرّكت من فوقِ السريـر لتجلسَ وتتدلّى ساقاها إلى الأرض، نظَرت للفراغِ بـ - فراغ -، رفعَت رأسها لتنظر للزوايـة وترى نفسها تختبئُ فيها خلفَ تلكَ الأريكـةِ المُفردة ووالدها يبحثُ عنها ضاحكًا يُدرك اختباءها منه بعد أن عبَثت بحقيبتهِ التي كانت قد جهّزتها أمها ليُسافر، لم تكُن تريده أن يسافرَ لعملٍ مـا، فقامت بالعبثِ بحقيبتهِ حين كانت بقيّة عائلتها في الأسفـل وأخفَت جوازَ سفرهِ معها، لازال يبحثُ عنها! هاهو يطُوف في الغرفةِ ضاحكًا لافظًا بوعيد " اطلعي ، منتِ هاربة مني ! " فتصمتَ وتزمَّ شفتيها من خلفِ الأريكةِ الخضـراء خوفًا من أن يغدرها صوتُها ويخرج إليه، لفظَ بنبرةٍ متطلّبةٍ باحتيـاجٍ حتى تشفقَ عليها وتخرج " يلا عاد بلا مشاكسة الحين! بتفوتني طيّارتي "، لكن لا رد! كانت رافضةً سفـره، لا تُريد ابتعـاده، لا تُحبُّ العيشَ ليومين وهو بعيدٌ والآن! باتت قاسيـة، قاسيـةً وجدًا كي تبتعدَ كلَّ تلكَ الأشهـر، كي تبتعدَ بذاك الضعفِ المُبرحِ بألمِه!
يومذاكَ استطـاع أخيرًا إيجادها بمساعدة أمّها، حينها بكَت وهي ترفضُ بشدةٍ أن يذهب، كان قد وعدها قبل مدّةٍ من ذلك اليومِ أن يتسوّق معها، لذا احتجّت بذلك الوعد فتعذّر منها لأنه لا يستطِيع!
شهقَت دونَ قدرةٍ على كبتٍ أكبر لشهقاتها المستوجعة، سقطَت دمعةٌ مالحةٌ من عينِها اليُسرى لتندفعَ بقيّةُ دمُوعها بعطـاء .. وقفَت والضعفُ فيها يترنّح، تحتاجه! تحتاجـه بشدّةٍ دونَ أن تستطيع كبحَ تلك الحاجةِ أكثر ببكاءٍ واختبـاء، تحتاجهُ ملء الوجع وملء الدمـوع التي ذرفتها، تحتاجهُ بالمسافةِ الفاصلة بينَ الرياضِ وبروكسيل بل بكمِّ الفضـاء - الغيرِ محصي -.
تحرّكت وهي تمسحُ دموعها بكمِّ بلوزتها الحمراء، اتّجهت للبـاب وهي تعضُّ شفتها المتورّمة ببكائها بينما وجهها قد غزاهُ الإحمرار واستولى على بياضِه، فتحتهُ وقدماها تعرفان طريقهما جيّدًا، تعرفان دربه/غرفته . . تحرّكت بهرولةٍ إلى بابهِ المغلق لتُدير المقبضَ دونَ أن تطـرق، تتخيِل الآن أن تفتحَ ولا تجده، كيفَ سيكُون شعورها وقتها؟ بالتأكيد كانكسـارها يوم طلبَت من أرجوان أن تحادثهُ على الهاتف وأخبرتها أنّه - غير موجود -! لن تحتمل! بعد كلِّ هذا الشوقِ لن تحتمل وستنكسر بعد أنْ جفَّ غصنها في ليلةِ شتـاءٍ قاسيـة.
شهقَت بخفوتٍ وهيَ ترى الغُرفة خاويـة، مُظلمةً عدا من نورٍ ضئيلٍ تسلّل من الخارج، كانت الستائرُ متباعدةً فاستطاع النور أن يغزو الغرفة بقليلٍ من جُنده . . ليسَ موجود! من الواضح أنّه لم يدخل الغرفة منذ جاء من السفر! ليس موجودًا يا الله!!! ليــس موجودًا.
أغمضَت عينيها بوجعٍ قاسٍ وهي تتراجع، استدارَت تنوي العودةَ إلى غرفتها وحبسَ نفسها دونَ خروجٍ آخر، باستسلامٍ إلى أن يقطفها فوّاز من هذهِ الأرضِ التي جفّت ، لكنّها تجمّدت في مكانِها فجأةً حين وجدته يقفُ خلفها ناظرًا إليها بعقدةِ حاجبيْن! مستنكرٌ لتواجدها في غرفته بالتأكيـدِ وهي الابنة التي لا تريده وتمارس الجفاءَ عليه.
يُوسف بنبرةٍ حنونةٍ وملامحَ تلينُ بأبوّتهِ كالعـادة : ما توقّعت تطلعين من غرفتك، محتاجة شيء حبيبتي؟
ارتعشَت شفاهها أكثر وأهدابها تثقُل بدمعها ووزنِه الذي يُعادل أوجاعها، رفعَت كفّها اليُمنى إلى صدرها وهي تقبضها برعشـة، بشوق، باحتـاجٍ كبيرٍ له، بينما كانت ملامحهُ قد تقطّبت بعدَ أن لاحظ احمرارَ وجهها ودموعها، شعرَ بقلبهِ ينقبضُ بألـمٍ لأن عينيها تبكيـان، اقتربَ منها والضيقُ والوجع ينتقلانِ إليه تلقائيًا إن شعرَ بحُزن فتياته فكيف وهو يرى هذا الحُزن أمامَ أحداقه؟
مدَّ يدهُ ليمسحَ دموعها بينما تشنّجت ملامحها وصوتُ بكائها يعلو مع كلماته الحنونة : ليش تبكين يا فرحتي؟ إذا ما تبين تجلسين بهالبيت الحين أخلّي فوّاز يجيك ومن فوق خشمه بس لا تبكين.
لم تستطِع مقاومـة وجعها الذي تضاعفَ بعد كلماتِه أكثـر، وجدَت نفسها تصرخُ بـ آهـةٍ ثقلَت بموازينِ سيئاتِها تجاهه، اندفعَت إليه لتُغرقَ رأسها في صدرهِ الحنُون تُخفي غياهِب ملامحها التي اسودّت بعيدًا عنـه، لا تقوى أكثر! لا تقوى هذا السقوط أكثر وهي التي تهوي منذ بدأت تجافيه، منذ بدأت عيناها تتشتتانِ كلمـا لمحتـه، منذ اعتراها هذا الذنبُ الذي لم تستطِع حمله أكثر بعد الآن، هذا الذنب الذي لن يتساقطَ إلا قريبًا منه، قريبًا من صدركَ يا أبي! قريبًا من حنانِك وأنا الهالةُ - فقط - دونَك، لستُ سوى هالةٍ وحقيقتي رحلَت خلفَك، سامحنِي على عدمِ اتّباعِي لك، أنتَ الذي إن لم أتبعه سأنتهي! سأنتهي وانتهائي بدأ يسقطُ منذ هذهِ اللحظـة، بدأ يسقطُ مع أول شعورٍ بدفئك ورائحتك.
تصاعدَ صجيجُ أنينها وهي تعُود طفلةً في أحضـانه، طفلةً تهربُ من الأوجـاعِ إليه، طفلةً لطالما حملها فوقَ أكتافه، صرخَت ببكـاء : أنت بس ، أنت بس اللي محتاجتك يا يبه ، أنت بس اللي حياتي تنقصك.
بينمـا كان هو قد تجمّد بصدمةٍ بعد اندفاعِها إليه، أجفَل لبُكائها للحظتين، للحظتين فقط لم تطُولا، لم تغرقـا في إجفالةٍ حمقـاء لا تُناسبُ حنينهُ إلى طفلته التي لن تكبُر في عينيه . . احتضنها بحنان، وكفّه مسحَت على شعرها بينما كانت هي تنتفضُ ببكـاءٍ في أحضانهِ وتشدُّ من أوزارِ صوتها الذي قاربَت البحّةُ على تغميده، هاهيَ تبدأ في سردِ شوقِها إليه في نحيبٍ سكَن أخيرًا بأضلعه، سكَن بينَ كتفيهِ ورائحةُ جنـان الدنيـا تعود لغزو أنفها بعد اقترابها منـه، بعد أن عادَت إليـه، بعد أن سكَنت فيهِ كلؤلؤةٍ لا تحميها سوى صدفتها.
قطّب جبينه دُون رضـا بهذا الأنين الذي يُصيب قلبه كسهمٍ مسمُوم، لا قدرةَ لأبٍ على السكُون وهو يرى طفلته تبكي في أحضانه كمن هزمتها الدُنيا! لا قدرة لقلبٍ سوِيٍّ أن يثبَت بخفقانِه عند هذا الأنين فكيفَ إن كان فقدَ طفلتهُ تلكَ والآن عـادت إليه بشوقٍ هو من أبكاها؟ . . مسحَ على شعرها بحنـانٍ وهو يهمسُ برقّة : لهالدرجة يهون عليك أتضايق؟ تدرين إنّي ما أحب أشوفك تبكين!
لم تقُل شيئًا، بل كانَ نحيبُ بكائها يتصاعد بينما كانت أناملها تتشبّث بهِ باحتيـاج، لاشيء سيملأ هذا الفراغَ في صدرها سواه، لا شيء سيقتلُ تلكَ الفجوةَ في روحها إلّا هو، حاجتـها إليهِ فوقَ الحيـاة، لأنّها في مسيرةِ الأشهر الماضيـة كانت تعيشُ بروحٍ فارغـة، لم تمُت ولم تحيا، لم تسعد ولم تأتِها البسمةُ حقيقية، كلُّ مافيّ شفاف، رخويُّ يا أبي! أهتزُّ بضعفي الذي لن يشطرهُ سواك ولن يقيمَ قوّتي إلا أنت.
ضاعَت الكلماتُ من بينِ شفتيها بينما كان هوَ يسردُ عليها كلماتٍ حنونةً حتى ينتهي بكاءها وفي لحظـاتٍ أخرى يُذكّرها بمشاكسآتها وهي طفلة – طيلة حياتها كيْ يرى الضحكة تنبعُ من شفتيها، لكنَّ الضحكـة تموتُ أيضًا اشتياقًا له، تموتُ كما ماتت نظرةُ الإنكسـار في عينيه بعودتها إلى شمسها التي لن تنـال الدفء والحيـاة الكافيان إلا من أشعّتها.
وحدها شمسهُ لا تغيب ، وحدها شمسهُ لا تغيب.
.

.

انــتــهــى

+ كان فيه موقف لأدهم بهالبـارت بس بترته للجزء الجـاي لأنّه قفلة وما ودي يكُون فيه قفلات لأنّ البارت الجـاي متأخّر شوي ()
إن شاء الله البـارت كان ممتع لعيُونكم مثل ما أمتعني بكتابته - اللي طالت - * فيس خجول * عساها هالإطالة تستحق بس! :$$
بيني وبينكم كان ودي أخلّي طوله 62 بالوورد على رقم البارت ههههههههههههههههه أدري عقلي شاطح ما عليكم.

والحين نترككم لأسبوعين الله يمررها بسرعة ويجعلها ميسّرة لنـا جميعًا :( لا تنسوني من دعواتكم الطيبة ..

ودمتم بخير / كَيــدْ !




 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 18-12-15, 06:21 PM   المشاركة رقم: 615
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2014
العضوية: 271387
المشاركات: 11,112
الجنس أنثى
معدل التقييم: bluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 13814

االدولة
البلدJordan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
bluemay غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 
دعوه لزيارة موضوعي

أدعتي ابدعتي اتعب وانا اقول ابدعتي


فعلا كان بارت باذخ بكل ما للكلمة من معنى


بكفي عودة جيهان ﻷبوها

وفرحة ديما بحب سيف لها



اعذريني ضاعت الكلمات قدام روعة ابداعك


سلمت يداك ولا خلا ولا عدم منك

تقبلي مروري وخالص ودي

«اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي»

 
 

 

عرض البوم صور bluemay  
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ليلاس, لغز, أكشن, القدر, الكاتبة كيد, انتقام, يوسف, رواية رومانسية, سلطان, غموض, عانقت, قيود, كيد
facebook




جديد مواضيع قسم الروايات المغلقة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t195238.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 02-10-16 06:32 AM


الساعة الآن 11:30 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية