كاتب الموضوع :
الشجية
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: حيزبون الجحيم / بقلمي
الجحيـــم
( 74 )
** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **
ستنتقلُ العصابة عن طريقِ شاحنة نقل سيارات على دفعات بسيارات متعددة
الشاحنة يقودها السائق و على متنها سيارة بحقيبةِ السيارة يوجدُ فرد من أفراد العصابة
سيعبروا إلى مدينةِ فانكوفر
ستنتقل الشاحنات إلى مستودعٍ يرتاحون بهِ ريثما يأتي موعدَ انتقال السفن في الميناء
سينتقلون عبر ميناء مدينة فانكوفر إلى الولايات المتحدة و هذا لن يحدث
ها هم الضباط الكنديون يختبئون بداخلِ المستودع بانتظارِ وصول الشاحنة
بينما أنا مختبىءٌ بالخارج
و ها هي الشاحنة تدخل المستودع
كان الهدوء يعمُ المكان حتى دخلت الشاحنة و أُغلق البابُ من ورائها
بعض الضباط يختبئون خلف السيارات الموزعة على الرافعات الحديدية المكونة من طبقتين بكل طبقة مجموعة سيارات
و آخرين يختبئون تحتها , و بعضهم يختبئون بالخارج خلف النوافذ
نزل أفراد العصابة من السيارات على التوالي
وبينما أنا أنظرُ إليهم سقطت عيني على رجلٍ عجوز و شريطٌ من الصور السريعة مرَّ أمام ذاكرتي
هذا العجوز كان شابًا حينذاك هوَّ ربيع لا محالة
نزل كل أفرادِ العصابة
فتأهبَ الضباط لعملهم موجهين الرصاص نحو الهدف
بينما أحدهم نطق عبر مكبرِ الصوت " المستودع محاصر عليكم تسليم أنفسكم "
انتفضت العصابة و كلٌ منهم يخرجُ سلاحهُ من جيبهِ
و قفوا كدرعٍ حامي أمام رجلٍ في غايةِ العجز يبدو أنهُ رئيسهم أوين ناتان
بينما ربيع كان يقفُ بعيدًا عنهم بمسافةٍ بسيطة و بجوارهِ شاب و يبدو أنه المدعو جهاد
بدأ إطلاق الرصاص بطريقةٍ مجنونة رصاصة من الضباط و أخرى من العصابة
يسقطٌ من يسقط و يقفُ من يقف يهدم ما يهدم و ينكسر ما ينسكر
و بين الضباب الذي استحوذ على المكان لمحتُ جهاد الذي يسحبُ ربيع نحو الباب هاربَين من الساحة
و بخطواتٍ سريعة توجهتُ إلى الباب و ما أن فتحا الباب حتى كان السلاح موجهٌ إليهم
هذهِ المواجهة المنتظرة منذُ سنين
نظرتُ إليهما نظرةً ثاقبة بين أصواتِ الرصاص و الدخان المتصاعد الذي يغطي الرؤية
وقف ربيع أمام جهاد مادًا يديه على وسعهما و بصوتٍ حاقد : أصل .
ابتسمتُ بسخرية و أنا أرفعُ أحدَ حاجبي : بشحمه و لحمه جاي يمسكك بعد سنين .
وضع جهاد يدهُ على ذراعِ عمهِ و أبعدها و وهوَّ يتقدمُ خطوةً تلو خطوة باتجاهي حتى صار سلاحي ملاصقًا لصدره : ئتلتوا بابا و أخويا , تفتكر هننتهي كدا .
أجبتُ ببرود : كل واحد يآخذ جزاته .
اتسعت ثغورهم و بدت الدهشة على ملامحهم وقبل أن أستوعب إلتصق سلاحٌ على جانبِ رأسي و جاءَ صوتُ ربيع كالضائع بلا هدى : هــــــــــزاع ؟!
انتفض جسدي حينما سمعتُ اسمه , ماذا هزاع ! هل كان يكذبُ علي ؟! هل هوَّ معهم ؟! لكن كيف هوَّ .. هوَّ من ساعدني باستعادة ذاكرتي
مدَّ يدهُ من الخلف و سحب السلاح الذي بين أصابعِ يدي و أنا شعرتُ أن عقلي توقف عن التفكير
خائن إنهُ خائن !!
و بدل السلاح الواحد على جانبِ رأسي الأيمن صار سلاحًا آخر على الجانبِ الأيسر
تجمد جسدي بلا حراك و شعرتُ أني سأموتُ من صدمتي قبل الرصاصة
بينما قال هزاع بصوتٍ ثابت : امشوا للسيارة السودا الي ورا , و وين أوين ؟
أشار ربيع للداخل : جوا .
قال هزاع بهدوء : في بالسيارة أسلحة جيبوها معاكم و تعالوا ساعدوني بنخرج أوين و نهرب .
تقدم ربيع إليَّ خطوة و بنظرةٍ ساخرة : في كل مرة احنا بنهرب و نفوز ما تستسلم بئى .
بينما قال جهاد بنظرةٍ حاقدة : هزاع لا تئتلو أنا هجيب المسدس و هئتلو بنفسى .
ليُجيب هزاع مشجعًا لهم : و اشرب من دمه بعد , حلال عليك .
و يبدو أن كلاً من ربيع و جهاد أخذا بالابتعاد نحو السيارة
عدتُ بقدمي للوراء راكلاً قدم هزاع بكلِ قوة
بينما أمسك هزاع بكتفي و هو يُديرني باتجاههِ بقوةٍ أكبر
و يُشيرُ باتجاهِ السيارةِ السوداء تصلبت عيناي عليها و أنا أرى جهاد و ربيع يقفون أمامها حولهم ستُ ضباط يشكلون دائرة و اثنان بالمنتصف يقيدونهم بالأغلال
عدتُ للنظرِ إلى هزاع الذي يبتسمُ لي , و من ثم إليهم و هم ينظرون لنا بكلِ حقد
و عادت عيناي إلى هزاع بكلِ امتنان
ربت على كتفي و بثبات : ما قدرت أتركك وحدك .
و أخذ الضباط يخرجون من في داخل المستودع مقيدين أفراد العصابة بالأغلال نظرتُ إلى الذين يخرجون عاقدًا حاجبي مُضيقًا عيني : ماني شايف أوين .
ليُجيب هزاع و هو يتقدم نحو المستودع : الجبان دايمًا يلاقي مخبأ .
تقدمنا لداخلِ المستودع الذي كان مدمرًا عكسَ ما كان عليه و نظرنا إلى الجرحى من العصابة و الضباط المنتشرين بأرجاءِ المستودع لم يكن بينهم
إذًا بالفعل هوَّ مختبىء في مكانٍ ما
كنا نمشي بحذر بيدي سلاح وبيدهِ سلاح نصوبهُ حيثُ نمشي
بكلِ ركن و كلِ مكان لم يكن هناك أيُ أثر
نظرَ إليَّ هزاع و سرعان ما شتت عينيهِ بالأرجاء : ما له أثر
نظرتُ إلى الأرض بتمعن باحثا عن مخرج لم يكن هنالك أيُ مخرج رفعتُ رأسي للسقف
نظرتُ بتمعن بكلِ الاتجاهات تقدمتُ بخطواتي نحو فتحةِ التكييف المغلقة للنصف الموجودة فوقَ أحدِ السيارات
إذًا هوَّ بالأعلى , نظرَ هزاع إلى حيثُ أنظر و يبدو أنه أدركَ تفكيري
مشيتُ بعيني حيثُ الفتحةِ الأخرى و توجهتُ نحوها
سحب هزاع سلمًا مرميًا بالأرض و وضعهُ أمام الفتحة
و صعدتُ أنا للأعلى حتى صرت فوق السيارة التي في الطبقة الثانية
مددتُ يدي و سحبتُ غطاء التكييف حتى صار مفتوحًا بالكامل و وقفتُ حتى صار رأسي و أعلى صدري بداخل منفذ التكييف
نظرتُ إليهِ بحدة بينما هو حاول دفعَ جسدهِ للوراء رغم ضيقِ المكان
رفعتُ مسدسي و أنا مازلتُ واقفًا فوقَ السيارة أدخلتُ المسدس موصبًا بإتجاهه و بصوتٍ قوي : لا مفر يا أوين فلتسلم نفسك .
حرك رأسهُ بالرفض و الهلعُ ينتشرُ على ملامحه
ليصرخ فجأة بخوف , عقدتُ حاجبي بغرابة و أنا أرى جسدهُ يُسحبُ للوراء
خرجتُ برأسي خارج الفتحة لأرى هزاع يقفُ بالفتحةِ الخلفية و يحسبُ أقدام أوين من الخلف
عدتُ بنظري للداخل و صوبتُ السلاح إليه حتى نزل من جهةِ هزاع
فنزلتُ برأسي للخارج و مازلتُ أوجه السلاح و أنزلُ من فوقِ السيارة و من على السلم بحذر
بينما عيناي على هزاع الذي سحب أوين للخارج و أوين الآن منبطحٌ على بطنهِ فوق السيارة بينما هزاع يضع السلاح على ظهر أوين
حينما صارت أقدامي بالأرض مشيتُ باتجاههم و وقفتُ بالأسفل نزل هزاع عتبات السلم بحذر و هو يسحبُ أوين من قدمه و يضع السلاح على ظهره
خطوةً تلوها خطوة و أوين يُمسك بأطراف السلم بحذرٍ و خوف
حتى صارا بالأرض , لف هزاع أيدي أوين للخلف و أمسكها كالقيد بينما أنا مشيتُ أمامهم و خطواتي تتراجع للخلف مصوبًا السلاح اتجاه أوين كي لا يسحب يديه من بين يدي هزاع
حتى أصبحنا خارج المستودع تقدم الضباط نحونا مقييدين يدي أوين بالأغلال
و شهدت هذهِ الساحة إنتهاء حكايةً قاسية عنوانها الانتقام بدأت منذُ عام 1989 ميلادي إلى عام 2015 ميلادي
لآمسني الهواء العليل و زاد سعادتي أضعافًا مضاعفة سحبتُ الهواء لصدري حتى انتفخ و أخرجتُهُ زفيرًا مٌحملاً بالراحةِ و الانتشاءِ بالنصر
نظرتُ لهزاع الذي كان ينظرُ للسماءِ و على شفتيهِ ابتسامة ُ سخرية !
عقدتُ حاجبي بغرابة و قبل أن أسأل رأيتُ الضباط يتقدمون نحوه و هوَّ يمدُ يديهِ إليهم فيقيدونهُ بالأغلال !
سحبوهُ للأمام و لكنهُ لم يتحرك نظر لي مجيبًا عن كل تساؤل و حيرة تنبض بعيني : في الوقت إلي كنت فيه بمصر أنا كنت بالسعودية أرتب أوضاعنا طلعت لك أوراقك الثبوتية باسم أصل الحكمي
و لغيت شهادة الموت و وضحت كل شي يخصك من الألف للياء و مثل ما سويت لك سويت لنفسي و قبل ما يوصل البلاغ للمطارات سافرت لكندا و الظاهر أخذوا الرحلة المسجلة
و بلغوا الضبط بكندا يمسكون فيني مطلوب أمنيًا في السعودية لأني كنت ضابط خاين , بالتوفيق يا أصل أرجع لأهلك و انتبه من عبدالقوي و أوصيك بأختي مزنة .
نظرتُ لهُ بمشاعرٍ أخوية , ليتَّ القانون يعي أنكَ قد تغيرت و تجددت عن السابق , اقتربتُ منهُ و احتضنتُه بشدة و بصوتٍ عميق : بحاول بحاول بكل ما أعطاني ربي إني أخرجك براءة
لولا الله ثم إنت ما كان مسكناهم .
ابتعدتُ عنهُ و أخذوا يسحبونه نحو سيارةِ الشرطة و تصاعدت أصوات دوريات الشرطة
تاركين من خلفهم ساحة انتهت بها مأسآةُ سنين .
***
الساعة الثانية صباحًا , هدأَ الطفل بعد عناءٍ طويل انسدل جفنيه على عينيهِ الصغيرتين و عاد لونهُ طبيعيًا بعدَ رحلةِ بكاءٍ لا تنتهي وضعتُه على سريره و رميتُ بجسدي على سريري و أنا أسحبُ أنفاسي
قال ناجي المستلقي على ظهرهِ جواري : تعبتِ ؟
التفتُ برأسي إليه بعدما كنتُ أنظرُ للسقف : مت من التعب .
انقلب على جنبهِ الأيسر ليصبح جسده مقابلاً لي ، و بهمس : بتعدي الأيام و بيكبر و كل هذا يصير ذكرى .
انقلبتُ على جنبي الأيمن لأصير مقابلةٍ لهُ و بذاتِ همسه : مو مصدقة أمنيتي تحققت .
مدَ يدهُ و أخذَ خصلاتً من شعري رفعَ رأسهُ عن وسادتهَ و أقتربَ من شعري أكثر يشتمهُ بهذيان : تحققت و لو تسمحين لي أحقق الأكثر .
طغت الحُمرة على وجهي وقد أدركتُ ما يعنيه ، سحبتُ شعري من بين يديه و بجمود : قلت برضاي و الحين لا ترتجي شي لسى ما رضيت .
أعطيتهُ ظهري و أنا أنظرُ لسرير الطفل بشرود و أشعرُ بحرارةِ أنفاسهِ تلهبُ رقبتي : أحبك معزوفة .
نطقتُ بقوة متجاهلة ما نطق : أكرهك ناجي .
مررَ يدهُ على طولِ ذراعي العاري بدايةٍ من كتفي انتهاء بأصابعِ يدي : بقي مرتين لو نطقتي بالكره فيها يعني إنتِ فعلاً تكرهيني .
ليُردِف بصوتٍ حنون : أحبك قارورة .
سحبتُ أنفاسي و بصوتٍ متدثر بالتوتر : أكـ .. أكرهك ناجي .
و من ثمَ انقلبتُ لأقابلهُ و هو ينطقُ بحنانٍ بالغ و عينين ملئتين بالمشاعر الباذخة : أحبــــــك يا بهجة روحي و مهجتها .
نظرتُ إلى عينيهِ بتشتتٍ بضياع و نظرتُ للجمادات من حولي أبحثُ عن الخلاص نظرتُ إلى كلِ شيء و أي شيء و عُدتُ للنظرِ لعينيه ، انتفض قلبي و أنا أقرأُ الرجاء الذي ينبضُ بعينيه ، ابتلعتُ ريقي و اندلعت
الحرارة في معدتي و بالرغمِ من كلِ شيء نطقتُ بصعوبة : أكــ
لتُبتر كلمتي و تموت الحروف بشفتيهِ التي أطبقت على شفتي بقوة و شغفٍ و سرعة ، لم أشاركهُ قلبتُه كنتُ جامدة بلا حراك فأنا حتى لم أستوعب ما حدث
واضعًا يدهُ خلف رأسي يمسحُ على شعري و عينيهِ مغمضة بسكرةٍ لا توصف , طوقتُ يدي حولَ عنقهِ أطبقتُ
على شفتيهِ أشاركهُ الماءَ و الشهدَ و السَكرة ، ليس ضعفًا مني بل لأني لا أستطيعُ أن لا أكونَ ملكهُ و أن لا يكون ملكًا لي ، أعطيتهُ ما تمنى و أخذتُ من حنانهِ و عطفهِ ما اشتقتُ إليه .
***
قبل أن أخلد للنوم أمسكتُ بهاتفي بشغف أريدُ أن أعرف ما الرد على ما كتبت و حينما فتحتُ الرسالة التي وصلتني على تطبيق الواتس اب كانت رسالةً صوتية استمعتُ للصوت الذي غابَ منذُ مدةٍ
طويلة ، الصوت الذي صرخَ بي " ما انتِ بنت " هو ذاتهُ هذا الصوت ولكن هنا يأتي مبحوحًا خافتًا ضعيفًا " أدري والله أستاهل
أستاهل تعرفين تعذيب نفسي يريحني كثير أحس كأني أكفر عن أغلاطي مع إني عارف إنها صعب تتكفر بسهولة عشان كذا قررت تكون كل حياتي تعذيب لنفسي يمكن كثرة التعذيب يكفر لو جزء
بسيط من أغلاطي " ،هه هل شعرتَ يا معن بما فعلتُه بي طيلةَ السنين الماضية لقد قلتُ لك أن هذا اليوم سيجيء و أن الله معي و أني حينها لا و لن أغفر لك لكنك لم تبالي و ضحكت بل و صفعتني
و حينًا سحبت شعري حتى كاد ينقطعُ بين أصابعك و تريدُ مني الغفران ! أي قلب ذا الذي سيغفرُ لكَ القذف بغيرِ حق ، الخيانة و الزنا مع فتاةٍ أخرى ، لستُ قاسية يا معن لكنَ أفعالك القاسية محالٌ
أن تُغفر ، أنا لهذا اليوم لا أكرهك و لا أبغضك بل أحبك يا سفاحي ! و بالرغمِ من هذا لن أغفر لك ، القلبُ يحبُ كالأعمى متغاضيًا عن كلِ العيوبِ و جُلِها و لكنَ الكرامة و الكبرياء رادعُ القلب عن
كلِ ذلٍ و خضوع ، و غفراني لك و مسامحتي ماهيَّ إلا خضوعٌ و إذلال ، يُقال أن المسامحة ليست بضعف و أنا أعلمَ هذا و لكن هل المسامحة بموقفي هذا ستكونُ قوةً مني ! هوَّ ارتكب كبيرةٍ من
كبائر الذنوب و يريدُ مني الغفران إن غفرتُ لك ستعاودُ ما فعلت ظنًا منكَ أنني واهنة لا أطيق من دونك صبرًا .
***
بعدما وضعتُ أرديتي بالحقيبة كانت الساعة السابعة و النصف مساءً الوقت متأخر نوعًا ما لذلك نمت و عزمتُ على الذهاب ظهر اليوم التالي
و حينما خرجتُ من القصر بحقيبتي ذات العجلات لم أسمح للخادمة أن تحملها عني و حينما فتح السائق الباب توقفتُ أمام السيارة خطوةً تدفعني للأمام و أخرى تجرُ أذيالها للوراء و كانت الغلبة
للتراجع ، خرجتُ من القصر و وقفتُ أمام الشارع الرئيسي بانتظارِ سائق أجرة و ما أن توقفت السيارة أمامي و فتح النافذة كي أحاورهُ ضاعت الحروفُ مني كنتُ سأذهب إلى العمارة التي
سجلها عبدالقوي باسمي فهو سجل لي أكثرَ من عمارة و مزرعة كانوا من نصيبِ ظانع و أخذتُ عمارةً و أرض دون أن يدري ، حتى العمارة إنها ملكٌ لهُ و أنا لا أريدُ أملاكه إذًا لمن سألجأ من لي
كي ألجأ لكفنه ؟ من لي يحميني ؟ لا أحد أنا منبوذة لا أحدَ لي ، أن غصنٌ بلا جذعٍ و لا ورق ، انتفض جسدي بعدما جاءني صوتُ السائق مزمجرًا و سرعان ما طرأت عليَّ الفكرة لأعطيهِ العنوان ،
عنوان منزلَ مزنة ، هيَّ من كشفت أوراقَ الحقيقة و هيَّ من ستتحملني ، فليس لي ملجأٌ سواها ، و لم أكن أعرف حينها أن اختياري سيجعلني أندم أشدَ الندم , بل لم أدرك أن المال الذي دفعته للسائق
ما هو إلا مال عبدالقوي !
*
ضغطتُ على الجرس مرةً واحدة و أنا أشعرُ بالتردد فشيءٌ ما يدعوني للتقدم و آخر للتراجع حيثما كنت ولكني كنتَ بمنزلِ أبي الذي كان زوجي و أستمعُ لصوتِ الصغير طفلَ الحرام و على هذهِ الفكرة مددتُ أصابعي إلى
الجرس لأضغطهُ للمرة الثانية و لكنَ الباب فُتح قبل أن أُعاود الضغط ، نظرتُ إلى مزنة التي رحبتْ بي فقد عرفتني لأني و منذُ أن تزوجتُ أقصد زنيتُ مع أبي تخليتُ عن الخمار ، دخلتُ للمنزل
أسحبُ حقيبتي ذات العجلات من خلفي أنظرُ حولي بازدراء و الذي يراني يظنُ أني لم أعش حياةَ الفقرِ بتاتًا ، مددتُ يدي إلى مزنة و سلمتُ عليها و أنا لا أدري ما تقول فكل ما يدورُ بذهني أني
سأمكثَ ها هنا في هذا المنزل العتيق هل أستطيع ؟! أخذت عباءتي و علقتها ، حاولتُ التركيز بما تقول و طردَ أفكاري فسمعتها تحثني : تعالي يا بنيتي للداخل .
قاطعتها و أنا أُشير إلى حقيبتي بخجل : أقدر أنام عندك .
ابتسمت لي برحابةِ صدر : البيت كله لك .
رددتُ لها ابتسامتها و مشيتُ من ورائها تاركةً الحقيبة خلفي و كأن هنالك خادمة ستحملها ! و نسيتُ أني ذاتَ يوم كنتُ خادمة أحملُ حقائب الغير ، دخلنا إلى مجلسٍ متوسط الحجم مشيتُ خلفَ
مزنة و عيناي تجول بالمجلس , المنزل لا بأس بهِ و لكن من يسكن بالقصر و ذلك النعيم لا يستطيع أن يرى هذا المنزل بشكلٍ جيد ، استقرت عيناي على المرأة التي وقفت ما أن رأتني لم أعرف من
تكون إلا على صوتِ مزنة : واجتمعت البنية مع وميمتها .
تراجعتُ خطوةً للوراء و أنا أحركُ رأسي بالرفض لم أعرفها لأني بذلك اليوم رايتُها بالخمار أما الآن فأنا أرى ملامحها و كأني أرى نفسي حينما أكبرُ و أصل للسنِ العجز ، تراجعتُ أكثر فأكثر
و تجمعت الدموعُ بعيني و ظهرَ صوتي باكيًا صارخًا : في كل مكان ألقاكم ارحموني تعبانة و الله تعبانة ألاقيها من الأم إلي حسبتها أمي و الأب إلي حسبته أبوي و لا من زواجي من أبوي و لا من
ولادتي القريبة و الوجع إلي بيقتل جسمي و لا من غانم ولد الحرام و لا منك تطلعيلي بعد تسعطشر سنة و تقولي إنك أمي .
خرجتُ من الحجرة و أنا لا أدري أين أذهب أبكي و ضباب الدموع يزيدُ من شتاتي ، يدٌ لمست كتفي فانتفضتُ بفزع فإذا بها مزنة تقولُ بصوتٍ حنون : بسم الله عليك ، تعالي يا بنيتي معي آخذك لغرفة
تريحي إبها .
تقدمتني بخطواتها و مشيتُ من خلفها أدخلتني لحُجرةَ نوم صغيرةَ الحجم : ذي غرفة بنيتي هي بتنام بأي مجلس و إنتِ نامي هنيه توك والدة و يبيلك سرير و راحة .
أومأتُ برأسي موافقة و أنا بالفعل أشعرُ بالألم في كلِ جسدي دخلتُ للحجرة بينما هيَّ خرجت و أغلقت الباب من خلفها ، خلعتُ حذائي و رميتُ بجسدي على السرير و مسحتُ دموعي بيدي من على
وجهي و أنا أستجمعُ أنفاسي ، لا بد من ايجادِ مكانٍ آخر لا أستطيعَ المبيت مع هذهِ البكماء بمنزلٍ واحد ، بكلِ بساطة مزنة تقول " اجتمعت البنية مع و ميمتها " و تلك تقف تنتظرُ مني المبادرة
و كأن الذي صار شيءٌ بسيط يُمحى من الذاكرة بسهولة ، أيُ قلب يستطيعُ تحمل ما تحملت أيُ جسد يخرجْ من مشقةِ الحملِ و الولادة ليدخل مشقةَ التنقل و التشرد رفقًا بالقوارير فايُ قارورة أنا !
قارورة من فولاذ هكذا يظنوني ، سمعتُ طرقًا على الباب فنظرتُ للباب دون أن أُصدِرَ صوت دخلت مزنة مبتسمة تجرُ حقيبتي من خلفها و وضعتها بالجانب و تساءلت بحنان : تريديني أخرج ملابس
بنيتي و أرتب ملابسك .
حركتُ رأسي بالرفض و ابتسمتُ لها بامتنان ، أومأت برأسها و خرجت مغلقةً الباب من خلفها
أصحبتُ شفقة الغرباء لا أن لا أحدَ لي وحيدة بلا مأوى و لا سكنى و لا احتواءٍ ولا حنان
لا شيء لي منبوذة من الجميع .
***
الساعة الرابعة عصرًا , تصلبت أقدامهُ و لم يستطع الحراك و هوَّ يرى ذلكَ الذي يجلسُ على الأرض و يعاودُ حرقَ نفسه بالسجائر بعدما تركَ هذهِ العادة السيئة بل يبدو أنهُ يصورُ فيديو ليده و يتكلمُ قائلاً " هاذي وحدة
من الطرق إلي أعذب فيها نفسي تدرين بديت أفكر أنزل للسعودية و أخليكِ إنتِ إلي تحرقني بنفسك يمكن تردين لو جزء صغير من حقك " أدرك أنهُ يُحادثُ زوجته و سرعان ما ترجم عقله كل
ما يدور ، يبدو أن زوجتُه ردت على رسالته الأخيرة و معن رأى الرد فزادَ ذلكَ من سوءَ حالتهِ و عادَ لحرقِ نفسه ، كان حينما يكتبُ لزوجتهِ بهاتف معنِ يمسحُ كلَ ما يكتب و لم يعتقد أن زوجتهُ
ستردُ على ما يكتب و ذلكَ لأن الذي استنبطه أن زوجتُه ذات كبرياء فاعتقدُ أنها ستقرأ دون الرد لكنه كانُ مخطئًا و خطأهُ سيزيدُ وضعَ معن سوءًا لا بد من تدارك الوضع بل و جعلهِ أفضلَ من ذي
قبل ، قام معن من على الأرض متوجهًا لدورةِ المياه ، فتقدمَ هوَّ نحو هاتفَ معن و أرسلَ إلى زوجتهِ " يا أختي زوجك معن مريض نفسي و أنا الدكتور حقو لو سمحتِ يا أختي قولي لمعن إنو تعزيبو
لنفسو ما يفيدك بشي و إنك ما تبينو يعزب نفسو علشان يبطل من تعزيب نفسو لانو حالتو جدًا سيئة و ربي ما يرضى على هلاك النفس حتى لو ما كنتي راضية عنو المهم إنو يبطل من دا
العزاب و إنتي كدا كدا مو خسرانة شي"
وضع الهاتف حيثما كان و جلسَ على الكنب بانتظار خروج معن آملاً و راجيًا من الله أن تتعاون زوجةَ معن في مساعدتهِ في العلاج ، فمساعدتهِ لا تعني الرضا عن أفعالهِ و إن كانت إمرأة واعية
ناضجة فستُدرك الوضع و تساعدهُ لوجهِ الله .
***
لازلتُ أتذكر حينما استيقظ من نومهِ مفزوعًا مذعور و هوَّ يرى نفسهُ مقيدًا عن الحركة و حولهُ ضباط يحرسونه و يرآني أجلسُ على مسافةٍ منه دون قيد
حينها أخذ يصرخ بصوتٍ عالٍ و تجمع الضباط من حولهِ متناسين وجودي بلا قيد و هو يُشير إليَّ بعينيه و كأنه يقول " مي اهربي "
لكني بقيتُ في مكاني بلا حركة , اكتستا عينيهُ بالخذلانِ و اللومِ ِو العتب
فسقطت دمعة من عيني عليه , أنا آسفة يا وليام أعلم أنهُ بأشدِ أيامي لم يبقى لي سواك
أعتذرُ على خيانتي لك ,أعتذرُ يا وليام
لا أريدُ الشر لك , و لكن أريدهُ لأباك و من تحتهِ ربيع و جهاد
سامحني يا وليام أرجوكَ سامحني
أعرفُ جيدًا شعور الخذلان الذي يسكُنُ تفاصيلك و كيف لا أعرف و أنا التي خُذلت من عائلة ظننتُها عائلتي
عصابة ربتني على الشر و الأفكار السوداء ليتضح أني كنتُ كاللعبة بأيديهم نفذتُ ما يريدون مني و انتهيتُ من حياتهم و كأني لم أكن يومًا
و أنتَ كذلك تشعرُ بأني أخذتُ منكَ مصلحتي و من ثم تخليتُ عنك
لكن لست المقصود يا وليام لست المقصود سامحني أرجوك سامحني , فأنتَ الوحيد الذي أحببتني لذاتي و حاولت حمايتي عن الجميع في اليوم الذي تخلى فيهِ الجميعُ عني
تخليت عن أبيك و كل العصابة و جئت لتحميني و أنتَ تعرف أن العواقب وخيمة
فأنا كنتُ مراقبة وبشدة من الضبط العسكري و جعلت من نفسك عرضةً للخطر لحمايتي
و غيرَ ذلك عرضةً للخطر من العصابة فما موقفهم منك لو علموا أنك معي ضدهم
الكثير من الكلمات بخلجاتي لكني لم أستطع النطق بأيٍ منها , و أنا أراه يُبعدُ عينيهِ عني و ينظرُ للبعيد بحزن
و يستكينُ بلا حراك و كأنهُ استسلم للأمرِ الواقع
حينما استيقظ كان سيحميني من الضبط العسكري و يُعرض نفسه للخطر
و الآن أيضًا راضٍ على تعريض نفسه للخطر
و ليام أعتذرُ منك لا أدري أي حروف تكفيك للاعتذار
أرجوك انظرُ لي و أقرأ ما بداخلِ عيناي فقد ماتت الحروف بشفتي استشفها أنتَ من عيني
أرجوكَ يا وليام أرجوك , لكن لم يلتفت لي و مضت الأيام و هو على ذاتِ التجاهل لا ينظرُ لي و مستسلم للضبط
و ها هوَّ اليوم الذي دخلَ فيه الضابط العجوز مناديًا بسعادة : يلا ما تئوموا بئى مسكناهم .
قفز أبناؤه الضباط بينما أنا تصلبت عيني على وليام الذي وقف أمامهُ الضابطين وقيودهُ بالأغلال
كان ينظرُ للأرض و يمشي معهم دون أن ينظرَ لي , وقف أمامي الضابط العجوز هاني فمددتُ لهُ يدي وقيدها بالأغلال
و مشيتُ بجانبهِ و هوَّ يمسك بذراعي
هل انتهى كل شيء قُبض على العصابة التي عملتُ معهم منذُ ولادتي
و كنتُ السبب الأكبر بالقبضِ عليهم , حسنًا الآن جاءَ دور أصل الحكمي بالكشف عن عائلتي الحقيقة
أحدَ ما وعدتُ بهِ تحقق و هوَّ أن تندم العصابة أشدَ الندم و ها هم ندموا
بقيت عائلتي الحقيقة , خرجنا من المنزل متوجهين نحو السجن
و سيحكم القاضي إما بالاعدام أو السجن المؤبد و لا أعتقد غير ذلك
و أنا راضية بأيٍ منهما فليسَ لي ما أبكي عليهِ و أخسرهُ بالحياة
فقط أريدُ أن أرى العائلة التي تركتني بأيدي العصابة أُعاني ما عنيت
سأقول لهم أني لن أسامحهم بتاتًا سألومهم و أصرخ بهم
و من ثم أُعدم من الحياة أو أسجن مؤبدًا في حياةِ الشقاء .
***
أنام الليل و أصحى النهار على أملٍ واحد , أمل يبدو كالسراب في تحقيقهِ و بالرغمِ من ذلك أتشبثُ بالأمل عنوة
أريدُ أخذَ الأمل من بين الحقائق قسرًا و كرهًا , مدَّ إلي بالورقة التي ستحملُ سطورها الأمل أو القنوط
بقيتُ أنظرُ للورقة بسكونٍ عن أي حركة , أخافُ أن أفتحها فأقنط و متشوقٌ لفتحها أملاً
مددتُ يدي أخيرًا و تناولتُ الورقة و فتحتها و مرَّت عيناي عليها
تحليل الأبوة ايجابي بنسبة تسعة و تسعين بالمئة
مارسة ابنتـي مارسة ابنتي
تفاقم الألمُ بذراعي الأيمن متنقلاً لصدري
خارت أقدامي أرضًا و تعالت الصرخات أستـــــــــــاذ عبدالقوي أســــــتاذ عبدالقوي
يبــــــــــــــــــــــه يبــــــــــــــــــه يبــــــــــــــــه
***
إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا بخير $
الجحيم القادم يوم الخميس أو الجمعة
هالفترة عندي مواعيد في المستشفى عشان كذا بالمرة ذي و إلي قبلها تأخر الجحيم يوم عن نزوله
لأني ما أعرف متى المواعيد وفجأة تجي على موعد الجحيم
لذلك أحدد لكم يومين أفضل :)
|