الجحيـــم
(69)
** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **
بمنتصفِ الليل عدتُ للمنزل و توجهتُ إلى الجناح و قبل دخولي لحجرتي سمعتُ صوتها البآكي بحجرتها , تنهدتُ بضيق
و دخلتُ لحجرتي محاولاً تجاهلها فلن أُحرجها بدخولي و هيَّ تبكي , أعلم أنها لا تريدني ان أرآها ضعيفةً واهنة لذلك سأحترمُ رغبتها
وقفتُ أمام الدولاب أخرجتُ بجامةً رماديةً لي , خلعتُ أرديتي و أرتديتُ بنطال البجامة رفعتُ الفانيلة للأعلى لارتدائها ولكن يداي بقيت
للأعلى حينما رأيتُها أمامي بقميصِ نومٍ أسود و شعرها ينتثر و يلتصقُ بعضه بوجهها الممتلىءُ بالدموع
اقتربت مني و جثت على ركبتيها أرضًا و بوهن : خذني جسد يا ناجي .. بموت من قهري بموت من حقدي لو ولد مارسة انحط بيدي أحلف
إني بقتله من حقدي خذني جسد و ارحمني .
جلستُ على الأرض مقابلاً لها سحبتُها لصدري غمرت رأسها بصدري أكثر فأكثر و كأنها تريدُ أن تدخل لقلبي و هي بالفعل تتربع و تسكنُ في عرشِ قلبي
وحدها دون غيرها , مسحتُ على شعرها بلطف
حاولت التلمص فخففتُ من قبضتي نظرت لي بعينين ملؤها الرجاء : خذني جسد يا ناجي , أنا تعبانة خذني و ريح قلبي خلي حقدي يزول
ما أبي أعيش وعيني حارة على غيري ما أبي أتمنى الشر لغيري , والله مو بيدي أنا ....
بكت بشدة و غطت عينيها : والله أنـ....ا مو كـ...ذا
سحبتُ يديها عن عينيها و قبلتُ باطن يدها اليمنى المنقوشة بالحناءِ قُبلةً عميقة لحقتُها باليسرى
و بهمسٍ حنون : مو بهاذي الطريقة يا عُزوف , إنتِ تتكلمي كلام بلحظة ضعف إذا اليوم عطيتك الي تبيه بكرة بتلوميني و بزيد جروحك جروح .
أحكمت قبضتها على يدي الممُسكة بيدها و برجاء : ارحمني
وضعتُ يدي أسفل فخذها و انتصبتُ واقفًا أحملها و هيَّ تُطوقُ رقبتي بيديها همستُ لها : و لأني أبي أرحمك ما بنفذ طلبك .
دفنت وجهها برقبتي و شعرتُ بدموعها تبللني , بينما أنا جلستُ على السرير و لا زلتُ أحملها : نـ....اجـ...ي
وضعتها على السرير , و استلقيتُ فوقها محاصرًا لها بيدي المتشبثة باللحاف من كلا الجانبين قبلتُها بعمق أبترُ وهن كلماتها التي تزيدني
ندمًا و حسرة على ظلمي لها طلية السنين الماضية , أغمضت هيَّ عينيها و غابت عن الوعي
ابعدتُ جسدي عنها و جلستُ بجوراها أنظرُ لها بحسرة هل كانت تريدُ مني أن أقترب منها و هيَّ بهذا الانهيار و الضعف
أقتربُ منها و أأخذُ ما أأخذ و هي غائبة عن الوعي غير مدركة لما يحدث
و كأني حيوانٌ لا يشعر , لا أريدُ الجسد يا معزوفة أريدُ الروح
أريدُ رضاكِ عما أفعل لا غيابَ العقلِ عنكِ بلحظةِ ضعف .
***
فتحتُ عيني بعد سماعي لصوتِ الأذان القادم من أحدِ هواتفِ الجوال ، سقطت عيناي على لونِ الجدار ليست بحجرتي إنها حجرةُ ناجي عند هذهِ
الفكرة شهقتُ بقوة و عيناي تسقط إلى جسدي أبعدتُ اللحاف عني لأرى أنني لازلتُ بقميصي الأسود ، نظرتُ لجانبي فكان مكانهُ خاليًا ، ابتعدتُ
عن السرير و مشيتُ باتجاه المرآة و لكني سمعتُ صوت الماء في دورةِ المياه فأدركتُ أنهُ بالداخل يبدو أنهُ يستعدُ لصلاةِ الفجر
و صوتُ الأذان كان قادمًا من هاتفه ، بالرغم من معرفتي بتواجدهِ لكني ثبتُ أمام المرآة أتفحصُ رقبتي عنقي نزولاً إلى المفرقِ ما بين نهداي ،
لا شيء يدلُ على أنه اقترب مني ، لا أدري لما ابتسمت و أنا أستديرُ حول نفسي بسعادة أشعرُ و كأنهُ ردَ لي شيئًا من كرامتي المسلوبة
منذُ سنين كان يُجبرني بتعاملهِ السيء العيشَ معهُ قسرًا و ذلك بأستنقاصهِ لي ، الطفل الذي حملتُه هوَّ من أخرجهُ من أحشائي و قد كنتُ
مكرهة ، دائمًا ما كان يتصرفُ كما يريد دون أن يبالي بشأني بمشاعري و أحاسيسي و لكنهُ اليوم جعلَ مشاعري و كرامتي فوقَ اشتياقهِ
و شهواتهِ الغريزية ، أعلمُ بقرارةِ نفسي أن ما أفعلهُ خطأ و أنني زوجةٌ ناشز ملعونة فالزوج إن نادى زوجتهُ تأتيهِ و إن كانت تخبزُ
على التنور ، و الناشزُ مثلي لا نفقةً لها و لا سُكنى فقد ترفعت عن طاعةِ زوجها رغمَّ أن الحبيبُ المصطفى صلى اللهُ عليهِ و سلم قال : ولو
كنت آمر أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ، هذا الدليل لا يدلُ على سجود المرأة لزوجها فلا سجود إلا للهِ وحده و لكنهُ
يدلُ على عظيمِ حقِ الزوج و أنا بأفعالي لا أقومُ بأي حق ، و أمتنعُ عن الفراش و السكنِ معهُ بذاتِ الحجرة ، و هو كزوج لهُ الحق أن يطلقَ
ناشزًا كمثلي أو يقومُ بنصحي و من ثم الامتناعُ عن مضاجعتي و إعطائي ظهره و من ثم ضربي ضربا غير مبرح ، لكن لا شيء قد ينفعُ معي
فالنصح و التقرب قام بها هوَّ بطرقٍ غير مباشرة و الامتناع أنا من أمتنعُ عنهُ لم يتبقى من الحلولِ سوى الضربِ الغير المبرحِ أو الطلاق ،
كثيرًا ما يؤنبُني ضميري و اليومَ زاد التأنيبُ عن ذي قبل فأيُ زوجٍ هذا تأتيهِ زوجتهُ الناشز على طبقٍ من ذهب و يتركها كابحًا شهوتُه
و حاجتُه إليها التي لهُ كامل الحقِ بأخذها ، تأكدتُ من أفكاري من فانيلة البجامة الرمادية الملقاة باهمالٍ في التسريحة مبللةً
بالعرق يبدو أنهَ مارس التمارين الرياضية حتى هُلِك لقد حرمتُه النوم بمظهري هذا ، لكني والله لا أستطيع أشعرُ أني مظلومة و عليهِ
أن يردَ كل سنيني المسلوبة فكيف أعطيهِ ذاتي ببساطة ، ألا يُعتبر هذا استسلامًا مني ، خنوعًا لهُ بعدَ ظلمي بعد الضنكِ و الضيم الذي
عشتهُ سنواتٍ دواليك ألا يُعتبرُ هذا انهزام المظلوم و ضعفٌ أمام الظالم ، أليسَ ليَّ الحقُ بمعاقبتهِ ، أليس عليهِ أن يُعطيني ما سلب مني
قبل أن أعطيهِ جسدي
تصلبت أفكاري و توقفتُ كالجمادِ أمام المرآة حينما فُتِحَ باب دورةِ المياه لم ألتفت اتجاههُ مطلقًا ، أشعرُ بالخجلِ من قميصي
و منه هوَّ الذي عانى طيلة الليل لنومي في فراشهِ و من ذاتي لاستيقاظي و عدم الخروج من حجرتهِ قبل خروجهِ من دورةِ المياه ، عضضتُ على
شفتي و فركتُ يدي و قد توقفتُ عن التفكير فلم أعد أعلم ما يجبُ عليَّ فعلهُ سمعتُ صوتَ بابِ الدولاب و لكن طغى صوتُ منبهِ الجوال على أي
صوتٍ آخر فجاءَ صوتُه المبحوح من ورائي حيثُ يقفُ عند الدولاب : معزوفة الله يرضى عليكِ وقفي المنبه .
رفعتُ عيني المصوبة على يدي التي أفركها إليهِ عبر المرآة لأراه يجففُ شعره و يضع أرديتهَ الداخلية و ثوبهُ على السرير ، تحركتُ إلى
الهاتفِ الموضوع فوق الكوميدينة و اضطررتُ من المرور بجانبهِ أغلقتُ المنبه و عدتُ أدراجي لحيثُ كنت لكن يدهُ عانقت يدي ليستدير
جسدي إليه كانت عيناي متحجرة بصدرهِ العاري المبللِ بالماء شعرتُ بيده أسفل ذقني رفع رأسي برفق و بصوتٍ حنون : فيك شي ؟
رفعتُ عيني أخيرًا لعينيهِ و رأيتُ بداخلمها جُلَ حنانِ الأرض و أنا التي عاشت يتيمةَ الأب و الأم منذُ العاشرة من عُمري ، حينما رآني
صامتة مسح على وجنتي بأحدِ أصابعهِ الممسكة بذقني و أردف بهمس : لا تضايقي نفسك ، اليوم مارسة بتكون هنا إذا وجودها يضايقك
بخرجك نسكن برا البيت ، حتى لو زعل أبوي يزعل و يعصب فترة و مصيره يرضى ما بحملك شي فوق طاقتك يا قارورة ، يلا روحي صلي
و ارتاحي و لا تفكري بأي شي .
ابتلعتُ ريقي أحاول لّمَّ زمامِ الأمور ، ابعد هوَّ يدهِ عن ذقني و أعطيتُه ظهري مبتعدةً عنهُ خارج حجرتهِ و أنا بحاجتهِ ، كنتُ بحاجةِ
رميَّ جسدي بصدرهِ أن يحتضنني و يُخففَ عني ، لقد تعبتُ من الشكوى لوسادتي و احتضناها لا حياةَ بها و لا حنان ، بطفولتي احتضنتُ دميتي
و بمراهقتي و نضجي أحتضنُ وسادة أحتاجهُ و لكن الكرامة تبقى عائقًا بيننا و إلى متى ؟!
***
فتحتُ عيني على صوتِ منبهٍ ما ليس منبهي إذًا لمن هوَّ , لم يطُل تفكيري كثيرًا فقد سقطت عيناي عليه و هو يصلبُ ظهره و يجلس بعد الاستلقاء
أغلق المنبه و رفع عيناهُ إليَّ : و أخيرًا يا معن صحصحت قوم باقي على أزان الفجر ساعة .
عقدتُ حاجبي و أنا أشعرُ بأن رأسي يؤلمني و أفكاري متشتتة أتذكرُ أنه أيقظني بالماء لكن لا أتذكرُ شيئًا آخر يبدو أنني عدتُ للنوم
أبعدتُ يدي عن رأسي و جلستُ على الكنبة من بعدِ استلقائي و بتساؤل : وش صار أمس ؟ و ليش إنت نايم هنا ؟
ابتسم بسخرية : و أنا أقدر أرجع لبيتي و إنتا بالحالة المزرية دي , ياخي أرحم نفسك من الدخان هادا , كنت زي الجسة من تعبك و بالقوة تتنفس
الدخان هوا الانتحار البطيء و إنتا جالس تنتحر من غير ما تحس بنفسك , بطل تدخين جدد أفكارك بأفكار إيجابية خلي عندك أمل حط بزورتك بعيونك
قدوتهم مدخن د
قاطعتُه مستهزئًا بنفسي : لا قدوتهم زاني قاذف .
هزَّ رأسهُ بيأس : والله إنتا الكلام معاك بدون فايدة الواحد كأنو يكلم الجدار ياخي اتقي ربك في إللي تعملو بنفسك شوف أياديك كيف متشوهة
من علامات السيجارة , تحسب إنو لو عزبت نفسك بدي الطريقة حتكفر عن زنبك بالعكس إنتا بتسوي حاجة ما يرضاها الله سبحانو و تعالى و لا تلقوا بأيديكم
إلى التهلكة و إنتا هلكت نفسك بكمية السجاير الي دخنتها و هلكت نفسك بحرق نفسك إنتا بتصرفاتك دي بدل ما تخرج من الغلط قاعد تدخل فيلو زيادة
أنهار الله يرحمها ربي مقدر ليها دي الموتة لو ايش ما تعمل ما حتقدر تعدل الي صار , بس إنتا لازم تقفل صندوق الماضي و تبدأ بحاضر جديد
حاضر يكون كل شي فيلو صح بصح , غير نفسك أرجع لجوزتك اعتزر ليها رد ليها كرامتها حسسها بمقدارها في قلبك اتقرب من بزورتك احتويهم
للأسف أباء اليوم معيشين بزورتهم في اليتم مع إنهم عايشين ! , الشغالة بتربيهم و تكبرهم و هما مو داريين عن بزورتهم تحسب بزورتك
كدا فرحانين بمجرد ما عندهم فلوس و وحدة تراعهم قد المعيشة الي بتاخدها لا طبعًا هما محتاجين ليك إنتا و مامتهم محتاجين للحنان
اتقرب من جوزتك و احتووا بزورتكم لين متى حتعيش في هادا الشتات ؟ , ايش الي استفدتوا لما حرقت نفسك و هلكت رئتك ؟ اتقدم شي ؟
لا طبعًا ما استفدت و لا حاجة و لا اتقدم شي , الحالة الي إنتا فيها اسمها المازوخية تعرف ايش معناها إنك تستمتع و تحس بالراحة لما تعزب نفسك و تهلكها
إنتا كنت قبل كدا سادي تحب تعزب الحريم لكره انزرع في قلبك بعد ما اتهيىء لزهنك إنو جوزتك خاينة ولأنك ما كنت تبغى تعزبها و تطلقها كنت تعزب
غيرها و تفرح لما تشوف بنت ضعيفة عشت دور المريض السادي الي يستمتع بعزاب غيرو و لما عرفت إنو جوزتك بريئة و ظلمتها على الفاضي
و عزبت أنهار بدون سبب اتحولت تصرفاتك للمازوخية و صرت تستمتع بتلقي العزاب سواء من نفسك أو من غيرك , اكيد إنك فكرت
من حيقدر يجلدك زيما جلدت جوزتك و إنتا دحين عندك كامل الاستعداد تتلقى الجلد من أي انسان ياخد حق جوزتك منك
بس تعرف إنو حالتك دحين أحسن من أول , إنتا أول كنت تفكر في الاعتراف و إنو ينطبق عليك الحكم الشرعي و تموت دا الشي يشبه تصرف الكفار
في إنهم في أعلى مراحل المازوخية ينتحرون و يموتوا لكن لأنك مسلم ما تبى تنتحر و تموت كافر فحبيت تعترف باللي عملتو , الحين طلعت
للمرحلة المتوسطة من المازوخية و صرت تكتفي بتعزيب نفسك بنفس الأشياء إلي كنت تعزب فيها غيرك لما كنت سادي , و أنا أتمنى كمان إنك
تتغير للأفضل و تطلع لأصغر مراحل المازوخية و هي الاكتئاب النفسي يعني تعيش نفسك في حزن و تسمع موسيقى حزينة و كدا و بعدها إن شاء الله
تتعافى كليًا , خلي في عقلك دايمًا ربك ثم جوزتك و بزورتك فكر فيهم كتير و إن شاء الله حتتعافى .
***
صباح يومٍ جديد الساعة الحادية عشر , استيقظتُ من نومي على صوتِ رنةِ الهاتف
مددتُ يدي إلى الكمودينية والرؤيا لم تتضح بعد , سحبتُ السهم باتجاهِ اللون الأخضر ليجيئني صوتُه : أنا بستنى عند الباب افتحلي .
قمتُ من على السرير بسرعة : طيب .
مشيتُ بإتجاهِ باب الشقة فتحتُه و أشرتُ لهُ بالداخل : أدخل و أنا بغسل وجهي و أجيك .
توجهتُ إلى دورةِ المياه غسلتُ وجهي و أخذتُ سواكي و توجهتُ إليهِ حيثُ الصالة
جلستُ مقابلهُ و بلهفة : بشر
ابتسم لي : و أنا فعلاً معايا أخبار حلوة , لئينا رئم ماكس بإسم راجل هندي لكن ئدرنا نتبع العنوان و العنوان هوا نفسو المسجل بالمطعم
يعني دلوئتي احنا رابحين و أنا كنت ائدر أروح وحدي بس ائولت ده مجهودك و إنت هتكملو للآخر .
تنهدتُ براحة و صارت روحي مفعمة بالحيوية ابتسمتُ بسرور و أنا أقوم من على الكنبة : ياخي الله يبشرك بجنته ببدل ملابسي و أجيك .
***
حينما وافقت حسناء على الذهابِ لمنزلِ عبدالقوي و الكشف عن الأسرار المخفية اتصلتُ على زوجي الذي تعذر عن المجي ء لأن لديهِ أعمالاً هامة
و وعدني منذُ الساعةِ الثامنة صباحًا سيكون أمام المنزل , و الطريقُ ما بين القبيلة التي تقطنُ بها حسناء و جدة تأخذُ أربعُ ساعات
و ها نحن وصلنا إلى منزلِ عبدالقوي بتمامِ الساعة الثانية عشر و النصف ظهرًا , زوجي يقفُ أمام الباب الكبير يطلبُ من الحراس
فتح الباب إلا أنهم رفضوا فهم ينتظرون الأمر من ساكني المنزل حتى يفتحوا الباب
اتصلتُ على عُزوف أكثر من مرة فلم ترد , و عدتُ للاتصالِ على عُطرة مكالمتين ولم ترد ولكنها ردت بالثالثة بصوتٍ مرحب : يا هلا والله بخالتي مزنة
لا أدري أبتسمُ لترحيبها و سعادتها بي أم أجعلُ جُل همي بالمصائبِ القادمة بعد وقتٍ قصير , رددتُ عليها : هلابك يا عطيرة , يابنيتي حنا عند الباب
و هالحراس ماهم براضيين يفتحوه .
بأسفٍ و اعتذار : حاضر يا خالتي و السموحة منك .
دقيقة و فٌتح الباب , عاد زوجي للسيارة و العرق بجبينه من حرِ الظهيرة
و نزلنا أنا وحسناء التي تقعدُ بالمقعدِ الخلفي متجهين لداخلِ القصر
استقبلتنا عُطرة التي سلمت عليَّ بمحبة و حبور , ومن ثم نظرت إلى حسناء وبوجهها علامات الاستفهام إلا أنها حيتها و سلمت عليها كما ينبغي
و بعد السلام , أشرتُ إلى حسناء : هاذي حسناء بكما أخوها المرحوم صديق زوجي " تابعتُ بحقدٍ و قهر " و صديق خويلك عبدالقوي .
أومأت برأسها بتفهم و اتسعت ابتسامتها : بنقعد نتكلم قدام الباب حياكم يا خالة .
تقدمنا بخطواتنا و جلسنا على كنبِ الصالة أنا و حسناء بجوار بعض على الكنبة المزدوجة و عُطرة مقابلةً لنا على كنبةٍ فردية
مدت عُطرة يدها إلى اللاسيلكي تتحدث مع إحدى الخادمات : جيبي عصير .
بهدوءٍ ما قبل العاصفة : ما نبي ضيافة يا عُطرة , حنا جايين نبي خويلك و صايمة و ظانع و مارسة بكلمة .
عقدت حاجبها و بتوجس : خير يا خالة .
نظرتُ لحسناء و عدتُ للنظرِ إلى عُطرة : بتعرفي كل شي , وينه خويلك ؟
أجابت : والله أمس جات لمارسة ولادة مبكرة و كلهم هالحين عندها بالمستشفى , بس أعتقد إنهم بيرجعوا في العصر .
ابتلعتُ ريقي و بتساؤل ملؤهُ الخوفُ و الهلع : وليدها بخير ؟
لتجيب و التساؤلُ بعينيها : ايه بخير .
شهقت حسناء بشدة نظرتُ لها فوجدتها تبكي و هي تضع يدها بصدرها و بالكادِ تلتقطُ أنفاسها
حاولتُ تهدئتها بينما عُطرة كانت تنظرُ لنا بغرابةٍ من حالنا .
***
الساعة الواحدة ظهرًا , أضعُ الحاسب المحمول المصغر على فخذي و أجلسُ بجوارِ الضابط هاني الذي يقودُ السيارة ، أنظرُ للنقطة التي تتحرك بالشاشة هذهِ
النقطة التي تشيرَ إلى موقعِ ماكس عن طريق رقم هاتفهِ المحمول و أخيرًا توقفت النقطة بمكانٍ ما ، وصفتُه لهاني الذي كان يسمعُ
لي حرفًا بحرف حتى توقفنا أخيرًا على بعدٍ بسيطٍ من النقطة أطفأ هاني السيارة و حمل مسدسهُ و حملتُ مسدسي ، خرجنا من السيارة
و اقتربنا من النقطة حتى أصبحنا أمامها مباشرة و ما كانت إلا سيارةُ أجرة نظرنا لما بداخل السيارة لم يكن بالداخل إلا السائق
الذي يبدو أنهُ لاحظ و قوفنا بجانبِ السيارة ففتح النافذة صارخًا : ايه يا عم عاوز ايه ؟؟
أخرج هاني بطاقتُه العسكرية قائلاً : عاوزين نفحص العربية .
أومأ برأسه و نزل من السيارة و بينما هاني يفحصها ، اقتربتُ من السائق : أعطيني جوالك .
مدَّ إلي بهاتفين أحدهما ذا طرازٍ قديم و الآخر ايفون بإصدارهِ الجديد ، قائلاً باندفاعٍ و خوف : و اللهي يا باشا أنا مليش دعوة
بالمشاكل خالص اليوم راجل أدهالي الموبايل ده و أنا ما اعرفهوش بس ئولت لنفسي حاجة بتجيك هدية خدها و اسكت يا عم .
توقف هاني عن البحث بعد سماعهِ لحديثنا ، و قال بقنوط : و اللهي مش هنحصلو احنا بندور ع ابرة في كومة ئش .
أخرجتُ محفظتي الجلد السوداء و أخرجتُ من داخلها صورةً مصغرة لماكس سائلاً السائق : هذا الرجال .
نظر للصورة بتركيز ليُجيب : اه بس شعرو كان اسود و عينو سودا كمان .
ليقول هاني بتفهم : متنكر كمان ، هوا ليه في اليوم ده , صار كريم و ادى السواىء موبايلو ؟
نظرتُ لهُ مجيبًا بثقة : إنت لما جبت خبير الكمبيوتر جبته للمركز العسكري و كنت تبحث عن المعلومات هناك في واحد في المركز عرف هالشي
و هو خاين لصالح ماكس قال لماكس و ماكس أعطى للسواق الجوال و السواق كان نقطة متحركة طول اليوم إلتهينا عن ماكس و هو رجع الحين للبيت
مرتاح البال ، احنا بناخذ هالجوال و نعطيه لخبير كمبيوتر غير الأول لأنه ممكن الأول يكون خاين و خصوصًا إنكم متعاملين معاه من سنين
و بنفتش الجوال في بيتي ما بيكون فيه إلا أنا و إنت و خبير الكمبيوتر .
***
الساعة الثانية و النصف ظهرًا , نجلسُ وراء القضبان تتبادلُ السجيناتُ صديقاتي الأحاديث عن الموضة و الأزياء المكياج و الأسواق و غيرها من أحاديث الفتيات
فكل واحدة تذكرُ الموضة قبل دخولها للسجن و يتساءلون ما هيَّ صيحةُ اليوم
كنتُ أنظرُ لهم و لا أفهمُ ما يقولون فأنا لا أعرف من المكياج سوى الكحل و أحمر الشفاه و الماسكرا و غير ذلك لا أعرف
أما الأردية فلم أكن أرتدي سوى القميص و التنورة دائمًا ما كانت أرديتي بهذا الروتين لا جديد بمظهري بتاتًا شعرتُ بشيءٍ من الخجل و النقص
فأنا دائمًا ما كنتُ أشاركهم الأحاديث حتى أن أخواتي دائمًا ما يقولوا عني أنني اجتماعية و أحبُ مجالسة الناس
و لكني اليوم لم أجد ما أتحدثُ عنه فالتزمتُ بالصمت و استمعتُ لهم دون فهم فكثيرٌ من المصطلحات لا أفهمُ معناها و لا أدري عما يتحدثون
أهذهِ الكلمة نوعٌ من أدوات الزينة أم اسم رداءٍ ما !!
حتى نظرت إليَّ إحداهن : غريبة هوازن ساكتة وين مسرحة يا بنت .
ابتسمتُ لها : لا والله معاكم بس ما أفهم بهالشغالات ففضلت السكوت .
عقدت حاجبها و باستغراب و استنكار بذاتِ الوقت : ما تفهمي بالميك أب و الملابس ؟!
فركتُ يدي و أجبتُ بخجل : ايه ما أفهم .
لتقول إحداهن : مو معقول , مو إنتِ متزوجة الكاسر الي زابلنا في السجن ؟
مسحتُ على رقبتي و أجبتُ بحرج : ايه بس يعني زوجي راضي فيني كذا و عمره ما حسسني بالنقص و أنا الصراحة أحس التفكير في المكياج و الملابس
شي غبي و كل حياتي كانت لعيالي و بيتي و ديني .
لترد إحداهن مستنكرة : بس حتى و لو زوجك أكيد يشتاق يشوفك بمظهر و لوك جديد بس يمكن هوا يحبك و ما بين لك هالشي عشان لا تزعلي و تتضايقي
ترى الرجال بعدين عينه تزيغ إذا حتقعدي بهادا الشكل كأنك طفلة ابرزي انوثتك غيري شكلك باللي يناسبك لا تقعدي طول عمرك على نفس الشكل
بعدين حبيبتي إنتِ دارسة دين و عارفة إنو على الزوج النفقة على زينةَ زوجتو يعني الزينة مذكورة في الدين , إن الله جميل يحب الجمال
ما قد صبغتِ شعرك ؟ ما سويتِ مكياج ؟
زاد خجلي حتى أني طأطأتُ رأسي : لا الصراحة شعري من يوم ما انولدت و هو أسود مثل ما هو , و إن سويت شي حنيته , و المكياج ما أعرف له
إلا إذا كان فيه مناسبة أختي الصغيرة تسويلي أو أروح لكوفيرا .
سألت إحداهن : و كيف تكون ردة فعل زوجك ؟
ابتسمتُ و أنا أتذكره : و لا شي يقعد يصلي على النبي و يًذكر الله و يحصني .
شهقت إحداهن : حرام عليكِ و تقولي و لا شي زوجك غارق فيكِ و إنتِ مو حاسة , هو يحتاج يشوفك بمظهر جديد لكنه يحبك و مو حاب يحرجك
ولو كان شكلك ما يهمه ما كان حصنك و اهتم فيك , هو يبغاكِ إنتِ تحسي بهالشي و تتغيري بنفسك , لا تحرميه يا هوازن ترى هاذي حقوقه
و مافي زوج ما يحب يشوف زوجته بمظهر حلو , كل زوج يحب يشوف زوجته ملكة ما في منها و إنتِ حسسيه بهالشي , إنتِ قد قلتِ لنا
إنك الأقل بالجمال بين أخواتك وإنه أختك الكبيرة مرة جميلة تبارك الرحمن أما الصغيرة عادية لكن أنيقة جدًا و دايمُا تطلع حلوة
و إنتِ لو اهتميتِ لنفسك ممكن تغلبي بأناقتك أختك الجميلة , يعني لا تقعدي تصوري في عقلك إنك مهما اهتميتي ما بتتغيري كثير
لا بالعكس أكيد حتحلوي و الحلى هذا حيرضي زوجك بدرجة كبيرة , عاد فكري بكلامي كثير مثل ما لعيالك و بيتك و دينك حق حتى لزوجك حق
زوجك حقوقه مو مقتصرة بس على الفراش و ترتيب ملابسه لا , حتى زينتك من حقوقه الزوج يرجع من شغله تعبان هلكان يبي يشوف شي يفتح نفسه
يمكن إنتِ تهتمي بريحة ملابسه بحمامه لكن إنتِ نفسك أغلى من هالمكان فكيف تهتمي بكل شي و تتركي أهم شي عند زوجك و الي هو إنتِ !!
***
الساعة الثالثة ما قبل العصر , أجلسُ بالصالة مع أختي الصغرى ديما و أخي الصغيرُ ياسر ينظرُ إلينا و لكنهُ لم ينضم لنا فهوَّ و أختي الوسطى يستنقصوني
رغمَّ أني حاولتُ التودد و التقرب إليهم لكنهم لا يتقبلوني بتاتًا و إن تقبلني ياسر بمقدارِ ذرة جاءت أختي الوسطى و همست بأذنهِ ليبتعدَ عني أميالاً طويلة
أختي الكبرى ميساء و أمي في المطبخ تغسلان صحون الغداء , و أبي اليوم لم يتناول الطعام معنا معتذرًا بأن لديهِ الكثيرُ من الأعمال
وصلنا صوتُ المفاتيحِ على الباب فقامت أختي ديما تقفز بسعادة حتى وصلت إلى الباب و هي تصرخ : بـــابـا جـا بــابــا جــا
فحتضنها أبي و حملها و دخل بها إلى الصالة ألقى السلام عليَّ و جلس بجوراي , خرجت أمي من المطبخ تسأله : أقرب لك الغدا ؟
ابتسم لها أبي : بعد شوي قربيه الحين عندي لكم خبرية حلوة بخصوص الغالي أغيد تعالي أجلسي
نظرتُ إلى أبي باهتمام , وبعينيِّ لهفةً و تساؤل عمَّا يُخبِىء
أخرج من جيبهِ بطاقةً و أوراق مدها إليَّ , أخذتُها من يدهِ و قد أدركتُ ما تكون
إنها هويتي كُتبت باسمي الأقربُ لي أغيد لا يزن
أمسكتُ بهالوية بشدة أتفحصها و أتأملها و كأنها كنزٌ لا مثيل لهُ
أخيرًا عرفتُ أسرتي و علمتُ أني سعودي الجنسية
علمتُ من أكون و لأي دمٍ و عرقٍ و نسبٍ و قبيلةٍ أنتمي
رفعتُ عيني لأرى أبي مبتسمًا و ميساءُ تباركُ لي و ديما تتراقصُ فرحًا رغمَّ أنها لا تفهم شيء و أمي مبتسمة و غارقة بدموعها بذاتِ الوقت
و تبدو دموع الفرح , و لكنها بحقيقةِ الأمر لم تكن دموع فرح لقد أخطأ أغيد التفسير هيَّ تبكي لأن تلكَّ الذكرى المقيتة راودتها
ذلك اليوم الذي اختفى بهِ أغيد و ما بقيت سوى هويتهُ أوراقٌ لا قيمةَ لها إن كان مالكها الحاضرُ غائبًا و كيف إن أُخِذَ منها بغفلة
دون درايةٍ منها , نجد اللحياني معلمةُ لغةٍ عربية بمدرسة التاسعة و الخمسون الثانوية بجدة
كانت بذلك اليوم الذي تغيرت بها كل حياتها تقفُ عندَ الباب فهيَّ اليوم عليها الوقوفُ عند الباب حتى تفرغ المدرسة من جميعِ الطالبات
كانت معها ابنتها ميساء و ابنها يزن , ميساء كانت تلعبُ مع بناتِ الثانوية أما يزن فكان يقفُ بجوراها وهيَّ تتحدثُ مع إحدى الطالبات
بشأنِ اختبارِ الغد , و دون أن تدري خرج الطفل يزن من المدرسة و مع ازدحام الطالباتِ بالخارج طالبة تدفعهُ يُمنى و أخرى تدفعهُ شمالاً
حتى وقف في الشارع ينظرُ إلى السياراتِ العابرة , بفضولِ طفل قطع الشارع كادت سيارة أن تصدمهُ خرج مالكُ السيارة و وقف أمامه
بادر الطفلُ يزن البريء بالحديث : إنتا سوادنا الزديد ؟
ابتسم بمكر و هو يحركُ رأسه : ايه أنا يا حبيبي سواقكم تعال اركب
قال الطفل و هو يُشير للمدرسة : و نستنى ماما نزد و ميسو في السيارة
أجاب بطفولة : ايه يا بطل .
صعد الطفل إلى السيارة و طار حمدان بالسيارة بعيدًا , ليُسمى يزن بأغيد و تٌبتر يدهُ
و يعيشُ اليتم و الذل و الهوان بلا هوية و لا علم و لا أيُ شيءٍ يُذكر
هيَّ بالداخل أدركت أن يزن ليس حولها و لكنها لم تعتقد أنهُ خرج للخارج بحثت بالمدرسة بكلِ الفصولِ و المكاتبِ و دوراتِ المياه
حينما يئست أخذت تبكي بوهن و الطالبات اللاتي لم يجيء أهلهن بعد أخذن يبحثن عن يزن معها
كانت ميساء أيضًا تبكي على أخيها الصغير فقد خافت حينما رأت أمها بهذه الحالة
المديرة و من تبقى من المعلمات يحاولن تهدئتها و سؤالها رويدًا رويدًا علَّهن يعرفن أين هوَّ الآن
حتى ألقت إحدى الطالبات قنبلة جعلت المعلمة نجد تبكي بكاءً مريرًا و تجري إلى الشارع دون عباءتها استوقفتها إحدى المعلمات و غطتها
بالعباءة بطريقةٍ عشوائية قنبلة كانت تقولُ أن يزن قد يكونُ خرج خارج المدرسة
بحثت بالشارعِ كالمجنونة , الرجالُ كانوا ينظرون لها بغرابة و لكن ضعفها هذا بثَّ الرحمة لقلوبهم
فصار الجميعُ يبحثُ عنهُ حتى قال أحدَ الآباء الذي ينتظر ابنتهُ عند الباب منذُ مدةٍ طويلة : شفت ولد لابس أخضر و عليه بطاقة ركب سيارة و راح مع صاحبها , هو لدك ؟
حينها انهارت و هي تُردد : ايوا ... هوا ولدي يـ....زن يزن انخطـ.....ف يـ.....زن .
اتصلت إحدى المعلمات من هاتفِ نجد إلى والدِ يزن الذي حضر سريعًا بحث عن ابنهِ و حاول تهدئة زوجتهِ نجد و طفلتهِ ميساء
منذُ ذلك اليوم وعدت ذاتها أن حياتها لن تكون إلا لأبنائها تركت وظيفتها وصارت ربةَ منزل
صار التعليمُ كالكابوسِ بالنسبةِ لها , حينما تبعثُ ابناءها للمدراس تجلسُ بالبيت تبكي بهسترية و ذلك اليوم يُعادُ بذاكرتها
بكلِ صباح تخافُ أن يغيب أحدهم عنها توالت السنين و يزن لا أثر لهُ كل الأثرِ بقلبها
لآمت كثيرًا ذاتها لو أنها و لو أنها
و لكن بما تنفعُ لو بعد فواتِ الأوآن ؟ّ!
***
بعد صلاةِ العصر , نجلسُ في الصالة بعباءتِنا بترقبٍ و توجس ما بين التوتر و القلق
حتى فُتح الباب و دخلت صائمة و من ورائها عبدالقوي تستندُ عليهِ مارسة
توقف عبدالقوي ناظرًا لي بإزدراء لطالما نظرَّ إليَّ بهذهِ النظرة
بينما بادرت صائمة بالترحيب : يا هلا و الله بمزنة نورتي جدة بوقتك , بنيتي والدة بغانم أمس .
ابتلعتُ ريقي بتوتر فلا أدري كيف لي أن أقول ما سأقول نظرتُ إلى حسناء التي تتغطى بحجابها الكامل و لكن يبدو التوتر
بحركةِ أقدامها و انتفاضِ يديها , تقدمت صائمة إلينا متسائلة : ومين هالمره ؟
رفعتُ عيني و التقت بعبدالقوي الذي كان ينظرُ للمرأة بتوجس , أجبتُ بثبات يخالفُ زوبعةَ الخوفِ بداخلي : حسناء
شهقت صائمة بصدمة : حسناء يا حيا الله حسناء و ينك يا مره و ينك محدن شافك من سنين
بقيت عيناي على عبدالقوي الذي كان يشدُ بقبضتهِ على مارسة و عيناهُ لا تكهنُ بالخير كان ينظرُ لحسناء و كأنهُ يجردُ العباءةَ عنها
تقدم عبدالقوي بخطواتهِ يجرُ مارسة التي بالكادِ تلحقُ خطواتهِ الواسعة السريعة
استوقفتُه : حسناء تبيك يا عبدالقوي و ين رايح عنها ما هي بمرتك
ليجيء صوتُهُ مكتضًا بالغضب : سكتي يا مزنة و ثمني حكيك و هالحسنا ما أدري عنها
و قفتُ من على الكنبة و وقفت حسناء التي تجلسُ بجوراي تُمسكُ بيدي بخوف
تكلمت مارسة باحتقار : عجوز مخرفة عبدالقوي ماله غيري أنا و ساجدة و يلا لمي نفسك و أخرجي أنا و عبودي تعبانين و نبي ننام
قال عبدالقوي مؤيدًا و عيناهُ لازالت مصوبة بحسناء الخائفةالمتشبثة بذراعِي : سامعين كلمة كنز البيت يلا البيت يتعذركم ذلفوا من مكان ما جيتوا
تقدمتُ بخطواتي خطوةً للأمام فصارت حسناء خلفي قليلاً ولكن عبدالقوي لازال ينظرُ إليها هل هوَّ على ريبٍ من كونها حسناء ؟!
بثباتٍ و قوة : تنكر إن لك بنية منها دفنتها بالتربة , و هالبنية تربت ببيتك و كبرت و إنت ما إنت داري إبها
مارسة بنيتك يا عبدالقوي
مارسة بنيتك يا عبدالقوي
مارسة بنيتك يا عبدالقوي .
***
إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا بخير $
الجحيم القادم قبل دخول ذو القعدة بإذن الله .