لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (2) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-09-16, 12:59 AM   المشاركة رقم: 461
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2013
العضوية: 254562
المشاركات: 501
الجنس أنثى
معدل التقييم: الشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 867

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الشجية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشجية المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حيزبون الجحيم / بقلمي

 
دعوه لزيارة موضوعي


تـــــــــــــــــابع









و بينما نحن نجلسُ على الكنب عُطرة تضع رأسها على كتفي و هوازن على الآخر و عُزوف تجلسُ على الأرض و رأسها على قدمي و ساجدة تجلسُ مقابلةً لي مبتسمة بسعادة
و بالرغم من أننا نجلس إلا أننا لم نتكلم بكلمة واحدة , فالعينُ لازالت تحفظ , و اللسان من هيبةَ الموقف يتلعثمُ و لا يجيدُ الحوار
و مع أن الصمت سيد الموقف إلا أن السعادة تترأسُ المجلس و بشكلِ مفاجىء تذكرتُ هزيم الذي تركتهُ بالخارج
يالله منذُ نصف ساعة و هو عندَ الباب , نظرتُ إلى فتياتي بداية من عطرة فهوازن ثمَ إلى عزوف و كسرتُ الصمت بابتسامة و كلماتٍ لينة : ممكن حبيباتي بناتي يبعدوا شوي و يخلوا أبوهم يقوم
يسوي شغلة .
زوجَ الأعين الأربعة تعلقت بعيني بنظرةٍ مذعورة و نطقت عُطرة أقواهن بأسًا : يبه وش الشغل إلي يبعدك عنا !
مسحتُ على شعرها برفق و بصوتٍ رخيم : يا حبايب أبوكم , فيه شخص عند الباب نسيته و أنا معكم بدخله وبس .
ابتسمن ابتساماتٍ شديدة الاتساع و ابتعدن عني مسافةً بسيطة فوقفتُ على الأرض و قدمي تنملت من كثرةِ الجلوس
رفعتها و من ثم ضغطتها على الأرض يغيبَ التنميل عنها , سارعت هوازن بالسؤال : يا أبوي رجلك منملة ؟
نظرتُ لها مبتسمًا : ايه لكن بتخف .
قالت عُزوف باهتمام : بروح أجيب زيت الورد و أدلكلك فيها تخلي التنميل يروح بسرعة .
أمسكتُ بيدها أسحبها إليَّ و أُقبلُ جبينها : ما يحتاج و تراها خفت خلاص .
مشيتُ و مشين من ورائي فالتفتُ إليهن : اجلسوا و أنا بجيكم الحين .
قالت عُطرة و هي تتقدم و تقف بجواري و تعانقُ كفي بكفها : بنجي معاك .
فتقدمت هوازن و وقفت بجانبي الآخر أما عُزوف و التي كانت خلفنا ضربت قدمها بالأرضِ فأصدرَ صوتًا و قالت مستاءة : ما جبت حجابي .
التفتُ إليها فلمحتُ ساجدة تبتسمُ بمودة و تجلس على ذاتِ الكنبة التي كنتُ أجلسُ عليها : الرجال من محارمك , تعالي
قالت بتعجب : محارمي مين ؟! , ما في إلا خالي عبدالقوي
ابتسمتُ لها بمحبة : تعالي و تعرفي
تقدمت بخطواتها و صارت بجوار هوازن مشينا سوية حيثُ الباب
فتحتُ الباب و وجدتُ هزيم يجلسُ القرفصاء و يُعطيني ظهره ناديتهُ بحنان : هزيم



*


دخل و لم يعد حتى الشمس خفَ ضوءها و هوَ غائبٌ في الداخل لقد نساني حينما رأى أخواتي
ألا يراهنَ دائمًا ينساني أنا من عشتُ طيلة حياتي بعيدًا عنه و يقعدُ معهن و هوَ يراهن دائمًا !
يالهن من مدللات هل كل هذا الوقت و هو يقنعهن بي , أيشعرون أني مصيبة و حللتُ على رؤوسهن
لا , لا , لا ألومهن فمن يعيشُ في قصرٍ كهذا يستحيل أن يتحمل أوهن المصائب بل أنهُ يرى من أقلِ الأفراحِ أتراحًا
ماذا لو عايشن ما عشت من فقرٍ و ذل و تسول و فقدٍ لليد
ماذا لو عايشن الجهل في عصر العلم , ماذا لو ارتَدين أسوأ الألبسة بل و جلسن برداءٍ واحد سنوات يستيقظن عليهِ و يغفون به
ماذا لو غُسل الرداء ألآف المرات , ماذا لو ناموا الليل بلا عشاء
بل و ماذا لو كانت وجبتهم واحدة طول اليوم , رغيفُ خبز يتقاسمهُ ثلاثة
و النومُ على الأرضِ اليابسة و شمسٌ الظهيرة تُرسل أشعتها عبرَ النوافذ المهيضة و لا تكييف بالمكان
و عندما تتعرق و كأنك دخلت بأرديتك في الماء , قد تجدُ ماءً تروي بها جزءًا من ظمئك و قد لا تجد
لم يعشن شيئًا من الحياة و من شقاءِ الدنيا و متعابها
ما رؤوا ما رأت عيني و ما ذاقوا مُرَ ما تجرعت
يأكلون من نعيم الدنيا و لا أأكل من الدنيا سوى جحيمها
يتقلبون على السرر و تحت رؤوسهن وسادات وأنامُ على الإسفلت و تحت رأسي صخرة يغطيها قميصي المهترىء
غربية هذه الدنيا فيها من يعيشُ في داخل حجرة فارغة أو في الشوارع بداخل الكراتين
و يأكلون كالقطط من سلاتِ المهملات متناسين أنهم بشر يمتلكون مشاعر و عقل يتعقل ما يأكل
بل و منهم من يتبعُ دبيب النمل ليأكل ما تأكل و آخرون في القصور على عروشٍ يتنعمون تمتمدُ المائدة أمامهم و يتخيرون
و حينما يشبعون يُلقون بباقي الطعام في المهملاتِ تبذيرًا
يالله ما أغرب الدنيا و ما أبشع البشر
شقَ صوتُ أبي أصوات الطبيعة و حينما سمعتُ صوته نسيتُ من فوري كل اللوم و القهر
و وقفتُ من على الأرض مبتسمًا متقدمًا نحوهُ مقبلاً رأسهُ و يديه
أحتضنهُ لي فأنا لم أمتلىء منهُ بعد ولن أمتلىء فما مضى لم يكن بالقليل حتى يزول في بضعةِ أيام
ما مضى سنين طويلة و عُمرٌ جلفٌ قاسٍ و غليظ



*


حينما رأيتُ رجلاً غريبًا عريضُ المنكبين فارعُ الطول نحيلُ الجسد و ضخم البنية يقفُ أمام أبي ويحتضنه
تراجعتُ بخطواتي للوراء و وقفتُ خلف الباب مباشرة بينما عُطرة و هوازن اللاتي يرتدين الحجاب وقفن بجانبه بثبات
من هذا وكيف لأبي أن يقول أنه من محارمنا !!
هل يريدُ أبي منا أن نتكشف على رجالٍ أغراب !
ألصقتُ أذني بالباب حينما سمعتُ عُطرة تقولُ بقوة و صوتٍ ثخين يناقضُ أنوثة المرأة : مين هذا ؟! تزوجت يا أبوي و هذا ولدك من زوجتك الثانية ؟!
حينما انتهت صارت كل الأعين مصوبة اتجاهها عيني و هوازن ترتجي أن يكون الواقع غير ما نطقت بهِ عُطرة
أن يكون أبي تزوج وبنى أسرةٍ أخرى و أعطى حنانهُ لأبناءَ آخرين و نحنُ تسعة عشر عامًا يتميات أمرٌ لا تتحملهُ قلوبنا و لا تقاسيهِ عقولنا
أما عينا عُطرة فكانت جامدة و عينا أبي متعجبة
بينما ذلك الرجل كان ضائع و كأنه لا يفهمُ ما نقول !
لم يجيبَ أبي فكان الصمتُ عنوان المكان فأردفت عُطرة : ممكن ليش لا هالولد شكله في نهاية مراهقته يعني الوقت إلي احنا فيه نعيش حياةِ اليتم إنت تزوجت
و أسست بيت و هذا أخونا من الزوجة الثانية عشان كذا هو من محارمنا ,
و تابعت بصوتٍ مقهور : صح ؟
قهقه أبي ضاحكًا حتى فاضت عيناه دمعًا فمسحها بظاهرِ كفه : ما شاء الله عليك يا عُطرة ألفتِ سيناريو كامل في دقايق .
و اقترب منها حتى صار أمامها واضعًا يده على كتفها , متابعًا بجدية : ما تزوجت و هذا أخوك من أمك .
هنا لا أدري كيف فتحتُ الباب على وسعه و نسيتُ أني دون حجاب و خرجتُ و انضممتُ لأخواتي و الجميعُ ينظرُ لأبي بتساؤلٍ و تعجبٍ مما يقول
من أمي ؟! ماذا يعني هذا ؟! , أمي قد توفت في اليوم الذي علمنا بهِ عن غياب أبي في لُجِ البحر
فكيف لها أن تلد بطفل ؟!!
و طُبعت علامةُ الاستفهام بملامحنا نحنُ الثلاثة
فقال أبي بهدوء : ندخل و أفهمكم كل شي .
تقدمتنا أختي عُطرة و نحن وراءها لكنها توقفت فتوقنا و استدارت نحونا مشيرة إلى ذلك الرجل : و هذا بيدخل معانا ؟
فتقدم أبي ناحية الرجل و ضمهُ من الجانب , و بدفاع : هذا أخوك
فمشت عُطرة للداخل و مشينا من خلفها و أغلق أبي الباب
جلسنا نحن الثلاثة بجوارِ بعضنا البعض و أبي على الكنبة المقابلة و بجانبهِ الرجل الذي يكون أخي ! و أيضًا من أمي !
بهدوء : هزيم عمره تسعطشر سنة و قريب بيصير عشرين , التعطشر سنة إلي انتوا عشتوها بدوني حتى هزيم أخوكم عاشها بدوني , آخر طفل لزبيدة قبل وفاتها كان توأم و لد و بنت
و هذا أخوكم على قيدِ الحياة أما أختكم مو متأكد هي أو لا بكرة أستلم نتيجة التحليل و يتضح كل شي .
علامةُ الاستفهام تحولت لعلاماتِ تعجب ليس بنا نحنُ الثلاثة بل و حتى بالرجل الذي يكونُ أخي
فقالت عُطرة تكسرُ الصمت : أمي ولدت ببنت و اندفنت , كيف يطلعوا توأم و بعد على قيد الحياة و ليش عاشوا بدونك و وين كانوا عايشين ؟
تنهدَ أبي تنهيدةً طويلة وحكى لنا قصةً أشبهُ بالخيال
صندوقٌ بهِ أختنا , و يدٌ مبتورة لأخي و حياةً ليست بحياة
فقدهِ لذاكرته و نجاته من البحر منذُ تسعة عشر عامًا و استعادتهِ لذاكرتهِ بهذا العام
لم نكن نحنُ فقط من تعجبنا حتى أخي كان يُشاركنا الطقوس يبدو أن أبي لم يشرح له شيئًا بعد
و مع أن ما يقولهُ صعبٌ على القلبِ و العقل
إلا أن هزيم و كأنه لم يسمع من السردِ شيئًا سوى شيءٍ واحد هوَ ما جعلهُ يتعجب ليتبدل التعجب لشيءٍ من الغضبِ و الاكفهرار
كان يقبضُ على يدهِ الغير مفقودة بقوةٍ و قسوة و أسنانه تصطفقُ ببعضها البعض
و نطق بصوتٍ غائرٍ بمعاني الإضطهاد و الإجحاف , صوتٍ غائرٍ بمعاني الحقدِ و البغض , صوتٌ يحملُ سواد الدنيا و يُلقي بكل الخيرِ و البياض للغياب
انتاصت معاني الإنسانية من عينيه , و وقب الظلام وجهه و طمسه , ليسأل بما يجولُ و يصول بذهنه : يعني إلي بتر يدي هو الي رباني لسن الخمسة , هو حمدان , و عشبة إلي اعتبرتها أمي سكتت
ما حمتني منه و لا دافعت عني , يعني اشتياقي لعشبة و حلمي فيها بكل ليلة كان كذبة ! عمرها ما كانت أمي مثل ما كانت عيني تصورها حنونة و تخاف علي , حمدان لازم أشوفه و حتى عشبة
لازم يعرفون إن الله حق و ينصر المظلوم حمدان بالسجن يلاقي عقوبته و عُشبة بتلحقه ما برحم إلي عمره ما رحمني و جرني للجحيم .
و ما قالهُ هزيم كانت الكلمات التي فتكت رؤوسنا هل من بتر يده هوَ حمدان و عُشبة تندسُ بمنزلنا , بينما هزيم يعيشُ حياةَ الضنك !
شدَ أبي على يدِ هزيم و أحتضنهُ من جانبهِ بقوة
و قالت عُطرة بذاتِ حقدِ هزيم : كل من أذآنا بيلاقي جزاته كل من دخلنا الجحيم بيذوق حرارتها ما بنسامح أحد , و إلي رماك بالبحر يا أبوي بس لو أشوفه , هذا هو السبب في تغيير حياتنا
هاذي الليلة إلي قلبت الموازين هذا أكثر إنسان في الوجود قلبي حاقد عليه .
و كأن هزيم النسخة المصغرة من عُطرة في التصرفات و الإنفعالات
بقيَّ كلٌ منا في صمت و في رحلةِ تفكيرٍ لا تنتهي
ما كان وقتًا لاحتضانِ أخي و الفرحَ بوجوده فما سمعنا صم أذاننا عن كلماتِ الشوق
ما سمعناه لم يكن بالشيء السهل حتى نقوم و نتبسم و نحتضنُ بعضنا
نحتاجُ وقتًا للاستيعاب .



***


كنتُ أنتظرُ أبي منذُ الساعة الخامسة عصرًا إلا أنهُ كان بحجرةِ التحقيق , و الآن بتمامِ الساعة الخامسة و النصف تمَ نقله للحبسِ الإنفرادي
طلبتُ زيارتهُ و سمحوا لي , الحمدلله أنهم لم يمنعوا الزيارة عنه فدخوله للحبسِ الانفرادي لا يريُحني فالحبس الانفرادي يكون لأمرين إما أن يكون الجاني ارتكب أمرًا مخالفًا للقوانين
و هو في يدِ القانون , أو أنه يكذب فيكون الحبس الإنفرادي ضغطًا عليه للتصديق بأقوالِ المحقق أمام المحكمة و مدةُ الحبس لا تزيدُ عن خمسةَ عشر يومًا
وإن لم يجدي الحبس معهُ نفعًا يمنعُ من الزيارة و إن زاد يتم جلده بما لا يزيدُ عن عشر جلدات و من حق مدير السجن الأمر بتكبيل المسجون بالأغلال إذا وقع منهُ هياجٌ و ثوران
و يُقيد بما لا يزيدُ عن ثلاثةِ أيام , و أرجو أن لا يصل الأمر إلى هذا الحد فهنالك سوءُ تفاهم و يجبُ بيانه
و لكن المعضلة أني لا أستطيعُ أن أكون محقق القضية وذلك لأنه في قسمٍ غير قسمي فأنا في مكافحةِ المخدراتِ فقط و غير هذا إن كنتُ من ذاتِ القسم فأيضًا لا أستطيع فإن كان السجين من أقاربِ الضابط
لا يُسمح للضابط بتولي القضية و لكني ساجلبُ أفضل محامي و حينما تنتهي الزيارة سأتصلُ على خالي أصل و أقابله و أفهمُ منه و إن كان هنالك شيئًا خاطىء فعلهُ أبي فسأطلب من خالي السماح و العفو
و بهذا تُغلق القضية على خير و من المؤكد أن خالي لن يرفض طلبي و سيعفو ويغفر يبدو أنه قدم البلاغ بلحظةِ غضب و ستنتهي حتمًا و نعودُ كما كنا في زمانٍ ماضي أسرةً متحابة لا ينقصنا سوى عمتي زبيدة
رحمها الله , تعلقت عيناي بيدِ أبي المقيدة بالأغلالِ الحديدية و رفعتها حتى طاحت على عينيه الحادة الثابتة و كأن شيئًا لم يقع !
فتح السجان القيود عن أبي , فجلس أبي على الكرسي
لو أن اللمس ليس بممنوع لقبلتُه برأسهِ و يديه و احتضنتهُ لي بشدة مطمئنًا لهُ أنه سيكون بخير بإذنه تعالى و لن يطول ما هوَ عليه و لكن تجري الرياحُ بما لا تشتهي السفن
ابتسمتُ لأبي أحاول بثَ الأمآن إليه و أنا من أحتاجُ لهذا الشعور : بإذن الله بتخرج يا أبوي و يكون كل شي بخير لا تقلق .
أستند بظهره على الكرسي و أجاب مبتسمًا : أبوك قوي و بيخرج إنت إلي لا تقتلق عليه .
ازدادت ابتسامتي راحةً لكونه لم يضعف لما حلَ بهِ : بإذن الله , لكن أبيك تعلمني بالتفاصيل يا أبوي حتى أساعدك و أعطي المعلومات للمحامي .
قال أبي بأمر : أبيك تكلم ذراعي الأيمن ماجد و هو إلي يجيب لي محامي مناسب , و المحامي بيكون عنده المعلومات من ماجد و لا تحاول يالكاسر تعرف شي تراني بزعل عليك , ما أبيك يا وليدي
تدخل بهالقضية و القانون ما يرضى بهالشي إنت قسمك مكافحة مخدرات و كذا بتخالف القانون بدخولك و ممكن هالشي يكون نقص لرتبتك أو سحب لوظيفتك و إنت وظيفتك غالية عليك
المحامي إلي بيوكله ماجد هو بيقوم بكل شي و لا تقلق أبوك براءة بإذن الله .
باعتراض : لا يا أبـ
قاطعني بحدةٍ و حزم : لا تخالف شوري يالكاسر , لا قلت شي اسمع الكلام و إنت ساكت قضيتي بيني و بين المحامي و إنت خليك في شغلك
و بلغ ماجد يوكل لي محامي اليوم .
تنهدتُ بضيق : حاضر يا أبوي إلي تبيه بيصير .
قام أبي من على الكرسي و اقترب السجان يقيدهُ بالأغلال و جاء سجانٌ آخر يقفُ بالجانب الأيسر و الثاني بالأيمن و أبي في المنتصف بينهما
لن أتدخل يا أبي لكني سأعرف سبب البلاغ من خالي أصل و أطلبُ منهُ العفو و السماح حتى ينتهي الأمر على خير .


*


من المحال أن أدع الكاسر يتدخل بمجريات القضية فإن علم عن أفعالي الشنيعة ما سيكون موقفي أمامه و أمام ناجي و معن
بل أيضًا أخافُ منهُ فهوَ من قيدَ زوجتُه بالأغلال و جرها للسجن مع أنها أغلى عليهِ من روحه
قام بتلبية نداء القانون على حسابِ دموع زوجتهُ و أسرها
و كما فعل بزوجتهِ سيفعلُ بي سيجرني للسجن لأكون أسيرًا
و هذا لن يحدث فالمحامي الذي سيوكلهُ ذراعي الأيمن ماجد سيكون من أصحابِ النفوس الضعيفة , عبدًا للمال ما أن يراه حتى يتلاعب في القضية كيفَ يشاء
و إن استطاع الوصول إلى المدعي العام و إلغاء رفع الدعوة للقاضي
و حلَ القضية بالتلاعب في حجرةِ التحقيق سيكون حينها كل شيء على مايرام .



***


الساعة التاسعة و النصف ليلاً , توجهتُ لشركةِ أبي لاصطحابه للمنزل ستصبحُ هذهِ عادة و إن لم يرضَ , سأحاول قد المستطاع أن أكون بالجوار
فإن اصابهُ مكروهٌ ما سأساعده و لن أدعهُ يعودُ للمستشفى ذات الرائحة الكئيبة التي تعني المرض وفقدَ جزءٍ من الصحة
اتصلتُ على أبي مراتٍ و مرات لكنَ هاتفهُ مغلق , قد يكون لديهِ اجتماع ولكن في هذا الوقت !
ترجلتُ عن السيارة و توجهتُ نحو الشركة و تفآجأتُ من الضجة و الجلبة العارمة بداخلها و كأنه ليس مكان عمل
لم أبالي و مشيتُ مباشرةً لمكتبِ أبي و قد كان السكرتير يجلسُ على مكتبه و وقف حينما رآني , سألتهُ مستفسرًا : أبوي جواله مقفل عنده اجتماع ؟
سكت لوقتٍ ليس بقصير و من ثم نطقَ بتعلثمٍ و توتر : أستاذ عبدالقوي .. قبضوا عليه الشرطة
طبيعةَ الإنسان حينما يسمعُ مصيبةً ما , يحتاجُ وقتًا للاستيعاب لكني استوعبتُ سريعًا ما يعني
فهذه الأغلالُ اللعينة صفدت أخي ركاض و الكاسر و زوجته
ركضتُ سريعًا لخارجِ الشركة حيثُ سيارتي , أبي لا يتحملُ هذا الوضع
فهوَ في حالةٍ سيئة و يحتاجُ للراحة و إلا سيتفاقمُ الألم و يدخل بنوبةِ قلبيةٍ ثانية و لن أسمح بهذا
العصابة و تمَ القبضُ عليها و أُفرِجَ عن ركاض و الكاسر و زوجته
ماذا بعد من يريدُ الشر لنا , أما يكفيهم كل ما جرى ؟!


***


دقت عقارب الساعة العاشرة تمامًا و بدأت ضرباتُ قلبي بالتصاعد أنظر لذاتي في المرآة
لقد حاولتُ محوَ الألم عن ملامحي و ارتديتُ أبهى ما أملك و حتى شعرَ ذقني قمتُ بحلاقتهِ لكي لا تنفر مني خوفًا من مظهري المزري
و لكن إن أرادت هيِ أن تراني بمظهري المزري فسأعود لتعذيب ذاتي كما أرادت سأكون كما تريد يكفي أن تغفر لي خطيئتي
فمن شروط التوبة استحلال صاحب الحقِ حقه بالاعتذار و من شروطِ الحب المغفرة و العفو حتى يكتمل بدر الحب
سأعتذر لها تائبًا و أطلبُ الغفرانَ عاشقًا
و من شدةِ اشتياقي لها عيني لا ترى سوى عقارب الساعة و تعدُ دقائقها عدًا و أذني لا تلتقطُ سوى صوتَ تكتكتها
ومضت نصفُ ساعةٍ أخرى و لازلتُ أوآسي ذاتي متماسكًا ثابتًا
ستأتي ستأتي هيَ امرأةً جموح لكنها حكيمةً أصلية
و عشرُ دقائق أخرى انضمت للنصف فمشيتُ أمام الباب جيئةً و ذهابًا بتوترٍ و اضطراب
أفركُ يداي ببعضهما البعض و أعض شفتي و ظهري ما أن يغيبُ عن الساعة ذهابًا حتى تسقطَ عيني عليها جيئة
صارت الساعة العاشرة و الخمسون دقيقة فجنَ جنوني و لم أتمالك نفسي
مزقتُ قميصي و بعثرتُ شعر رأسي أشدهُ بقوة محاولاً انتزاعهُ من جذوره
لن تأتي لقد مضت الساعة ما تبقى سوى خمسُ دقائق لن تأتي
ضربتُ رأسي بالجدار بقوة و عدتُ لرفعهِ ثمَ ضربهِ بالتوالي و بشكلٍ متكرر
صداعٌ شديد و دوار و غشاوة تغطي عيني و لازلتُ أضربُ رأسي بكلِ قسوة
حتى شعرتُ بشيءٍ غريب مددتُ يدي أعلى رأسي و من ثم وضعتها أمام عيني لأرى الدم يسيلُ منها
و هنا رنَ الجرس فانتفض جسدي و تسارعت أقدامي نحو الباب
فتحتُه على وسعه ...


***





إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا بخير $



 
 

 

عرض البوم صور الشجية   رد مع اقتباس
قديم 15-09-16, 01:20 AM   المشاركة رقم: 462
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2013
العضوية: 254562
المشاركات: 501
الجنس أنثى
معدل التقييم: الشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 867

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الشجية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشجية المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حيزبون الجحيم / بقلمي

 
دعوه لزيارة موضوعي






السلامُ عليكم و رحمةُ اللهِ و بركاته () .





هذا الجحيم أتعبني بشكل ما أقدر أوصفه حقيقة
فعلاً كان أصعب جحيم في الكتابة للحظة حسيت إني جالسة أذاكر من كمية الجهد المبذول
المهم نفسيًا الآن غير مستعدة لكتابة أي حرف حقيقة
فما أدري متى بيكون موعد الجحيم القادم
مع العلم إن الدراسة بتبدأ هذا الأحد
و يوم السبت عندي موعد بالمستشفى يعني الوضع من جد متكركب
غير الأحداث إلي حاليًا اشتعلت و تحتاج مني أحاسيس مش مجرد حروف زي المقاطع البوليسية
مجرد أجمع المعلومات البوليسية أكتب بسلاسة و راحة
لكن المشاعر إلي بتجي تحتاج وقت طويل
ترى جزئية أصل والبنات يوم الثلاثاء قعدت أكتبها من سبعة مساءً لما أذآن الفجر , مستوعبين !
المهم أتوكل على الله و أقول الجحيم القادم بإذنه تعالى يوم السبت أو الأحد
و بحاول قدر المستطاع يكون الجمعة
لأن السبت موعد و حتى الليل بنام بدري للأحد و طبعًا اتقاتل مع نفسي في النوم بحكم إني متعودة على السهر
فشكلي حروح مواصلة و حيكون يومي مخربط في الأحد
فالجمعة هي الأنسب ولكنها صعبة لأني أحتاج وقت أطول
المهم بدينا في دوامة مخالفة المواعيد و كثرة الاعتذارات هاذي هي الدراسة
أتأسف منكم على كل ما بدر مني
يشهد ربي حاولت أخلصها قبل بداية الدراسة لكن ما قدرت لسى باقي جزئية كبيرة حقيقة
و أنا نزلت لكم جزئية كبيرة ترى خلال العطلة
لأنه أتذكر كنا موقفين عند الجحيم 57
فنزلت لكم من 58 إلى 80 و هالشي حلو
المهم كثرت كلام بس أقولكم شغلة ممكن ينزعج منها بعضكم
الظاهر كذا والله أعلم إن الرواية بتوصل للمية جحيم .


طابت أيامكم بِذكر الله

 
 

 

عرض البوم صور الشجية   رد مع اقتباس
قديم 15-09-16, 09:13 AM   المشاركة رقم: 463
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2013
العضوية: 259797
المشاركات: 55
الجنس أنثى
معدل التقييم: دهن عود قديم عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 42

االدولة
البلدAjman
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
دهن عود قديم غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشجية المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حيزبون الجحيم / بقلمي

 

😭😭😭شوشو الجحيم رهييييب ،لازال الثعلب يراوغ ماكفاه هالظلم ماكفاه والتمت العائلة واخيييرا باقي زبيدة ،لازلت اظن انها موجودة ومي المسكينة ، شوشو أسعدني ردج ،ماتعرفين كيف الرواية تعجبني وأسلوبك العربي القوي جميييل جدا ،سعيدة لأَنِّي اعني لك وللرواية شيئا ،الله يعافيج اختي وييسر امورك ،عادي توصل الرواية للمية مانبغي هالإبداع يوقف

 
 

 

عرض البوم صور دهن عود قديم   رد مع اقتباس
قديم 21-09-16, 12:09 PM   المشاركة رقم: 464
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2013
العضوية: 259797
المشاركات: 55
الجنس أنثى
معدل التقييم: دهن عود قديم عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 42

االدولة
البلدAjman
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
دهن عود قديم غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشجية المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حيزبون الجحيم / بقلمي

 

وحشتينا والابطال. كيف صحتج يارب احسن.ننتظرج😙

 
 

 

عرض البوم صور دهن عود قديم   رد مع اقتباس
قديم 21-09-16, 06:18 PM   المشاركة رقم: 465
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2013
العضوية: 254562
المشاركات: 501
الجنس أنثى
معدل التقييم: الشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 867

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الشجية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشجية المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حيزبون الجحيم / بقلمي

 
دعوه لزيارة موضوعي











الجحيـــم


(81)


** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **
















دقت عقارب الساعة العاشرة تمامًا و بدأت ضرباتُ قلبي بالتصاعد أنظر لذاتي في المرآة
لقد حاولتُ محوَ الألم عن ملامحي و ارتديتُ أبهى ما أملك و حتى شعرَ ذقني قمتُ بحلاقتهِ لكي لا تنفر مني خوفًا من مظهري المزري
و لكن إن أرادت هيِ أن تراني بمظهري المزري فسأعود لتعذيب ذاتي كما أرادت سأكون كما تريد يكفي أن تغفر لي خطيئتي
فمن شروط التوبة استحلال صاحب الحقِ حقه بالاعتذار و من شروطِ الحب المغفرة و العفو حتى يكتمل بدر الحب
سأعتذر لها تائبًا و أطلبُ الغفرانَ عاشقًا
و من شدةِ اشتياقي لها عيني لا ترى سوى عقارب الساعة و تعدُ دقائقها عدًا و أذني لا تلتقطُ سوى صوتَ تكتكتها
ومضت نصفُ ساعةٍ أخرى و لازلتُ أوآسي ذاتي متماسكًا ثابتًا
ستأتي ستأتي هيَ امرأةً جموح لكنها حكيمةً أصلية
و عشرُ دقائق أخرى انضمت للنصف فمشيتُ أمام الباب جيئةً و ذهابًا بتوترٍ و اضطراب
أفركُ يداي ببعضهما البعض و أعض شفتي و ظهري ما أن يغيبُ عن الساعة ذهابًا حتى تسقطَ عيني عليها جيئة
صارت الساعة العاشرة و الخمسون دقيقة فجنَ جنوني و لم أتمالك نفسي
مزقتُ قميصي و بعثرتُ شعر رأسي أشدهُ بقوة محاولاً انتزاعهُ من جذوره
لن تأتي لقد مضت الساعة ما تبقى سوى خمسُ دقائق لن تأتي
ضربتُ رأسي بالجدار بقوة و عدتُ لرفعهِ ثمَ ضربهِ بالتوالي و بشكلٍ متكرر
صداعٌ شديد و دوار و غشاوة تغطي عيني و لازلتُ أضربُ رأسي بكلِ قسوة
حتى شعرتُ بشيءٍ غريب مددتُ يدي أعلى رأسي و من ثم وضعتها أمام عيني لأرى الدم يسيلُ منها
و هنا رنَ الجرس فانتفض جسدي و تسارعت أقدامي نحو الباب
فتحتُه على وسعه و الابتسامة مرسومة على وجهي , لقد جاءت لم تخذلني هيَّ أصلية قلبها طاهر مهما قست
لكن تلاشت الابتسامة , احتضرت السعادة حين مولدها لم يكتمل بدر الحُب
لم تندمل جراحي , توعك ألمي و انفجر دمًا و نارًا تحرق النفس دون رحمة
لقد خذلتني أشدَ الخذلان و إني والله لأستحق ما فعلتُه به و مهما فعلت ما بغلت ضنين رحمتي اثنا عشر سنة
إن كان هنالك بالفعل ما يُسمى الرحمة طيلةَ تلك السنوات
كابدت الألم و قاسته و لم تضمحل نظرة اليوم الموعود عن عينيها كانت على ثقة بمجيء هذا اليوم و كم هددتني و حذرتني
من مهدِ زواجنا للحدِ علاقتنا , و جاء اليومُ الموعود لأصير مازوخيًا و هي ساديتي
كنتُ السادي لكنها لم تكن يومًا مازوخية لأنها كانت على حق و على يقينٍ بأن الله نصيرها
أما أنا فصرتُ مازوخيًا لأني لم أكن لوهلةٍ واحدة على حق
في مخاضِ يومٍ كئيب قذفتُها بهتانًا , و في لؤمِ الطبِ جلدتها عنفًا
و في روايةِ الاثنا عشر عامًا زففتُها أتراحًا
زيجةٌ بالقسر , أبناءٌ بأبوين يتامى !
و ضحية و قعت على يديَّ زنًا فقبرًا
و النهاية مازوخي يعيشُ الوحدة في جودِ جهامتهِ الماضية
و عنجهيةُ طرفين انتهت بانهزامي موصوم الجبين
كُتب عليه " زانٍ قاذف "
ما كان إلا ركاض يقف أمام الباب و عينيه على جبيني موضع الدماء
دماء ساحةِ انهزامي في نهايةِ روايةِ الاثنا عشرَ عامًا
ابتعدتُ عن الباب فدخلَ هوَ و أغلق الباب من خلفه
ناداني لكني لم أستجب و تابعتً مسيري حيثُ الحجرة التي سأنامُ بها
دخلتُها و تركتُ الباب مفتوحًا فأنا أعلمُ أنهُ سيدخلُ لا محالة , و هذا ما حدث بالفعل دخل و وقف بجواري بينما أنا كنتُ أبعثُ بحقيبةِ السفر
أبحثُ عن رداءٍ لي فاليوم قد عدنا من مصر ولم أرتب أرديتي و الحمدلله أني لم أقم بذلك سأعود لمصر حيثُ كنت و أموتُ معزولاً دون جليس
قبض على يدي في الوقت الذي قبضتُ بهِ على أرديتي , لم أنظر إليه و لم أعرف ما توحي إليهِ ملامحه لكن صوتهُ كان كافيًا بسردِ االتفاصيل التي تتشعبُ في وجههِ
مابين الذعرِ و الأسف : معن لا تسوي بنفسك كذا إلي يبعيك بيعه .
هه , من المضحك أن البشر كثيري التحدث عن الكرامة و الكبرياء و أول حروفهم في غياهبِ الهجر
مادام أنهُ لم يهتم لي فلن أهتم , يكتبون عنها و يصفونها بتفاصيلها و لكنها كذبةُ تضاهي جُل كذباتِ ابريل
هم يعلمون بقرارةِ أنفسهم أن ما بُنيَّ أعوام مُحالٌ أن يهدم في سويعات إلا إن كانوا لم يعيشوا الحُب حقًا و إنما كان مجردُ إعجاب
أنا عاشقٌ متيمٌ بهواكِ يا عُطرة فهلِ لي أن أعقف السنين و إن كانت عجافًا
هل لي أن انتزعك من فؤادي قسرًا و عنوة , هل لكِ أن تكوني في حياتي ككل امرأة ؟!





*




كنتُ في الفندق الذي مكثتُ بهِ لأن زوجةَ أخي ستكون في منزلي معه , ولكن الهلع سكن دواخلي , خفتُ أن لا تأتيهِ فيضرَ نفسه
لم أستطع النوم بعد عناءِ السفرِ و مشقته , فكل تفكيري منصبٌ على أخي و حاله
أبعدتُ اللحافَ عني و وقفتُ قائمًا , أرتديتُ ملابسي و أخذتُ مفاتيحَ سيارتي و توجهتُ حيثُ يكون
لا أدري بأي عذرٍ أرن الجرس لا سيما إن كانت عنده , فموقفي سيكون محرجًا
و لكني اندفعتُ بلا عذر ليُفتح الباب و أرى معن بدمائهِ و بؤسَ ملامحهِ و شحوبَ وجهه
لم يكن هنالك مجالٌ للسؤال فحالهُ إجابةٌ عن كلِ سؤال , لم أعتقد لوهلةٍ واحدة أنها لن تجيء
أي قسوة تقطنُ في قلبكِ يا ابنةَ العم ! , ما الذي ستخسرينه إن ساعدتيهِ بتجاوزِ ما هوَ عليهِ من الوهنِ و الإنفلال
لم يكن ما عشتهِ يا ابنةَ العم مع أخي هنيهةً من الدهر بل كان برهةً منه
فكيف لكِ أن تقسي رغمَ العِشرة و المنادمة ِ الطويلة ؟!



***



الساعة الحادية عشرَ و النصف ليلاً , نجلسُ على مائدةِ الطعام سويةً كعائلة متكاملة لا ينقصها سوى والدتنا رحمها الله ، أبي على الكرسي الأساسي و ليس بجوارهِ أحد و على جانبيهِ الأيمن
و الأيسر نتوزع أجلسُ و بجواري عُزوف
و في الجهةِ المقابلة هوازن و هزيم و من ثمَ خالتي ساجدة ، أبي كان مهتمًا بنا و كأننا أطفال يقدمُ البيضَ لهوازن ، و يُعطي الخبزَ لعُزوف ، يسكبُ العصيرَ لي ، يقدمُ الأطباق لهزيم ، يبتسمُ
لعمتي ساجدة ، حتى أنهُ لم يأكل شيئًا منذُ جلوسه ، مددتُ كفي حتى لآمستُ يده فوضعَ يدهُ الأخرى فوق كفي فصار كفي بين يديه الدافئتين ابتسمتُ لهُ بمودة : يبه ما أكلت شي من أول ما جلست .
فقالت عُزوف توافقُ كلامي : صح يبه ما أكلت لقمة وحدة .
كنا جميعًا ننظر لهُ ، زهزق في ضحكته : لا تطالعوني و بآكل .
أبعدنا أنظارنا عنه و لكننا جميعًا كنا نسترقُ النظر إليه خلسة إلى الآن نشعرُ بأننا في أجمل حلم لم نستوعب بعد أنهُ أمامنا و كلما استوعبنا داهمنا القلق مخافةَ غيابهِ عنا ، نريدُ النظر إليه
و مهما نظرنا إليهِ لا نمتلىء , فالعينُ ما أن تغيبُ عنهُ حتى تتوقُ للتعلقِ بهِ .



*


منذُ مدة و أنا قابعٌ في سيارتي , أشعرُ بالاختناق و لا أستطيعُ التنفسَ براحة , هل أدخلُ للمنزل و أنامُ ليلي مرتاحَ البال و أبي أسيرٌ بين القضبانِ الحديدية
كيف لي أن أهنأ و أبي في تعاسةٍ و شقاء , لو أنهم يخرجونه و يضعوني بين القضبانِ بدلاً عنه
أبي و إن كنتُ عرفتُ مؤخرًا من يكون أبي بصفاتهِ السيئة فهوَ أبي مهما فعل و لا أستطيعُ أن أرآهُ ضعيفًا و أكثر ما يبغضُ في حياتهِ الوهن
لكنهُ واهنًا إجبارًا و إكراهًا رغمًا عنه يجبرهُ واقعه المأساوي أن يكون كذلك وأنا لا أسطتيع رؤيتهُ بما يمقتُ من ضعف
لا أستطيع رؤيتهُ كذلك و بذاتِ الوقت أريدُ رؤيتهُ للاطمئنانِ عنه و لكني لم أستطع زيارته فقد تبين أن وقت الزيارة قد انتهى



*


حينما انتهت زيارتي لأبي خرجتُ من المركز لمقابلةِ الذراع الأيمن لأبي " ماجد " و قد خمنتُ أنهُ في الشركة لكني تفآجأتُ بهِ واقفًا أمام المركز بانتظارِ أوامرَ أبي لهُ ، بلغتُه برغبةِ أبي في أن يوكل
محامي من اختياره هو ، فانصاعَ للأمرِ من فوره ، و من ثمَ اتصلتُ على خالي أصل سأحاولُ أن أغلقَ القضية فيما بيننا دون اللجوء للمحاكم ، و قد باءت كل محاولتي بالفشل لم يردَ على أي اتصال ،
كيف سأصل لهُ ؟ لابد أن يجيبَ على الهاتف بأسرعِ وقت فكلما طالت المدة تعقدت الأمور و ساءت أكثر مما هيَّ عليه ، وصلتُ للمنزل و لأولِ مرة أشعرُ بصعوبةِ الدخولِ إليهِ و النومِ به ، لأولِ مرة
أفكر في تصرفاتي قبل الدخول إليه ، فدخول المنزل عادة لا تحتاجُ منا للتفكير إنما هيَ تحتَ إطار اللاوعي و اللامهارة و لكني أفكر و كأني لأولِ مرة أقودُ سيارتي لأولِ مرة أدخلُ للمنزل ، كأني أولدُ
طفلاً باحتياجِ أبي و لا أتخيلُ حياتي من دونه ، نعم أنا لا أتخيلُ هذا المنزل دونه ، هذا المنزل الذي تربيتَ و ترعرعت بهِ في أيامِ مراهقتي ليومي هذا ، كيفَ لهُ أن يكون دون أبي كئيبٌ موحشٌ مظلم
خالٍ من معاني الحياة و مقوماتها ، تنهدتُ بضيق و فتحتُ باب السيارة و غادرتُها توقفت أقدامي عن الحركة حينما رأيتُ ناجي يقعدُ بسيارتهِ و لا ينزلُ منها ، تقدمتُ نحوه و فتحتُ باب سيارتهِ
فانتفض مستيقظًا من دوامةِ أفكاره ، سألتُه باهتمام : شفيك ما نزلت ؟
نظر لي باستياء و من ثم نظر للأمام و يدهُ تضربُ على " الدركسون " و نطقَ بما يزهقُ روحه : فيني الوجع إلي فيك يالكاسر .
نظرتُ إلى السماء الداكنة و يدي مستندة على الباب حبستُ أنفاسي و أطلقتُها زفيرًا وريفًا كوارفِ ضائقتي يُلامسُ عنان السماء فينعكس و ابلاً من نار في صدري لأنتكصَ للزمنِ القديم طفلاً
لا يعرفُ من أمرهِ شيء ، تراجعتُ خطوةً للوراء بخروجِ ناجي من السيارة و دونَ صوت توجهنا لداخلِ المنزل .


*





قام أبي من المائدة يحمدُ الله على مارزقنا فقمنا أنا و أخواتي من ورائه بينما بقيَّ هزيم يتناول الطعام بنهمٍ و شراهة مفرطة
ما حجم المعانآة التي عانيتها يا هزيم , نحنُ حُرمنا من أبينا في سنِ الطفولة و بعضنا في المراهقة و أنتَ لم تنعم بوالديك طيلة حياتك
ها أنتَ ترى أبي بعد تسعة عشر عامًا من مولدك و لكن لم ترى أمي
أنا فتاةُ العاشرة كنتُ دائمًا ما أبكي أريدُ أمي
لذلك أنا الأكثرُ دلالاً بين أخواتي , فأختي عُطرة أغدقتني بالدلع كلما طلبتُ شيئًا كان أمامي
كانت تحاول وبشتى الطرق تعويض طفولتي حتى عمتي ساجدة عاملتني بحنان يفوقُ بقيةَ أخواتي
أنتَ الذي ولدتُ ولا أحدَ حولك لا أحدَ لكَ في الحياة
كيف أكملت حياتك حتى وصلت لهذا اليوم
أي صبرٍ ذا الذي تتحلى بهِ , أي صلابةٍ يمتلكها قلبك
من أنتَ يا هزيم ؟ كم أريدُ التعرف عليك , كم أريدُ أن أشاطرك في صبرك و أحمدُ الله على كلِ حال
بينما أنا أبكي طفلاً طيلة اثنا عشر عامًا , أنتَ تبكي طفولة و مراهقة لم تزوالها كأي أحد
بينما أنا أسخطُ لقدري في الدنيا , أنتَ ترفع يديكَ و تدعو الله
حتى تحقق ما تريد و إن كانت المدة طويلة
لكن الإبلال و الإبتهاج انجلى و اضمحل البلاء و بلاءُ الله لعبدهِ ما هوَ إلا اختبار
سكبتُ الصابون السائل على يدِ أبي و هوازن تُمسك بالمناديل الورقية تنتظرُ انتهاءهُ من غسيلِ يده
أما عُطرة فتقفُ ملتصقةً به , أصبحنا كالظلِ لأبي نلاحقهُ أينما كان
الوحيد الذي لا يظهر مشاعره كثيرًا هوَ هزيم رغمَ أنهُ الوحيدُ بيننا الذي لم يرى أبي سوى اليوم !
تبزغُ السعادة بوجهه و الشوقُ لأبي لكنهُ و بالرغمٍ من هذا يعطي لأبي مجالاً للتنفس والجلوسَ وحيدًا
بينما نحن لا نبتعدُ عنهُ خطوةً واحدة
جفف أبي يديهِ بالمناديل الورقية و تناولتها عُطرة من يديهِ سريعًا و ألقتها في سلةِ المهملات المجاورة للمغسلة
دخلنا لأحدِ المجالس و قليلاً من الوقت حتى انضم هزيمٌ لنا
و قبل أن نتكلم بأي حرف رنَ هاتفي الجوال يتبعهُ هاتفُ هوازن
كانت المكالمة الواردة من ناجي و يبدو أن مكالمةَ هوازن من زوجها الكاسر
و الذي أكدَ ذلك أن هوازن قالت بصوتٍ جهوري : يبه زوجي جاه أخليه يدخل يسلم عليك ؟
أجاب أبي مبتسمًا : حياه الله الكاسر
فشاركتُ هوازن الاقتراح : حتى ناجي جاه بخليه يدخل .
عقدَ أبي حاجبه متسائلاً : ولد مين ناجي ؟
فقالت عُطرة بصوتٍ ساخر : ولد مين بيكون ولد خالي عبدالقوي هو نحنا يجوز لنا نتزوج غير أولاد خالي .
طغى الصمتُ على المكان , عُطرة هداها الله دائمًا ما تندفعُ بالكلام
فأبي متعب بعد الجهد الكبير الذي بذله و السنين الطويلة التي عاشها مفقود الذاكرة و بدل أن تراعي ذلك
جاءت لتسخر وتسخط مما كان من نصيبنا
شحبَ وجهَ أبي كثيرًا و ما كان ينظر إلا لعُطرة , ينظرُ إليها بعمق و كأنه بهذه اللحظة أدرك و تذكر شيئًا عنها كان طيَّ النسيان
بينما عُطرة أشاحت عينيها عن أبي لأولِ مرة منذُ مجيئه و قامت من على الكنبة و هيَ تقول : يلا يلا أولاد الخال بيدخلوا .
غادرنا الحجرة و تبقى داخلها هزيم و أبي و عمتي ساجدة
اتصلت هوازن على الكاسر و أذنت لهُ بدخول المجلس بينما نحنُ قبعنا بأحدِ المجالسِ الأخرى .



*



حينما رنت هواتف أخواتي بمكالماتٍ من أزواجهم , تذكرتُ معن و الساعة العاشرة
الساعة العاشرة التي انتهت منذُ ساعات , الساعة الموعودة التي امتعنتُ عنها سهوًا
فمجيءُ أبي أنساني حتى نفسي , كنتُ سأفي بالموعد و لن أنكث به
فأنا أريدُ لكَ السلامة من كل داء
لأنك جلدتني فداويتني , قذفتني فمسحت دمعي
ضربتني فاحتضنتي , ظلمتني فمرضت و احتجتني
سأكون الدواء يا معن كما كنتَ دوائي
سأمحو الجروح عن جسدك كما محيت دموعي
سأحتضنك تخفيفًا عنك و لأنكَ ظلمتني لن أسامحك
لا زلتُ أُحبك نعم أحبك يا سفاحي و قاتلي المتغطرس
تُعذبني فأحبك , و أعذبك هجرًا فيزيدُ حُبكَ لي !
أي حبٍ ذا الذي نعيشه ؟!
لا يتضاءل بالعذاب بل و يتضاعف
لا ينضب بالهجر بل ينمو
كلما دقت الساعة سقى الشوقُ قلوبنا عشقًا
هذا ما كان يدورُ بذهني حتى عدتُ بذاكرتي إلى حيثُ أكون
فرأيتُ أبي الذي ينظرُ لي بنظرة لم أجد لها تفسير عميقة كعمقِ اثنا عشر عامًا
و كأنه في حديثِ الزيجة تذكر ما كانت عليه الطفلة عطرة و ما عاشتهُ مع معن
أشحتُ عيني عنهُ بشيءٍ من الخجلِ و الحرج
فما حدث لي من الصعب أن أفاتح أبي به , هنا تكمن حاجتنا للأم
المرأة التي لا نخجلُ منها و نحكي لها فتسمعنا و تنصحنا بما هوَ خير
رحمكِ اللهً يا أمي .



*



تفآجأتُ من هوازن حينما قالت لي أن خالي أصل في الداخل ، فقد قال لي أن لديه عمل و لن يعود لبناتهِ حتى انتهائه من أعماله و لم أعتقد لوهلة أنه في المنزل و أنا الذي اتصل عليهِ منذُ ساعات
على الأرجح أنهُ انشغل عن هاتفهِ مع فتياته ، دخلتُ للمجلس و ناجي ورائي بخطواتٍ معدودة ، خالي يجلس في قلبِ المجلس على كنبةٍ مزدوجة و على مسافةٍ منهُ أمي و على كنبةٍ منفردة ابن
خالي هزيم ، عقدتُ حاجبي باستغراب و نظرتُ لناجي الذي يردد اسم الله بشكلٍ يوحي أنهُ مذعور أو أنهُ يرى جانًا في حضور الإنس
عيناهُ متحجرة على خالي أصل دون حراك ، وضعتُ يدي على كتفه و قد أدركتُ أن لا علمَ لديهِ بحياةِ خالي و هوَ يظنُ أنه يتخيل ما ليس موجود و يُسمي الله في أمل تلاشي ما يرى من خيالٍ لاوجودَ
لهُ أو جانٍ لا يراهُ أحدٌ سواه
حينما وضعتُ يدي عليه تأتأ بالحروف و كأنهُ يريدُ جوابًا عما تراهُ عيناه فأومأتُ برأسي كإجابة عن حيرته ، عاد بعينيهِ إلى خالي و تقدم بخطواتهِ نحوه مُقبلاً رأسهُ و يديهِ باحترام جالسًا بجواره
واضعًا يدهُ فوق يدِ خالي المستقرة على فخذه ، تقدمتُ بخطواتي سلمتُ على خالي و من ثمَ جثوت لأقدامِ أمي أُقبلها و أخيرًا توجهتُ لهزيم و سلمتَ عليه و سألته : كيفك يا بطل ؟
ابتسم لي و أجاب بصوتٍ جهوريٍ قوي : الحمدلله عايش بفضل الله .
جلستُ على الكنبة المجاورة له ، أنظرَ لناجي الذي يتحدثُ مع خالي و يسألهُ عن التفاصيل و أمي التي تنظرُ لخالي بسعادة و تبتسم و هزيم الذي يمسكُ بسبحة بين يديه و يسبحُ الله بصوتٍ خافتٍ
منخفض و من ثمَ عدتُ ببصري إلى خالي و قد أخذتني الأفكارُ إلى أبي و ما أريدُ مناقشتهُ مع خالي للصلح و إغلاق القضية قبل بلوغها الحد الذي لا ينبغي أن تبلغه .



*



حينما دخلتُ للجناحِ لم أجد معزوفتي و لا غانم فاتصلتُ عليها أطلبُ منها القدوم فقالت لي أن في مجلسِ التلفاز مفاجأةً لي و أنها هيَ ليست بداخله ، مما زادني استغرابًا سارعتُ لسؤالها لكنها
سارعت باغلاق الهاتف على وجهي لثالثِ مرة ، ابتسمتُ بانتشاء و أنا أهزُ رأسي ذات اليمينِ و ذات الشمال ، و نزلتَ الدرج متوجهًا للمجلسِ المقصود ، و زادت غرابتي أضعافًا مضاعفة حينما رأيتَ
الكاسرالذي يسبقني بخطواتهِ للمجلس و لو أنها ما ذكرت أن لا وجود لها في الداخل لاستوقفتُ الكاسر عن الدخول ، و بعد عاصفةِ الغرابة التي فتكت برأسي جاءت الفاجعة التي شطرتني لأنصاف
رؤيتي لمن ظنناهُ ميتًا رؤيتي للغائب تسع عشرة سنة َ رؤيتي للغيابِ في الحضور يتوسطُ المجلس بهيبة لا تليقُ إلا بهِ رغمَ شيب الوقار لازال كما هوَ ، تمتمتُ بكلماتٍ لا أدري ما هيَ خرجت من
شفتاي إثر فجيعتي سميتُ بالله معتقدًا أن ما أراه خيالاً لا وجودَ له فحتى الكاسر لا يظهرُ عليهِ التفاجؤ بوجودِ خالي ، و لكن نظرةً من الكاسر و ايماءةُ رأس جعلت من الخيال يقينًا و من اللاجودِ
حضورًا ، انزاح بجسدهِ عن الباب سامحًا لي بالتقدم فتقدمتُ إلى خالي مبتسمًا بسعادة أُقبلُ رأسهُ و يديه أقعدُ بمحاذاتهِ محتضنًا يدهُ ناظرًا لهُ وحده عمن سواه أحادثهُ عن الماضي عن قدومهِ
و أسبابِ الغياب أحكي لهُ عن اشتياقِ معزوفتي له و يبدو أنهُ ارتاح لي فقبضَ على يدي التي تحتضنُ يدهُ و شدها و الراحة تكسو ملامحهَ ، كان في استقبالهِ لي باردًا حيثُ أني كنتُ سأحتضنهُ
و لكنهُ بقيَّ جالسًا و حينما جئتُ بجواره أنا من تشبثَ بيديه و حتى هذهِ اللحظة هوَ كان مرخيَ اليد بين يدي و لكن بعد سؤالي عنهُ و عن تفاصيلهِ طيلةَ السنين و حكايتي عن بهجةَ روحي
ومهجتها شدَّ على يدي بسكينةٍ و ارتياح ، يبدو أنهُ كان وجلاً خائفًا على فتياتهِ منا و لكن بعد هذه الجلسة هدأَ و اطمأن و من حقهِ الخوف لا ألومهُ بذلك فهذه تسعة عشرة عامًا لا يومٌ و لا يومين
اثنا عشر عامًا منها عاشتها معي بتفاصيلها المؤلمة و سبعةَ أعوام عاشتها كطفلة و مراهقة مدللة يحبها الجميع دونًا عني فلم أكن أستصيغُ مزاحها و لا أضحك بما تقول و أراها فتاةً متعجرفة
متغطرفة ترى أن لا أحدَ مثلها و من أولِ يومٍ رأيتها بهِ دون حجاب أحببتُ روحَ التحدي وقد كنتُ مراهقًا أصغرها بعامين و من روحِ التحدي إلى إعجابٍ بها فحبٍ لا ينضا ، ما أبهى فتاتك يا خالي
و ما أكرمَ نصيبي بها أحمدُ الله أنها ملكًا لي وحدي .




*



بعد أن صمتوا و قبل أن يدخلوا بحوارٍ آخر , طلبتُ خالي بصوتٍ خافت : خالي لو سمحت أبيك بكلمة رآس .
فأومأ خالي برأسهِ بالموافقة و وقف ناجي مُقبلاً خالي بيديهِ و رأسهِ باحترام خرج و من ورائهِ هزيم و والدتي التي أغلقت الباب خلفها
عدتُ بعينيَّ لخالي أصل الذي كان ينظرُ لي نظرةً لا أستشفُ منها أيُ شيء
تقدمتُ بجسدي نحو الأمام و باحترام : خالي بكلمك بخصوص البلاغ إلي قدمته ضد أبوي .
فأشار بيدهِ نحوي و بصوتٍ هادىء : تفضل أسمعك
جذبتُ هواءً لرئتي و أخرجتُه زفيرًا و بصوتٍ جهير : يا خالي بحكم إني أشتغل بقسم غير القسم إلي انمسك فيه أبوي و بحكم إن المسجون هو أبوي يعني قريبي
ما قدرت حقيقة أعرف التفاصيل كل إلي أعرفه إنك مقدم بلاغ ضد أبوي , زرت أبوي بالسجن طلبت منه إيضاح لكنه ما عطاني شي ولا طلعت معه بشي
و أنا جايك يا خال أفهم التفاصيل و أطلب منك السموحة و حل القضية فيما بيننا بعيد عن المحاكم بحكم إننا أسرة .
استراح بظهرهِ على الكنبة و حرك خرزات السبحة و عينيهِ لا تنظرُ لي بل تنظرُ للأمام بنظرةٍ راسخة , ليُجيب بصوتٍ رخيم : فاهم موقفك يالكاسر هذا أبوك , لكن لا تطلب مني السموحة
إلي سواه أبوك ما ينغفر , و لا تطلب مني أشرح لك التفاصيل , أبوك ما بغاك تعرف أنا بحترم موقفه و ما بشرح لك شي , و إن كان أبوك ما يبي يعترف و بيوصل الموضوع للمحاكم فأنا مستعد للوقوف
قدام القاضي , اعذرني طلبك صعب و مرفوض , والله يوفقك يا ولدي .
قلتُ معترضًا : لكن يا خال لازم أعرف .
فانتصب واقفًا , باسطًا أصابع يده اليمنى باتجاهي دلالة على أمرهِ لي بالصمت
و مضى نحو الخارج دون صوت !
و ماذا عن أبي ؟! لم أفهم شيء و لم أعرف تفاصيل القضية
مسحتُ وجهي بكفي , ماذا عليَّ أن أفعل لا أبي يريدُ التحدث و لا خالي
و لكن لا بد من إيجادِ حلٍ ما , لن أدع الأصفاد تُكبلُ أبي و القضبان تأسرهُ عن الحرية .



*


حينما أراد الكاسر الانفرادَ مع أبي مشيتُ مع عمتي ساجدة نحو المجلس الذي تتواجد بهِ أخواتي
جلستُ على كنبة مزدوجة لا يجلسُ بها أحد و التزمتُ الصمت مسبحًا الله في سري
و بينما أنا كذلك جاءت أختي الكبرى عُطرة و قعدت جواري , مبتسمةً لي : نبغى نتعرف على أخوانا نعرف عن حياته عن أدق تفاصيله و بنعرفك علينا .
فقامت أختي الصغرى و قعدت على الطاولة أمامي مشجعة بحماس : ايوا نبي نسمع و نسمعك ما ينفع نكون بعيدين عن بعض .
و وقفت أختي الوسطى هوازن و جلست على الكنبة المنفردة المجاورة للكنبة المزدوجة التي أجلسُ عليها , قائلة بتنهيدة طويلة : رااااح كثيــر من حياتنا و احنا بعيدين خلينا نعوضها الحين
و نعيشها بكل دقايقها .
حركتُ بؤبؤتا عيناي عليهن و احدة تلو الأخرى و من ثم إلى يدي التي أفركها ببعضها بكلِ توتر و شيءٍ من الحرج و آخر من الحسرة : ما في شي بحياتي ينحكى , حياتي ما هي في المقام
ولا فيها شي يستحق الحكي .
وضعت عُطرة يدها فوق يدي تشدُ عليها و حينما رفعتُ عيني رأيتُ ابتسامتها المشجعة و المتيقنة : لكن أكيد فيها أشياء تشرف , ما يهمنا يا هزيم بأي بيئة عشت يهمنا إنت كيف تعايشت مع هالبيئة
ما يهمنا يكون عندك شهادة أو ما عندك يهمنا إنت ايش تعلمت من بيئة قاسية , تعلمك هذا هو نجاحك , غيرك معاهم شهادات و شهادات لا قامت الصلاة ما صلوا و لا جووا قرؤوا آية بالقرآن غلطوا فيها
و إذا نجحوا بالقراءة كانوا جهلة يقرؤوا بدون فهم , غيرك درس و درس و لا جاه تكلم شككنا إنه طفل ما بعد دخل المدرسة و غيرك أفكاره ساذجة و مفاهيمه كلها غلط , و أنا و الحق ينقال و بدون مجاملة
من يوم جيت لهنا و أنا أشوف أبوي فيك أشوفه بأفكاره سلوكياته مبدأه حضوره ثقته كبرياءه , أبوي ايه نعم متعلم لكن صدقني مو التعليم إلي علم أبوي كيف يكون , الحياة إلي عاشها
هي إلي علمته كيف يكون هو إلي علمها إنه يقدر يكابدها ويكافحها و يمارسها بطريقة صحيحة مهما كانت صعبة و قاسية .
و احتضنت يدي بين يديها و بابتسامةٍ يانعة و وجهٍ بشٍ متهلهل , نقلتُ نظري لعزوفٍ التي تقعدُ أمامي فهوازن بجواري وكلاهن يبتسمن بتحبيبٍ و ترغيب
أُتخِمت نفسي بالجمامِ و السكينة و انفرجت شفتاي قليلاً تنبلجُ أسناني من بينهما متراصة بابتسامةٍ لاحت في قلبي قبل الشفتين ، حككتُ أذني حياءً من اطرائهن و تفكيرٍ بما سأسردُ لهن،
و بهدوء : و أنا في سن الخمسة كنت متربي عند الشخص إلي كان سبب في بتري اعتبرته أبوي و اعتبرت زوجته أمي بعدها انبترت يدي و انقلبت حياتي لجحيم طفل عمره خمس سنين متشرد
لابس ملابس مقطعة يده مبتورة يوقف بجنب الإشارة و يمد يده لكل سيارة تعدي ، يطالعون فيه الأطفال بتريقة و يطالعون فيه الكبار بشفقة ياخذ ريال وخمسة وعشرة ليته يشبع بطنه الجيعانة
لا للأسف يعطيها لسمحي المراقب حقنا ، يحدد لنا مبلغ معين يوميًا لازم نجمعه و إن ماوصله كامل ننضرب و نتعذب أشد العذاب نضطر نسلمه كل ريال بعرق جبيننا و إن كنا متسولين ففي الآخر
أطفال لا حول لهم و لاقوة ، كبرنا و فهمنا إن سلاح الانسان علمه عرفنا الدين من المساجد امتلكنا الدين و ما قدرنا نمتلك العلم ، كبرنا و حياتنا مثل ما هي إلا لمن جانا الفرج .
قالت عُزوف و هي تتقدم بجزئها العلوي نحو الأمام و يديها خلف ظهرها تستندُ على الكرسي : طيب مو إلي يراقبكم واحد ، لما كبرتوا كنتوا تقدروا مع بعض تواجهونه و تريحوا نفسكم تشتكوا
للشرطة كنتوا تقدروا تسووا أي شي و لا تبقوا محبوسين كل هالسنين .
أغمضتُ عيني و من ثم فتحتها متنهدًا بضيق : ليت الأمور كانت سهلة بهالشكل سمحي كانت عينه ما تبعد عنا أبد و لما كبرنا و قلنا بنجتمع و نضربه و نشرد للأسف أنا أكبر واحد و الباقين
لسى في بدايات المراهقة أجسامهم لسى صغيرة و أنا على طولي و عرضي ما أجي ربع بنية سمحي كم مرة اتهاوشت معاه واتضاربنا و كنت بالأخير طريح الأرض مجرح و الدم يصب من كل جهة
كم مرة حاولوا المبتورين يساعدوني و فشلنا اختيار حمدان لسمحي ما كان عبث و لو كانت بنيته عادية كان حط اثنين يراقبونا ، أما على سالفة الشرطة ففكرنا فيها كذا مرة المشكلة كثير مننا
مترددين لأننا ما نملك هوية و لا أي شي و أساسًا عين سمحي كانت علينا .
وضعت هوازن يدها على ذراعي ، و بتغييرٍ لمحور الموضوع و ابتسامة نقية : المهم إنك هنا بيننا ، إلي راح راح ما نقدر نرده لكن نرضى فيه و نقول إلي جاي أجمل بإذن الله ، و يلا دورنا
بنعرف عن نفسنا .
و بدأن بالتعريفِ عن أنفسهن ما بين الضحك و الشجن و ما بين الابتسامة و التعاسة كنتُ مصغيًا لهن بكلِ اهتمام و كم أحببتهن و حمدتُ الله أن لي أخوات في غايةِ الأخلاقِ و الرقي .




*





الساعة الواحدة صباحًا , كنتُ أقف بجوارِ حجرة نوم أبي و بيدي وسادتي أشعرُ بالحرجِ و التردد فشيئًا ما يدفعني لفتحه و آخر يخجلُ من فعلِ ذلك ، وضعتُ يدي فوق مقبضِ الباب و زممتُ فمي
و أخرجتُ أنفاسي و عيناي تتشتت بالأرجاء سميتُ بالله و قبل أن أفتح جاءني صوتُ عزوف من خلفي .


*


ذهبتُ إلى حجرةِ هوازن و قبل أن أفتح الباب هيَّ فتحتهُ من الجهة الأخرى ، اتسعت عينيها بشيءٍ من الخوف و سرعان ما تنفست براحة و هيَّ تضعُ يدها موضع قلبها
قائلة بابتسامة مضطربة : خوفتيني .
انخفضت عيني من ملامحها إلى الوسادة التي بيدها فسألتها و أنا أشيرُ إلى الوسادة : شايلتها لوين ؟
ابتسمت بخجل و الحمرة تتصاعد إلى وجهها : ابي أنام عند أبوي .
أخرجتُ يدي التي كنتُ أخبِئُها وراء ظهري و أحملُ الوسادة بها وضعتُها أمام عينها ، و بابتسامة واسعة : حتى أنا ابي أنام عنده وجيتك عشان تجي معاي مستحية أدخل كأني طفلة .
قالت هوازن بصوتٍ ثخين مضحك : أطفال في الثلاثين من عمرهم .
ضحكتُ بصخب و أنا أسحبُ يدها و أجري للطابقِ السفلي و هي تجري خلف و تضحكُ بسعادةٍ و مرح .


*


حينما نزلنا للأسفل وجدنا عُطرة تقفُ أمام الباب و تُمسكُ بمقبضهِ و بيدها الأخرى وسادة ، نظرنا أنا و هوازن لبعضنا البعض بابتسامة و من ثمَّ عدنا بالنظرِ إليها ، ناديتُها بصوتٍ ضاحك : عُطرة
وش تسوين بمخدتك .
نظرت إلينا و أشارت إلى وسادتنا : نفس إلي تبغون تسووه .
تقدمنا نحوها فقالت : الشُجاعه إلي تدق الباب و تفكه أخاف يكون نايم و نزعجه .
فقالت هوازن باندفاع : ما في أشجع منك .
و حركتُ رأسي تأييدًا لكلامها ، و أدرفت : دقي الباب بخفيف دقة ما تصحيه من نومته و بنفس الوقت إن كان صاحي يسمعها .
أمالت فمها للجانب بسخرية و هيَّ تحركُ يدها : يالله مدري وش هالدقة المثالية ، المهم اشش خلوني أشوف شغلي .
شبكتُ يدي بيد هوازن و نحنُ ننظر لعُطرة التي طرقت الباب طرقةً واحدة فجاء صوتُ أبي و كأنهُ ينتظرنا منذُ مدة : أدخلوا يا حبيبات أبوكم .
نظرنا إلى بعضنا البعض بفرحٍ و سرور و دخلنا نقفُ بجانب معًا على صفٍ مستوٍ واحد
و أزواج الأعين الثلاثة تنظرُ إلى أبي الذي يضعُ المصحف على الكمودينة و من ثم رفع رأسهُ إلينا
فسارعنا مندفعين بالكلمات بصوتٍ متفاوت يحملُ ذات الكلمات : يبه بنام عندك
انفرجت أساريرُ وجههِ و فتح ذراعيهِ على وسعيهما مرحبًا بنا
فهرولنا بخطواتٍ متبعثرة اتجاهه
عزوفٌ و عطرة في صدره و أنا متشبثة بذراعهِ
هذه الذراع التي حملتني في مهدي و رفعتني للأعلى في طفولتي لأضحكَ بسرور
هي ذاتها الذارع التي أشتقت لها مراهقة و ناضجة
هي ذاتها الذراع التي أتشبثُ بها و أحكي لها عن اشتياقي و لوعتي إليها
و هذهِ الذراع هي نفسها التي كانت تُفتحُ لنا أطفالاً لتضم عُطرة و عُزوف و تجعلني أتعلقُ بها ممتنة لها على كريمِ حنانها .


***




ظهرَ يومٍ جديد ، مضى يوم على مكوثي بين هذه القضبان الحديدية اللعينة ، مكانٌ ليس بهِ إلا أنا و الجدران الصماء أتحدثُ إلى نفسي الخرساء باحثًا عن نقطةِ النهاية و كلما بدأتُ بالتفكير و صلتُ
للبداية ! أجدُ الطريقَ مسدود و لا مفرَ للهرب فماذا سيقولُ المحامي و بما سيُدافعُ عني ! و لكن لوهلات يطمئنُ فؤادي و تُنارُ بصيرتي حينما أتذكر أن المحامي قد يصلُ إلى المدعي العام و تغلقَ
القضية دون الخوضِ بها أو أن أكون مظلومًا من أصل و أنا ظالمه !
أن أجدَ مفرًا و مهربًا في قضيةٍ ناموسها
واضح ، و على أفكاري هذهِ دخلَ السجان قائلاً : زيارة .
قمتُ واقفًا فقيدني بالأغلال و مشى بجواري حيثُ يكونُ الزائر ، فتحوا الأصفادَ عني فرفعتُ عيني عن يدي إلى الجالس على الكرسي اكفهرت تقاسيمُ وجهي و تقدمتُ بخطواتٍ سريعةٍ غاضبة حيثُ
يجلس و جلستُ أمامه و أول ما قعدت واجهتُه بغضب : توك تتذكر تجي وينك أمس ؟؟
نظرَ إلى يديه ولم يستطع رفع عينهُ إلي : أستاذ عبدالقوي أعتذر منك ، و أنا سويت إلي تبيه و كلمت محامي .
تقدمتُ بجسدي للأمام أتوكأُ على الطاولة بمرفقي : ايه و وش قال ؟
رفع عينهُ إلي : اغراه المبلغ المالي إلي عرضته عليه لكن بعد ما فصلت له الأحداث و مطلبنا بالخروج براءة بدأ يتردد و قال إن القضية ما لها مفر
و هو بيحاول يلفت نظر القاضي بكون دليل أصل بكل مرة هو هزاع لكن قال هالشي مو شرط يفيدنا و إنه للأسف ما بيده يسوي أكثر ، الظاهر إنه خايف يكلم المدعي العام و ما يقبل و ينفضح .
ضربتُ بيدي على الطاولة بقوة : زود المبلغ اقنعه زوده لما يقول بس و بيقتنع مافي أحد ما يحب الفلوس و كذاب إلي يقول غير كذا .
باضطراب و هوَّ يفركُ يديه في بعضهما البعض : والله حاولت زودت المبلغ كثير و قلت له حدد إلي تبيه بس قال مو بيده لكنه كمان كان متردد يمكن يرجع يتصل و يغير رأيه .
وقفتُ بقوة فتراجع الكرسي للوراء مصدرًا صوتَ ارتطامٍ بالأرض و دفعتُ الطاولة التي بيننا باتجاهه قائلاً بغضبٍ جامح : لا بارك الله فيك .
فجاء صوتُ السجان مزمجرًا : وش هالأصوات هدوء .
مشيتُ باتجاهه فكبلني بالأصفاد و جرني حيثُ الزنزانة أخذتُ أمشي جيئةً و ذهابًا و أضربُ الجدار بكلتا يداي صارخًا : الله ياخذك يا أصل الله ياخذك .



*



أنهيتُ متابعتهُ بابتسامةِ النصر
نعم يا عبدالقوي كنتُ متأكدًا من أنكَ ستناضل في غير حق , تدخلُ في معنى الرشوة لإحقاقِ باطل
و الراشي و المرتشي في النار و قد لعنهما رسول الله صلَّ الله عليهِ و سلم
تريدُ أن تخرج براءة و ما أنتَّ ببريء
جهازُ تنصت زُرع في مساعدهِ و ذراعهِ الأيمن ماجد
بذلك اليوم الذي أُلقيَّ بهِ القبض على عبدالقوي
ريثما أقفُ بسيارتي و أنظرُ لعبدالقوي و هو يخرجُ ذليلاً مُقيدًا بالأغلال يدعي القوة و هو عكس ذلك
اتفقتُ مع أحدِ الرجال أن يدخل للشركة في هذا الوقت حيثُ أن الفوضى ستكون عارمة و التلوث الضوضائي يملىءُ المكان
يدخل من باب الشركة بكلِ بساطة و يتجه إلى مكتبِ ماجد الذراع الأيمن لعبدالقوي و بالطبع أنا أعرفُ جيدًا أين يكونُ مكتبه
فقد دخلتُ سابقًا للشركة أهدد و ألومُ عبدالقوي على مافعلهُ ابنه معن بأنهار , صحيح معن , معن يكونُ ابن عبدالقوي الأكبر
و قد قالت عُطرة ساخرة " هو نحنا يجوز لنا نتزوج غير أولاد خالي "
فإن كانت هوازن زوجةُ الكاسر و عُزوف زوجةُ ناجي
تبقى معن الإبن الأكبر و تبقى الابنُ الأصغر الذي كان قبل غيابي طفلاً في الرابعة أو الخامسة من العمر و لا أتذكرُ اسمه ربما لو رأيتُه ستعودُ ذاكرتي
و لكن هذا يعني أن عُطرة زوجةُ معن , هذا يعني أن معن كان يخونُ ابنتي بأنهار التي اعتقدتُ فيما مضى أنها ربيبتي و اتضح أنها ابنةُ الميتم و لا يحلُ لي رؤيتها
لذلك كان صوتُكِ ساخرًا بائسًا من الحياة , إلهي يا صغيراتي ما حجم الوجع الذي تأقلمتم معه
صغيراتي قاسيتنَ كثيرًا و حال عودتي وجدتُ فتيات ذات أخلاقٍ عالية رغم أنه يبدو أن أحدًا اعتنى بكن جيدًا
آه صغيراتي ليس بيدي فعلُ شيء فيما مضى و لكن بيدي فعلُ أشياءٍ لما هوَ آت
سيعاقبُ عبدالقوي الخال السيء الذي ما كان إلا عدوًا نسيَ المحارم و الأرحام و كان عبدًا للمال
قريبًا جدًا سيُعاقبُ على ما اقترفت يداهُ من رذائل
فها هو الدليل بيدي بل إنه بيد القاضي أيضًا فقد أعطيته جهاز التتبع و من المؤكد أنه رأى ما رأت عيني
جهاز التنصت تم زراعته في الهاتف الجوال لماجد
ففي تلك الفوضى استطاع مساعدي أن يدخل للشركة من بابها الأمامي بكل ثقة و يتوجه لمكتب ماجد الذي ما كان فيهِ أحد
فالجميع في الخارج ينظرون لعبدالقوي كما أن ماجد ذراعه الأيمن أي لابد أن يكون بجوارِ عبدالقوي أينما كان
كل ما تجرعنهُ فتياتي من مرارة و علقم و زقوم ستتجرعه
كل الوباء الذي طغى على حياتهن سيطغى عليكَ لا على حياتك فقط .




***


رسالة وصلت لهاتفي المحمول و على صوتها استيقظتُ من نومي و أنا لا أرى جيدًا
ممدتُ يدي أسفل الوسادة و أخذتُ الهاتف , و جدتُ رسالة من ركاض
و بأصابع مرتعدة خوفًا على ما فعله معن بنفسه و شفقةً عليه , ترددًا مما تحمله السطور
كُتب في سطورها المتراصة تحت بعضها البعض
" السلام عليكم
زوجة أخوي , اعتقدت إنك بتكوني متواجدة و بتحلي الخلاف إلي بينك و بين معن أو على الأقل تساعديه
لكن للأسف خاب ظني , ما أدري وش نوع الخلاف إلي بينكم يمكن معك الحق و يمكن معه الحق
المهم لآخر مرة أطلب منك تساعدي أخوي ما أطلب منك السموحة و العذر فقط أطلب المساعدة
أخوي جالس يدور مقعد بأقرب طيارة أتمنى تلحقي قبل يسافر لمصر بدون رجعة "
دون عودة , ماذا تعني دون عودة ؟!
أن معن غائب عن حياتي حتى الممات ؟!
أن قاتلي مُعذبي جلادي و سفاحي لا وجودَ لهُ في الوجود
أن من أحببتهُ اثنا عشر سنة لن أراهُ بعد اليوم ؟!
شعرتُ بشيء يكتمُ على قلبي و يخنقُ صدري عن الهواء
ضيقٌ جثم على الجمادات التي حولي
كأن الغرفة ستضيق و تضيق حتى لا تتسع لي
لا أستطيع أن لا أراه
لا أتخيل أن يكون غائبًا عن حياتي حتى مماتي
لا أستطيع و لا أقوى .



***


و بتمام الساعة الواحدة ظهرًا , أقفُ بانتظار ورقة تحليل الأبوة
رغمَ أن حدسي يقول أن مي ابنتي مادام هزيم ابني
فالشبهُ بينهما عظيم و لكن لا بدَ من التيقن أولاً و ثانيًا أحتاج الورقة لتخفيف العقوبة عن مي
أخرجتُ هوازن و أدخلتُ مي ؟!
يالله يا صغيرتي ما أدراني أنكِ ابنتي ما أدراني يا مي
ما مقدار الوجع بداخلكِ يا صغيرة تربيتِ في منظمة شنيعة
عملتِ كجاسوسة و تاجرة في المخدرات , طبعتِ الصليب في جسدك ِ وشمًا
مسيحية أنتِ و عليكِ أن تدخلي في الاسلام
صغيرتي سأكون بالجوار دائمًا
لا تخافي يا صغيرة سأدافع عنكِ حتى آخرِ لحظة
وصلت الورقة أخيرًا فتناولتها من بين يديه و فتحتها لأرى اليقين
فكان اليقينُ سرابًا
النتيجة سلبية
مي ليست ابنتي !!


***


إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا بخير $



 
 

 

عرض البوم صور الشجية   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الجحيم, انتقام, اكشن, بوليسي, بقلمي, غموض, عجوز
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t195054.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 24-04-16 12:17 PM
Untitled document This thread Refback 09-04-15 05:57 AM


الساعة الآن 11:09 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية