كاتب الموضوع :
الشجية
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: حيزبون الجحيم / بقلمي
الجحيـــم
(59)
** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **
وصلنا إلى منزلٍ متوسط الحجم و حولهُ ضُباط يحرسونه ، أمسك بيدي فمشيتُ بجانبهِ و إلى الآن لا أدري إلى أين سيأخذني ، أخرج أحد الضباط
من جيبهِ حلقة مفاتيح كبيرة و فتح الباب بأحدها
نظر لي أحمد مطولاً و من ثم ابتسم قائلاً : ادخل .
عقدتُ حاجبي ، و تقدمتُ بخطواتي حتى تصلني أصواتٌ متفاوتة إنها أصواتهم !
و أعلاهم صوتًا و حضورًا هزيم ، تحجرت عيناي عليه فتح ذراعه فاحتضنتُه مسح على شعري بيده اللامبتورة : كيف حالك يا بطل ؟
ابتعدتُ عنه قليلاً و أنا أنظر للأرضِ بخذلان : سامحني يا هزيم لأني ما قدرت أخرجكم و الله يو..
قاطعني و هو يربت على كتفي : لا يا أغيد لا تتأسف على شي و المهم إننا انفكينا منهم و الحين تحت حماية الأمن بيحاولوا يحققوا مع
حمدان
قاطعتُه متسائلاً : مين حمدان و كيف و صلتوا للأمن ؟
نظر للضابط أحمد من خلفي فحرك الضابط أحمد رأسه نفيًا حينها أجاب هزيم : لسى أحمد ما حكاك شي المهم حمدان ذا الي بتر ايدينا الله
لا يسامحه و لا يحلله لا دنيا و لا آخرة المهم بيحققوا معاه و بيشوفوا إذا يتذكر أهالي بعضنا أو لا ، و بينزل خبر بالجرايد عننا
مع صورة كل واحد مننا على أمل إنه أهالينا لما يشوفوا الخبر و يشوفوا الصور احتمال مننا من يكون يشبه لابوه أو أمه كثير
فيعرفوه من الملامح و تحليل الحمض النووي بيأكد لهم إن كان ولدهم أو لا و بكذا إن شاء الله يقدر بعضنا يحصل أهله و البعض يرضى
بقدره و نصيبه و يحمد ربه إنه إنفك أسره من الحقير حمدان الي أفنينا طفولتنا و شبابنا عشان نشبعه فلوس ، " أردف مبتسمًا :
تدري عاد سوينا فليم و العالم تطالعنا .
فنظرتُ من حولي لأرى مبتوري الايدي مبتسمين منهم من أعرفهم و منهم من لا أعرفهم و يظهرُ أنهم مبتورون مراقبهم رجل غير سمحي سلمتُ
عليهم و تبادلنا الضحكات و لكن بعد مدة اقترب الضابط أحمد مني قائلاً : يلا يا أغيد لازم نرجع الحين بيجون ضباط ثانين يحرسون
المكان و إن شافوك بيحتجزوك و ما بيرضوا يخرجوك أما ذول أنا متفق معاهم .
عقدتُ حاجبي و بإبتسامة : طيب وش فيها خليهم يحتجزوني مع أهلي و ناسي هنا راحتي و راحة بالي .
رفع كتفه للأعلى : والله مدري يا أغيد لكن الكاسر طلب مني أردك للبيت فخليني أرجعك و نستأذن منه إذا تبقى معهم و أن رضي رجعناك .
قال هزيم متدخلاً : ارجع يا أغيد شم لك هوا و عيش حياتك و كلنا بإذن الله بنخرج و نلحقك يلا روح .
ابتسمتُ له بمودة و مضيتُ مع الضابط أحمد ، سأعود ولكن ليس لأجل الكاسر و لا لأجل الحرية سأعودُ لأن بذلك المنزل أسرارًا سأفتحُ
أوراقها و أُضمد جراح أهلها ، أنا قادمٌ يا ظانع كُن بانتظاري .
***
الساعة الثانية عشر و النصف ظهرًا , تنهدتُ بضيق و أنا أرى رقم أبي الذي يضيءُ على هاتفي المحمول بالمكالمة السابعة على التوالي ،
ما دخلي أنا بأخطاء غيري ! ، نعم هو أخي و لكن أخطأ خطأً فادح و لو أخطأ غيره ذات الخطأ ببناتنا فلن نرضى فلما نكون ظالمين
و نرضاها لابنة الناس فليتزوجها و يستر عليها و يتوبا توبةً نصوحة إلى الله ، أما عُطرة فأنا أعلم أنها دائمًا تتشاجر مع معن و على
اتفهِ الامور حياتهما منذ ُزواجهما لهذا اليوم لم تستقر لذلك قد يكون زواجه بغيرها راحةً لها و لا أعتقدُ أن عُطرة صغيرةَ عقل حد
أنها ترفض أن يستر على الفتاة بل على العكس هيّ لا و لن تقعد مع زاني سترفض معن و هذا ما يهابهُ أبي رددتُ عليه ليستقبلني صراخه :
وينك عن الجوال ، ما صارت متصل عليك سبع مرات .
ببرود : هذاني رديت يا أبوي .
بأمر : اسمع يا ناجي اليوم تجهض البنت و نرتاح من هالعنا.
بإعتراض : يا أبوي خرجني من هالسالفة و البنت حصلوا أي دكتور يجهضها و أعطوه فلوس تسكته لمن مماته أما أنا وراي زوجة أبي
أبني معاها أسرة أبي أراضيها و ما أبي شي يخرب بيننا هالموضوع لو شمت ريحته الشرطة ساعتها حياتي بتخرب .
بتثبيطٍ لي : و هي من هالحين خاربة حسبالك عُزوف بترضى ترجع لك بعد ما قتلت ضناها إلي لها سنين تنتظره ! ، إن ما أجهضت البنت
اليوم فأنا بخلي مارسة تبلغ عنك وقتها بتمسكك الشرطة الله أعلم كم شهر أو كم سنة بتكون كفيلة في إن عُزوف تخليك نسيًا منسيا بتكون كفيلة
في إنها تبعد بينكم أكثر و أكثر دام إنك بتغيب بوسط وجعها منك
هي محتاجتك إنت تداويها مثل ما جرحتها الجروح ما تبرى يا ولدي إلا على يد الجارح ، أجهض البنت و هي بتروح حالها حال سبيلها
و احنا حالنا حال سبيلنا و محد دري عن شي كون عون يا وليدي .
***
لقد كانت كرامةُ فتاتي " مي " فوق كلِ شيء على الرغم من أنها كانت تعتقد أن نائل والدها و ميرنا و الدتها إلا أنها لم تخنع لهم
و تبكي تحت أرجلهم توسلاً بأن يضموها بجانبِ أخيها الذي لا يكون أخاها بالفعل و لكنهُ ابنٌ لهم و هيّ تعتقد أنه أخاها ، هيأَ لها عقلها
أنهم لا يحبون البنات لذلك تركوها ذليلة على قارعةِ الطريق لآقت من المضايقاتِ ما لآقت لا طالما بكت و بكيتُ بداخلي عليها لأني السبب
جئتِ بالحرام يا " مي " و ها أنتِ تتعذبي و السبب خطأ والديكِ أعتذرُ لكِ صغيرتي و سأظلُ أعتذر لآخر يومٍ بعمري ، انقشع الستار عمّا
أخفيهِ عنها يوم ضاقت بها الدنيا و لم تسعها الأرض عندما صارت تمشي و الفتيات يتهامسن عن سبب ترك و الديها لي ، حتى جاء اليوم
الذي سمعت بهِ " مي " أني كنتُ قديمًا أعملَ بكباريه حينها دافعت عني فتاتي لآخر لحظة حتى ذرفت دموعها و راحت تجري لمنزلِ ميرنا
و نائل ، رنت حينها الجرس و انتظرت قليلاً حتى فُتح الباب من قبل أخاها بكل جنون اندفعت إليهِ و هي تسحبُ شعره و تبكي : بيحبوووك
ليه ليه ؟ هوا ايه الي انا عملتو علشان يكرهوني كده !
بهذه الاثناء خرجت ميرنا من حجرتها مفزوعة من علو الصوت لتسحب ابنها بعيدًا عن مي و تصرخ عليها : بتمدي ايدك عليه ليه روحي من
مطرح ما جيتي .
ثبتت مي بمكانها بجمودٍ و عناد : لا مش هروح و هدخل البيت ده و هعيش معاكو لما أموت ولا هوا بس ابنك و أنا بنت الشارع .
انفجرت حينها ميرنا و رمت بسرِ السنين : آه انتي كده انتي بنت الشوارع و الفجور انتي بنت شكران الرئاصة انتي مش بنتي و ياليت
ما اشوفش وشك بالحتة دي ابدا و دلوقتي روحي و خلي الفاجرة تفهمك انتي ازاي جيتي للدنيا دي .
كم كان مؤلمًا دخولها للمنزل منهارة بخطواتٍ مترنحة و دموعٍ منهمرة بلا توقف و ملابسٍ رثة و ركبةٍ مجروحة بسبب سقوطها
في أرض الشارعِ أكثر من مرة , كانت لا تستطيع التحدث عيناها متحجرة عليّ وحدي اقتربتُ منها بخوف أحادثها امسح دموعها أحركها
كانت كالدمية تتحرك دون صوت أعقم جرحها و هي تنظر لي بنظراتٍ لم أجد لها أيّ تفسيرٍ و قتذاك ، لتنطق بعد مدة : اوحش حآقة بالدنيا
الكدب لما بنكدب سنين و سنين و نخبي أسرار كتير و الاوحش من كده إنو الي بيخبي عليك السر ده اعز وآحد ليك ساعتها تفكر و تفكر
علشان تبرر لي الي عملو فيك بس إزاي هتسامحو و هوا جرحك كتير ، إزاي هسامحك يا شكرآآن إزاي هسامحك .
ابتلعتُ ريقي بخوف و قد خمنتُ أنها علمت نعم علمت لكني نفضتُ تلك الفكرة و بكل أمل قلتَ لها متسائلة : ايه الي بتئوليه يا مي ؟ انا مش فاهمة حآقة .
أشارت لي بإصبعها السبابة : لا انتي فاهمة و أوعيك تكدبي إنتي فاهمة كويس الي انا بئولو و هتفهميني أنا إزاي اكون بنتك و كيف
جيت للدنيا هتفهميني كل حاقة بدون كدب أوعيك تكدبي لاني ساعتها مش هسامحك ابدا .
طأطأتُ رأسي أرضًا و انهمرت دموعي رغمًا عني ، يالله ما أقساها من لحظة فتاتي تجلسُ أمامي تطلب مني حقيقة مجيئها للحياة كيف لي أن
أقول كيف للحروف أن تخرج من شفتاي كيف لي أن أرفع عينيّ إليكِ مرةً أخرى كيف و كيف ؟ ، ستسأليني ما ذنبي أنا ؟ فبماذا اجيبكِ حينها ؟
أُجيبكِ بأن لا ذنبَ لكِ سوىّ أن والداكِ من شرارِ الأرض بأنكِ طاهرة و لدتِ من خبيثٍ و خبيثة ! أم أنك حرامٌ لم يرتكب الحرام بحياتهِ قط !
ماذا أقول و بأي اللغات أُعبر
حكيتُ لها و دموعي دمًا لا ملح حكيتُ لها و كُلي ندمٌ و حسرة حكيتُ لها و أنا أرى الخذلان بعينيها لم أستطع أن أمعن النظر بها أو أن
اقترب منها لأخفف عنها بعد تلك النظرة التي اعطتني إياها نظرة تحكي مقدار الخذلان الذي لآقتُه مني نظرة ميتة باهتة تمنيتُ لو ان
بيدي انتزاع الخذلانِ و الموت من عينيها لو أن بيدي أن أقف و أصرخ بأعلى صوتي إن كانت الأم خبيثة و الأبُ خبيث و طفلٌ بهِ جُل براءةُ
الارض وُلِدَ بالحرام فما ذنبه ما ذنبه ! و لكن كلها مجرد أمنيات صعبة التحقق هيّ تبكي ولادتها بالحرام و هي طُهر الأرض ! هيّ تنكسُ
رأسها أرضًا و تشعرُ بالنقصان أينما كانت و هيّ بها من الكمال ما يُضاعف من ولد بالحلال ما ذنبها إذًا أن تعيشَ طقوسًا ليست لها
ابنتي صغيرتي حبيبتي " مي " سامحيني و اغفرلي خطيئتي .
***
بتمامِ الساعة الثانية ظهرًا , كان بابُ الحجرةِ مردود وقفتُ بالخارج و أنا أسترقُ النظر ، تجلسُ على السرير نصف جلسة و على فخذيها
صينية بها الطعام و تجلسُ بجانبها أمي ساجدة تُطعمها بينما هي تهز رأسها بالرفض قائلة : لا يا عمة يكفي والله شبعت .
بينما أمي تنهدت بضيق قائلة : يا بنيتي الله يهداك أكل العصفور و انتِ بهالحالة يضرك و يصيبك بالتعب ، الله يرضى عليكِ فتحي فمك
و خلني ألقمك .
عبست بملامحها بطريقة طفولية جعلتني ابتسمُ رغمًا عني آه يا معزوفة ما أجملكِ ، نظرت لخالتي عُشبة التي تعطيني ظهرها برجاء : يا خالة بالله قولي لعمة ساجدة توقف والله شبعت .
حركت خالتي عُشبة رأسها بالرفض : والله يا بنيتي عذريني أكلك ذا ما هو بأكل .
عطفت شفتيها بضجر و بملامح طفولية عابسة : والله لو كان ناجي هنا كان وقف بصفي حكم القوي على الضعيف أمري لله .
تصاعدت ضرباتُ قلبي بجنون ما أن سمعتُ اسمي يخرج من شفتيها كمعزوفةٍ لا يُماثلها أيّ معزوفة و دون أن أشعر توكأتُ على الباب فاندفع للوراء حتى صار مفتوحًا
و استقرت عينا معزوفة بعيني حينها ابتلعتُ ريقي و بتوتر و انا افركُ شعر رأسي : آآ معليش كنت معدي اطمن على عُزوف آسف قاطعتكم .
حينها قامت خالتي عُشبة بعد أن عدلت حجابها قائلة : زوجتك يا وليدي و حقك تقعد معها ، انا خارجة .
ابتعدتَ عن الباب تاركًا لها مساحة للخروج ، بينما توقفت عيناي عليها و هي تنظرُ للحاف ، وصلني صوتُ أمي المستاء : تعال يا وليدي و لقم مرتك يمكن الاكل من يدينك يحلا .
حينها شهقت قارورة و هي ترفعُ راسها و تحركهُ بالرفض للحظة كنتُ سأقفُ بصفها و لن أطعمها مرآعاةً لها فهي لا تريدني بمقربتها
و لا أريدُ ارغامها فوقت تشاء ستأكل إلا أن الفكرة اعجبتني كثيرًا فقد لا تسمح لي الأيام القادمة بالاقترابِ منها لهذا الحد تقدمتُ
بخطواتي ، فنظرت لي بحدة نظرة اضحكتني كثيرًا لا تليقُ بكِ الجدية يا معزوفتي كتمتُ ضحكتي و ابتسامتي و اقتربتُ من السرير قامت أمي
من جانب معزوفة فقعدتُ بجوراها ملتصقًا فخذي بفخذها أخذتُ بالملعقة القليل من الحساء و وضعتها امام فمها ، و بحنان : يلا افتحي فمك يا حلوتي .
نظرت لي و من ثم نظرت أمامها بضجر و حركت رأسها بالرفض ، فقلتُ معاندًا لها : ما بقوم من هنا إلا لو فتحتِ فمك .
قالت بسخرية : هه ضحكتني مجبور تروح لشغلك .
رفعتُ حاجبي و قد راقت لي اللعبة أمام أمي : و إذا حلفت .
حينها نظرت لي وفتحت فمها برقة اقتربتُ منها أكثر و أنا أشعرُ بالضعفِ أمامها و بالكادِ أُجمعُ ذاتي و أتماسك شربت ما بي الملعقة
و هي تقطبُ حاجبيها بضيقٍ من الطعم ، ما أجملكِ من طفلة يا معزوفة ابتسمتُ و اتسعت ابتسامتي حينما عادت بزمِ شفتيها و بنبرةٍ مستاءة : خلاص ارتحت .
طوقتُ بيدي ذراعها العاري و بهمسٍ قرابة اذنها : لا باقي ما برتاح إلا لو خلصتِ كل الصحن .
حينها نظرت لأمي برجاء : عمة ساجدة شوفيه طفشني بالله يا عمة بس اليوم بكرة اذا سويتي شربة " اخذت ترفع سبابتها للأعلى " وعد والله وعد بشربها كلها بس الح
و قبل أن تُكمل لم أجد نفسي إلا و أمسك بأصبعها و أُقبلها قُبلةً مشتعلة ثم أُقبلها بخدها و ضرباتُ قلبي تُعلن عن الجنون على صوتِ ضرب الباب
رفعتُ رأسي لأرى أمي قد خرجت و وصلني صوتها من خارج الباب : عيال آخر زمن ما بهم حيا .
بينما سحبت معزوفة ذراعها من يدي و وقفت كالمقروصة و هي تضعُ يدها محل قُبلتي بخدها و بصوتٍ ما ببن الخجل و الغضب : ما تستحي على دمك كيف بحط عيني بعين عمتي مرة ثانية .
و ابتعدت عني حيثُ دورة المياه و هي تتحلطم و تفرك خدها لتمحي قُبلتي ، ابتسمتُ و بهمس : و لو كنتِ تدري إنه بيني و بين التهور شعرة وش كنتِ بتقولي يا لذتي بهالدنيا .
***
انتهت السنة الدراسية بهذا اليوم ، عدتُ للمنزل و رميتُ عباءتي أرضًا و استلقيتُ على السرير احتضنتُ وسادتي و كلماتُ أمي تتردد
أمام عيني ، آه يا أمي لو تعلمي كم من الآلآم قد قاسيت و عانيت كابدتُ كثيرًا و كافحت فوق طاقتي كأنثى بحاجة للحنانِ و العطف و حياةِ
لينة تنعم بها حتى لا تُخدش و لكني خدشتُ كثيرًا و عدتُ لتضميد جراحي بنفسي لأقف من جديد و ابتسم للحياةِ من جديد كم من مرةٍ ذرفتُ دموعي
على وسادتي و كم من مرةٍ احتضنتُ أخواتي و رسمتُ الابتسامة بشفاهن رغمّ وجعي كم من مرةٍ نعتُ منهن بالجنون و قليلةَ الحياء و كم من مرةٍ
قذفني معن بأرذلِ العبارات و بقيتُ صامدة يا أماه صامدة بوجهِ الصعاب كنتُ رجل عن الف رجل و سأكون كذلكَ حتى الممات ساساعدُ من حولي
و أرسم البسمة على محياهم و لكني أعدكِ يا أمي أن أكون سعيدة كما تمنيتِ أن أكون ، انقلبتُ بالجهةِ الاخرى و تغيرت أفكاري صارت
حيثُ حميدة تكون لا أدري يا حميدة ما حصلَ لكِ سأقفُ بجانبكِ لآخر لحظة مادمتِ تبتِ للهِ توبةً نصوحة سأقفُ و اصفقُ تشجيعًا لكِ مهما كانت
العقوبة التي سيطبقها القاضي عليكِ سأكون بجانبكِ و أساندكِ و أشدّ من أزرك فأنتِ عشتِ اليتم كما عشتُها انا الفرق الذي بيننا أنكِ
ضعفتِ للدنيا بينما أنا وقفتُ بوجهِ الصعاب و كما وقفت سأجعلكِ تقفين شموخًا و عِزة
سمعتُ صوت الباب يُفتح و تسابقت رائحة عطر فاتحهُ إلى أنفي و من غيرهُ يدخلُ للحجرةِ بلا إذن إنهُ سفاحي تظاهرتُ بالنوم ، اقترب مني
شيئًا فشيئًا حتى جلس بطرفِ السريرِ بجواري همس بصوتٍ مبحوح : لو تدري شكثر أحبك و شكثر أغليك يا عُطرة أنا أتنفسك أعشقك إنتِ وطني
عيونك المنفى و الوجود عيونك بحر غريق صوتك آمآن و ضحكتك آه من ضحكتك تهزني و ما تبقي فيني عقل ، تدرين أمس كان ودي أضربك و
أضربك و أظل أضربك بمجرد أتخيل إنك دخلتِ لذاك الحفل و فيه كم حقير طالعك حتى لو كنتِ بحجابك غيرتي تقتلني قعدت اتقلب بالسرير
طول الليل خاطري أمد يدي و أبرد حرتي لكني تراجعت خوف إنك ما تغفرينها لي ، تدرين يا عُطرة إنتِ حلمي و كابسوي بهالحياة إنتِ
حلمي زوجة و يوم حصلتك طلعتِ كابوس كرهني بكل حريم الأرض لكن يشهد ربي كرهتهم كلهم إلا إنتِ إنتِ الغلا و غلاك حرقني و همشني من
الوجود دخلت لمنفى عيونك و بهالمنفى حاربت حتى أخرج منه حاولت أخرج بعيد عنك لكن ما قدرت عجزت أخرج و كل ما أخرج آلاقي بمنفى
عيونك برآءة تخالف الواقع عجزت أبعد كنت ضعيف قدامك و ضعفي سحبني للانتقام ايه انتقام المفترض يحرقك لكنه حرقني ! وجعني !
صرت زاني يا عُطرة ، صرت أمثل القذف الي وجعتك به ! ، مادريت كيف عاقبت نفسي بذنب قذفي لك كل شي رجع علي ، قلت بنتقم من حواء
هي ما تستاهل تعيش و لا ليوم رحت انتقم أوجعت حواء و أوجعت نفسي و رجعت ألاقيك شامخة رميتِ بوجهي ورقة انكتب بين سطورها إنك كنتِ
طفلة ، أي منفى هي عيونك شعوذة و سحر ما انفك عني أي منفى هي عيونك متاهة ضعت فيها متاهة كنت أدور فيها عن نفسي ما حصلت إلا
الجنون جنون الحب جنون العشق زنيت معها حتى أحرقك لكني انحرقت ما تدرين شكثر أنا موجوع انقلب بفراشي طول الليل و تفاصيل ليلة
الزنا تنعاد بذاكرتي الدناءة الي وصلت لها تقتلني و أنا حي ، أي عقاب ممكن يكون أشد من تأنيب الضمير أي عقاب ممكن يوازي الوجع
الي يكويني عُطرة إن كان جرحتك مرة فتراني أذوق الويل و المُر ألف مرة .
مرر يده على ذراعي فانتفضتُ من لمسته و أبعدتُ يده عني و جلست و أنا أبعدُ شعري عن عيناي خلف اذني بينما هوّ نظر لي مبتسمًا :
كنت أدري إنك صاحية و كنت أبيكِ تسمعين كل حرف و كل يوم بعلمك شكثر عيونك منفى ضيع هوية معن جلد معن جلدة مستحيل ينساها جلدة
بتبقى معاه للآخرة شكثر حبك وجع هالقلب .
نظرتُ لهُ بسخرية و أنا ابتعدُ عن السرير و أُشير لقلبي : مين فينا الي وجع الثاني لا تتصنع دور المظلوم البريء محد قاسى و لا احد
ذاق العنا كثري محد بكى و لا أحد ذرف الدموع كثري ، الوجع الي تتكلم عنه إنت كنت السبب فيه أنا ما أرغمتك تزني ببنت الناس إنت
من خطيت لجحيمك برجولك كان قدامك الحلال و رضيت بالحرام حتى تحرق الحلال لكن اكتشفت مؤخرًا إنك إنت إلي انحرقت و اتجرعت سموم
لسانك كيدك انرد بنحرك يا معن لكن هالشي ما يكفي عُطرة و لا يطفي غليلها عُطرة ما كانت تتمنى إنك تُمر بهالظروف لكن تمنت يوم تظهر
فيه براءتهاو تقوم قدامك و راسها مرفوع و تقولك ظلمتني يا معن و عمرك ما استحقتني توقف قدامك و تطالع فيك باستصغار و أنت
عيونك تطلب منها المغفرة لكنها ما بتغفرلك خطيئتك صبرت عليك و عانت كثير و قلبها ما هو بواسع حتى تغفرلك قذفتها و طعنتها
بشرفها و هي بريئة حلفت بالله إنها شريفة و ما صدقتها جلدتها بيومها الأبيض و قلبت حياتها لسواد لكنها وعدت نفسها إنه بيجي يوم
و كل هالسواد بينمحي و يحل محله البياض و إنت بيكسيك السواد تدري وش العقاب الي بيطفي نار قلبي
العقاب الي يخليك تتوسل لي إن أرضى عليك و إنت بالفعل بتتوسل لي ، لان عطرة بريئة عُطرة كانت طفلة بعمر الخمس السنين أبوها
أخذها مع أمها لجدة حتى ياخذوا من السوق حاجتهم و يشموا هوا غير عن هوا القبيلة لكن صار شي ما كان بالحسبان عُطرة الصغيرة
أمها بحسب عادات القبيلة كانت ملبستها أسوار ذهب بيدينها طمع فيها واحد ما يخاف ربه ضحك على الطفلة قالها تعالي يا حلوة معي
و بعطيك ألعاب و حلويات ما رضيت بالبداية لكنه خرج من جيبه حلاوة و مدها لها ابتسمت فرحت و ضحكت زيها زي أي طفلة بريئة خرجت
معاه برا السوق تبي تشوف لعبتها لكنه سحبها و أبعدها عن أمها و أبوها سحب الاسوار من يدينها و السلسلة من رقبتها أخذ خاتمها و
حلقها و ليته اكتفى بالسرقة طمع بطفلة مالها ذنب سوى إنها طفلة جردها من ملابسها كان حيوان شهواني تجرد من معاني الانسانية
أخذ شرفها و يوم صحت عُطرة بكيت و بكيت و هو جن جنونه يوم قرأ الجريدة و اكتشف إن عُطرة من عائلة لها اسمها و إنه الكل يدور
عليها حتى المطارات ما كان له مفر بيوصلون له بيوصلون له ازعجه صوتها كثير سحبها من شعرها و ضربها ضرب راسها بالجدار و فقدت
وعيها من قوة الضربة جن جنونه ظنها ماتت لكنها حية ترزق ليتها ماتت ليتها ما عاشت هالوجع كله يمكنها عاشت رحمة لاخواتها ما
أدري لكن نصيبها تعيش أخذها بالسيارة و طار فيها لنفس المركز رماها على الأرض رجعها لأنه خاف على نفسه بيمسكوه لا محالة لكن لما
رجعها بيشغلهم فيها و بينسون موضوعه ليوم أو يومين كفيلة إنه يشرد في اثناءها كفيلة بإنه يهرب و يترك من خلفه طفلة تعيش أحد عشر سنة
مظلومة تبكي بدل الدمع دم هو يضحك و هي تبكي يالله ما أقساها من دنيا قست و أوجعتني ، حضنتني لصدرها و هي تمسح على شعري تردد
اسمي بصوتها الحاني : عُطرة بنيتي نظر عيني اصحي جعل حياتي فدوة لك اصحي رجيتك لا توجعي قليب وميمتك .
صحيت على يدين أمي ناظرتها و ابتسمت حضنتها و حضنتني استغربت اسئتهم ايش صارلك ؟ ايش سوالك الي أخذك ما كنت فاهمة و عجزت
أفهم فظن ابوي إن الرجال كان طامع بالذهب و أخذه و تركني مع هذا كان فيه شك أن كان يبي مني بس الذهب ما كان أخذني معه ،
جات أمي بترفع شعري و انتبهت إن جبيني أحمر بشدة لدرجة ينزف دم طفيف خافت و أخذتني للمستشفى كشفوا على راسي و قالوا بنتك
تعرضت لضربة بالراس أفقدتها وعيها لفترة و احتمال تكون ناسية سبب هالضربة حاولوا فيني أتذكر لكني عجزت اتذكر بعدها بمدة جاني
أبوي بألعاب و حلويات جيت بنط من السرير و اجري حالي حال أي طفلة لكني ما قدرت كنت أحس بحرقان بالمنطقة التناسلية أمي طالعتني
مستغربة فقلت لها أشكي : يمه هنا يحرقني .
وقتها بكيت أمي و أبوي وجهه صار أسود ، أخذوني لدكتورة كانت مهمتها تكتشف إذا بنت الخمس سنين عذراء أو لا ، فحصتني و كانت
النتيجة سلبية البنت ماهي عذراء و اتعرضت لجرح كبير الي قرب منها كان عنيف و الظاهر جامعها أكثر من مرة ما رحمها و لا رحم
ضعفها ما قال طفلة ، عُطرة جرحها بياخذ سنين و سنين لمن يلتئم وقتها بكت أمي حتى أبوي ضعف و بكى حضن أمي و حضني و هو يقول
للدكتورة : كتبي تقرير توضحي فيه براءة بنيتنا .
و لبت الدكتورة طلب ابوي أخذوني أبوي و أمي لطبيبة نفسية بعد محاولات طويلة قالت لهم الدكتورة بنتكم فوق ما إنها متعرضة لضربة
هي كمان متعرضة لحالة نفسية شديدة من الي عانته و صدمتها أفقدتها الذاكرة هي تذكركم تتذكر كل شي قبل الحادثة لكن مستحيل تتذكر
الحادثة أو تتذكر الشخص الي سبب لها هالمعاناة يبغالها جلسات علاج طويلة ، وقتها بكيت أمي و قالت لا نذكرها يا أصل بهالوجع
خلي البنية تعيش طفولتها خلها ناسية أحسن لها واحنا ما بنقصر معاها و لا جاه النصيب رفعنا ورقة براءتها و رفعنا رآس بنيتنا ،
وافق أبوي و بقيت عُطرة بقوقعة نفسها بخوفها من الماضي بخوفها من المجهول كملت حياتها و هي تجهل وش ممكن يكون مستقبلها و للأسف
مستقبلها جمعها بانسان ما ينتمي للانسانية عرفت من تكون عُطرة يا معن ؟
***
الساعة الرابعة عصرًا , ارتديتُ ملابسي و عباءتي على عجلة ، ركبتُ السيارة و أمرتُ السائق أن يمضي حيثُ جنيني سيخرجُ من احشائي و يُفارقني ، الحمدُلله أن معن
سيساعدني و اليوم سيخرج من دخل إلى احشائي بالحرام على يد أخ معن و الذي يكونُ طبيب للنساءِ و الولادة ، أمي إن نجح الاجهاض و كتبَ اللهُ لي عمرًا جديدًا
فسأسعى لإرضاه جلّ جلاله دائمًا و أبدًا و أسعى لرفع رأسكِ بكل حين سأعيشُ لأُدثر ماضي السوء تحت حباتِ الرمال و إن لم يكتب اللهُ لي عمرًا
فسامحيني و لا تبكي عليّ فواللهِ إني لأستحقُ دمعةً و احدة تجرحُ خدكِ الناعم و آهةٌ تحرقُ حنجرتكِ المطلية بالذهب و سوادَ السهر تحت نورِ عينيكِ
لا تبكي و لا تتأوهي و لا تسهري لأجل من رضت بالحرام و مشت خلف زينةِ الحياة الدنيا عاشت لهوًا و لعبًا و لم تكترث لا لآخرة و لا لعارِ
الدنيا كل ما أرادتُه زينتها ، صدقت من لا يستحق و سحقت من يستحق دهست التربية تحت أطنانِ الارض و غزت أفراح الكون قلبها حينما
ضاجعتُه و لما استيقظت و انتهى كل شيء استيقظ الضمير و حلت أتراح الكون قلبها محل أفراحِ ليلة الامس ذاك الضمير المريض المنعدم
الأخلاق ليتُه وقف رادعًا لي بدل أن يكون درعًا حاميًا مزيف ، و ذاك الكاذبُ المحتال صاحب الكلماتِ الصادقة الكاذبة و الابتسامة
الحقيقة المزيفة ذاك الذي فضلتُه على الجميع ما هو إلا شيطان بصورةِ إنس لقد تبعتُ نار الشيطان و تركتُ من ورائي نور الملائكة
لذلك سأرضى بالعقاب أيًا كان سأرضى أن أعيش خانعة الرأس لأن الخنوعَ عنواني منذُ الليلةِ السوداء و لكن بخنوعي سأرفعُ رأسكِ يا أماه أعدكِ بهذا .
***
مرغمٌ أنا على ما سأفعل ، فلا حيلةَ لي لم أعتقد أني سأمرُ بموقفٍ كهذا أن يقف أبي ضدي و يهددني لإرضاءِ الناس على حسابِ وجع قلبي
و معصيتي و تأنيبَ ضميري ، لم أقوى على الرفض بعد رؤيتي لقارورتي التي خجلت مني فعاد ليّ الامل خجلها يعني حُبها لي يعني مدى
تأثيري عليها أخاف أن أغيبَ عنها عقابًا بالسجن لدفعي لها بالسُلم و فقدها لروحٍ تمكثُ بأحشاءها
و غيابي هذا يكونُ كفيلاً بزيادةِ الجروح و تجرد قلبها من الحُب اتجاهي فأعود بأملِ رضاها عني فأجدها تخلت عني لن أغيب و سأحاول
و إن بآءت كل محاولاتي بالفشل فسأفي بوعدي كما وفت هيّ بوعدها و استيقظت من نومتها التي خفتُ أن تطول لشهورٍ أو سنين لكنها
ما تعدت الايام و الحمدلله سأفي و أغيب عنكِ إن فشلت محاولاتي ولكن لا بد أولاً من المحاولة بلا يأسٍ أو قنوط .
*
*
أمضي بالأرض منكوس الرأس مذلولاً خانعًا نادمًا فاقدًا للحياة كشخصٍ منوم مجرد من الوعي الذاتي كدميةٍ متحركة بلا عقل ، لا قدرةَ لي على
المواجهة و طلبِ الغفران لا جرأةَ بي تسمحُ لي بالنظرِ لعينيها ، و الآن أمضي لدثر معصيتي ذنبي و ساديتي .
*
*
لا أدري بما أُلقبك بُني ، صغيري أم ذنبي و معصيتي أم طفل الحرام الذي مازال بأحشاءِ والدتهِ الخبيثة ، سامحني فليس بيدي سوىّ هذا
الحل ، و صدقني لو أنكَ عِشت ستعيشَ مذلولاً حاملاً لعارِ والديك ستُلقب بابن الحرام بمجتمعٍ لا يرحم و لا يتفهم صدقني يا معصيتي موتُكَ
رحمة و حياتُكَ عذاب فلتمت و تكون طيرًا من طيور الجنة غرد أعذب الألحان و كُن في النعيم و أنا سأعيشُ بجحيم الدنيا لإرضاءِ أمي
و اكمال مسيرةَ التوبة إليهِ سبحانهُ و تعالى إن شاء غفر و إن شاء لم يغفر ، استلقيتُ على السرير وسلمتُ جسدي ..
*
*
ضربتُ خدها و أنا أصرخ : أنهاار تسمعيني ، أنهاااار قومي ، أنهااار قومي قومي ترى ماتت معصيتنا ماتت يا أنهار أصحي أقولك أصحي .
نظرتُ لناجي و أنا أصرخ بجنون : ناااجي اشبها أنهار أتكلم اشبها .
أما ناجي فكان ينظرُ إليها بخوف و خطواته تتراجع للوراء تقدمتُ نحوه و أنا أمسكه من قميصه : اتكلم ايش فيها البنت اشبها .
حرك رأسهُ بالرفض وجسده يرتعدُ خوفًا : ماتت .
***
إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا بخير $
الجحيم القادم يوم الأربعاء أو الخميس .
|